شرح الكافية الشّافية - ج ٢

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٦٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

واحدة كـ «زنماء» وهى : العنز التى فى أذنها شبه القرط تسمى : «زنمة».

فلو بنى مثل «عنسل» (١) من «يعمل» لقيل : «عنمل» ، ولم يجز الإدغام لئلا يلتبس بالمضاعف كـ «شمّر» وهو اسم فرس.

فلو أمن الالتباس جاز الإدغام كـ «هنمرش» ـ وهى العجوز المضطربة الخلق ـ إذا قيل فيها : «همّرش» جاز ؛ لأنه لا يلتبس بمضاعف ؛ إذ ليس فى الكلام «فعّلل» ، وإذا قيل فيها : «هنمرش» جاز حملا على الأكثر ؛ وقد أشرت إلى هذا بقولى :

(ص)

وافكك أو ادغم فى مثال خنضرف

من (دملج) (٢) أو (خردل) (٣) ولا تقف

فاللّبس مأمون لأنّ (فعّلل)

محقّق الإهمال دون (فنعلل)

ك (الحمصيص) : (الغنوىّ) من (غنى)

لأنّ منسوبا حكوا بذا البنا

(ش) الحمصيص : ضرب من البقل ومثاله من «غنى» ـ فى الأصل ـ : «غنييى».

فأدغمت الياء الثانية فى الثالثة فصار «غنييّا» كـ «فتيىّ» ؛ فأبدلت الياء المكسورة واوا كما يفعل بـ «فتى» حين ينسب إليه.

(ص)

وإن تصغ (عنكبوت) من (رمى)

فـ (الرّمييوت) الأصل عند العلما

لكنّ «رميوتا» مصيره لما

فى اللّام من قلب وحذف لزما

(ش) صوغ مثال «عنكبوت» من «رمى» بأن يقابل برائه وميمه ويائه : العين والنون والكاف ، وتضاعف ياؤه بإزاء الباء ، ثم يزاد واو وتاء بإزاء الواو والتاء.

فيصير فى الأصل : «رمييوت» فتقلب الياء الثانية ألفا لتحركها بعد فتحة ولا يمنع من ذلك سكون الواو بعدها كما لم يمنع فى «مصطفين» ونحوه لأن اللام أمكن فى الإعلال من غيرها.

فلما قلبت ألفا فعل بها ما فعل بألف «مصطفى» حين قيل : «مصطفون» ؛ فصار المثال المذكور : «رميوتا».

__________________

(١) العنسل : الناقة السريعة. القاموس (عسل).

(٢) الدملاج : تسوية صنعة الشىء والأملس. القاموس (دملج).

(٣) الخردل : حب شجر مسخّن ملطف جاذب قالع للبلغم ، ملين هاضم نافع طلاؤه للنقرس والنسا والبرص ودخانه يطرد الحيات ، وماؤه يسكن وجع الآذان. القاموس (خردل).

٤٢١

(ص)

وامنع لغير الأخفش السّلوك فى

سبيل نحو (قلة) ونحو (فى)

والرّأى عندى ما رأى أبو الحسن

من الجواز فأجب من امتحن

(ش) اللفظان اللذان يقصد جعل أحدهما كالآخر فى الزنة : إما متساويان فى عدد الحروف ، وإما فائق أحدهما الآخر بأصل أو أصلين : فإلحاق المساوى بالمساوى ، والمفوق بالفائق جائز بلا خلاف.

وإلحاق الفائق بالمفوق ممنوع عند غير الأخفش ، مجوز عنده ، وبه أقول ؛ لأن المقصود من إلحاق لفظ بلفظ ليس هو استئناف وضع ليحفظ الموضوع فيتكلم به للدلالة على مقصود ؛ لكن يقصد به التدرب والتمكن من معرفة ما يلزم الواضع لو وضع ذلك اللفظ على الزنة المخصوصة والحكم المخصوص ؛ فيؤتى به على ما كان يحق له من موافقة النظائر.

ولا فرق فى ذلك بين ما كثرت نظائره وما قلت نظائره إذا سلك به سبيل معتادة.

فمثال «قلة» من «ربوة» : «ربة» ، والأصل : «ربوة» كما أن أصل «قلة» (١) : «قلوة» فحذفت الواو من «قلوة» على غير قياس ؛ فصار فى اللفظ «قلة» ؛ ثم عوملت «ربوة» معاملتها فقيل : «ربة».

ولم يمنع من ذلك كون الحذف فى «قلة» غير مقيس كما لم يمنع من إلحاق «برد» بـ «جعفر» كون ذلك شبيها باستئناف وضع ، واستئناف الوضع ممنوع ، إلا أن جعل «برد» كـ «جعفر» شبيه بجعل «قرد» «قرددا» ، و «جهر» «جهورا» ، و «قسر» : «قسورا» (٢) و «حدر» : «حيدرا» ، و «حظل» : «حنظلا» ، و «شمل» : «شمألا» ، و «عبد» : «عبدلا» ، و «رعش» : «رعشنا».

وجعل «ربو» مثل «قلة» لم تكثر أشباهه ولم يسلك به إلا سبيل واحدة ؛ وهما مع ذلك مشتركان فى أن فعل ذلك بمادتيهما لا يتوصل به إلى مزيد فى الوضع والدلالة ؛ بل المتوصل إليه بهما تدرب فى استعمال المستعمل ، وتمكن من الاطلاع على ما كان يحق للمهمل.

__________________

(١) القلة : عودان يلعب بهما الصبيان. ينظر : القاموس (قلو).

(٢) القسور : العزيز والأسد ومن الغلمان القوى الشاب. القاموس (قسر).

