شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا

ففيه وجهان ورفع ينتقى

ما سوى التّابع المضاف مع تجرّده من «أل» ـ يجوز فيه الرّفع والنّصب ، ويشمل ذلك المفرد المتلبّس (١) بـ «أل» ، والمضاف المتلبّس (٢) بها ، نحو «يا زيد الكريم ، ويا زيد الحسن الوجه» فيجوز (٣) فيهما الرّفع والنّصب في جميع التّوابع ، إلّا أنّهما لا يتصوّران في التّوكيد ، وبهما (٤) قرئ في العطف يا جبال أوبي معه والطير (٥) [سبأ : ١٠].

وسيبويه والخليل (٦) والأكثرون (يختارون) (٧) الرّفع فيه (٨).

__________________

(١) في الأصل : والمتلبس.

(٢) في الأصل : إلى المتلبس. راجع التصريح : ٢ / ١٧٦.

(٣) في الأصل : يجوز. انظر شرح دحلان : ١٣٣.

(٤) أي : بالرفع والنصب.

(٥) انفرد بقراءة الرفع في «والطير» ابن مهران عن هبة الله بن جعفر عن روح ، وهي رواية زيد عن يعقوب ، وبها قرأ الأعرج وعبد الوارث عن أبي عمرو ، ووردت عن عاصم. وقرأ السبعة ورويس بالنصب. أما الرفع ففيه وجهان :

أحدهما : أنه معطوف على لفظ «جبال».

والثاني : أنه معطوف على الضمير في «أوبي» وحسن ذلك لوجود الفصل بقوله : «معه» والفصل يقوم مقام التوكيد.

وأما النصب ففيه أربعة أوجه :

أحدها : أنه معطوف على موضع «جبال» ، أي : نادينا الجبال والطير ، وهو مذهب سيبويه.

الثاني : أنه مفعول معه ، أي : مع الطير.

الثالث : أنه منصوب بفعل مقدر وتقديره : وسخرنا له الطير.

الرابع : أنه معطوف على «فضلا» من قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً) أي : آتيناه الطير ، وهو قول الكسائي.

انظر النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣٤٩ ، إتحاف فضلاء البشر : ٣٥٨ ، المبسوط في القراءات العشر : ٣٦١ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١٩٥ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، إعراب النحاس : ٣ / ٣٣٤ ، الكتاب : ١ / ٣٠٥ ، أسرار العربية : ٢٢٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٦ ، القراءات الشاذة : ١٢١ ، المقتضب : ٤ / ٢١٢.

(٦) في الأصل : والخيل.

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٧٦.

(٨) وهو اختيار المازني أيضا ، وإليه ذهب ابن مالك.

انظر الكتاب : ١ / ٣٠٥ ، المقتضب : ٤ / ٢١٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣١٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٩ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٥ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣ ، الهمع : ٥ / ٢٨٣.

١٢١

والجرمي : يختار النّصب (١) ، ووافقه المبرّد فيما كانت الألف واللّام فيه للتّعريف ـ كالآية ـ ، لا فيما كانت لغيره ، كـ «يا زيد واليسع» (٢).

ولا يتصوّر ذلك في المفرد (المجرّد) (٣) من «أل» إلّا في عطف / البيان نحو «يا غلام بشر» ، وفي التّوكيد نحو «يا تميم أجمعون».

وأمّا في النّعت فلا يتصوّر ، لامتناع نعت المعرفة بالنّكرة.

وفي عطف النّسق والبدل يجب فيه الضّمّ ، جعلا له كالمستقلّ ، لأنّ العاطف كالنّائب عن العامل ، والبدل في نيّة تكرار العامل ، فتقول : «يا زيد وعمرو ، ويا رجلا وزيد» ، و «يا رجل زيد ، ويا رجلا زيد» (٤) ، كما يتعيّن فيهما النّصب إذا كانا مضافين.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وأيّها مصحوب أل بعد صفه

يلزم بالرّفع لدى ذي المعرفه

وأيّ هذا أيّها الّذي ورد

ووصف أيّ بسوى هذا يرد

هذه المسألة مستثناة من التّابع الّذي يجوز نصبه مع بناء متبوعه على الضّمّ ، وهي تابع «أيّ» نحو (يا أَيُّهَا النَّاسُ).

وإنّما لزم رفعه ، لأنه المقصود بالنّداء ، وإنّما أتي بـ «أيّ» وصلة إلى ندائه ،

__________________

(١) وهو اختيار أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر ويونس أيضا.

انظر المقتضب : ٤ / ٢١٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣١٤ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٦ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٥ ، الهمع : ٥ / ٢٨٣.

(٢) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣١٤ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٩ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٥ ، الهمع : ٥ / ٢٨٤. وفي المقتضب (٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣) لم يفصل المبرد فيه هذا التفصيل وإنما قال : «فإن عطفت اسما فيه ألف ولام على مضاف أو منفرد فإن فيه اختلافا». أما الخليل وسيبويه والمازني فيختارون الرفع ، فيقولون : «يا زيد والحارث أقبلا» ، وقرأ الأعرج : يا جبال أوبي معه والطير. وأما أبو عمرو وعيسى بن عمر ويونس وأبو عمرو الجرمي فيختارون النصب ، وهي قراءة العامة. ثم قال : «وكلا القولين حسن ، والنصب عندي حسن على قراءة الناس».

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) وأجاز المازني والكوفين : «يا زيد وعمرا». انظر التسهيل : ١٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، الهمع : ٥ / ٢٨٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٩٥.

١٢٢

لتعذّر مباشرة حرف النّداء له ، ولذلك كان وصف «أيّ» به لازما ، بخلاف : «يا زيد الظّريف».

وما حكاه الزّجّاج في كتاب المعاني عن بعضهم : من إجازة نصبه (١) غلط.

ولا توصف «أيّ» في النّداء ، إلّا بمتلبّس بـ «أل» الجنسيّة ـ كما تقدّم ـ ، أو بموصول مقترن بـ «أل» ، نحو (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة : ١٠٤] ، أو باسم إشارة ، نحو :

١٩٩ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى

 ...

__________________

(١) قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه (١ / ٩٨): «والمازني يجيز في «يا أيها الرجل» النصب في «الرجل» ، ولم يقل بهذا القول أحد من البصريين غيره ، وهو قياس ، لأن موضع المفرد المنادى نصب ، فحملت صفته على موضعه ، وهذا في غير «يا أيها الرجل» جائز عند جميع النحويين ، نحو قولك : «يا زيد الظريف والظريف» ، والنحويون لا يقولون إلا «يا أيها الرجل» ، «يا أيها الناس» ، والعرب لغتها في هذا الرفع ، ولم يرد عنها غيره». انتهى.

