شرح ابن عقيل - ج ٢

محمّد محيى الدين عبد الحميد

شرح ابن عقيل - ج ٢

المؤلف:

محمّد محيى الدين عبد الحميد


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العلوم الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

وعدتنّ ، وعد ، وعدت ، وعدا ، وعدتا ، وعدوا ، وعدن» وتقول : «يسرت ، يسرنا ، يسرت ، يسرت ، يسرتما ، يسرتم ، يسرتنّ ، يسر ، يسرا ، يسرنا ، يسروا ، يسرن».

حكم مضارعه وأمره :

أما اليائىّ فمثل السالم لا يحذف منه شىء (١) ، ولا يعلّ بأى نوع من أنواع الإعلال.

وأما الواوى فتحذف واوه من المضارع والأمر وجوبا ؛ بشرطين :

الأول : أن يكون الماضى ثلاثيا مجردا (٢) نحو «وصل ، وورث».

الثانى : أن تكون عين المضارع مكسورة : سواء أكانت عين الماضى مكسورة أيضا ، نحو «ورث يرث ، ووثق يثق ، ووفق يفق ، ووعم يعم» أم كانت عين الماضى مفتوحة ، نحو «وصل يصل ، ووعد يعد ، ووجب يجب ، ووصف يصف».

فإن اختل الشرط الأوّل : بأن كان الفعل مزيدا فيه نحو «أوجب ، وأورق ، وأوعد ، وأوجف» ونحو «واعد ، وواصل ، ووازر ، وواءل» لم تحذف الواو لعدم الياء المفتوحة (٣) ، تقول : يوجب ، ويورق ، ويوعد ، ويوجف ، وبواعد ، ويواصل ، ويوازر ، ويوائل».

وإن اختل الشرط الثانى : بأن كانت عين المضارع مضمومة ، أو مفتوحة ـ لم تحذف الواو لعدم الكسرة (٤) تقول : «يوجه ، ويوجز ، ويوضؤ ،

__________________

(١) وشذ من ذلك كلمتان حكاهما سيبويه وهما يسر يسر ـ كوعد يعد ـ ويئس يئس ؛ ـ كوهم يهم ـ فى لغة.

(٢) وحينئذ يكون حرف المضارعة مفتوحا ؛ ولهذا فإن أكثر الصرفيين يجعل الشرط فتح حرف المضارعة.

(٣) ولهذا لو كان نحو «وعد ، ووصف ، وورث ، ووعم» مبنيا للمجهول لم

٦٢١

ويوخم ، ويوقح» وكذا «يوجل ، ويوهل» وفى القرآن الكريم : (١٥ ـ ٥٣) : (لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ).

ولم يشذّ من المضارع المضموم العين إلا كلمة واحدة ، وهى «يجد» فى لغة عامر ، وقد تقدمت.

وقد شذ من المضارع المفتوح العين عدّة أفعال : فسقطت الواو فيها ، وقياسها البقاء ، وهى : «يذر ، ويسع ، ويطأ ، ويلع ، ويهب ، ويدع ، ويزع ، ويقع ، ويضع ، ويلغ» (١).

وشذت أفعال مكسورة العين فى المضارع وقد سلمت من الحذف فى لغة عقيل ، وهى : «يوغر ، ويوله ، ويولغ ، ويوحل ، ويوهل» وهى عند غير عقيل : مفتوحة العين ، أو محذوفة الفاء.

والأمر ـ فى هذا كله ـ كالمضارع ، إلّا فيما سلمت واوه من الحذف ، وهو مفتوح العين أو مكسورها ؛ فإن الواو فى هذين تقلب باء ؛ لوقوعها ساكنة إثر همزة الوصل المكسورة ، تقول : «إيجل ، إيهل ، إيغر» بكسر العين عند عقيل ، وفتحها عند غيرهم.

وتقول فى أمر المحذوف الفاء : «رث ، وثق ، وفق ، وعم ، وصل ،

__________________

تحذف الواو من مضارعه ، تقول : «يوعد ، ويوصف ، ويورث ، ويوعم» بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر.

(١) اعلم أن كثيرا من العلماء يذهب إلى أن سقوط الواو فيما عدا «يطأ ويسع» جاء موافقا للقياس ، مدعيا أن أصل هذه الأفعال جميعها مكسور العين على مثال «يضرب» وقد حذفت الواو للياء المفتوحة والكسرة ، وبعد الحذف فتحوا العين استثقالا لاجتماع الكسرة وحرف الحلق ، واستصحبوا الأصل بعد فتح العين فلم يعيدوا الواو ، أما «يطأ ، ويسع» فهما شاذان إجماعا ؛ لأن ماضيهما مكسور العين ، فقياسه فتح عين المضارع ، وأما «يذر» فمحمول على «يدع» لأنه بمعناه.

٦٢٢

وعد ، وصف» وتقول أيضا : «ذر ، وسع ، وطأ ، ولع ، وهب ، ودع ، وزع ، ولغ».

وإنما حذفت الواو فى الأمر مع عدم وجود الياء المفتوحة ـ حملا على حذفها فى المضارع ؛ إذ الأمر إنما يقتطع منه.

(تنبيهان) : الأول : إذا كان مصدر الفعل المثال الواوىّ على مثال «فعل» ـ بكسر الفاء ـ جاز لك أن تحذف فاءه (١) ، وتعوّض عنها التاء بعد لامه ، نحو «عدة ، وزنة ، وصفة» وتعويض هذه التاء واجب : لا يجوز عدمه عند الفراء ، ومذهب سيبويه ـ رحمه الله! ـ أن التعويض ليس لازما ، بل يجوز التعويض كما يجوز عدمه (٢) ، تمسكا بقول الفضل بن العباس :

إن الخليط أجدّوا البين فانجردوا

و أخلفوك عد الأمر الّذى وعدوا

الثانى : إذا أردت أن تبنى على مثال «افتعل» من المثال الواوىّ أو اليائىّ لزمك أن تقلب فاءه تاء ، ثم تدغمها فى تاء افتعل ، ولا يختص ذلك بالماضى ، ولا بسائر أنواع الفعل ، بل جميع المشتقات وأصلها فى ذلك سواء ، تقول : «اتّصل ، واتّعد ، واتّقى ، يتّصل ، ويتّعد ، ويتّقى ، اتّصل ، واتّعد ، واتّق ، اتّصالا ، واتّعادا ، واتّقاء ؛ فهو متّصل ، ومتّعد ، ومتّق ـ إلخ» ، وتقول : «اتّسر ، يتّسر ، اتّسارا ـ إلخ».

