شرح ابن طولون - ج ٢

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢

أحدهما : بدل الإضراب ، وهو ما كان كلّ منهما مقصودا للمتكلّم ، إلا أنّه أضرب عن الأوّل ، ويسمّى : بدل البداء.

الثّاني : بدل الغلط ، وهو ما لم يكن الأوّل فيه مقصودا للمتكلّم ، ولكن سبق اللّسان إليه.

وتمثيل النّاظم بقوله : «وخذ نبلا مدى» ، يحتملهما باعتبار تقدير القصد وغيره.

ثمّ بدل الغلط :

بعضهم يطلق عليه : بدل النّسيان (١).

وبعضهم يفرّق بينهما (٢) ، فيجعل بدل النّسيان قسما سادسا ، ويفرّق بينه وبين الغلط : (بأنّ الغلط) (٣) ما سبق إليه اللّسان ولم يقصد ، والنّسيان ما قصد ذكره إلّا أنه تبيّن له بعد ذلك فساد ذكره ، فالنّسيان متعلّق بالقلب ، والغلط باللّسان.

لكن إذا سلّم هذا عسر الفرق بين بدل النّسيان وبدل الإضراب.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ومن ضمير الحاضر الظّاهر لا

تبدله إلّا ما إحاطة جلا

أو اقتضى بعضا أو اشتمالا

كأنّك ابتهاجك استمالا

قد سبق من التّمثيل ما عرف به جواز إبدال الظّاهر من الظّاهر ولم يسمع إبدال المضمر من الظّاهر (٤) ، وفي إبدال المضمر من المضمر خلاف بين البصريين والكوفيين في «رأيتك إيّاك».

__________________

(١) قال ابن هشام : «والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما ، فسموا النوعين بدل غلط».

انظر أوضح المسالك : ١٩٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٦ ، التسهيل : ١٧٢ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٦٩.

(٢) كالمبرد وابن عصفور وابن هشام ، قال ابن عصفور : والاثنان الجائزان قياسا ولم يرد بهما السماع : بدل الغلط : وهو أن تبدل لفظا من لفظ بشرط أن يكون ذكرك للأول على جهة الغلط. وبدل النسيان : أن تبدل من لفظ بشرط أن يكون ذكر الأول على جهة النسيان.

انظر شرح ابن عصفور : ١ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، المقتضب : ٤ / ٢٩٧ ، أوضح المسالك : ١٩٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٥٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٦.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) قال ابن مالك : «والصحيح عندي أن يكون نحو «رأيت زيدا إياه» من وضع النحويين ، وليس بمسموع من كلام العرب لا نثرا ولا شعرا ، ولو سمع كان توكيدا». وقال السيوطي : «وأجازه الأصحاب نحو «رأيت زيدا إياه».

١٠١

فعند البصريين / : أنه بدل.

وعند الكوفيين : أنه تأكيد ، كما سبق (١).

وأمّا مسألة الكتاب ، وهي إبدال الظّاهر من المضمر فجائز في ضمير الغائب مطلقا ، كما هو مفهوم كلام المصنّف (٢) ، نحو (عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) [المائدة : ٧١] ، ولا يجوز في ضمير الحاضر المتكلّم أو المخاطب ، إلّا في المواضع الثّلاثة التي ذكرها المصنّف (٣) :

أحدها : أن يكون مفيدا للإحاطة في بدل ، نحو «مررت بكم كبيركم وصغيركم».

الثّاني : في بدل البعض ، نحو (لَقَدْ كانَ)(٤) لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ [الأحزاب : ٢١].

الثالث : في بدل الاشتمال ، نحو قول النّاظم : «كأنّك ابتهاجك» ، ومثله :

١٨٨ ـ بلغنا السّماء مجدنا وسناؤنا

 ...

__________________

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٠ ، التسهيل : ١٧٢ ، الهمع : ٥ / ٢٢٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٦٢٠.

(١) انظر ص ٧١ / ج ٢ من هذا الكتاب.

(٢) حيث أنه ذكر في أمثلته : «زره خالدا». وذهب الأخفش والكوفيون إلى جواز الإبدال من المضمر لغائب كان أو لمتكلم أو لمخاطب في جميع أقسام البدل ، نحو قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا) ، فـ «الذين» بدل من ضمير الخطاب. وأجيب بأنه مستأنف.

انظر الألفية : ١٢١ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٥٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٢٨٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٠ ، شرح المكودي : ٢ / ٣١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٨ ، الهمع : ٥ / ٢١٨.

(٣) وهو ما ذهب إليه جمهور البصريين. وقيل : يجوز مطلقا ، وعليه الأخفش والكوفيون. وذهب قطرب إلى جوازه في الاستثناء ، نحو «ما ضربتكم إلا زيدا» ، قال تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : إلا على الذين ظلموا.

انظر الهمع : ٥ / ٢١٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٨٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦١ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٩ ، شرح الرضي : ١ / ٣٤٠ ـ ٣٤٢ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٢٩ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.

(٤) في الأصل : كان. مكرر.

١٨٨ ـ من الطويل للنابغة الجعدي (قيس بن عبد الله العامري) من قصيدة له في شعره (٧٣) أنشدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعجزه :

وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا

والشاهد في قوله : «مجدنا» فإنه بدل اشتمال من الضمير المرفوع في قوله : «بلغنا».

١٠٢

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وبدل المضمّن الهمز يلي

همزا كمن ذا أسعيد أم علي

إذا أبدل اسم من اسم متضمّن معنى حرف الاستفهام (١) ـ أو كأسمائه (٢) ـ ذكرت همزة الاستفهام مع البدل ، نحو «من ذا ، أسعيد (أم علي) (٣) ، و «كم مالك أعشرون أم ثلاثون» ، و «أيّهم عندك ، أزيد أم عمرو» والبدل في ذلك كلّه من اسم الاستفهام.

ويساويه في هذا الحكم المبدل من اسم الشّرط ، فيعاد معه حرف الشّرط ، نحو «من يقم ، إن زيد وإن عمرو ـ أقم معه» ، و «ما صنع ، إن خيرا ، وإن شرّا ـ (يجز به) (٤)».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

ويبدل الفعل من الفعل كمن

يصل إلينا يستعن بنا يعن /

لا يقع الفعل تابعا إلّا في عطف النّسق وفي التّوكيد اللّفظيّ ـ كما مرّ ـ وفي البدل ، كـ «من (٥) يصل إلينا يستعن (٦) بنا» ، فإنّ «يستعن» (٧) ، بدل من «يصل» ، ومثله قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩].

ويقع البدل في الجملة (٨) أيضا ، وأكثر ما تبدل (٩) من جملة مثلها ، نحو (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ)(١٠) [الشعراء : ١٣٢ ـ ١٣٣].

__________________

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٨٣ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ١٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٥٦٠ ، كاشفة الخصاصة : ٢٥٢ ، أوضح المسالك : ١٩٧ ، التحفة المكية (رسالة ماجستير) : ٢٣٩.

(١) وهو الهمزة. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٣.

(٢) أي : كأسماء الاستفهام.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح : ٢ / ١٦٣.

(٥) في الأصل : لمن.

(٦) في الأصل : يستعين.

(٧) في الأصل : سبقن.

(٨) في الأصل : الجمل.

(٩) في الأصل : يبدل.