٤٢٢

(ص)

إن قال صغ كـ (قلة) من (لىّ)

فـ (لوة) قل آمنا من بغي

وحيث صغت كـ (سه) منه فما

عن (لاء) أو (لى) عدول فاعلما

(ش) مثال «قلة» من «لىّ» «لوة» ؛ لأن لام «قلة» محذوف فتحذف لام «لى» ـ أيضا ـ وعين «لىّ» واو قلبت ياء لسكونها قبل الياء ، فلما حذفت الياء عادت إلى أصلها ، وزيدت التاء بإزاء تاء «قلة».

وأما صوغ مثل «سه» من «لىّ» فيستلزم حذف الواو ؛ لأنها نظيرة عين «سه» المحذوفة ؛ إذ أصله «سته» لقولهم للعظيمها : «أسته».

وإذا حذفت الواو بقى حرفان ثانيهما حرف لين منون محرك بحركة الإعراب ؛ فتقلب ألفا ؛ لتحركها بعد فتحة ؛ ويحظر حذفه لسكونه وسكون التنوين فيضاعف ؛ فتلتقى ألفان فتحرك ثانيتهما فتنقلب همزة.

يجوز تضعيف الياء ، والإدغام ؛ فيصير المثال «ليّا».

ولو صيغ مثل «فى» من «لى» ملازما للإضافة لقيل : «لو زيد» فى الرفع و «لاه» و «ليه» فى النصب والجر ، كما يقال : «فوه» و «فاه» و «فيه».

واستغنى عن التضعيف ؛ لكون المضاف إليه كجزء من المضاف.

(ص)

وإن تصغ كـ (تحوىّ) من (خبر)

فـ (تخبرىّ) قل فالأصل معتبر

(ش) «تحوىّ» : منسوب إلى «تحيّة» ، وأصلها : «تحيية» ـ لكنه مرفوض ـ ثم نسب إليها فكان «تحيّيّا» فاستثقل توالى ياءين مشددتين ؛ فعوملت معاملة النسب إلى «على» فقيل : «تحوىّ» كما يقال : «علوىّ».

فإذا قصد مماثلته بـ «خبر» روعى الأصل ؛ لانتفاء أسباب الإعلال فقيل : «تخبرىّ».

(ص)

وقس ففيما قلته كفايه

لا زلت ذا عون وذا عنايه

* * *

٤٢٣

باب تصريف الأفعال والأسماء المشتقة

(ص)

مضارع الّذى على وزن (فعل)

يأتى على (يفعل) حتما كـ (سهل)

وهو على (يفعل) يأتى من (فعل)

إن روعى القياس فيه كـ (بخل)

(ش) لما كان «فعل» و «فعل» موضوعين لمعان مستقرة فى أصل الخلقة ، ولمعان طارئة ـ احتيج فيهما إلى المضارع والماضى كثيرا ؛ فخولف بين حركتى عينيهما ـ غالبا ـ تخفيفا ؛ لأن تخالف المتعاقبين أخف من تماثلهما.

ولما كان «فعل» فى الغالب موضوعا للغرائز كـ «شجع» و «جبن» وهى معان ثابتة فى أصل الخلقة ـ قلت الحاجة فيهما إلى غير الماضى ، فاستسهل كون حركة العينين واحدة ؛ فلذلك كان مضارع «فعل» «يفعل».

ثم لما كان الباعث على مخالفة حركة عين المضارع لحركة عين الماضى طلب التخفيف ـ كانت الفتحة بعين مضارع «فعل» أولى من الضمة ؛ فلذلك كان مضارع «فعل» : «يفعل» دون «يفعل» كـ «عمل يعمل» و «علم يعلم».

(ص)

وأشركوا (يفعل) مع (يفعل) فى

مواضع السّماع فيهنّ قفى

(ش) لما قرر أن «فعل» مضارعه المطرد «يفعل» ، وكان بعض الأفعال قد شذ ، أشار إلى ما شذ من ذلك ، وهو على ضربين :

أحدهما : ما شذ مع مشاركة المقيس ؛ فاستعمل فيه : «يفعل» و «يفعل» ؛ وذلك فى مضارع «حسب» و «نعم» و «بئس» و «يئس» و «يبس» و «وغر» و «وحر» (١) و «وله» و «وهل» و «ورع» و «وزع بالشّىء» أى : أولع به.

والضرب الثانى : ما شذ فيه الكسر دون استعمال الفتح ؛ وجملة ذلك ثمانية أفعال : «ومق» و «وثق» و «وفق» و «ولى» و «ورث» و «ورم» و «وسع» و «ورى المخّ» ـ أى اكتنز ـ وإلى هذه الأفعال أشرت بقولى :

(ص)

وجاء فيما فاؤه الواو (فعل)

(يفعل) مفردا وخيّر فى (يهل)

__________________

(١) الوحرة : دويبة شبه العظاية إذا دبت على اللحم وحر. المقاييس (وحر).

٤٢٤

(ش) فنبه على أن مضارع «فعل» لم يأت على «يفعل» دون مشاركة «يفعل» إلا فيما فاؤه واو.

وكان الذى بعث على ذلك التوصل إلى حذف الواو من المضارع ؛ لأنه لو جاء على القياس مضارع «ومق» لقيل فيه «يومق» بسلامة الواو ، فإذا كسرت عين المضارع كان لحذف الواو موجب فقيل : «يمق» فظفر بتخفيف ؛ وهو مطلوب.

(ص)

ما عينه أو لامه اليا من (فعل)

كسر لعين غير ماضيه حصل

ومثله مضاعف ما عدّى

ك «حنّ» والزم ضمّ ذى التّعدّى

(ش) إذا كان الماضى على «فعل» وعينه أو لامه ياء تعين ـ غالبا ـ كون مضارعه على «يفعل» نحو : «بات يبيت» و «سار يسير» و «أتى يأتى» و «مشى يمشى».

