شرح الكافية الشّافية - ج ٢

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٦٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

إنّى لأرجو محرزا أن ينفعا

إيّاى لمّا صرت شيخا قلعا (١)

والثالث : أن تكون بمعنى «إلّا» فى قسم كقولى : «عزمت عليك لمّا ضربت كاتبك سوطا».

وكقول الراجز : [من الرجز]

قالت له : بالله يا ذا البردين

لمّا غنثت (٢) نفسا أو اثنين (٣)

وقد تكون بمعنى «إلا» بعد نفى دون قسم ؛ ومنه قراءة ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) [يس : ٣٢] و (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) [الزخرف : ٣٥] ، أى : ما كل ذلك إلا جميع ، وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا.

ومثال وقوع جواب «لمّا» جملة ابتدائية قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) [لقمان : ٣٢].

ومثال وقوع جوابها مقرونا بـ «إذا» المفاجأة قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) [الأنبياء : ١٢].

ومن الحروف اللائق ذكرها بهذا الباب «أمّا» وفيها معنى الشرط والتفصيل ، وتقدر بـ «مهما يك من شىء».

ولا يليها فعل ؛ لأنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط ، فلو وليها فعل لتوهم أنه فعل الشرط ، ولم يعلم بقيامها مقامه ، وإذا وليها اسم بعده الفاء ، كان فى ذلك تنبيه على ما قصد من كون ما وليها مع ما بعده جوابا.

والمقرون بالفاء بعد ما يليها :

إما مبتدأ نحو : «أمّا قائم فزيد».

وإما خبر نحو : «أمّا زيد فقائم».

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (قلع) ، وتاج العروس (قلع).

(٢) غنث : شرب ثم تنفس. ينظر : اللسان (غنث).

(٣) الرجز بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٥٩٣ ، والدرر ٣ / ١٨٨ ، ٤ / ٢٢٢ ، ٢٢٥ ، وشرح شواهد المغنى ص ٦٨٣ ، ولسان العرب (غنث) ، ومغنى اللبيب ١١ / ٢٨١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣٦ ، ٢ / ٤٥.

١٨١

وإما عامل فيما وليها أو مفسر عامل فيه نحو : «أمّا زيدا فأكرم ، وأمّا عمرا فأعرض عنه».

وقد تليها «إن» فيغنى جواب «أمّا» عن جوابها كقوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) [الواقعة : ٨٨ ـ ٨٩].

وقد تقدم أن الجواب لأول الشرطين المتواليين نحو قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود : ٣٤] ، فإذا كان أول الشرطين «أمّا» كانت أحق بذلك من وجهين :

أحدهما : أن جوابها إذا انفردت لا يحذف أصلا ، وجواب غيرها إذا انفرد يحذف كثيرا لدليل ، وحذف ما عهد حذفه أولى من حذف ما لم يعهد حذفه.

الثانى : أن «أمّا» قد التزم معها حذف فعل الشرط ، وقامت هى مقامه ، فلو حذف جوابها لكان ذلك إجحافا ، و «إن» ليست كذلك.

ويجوز حذف الفاء بعدها إذا كان المقرون بها قولا باقيا ما هو محكى به كقوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [آل عمران : ١٠٦]. الأصل :

فيقال لهم : أكفرتم.

ولا تحذف ـ غالبا ـ دون مقارنة قول إلا فى ضرورة كقول الشاعر : [من الطويل]

فأمّا القتال : لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا فى عراض المواكب (١)

 ـ والله أعلم ـ.

فصل فى (لو لا) و (لو ما) وما يتعلق بهما

(ص)

على امتناع لوجود دلّتا

(لو لا) و (لو ما) حيث باسم خصّتا

وبعد (لم يفعل) جوابا أو (فعل)

مصحوب لام ، وسقوط اللّام قلّ

__________________

(١) البيت للحارث بن خالد المخزومى فى ديوانه ص ٤٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٢ ، والدرر ٥ / ١١٠ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٠٦ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٥٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٣٤ ، والجنى الدانى ص ٥٢٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٦٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٧ ، وشرح شواهد المغنى ص ١٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٩٧ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣٤ ، ٩ / ٤١٢ ، والمنصف ٣ / ١١٨ ، ومغنى اللبيب ص ٥٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٧٧ ، ٤ / ٤٧٤ ، والمقتضب ٢ / ٧١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٧.

