شرح الكافية الشّافية - ج ٢

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٦٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

وللمرأة «يا فلة» ـ بمعنى يا فلانة ـ.

وقولهم : «يا فلة» دليل على أن «يا فل» ليس ترخيم «يا فلان» ، مع أنه لو كان ترخيما لوجب أن يقال فيه «يا فلا» كما يقال فى «عماد» : «يا عما» ؛ لأن الترخيم لا يحذف فيه مدّة ثالثة.

ومما خصوه بالنداء فلا يستعمل فى غيره قولهم : «يا ملأم» و «يا لؤمان» و «يا ملأمان» ـ بمعنى : يا عظيم اللؤم ـ و «يا مكرمان» ـ بمعنى : يا عظيم الكرم ـ و «يا نومان» ـ بمعنى : يا كثير النوم ـ.

وهذه صفات مقصورة على السماع بإجماع.

ومثلها فى الاختصاص بالنداء والقصر على السماع : ما عدل إلى «فعل» فى ذم الرجال نحو : «يا غدر» و «يا فسق».

وأما ما عدل إلى «فعال» فى ذم النساء نحو : «يا خباث» و «يا لكاع» : فهو و «فعال» بمعنى الأمر «نزال» عند سيبويه (١) مقيسان فى الثلاثى.

وهما مبنيان على الكسر بلا خلاف ما لم ينقلا إلى العلمية.

فإن نقلا إليها فهما عند بنى تميم معربان غير منصرفين ، وعند الحجازيين مبنيان كما كانا.

ونظير اختصاص هذه الأسماء بالنداء اختصاص الترخيم به ، فكما أن الضرورة تبيح ترخيم ما ليس منادى ، كذلك تبيح وقوع بعض هذه الأسماء فى غير نداء كقول الراجز : [من الرجز]

فى لجّة أمسك فلانا عن فل (٢)

__________________

(١) عبارة سيبويه : «ومما جاء من الوصف منادى وغير منادى : يا خباث ويا لكاع ، فهذا اسم للخبيثة وللكعاء». ينظر : الكتاب (٣ / ٢٧٢).

(٢) البيت لأبى النجم فى جمهرة اللغة ص ٤٠٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٩ ، والدرر ٣ / ٣٧ ، وسمط اللآلى ص ٢٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح المفصل ٥ / ١١٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٥٠ ، والصاحبى فى فقه اللغة ٢٢٩ ، والطرائف الأدبية ص ٦٦ ، والكتاب ٢ / ٢٤٨ ، ٣ / ٤٥٢ ، ولسان العرب ، (لجج) ، (فلن) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢٧ ، وشرح المفصل ١ / ٤٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٨ ، والمقرب ١ / ١٨٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٧.

٢١

وكقول الشاعر : [من الوافر]

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى

إلى بيت قعيدته لكاع (١)

ويقال فى نداء المجهول والمجهولة : «يا هن» و «يا هنت».

وفى التثنية والجمع : «يا هنان» و «يا هنتان» و «يا هنون» و «يا هنات».

ويقال ـ أيضا ـ : «يا هناه» و «يا هنتاه» ـ بضم الهاء وكسرها ـ.

وفى التثنية والجمع : «يا هنانيه» و «يا هنتانيه» و «يا هنوناه» و «يا هناتوه».

باب الاستغاثة

(ص)

باللّام ذى الفتح منادى اخفضا

إن استغثته كـ (يا للمرتضى)

واللّام إن عطفت مكسور كـ (يا

لخالد ، وللمجير الأشقيا)

وافتحه فى عطف إذا (يا) كرّرا

ك (يا لعامر ، ويا ليعمرا

واللّام فاكسر خافضا بعد الّذى

به استغثت نحو : (يا لذا لذى)

وإن تلا (يا) اللّام مكسورا فما

نودى محذوف كـ (يا للكرما)

ولام ذا المدعو عاقبت ألف

فى آخر كـ (يا يزيدا للأسف)

وقد يجىء دون لام وألف

كمثل (يا زيد لعمرو والصّلف)

وربّما استغنوا عن اللّام بـ «من»

فيما من اجله تعجّب يعنّ

وكالّذى استغيث ما تعجّبا

منه كـ (يا للما ويا للأربى)

(ش) إذا نودى المنادى ليخلص من شدة ، أو يعين على رفع مشقة فنداؤه استغاثة ، وهو مستغاث ، أو مستغاث به.

وتدخل عليه لام الجر فتفتح ؛ فرقا بين المستغاث به ، والمستغاث من أجله.

ويصير بلحاقها معربا بعد أن كان مبنيا ؛ لأن تركيب اللام معه أعطاه شبها بالمضاف والمضاف إليه ، ولأن موضعه صالح لـ «إيّاك» إن لم يقدر ظهور الفعل ، وصالح للكاف إن قدر ظهور الفعل ، فلما دخلت اللام امتنع أحد التقديرين فنقصت

__________________

(١) البيت للحطيئة فى ملحق ديوانه ص ١٥٦ ، وجمهرة اللغة ص ٦٦٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، والدرر ١ / ٢٥٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٥٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٧٣ ، ٤ / ٢٢٩ ، ولأبى الغريب النصرى فى لسان العرب (لكع) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٥ ، والدرر ٣ / ٣٩ ، وشرح شذور الذهب ص ١٢٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٢ ، ١٧٨.

٢٢

مناسبة الضمير الموجبة للبناء ، فعاد الإعراب.

وإذا عطف عليه ولم تعد «يا» كسرت لام المعطوف ؛ لأن عطف مصحوبها على المستغاث به يدل على أنه مستغاث به ؛ فأغنى عن فتح اللام الداخلة عليه ، فإن أعيدت «يا» فلا بد من الفتح.

