وضوء النبي - ج ٢

السيد علي الشهرستاني

وضوء النبي - ج ٢

المؤلف:

السيد علي الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٦

بلى أنها كانت حلقات متواصلة لنهج واحد ، فقد اتهموا الحاكم النيسابوري بالتشيع لروايته حديث الطائر المشوي وحديث من كنت مولاه فعلي مولاه في كتابه (١).

واتّهم خيثمة بن سليمان العابد بالتشيع لتأليفه في فضائل الصحابة ومنها فضائل علي. قال غيث بن علي : سألت عنه الخطيب فقال : ثقة ثقة ، فقلت يقال : أنّه متشيع ، قال : ما ادري إلّا أنّه صنف في فضائل الصحابة ولم يخص أحدا (٢) وقد مر عليك أنّهم نقموا على عبد الرزاق بن همام لروايته الفضائل ، قال الذهبي : وما كان يغلو فيه بل كان يحب عليا ويبغض من قاتله (٣).

لقد رابني من عامر أن عامرا

بعين الرضا يرنو إلى من جفانيا

وقال الآخر :

وعيرها الواشون إنّي أحبها

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

(٤) نعم أنّهم وثقوا الخارجي البغيص عمران بن حطان ـ الراثى عبد الرحمن ابن ملجم (٥) ـ وقاتل الحسين عمر بن سعد (٦) ، ومروان بن الحكم ـ لا عن

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ٥ : ٤٧٤.

(٢) لسان الميزان ٢ : ٤١١.

(٣) تذكرة الحفاظ ١ : ٣٦٤.

(٤) خزانة الأدب ٩ : ٥٠٥.

(٥) بقوله :

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إنّي لأذكره يوما فأحسبه

أو في البرية عند اللّٰه ميزانا

أكرم بقوم بطون الأرض أقبرهم

لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا

للّٰه درّ المرادي الذي سفكت

كفاه مهجة شر الخلق إنسانا

أمس عشية عشاه بضربته

مما جناه من الآثام عريانا

(٦) سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٤٩ الميزان ٢ : ٢٥٨ تهذيب التهذيب ٧ : ٤٥٠ ، وقد سئل ابن معين عن هذا القائل أهو ثقة؟ فقال : كيف يكون قاتل الحسين ثقة؟ وقد حدّث يحيى بن سعيد عنه ، فقال له رجل : أما تخاف اللّٰه؟ تروى عن عمرو بن سعد؟ فبكى ، وقال : لا أعود يا أبا سعيد ، هذا قاتل الحسين ، أعن قاتل الحسين تحدثنا؟ انظر تهذيب الكمال ٢١ : ٢٥٧ وتقريب التهذيب ٢ : ٥٦.

٥٢١

علي بن أبي طالب ـ والقائل للحسين : أنتم أهل بيت ملعونون (١) خلافا لصريح القرآن الكريم الذي يقول عنهم أنّهم أهل بيت مطهرون.

ومثله توثيقهم لعنبسة بن خالد الأموي الذي كان يعلق النساء بالثدى والجوزجاني وحريز الناصبين.

وفي المقابل نراهم يجرحون محبي علي ورواة فضائله وفضائل أهل بيته الذين مر عليك أسماء بعضهم.

وقال الشاعر :

إنّ بنيّ ضرجوني بالدم

وخضبوا وجهي بلون العندم

من يلق آساد الرجال يكلم

شنشنة أعرفها من أخزم

كان هذا بعض الشي‌ء فيمن روى فضائل علي بن أبي طالب وما جرى على أهل بيته من مآسي ومصائب ، والان مع حكم من يذكر مثالب معاوية وغيره.

فجاء في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهر الكوفي قول أبي حاتم فيه : كذاب روى في مثالب معاوية فمزقنا ما كتبنا عنه (٢).

وقد جرح عبد الرزاق بن همام لقوله ـ لمن ذكر معاوية في مجلسه ـ لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان (٣).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٣ : ٤٧٨ ، مختصر ابن عساكر ٢٤ : ١٨١ وانظر لعن النبي له في المستدرك للحاكم ٤ : ٤٧٩.

(٢) ميزان الاعتدال ١ : ٢٧ الترجمة ٧٣.

(٣) ميزان الاعتدال ٢ : ٦١٠ الترجمة ٥٠٤٤.

٥٢٢

وقد نقل الذهبي عن الحاكم النيسابوري : أنّه تكلم في معاوية فأوذي (١).

