شرح ابن عقيل - ج ٢

محمّد محيى الدين عبد الحميد

شرح ابن عقيل - ج ٢

المؤلف:

محمّد محيى الدين عبد الحميد


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العلوم الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

وتكون استفهامية ، وخبرية ؛ فالخبرية سيذكرها ، والاستفهامية يكون مميزها كمميز «عشرين» وأخواته ؛ فيكون مفردا منصوبا ، نحو «كم درهما قبضت» ويجوز جره بـ «من» [مضمرة] إن وليت «كم» حرف جرّ ، نحو «بكم درهم اشتريت هذا» أى : بكم من درهم ؛ فإن لم يدخل عليها حرف جر وجب نصبه.

* * *

واستعملنها مخبرا كعشره

أو مائة : ككم رجال أو مره (١)

ككم كأىّ ، وكذا ، وينتصب

تمييز ذين ، أو به صل «من» تصب (٢)

تستعمل «كم» للتكثير ، فتميّز بجمع مجرور كعشرة ، أو بمفرد مجرور كمائة ،

__________________

(١) «واستعملنها» الواو عاطفة أو للاستئناف ، واستعمل : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول به لاستعمل «مخبرا» حال من فاعل استعمل «كعشرة» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا ، أى : واستعملنها استعمالا كائنا كاستعمال عشرة «أو» حرف عطف «مائة» معطوف على عشرة «ككم» الكاف جارة لقول محذوف ، وكم : خبرية بمعنى كثير مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : كثير عندى ؛ مثلا ، ويجوز أن يكون كم مفعولا به لفعل محذوف ، وتقديره : رأيت كثيرا ، أو نحو ذلك ، وكم مضاف و «رجال» مضاف إليه «أو» حرف عطف «مره» معطوف على رجال.

(٢) «ككم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «كأى» مبتدأ مؤخر «وكذا» معطوف على كأى «وينتصب» الواو عاطفة ، ينتصب : فعل مضارع «تمييز» فاعل ينتصب ، وتمييز مضاف و «ذين» مضاف إليه «أو» عاطفة «به» جار ومجرور متعلق بقوله «صل» الآتى «صل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «من» قصد لفظه : مفعول به لصل «تصب» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر الذى هو قوله صل ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

٤٢١

نحو «كم غلمان ملكت ، وكم درهم أنفقت» والمعنى : كثيرا من الغلمان ملكت ، وكثيرا من الدراهم أنفقت.

ومثل «كم» ـ فى الدلالة على التكثير ـ كذا ، وكأىّ ، ومميّزهما منصوب أو مجرور بمن ـ وهو الأكثر ـ نحو قوله تعالى : (وكاي من نبى قاتل معه) ، و «ملكت كذا درهما».

وتستعمل «كذا» مفردة كهذا المثال ، ومركبة ، نحو «ملكت كذا كذا درهما» ومعطوفا عليها مثلها ، نحو «ملكت كذا وكذا درهما» (١).

و «كم» لها صدر الكلام : استفهامية كانت ، أو خبرية ؛ فلا تقول : «ضربت كم رجلا» ولا «ملكت كم غلمان» وكذلك «كأى» بخلاف «كذا» ، نحو «ملكت كذا درهما».

* * *

__________________

(١) يجعل الفقهاء فى الإقرارات كذا المركبة نحو «له على كذا كذا قرشا» مكنيا بها عن أحد عشر ـ إلى تسعة عشر ، والمعطوف عليها مثلها نحو «له عندى كذا وكذا دينارا» مكنيا بها عن واحد وعشرين ، إلى تسعة وتسعين ، وهو كلام حسن.

٤٢٢

الحكاية

احك «بأىّ» ما لمنكور سئل

عنه بها : فى الوقف ، أو حين تصل (١)

ووقفا احك ما لمنكور «بمن»

والنّون حرّك مطلقا ؛ وأشبعن (٢)

وقل : «منان ، ومنين» بعد «لى

إلفان بابنين» وسكّن تعدل (٣)

__________________

(١) «احك» فعل أمر ، مبنى على حذف الياء ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «بأى» جار ومجرور متعلق باحك «ما» اسم موصول : مفعول به لاحك «لمنكور» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة «سئل» فعل ماض مبنى للمجهول «عنه» جار ومجرور متعلق بسئل على أنه نائب فاعله ، والجملة فى محل جر صفة لمنكور «بها» جار ومجرور متعلق بسئل أيضا «فى الوقف» جار ومجرور متعلق باحك «أو» عاطفة «حين» ظرف معطوف على الوقف «تصل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وجملة الفعل المضارع وفاعله فى محل جر بإضافة حين إليها.