قال الشاعر ـ فى الكسر لأجل عدم الإعادة فى العطف ـ : [من البسيط]

يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب

يا للكهول ، وللشّبّان للعجب (١)

وقال آخر ـ فى الفتح لأجل الإعادة فى العطف ـ : [من الخفيف]

يا لقومى ويا لأمثال قومى

لأناس عتوّهم فى ازدياد (٢)

ولام المستغاث من أجله لا تكون مع غير الضمير إلا مكسورة كقول الشاعر :

[من الوافر]

تكنّفنى الوشاة فأزعجونى

فيا للنّاس للواشى المطاع (٣)

وقد تلى «يا» اللام المكسورة فيستدل بكسرها على أن المستغاث به محذوف ، وأن مصحوبها مستغاث من أجله ؛ فمن ذلك قول العرب : «يا للعجب» و «يا للماء» ـ بالكسر ـ والتقدير : يا للناس للعجب ، ويا للرجال للماء.

وجاز حذف المنادى المستغاث به للعلم به ، كما جاز حذف المنادى غير المستغاث من أجله كقول الشاعر : [من البسيط]

يا لعنة الله والأقوام كلّهم

والصّالحين على سمعان من جار (٤)

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥٤ ، والدرر ٣ / ٤٢ ، ورصف المبانى ص ٢٢٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٣ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٩ ، ولسان العرب ، (لوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٦ ، والمقرب ١ / ١٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٠.

(٢) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٦ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٢ ، وشرح التصريح ١٢ / ١٨١ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٦.

(٣) البيت لقيس بن ذريح فى ديوانه ص ١١٨ ، والأغانى ٩ / ١٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٣١ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٣٣ ، والكتاب ٢ / ٢١٦ ، ٢١٩ ، واللامات ص ٨٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٩ ، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص ١٠٣ ، ورصف المبانى ص ٢١٩ ، وشرح المفصل ١ / ١٣١ ، ولسان العرب (لوم) ، والمقرب ١ / ١٨٣.

(٤) البيت بلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ص ٤٤٨ ، والإنصاف ١ / ١١٨ ، والجنى الدانى ص ٣٥٦ ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٩٧ ، والدرر ٣ / ٢٥ ، ٥ / ١١٨ ، ورصف المبانى ص ٣ ، ٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩٦ ، ـ

٢٣

ومن العرب من يقول : «يا للعجب» و «يا للماء» ـ بفتح اللام ـ على تقدير : يا عجب ويا ماء هذا أوانك.

وتعاقب لام الاستغاثة ألف ، تلى آخر المستغاث به ، إذا وجدت عدمت اللام ، وإذا وجدت اللام عدمت هى :

فمثال وجود الألف وعدم اللام قول الشاعر : [من الخفيف]

يا يزيدا لآمل نيل عزّ

وغنى بعد فاقة وهوان (١)

ووجود اللام وعدم الألف كثير ، وفيما مضى كفاية.

وقد يخلو المستغاث به من اللام ومن الألف كقول الشاعر : [من الوافر]

ألا يا قوم للعجب العجيب

وللغفلات تعرض للأريب (٢)

وقد تغنى «من» عن اللام الثانية إذا كان فى الاستغاثة معنى التعجب كقول الشاعر : [من الطويل]

لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم

أدلّ وأمضى من سليك المقانب (٣)

باب الندبة

(ص)

مثل النّدا النّدبة لكن ما ندب

مفقود ، او مقارب فقدا رهب

وإنّما يندب معروف لكى

يعذر نادب لذا لم يندب (اى)

ويندب الموصول بالّذى اشتهر

ك (بئر زمزم) يلى : (وا من حفر)

وربّما أغنى عن اسم من ندب

(رزيّة) أو نحوها فابحث تصب

__________________

ـ وشرح المفصل ٢ / ٢٤ ، ٤٠ ، والكتاب ٢ / ٢١٩ ، واللامات ص ٣٧ ، ومغنى اللبيب ص ٢ / ٣٧٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٦١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٤ ، ٢ / ٧٠.

(١) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٩ ، والجنى الدانى ص ١٧٧ ، والدرر ٤ / ١٢٦ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٣ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٢٠ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٧١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٦٢.

(٢) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٥٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٣ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٦٣.

(٣) المقانب : جمع المقنب : جماعة الخيل والفرسان. ينظر : لسان العرب (قنب).

والبيت لقران (أو لفرار) الأسدى فى الأغانى ٢٠ / ٣٥٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٦٠٤ ، ولسان العرب (سلك) ، ومعجم الشعراء ص ٣٢٦ ، وللمجنون فى ديوانه ص ٦١ ، ولسان العرب (برثن) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٦ / ٢٣ ، وجمهرة اللغة ص ٣٧٤ ، وشرح المفصل ١ / ١٣١ ، والمقرب ١ / ١٨٣.

٢٤

وكمنادى اجعل المندوب فى

حكم ، وقسم غير ما عنه نفى

ومنتهى ذا افتح وصله بألف

متلوّها إن كان مثلها حذف

كذاك تنوين الّذى به كمل

من صلة أو غيرها نلت الأمل

وجائز إيلاؤها النّعت لدى

يونس نحو : (واعلى السّيدا)

وافتح أو ابق شكلة اللّذ ما فتح

إن لم يكن بشكله معنى يصحّ

ك (وارقاشا) (واغلام الرّجلا)

واكسر وجئ باليا وفتحا فضّلا

والشّكل حتما أوله مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا

ك (وافتاكى) (وافتاهو) فهنا

بالكسر والضّمّ المراد بيّنا

والكسر فى التّنوين والفتح ألف

فى المذهب الكوفى قبل ذى الألف

ك (واغلام زيدنى وزيدنا)

وإن وقفت فأت بالها معلنا

لكلّهم وهمز نحو (عفرا)

مع ما يلى : يحذف عند الفرّا

وغيره الهمزة يوليها الألف

والفتح للكوفى مغن عن ألف

وألف النّدبة ليس يلتزم

إذا التباسا أمنوا كـ (واحكم)

(ش) الندبة : إعلان التفجع باسم من فقده بموت ، أو غيبة كأنه يناديه نحو : «وازيداه».

والقصد الإعلام بعظمة المصاب ؛ ولذلك لا يندب إلا باسم علم أو مضاف إضافة يتضح بها المندوب ؛ كما يتضح بالعلم.

ولا يندب «أىّ» ولا اسم إشارة ، ولا اسم جنس مفرد ، أى : غير مضاف ؛ لأنها غير دالة على المندوب دلالة يتبين بها عذر النادب.