وقد ضرب النسائي حتى اصابه الفتق ، لعدم روايته في فضائل معاوية ، بل تجريحه له ، وهلموا جرا فعلل وتفعلل؟!! نعم أنّهم نسبوا لإبراهيم بن الحكم الكوفي ، الكذب لروايته حديثا في معاوية لا يقبلونه ، وهذا النهج كان ساريا عندهم وقد وضحنا بعضه سابقا (٢) ، وقد أشرنا إلى دور الأمويين في تحريف الأحاديث لفظا ومعنى ، فإنهم كانوا يقدمون على التحريف المعنوي حينما يرون شيوع النص اللفظي بين الناس بحيث لا يمكنهم تصحيفه وتحريفه ، وقد كان عملهم هذا يعمل بشكلين ، فتارة كانوا يضعون حديثا آخر في تحريفه ، واخرى يأتون بتأويل وتفسير له بصورة ترضيهم بحيث يشكّك الآخرين في دلالته.

ومثال الأول : ما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة وأبي هريرة : اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له زكاة ورحمه (٣).

ومثال الثاني : ما قاله بعض محبي معاوية في تأويل قوله (ص) (لا أشبع اللّٰه بطنك) ، بأنها مكرمة له حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قد قال في حديث آخر (أطول الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) (٤) ، وبذلك يكون هذا النص هو دعاء له لا عليه.

في حين إنا لو عرفنا وقت صدور النص وملابسات لاتضح لنا بأنّه كان دعا عليه

__________________

(١) وهو ما حكاه العماد الحنبلي عنه ، انظر شذرات الذهب ٣ : ١٧٧.

(٢) في مدخل الدراسة راجع (الوضوء في العهدين الأموي والعباسي) منه ، ونسب الخبر في هذه الدراسة.

(٣) صحيح مسلم ٤ : ٢٠٠٧ / ٨٨ ، مسند أحمد ٣ : ٤٠٠.

(٤) الترمذي ٤ : ٥٦٠ رقم ٢٤٧٨ وابن ماجة ٢ : ١١١١ رقم ٣٣٥٠ ، سير أعلام النبلاء ٣ :١٢٣.

٥٢٣

وعقابا له ، لكونه قد عصى رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله حين ناداه ثلاث مرات ، لبقائه لاهيا يأكل غير مستجيب لطلبه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

بلى إنّ معاوية كان أوّل من سنّ هذا التحريف المعنوي للاخبار وذلك عند اشتهارها عندهم وعند افتقاره لتأويلها ، فقد جاء عنه قوله يوم صفين ـ لما تناقل الناس في معسكره قول رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله في عمار «تقتلك الفئة الباغية» : بأن عليا هو الذي قتله لأنّه الذي جاء به (١) ، ولما بلغ عليا ذاك قال : ونحن قتلنا حمزة لأنّها أخرجناه (٢)!! انظر كيف انقلبت الموازين واختلط الصحيح بالسقيم والحق بالباطل ، وكيف صار الجرح مدحا ، والذم فضيلة ، واللعنة رحمة؟!! وكيف خضعت الأمور لسلطان القوة والقدرة ، وصارت الأمور تخضع لهوى الناس وحب الدنيا.

فقد نقل الذهبي عن أبي وفرة ـ يزيد بن محمد الرهاوي ـ سمعت أبي يقول ، قلت لعيسى بن يونس : أيهما أفضل : الأوزاعي أو سفيان؟

فقال : واين أنت من سفيان؟

قلت لعيسى بن يونس : أيهما أفضل : الأوزاعي ، فقهه ، وفضله ، وعلمه ، فغضب وقال : أتراني أؤثر على الحق شيئا ، سمعت الأوزاعي يقول : ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي بالنفاق ، وتبرأنا منه ، وأخذ علينا بذلك الطلاق ، والعتاق ، وايمان البيعة ، قال : فما عقلت أمري ، سألت مكحولا ويحيى بن أبي كثير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعبد اللّٰه بن عبيد بن عمير ، فقال : ليس عليك شي‌ء إنما أنت مكره فلم تقر عيني حتى فارقت نسائي ، وأعتقت عبيدي ، وخرجت من مالي ، وكفرت إيماني فأخبرني : سفيان كان يفعل ذلك (٣).

ولم تختص هذه الحالة بالتابعين وتابعي التابعين بل ، أنها سبقتهم إلى الصحابة

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ : ٣١١.