(٢) «ووقفا» يجوز أن يكون حالا من فاعل «احك» الآتى بتأويل اسم الفاعل ، أى : واقفا ، ويجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض ، أى : فى الوقف «احك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لاحك «لمنكور» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما «بمن» جار ومجرور متعلق باحك «والنون» مفعول به تقدم على عامله وهو قوله حرك الآتى «حرك» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مطلقا» نعت لمصدر محذوف ، أى : تحريكا مطلقا «وأشبعن» الواو حرف عطف ، وأشبع : فعل أمر ، معطوف بالواو على حرك ، والنون للتوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(٣) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منان» قصد لفظه : مفعول به لقل «ومنين» قصد لفظه أيضا : معطوف على قوله منان «بعد» ظرف متعلق بقوله قل «لى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «إلفان» مبتدأ مؤخر «بابنين» جار ومجرور متعلق بقوله إلفان ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب مقول لقول محذوف ، يضاف بعد إليه ، أى : بعد قولك ـ إلخ «وسكن»

٤٢٣

وقل لمن قال «أتت بنت» : «منه»

والنّون قبل تا المثنّى مسكنه (١)

والفتح نزر ، وصل التّا والألف

بمن بإثر «ذا بنسوة كلف» (٢)

وقل : «منون ، ومنين» مسكنا

إن قيل : جا قوم لقوم فطنا (٣)

__________________

فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تعدل» فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، وحرك بالكسر للروى ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(١) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لمن» جار ومجرور متعلق بقل «قال» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من المجرورة محلا باللام ، والجملة لا محل لها صلة «أتت» أتى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث «بنت» فاعل أتى ، والجملة فى محل نصب مقول «قال» «منه» قصد لفظه : مفعول به لقل «والنون» مبتدأ «قبل» ظرف متعلق بقوله «مسكنة» الآتى ، وقبل مضاف و «تا» مضاف إليه ، وتا مضاف و «المثنى» مضاف إليه «مسكنة» خبر المبتدأ الذى هو قوله النون.

(٢) «والفتح» مبتدأ «نزر» خبر المبتدأ «وصل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «التا» قصر للضرورة : مفعول به لصل «والألف» معطوف على التا «بمن بإثر» جاران ومجروران متعلقان بصل «ذا» اسم إشارة : مبتدأ «بنسوة» جار ومجرور متعلق بقوله كلف الآتى «كلف» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جر بإضافة قول محذوف يضاف إثر إليه ، أى : بإثر قولك ذا ـ إلخ.

(٣) «وقل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «منون» قصد لفظه : مفعول به لقل «ومنين» معطوف عليه «مسكنا» حال من فاعل قل «إن» شرطية «قيل» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «جا» قصر للضرورة : فعل ماض «قوم» فاعل جاء «لقوم» جار ومجرور متعلق بجاء «فطنا» نعت لقوم المجرور ، وجملة الفعل وفاعله فى محل رفع نائب فاعل لقيل ، وقصد لفظها ، وجواب الشرط محذوف.

٤٢٤

وإن تصل فلفظ «من» لا يختلف

ونادر «منون» فى نظم عرف (١)

إن سئل بـ «أىّ» عن منكور مذكور فى كلام سابق حكى فى «أى» ما لذلك المنكور من إعراب ، وتذكير وتأنيث ، وإفراد وتثنية وجمع ، ويفعل بها ذلك وصلا ووقفا ؛ فتقول لمن قال «جاءنى رجل» : «أىّ» ولمن قال «رأيت رجلا» : «أيّا» ولمن قال «مررت برجل» : «أىّ» وكذلك تفعل فى الوصل ، نحو «أىّ يا فتى ، وأيّا يا فتى ، وأىّ يا فتى» وتقول فى التأنيث : «أية» وفى التثنية «أيّان ، وأيّتان» رفعا ، و «أيّين ، وأيّتين» جرا ونصبا ، وفى الجمع «أيّون ، وأيّات» رفعا ، و «أيّين ، وأيّات» جرا ونصبا.

وإن سئل عن المنكور المذكور بـ «من» حكى فيها ماله من إعراب ، وتشبع الحركة التى على النون ؛ فيتولّد منها حرف مجانس لها ، ويحكى فيها ماله من تأنيث وتذكير ، وتثنية وجمع ، ولا تفعل بها ذلك كلّه إلا وقفا ، فتقول لمن قال «جاءنى رجل» : «منو» ولمن قال «رأيت رجلا» : «منا» ولمن قال «مررت برجل» : «منى» وتقول فى تثنية المذكر : «منان» رفعا ، و «منين» نصبا وجرا ، وتسكن النون فيهما ؛ فتقول لمن قال «جاءنى

__________________

(١) «وإن» شرطية «تصل» فعل مضارع ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «فلفظ» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، ولفظ : مبتدأ ، ولفظ مضاف و «من» مضاف إليه «لا» نافية «يختلف» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لفظ من الواقع مبتدأ ، والجمله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل جزم جواب الشرط «ونادر» خبر مقدم «منون» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر «فى نظم» جار ومجرور متعلق بنادر «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نظم ، والجملة من الفعل ونائب فاعله فى محل جر نعت لنظم.