والأصل «اوتصل» فقلبت الواو تاء فصار «اتتصل» فلم يكن بدّ من الإدغام ، لوقوع أوّل المتجانسين ساكنا ، وثانيهما متحركا ، وكذا الباقى.

__________________

(١) وشذ الحذف مع التعويض فى غير المصدر ، نحو «رقة ـ اسم للفضة ، وحشة ـ اسم للأرض الموحشة ـ وجهة ـ اسم للمكان الذى تتوجه إليه»

(٢) بشرط ألا يقصد بالمصدرين بيان الهيئة.

٦٢٣

الفصل الخامس

فى الأجوف ، وأحكامه

وهو (١) ـ على ما سبقت الإشارة إليه ـ ما كانت عينه حرفا من أحرف العلة وهو على أربعة أنواع ؛ لأن عينه إما أن تكون واوا ، وإما أن تكون ياء ، وكل منهما إما أن تكون باقية على أصلها ، وإما أن تقلب ألفا.

فمثال ما عينه واو باقية على أصلها «حول ، وعور ، وصاول ، وقاول ، وحاول ، وتقاولا ، وتحاورا ، واشتورا ، واجتورا».

ومثال ما أصل عينه الواو وقد انقلبت ألفا «قام ، وصام ، ونام ، وخاف ، وأقام ، وأجاع ، وانقاد ، وانآد ، واستقام ، واستضاء».

ومثال ما عينه ياء باقية على أصلها «غيد ، وحيد ، وصيد ، وبايع ، وشايع ، وتبايعا ، وتسايفا».

ومثال ما أصل عينه الياء وقد قلبت ألفا «باع ، وجاء ، وأذاع ، وأفاء ، وامتار ، واستراب ، واستخار».

ويجىء مجرده بالاستقراء على ثلاثة أوجه ، الأول : مثال «علم يعلم» واويا كان أو يائيا ، نحو «خاف يخاف ، ومات يمات (٢) ، وهاب يهاب ، وعور يعور ، وغيد يغيد» والثانى : مثال «نصر ينصر» ولا يكون إلا واويا ، نحو «ماج يموج ، وذاب يذوب» ، الثالث : مثال «ضرب يضرب» ولا يكون

__________________

(١) ويقال له : «ذو الثلاثة» لأن أكثره يكون على ثلاثة أحرف مع الضمير المتحرك على ما ستعرف ، والأقل محمول على الأكثر ، ولا يلزم إطلاق الاسم كلما وجدت علة التسمية على ما هو معلوم.

(٢) لغة فى «مات يموت».

٦٢٤

إلا يائيا ، نحو «طاب يطيب ، وعاش يعيش» ولم يجىء على غير هذه الأوجه (١).

حكم ماضيه قبل اتصال الضمائر به :

يجب تصحيح عينه ـ أى بقاؤها على حالها ، واوا كانت أو ياء ـ فى المواضع الآتية ، وهى :

أولا : أن يكون على مثال فعل ـ بكسر العين (٢) ـ بشرط أن يكون الوصف منه على زنة «أفعل» وذلك فيما دلّ على حسن أو قبح ، نحو «حول فهو أحول ، وعور فهو أعور ، وحيد فهو أحيد ، وغيد فهو أغيد» فإن كان على مثال فعل ـ بفتح العين ـ اعتلت عينه ـ أى : قلبت ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ـ نحو «باع ، وعاث ، وقال ، وصام» وإن كان على مثال فعل ـ بالكسر ـ لكن الوصف منه ليس على مثال افعل وجب إعلاله أيضا ، نحو «خاف فهو خائف ، ومات فهو ميّت».

وشذّ الإعلال فى نحو قول الشاعر :

__________________

(١) وردت كلمة واحدة على مثال كرم يكرم ، وهى قولهم «طال يطول» عند بعض العلماء ، وهى عند غيرهم من باب نصر.

(٢) إنما أعلوا فعل ـ بفتح العين ـ ولم يعلوا فعل المكسور إذا كان وصفه على أفعل مع وجود العلة المقتضية للاعلال فى كليهما ، وهى تحرك الواو أو الياء مع انفتاح ما قبلهما ـ لعلة اقتضت التصحيح فى المكسور بشرطه ، وهى أن الأصل فى الدلالة على الألوان والعيوب هو صيغتا : افعل ، وافعال ـ بتشديد اللام فيهما ـ نحو اعمش واعماش ، واحمر واحمار ، وهاتان الصيغتان يجب فيهما التصحيح لسكون ما قبل العين ، نحو احول واعور ، واحوال واعوار ، واغيد ، واحيد ، واغياد ، واحياد ، وصيغة فعل ـ بكسر العين ـ الذى الوصف منه على أفعل ـ مقتطعة من هاتين ؛ فبقيت على ما كان لها قبل الاقتطاع وهو التصحيح.

٦٢٥

وسائلة بظهر الغيب عنّى

أعارت عينه أم لم تعارا (١)

ثانيا : أن يكون على صيغة «فاعل» : سواء أكانت العين واوا ، نحو «حاول ، وجاول ، وقاول ، وصاول» أم كانت العين ياء نحو «بايع ، وضايق ، وباين ، وداين» وعلة وجوب تصحيح هذه الصيغة أن ما قبل العين ساكن معتلّ ، ولا يقبل إلقاء حركة العين عليه.