(٢) العقد الفريد ٤ : ٣١٩.

(٣) سير أعلام النبلاء ٧ : ١٣٠ ـ ١٣١.

٥٢٤

قبل ذلك ، فكانوا يخالفون عليا ، إما خوفا أو طمعا.

فقد أخرج الدار قطني في علله بسنده عن ابن المالكي ، حدثنا بندار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن عبد اللّٰه بن عباس : أن عليا أرسل إلى طلحة بن عبد اللّٰه والزبير بن العوام فقال : قل لهما إنّ أخاكما عليا يقرئكما السلام ويقول : ما نقمتما عليّ؟ استأثرت بمال أو جرت في حكم؟

فقالا : ولا واحدة من ثنتين ، ولكنه الخوف والطمع (١)

جئنا بما تقدم كي يتعرف القاري على نفسية بعض أئمة الجرح والتعديل وأنّ تعديلهم وجرحهم لم يخضع للمعايير العلمية فقط ، بل تأثير بالمؤثرات الخارجية كذلك.

وكذا الحال بالنسبة إلى المنقول عن الصحابي أو التابعي ، فلا يمكن الأخذ عن أولئك باعتبار أنه صحابي أو تابعي فقط ، بل يلزم عرض المنقول عنهم على سيرته العامة وأقواله الأخرى ثمّ تصحيح هذه النسبة أو تلك وعدمها إليه ، وهذا ما قلناه كرارا ودعونا إليه في بحوثنا.

وقد ساعدتنا النصوص السابقة للتعرف على مدى اعتبار ـ ما نحن فيه و ـ قولهم في عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، وهل حقّا أنه لين ، أم أنه ثقة وقد لين لأمور ارتضوها؟! ومن هي الربيع بنت المعوذ ، وهل تأثرت بالامويين أم إنّ حكايتها للخبر جاءت دون أى تأثير وتأثر بأولئك؟!! بل لم لا يروى البخاري خبر ابن عباس (أبى الناس إلّا الغسل ولا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح) في صحيحه رغم كونه على شرطه؟! وغيرها من التساؤلات.

نترك القاري الكريم مع حوارية عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل مع الربيع ، جاعلين نصها دليلا لمعرفة موقفها وبعض الملابسات ، ولا نرى ضرورة للتعليق على ما روته

__________________

(١) العلل للدار قطني ٣ :

٥٢٥

عن رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله في جواز التغني (١) أو أسباب دخولها إلى واسط (٢) ـ البلدة التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي لعسكره ـ لاعتقادنا بان النص السابق وحده ، وما مر في البحث الدلالي عنها كاف لتجسيم امتداد الاتجاهين في عهدها.

فابن عقيل أراد بكلامه السابق أن يوقفها على خطئها في الفهم والاجتهاد لقوله لها : فبأيّ شي‌ء كان الإناء؟

فأجابت : قدر مد أو مدّ وربع فجملة (فبأيّ شي‌ء كان الإناء) يفهمنا بأن ابن عقيل أراد بكلامه بيان أمرين :

أولهما : إرشادها إلى سقم رؤيتها لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لو كان يمسح رأسه مقبلا ومدبرا لاحتاج إلى أكثر من مدّ ، لعدم استيعاب المدّ لغسل تمام أعضاء الوضوء ، وهذا التشكيك من ابن عقيل هو الذي حدي بالربيع أن تزيد في قدر المدّ!! فقالت : قدر مد بالهاشمي أو مدّ وربع.

أي أنها انتهت إلى عدم كفاف وإيفاء هذا القدر من الماء (أي المدّ) لمسح الرأس كله مقبلا ومدبرا مع غسل الرجلين وبقية الأعضاء ثلاثا ، فإنها أتت بتلك الزيادة ، كي تعذر نفسها.

وثانيهما : أنّ ابن عقيل أراد أن يرى الإناء الذي كانت تصب فيه الماء لرسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كي يوضح على ضوئه أن ما تقوله لا يلائم ما تفرضه من حجم الماء الذي فيه ، لان الماء الموجود في هذا الظرف الصغير لا يمكن معه غسل الرجلين ثلاثا!! أي إنّ ابن عقيل أراد أنّ يوضح لها كذب كلامها وعدم تطابقه مع الواقع على وجه الدقة والتحقيق لا الحدس والتخمين ، أي أنه استفاد من النقد الداخلي للخبر للدلالة على سقم رأيها.

