شرح ابن عقيل - ج ٢

محمّد محيى الدين عبد الحميد

شرح ابن عقيل - ج ٢

المؤلف:

محمّد محيى الدين عبد الحميد


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العلوم الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

[أى : وإلّا تطلقها يعل مفرقك الحسام].

* * *

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم (١)

كلّ واحد من الشرط والقسم يستدعى جوابا ، وجواب الشرط : إما مجزوم ، أو مقرون بالفاء ، وجواب القسم إن كان جملة فعلية مثبتة ، مصدّرة بمضارع ـ أكّد باللام والنون نحو : «والله لأضربنّ زيدا» وإن صدّرت بماض اقترن باللام وقد (٢) ، نحو «والله لقد قام زيد» وإن كان جملة اسمية فبإنّ واللام ، أو اللام وحدها ، أو بإنّ وحدها ، نحو «والله إنّ زيدا لقائم»

__________________

النافية ، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله ، أى وإلا تطلقها «يعل» فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف الواو «مفرقك» مفرق : مفعول به ليعل ، ومفرق مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «الحسام» فاعل يعل.

الشاهد فيه : قوله «وإلا يعل» حيث حذف فعل الشرط ولم يذكر فى الكلام إلا الجواب ، وقد ذكرنا تقديره فى إعراب البيت ، وذكره الشارح العلامة.

(١) «واحذف» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لدى» ظرف بمعنى عند متعلق باحذف ، ولدى مضاف و «اجتماع» مضاف إليه ، واجتماع مضاف و «شرط» مضاف إليه «وقسم» معطوف على شرط «جواب» مفعول به لا حذف ، وجواب مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «أخرت» أخر : فعل ماض ، والتاء ضمير المخاطب فاعله ، والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والعائد ضمير منصوب بأخرت محذوف ، والتقدير ما أخرته «فهو» الفاء للتعليل ، وهو : ضمير منفصل مبتدأ «ملتزم» خبر المبتدأ.

(٢) وربما حذفت اللام وقد جميعا ، وذلك إن طالت جملة القسم ، وذلك نحو قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) فإن هذه الجملة جواب القسم الذى فى أول السورة ، وهو فعل ماض مثبت وليس معه لام ولا قد ، ثم إن الذى يقترن باللام وقد معا هو الماضى المتصرف ، فأما الجامد فيقترن باللام وحدها ، نحو «والله لعسى زيد أن يقوم ، ووالله لنعم الرجل زيد».

٣٨١

و «والله لزيد قائم» و «والله إنّ زيدا قائم» وإن كان جملة فعلية منفية [فينفى] بما أو لا أو إن ، نحو «والله ما يقوم زيد ، ولا يقوم زيد ، وإن يقوم زيد» والاسمية كذلك.

فإذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخّر منهما لدلالة جواب الأول عليه ؛ فتقول : «إن قام زيد والله يقم عمرو» ؛ فتحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، وتقول : «والله إن يقم زيد ليقومنّ عمرو» ؛ فتحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه.

* * *

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح ، مطلقا ، بلا حذر (١)

أى : إذا اجتمع الشرط والقسم أجيب السابق منهما ، وحذف جواب المتأخر ، هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر ؛ فإن تقدم عليهما ذو خبر رجّح الشرط مطلقا ، أى : سواء كان متقدما أو متأخرا ؛ فيجاب الشرط ويحذف جواب القسم ؛ فتقول : «زيد إن قام والله أكرمه» و «زيد والله إن قام أكرمه».

* * *

__________________

(١) «إن» شرطية «تواليا» توالى : فعل ماض فعل الشرط ، وألف الاثنين فاعله «وقبل» الواو واو الحال ، قبل : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم «ذو» مبتدأ مؤخر ، وذو مضاف و «خبر» مضاف إليه ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال من ألف الاثنين فى «تواليا» السابق «فالشرط» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، الشرط : مفعول تقدم على عامله ـ وهو قوله «رجح» الآتى ـ «رجح» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط «مطلقا» حال من الشرط «بلا حذر» جار ومجرور متعلق برجح.

٣٨٢

وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلا ذى خبر مقدّم (١)

أى : وقد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم عند اجتماعهما وتقدّم القسم ، وإن لم يتقدم ذو خبر ، ومنه قوله :

(٣٤٦) ـ

لئن منيت بنا عن غبّ معركة

لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل

__________________

(١) «وربما» رب : حرف تقليل ، وما : كافة «رجح» فعل ماض مبنى للمجهول «بعد» ظرف متعلق برجح ، وبعد مضاف و «قسم» مضاف إليه «شرط» نائب فاعل رجح ، و «بلا ذى» جار ومجرور متعلق برجح ، وذى مضاف ، و «خبر» مضاف إليه «مقدم» نعت لذى خبر.

