شرح ابن عقيل - ج ٢

محمّد محيى الدين عبد الحميد

شرح ابن عقيل - ج ٢

المؤلف:

محمّد محيى الدين عبد الحميد


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العلوم الحديثة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

كهذين المثالين ، وأما المنصرف (١) فلا يدخل عليه هذا التّنوين.

ويجرّ بالفتحة : إن لم يضف ، أو لم تدخل عليه «أل» نحو «مررت بأحمد» ؛ فإن أضيف ، أو دخلت عليه «أل» جرّ بالكسرة ، نحو «مررت بأحمدكم ، وبالأحمد».

وإنما يمنع الاسم من الصرف إذا وجد فيه علتان من علل تسع ، أو واحدة منها تقوم مقام العلتين ، والعلل التسع يجمعها قوله (٢) :

عدل ، ووصف ، وتأنيث ، ومعرفة

وعجمة ، ثمّ جمع ، ثمّ تركيب

والنّون زائدة من قبلها ألف ،

ووزن فعل ، وهذا القول تقريب

وما يقوم مقام علتين منها اثنان ؛ أحدهما : ألف التأنيث ؛ مقصورة كانت ، كـ «حبلى» أو ممدودة ، كـ «حمراء». والثانى : الجمع المتناهى ، كـ «مساجد ، ومصابيح» وسيأتى الكلام عليها مفصّلا.

* * *

فألف التّأنيث مطلقا منع

صرف الّذى حواه كيفما وقع (٣)

__________________

(١) فى عامة النسخ «وأما غير المنصرف فلا يدخل عليه هذا التنوين» وذلك ظاهر الخطأ ، وإنما لم يلحق تنوين العوض الاسم المنصرف لأن فيه تنوين التمكين ، على أن فى هذا الكلام مقالا ، فقد لحق تنوين العوص «كلا ، وبعضا» عوضا عما يضافان إليه.

(٢) وقد جمعت فى بيت واحد ، وهو قوله :

اجمع وزن عادلا أنّث بمعرفة

ركّب وزد عجمة فالوصف قد كملا

(٣) «فألف» مبتدأ ، وألف مضاف و «التأنيث» مضاف إليه «مطلقا» حال تقدم على صاحبه ، وهو الضمير المستتر فى قوله «منع» الآتى «منع» فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ألف التأنيث ، والجملة فى محل

٣٢١

قد سبق أن ألف التأنيث تقوم مقام علتين ـ وهو المراد هنا ـ فيمنع ما فيه ألف التأنيث من الصرف مطلقا ، أى : سواء كانت الألف مقصورة ، كـ «حبلى» أو ممدودة ، كـ «حمراء» علما كان ما هى فيه ، كـ «زكرياء» أو غير علم كما مثل.

* * *

وزائدا فعلان ـ فى وصف سلم

من أن يرى بتاء تأنيث ختم (١)

أى : يمنع الاسم من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون ، بشرط أن

__________________

رفع خبر المبتدأ «صرف» مفعول به لمنع ، وصرف مضاف و «الذى» اسم موصول : مضاف إليه «حواه» حوى : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذى ، والهاء مفعول به ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «كيفما» اسم شرط «وقع» فعل ماض فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ألف التأنيث ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم من الكلام عليه ، والتقدير : كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف.

(١) «وزائدا» معطوف على الضمير المستتر فى «منع» الواقع فى البيت السابق ، وجاز العطف على الضمير المستتر المرفوع للفصل بين المتعاطفين ، وهو مرفوع بالألف نيابة عن الضمة ، وزائدا مضاف و «فعلان» مضاف إليه ، وهو ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون «فى وصف» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لزائدى فعلان ، أو حال منه «سلم» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصف ، والجملة فى محل جر نعت لوصف «من» حرف جر «أن» مصدرية «يرى» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب تقديرا بأن ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصف ، وهو مفعوله الأول ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بمن ، والجار والمجرور متعلق بسلم «بتاء» جار ومجرور متعلق بقوله «ختم» الآتى ، وتاء مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «ختم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نائب فاعل يرى ، والجملة فى محل نصب مفعول ثان ليرى.

٣٢٢

لا يكون المؤنث فى ذلك [مختوما] بتاء التأنيث ، وذلك نحو : سكران ، وعطشان ، وغضبان ؛ فتقول : «هذا سكران ، ورأيت سكران ، ومررت بسكران» ؛ فتمنعه من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون ، والشرط موجود فيه ؛ لأنك لا تقول للمؤنثة : سكرانة ، وإنما تقول : سكرى ، وكذلك عطشان ، وغضبان ؛ فتقول : امرأة عطشى ، وغضبى ، ولا تقول : عطشانة ، ولا غضبانة ؛ فإن كان المذكر على فعلان ، والمؤنث على فعلانة صرفت ؛ فتقول : هذا رجل سيفان ، أى : طويل ، ورأيت رجلا سيفانا ، ومررت برجل سيفان ، فتصرفه ؛ لأنك تقول للمؤنثة : سيفانة ، أى : طويلة.

* * *

ووصف اصلىّ ، ووزن أفعلا

ممنوع تأنيث بتا : كأشهلا (١)

أى : وتمنع الصفة أيضا ، بشرط كونها أصلية ، أى غير عارضة ، إذا انضمّ إليها كونها على وزن أفعل ، ولم تقبل التاء ، نحو : أحمر ، وأخضر.

