وضوء النبي - ج ٢

السيد علي الشهرستاني

وضوء النبي - ج ٢

المؤلف:

السيد علي الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٦

سرّه أن يعلم وضوء رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو هذا (١).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق بأبي عوانة لما مرّ عليك سابقا ، ولما سنقوله عن خالد ابن علقمة في الإسناد الرابع وفي (تعارض المروي عن عبد خير).

الإسناد الثالث

قال الترمذي : حدثنا قتيبة وهنّاد ، قالا : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، قال : ذكر عن عليّ مثل حديث أبي حيّة ، إلّا أنّ عبد خير قال : كان إذا فرغ من طهوره أخذ من فضل طهوره بكفّه فشربه (٢).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق بأبي إسحاق السبيعي المدلّس الذي عنعن عن عبد خير ولم يصرّح بالسماع في مكان آخر (٣).

الإسناد الرابع

قال أبو داود : حدّثنا محمد بن المثنّى (٤) ، حدّثني محمد بن جعفر (٥) ، حدثني شعبة ،

__________________

(١) سنن النسائي ١ : ٦٨ باب غسل الوجه.

(٢) سنن الترمذي ١ : ٣٤ باب ما جاء في وضوء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف كان.

(٣) مرويات أبي إسحاق السبيعي عن عبد خير في الكتب التسعة أحد عشر حديثا ، فقد أخرج أبو داود له حديثا واحدا برقم (١٤٠) وأحمد في مسنده عشرة أحاديث في مسند العشرة المبشّرة بالجنة برقم (٦٩٩) و (٨٥٣) و (٨٧٣) و (٨٨٨) و (٨٩٠) و (٩٦٤) و (٩٦٥) و (١٠٠٨) و (١١٩٩) والدارمي في سننه برقم (٧٠٩) ولم يصرّح في جميعها بالسماع عن عبد خير.

(٤) هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي ، أبو موسى البصري ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٥٩ ، ميزان الاعتدال ٤ : ٢٤ ، سير أعلام النبلاء ١٢ : ١٢٣ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٤٢٥) وغيرها من المصادر.

(٥) هو محمد بن جعفر الهذلي ، المعروف بغندر صاحب الكرابيسي ، أبو عبد اللّٰه البصري ، كان ربيب شعبة (انظر تهذيب الكمال ٢٥ : ٥ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٩٨ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٩٦ ، الجرح والتعديل ٧ : الترجمة ١٢٢٣) وغيرها من المصادر.

٢٤١

قال : سمعت مالك بن عرفطة (١) ، سمعت عبد خير ، رأيت عليا رضي اللّٰه عنه أتي بكرسيّ فقعد عليه ، ثمّ أتي بكوز من ماء فغسل يديه ثلاثا ، ثمّ تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد ، وذكر الحديث (٢).

المناقشة

يضعّف طريق أبي داود من عدّة جهات :

الأولى : من جهة محمد بن المثنّى ، فقد وردت فيه أشياء تكشف عن عدم ضبطه وأنّه ليس بالثبت في الحديث.

قال النسائي : لا بأس به ، كان يغيّر في كتابه (٣).

وقال صالح بن محمد الحافظ : صدوق اللهجة ، وكان في عقله شي‌ء (٤).

وقال أبو حاتم : صالح الحديث صدوق (٥).

وقال أبو بكر الخطيب : كان صدوقا ، ورعا ، فاضلا ، عاقلا (٦).

نقول : هذه الأقوال لا تمنع من كون محمد بن المثنّى ثقة في نفسه ، لكنّا بيّنّا سابقا (٧) أنّ (لا بأس به) و (صدوق) و (صالح) وغيرها من الكلمات التي تندرج في هذه المرتبة من مراتب التعديل ، تشعر بعدم شريطة الضبط ، فأصحاب هذه المرتبة ثقات في أنفسهم ، إلّا أن مرويّاتهم لا يعتمد عليها إلّا بعد النظر ، والأقوال في محمد بن المثنى من هذا القبيل ، هذا بعد الفراغ عن عقله وأنّه لا شوبة فيه ، وأمّا مع تصريح

__________________

(١) غير معروف.

(٢) سنن أبي داود ١ : ٢٨ ح ١١٣ ، باب صفة وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٦٣.

(٤) تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٦٣.

(٥) الجرح والتعديل ٨ : الترجمة ٤٠٩ ، تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٦٣.

(٦) تاريخ الخطيب ٣ : ٢٨٥ ، تهذيب الكمال ٢٦ : ٣٦٣.

(٧) تقدم تبيين ذلك في الإسناد الأول من مرويات ابن عباس الغسليّة.

٢٤٢

صالح بن محمد الحافظ بأنّ في عقله شيئا ، فإنّ الاعتماد على مرويّاته يكون سفها واضحا.

الثانية : من جهة محمد بن جعفر الملقب بغندر ، فإنّ أهل العلم ليّنوه بسبب بلادته وكثرة نسيانه ، ولأشياء أخرى ، وإليك بعض النصوص فيه : قال ابن حبان : كان غندر من خيار عباد اللّٰه على غفلة فيه (١).

وقال يحيى بن معين : كان غندر يجلس على رأس المنارة يفرق زكاته ، فقيل له : لم تفعل هذا؟ قال : أرغّب الناس في إخراج الزكاة (٢).

وقال يحيى بن معين : اشترى غندر سمكا وقال لأهله : أصلحوه ، ونام ، فأكل عياله السمك ولطخوا يده ، فلما انتبه قال : هاتوا السمك ، قالوا : قد أكلت ، قال : لا.

قالوا : فشمّ يدك ، ففعل ، فقال : صدقتم ، ولكني ما شبعت (٣).

وقال ابن حجر : ثقة صحيح الكتاب إلّا أنّ فيه غفلة (٤).

وذكر أحمد بن حنبل : أنّه بليد (٥).

وقال علي بن عثام : كان مغفّلا (٦).