(١٠) وجوز ابن جني والزمخشري وابن مالك إبدال الجملة من المفرد ، نحو :

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشّام أخرى كيف يلتقيان

فأبدل جملة «كيف يلتقيان» من «حاجة وأخرى» ، وهما مفردان ، كأنه قال : أشكو هاتين الحاجتين.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٦٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٢ ، الهمع : ٥ / ٢٢١ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٦٢٦.

١٠٣

الباب الثالث والأربعون

النداء

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

النّداء (١)

وللمنادى (٢) النّاء أو كالنّاء يا

وأي وآ كذا أيا ثمّ هيا

والهمز للدّاني ووا لمن ندب

أو يا وغير وا لدى اللّبس اجتنب

النّداء فيه ثلاث لغات : أشهرها كسر النّون مع المدّ ، ثمّ مع القصر ، ثمّ ضمّها مع المدّ (٣).

واشتقاقه من ندى الصّوت ، وهو بعده (٤).

وله سبعة أحرف : منها ستّة تختصّ بالمنادى البعيد حسّا ، وهي مراده بـ «النّائي» ، أو حكما ، وهو المنزّل منزلة البعيد ، لارتفاع محلّه أو لانخفاضه ، ولذلك استعملت في نداء العبد ربّه وعكسه.

الأوّل : «يا» وهي أمّ الباب ، ولذلك لم يناد اسم الله بغيرها ، وتتعيّن في الاستغاثة (٥).

__________________

(١) النّداء لغة : الدعاء بأي لفظ كان. واصطلاحا ـ كما في التصريح ـ الدعاء بأحرف مخصوصة. وقال ابن الحاجب : وهو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو لفظا أو تقديرا. وقال ابن عصفور : النداء دعاء المخاطب ليصغي إليك.

انظر التصريح مع حاشية يس : ٢ / ١٦٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦٦ ، شرح الكافية للرضي : ١ / ١٣١ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٢ ، شرح المكودي : ٢ / ٣٢ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٣٣ ، حاشية الخضري : ٣ / ٧١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٥٤ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٢٣ ، معجم المصطلحات النحوية : ٢١٩ ، معجم مصطلحات النحو : ٢٧٨ ، معجم النحو : ٣٩٢.

(٢) في الأصل : الواو. ساقط. انظر الألفية : ١٢٣.

(٣) قال ابن حمدون : «وزيادة بعض : الضم مع القصر غير مسموع». انتهى.

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٣٣ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٣٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦٦ ، حاشية الخضري : ٣ / ٧١.

(٤) يقال : فلان أندى صوتا من فلان إذا كان أبعد صوتا منه. انظر اللسان : ٦ / ٤٣٨٨ (ندى) ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٣ ، معجم المصطلحات النحوية : ٢٢٠.

(٥) وذهب بعض النحويين إلى أن «يا» وأخواتها التي ينادى بها : أسماء أفعال ، تتحمل ضميرا

١٠٤

ـ و «أي» ، كما ورد في الحديث : «أي فل هلمّ» (١) ، وقد تمدّ همزتها.

ـ و «آ» (٢) ، وقيل : إنّ أصلها الهمزة مدّت (٣) ، وقيل : أصلها «أي» قلبت ياؤها ألفا.

ـ و «أيا» نحو :

١٨٩ ـ أيا شاعرا لا شاعر / اليوم مثله

 ...

وهي أزيد في البعد من «يا».

ـ و «هيا» ، كقوله :

__________________

مستكنا فيها ، ونقل عن الكوفيين ، كما نقل عن الفارسي أيضا.

انظر الجنى الداني : ٣٥٥ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٥٥ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٢ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٢٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧١.

(١) أخرج البخاري في صحيحه (٤ / ٣٢) كتاب الجهاد ـ باب فضل النفقة في سبيل الله / عن يحيى بن أبي سلمة أنه سمع أبا هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة ، كل خزنة باب : أي فل هلم» ..

وانظر صحيح مسلم (٢ / ٧١٢) كتاب الزكاة ، فتح الباري : ٦ / ٤٨. وانظر شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٢٠.

(٢) قال ابن هشام : «آ» بالمد ـ حرف لنداء البعيد ، وهو مسموع ، لم يذكره سيبويه وذكره غيره. وقال المرادي : وزاد الكوفيون «آ» و «آي» بالمد ، وزادهما الأخفش أيضا.

انظر مغني اللبيب : ٢٩ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦٨ ، رصف المباني للمالقي : ٥١ ، الجنى الداني : ٢٣٢ ، ٤١٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٨٩ ، الهمع : ٣ / ٣٦ ، جواهر الأدب : ٢٢١ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٢ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧١.

(٣) قال الخضري : و «آ» هو همزة ممدودة. انظر حاشية الخضري على ابن عقيل : ٢ / ٧١ ، حاشية الأمير على المغني : ١ / ١٨.

١٨٩ ـ من الطويل للصلتان العبدي (قثم بن خبيئة المحاربي من عبد القيس) من قصيدة له قضى فيها بشرف الفرزدق وبني مجاشع (رهط الفرزدق) على جرير وبني كليب (رهط جرير) ، وقضى لجرير بأنه أشعرهما ، فرضي الفرزدق ، وغضب جرير وهجاه ، وعجزه :

جرير ولكن في كليب تواضع

ويروى : «فيا» بدل «أيا». والشاهد فيه على أن «أيا» من أدوات نداء البعيد ، وهي أزيد في البعد من «يا».

انظر الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٢٨ ، الشعر والشعراء : ٤٧٧ ، المقتضب : ٤ / ٢١٥ ، الكامل للمبرد : ٦٥٩ ، أمالي القالي : ٢ / ١٤٢ ، الخزانة : ٢ / ١٧٤ ، المؤتلف والمختلف : ١٤٥ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٥٦٥ ، اللسان (كرب) ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٦ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٥٨ ، ٢٦٣ ، توجيه اللمع : ٢٦٥.

١٠٥

١٩٠ ـ هيا ظبية الوعساء بين (٢) جلاجل

 ...

وقيل : إنّ أصلها «أيا» قلبت الهمزة هاء ، كما قالوا : «هراق الماء» (٣).

ـ و «وا» ، كقولهم في النّدبة : «وا عمراه».

ـ ومنها واحد مختصّ بالقريب ، وهو الهمزة (٤) ، نحو :

١٩١ ـ أمحمّد ولأنت ضنء نجيبة

 ...

__________________

١٩٠ ـ من الطويل لذي الرمة غيلان ، من قصيدة له في ديوانه (٦١٢) ، وعجزه :

وبين النّقا آأنت أم أمّ سالم

ويروى : «فيا» و «أيا» بدل «هيا». الوعساء : الأرض اللينة ذات الرمل ، وقيل : موضع مرتفع من الرمل. جلاجل : ـ بفتح الجيم الأولى وكسر الثانية ـ اسم موضع ، وبضم الأولى وكسر الثانية : حمار صافي النهيق. ويروى «حلاحل» بدل «جلاجل». وهو اسم موضع. النقا ـ بالقصر ـ : الكثيب من الرمل. والشاهد فيه على أن «هيا» من أدوات نداء البعيد.

انظر الكتاب مع الأعلم : ٢ / ١٦٨ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٩٤ ، ٩ / ١١٩ ، المقتضب : ١ / ٣٠٠ ، شواهد الشافية : ٤ / ٣٤٧ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٥١ ، ٢ / ٦٨٧ ، اللسان (جلل) ، أمالي القالي : ٢ / ٥٨ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٢٠ ، شواهد ابن السيرافي : ٢ / ٢٥٧ ، اللمع : ١٩٣ ، الإرشاد للكيشي : ٦٧ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٤٧ ، الهمع (رقم) : ٦٦٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٢٣٥ ، معاني الأخفش : ١ / ٣٠ ، ١٦٨ ، الإنصاف : ٢ / ٤٨٢ ، الجنى الداني : ٤١٩ ، الخصائص : ٢ / ٦٨٧.