٣٤٦ ـ البيت للأعشى : ميمون بن قيس ، من قصيدة له مشهورة ، معدوده فى المعلقات ، مطلعها :

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل

وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل؟

غرّاء فرعاء مصقول عوارضها

تمشى الهوينا كما يمشى الوجى الوحل

كأنّ مشيتها من بيت جارتها

مرّ السّحابة لا ريث ولا عجل

اللغة : «منيت» ابتليت ، والخطاب ليزيد بن مسهر الشيبانى «عن غب» عن ـ هنا ـ تؤدى المعنى الذى تؤديه بعد ، وغب كذا ـ بكسر الغين ـ أى : عقبه ، ويروى* .. عن جد* والجد ـ بكسر الجيم ـ المجاهدة ، أى الشدة «لا نلفنا» لا تجدنا «ننتفل» نتملص ونتخلص.

الإعراب : «لئن» اللام موطئة للقسم ، أى : والله لئن ـ إن : شرطية «منيت» منى : فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، وتاء المخاطب نائب فاعل «بنا» جار ومجرور متعلق بمنيت «عن غب» جار ومجرور متعلق بمنيت أيضا ، وغب مضاف و «معركة» مضاف إليه «لا» نافية «تلفنا» تلف : فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم بحذف الياء ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونا : مفعول أول «عن دماء» جار ومجرور متعلق بقوله «ننتفل» الآتى ، ودماء مضاف ، «القوم»

٣٨٣

فلام «لئن» موطّئة لقسم محذوف ـ والتقدير : والله لئن ـ و «إن» : شرط ، وجوابه «لا تلفنا» وهو مجزوم بحذف الياء ، ولم يجب القسم ، بل حذف جوابه لدلالة جواب الشرط عليه ، ولو جاء على الكثير ـ وهو إجابة القسم لتقدّمه ـ لقيل : لا تلفينا ؛ بإثبات الياء ؛ لأنه مرفوع.

* * *

__________________

مضاف إليه «ننتفل» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل نصب مفعول ثانى لتلفى :

الشاهد فيه : «قوله لا تلفنا» حيث أوقعه جواب الشرط مع تقدم القسم عليه. وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، ولو أنه أوقعه جوابا للقسم لجاء به مرفوعا ، لا مجزوما ، وقد ذكر ذلك الشارح العلامة.

٣٨٤

فصل لو

«لو» حرف شرط ، فى مضىّ ، ويقلّ

إيلاؤها مستقبلا ، لكن قبل (١)

لو تستعمل استعمالين :

أحدهما : أن تكون مصدريّة ، وعلامتها صحة وقوع «أن» موقعها ، نحو «وددت لو قام زيد» أى : قيامه ، وقد سبق ذكرها فى باب الموصول (٢).

الثانى : أن تكون شرطية ، ولا يليها ـ غالبا ـ إلا ماض معنى ، ولهذا قال : «لو حرف شرط فى مضىّ» وذلك نحو قولك : «لو قام زيد لقمت» وفسّرها سيبويه بأنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وفسّرها غيره بأنها حرف امتناع لامتناع ، وهذه العبارة الأخيرة هى المشهورة ، والأولى الأصحّ ، وقد يقع بعدها ما هو مستقبل المعنى ، وإليه أشار بقوله «ويقل إيلاؤها مستقبلا» ومنه قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) وقوله :

__________________

(١) «لو» قصد لفظه : مبتدأ «حرف» خبر المبتدأ ، وحرف مضاف ، و «شرط» مضاف إليه «فى مضى» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لشرط «ويقل» فعل مضارع «إيلاؤها» إيلاء : فاعل يقل ، وإيلاء مضاف ، وها : مضاف إليه ، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول «مستقبلا» مفعول ثان للمصدر «لكن» حرف استدراك «قبل» فعل ماض ، مبنى للمجهول ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى إيلائها المستقبل هو نائب الفاعل.

(٢) قد أنكر جماعة من النحاة مجىء لو مصدرية ، وقد ذكرنا ذلك مفصلا فى ص ٣٨٩ الآتية.

٣٨٥

(٣٤٧) ـ

ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت

علىّ ودونى جندل وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة ، أوزقا

إليها صدى من جانب القبر صائح

* * *

__________________

٣٤٧ ـ البيتان لنوبة بن الحمير ـ بضم الحاء المهملة ، وفتح الميم ، وتشديد الياء المثناة.

اللغة : «جندل» بفتحتين بينهما سكون ـ أى حجر «صفائح» هى الحجارة العراض التى تكون على القبور «البشاشة» طلاقة الوجه «زقا» صاح «الصدى» ذكر البوم ، أو هو ما تسمعه فى الجبال كترديد لصوتك.

المعنى : يريد أن ليلى لو سلمت عليه بعد موته ، وقد حجبته عنها الجنادل والأحجار العريضة ، لسلم عليها وأجابها تسليم ذوى البشاشة ، أو لناب عنه فى تحيتها صدى يصيح من جانب القبر.