٤٢٥

رجلان» : «منان» ولمن قال «رأيت رجلين» : «منين» ولمن قال «مررت برجلين» : «منين» وتقول للمؤنثة : «منه» رفعا ونصبا وجرا ؛ فإذا قيل «أتت بنت» فقل : «منه» رفعا ، وكذا فى الجر والنصب ، وتقول فى تثنية المؤنث «منتان» رفعا ، و «منتين» جرا ونصبا ، بسكون النون التى قبل التاء ، وسكون نون التثنية ، وقد ورد قليلا فتح النون التى قبل التاء ، نحو «منتان ومنتين» وإليه أشار بقوله : «والفتح نزر» وتقول فى جمع المؤنث : «منات» بالألف والتاء الزائدتين كهندات ، فإذا قيل : «جاء نسوة» فقل : «منات» وكذا تفعل فى الجر والنصب ، وتقول فى جمع المذكر رفعا : «منون» رفعا ، و «منين» نصبا وجرا ، بسكون النون فيهما ؛ فإذا قيل : «جاء قوم» فقل : «منون» وإذا قيل : «مررت بقوم» أو «رأيت قوما» فقل : «منين».

هذا حكم «من» إذا حكى بها فى الوقف ، فإذا وصلت لم يحك فيها شىء من ذلك ؛ لكن تكون بلفظ واحد فى الجميع ؛ فتقول : «من يافتى» لقائل جميع ما تقدم ، وقد ورد فى الشعر قليلا «منون» وصلا ، قال الشاعر :

(٣٥٢) ـ

أتوا نارى ، فقلت : منون أنتم؟

فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما!

__________________

٣٥٢ ـ روى أبو زيد فى نوادره هذا البيت مع أبيات ثلاثة ، وهى :

ونار قد حضأت لها بليل

بدار لا أريد بها مقاما

سوى تحليل راحلة وعين

أكالئها مخافة أن تناما

أتوا نارى ، فقلت : منون أنتم؟

فقالوا .... البيت ، وبعده :

فقلت : إلى الطّعام ، فقال منهم

زعيم : نحسد الأنس الطّعاما

٤٢٦

فقال : «منون أنتم» والقياس «من أنتم».

* * *

والعلم احكينّه من بعد «من»

إن عريت من عاطف بها اقترن (١)

يجوز أن يحكى العلم بـ «من» إن لم يتقدم عليها عاطف ؛ فتقول لمن قال «جاءنى زيد» : «من زيد» ولمن قال «رأيت زيدا» : «من زيدا» ولمن

__________________

ونسبها أبو زيد إلى شمير بن الحارث الضبى.

اللغة : «حضأت» فى القاموس : «حضأ النار كمنع أوقدها أو فتحها لتلتهب كاحتضأها فاحتضأت» ا ه ، ومعنى فتحها فى كلام المجد حركها «عموا ظلاما» دعاء مثل «عم صباحا» و «عم مساء».

الإعراب : «أتوا» فعل وفاعل «نارى» نار : مفعول به لأتوا ، ونار مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «فقلت» الفاء للترتيب الذكرى ، قلت : فعل وفاعل «منون» اسم استفهام مبتدأ «أنتم» خبره ، والجملة فى محل نصب مقول القول «فقالوا» فعل وفاعل «الجن» خبر مبتدأ محذوف ، أى فقالوا : نحن الجن ، والجملة فى محل نصب مقول القول «قلت» فعل ماض وفاعله «عموا» فعل أمر ، وواو الجماعة فاعله ، والجملة فى محل نصب مقول القول «ظلاما» يجوز أن يكون تمييزا محولا عن الفاعل ، الأصل لينعم ظلامكم ، ويجوز أن يكون منصوبا على الظرفية : أى فى ظلامكم.

الشاهد فيه : قوله «منون أنتم» حيث لحقته الواو والنون فى الوصل ، وذلك شاذ.

(١) «العلم» مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده «احكينه» احك : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون للتوكيد ، والهاء مفعول به «من بعد» جار ومجرور متعلق باحك ، وبعد مضاف ، و «من» قصد لفظه : مضاف إليه «إن» شرطية «عريت» عرى : فعل ماض فعل الشرط ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى من «من عاطف ، بها» كل منهما جار ومجرور متعلق باقترن الآتى «اقترن» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عاطف ، والجملة من اقترن وفاعله فى محل جر صفة لعاطف.

٤٢٧

قال «مررت بزيد» «من زيد» فتحكى فى العلم المذكور بعد «من» ما للعلم المذكور فى الكلام السابق من الإعراب.

ومن : مبتدأ ، والعلم الذى بعدها خبر عنها ، أو خبر (١) عن الاسم المذكور بعد [من].