(١) في الأصل : بنين. انظر المراجع المتقدمة.

(٢) وإليه ذهب ابن السكيت وتبعه ابن الخشاب ، وقال آخرون : هي : ياء أدخلت عليها هاء التنبيه مبالغة. انظر تذكرة النحاة لأبي حيان : ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ، الجنى الداني : ٥٠٧ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١١٨ ، الهمع : ٣ / ٣٦ ، اللسان : ٦ / ٤٦٥٤ (هرق) ، معاني الحروف للرماني : ١١٧ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٣٤.

(٣) هذا مذهب سيبويه. وذهب المبرد ومن وافقه إلى أن «يا» و «هيا» للبعيد ، و «أي» والهمزة للقريب ، و «يا» لهما. وقال ابن برهان : الهمزة للقريب و «أي» للمتوسط ، و «أيا» و «هيا» للبعيد ، و «يا» للجميع ، ونسب أبو حيان هذا الرأي في التذكرة للبصريين.

انظر الكتاب : ١ / ٣٢٥ ، المقتضب : ٤ / ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، تذكرة النحاة : ٤٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٨٨ ـ ١٢٨٩ ، شرح الهواري (١٤٩ / ب) ، كاشف الخصاصة : ٢٥٤.

١٩١ ـ من الكامل لقتيلة (وقيل : ليلى) بنت النضر بن الحارث ، من قصيدة لها ترثي بها أباها النضر ، وتعاتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قتله ، ولم يطلقه بفدية ، وكان أسر ببدر وقتل بعد الوقعة ، وعجزه :

في قومها والفحل فحل معرق

قيل : إنه لما بلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رق لها وبكى حتى أخضلت الدموع لحيته ، وقال : لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لعفوت عنه ، وبعده :

ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

ويروى :

أمحمّد والضّأن ضأن نجيبة

١٠٦

وتختصّ بالنّدبة ـ وهي نداء المتفجّع على فقده ـ : «وا» (١) ، و «يا» ، وتستعمل «وا» أكثر ، ويجتنب استعمال «يا» عند خوف اللّبس بالنّداء ، وإنّما تستعمل مع أمن اللّبس ، كقوله :

١٩٢ ـ ...

وتقول سلمى : يا رزيّتيه (٣)

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وغير مندوب ومضمر وما

جا مستغاثا قد يعرّى فاعلما

قد يعرّى المنادى من حرف النّداء ، وأكثر ما يستعمل ذلك في الأعلام ، نحو : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] ، وما يجري مجراها ، نحو : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) [الرحمن : ٣١].

وليس منه : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) [الدخان : ١٨] بل الصّواب أنّه مفعول.

__________________

ويروى :

أمحمّد أو لست ضنء نجيبة

ويروى : «ها أنت» بدل «ولأنت» ، ويروى : «نجل نجيبة» بدل «ضنء نجيبة». ويروى : «كريمة» بدل «نجيبة». ويروى : «أمحمدا» على إرادة : «أمحمداه» ، والضنء : الولد.

وأرادت بالفحل : الأب. والشاهد فيه على أن الهمزة في «أمحمد» مختصة بنداء القريب.

انظر حماسة البحتري : ٤٣٤ ، زهر الآداب : ١ / ٢٨ ، ٢٩ ، أبيات المغني : ٥ / ٥٤ ، شواهد المغني : ٢ / ٦٤٩ ، الدرر اللوامع : ١ / ٥٤ ، شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٤٦١.

(١) في الأصل : ووا.

١٩٢ ـ من الكامل لعبيد الله بن قيس الرقيات ، من قصيدة له في ديوانه (٩٩) يرثي بها قوما من قريش قتلوا يوم الحرة بالمدينة في زمر يزيد بن معاوية ، وصدره :

تبكيهم أسماء معولة

ويروى : «تبكي لهم» بدل «تبكيهم» ، ويروى : «دهماء» بدل «أسماء» ، ويروى : «ليلى» ، و «سعدى» بدل «ليلى» ، ويروى : «وأرزيتيه» بدل «يارزيتيه». معولة : باكية. والرزية : المصيبة. والشاهد في قوله : «يا رزيتيه» حيث استعملت «يا» في الندبة ، وذلك لأمن اللبس بالنداء.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨١ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٧٤ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣٢١ ، المقتضب : ٤ / ٢٧٢ ، الموشح للمرزباني : ١٨٧ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٥٤٩ ، شواهد ابن النحاس : ٢٢٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٢٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٢٧ ، التبصرة والتذكرة : ٣٦٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٤٢ ، توجيه اللمع : ٢٩١ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٥٧١.

(٢) في الأصل : ويا ربيبة. تحريف. انظر توجيه اللمع : ٢٩١.

١٠٧

ويمتنع ذلك في ثلاثة أشياء :

الأوّل : المندوب ، لأنّ المقصود من الندبة إطالة الصّوت ، والحذف ينافيه.

الثّاني : المضمر ، ونداؤه قليل ، ولذلك لم يتصرّف فيه بالحذف، وأكثر ما ينادى بصيغة المرفوع منه ، نحو:

١٩٣ ـ يا أبجر بن أبجر يا أنتا

وقد ينادى بصيغة المنصوب (نحو) (٢) «يا إيّاك قد كفيتك» (٣).

الثّالث : المستغاث به ، وامتناع الحذف معه / للعلّة الّتي لأجلها امتنع الحذف مع المندوب.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وذاك في اسم الجنس والمشار له

قلّ ومن يمنعه فانصر عاذله

__________________

١٩٣ ـ من الرجز لسالم بن دارة الغطفاني ، من أرجوزة له ، وبعده :

أنت الّذي طلّقت عام جعتا

وذهب العيني إلى أن قائله الأحوص ، فقال البغدادي : وهو وهم ، إنما قوله نثر لا نظم ، وهو أنه لما وفد مع أبيه على معاوية خطب ، فوثب أبوه ليخطب فكفه ، وقال : «يا إياك قد كفيتك» ، ومنشأ الوهم أن النحويين قد ذكروا هذا البيت عقب قول الأحوص مع قولهم : «وكقوله» ، فظن أن الضمير للأحوص. انتهى. والبيت في شعر الأحوص الأنصاري (المنسوب إليه ـ طبع الهيئة) منفردا : ٢١٦ ، ويروى :

يا أقرع بن حابس يا أنتا

يا مرّ يا ابن واقع يا أنتا

واستصوب الأخيرة البغدادي في الخزانة. والاستشهاد فيه على أن نداء المضمر قليل ، ولذلك لم يتصرف فيه بحذف أداة النداء ، وأكثر ما ينادى بصيغة المرفوع ، وذلك كما في قول الشاعر هنا «يا أنتا».

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٥ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٣٢ ، نوادر أبي زيد : ٤٥٥ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ٧٩ ، الإنصاف : ٣٢٥ ، ٦٨٢ ، شرح ابن يعيش : ١ / ١٢٧ ـ ١٣٠ ، المقرب : ١ / ١٧٦ ، الخزانة : ٢ / ١٣٩ ، الهمع (رقم) : ٦٧٩ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥١ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٧ ، ١٢٨ ، أوضح المسالك : ١٩٨.