ثالثا : أن يكون على مثال «تفاعل» : سواء أكانت العين واوا ، نحو «تجاولا ، وتصاولا ، وتقاولا ، وتفاوتا ، وتناوشا ، وتهاونا» أم كانت العين ياء نحو «تداينا ، وتبايعا ، وتباينا ، وتزايد ، وتمايد» والعلة فى وجوب تصحيح هذه الصيغة هى العلة السابقة فى «فاعل» قال تعالى (٢ ـ ٢٨٢) : (إِذا تَدايَنْتُمْ).

رابعا : أن يكون على مثال «فعّل» ـ بتشديد العين ـ سواء أكان واويا ، نحو «سوّل ، وعوّل ، وسوّف ، وكوّر ، وهوّن ، وهوّم» أم كان يائيا ، نحو «بيّن ، وبيّت ، وسيّر ، وخيّر ، وزيّن ، وصيّر» ولم تعتل العين فرارا من الإلباس ؛ إذ لو قلبتها ألفا لقلت فى «بيّن» مثلا : «باين» ، قال تعالى (٥ ـ ٣٠) : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ).

خامسا : أن يكون على مثال «تفعّل» سواء أكان واويا نحو «تسوّل ، وتسوّر ، وتهوّع ، وتقوّل ، وتلوّن ، وتأوّل» أم كان يائيا ، نحو «تطيّب ، وتغيّب ، وتميّز ، وتصيّد ، وتشيّع ، وتريّث» والعلة هى علة السابق ، قال الله تعالى (٣٨ ـ ٢١) : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) وقال سبحانه (١٤ ـ ٤٥) : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ).

__________________

(١) الهمزة فى قوله «أعارت» للاستفهام ، والألف فى آخر قوله «تعارا» منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة للوقف.

٦٢٦

سادسا : أن يكون على مثال «افعلّ» سواء أكان واويا نحو «احولّ ، واعورّ ، واسودّ» أم كان يائيا ، نحو «ابيضّ ، واغيدّ ، واحيدّ» ولم تعلّ العين لسكون ما قبلها ، ولم تنقل حركتها إلى الساكن ـ مع أنه حرف جلد يقبل الحركة ثم تعلّ فرارا من التقاء الساكنين ، ومن الإلباس ، قال الله تعالى (٣ ـ ١٠٦) : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) وقال (٣ ـ ١٠٧) : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ).

سابعا : أن يكون على مثال «افعال» سواء أكان واويا نحو «احوال ، واعوارّ» أم كان يائيا ، نحو «ابياضّ ، واغيادّ» والعلة فى وجوب تصحيحه هى علة السابق.

ثامنا : أن يكون على مثال «افتعل» وذلك بشرطين ؛ أحدهما : أن تكون عينه واوا ، والثانى : أن تدل الصيغة على المفاعلة ، نحو «اجتوروا ، واشتوروا ، وازدوجوا» فإن كانت العين ياء سواء أكانت الصيغة دالة على المفاعلة أم لم تكن ، نحو «ابتاعوا ، واستافوا ، واكتال ، وامتار» ـ وجب إعلاله ، وكذلك إن كانت العين واوا ولم تدل الصيغة على المفاعلة ، نحو «استاك ، واستاق ، واستاء ، واقتاد».

ويجب الإعلال فيما عدا ذلك ، وهو ـ عدا ما سبق ـ صيغ : «أفعل ، وانفعل ، واستفعل» نحو «أجاب ، وأقام ، وأهاب ، وأخاف» (١) ،

__________________

(١) أصل «أقام» ونحوه : أقوم ـ على مثل أكرم ـ نقلت حركة الواو ـ أو الياء ـ إلى الساكن قبلها ، ثم يقال : تحركت الواو بحسب الأصل وانفتح ما قبلها بحسب الحال ، فقلبت ألفا ، فصار أقام ، فالإعلال فى هذه الصيغة بالنقل أولا وبالقلب بعده.

٦٢٧

ونحو «انقاد ، وانداح ، وانماح ، وانماع» (١) ، ونحو : «استقام ، واستقال ، واستراح ، واستفاد» (٢).

وقد وردت كلمات على صيغة «أفعل» وكلمات أخرى على صيغة «استفعل» مما عينه حرف علة من غير إعلال ، من ذلك قولهم : «أغيمت السماء ، وأعول الصبىّ ، واستحوذ عليهم الشيطان ، واستنوق الجمل ، واستتيست الشاة ، واستغيل (٣) الصبىّ ، وقال عمر بن أبى ربيعة :

صددت فأطولت الصّدود ؛ وقلّما

وصال على طول الصّدود يدوم

وقد اختلف العلماء فى هذا ونحوه ؛ فذهب أبو زيد والجوهرى إلى أنه لغة فصيحة لجماعة من العرب بأعيانهم (٤) وذهب كثير من العلماء إلى أن ما ورد من ذلك شاذ لا يقاس عليه ، وفرق ابن مالك بين ما سمع من ذلك وله ثلاثى مجرد ـ نحو «أغيمت السماء» ، فإنه يقال «غامت السماء» فمنع أن يكون التصحيح فى هذا النوع مطردا ، وما ليس له ثلاثى مجرد ـ نحو «استنوق الجمل» ـ فأجاز التصحيح فيه (٥).

__________________

(١) أصل «انقاد» ونحوه : انقود ـ على مثال انكسر ـ وقعت الواو أو الياء متحركة مفتوحا ما قبلها ، فلزم قلبها ألفا ، فصار «انقاد» فالإعلال فى هذه الصيغة بالقلب وحده.