ويجوز أن يندب الموصول إذا اشتهرت صلته شهرة تزيل إبهامه كقولهم : «وامن حفر بئر زمزماه».

وأشرت بقولى :

وربّما أغنى عن اسم من ندب

«رزيّة» أو نحوها ......

إلى نحو قولهم : و «انقطاع ظهراه».

وقول الشاعر : [من الكامل]

تبكيهم دهماء معولة

وتقول سلمى وارزيّتيه (١)

__________________

(١) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص ٩٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٤٩ ، وشرح ـ

٢٥

وأردت بقولى :

وكمنادى اجعل المندوب فى

حكم وقسم ......

أن المندوب إذا لم تلحقه الألف فإنه يبنى على الضم إن كان مفردا ، وينصب إن كان مضافا ؛ كما يفعل بالمنادى.

وإذا اضطر إلى تنوينه ، جاز نصبه وضمه كما يجوز ذلك فى المنادى.

فمن شواهد النصب قول الراجز : [من الرجز]

وافقعسا وأين منّى فقعس (١)

فله حكمان : بناء ، وإعراب. وهو على قسمين : مفرد ومضاف.

لكنه لا يكون فى إفراده وإضافته إلا معرفة.

وإلى هذا أشرت بقولى :

 .......

 ... غير ما عنه نفى

فإنه قد تقدم الإعلام بأن المندوب لا يكون إلا معروفا ، فانتفت مشاركته للمنادى فى التنكير.

ونبهت على لحاق ألف الندبة بقولى :

ومنتهى ذا افتح وصله بألف

 ........

فيقال فى «زيد» : وازيدا ، وفى «عبد الملك» : واعبد الملكا ، وفى «من حفر بئر زمزم» : وامن حفر بئر زمزما ؛ فيجاء بألف بعد فتح دال «زيد» وكاف «عبد الملك» وميم «زمزم» لأن آخر المضاف إليه منتهى المضاف ، وآخر الصلة منتهى الموصول ، كما أن آخر المفرد منتهاه.

ومن الندبة بألف دون هاء قول الشاعر : [من البسيط]

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له

وقمت فيه بأمر الله يا عمرا (٢)

__________________

ـ التصريح ٢ / ١٨١ ، والكتاب ٢ / ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٤ ، وبلا نسبة فى المقتضب ٤ / ٢٧٢.

(١) الرجز لرجل من بنى أسد فى الدرر ٣ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٢ ، وبلا نسبة فى الدرر ٣ / ٤١ ، ورصف المبانى ص ٢٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٢ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٥٤٢ ، والمقرب ١ / ١٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢ ، ١٧٩.

(٢) البيت لجرير فى ديوانه ص ٧٦٣ ، والدرر ٣ / ٤٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٦٤ ، ١٨١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٨٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٩ ، وبلا

٢٦

والهاء من قولى :

 .........

متلوّها ........

عائدة على ألف الندبة ، أى : إن كان منتهى المندوب ألفا ، حذفت لاتصالها بألف الندبة ؛ فيقال فى «موسى» : وا موساه.

ثم قلت :

كذاك تنوين الّذى به كمل

من صلة ......

أى : كما يحذف ما منتهاه ألف ، كذلك يحذف تنوين ما منتهاه تنوين ، من صلة وغيرها.

وقد تناول غير الصلة : آخر المفرد ، وآخر المركب بإضافة وغيرها ؛ نحو قولك فى «زيد» و «ابن عمرو» و «معد يكرب» : «وازيدا» و «ابن عمراه» و «وا معد يكرباه».

ومثال حذف تنوين آخر الصلة : «وامن نصر محمداه».

وأجاز يونس وصل ألف الندبة بآخر الصفة نحو : «وازيد الظّريفاه».

ويعضده قول بعض العرب : «واجمجمتى الشّاميّتيناه».

ثم أشرت إلى ما حكى ابن السراج (١) : أن قوما من النحويين يجيزون فيما آخره كسر أو ضم ، لا يفرق بين شيء وشيء إبقاء الكسرة والضمة ، وقلب ألف الندبة ياء بعد الكسرة وواوا بعد الضمة ، ويجيزون ـ أيضا ـ فتح المكسور والمضموم وسلامة الألف ؛ فيقولون فى «رقاش» : «وا رقاشيه» و «وارقاشاه» ، وفى «عبد الملك» : «وا عبد الملكيه» و «وا عبد الملكاه».

وكذا يقولون فيمن سمى بـ «قام الرّجل» : «وا قام الرّجلوه» ، و «وا قام الرّجلاه».

والمحافظة على الفتح وسلامة الألف أولى ، ولذا قلت :

 .........

 ... وفتحا فضّلا

وإنما حكمت بجواز الإتباع لما حكى الأخفش (٢) من قولهم : «وا هنانيه أقبلا»

__________________

ـ نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٤٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢٢٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٧٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٠.

(١) ينظر : الأصول فى النحو (١ / ٣٥٧).

(٢) ينظر : الأصول فى النحو (١ / ٣٤٨).

٢٧

و «يا هنانوه أقبلن».

وأكثر البصريين لا يجيزون الإتباع إلا عند خوف اللبس ، نحو قولك فى ندبة «فتى» مضاف إلى مخاطبة : «وافتاكيه» ، وفى ندبة «فتى» مضاف إلى غائب : «وافتاهوه». فإبقاء كسرة الكاف ، وإتباع الألف إياها ، أزال توهم الإضافة إلى مذكر ، وإبقاء ضمة الهاء ، وإتباع الألف إياها ، أزال توهم الإضافة إلى غائبة.

فهذا الإتباع متفق على التزامه ؛ لأن تركه موقع فى لبس. ثم أشرت إلى ما يراه الكوفيون من كسر التنوين وقلب ألف الندبة ياء وفتحه مراعاة لسلامة الألف نحو : «واغلام زيدنيه ، وزيدناه». ولا يجيز البصريون إلا حذف التنوين والفتح.

ثم نبهت على زيادة هاء السكت بعد الألف أو بدلها ، وأن ذلك (١) لا يكون إلا فى وقف. فإن ثبت فى وصل عد ذلك من الضرورات كقول الشاعر : [من الهزج]

ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزّبيراه

وبينت أن هذا حكم غير مختلف فيه بقولى :

لكلّهم ......