فإن قبلت التاء صرفت ، نحو «مررت برجل أرمل» أى : فقير ، فتصرفه ؛ لأنك تقول للمؤنثة : أرملة ، بخلاف أحمر ، وأخضر ؛ فإنهما لا ينصرفان ؛ إذ يقال للمؤنثة : حمراء ، وخضراء ، ولا يقال : أحمرة. وأخضرة ؛ فمنعا للصفة ووزن الفعل.

وإن كانت الصفة عارضة كأربع ـ فإنه ليس صفة فى الأصل ، بل اسم

__________________

(١) «ووصف» معطوف على «زائدا فعلان» فى البيت السابق «أصلى» نعت لوصف «ووزن» معطوف على وصف ، ووزن مضاف و «أفعلا» مضاف إليه ، و «ممنوع» حال من أفعلا ، وممنوع مضاف و «تأنيث» مضاف إليه «بتا» جار ومجرور متعلق بتأنيث ، أو بمحذوف صفة له «كأشهلا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك كائن كأشهل.

٣٢٣

عدد ، ثم استعمل صفة فى قولهم «مررت بنسوة أربع» ـ فلا يؤثر ذلك فى منعه من الصرف ، وإليه أشار بقوله :

وألغينّ عارض الوصفيّه

كأربع ، وعارض الإسميّه (١)

فالأدهم القيد لكونه وضع

فى الأصل وصفا انصرافه منع (٢)

وأجدل وأخيل وأفعى

مصروفة ، وقد ينلن المنعا (٣)

أى : إذا كان استعمال الاسم على وزن أفعل صفة ليس بأصل ، وإنما هو عارض كأربع فألغه : أى لا تعتدّ به فى منع الصرف ، كما لا تعتدّ بعروض

__________________

(١) «وألغين» ألغ : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «عارض» مفعول به لألغ ، وعارض مضاف و «الوصفية» مضاف إليه «كأربع» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف «وعارض» معطوف على عارض السابق ، وعارض مضاف و «الإسمية» مضاف إليه.

(٢) «فالأدهم» مبتدأ أول «القيد» عطف بيان له «لكونه» الجار والمجرور متعلق بقوله «منع» الآتى آخر البيت ، وكون مضاف والهاء العائدة إلى الأدهم مضاف إليه من إضافة المصدر الناقص لاسمه «وضع» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الأدهم بمعنى القيد ، والجملة فى محل نصب خبر الكون الناقص «فى الأصل» جار ومجرور متعلق بوضع «وصفا» حال من الضمير المستتر فى وضع «انصرافه» انصراف : مبتدأ ثان ، وانصراف مضاف والهاء مضاف إليه «منع» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى انصرافه ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٣) «وأجدل» مبتدأ «وأخيل ، وأفعى» معطوفان عليه «مصروفة» خبر المبتدأ وما عطف عليه «وقد» حرف تقليل «ينلن» فعل مضارع مبنى على السكون لاتصاله بنون النسوة ، ونون النسوة فاعله «المنعا» مفعول به لينلن.

٣٢٤

الاسمية فيما هو صفة فى الأصل : كـ «أدهم» للقيد ، فإنه صفة فى الأصل [لشىء فيه سواد] ، ثم استعمل استعمال الأسماء ؛ فيطلق على كل قيد أدهم ، ومع هذا تمنعه نظرا إلى الأصل.

وأشار بقوله : «وأجدل ـ إلى آخره» إلى أن هذه الألفاظ ـ أعنى : أجدلا للصّقر ، وأخيلا لطائر ، وأفعى للحية ـ ليست بصفات ؛ فكان حقها أن لا تمنع من الصرف ، ولكن منعها بعضهم لتخيّل الوصف فيها ، فتخيل فى «أجدل» معنى القوة ، وفى «أخيل» معنى التخيل ، وفى «أفعى» معنى الخبث ؛ فمنعها لوزن الفعل والصفة المتخيّلة ، والكثير فيها الصرف ؛ إذ لا وصفية فيها محقّقة.

* * *

ومنع عدل مع وصف معتبر

فى لفظ مثنى وثلاث وأخر (١)

ووزن مثنى وثلاث كهما ،

من واحد لأربع فليعلما (٢)

__________________

(١) «ومنع» مبتدأ ، ومنع مضاف و «عدل» مضاف إليه «مع» ظرف متعلق بمحذوف صفه لعدل ، ومع مضاف و «وصف» مضاف إليه «معتبر» خبر المبتدأ «فى لفظ» جار ومجرور متعلق بمعتبر ، ولفظ مضاف و «مثنى» مضاف إليه «وثلاث ، وأخر» معطوفان على مثنى.