وانظر إعراب النحاس : ١ / ١٩٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٨. ونسب ابن مالك في شرح الكافية (٣ / ١٣١٨) جواز النصب إلى المازني والزجاج ، فعقب المرادي على ذلك بقوله (٣ / ٢٩٩): «ونسبته إلى الزجاج مستبعدة». انتهى. وانظر شرح الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٥٠ ـ ١٥١.

١٩٩ ـ من الطويل لطرفة بن العبد من معلقته المشهورة في القصائد السبع (١٩٢) ، والقصائد العشر (١٣٢) ، وعجزه :

وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي

ويروى : «ألا أيها» بدل «ألا أيهذا» ، ويروى : «اللائمي» بدل «الزاجري» ، ويروى : «أشهد» بدل «أحضر» ، ويروى :

ألا أيّها اللّاحيّ أن أحضر الوغى

اللاحي : اللائم. الزاجر : الناهي. الوغى : الحرب. والمعنى : هو يلومني أن أحضر الوغى ، وأن أنفق مالي في الخمر وغيرها ، وما هو بمخلدي. والشاهد في قوله : «ألا أيهذا الزاجري» حيث وصف المنادى فيه باسم الإشارة ، وفيه أيضا أن اسم الإشارة جاء موصوفا بما فيه الألف واللام وذلك كثير.

انظر الكتاب : ١ / ٤٥٢ ، المطالع السعيدة : ٢٨٤ ، شواهد ابن السيرافي : ٢ / ٤٩ ، شذور الذهب : ١٥٣ ، شواهد الفيومي : ٥٤ ، اللسان : (أنن ، دنا) ، المسائل العسكرية : ٢٠٢ ، سر الصناعة : ١ / ٢٨٥ ، الإنصاف : ٥٦٠ ، مغني اللبيب (رقم) : ٧١١ ، ١٠٨٨ ، أبيات المغني : ٦ / ١٨١ ، المحتسب : ٢ / ٣٣٨ ، شرح المرزوقي : ٢ / ٤٩٤ ، ٩٦٨ ، معاني الفراء : ٣ / ٢٦٥ ، الخزانة : ١ / ١١٩ ، ٤٦٣ ، ٨ / ٥٠٧ ، ٥٧٩ ، ٥٨٠ ، ٥٨٥ ، شواهد السيوطي : ٢ / ٨٠٠ ، شواهد ابن النحاس : ٢٩٥ ، توجيه اللمع : ١٣١ ، أمالي السهيلي : ٨٣ ، التوطئة : ١٤٥ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٤٩٧.

١٢٣

وأكثر ما يكون ذلك إذا كان اسم الإشارة موصوفا بما فيه الألف / واللّام ـ كما مثّل ـ ، ووقوعه دونه قليل ، كقوله :

٢٠٠ ـ ألا (٢) أيّهذان (٣) كلا زادكما

 ...

ثمّ قال :

وذو إشارة كأيّ في الصّفه

إن كان تركها يفيت المعرفه

إذا وقع اسم الإشارة بعد حرف النّداء ، فإن كان المقصود بالنّداء صفته ، بحيث إذا تركت فات العلم بتعيينه (٤) ، كقولك للقائم بين جلوس : «يا هذا القائم» ، فإنّ صفته كصفة «أيّ» (في) (٥) اللّزوم (٦) وفي تعيّن الرّفع.

أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنّداء (٧) ، لكونه متعيّنا ، وإنّما أجري الوصف عليه مدحا أو ذمّا ، نحو «يا هذا الكريم ، ويا هذا الخبيث» ، فحكمها (٨) حكم غيرها من الصّفات في عدم اللّزوم ، وفي جواز النّصب.

__________________

٢٠٠ ـ من الرمل ، ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

ودعاني واغلا فيمن يغل

ويروى : «زاديكما» بدل «زادكما» ، ويروى : «وذراني» بدل «ودعاني» ، ويروى : «وغل» بدل «يغل». دعاني : اتركاني. الواغل : الداخل على القوم في طعامهم وشرابهم من غير دعاء ، وهو المعروف بالطفيلي. والشاهد في قوله : «أيهذان» حيث وصف المنادى فيه باسم الإشارة ، واسم الإشارة غير موصوف بما فيه الألف واللام ، وذلك قليل.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٥٣ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٣٩ ، مجالس ثعلب : ١ / ٤٢ ، شذور الذهب : ١٥٤ ، الهمع (رقم) : ٦٨٥ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥٢ ، شواهد الشذور : ٥٤ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٤٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٧ ، ٢٩٩ ، المطالع السعيدة : ٢٨٣ ، شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٤٩٧.

(١) هكذا في الأصل بزيادة «ألا» على الوزن ، وهي زيادة لو صحت فيكون في البيت علة من العلل الجارية مجرى الزحاف ، وهي الخزم : وهو زيادة حرف إلى أربعة أحرف في صدر الشطر الأول من البيت وهو قبيح وغير مختص ببحر. وفي الدرر اللوامع : «يا أيهذان» بزيادة حرفين على وزن البيت ، والقول فيها كالقول في سابقتها. وقد انفرد هذان الكتابان من بين ما رجعت إليه من مصادر بإثبات هذه العلة.

انظر أهدى سبيل إلى علمي الخليل لمحمود مصطفى : ٣٢ ، معجم النحو والصرف والعروض والقافية : ١٢٢.

(٢) في الأصل : أيهاذاان. انظر المراجع المتقدمة في توثيق البيت.

(٣) في الأصل : بتيعثه.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٥) في الأصل : لزوم.

(٦) في الأصل : في النداء.

(٧) في الأصل : فحكمهما. فحكمها : أي : حكم الصفة.

١٢٤

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

في نحو سعد سعد الاوس ينتصب

ثان وضمّ وافتح أوّلا تصب

إذا أتبع المنادى المفرد المستحقّ البناء على الضّمّ بمماثل (١) له لفظا مضاف ، نحو «يا سعد سعد الأوس» ويا زيد زيد الخيل» تعيّن نصب الثّاني ، لكونه تابعا مضافا ـ كما سبق ـ.

وأمّا الأوّل فقياسه (٢) : أن يبقى على ضمّه ، لأنّه منادى مفرد معرفة ، لم ينعت بابن ، وقد سمع فيه :

٢٠١ ـ يا تيم تيم عديّ لا أبالكم

 ...

وقوله :

٢٠٢ ـ يا سعد سعد اليعملات الذّبّل

__________________

(١) في الأصل : مماثل.

(٢) في الأصل : فقاسه.