١٨٢

وكجواب (إن) جواب ذين فى

حذف إذا المرادليس بالخفى

وبهما التّحضيض مز و (هلّا)

(ألا) كذا وأولهنّ الفعلا

وقد يلى اسم فيه فعل أعملا

مؤخّرا ، أو مضمرا واذكر (ألا)

فهى كـ (ألا) إن بها عرض قصد

وخصّها بالفعل حيثما ترد

وذات الاستفتاح أو لها الجمل

بغير قيد كـ (ألا زيد بطل)

(ش) لـ «لو لا» و «لو ما» استعمالان :

أحدهما : يدلان فيه على امتناع شىء لثبوت غيره ، ويقتضيان (١) حينئذ مبتدأ ملتزما حذف خبره ، وجوابا مصدرا بفعل ماض لفظا ومعنى ، أو بمضارع (٢) مجزوم بـ «لم».

ويقترن الأول إن كان مثبتا بلام (٣) مفتوحة كقوله ـ تعالى ـ : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) [سبأ : ٣١].

وإن كان منفيا لم يقترن باللام كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [النور : ٢١].

وكقول الأنصارى ـ رضى الله عنه ـ : [من الرجز]

والله لو لا الله ما اهتدينا

[ولا تصدّقنا ولا صلّينا (٤)](٥)

وقد يقترن بها المنفى بـ «ما» كقول الشاعر : [من البسيط]

لو لا رجاء لقاء الظّاعنين لما

أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا (٦)

وربما خلا منها المثبت كقول الشاعر : [من الطويل]

وكم موطن لولاى طحت كما هوى

بأجرامه من قلّة النّيق (٧) منهوى (٨)

__________________

(١) فى أ : ويقضيان فيه.

(٢) فى أ : مضارع.

(٣) فى أ : باللام.

(٤) تقدم تخريج هذا البيت.

(٥) سقط فى «أ».

(٦) البيت بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٥٩٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٠٩.

(٧) النيّق : أرفع موضع فى الجبل. (القاموس ـ نيق)

(٨) تقدم تخريج هذا البيت.

١٨٣

وكقول الآخر : [من الطويل]

أتطمع فينا من أراق دماءنا

ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن (١)

أنشدهما الفراء (٢)

والضميران عنده فى موضع رفع ؛ كما يقول الأخفش.

وإذا دل دليل على جواب «لو لا» و «لو ما» حذف ، كما فعل بجواب «إن» :

فمن ذلك قول الله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) [النور : ١٠].

ويدلان على التحضيض فيختصان بالأفعال كقوله ـ تعالى ـ : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) [الأنعام : ٨] ، وقوله : ـ (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) [الحجر : ٧].

ويشاركهما فى التحضيض «هلّا» و «ألّا».

وقد يلى حرف التحضيض اسم معمل فيه فعل متأخر أو محذوف لدليل كقول الشاعر : [من الكامل]

الآن بعد لجاجتى تلحوننى (٣)

هلّا التّقدّم والقلوب صحاح (٤)

وكقول الآخر : [من الطويل]

أتيت بعبد الله فى القدّ (٥) موثقا

فهلّا سعيدا ذا الخيانة والغدر (٦)

وكقول الآخر : [من الطويل]

تعدّون عقر (٧) النّيب (٨) أفضل مجدكم

بنى ضوطرى (٩) لو لا الكمى المقنّعا (١٠)

__________________

(١) تقدم تخريج هذا البيت.

(٢) ينظر : معانى القرآن للفراء (٢ / ٨٥)

(٣) تلحوننى : تلومننى. (المقاييس ـ لحى)

(٤) البيت بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٦١٤ ، ورصف المبانى ص ٤٠٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٩٩ ، ومجالس ثعلب ١ / ٧٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٧٤.

(٥) القد : سير يقدّ من جلد غير مدبوغ. (المقاييس ـ قدد)

(٦) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٣ / ٦١٠ ، ومجالس ثعلب ١ / ٧٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٧٥.

(٧) العقر : مصدر (عقر) البعير قطع إحدى قوائمه ؛ ليسقط ويتمكن من ذبحه. الوسيط (عقر).