(٢) «ووزن» مبتدأ ، ووزن مضاف و «مثنى» مضاف إليه «وثلاث» معطوف على مثنى «كهما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، ودخول الكاف على الضمير المنفصل نادر كما شرحه فى باب حروف الجر «من واحد لأربع» جاران ومجروران متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستكن فى الخبر «فليعلما» اللام لام الأمر ، ويعلما : فعل مضارع مبنى للمجهول ، مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا لأجل الوقف فى محل جزم بلام الأمر ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

٣٢٥

مما يمنع صرف الاسم : العدل والصفة ، وذلك فى أسماء العدد المبنية على فعال ومفعل ، كثلاث ومثنى ؛ فثلاث : معدولة عن ثلاثة ثلاثة ، ومثنى : معدولة عن اثنين اثنين ؛ فتقول : «جاء القوم ثلاث» أى ثلاثة ثلاثة ، و «مثنى» أى اثنين اثنين.

وسمع استعمال هذين الوزنين ـ أعنى فعال ، ومفعل ـ من واحد واثنين وثلاثة وأربعة ، نحو : أحاد وموحد ، وثناء ومثنى ، وثلاث ومثلث ، ورباع ومربع ، وسمع أيضا فى خمسة وعشرة ، نحو : خماس ومخمس ، وعشار ومعشر.

وزعم بعضهم أنه سمع أيضا فى ستة وسبعة وثمانية وتسعة ، نحو سداس ومسدس ، وسباع ومسبع ، وثمان ومثمن ، وتساع ومتسع.

ومما يمنع من الصرف للعدل والصفة «أخر» التى فى قولك : «مررت بنسوة أخر» وهو معدول عن الأخر.

وتلخّص من كلام المصنف : أن الصفة تمنع مع الألف والنون الزائدتين ، ومع وزن الفعل ، ومع العدل.

* * *

وكن لجمع مشبه مفاعلا

أو المفاعيل بمنع كافلا (١)

__________________

(١) «وكن» فعل أمر ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «لجمع» جار ومجرور متعلق بقوله «كافلا» الآتى فى آخر البيت «مشبه» نعت لجمع ، وفى مشبه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى جمع هو فاعله «مفاعلا» مفعول به لمشبه «أو المفاعيل» معطوف على قوله «مفاعلا» السابق «بمنع» جار ومجرور متعلق بقوله «كافلا» الآتى «كافلا» خبر كن.

٣٢٦

هذه هى العلة الثانية التى تستقلّ بالمنع ، وهى : الجمع المتناهى ، وضابطه : كلّ جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن ، نحو : مساجد ومصابيح.

ونبه بقوله : «مشبه مفاعلا أو المفاعيل» على أنه إذا كان الجمع على هذا الوزن منع ، وإن لم يكن فى أوله ميم ؛ فيدخل «ضوارب ، وقناديل» فى ذلك ، فإن تحرك الثانى صرف نحو صياقلة (١).

* * *

وذا اعتلال منه كالجوارى

رفعا وجرّا أجره كسارى (٢)

إذا كان هذا الجمع ـ أعنى صيغة منتهى الجموع ـ معتلّ الآخر أجريته فى الجر والرفع مجرى المنقوص كـ «سارى» فتنونه ، وتقدر رفعه أو جره ، ويكون التنوين عوضا عن الياء المحذوفة ، وأما فى النصب فتثبت الياء ، وتحركها بالفتح ، بغير تنوين ؛ فتقول : «هؤلاء جوار وغواش ، ومررت بجوار

__________________

(١) وكذا صيارفة وأشاعرة وأحامرة وعباقرة وأشاعثة ومناذرة وغساسنة ، وقد قالوا للمحاويج : أراملة ، وقالوا للصعاليك : عمارطة ، ولجماعة الرجالة ـ أى :

الذين يسيرون على أرجلهم ـ : عراجلة ، وأنشد ابن السكيت فى الألفاط (ص ٣٠) لحاتم الطائى :

عراجلة شعث الرّؤوس ، كأنّهم

بنو الجنّ لم تطبخ بقدر جزورها

(٢) «وذا» مفعول لفعل محذوف يدل عليه قوله «أجره» الآتى ، وذا مضاف و «اعتلال» مضاف إليه «منه ، كالجوارى» جاران ومجروران يتعلقان بمحذوف صلة لذا ، أو حال منه «رفعا» منصوب بنزع الخافض «وجرا» معطوف على قوله رفعا «أجره» أجر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به «كسارى» جار ومجرور متعلق بأجر.

٣٢٧

وغواش ، ورأيت جوارى وغواشى» والأصل فى الجر والرفع «جوارى» و «غواشى» فحذفت الياء ، وعوّض منها التنوين.

* * *

ولسراويل بهذا الجمع

شبه اقتضى عموم المنع (١)

يعنى أن «سراويل» لما كانت صيغته كصيغة منتهى (٢) الجموع امتنع من الصرف لشبهه به ، وزعم بعضهم أنه يجوز فيه الصرف وتركه ، واختار المصنف أنه لا ينصرف ، ولهذا قال «شبه اقتضى عموم المنع».

* * *

وإن به سمّى أو بما لحق

به فالانصراف منعه يحق (٣)

__________________

(١) «لسراويل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بهذا» جار ومجرور متعلق بقوله «شبه» الآتى «الجمع» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة «شبه» مبتدأ مؤخر «اقتضى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شبه ، والجملة فى محل رفع صفة لشبه «عموم» مفعول به لاقتضى ، وعموم مضاف و «المنع» مضاف إليه.