٢٠١ ـ من البسيط لجرير بن عطية الخطفي من قصيدة له في ديوانه (١ / ١٣٠) يهجو فيها عمر ابن لجأ وقومه ، وعجزه :

لا يلقينّكم في سوءة عمر

ويروى : «لا يلفينكم» ـ بالفاء ـ من ألفى : بمعنى وجد. ويروى : «لا يوقعنكم» بدل «لا يلفينكم». وأضاف الشاعر «تيما» إلى «عدي» للتخصيص. وعدي المذكور : هو أخو «تميم» فإنهما ابنا عبد مناة بن أد بن طابخة. وأصل «لا أبالكم» أن ينسب المخاطب إلى غير أب معلوم شتما له واحتقارا ، ثم كثر في الاستعمال حتى جعل في كل خطاب يغلظ فيه على المخاطب. يلقينكم : يرمينكم. والسوءة : الفعلة القبيحة. والشاهد في قوله : «يا تيم تيم عدي» حيث تكرر لفظ المنادى في حالة الإضافة ، وقياس الأول البقاء على ضمه ، لأنه منادى مفرد معرفة ، ويجوز فيه النصب على تقدير : يا تيم عدي ، لأنه يكون حينئذ منادى مضافا ، ويجب في الثاني النصب لكونه تابعا مضافا.

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ٢٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٣ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٤٠ ، المقتضب : ٤ / ٢٢٩ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٠٣ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٤٠ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٠ ، ١٠٥ ، ٣ / ٢١ ، شواهد المغني : ٢ / ٨٥٥ ، الحلل : ٢٠٨ ، جمل الزجاجي : ١٥٧ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ٨٣ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٥٤ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٩١ ، شواهد الجرجاوي : ٢١٨ ، الخصائص : ١ / ٣٤٥ ، الإرشاد للكيشي : ٢٦٣ ، أبيات المغني : ٧ / ١١ ، مغني اللبيب (رقم) : ٨٢٦ ، جواهر الأدب : ٢٩٨ ، شواهد ابن النحاس : ٢٢٠ ، الخزانة : ٢ / ٢٩٨ ، ٤ / ٩٩ ، ١٠ / ١٩١ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٧ ، الهمع : ٢ / ١٢٢ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٢١٨ ، شرح دحلان : ١٣٤.

٢٠٢ ـ من الرجز لعبد الله بن رواحة الصحابي رضي‌الله‌عنه ، من أبيات له قالها في غزوة مؤتة ، وبعده :

تطاول اللّيل عليك فانزل

ونسب في الكتاب لبعض ولد جرير. وقد أورد البيت في شواهد المغني (١ / ٤٣٣) مطلع

١٢٥

واختلف في توجيهه :

فعند سيبويه : أنّه مضاف إلى ما بعد الثّاني ، والثّاني مقحم (١).

وعند المبرّد : أنّه مضاف إلى محذوف / مماثل لما أضيف إليه الثّاني (٢).

وعند الفرّاء : أنّهما مضافان إلى (ما بعد) (٣) الثّاني (٤).

وقيل : بل ركّبا قبل الإضافة كـ «خمسة عشر» (٥).

__________________

قصيدة نسبها ابن الأعرابي لبكير بن عبد الربعي ، أولها :

أزيد زيد اليعملات الذّبّل

خوائفا في كلّ سهب مجهل

وقد انفرد المؤلف بهذه الرواية ، ورواياته في جميع المصادر :

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل

والمراد بزيد : زيد بن أرقم. اليعملات : جمع يعملة وهي الناقة القوية الحمولة. الذبل : جمع ذابل ، بمعنى الضامر. والشاهد فيه كالشاهد في البيت الذي قبله.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٥٣ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣١٥ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٢١ ، شواهد المغني : ١ / ٣٣٤ ، ٢ / ٨٥٤ ، الخزانة : ٢ / ٣٠٣ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٩٤ ، أبيات المغني : ٣ / ٢٩٦ ، شواهد الجرجاوي : ٢١٩ ، اللسان (عمل) ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٥٤ ، المقتضب : ٤ / ٤٣٠ ، المنصف : ٣ / ١٦ ، مغني اللبيب (رقم) : ٨٢٥ ، ١٠٤٦ ، ١٠٤٨ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٨ ، شواهد ابن النحاس : ٢٢١ ، الهمع (رقم) : ١٥٥١ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٧.

(١) وهو تأكيد لفظي للأول ، قالوا : ولا يجوز الفصل بين المتضايفين بغير الظرف إلا في هذه المسألة خاصة.

انظر الكتاب : ١ / ٣١٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٩٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢١ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٠ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٩ ، المطالع السعيدة : ٢٨٦ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٦ ، الهمع : ٣ / ٥٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٤ ، شرح دحلان : ١٣٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٤٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٠٤.

(٢) والثاني توكيد أو بيان أو بدل. انظر المقتضب : ٤ / ٢٢٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٤٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٠٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٩٦ ، المطالع السعيدة : ٢٨٦ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ١٠ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٦ ، الهمع : ٣ / ١٥٨ ، شرح دحلان : ١٣٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٤ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع البهجة المرضية : ١٣٤.

(٤) أخذا من قوله : «قطع الله يد ورجل من قالها» حيث أن الاسمين مضافان إلى «من» ولم يصرح به هنا ، وبه قال الفارسي ، قال الأزهري : «وهو ضعيف لما فيه من توارد عاملين على معمول واحد».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١ ، الهمع : ٣ / ٥٨ ، البهجة المرضية : ١٣٤ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٥٤.

(٥) ففتحهما فتحة بناء لا فتحة إعراب ، ومجموعهما منادى مضاف ، وهذا مذهب الأعلم.

١٢٦

الباب الرابع والأربعون

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

ثمّ قال :

المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم

واجعل منادى صحّ أن يضف ليا

كعبد عبدي عبد عبدا عبديا

حكم المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم في الإعراب : النّصب ، كالمضاف إلى غيرها من ظاهر أو ضمير.

والتّبويب (١) ليس لما يتعلّق بإعرابه ، وإنّما هو لبيان اختلاف أحوال الياء ، وما أبدل منها ، وذلك من أحكام اللّغة ، لا من أحكام النّحو.

وأشار في هذا البيت إلى أنّ المنادى الصّحيح الآخر إذا أضيف إلى ياء المتكلّم ففيه خمس لغات :

ـ إثبات الياء ساكنة (٢) ، نحو (يا) عبادي (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ)(٣) [الزخرف : ٦٨] ، وهي أشهرها.

__________________

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٥٤ ، الهمع : ٣ / ٥٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٠٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٩ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٨ ، شرح دحلان : ١٣٤.

وهناك رأي خامس ذهب إليه السيرافي فقال : هو على الإتباع والتخفيف ، مثل «يا زيد بن عمرو» لأن الثاني صفة مثل «ابن» وليس دونه في الكثرة. انظر الهمع : ٣ / ٥٩ ، المطالع السعيدة : ٢٨٦ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٧.

