شرح ابن عقيل - ج ٢

محمّد محيى الدين عبد الحميد

شرح ابن عقيل - ج ٢

المؤلف:

محمّد محيى الدين عبد الحميد


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العلوم الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

فتقول فى افتعل من الأكل : ائتكل ، ثم تبدل الهمزة ياء ، فتقول : ايتكل ، ولا يجوز إبدال الياء تاء ، وشذ قولهم «اتّزر» بإبدال الياء تاء (١).

* * *

طا تا افتعال ردّ إثر مطبق

فى ادّان وازدد وادّكر دالا بقى (٢)

__________________

والياء تاء فى هذا الموضع يرجع إلى أمرين ، أولها الابتعاد عن عسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لقرب مخرجيهما وتنافى صفتيهما ؛ لأن حرف اللين مجهور والتاء مهموسة ، وثانيهما أنه لو لم يقلب حرف اللين تاء لتلاعبت به حركات الفاء فكان يكون ياء إذا انكسرت الفاء نحو ايتصل وابتسر لسكون حرف اللين مع انكسار ما قبله ، ويكون ألفا إذا انفتحت الفاء نحو ياتصل وياتسر ، وواوا إذا انضمت الفاء نحو موتصل وموتسر ، فلما خشوا ذلك قلبوه تاء ؛ ليكون حرفا جلدا يقوى على حركات فاء الكلمة فلا يتغير بتغيرها ، وإنما اختصوه بالقلب إلى الناء ليسهل بعد القلب إدغام التاء فى التاء التالية ليزول عسر النطق ، والأمر الثانى : أن قلب حرف اللين تاء فى هذا الموضع هو اللغة الفصحى ، ومن أهل الحجاز من يبقيه ويتركه تتلاعب حركة الفاء به ، فيقول : ايتصل ياتصل ايتصالا فهو موتصل ، وايتسر ياتسر ايتسارا فهو موتسر ، ومنهم من يهمزه فيقول ائتسر يأتسر ائتسارا فهو مؤنسر وأتصل يأتصل ائتصالا فهو مؤتصل ، وهذه لغة غريبة.

(١) يروى المحدثون من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت عن النبى صلى الله عليه وسلم «وكان يأمرنى أن أنزر» بفتح الهمزة وتشديد التاء من الإزار ـ على أنه قد قلبت الهمزة ياء ثم تاء ثم أدغمت التاء فى التاء ، ونص النحاة على أن هذا خطأ ، وأن صواب الرواية «أن آتزر» بهمزة ممدودة ثم تاء مخففة.

(٢) «طا» قصر للضرورة : مفعول ثان تقدم على عامله وعلى المفعول الأول «تا» قصر للضرورة أيضا : مفعول أول لرد ، وتا مضاف و «افتعال» مضاف إليه «رد» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إثر» ظرف متعلق بقوله رد ، وإثر مضاف و «مطبق» مضاف إليه «فى ادان» جار ومجرور متعلق بقوله بقى

٥٨١

إذا وقعت تاء افتعال بعد حرف من حروف الإطباق ـ وهى : الصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ـ وجب إبداله طاء ، كقولك : اصطبر ، واضطجع ، واظطعنوا ، واظطلموا.

والأصل : اصتبر ، واضتجع ، واظتعنوا ، واظتلموا ؛ فأبدل من تاء الافتعال طاء.

وإن وقعت تاء الافتعال بعد الدال والزاى والذال قلبت دالا ، نحو ادّان ، وازدد ، وادّكر.

والأصل : ادتان ، وازتد ، واذتكر ، فاستثقلت التاء بعد هذه الأحرف ، فأبدلت دالا ، وأدغمت الدال فى الدال.

* * *

فصل

فا أمر او مضارع من كوعد

احذف ، وفى كعدة ذاك اطّرد (١)

__________________

«وازدد ، وادكر» معطوفان على ادان «دالا» حال من الضمير المستتر فى بقى الآتى «بقى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى تاء الافتعال.

(١) «فا» قصر للضرورة : مفعول مقدم لاحذف ، وفا مضاف و «أمر» مضاف إليه «أو» عاطفة «مضارع» معطوف على أمر «من» حرف جر «كوعد» الكاف اسم بمعنى مثل مبنى على الفتح فى محل جر بمن ، والكاف مضاف ، ووعد ـ قصد لفظه ـ مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من «أمر» وما عطف عليه «وفى كعدة» الواو عاطفة ، والجار والمجرور متعلق بقوله «اطرد» الآتى ، والكاف الاسمية مضاف وعدة : مضاف إليه ، على نحو ما علمت «ذاك» اسم الإشارة : مبتدأ ، والكاف حرف خطاب «اطرد» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الإشارة ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

٥٨٢

وحذف همز أفعل استمرّ فى

مضارع وبنيتى متّصف (١)

إذا كان الفعل الماضى معتلّ الفاء كوعد (٢) ـ وجب حذف الفاء : فى الأمر ، والمضارع ، والمصدر إذا كان بالتاء ، وذلك نحو : عد ، ويعد ، وعدة ؛ فإن لم يكن المصدر بالتاء لم يجز حذف الفاء ، كوعد.