(٢) أصل استفاد ونحوه : استفيد ـ على مثال استغفر ـ فنقلت حركة حرف العلة إلى الساكن قبله ، ثم قلب حرف العلة ألفا كما فى أقام ؛ فالإعلال فى هذه الصيغة بالنقل ثم بالقلب.

(٣) أى : شرب الغيل ـ بفتح فسكون ـ وهو لبن الحامل.

(٤) أى : فيجوز على لغتهم قياس ما لم يسمع على ما سمع.

(٥) والذى نذهب إليه ونرى أنه موافق لما وردنا من لغات العرب ، وإن لم نجد أحدا من العلماء ذكره صراحة ـ هو أن مسألة نقل حركة حرف العلة إلى الساكن

٦٢٨

حكم الماضى عند اتصال الضمائر به :

أما الصيغ التى يجب فيها التصحيح ، فإن حكمها كحكم السالم : لا يحذف منها شىء ، سواء أكان الضمير ساكنا أم كان متحركا ، تقول : «غيدت ، وحولت ، وغيدا ، وحولا ، وغيدوا ، وحولوا» وتقول : «حاولت ، وداينت ، وحاولا ، وداينا ، وحاولوا ، وداينوا» وكذا «تقاولت ، وتمايدت ، وتقاولا ، وتمايدا» وكذا «عوّلت ، وبيّنت ، وعوّلا ، وبيّنا ـ إلخ».

أما الصيغ التى يجب فيها الإعلال ، فإن أسندت إلى ضمير ساكن أو اتصلت بها تاء التأنيث ؛ بقيت على حالها ، تقول : باعا ، وقالا ، وخافا ، وابتاعا ، واستاكا ، وابتاعوا ، واستاكوا ، وأجابا ، وأهابا ، وأجابوا ، وأهابوا ، وانقادا ، وانماعا ، وانقادوا ، وانماعوا ، واستقاما ، واستفادا ، واستقاموا ، واستفادوا».

وإن أسندت إلى ضمير متحرك وجب حذف العين : تخلصا من التقاء الساكنين.

وحينئذ فجميع الصيغ التى تشتمل على حرف زائد أو أكثر يجب أن تبقى بعد حذف العين على حالها ، تقول : «ابتعت ، واستكت ، وأجبت ، وأهبت ، وانقدت ، واستقمت ، واستفدت» (١) إلخ.

__________________

الصحيح قبله فى مواضعها الأربعة ـ ونستثنى من ذلك أن تكون حركة حرف العلة ضمة أو كسرة فى الفعل ؛ لثقل اجتماعهما حينئذ ـ ليست أمرا واجبا كقلب الواو أو الياء ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما حقيقة ، بل ذلك أمر يجوز ارتكابه كما يجوز عدمه ؛ فالعلل المقتضية للاعلال عندنا نوعان : أحدهما موجب ، والآخر مجوز ، والدليل على هذا أن مواضع النقل الأربعة كلها قد جاء فيها الإعلال ، وجاء فيها التصحيح على الأصل ، وقد ذكر العلماء فى كل ما جاء مصححا منها خلافا فى أنه شاذ أو لغة لجماعة من العرب.

(١) لا يخفى عليك أن أصل «أجبت» وأخواته قبل الإسناد إلى الضمير وبعد

٦٢٩

وأما الثلاثى المجرد : فإن كان على «فعل» بكسر العين ـ وذلك باب «علم» ـ وجب كسر الفاء إيذانا بحركة العين المحذوفة ، ولا فرق فى هذا النوع بين الواوى واليائى ، تقول : «خفت ، ومتّ ، وهبت» (١) وإن كان على مثال «فعل» ـ بفتح العين ـ وذلك باب «ضرب» وباب «نصر» فرق بين الواوىّ واليائى ؛ فتضم فاء الواوى ـ وهو باب «نصر» ـ إيذانا بنفس الحرف المحذوف ، وتكسر فاء اليائى ـ وهو باب «ضرب» ـ لذلك السبب. تقول : «صمت ، وقدت ، وقلت (٢)» وتقول : «بعت ، وطبت. وعشت (٣)» وإن كان مضموم العين على فعل ـ حذفت العين وضمت الفاء للدلالة على الواو ؛ نحو «طلت» قال الله تعالى : (١٩ ـ ٥) : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) وقال سبحانه (٢٠ ـ ٦٨) : (قُلْنا

__________________

الإعلال بالنقل والقلب «أجاب» فلما أرادوا الإسناد إلى الضمير المتحرك لزمهم إسكان الآخر ، والألف قبله ساكنة ، فاضطروا إلى حذف حرف العلة للتخلص من التقاء الساكنين.

(١) أصل «خفت» وأخواته «خاف» بعد الإعلال الذى سبق بيانه ، وحذفوا حرف العلة عند الإسناد ؛ لاضطرارهم إلى تسكين آخر الفعل ، وحركوا الفاء بالكسرة دلالة على حركة العين التى حذفوها.

(٢) أصل «قلت» وأخوانه «قال» فحذفوا العين عند الإسناد للضمير المتحرك للعلة التى سبق بيانها ، وحركوا الفاء بالضمة إشعارا بأن المحذوف واو.

(٣) أصل «طبت» وأخواته «طاب» فحذفوا العين عند الإسناد لما ذكرنا ، وحركوا الفاء بالكسرة إيذانا بأن المحذوف ياء.

ومن هنا تعلم أن الفاء تكسر فى الأجوف الثلاثى إذا أسند إلى الضمير المتحرك فى موضعين ، الأول : إذا كانت العين المحذوفة مكسورة ، والثانى : إذا كانت العين مفتوحة وأصلها الياء ، ولكن الكسرة فى الأول إيذان بالحركة ، وفى الثانى إيذان بالحرف ، وتضم فى موضعين أيضا بهذه المنزلة.

٦٣٠

لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) وقال جل شأنه (١٩ ـ ٢٣) : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا)(١) ؛ وقال (١٤ ـ ١٠) : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ) وقال (٤١ ـ ١١) : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وقال (١٥ ـ ١٩) : (قالوا إن نحن إلا بشر مثلكم).