هذا بعض الشي‌ء عن استدلال ابن عقيل على الربيع ، وأنت قد عرفت سابقا

__________________

(١) مسند احمد ٦ : ٣٥٩.

(٢) تاريخ واسط ، لأسلم بن سهل المعروف ببحشل : ٧٤.

٥٢٦

وفق هذه الدراسة أن دعاة المسح كانوا غالبا يستدلون على ما يذهبون اليه بالقرآن والسنة والرأي ، ولم يكتفوا بطرحه على نحو الادعاء ـ كما كان يفعله الاتجاه المقابل.

وقد مرت عليك نصوص الإمام علي وكيفية تحكيمه للرأي في إلزام الآخرين بضرورة مسح القدمين.

وهكذا الحال بالنسبة إلى ابن عباس كيف استدل بالقرآن والسنة والرأي إلزاما على ما يذهب إليه.

ومثله كان موقف انس بن مالك من الحجاج بن يوسف الثقفي.

والان تأمل في كلام جابر بن عبد اللّٰه الأنصاري ـ الذي ختم الحجاج بن يوسف في يده كي لا يحدث ـ ومدى تطابقه مع ما حكاه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل عن أبيه عن جده في الوضوء ، قال : قال رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله يجزي من الوضوء مد ، ومن الغسل صاع ، فقال رجل : لا يجزينا ، فقال : وقد كان يجزي من هو خير منك وأكثر شعرا (يعني النبي) (١).

فقد جاء في صحيح ابن خزيمة عن جابر بن عبد اللّٰه مثل ما سبق عن عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، إذ قال له رجل : لا يكفينا يا جابر؟

قال : قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا (٢).

وقد جاء نحو هذا عن ابن عباس (٣).

وقد جاء عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاري ـ برواية ابن عقيل ـ قوله : كان رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه (٤) ، وهذا يتفق مع القائلين بلزوم غسل المرفقين من الأعلى إلى الأسفل! كانت هذه صورة أخرى لتخالف النهجين ، أردنا عرضه بشكل آخر كي يتضح

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٩٩.

(٢) صحيح ابن خزيمة ١ : ٦٢.

(٣) انظر نسبة الخبر إلى ابن عباس.

(٤) سنن الدار قطني ١ : ٨٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ : ٥٦ باب إدخال المرفقين في الوضوء.

٥٢٧

معالم النهجين ، والوقوف على ما ادعيناه من كون المدونين هم الدعاة للمسح والأقرب إلى نهج التعبد المحض ، لاخذهم بالقرآن والسنة واستدلالهم بهما.

وفي المقابل قد رأيت كيف يحكّم (أهل الاجتهاد والرأي) ما يذهبون إليه ، ولو تأملت في موقف الحجاج بن يوسف الثقفي ـ الداعي لغسل الأرجل ، بحجة أنها أقرب إلى الخبث ـ مع المحدثين والمدونين ، وسبب ختمه في عنق وأيدي بعض الصحابة أمثال سعد الساعدي وجابر بن عبد اللّٰه الأنصاري ، لعرفت عمق المشكلة ، وأنّ أصحاب الرأي والاجتهاد كانوا يرون المحدثين حجر عثرة أمام اجتهاداتهم ، وقد مر عليك كلام عثمان سابقا وأنّ المخالفين له كانوا ممن يتحدثون عن رسول لقوله (إنّ ناسا يتحدثون عن رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ..).

فبعد هذا لا يستبعد أن يكون عدم ارتضاء عبد اللّٰه بن عباس ، وابن عقيل ، وجابر بن عبد اللّٰه الأنصاري الإكثار من الماء وقولهم للرجل : (قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا) ، جاء للتأكيد على لزوم التعبد بقول وفعل الرسول ، وعدم السماح بالرأي والاجتهاد في مثل هكذا أمور ، وخصوصا بعد وقوفنا على اهتمام النهج الحاكم للمخالفة مع نهج علي وابن عباس وترجيحهم لفقه الرأي والاجتهاد على فقه النصوص ، وحيث أنّ وضوء الربيع كان يصب فيما يريداه ، وهو مما كان يدعم رأي الحجاج الثقفي وغيره ، فلا يستبعد ـ بعد هذا ـ أن يكون هذا الوضوء قد تأثر بمؤثرات ذلك العهد ، وعليه فأقل ما يمكن أن يقال في خبر الربيع أنه كان يفيد الحجاج وغيره ، ويتخالف مع وضوء علي بن أبي طالب وابن عباس المضطهدين في ذلك العصر!!