(٢) من النحاة من يقول : إن سراويل جمع حقيقة ، ومفرده سروالة ، ويستدل على هذا بقول الشاعر :

عليه من اللّؤم سروالة

فليس يرقّ لمستعطف

وهؤلاء يجعلون «سراويل» ممنوعا من الصرف لزوما كأخواته من الجموع ، ومنهم من يجعله مفردا ، وهؤلاء فريقان : أحدهما يمنعه من الصرف نظرا إلى لفظه ، ويقول : هو مفرد جاء على صورة الجمع ، ومنهم من يصرفه نظرا إلى حقيقته ومعناه.

(٣) «وإن» شرطية «به» جار ومجرور متعلق بقوله «سمى» الآتى على أنه نائب فاعل ؛ وجاز تقديمه لما مر غير مرة من أن النائب إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا جاز تقديمه ، لكونه فى صورة الفضلة ، ولعدم إيقاعه فى اللبس المخوف «سمى» فعل ماض مبنى للمجهول ، فعل الشرط «أو» عاطفة «بما» جار ومجرور معطوف على به «لحق»

٣٢٨

أى : إذا سمّى بالجمع المتناهى ، أو بما ألحق به لكونه على زنته ، كشراحيل ، فإنه يمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة ؛ لأن هذا ليس فى الآحاد العربية ما هو على زنته ؛ فتقول فيمن اسمه مساجد أو مصابيح أو سراويل : «هذا مساجد ، ورأيت مساجد ، ومررت بمساجد» وكذا البواقى.

* * *

والعلم امنع صرفه مركّبا

تركيب مزج نحو «معديكربا» (١)

مما يمنع صرف الاسم : العلمية والتركيب ، نحو «معديكرب ، وبعلبكّ» فتقول : «هذا معديكرب ، ورأيت معديكرب ، ومررت بمعديكرب» ؛ فتجعل إعرابه على الجزء الثانى ، وتمنعه من الصرف للعلمية والتركيب.

وقد سبق الكلام فى الأعلام المركبة فى باب العلم.

* * *

__________________

فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» الموصولة المجرورة محلا بالباء ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «به» جار ومجرور متعلق بلحق «فالانصراف» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، الانصراف : مبتدأ أول «منعه» منع : مبتدأ ثان ، ومنع مضاف والهاء مضاف إليه «يحق» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المنع ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، وجملة المبتدأ الأول وخبره فى محل جزم جواب الشرط.

(١) «والعلم» مفعول به لفعل محذوف يدل عليه ما بعده «امنع» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «صرفه» صرف : مفعول به لامنع ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «مركبا» حال من العلم «تركيب» مفعول مطلق ، وتركيب مضاف و «مزج» مضاف إليه «نحو» خبر لمبتدأ محذوف : أى وذلك نحو ، ونحو مضاف و «معديكرب» مضاف إليه ، والألف فيه للاطلاق.

٣٢٩

كذاك حاوى زائدى فعلانا

كغطفان ، وكأصبهانا (١)

أى : كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما ، وفيه ألف ونون زائدتان : كغطفان ، وأصبهان ـ بفتح الهمزة وكسرها ـ فتقول : «هذا غطفان ، ورأيت غطفان ، ومررت بغطفان» فتمنعه من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

* * *

كذا مؤنّث بهاء مطلقا

وشرط منع العار كونه ارتقى (٢)

فوق الثّلاث ، أو كجور ، أو سقر

أو زيد : اسم امرأة لا اسم ذكر (٣)

__________________

(١) «كذاك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «حاوى» مبتدأ مؤخر وحاوى مضاف و «زائدى» مضاف إليه وزائدى مضاف و «فعلانا» مضاف إليه «كغطفان» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كغطفان «وكأصبهانا» معطوف على كغطفان.

(٢) «كذا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «مؤنث» مبتدأ مؤخر «بهاء» جار ومجرور متعلق بمؤنث «مطلقا» حال من الضمير المستكن فى الخبر «وشرط» مبتدأ ، وشرط مضاف ، و «منع» مضاف إليه ، ومنع مضاف و «العار» بحذف الياء استغناء عنها بكسر ما قبلها : مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله «كونه» كون : خبر المبتدأ ، وكون مضاف والهاء مضاف إليه ، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه ، وجملة «ارتقى» من الفعل وفاعله المستتر فيه جوازا تقديره هو فى محل نصب خبر الكون الناقص.

(٣) «فوق» ظرف متعلق بارتقى فى البيت السابق ، وفوق مضاف و «الثلاث» مضاف إليه «أو» عاطفة «كجور» جار ومجرور معطوف على محل «ارتقى» السابق «أوسقر» معطوف على جور «أو زيد» معطوف على جور أيضا «اسم» حال من زيد ، واسم مضاف و «امرأة» مضاف إليه «لا» عاطفة «اسم ذكر» معطوف بلا على «اسم امرأة» ومضاف إليه.

٣٣٠

وجهان فى العادم تذكيرا سبق

وعجمة ـ كهند ـ والمنع أحقّ (١)

و [مما] يمنع صرفه أيضا العلمية والتأنيث.

فإن كان العلم مؤنثا بالهاء امتنع من الصرف مطلقا ، أى : سواء كان علما لمذكر كطلحة أو لمؤنث كفاطمة ، زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل ، أم لم يكن كذلك كثبة وقلة ، علمين.