الإعراب : «لو» حرف امتناع لامتناع «أن» حرف توكيد ونصب «ليلى» اسم أن «الأخيلية» نعت لليلى «سلمت» سلم : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى ليلى ، والجملة فى محل رفع خبر أن و «أن» ومعمولها فى تأويل مصدر إما فاعل لفعل محذوف ، والتقدير : ولو ثبت تسليم ليلى ، وإما مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : ولو تسليم ليلى حاصل ، مثلا ، وقد بين الشارح هذا الخلاف قريبا (ص ٣٨٧) وعلى أية حال فهذه الجملة هى جملة الشرط «على» جار ومجرور متعلق بسلمت «ودونى» الواو واو الحال ، دون : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ودون مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «جندل» مبتدأ مؤخر ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال «لسلمت» اللام هى التى تقع فى جواب لو ، وسلم : فعل ماض ، والتاء ضمير المتكلم فاعل «تسليم» منصوب على المفعولية المطلقة ، وتسليم مضاف و «البشاشة» مضاف إليه ، «أو» عاطفة «زقا» فعل ماض ، معطوف على «سلمت» الماضى «إليها» جار ومجرور متعلق بزقا «صدى» فاعل زقا «من جانب» جار ومجرور متعلق بقوله «صائح» الآتى ، وجانب مضاف ، و «القبر» مضاف إليه «صائح» نعت لصدى.

الشاهد فيه : وقوع الفعل المستقبل فى معناه بعد لو ، وهذا قليل.

٣٨٦

وهى فى الاختصاص بالفعل كإن

لكنّ لو أنّ بها قد تقترن (١)

يعنى أن «لو» الشرطيّة تختصّ بالفعل ؛ فلا تدخل على الاسم ، كما أنّ «إن» الشرطية كذلك ، لكن تدخل «لو» على «أنّ» واسمها وخبرها ، نحو : «لو أنّ زيدا قائم لقمت». واختلف فيها ، والحالة هذه ؛ فقيل : هى بافية على اختصاصها ، و «أنّ» وما دخلت عليه فى موضع رفع فاعل بفعل محذوف ، والتقدير «لو ثبت أن زيدا فائم لقمت» [أى : لو ثبت قيام زيد] ، وقيل : زالت عن الاختصاص ، و «أنّ» وما دخلت عليه فى موضع رفع مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير «لو أن زيدا قائم ثابت لقمت» أى : لو قيام زيد ثابت ، وهذا مذهب سيبويه.

* * *

وإن مضارع تلاها صرفا

إلى المضىّ ، نحو لو يفى كفى (٢)

__________________

(١) «وهى» ضمير منفصل مبتدأ «فى الاختصاص» جار ومجرور متعلق بما يتعلق به الخبر الآتى «بالفعل» جار ومجرور متعلق بالاختصاص «كإن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «لكن» حرف استدراك ونصب «لو» قصد لفظه : اسم لكن «أن» قصد لفظه أيضا : مبتدأ «بها» جار ومجرور متعلق بقوله «تقترن» الآتى «قد» حرف تقليل «تقترن» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى «أن» ، والجملة من الفعل وفاعله المستتر فيه فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل رفع خبر لكن.

(٢) «وإن» شرطية «مضارع» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده «تلاها» تلا : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع ، وها مفعول ، والجملة لا محل لها مفسرة «صرفا» صرف : فعل ماض مبنى للمجهول ، وهو جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «مضارع»

٣٨٧

قد سبق أن «لو» هذه لا يليها ـ فى الغالب ـ إلا ما كان ماضيا فى المعنى ، وذكر هنا أنه إن وقع بعدها مضارع فإنها تقلب معناه إلى المضىّ ، كقوله :

(٣٤٨) ـ

رهبان مدين والّذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

__________________

السابق ، والألف للاطلاق «إلى المضى» جار ومجرور متعلق بصرف «نحو» خبر مبتدأ محذوف ـ أى وذلك نحو ـ «لو» حرف شرط غير جازم «يفى» فعل مضارع فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه «كفى» جواب الشرط ، وجملة الشرط وجوابه فى محل جر بإضافة «نحو» إليه على تقدير مضاف ، أى : نحو قولك لو يفى كفى.

٣٤٨ ـ البيتان لكثير عزة ، يتحدث فيهما عن تأثير عزة عليه ومنشئه.

اللغة : «رهبان» جمع راهب ، وهو عابد النصارى «مدين» قرية بساحل الطور «قعودا» جمع قاعد ، مأخوذ من قعد للأمر ، أى اهتم له واجتهد فيه.

الإعراب : «رهبان» مبتدأ ، ورهبان مضاف و «مدين» مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة «والذين» اسم موصول معطوف على رهبان «عهدتهم» ، عهد : فعل ماض ، وتاء المتكلم فاعله ، مبنى على الضم فى محل رفع ، وضمير جماعة الغائبين العائد على الذين مفعول به لعهد ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «يبكون» فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعله ، والنون علامة الرفع ، والجملة فى محل نصب حال من المفعول فى عهدتهم «من حذر» جار ومجرور متعلق بقوله «يبكون» السابق ، وحذر مضاف و «العذاب» مضاف إليه «قعودا» منصوب على الحال : إما من المفعول فى عهدتهم كجملة يبكون فتكون الحال مترادفة ، وإما من الفاعل فى يبكون فتكون الحال متداخلة «لو» حرف امتناع لامتناع «يسمعون» فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع ، والجملة شرط لو لا محل لها من الإعراب «كما» الكاف جارة ، ما : مصدرية «سمعت» فعل وفاعل ، و «ما» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف ، أى : سماعا مثل سماعى «كلامها» كلام : تنازعه الفعلان قبله ، وكل منهما يطلبه مفعولا ، وكلام مضاف ، وها : مضاف إليه «خروا» خر : فعل ماض ، وواو الجماعة فاعل ، والجملة

٣٨٨

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا

أى : لو سمعوا.