٥٢٨

مناقشة رواية عائشة بنت أبي بكر

سندا ودلالة ونسبة

المناقشة السندية لخبرها

البحث الدلالي

نسبة الخبر إليها

٥٢٩
٥٣٠

الإسناد

قال النسائي في المجتبى (١) ومثله في السنن الكبرى (٢) : أخبرنا الحسين بن حريث ، قال : حدثنا (٣) الفضل بن موسى (٤) عن جعيد بن عبد الرحمن (٥) ، قال أخبرني عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب (٦) ، قال أخبرني أبو عبد اللّٰه سالم ـ يعني سبلان (٧) ـ ، قال وكانت عائشة تستعجب

__________________

(١) سنن النسائي (المجتبى) ١ : ٧٢ باب مسح المرأة رأسها.

(٢) السنن الكبرى ، للنسائي ١ : ٨٦ باب كيف تمسح المرأة رأسها؟

(٣) في المجتبى (حدثنا)

(٤) هو الفضل بن موسى الشيباني ، أبو عبد اللّٰه المروزي ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٢٢ : ٢٥٤ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٢٠٣ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٢٨٦) وغيرها من المصادر.

(٥) هكذا في المجتبى والسنن الكبرى ، والذي في كتب الرجال الجعد بن عبد الرحمن بن أوس الكندي ، روى له الجماعة سوى ابن ماجة ، نعم أشار بعضهم بأنّه يقال له : الجعيد ، وهذا كله لا يضر ، لان كل من الجعد والجعيد واحد على الأظهر الأقوى (انظر تهذيب الكمال ٤ : ٥٦١ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٨٠ ، التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ١ / ٢٤٠) وغيرها من المصادر.

(٦) هو عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدّوسيّ المدني ، تفرد النسائي في الرواية عنه (انظر تهذيب الكمال ١٨ : ٤٠٧ ، ميزان الاعتدال ٢ : الترجمة ٥٢٤٧ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٤٢٢) وغيرها من المصادر.

(٧) في السنن الكبرى (سيلان) ، وهو سالم بن عبد اللّٰه النصري ، أبو عبد اللّٰه المدني ، روى له مسلم وأبو داود والنسائي ، وابن ماجة (انظر تهذيب الكمال ١٠ : ١٥٤ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٤٣٨ ، الجرح والتعديل ٤ : ٧٩٨) وغيرها من المصادر.

٥٣١

بأمانته وتستأجره فأرتني كيف كان رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضأ ، قال : فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثمّ غسلت يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدّم رأسها ثمّ مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثمّ أمرّت (١) بيدها بأذنيها ثمّ مرت على الخدين.

قال سالم : كنت آتيها مكاتبا (٢) ما تختفي مني فتجلس بين يديّ وتحدث معي حتى جئتها ذات يوم ، فقلت : ادعي لي بالبركة يا أمّ المؤمنين ، قالت : وما ذاك ، قلت : أعتقني اللّٰه ، قالت : بارك اللّٰه لك ، وأرخت الحجاب دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم.

المناقشة

وبيان حال رجال هذا الطريق كالاتي :

١ ـ فأمّا الحسين بن حرث ، فهو ممن وثقه النسائي (٣) وممن ذكره ابن حبّان في كتاب الثقات (٤) ولم نعثر على توثيق رجالي له غيرهما.

٢ ـ وأمّا الفضل بن موسى فهو ممن وثقه يحيى بن معين (٥) وابن سعد (٦) وغيرهما ، وقال أبو حاتم : صدوق صالح (٧).

وقال ابن حجر في التقريب : ثقة ، ثبت ، ربما أغرب (٨).

وقال الذهبي في الميزان : ما علمت فيه لينا إلّا ما روى عبد اللّٰه

__________________

(١) في السنن الكبرى (مرت).

(٢) في المجتبى هنا زيادة (ما تختفي مني).

(٣) تهذيب الكمال ٦ : ٣٦٠ ، تاريخ الخطيب ٨ : ٣٧.

(٤) الثقات لابن حبّان ٨ : ١٨٧.

(٥) تهذيب الكمال ٢٣ : ٢٥٧.

(٦) الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ : ٣٧٢.

(٧) الجرح والتعديل ٧ : الترجمة ٣٩٠.

(٨) تقريب التهذيب ٢ : ١١١.