وكذلك يجب حذف الهمزة الثانية فى الماضى مع المضارع ، واسم الفاعل ، واسم المفعول ، نحو قولك فى أكرم : يكرم ، والأصل يؤكرم ، ونحو :

__________________

(١) «وحذف» مبتدأ ، وحذف مضاف ، و «همز» مضاف إليه ، وهمز مضاف و «أفعل» مضاف إليه «استمر» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف الهمز ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى مضارع» جار ومجرور متعلق باستمر «وبنيتى» معطوف على مضارع ، وبنيتى مضاف ، و «متصف» مضاف إليه.

(٢) هذا خاص بواوى الفاء من المثال ، دون يائى الفاء ، وههنا أمران ؛ الأول : أن الأصل فى هذا الحذف هو الفعل المضارع المبدوء بياء المضارعة نحو يعد ويصف ويجب ويثب ، وحمل على هذه الصيغة بقية المضارع نحو أعد ، ونعد ، وتعد ، والأمر ، نحو عد وصف ، والمصدر نحو عدة وصفة. والأمر الثانى : أن علة الحذف فى المضارع المبدوء بياء المضارعة هو التخلص من وقوع الواو بين ياء مفتوحة وكسرة ، وذلك لأن الياء فى طبيعتها عدو الواو ، والفتحة التى عليها لا تخفف من شأن هذه العداوة لأنها تقرب من الياء كما تقرب من الواو ، والكسرة أيضا فى طبيعتها عدو للواو ، وآية ما ذكرنا من أن الياء بهذه المنزلة من الواو أنك ترى أن الياء إذا كانت مضمومة لم تحذف الواو نحو يوجب ويوعد ويورث ، وذلك لأن الضمة هونت من أمر الياء وأضعفته بسبب كونها مجانسة للواو ، وآية ما ذكرنا من أمر الكسرة أنك ترى نحو يوجل ويوهل ـ بفتح ما بعد الواو ـ لم تحذف منهما الواو ، فدل مجموع هذا على أن سر الحذف هو وقوع الواو بين هاتين العدوتين ، بحيث لو كان الموجود إحدى العدوتين لم تسقط الواو.

٥٨٣

مكرم ، ومكرم ، والأصل مؤكرم ومؤكرم ؛ فحذفت الهمزة فى اسم الفاعل واسم المفعول.

* * *

ظلت وظلت فى ظللت استعملا

وقرن فى اقررن ، وقرن نقلا (١)

إذا أسند الفعل الماضى ، المضاعف ، المكسور العين ، إلى تاء الضمير أو نونه ـ جاز فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : إتمامه ، نحو : ظللت أفعل كذا ، إذا عملته بالنهار.

والثانى : حذف لامه ، ونقل حركة العين إلى الفاء ، نحو : ظلت.

والثالث : حذف لامه ، وإبقاء فائه على حركتها ، نحو : ظلت.

وأشار بقوله «وقرن فى اقررن» إلى أن الفعل المضارع ، المضاعف ، الذى على وزن يفعلن ، إذا اتّصل بنون الإناث ـ جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء ، وكذا الأمر منه ، وذلك نحو قولك فى يقررن : «يقرن» ، وفى اقررن : «قرن».

__________________

(١) «ظلت» بكسر الظاء ، قصد لفظه : مبتدأ «وظلت» بفتح الظاء قصد لفظه أيضا : معطوف عليه «فى ظللت» قصد لفظه ، جار ومجرور متعلق بقوله «استعملا» الآتى «استعملا» استعمل : فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه «وقرن» بكسر القاف ، قصد لفظه : مبتدأ «فى اقررن» قصد لفظه أيضا : جار ومجرور متعلق بقوله نقلا الآتى «وقرن» بفتح القاف ، قصد لفظه أيضا : معطوف على قرن الواقع مبتدأ «نقلا» نقل : فعل ماض مبنى للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعل ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

٥٨٤

وأشار بقوله «وقرن نقلا» إلى قراءة نافع وعاصم : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ـ بفتح القاف ـ وأصله اقررن ، من قولهم : قرّ بالمكان يقرّ ، بمعنى يقرّ ، حكاه ابن القطّاع ، ثم خفف بالحذف بعد نقل الحركة ـ وهو نادر ؛ لأن هذا التخفيف إنما هو للمكسور العين (١).