وكذلك إذا كان على «فعل» مضاعفا غير متعد كـ «حنّ يحنّ» و «أنّ يئنّ».

فإن كان المضاعف متعديا تعين ـ غالبا ـ كون مضارعه «يفعل» كـ «حلّ العقدة يحلّها» و «مدّ الشّىء يمدّه».

ثم أشرت إلى ما شذ من القبيلين فقلت :

(ص)

(يؤلّ) ـ بالضم ـ (تذرّ) و (تهبّ)

شذّ كذا ونادر كسر (يحب)

وشذّ منهما بوجهين كلم

منها (يجدّ) و (تحدّ) و (ينمّ)

(ش) «ألّ الشّيء يؤلّ» : إذا برق ، و «ألّ الرّجل يؤلّ» : إذا صوت بذل ، و «ذرّ الشّارق يذرّ» : إذا طلع ، و «هبّت الرّيح تهبّ».

هذه شذت بالضم وحده فى المضارع ، وكان حقها الكسر لعدم تعديها.

وكذلك شذ بكسر دون ضم «حبّه يحبّه» وكان حقه الضم لكونه متعديا.

وشذ اشتراك الكسر والضم فى «يهرّ الشّىء» ـ بمعنى يكرهه ـ و «يعلّه بالشّراب» و «يشدّ الشّىء» و «ينمّ الحديث» و «يبتّ الشّىء» ـ يقطعه ـ و «يشحّ بالشّىء» و «يجدّ الشّىء» و «يجمّ الفرس» و «يشبّ» و «تفحّ الأفعى» ، و «تئرّ اليد» ـ تطير ـ و «تحدّ المرأة» و «يصدّ عنه» و «بسّ يبسّ» و «يشطّ» ـ يبعد ـ و «تدرّ النّاقة» و «يسدّ الشّىء»

فالكسر فى الستة الأوائل شاذ لأنها متعدية ، والضم على القياس ، والبواقى بالعكس.

٤٢٥

(ص)

عين المضارع اضممن من (فعلا)

إن كان واويّا كـ (جاد) و (علا)

كذا الّذى لغلب المفاعل

وليس يائيّا كفعل النّاضل

(ش) إذا كان الماضى على «فعل» وعينه أو لامه واو تعين كون مضارعه على «يفعل» نحو : «جاد» و «علا» ، و «عاد» و «سلا».

وكذا المضارع من «فعل» المقصود به غلبة المفاعل كـ «فاضله ففضله يفضله» و «عالمه فعلمه يعلمه» : إذا تقابلا فضلا وعلما ، وفاق أحدهما الآخر.

فإن كان عين الفعل أو لامه ياء لم يعدل فى المضارع عن «يفعل» نحو «خاشانى فخشيته» أى : كنت أخشى منه.

والناضل : اسم فاعل من نضله : إذا فاقه فى المناضلة ، وهى المراماة.

(ص)

ما عينه أو لامه من (فعلا)

حلقى افتح عينه كـ (سألا)

وغير فتح فيه ـ أيضا ـ قد يرد

وبعضه التّثليث فيه قد عهد

وشذّ (يأبى) مع (يحيا) و (يذر)

بالفتح فاضممها إلى ما قد ندر

(ش) كون عين «فعل» حرفا من حروف الحلق مجوز لفتح عين مضارعه فيما لم يسمع فيه كسر أو ضم.

فإن شهر بأحدهما دون غيره لم يعدل عنه نحو : «يقعد» و «يرجع» و «يدخل» و «ينفخ».

وقد يرد بلغتين كـ : «ينطح» و «ينطح» ، و «يمنح» و «يمنح».

وبثلاث كـ : «يرجح» و «يرجح» و «يرجح» ، و «يصبغ» و «يصبغ» و «يصبغ».

وإلى ذلك أشرت بقولى :

 .........

وبعضه التثليث فيه قد عهد

وشذ «أبى يأبى» و «حيى يحيا» و «ذرّ يذرّ» ـ بفتح العين فى الماضى والمضارع دون توسط حرف حلق ، ولا تأخره.

٤٢٦

فصل فى مصادر الفعل الثلاثى وما يتعلق بذلك

(فعولة) اجعل أو (فعالة) اجعلا

قياس مصدر المضاهى (جزلا)

(ش) المضاهى «جزل» : كل ما وزنه «فعل» وله مصدران مقيسان :

«فعولة» : كـ «سهولة» و «صعوبة» و «ملوحة» و «عذوبة».

و «فعالة» : كـ «صباحة» و «ملاحة» و «فصاحة» و «صراحة».

وما سواهما مسموع كـ «غلظ غلظا» و «عظم عظمة» و «شرف شرفا» و «حسن حسنا» و «ظرف ظرفا» و «جمل جمالا».

(ص)

والوصف منه (فعل) او (فعيل)

وغير ذين عنهم قليل

(ش) أى : اسم الفاعل منه الذى كثر حتى كاد يطرد على «فعل» كـ «ضخم فهو ضخم» و «شهم فهو شهم» و «فدم فهو فدم» (١)

وعلى «فعيل» كـ «ظرف فهو ظريف» و «شرف فهو شريف» و «ضعف فهو ضعيف».

وقد يأتى على «فعل» كـ «بطل فهو بطل».

وعلى «فعال» كـ «جبن فهو جبان».

وعلى «فعال» كـ «فرت الماء فهو فرات».

وعلى «أفعل» كـ «خطب الشّىء فهو أخطب» أى : احمر إلى كدرة.

وعلى «فعل» كـ «جنب فهو جنب».

وعلى «فعل» كـ «عفر فهو عفر» أى : شجاع ماكر.

وعلى «فاعل» كـ «فره (٢) فهو فاره» و «حمض فهو حامض».