وقال يحيى بن معين : دخلنا على غندر ، فقال : لا أحدّثكم بشي‌ء حتى تجيئوا معي إلى السوق ، وتمشون ، فيراكم الناس ، فيكرموني ، قال : فمشينا خلفه إلى السوق ، فجعل الناس يقولون له : من هؤلاء يا أبا عبد اللّٰه؟ فيقول : هؤلاء أصحاب الحديث جاءوني من بغداد يكتبون عني (٧).

وقال صاحب البصري : قلت لغندر : إنّهم يعظّمون ما فيك من السلامة ، قال : يكذبون عليّ ، قلت : فحدثني بشي‌ء يصحّ منها ، قال : صمت يوما فأكلت فيه ثلاث

__________________

(١) تهذيب الكمال ٢٥ : ٨ ، الجرح والتعديل ٧ : الترجمة ١٢٢٣.

(٢) تهذيب الكمال ٢٥ : ٩.

(٣) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠١ ، تهذيب الكمال ٢٥ : ٩ ، ميزان الاعتدال ٣ : الترجمة ٧٣٢٤.

(٤) تقريب التهذيب ٢ : ١٥١.

(٥) تهذيب الكمال ٢٥ : ٧.

(٦) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠١.

(٧) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠١.

٢٤٣

مرات ناسيا ، ثمّ أتممت صومي (١).

وقال أبو حاتم الرازي : كان غندر صدوقا مؤديا ، وفي حديث شعبة : ثقة ، وأما في غير شعبة فيكتب حديثه ولا يحتجّ به (٢).

أقول : إنّ البلادة وكثرة السهو والنسيان لا تفرّق بين تحديثه عن شعبة أو غيره ، بل هي سبب تام في إسقاط أحاديثه عموما عن الحجيّة ، لأنّ الذي يأكل ثلاث مرات في نهار رمضان ساهيا ، ويتخيّل أنّه أكل السمك لمجرّد وجود رائحته في يده مع أنّه لم يذقه ، وغيرها من الأشياء ، كلّها تدلّ على أنّ هناك ملكه نفسانية تخلّ في ضبطه فإذا حصلت فستكون مطّردة في كل شي‌ء وتكون علة سارية إلى جميع مروياته عن أشياخه سواء عن شعبة أو غيره.

الثالثة : من جهة مالك بن عرفطة ، وذلك لأنّ مالكا هذا مجهول ومهمل في كتب الرجال.

وقد قيل : إنّ شعبة توهم فيه ، فصحّف خالد بن علقمة إلى مالك بن عرفطة ، وهذا هو الرأي المشهور الذي صوّبه كثير من الأعلام كالبخاري وابن حنبل والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم.

فإن قيل هكذا قلنا : بأن هؤلاء الأعلام الذين صوّبوا كونه تصحيفا لخالد بن علقمة ، إمّا أن يكونوا على جزم ويقين ممّا صوّبوه ، وإمّا أنّهم احتملوا ذلك.

فإن كانوا على جزم ويقين بما قالوه ، فأين الدليل القطعي على ذلك ، أو حتى القرينة المؤيّدة لهذه الدعوى؟.

ولم لم يبدل هؤلاء الإعلام هذا الخطأ إلى ما جزموا به؟ وهذا ما يسمح به للمحققين فعله مع الإشارة إلى ذلك ، لكنّ المراجع لجوامعهم الحديثيّة كسنن الترمذي وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل يجد أنّهم ذكروا الإسناد المتقدّم دون الإشارة إلى أي دليل أو قرينة ، وهذا يتناسب مع كون المسألة استظهارا واحتمالا لا جزما ويقينا.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠١.

(٢) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠٠.

٢٤٤

وعليه فيكون احتمالا لا يلزمنا الأخذ به ، لإمكان أن يحتمل في مقابله أنّهما راويان كما سيأتي من استظهار العلّامة أحمد محمد شاكر ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى : إنّا نستبعد جدا أن يصحف شعبة خالدا بمالك وعلقمة بعرفطة ، وهو الإمام النقاد في الحديث والرجال ، لأنّه تصحيف شنيع ، ونحن لا نسلّم أن يصحف إنسان ـ حتّى العادي من عوامّ الناس إذا كان سويا ـ خالد بن علقمة إلى مالك بن عرفطة ، فكيف نتصور هذا عن إمام ثبت.

ولو كان التصحيف في مورد واحد لأمكننا قبول كلامهم إلّا أنّنا وجدنا كثيرا من الأعلام قد رووا عن شعبة أنّه يروي عن مالك بن عرفطة ، وهم :

١ ـ عبد اللّٰه بن المبارك (كما في سنن النسائي ، كتاب الطهارة ح ٩٢).

٢ ـ يزيد بن زريع (كما في سنن النسائي ، كتاب الطهارة ح ٩٣).

٣ ـ محمد بن جعفر المعروف بـ (غندر) (كما في سنن أبي داود ، كتاب الطهارة ح ٩٩ ، ومسند أحمد ح ٢٤٢٢٨ باقي مسند الأنصار).

٤ ـ يحيى بن سعيد القطان (كما في مسند أحمد ح ٩٤٢ مسند العشرة المبشرة بالجنة) ٥ ـ حجاج بن محمد المصيصي (كما في مسند أحمد ح ١١١٧ مسند العشرة المبشرة بالجنة وفي باقي مسند الأنصار ح ٢٤٢٢٨).

٦ ـ روح بن عبادة بن العلاء (كما في مسند أحمد ح ٢٤٨٧٨ باقي مسند الأنصار) ورواية هؤلاء عن شعبة يعني أنّهم سمعوا منه ، ولا يعقل أن يتكرر خطأ شعبة عدة مرات مع ستّة محدثين وهو الإمام الحافظ المتثبت.