(١) في الأصل : الواو. ساقط.

(٢) في الأصل : ساكنا. فإنه قال بعد : وإثباتها.

(٣) بإثبات الياء ساكنة في «يا عبادي» وصلا ووقفا : قرأها نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ورويس من غير طريق ابن الطيب ، وهي قراءة أهل المدينة والشام. وفتحها وصلا أبو بكر ورويس ـ من طريق أبي الطيب ـ وسكناها وقفا. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف ومحمد بن غالب عن الأعشى عن أبي بكر بغير ياء وصلا ووقفا ، وهي قراءة أهل مكة والكوفة.

انظر إتحاف فضلاء البشر : ٣٨٦ ، المبسوط في القراءات العشر : ٤٠٠ ، حجة القراءات : ٦٥٤ ـ ٦٥٥ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٧٥.

١٢٧

ـ وإثباتها مع التّحريك بالفتح ، وهي الّتي أشار إليها بقوله : «عبديا» ، وإنّما الألف إشباع ، وبها قرئ : يا عبادي الذين أسرفوا (١) [الزمر : ٥٣].

ـ وحذف (٢) الياء ، وإبقاء (٣) آخره على الكسر ، نحو «يا غلام».

ـ وقلب الياء ألفا ، فيفتح ما قبلها ، نحو (يا) حسرتا (عَلى (ما)(٤) فَرَّطْتُ [الزمر : ٥٦].

ـ وحذف الألف ، وإبقاء آخره (على الفتح) (٥) ، نحو «يا عبد» (٦).

ويستثنى من ذلك الوصف الصّالح للعمل (٧) في الياء ، فإنّه لم يسمع في يائه إلّا لغتان : السّكون (والفتح) (٨) ، نحو «(يا) (٩) معاضبيّ».

__________________

(١) في قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو جعفر. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بسكون الياء. وكلهم يقفون عليها بإثبات الياء ـ من فتح منهم ومن لم يفتح ـ.

انظر المبسوط في القراءات العشر : ٣٨٧ ، إتحاف فضلاء البشر : ٣٧٦ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٧٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٧ ، الكواكب الدرية للأهدل : ٢ / ٩.

(٢) في الأصل : وحذفت.

(٣) في الأصل : وبقاء. فإنه قال بعد : وإبقاء.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٧٧. فإنه قال بعد : وإبقاء.

(٦) أجاز هذا الأخفش والمازني والفارسي ، كقوله :

ولست براجع ما فات منّي

بلهف ولا بليت ولا لو انّي

أصله : بقولي يا لهفا. ونقل عن الأكثرين المنع. وذكر وجها سادسا : وهو الاكتفاء من الإضافة بنيتها وجعل الاسم مضموما كالمنادى المفرد ، وإنما يكون ذلك فيما يكثر نداؤه مضافا كالرب والأبوين والقوم ، ومنه قراءة بعض القراء : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ،) وحكى يونس عن بعض العرب : «يا أم لا تفعلي» ، وبعض العرب يقول : «يا رب اغفر لي» ، و «يا قوم لا تفعلوا».

انظر الكتاب : ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨ ، المقتضب : ٤ / ٢٦٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٥ ، شرح المرادي : ٣ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٠٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢٣ ، الهمع : ٤ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٨.

(٧) في الأصل : في العمل.

(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٧٧.

(٩) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

١٢٨

أما المعتلّ ، نحو «فتى ، وقاضي» فليس في يائه إلّا التّحريك بالفتح ، نحو «يا فتيّ ، ويا قاضيّ (ويا) (١) باريّ».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

وفتح او كسر وحذف اليا استمر

في يابن أمّ يابن عمّ لا مفر

إذا كان المنادى مضافا إلى (مضاف إلى) (٢) ياء المتكلّم تعيّن إثبات الياء ، نحو «يابن أخي» ، إلّا إذا كان المضاف إلى الياء «الأمّ ، والعمّ» ، والمنادى «ابن» ، فإنّ الياء تحذف (٣) لزوما ، ويجوز فيما قبلها إبقاؤه على الكسر (٤) ، وفتحه : إمّا تخفيفا (٥) ، وإمّا للتّركيب كـ «خمسة عشر» (٦) ، وبهما قرئ : قال ابن أم (٧) [الأعراف : ١٥٠].

أمّا إذا كان المنادى غير «ابن» (٨) فإنّ الياء تثبت ، نحو «يا غلام عمّي».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي النّدا أبت أمّت عرض

واكسر أو افتح ومن اليا التّا عوض

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٧٩.

(٣) في الأصل : تحذف. مكرر.

(٤) وهو ظاهر قول الزجاج وغيره. انظر المرادي : ٣ / ٣١١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٩ ، الهمع : ٤ / ٣٠٢ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢٥.

(٥) وذلك على أن الأصل : «أما وعما» بقلب الياء ألفا فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلا عليها. وهو قول الكسائي والفراء وأبي عبيدة ، وحكي عن الأخفش.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٣١١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٩ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٨ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٧٩ ، الهمع : ٤ / ٣٠٢.

(٦) وهو مذهب سيبويه والبصريين. انظر الكتاب : ١ / ٣١٨ ، الهمع : ٤ / ٣٠٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٣١١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٩ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٩.

(٧) فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص وأبو جعفر وأهل المدينة بفتح الميم ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وأبو بكر وأهل الشام بكسر الميم.

انظر حجة القراءات : ٢٩٧ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٧٢ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢١٥ ، إملاء ما من به الرحمن : ١ / ٢٨٥ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٣١ ، إعراب النحاس : ٢ / ١٥٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٩ ، الكواكب الدرية للأهدل : ٢ / ١٠ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٢.

(٨) في الأصل : آت.

١٢٩

إذا نودي «الأب أو الأمّ» المضافين إلى ياء المتكلّم ، ففيهما من اللّغات السّتّ ما سبق في غيرهما من الصّحيح المضاف إلى الياء ، ويزيدان على ذلك بجواز تعويض تاء التّأنيث من ياء المتكلّم ، ثمّ الأشهر كسرها (١) ، كما قرأ به الأكثرون في (يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ) [يوسف : ٤] ، وبعض العرب يفتحها (٢) ، وبه قرأها ابن عامر (٣) ، وبعضهم يضمّ التاء معاملة له معاملة المستقلّ (٤) ، كـ «ثبة» (٥) ، وبه قرئ شاذّا (٦).

__________________

(١) وذلك لأن الكسر عوض من الكسر الذي كان يستحقه قبل ياء المتكلم ، وزال حين جاءت التاء ، إذ لا يكون ما قبل التاء إلا مفتوحا.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٨ ، الهمع : ٤ / ٣٠٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢٧.