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٢) هذا قول للأحوص اليربوعي قاله حين وفد مع أبيه على معاوية رضي‌الله‌عنه فخطب ، فوثب أبوه ليخطب ، فكفه وقال ذلك.

انظر الخزانة : ٢ / ١٤١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٤ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٥ ، الهمع : ٣ / ٤٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٦٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٢ ، عمدة الحافظ لابن مالك : ١٩٨.

١٠٨

«ذاك» : إشارة إلى (أنّ) (١) تعرّي المنادى من حرف النّداء ـ يقلّ في اسم الجنس واسم الإشارة.

ومن وروده في اسم الجنس قوله : «أصبح ليل» (٢) ، وقوله : «أطرق كرا» (٣) ، وهو ترخيم «كروان» اسم جنس لطائر معروف (٤).

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٢) هذا مثل يقال في الليلة الشديدة التي يطول فيها الشر ، وذكر المفضل الضبي : أن امرأ القيس الكندي كان رجلا مفركا لا تحبه النساء ولا تكاد تصبر امرأة معه ، فتزوج امرأة من طيء فابتنى بها ، فأبغضته من تحت ليلتها ، وكرهت مكانها معه فجعلت تقول : يا خير الفتيان أصبحت أصبحت ، فيرفع رأسه فينظر فإذا الليل كما هو ، فتقول : أصبح ليل ، فلما أصبح قال لها : قد عرفت أن ما صنعت من كراهية مكاني في نفسك ، فما الذي كرهت مني ، فقالت : كرهت منك أنك خفيف العزلة (لحم الورك) ، ثقيل الصدر ، سريع الإراقة ، بطيء الإفاقة ، فلما سمع ذلك طلقها وذهب قولها : «أصبح ليل» مثلا.

انظر مجمع الأمثال : ٢ / ٢٣٢ ، المستقصى في الأمثال : ١ / ٢٠٠ ، جمهرة الأمثال : ١ / ١٣٢ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٨٨ ، المقتضب : ٤ / ٢٦١ ، الكتاب : ١ / ٣٢٦ ، الضرائر : ١٥٥ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٤٩ ، الإرشاد للكيشي : ٢٦٢ ، المفصل : ٤٤ ، أسرار النحو : ١٢٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥.

(٣) هذا مثل يضرب للرجل يتكلم عنده فيظن أنه المراد بالكلام ، فيقول المتكلم : أطرق كرا ، أي : اسكت فإني أريد من هو أنبل منك. وقيل : يضرب للرجل الحقير إذا تكلم في الموضع الجليل. وقيل : يضرب لمن يتكبر ، وقد تواضع من هو أشرف منه. وتمامه : «أطرق كرا إنّ النّعامة في القرى. والمعنى : طأطئ يا كروان رأسك واخفض عنقك للصيد فإن أكبر منك وأطول عنقا وهي النعام قد صيدت وحملت من البدو إلى القرى. ويقال أيضا : «أطرق كرا يجلب لك» يضرب للأحمق تمنيه الباطل فيصدق.

انظر مجمع الأمثال : ٢ / ٢٨٥ ، المستقصى في الأمثال : ١ / ٢٢٢ ، جمهرة الأمثال : ١ / ١٩٤ ، ٣٩٥ ، الكتاب : ١ / ٣٢٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٨٩ ، المقرب : ١ / ١٧٧ ، الضرائر : ١٥٥ ، الفوائد الضيائية : ١ / ٣٥٠ ، اللسان (طرق ، كرا) ، الخزانة : ٢ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، الهمع : ٣ / ٨٠ ، المفصل : ٤٤ ، المثلث للبطليوسي : ٢ / ١٢٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٦.

(٤) قال البغدادي : فالمشهور أن الكروان طائر طويل العنق والرجلين أغبر ، له صوت حسن ، وهو أكبر من الحمامة. وقال أبو حاتم : الكروان القبيح ، أي الحجل. وقيل : هو الحبارى. وقال الزمخشري : هو ذكر الحبارى ، وقيل : هو الكركي. وقال الخليل : الكرا : الذكر من الكروان. وقال الأعلم : الكروان طائر يقال له : «الكرا» أيضا. وجمع كروان : كراوين ، وقيل : يجمع على غير قياس على «كروان» بكسر الكاف وسكون الراء ، وزعم الرياشي أن الكروان ـ بفتحتين ـ والكروان ـ بكسر فسكون ـ للواحد.

انظر الخزانة : ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٧ ، اللسان : ٥ / ٣٨٦٧ (كرا) ، مجمع الأمثال : ٢ / ٢٨٥ ، المثلث للبطليوسي : ٢ / ١٢٠.

١٠٩

ومن وروده في اسم الإشارة :

١٩٤ ـ إذا هملت عيني لها قال صاحبي

بمثلك هذا لوعة وغرام

وجعل منه بعضهم (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ)(٢) [البقرة : ٨٥].

ولا يمتنع ذلك فيهما (٣) ، كما زعم البصريّون (٤).

والخلاف في اسم الجنس المعيّن.

أمّا اسم الجنس غير المعيّن (٥) ، كقول الأعمى : «يا رجلا خذ بيدي» فلا يجوز الحذف معه اتّفاقا (٦).

__________________

١٩٤ ـ من الطويل لذي الرمة غيلان من أبيات له في ديوانه (٥٦٣) ، وقبله :

هوى لك لا ينفكّ يدعوك ما دعا

حماما بأجراع العقيق حمام

ويروى : «يوما» بدل «عيني» ، ويروى : «لمثلك» بدل «بمثلك». هملت : أي : همرت ، يعني : صبت. اللوعة : حرقة القلب. وأغرم بالشيء : إذا أولع به. وبمثلك : خبر مقدم ، ولوعة : مبتدأ مؤخر ، وغرام : عطف عليه. والشاهد في قوله : «هذا» حيث حذف منه حرف النداء والمنادى اسم إشارة والتقدير : يا هذا. وهو شاذ عند البصريين. واستدل به الكوفيون على جواز حذف حرف النداء من اسم الإشارة.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٣٣ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٣٥ ، مغني اللبيب (رقم) : ١٠٩٠ ، الهمع (رقم) : ٦٧٥ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٦ ، أبيات المغني : ٧ / ٣٥٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩١ ، الجامع الصغير : ١٠٤ ، أوضح المسالك : ١٩٩ ، عمدة الحافظ لابن مالك : ١٩٢ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٢٠.

(١) أي : يا هؤلاء. وأوله البصريون على أن «هؤلاء» بمعنى : الذين ، خبر «أنتم» ، و «تقتلون» صلته ، أو هو اسم إشارة خبر «أنتم» ، أو عكسه ، و «تقتلون» حال. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٢ ، الصبان مع الأشموني : ٣ / ١٣٦.

(٢) في الأصل : فيها.

(٣) حيث ذهبوا إلى منع حذف حرف النداء من اسم الجنس المعين واسم الإشارة إلا في شذوذ أو ضرورة. وذهب الكوفيون إلى جواز الحذف فيهما ووافقهم الناظم في شرح الكافية ، وظاهر كلامه هنا موافقته لهم أيضا ، وعليه مشى المؤلف وابن عقيل.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٧١ ـ ٢٧٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩١ ، شرح ابن الناظم : ٥٦٦ ـ ٥٦٧ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٧٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٨ ـ ٨٩ ، الهمع : ٣ / ٤٣ ـ ٤٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٦٩.

(٤) في الأصل : معين.