ويدلك على استبعاد تصحيف شعبة ، أنّه كان لا يحدث غيره بما سمعه عن أشياخه لو كان سماعه مرة أو مرتين ، وإليك بعض النصوص في ذلك :

قال حماد بن زيد : إذا خالفني شعبة في الحديث تبعته. قيل له : ولم؟ قال : إنّ شعبة كان يسمع ويعيد ويبدي وكنت أنا أسمع مرة واحدة (١).

وقال يعقوب ابن شيبة : يقال إنّ شعبة إذا سمع الحديث مرتين لم يعتد به. (٢).

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٦١.

(٢) شرح علل الترمذي : ١٦١.

٢٤٥

وقال ابن رجب الحنبلي : سمعت سهل بن محمد العسكري أخبرني ابن أخي ابن أبي زائدة عن عمه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وقال : سألت شعبة عن حديث فلم يحدثني به ، وقال لي : لم أسمعه إلّا مرّة واحدة ، فلا أحدثك به (١).

وخرّج ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي الوليد ، قال : سألت شعبة عن حديث ، فقال : لا أحدثك إنّي سمعته من ابن عون مرة واحدة (٢).

وقال أبو الوليد : قال حماد بن زيد : شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة ، يعاود صاحبه مرارا ، ونحن كنا إذا سمعنا مرة اجتزينا به (٣).

قال الشيخ أحمد محمد شاكر :«.. وأنا أتردّد كثيرا فيما قالوه هنا :

أمّا زعم أنّ تغيير الاسم إلى (مالك بن عرفطة) من باب التصحيف فإنّه غير مفهوم ، لأنّه لا شبه بينه وبين (خالد بن علقمة) في الكتابة وفي النطق ، ثمّ أين موضع التصحيف ، وشعبة لم ينقل هذا الاسم من كتاب ، إنّما الشيخ شيخه ، رآه بنفسه ، وسمع منه بأذنه ، وتحقّق من اسمه!! نعم قد يكون عرف اسم شيخه ثمّ أخطأ فيه ، ولكن ذلك بعيد بالنسبة إلى شعبة ، فقد كان أعلم الناس في عصره بالرجال وأحوالهم ، إلى أن قال :نعم قد يخطئ شعبة في شي‌ء من رجال الإسناد ممّن فوق شيخه ، أمّا في شيخه نفسه فلا.

أمّا الحكاية عن أبي عوانة التي نقلها أبو داود (٤). فإنّها إن

__________________

(١) شرح علل الترمذي : ١٦١.

(٢) شرح علل الترمذي : ١٦١.

(٣) شرح علل الترمذي : ١٦١.

(٤) ونص الحكاية هكذا : قال أبو داود : قال أبو عوانة يوما : (.. حدثنا مالك بن عرفطة عن عبد خير) فقال له عمر الاعصف : رحمك اللّٰه يا أبا عوانة ، هذا خالد بن علقمة ولكن شعبة يخطئ فيه ، فقال أبو عوانة : هو في كتابي : «خالد بن علقمة» ولكن قال لي شعبة : هو «مالك بن عرفطة». قال أبو داود : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا أبو عوانة : قال أبو داود : وسماعة قديم. قال أبو داود : حدثنا أبو كامل ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن خالد بن علقمة ، وسماعة متأخر كان بعد ذلك رجع إلى الصواب (انظر هامش تهذيب الكمال ٨ : ١٣٦).

٢٤٦

صحّت فلا تدل على خطأ شعبة ، بل تدل على خطأ أبي عوانة ، وأنا أظنها غير صحيحة ، فإنّ أبا داود لم يذكر من حدّثه بها عن أبي عوانة ، وإنّما الثابت إسناده أنّ أبا عوانة روى عن خالد بن علقمة ، وقد روى عن مالك بن عرفطة ، فالظاهر عندي أنّهما راويان وأنّ أبا عوانة سمع من كل واحد منهما» (١).

وعليه فإنّ الطريق الذي فيه مالك بن عرفطة لا يحتمل أن يكون مصحفا عن خالد بن علقمة ، بل هما راويان ، ولا يستبعد أن يختص شعبة بالسماع من مالك بن عرفطة وهو الإمام الرجاليّ المحدّث.

وعلى أي تقدير فاحتمال أنّه غير مصحّف باق ، وهو كاف في إبطال الاستدلال بهذا الطريق ، لجهالة مالك بن عرفطة.

الإسناد الخامس

قال النسائي : أخبرنا سويد بن نصر (٢) ، قال أنبأنا عبد اللّٰه ـ وهو ابن المبارك (٣) ـ عن شعبة ، عن مالك بن عرفطة ، عن عبد خير ، عن علي رضي اللّٰه عنه أنّه أتي بكرسيّ فقعد عليه ، ثمّ دعا بتور فيه ماء ، فكفأ على يديه ثلاثا ثمّ مضمض واستنشق بكفّ واحد ثلاث مرّات ، وغسل وجهه ثلاثا ، وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ، وأخذ من الماء فمسح برأسه ـ وأشار شعبة ـ مرّة من ناصيته إلى مؤخّر رأسه ، ثمّ قال : لا أدري أردّهما أم لا؟ وغسل رجليه ثلاث ثلاثا ، ثمّ قال : من سرّه أن ينظر إلى طهور رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله فهذا طهوره (٤).

__________________

(١) تهذيب الكمال «الهامش» ٨ : ١٣٦.

(٢) هو سويد بن نصر بن سويد المروزي ، أبو الفضل الطوساني ، روى له الترمذي والنسائي (انظر تهذيب الكمال ١٢ : ٢٧٢ ، سير أعلام النبلاء ١١ : ٤٠٨ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٢٨٠) وغيرها من المصادر.

(٣) هو عبد اللّٰه بن المبارك الحنظلي ، التميمي ، مولاهم ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ١٦ : ٦ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٣٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٣٦) وغيرها من المصادر.

(٤) سنن النسائي ١ : ٦٨ باب غسل الوجه.