* * *

__________________

(١) ههنا أمران نحب أن ننبهك إليهما ، الأول : أنه لا خلاف بين أحد من النحاة فى أن حذف العين من أمر المضعف الثلاثى المفتوح العين بعد نقل فتحها إلى الفاء نادر لم يطرد ، وأنه يقتصر فيه على ما سمع منه ، نحو قراءة نافع عن عاصم فى قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وأما حذف العين من مضارع المضعف الثلاثى المكسور العين وأمره بعد نقل حركتها إلى الفاء فاختلفوا فيه : أمطرد هو أم غير مطرد؟ فظاهر كلام الناظم الذى جاراه الشارح عليه أنه مطرد ، وهو ما نص عليه صراحة فى شرح الكافية ويؤخذ من ظاهر عبارته فى التسهيل ، وهذا هو الذى ذهب إليه الشلوبين من النحاة ، ونص العلماء على أنه لغة سليم ، وذهب ابن عصفور إلى عدم اطراده وإلى عدم اطراد الحذف فى ماضى المضعف الثلاثى المكسور العين ، وذهب سيبويه إلى أنه شاذ ، ولم يسمع إلا فى كلمتين من الثلاثى المجرد ، وهما ظلت ومست وكلمة من المزيد فيه وهى أحست ، والأمر الثانى : أن تخريج قراءة نافع على أن (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) من المضعف أحد وجهين ، والثانى أنه من الأجوف ، والأصل قار يقار ـ على مثال خاف يخاف ـ وعلى هذا التخريج لا يكون هذا اللفظ جاريا على النادر القليل.

٥٨٥

الإدغام

أوّل مثلين محرّكين فى

كلمة ادغم لا كمثل صفف (١)

وذلل وكلل ولبب

ولا كجسّس ولا كاخصص ابى (٢)

ولا كهيلل ، وشذ فى ألل

ونحوه فكّ بنقل فقبل (٣)

إذا تحرك المثلان فى كلمة أدغم أوّلهما فى ثانيهما ، إن لم يتصدّرا ، ولم يكن ما هما فيه اسما على وزن فعل ، أو على وزن فعل ، أو فعل ، أو فعل ، ولم يتصل أول المثلين بمدغم ، ولم تكن حركة الثانى منهما عارضة ، ولا ما هما فيه ملحقا بغيره.

__________________

(١) «أول» مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «أدغم» الآتى ـ وأول مضاف و «مثلين» مضاف إليه «محركين» نعت لمثلين «فى كلمة» جار ومجرور متعلق بمحذوف : إما حال من مثلين لكونه قد تخصص بالوصف ، وإما نعت ثان له «أدغم» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لا» حرف عطف ، والمعطوف عليه محذوف ، والتقدير : أول مثلين محركين أدغم فى أوزان مخصوصة لا كمثل ـ إلخ «كمثل» الكاف زائدة ، ومثل : معطوف على المحذوف الذى قدرناه ، ويجوز أن تكون «لا» ناهية ، فيكون المجزوم بها محذوفا تقديره لا تدغم ، ويكون «مثل» مفعولا لذلك المحذوف ، وهذا الثانى ضعيف ؛ لأن حذف المجزوم بلا الناهية ضرورة ، ومثل مضاف و «صفف» مضاف إليه.

(٢) «وذلل» معطوف على «صفف» فى البيت السابق «وكلل ، ولبب» معطوفان على صفف أيضا «ولا كجسس» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفى ، كجسس : معطوف على كمثل صفف «ولا كاخصص ابى» مثله.

(٣) «ولا كهيلل» معطوف على ما قبله على نحو ما سبق «وشذ» فعل ماض «فى ألل» جار ومجرور متعلق بشذ «ونحوه» معطوف على ألل «فك» فاعل شذ «بنقل» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لفك «فقبل» الفاء عاطفة ، قبل : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه.

٥٨٦

فإن تصدّرا فلا إدغام كددن ، وكذا إن وجد واحد مما سبق ذكره ؛ فالأول كصفف ودرر ، والثانى : كذلل (١) وجدد ، والثالث : ككلل ولمم (٢) ، والرابع : كطلل ولبب (٣) ، والخامس : كجسّس ـ جمع جاسّ ـ والسادس : كاخصص ابى ، [وأصله اخصص أبى] فنقلت الهمزة إلى الصاد ، والسابع : كهيلل ـ أى أكثر من قول لا إله إلّا الله ، ونحوه : قردد ، ومهدد.

فإن لم يكن شىء من ذلك وجب الإدغام ، نحو : ردّ ، وضنّ ـ أى : بخل ـ ولبّ (٤) ، والأصل : ردد ، وضنن ، ولبب.

وأشار بقوله «وشذ فى ألل ونحوه فكّ بنقل فقبل» إلى أنه قد جاء الفك فى ألفاظ قياسها وجوب الإدغام ؛ فجعل شاذا يحفظ ولا يقاس عليه ، نحو «ألل السقاء» إذا تغيّرت رائحته ، و «لححت عينه» إذ التصت بالرّمص. (٥)

* * *

__________________

(١) ذلل ـ بضمتين ـ جمع ذلول ، وهو البعير الذى سهل قياده ، وجدد ـ بضمتين أيضا ـ جمع جديد ، وهو ضد القديم.

(٢) الكلل : جمع كلة ـ بكسر الكاف فيهما ـ وهى الستر ، واللمم : جمع لمة ـ بكسر اللام فيهما ـ وهى الشعر الذى يجاوز شحمة الأذن.