 .......

أى : لكل النحويين.

ثم نبهت على أن الفراء يحذف من أجل ألف الندبة الألف ، والهمزة من كل ما فيه ألف التأنيث الممدودة ، فيقول فى «عفراء» : «واعفراه» ، وفى «زكريّاء» : «وازكريّاه» وغيره يقول : «واعفراءاه» و «وازكريّاءاه».

ثم نبهت على أن الكوفيين يجيزون الاستغناء بالفتحة عن ألف الندبة ؛ فيقولون فى ندبة «زيد» : «وازيد» ، وليس لهم دليل على ذلك.

ثم نبهت على أن ألف الندبة لا تلتزم إذا أمن التباس الندبة بالنداء ؛ وذلك بأن يكون الحرف المستعمل «وا» أو يعلم النادب عدم مشاركة بعض السامعين للمندوب فى اسمه ، فإن علم مشاركته فى اسمه والحرف «يا» فلا بد من الألف.

(ص)

وقائل (واعبديا) (وا عبدا)

من فى النّدا اليا ذا سكون أبدى

ومن ينادى حاذفا أو مبدلا

فما بـ (وا عبدا) يرى مستبدلا

وحذف (يا) النّفس امنعن فى نحو (وا

غلام أهلى) وانه من حذفا نوى

__________________

(١) فى أ : وإن كان ذلك.

٢٨

(ش) إذا ندب المضاف إلى ياء المتكلم على لغة من أثبتها مفتوحة زيدت الألف ، ولم يحتج إلى عمل ثان ؛ لأن الياء مهيأة لمباشرة الألف بفتحها.

وإذا ندب على لغة من حذف الياء مكتفيا بالكسرة جعل بدل الكسرة فتحة وزيدت الألف.

وإذا ندب على لغة من يبدل الياء ألفا حذفت الألف المبدلة وزيدت ألف الندبة كما يفعل بالمقصور.

وإذا ندب على لغة من يثبت الياء ساكنة جاز حذف الياء وفتحها.

وإذا ندب مضاف إلى مضاف إلى الياء لزمت الياء ؛ لأن المضاف إليها غير مندوب.

باب الترخيم فى النداء

(ص)

ترخيم الاسم فى النّدا أن يحذفا

آخره كـ (يا يزى) و (يا خفا)

وجوّزنه ـ مطلقا ـ فى كلّ ما

أنّث بالها وبه اخصص علما

إن يخل من إضافة مجاوزا

حدّ الثّلاثىّ كمثل : (يا نزا)

ويكتفى بحذف ها التّأنيث من

ما حازه كمثل : (يا مرجان إن)

واحذف مع اخر الّذى منه خلا

ما قبل ذا لين مزيدا إن تلا

ثلاثة أو فوقها ، وسكّنا

لا شبه ما «فرعون» قد تضمّنا

(ش) احترزت بقولى :

ترخيم الاسم فى النّداء ...

 .......

من ترخيم غير المنادى في ضرورة كقوله : [من الوافر]

 .......

وأضحت منك شاسعة أماما (١)

أراد : أمامة.

__________________

(١) عجز بيت لجرير وصدره :

ألا أضحت حبالكم رماما

 ......

ينظر : ديوانه ص ٢٢١ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٦٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٢ ، ونوادر أبى زيد ص ٣١ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٤٠ ، والإنصاف ١ / ٣٥٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ٧٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣١٣.

٢٩

ومن ترخيم التصغير كقولهم فى «أسود» : «سويد».

و :

 .......

 ... (يزى) و (خفا)

مرخما «يزيد» و «خفاف».

ولا يشترط فى ترخيم ما فيه هاء التأنيث إلا التعيين ، وعدم الإضافة.

فيستوى فيه علم وغيره ، وما هاؤه ثالثة ، وغير ثالثة ؛ فلذا قيل فى «شاة» : «يا شا ارجنى» كما قيل فى «جارية» : [من الرجز]

جارى لا تستنكرى عذيرى (١)

وعلى هذا نبهت بقولى :

وجوّزنه مطلقا فى كلّ ما

أنّث بالهاء ...

ثم بينت أنه لا يرخم ما خلا من هاء التأنيث إلا بشرط العلمية ، وكونه خاليا من إضافة ، ومجاوزا حد الثلاثى كـ «نزار».

فيتناول الخالى من الإضافة : المفرد ، والمركب تركيب مزج كـ «معد يكرب» و «سيبويه» ، وتركيب إسناد كـ «تأبّط شرّا» فإن سيبويه (٢) حكى عن بعض العرب ترخيمه.

ثم بينت أن ما فيه هاء التأنيث لا يحذف فى ترخيمه غيرها ، فيقال فى «مرجانة» : يا مرجان.

و :

 .......

 ...... إن

أمر لمؤنث مؤكد بالنون الخفيفة ، من وأى يئى ، بمعنى : وعد.

ثم بينت أن الخالى من هاء التأنيث إذا استوفى شروط الترخيم ، وتضمن خمسة أحرف فصاعدا ، يحذف فى ترخيمه مع الآخر ما قبله من حرف لين زائد ، ساكن ،

__________________

(١) العذير : الحال التى تحاولها تعذر عليها. ينظر : القاموس (عذر).

والرجز للعجاج فى ديوانه ١ / ٣٣٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، ٢٠ ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، ٢٤١ ، ولسان العرب (عذر) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٧٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٦٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٥٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٦.

(٢) ينظر : الكتاب (٣ / ٣٧٧).

٣٠

غير مشابه لواو «فرعون» فى انفتاح ما قبلها ، وعدم دلالتها على معنى :

فدخل فى ذلك نحو : «عمران» و «حمّاد» و «أسماء» و «مسلمات» و «زيدان» ـ علمين ـ.

ودخل فى ذلك ـ أيضا ـ : «حمدون» و «منصور» ، و «زيدون» و «مصطفون» و «ملكوت» ـ أعلاما ـ.

ودخل فى ذلك ـ أيضا ـ : «جعفى» و «مسكين» و «غسلين» و «عفريت» ـ أعلاما ـ.