ولا بدّ للو هذه من جواب ، وجوابها : إما فعل ماض ، أو مضارع منفى بلم.

وإذا كان جوابها مثبتا ، فالأكثر اقترانه باللام ، نحو : «لو قام زيد لقام عمرو» ويجوز حذفها ؛ فتقول : «لو قام زيد قام عمرو».

وإن كان منفيا بلم لم تصحبها اللام ؛ فتقول : «لو قام زيد لم يقم عمرو».

وإن نفى بما فالأكثر تجرّده من اللام ، نحو : «لو قام زيد ما قام عمرو» ، ويجوز اقترانه بها ، نحو : «لو قام زيد لما قام عمرو» (١).

* * *

__________________

جواب لو لا محل لها من الإعراب ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو رهبان مدين «لعزة» جار ومجرور متعلق بقوله «خروا» السابق «ركعا» حال من الواو فى خروا «وسجودا» معطوف على قوله ركعا.

الشاهد فيه : قوله «لو يسمعون» حيث وقع الفعل المضارع بعد «لو» فصرفت معناه إلى المضى ؛ فهو فى معنى قولك «لو سمعوا».

(١) اعلم أن كثيرا من النحاة ينكرون «لو» المصدرية ، ويقولون لا تكون لو إلا شرطية ، فإن ذكر جوابها فالأمر ظاهر ، وإن لم يذكر جوابها ـ كما فى الأمثلة التى تدعى فيها المصدرية ـ فالجواب محذوف ، والذين أثبتوها قالوا : إنها توافق أن المصدرية : فى المعنى ، وفى سبك الفعل بعدها بمصدر ، وفى بقاء الماضى على مضيه وتخليص المضارع للاستقبال ، وتفارقها فى العمل ، فإن لو لا تنصب ، ولا بد لهما من أن يطلبهما عامل ، فيكون كل منهما مع مدخوله فاعلا نحو «يعجبنى أن تقوم ، وما كان ضرك لو مننت» ومفعولا به ، نحو «أحب أن تقوم ، ويود أحدهم لو يعمر» وخبر مبتدأ نحو «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» ونحو قول الأعشى :

وربّما فات قوما جلّ أمرهم

من التّأنّى وكان الحزم لو عجلوا

وتقع «أن» مع مدخولها مبتدأ نحو «وأن تصوموا خير لكم».

٣٨٩

أمّا ، ولو لا ، ولوما

أمّا كمهما يك من شىء ، وفا

 ـ لتلو تلوها وجوبا ـ ألفا (١)

أمّا : حرف تفصيل ، وهى قائمة مقام [أداة] الشرط ، وفعل الشرط ؛ ولهذا فسّرها سيبويه بمهما يك من شىء ، والمذكور بعدها جواب الشرط ؛ فلذلك لزمته الفاء ، نحو : «أمّا زيد فمنطلق» والأصل «مهما يك من شىء فزيد منطلق» فأنيبت «أما» مناب «مهما يك من شىء» ؛ فصار «أما فزيد منطلق» ثم أخرت الفاء إلى الخبر ، فصار «أما زيد فمنطلق» ؛ ولهذا قال : «وفا لتلو تلوها وجوبا ألفا».

* * *

وحذف ذى الفا قلّ فى نثر ، إذا

لم يك قول معها قد نبذا (٢)

__________________

(١) «أما» قصد لفظه : مبتدأ «كمهما يك من شىء» المقصود حكاية هذه الجملة التى بعد الكاف الجارة أيضا ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وفا» قصر للضرورة : مبتدأ «لتلو» جار ومجرور متعلق بقوله «ألفا» الآتى فى آخر البيت ، ونلو مضاف وتلو من «تلوها» مضاف إليه ، وتلو مضاف وها. مضاف إليه «وجوبا» حال من الضمير المستتر فى قوله «ألفا» الآتى «ألفا» ألف : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه ، والألف للاطلاق ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «وحذف» مبتدأ ، وحذف مضاف و «ذى» اسم إشارة مضاف إليه «الفا» قصر للضرورة : بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة «قل» فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «فى نثر» جار ومجرور متعلق بقوله «قل» السابق «إذا ظرف تضمن معنى الشرط «لم» نافية جازمة «يك» فعل مضارع ناقص ، مجزوم بلم ، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف «قول» اسم يك «معها» مع : ظرف متعلق

٣٩٠

[قد] سبق أن هذه الفاء ملتزمة الذّكر ، وقد جاء حذفها فى الشعر ، كقوله :

(٣٤٩) ـ

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا فى عراض المواكب

__________________

بقوله «نبذ» الآتى ، ومع مضاف وها مضاف إليه «قد» حرف تحقيق «نبذا» نبذا : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قول ، والجملة من الفعل ونائب الفاعل فى محل نصب خبر يك وجملة يك واسمه وخبره فى محل جر بإضافة «إذا» إليها ، وهى جملة الشرط ، والجواب محذوف يدل سابق الكلام عليه ، والتقدير : إذا لم يك قول فحذف الفاء قليل.