٢٤٧

المناقشة

يضعّف هذا الطريق بجهالة مالك بن عرفطة في السند ، والاضطراب في متنه ، حسب ما سيأتي الكلام عنه في البحث الدلالي ، في تعارض المروي عن عبد خير.

الإسناد السادس

قال النسائي : أخبرنا عمرو بن علي (١) وحميد بن مسعدة (٢) ، عن يزيد ـ وهو ابن زريع (٣) ـ قال : حدثني شعبة ، عن مالك بن عرفطة ، عن عبد خير ، قال : شهدت عليا دعا بكرسيّ فقعد عليه ، ثمّ دعا بماء في تور فغسل يديه ثلاثا ، ثمّ مضمض واستنشق بكف واحد ثلاثا ، ثمّ غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ غمس يده في الإناء فمسح برأسه ، ثمّ غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ قال : من سرّه أن ينظر إلى وضوء رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله فهذا وضوءه (٤).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق كسابقه بجهالة مالك بن عرفطة ، وبما جاء عن عبد خير وغيره عن علي في المسح.

الإسناد السابع

قال أبو داود : حدثنا الحسن بن علي الحلواني (٥) ، حدثنا الحسين

__________________

(١) هو عمرو بن علي بن بحر الباهلي ، أبو حفص البصري الصيرفي الفلاس ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٢٢ : ١٦٢ ، سير أعلام النبلاء ١١ : ٤٧٠ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٨٠) وغيرها من المصادر.

(٢) هو حميد بن مسعدة بن المبارك الباهلي ، أبو على ، روى له الجماعة سوى البخاري (انظر تهذيب الكمال ٧ : ٣٩٥ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٤٩) وغيرها من المصادر.

(٣) هو يزيد بن زريع ، العيشي ، أبو معاوية البصري ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٣٢ : ١٢٤ ، تهذيب التهذيب ١١ : ٣٢٥ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٢٩٦) وغيرها من المصادر.

(٤) سنن النسائي ١ : ٦٩ غسل اليدين.

(٥) تقدمت ترجمته في مرويات ابن عباس الغسليّة.

٢٤٨

ابن علي الجعفي (١) ، عن زائدة (٢) ، حدثنا خالد بن علقمة الهمداني ، عن عبد خير ، قال : صلى علي رضي اللّٰه عنه الغداة ، ثمّ دخل الرحبة ، فدعا بماء ، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست ، قال : فأخذ الإناء بيده اليمنى فأفرغ على يده اليسرى وغسل كفيه [ثلاثا] ثمّ أدخل يده اليمنى في الإناء فتمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، ثمّ ساق قريبا من حديث أبي عوانة (٣) ، قال : ثمّ مسح رأسه مقدّمه ومؤخره مرة ، ثمّ ساق الحديث نحوه (٤).

المناقشة

ويمكن الخدش في هذا الطريق من جهتين :

الأولى : من جهة الحلواني على ما تقدم عليك (٥).

الثانية : أنّه معلول بخالد بن علقمة وسيأتي تفصيل البحث عن ذلك لا حقا تحت عنوان «عبد خير وتعارض المروي عنه».

ج ما رواه زرّ بن حبيش عنه

الإسناد

قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة (٦) ، حدثنا أبو نعيم (٧) ، حدّثنا

__________________

(١) هو الحسين بن علي بن الوليد الجعفي ، مولاهم ، أبو عبد اللّٰه ويقال أبو محمد الكوفي المقري ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٦ : ٤٤٩ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٩٧ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٣٥٧) وغيرها من المصادر.

(٢) هو زائدة بن قدامة الثقفي ، أبو الصلت الكوفي (انظر تهذيب الكمال ٩ : ٢٧٣ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٣٧٥ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٣٠٦) وغيرها من المصادر.

(٣) مرّ عليك في مرويات عبد خير عن علي الغسليّة.

(٤) سنن أبي داود ١ : ٢٨ ح ١٢ باب صفة وضوء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٥) تقدم عليك في مرويات ابن عباس الغسليّة.

(٦) تقدمت ترجمته والكلام عنه في الإسناد من طرق ابن عباس الغسليّة.

(٧) هو الفضل بن دكين ، وهو لقب واسمه عمرو بن حماد القريشي التيمي الطلحي ، روى له الجماعة أبو نعيم الملائي (انظر تهذيب الكمال ٢٣ : ١٩٧ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ١٤٢ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٢٧٠).

٢٤٩

ربيعة الكناني (١) عن المنهال بن عمرو (٢) ، عن زرّ بن حبيش (٣) ، أنّه سمع عليا رضي اللّٰه عنه.

وسئل عن وضوء رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فذكر الحديث ، وقال : ومسح على رأسه حتّى لمّا يقطر ، وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ قال : هكذا كان وضوء رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق بالمنهال بن عمرو ، لذمّ أساطين العلم له ، كشعبة والقطان وابن معين وابن حزم وأحمد بن حنبل وغيرهم.

قال أحمد بن حنبل : ترك شعبة المنهال بن عمرو على عمد (٥).

وقال عبد اللّٰه : سمعت أبي يقول : أبو بشر أحب اليّ من المنهال بن عمرو ، قلت له : أبو بشر أحب إليك من المنهال بن عمرو؟ قال : نعم شديدا ، أبو بشر أوثق إلّا أنّ المنهال أسن (٦).

وقال : المفضل بن غسان الغلابي : سمعت يحيى بن معين ، وذكر حديث الأعمش عن المنهال بن عمرو ، وكان يحيى بن معين يضع من شأن منهال بن عمرو (٧).

__________________

(١) هو ربيعة بن عتبة الكناني الكوفي ، روى له أبو داود والنسائي (انظر تهذيب الكمال ٩ : ١٣١ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٥٩ ، تاريخ البخاري الكبير ٣ : ٩٩١) وغيرها من المصادر.