(٨) النيب : الناقة المسنة. (القاموس ـ نيب)

(٩) الصّوطر : الضخم اللئيم (القاموس ـ ضوطر)

(١٠) البيت لجرير فى ديوانه ص ٩٠٧ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣١ ، وجواهر الأدب ص ٣٩٤ ، ـ

١٨٤

وربما ولى حرف التحضيض مبتدأ وخبر كقول الشاعر : [من الطويل]

ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة

إلى فهلّا نفس ليلى شفيعها (١)

والأجود أن ينوى بعد «هلّا» : «كان» الشأنية ، ويجعل «نفس ليلى شفيعها» خبرا.

وألحق بحروف التحضيض فى الاختصاص بالفعل «ألا» المقصود بها العرض نحو : «ألا تزورنا» ، وهى مركبة من «لا» والهمزة.

وأما «ألا» المستفتح بها فغير مركبة ولا مختصة ؛ بل جائز أن تصدر بها جملة اسمية نحو : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) [البقرة : ١٢] ، وجملة فعلية نحو : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨].

__________________

ـ وخزانة الأدب ٣ / ٥٥ ، ٥٧ ، ٦٠ ، والخصائص ٢ / ٤٥ ، والدرر ٢ / ٢٤٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٦٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٨ ، ٨ / ١٤٤ ، والمقاصد ٤ / ٤٧٥ ، ولسان العرب (أما لا) ، وللفرزدق فى الأزهية ١٦٨ ، ولسان العرب (ضطر) ولجرير أو للأشهب بن رميلة فى شرح المفصل ٨ / ١٤٥ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ١٧٠ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٤٠ ، والجنى الدانى ص ٦٠٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٤٥ ، ورصف المبانى ص ٢٩٣ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦١٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٠٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٢ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٦٤ ، ١٨٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨.

(١) البيت للمجنون فى ديوانه ص ١٥٤ ، ولإبراهيم الصولى فى ديوانه ص ١٨٥ ، ولابن الدمينة فى ملحق ديوانه ص ٢٠٦ ، وللمجنون أو لابن الدمينة أو للصمة بن عبد الله القشيرى فى شرح شواهد المغنى ١ / ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٦ ، ولأحد هؤلاء أو لإبراهيم الصولى فى خزانة الأدب ٣ / ٦٠ ، وللمجنون أو للصمة القشيرى فى الدرر ٥ / ١٠٦ ، وللمجنون أو لغيره فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٥٧ ، وبلا نسبة فى الأغانى ١١ / ٣١٤ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٠ ، وجواهر الأدب ص ٣٩٤ ، والجنى الدانى ص ٥٠٩ ، ٦١٣ وخزانة الأدب ٨ / ٥١٣ ، ١٠ / ٢٢٩ ، ١١ / ٢٤٥ ، ٣١٣ ، ورصف المبانى ص ٤٠٨ ، والزهرة ص ١٩٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٤١ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٢٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٧٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٧.

١٨٥

باب العدد

(ص)

بالتّا إلى الثّلاثة اذكر عشره

فى عدّ ما آحاده مذكّره

واحذف لتأنيث ومعدود يلى

بالجرّ جمع قلّة كـ (أشمل)

وناب ذو الكثرة فيما عدما

ذا قلّة نحو : (قلوب) و (دما)

و (القرء) و (الأقراء) ممّا يؤثر

واستعملوا مع ذا (ثلاثة قرو)

وما من التّذكير والتّأنيث فى

لفظ اسم اعتبر وموصوف قفى

بالوصف نحو : (ربعة) وربّما

رجح معنى اسم لداع علما

و (مائة) ـ أيضا ـ أضف لكن إلى

فرد ونادرا سوى ذا جعلا

وفرعها كمثلها ، وما سمع

من (مائتين عاما) احفظ واقتنع

وإن تضف لـ (مائة) تفرد وقد

رووا (مئين) وقليلا ما ورد

و (الألف) مفرد مذكّر فما

لمثله صحّ له به احكما

و (أحد) اذكر وصلنه بـ (عشر)

مركّبا قاصد معدود ذكر

وقل لدى التّأنيث : (إحدى عشره)

والشّين فيها عن تميم كسره

وشذّ فى تركيب (الاثنى عشره)

واللّغة الأولى هى المشتهره

ومع غير (أحد) و (إحدى)

ما معهما فعلت فافعل قصدا

ول (ثلاثة) و (تسعة) وما

بينهما إن ركبا ما قدّما

و (عشرا) اجعل عجزا لذى التّا

واختم بـ (عشرة) المضاهى (استا)