(٣) الطلل : ما شخص وارتفع من آثار الديار ، واللبب : موضع الفلادة من الصدر.

(٤) لبب ـ على وزان كرم ـ أى صار لبيبا ، واللبيب : التام العقل.

(٥) الرمص ـ بفتح الراء والميم جميعا ـ هو الوسخ الذى يجتمع فى موق العين إذا كان جامدا ، فإن كان سائلا فهو الغمص ، وقد بقى مما سمع فيه الفك ولم يذكره الشارح قولهم : دبب الإنسان ـ من باب ضرب أو فرح ـ إذا نبت الشعر فى جبهته. وقولهم : صكك الفرس ـ من باب دخل ـ إذا اصطك عرقوباه ، وقولهم : ضببت

٥٨٧

وحبى افكك وادّغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّى واستتر (١)

أشار فى هذا البيت إلى ما يجوز فيه الإدغام والفكّ.

وفهم منه : أن ما ذكره قبل ذلك واجب الإدغام.

والمراد بحيى : ما كان المثلان فيه ياءين لازما تحريكهما ، نحو : حيى وعيى ؛ فيجوز الإدغام ، نحو : حىّ وعىّ (٢) ؛ فلو كانت حركة أحد المثلين عارضة بسبب العامل لم يجز الإدغام اتفاقا نحو : لن يحيى (٣).

__________________

الأرض ـ من باب فرح ـ إذا كثر فيها الضب ، وهو الحيوان المعروف ، وقولهم : قطط الشعر ـ من باب فرح ـ إذا اشتدت جعودته ، وقولهم : مششت الدابة ـ من باب فرح ـ إذا برز فى ساقها أو ذراعها شىء دون صلابة العظم ، وقولهم : عززت الناقة ـ من باب كرم ـ إذا ضاق مجرى لينها. هذا ، وقد قال قعنب بن أم صاحب :

* أنّى أجود لأقوام وإن ضننوا*

فهذا شاذ قياسا واستعمالا ، أما شذوذه قياسا فظاهر. وأما شذوذه استعمالا فلأن «ضننوا» ليس أحد الألفاظ التى ذكرنا أنهم استعملوها فى غير ضرورة مفكوكة.

(١) «وحيى» قصد لفظه : مفعول تقدم على عامله «افكك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وادغم» فعل أمر معطوف على افكك ، وفيه ضمير مستتر وجوبا فاعل ، وله مفعول محذوف مماثل للمفعول المذكور لافكك «دون» ظرف متعلق بمحذوف حال من الفك والإدغام المدلول عليهما بالفعلين ، ودون مضاف و «حذر» مضاف إليه «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «نحو» مبتدأ مؤخر ، ونحو مضاف و «تتجلى» قصد لفظه : مضاف إليه «واستتر» معطوف على تتجلى ، وقد قصد لفظه أيضا.

(٢) ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص :

عيّوا بأمرهم كما

عيّت ببيضتها النّعامه

(٣) يحيى : هو مضارع أحيا ، على وزان أعطى ، ومنه قوله تعالى : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى).

٥٨٨

وأشار بقوله : «كذاك نحو تتجلّى واستتر» إلى أن الفعل المبتدأ بتاءين مثل «تتجلّى» يجوز فيه الفك والإدغام ؛ فمن فكّ ـ وهو القياس ـ نظر إلى أن المثلين مصدّران ، ومن أدغم أراد التخفيف ، فيقول : اتّجلّى ؛ فيدغم أحد المثلين فى الآخر فتسكن إحدى التاءين ؛ فيؤتى بهمزة الوصل توصّلا للنطق بالساكن.

وكذلك قياس تاء «استتر» الفكّ لسكون ما قبل المثلين ، ويجوز الإدغام فيه بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن ، نحو : ستّر يستّر ستّارا (١).

* * *

وما بتاءين ابتدى قد يقتصر

فيه على تا كتبيّن العبر (٢)

__________________

(١) أما استر فأصله استتر على وزان اجتمع ، فنقلت حركة التاء الأولى إلى السين الساكنة قبلها فاستغنى عن همزة الوصل فحذفت ، وأدغمت التاء فى التاء ، فصار ستر بفتح السين وتشديد التاء مفتوحة ، وأما يستر فأصله يستتر على مثال يجتمع ، فنقلت فتحة التاء الأولى إلى السين ، ثم أدغمت التاء فى التاء فصار يستر ، بفتح ياء المضارعة وفتح السين وتشديد التاء مكسورة ، وأما ستارا فأصله استتار على مثال اجتماع ، فنقلت كسرة التاء الأولى إلى السين ، فاستغنى عن همزة الوصل ، وأدغمت التاء فى التاء ؛ فصار ستارا ، بكسر السين وتشديد التاء مفتوحة.

فإن قلت : فهذا الفعل الماضى يلتبس بالماضى من الثلاثى المضعف العين نحو عظم إذا قلت : ستر فلان فلانا.