(٢) هو المنهال بن عمرو الأسدي ، أسد خزيمة ، مولاهم الكوفي ، روى له البخاري أو أصحاب السنن (انظر تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٦٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٣١٩ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ١٨٤) وغيرها من المصادر.

(٣) هو زرّ بن حبيش بن حياشة الأسدي ، أبو مريم ، ويقال مطرف الكوفي ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٩ : ٣٣٦ ، سير إعلام النبلاء ٤ : ١٦٦ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٣٢١) وغيرها من المصادر.

(٤) سنن أبي داود ١ : ٢٨ ح ١١٤ ، باب صفحة وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٥) الجرح والتعديل ٨ : الترجمة ١٦٣٤ ، تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧٠ ، الضعفاء لابن الجوزي ٣ : ١٤٢ ، الضعفاء للعقيلي ٤ : ١٣٦ وغيرها.

(٦) تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧١ ، ميزان الاعتدال ٤ : الترجمة ٨٠٨٠٦.

(٧) تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧١.

٢٥٠

وقال في موضع آخر : ذمّ يحيى بن معين المنهال بن عمرو (١).

وقال ابن حزم : ليس بالقويّ (٢).

وغمزه يحيى بن سعيد القطان كأنّه يحطّ من شأنه وكأنّه ضعّفه (٣).

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثني عمرو ابن عمر الحنفي ، عن إبراهيم بن عبيد الطنافسي ـ أخي محمد بن عبيد ـ قال : وقف المغيرة ـ صاحب إبراهيم ـ على يزيد بن أبي زياد ، وكانا يصلّيان جميعا في مسجد واحد بالكوفة ، وقال : ألا تعجب من هذا الأحمق ، الأعمش ، إنّي نهيته أن يروي عن المنهال بن عمرو وعن عباية ، ففارقني على أن لا يفعل ، ثمّ هو يروي عنهما ، نشدتك بالله هل كانت تجوز شهادة المنهال على درهمين؟!! قال : اللهم لا.

قال : فنشدتك ، هل كانت تجوز شهادة عباية على درهمين؟!! قال : اللهم لا (٤).

وقال الذهبي في المغني : إنّما تركه شعبة ، لأنّه سمع من بيته طنبورا فرجع ، ولم يسمع منه (٥).

وقال الجوزجاني ـ إبراهيم بن يعقوب في الضعفاء ـ سيّئ المذهب (٦).

وقد أورده ابن الجوزي (٧) والعقيلي في ضعفائهما ، وكذا ابن عدي في الكامل (٨) ، والذهبي في الديوان (٩).

__________________

(١) تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧١.

(٢) المحلى ، لابن حزم ١ : ٢٢.

(٣) انظر الكامل في الضعفاء (الهامش) ٦ : ٣٣٠.

(٤) تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧١.

(٥) المغني في الضعفاء ٢ : الترجمة ٦٤٥٠ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ١٨٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٣٢٠ ، هامش الضعفاء لابن الجوزي ٢ : ١٤٢.

(٦) ميزان الاعتدال ٤ : ١٩٢ ، تهذيب الكمال ٢٨ : ٥٧٢.

(٧) الضعفاء ، لابن الجوزي ٣ : ١٤٠.

(٨) الكامل في الضعفاء ٦ : ٣٣٠.

(٩) ديوان الضعفاء ٢ : ٣٨١ الترجمة ٤٢٥٤.

٢٥١

وبعد هذا فمن المجازفة الاحتجاج بمروياته ، وخصوصا بعد ظهور عبثه بالطنبور الذي هو من الآلات الحرام والتذاذه بألحانه ، والذي يزيد الطين بلة أنّ المنهال ـ طبق هذا المرويّ ـ قد تجاهر بذنبه بحيث كان يسمع صوت الطنبور كلّ من يجتاز بيته ، وهذا يلزم منه الفسق المتجاهر به ، ويدلّ عليه أنّ شعبة سمع طنبوره من بيته لا في بيته ، وهذا يقتضي أنّ شعبة سمعه من خارج البيت. ومعناه أنّ المنهال كان لا يعبأ بمن يسمعه.

وأمّا ما قاله الذهبي ـ بصدد الدفاع عنه ـ : «وهذا لا يوجب غمز الشيخ».

فهو من مخاريق القول وسقطات الرأي ، إذ كيف لا يوجب هذا غمزا في الشيخ والطنبور من الآلات المحرّمة.

أقال هذا الذهبي وهو يعتقد بأنّ الطنبور ليس من الآلات الحرام خلافا للفقهاء؟! أم أنّه أراد تصحيح هذا الفعل ببعض الأحاديث الموضوعة المنسوبة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه أجاز العزف بآلات اللهو عنده ، وأنّ مزمار الشيطان كان في بيته!! أم له أدلّة اخرى.

إنّ دفاع الإمام الذهبي بهذا النحو البسيط غير مقبول منه ، لأنه لم يستند في الاعتذار عن المنهال بشي‌ء يستحق الالتفات اليه!!.

د ـ ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه

الإسناد

قال أبو داود : حدثنا زياد بن أيوب الطوسي (١) ، حدثنا عبيد اللّٰه

__________________

(١) هو زياد بن البغدادي ، أبو هاشم ، المعروف بدلّويه طوسي الأصل ، روى عنه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود. (أنظر تهذيب الكمال ٩ : ٤٣٢ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ : ١٢٠ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٣٢٥) وغيرها من المصادر.

٢٥٢

ابن موسى (١) ، حدثنا فطر (٢) ، عن أبي فروة (٣) ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (٤) ، قال : رأيت عليا رضي اللّٰه عنه توضّأ فغسل وجهه ثلاثا ، وغسل ذراعيه ثلاثا ، ومسح برأسه واحدة ، ثمّ قال : هكذا توضّأ رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق من عدّة جهات :

الأولى : من جهة عبيد اللّٰه بن موسى ، الذي ليّنه كثير من أهل العلم :

قال أبو الحسن الميموني : ذكر عند أحمد بن حنبل عبيد اللّٰه بن موسى ، فرأيته كالمنكر له ، قال : كان صاحب تخليط وحدّث بأحاديث سوء ، أخرج تلك البلايا فحدث بها ، قيل له : فابن فضيل؟ قال : لم يكن مثله ، كان أشدّ منه ، وأمّا هو فأخرج تلك الأحاديث الرديّة (٦).