وإن كان مؤنثا بالتعليق ـ أى بكونه علم أنثى ـ فإما أن يكون على ثلاثة أحرف ، أو على أزيد من ذلك ؛ فإن كان على أزيد من ذلك امتنع من الصرف كزينب ، وسعاد ، علمين ؛ فتقول : «هذه زينب ، ورأيت زينب ، ومررت بزينب» وإن كان على ثلاثة أحرف ؛ فإن كان محرّك الوسط منع أيضا كسقر ، وإن كان ساكن للوسط ؛ فإن كان أعجميا كجور ـ اسم بلد ـ أو منقولا من مذكر إلى مؤنث كزيد ـ اسم امرأة ـ منع أيضا ، فإن لم يكن كذلك : بأن كان ساكن الوسط وليس أعجميّا ولا منقولا من مذكر ، ففيه وجهان : المنع (٢) ، والصرف ، والمنع أولى ؛ فتقول : «هذه هند ، ورأيت هند ، ومررت بهند».

* * *

__________________

(١) «وجهان» مبتدأ «فى العادم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، وفى العادم ضمير مستتر هو فاعله «تذكيرا» مفعول به للعادم «سبق» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تذكير ، والجملة فى محل نصب نعت لتذكيرا «وعجمة» معطوف على قوله تذكيرا «كهند» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كهند «والمنع» مبتدأ «أحق» خبر المبتدأ.

(٢) وقد ورد بالوجهين قول جرير ، وينسب لابن قيس الرقيات :

لم تتلفّع بفضل مئزرها

دعد ، ولم تسق دعد فى العلب

فقد صرف «دعد» فى أول عجز البيت ، ثم منع صرفه بعد ذلك.

٣٣١

والعجمىّ الوضع والتّعريف ، مع

زيد على الثّلاث ـ صرفه امتنع (١)

ويمنع صرف الاسم أيضا العجمة والتعريف ، وشرطه : أن يكون علما فى اللسان الأعجمى ، وزائدا على ثلاثة أحرف ، كإبراهيم ، وإسماعيل ؛ فتقول : «هذا إبراهيم ، ورأيت إبراهيم ، ومررت بإبراهيم» فنمنعه من الصرف للعلمية والعجمة.

فإن لم يكن الأعجمىّ علما فى لسان العجم ، بل فى لسان العرب ، أو كان نكرة فيهما ، كلجام ـ علما أو غير علم ـ صرفته ؛ فتقول : «هذا لجام ، ورأيت لجاما ، ومررت بلجام» ، وكذلك تصرف ما كان علما أعجميا على ثلاثة أحرف ، سواء كان محرك الوسط كشتر ، أو ساكنه كنوح ولوط.

* * *

كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا

أو غالب : كأحمد ، ويعلى (٢)

_________________

(١) «والعجمى» مبتدأ أول ، والعجمى مضاف و «الوضع» مضاف إليه «والتعريف» معطوف على الوضع «مع» ظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر فى العجمى ؛ لأنهم يؤولونه بالمشتق ، ومع مضاف و «زيد» مضاف إليه «على الثلاث» جار ومجرور متعلق بزيد بمعنى زيادة «صرفه» صرف : مبتدأ ثان ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «امتنع» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى صرفه ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٢) «كذاك» كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف حرف خطاب «ذو» مبتدأ مؤخر ، وذو مضاف و «وزن» مضاف إليه «يخص» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وزن «الفعلا» مفعول به ليخص ، والجملة فى محل جر صفة لوزن «أو» عاطفة «غالب» عطف على محل «يخص»

٣٣٢

أى : كذلك يمنع صرف الاسم إذا كان علما ، وهو على وزن يخصّ الفعل ، أو يغلب فيه ، والمراد بالوزن الذى يخص الفعل : ما لا يوجد فى غيره إلا ندورا ، وذلك كفعّل وفعل ؛ فلو سميت رجلا بضرب أو كلّم منعته من الصرف ؛ فتقول : «هذا ضرب أو كلّم ، ورأيت ضرب أو كلّم ، ومررت بضرب أو كلّم» والمراد بما يغلب فيه : أن يكون الوزن يوجد فى الفعل كثيرا ، أو يكون فيه زيادة تدل على معنى فى الفعل ولا تدل على معنى فى الاسم ؛ فالأول كإثمد وإصبع ؛ فإن هاتين الصيغتين يكثران فى الفعل دون الاسم كاضرب ، واسمع ، ونحوهما من الأمر المأخوذ من فعل ثلاثى ؛ فلو سميت [رجلا] بإثمد وإصبع منعته من الصرف للعلمية ووزن الفعل ؛ فتقول : «هذا إثمد ، ورأيت إثمد ، ومررت بإثمد» والثانى كأحمد ، ويزيد ، فإن كلّا من الهمزة والياء يدل على معنى فى الفعل ـ وهو التكلم والغيبة ـ ولا يدلّ على معنى فى الاسم ؛ فهذا الوزن غالب فى الفعل ، بمعنى أنه به أولى [فتقول : «هذا أحمد ويزيد ، ورأيت أحمد ويزيد ، ومررت بأحمد ويزيد»] فيمنع للعلمية ووزن الفعل.