وخرج بذكر الزيادة نحو : «مختار» ـ علما ـ فإن ألفه بدل من ياء أصلية.

وخرج بقولى :

 ........

 .... تلا

ثلاثة أو فوقها ...

 .........

نحو : «عماد» و «سعيد» و «ثمود» لأن حرف اللين فيها تالى حرفين.

وخرج بالسكون نحو : «هبيّخ» (١).

وخرج بنفى مشابهة واو «فرعون» ما قبل آخره واو أو ياء ساكنة مفتوح ما قبلها غير دالة على معنى ؛ كـ «فردوس» و «غرنيق» (٢) ـ علمين ـ.

ولا يخرج «مصطفون» ـ علما ـ فإن واوه زيدت لمعنى.

(ص)

وليس هذا النّوع مستثنى لدى

يحيى مع الجرمى ، ويحيى انفردا

بحذف ساكن تلا اثنين يا

(يزيد) أو واو (ثمود) فادريا

وليس شرطا لين ساكن حذف

لديه بل منه العموم قد عرف

ففى (قمطر) : (قم) قال ، و (يا يزى)

مع (يز) فى (يزيد) للفرّا عزى

ولا يجيز فى (ثمود) : أى (ثمو)

بل حذف واوه لديه يلزم

وعنده يجوز ترخيم (حكم)

ونحوه من الثّلاثى العلم

ووافق الكسائى أهل البصره

فى منع هذا ظافرا بالنّصره

ولم يرخّم نحو : (بكر) أحد

إذ بزوال الرّا النّظير يفقد

__________________

(١) الهبيخ : الأحمق المسترخى ، ومن لا خير فيه ، والوادى العظيم. ينظر : القاموس (هبخ).

(٢) الغرنيق : الكركىّ ، أو طائر يشبهه. القاموس (غرنق).

٣١

والعجز احذف من مركّب وفى

مضمّن الإسناد نزرا ذا اقتفى

وألف (اثنا عشر) احذف مع (عشر)

مرخّما علم أنثى أو ذكر

و (صاح) فى (الصّاحب) قالوا و (كرا)

فى (كروان) وهما قد ندرا

ورخّم المضاف أهل الكوفه

كذا لهم مقالة معروفه

ترخيم (فعلايا) بحذف اليا وما

من بعدها مع ألف تقدّما

(ش) الإشارة بقولى :

وليس هذا النّوع ...

 .......

إلى ما قبل آخره واو أو ياء ساكنة مفتوح ما قبلها غير دالة على معنى كـ «فرعون» و «غرنيق» ـ علما ـ فإن الفراء والجرمى لا يفرقان بين واو «فرعون» وواو «منصور» ولا بين ياء «غرنيق» وياء «مسكين» ، بل يعمان جميعها بالحذف فى الترخيم. وغيرهما لا يرى ذلك بل يقولون : «يا فرعو» و «يا غرنى».

وانفرد الفراء بأن يعامل الرباعى معاملة الخماسى وغيره ؛ فيقول فى «عماد» و «يزيد» و «ثمود» : «يا عم» و «يا يز» و «يا ثم».

ويجيز ـ أيضا ـ إبقاء الألف والياء ، ولا يجيز إبقاء الواو ؛ لأن بقاءها يستلزم عدم النظير ؛ إذ ليس فى الأسماء ما آخره واو مضموم ما قبلها إلا «هو» و (ذو) الطائية (١).

ولا يشترط الفراء فى الساكن الذى يحذف مع الآخر كونه ذا لين ، بل يسوى فى ذلك بين ذى اللين وغيره ؛ فيقول فى «قمطر» ـ علما ـ : يا قم ، قال : لأنه إذا قيل : «يا قمط» ـ بسكون الطاء ـ لزم من ذلك عدم النظير ؛ إذ ليس فى الأسماء ما آخره حرف صحيح ساكن إلا ما أشبه الحرف نحو : «من» و «كم».

ومما انفرد به الفراء ترخيم الثلاثى المحرك الوسط كـ «حكم» فإنه إذا قيل فى ترخيمه : «يا حك» لم يلزم منه عدم النظير ؛ إذ فى الأسماء المتمكنة ما هو على حرفين ثانيهما متحرك كـ «غد» و «يد».

فلو كان الثلاثى ساكن الثانى كـ «بكر» لم يجز ترخيمه بإجماع ؛ لأن ترخيمه موقع فى عدم النظير.

__________________

(١) ينظر : الأصول فى النحو (١ / ٣٦٥).

٣٢

ويتناول المركب من قولى :

والعجز احذف من مركّب ...

 .......

نحو : «معد يكرب» و «بخت نصّر» و «سيبويه» و «تأبّط شرّا» ، ولا يتناول نحو : «امرئ القيس» و «عبد الله» ؛ لأنه قد تقدم التنبيه على أن الخلو من الإضافة ، من شروط الترخيم.

وأكثر النحويين لا يجيزون ترخيم المركب المضمن إسنادا كـ «تأبّط شرّا» وهو جائز ؛ لأن سيبويه (١) حكى ذلك فى بعض «أبواب النسب» فقال : «تقول فى النسب إلى «تأبّط شرّا» : «تأبّطى» ؛ لأن من العرب من يقول : «يا تأبّط «»». ومنع ترخيمه فى «باب الترخيم». فعلم بذلك أن منع ترخيمه كثير ، وجواز ترخيمه قليل.

وقد نبهت على ذلك بقولى :

 ....... وفى

مضمّن الإسناد نزرا ذا اقتفي

يقال : قفوت الشيء ، واقتفيته بمعنى : تتبعته.

ثم نبهت على أن «اثنا عشر» إذا كان علما يقال فى ترخيمه : «يا اثن» بحذف الألف مع «عشر» ؛ قال سيبويه : «وأما «اثنا عشر» فإذا رخمته حذفت «عشر» مع الألف ؛ لأن «عشر» بمنزلة نون «مسلمين»». هذا نصه (٢).

وكثر دعاء بعضهم بعضا بـ «الصّاحب» فأشبه العلم ، فرخم بحذف بائه كقول الشاعر : [من الرجز]

يا صاح يا ذا الضّامر العنس (٣)

والرّحل والأقتاب (٤) والحلس (٥)

__________________

(١) ينظر : الكتاب (٣ / ٣٧٧).