وقال يعقوب بن سفيان : شيعي ، وإن قال قائل : رافضي ، لم أنكر عليه ، وهو منكر الحديث (٧).

وقال الحاكم : سمعت قاسم بن قاسم السياري ، سمعت أبا مسلم البغدادي الحافظ

__________________

(١) هو عبيد اللّٰه بن موسى بن أبي المختار العبسي ، مولاهم ، أبو محمد الكوفي (انظر تهذيب الكمال ١٩ :١٦٤ ، ميزان الاعتدال ٢ : الترجمة ٥٤٠٠ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٥٣ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٥٠) وغيرها.

(٢) هو فطر بن خليفة القرشي المخزومي ، أبو بكر الكوفي الحناط ، مولى عمرو بن حريث (انظر تهذيب الكمال ٢٣ : ٣١٢ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠٠ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٣٠) وغيرها من المصادر.

(٣) هو مسلم بن سالم النهدي ، أبو فروة الكوفي الأصغر ، ويعرف بالجهنى ، روى له الجماعة سوى الترمذي (انظر تهذيب الكمال ٢٧ : ٥١٥ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ١٣٠ ، ميزان الاعتدال ٤ : الترجمة ٨٤٨٩) وغيرها من المصادر.

(٤) هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي ، أبو عيسى الكوفي ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٢ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٢٦٠ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٢٦٢) وغيرها من المصادر.

(٥) سنن أبي داود ١ : ٢٨ / ١١٥ باب صفة وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٦) تهذيب الكمال ١٩ : ١٦٨.

(٧) تهذيب التهذيب ٧ : ٥٣.

٢٥٣

يقول : عبيد اللّٰه بن موسى من المتروكين (١).

وقال يحيى بن معين : .. ليس بالقويّ (٢).

وقال أحمد : روى مناكير ، ولقد رأيته بمكّة فأعرضت عنه (٣).

ولأجل هذه الأقوال وغيرها ذكره الذهبي في الميزان (٤) والديوان والمغني (٥) كما أنّ العقيلي (٦) وغيره أدرجوه في الضعفاء.

الثانية : من جهة فطر بن خليفة.

قال الساجي : صدوق ثقة ، ليس بمتقن (٧).

وقال أبو بكر بن عياش : ما تركته إلّا لسوء مذهبه (٨).

وقال أحمد : خشبيّ مفرط (٩).

وقال السعدي : زائغ غير ثقة (١٠).

وقال الدار قطني : زائغ ولم يحتج به البخاري (١١).

وقال أحمد بن يونس : كنت أمرّ به وأدعه مثل الكلب (١٢).

وهذه التجريحات هي التي دعت الذهبي لأن يورده في الديوان والمغني (١٣) والميزان (١٤) وكذا ابن الجوزي (١٥).

__________________

(١ ـ ٤) ميزان الاعتدال ٢ : الترجمة ٥٤٠٠.

(٥) ديوان الضعفاء الترجمة ٢٧١١ ، المغني في الضعفاء ٢ : الترجمة ٣٩٥٢ (كما في هامش تهذيب الكمال ١٩ : ١٦٤).

(٦) الضعفاء الكبير للعقيلي ٣ : ١٢٧.

(٧) تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠١.

(٨) ميزان الاعتدال ٢٣ : ٣٦٤.

(٩) تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠٢ ، ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦٤.

(١٠) تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠٢.

(١١) تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠٢ ، ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦٤.

(١٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦٤ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٣٠١.

(١٣) المغني في الضعفاء ٢ : الترجمة ٤٩٦٦ ، ديوان الضعفاء الترجمة ٣٣٩٥ (انظر هامش تهذيب الكمال ٢٣ : ٣١٢).

(١٤) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦٤.

(١٥) الضعفاء لابن الجوزي ٣ : ١٠.

٢٥٤

الثالثة : من جهة عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وذلك لسوء حفظه ، ولكونه مدلسا.

فأمّا سوء حفظه ، فقد وردت فيه عدة تصريحات : قال أحمد بن حنبل : كان سيئ الحفظ (١).

وقال أحمد أيضا : كان يحيى بن سعيد يشبّه مطر الوراق بابن أبي ليلى ، يعني في سوء الحفظ (٢).

وقال الترمذي : قال أحمد : لا يحتجّ بحديث ابن أبي ليلى (٣).

وقال البزار : ليس بالحافظ (٤).

وقال الدار قطني : ردي الحفظ ، كثير الوهم (٥).

وأمّا تدليسه فكان من التدليس القبيح ، لتحديثه عن عدد من الصحابة مع أنّه لم يسمع منهم (٦) ، وخاصة الخليفة عمر بن الخطّاب.

قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي : يصحّ لابن أبي ليلى سماع من عمر؟ قال : لا (٧).

وقال ابن أبي خيثمة : وقد روي سماعة من عمر من طرق ، وليس بصحيح (٨).

وقال الخليلي في الإرشاد : الحفّاظ لا يتثبتون سماعه من عمر (٩).

وقال ابن محرز : لم يسمع من عمر شيئا قطّ (١٠).

وقال ابن معين : لم يسمع من عمر ولا من المقداد ولا من عثمان (١١).

وقال أبو داود : لا أدري أيصحّ سماعه من عمر أم لا؟ وقد رأيت من يدفعه ـ

__________________

(١) العلل لابن حنبل ١ : ١١٦ (انظر هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٧).

(٢) العلل لابن حنبل ١ : ١١٦ (انظر هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٧).