٣٤٩ ـ هذا البيت مما هجى به بنو أسد بن أبى العيص قديما ـ وهو من كلام الحارث بن خالد المخزومى ، وقبله :

فضحتم قريشا بالفرار ، وأنتم

قمدّون سودان عظام المناكب

اللغة : «قمدون» جمع قمد ، وهو ـ بضم القاف والميم وتشديد الدال ، بزنة عتل ـ الطويل ، وقيل : الطويل العنق الضخمه «سودان» أراد به الأشراف ، وقيل : هو جمع سود ، وهو جمع أسود ، وهو أفعل تفضيل من السيادة «عراض» جمع عرض ـ بضم العين وسكون الراء المهملة وآخره ضاد معجمة ـ بمعنى الناحية «المواكب» الجماعة ركبانا أو مشاة ، وقيل : ركاب الإبل للزينة خاصة.

الإعراب : «أما» حرف يتضمن معنى الشرط والتفصيل «القتال» مبتدأ «لا» نافية للجنس «قتال» اسم لا ، مبنى على الفتح فى محل نصب «لديكم» لدى : ظرف متعلق بمحذوف خبر لا ، ولدى مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه ، والجملة من لا واسمه وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ ، والرابط بين جملة المبتدأ والخبر هو العموم الذى فى اسم لا ، كذا قيل ، ورده الجمهور ، واستظهر جماعة منهم أن الرابط هنا إعادة المبتدأ بلفظه فهو كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) «ولكن» حرف استدراك ونصب ، واسمه محذوف ، أى : ولكنكم «سيرا» مفعول مطلق لفعل محذوف : أى تسيرون

٣٩١

أى : فلا قتال ، وحذفت فى النثر أيضا : بكثرة ، وبقلة ؛ فالكثرة عند حذف القول معها ، كقوله عز وجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ؟) أى فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ، والقليل : ما كان بخلافه ، كقوله صلى الله عليه وسلم : «أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله» (١) هكذا وقع فى صحيح البخارى «ما بال» بحذف الفاء ، والأصل : أما بعد فما بال رجال ، فحذفت الفاء.

* * *

__________________

سيرا ، وجملة هذا الفعل المحذوف مع فاعله فى محل رفع خبر لكن ، ويجوز أن يكون قوله «سيرا» هو اسم لكن ، وخبره محذوف ، والتقدير. ولكن لكم سيرا ـ إلخ «فى عراض» جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف على الأول ، وبقوله سيرا على الثانى ، وعراض مضاف و «المراكب» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «لا قتال لديكم» حيث حذف الفاء من جواب أما ، مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف ، وذلك للضرورة ، ومثله قول الآخر :

فأمّا الصّدور لا صدور لجعفر

ولكنّ أعجازا شديدا صريرها

فحذف الفاء من «لا صدور لجعفر» وليس على تقدير القول ، وقوله «ولكن أعجازا» تقديره «ولكن لهم أعجازا» نظير ما ذكرناه فى قول الحارث «ولكن سيرا» فى أحد الوجهين.

(١) يمكن تخريج هذا الحديث على تقدير القول ، فتكون من النوع الذى يكثر فيه حذف الفاء كالآية ، والتقدير : أما بعد فأقول : ما بال رجال ، وقد روى أن السيدة عائشة ـ رضى الله تعالى عنها! ـ قالت «أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا» فهذا على حذف الفاء ، وليس على تقدير قول قطعا ، لأنه إخبار عن شىء مضى.

٣٩٢

لو لا ولوما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا (١)

للولا ولو ما استعمالان :

أحدهما : أن يكونا دالين على امتناع الشىء لوجود غيره ، وهو المراد بقوله : «إذا امتناعا بوجود عقدا» ، ويلزمان حينئذ الابتداء ؛ فلا يدخلان إلا على المبتدأ ، ويكون الخبر بعدهما محذوفا وجوبا ، ولا بدّ لهما من جواب (٢) ، فإن كان مثبتا قرن باللّام ، غالبا ، وإن كان منفيا بما تجرّد عنها (٣) غالبا ، وإن كان منفيا بلم لم يقترن بها ، نحو : «لو لا زيد لأكرمتك ، ولوما زيد لأكرمتك ، ولوما زيد ما جاء عمرو ، ولوما زيد لم يجىء عمرو» ؛ فزيد ـ فى

__________________

(١) «لو لا» قصد لفظه : مبتدأ «ولوما» معطوف على لو لا «يلزمان» فعل مضارع ، وألف الاثنين فاعل ، والنون علامة الرفع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ «الابتدا» مفعول به ليلزمان «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «امتناعا» مفعول به تقدم على عامله ، وهو قوله «عقدا» الآتى «بوجود» جار ومجرور متعلق بعقد الآتى أيضا «عقدا» عقد : فعل ماض ، وألف الاثنين فاعل ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها.

(٢) قد يحذف جواب لو لا لدليل يدل عليه ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) التقدير : لو لا فضله عليكم لهلكتم.