حكم مضارعه :

أما المضارع من الصيغ التى يجب التصحيح فى ماضيها فهو على غرار المضارع من السالم : لا يتغير فيه شىء بأى نوع من أنواع التغيير ، تقول : «غيد يغيد ، وحور يحور ، وناول يناول ، وبايع يبايع ، وسوّل يسوّل ، وبين يبيّن ، وتقوّل يتقوّل ، وتبيّن يتبيّن ، وتبايع يتبايع ، وتهاون يتهاون ، واحولّ يحولّ ، واغيدّ يغيدّ ، واجتور يجتور ، واحوالّ يحوالّ ، واغيادّ يغيادّ».

وأما المضارع مما يجب فيه الإعلال ؛ فإنه يعتل أيضا ، وهو فى اعتلاله على ثلاثة أنواع :

الأول : نوع يعتل بالقلب وحده ، وذلك المضارع من صيغتى «انفعل وافتعل» (٢) ؛ فإنّ حرف العلة فيهما ينقلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله ، نحو «انقاد ينقاد ، وانداح ينداح ، واختار يختار ، واشتار العسل يشتاره».

والأصل فى المضارع «ينقود ، ويختير» على مثال ينطلق ويجتمع ، فوقع كل من الواو والياء متحركا بعد فتحة فانقلب ألفا ؛ فصارا «يختار ، وينقاد».

__________________

(١) قرىء فى هذه الآية بكسر الميم وضمها : أما من كسرها فعنده أن الكلمة من باب علم يعلم كخاف ، وأما من ضمها فعنده أنها من باب نصر بنصر كقال يقول ، وهما لغتان سبقت الإشارة إليهما.

(٢) أما صيغة انفعل فتعل دائما : واوا كانت العين أو ياء ، ولا فرق فى هذه الصيغة بين جميع معانيها ، وأما صيغة افتعل فقد علمت أنه يجب فيها التصحيح إذا كانت العين واوا وكانت الصيغة دالة على المفاعلة ، فالكلام هنا على غير المستوفى هذين الشرطين من هذه الصيغة.

٦٣١

الثانى : نوع يعتل بالنقل وحده ، وذلك المضارع من الثلاثى ، الذى يجب فيه الإعلال ، ما لم يكن من باب «علم يعلم» ؛ فإنك تنقل حركة الحرف المعتل إلى الساكن الصحيح الذى قبله ، نحو «قال يقول ، وباع يبيع».

والأصل فى المضارع : «يقول ، ويبيع» على مثال ينصر ويضرب ؛ نقلت الضمة من الواو والكسرة من الياء إلى الساكن الصحيح قبلهما ؛ فصار «يقول ، ويبيع».

الثالث : نوع يعتل بالنقل والقلب جميعا ، وذلك مضارع الثلاثى الذى يجب فيه الإعلال إذا كان من باب «علم يعلم» والمضارع الواوى من صيغتى «أفعل واستفعل» نحو «خاف يخاف ، وهاب يهاب ، وكاد يكاد» ونحو «أقام يقيم ، وأجاب يجيب ، وأفاد يفيد» ونحو «استقام يستقيم ، واستجاب يستجيب ، واستفاد يستفيد».

والأصل فى مضارع الأمثلة الأولى : «يخوف» على مثال يعلم ـ فنقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها ؛ فصار «يخوف» ثم قلبت الواو ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ؛ فصار «يخاف».

والأصل فى مضارع الأمثلة الثانية : «يقوم» على مثال يكرم ، فنقلت كسرة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها ، فصار «يقوم» ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة (١) ، فصار «يقيم».

والأصل فى مضارع الأمثلة الثالثة : «يستقوم» على مثال يستغفر ، فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ، فصار «يستقوم» ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة ، فصار «يستقيم» (٢).

__________________

(١ ، ٢) من هنا نعلم أنه لو كانت العين فى صيغتى «أفعل ، واستفعل» ياء فى الأصل لم يكن فيهما إلا إعلال بالنقل فقط ، فلو بنيت على إحداهما من «بان» لقلت : «أبان يبين واستبان يستببن» ولم يكن فى المضارع إلا نقل حركة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها.

٦٣٢

وقس على ذلك أحواتهن.

واعلم أنه يجب بقاء المضارع على ما استقرّ له من التصحيح أو الإعلال ما دام مرفوعا أو منصوبا ، فإذا جزم : فإن كان مما يجب تصحيحه بقى على حاله ، وإذا كان مما يجب إعلاله ـ بأى نوع من أنواع الإعلال ـ وجب حذف حرف العلّة تخلصا من التقاء الساكنين ، تقول : «يخاف التقىّ من عذاب الله ، ولن يستقيم الظّلّ والعود أعوج ، ولو لم يخف الله لم يعصه ، وإن تستقم تنجح» ويعود إليه ذلك الحرف المحذوف : إذا أسند إلى الضمير الساكن ، نحو «لا تخافوا» أو أكّد بإحدى نونى التوكيد ، نحو «وإمّا تخافنّ» ، وسيأتى ذلك إن شاء الله تعالى.

حكم أمره :

قد عرفت غير مرة أن الأمر مقتطع من المضارع : بحذف حرف المضارعة ، واجتلاب همزة الوصل مكسورة أو مضمومة إذا كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا ، وعلى هذا فالأمر من الأجوف الذى تصحّ عينه فى الماضى والمضارع مثل الأمر من السالم ، تقول : «اغيد ، وبيّن ، واجتورا» وما أشبه ذلك.

والأمر من الأجوف الذى تعتل عين ماضيه ومضارعه مثل مضارعه المجزوم : يجب حذف عينه ما لم يتصل بضمير ساكن ، أو يؤكد بإحدى النونين ، تقول : «خف ، واستقم ، وأجب» وتقول : «خافى ربّك ، وهابى عقابه» وتقول : «خافنّ خالقك» ونحو ذلك.