فإن كان الوزن غير مختصّ بالفعل ، ولا غالب فيه ـ لم يمنع من الصرف ، فتقول فى رجل اسمه ضرب : «هذا ضرب ، ورأيت ضربا ، ومررت بضرب» ، لأنه يوجد فى الاسم كحجر وفى الفعل كضرب.

* * *

_________________

من باب عطف الاسم الذى يشبه الفعل على الفعل «كأحمد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وذلك كائن كأحمد «ويعلى» معطوف على أحمد.

٣٣٣

وما يصير علما من ذى ألف

زيدت لإلحاق فليس ينصرف (١)

أى : ويمنع صرف الاسم ـ أيضا ـ للعلمية وألف الإلحاق المقصورة كعلقى ، وأرطى ؛ فتقول فيهما علمين : «هذا علقى ، ورأيت علقى ، ومررت بعلقى» فتمنعه من الصرف للعلمية وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث ، من جهة أن ما هى فيه والحالة هذه ـ أعنى حال كونه علما ـ لا يقبل تاء التأنيث ؛ فلا تقول فيمن اسمه علقى «علقاة» كما لا تقول فى حبلى «حبلاة» فإن كان ما فيه [ألف] الإلحاق غير علم كعلقى وأرطى ـ قبل التسمية بهما ـ صرفته ؛ لأنها والحالة هذه لا تشبه ألف التأنيث ، وكذا إن كانت ألف الإلحاق ممدوة كعلباء ، فإنك تصرف ما هى فيه : علما كان ، أو نكرة.

* * *

والعلم امنع صرفه إن عدلا

كفعل التّوكيد أو كثعلا (٢)

__________________

(١) «وما» اسم موصول مبتدأ «يصير» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما «علما» خبر يصير ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «من ذى» جار ومجرور متعلق بقوله يصير ، وذى مضاف و «ألف» مضاف إليه «زيدت» زيد : فعل ماض مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى ألف ، والجملة فى محل جر صفة لألف «لإلحاق» جار ومجرور متعلق بزيدت «فليس» الفاء زائدة ، ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، وجملة «ينصرف» مع فاعله المستتر فيه فى محل نصب خبر ليس ، وجملة ليس واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى هو ما الموصولة ، وزيدت الفاء فى الجملة الواقعة خبرا ؛ لأن المبتدأ موصول فهو يشبه الشرط.

(٢) «والعلم» مفعول لفعل محذوف يدل عليه ما بعده : أى وامنع العلم «امنع»

٣٣٤

والعدل والتّعريف مانعا سحر

إذا به التّعيين قصدا يعتبر (١)

يمنع صرف الاسم للعلمية ـ أو شبهها ـ وللعدل ، وذلك فى ثلاثة مواضع :

الأول : ما كان على فعل من ألفاظ التوكيد ؛ فإنه يمنع من الصرف لشبه العلمية والعدل ، وذلك نحو «جاء النساء جمع ، ورأيت النساء جمع ، ومررت بالنساء جمع» والأصل جمعاوات ؛ لأن مفرده جمعاء ، فعدل عن جمعاوات إلى جمع ، وهو معرف بالإضافة المقدرة أى : جمعهن ، فأشبه تعريفه تعريف العلمية من جهة أنه معرفة ، وليس فى اللفظ ما يعرفه.

الثانى : العلم المعدول إلى فعل : كعمر ، وزفر ، وثعل ، والأصل عامر وزافر وثاعل ؛ فمنعه من الصرف للعلمية والعدل.

الثالث : «سحر» إذا أريد من يوم بعينه ، نحو «جئتك يوم الجمعة سحر» فسحر ممنوع من الصرف للعدل وشبه العلمية ، وذلك أنه معدول عن السحر ؛

__________________

فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «صرفه» صرف : مفعول به لا منع ، وصرف مضاف والهاء مضاف إليه «إن» شرطية «عدلا» فعل ماض مبنى للمجهول فعل الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العلم ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام «كفعل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، وفعل مضاف ، و «التوكيد» مضاف إليه «أو» عاطفة «كثعلا» جار ومجرور معطوف على كفعل التوكيد.

(١) «والعدل» مبتدأ «والتعريف» معطوف عليه «مانعا» خبر المبتدأ ، ومانعا مضاف و «سحر» مضاف إليه «إذا» ظرف زمان متعلق بمانعا «به» جار ومجرور متعلق بيعتبر الآتى «التعيين» نائب فاعل لفعل محذوف يدل عليه يعتبر الآتى «قصدا» حال من الضمير المستتر فى «يعتبر» الآتى «يعتبر» فعل مضارع مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى التعيين ، والجملة من الفعل الذى هو يعتبر المذكور ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب مفسرة.

٣٣٥

لأنه معرفة ، والأصل فى التعريف أن يكون بأل ، فعدل به عن ذلك ، وصار تعريفه مشبها لتعريف العلمية ، من جهة أنه لم يلفظ معه بمعرّف.