فالجواب أن لفظ الماضى يشبه ذلك الماضى الذى ذكرته ، ولكن المضارعين يختلفان ؛ فأنت تقول فى المضارع يستر فتضم حرف المضارعة إن كان من مضعف العين وتفتح حرف المضارعة إن كان ماضيه استتر ، وكذلك المصدران مختلفان ، فمصدر هذا الفعل ستار ومصدر ذاك تستير.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «بتاءين» جار ومجرور متعلق بابتدى «ابتدى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول

٥٨٩

يقال فى تتعلم وتتنزل وتتبين ونحوها : «تعلّم ، وتنزّل ، وتبيّن» بحذف إحدى التاءين وإبقاء الأخرى ، وهو كثير جدا ، ومنه قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها)

* * *

وفكّ حيث مدغم فيه سكن

لكونه بمضمر الرّفع اقترن (١)

نحو : حللت ما حللته ، وفى

جزم وشبه الجزم تخيير قفى (٢)

__________________

«قد» حرف تقليل «يقتصر» فعل ماض مبنى للمجهول «فيه» جار ومجرور متعلق بيقتصر إما على أنه نائب فاعل له ، أولا ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة ـ على الحالين ـ فى محل رفع خبر المبتدأ «على تا» قصر للضرورة : جار ومجرور متعلق بيقتصر «كتبين» الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا ، تبين : فعل مضارع «العبر» فاعل تبين.

(١) «وفك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «حيث» ظرف مكان متعلق بفك «مدغم» مبتدأ ، وسوغ الابتداء به ـ مع أنه نكرة ـ عمله فيما بعده «فيه» جار ومجرور متعلق بمدغم على أنه نائب فاعل لكونه اسم مفعول «سكن» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جر بإضافة حيث إليها «لكونه» الجار والمجرور متعلق بفك ، وكون مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة الكون الناقص إلى اسمه «بمضمر» جار ومجرور متعلق باقترن الآتى ، ومضمر مضاف و «الرفع» مضاف إليه «اقترن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل نصب خبر الكون الناقص.

(٢) «نحو» خبر مبتدأ محذوف ، ونحو مضاف و «حللت ما حللته» قصد لفظه : مضاف إليه ، أو يجعل «نحو» مضافا إلى قول محذوف ، وهذا الكلام مقول ذلك القول ، وعليه فإعرابه تفصيلا غير خفى «وفى جزم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «وشبه» معطوف على جزم ، وشبه مضاف و «الجزم» مضاف إليه «تخيير» مبتدأ مؤخر «قفى» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع نعت لتخيير.

٥٩٠

إذا اتصل بالفعل المدغم عينه فى لامه ضمير رفع سكن آخره ؛ فيجب حينئذ الفكّ ، نحو : حللت ، وحللنا ، والهندات حللن ؛ فإذا دخل عليه جازم جاز الفكّ ، نحو : لم يحلل ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي) وقوله : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) والفكّ لغة أهل الحجاز ، وجاز الإدغام ، نحو «لم يحلّ» ، ومنه قوله تعالى : (ومن يشاق الله ورسوله ـ) فى سورة الحشر) وهى لغة تميم ، والمراد بشبه الجزم سكون الآخر فى الأمر ، نحو : احلل ، وإن شئت قلت : حلّ ؛ لأن حكم الأمر كحكم [المضارع] المجزوم.

* * *

وفكّ أفعل فى التّعجّب التزم

والتزم الإدغام أيضا فى هلم (١)

ولما ذكر أن فعل الأمر يجوز فيه وجهان ـ نحو احلل ، وحلّ ـ استثنى من ذلك شيئين :

أحدهما : أفعل فى التعجب ؛ فإنه يجب فكّه ، نحو : أحبب بزيد ، وأشدد ببياض وجهه.

الثانى : هلمّ ؛ فإنهم التزموا إدغامه ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

__________________

(١) «وفك» مبتدأ ، وفك مضاف و «أفعل» مضاف إليه «فى التعجب» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أفعل «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «والتزم» فعل ماض مبنى للمجهول «الإدغام» نائب فاعل لالتزم «أيضا» مفعول مطلق لفعل محذوف «فى هلم» جار ومجرور متعلق بالتزم.

٥٩١

وما بجمعه عنيت قد كمل

نظما على جلّ المهمّات اشتمل (١)

أحصى من الكافية الخلاصه

كما اقتضى غنى بلا خصاصه (٢)

فأحمد الله مصلّيا على

محمّد خير نبىّ أرسلا (٣)

وآله الغرّ الكرام البرره

وصحبه المنتخبين الخيره (٤)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ «بجمعه» الجار والمجرور متعلق بعنيت ، وجمع مضاف وضمير الغائب مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله ، وجملة «عنيت» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وجملة «قد كمل» من الفعل مع فاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ فى محل رفع خبر المبتدأ «نظما» حال من الهاء فى بجمعه بتأويل المنظوم «على جل» جار ومجرور متعلق باشتمل ، وجل مضاف ، و «المهمات» مضاف إليه ، وجملة «اشتمل» من الفعل وفاعله المستتر فيه فى محل نصب نعت لقوله نظما.