حكم إسناد المضارع للضمير :

إذا أسند المضارع من الأجوف إلى الضمير الساكن بقى على ما استحقه من الإعلال أو التصحيح ، ولم تحذف عينه ولو كان مجزوما ، تقول : «يخافان ، ويخافون ، وتخافين ، ولن يخافا ، ولن يخافوا ، ولن تخافى ، ولم تخافا ، ولم

٦٣٣

تخافوا ، ولم تخافى» وكذا الباقى من المثل. وإذا أسند إلى الضمير المتحرك حذفت عينه (١) إن كان مما يجب فيه الإعلال ، سواء أكان مرفوعا أم منصوبا أم مجزوما ، تقول : «النّساء يقلن ، ولن يثبن ، ولم يرعن».

حكم إسناد الأمر إلى الضمائر :

الأمر كالمضارع المجزوم : فلو أنه أسند إلى الضمير الساكن رجعت إليه العين التى حذفت منه حال إسناده للضمير المستتر ، تقول : «قولا ، وخافا ، وبيعا وقولوا ، وخافوا ، وبيعوا ، وقولى ، وخافى ، وبيعى» وإذا أسند إلى الضمير المتحرك بقيت العين محذوفة (٢) ، تقول : «قلن ، وخفن ، وبعن» قال الله تعالى (٢٠ ـ ٤٤) : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) وقال (٢ ـ ٨٣) : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) وقال (١٠ ـ ٨٩) : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ) وقال (٧٣ ـ ٢٠) : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقال (١٧ ـ ٧٨) : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) وقال (٣٣ ـ ٣٢) : (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) وقال (٤٦ ـ ٣١) : (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ).

__________________

(١) حذفت العين للتخلص من التقاء الساكنين ، لأن المضارع عند إسناده لنون النسوة يبنى على السكون ، وحرف العلة قبله ساكن أيضا ، والأمر ساكن الآخر فى حالتى تجرده عن الضمائر البارزة واتصاله بنون النسوة ، فلهذا تحذف عينه للعلة نفسها ، فإذا أسند إلى الضمير الساكن تحرك آخره ، فزالت العلة المقتضية للحذف فترجع العين.

(٢) صورة فعل الأمر المسند إلى نون النسوة مثل صورة الفعل الماضى المسند إليها ، ولكنهما يختلفان فى التقدير ، فأصل «قلن» الأمر : «قولن» فالمحذوف واو ، وضمة القاف أصل فى صيغة الأمر ، وأصل «قلن» الماضى : «قالن» فالمحذوف ألف ، وهذه الألف منقلبة عن واو ، وضمة القاف عارضة عند الإسناد ؛ للدلالة على أن المحذوف أصله الواو كما تقدم ، ومثله الباقى.

٦٣٤

الفصل السادس

فى الناقص ، وأحكامه

وهو ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ ما كانت لامه حرف علة ، وتكون اللام واوا أو ياء ، ولا تكون ألفا إلا منقلبة عن واو أو ياء.

وأنواعه ـ على التفصيل ـ ستة ؛ لأن كلا من الواو والياء إما أن يبقى على حاله ، وإما أن ينقلب ألفا ، وإما أن تنقلب الواو ياء ، وإما أن تنقلب الياء واوا ، وما آخره ألف إما أن تكون هذه الألف منقلبة عن واو ، وإما أن تكون منقلبة عن ياء.

فمثال الواو الأصلية الباقية : «بذو ، ورخو ، وسرو».

ومثال ما أصل لامه الواو وقد انقلبت ياء (١) : حظى ، وحفى ، وحلى ، ورجى ، ورضى ، وشقى» وكذا «حوى ، وقوى ، ولوى» وستأتى فى اللفيف.

ومثال ما أصل لامه الواو وقد انقلبت ألفا (٢) : «سما ، ودعا ، وغزا».

__________________

(١) هذا إنما يكون فى الماضى المكسور العين ـ وهو باب علم يعلم ليس غير ـ وذلك لأن الواو إذا تطرفت إثر كسرة قلبت ياء.

والدليل على أن أصل هذه الياءات واو يعرف من بعض استعمالات هذه الكلمة ، فمثلا «حفى» تجد مكان هذه الياء واوا فى «الحفوة» بضم الحاء أو كسرها ، وهى الاسم من الحفا ، وهو رقة القدم ، وكذلك تجد فى مكان الياء من «حلى» واوا فى مثل «الحلو ، والحلاوة ، والحلوان» وكلها مصادر حلى الشىء ـ من أبواب رضى ، ودعا ، وسرو ـ ضدمر ، وكذلك تجد فى مكان الياء من «رضى» واوا فى نحو «الرضوان ، والرضوة» ـ بكسر فسكون فيهما ـ وهكذا.

(٢) هذا إنما يكون فى الماضى المفتوح العين ـ وهو بالاستقراء بابان ؛ أحدهما باب نصر ينصر ، نحو «دعا يدعو ، وسما يسمو ، وعدا يعدو» والثانى باب فتح يفتح ، نحو «صغى يصغى ، وضحى يضحى».

والسر فى قلب الواو ألفا وقوعها متحركة مفتوحا ما قبلها ، وتعرف أن أصل

٦٣٥

ومثال الياء الأصلية الباقية : «رقى ، وزكى ، وشصى ، وطغى ، وصغى» ، ومثله «ضوى ، وعيى ، وهوى» وستأتى فى اللفيف.

ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت واوا (١) : «نهو» وليس فى العربية من هذا النوع سوى هذه الكلمة.

ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت ألفا (٢) : «رمى ، وكفى ، وهمى ، ومأى».