(٣) ومن غير الغالب قد يخلو الجواب المثبت من اللام ، وذلك نحو قول الشاعر :

لو لا زهير جفانى كنت معتذرا

ولم أكن جانحا للسّلم إن جنحوا

وقد يقترن الجواب المنفى بما باللام نحو قول الشاعر :

لو لا رجاء لقاء الظاعنين لما

أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا

٣٩٣

هذه المثل ونحوها ـ مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، والتقدير : لو لا زيد موجود ، وقد سبق ذكر هذه المسألة فى باب الابتداء

* * *

وبهما التّحضيض مز ، وهلّا ،

ألّا ، ألا ، وأو لينها الفعلا (١)

أشار فى هذا البيت إلى الاستعمال الثانى للولا ولوما ، وهو الدلالة على التحضيض ، ويختصان حينئذ بالفعل ، نحو «لو لا ضربت زيدا ، ولوما قتلت بكرا» فإن قصدت بهما التوبيخ كان الفعل ماضيا ، وإن قصدت بهما الحثّ على الفعل كان مستقبلا بمنزلة فعل الأمر ، كقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا) أى : لينفر ، وبقية أدوات التحضيض حكمها كذلك ، فتقول : «هلا ضربت زيدا ، وألّا فعلت كذا» وألا مخففة كألّا مشددة.

* * *

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق ، أو بظاهر مؤخّر (٢)

__________________

(١) «وبهما» الواو عاطفة أو للاستئناف ، بهما : جار ومجرور متعلق بقوله «مز» الآتى «التحضيض» مفعول به لمز تقدم عليه «مز» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «وهلا» معطوف على الضمير المجرور محلا بالباء فى قوله بهما «ألا ، ألا» معطوفان أيضا على الضمير المجرور محلا بالباء ، بعاطف مقدر «وأولينها» أول : فعل أمر ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب ، وها : مفعول أول «الفعلا» مفعول ثان.

(٢) «وقد» حرف تقليل «يليها» يلى : فعل مضارع ، مرفوع بضمة مقدرة على الياء ، وها : مفعول به ليلى «اسم» فاعل يلى «بفعل» جار ومجرور متعلق

٣٩٤

قد سبق أن أدوات التحضيض تختصّ بالفعل ، فلا تدخل على الاسم ، وذكر فى هذا البيت أنه قد يقع الاسم بعدها ، ويكون معمولا لفعل مصمر ، أو لفعل مؤخّر عن الاسم ؛ فالأول كقوله :

(٣٥٠) ـ

* هلّا التّقدّم والقلوب صحاح*

__________________

بقوله «علق» الآتى «مضمر» نعت لفعل «علق» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم ، والجملة فى محل رفع نعت لاسم «أو» عاطفة «بظاهر» معطوف على قوله «بفعل» السابق مع ملاحظة منعوت محذوف ، أى أو بفعل ظاهر ـ إلخ «مؤخر» نعت لظاهر.

٣٥٠ ـ هذا عجز بيت لا يعرف قائله ، وصدره :

* ألآن بعد لجاجتى تلحوننى*

اللغة : «لجاجتى» بفتح اللام ـ مصدر لجج فى الأمر ـ من باب تعب ـ إذا لازمه ، وواظب عليه ، وداوم على فعله «تلحوننى» تلوموننى وتعذلوننى «صحاح» جمع صحيح أى : والقلوب خالية من الغضب والحقد والضغينة.

المعنى : يقول : أبعد لجاجتى وغضبى وامتلاء قلوبنا بالغل والحقد تلوموننى وتعذلوننى ، وتتقدمون إلى بطلب الصلح وغفران ما قدمتم. وهلا كان ذلك منكم قبل أن تمتلىء القلوب إحنة ، وتحمل الضغينة عليكم بسبب سوء عملكم؟.

الإعراب : «الآن» الهمزة للانكار ، والآن : ظرف زمان متعلق بقوله «تلحوننى» الآتى «بعد» ظرف زمان بدل من الظرف السابق ، وبعد مضاف ولجاجة من «لجاجتى» مضاف إليه ، ولجاجة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «تلحوننى» تلحو : فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع ، والنون الثانية للوقاية ، وياء المتكلم مفعول به «هلا» أداة تحضيض «التقدم» فاعل بفعل محذوف : أى هلا حصل التقدم «والقلوب» الواو للحال ، القلوب : مبتدأ «صحاح» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال.

الشاهد فيه : قوله «هلا التقدم» حيث ولى أداة التحضيض اسم مرفوع ، فيجعل هنا فاعلا لفعل محذوف ؛ لأن أدوات التحضيض مخصوصة بالدخول على الأفعال ، وهذا

٣٩٥

فـ «التقدم» مرفوع بفعل محذوف ، وتقديره : هلّا وجد التقدّم ، ومثله قوله :

(٣٥١) ـ

تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم

بنى ضوطرى ، لو لا الكمىّ المقنّعا

__________________

الفعل ليس فى الكلام فعل آخر يدل عليه كما فى نحو «زيدا أكرمته».

ونظير هذا البيت قول الشاعر :

ألا رجلا جزاه الله خيرا

يدلّ على محصّلة تبيت

فإن «رجلا» منصوب بفعل محذوف ـ وذلك فى بعض ثخريجاته ـ وهذا الفعل المحذوف ليس فى الكلام فعل يفسره ، وتقدير الكلام : ألا تعرفوننى رجلا ، أو نحو ذلك.