(٢) في الأصل : يفتحهما. وهو الأقيس ، لأن التاء بدل من ياء حركتها الفتح ، فتحريكها بحركة أصلها هو الأصل في القياس. وقيل : لأن الأصل : «يا أبتا».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٨ ، الهمع : ٤ / ٣٠٢.

(٣) وأبو جعفر أيضا في جميع القرآن ، وقرأها الباقون بالكسر. انظر المبسوط في القراءات العشر : ٢٤٤ ، حجة القراءات : ٣٥٣ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٦٢ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٩٣ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٧٨ ، إعراب النحاس : ٢ / ٣١٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٨.

(٤) في الأصل : المستقبل.

(٥) حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع من العرب من يقول : «يا أمت لا تفعلي» بالضم. وقد أجازه الفراء وأبو جعفر النحاس ، ومنعه الزجاج.

انظر الكتاب : ١ / ٣١٧ ، معاني الفراء : ٢ / ٣٢ ، إعراب النحاس : ٢ / ٣١٠ ، ٣١٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٣١٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٨ ، والهمع : ٤ / ٣٠٢.

(٦) انظر تفسير أبي السعود : ٤ / ٢٥١ ، الكشاف : ٢ / ٣٠١ ، ٣٠٢ ، إعراب النحاس : ٢ / ٣١٠ ، معاني الفراء : ٢ / ٣٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٨.

١٣٠

الباب الخامس والأربعون

أسماء لازمت النداء

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

أسماء لازمت النّداء

وفل بعض ما يخصّ بالنّدا

لؤمان نومان كذا واطّردا

في سبّ الانثى وزن يا خباث

والأمر هكذا من الثّلاثي

وشاع في سبّ الذّكور فعل

ولا تقس وجرّ في الشّعر فل

من الأسماء ما يختصّ بالنّداء ، ولا يستعمل (١) في غيره.

منها : «فل» / ومؤنّثه «فلة» ، وليسا ترخيم «فلان ، وفلانة» ، لأنّ «فلانا (وفلانة) (٢)» كناية عن «زيد ، وهند» من المعارف ، ولا يختصّان بالنّداء ، وأمّا «فل (وفلة») (٣) فكناية عن «رجل ، وامرأة» على الأصحّ (٤).

ومنها : «لؤمان» بضمّ أوّله ، مع الهمزة ، وهو الكثير اللّؤم ، لا من اللّؤم ، و «نومان» ، وهو الكثير النّوم.

وممّا اختصّ بالنّداء : «مكرمان» للكثير الكرم (٥).

__________________

(١) في الأصل : تستعمل.

(٢ ـ ٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) وهو مذهب سيبويه. وذهب الكوفيون إلى أن أصلهما «فلان وفلانة» فرخما. وذهب الشلوبين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن «فل» كناية عن العلم بمعنى «فلان» ، وعليه ابن مالك فإنه صرح في شرح الكافية بأن «يا فل» بمعنى : «يا فلان» ، و «يا فلة» بمعنى : «يا فلانة» ، وهو في هذا موافق للكوفيين في أنهما بمعنى : «فلان وفلانة» ، ومخالف لهم في الترخيم.

انظر الكتاب : ١ / ٣٣٣ ، المقتضب : ٤ / ٢٣٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٢٩ ، شرح المرادي : ٤ / ٥ ، الهمع : ٣ / ٦٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٩ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٠٦ ، شرح دحلان : ١٣٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٥٩.

(٥) قال ابن مالك في شرح الكافية (٣ / ١٣٣٠): «وهذه صفات مقصورة على السماع بإجماع».

وأشعر كلام ابن عصفور في المقرب (١ / ١٨٢) أن ذلك مطرد ، حيث قال : «وكل صفة معدولة على وزن «مفعلان» نحو «مكرمان ، وملأمان» عدلا عن كريم ولئيم». وانظر الكتاب : ١ / ٣١١ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٠٨ ، كاشف الخصاصة : ٢٦٥.

١٣١

واطّرد في الأسماء اللّازمة النّداء ما جاء على «فعال» مقصودا (١) به سبّ الإناث ، سواء كان مشتقّا من الفعل ، نحو «يا خباث» ، أو غير مشتقّ منه ، نحو «يا لكاع» (٢) ، وإنّما ينقاس هذا فيما كان من فعل ثلاثيّ ، كما ينقاس منه مجيء «فعال» بمعنى الأمر نحو «نزال».

ولا بدّ (٣) في الثّلاثيّ الّذي ينقاس فيه ذلك : أن يكون تامّا متصرّفا (٤).

وشاع في سبّ المذكّرين وزن «فعل» لازم النّداء ، نحو «يا غدر ، ويا فسق» ، وليس بمقيس (٥) ، كما زعم ابن عصفور (٦).

__________________

(١) في الأصل : مقصود.

(٢) وفي الشواهد الكبرى (١ / ٤٧٤) قال العيني : «لكاع» بفتح اللام والكاف على وزن «قطام» ، وتوصف به المرأة ، يقال للرجل : لكع ، وللمرأة : لكاع ، وهو اللئيم ، ويقال : الوسخ ، ويقال : الخبيث ، واشتقاقه من لكع يلكع لكعا». انتهى. وانظر اللسان : ٥ / ٤٠٦٨ (لكع) ، الخزانة : ٢ / ٤٠٥ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٥٧. ويمكن أن يمثل لغير المشتق من الفعل بنحو «يا قفاس» أي : يا لئيمة. انظر المزهر في علوم اللغة للسيوطي : ٢ / ١٣٢ ، تهذيب اللغة : ٨ / ٤١٣ (قفس) ، تاج العروس : ٤ / ٢٢٠ (قفس) ، اللسان : ٥ / ٣٧٠٢ (قفس).

(٣) في الأصل : وبد.

(٤) تصرفا كاملا. فخرج نحو «دحرج» لأنه رباعي ، وشذ «دراك» من «أدرك» ، وخرج نحو «كان» لأنه ناقص ، وخرج نحو «نعم وبئس» لأنهما جامدان ، وخرج نحو «يذر ويدع» ، لأنهما ناقصا التصرف. هذا مذهب سيبويه ، وخالفه المبرد فقال : لا يقال منه إلا ما سمع ، وإليه ذهب الصيمري ، قال الأزهري : والأول أصح.

انظر الكتاب : ١ / ٣١١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٥٤ ، شرح المرادي : ٤ / ٧ ـ ٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٠ ، الهمع : ٣ / ٦٣ ، شرح الهواري : (١٥٣ / ب) ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٠ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٣ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٨٠.

(٥) في الأصل : بمشتق.

(٦) حيث إنه اختار كونه قياسيا ، ونص عليه المغاربة ، ونقله في البسيط عن سيبويه ، ومن قاس عليه فبالشروط السابقة.