(٣) انظر هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٧.

(٤) المصدر نفسه.

(٥) سنن الدار قطني ٢ : ٢٦٣.

(٦) كحديثه عن معاذ بن جبل ، والمقداد ، وأبو بكر ، وبلال ، وعثمان (انظر المراسيل : ١٠٨ وهامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٤).

(٧) المراسيل : ١٠٨.

(٨) تهذيب التهذيب ٦ : ٢٦٢.

(٩) المصدر نفسه.

(١٠) هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٦.

(١١) تهذيب التهذيب ٧ : ٢١٢.

٢٥٥

أي السماع ـ (١).

وقال الدوري : سئل يحيى بن معين عن ابن أبي ليلى عن عمر ، فقال : لم يره (٢).

والمطالع حينما يقف على نصّ لابن أبي ليلى عن عمرو هو يصف مشاهدة حسّيّة عنه ـ مع عدم ثبوت سماعه عنه ـ فيقول : رأيت عمر يمسح ، ورأيت عمر حين رأى الهلال (٣) ، وأمثالها ، يعرف شناعة هذا الفعل القبيح منه.

وقد يقال في نقض الكلام السابق :أنّه لا مانع من أن يكون قد رأى عمر ، غاية الأمر أنه لم يسمع منه ، فعدم سماعه منه شي‌ء ورؤيته له شي‌ء آخر.

فإن قيل هكذا قلنا :

بأنّ ابن أبي ليلى مضافا إلى ثبوت عدم سماعه من عمر عند المحققين فهو لم يره أيضا ، على ما هو صريح ابن معين ، حيث سئل عن ابن أبي ليلى عن عمر ، فقال : لم يره ، فقيل له : الحديث الذي يروي «كنّا مع عمر نتراءى الهلال»؟ فقال : ليس بشي‌ء (٤).

وقال الآجري : قلت لأبي داود : سمع من عمر؟ قال : لا أدري يصحّ أم لا؟

قال : رأيت عمر يمسح ، ورأيت عمر حين رأى الهلال ، قال أبو داود : وقد رأيت من يدفعه (٥).

وبعد كل ما تقدّم يمكننا أن نقول : إنّ هذا هو التدليس الذي أجمع أهل القبلة على عدم اعتباره وعدوّه من الكذب الصريح ، وعلى ذلك : لا يمكن الاعتماد على رواية سندها هكذا.

والحاصل :إنّ هذا الطريق بيّن ضعفه ، ظاهر خلله ، فلا يمكن الاحتجاج به. على أنّ الرواية لم يذكر فيها حكم الرجلين لا مسحا ولا غسلا ، فتأمّل!!

__________________

(١) هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٦.

(٢) هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٤.

(٣) هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٤.

(٤) تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٦.

(٥) سؤالات الآجري ، لأبي داود ٣ : ١٩٣ كما في هامش تهذيب الكمال ١٧ : ٣٧٤.

٢٥٦

ه ـ ما حكاه الخولاني عن ابن عباس :

أنّ عليّا علّمه الوضوء.

الإسناد

قال أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحرّاني (١) ، حدثنا محمد ـ يعني ابن سلمة (٢) ـ عن محمد بن إسحاق (٣) ، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة (٤) ، عن عبيد اللّٰه الخولاني (٥) ، عن ابن عباس ، قال : دخل عليّ عليّ ـ يعني ابن أبي طالب ـ وقد أهراق الماء فدعا بوضوء ، فأتيناه بتور فيه ماء حتى وضعناه بين يديه ، فقال :يا ابن عباس ، ألا أريك كيف كان يتوضّأ رسول اللّٰه صلى‌الله‌عليه‌وآله؟

قلت : بلى.

قال : فأصغى الإناء على يده فغسلها ، ثمّ أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى [ثمّ غسل كفّيه] ثم تمضمض واستنثر ، ثمّ أدخل يديه في الإناء جميعا فأخذ بهما حفنة من ماء فضرب بها على وجهه ، ثمّ ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه ، ثم الثانية ، ثم الثالثة مثل ذلك ، ثمّ أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته فتركها تستن على وجهه ، ثمّ غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا ، ثمّ مسح رأسه

__________________

(١) هو عبد العزيز البكائي ، أبو الإصبع الحراني ، مولى بني البكاء ، روى له أبو داود والنسائي (انظر تهذيب الكمال ١٨ : ٢١٥ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٣٦٢ ، والضعفاء للعقيلي ٣ : ٢٠) وغيرها من المصادر.

(٢) هو محمد بن سلمة الباهلي ، مولاهم أبو عبد اللّٰه الحراني ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٢٥ : ٢٨٩ ، تهذيب التهذيب ٩ : ١٩٣ ، الجرح والتعديل ٧ الترجمة ١٤٩٤) وغيرها من المصادر.

(٣) هو محمد بن إسحاق بن يسار ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٠٥ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٣٨ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٣٣) وغيرها من المصادر.

(٤) هو محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة (انظر تهذيب الكمال ٢٥ : ٤٢١ وتهذيب التهذيب ٩ : ٢٣٩ ، الجرح والتعديل ٧ الترجمة ٦٨٧) وغيرها من المصادر.

(٥) هو عبيد اللّٰه بن الأسود الخولاني ، ربيب ميمونة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، روى له الجماعة سوى الترمذي وابن ماجة (انظر تهذيب الكمال ١٩ : ٦٠ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٣) وغيرهما من المصادر.

٢٥٧

وظهور أذنيه ، ثمّ أدخل يديه جميعا فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل ففتلها بها ، ثمّ الأخرى مثل ذلك ، قال : قلت : وفي النعلين؟ قال : وفي النعلين ، قال : قلت : وفي النعلين؟ قال : وفي النعلين ، قال قلت : وفي النعلين؟ قال : وفي النعلين (١).