٥٣٢

ابن علي بن المديني ، سمعت أبي ، وسئل عن أبي تميلة والسنياني ، فقدم أبا تميلة ، وقال :روى الفضل أحاديث مناكير (١).

٣ ـ وأمّا جعيد ، الذي هو الجعد بن عبد الرحمن بن أوس في كتب الرجال ، فهو ثقة على ما صرح بن يحيى بن معين (٢) والنسائي (٣) ، ولم نعثر على من طعن في وثاقته.

٤ ـ وأمّا عبد الملك بن مروان بن الحرث ، فهو مجهول الحال ، لم نعثر على توثيق أو مدح رجالي له سوى ابن حبان فقد ذكره في كتاب الثقات (٤) ، وذكر ابن حبّان لراو في كتابه لا يساوي شيئا عند أئمة الجرح والتعديل لما عرف عنه من التساهل في التعديل حتى أنه ذكر في كتابه من لا يعرفهم على ما هو صريح البعض من الأئمة.

٥ ـ وأمّا سالم سبلان فهو الأخر لم نعثر فيه على شي‌ء سوى أنّ أبا حاتم قال : شيخ (٥) ، وأن ابن حبّان ذكره في الثقات وفي موضعين ، وهذا يعنى تعددهما كما لا يخفى (٦).

وأنت بصير بأنّ (شيخ) لا دلالة لها على التوثيق سوى أنها تدل على مرتبة من مراتب التعديل ـ وهي الثالثة ـ على ما هو صريح العراقي (٧) والسيوطي (٨) والصنعاني (٩).

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : الترجمة ٦٧٥٤.

(٢) انظر تهذيب الكمال ٤ : ٥٦٢.

(٣) انظر تهذيب الكمال ٤ : ٥٦٢.

(٤) الثقات لابن حبّان ٧ : ١٠٧.

(٥) الجرح والتعديل ٤ : ١٨٤ الترجمة ٧٩٨.

(٦) انظر الثقات لابن حبّان ٤ : ٣٠٧.

(٧) فتح المغيث للعراقي : ١٧٣.

(٨) تدريب الراوي ١ : ١٨٧.

(٩) توضيح الأفكار ٢ : ١٦٣.

٥٣٣

وكلمة (شيخ) إذا قيلت في راو ، فان مروياته تعد حينئذ حسنة تحتاج إلى تابع يصححها على ما قد وضحناه سابقا.

ومهما يكن فهذا الطريق محتمل الجهالة لعدم عثورنا على توثيق أو مدح لعبد الملك بن مروان سوى إدراج ابن حبّان له في كتاب الثقات ، وقبله الحال بالنسبة إلى سالم سبلان فلم نعثر فيه سوى قول أبي حاتم عنه (شيخ) ، وقد اتضح لك سابقا أنّ ذكر ابن حبّان شخصا في كتابه لا يساوي شيئا ، لذكره من لا يعرفهم في كتابه وأنّ (شيخ) ليس من ألفاظ التعديل!

٥٣٤

البحث الدلالي

لم يستدل أحد بهذا الخبر في بيان صفة وضوء رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل كلما فيه هو بيان لكيفية تمسح المرأة رأسها ، وأنّ عائشة لم تبين حكم الأرجل فيه ، وقد يكون المباركفورى (١) ترك التمسك بهذا الخبر لعدم تماميته ، أو لأمر آخر كان يلحظه.

نسبة الخبر إليها

قد مر عليك سابقا مخالفة عائشة بنت أبي بكر لأخيها عبد الرحمن في الوضوء ـ يوم وفاة سعد بن أبي وقاص المتوفى سنة ٥٥ ه‍ ـ وقولها لها : يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فاني سمعت رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ويل للأعقاب من النار (٢) ، وقد قلنا بأنّها لو أرادت ـ على فرض صحة النسبة إليها ـ الاستفادة من كلمة (الإسباغ) و (ويل للأعقاب) للدلالة على لزوم غسل القدمين ، لاجبناها بان لا دلالة لهاتين الكلمتين على مطلوبها .. ، بل في كلامها تنويه إلى ثبوت المسح عندها عن رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّها لو كانت قد رأت رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله غسل رجليه للزمها القول : يا عبد الرحمن اغسل رجليك فإني رأيت رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله يغسلهما. لا أن تستدل بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (ويل للأعقاب من النار) وحيث أنّها لم تر رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله قد غسل رجليه فقد استدلت على وجوب الغسل انتزاعا من قوله (ويل للأعقاب) ودلالة هذا على لزوم الغسل.