(ص)

ولا تقس مصدر لازم على

(فعل) الا أن يكون (فعلا)

(ش) إذا كان الفعل اللازم على «فعل» فمصدره المطرد «فعل» كـ «فرح فرحا» و «مرح مرحا».

__________________

(١) الفدم : الخثورة والثقل وقلة كلام فى عىّ. المقاييس (فدم).

(٢) الفاره : الحاذق بالشىء. المقاييس (فره).

٤٢٧

وما سوى «فعل» فمسموع كـ «بلج بلجة» فهو أبلج و «بشر بشورا» ـ أى : فرح ـ و «أحن إحنة» ـ أى : حقد ـ و «شبع شبعا» ، و «بخل بخلا» ، و «بهج بهجة» ، و «بشرت المرأة بشارة» ـ أى : حسنت ـ و «ضبعت النّاقة ضبعة» ـ إذا اشتهت الفحل ـ و «تفه الإنسان تفوها» إذا حمق.

(ص)

والمتعدّى منه أو من (فعلا)

مصدره المقيس (فعلا) اجعلا

لكن لغير المتعدّى من (فعل)

(فعولا) اجعل كالمصوغ من (نزل)

(ش) المقيس من مصادر «فعل» و «فعل» المتعديين ما كان على «فعل» خاصة كـ «الأكل» و «القتل» و «الجذب» و «الضّرب» و «القضم» و «الخضم» و «اللّثم» و «الفهم».

والمقيس من مصادر «فعل» اللازم ما كان على «فعول» كـ «نزل نزولا» و «قعد قعودا».

هذا إذا لم يكن لصوت أو غيره مما يشار إليه.

(ص)

وب (فعال) أو (فعيل) اغن عن

(فعول) ان مصدر فعل الصّوت عن

وب (فعال) نحو (يرغو) اخصص وقل

غير (فعيل) فى مضاعف كـ (أل)

(ش) «فعال» أو «فعيل» فى الأصوات يكثران ، وفى غيرهما يقلان.

وقد يشترك فيهما فعل ، : كـ «نعب الغراب نعيبا ونعابا» و «نعق نعيقا ونعاقا» و «أزّت القدر أزيزا وأزازا» ؛ إذا صوتت بالغليان.

وقد ينفرد أحدهما بفعل : نحو : «ضبح الثّعلب ضباحا» و «بغم الظّبى بغاما» و «صهل الفرس صهيلا» و «صخد الصّرد صخيدا».

واطرد اختصاص المعتل اللام بـ «فعال» كـ «رغا البعير رغاء» و «ثغت الشّاة ثغاء» و «معا السّنّور معاء» و «مغا مغاء».

وغلب اختصاص المضاعف بـ «فعيل» نحو : «صرّ الشّىء صريرا» و «صلّ صليلا» و «حفّ حفيفا» و «أنّ أنينا» و «ألّ أليلا».

(ص)

و (فعلان) مجديا تقلّبا

فشا وفى الإبا (فعال) غلبا

٤٢٨

لحرفة (فعالة) ، (فعال)

لعلّة كقولهم (بوال)

(ش) التقلب نحو : «جال جولانا» و «طاف طوفانا» و «ثار ثورانا».

ومنه : «الغثيان» (١) و «الهيجان» و «النّزوان» (٢) ؛ لأن المعدة إذا غثت لا تخلو من تقلب ؛ وكذلك الهائج والنازى.

(ص)

من (فعل) اللّازم وصفا صغ على

(فعلان) أو صغ (فعلا) أو (أفعلا)

ومن معدّاه ، ومن كلّ (فعل)

صغ (فاعلا) واحفظ سواه فهو قلّ

(ش) الوصف من «فعل» اللازم على «فعلان» كـ «سكر فهو سكران» و «عطش فهو عطشان».

وعلى «فعل» كـ «أسف فهو أسف» و «دنف فهو دنف».

وعلى «أفعل» كـ «بلج فهو أبلج» و «دعج فهو أدعج».

وقولى :

ومن معداه ......

 .........

أى : اسم الفاعل من «فعل» المتعدى ومن «فعل» مطلقا على زنة فاعل كـ «رحم فهو راحم» و «علم فهو عالم» و «جلس فهو جالس» و «حبس فهو حابس».

وقولى :

 .........

 ... واحفظ سواه ....

أى : إن مر بك فعل على وزن «فعل» واسم فاعله على غير زنة «فاعل» فاحفظه ، فهو قليل ، وذلك نحو : «طاب يطيب فهو طيّب» و «شاخ يشيخ فهو شيخ» و «شاب يشيب فهو أشيب» و «خفّ يخفّ فهو خفيف» و «عفّ يعفّ فهو عفيف».

(ص)

وفى الحدوث (فاعلا) صغ مطلقا

ك (نازقا أراك) تعنى (نزقا) (٣)

(ش) نبه بهذا على أن الوصف من «فعل» و «فعل» اللازم إذا قصد به الحدوث ،

__________________

(١) غثت نفسه : جاشت بشىء مؤذ. المقاييس (غثى).

(٢) نزى : وثب. المقاييس (نزى).

(٣) النزق : الخفة والعجل. المقاييس (نزق).

٤٢٩

جاز صوغه على زنة (فاعل) كقولك : «زيد حاسن غدا ، وعمرو فارح بعد غد».

وكذا صوغه من «فعل» الذى امتنع صوغه منه فى غير الحدوث كـ «ضاق».

(ص)

ومن ثلاثى كـ (مفعول) يرد

لفظ اسم مفعول وهذا مطّرد

وما أتى منه على (فعيل)

فبابه السّماع كـ (القتيل)

وهكذا ما كان مثل (ذبح)

و (قبض) و (نقص) و (طرح)

(ش) كل فعل ثلاثى فاسم مفعوله المقيس على زنة «مفعول» كـ «نسبته فهو منسوب» و «صحبته فهو مصحوب».