٣٥١ ـ البيت لجرير ، من قصيدة له يهجو فيها الفرزدق.

اللغة : «تعدون» قد اختلف العلماء فى هذا الفعل ، هل يتعدى إلى مفعول واحد فقط أو يجوز أن يتعدى إلى مفعولين؟ فأجاز قوم تعديته إلى مفعولين ، ومنع ذلك آخرون ، والبيت بظاهره شاهد للجواز «عقر» مصدر قولك عقر الناقة ، أى : ضرب قوائمها بالسيف «النيب» جمع ناب ، وهى الناقة المسنة «مجدكم» عزكم وشرفكم «ضوطرى» هو الرجل الضخم اللئيم الذى لاغناء عنده ، والضوطرى أيضا : المرأة الحمقاء «الكمى» الشجاع المنكمى فى سلاحه : أى المستتر فيه «المقنعا» بصيغة اسم المفعول ـ الذى على رأسه البيضة والمغفر.

المعنى : يقول : إنكم تعدون ضرب قوائم الإبل المسنة التى لا ينتفع بها ولا يرجى نسلها ـ بالسيف ، أفضل عزكم وشرفكم ، هلا تعدون قتل الفرسان أفضل مجدكم!؟

الإعراب : «تعدون» تعد : فعل مضارع ، وواو الجماعة فاعل ، والنون علامة الرفع «عقر» مفعول أول ، وعقر مضاف و «النيب» مضاف إليه «أفضل» مفعول ثان ، وأفضل مضاف ومجد من «مجدكم» مضاف إليه ، ومجد مضاف ، وكاف المخاطب مضاف إليه «بنى» منادى بحرف نداء محذوف ، منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، وبنى مضاف و «ضوطرى» مضاف إليه «لو لا» أداة تحضيض «الكمى» مفعول

٣٩٦

فـ «الكمىّ» : مفعول بفعل محذوف ، والتقدير : لو لا تعدون الكمىّ المقنّع ، والثانى كقولك : لو لا زيدا ضربت ، فـ «زيدا» مفعول «ضربت».

* * *

__________________

أول لفعل محذوف يدل عليه ما قبله على تقدير مضاف ، أى : لو لا تعدون قتل الكمى «المقنعا» صفة للكمى ، والمفعول الثانى محذوف ، يدل عليه الكلام السابق ، والتقدير : لو لا تعدون قتل الكمى المقنع أفضل مجدكم.

الشاهد فيه : قوله «لو لا الكمى المقنعا» حيث ولى أداة التحضيض اسم منصوب ؛ فجعل منصوبا بفعل محذوف ؛ لأن أدوات التحضيض مما لا يجوز دخولها إلا على الأفعال.

ونحب أن ننبهك إلى أن العامل فى الاسم الواقع بعد أدوات التحضيض على ثلاثة أقسام تفصيلا :

أولها : أن يكون هذا الفعل العامل فى ذلك الاسم متأخرا عن الاسم نحو «هلا زيدا ضربت».

وثانيها : أن يكون هذا العامل محذوفا مفسرا بفعل آخر مذكور بعد الاسم ، نحو «ألا خالدا أكرمته» تقدير هذا الكلام : ألا أكرمت خالدا أكرمته.

وثالثها : أن يكون هذا الفعل العامل محذوفا ، وليس فى اللفظ فعل آخر يدل عليه ، ولكن سياق الكلام ينبىء عنه ؛ فيمكنك أن تتصيده منه ، وقد استشهدنا لهذا النوع فى شرح الشاهد رقم ٣٥٠.

٣٩٧

الإخبار بالّذى ، والألف والّلام

ما قيل «أخبر عنه بالّذى» خبر

عن الّذى مبتدأ قبل استقر (١)

وما سواهما فوسّطه صله

عائدها خلف معطى التّكمله (٢)

نحو «الّذى ضربته زيد» ؛ فذا

«ضربت زيدا» كان ، فادر المأخذا (٣)

__________________

(١) «ما» اسم موصول : مبتدأ «قيل» فعل ماض مبنى للمجهول ، وجملته مع نائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول «أخبر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عنه ، بالذى» جاران ومجروران يتعلقان بأخبر ، وجملة «أخبر» وما تعلق به مقول القول «خبر» خبر المبتدأ «عن الذى» جار ومجرور متعلق بقوله «خبر» السابق «مبتدأ» حال من «الذى» السابق «قبل» ظرف متعلق بقوله «استقر» الآتى ، أو مبنى على الضم فى محل نصب متعلق بمحذوف حال ثانية ، وجملة «استقر» مع فاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو لا محل لها من الإعراب صلة الموصول المجرور محلا بعن.

(٢) «وما» اسم موصول : مبتدأ «سواهما» سوى : ظرف متعلق بمحذوف صلة ما ، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه «فوسطه» الفاء زائدة ، ووسط : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، ودخلت الفاء لشبه الموصول الواقع مبتدأ بالشرط «صلة» حال من الهاء الواقعة مفعولا به فى قوله فوسطه «عائدها» عائد : مبتدأ ، وعائد مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الصلة مضاف إليه «خلف» خبر المبتدأ ، وخلف مضاف ، و «معطى» مضاف إليه ، ومعطى مضاف ، و «التكملة» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله.