* * *

وابن على الكسر فعال علما

مؤنّثا ، وهو نظير جشما (١)

عند تميم ، واصرفن ما نكّرا

من كلّ ما التّعريف فيه أثرا (٢)

أى : إذا كان علم المؤنث على وزن فعال ـ كحذام ، ورقاش ـ فللعرب فيه مذهبان :

أحدهما ـ وهو مذهب أهل الحجاز ـ بناؤه على الكسر ؛ فتقول : «هذه حذام ، ورأيت حذام ، ومررت بحذام» (٣).

__________________

(١) «وابن» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «على الكسر» جار ومجرور متعلق بابن «فعال» مفعول به لابن «علما» حال من فعال «مؤنثا» حال ثانية ، أو وصف للأولى «وهو» مبتدأ «نظير» خبر المبتدأ ، ونظير مضاف و «جشما» مضاف إليه.

(٢) «عند» ظرف متعلق بنظير فى البيت السابق ، وعند مضاف و «تميم» مضاف إليه «واصرفن» اصرف : فعل أمر مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول : مفعول به لاصرف «نكرا» نكر : فعل ماض مبنى للمجهول ، والألف للاطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة ، والجملة لا محل لها صلة ما الموصولة «من كل» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «ما» الموصولة الواقعة مفعولا ، وكل مضاف و «ما» اسم موصول : مضاف إليه «التعريف» مبتدأ «فيه» جار ومجرور متعلق بأثر الآتى «أثرا» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلى التعريف ، والجملة فى محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها صلة.

(٣) وعلى ذلك جاء قول الشاعر ، وهو الشاهد رقم ١٦ السابق :

٣٣٦

والثانى ـ وهو مذهب بنى تميم ـ إعرابه كإعراب ما لا ينصرف للعلميّة والعدل ، والأصل حاذمة وراقشة ، فعدل إلى حذام ورقاش ، كما عدل عمر وجشم عن عامر وجاشم ، وإلى هذا أشار بقوله : «وهو نظير جشما عند تميم» (١).

وأشار بقوله «واصرفن ما نكرا» إلى أن ما كان منعه من الصرف للعلمية وعلة أخرى إذا زالت عنه العلمية بتنكيره صرف لزوال إحدى العلّتين ، وبقاؤه بعلة واحدة لا يقتضى منع الصرف ، وذلك نحو معديكرب ، وغطفان ، وفاطمة ، وإبراهيم ، وأحمد ، وعلقى ، وعمر ـ أعلاما ؛ فهذه ممنوعة من الصرف للعلمية وشىء آخر ، فإذا نكرتها صرفتها لزوال أحد سببيها ـ وهو العلمية ـ فتقول : «ربّ معديكرب رأيت» وكذا الباقى.

__________________

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

وقول النابغة الذبيانى :

أتاركة تدللها قطام

وضنّا بالتّحيّة والسّلام

وقول جذيمة الأبرش :

خبّرينى رقاش لا تكذبينى

أبحرّ زنيت أم بهجين

وقول الجعدى ، وأنشده ابن السكيت (الألفاظ ١٨) :

أهان لها الطعام فلم تضعه

غداة الرّوع إذ أزمت أزام

أزام : علم على الشدة المجدبة ، وقد سموها «تحوط» أيضا ؛ وقالوا فى مثل من أمثالهم «باءت عرار بكحل» وعرار وكحل : بقرتان انتطحتا فماتتا جميعا ؛ والمثل يضرب لكل مستويين أحدهما بإزاء الآخر ، وقد بنوا «عرار» على الكسر ، وجروا «كحل» بالفتحة لأنه علم مؤنث ، وانظر المثل رقم ٤٣٨ فى مجمع الأمثال ١ / ٩١ بتحقيقنا.

(١) وعلى هذه اللغة ورد قول الفرزدق ، وهو تميمى :

ندمت ندامة الكسعىّ لمّا

غدت منّى مطلّقة نوار

ولو أنى ملكت يدى ونفسى

لكان إلىّ للقدر الخيار

٣٣٧

وتلخّص من كلامه أن العلمية تمنع الصرف مع التركيب ، ومع زيادة الألف والنون ، ومع التأنيث ، ومع العجمة ، ومع وزن الفعل ، ومع ألف الإلحاق المقصورة ، ومع العدل.

* * *

وما يكون منه منقوصا ففى

إعرابه نهج جوار يقتفى (١)

كلّ منقوص كان نظيره من الصحيح الآخر ممنوعا من الصرف يعامل معاملة جوار فى أنه ينون فى الرفع والجر تنوين العوض ، وينصب بفتحة من غير تنوين ، وذلك نحو قاض ـ علم امرأة ـ فإن نظيره من الصحيح ضارب ـ علم امرأة ـ وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، فقاض كذلك ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وهو مشبه بجوار من جهة أن فى آخره ياء قبلها كسرة ، فيعامل معاملته ؛ فتقول : «هذه قاض ، ومررت بقاض ، ورأيت قاضى» كما تقول : «هؤلاء جوار ، ومررت بجوار ، ورأيت جوارى».