(٥) قال الصبان : قوله : «إذ هو محل الخلاف» يقتضي أن غير المعين يلزمه الحرف اتفاقا ، وليس كذلك ، فقد صرح المرادي بأن بعضهم أجاز حذف الحرف معه أيضا نحو «رجلا خذ بيدي». وأجاب بعضهم بجعل «أل» في «الخلاف» للعهد والمعهود الخلاف بين البصريين

١١٠

ومن المواضع الّتي يمتنع حذف حرف النّداء معها : اسم «الله» (١) ، إلّا إذا عوّضت (عنه) (٢) الميم المشدّدة في آخره ، نحو (سُبْحانَكَ اللهُمَ) [يونس : ١٠].

وزعم قوم : أنّه ممتنع الحذف مع بعد المنادى (٣).

ثمّ قال :

وابن المعرّف المنادى المفردا

على الّذي في رفعه قد عهدا

يبنى المعرّف في النّداء ، سواء كان تعريفه سابقا على النّداء ، نحو «يا زيد» (٤) ، أو حاصلا بالنّداء ، نحو «يا رجل» و (يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٥) [البقرة : ٢١] ، وإنّما يبنى إذا كان مفردا ، أي : غير مضاف ، ولا شبيها بالمضاف ، فيشمل ذلك نحو / يا زيد ، ويا معدي كرب ، ويا زيدان ، ويا زيدون» ، ولذلك قال :

على الّذي في رفعه قد عهدا

فيبنى المفرد الصّحيح الآخر ، وما أعرب إعرابه ـ من جمع تكسير ، أو

__________________

والكوفيين ، فغير المعين يلزمه الحرف اتفاقا منهما ، وهذا لا ينافي حكاية قول فيه عن بعض النحاة ، وإنما يصح هذا الجواب إذا كان البعض المجيز من غير الفريقين. انتهى.

انظر حاشية الصبان مع الأشموني : ٣ / ١٣٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٢.

(١) وذلك لأن نداء اسم الله تعالى على خلاف القياس ، فلو حذف حرف النداء لم يدل عليه دليل ، والحذف إنما يكون لدليل ، وأجازه بعضهم. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) وإليه ذهب ابن هشام في التوضيح نحو : «يا زيد» إذا كان بعيدا منك وإنما لم يحذف حرف النداء في هذا لأن المراد فيه إطالة الصوت بحرف النداء والحذف ينافيه. انظر أوضح المسالك : ١٩٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٥.

(٤) فـ «زيد» معرفة بالعلمية قبل النداء ، واستصحب ذلك التعريف بعد النداء ، وهو مذهب ابن السراج وتبعه الناظم ، وصححه ابن عصفور. وقيل : سلب تعريف العلمية ، وتعرف بالإقبال ، وهو مذهب المبرد والفارسي. ورد : بنداء اسم الله تعالى واسم الإشارة ، فإنهما لا يمكن سلب تعريفهما لكونهما لا يقبلان التنكير.

انظر أصول ابن السراج : ١ / ٣٣٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩٤ ، المقتضب : ٤ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٦ ، التسهيل : ١٧٩ ، الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٣٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٩.

(٥) وهو مذهب ابن السراج ، وإليه ذهب ابن مالك. وقيل : تعريفه بـ «أل» محذوفة ونابت «يا» عنها ، وإليه ذهب ابن عصفور.

انظر الأصول لابن السراج : ١ / ٣٣٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٦ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩٤ ، التسهيل : ١٧٩.

١١١

جمع مؤنّث سالم ، أو مركّب تركيب مزج ـ على ضمّة ظاهرة ، ويبنى المنقوص والمقصور على ضمّة مقدّرة ، ويبنى المثنّى على الألف ، وجمع المذكّر السّالم على الواو (١).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وانو انضمام ما بنوا قبل النّدا

وليجر مجرى ذي بناء جدّدا

إذا كان المنادى المعرّف مبنيّا قبل النّداء على غير الضّمّ ـ نويت فيه ضمّة للنّداء ، سواء كان علما ، كـ «سيبويه» على أشهر لغاتها (٢) ، و «حذام» على لغة أهل الحجاز (٣) ، و «تأبّط (٤) شرّا» ، أو غير علم كـ «هذا» ، ونحوه من أسماء الإشارة ، ويظهر تقدير الضّمّ في تابعه ، فتقول : «يا سيبويه العالم ، ويا حذام القاعدة ، ويا

__________________

(١) وموضع ذلك النصب لأنه مفعول ، هذا عند البصريين ، ثم اختلفوا : فقال سيبويه : نصبه بفعل مضمر ، ووافقه المبرد في المقتضب. ونسب للمبرد أن النصب بحرف النداء لسده مسد الفعل. وذهب الكسائي والزيادي والرياشي إلى أن ضمة «يا زيد» ونحوه ضمة إعراب ، ونقله ابن الأنباري عن الكوفيين. وذهب الفراء إلى أنه مبني على الضم وليس بفاعل ولا مفعول. وذهب بعض الكوفيين إلى جعل المثنى والجمع بالياء حملا على المضاف.

انظر الإنصاف (مسألة : ٤٥) : ١ / ٣٢٣ ، الكتاب : ١ / ١٤٧ ، المقتضب : ٤ / ٢٠٢ ، الهمع : ٣ / ٣٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٦ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٢ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٣٨ ـ ١٤١ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٣ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧٨ ، شرح ابن يعيش : ١ / ١٢٧.

(٢) وهي بناؤه على الكسر ، لأنه مركب من اسم وصوت مشبه للحرف من الإهمال ، أو لأنه أعجمي لا معنى له عندهم ، أو ليفرقوا بين التركيب مع الأعجمي وبينه مع العربي ، وهذه اللغة هي الفصحى وهو مذهب سيبويه. وذهب الجرمي إلى إعرابه إعراب ما لا ينصرف.

وقيل : وقد يبنى على الفتح كخمسة عشر.

انظر الكتاب : ٢ / ٥٢ ـ ٥٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٨ ، الهمع : ١ / ٢٤٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٨٤ ـ ٨٥ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٧٣ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٣٤ ، البهجة المرضية : ٢٨ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٦ ، شرح الشذور : ٨٩.

(٣) فإنه مبني على الكسر عندهم إجراء له مجرى «فعال» الواقع موقع الأمر كـ «نزال» ، لشبهه به في الوزن والعدل والتعريف. وقيل : لتضمنه معنى الحرف. أما بنو تميم فيجرونه مجرى ما لا ينصرف ويعربونه.

انظر الهمع : ١ / ٩٣ ، الكتاب : ١ / ٤٠ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٥٨ ، التبصرة والتذكرة : ٢ / ٥٦٥ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٦٤ ـ ٦٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٧٩ ، شرح الشذور : ٨٩.

(٤) في الأصل : ويأبط.

١١٢

هذا الرّجل» ، إلّا أنّ الأوّلين يجوز في تابعهما النّصب ، كما يجوز في تابع ما تجدّد بناؤه (١) بسبب (٢) النّداء (٣) ، بخلاف الثالث ، كما يأتي (٤).

وإن كان مبنيّا على الضّمّ كعلم منقول من «حيث» ـ فهل يقال : إنّه مبنيّ على هذه الضّمّة أو يقدّر له ضمّة ، يحتمل وجهين ، كما في إعراب المضاف إلى ياء المتكلّم في حال جرّه.