ويجىء كثيرا على «فعيل» ولا يقاس عليه نحو : «قتلته فهو قتيل» و «كحل عينه فهو كحيل».

وقد يجىء على «فعل» كـ «طرح» بمعنى : «مطروح» و «ذبح» بمعنى : مذبوح.

وقد يجىء ـ أيضا ـ على «فعل» كـ «قبض» بمعنى : مقبوض و «نقص» بمعنى : منقوص.

وكل ذلك محفوظ لا يقاس عليه بإجماع.

فصل فى تصريف الفعل غير الثلاثى وما يتعلق بذلك

(ص)

مضارع الرّباعى بالضّمّ ابتدى

وغيره فتحا أنل كـ (تهتدى)

وكسره إن لم يكن ياء أبح

فى كلّ ما وازن ماضيه (ربح)

أو ابتدى بهمز وصل أو بتا

مطاوع كـ (انقاد) مع (تثبّتا)

(ش) «الرّباعى» يعم المجرد نحو : «دحرج».

والملحق به نحو : «جهور».

والمضعف العين نحو : «علّم».

والمزيد أوله همزة نحو «أعلم».

والمزيد بعد فائه ألف نحو : «ضاعف».

وكلها مستوية فى ضم أول المضارع منها.

٤٣٠

وغير الرباعى : يعم الثلاثى والخماسى والسداسى ، وكلها مستوية فى فتح أول المضارع منها كـ «يعلم» و «يتعلّم» و «نستفهم».

وقولى :

وكسره إن لم يكن ياء أبح

 ..........

أى : أبح كسر أول المضارع مما وزن ماضيه «فعل» كـ «ربح» أو ابتدئ بهمزة وصل كـ «انطلق» أو بتاء مطاوعة كـ «تدحرج».

ما لم يكن أول المضارع ياء ؛ فإنها لا تكسر إلا فى مواضع ستذكر.

وكسر أول المضارع من الأفعال المذكورة هى لغة بنى أخيل ؛ وقد قرأ بها بعض الشواذ فكسر نون : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٥].

فيقال على هذه اللغة : «أنا إعلم الحقّ» و «أنت تسمع» ، «وتتعلّم ، وتستيقن ، وتستغفر».

(ص)

وكسر نحو (ييجل) استثنوا ولا

تمنع (أبى) من جائز فى (وجلا)

(ش) قد تقدم أن من كسر الهمزة والتاء والنون من حروف المضارعة لم يكسر الياء إلا فى مواضع ستذكر ، وإلى تلك المواضع أشرت بقولى :

وكسر نحو (ييجل) استثنوا ...

 ..........

أى : إذا كان فاء «فعل» واوا كـ «وجل» فإن أول مضارعه يكسر ـ مطلقا ـ فاستثنوا هذه الياء من ياءات مضارع «فعل» ؛ لأن «فعل» الذى فاؤه واو بعض «فعل» ، وياؤه بعض ياءات مضارعات «فعل».

وإنما جاز كسر ياء مضارع نحو «وجل» ؛ لأنه يوجب قلب الواو ياء ؛ فيخف اللفظ ، ويصير النطق بـ «ييجل» كالنطق بياء «ييئس» ؛ فإن الياء المكسورة إذا وليتها ياء ساكنة خف اللفظ بها ؛ بخلاف المكسورة المفردة.

وهذا من أسباب إعلال «أبين» ونحوه ؛ إذ لو قيل : «أبين» لكان مستثقلا استثقالا ينبو عنه الطبع.

وليس هذا كـ «ظبى» فإن كسرته زائلة بزوال العامل فلم تستثقل.

(ص)

مضارع الّذى بتاء افتتح

مزيدة ما قبل لامه فتح

٤٣١

وذاك فى سواه مكسور إذا

زاد على ثلاثة نحو (احتذى)

(ش) مضارع الذى بتاء افتتح مزيدة نحو : «تعلّم» و «تضاعف» و «تدحرج».

فهذه وما أشبهها يفتح فى المضارع منها ما قبل لامه نحو : «يتعلّم» و «يتضاعف» و «يتدحرج».

وقولى :

وذاك فى سواه مكسور ...

 ..........

أى : ما قبل لام ما ليس ماضيه مفتتحا بتاء مزيدة يكسر إن لم يكن من ثلاثى ؛ فإن الثلاثى قد مضى الكلام عليه ؛ فلذلك قيل فى مضارع «أعلم» و «علّم» و «سالم» و «استمع» و «انطلق» و «استغفر» و «احرنجم» و «اخشوشن» : «يعلم» و «يعلّم» و «يسالم» و «يستمع» و «ينطلق» و «يستغفر» و «يحرنجم» و «يخشوشن».

(ص)

ومصدر الأوّل كالماضى الّذى

رابعه قد ضمّ كـ (التّلذّذ)

واكسر محلّ ضمّ معتلّ الطّرف

نحو (التّدانى) و (التّسلقى) و (التّشف)

(ش) (الأوّل) هو (الّذى بتاء افتتح) كـ «تعلّم» فمصدره على زنته بعد ضم رابعه كـ «تعلّم» و «تضاعف» و «تدحرج».

فإن كان خامس هذا النوع معتلا جعل بدل الضمة كسرة كـ «تعدّ» و «توان» والأصل «تعدّى» و «توانى».

وأصل «التّشفّ» : التشفى : فحذفت الياء وحركة الفاء لأجل الوقف.

(ص)

مصدر ذى همزة وصل قد عرف

بكسر ثالث وإلحاق ألف

ك (استغفر الله الفتى استغفارا)

و (اصفرّ وجه الخاشع اصفرارا)

(إفعال) آت مصدرا لـ (أفعلا)

واعتيض تا من عينه إن علّلا

(ش) كل فعل على «أفعل» فمصدره على «إفعال» نحو : «أكرم إكراما».