وأول (عشرة) : (اثنتى) و (عشرا)

(اثنى) إذا أنثى تشا أو ذكرا

واليا لغير الرّفع ، وارفع بالألف

والفتح فى جزأى سواهما ألف

وبعضهم سكّن عين (عشر)

من بعد فتح ، ومع (اثنا) قد ندر

و (بضعة) كـ (تسعة) فما سفل

ومطلقا مجراه يجرى حيث حلّ

وافتح أو اسكن يا (ثمانى عشره)

أو احذف اثر فتحة أو كسره

وبعضهم نون (ثمان) جعلا

محلّ إعراب كقول من خلا :

(لها ثنايا أربع حسان

وأربع فثغرها ثمان)

وبعد (تسعة) و (تسع) ركبا

(عشرون) عمّ وكجمع اعربا

كذا (ثلاثون) إلى (تسعينا)

والنّيّف اذكر قبل مستبينا

١٨٦

بحالتيه ، واعطفنّ العقدا

كـ (خمسة وأربعين عبدا)

وميّزن ذا العقد والمركّبا

بلازم التّنكير فردا نصبا

وكون ذا التّمييز مقرونا بـ (أل)

نطق به عند الكسائى يحتمل

كذا أجاز وحده نحو : (الأحد

ألعشر الدّرهم) فى باب العدد

وكون (ال) مقترنا بالصّدر لا

سواه من غير خلاف قبلا

وكون (ال) فى جزأى المركّب

فحسب واه ليس بالمستصعب

وإن تعرّف ذا إضافة فمع

آخر اجعل (أل) وغير ذا امتنع

وشذّ نحو : (الخمسة الأثواب)

ومن يقس يحد عن الصّواب

والجنس واسم جمع افصل بعد (من)

من عدد نحو : (ثلاث من لبن)

وشذّ ما له أضيف كـ (البقر)

والتّا لها هنا الذى قبل استقرّ

وحكمها رتّب على المذكور لا

واحده إن لم يكن قد جعلا

نائب جمع نحو : (رجلة) كذا

(أشيا) فبالتّا عدّ ذين يحتذى

وسبق (من) وصف ينافى حكم ما

جرّت يزيل حكمه فليعلما

وما لوصف متأخّر أثر

نحو : (ذكور) بعد (ضأن) أو (بقر)

والجنس ذو الوجهين يأتى عدده

بحسب الوجه الذى تعتمده

فـ (الطّير) بالتّا ، وبدونها يعدّ

فهو بتذكير وتأنيث ورد

وإن أضفت عددا مركّبا

يبقى البنا ، وبعضهم قد أعربا

مفتوح صدر ، وسوانا إن يضف

يعرب كلا الجزأين مثل ما أصف

أعنى مضافا أوّل لآخر

كـ (ذى ثلاث عشرة ابن عامر)

ولا يجوز أن يضاف (اثنا عشر)

إلا إذا كان اسم أنثى أو ذكر

وعند ذاك العجز احذف إن تضف

فهو كنون اثنين حكما فاعترف

وصغ من اثنين فما فوق إلى

(عشرة) كـ (فاعل) من (فعلا)

واختمه فى التّأنيث بالتّا ومتى

ذكّرت فاذكر (فاعلا) بغير تا

وإن ترد بعض الذى منه بنى

تضف إليه مثل بعض بيّن

وإن ترد جعل الأقلّ مثلما

فوق فحكم (جاعل) له احكما

ك (ثالث اثنين) ونوّن وانصبا

إن شئت والتّأنيث بالتّا وجبا

كقولنا : (ثالثة اثنتين) أو

(ثالثة ثنتين) فاقف ما قفوا

١٨٧

وإن أردت مثل : (ثانى اثنين)