فإن سبق «من» عاطف لم يجز أن يحكى فى العلم الذى بعدها ما قبلها من الإعراب ، بل يجب رفعه على أنه خبر عن «من» أو مبتدأ خبره «من» ؛ فتقول لقائل «جاء زيد ، أو رأيت زيدا ، أو مررت بزيد» : «ومن زيد».

ولا يحكى من المعارف إلا العلم ؛ فلا تقول لقائل : «رأيت غلام زيد» «من غلام زيد؟» بنصب غلام ، بل يجب رفعه ؛ فتقول : «من غلام زيد» ، وكذلك فى الرفع والجر.

* * *

__________________

(١) يقصد أن «من» يجوز أن تكون هى الخبر مقدما ، كما جاز أن تكون مبتدأ.

٤٢٨

التأنيث

علامة التّأنيث تاء أو ألف

وفى أسام قدّروا التّا : كالكتف (١)

ويعرف التّقدير : بالضّمير ،

ونحوه ، كالرّدّ فى التّصغير (٢)

أصل الاسم أن يكون مذكرا ، والتأنيث فرع عن التذكير ، ولكون التذكير هو الأصل استغنى الاسم المذكّر عن علامة تدلّ على التذكير ، ولكون التأنيث فرعا عن التذكير افتقر إلى علامة تدلّ عليه ـ وهى : التاء ، والألف المقصورة ، أو الممدودة ـ والتاء أكثر فى الاستعمال من الألف ، ولذلك قدّرت فى بعض الأسماء كعين وكتف.

ويستدلّ على تأنيث ما لا علامة فيه ظاهرة من الأسماء المؤنثة : بعود الضمير إليه مؤنثا ، نحو «الكتف نهشتها ، والعين كحلتها» وبما أشبه ذلك كوصفه بالمؤنث نحو «أكلت كتفا مشويّة» وكردّ التاء إليه فى التصغير : ككتيفة ، ويديّة.

* * *

__________________

(١) «علامة» مبتدأ ، وعلامة مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «تاء» خبر المبتدأ «أو» عاطفة «ألف» معطوف على تاء «وفى أسام» الواو عاطفة أو للاستئناف ، وما بعدها جار ومجرور متعلق بقدروا الآتى «قدروا» فعل وفاعل «التا» قصر للضرورة : مفعول به لقدورا «كالكتف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالكتف.

(٢) «ويعرف» فعل مضارع مبنى للمجهول «التقدير» نائب فاعل يعرف «بالضمير» جار ومجرور متعلق بقوله يعرف «ونحوه» الواو عاطفة ، نحو : معطوف على الضمير ، ونحو مضاف ، وضمير الغيبة العائد إلى الضمير مضاف إليه «كالرد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالرد «فى التصغير» جار ومجرور متعلق بالرد.

٤٢٩

ولا تلى فارقة فعولا

أصلا ، ولا المفعال والمفعيلا (١)

كذاك مفعل ، وما تليه

تا الفرق من ذى فشذوذ فيه (٢)

ومن فعيل كقتيل إن تبع

موصوفه غالبا التّا تمتنع (٣)

قد سبق أن هذه التاء إنما زيدت فى الأسماء ليتميز المؤنّث عن المذكر ، وأكثر ما يكون ذلك فى الصفات : كقائم وقائمة ، وقاعد وقاعدة ، ويقلّ ذلك فى الأسماء التى ليست بصفات : كرجل ورجلة ، وإنسان وإنسانة ، وامرىء وامرأة.

__________________

(١) «ولا» الواو عاطفة ، أو للاستئناف ، ولا : حرف نفى «تلى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى تاء التأنيث «فارقة» حال من الضمير المستتر فى تلى «فعولا» مفعول به لتلى «أصلا» حال من فعولا «ولا» الواو عاطفة ، ولا : نافية «المفعال ، والمفعيلا» معطوفان على قوله «فعولا».

(٢) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مفعل» مبتدأ مؤخر «وما» الواو للعطف أو استئنافية ، ما : اسم موصول مبتدأ «تليه» تلى : فعل مضارع ، والهاء مفعول به لتلى «تا» قصر للضرورة : فاعل تلى ، وتا مضاف و «الفرق» مضاف إليه ، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول لا محل لها صلة ما الموصولة الواقعة مبتدأ «فشذوذ» الفاء زائدة ، وشذوذ : مبتدأ ثان «فيه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، ووقعت الفاء فيه لشبه الموصول بالشرط.

(٣) «ومن فعيل» جار ومجرور متعلق بقوله «تمتنع» الآتى فى آخر البيت «كقتيل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعيل «إن» شرطية «تبع» فعل ماض ، فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعيل «موصوفه» موصوف : مفعول به لتبع ، وموصوف مضاف والهاء مضاف إليه «غالبا» حال من الضمير المستتر فى تبع «التا» قصر للضرورة : مبتدأ «تمتنع» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى التا ، والجملة من تمتنع وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه جملة المبتدأ والخبر.