فإن كان معتل العين هو ، أو مصدر «استفعل» حذفت الألف وعوض منها تاء التأنيث نحو : «أراد إرادة» و «استزاد استزادة».

وقد تقدم ذلك فى فصل إعلال العين بنقل حركتها إلى الساكن قبلها.

٤٣٢

(ص)

(فعللة) لـ (فعلل) اجعل مصدرا

وجاء (فعلال) وما إن كثرا

وفتح فاه جائز من (زلزلا)

ونحوه و (فاعلا) قد جعلا

ذو الفتح كـ (القضقاض) و (الوسواس)

وهكذا (التّمتام) فى الأناسى

(ش) لـ «فعلل» مصدران :

أحدهما : «فعللة» كـ «دحرج ، دحرجة» ؛ وهذا هو المطرد.

والثانى : «فعلال» كـ «سرهفه سرهافا» ـ أى : نعمه ـ وهذا مقصور على السماع ، ومنهم من يجعله مقيسا.

فإن كان «فعلل» ثنائيا مضاعفا كـ «زلزل» جاز فى مصدره «فعلال» بفتح الفاء.

والأكثر كون «فعلال» معبرا به عن الفاعل كـ «وسواس» بمعنى : موسوس ، و «قضقاض» بمعنى : مقضقض ، أى : كاسر ، و «قبقاب» بمعنى : مقبقب ، أى : هادر ؛ يقال : قبقب الفحل ؛ إذا هدر.

(ص)

فى (فاعل) : الفعال والمفاعلة

سيّان كـ (القتال) و (المقاتلة)

لكن (فعال) فى الّذى اليا فاه لم

يكد يرى ، والثّان فيه ملتزم

(ش) قد تقدم أن كسر الياء المفردة حقيق بأن يجتنب ما لم يكن الكسر عارضا ؛ فلذلك استغنى بـ «مفاعلة» عن «فعال» فيما فاؤه ياء نحو : «ياسر مياسرة» و «يا من ميامنة».

وقد حكى ابن سيده : «ياومه مياومة ، ويواما» وهو فى الندور نظير «يعار» فى جمع «يعر» وهو الجدى.

وقولى :

 .........

 ... والثّان فيه ملتزم

يعنى بالثانى : «مفاعلة».

أى : مفاعلة ملتزم فى مصدر «فاعل» الذى فاؤه ياء كـ «ياسر» و «يامن».

(ص)

ل (فعّل) : (التّفعيل) صغ و (تفعله)

صحيح لام قلّ نحو (تكمله)

٤٣٣

واجعله للمعتلّها منفردا

واستندرنّ قول راجز شدا

(وهى تنزّى دلوها تنزيّا

كما تنزّى شهلة صبيّا)

(ش) قولى : «واجعله للمعتلّها» أى : اجعل «التّفعلة» ـ وحده ـ دون «التّفعيل» مصدر «فعّل» المعتل اللام نحو : «زكّى تزكيّة» و «ولّى تولية» و «سوّى تسوية».

وتركوا التفعيل فى مثل هذا استثقالا لتضعيف الياء المكسور ما قبلها مع وجود مندوحة عنه.

وقول الراجز :

وهى تنزّى دلوها تنزيّا

كما تنزّى شهلة صبيّا (١)

نادر.

(ص)

فى (فعّل) : (الفعّال) و (الفعال) فى

(فاعل) قلّا فاقفونّ ما قفى

(ش) «فعّل فعّالا» نحو : «كذّب كذّابا» و «حمّله الأمر حمّالا وتحميلا» ، و «فاعل فعالا» كـ «قاتل قتالا».

(ص)

وك (التّملّاق) احفظنه وكذا

نحو (القشعريرة) وقّيت الأذى

(ش) «تفعّل ، تفعّالا» محفوظ غير كثير ، ومنه قول الشاعر : [من الطويل]

ثلاثة أحباب : فحبّ علاقة

وحبّ تملّاق ، وحبّ هو القتل (٢)

ومثل «تملّق تملّاقا» : «تحمّل الشّىء تحمّالا».

ونحو «اقشعرّ قشعريرة» و «اطمأنّ طمأنينة» قليل ـ أيضا ـ والمطرد فى هذا النوع :

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٨٨ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٤٠ ، الخصائص ٢ / ٣٠٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٤٩ ، وتهذيب اللغة ٦ / ٨٣ ، والمخصص ٣ / ١٠٤ ، ١٤ / ١٨٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٧٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٦٥ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٨ ، ولسان العرب (شهل) ، (نزا) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧١ ، والمقرب ٢ / ١٣٤ ، والمنصف ٢ / ١٩٥ ، وديوان الأدب ٢ / ٣٨٠ ، وتاج العروس (شهل) ، (نزا).

(٢) البيت بلا نسبة فى شرح المفصل ٦ / ٤٧ ، ٤٨ ، ٩ / ١٥٧ ، ولسان العرب (ملق) ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٩.

٤٣٤

«اقشعرّ اقشعرارا».

(ص)

لمرّة من الثّلاثى (فعله)

ك (لبسة) و (نومة) و (أكله)

وصيغ للهيئة منه (فعله)

ك (لبسة) و (نيمة) و (إكله)

فى غيره التّاء دليل المرّه

إن لم تكن من قبل مستقرّه

وما كـ (رحمة) وك (الإراده)

فالوصف يبدى المرّة المراده

(ش) «فى غيره» أى : غير الثلاثى كـ «الإكرام» و «الاستغفار» إذا قصد تبيين المرة ألحقت التاء بصيغة المصدر كـ «إكرامة» و «استغفارة».