* * *

ويجىء الناقص على خمسة أوجه ؛ الأول : مثال «ضرب يضرب» (٣) ، نحو «مرى يمرى ، وفلى يفلى». الثانى : مثال «نصر ينصر» (٤) ، نحو «دعا يدعو ، وسما يسمو ، وعلا يعلو». الثالث : مثال «فتح يفتح» (٥) ،

__________________

الألف واو يبعض استعمالات هذه الألفاظ كالسمو ، والغزو ، والدعوة ، ونحو ذلك ، على المنهج الذى بيناه قبل هذا ، ولم يجىء الناقص الواوى من باب ضرب يضرب أصلا.

(١) إنما يكون ذلك فى الماضى المضموم العين ـ وهو باب كرم يكرم ـ وذلك لأن الياء إذا وقعت متطرفة إثر ضمة انقلبت واوا ، والذى يدل على أن أصل الواو فى «نهو» ياء وجود الياء فى بعض تصاريف هذه الكلمة ، وذلك قولهم : «نهية» للعقل.

(٢) هذا إنما يكون فى الماضى المفتوح العين ـ وذلك بالاستقراء بابان ؛ أحدهما باب فتح يفتح ، نحو «رأى يرى ، ونهى ينهى ، ونأى ينأى ، وسعى يسعى» والثانى باب ضرب يضرب ، نحو «هداه الله يهديه ، وقرى ضيفه يقريه ، وعصى يعصى ، وسقى يسقى».

(٣) ولا يكون إلا يائيا ، وتنقلب ياؤه فى الماضى ألفا كما علمت.

(٤) ولا يكون إلا واويا ، وتنقلب واوه فى ماضيه ألفا كما علمت.

(٥) وهذا يكون يائيا كما يكون واويا ؛ فمثال اليائى نهى ينهى ، ومثال الواوى صغا يصغى ، وتنقلب الواو والياء فى ماضيه ألفا كما أنبأتك.

٦٣٦

نحو «نحا ينحى ، وطغى يطغى ، ورعى يرعى ، وسعى يسعى». الرابع : مثال «كرم يكرم» (١) ، نحو «رخو برخو ، وسرو يسرو». الخامس : مثال «علم يعلم» (٢) ، نحو «حفى يحفى ، ورضى يرضى ، ورقى يرقى».

حكم ماضيه قبل الاتصال بالضمائر :

أما ما عدا الثلاثى المجرد فيجب فى جميعه قلب اللام ألفا ، وذلك لأن اللام فى جميعها متحركة الأصل مفتوح ما قبلها ، فحيثما وقعت الياء أو الواو فى إحدى هذه الصيغ فلن تقع إلا مستوجبة لقلبها ألفا (٣).

نحو : «سلقى ، وقلسى ، وأعطى ، وأبقى ، ودارى ، ونادى ، واهتدى ، واقتدى ، وانجلى ، وانهوى ، وتلقّى ، وتزكى ، وتراضى ، وتعامى ، واستدعى ، واستغشى».

__________________

(١) ولا يكون إلا واويا سوى كلمة «نهو» التى أشرنا إليها.

(٢) ويكون واويا كما يكون يائيا ؛ فمثال الواوى «حظى يحظى» ، ومثال اليائى «رقى يرقى» لكن تنقلب فى ماضيه الواو ياء كما أسلفت لك.

(٣) غير أن الذى أصله الياء فى هذه الصيغ جميعها قد قلبت ياؤه ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها من غير وساطة شىء آخر ، بخلاف ما أصله الواو منها ـ نحو أعطى ـ إذ أصله أعطو ـ على مثال أحسن ـ فإن هذه الواو تنقلب ياء أولا ، لكونها وقعت رابعة فصاعدا ، فيصير : أعطى ، ثم تقلب الياء ألفا ، ولهذا السبب فإنهم لا يفرقون فى غير الثلاثى المجرد بين ما أصله الياء وما أصله الواو فى الكتابة ، وعند الإسناد لألف الاثنين مثلا ، بل يكتبون الجميع بالياء ، ويقلبون ألفه ياء عند الإسناد لألف الاثنين إشارة إلى أن الذى أصله الواو قد صار إلى الياء قبل أن يصير ألفا ، وكذلك عند الإسناد إلى الضمائر المتحركة نحو أعطيت وأرضيت وتزكيت من الواوى.

فتلخص لك من هذا الكلام أن لام الناقص فى ماضى ما زاد على الثلاثة تعتل بالقلب ألفا البتة ، ولكنها على نوعين فى ذلك : الأول ما يحدث له هذا الإعلال بلا واسطة وهو اليائى ، والثانى : ما يحدث له هذا الإعلال بعد قلب حرف العلة فيه ياء وهو الواوى.

٦٣٧

والأصل فى جميع ذلك «أبقى» مثلا : تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ؛ فصار «أبقى» ، وقس الباقى.

أما الثلاثى المجرد : فإما أن تكون عينه مضمومة ، أو مكسورة ، أو مفتوحة.

فإن كانت عينه مضمومة ؛ فإن كانت اللام واوا سلمت ، نحو «سرو» وإن كانت ياء انقلبت واوا لتطرفها أثر ضمة ، نحو «نهو».

وإن كانت عينه مكسورة ؛ فإن كانت اللام ياء سلمت ، نحو «بقى» وإن كانت واوا انقلبت ياء لتطرفها إثر كسرة ، نحو «رضى».

وإن كانت عينه مفتوحة وجب قلب لامه ألفا ـ واوا كان أصلها ، أو ياء ـ لتحرك كل منهما وانفتاح ما قبله ، نحو «سما ، ورمى».