٤٣٠

وأشار بقوله : «ولا تلى فارقة فعولا ـ الأبيات» إلى أن من الصفات ما لا تلحقه هذه التاء ، وهو : ما كان من الصقات على «فعول» (١) وكان بمعنى فاعل ، وإليه أشار بقوله «أصلا» واحترز بذلك من الذى بمعنى مفعول ، وإنما جعل الأول أصلا لأنه أكثر من الثانى ، وذلك نحو «شكور ، وصبور» بمعنى شاكر وصابر ؛ فيقال للمذكر والمؤنث «صبور ، وشكور» بلا تاء ، نحو «هذا رجل شكور ، وامرأة صبور».

فإذا كان فعول بمعنى مفعول فقد تلحقه التاء فى التأنيث ، نحو «ركوبة» ـ بمعنى مركوبة ـ.

وكذلك لا تلحق التاء وصفا على «مفعال» كامرأة مهذار ـ وهى الكثيرة الهذر ، وهو الهذيان ـ أو على «مفعيل» كامرأة معطير ـ من «عطرت المرأة» إذا استعملت الطيب ـ أو على «مفعل» كمغشم ـ وهو : الذى لا يثنيه شىء عما يريده ويهواه من شجاعته.

وما لحقته التاء من هذه الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث فشاذ لا يقاس عليه ، نحو «عدوّ وعدوّة ، وميقان وميقانة ، ومسكين ومسكينة».

وأما «فعيل» فإما أن يكون بمعنى فاعل ، أو بمعنى مفعول ؛ فإن كان بمعنى فاعل لحقته التاء فى التأنيث ، نحو «رجل كريم ، وامرأة كريمة» وقد حذفت منه قليلا ، قال الله تعالى : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) وقال الله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) وإن كان بمعنى

__________________

(١) بهذا استدل على أن «بغيا» فى قوله تعالى : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) وفى قوله سبحانه (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) على زنة فعول لا فعيل ؛ إذ لو كانت على فعيل لوجب تأنيثها فيقال «بغية» فى الموضعين ؛ لأنها بمعنى فاعل. والأصل «بغويا» فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء فى الياء ؛ فصار كما ترى.

٤٣١

مفعول ـ وإليه أشار بقوله «كقتيل» ـ فإما أن يستعمل استعمال الأسماء أو لا ؛ فإن استعمل استعمال الأسماء ـ أى : لم يتبع موصوفه ـ لحقته التاء ، نحو «هذه ذبيحة ، ونطيحة ، وأكيلة» أى : مذبوحة ومنطوحة ومأكولة السبع ، وإن لم يستعمل استعمال الأسماء ـ أى : بأن يتبع موصوفه ـ حذفت منه التاء غالبا ، نحو «مررت بامرأة جريح ، وبعين كحيل» أى : مجروحة ومكحولة ، وقد تلحقه التاء قليلا ، نحو «خصلة ذميمة» أى : مذمومة ، و «فعلة حميدة» أى : محمودة.

* * *

وألف التّأنيث : ذات قصر

وذات مدّ ، نحو أنثى الغرّ (١)

والاشتهار فى مبانى الأولى

يبديه وزن «أربى ، والطّولى (٢)

ومرطى» ووزن «فعلى» جمعا

أو مصدرا ، أو صفة : كشبعى (٣)

__________________

(١) «ألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «ذات» خبر المبتدأ ، وذات مضاف و «قصر» مضاف إليه «وذات» معطوف على «ذات» السابق ، وذات مضاف و «مد» مضاف إليه «نحو» خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «أنثى» مضاف إليه ، وأنثى مضاف ، و «الغر» مضاف إليه ، وأنثى الغر هى الغراء بألف تأنيث ممدودة.

(٢) «والاشتهار» مبتدأ «فى مبانى» جار ومجرور متعلق بالاشتهار ، ومبانى مضاف و «الأولى» مضاف إليه «يبديه» يبدى : فعل مضارع ، وضمير الغائب العائد إلى المبتدأ مفعول به ليبدى «وزن» فاعل يبدى ، ووزن مضاف ، و «أربى» مضاف إليه ، و «الطولى» معطوف على أربى ، وجملة الفعل وفاعله ومفعوله فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) «ومرطى» معطوف على «أربى» فى البيت السابق «ووزن» معطوف على «وزن» فى البيت السابق أيضا ، ووزن مضاف و «فعلى» مضاف إليه «جمعا»

٤٣٢

وكحبارى ، سمّهى ، سبطرى ،

ذكرى ، وحثّيثى ، مع الكفرّى (١)

كذاك خلّيطى ، مع الشّقّارى ،

واعز لغير هذه استندارا (٢)

قد سبق أن ألف التأنيث على ضربين ؛ أحدهما : المقصورة ، كحبلى وسكرى ، والثانى : الممدودة ، كحمراء وغرّاء ، ولكل منهما أوزان تعرف بها.