(٣) «نحو» خبر لمبتدأ محذوف ، أى : وذلك نحو «الذى» اسم موصول مبتدأ «ضربته» فعل وفاعل ومفعول ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «زيد» خبر الذى الواقع مبتدأ «فذا» الفاء للتفريع ، ذا : اسم إشارة مبتدأ «ضربت زيدا» أصله فعل وفاعل ومفعول ، وقد قصد لفظه ، وهو خبر مقدم لكان «كان» فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذا الواقع مبتدأ ، وجملة كان

٣٩٨

هذا الباب وضعه النحويون لامتحان الطالب وتدريبه ، كما وضعوا باب التمرين فى التصريف لذلك.

فإذا قيل لك : أخبر عن اسم من الأسماء بـ «الذى» ؛ فظاهر هذا اللفظ أنك تجعل «الذى» خبرا عن ذلك الاسم ، لكن الأمر ليس كذلك ، بل المجعول خبرا هو ذلك الاسم ، والمخبر عنه إنما هو «الذى» كما ستعرفه ، فقيل : إن الباء فى «بالذى» بمعنى «عن» ، فكأنه قيل : أخبر عن الذى.

والمقصود أنه إذا قيل لك ذلك ؛ فجىء بالذى ، واجعله مبتدأ ، واجعل ذلك الاسم خبرا عن الذى ، وخذ الجملة التى كان فيها ذلك الاسم فوسّطها بين الذى وبين خبره ، وهو ذلك الاسم ، واجعل الجملة صلة الذى ، واجعل العائد على الذى الموصول ضميرا ، تجعله عوضا عن ذلك الاسم الذى صيّرته خبرا.

فإذا قيل لك : أخبر عن «زيد» من قولك «ضربت زيدا» ؛ فتقول : الذى ضربته زيد ، فالذى : مبتدأ ، وزيد : خبره ، وضربته : صلة الذى ، والهاء فى «ضربته» خلف عن «زيد» الذى جعلته خبرا ، وهى عائدة على «الذى».

* * *

وباللّذين والّذين والّتى

أخبر مراعيّا وفاق المثبت (١)

__________________

واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو اسم الإشارة «فادر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المأخذا» مفعول به لا در ، والألف للاطلاق.

(١) «وباللذين» الواو عاطفة أو للاستئناف. وباللذين جار ومجرور متعلق بقوله «أخبر» الآتى «والذين ، والتى» معطوفان على «اللذين» السابق «أخبر» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مراعيا» حال من فاعل «أخبر» وفى مراع ضمير مستتر هو فاعله «وفاق» مفعول به لقوله مراعيا ، ووفاق مضاف ، و «المثبت» مضاف إليه.

٣٩٩

أى : إذا كان الاسم ـ الذى قيل لك أخبر عنه ـ مثنى فجىء بالموصول مثنى كاللّذين ، وإن كان مجموعا فجىء به كذلك كالذين ، وإن كان مؤنثا فجىء به كذلك كالتى.

والحاصل أنه لا بد من مطابقة الموصول للاسم المخبر عنه به ؛ لأنه خبر عنه ، ولا بد من مطابقة الخبر للمخبر عنه : إن مفردا فمفرد ، وإن مثنى فمثنى ، وإن مجموعا فمجموع ، وإن مذكرا فمذكر ، وإن مؤنثا فمؤنث.

فإذا قيل لك : أخبر عن «الزّيدين» من «ضربت الزّيدين» قلت : «اللّذان ضربتهما الزّيدان» وإذا قيل : أخبر عن «الزّيدين» من «ضربت الزّيدين» قلت : «الّذين ضربتهم الزّيدون» وإذا قيل : أخبر عن «هند» من «ضربت هندا» قلت : «الّتى ضربتها هند».

* * *

قبول تأخير وتعريف لما

أخبر عنه ههنا قد حتما (١)

__________________

هذا ، ومثل اللذين والذين والتى : اللتان فى المثنى المؤنث ، واللاتى واللائى فى الجمع المؤنث. والألى فى جمع الذكور ، وليس الحكم قاصرا على الأسماء الثلاثة التى ذكرها الناظم ، ولو أنه قال «وبفروع الذى نحو التى» لكان وافيا بالمقصود ، وتصحيح كلامه أنه على حذف الواو العاطفة والمعطوف بها ، وكأنه قد قال : وباللذين والذين والتى ونحوهن ، فافهم ذلك ، والله تعالى المسئول أن برشدك.

(١) «قبول» مبتدأ ، وقبول مضاف و «تأخير» مضاف إليه «وتعريف» معطوف على تأخير «لما» جار ومجرور متعلق بقوله «حتما» الآتى «أخبر» فعل ماض مبنى للمجهول «عنه» جار ومجرور متعلق بأخبر على أنه نائب فاعل أخبر ، والجملة لا محل لها صلة «ما» المجرورة محلا باللام «ههنا» ها : حرف تنبيه ، وهنا : ظرف متعلق بقوله «حتما» الآتى «قد» حرف تحقيق «حتما» حتم : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «قبول تأخير وتعريف» ، والألف للاطلاق ، والجملة من الفعل ونائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ.

٤٠٠