ولا يفعل ذلك بمصدر الثلاثى إلا أن يرد شاذا فلا يقاس عليه كـ «إتيانة» و «لقاءة».

وقولى :

 .........

إن لم تكن من قبل مستقرّة

أشرت به إلى أن المصادر التى صيغت فى الأصل بالتاء كـ «إرادة» و «استزادة» و «دحرجة» لا يكتفى فيها عند قصد المرة بتلك التاء ، بل توصف بوصف يدل على ذلك نحو : «أبان إبانة واحدة» و «استعان استعانة واحدة».

وكذلك يفعل بمصدر الثلاثى الذى كـ «رحمة» و «بغتة».

(ص)

وقد تجىء (فعلة) هيئة ما

ليس ثلاثيّا شذوذا فاعلما

(ش) الإشارة بهذا الكلام إلى نحو قولهم : «فلان حسن العمّة ، والقمصة» و «فلانة حسنة الخمرة ، والنّقبة».

يريدون الهيئة من «تقمّص» ومن «تعمّم» و «تخمّرت» و «تنقّبت» أو اختمرت ، وانتقبت.

فصل

(ص)

وزن المضارع اسم فاعل الّذى

زاد على ثلاثة كـ (محتذى)

وافترقا بالميم مع كسرة ما

قبل الأخير ـ مطلقا ـ فاتّسما

واجعل مكان الكسر فتحا إن ترد

به اسم مفعول كـ (معطى المنتقد)

٤٣٥

(ش) إذا أردت اسم فاعل فعل زائد على ثلاثة أحرف ، فجئ به على وزن مضارعه جاعلا بدل حرف المضارعة ميما مضمومة كاسرا ما قبل آخره مطلقا ، أى : سواء فى ذلك ما فيه تاء المطاوعة وما ليست فيه.

وإذا أردت اسم مفعول ، فافتح ما قبل الآخر بعد زيادة الميم المضمومة.

فصل فى الأمر

(ص)

والأمر من (أفعل) : (أفعل) كـ (أضف)

وما سواه افعل به الّذى أصف

فأوّل المضارع احذف آمرا

وابدأ بتحريك يلى كـ (بادرا)

و (سل) و (بع) و (ردّ) ولتختم بما

يحقّ للفعل الّذى قد جزما

والسّاكن الثّانى كمثل (ينتصر)

بهمزة الوصل افتتحه كـ (اقتدر)

(ش) إن كان الذى بعد حرف المضارعة ساكنا كنون «ينتصر» فابدأ بهمزة الوصل نحو : «انتصر».

ولا يتناول قوله :

وإن تلاه ساكن ..

نحو : «يكرم» ؛ لأن «أفعل» قد تقدم الكلام عليه ، وعلم أن الأمر منه مفتتح بهمزة قطع ، سواء سكن ما بعد حرف المضارعة منه كـ «يكرم» أو تحرك كـ «يضيف» ، فما ذكر بعد ذلك فالمراد به غير «أفعل».

فصل

(ص)

مصدر ، او زمان او مكان

من (مفعل) بالفتح يستبان

إن صيغ ممّا ليس منه (يفعل)

مكسور عين ، وكذاك (مفعل)

من كلّ ذى اعتلال لام كـ (رمى)

كذاك من نحو (رعيت) و (سما)

(ش) يشترك المصدر والزمان والمكان فى «مفعل» ـ بفتح العين ـ إن كان من «فعل» نحو : «المكثر».

أو من «فعل يفعل» كـ : «المشرب».

أو من «فعل يفعل» كـ : «المذهب».

٤٣٦

أو من معتل اللام ـ مطلقا ـ كـ «المسعى» و «المرمى» و «الملهى» و «المرعى».

(ص)

وعينه اكسر فى الثّلاثة متى

يصاغ ممّا فاه واوا ثبتا

إن لم يكن معتلّ لام كـ (ولى)

وما له (يفعل) بالكسر انجلى

وغير ما قدّمت من ذى (يفعل)

لما سوى المصدر منه (مفعل)

و (مفعل) لمصدر ، وغير ما

قرّرته فبشذوذه احكما

(ش) قولى :

وعينه اكسر فى الثّلاثة ......

أى : عين «المفعل» اكسر فى المصدر والزمان والمكان إن كان فاؤه واوا ، ولم يكن لامه معتلة كـ «المورد» و «الموقف» و «المؤئل».

و «ولى» من قولهم : وليت الأرض إذا أصابها الولى ، وهو المطر الذى يلى الوسمى ، وهو المطر الذى ينزل بعد الخريف ، فيسم الأرض بالنبات.

وقولى :

 .........

وما له (يفعل) بالكسر ...

أشرت به إلى أن ما له مضارع على «يفعل» بكسر العين ؛ فـ «المفعل» منه مكسور العين إذا أريد به مكان أو زمان كـ «المضرب» و «المنتح».

ومفتوح العين إذا أريد به المصدر نحو : «ضربته مضربا» و «كسبته مكسبا».

وأشرت بقولى :

وغير ما قدّمت من ذى (يفعل)

 .........

إلى ما فاؤه واو ، ولامه حرف لين ، ومضارعه «يفعل» كـ «وعد» و «رمى» فإن «المفعل» منه لا يختلف.

وأشرت بقولى :

 ....... وغير ما

قرّرته فبشذوذه احكما

إلى ما سمع فيه الكسر ، وقياسه الفتح كـ «مشرق» و «مغرب» و «مطلع» و «مرفق» و «مفرق» و «مجزر» و «محشر» و «مسقط» و «منبت» و «مسكن» و «منسك» و «مسجد».

والفتح مسموع فى بعضها ، والقياس فتحها وإجراؤها عليه جائز.