(٢) وتتمة كلام سيبويه : «والألف بمنزلة الواو ، وأمره فى الإضافة والتحقير كأمر مسلمين ، يقول : تلقى عشر مع الألف كما تلقى النون مع الواو». ينظر : الكتاب (٢ / ٢٦٩).

(٣) العنس : الناقة الصّلبة. ينظر : مقاييس اللغة (عنس).

(٤) الأقتاب : جمع قتب : الرحل الصغير على قدر سنام البعير. ينظر : القاموس (قتب).

(٥) البيت لخالد بن مهاجر فى الأغانى ١٠ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١٣٦ ، ١٦ / ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ولخزز بن لوذان فى خزانة الأدب ٢ / ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، والكتاب ٢ / ١٩٠ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٣ / ٣٠٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢١١ ، وشرح المفصل ٢ / ٨ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٣٣ ، ٢ / ٥١٣ ، والمقتضب ٢ / ٥٤ ، ٤ / ٢٢٣ ، والمقرب ١ / ١٧٩.

٣٣

أراد : يا صاحب.

ومثل شذوذ قولهم فى «صاحب» «يا صاح» : قولهم فى «الكروان» : «أطرق كرا». وفى هذا شذوذان آخران :

أحدهما : حذف حرف النداء مما يوصف به «أى».

والثانى : ترخيمه على تقدير الاستقلال ، ولذلك أبدلت واوه ألفا ، ولو رخم على لغة من ينوى المحذوف لقيل : «كرو».

وزعم بعض أهل اللغة أن ذكر الكروان يقال له : كرا ؛

فعلى هذا ليس فى قولهم : «أطرق كرا» إلا حذف حرف النداء.

وأجاز الكوفيون ترخيم العلم المضاف كقول الشاعر : [من الطويل]

أبا عرو لا تبعد فكلّ ابن حرّة

سيدعوه داعى ميتة فيجيب (١)

وهذا وأمثاله عند البصريين مثل قول الآخر : [من الوافر]

ألا أضحت حبالكم رماما

وأضحت منك شاسعة أماما

فرخم «أمامة» مضطرا ؛ فكذا رخم الآخر «عروة» مضطرا. لأن النداء واقع على المضاف لا على المضاف إليه.

وأجاز الكوفيون ـ أيضا ـ ترخيم «فعلايا» بحذف الياء والألفين اللذين اكتنفاها.

(ص)

وإن نويت بعد حذف ما حذف

فالباقى استعمل بما له عرف

واجعله إن لم ينو ساقط كما

لو كان بالآخر وضعا تمّما

فقل على الأوّل فى (ثمود) : (يا

ثمو) و (يا ثمى) على الثّانى بيا

و (صميان) : (صمى) اجعل و (صما)

يقول من لم ينو ما قد عدما

وفى (علاوة) : (علاو) اذكر و (يا

علاء إن لم يكن التّا نويا

والتزم الأوّل فى كـ (مسلمه)

وجوّز الوجهين فى كـ (مسلمه)

كذلك الأوّل لازم إذا

يعدم بالثّانى نظير يحتذى

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٣٩ ، والإنصاف ص ٣٤٨ ، وأوضح المسالك ٤ / ٥٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣١٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٧.

٣٤

ك (حبلوى) وك (طيلسان)

بالكسر حين اسمين يجعلان

ونحو (قاضين) على الوجهين ما

عن ردّ لامه غنى إن رخّما

وإن ترخّم ما بشدّ ختما

من بعد مدّ فاجعل المدّغما

محرّكا كأصله ، وإن عدم

تحريكا اصليّا ففتحه التزم

وإن نوى المحذوف والمدغم لم

يسبقه مدّ فالسّكون ملتزم

ومن يقل : (يا حاو) ضمّ ـ مطلقا ـ

وقد ترى الوجهين لن يفترقا

(ش) الأكثر فى الترخيم أن يحذف ما يحذف ، وينوى ثبوته فلا يغير ما بقى.

وقد يحذف ما يحذف ، ولا ينوى ثبوته ؛ فيعطى آخر ما بقى ما يحق لمثله الكائن آخرا فى أصل الوضع : فيقال على الوجه الأول فى «حارث» و «جعفر» و «قمطر» : «يا حار» و «يا جعف» و «يا قمط».

وعلى الوجه الثانى : «يا حار» و «يا جعف» و «يا قمط».

وكذا يقال على الوجه الأول فى «ثمود» و «صميان» (١) و «علاوة» ـ علمين ـ : «يا ثمو» و «يا صمى» و «يا علاو».

وعلى الوجه الثانى : «يا ثمى» و «يا صما» و «يا علاء» ؛ كما يقال فى جمع «جرو» : أجر وجراء ، والأصل : أجرو وجراو.

وترك على الوجه الأول ما قبل المحذوف على ما كان عليه ؛ لأن المحذوف منوى الثبوت.

ولا يقال فى «مسلمة» : «يا مسلم» ؛ لئلا يتوهم أن المقصود مذكر ، وإنما يقال : «يا مسلم» ـ بفتح الميم ـ فإن ذلك يمنع التوهم.

فلو كان المؤنث بالتاء علما «مسلمة» جاز ترخيمه ـ مطلقا ـ لعدم المانع.

ويتعين الترخيم على تقدير ثبوت المحذوف إن أوقع تقدير الاستقلال فى عدم النظير كـ «حبلوى» ـ علما ـ فإنه لا يجوز ترخيمه على تقدير الاستقلال ؛ لاستلزام ذلك قلب واوه ألفا لتحركها ، وانفتاح ما قبلها ،

وليس فى الكلام «فعلى» إلا وألفه مزيدة للتأنيث غير منقلبة من واو ولا ياء ؛

__________________

(١) الصميان : الشجاع الصادق الحملة. ينظر : القاموس (صمى).

٣٥

فوجب منع الوجه المؤدى إلى ذلك ، وتعين الوجه الآخر الذى ينوى فيه ثبوت المحذوف ؛ لأن ذلك فيه مأمون ؛ فيقال : «يا حبلو».