انظر شرح ابن عصفور : ٢ / ١٠٧ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٥٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦١ ، الهمع : ٣ / ٦٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٠ ، البهجة المرضية : ١٣٦ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٣ ، شرح دحلان : ١٣٦ ، شرح المرادي : ٤ / ٨.

١٣٢

الباب السادس والأربعون

الاستغاثة

ثمّ قال :

الاستغاثة

إذا استغثت اسم منادى خفضا

باللّام مفتوحا كيا للمرتضى

الاستغاثة من أنواع النّداء ، فإنّها نداء (١) من يخلّص من شدّة أو يعين على مشقّة (٢).

ولا يستعمل فيها من حروف النّداء إلّا «يا» ، ولا يحذف معها ـ كما سبق (٣) ـ.

وإذا قصد بالنّداء الاستغاثة ـ لزم غالبا خفض المنادى بلام الجرّ ، وتفتح (٤) معه ، للفرق بينه وبين المستغاث من أجله ، فإنّها لا تكون معه إلّا مكسورة ، نحو / «يا للمرتضى لزيد».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وافتح مع المعطوف إن كرّرت يا

وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا

إذا عطفت على المستغاث اسما مجرورا باللّام : فإن كرّرت «يا» مع الثّاني فتحت اللّام أيضا ، نحو :

٢٠٣ ـ (يا) (٦) لقومي ويا لأمثال قومي

 ....

__________________

(١) في الأصل : ند.

(٢) انظر في ذلك شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٠ ، شرح المرادي : ٤ / ١٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٢ ، شرح ابن الناظم : ٥٨٧ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٠ ، الهمع : ٣ / ٧١ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٦٧ ، معجم النحو : ٧.

(٣) انظر ص ١٠٤ ، ١٠٨ / ٢ ، من هذا الكتاب.

(٤) في الأصل : ويفتح.

٢٠٣ ـ من الخفيف ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

لأناس عتوّهم في ازدياد

١٣٣

وإن لم تكرّر «يا» كسرتها ، نحو :

٢٠٤ ـ ...

يا للكهول وللشبّان للعجب

ثمّ قال رحمه‌الله :

ولام ما استغثت عاقبت ألف

ومثله اسم ذو تعجّب ألف

قد يعاقب اللّام الجارّة في الاستغاثة ألف تتّصل بآخر الاسم، كألف النّدبة ، يستغنى به عن اللّام، كقوله:

(٢) ـ يا زيدا لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان

__________________

العتو : التكبر. والشاهد في قوله : «ويا لأمثال قومي» حيث فتحت فيه اللام لتكرر حرف النداء ، وهو اسم معطوف على المستغاث ـ وهو قومي ـ باللام.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٤٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٥٦ ، شرح ابن الناظم : ٥٨٧ ، شرح المرادي : ٤ / ١٧ ، شرح دحلان : ١٣٦ ، كاشف الخصاصة : ٢٦٧ ، أوضح المسالك : ٢٠٦ ، البهجة المرضية : ١٣٦.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر المصادر المتقدمة.

٢٠٤ ـ من البسيط ، نسبه القيسي لأبي الأسود الدؤلي في إيضاح شواهد الإيضاح (١ / ٢٦٨) ، وقال : «وينسب إلى أبي زبيد الطائي» ، وصدره :

يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب

يبكيك : أي يبكي عليك. ناء : بعيد ، وأريد به بعيد النسب. يقول : يبكي عليك الغريب ، ويسر بموتك القريب ، وهو أحد الأعاجيب. والشاهد في قوله : «وللشبان» حيث كسرت فيه اللام لعدم تكرر «يا» ، وذلك لأن فتح اللام إنما كان للفرق بين المستغاث به والمستغاث من أجله ، ولما عطف أحد الاسمين على الآخر بالواو علم أنه داخل في حكمه ، فجيء باللام مكسورة على الأصل لزوال اللبس.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٥ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٤٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٥٧ ، المقتضب : ٤ / ٢٥٦ ، جمل الزجاجي : ١٦٧ ، الحلل : ٢٢٩ ، المقرب : ١ / ١٨٤ ، الخزانة : ٢ / ١٥٤ ، الهمع (رقم) : ٧٠٢ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥٥ ، شرح ابن الناظم : ٥٨٨ ، شرح المرادي : ٤ / ١٨ ، شرح دحلان : ١٣٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١١٠ ، كاشف الخصاصة : ٢٦٧ ، التبصرة والتذكرة : ٣٥٩ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٥٠ ، المقتصد : ٢ / ٧٨٨ ، أصول ابن السراج : ١ / ٣٥٣ ، المطالع السعيدة : ٢٩١ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٤٢ ، الجامع الصغير : ٩٩ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٣٣.

٢٠٥ ـ من الخفيف ، ولم أعثر على قائله. ويروى : «يا يزيدا» بدل «يا زيدا». آمل : اسم فاعل من الأمل وهو الرجاء. قوله : «نيل» مصدر نال ينال : إذا بلغ مطلوبه. والعز : مقابل الهوان ، والهوان : الذل. الغنى : مقابل الفاقة والفقر. والشاهد في قوله : «يا زيدا» حيث عاقبت لام

١٣٤

وتجرّد المستغاث منهما (١) ، نحو :

٢٠٦ ـ ألا يا قوم للعجب العجيب (٣)

 ...

 ـ نادر.

ومثل المستغاث في الجرّ باللّام المفتوحة ـ ما دخل عليه حرف النّداء لقصد (٤) التّعجّب منه (٥) ، كقولهم (٦) : «يا للكمأ ، ويا للكلأ» تعجّبا من كثرتهما (٧) ، ويعاقبها ألف ، نحو «يا عجبا».

__________________

الاستغاثة ألف في آخر المستغاث.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، الأشموني : ٣ / ١٦٦ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٦٢ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٩٦ ، شواهد المغني : ٢ / ٧٩١ ، أبيات المغني : ٦ / ١٥٨ ، شرح ابن الناظم : ٥٩٠ ، البهجة المرضية : ١٣٦ ، الجنى الداني : ١٧٧ ، كاشف الخصاصة : ٢٦٨ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٤٤ ، ١٤٩ ، الجامع الصغير : ٩٩ ، أوضح المسالك : ٢٠٧ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٣٣ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٤١.

(١) في الأصل : منها. راجع الأشموني : ٢ / ١٦٦.

٢٠٦ ـ من الوافر ولم أعثر على قائله ، وعجزه :

وللغفلات تعرض للأريب

الأريب : العالم بالأمور. والشاهد في قوله : «ألا يا قوم» حيث ترك لام المستغاث والألف جميعا ، وهو نادر ، وكان القياس أن يقول : «ألا يا لقومي» ، أو «ألا يا قوما».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٣٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٦٣ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٦٦ ، شرح ابن الناظم : ٥٩٠ ، البهجة المرضية : ١٣٦ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٤٤ ، الجامع الصغير : ٩٩ ، أوضح المسالك : ٢٠٧ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٣٥.