فأما المقصورة فلها أوزان مشهورة ، وأوزان نادرة

فمن المشهورة : فعلى ، نحو : أربى ـ للداهية ، وشعبى ـ لموضع.

ومنها : فعلى ، اسما كبهمى ـ لنبت ، أو صفة كحبلى ، والطّولى ، أو مصدرا كرجعى.

ومنها : فعلى ، اسما كبردى ـ لنهر [بدمشق] ، أو مصدرا كمرطى ـ

__________________

حال من فعلى «أو مصدرا أو صفة» معطوفان على الحال «كشبعى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كشبعى.

(١) «وكحبارى» الواو عاطفة ، كحبارى : جار ومجرور معطوف على «كشبعى» فى البيت السابق «سمهى ، سبطرى ، ذكرى ، وحثيثى» معطوفات على حبارى بعاطف مقدر فيما عدا الأخير «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من المتقدمات ، ومع مضاف و «الكفرى» مضاف إليه.

(٢) «كذاك» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف حرف خطاب «خليطى» مبتدأ مؤخر «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من خليطى ، ومع مضاف و «الشقارى» مضاف إليه «واعز» الواو عاطفة ، واعز : فعل أمر مبنى على حذف الواو ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لغير» جار ومجرور متعلق باعز ، وغير مضاف واسم الإشارة فى قوله «هذه» مضاف إليه «استندارا» مفعول به لاعز.

٤٣٣

لضرب من العدو ، أو صفة كحيدى ، يقال : حمار حيدى ، أى : يحيد عن ظلّه لنشاطه.

قال الجوهرى : ولم يجىء فى نعوت المذكّر شىء على فعلى غيره.

ومنها : فعلى ، جمعا ، كصرعى جمع صريع ، أو مصدرا كدعوى ، أو صفة كشبعى وكسلى.

ومنها : فعالى ، كحبارى لطائر ، ويقع على الذكر والأنثى.

ومنها : فعّلى ، كسمّهى للباطل.

ومنها : فعلّى ، كسبطرى ، لضرب من المثنى (١).

ومنها : فعلى ، مصدرا كذكرى ، أو جمعا كظربى جمع ظربان ، وهى : دويبّة كالهرة منتنة الريح ، تزعم العرب أنها تفسو فى ثوب أحدهم إذا صادها ، فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب ، وكحجلى جمع حجل ؛ وليس فى الجموع ما هو على [وزن] فعلى غيرهما.

ومنها : فعّيلى ، كحثّيثى ، بمعنى الحثّ (٢).

ومنها : فعلّى ، نحو كفرّى ـ لوعاء الطّلع.

ومنها : فعّيلى ، نحو خلّيطى ـ للاختلاط ، ويقال : وقعوا فى خلّيطى ، أى : اختلط عليهم أمرهم.

ومنها : فعّالى ، نحو شقّارى ـ لنبت.

* * *

__________________

(١) سبطرى : ضرب من المشى فيه تبختر ، ونظيره «دفقى» بكسر الدال وفتح الفاء وتشديد القاف مفتوحة ـ وهو ضرب من المشى فيه إسراع وتدفق.

(٢) ونظيره «خليفى» بمعنى الخلافة عن رسول الله ، وفى حديث عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه! ـ «لو لا الخليفى لأذنت» يريد لو لا اشتغاله بشؤون الخلافة لكان مؤذنا.

٤٣٤

لمدّها : فعلاء ، أفعلاء

 ـ مثلّت العين ـ وفعللاء (١)

ثمّ فعالا ، فعللا ، فاعولا

وفاعلاء ، فعليا ، مفعولا (٢)

ومطلق العين فعالا ، وكذا

مطلق فاء فعلاء أخذا (٣)

لألف التأنيث الممدودة أوزان كثيرة ، نبّه المصنف على بعضها.

فمنها : فعلاء ، اسما كصحراء ، أو صفة مذكّرها على أفعل كحمراء ، وعلى غير أفعل كديمة هطلاء ، ولا يقال : سحاب أهطل ، بل سحاب هطل ؛ وقولهم : فرس أو ناقة روغاء ، أى : حديدة القياد ، ولا يوصف به المذكّر منهما ؛ فلا يقال : جمل أروغ ، وكامرأة حسناء ، ولا يقال : رجل أحسن ، والهطل : تتابع المطر والدّمع وسيلانه ، يقال : هطلت السماء تهطل هطلا وهطلانا وتهطالا.

__________________

(١) «لمدها» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ومد مضاف وضمير المؤنثة مضاف إليه «فعلاء» مبتدأ مؤخر «أفعلاء» معطوف على فعلاء بعاطف مقدر «مثلث» حال من أفعلاء ، ومثلث مضاف و «العين» مضاف إليه «وفعللاء» معطوف فعلاء.