(٢) «أحصى» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه «من الكافية» جار ومجرور متعلق بأحصى «الخلاصة» مفعول به لأحصى «كما» الكاف جارة ، وما : مصدرية ، وجملة «اقتضى» صلة ما «غنى» مفعول به لاقتضى «بلا خصاصة» جار ومجرور متعلق بغنى ، أو بمحذوف صفة له.

(٣) «فأحمد» الفاء للسببية ، أحمد : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «الله» منصوب على التعظيم «مصليا» حال من فاعل أحمد «على محمد» جار ومجرور متعلق بقوله مصليا «خير» نعت لمحمد ، وخير مضاف و «نبى» مضاف إليه ، وجملة «أرسلا» من الفعل ونائب الفاعل المستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نبى فى محل جر نعت لنبى.

(٤) «وآله» معطوف على محمد «الغر» نعت للآل «الكرام ، البررة» نعتان للآل أيضا «وصحبه» معطوف على آله «المنتخبين ، الخيرة» نعتان للصحب.

والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه.

٥٩٢

خاتمة

قال أبو رجاء محمد محيى الدين عبد الحميد ، عفا الله عنه ، وغفر له ولوالديه والمسلمين.

الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، وبمحض إحسانه وتيسيره تكمل الحسنات ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه الذين بهداهم نهتدى ، وعلى ضوء حجّتهم نعبر الطريق إلى الفوز برضوان الله تعالى ومحبته.

وبعد ؛ فقد كمل ـ بتوفيق الله وحسن تأييده ـ ما وفقنا الله له من تحقيق مباحث وشرح شواهد شرح الخلاصة الألفية ، لقاضى القضاة بهاء الدين ابن عقيل ، شرحا موجزا على قدر ما يحتاج إليه المبتدئون ، وقد كان مجال القول ذا سعة لو أننا أردنا أن نتعرّض للأقوال ومناقشتها ، وتفصيل ما أجمل المؤلف منها ، وإيضاح ما أشار إليه من أدلّتها ، ولكننا اجتزأنا من ذلك كله باللّباب وما لا بد من معرفته ، مع إعراب أبيات الألفية إعرابا مبسوطا ، سهل العبارة ؛ لئلا يكون لمتناول الكتاب من بعد هذا كله حاجة إلى أن يصطحب مع هذه النّسخة كتابا آخر من الكتب التى لها ارتباط بالمتن أو شرحه ـ وقد تم ذلك كله فى منتصف ليلة التاسع من شهر رمضان المعظم من سنة خمسين وثلثمائة وألف من هجرة أشرف الخلق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. والله المسئول أن ينفع بعملى هذا ، وأن يجعله خالصا لوجهه! وأن يجنبنى الغرور ، ويحول بينى وبين العجب والزّلل ، آمين.

* * *

٥٩٣

وكان من توفيق الله تعالى أن أقبل الناس على قراءة هذه النسخة ، حتى نفدت طبعتها الأولى فى وقت قريب ، فلما كثر الرجاء لإعادة طبعه أعملت فى تعليقاتى يد الإصلاح ؛ فزدت زيادات هامة ، وتداركت ما فرط منّى فى الطبعة السابقة ، وأكثرت من وجوه التحسين ؛ لأكافىء بهذا الصنيع أولئك الذين رأوا فى عملى هذا ما يستحق التشجيع والتنويه به ، ثم كان من جميل المصادفة أننى فرغت من مراجعة الكتاب قبل منتصف ليلة الثلاثاء الرابع عشر من شهر رمضان المعظم من سنة أربع وخمسين وثلثمائة وألف من هجرة الرسول الأكرم ، صلى الله عليه وسلم.

والله تعالى المسئول أن يوفّقنى إلى ما يحبه ويرضاه ، آمين.

* * *

وها هى ذى الطبعة الرّابعة عشرة أقدمها إلى الذين ألحّوا علىّ فى إعادة طبع الكتاب فى وقت ندر فيه الورق الجيد ، واستعصى شراؤه على الناس بأضعاف ثمنه ، وقد أبيت إلا أن أزيد فى شرحى زيادات ذات بال ، وتحقيقات قلما يعثر عليها القارىء إلا بعد الجهد ، وقد تضاعف بها حجم الكتاب ، فلا غرو إن أعلنت أنه «قد تلاقت فى هذا الكتاب كتب ؛ فأغنى عنها جميعا ، فى حين أنه لا يغنى عنه شىء منها».

ربّ وفقنى إلى الخير ، إنه لا يوفق إلى الخير سواك!

كتبه

محمّد محيى الدين عبد الحميد

٥٩٤

تكملة فى تصريف الأفعال

حررها

محمّد محيى الدّين عبد الحميد

٥٩٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على ختام المرسلين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، ولا عدوان إلا على الظالمين.