(٢) في الأصل : للتعجب العجب. انظر المصادر المتقدمة.

(٣) في الأصل : القصد.

(٤) في الأصل : منها.

(٥) في الأصل : قولهم.

(٦) في الأصل : كثرتها.

١٣٥

الباب السابع والأربعون

الندبة

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

النّدبة

ما للمنادى اجعل لمندوب وما

نكّر لم يندب ولا ما أبهما

النّدبة : تعيين (١) المنادى المتفجّع عليه لفقده (٢) ، نحو «وا محمّداه» ، أو لتنزيله (٣) منزلة المفقود ، كقول عمر ـ وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب : «وا عمراه» (٤) ، أو المتوجّع (٥) له ، نحو :

٢٠٧ ـ فواكبدا من حبّ من لا يحبّني

 ...

__________________

(١) في الأصل : تعين.

(٢) في الأصل : المفتجع على فقده. راجع الأشموني : ٣ / ١٦٧.

(٣) في الأصل : ولتنزيله. راجع الأشموني : ٣ / ١٦٧.

(٤) وفي عمدة الحافظ : «كقول عمر رضي‌الله‌عنه حين أخبر بجدب شديد أضر بناس فصاح : «وا عمراه وا عمراه».

انظر عمدة الحافظ لابن مالك : ١٨٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٥ ، شرح دحلان : ١٣٦ ، شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٤٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٢ ، معجم النحو : ٣٩٩.

(٥) في الأصل : أو للمتوجع. راجع الأشموني : ٣ / ١٦٧.

٢٠٧ ـ مطلع قصيدة من الطويل لقيس بن الملوح العامري (صاحب ليلى) في ديوانه (٤١) ، وعجزه :

ومن عبرات ما لهنّ فناء

وقال العيني في شواهده الصغرى (بهامش الأشموني : ٣ / ١٦٧): «الظاهر أن هذا من أشعار المحدثين الذين لا يحتج بهم». والشاهد فيه على أن الندبة تكون للمتوجع له كما في قوله «فواكبدا».

انظر عمدة الحافظ لابن مالك : ١٨٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٤٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٧ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٤٦.

١٣٦

أو منه (١) / ، نحو «وا مصيبتاه» (٢).

ولا يستعمل فيها من حروف النّداء إلّا «وا» و «يا».

ويستحقّ المندوب من الإعراب ما يستحقّه المنادى العاري عن الندبة ، فيضمّ في نحو «يا زيد» ، وينصب في نحو «وا أمير (٣) المؤمنين».

ولا يندب نكرة ، كـ «رجل ، وامرأة» ، ولا مبهم كأسماء الإشارة و «أيّ» (٤) ، لأنّ المقصود بالندبة إنّما هو عظم الفجيعة بفقد المندوب ، واشتهار حاله بالندبة له ، وذلك لا يحصل إلّا مع التّعيين (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ويندب الموصول بالّذي اشتهر

كبئر زمزم يلي وامن حفر

الموصول من قسم المبهم ، فلا يندب إلّا إذا كانت صلته مشهورة ، نحو «وامن حفر بئر زمزماه» ، إذ قد علم أنّ حافرها عبد المطّلب ، فصار بمنزلة : «وا عبد المطّلباه».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ومنتهى المندوب صله بالألف

متلوّها إن كان مثلها حذف

كذاك تنوين الّذي به كمل

من صلة أو غيرها نلت الأمل

يتّصل آخر المندوب غالبا بألف ، سواء كان مفردا نحو :

٢٠٨ ـ ...

وقمت فينا بأمر الله يا عمرا

__________________

(١) أي : أو المتوجع منه. راجع الأشموني : ٣ / ١٦٧.

(٢) وقال ابن مالك : «الندبة إعلان المتفجع باسم من فقده بموت أو غيبة كأنه يناديه نحو «وا زيداه». وقال المرادي : هي نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه ، وهي من كلام النساء غالبا.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤١ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤ ، الهمع : ٣ / ٦٦ ، شرح المكودي : ٢ / ٤٦ ، كاشف الخصاصة : ٢٦٩ ، البهجة المرضية : ١٣٦ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨١ ، معجم النحو : ٣٩٩ ، معجم المصطلحات النحوية : ٢١٨.

(٣) في الأصل : وأمير.

(٤) وذهب الكوفيون إلى جواز ندبة النكرة والأسماء الموصولة ، والرياشي إلى جواز ندبة النكرة فقط ، وفي الحديث : «وا جبلاه» ، وقال غيره : وهو نادر إن صح.

انظر الإنصاف (مسألة : ٥١) : ١ / ٣٦٢ ، الهمع : ٣ / ٦٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٨.

(٥) في الأصل : التعين.

٢٠٨ ـ من البسيط لجرير بن عطية الخطفي من قصيدة له في ديوانه (٣٠٤) ، أحد أبيات ثلاثة رثى بها عمر بن عبد العزيز ، وصدره :

١٣٧

أو مضافا ، نحو «وا أمير (١) المؤمنيناه» ، أو نهاية صلة (٢) ، نحو «وامن حفر بئر زمزماه».

ثمّ إن كان متلوّ الألف ـ وهو الحرف الّذي قبلها ـ مضموما ، نحو «وا زيد» (٣) أو مكسورا ، نحو «وا عبد المطّلب» ـ حذفت حركته ، وفتح ، لاتّصال الألف به ، وإن كان ألفا مثلها ـ حذفت ، نحو «وا موساه» (٤) /.

وكذلك يحذف تنوين ما كمل به المندوب من صلة ، نحو «وامن حفر بئر زمزماه» ، أو غير الصّلة ، كالمضاف إليه ، نحو «وا غلام زيداه» ، والمحكيّ ، نحو «واتأبّط شرّاه» (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والشّكل حتما أو له مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا

__________________

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له

ويروى :

حمّلت أمرا عظيما فاضطلعت به

وقمت فيه بإذن الله يا عمرا

وانفرد المؤلف من بين مما اطلعت عليه من مراجع بروايته «فينا» بدل «فيه». أراد بالأمر العظيم : الخلافة ، واضطلع بالأمر : قوي عليه. والشاهد في قوله : «يا عمرا» حيث ألحق في آخره ألف الندبة وهو مفرد.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٤ ، ١٦٧ ، ١٦٩ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٢٩ ، ٢٧٣ ، الهمع (رقم) : ٧٠١ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥٥ ، المطالع السعيدة : ٢٩٠ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٤٦ ، ١٤٩ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٩٨ ، شواهد المغني : ٢ / ٧٩٢ ، أبيات المغني : ٦ / ١٦١ ، شرح ابن الناظم : ٥٩٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٤ ، شرح دحلان : ١٣٦ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٠١ ، أوضح المسالك : ١٩٨ ، ٢٠٧ ، البهجة المرضية : ١٣٧.