المناقشة

يضعّف هذا الطريق من جهتين :

الأولى : من جهة عبد العزيز الحراني ـ شيخ أبي داود ـ حيث ذكره البخاري في الضعفاء (٢).

قال ابن حجر : صدوق ربّما يهم (٣).

وقال أبو حاتم : صدوق (٤).

وقال ابن عديّ : لا بأس برواياته (٥).

ويظهر من كلام الذهبيّ في الميزان التوقّف في توثيقه (٦) ، وقد ذكره في المغني (٧) والديوان (٨) ، وأورده العقيلي (٩) وغيره في الضعفاء.

الثانية : من جهة محمد بن إسحاق الذي توقّف الرجاليّون في توثيقه ، بل صدرت منهم في حقّه جروحات كثيرة ، منها : قول مالك : دجّال من الدجاجلة (١٠).

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ٢٩ ح ١١٧ باب صفة وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) انظر ميزان الاعتدال ٢ : ٦٣٨.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٥١٢.

(٤) تهذيب الكمال ١٨ : ٢١٦ ، الجرح والتعديل ٥ : الترجمة ١٨٥٢.

(٥) الكامل (لابن عدي) ٥ : ٢٩٢.

(٦) ميزان الاعتدال ٢ : ٦٣٥.

(٧) المغني في الضعفاء ٢ : الترجمة ٣٧٦١.

(٨) ديوان الضعفاء الترجمة ٢٥٧٩.

(٩) الضعفاء الكبير للعقيلي ٣ : ٣٠.

(١٠) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤١٥ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٣٨ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٤١.

٢٥٨

وقال الجوزجاني : يرمي بغير نوع من أنواع البدع (١).

وقال أحمد بن حنبل : كان يدلّس (٢) ، وقال أيضا : ليس بحجة (٣).

وقال ابن أبي خيثمة : قال ابن معين : ليس بذاك ، ضعيف (٤) ، وعن ابن أبي خيثمة. عن ابن معين : سقيم ليس بالقوي (٥).

وقال الميموني ، قال ابن معين : ضعيف (٦).

وروى أبو زرعة النصيري عن يحيى : ثقة وليس بحجة (٧) ، ومثله الدوري عن يحيى (٨).

وقال النسائي : ليس بالقوي (٩).

وقال الدار قطني : لا يحتج به (١٠).

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : ليس عندي في الحديث بالقويّ ، ضعيف الحديث (١١).

وقال هشام بن عروة : ابن إسحاق كذّاب (١٢).

وقال أبو داود الطيالسي : ما رويت عنه إلّا بالاضطرار (١٣).

وكان يحيى بن سعيد : يضعفه (١٤).

__________________

(١) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤١٨ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٤٣.

(٢) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢١ ، تاريخ بغداد ١ : ٤٣٠.

(٣) سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٦ ، تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٢ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٣٠.

(٤) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٣ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٦.

(٥) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٣ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٦.

(٦) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٢ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٧ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٣١.

(٧) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٢ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٤٧ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٣١.

(٨) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٢ ، حكاه عن تاريخ الدوري ٢ : ٥٠٥ وسير أعلام النبلاء ٧ : ٤٧.

(٩) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٤ ، الضعفاء للنسائي الترجمة ٥١٣ وتهذيب التهذيب.

(١٠) سير أعلام النبلاء ٧ : ٥٤.

(١١) الجرح والتعديل ٧ الترجمة ١٠٨٧ وانظر هامش تهذيب الكمال ٢٤ : ٤٢٨.

(١٢) سير أعلام النبلاء ٧ : ٥٤.

(١٣) سير أعلام النبلاء ٧ : ٥٢.

(١٤) سير أعلام النبلاء ٧ : ٥٢.

٢٥٩

واتّهمه يحيى بالكذب وقال : تركت ابن إسحاق متعمّدا (١).

والحاصل : فإنّ الطريق ـ الذي فيه راو كهذا ـ يسقط عن الاعتماد والحجية ببعض الأقوال المتقدّمة فكيف بكلها؟!

و ـ ما روى عن الحسين بن علي عنه

الإسناد

قال النسائي : أخبرنا إبراهيم بن الحسن المقسمي (٢) ، قال : أنبأنا حجاج (٣) ، قال : قال ابن جريح : حدّثني شيبة أنّ محمد بن علي أخبره ، قال : أخبرني أبي عليّ ، أنّ الحسين بن علي قال : دعاني أبي عليّ بوضوء ، فقرّبته له ، فبدأ فغسل كفّيه ثلاث مرّات قبل أن يدخلهما في وضوءه ، ثمّ مضمض ثلاثا واستنثر ثلاثا ، ثمّ غسل وجهه ثلاث مرات ، ثمّ غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ، ثمّ اليسرى كذلك ، ثمّ مسح برأسه مسحة واحدة ، ثمّ غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثا ، ثمّ اليسرى كذلك ، ثمّ قام قائما فقال : ناولني ، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائما ، فعجبت ، فلمّا رآني قال : لا تعجب ، فإني رأيت أباك النبيّ ٩ يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا ، وشرب فضل وضوئه قائما (٤).

المناقشة

يتكلّم في هذا الطريق من جهتين :

الأولى : من جهة حجاج بن محمد المتكلّم في حفظه وضبطه ، فقد روى إبراهيم

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٧ : ٥٢.

(٢) الخثعمي ، أبو إسحاق المصيصي المعروف بالمقسمي ، لم يرو له أصحاب الصحاح ، نعم روى له الترمذي والنسائي (انظر تهذيب الكمال ٢ : ٧٢).

(٣) هو حجاج بن محمد المصيصي ، أبو محمد الأعور ، روى له الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٥ : ٤٥١ ، التاريخ الكبير للبخاري ٢ : الترجمة ٢٨٤٠ ، سير أعلام النبلاء ٩ : ٤٤٧ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٢٠٥) وغيرها من المصادر.

(٤) سنن النسائي ١ : ٦٩ باب صفحة الوضوء.

٢٦٠