مركّبا فجىء بتركيبين

عجزاهما مثلان ، وابدأ أوّلا

بـ (فاعل) من صدر ثان واجعلا

(حاديا) الواحد ، والفتح التزم

فى الكلم الأربع والآخر سم

بالتّاء فى التّأنيث مطلقا ومع

(عشرين) للتّسعين فاعل يقع

وغير (حاد) دون تنييف وجد

و (الحاد) فى التّنييف لا غير يرد

وشاع الاكتفا بـ (فاعل) وما

ركّب معه لاختصار فاعلما

وربّما أضيف (فاعل) إلى

ما أصله صدرا له قد جعلا

و (فاعل) حين يضاف معرب

وحكمه البنا إذا يركّب

وربّما أعرب حين يختصر

والعجز ابن مطلقا دون حذر

وثعلب أجاز نحو : (رابع

أربعة) وما له من تابع

(ش) تثبت تاء «ثلاثة» فما فوقها إلى «عشرة» إن كان واحد المعدود اسما مذكرا ، وتسقط إن كان مؤنثا ؛ نحو : «عندى من العبيد ثلاثة ، ومن الإماء ثلاث».

فإن قصدت الإضافة إلى المعدود جيء به جمع قلة نحو : «لى ثلاثة أعبد ، وثلاث آم».

فإن أهمل جمع القلة أضيف إلى جمع الكثرة نحو : «صدت ثلاثة ثعالب ، وثلاث أرانب» و «شويت ثلاثة قلوب» و «أرقت ثلاثة دماء».

وقد يضاف إلى جمع كثرة مع وجدان جمع قلة كقوله ـ تعالى ـ : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨].

ويعتبر التذكير والتأنيث فى غير الصفة باللفظ فتقول : «ثلاثة أشخص» قاصد نسوة ، و «ثلاث أعين» قاصد رجال ؛ لأن لفظ «شخص» مذكر ، ولفظ «عين» مؤنث.

فإن اتصل بالكلام ما يزاد به المعنى ظهورا ، أو يكثر معه قصد معنى التذكير جاز الوجهان.

وقد يرجح اعتبار المعنى كقوله ـ تعالى ـ : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) [الأعراف : ١٦٠] ، فبذكر أمم ترجح حكم التأنيث ، ولو لا ذلك لقيل : «اثنى عشر أسباطا» لأن السبط مذكر.

١٨٨

ومنه قول الشاعر : [من الطويل]

وكان مجنّى (١) دون من كنت أتّقى

ثلاث شخوص : كاعبان (٢) ومعصر (٣)

فبقوله : «كاعبان ومعصر» ترجح التأنيث ، ولو لا ذلك لقال : «ثلاثة شخوص» لأن «الشّخص» مذكر.

ومثله قول الآخر : [من الطويل]

وإنّ كلابا هذه عشر أبطن

وأنت بريء من قبائلها العشر (٤)

وتغليب المعنى لكثرة قصده كقولهم : «ثلاثة أنفس» مع أن النفس مؤنثة ؛ لكن كثر استعمالها مقصودا بها إنسان فجعل عددها بالتاء على وفق القصد ؛ قال الشاعر : [من الوافر]

ثلاثة أنفس وثلاث ذود

لقد جار الزّمان على عيالى (٥)

__________________

(١) المجن : الترس. (اللسان ـ جنن).

(٢) الكاعب : كعبت المرأة كعابة ، فهى كاعب ، إذ نتأ ثديها. (المقاييس ـ كعب)

(٣) المعصر : الجارية إذا رأت فى نفسها زيادة الشباب. (المقاييس ـ عصر)

والبيت لعمر بن أبى ربيعة فى ديوانه ص ١٠٠ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٤٨ ، ١٢٩ ، والأغانى ١ / ٩٠ ، وأمالى الزجاج ص ١١٨ ، والإنصاف ٢ / ٧٧٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٠ ، ٣٢١ ، ٧ / ٣٩٤ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، والخصائص ٢ / ٤١٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣١٣ ، والكتاب ٣ / ٥٦٦ ، ولسان العرب (شخص) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٣ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥١ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٩ ، وعيون الأخبار ٢ / ١٧٤ ، والمقتضب ٢ / ١٤٨ ، والمقرب ١ / ٣٠٧.

(٤) البيت للنواح الكلابى فى الدرر ٦ / ١٩٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٥ ، ٥ / ٤٩ ، وأمالى الزجاجى ص ١١٨ ، والإنصاف ٢ / ٧٦٩ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٩٥ ، والخصائص ٢ / ٤١٧ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢٠ ، والكتاب ٣ / ٥٦٥ ، ولسان العرب (كلب) ، (بطن) ، والمقتضب ٢ / ١٤٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٩.