ثمّ قال :

والمفرد المنكور والمضافا

وشبهه انصب عادما خلافا

هذه ثلاثة (٥) أشياء يجب نصبها في النّداء وهي :

ـ النّكرة المفردة غير / المقصودة ، نحو :

١٩٥ ـ فيا راكبا إمّا عرضت (٧) فبلّغن

 ...

__________________

(١) أي : حدث. انظر شرح المكودي : ٢ / ٣٥.

(٢) في الأصل : لسبب.

(٣) نحو «يا زيد الفاضل» برفع «الفاضل» مراعاة لضمة «زيد» لفظا ، ونصبه مراعاة لمحله. انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٣٩ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٦.

(٤) في فصل تابع المنادى ، عند قول الناظم :

وذو إشارة كأيّ في الصّفه

إن كان تركها يفيت المعرفه

(٥) في الأصل : الثلاثة.

١٩٥ ـ من الطويل لعبد يغوث بن وقاص الحارثي من قصيدة له في المفضليات (١٥٦) ينوح بها على نفسه ، وكان قد أسر في يوم الكلاب الثاني ، وعجزه :

نداماي من نجران ألا تلاقيا

وقيل : هو لمالك بن الريب ، فقال البغدادي : «وهو غير جيد». ويروى : «أيا» و «يا» بدل «فيا». الراكب : راكب الإبل ، ولا تسمي العرب راكبا على الإطلاق إلا راكب البعير والناقة.

عرضت : بمعنى : تعرضت وظهرت. وقال السيد الشريف : من عرض الرجل إذا أتى العروض وهي مكة والمدينة وما حولهما. نجران : اسم قبيلة. وقيل : بلد باليمن. والشاهد فيه نصب «راكبا» لأنه منادى نكرة مفردة غير مقصودة.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٧ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢٠٦ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٧٢ ، شرح ابن يعيش : ١ / ١٢٧ ، ١٢٩ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣١٢ ، الحلل : ١٨٧ ، جمل الزجاجي : ١٤٨ ، ذيل الأمالي : ٣ / ١٣٢ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٢٩ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٣٣ ، الخزانة : ٢ / ١٩٤ ، شواهد الجرجاوي : ٢١٤ ، شواهد الفيومي : ٣٩ ، المقتضب : ٤ / ٢٠٤ ، شذور الذهب : ١١١ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٨٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٣ ، شرح ابن الناظم : ٥٦٨ ، شواهد ابن النحاس : ٢١٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٠ ، التوطئة : ١٥٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٠ ، أوضح المسالك : ٢٠٠.

(٦) في الأصل : بلغك. انظر المصادر الآتية.

١١٣

وأنكر المازنيّ وجوده (١).

ـ والمضاف ، نحو «يا رسول الله».

ـ وشبه المضاف ، وهو ما تعلّق به شيء من تمام معناه ، إمّا بعمل ، نحو «يا جميلا وجهه» ، و «يا راكبا فرسا» ، و «(يا) (٢) خيرا من زيد» ، وإمّا بغيره ، نحو «يا ثلاثة وثلاثين» في نداء من سمّيته بذلك ، وفي قصدك هذا العدد من جملة رجال.

أمّا في ندائك جماعة معيّنين بهذا العدد ، فلك ثلاثة أوجه (٣) :

ـ بناؤهما معا ، مع تكرار حرف النّداء ، فتقول : «يا ثلاثة ويا ثلاثون» (٤).

ـ وبناء الأوّل ، وإدخال «أل» على الثّاني تجوّزا مع رفعه ونصبه ، فتقول : يا ثلاثة والثّالثون ، وإن شئت : «والثّلاثين» (٥).

وليس نصب المضاف متّفقا عليه ـ كما ذكر النّاظم (٦) ـ ، بل قد حكي عن ثعلب جواز ضمّ المضاف الصّالح لـ «أل» (٧).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) مدعيا أن نداء غير المعين لا يمكن ، وأن ما جاء منونا فإنما لحقه التنوين ضرورة. وذهب الأصمعي إلى منع نداء النكرة مطلقا. وذهب الكوفيون إلى جواز ندائها إن كانت خلفا من موصوف بأن كانت صفة في الأصل حذف موصوفها وخلفته نحو «يا ذاهبا» والأصل : يا رجلا ذاهبا ، والمنع إن لم تكن كذلك.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٨١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٠ ، الهمع : ٣ / ٣٩ ، التسهيل : ١٨٠ ، أوضح المسالك : ٢٠٠.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٣) قيل : الظاهر أن هذا الحكم فيما إذا أريد بثلاثة : ثلاثة معينة ، وبثلاثين : ثلاثون معينة ، وذلك لأن المنادى إنما يبنى إذا كان مفردا لمعين ، وكذا لا يجوز في تابعه الوجهان إذا كان مع «أل» إلا إذا أريد به معين ، أما إذا أريد بالمجموع معين فلا يستحق كل منهما بناء ، بل الظاهر فيه نصبهما كما لو سمي رجل بثلاثين وثلاثين.

انظر حاشية الصبان : ٣ / ١٤٠ ـ ١٤١ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٤.

(٤) في الأصل : وثلاثون.

(٥) انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٨ ، المقتصد : ٢ / ٧٨٣ ـ ٧٨٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤١.

(٦) في هذا النظم ، لكنه ذكر الخلاف في التسهيل (١٨٠) حيث قال : «ولا يجوز ضم المضاف الصالح للألف واللام خلافا لثعلب». انتهى.

(٧) نحو «حسن الوجه» ، وذلك لأن إضافته في نية الانفصال. ورد : بأن البناء ناشئ عن شبه الضمير والمضاف عادم له.

١١٤

ونحو زيد ضمّ وافتحنّ من

نحو أزيد بن سعيد لا تهن

هذا النّوع من أنواع المنادى المبنيّ على الضّمّ ، يجوز فتح آخره ، وهو ما وصف من العلم بـ «ابن» مضاف إلى علم (١) ، نحو «يا زيد بن سعيد» ، وأكثر البصريّين : يختار الفتح (٢).

وإنّما (٣) جاز إتباعا لفتحة (٤) («ابن») (٥)(٦) ولا همزة فيها (٧).

__________________

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٨٢ ، التسهيل : ١٨٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٧ ، الهمع : ٣ / ٣٨ ـ ٣٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٠ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٦.

(١) ويشترط فيه أيضا : ألا يفصل بين «ابن» وموصوفه ، وأن يكون المنادى مما يضم لفظا.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٨٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٩ ، الهمع : ٣ / ٥٣ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤١ ، شرح الرضي : ١ / ١٤١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩٧ ـ ١٢٩٨.

(٢) وذهب المبرد إلى أن الضم أجود ، وهو القياس. وزعم ابن كيسان أن الفتح أكثر في كلام العرب. فإن كان مما يقدر فيه الحركة نحو «يا عيسى بن مريم» فقال ابن مالك : يتعين تقدير الضمة ولا ينوى لها فتحة ، إذ لا فائدة في ذلك. وأجاز الفراء تقدير الضمة والفتحة.

انظر المقتضب : ٤ / ٢٣١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٩ ، الأشموني مع الصبان : ٣ / ١٤١ ، الهمع : ٣ / ٥٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩٧ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٧١ ، شرح الشذور : ١١٥ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٣.

(٣) في الأصل : الواو. ساقط.

(٤) في الأصل : للهمزة. راجع التصريح : ٢ / ١٦٩.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح : ٢ / ١٦٩.