أما بعد ؛ فهذه خلاصة موجزة فيما أغفله صاحب الخلاصة (الألفية) أو أجمل القول فيه إجمالا من تصريف الأفعال ، عملتها لقارئى شرح بهاء الدين ابن عقيل ، حين حقّقت مباحثه ، وشرحت شواهده ، وتركت تفصيل القول والإسهاب فيه لكتابى (دروس التصريف) الذى صنفته لطلاب كلية اللغة العربية فى الجامع الأزهر ؛ فقد أودعته أكثر ما تفرق فى كتب الفن بأسلوب بديع ونظام أنيق ، وتحقيق بارع. ومن الله أستمدّ المعونة ، وهو حسبى ، وبه أعتصم.

٥٩٦

الباب الأول

فى المجرد والمزيد فيه من الأفعال

وفيه ثلاثة فصول

الفصل الأول

فى أوزانهما

ينقسم الفعل إلى : مجرد ، ومزيد فيه ؛ فالمجرد إما ثلاثى ، وإما رباعى ، وكل منهما ينتهى بالزيادة إلى ستة أحرف ؛ فتكون أنواع المزيد فيه خمسة.

(١) فلماضى المجرد الثلاثى ثلاثة أبنية ، الأول : فعل ـ بفتح العين ـ ويكون لازما ، نحو جلس وقعد ، ومتعدّيا ، نحو ضرب ونصر وفتح ، والثانى : فعل ـ بكسر العين ـ ويكون لازما ، نحو فرح وجذل ، ومتعدّيا نحو علم وفهم ، والثالث : فعل ـ بضم العين ـ ولا يكون إلا لازما ، نحو ظرف وكرم (١).

(٢) ولماضى المجرد الرباعى بناء واحد ، وهو فعلل ـ بفتح ما عدا العين منه ـ ويكون لازما ، نحو حشرج ودربخ (٢) ، ومتعديا ، نحو بعثر ودحرج

(٣) ولمزيد الثلاثى بحرف واحد ثلاثة أبنية ؛ الأول : فعّل ـ بتضعيف عينه ـ نحو قطّع وقدّم ، والثانى : فاعل ـ بزيادة ألف بين الفاء والعين ـ نحو قاتل وخاصم ، والثالث : أفعل ـ بزيادة همزة قبل الفاء ـ نحو أحسن وأكرم.

__________________

(١) وفاء الثلاثى مفتوحة دائما كما رأيت ؛ لقصدهم الخفة فى الفعل ، والفتحة أخف الحركات ، ولامه لا يعتد بها ؛ لأنها متحركة أو ساكنة على ما يقتضيه البناء.

(٢) حشرج : غرغر عند الموت وتردد نفسه ، ودرنح : طأطأ رأسه وبسط ظهره.

٥٩٧

(٤) ولمزيد الثلاثى بحرفين خمسة أبنية ، الأول : انفعل ـ بزيادة همزة وصل ونون قبل الفاء ـ نحو انكسر وانشعب ، والثانى : افتعل ـ بزيادة همزة وصل قبل الفاء ، وتاء بين الفاء والعين ـ نحو اجتمع واتّصل ، والثالث : افعلّ ـ بزيادة همزة وصل قبل الفاء ، وتضعيف اللام ـ نحو احمرّ واصفرّ ، والرابع : تفعّل ـ بزيادة تاء قبل الفاء ، وتضعيف العين ـ نحو تقدّم وتصدّع ، والخامس : تفاعل ـ بزيادة التاء قبل فائه ، وألف بين الفاء والعين ـ نحو تقاتل وتخاصم.

(٥) ولمزيد الثلاثى بثلاثة أحرف أربعة أبنية ، الأول : استفعل ـ بزيادة همزة الوصل والسين والتاء قبل الفاء ـ نحو استغفر واستقام ، والثانى : افعوعل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وتضعيف العين ، وزيادة واو بين العينين ـ نحو اغدودن واعشوشب ، والثالث : افعوّل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وواو مشدّدة بين العين واللام ـ نحو اجلوّذ واعلوّط (١) ، والرابع : افعالّ ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وألف بعد العين ، وتضعيف اللام ـ نحو احمارّ واعوارّ.

(٦) ولمزيد الرباعى بواحد بناء واحد ، وهو تفعلل ـ بزيادة التاء قبل فائه ـ نحو تدحرج وتبعثر.

(٧) ولمزيد الرباعى بحرفين بناءان ، أولهما : افعنلل ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، والنون بين العين ولامه الأولى ـ نحو احرنجم وافر نقع ، وثانيهما : افعللّ ـ بزيادة همزة الوصل قبل الفاء ، وتضعيف لامه الثانية ـ نحو اسبطرّ واقشعرّ ، واطمأنّ.

(٨) ويلحق بالرباعى المجرد (وهو بناء «دحرج») ثمانية أبنية أصلها من الثلاثى فزيد فيه حرف لغرض الإلحاق ، الأول : فعلل نحو جلبب وشملل ،

__________________

(١) اجلوذ : أسرع فى السير ، واعلوط البعير : ركبه بغير خطام.