حكم مضارعه قبل الاتصال بالضمائر :

النظر فى المضارع يتبع حركة ما قبل الآخر ؛ فإن كانت ضمة ـ وهذا لا يكون إلا فى مضارع الثلاثى الواوى (١) ـ صارت اللام واوا (٢) ، نحو «يسرو ، ويدعو» وإن كانت كسرة ـ ويكون ذلك فى مضارع الثلاثى اليائى ، وفى مضارع الرباعى كله ، وفى مضارع المبدوء بهمزة الوصل من الخماسى والسداسى ـ صارت اللام ياء (٣) ، نحو «يرمى ويعطى ، وينهوى ، ويستولى» وإن كانت الحركة فتحة ـ ويكون هذا فى مضارع الثلاثى من بابى علم وفتح ، وفى

__________________

(١) سواء أكان من باب «نصر ينصر» نحو «دعا يدعو» ، أم كان من باب «كرم يكرم» نحو «سرو يسرو».

(٢) ساكنة فى حالة الرفع لاستثقال الضمة على الواو ، ومفتوحة فى حالة النصب لخفة الفتحة ، وتحذف فى حالة الجزم.

(٣) وتأخذ ما أخذته الواو : من التسكين حال الرفع ، والفتح حال النصب ، والمحذف حال الجزم.

٦٣٨

مضارع المبدوء بالتاء الزائدة من الخماسى ـ صارت ألفا (١) ، نحو «يرضى ، ويطغى ، ويتولّى ، ويتزكى».

حكم الماضى عند الإسناد إلى الضمائر ونحوها :

إذا أسند الماضى إلى الضمير المتحرك : فإن كانت لامه واوا (٢) أو ياء سلمتا ؛ تقول «سروت ، ورضيت» وإن كانت اللام ألفا قلبت ياء فيما زاد على الثلاثة ، وردّت إلى أصلها فى الثلاثى ؛ تقول : «أعطيت ، واستدعيت» وتقول : «غزوت ، ردعوت ، وسموت» وتقول : «رميت ، وكنيت. وبغيت».

وإذا اتصلت به تاء التأنيث : فإن كانت اللام واوا أو ياء بقيتا وانفتحتا ؛ تقول : «سروت ، ورضيت» وإن كانت اللام ألفا حذفت (٣) فى الثلاثى وغيره ؛ تقول : «دعت ، وسمت ، وغزت ، ورمت ، وبنت ، وكنت» وتقول : «أعطت ، ووالت ، واستدعت».

وإذا أسند الماضى إلى الضمير الساكن : فإن كان ذلك الضمير ألف الاثنين بقى الفعل على حاله إذا كان واويّا أو يائيّا ؛ تقول : «سروا ، ورضيا». وإن كانت لامه ألفا قلبت ياء فى ما عدا الثلاثى ، وردّت إلى أصلها فى الثلاثى ؛

__________________

(١) ولا تظهر عليها حركة أصلا ؛ لتعذر أنواع الحركات كلها على الألف ، وتحذف فى حالة الجزم كأختيها.

(٢) النظر هنا إلى النطق لا إلى الكتابة ، والمدار على حالة الفعل الراهنة لا على أصله ؛ فمثلا «رمى ، وأعطى ، واستدعى» تعتبر لاما تهن ألفا لا ياء ، ونحو «رضى ، ورجى ، وجوى» تعتبر لاما تهن ياء ، وإن كان أصلها الواو ، وهكذا.

(٣) علة ذلك الحذف التخلص من التقاء الساكنين ، وذلك لأن أصل «رمت» مثلا «رميت» على مثال ضربت ـ وقعت الياء متحركة مفتوحا ما قبلها فانقلبت ألفا ، فصار «رمات» فالتقى ساكنان : الألف ، وتاء التأنيث ، فحذفت الألف فرارا من التقائهما.

٦٣٩

تقول : «أعطيا ، وناديا ، وناجيا ، واستدعيا» ، وتقول : «غزوا ، ودعوا ، ورميا ، وبغيا» (١) ، وإن كان الضمير واو الجماعة حذفت لام الفعل : واوا كانت ، أو ياء ، أو ألفا ، وبقى الحرف الذى قبل الألف مفتوحا للايذان بالحرف لمحذوف ، وضمّ الحرف الذى قبل الواو والياء لمناسبة واو الجماعة ؛ تقول : «أعطوا ، واستدعوا ، ونادوا ، وغزوا ، ودعوا ، ورموا ، وبغوا» ، وتقول : «سروا ، وبذوا ، ورضوا ، وبقوا» قال الله تعالى (٤٣ ـ ٧٧) : (وَنادَوْا يا مالِكُ) وقال (٧١ ـ ٧) : (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) وقال (١٠ ـ ٢٢) : (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وقال (٩٨ ـ ٨) : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) وقال (٥ ـ ١٤) : (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ).

حكم مضارعه عند الاتصال بالضمائر :

إذا أسند المضارع إلى نون النسوة : فإن كانت لامه واوا أو ياء سلمتا ؛ تقول : «النّسوة يسرون ، ويدعون ، ويغزون (٢)» وتقول : «النّسوة يرمين ، ويسرين ، ويعطين ، ويستدعين ، وينادين (٣)» قال الله تعالى (٢ ـ ٢٣٧) :

__________________

(١) لم تقلب هنا الواو والياء ألفا مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما ؛ لأن ما بعدهما ألف ساكنة ، فلو انقلبت إحداهما ألفا لالتقى ساكنان ، فيلزم حينئذ حذف أحدهما فيصير اللفظ «غزا» مثلا ، فيلتبس الواحد بالمثنى.

(٢) يجب أن تتنبه إلى أن الواو فى هذه الكلمات كالراء فى «ينصرن» تماما ؛ فهى لام الكلمة ، بخلاف الواو فى قولك : «الرجال يسرون» ونحوه مما يأتى قريبا ، فإنها واو الجماعة لا لام الكلمة.

(٣) الياء فى نحو «النساء يرمين» كالباء فى «يضربن» تماما ، فهى لام الكلمة بخلاف الياء فى نحو : «أنت يا زينب ترمين» فإنها ياء المخاطبة ، ولام الكلمة محذوفة على ما ستعرف.

٦٤٠