(٥) البيت للحطيئة فى ديوانه ص ٢٧٠ ، والأغانى ٢ / ١٤٤ ، والإنصاف ٢ / ٧٧١ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٩٤ ، والخصائص ٢ / ٤١٢ ، والكتاب ٣ / ٥٦٥ ، ولسان العرب ، (ذود) ، (نفس) ، ولأعرابى أو للحطيئة أو لغيره فى الدرر ٤ / ٤٠ ، ولأعرابى من أهل البادية فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٨٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٢٤٦ ، والدرر ٦ / ١٩٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٦٢٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٠ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٠٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٥٣ ، ٢ / ١٧٠.

١٨٩

وحكى يونس أن رؤبة قال : «ثلاث أنفس» فأسقط التاء مراعاة لتأنيث اللفظ.

فإن كان المعدود صفة لم يعتبر لفظها ، لكن يعتبر لفظ موصوفها المنوى ؛ فتقول :

«ثلاثة ربعات» إذا قصدت رجالا ؛ وكذا تقول : «ثلاثة دوابّ» إذا قصدت ذكورا ؛ لأن الدابة صفة فى الأصل.

ومن ترتيب حكم العدد على حال الموصوف المنوى قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠].

وتضاف «المائة» فما فوقها إلى المعدود مفردا ، كقوله ـ تعالى ـ : (بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) [البقرة : ٢٥٩].

وقد تضاف «مائة» إلى جمع كقراءة حمزة ، والكسائى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) [الكهف : ٢٥].

وقولى :

وفرعها كمثلها ...

 ........

أى : تثنية «المائة» يعامل مع المعدود معاملة «المائة» فيقال : «عندى مائتا درهم» بالإضافة إلى مفرد.

وفى شعر الربيع بن ضبع الفزارى : [من الوافر]

إذا عاش الفتى مائتين عاما

فقد ذهب المسرّة والفتاء (١)

فميز بمنصوب ، ولم يضف ؛ وهو شاذ ، فالأولى ألا يقاس عليه.

وتحذف تاء العدد المضاف إلى «مائة» لتأنيثها ، وتفرد تخفيفا لثقلها بالتأنيث ، والاحتياج إلى مميز بعدها.

وقد يضاف إليها مجموعة كقول الشاعر : [من الطويل]

ثلاث مئين للملوك وفى بها

ردائى وجلّت عن وجوه الأهاتم (٢)

__________________

(١) البيت فى أمالى المرتضى ١ / ٢٥٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٥ ، والدرر ٤ / ٤١ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢٥ ، والكتاب ١ / ٢٠٨ ، ٢ / ١٦٢ ، ولسان العرب (فتا) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٥ ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٢٩٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٠٣٢ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٣ ، وشرح المفصل ٦ / ٢١ ، ومجالس ثعلب ص ٣٣٣ ، والمقتضب ٢ / ١٦٩ ، والمنقوص والممدود ص ١٧.

(٢) البيت للفرزدق فى ديوانه ٢ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٧٠ ـ ٣٧٣ ، وشرح التصريح ـ

١٩٠

ويضاف إلى الألف مجموعا ، وتثبت تاء المضاف إليه لتذكيره كقوله ـ تعالى ـ : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) [آل عمران : ١٢٤].

وإلى هذا أشرت بقولى :

و «الألف» مفرد مذكّر فما

لمثله صحّ له به احكما

ثم أخذت فى بيان تركيب العدد وما يتعلق به ، فأشرت إلى أن للمذكر منه : «أحد عشر» و «اثنا عشر» و «ثلاثة عشر» ... إلى «تسعة عشر» ، وللمؤنث ، «إحدى عشرة» و «اثنتا عشرة» ، و «ثلاث عشرة» ... إلى «تسع عشرة».

تجرى أول الجزأين على ما كان له قبل التركيب من ثبوت التاء فى التذكير ، وسقوطها فى التأنيث ، وتعكس العمل فى الثانى ، إلا أن شين : «عشرة» تسكن فى لغة الحجازيين ، وتكسر فى لغة التميميين.

وقد تترك على ما كانت عليه من الفتح ، وبذلك قرأ الأعمش : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً)(١) [البقرة : ٦٠].

وبينت ترجيح السكون بقولى :

 .........

واللّغة الأولى هى المشتهره

وأشرت بقولى :

ومع غير «أحد» و «إحدى»

ما معهما فعلت فافعل قصدا

إلى أن ثانى جزأى المركب «عشر» فى التذكير ، «عشرة» فى التأنيث.