وهذا الوجه ـ أيضا ـ متعين فى «طيلسان» ـ بكسر اللام ـ لو كان علما ، فيقال : «يا طيلس» ، ولا يقال : «يا طيلس» ؛ لأن ذلك موقع فى عدم النظير ـ أيضا ـ إذ ليس فى الكلام اسم على «فيعل» صحيح العين ، ولا على «فيعل» معتلها ، بل التزم فى الصحيح الفتح كـ «ضيغم» ، وفى المعتل الكسر كـ «سيّد» ، ولا اعتداد بالنادر ؛ فلو سمى بـ «هيّبان» (١) ثم رخم لم يرخم إلا على نية المحذوف ؛ لأن ترخيمه على تقدير الاستقلال موقع فى عدم النظير.

وكذا لو سمى بـ «هذريان» (٢) أو «حذرية» (٣) لم يرخم إلا على نية المحذوف ؛ لأن ترخيمه على تقدير الاستقلال موقع فى بناء مهمل وهو «فعلى».

ولو سمى بـ «قاضين» ونحوه من جمع المعتل اللام ، لقيل ـ فى ترخيمه ـ : «يا قاضى» ـ على الوجهين ـ لأن الياء التى هى لام الكلمة حذفت لملاقاة ياء الجمع ، فلما حذفت ياء الجمع ونونه ترخيما عادت الياء الأصلية لزوال سبب حذفها ، ولا فرق فى هذا بين لغة من نوى ، ولغة من لم ينو ، إلا أن من لم ينو يقدر ضمة الياء ، ومن نوى لا يقدرها.

ومثل «قاضين» مسمى به : «قاضى» ـ مسمى به ـ.

وأشرت بقولى :

وإن ترخّم ما بشدّ ختما

من بعد مدّ ...

إلى نحو «محاجّ» و «تحاجّ». فإن «محاجا» إن كان اسم مفعول قيل فى ترخيمه : «يا محاج» ، وإن كان اسم فاعل قيل فى ترخيمه : «يا محاج» ، هذا على لغة من نوى المحذوف ؛ لأنه لما حذف ثانى المثلين بقى الأول ساكنا بعد ساكن ، فلجئ إلى التحريك فرارا من التقاء ساكنين ، فكان أولى الحركات ما كان الساكن متحركا به فى الأصل.

وأما «تحاجّ» فأصله : «تحاجج» : فإن سمى به ورخم لم يقل إلا «يا تحاج» ـ

__________________

(١) الهيّبان : الجبان والتيس والخفيف والراعى والتراب. ينظر : القاموس (هيب).

(٢) الهذريان : الكثير الردىء ينظر : القاموس (هذر).

(٣) الحذرية : القطعة الغليظة من الأرض. ينظر : القاموس (حذر).

٣٦

بالضم ـ لأنه الأصل ؛ وكذا يقال فى لغة من لا ينوى المحذوف إلا أن الضمة غير الضمة.

وإلى هذا ونحوه أشرت بقولى :

 .........

وقد ترى الوجهين لن يفترقا

أى : لن يفترقا لفظا ، وإن افترقا حكما.

وأشرت بقولى :

 ....... وإن عدم

تحريكا اصليّا ففتحه التزم

إلى نحو «إسحارّ» ـ وهو اسم بقلة ـ فإن وزنه : «إفعالّ» بمثلين أولهما ساكن لا حظ له فى حركة ؛ فإذا سمى به ورخم على لغة من ينوى قيل : يا إسحار ـ بالفتح ـ فتحركه بحركة أقرب المتحركات إليه ، وهو الحاء ، وبالحركة المجانسة للألف ؛ كما قالوا فى جزم «يضارّ» : «لم يضارّ» ـ بالفتح ـ إتباعا للألف مع أن بينها وبين المفتوح ساكنا ؛ بخلاف «يا إسحار» فإن المفتوح فيه متصل بالألف فهو بالإتباع أحق.

فلو لم يكن قبل المدغم مدة كـ «محمر» بقى على سكونه إذا نوى المحذوف ، فقيل : «يا محمر» ، فإن لم ينو المحذوف قيل : «يا محمر».

وكذا يقال فى «إسحارّ» و «محاجّ» : «يا إسحار» و «يا محاج».

وإليه أشرت بقولى :

ومن يقل «يا حار» ضمّ ـ مطلقا

 ........

(ص)

وحذف تا (أميمة) انو فاتحا

بعد (كلينى) تنح أمرا واضحا

ولاضطرار رخّموا دون ندا

ما للنّدا يصلح نحو : «أحمدا»

وفيه بالوجهين عمرو قد حكم

والثّانى منهما المبرّد التزم

(ش) نداء ما فيه هاء التأنيث بترخيم أكثر من ندائه دون ترخيم ؛ فلذلك قد يقحمون هاء التأنيث مفتوحة كأنها الحرف الذى قبلها كقول النابغة : [من الطويل]

كلينى لهمّ يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطىء الكواكب (١)

__________________

(١) البيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٤٠ ، والأزهية ص ٢٣٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٢١ ، ٣٢٥ ، ٣ / ٢٧٢ ، ٤ / ٣٩٢ ، ٥ / ٧٤ ، ٧٥ ، ١١ / ٢٢ ، والدرر ٣ / ٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٤٥ ، والكتاب ٢ / ٢٠٧ ، ٣ / ٣٨٢ ، وكتاب اللامات ص ١٠٢ ، ولسان العرب ـ

٣٧

قال سيبويه : «واعلم أن ناسا من العرب قد يثبتون التاء فيقولون : «يا مسلمة أقبل». فهذا قد رخمه أولا ، فصار فى التقدير «يا مسلم» ، ثم أقحم التاء غير معتد بها ، ثم فتحها إتباعا لفتحة ما قبلها.

قال أبو على فى الجامع : «تاء الإقحام لا تكون إلا مفتوحة ؛ لأنها وقعت آخر الاسم الذى لا يكون إلا مفتوحا بعد حذف التاء ، فعوملت معاملة الآخر».

فهذا منتهى ما يحتاج إليه من الكلام على ترخيم المنادى.