(١) في الأصل : وأمير.

(٢) في الأصل : صلته.

(٣) في الأصل : وزايد.

(٤) فـ «موساه» مبني على ضم مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والألف الموجودة للندبة والهاء للسكت. وأجاز الكوفيون قياسا قلب الألف ، فقالوا : «وا موسياه».

انظر شرح المرادي : ٤ / ٢٨ ، الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٦٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٣ ، الهمع : ٣ / ٦٨.

(٥) وذلك لأنه لاحظّ له في الحركة وفتح ما قبله ، وهو مذهب سيبويه والبصريين. وأجاز الكوفيون فيه مع الحذف وجهين : فتحه ، فتقول : «وا غلام زيدناه» في «وا غلام زيد» ، وكسره مع قلب الألف ياء فتقول : «وا غلام زيدنيه». وأجاز الفراء وجها ثالثا ، وهو حذفه مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء ، فتقول : «وا غلام زيديه».

انظر الكتاب : ١ / ٣٢٢ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٨ ـ ٢٩ ، الهمع : ٣ / ٦٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٣.

١٣٨

قد تقدّم أنّ ما يليه ألف الندبة ، إن كان ضمّة ، أو كسرة ـ حذفت ، وأبدل مكانها فتحة لكن لا يفعل ذلك إلّا عند أمن اللّبس ـ كما سبق تمثيله ـ ، فإن خيف بفتح الآخر حصول اللّبس ـ أتي بألف الندبة مجانسة لحركة الآخر ، فتصير «واوا» بعد الضّمّة ، نحو «وا غلامهوه» ، خوفا من الالتباس بالمضاف إلى ضمير المؤنّث ، و «ياء» بعد الكسرة ، نحو «وا غلامكيه» ، خوف اللّبس بالمضاف إلى ضمير المخاطب (١).

ثمّ قال :

وواقفا زد هاء سكت إن ترد

وإن تشأ فالمدّ والها لا تزد

إذا وصلت المندوب بما بعده ، نحو «وا عمرا الكريم» ـ لم تلحقه (٢) الهاء ، وإن وقفت عليه ـ فلك أن تزيد في آخره هاء السّكت ساكنة ، وقد تضمّ للضّرورة ، نحو :

٢٠٩ ـ ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزّبيراه

ولك أن تقف عليه بالألف (٤) وما انقلبت إليه (٥) من واو أو ياء ، ولا تأتي بالهاء ، كما سبق من قوله :

٢١٠ ـ ...

وقمت فينا بأمر الله يا عمرا

__________________

(١) هذا مذهب البصريين. وأجاز الكوفيون إتباع الألف للكسرة في المثنى نحو «وا زيدانيه» وفي المفرد نحو «وا عبد الملكيه» وفي نحو «رقاش» : «وا رقاشيه».

انظر شرح المرادي : ٤ / ٣٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٤٥ ، الهمع : ٣ / ٦٩.

(٢) في الأصل : يلحقه.

٢٠٩ ـ من الهزج ، ولم أعثر على قائله. ويروى : «وا عمرو» بدل «ألا يا عمرو». وأراد بـ «عمرو» : عمرو بن الزبير بن العوام الأسدي ، وقوله : «عمراه» تأكيد للمنادى ومندوب. والشاهد في قوله : «عمراه والزبيراه» حيث ضمت هاء السكت فيهما للضرورة.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤٧ ، شرح ابن الناظم : ٥٩٤ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٧٣ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٨٣ ، شواهد الجرجاوي : ٢٢٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧١ ، المقرب : ١ / ١٨٤ ، البهجة المرضية : ١٣٧ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٩ ، توجيه اللمع : ٢٨٩ ، شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٥٦ ، ٥٧٣ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ٢٦٣.

(٣) في الأصل : بالهاء بعد الألف. راجع الأشموني : ٣ / ١٧٠.

(٤) في الأصل : عليه.

٢١٠ ـ من البسيط لجرير بن عطية الخطفي ، من قصيدة له في ديوانه (٣٠٤) ، وصدره :

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له

١٣٩

ثمّ قال :

وقائل وا عبد يا وا عبدا

من في النّدا اليا ذا سكون أبدى /

إذا ندب المضاف إلى ياء المتكلّم على لغة من أقرّ (١) الياء فيه ساكنة ، فقال : «يا عبدي» ـ جاز حذف يائه ، لملاقاتها ساكنة لألف الندبة ، فيقال : «وا عبدا» ، وهو اختيار المبرّد (٢) ، وجاز تحريكها بالفتح لمجانسة الألف ، فيقال : «وا عبديا» وهو اختيار سيبويه (٣) ، ويتعيّن الأوّل على لغة من قلب الياء ألفا أو حذفها واجتزأ عنها بالفتحة أو الكسرة (٤) ، أو عاملها معاملة المفرد ، ويتعيّن الثّاني على لغة من أقرّ الياء وحرّكها بالفتح (٥).

__________________

وقد تقدم الكلام عليه في صفحة : ١٣٧ / ٢. والاستشهاد فيه على أن المندوب إذا وقفت عليه يجوز لك أن تقف عليه بالهاء ، لخفاء الألف التي في آخره ، ولك تركها كما في قول الشاعر هنا «يا عمرا».

(١) في الأصل : قرأ.

(٢) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٣١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧١ ، شرح الرضي : ١ / ١٥٧ ، وفي المقتضب (٤ / ٢٧٠) نرى المبرد أجاز ما ذهب إليه سيبويه وأجاز وجها آخر وهو حذف الياء ، حيث قال : «ومن رأى أن يثبت الياء ساكنة فيقول : «يا غلامي أقبل» فهو فيها بالخيار إن شاء قال : «وا غلامياه» فحرك لالتقاء الساكنين ، وأثبت الياء لأنها علامة ، وكانت فتحتها هاهنا مستخفة كفتحة الياء في القاضي ونحوه للنصب ، وإن شاء حذفها لالتقاء الساكنين ، كما تقول : «جاء غلام العاقل». ومن رأى أن يثبتها متحركة قال : «وا غلامياه» ليس غيره». انتهى.

(٣) انظر الكتاب : ١ / ٣٢١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨٣ ، شرح المرادي : ٤ / ٣١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٧١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤٩.

(٤) في الأصل : والكسرة.

(٥) انظر الأشموني : ٣ / ١٧١.

١٤٠