ثم أكدت البيان مشيرا بقولى :

ول «ثلاثة» و «تسعة» وما

بينهما إن ركّبا ما قدما

إلى أن تاء صدر المركب تثبت فى التذكير ، وتسقط فى التأنيث كما كان يفعل بهما فى الإفراد.

ثم زدت ذلك بيانا بقولى :

[و «عشرا» اجعل عجزا لذى التّا

واختم بـ «عشرة» المضاهى «أستا»](٢)

__________________

ـ ٢ / ٢٧٢ ، ولسان العرب (ردى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٢٥٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٦٢٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٢١ ، ٢٣ ، والمقتضب ٢ / ١٧٠.

(١) ينظر المحتسب : (١ / ٨٥).

(٢) فى أ :

وأول عشرة اثنتى وعشرا

اثنى إذا أنثى تشا أو ذكرا

١٩١

أى : المجرد من التاء.

ثم بينت أن «اثنين» و «اثنتين» يقال فى تركيبهما : «اثنا عشر» و «اثنتا عشرة» فى الرفع ، و «اثنى عشر» و «اثنتى عشرة» فى الجر والنصب ، بإعراب الصدر وبناء العجز.

وخص بالإعراب «اثنا» و «اثنتا» لوقوع العجز منهما موقع النون ، فكما كان الإعراب مع النون ثابتا ، ثبت مع الواقع موقعها.

وقد بينت على أنه لا حظ فى الإعراب لغير «اثنى» و «اثنتى» من جزأى المركب بقولى :

 .........

والفتح فى جزأى سواهما ألف

ثم بينت أن عين «أحد عشر» ونحوه قد تسكن استثقالا لتوالى الحركات ، ومنه قراءة يزيد بن القعقاع (١) : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤].

وإياه عنيت بقولى :

وبعضهم سكّن عين «عشر»

من بعد فتح ......

وقراءة هبيرة (٢) ـ صاحب حفص ـ بسكون عين : (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) [التوبة : ٣٦].

وإليه أشرت بقولى :

 .........

 ... ومع «اثنا» قد ندر

ثم قلت :

و «بضعة» كـ «تسعة» فما سفل

 ........

مشيرا إلى أن «بضعة» قد يراد به «واحد» فما فوقه إلى التسعة ؛ هذا قول الفراء.

وأنه يجرى مجرى «تسعة» مطلقا ، أى : فى الإفراد ، والتركيب ، وعطف «عشرين» وأخواته عليه.

وأن تاءه كتاء «تسعة» فى ثبوت وسقوط نحو : «لبثت بضعة أعوام ، وبضع سنين»

__________________

(١) هو يزيد بن القعقاع المخزومى بالولاء المدنى ، أبو جعفر ، أحد القراء العشرة ، من التابعين ، كان إمام أهل المدينة فى القراءة وكان من المفتين المجتهدين. توفى سنة ١٣٢ ه‍.

ينظر : الأعلام (٨ / ١٨٦) ، غاية النهاية (٢ / ٣٨٢)

(٢) هو هبيرة بن محمد التمار ، من القراء عن حفص بن سليمان.

ينظر : طبقات القراء (٢ / ٣٥٣).

١٩٢

و «عندى بضعة عشر غلاما ، وبضع عشرة أمة ، وبضعة وعشرون كتابا ، وبضع وعشرون صحيفة».

وهذا المراد بقولى :

 .........

ومطلقا مجراه يجرى حيث حلّ

والأولى أن يراد بـ «بضعة» من «ثلاثة» إلى «تسعة» ، وب «بضع» من «ثلاث» إلى «تسع» ، فيحمل الثابت التاء على الثابتها ، والساقطها على الساقطها.

ثم بينت أن فى «ثمان» ـ إذا ركبت ـ أربع لغات : فتح الياء ، وسكونها ، وحذفها مع كسر النون ، أو فتحها كقول الشاعر : [من الكامل]

ولقد شربت ثمانيا ، وثمانيا

وثمان عشرة واثنتين وأربعا (١)

ثم بينت أن بعض العرب فى الإفراد يجعل نونها حرف إعراب.