٥٩٨

والثانى : فوعل نحو رودن وهوجل ، والثالث : فعول نحو جهور ودهور ، والرابع : فيعل نحو بيطر وسيطر ، والخامس : فعيل نحو شريف ورهيأ ، والسادس : فنعل نحو سنبل وشنتر ، والسابع : فعنل نحو قلنس ، والثامن : فعلى نحو سلقى.

(٩) ويلحق بالرباعى المزيد فيه بحرف واحد (وهو بناء «تفعلل») سبعة أبنية أصلها من الثلاثى فزيد فيه حرف للإلحاق ثم زيدت عليه التاء ، الأول : تفعلل نحو تجلبب وتشملل ، والثانى : تمفعل نحو تمندل ، والثالث : تفوعل ، نحو تكوثر وتجورب ، والرابع : تفعول ، نحو تسرول وترهوك ، والخامس : تفيعل ، نحو تسيطر وتشيطن ، والسادس : تفعيل ، نحو ترهيأ ، والسابع : تفعلى ، نحو تقلسى وتجعبى.

(١٠) ويلحق بالرباعى المزيد فيه بحرفين ثلاثة أبنية ، وأصلها من الثلاثى ، فزيد فيه حرف الإلحاق ، ثم زيد فيه حرفان ، الأول : افعنلل نحو اقعنسس واقعندد ، والثانى : افعنلى ، نحو احرنبى واسلنقى ، والثالث : افتعلى. نحو استلقى واجتعبى.

* * *

والإلحاق : أن تزيد على أصول الكلمة حرفا ، لا لغرض معنوى ، بل لتوازن بها كلمة أخرى كى تجرى الكلمة الملحقة فى تصريفها على ما تجرى عليه الكلمة الملحق بها. وضابط الإلحاق فى الأفعال اتحاد المصادر.

فللماضى من الأفعال ـ مجردها ، ومزيدها ، وملحقها ـ سبعة وثلاثون بناء.

الفصل الثانى

فى معانى هذه الأبنية

(١) لا يجىء بناء فعل ـ بضم العين ـ إلا للدلالة على غريزة أو طبيعة أو ما أشبه ذلك ، نحو جدر فلان بالأمر ، وخطر قدره. وإذا أريد التعجّب

٥٩٩

من فعل أو المدح به حوّل إلى هذه الزنة ، نحو قضو الرجل وعلم ، بمعنى ما أقضاه وما أعلمه.

(٢) ويجىء بناء فعل ـ بكسر العين ـ للدلالة على النعوت الملازمة ، نحو ذرب لسانه وبلج جبينه ، أو للدلالة على عرض ، نحو جرب وعرج وعمص ومرض ، أو للدلالة على كبر عضو ، وذلك إذا أخذ من ألفاظ أعضاء الجسم الموضوعة على ثلاثة أحرف ، نحو رقب وكبد وطحل وجبه ، وعجزت المرأة. ويأتى لغير ذلك ، نحو ظمىء ، ورهب.

(٣) ويجىء بناء فعل ـ بفتح العين ـ للدلالة على الجمع نحو جمع وحشر وحشد ، أو على التفريق ، نحو بذر وقسم ، أو على الإعطاء ، نحو منح ونحل ، أو على المنع ، نحو حبس ومنع ، أو على الامتناع ، نحو أبى وشرد وجمح ، أو على الغلبة ، نحو قهر وملك ، أو على التحويل ، نحو نقل وصرف أو على التحول ، نحو رحل وذهب ، أو على الاستقرار ، نحو ثوى وسكن ، أو على السير ، نحو ذمل ومشى ، أو على السّتر ، نحو حجب وخبأ ، أو على غير ذلك مما يصعب حصره من المعانى.

(٤) ويجىء بناء فعلل للدلالة على الاتخاذ. نحو قمطرت الكتاب وقرمضت : أى اتخذت قمطرا وقرموضا (١) ، أو للدلالة على المشابهة ، نحو حنظل خلق محمد وعلقم ، أى أشبه الحنظل والعلقم ، أو للدلالة على جعل شىء فى شىء ، نحو عندم ثوبه ونرجس الدواء ، أى جعل فيه العندم والنرجس ، أو للدلالة على الإصابة ، نحو عرقبه وغلصمه ، أى : أصاب عرفوبه وغلصمته ، أو لاختصار المركّب للدلالة على حكايته ، نحو بسمل وسبحل وحمدل وطلبق (٢) ، أو لغير ذلك.

__________________

(١) القرموض ـ بزنة عصفور ـ حفرة صغيرة يكن فيها من البرد.

(٢) سبحل : أى قال «سبحان الله» وحمدل : أى قال «الحمد لله» وطليق : أى قال «أطال الله بقاءك» ومن أمثلته «جعفد» أى قال «جعلت فداك» و «مشأل» : أى قال «ما شاء الله».

٦٠٠