وإنّ تشكيك أمثال المباركفوري في صحة انتساب الوضوء الغسلي إلى عائشة ، قد يأتي للأمور التالية :

الأولى : عدم صحة الطرق إليها.

الثانية : الثابت عن الأمويين أنّهم كانوا يدعون الناس إلى الأخذ بفقه عثمان

__________________

(١) انظر كلامه في تحفة الاحوذي لشرح الترمذي ١ : ١٣٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٢١٣ / ٢٥ ، الموطأ ١ : ١٩ / ٥ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٨ / ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٥٤ / ٤٥٢ ، المصنّف لعبد الرزاق ١ : ٢٣ / ٦٩ ، والحميدي في مسنده عن ابن عيينة ، مسند احمد ٦ : ١١٢ ، وغيره.

٥٣٥

والمخالفة مع من يخالفه كما مر عليك في اعتراض مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان على معاوية حين صلى بمنى ركعتين (١) ، ومثله قول الحجاج للشعبي : مرّ القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان (٢) وأخيرا دعوة الحجاج الناس إلى غسل الأرجل بدعوى أنها أقرب إلى الخبث ، فلا يستبعد ـ بعد هذا ـ أن ينسبوا إليها هذا الأمر دعما لموقفهم.

الثالثة : استفادة النهج الحاكم أمويين وعباسيين (٣) من هذا الوضوء للتعرف على الطالبيين.

الرابعة : نسبة النهج الحاكم ما يريدونه إلى أعيان الصحابة ، فقد يكون أنّهم أرادوا بهذه النسبة إلى عائشة تقوية الوضوء العثماني.

الخامسة : عدم وجود نص يشير إلى تبنّي عائشة للوضوء الغسلي قبل وفاة سعد بن أبي وقاص؟ وهو يوحي إلى عدم ثبوت ذلك عنها في الصدر الأول.

السادسة : إنّ نسبة الأقوال إلى أعيان الصحابة كان من المنهج المرسوم ، وقد وقفت سابقا على نسبة المسح على الخفّين وغيره إلى عائشة (٤) في حين أنّ المعروف عنها هو غير ذلك ، فقد يكون الوضوء الغسلي من تلك الموارد.

السابعة : عدم وجود وضوء بياني عن الشيخين بل وجود المسح عن عمر بن الخطاب وابنه عبد اللّٰه ، وكذا عن محمد بن أبي بكر وعبد الرحمن بن أبي بكر ـ والذي انتزعناه من مفهوم خبر مسلم ـ وهذا يشير إلى استقرارهم على الوضوء وأنّ الخلاف نشأ لاحقا لملابسات ذكرناها ، فقد تكون عائشة لم تقل بهذا الوضوء ، وأنّ الأمويين نسبوا لها ذلك ، وقد يكونوا اقنعوها بأنّ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ويل للأعقاب» لها الدلالة على الغسل.

وعلى ذلك : فالخبر الغسلي عن عائشة أمّا صحيح وإمّا خطأ ، فلو كان صحيحا وثابتا عنها فتلك ملابساته ، وإن لم يصح فهذه وجوهه؟!

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٩٤ ، فتح الباري ٢ : ٤٥٧ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٥٩.

(٢) حلية الأولياء ٤ : ٣٢٥.

(٣) كما مر عليك في خبر علي بن يقطين وغيره.

(٤) في نسبة الخبر إلى ابن عباس.

٥٣٦

مناقشة رواية عبد اللّٰه بن أنيس

سندا ودلالة ونسبة

المناقشة السندية لروايته

البحث الدلالي

نسبة الخبر إليه

٥٣٧
٥٣٨

الإسناد

قال الطبراني : حدثنا علي (١) ، قال : حدثنا أبو كريب (٢) ، قال : حدثنا زيد بن الحباب (٣) ، قال : حدثني حسين بن عبد اللّٰه (٤) ، قال : حدثني عبد الرحمن ابن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي (٥) ، قال : دخلنا على عبد اللّٰه بن أنيس (٦) ، فقال : إلّا أريكم كيف توضأ رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكيف صلى؟

قلنا : بلى فغسل يديه ثلاثا ثلاثا ، ومضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه وذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه مقبلا ومدبرا ، وأمس أذنيه ، وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ أعد ثوبا فاشتمل به وصلى ، وقال : هكذا رأيت حبيبي

__________________

(١) هو علي بن سعيد بن بشير بن مهران (أحد شيوخ الطبراني) (انظر سير أعلام النبلاء ١٤ : ٤٥ ، ميزان الاعتدال ٣ : ١٣١ ، تذكرة الحفاظ ٢ : ٧٥٠) وغيرها من المصادر.