(٢) «ثم فعالا ، فعللا ، فاعولا ، وفاعلاء ، فعليا ، مفعولا» كلهن معطوفات على فعلاء فى البيت السابق بعاطف مقدر فى أكثرهن ، وقد قصر أكثرهن للضرورة ارتكانا على فهم القارىء من قوله «لمدها» فى البيت السابق.

(٣) «ومطلق» حال تقدم على صاحبه وهو قوله «فعالا» الآتى ، ومطلق مضاف و «العين» مضاف إليه «فعالا» قصر للضرورة أيضا : معطوف على الأوزان السابقة «كذا» جار ومجرور متعلق بأخذ الآتى فى آخر البيت «مطلق» حال تقدم على صاحبه وهو قوله «فعلاء» الآتى ـ ومطلق مضاف و «فاء» مضاف إليه «فعلاء» مبتدأ «أخذا» أخذ : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعلاء ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ

٤٣٥

ومنها : أفعلاء ـ مثلت العين ـ نحو قولهم لليوم الرابع من أيام الأسبوع : أربعاء ـ بضم الباء وفتحها وكسرها.

ومنها : فعللاء ، نحو عقرباء ـ لأنثى العقارب.

ومنها : فعالاء ، نحو قصاصاء ـ للقصاص.

ومنها : فعللاء ، كقرفصاء.

ومنها : فاعولاء ، كعاشوراء.

ومنها : فاعلاء ، كقاصعاء ـ لجحر من جحرة اليربوع.

ومنها : فعلياء ، نحو : كبرياء ، وهى العظمة.

ومنها : مفعولاء ، نحو : مشيوخاء ، جمع شيخ.

ومنها : فعالاء ـ مطلق العين ، أى : مضمومها ، ومفتوحها ، ومكسورها ـ نحو : دبوقاء ـ للعذرة ، وبراساء ، لغة فى البرنساء ، وهم الناس ، وقال ابن السّكّيت : يقال ما أدرى أى البرنساء هو ، أى : أىّ الناس هو ، وكثيراء.

ومنها : فعلاء ـ مطلق الفاء ، أى : مضمومها ، ومفتوحها ، ومكسورها ـ نحو : خيلاء ـ للتكبر ، وجنفاء ـ اسم مكان ، وسيراء ـ لبرد فيه خطوط صفر.

٤٣٦

المقصور والممدود

إذا اسم استوجب من قبل الطّرف

فتحا ، وكان ذا نظير كالأسف (١)

فلنظيره المعلّ الآخر

ثبوت قصر بقياس ظاهر (٢)

كفعل وفعل فى جمع ما

كفعلة وفعلة ، نحو الدّمى (٣)

المقصور : هو الاسم الذى حرف إعرابه ألف لازمة.

__________________

(١) «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «اسم» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «استوجب» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، والجملة لا محل لها مفسرة «من قبل» جار ومجرور متعلق باستوجب ، وقبل مضاف و «الطرف» مضاف إليه «فتحا» مفعول به لاستوجب «وكان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم «ذا» خبر كان منصوب بالألف نيابة عن الفتحة ، وذا مضاف و «نظير» مضاف إليه «كالأسف» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، أى : وذلك كائن كالأسف.

(٢) «فلنظيره» الفاء داخلة على جواب إذا الواقعة فى البيت السابق ، لنظير : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ونظير مضاف والهاء مضاف إليه «المعل» نعت لنظير ، والمعل مضاف و «الآخر» مضاف إليه ، من إضافة اسم المفعول إلى نائب فاعله «ثبوت» مبتدأ مؤخر ، وثبوت مضاف و «قصر» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب جواب إذا فى البيت السابق «بقياس» جار ومجرور متعلق بثبوت «ظاهر» نعت لقياس.

(٣) «كفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وفعل» معطوف على المجرور فى كفعل «فى جمع» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعل وفعل ، وجمع مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «كفعلة» جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول «وفعلة» معطوف على المجرور فى كفعلة «نحو» خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «الدمى» مضاف إليه.

٤٣٧

فخرج بالاسم : الفعل ، نحو يرضى ، وبحرف إعرابه : المبنىّ ، نحو إذا ، وبلازمة : المثنّى ، نحو الزيدان ؛ فإن ألفه تنقلب ياء فى الجر والنصب.

والمقصور على قسمين : قياسى ، وسماعى.

فالقياسىّ : كل اسم معتلّ له نظير من الصحيح ، ملتزم فتح ما قبل آخره ، وذلك : كمصدر الفعل اللازم الذى على [وزن] فعل ؛ فإنه يكون فعلا ، بفتح الفاء والعين ، نحو أسف أسفا ، فإذا كان معتلا وجب قصره ، نحو جوى جوى [لأن نظيره من الصحيح الآخر ملتزم فتح ما قبل آخره] ونحو فعل فى جمع فعلة بكسر الفاء ، وفعل فى جمع فعلة بضم الفاء ، نحو مرى جمع مرية ، ومدى جمع مدية ، فإن نظيرهما من الصحيح قرب وقرب جمع قربة وقربة ؛ لأن جمع فعلة بكسر الفاء يكون على فعل ، بكسر الأول وفتح الثانى ، وجمع فعلة بضم الفاء يكون على فعل ، بضم الأول وفتح الثانى ، والدّمى : جمع دمية ، وهى الصّورة من العاج ونحوه.