٤٣٧

(ص)

وذى الثّلاثة ابنين لهنّ من

غير الثّلاثى اسم مفعول تبن

ك (مستقرّ) (مصبح) و (ممسى)

(ممزّق) (مجرى) كذاك (مرسى)

(ش) الإشارة إلى أن فى «المفعل» قد تقرر أنه يبنى من الثلاثى للمصدر والزمان والمكان ؛ فمن أراد أن يعامل غير الثلاثى بهذه المعاملة ، بنى منه اسم مفعول ، وجعله بإزاء ما يقصده من الثلاثة : فمن المستعمل مصدرا : قوله ـ تعالى ـ : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) [هود : ٤١] أى : إجراؤها وإرساؤها ، وقوله : (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) [سبأ : ١٩] وقوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) [القيامة : ١٢] أى : الاستقرار.

ومنه قول الشاعر : [من الكامل]

أظلوم إنّ مصابكم رجلا

أهدى السّلام تحيّة ظلم (١)

أى : إن إصابتكم رجلا.

فصل

(ص)

لآلة من الثّلاثى (مفعله)

و (مفعل) أو مدّه ، و (مفعله)

لاسم مكان قد حوى ما استكثرا

وأفعل المكان ـ أيضا ـ كثرا

فى الآلة (المفعل) محفوظا ورد

وفاقه (الفعال) لكن ما اطّرد

وربّما ثلّث عين (مفعله)

فى مصدر أو بقعة مشتمله

وشذّ نحو : (مطبخ) و (منقل)

ونادر تثليث ميم (مغزل)

(ش) مفعلة : كـ «مرآة» و «مكسحة» (٢).

__________________

(١) البيت للحارث بن خالد المخزومى فى ديوانه ص ٩١ ، والاشتقاق ص ٩٩ ، ١٥١ ، والأغانى ٩ / ٢٢٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٤ ، والدرر ٥ / ٢٥٨ ، ومعجم ما استعجم ص ٥٠٤ ، وللعرجى فى ديوانه ص ١٩٣ ، ودرة الغواص ص ٩٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٣٨ ، وللحارث أو للعرجى فى إنباه الرواة ١ / ٢٨٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٩٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٠٢ ، ولأبى دهبل الجمحى فى ديوانه ص ٦٦ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٦ / ٢٢٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢١٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٦ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٢٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٣١ ، ومجالس ثعلب ص ٢٧٠ ، ومراتب النحويين ص ١٢٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٤.

(٢) المكسحة : ما يكنس به. الوسيط (كسح).

٤٣٨

ومفعل : كـ «مسعر» و «مجدح».

ومفعال : كـ «محراث» و «منقاش».

وأما مفعلة لاسم مكان الشىء الكثير : فك «مظبأة» للمكان الكثير الظباء ، و «مذأبة» للموضع الكثير الذئاب

ومفعل الدال على آلة : «منخل» و «مدق» و «مسعط» (١) و «مدهن» و «مكحلة» و «محرضة» لوعاء الحرض : وهو الأشنان (٢).

و «فعال» لآلة كـ «إراث» : وهو آلة تأريث النار ، أى : إضرامها ، و «سراد» : وهو ما يسرد به أى : يخرز.

وتثليث عين «مفعلة» ـ مصدرا ـ كـ «مقدرة ، ومقدرة ، ومقدرة».

وبقعة (٣) كـ «مقبرة ، ومقبرة ، ومقبرة» : وهو المكان الكثير القبور.

و «مفعل» اسم مكان الفعل كـ «مطبخ» : وهو مكان الطبخ ؛ عن ابن سيده (٤).

ومثله «المرفق» لبيت الخلاء.

وأما مجيء «مفعل» صفة فكثير كـ «مغشم» : للكثير الغشم ، و «ملمّ» : للذى يكثر لم الأشياء بإتقان.

و «مفعل» ـ بفتح الميم والعين ـ فى الآلات أقل من «مفعل» (٥) فى أسماء المكان.

ومما جاء على «مفعل» اسما لآلة : «منقل» للخف ، وكان حقه [أن يكسر ميمه](٦) لأنه آلة الانتقال.

وأما «منارة» فمكان يوضع عليه المصباح ، وهو الذى فيه الزيت والفتيلة.

وذكر ابن سيده (٧) أن «المغزل» قد يضم ميمه ، ويفتح ، والكسر أشهر.

ومثله «المجسد» لثوب مصبوغ بالجساد ، أى : الزعفران.

__________________

(١) المسعط : الذى يحمل فيه السعوط ، والسعوط هو الدواء. المقاييس (سعط).

(٢) الأشنان : نبت نافع للجرب والحكّة. القاموس (أشن).

(٣) أى : تثليث عين «مفعلة» بقعة.

(٤) المحكم (٥ / ٧٨).

(٥) فى أ : مفعل بكسرها.

(٦) فى أ : الكسر.

(٧) المحكم (٥ / ٢٦٤).

٤٣٩

ومثله ـ أيضا ـ «المخدع» وهو بيت صغير فى صدر البيت الكبير.

وروى ـ أيضا ـ التثليث فى ميم «مصحف».

(ص)

وقد جعلت نظم هذا الباب

مكمّلا أبواب ذا الكتاب

فالحمد لله على تكميله

ميسّرا ما ريم فى تحصيله

أبياته ألفان مع سبعمائه

وزيد خمسون ونيف أكمله

وأفضل الصّلاة والسّلام

على لباب صفوة الأنام

لآله منها صلات وافره

وأنعم باطنة وظاهره

(ش) تم الكتاب والحمد لله رب العالمين على يد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الشافعى الشهير بابن النقيب ، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين ، وكان الفراغ من تعليقه لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وسبعمائه ، أحسن الله عمله ، وصلّى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

* * *

٤٤٠