وقد يضطر الشاعر فيرخم ما ليس منادى ، لكن بشرط كونه صالحا لأن ينادى ؛ فمن ذلك قول امرئ القيس : [من الطويل]

لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره

طريف بن مال ليلة الجوع والخصر (١)

أراد : طريف بن مالك ، فحذف الكاف ، وجعل ما بقى بمنزلة اسم لم يحذف منه شيء.

وهذا الوجه فى الضرورة مجمع على جوازه.

وأجاز سيبويه ـ أيضا ـ للمضطر أن يرخم وينوى المحذوف ، فيدع الحرف الذى قبله على ما كان عليه قبل الحذف ، كما قال الشاعر : [من الوافر]

ألا أضحت حبالكم رماما

وأضحت منك شاسعة أماما (٢)

هكذا رواه سيبويه. ورواه المبرد : [من الوافر]

 ........

وما عهد كعهدك يا أماما

والإنصاف يقتضى تقرير الروايتين ، ولا تدفع إحداهما بالأخرى.

واستشهد سيبويه ـ أيضا ـ بقول الشاعر : [من البسيط]

إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته

أو أمتدحه فإنّ النّاس قد علموا (٣)

__________________

ـ (كوكب) ، (نصب) ، (أسس) ، (شبع) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٠٣ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ١٢١ ، وجمهرة اللغة ص ٣٥٠ ، ٩٨٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٩ ، ورصف المبانى ص ١٦١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٧.

(١) البيت فى ديوانه ص ١٤٢ ، وتذكرة النحاة ص ٤٢٠ ، والدرر ٣ / ٤٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٥٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٦٩ ، ورصف المبانى ص ٢٣٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١.

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

(٣) البيت لابن حنباء فى الدرر ٣ / ٤٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٧ ، وشرح التصريح ـ

٣٨

أراد : إن ابن حارثة.

فجاز للمضطر أن يرخم فى غير نداء : «مالكا» و «أمامة» و «حارثة» لأنها أسماء صالحة للنداء ؛ بخلاف اسم معرف بالألف واللام ، فلا يرخم فى غير نداء ؛ لعدم صلاحيته للنداء.

ولذلك خطئ من جعل من ترخيم الضرورة قول الراجز : [من الرجز]

أو الفا مكّة من ورق الحمى (١)

ذكر هذا أبو الفتح بن جنى فى «المحتسب» (٢).

باب الاختصاص المشابه للنداء

(ص)

والاختصاص كالنّدا لفظا وما

يعنى به ذو النّطق شخصا كلّما

بل نفسه مشاركا أو مفردا

لكن أبوا إيلاءه حرف ندا

ك (اغفر لنا أيّتها العصابه)

و (أنا أيّها الفتى نسّابه)

ومنه قول راجز قد ارتجل

(نحن بنى ضبّة أصحاب الجمل) (٣)

وقد يلى المخاطب اختصاص

نحو (بك الله لنا الخلاص)

(ش) قد يجاء بكلام على صورة هى لغيره توسعا عند أمن الالتباس فمن ذلك :

ورود الخبر بصورة الأمر.

وورود الأمر بصورة الخبر.

وورود الخبر بصورة الاستفهام.

وورود الاستفهام بصورة الخبر.

ومن ذلك ورود الاختصاص بصورة النداء كقولهم : «اللهمّ اغفر لنا أيّتها

__________________

ـ ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٣ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٤١ ، والإنصاف ١ / ٣٥٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٧٧ ، والمقرب ١ / ١٨٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١.

(١) تقدم تخريج هذا الرجز.

(٢) قال ابن جنى ـ معقبا على هذا البيت ـ : إنه أراد الحمام ثم رخم ؛ لأن ما فيه لام التعريف لا ينادى أصلا ، فكيف يرخم؟!. ينظر : المحتسب : ١ / ٧٨.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (ندس) ، (جمل) ، (قحل) ، وجمهرة اللغة ص ٢٦٩ ، وتاج العروس (بجل) ، (جمل).

٣٩

العصابة» ،

و «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (١) ، و «أنا أيّها الفتى أفعل كذا». ومراد الناطق بـ : «أيّها الفتى» نفسه ، ومراد الناطق بـ «أيّتها العصابة» نفسه وعشيرته.

ولم يقع المختص مبنيا إلا بلفظ «أيّها» و «أيّتها» ، وإنما وقع منصوبا مضافا ، أو معرفا بالألف واللام نحو : «نحن معشر الصّعاليك لا قوّة بنا على المروءة» و «نحن العرب أقرى النّاس للضّيف».

فمع موافقته للمنادى فى اللفظ قد خالفه فيه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه لا يستعمل مبدوءا به.

الثانى : أنه لا يستعمل معه «يا» ولا غيرها من حروف النداء.

الثالث : أنه استعمل معرفا بالألف واللام.

وقد يقع مرادا به المخاطب كقولهم : «بك الله نرجو الفضل».

باب التحذير والإغراء

(ص)

تحذيرا (ايّا) استعملنّ مردفا

بالكاف طبقا للّذى قد خوّفا

وستر ما ينصبه الزم مفردا

أو عاطفا بالواو محذورا بدا

كقولنا : (إيّاك والشّرّ) وقد

يقال (إيّاى) و (إيّاه) ورد

ونحو : (رأسك) كـ (إيّاك) جعل

إذا الّذى يحذر معطوفا وصل

ودون عطف قد يبين ما نصب

كـ (نفسك احذر) و (احذر) ان شئت احتجب

ويذكر المحذور ـ وحده ـ فإن

كرّر فالنّاصب حتما يستكن

ك (القسور القسور) والنّاصب قد

يبدو إذا المحذور مفردا ورد

والعطف كالتّكرار فى التزام أن

لا يجعل النّاصب إلّا ما بطن

وينصب المغرى به مكرّرا

وما به انتصابه لن يظهرا

كذاك إن يعطف عليه وإذا

أفرد فالتّخيير فيه يحتذى

وربّما استعمل فى التّكرير

رفع لدى الإغراء والتّحذير

__________________

(١) أخرجه أحمد (٢ / ٤٦٣) من حديث أبى هريرة مرفوعا : «إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد مؤنة عاملى ، ونفقة نسائى ـ صدقّة».

٤٠