* * *

ولاضطرار ، أو تناسب صرف

ذو المنع ، والمصروف قد لا ينصرف (٢)

__________________

(١) «وما» اسم موصول : مبتدأ «يكون» فعل مضارع ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ «منه» جار ومجرور متعلق بيكون «منقوصا» خبر يكون ، والجملة من يكون واسمه وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «ففى إعرابه» الفاء زائدة ، والجار والمجرور متعلق بقوله «يقتفى» الآتى ، وإعراب مضاف والهاء مضاف إليه «نهج» مفعول به مقدم ليقتفى ، ونهج مضاف و «جوار» مضاف إليه «يقتفى» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ فى أول البيت ، والجملة من الفعل الذى هو يقتفى وفاعله المستتر فيه ومفعوله المقدم عليه فى محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) «لاضطرار» جار ومجرور متعلق بقوله «صرف» الآتى «أو تناسب» معطوف على اضطرار «صرف» فعل ماض مبنى للمجهول «ذو» نائب فاعل صرف ،

٣٣٨

كمصدر الفعل الذي قد بدئا

بهمز وصل : كارعوى وكارتأى (١)

لما فرغ من المقصور شرع في الممدود ، وهو : الاسم الذي [في] آخره همزة ، تلي ألفا زائدة ، نحو حمراء ، وكساء ، ورداء.

فخرج بالاسم الفعل نحو «يشاء» ، وبقوله «تلي ألفا زائدة» ما كان في آخره همزة تلي ألفا غير زائدة ، كماء ، وآء جمع آءة ، وهو شجر.

والممدود أيضا كالمقصور : قياسي ، وسماعي.

فالقياسي : كل معتل له نظير من الصحيح الآخر ، ملتزم زيادة ألف قبل آخره ، وذلك كمصدر ما أوله همزة وصل ، نحو ارعوى ارعواء ، وارتأى ارتئاء ، واستقصى استقصاء ، فإن نظيرها من الصحيح انطلق انطلاقا ، واقتدر اقتدارا ، واستخرج استخراجا ، وكذا مصدر كل فعل معتل يكون على وزن أفعل ، نحو أعطى إعطاء ، فإن نظيره من الصحيح أكرم إكراما (٢)

* * *

__________________

في محل رفع خبر المبتدأ الثاني ، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، ودخلت الفاء فيه ـ وذلك في قوله «فالمد» ـ لشبه الموصول بالشرط.

(١) «كمصدر» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف ، ومصدر مضاف و «الفعل» مضاف إليه «الذي» اسم موصول : نعت للفعل «قد» حرف تحقيق «بدئا» بدئ : فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذي ، والألف للاطلاق ، والجملة لا محل لها صلة «بهمز» جار ومجرور متعلق بقوله بدئ السابق ، وهمز مضاف ، و «وصل» مضاف إليه «كارعوى» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف «وكارتأى» معطوف على كارعوى.

(٢) ومثل ذلك مصدر الفعل الذي على مثال نصر ينصر إذا كان دالا على صوت كرغاء وثغاء ومكاء دعاء وحداء ، أو كان دالا على داء مثل مشاء ، ومصدر الفعل الذي على مثال قاتل قتالا ، نحو والى ولاء ، وعادى عداء.

٣٣٩

وأما منع المنصرف من الصرف للضرورة ؛ فأجازه قوم ، ومنعه آخرون ، وهم أكثر البصريين ، واستشهدوا لمنعه بقوله :

(٣٢١) ـ

وممّن ولدوا عامر ذو الطول وذو العرض

فمنع «عامر» من الصرف ، وليس فيه سوى العلمية ، ولهذا أشار بقوله : «والمصروف قد لا ينصرف».

* * *

__________________

٣٢١ ـ البيت لذى الإصبع العدوانى ، واسمه حرثان بن الحارث بن محرث.

اللغة : «ذو الطول وذو العرض» كناية عن عظم جسمه ، وعظم الجسم مما يتمدح العرب به ، وانظر إلى قول الشاعر ، وهو من شواهد النحاة فى باب الإبدال :

تبيّن لى أنّ القماءة ذلّة

وأنّ أعزّاء الرّجال طيالها

الإعراب : «ممن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «ولدوا» فعل ماض ، وفاعله ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة «من» الموصولة المجرورة محلا بمن ، والعائد ضمير منصوب بولد محذوف ، وتقدير الكلام : وعامر ممن ولدوه «عامر» مبتدأ مؤخر «ذو» نعت لعامر ، وذو مضاف و «الطول» مضاف إليه «وذو» الواو عاطفة ، ذو : معطوف على ذو السابق ، وذو مضاف و «العرض» مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله «عامر» بلا تنوين ، حيث منعه من الصرف مع أنه ليس فيه من موانع الصرف سوى العلمية ، وهى وحدها غير كافية فى المنع من الصرف ، بل لا بد من انضمام علة أخرى إليها ؛ ليكون اجتماعهما سببا فى منع الاسم من الصرف.

ومثل هذا البيت قول العباس بن مرداس :

فما كان حصن ولا حابس

يفوقان مرداس فى مجمع

حيث منع صرف «مرداس» وليس فيه سوى العلمية.

ومن ذلك أيضا قول الأخطل التغلبى النصرانى من كلمة يمدح فيها سفيان بن الأبيرد :

طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت

بشبيب غائلة النّفوس غدور

فإنه منع «شبيب» من الصرف مع أنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو العلمية.

ومن ذلك قول دوسر الفريعى :

وقائلة : ما بال دوسر بعدنا

صحا قلبه عن آل ليلى وعن هند؟

٣٤٠