(٦) إذ الحاجز بينهما ساكن فهو غير حصين ، وعليه اقتصر في التسهيل. أو على تركيب الصفة مع الموصوف ، وجعلهما شيئا واحدا كـ «خمسة عشر» ، وعليه اقتصر الفخر الرازي تبعا للشيخ عبد القاهر. وأما على إقحام «الابن» وإضافة «زيد» إلى «سعيد» لأن ابن الشخص يجوز إضافته إليه لأنه يلابسه. حكاه في البسيط مع الوجهين السابقين. فعلى الوجه الأول فتحة «زيد» فتحة إتباع ، وعلى الثاني فتحة بناء ، وعلى الثالث فتحة إعراب. وفتحة «ابن» على الأول فتحة إعراب ، وعلى الثاني بناء ، وعلى الثالث غيرهما.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٩ ، المقتصد للجرجاني : ٢ / ٧٨٥ ، التسهيل : ١٨٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٤ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٤١ ، حاشية الخضري : ٢ / ٧٤ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٣٥.

(٧) أي : في «ابن» حيث إنها تحذف في هذه الحالة خطأ. قال الرضي : وإنما اختير فتح المنادى مع هذه الشروط لكثرة وقوع المنادى جامعا لها ، والكثرة مناسبة للتخفيف فخففوه لفظا بفتحه ، وسهل ذلك كون الفتحة حركته المستحقة في الأصل لكونه مفعولا ، وخففوه خطأ بحذف ألف «ابن».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢٩٨ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٤١ ، التسهيل : ١٨٠ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٣.

١١٥

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

والضّمّ إن لم يل الابن علما

أو يل (١) الابن علم قد حتما

إذا لم توجد القيود الثّلاثة المسوّغة للفتح ـ تعيّن بناء المنادى / على ضمّة ، فلا يجوز الفتح في نحو «يا رجل ابن زيد» ، ولا في «يا زيد الكريم ابن عمرو» ، لأنّ «الابن» لم يل علما ، ولا في «يا زيد ابن أخينا ، أو ابن أخي عمرو» ، لأنّ «الابن» لم يله علم ، ولا في «يا زيد وابن عمرو» ، لأنّ «الابن» التّابع غير صفة ، ولا في نحو «يا زيد الكريم» لأنّ الصّفة غير «ابن» (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واضمم أو انصب ما اضطرارا نوّنا

ممّا له استحقاق ضمّ بيّنا

إذا دعت ضرورة (٣) الشّعر إلى تنوين المنادى المبنيّ على الضّمّ ـ جاز إبقاؤه على ضمّه ، نحو :

١٩٦ ـ سلام الله يا مطر عليها

 ...

__________________

(١) الأصل : ويل. انظر الألفية : ١٢٤.

(٢) وأجاز الكوفيون ذلك محتجين بقول الشاعر :

بأجود منك يا عمر الجوادا

بفتح «عمر» وعللوه بأن الاسم ونعته كالشيء الواحد ، فلما طال النعت بالمنعوت حركوه بالفتح.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٦٩ ، الهمع : ٣ / ٥٣ ـ ٥٤ ، التسهيل : ١٨٠ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٣.

(٣) في الأصل : صورة.

١٩٦ ـ من الوافر للأحوص الأنصاري من قصيدة له في ديوانه (١٧٣) ، وعجزه :

وليس عليك يا مطر السّلام

مطر : اسم رجل ، وكان دميما ، وكانت امرأته من أجمل النساء ، وكانت تريد فراقه ولا يرضى مطر بذلك ، فأنشد الأحوص هذه القصيدة يصف فيها أحوالهما. والضمير في «عليها» يرجع إلى امرأة مطر. والشاهد في قوله : «يا مطر» حيث نونه مع بقائه على البناء على الضم ، وهو منادى مفرد معرفة ، ولا يجوز ذلك إلا في ضرورة الشعر.

انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٠٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٤ ، الشواهد الكبرى : ١ / ١٠٨ ، ٤ / ٢١١ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٣١٣ ، المقتضب : ٤ / ٢١٤ ، ٢٢٤ ، مجالس ثعلب : ١ / ٧٤ ، ٢ / ٤٧٤ ، جمل الزجاجي : ١٥٤ ، الحلل : ٢٠٠ ، المحتسب : ٢ / ٩٣ ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٤١ ، الإنصاف : ٣١١ ، الخزانة : ٢ / ١٥٠ ، شذور الذهب : ١١٣ ، شواهد الفيومي : ٤١ ، مغني اللبيب (رقم) : ٦٤٣ ، الهمع (رقم) : ٦٧٠ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٠٥ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٦٠٥ ، ٢ / ٢٥ ، شواهد ابن النحاس :

١١٦

وجاز نصبه لشبهه بالنّكرة ، نحو :

١٩٧ ـ أعبدا (٢) حلّ في شعبى غريبا

 ...

وهل الأرجح الأوّل ، أو الثّاني ، أو يترجّح الأوّل في العلم ، والثّاني في اسم الجنس؟ فيه ثلاثة أقوال (٣).

__________________

٦٧ ، ٢١٩ ، أبيات المغني : ٦ / ٥٣ ، الجنى الداني : ١٤٩ ، شواهد المغني : ٢ / ٧٦٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٥ ، شواهد الجرجاوي : ٢١٥ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٦٨ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٠ ، شرح المرادي : ١ / ٣٢ ، البهجة المرضية : ١٣٢ ، الضرائر : ٢٦ ، كاشف الخصاصة : ٢٥٧ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٣٦ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٣٦.

١٩٧ ـ من الوافر لجرير بن عطية الخطفي من قصيدة له في ديوانه (٦٢) يهجو العباس بن يزيد الكندي (وقيل : خالد بن يزيد الكندي) ، وعجزه :

ألؤما لا أبالك واغترابا

شعبى : اسم موضع. اللؤم : فعل الأمور الخسيسة الدنيئة. لا أبالك : جملة معترضة ، وهذا يكون للمدح بأن يراد نفي نظير الممدوح بنفي أبيه ، ويكون للذم بأن يراد أنه مجهول النسب وهذا هو المراد هنا. وإنما عير جرير العباس بن يزيد بحلوله في شعبى ، لأنه كان حليفا لبني فزارة ، وشعبى في بلادهم ، وهو كندي ، والحلف عندهم عار. والشاهد فيه أنه نون «عبدا» وهو منادى مفرد معرفة للضرورة ، ثم نصبه ، كما في قوله :

يا عديّا لقد وقتك الأواقي

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣٤ / ١٣٠٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٣١ ، ٢ / ١٧١ ، ١٨٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ١١٨ ، ٣ / ١٤٥ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٤٩ ، ٤ / ٢١٥ ، ٥٠٦ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ١٧٠ ، ١٧٣ ، جمل الزجاجي : ١٥٦ ، الحلل : ٢٠٦ ، الخزانة : ٢ / ١٨٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٥٦ ، شواهد ابن النحاس : ١٤٩ ، شواهد ابن السيرافي : ١ / ٩٨ ، شرح ابن الناظم : ٥٧١ ، شرح الجمل لابن هشام : ٢٣٨ ، أوضح المسالك : ٢٠١.

(١) في الأصل : عبدا. انظر المراجع في الشاهد (١٩٧).