* * *

وما استحقّ قبل آخر ألف

فالمدّ فى نظيره حتما عرف (١)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ أول «استحق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ «قبل» ظرف متعلق باستحق وقبل مضاف و «آخر» مضاف إليه «ألف» مفعول به لاستحق ، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة الموصول «فالمد» الفاء زائدة ، والمد : مبتدأ ثان «فى نظيره» الجار والمجرور متعلق بقوله «عرف» الآتى ، ونظير مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى الذى استحق قبل آخره ألفا مضاف إليه «حتما» حال من الضمير المستتر فى عرف الآتى «عرف» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المد ، والجملة

٤٣٨

أي : تمرون بالديار. ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أن» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع ، وذهب [أبو الحسن على ابن سليمان البغدادي وهو] الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا ، بشرط تعين الحرف ، ومكان الحذف ، نحو : «بريت القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء ، فتقول : «بريت القلم السكين» فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت في زيد» فلا يجوز حذف «في» ، لأنه لا يدرى حينئذ : هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «في زيد» وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز ، نحو «اخترت القوم من بنى تميم» فلا يجوز الحذف ، فلا تقول : «اخترت القوم بنى تميم» ، إذ لا يدرى : هل الأصل «اخترت القوم من بنى تميم» أو «اخترت من القوم بنى تميم».

وأما «أن ، وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطردا ، بشرط أمن اللبس ، كقولك «عجبت أن يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أي : من أن يعطوا الدية ، ومثال ذلك مع أن ـ بالتشديد ـ «عجبت من أنك قائم» فيجوز حذف «من» فتقول : «عجبت أنك قائم» ، فإن حصل لبس لم يجز

__________________

«الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع ، ولا يجوز ارتكابه في سعة الكلام ، إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أن» المؤكد مع اسمها وخبرها ، أو من «أن» المصدرية مع منصوبها.

ومثل هذا الشاهد قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي :

غضبت أن نظرت نحو نساء

ليس يعرفني مررن الطريقا

ومحل الاستشهاد قوله «مررن الطريقا» حيث حذف حرف الجر ثم أوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه ، وأصل الكلام : مررن بالطريق ، وفيه شاهد آخر للقياسي من هذا الباب ; وذلك في قوله «غضبت أن نظرت» وأصله : غضبت من أن نظرت.

٤٣٩

والعادم النّظير ذا قصر وذا

مدّ ، بنقل : كالحجا وكالحذا (١)

هذا هو القسم الثانى ، وهو المقصور السماعىّ ، والممدود السماعىّ.

وضابطهما : أنّ ما ليس له نظير اطّرد فتح ما قبل آخره فقصره موقوف على السماع ، وما ليس له نظير اطّرد زيادة ألف قبل آخره فمدّه مقصور على السماع.

فمن المقصور السماعىّ : الفتى ، واحد الفتيان ، والحجا : العقل ، والثّرى : التراب ، والسّنا : الضوء.

ومن الممدود السماعى : الفتاء : حداثة السّنّ ، والسّناء : الشّرف ، والثّراء : كثرة المال ، والحذاء : النّعل.

* * *

وقصر ذى المدّ اضطرارا مجمع

عليه ، والعكس بخلف يقع (٢)

لا خلاف بين البصريين والكوفيين فى جواز قصر الممدود للضرورة.

واختلف فى جواز مد المقصور ؛ فذهب البصريون إلى المنع ، وذهب الكوفيون إلى الجواز ، واستدلوا بقوله :

__________________

(١) «والعادم» مبتدأ ، والعادم مضاف و «النظير» مضاف إليه «ذا» حال من الضمير المستتر فى قوله بنقل الآتى ، وذا مضاف و «قصر» مضاف إليه «وذا مد» مركب إضافى معطوف على قوله ذا قصر «بنقل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «كالحجا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كالحجا «وكالحذا» معطوف على قوله كالحجا.

(٢) «وقصر» مبتدأ ، وقصر مضاف و «ذى» مضاف إليه ، وذى مضاف و «المد» مضاف إليه «اضطرارا» مفعول لأجله «مجمع» خبر المبتدأ «عليه» جار ومجرور متعلق بمجمع على أنه نائب فاعل له ؛ لأنه اسم مفعول «والعكس» مبتدأ «بخلف» جار ومجرور متعلق بقوله «يقع» الآتى «يقع» فعل مضارع ، وفاعله

٤٤٠