(٢) هو محمد بن العلاء بن كريب ، روى له الجماعة (انظر سير أعلام النبلاء ١١ : ٣٩٤ ، التاريخ الكبير للبخاري ١ : ٢٠٥ ، الجرح والتعديل ٨ : ٥٢) وغيرها من المصادر.

(٣) هو زيد بن الحباب بن الريان ، التميمي ، أبو الحسين العكلي ، روى له البخاري في القراءة خلف الامام ، وباقي الجماعة (انظر تهذيب الكمال ١٠ : ٤٠ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٩٣ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٤٠٢) وغيرها من المصادر.

(٤) هو مردد بين عدة اشخاص ، إلّا أنّ المرجّح بلحاظ الطبقة أن يكون الحسين بن عبد اللّٰه بن عبيد اللّٰه بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي (انظر تهذيب الكمال ٦ : ٣٨٣ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٣٤١ ، ميزان الاعتدال ١ : الترجمة ٢٠١٢) وغيرها.

(٥) لم نعثر على ذكر له في كتب الرجال الموجودة بين أيدينا.

(٦) هو مردد بين الجهني المدني ، حليف الأنصار (انظر تهذيب الكمال ١٤ : ٣١٣ تهذيب التهذيب ٥ : ١٤٩) وبين والد عيسى بن عبد اللّٰه بن أنيس ، والذي هو ليس بالجهني (انظر تهذيب الكمال ١٤ : ٣١٦ ، تهذيب التهذيب ٥ : ١٥١) وقد فرق علي بن المديني وخليفة بن الخياط وغيرهما بينهما ، أمّا ابن حجر فقال باتحادهما (انظر تهذيب التهذيب ٥ : ١٥١).

٥٣٩

رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضأ (١).

المناقشة

يخدش هذا الطريق من عدة جهات :

الاولى : من جهة شيخ الطبراني علي بن سعيد المتكلم فيه.

قال الدار قطني : لم يكن بذاك في حديثه ، سمعت بمصر أنه كان والي قرية ، وكان يطالبهم بالخراج ، فما كانوا يعطونه ، قال : فجمع الخنازير في المسجد ، قلت : فكيف هو في الحديث؟

قال : حدّث بأحاديث لم يتابع عليها ، وتكلم فيه أصحابنا بمصر (٢).

وقال ابن يونس : كان يفهم ويحفظ (٣).

وواضح أنّ جرح الدار قطني هو جرح مفسر ، أضف إليه أنّه حدّث بأحاديث لم يتابع عليها أحد من محدّثي أهل السنة.

الثانية : من جهة زيد بن الحباب ، فهو وإن قيل بوثاقته ـ على ما هو صريح ابن معين وغيره (٤) ـ إلّا أنّه أخذ عليه سوء حفظه وتقليبه لأحاديث الثوري ، فقد قال ابن معين : كان يقلب حديث الثوري ولم يكن به بأس (٥).

وقال أحمد بن حنبل : كان كثير الخطأ (٦).

وقال ابن حبّان : كان يخطئ ، يعتبر بحديثه إذا روى عن المشاهير ، وأمّا روايته عن المجاهيل ففيها المناكير (٧).

الثالثة : من جهة الحسين بن عبد اللّٰه ، وهو مردد بين عدة أشخاص والأقرب إلى طبقته أن يكون أبو عبد اللّٰه المدني ، وهو ضعيف. قال أحمد بن حنبل : له أشياء منكرة (٨) وقال يحيى بن معين : ضعيف (٩) ، وعنه أيضا : ليس به بأس يكتب

__________________

(١) المعجم الأوسط للطبراني ٥ : ٨١ ح ٤١٤٥.

(٢ ـ ٣) سير أعلام النبلاء ١٤ : ١٤٦.

(٤ ـ ٦) انظر تهذيب الكمال ١٠ : ٤٦.

(٧) الثقات لابن حبّان ٨ : ٢٥٠.

(٨ ـ ٩) الجرح والتعديل ٣ : الترجمة ٢٥٨.

٥٤٠