(٢) فذهب الخليل وسيبويه والمازني إلى اختيار الضم. وذهب أبو عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر ، ويونس والجرمي والمبرد إلى اختيار النصب. وذهب ابن مالك إلى أن بقاء الضم في العلم أولى من النصب ، والنصب في غير العلم أولى من الضم. وقال السيوطي : وعندي عكسه ، وهو اختيار النصب في العلم لعدم الإلباس فيه ، والضم في النكرة المعينة لئلا يلتبس بالنكرة غير المقصودة إذ لا فارق حينئذ إلا الحركة لاستوائهما في التنوين ، ولم أقف على هذا الرأي لأحد.

انظر الكتاب : ١ / ٣١٣ ، المقتضب : ٤ / ٢١٣ ـ ٢١٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٠٣ ـ ١٣٠٤ ، الهمع : ٣ / ٤١ ـ ٤٢ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٥٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٩٤ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٦ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٣ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢.

١١٧

ثمّ قال :

وباضطرار خصّ جمع يا وأل

إلّا مع الله ومحكيّ الجمل

لا يباشر حرف النّداء ما فيه «أل» إلّا في موضعين :

الأوّل : ما سمّي به من الجمل المبدوءة بـ «أل» ، كما لو سمّيت رجلا بـ «المنطلق زيد» ، فإنّك تقول في ندائه : «يا المنطلق زيد».

ومثله ما يسمّى به من الموصولات المبدوءة بـ «أل» نحو «يا الّذي قام» إذا كان اسم رجل (١).

وأمّا نحو :

١٩٨ ـ فيا الغلامان اللّذان فرّا

فمخصوص بالضّرورة (٣).

__________________

(١) وهو ما ذهب إليه المبرد قياسا على الجملة ، قال الأزهري : وصوبه الناظم في شرح التسهيل ومع تصويبه لم يستثنه في بقية كتبه. وقال المرادي : ونص سيبويه على منعه.

انظر الكتاب : ٢ / ٦٨ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣ ، الهمع : ٣ / ٤٨ ، التسهيل : ١٨١ ، هامش المقتضب : ٤ / ٢٤٢.

١٩٨ ـ من الرجز ، ولم أعثر على قائله ، وبعده :

إيّاكما أن تكسبانا شرّا

والشاهد في قوله : «فيا الغلامان» حيث جمع فيه بين حرف النداء وبين الألف واللام ضرورة. ويروى : «تعقبانا» بدل «تكسبانا» ، ويروى : «أن تكتماني سرا».

انظر شرح الأشموني : ٣ / ١٤٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٣ ، المقتضب : ٤ / ٢٤٣ ، المقرب : ١ / ١٧٧ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٢٧٥ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ١٨٢ ، الإنصاف : ٣٣٦ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٩ ، الهمع (رقم) : ٦٨٠ ، الدرر اللوامع : ١ / ١٥١ ، شرح ابن الناظم : ٥٧١ ، الخزانة : ٢ / ٢٩٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٥٦٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٩٠ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٢١٥ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٥٥ ، شرح المكودي : ٢ / ٣٧ ، شرح دحلان : ١٣٣ ، الضرائر : ١٦٩ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٧ ، البهجة المرضية : ١٣٣ ، الأصول : ١ / ٣٧٣ ، توجيه اللمع : ٢٧١ ، شرح الشاطبي للألفية (رسالة دكتوراه) : ٢ / ٤٦٧ ، ٦٤٣ ، ٦٤٤.

(٢) وذهب الكوفيون إلى جواز نداء ما فيه الألف واللام نحو «يا الرجل ويا الغلام» ، كما أجازه البغداديون أيضا في السعة ، وقالوا : لأنا لم نر موضعا يدخله التنوين ولا تدخله الألف واللام.

وقد أجاز سيبويه اجتماع «يا» و «أل» فيما سمي به من نحو «الرجل ينطلق».

انظر الإنصاف (مسألة : ٥٦) : ١ / ٣٣٥ ، الكتاب : ٢ / ٦٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣٠٨ ، المقتضب : ٤ / ٢٤٣ ، شرح ابن الناظم : ٥٧٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٣ ، الهمع : ٣ / ٤٧.

١١٨

الثّاني : لفظ «الله» ، نحو «يا ألله» (١).

__________________

(١) أغفل المؤلف شرح قول الناظم :

والأكثر اللهمّ بالتّعويض

وشذّ يا اللهمّ في قريض

قال ابن الناظم في شرحه : «لما بين أنه يجمع بين الأداتين في الاسم الأعظم نبه على أن له في النداء استعمالا آخر وهو الأكثر ، وهو تعويض ميم مشددة مفتوحة في الآخر عن حرف النداء ، كقولك : «اللهم ارحمنا». ولكون الميم عوضا عن حرف النداء لم يجمع بينهما إلا في الضرورة ، كقول الراجز :

إنّي إذا ما حدث ألمّا

أقول يا اللهمّ يا اللهمّا

ولو كان أصل «اللهم» : «يا الله أمنا» كما يراه الكوفيون للزم باطراد جواز أمرين :

أحدهما : «يا الله أمنا ارحمنا» بلا عطف قياسا على «اللهم ارحمنا».

والثاني : «اللهم وارحمنا» بالعطف قياسا على «يا اللهم أمنا وارحمنا». واللازم منتف إجماعا». انتهى.

انظر شرح ابن الناظم : ٥٧٢ ـ ٥٧٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٨٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٦ ، شرح المكودي : ٢ / ٣٧ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٧٥ ، شرح دحلان : ١٣٣ ، البهجة المرضية : ١٣٣ ، كاشف الخصاصة : ٢٥٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٢.

١١٩

فصل في تابع

المنادى

ثمّ قال رحمه‌الله :

فصل

في تابع المنادى

تابع ذي الضّمّ المضاف دون أل

ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل /

المنادى المستحقّ للنّصب لا يكون تابعه إلّا منصوبا ، نحو «يا عبد الله الكريم» ، إلّا إذا صلح لمباشرة حرف النّداء ، فيستحقّ حينئذ ما يستحقّه لو باشره (١) حرف النّداء ـ كما يأتي ـ.

وأمّا تابع المنادى المضموم ، فإن كان مضافا ومجرّدا (٢) من «أل» ، تعيّن نصبه ، سواء كان صفة ، نحو «يا زيد صاحب الرّجل» ، أو توكيدا ، نحو «يا تميم كلّهم» (٣) ، أو عطف بيان ، نحو «يا زيد عبد الله» ، أو عطف نسق ، نحو «يا زيد وغلام عمرو» (٤) ، أو بدلا ، نحو «يا زيد أخانا» ، ولا دليل مع الأخفش على جواز رفعه (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله :

وما سواه ارفع أو انصب واجعلا

كمستقلّ نسقا وبدلا

__________________

(١) في الأصل : باشر.

(٢) في الأصل : أو مجردا.

(٣) وحكى عن جماعة من الكوفيين منهم الكسائي والفراء والطوال جواز رفع المضاف من نعت أو توكيد وتبعهم ابن الأنباري. قال المرادي : والصحيح المنع لأن إضافته محضة.

انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٩٤ ، التسهيل : ١٨٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣١٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٣٧ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٤٨ ، الهمع : ٥ / ٢٨١.

(٤) وأجاز الفراء رفع المنسوق المضاف قياسا. انظر شرح المرادي : ٣ / ٢٩٤ ، الهمع : ٥ / ٢٨٢ ، حاشية الصبان : ٣ / ١٤٨.

(٥) حكى الأخفش في النعت : «يا زيد بن عمرو» بالرفع ، وحكى في التوكيد : «يا تميم كلكم» بالرفع أيضا. انظر الهمع : ٥ / ٢٨١ ، ٢٨٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٣١٢ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٩٤.

١٢٠