ومنه قول الراجز : [من الرجز]

لها ثنايا أربع حسان

وأربع فثغرها ثمان (٢)

ومثله قراءة بعض القراء : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) [الرحمن : ٢٤] ـ بضم الراء ـ.

ومثله ـ أيضا ـ قول بعض العرب فى الرباعى : رباع ، وفى الشناحى ـ وهو الطويل ـ : شناح.

وأردت بقولى :

 .........

«عشرون» عمّ ...

أن المذكر والمؤنث فيه سواء.

ثم بينت أن النيف يقدم على «عشرين» وأخواته بحالتيه ، أى : بثبوت التاء فى التذكير ، وسقوطها فى التأنيث ، ثم يذكر العقد معطوفا على النيف ؛ فيقال فى المذكر : «ثلاثة وعشرون» وفى المؤنث : «ثلاث وعشرون» إلى «تسعة وتسعين فتى» و «تسع وتسعين فتاة».

__________________

(١) البيت للأعشى فى لسان العرب (ثمن) ، ولم أقع عليه فى ديوانه وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٣ / ٦٢٧.

(٢) الرجز بلا نسبة فى خزانة الأدب ٧ / ٣٦٥ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٤ ، ولسان العرب (ثغر) ، (ثمن).

١٩٣

ثم بينت أن المركب ، و «باب عشرين» مميزان بمفرد ، نكرة ، منصوبة على التمييز.

[ثم أشرت إلى أن الكسائى يجيز نحو : «الأحد العشر الدّرهم» و «العشرين الدرهم».

وخالفه الفراء فى تعريف تمييز المركب ، واتفقا على تعريف تمييز «العشرين».](١) والصواب التزام تنكير التمييز ـ مطلقا ـ.

فإن قصد تعريف العدد المركب اقتصر على تعريف صدره ، وقد يعرف الصدر والعجز على ضعف.

وجاز ذلك مع أنهما كاسم واحد ؛ لأن الإفراد فيهما ملحوظ من قبل أنه اغتفر فيهما لتوالى ست حركات فى : «أحد عشر» فيهما و «أربعة عشر» ، و «ثمانية عشر» ، وتوالى خمس حركات فى «ثلاثة عشر» فما فوقها سوى «أربعة عشر» و «ثمانية عشر».

فكما لحظ فيهما الإفراد من هذا الوجه ، جاز أن يلحظ من وجه آخر.

فإن قصد تعريف عدد مضاف ، اكتفى بتعريف ما وقع منه آخرا ـ وإن تباعد ـ نحو : «ثلاثمائة ألف الدّرهم».

وأجاز الكوفيون استعمال نحو : «الخمسة الأثواب» قياسا على ما شذ نقله عن بعض العرب.

والصحيح الاقتصار فيه على ما سمع. وإياه عنيت بقولى :

 .......

ومن يقس يحد عن الصّواب

ثم أشرت إلى أن المعدود إذا كان اسم جنس كـ «الغنم» ، أو اسم جمع كـ «رفقة» ، لم يضف إليه العدد ، بل يفصل بينهما بـ «من» بعد ثبوت التاء إن كان مذكرا ، وسقوطها إن كان مؤنثا ، ولا أثر لصفة متأخرة ؛ فيقال : «عندى ثلاث من الغنم ، وثلاثة من النّعم».

فلو فصلت بصفة دالة على الذكورية والمعدود مؤنث ، منعت حكم التأنيث فقلت : «عندى ثلاثة ذكور من الغنم».

وكذا لو فصلت بصفة دالة على التأنيث ، والمعدود مذكر ، منعت حكم التذكير نحو : «عندى ثلاث لواقح من النّعم».

__________________

(١) بدل ما بين المعكوفين فى أ : ثم أشرت إلى أن الكسائى والفراء يجيزان نحو (الأحد العشر الدرهم والعشرين الدرهم).

١٩٤

والى هذا أشرت بقولى :

وسبق «من» وصف ينافى حكم ما

جرّت يزيل حكمه .......

ثم قلت :

وما لوصف متأخّر أثر

 .........

أى : إن تأخر وصف يدل على الذكورية عن عدد مؤنث ، أو تأخر وصف يدل على التأنيث عن معدود مذكر ، فوجود ذلك الوصف كعدمه ، وذلك نحو : «عندى أربعة من النّعم إناث ، وأربع من الضّأن ذكور».

فإن كان فى اسم الجنس وجهان جاز فيه استعمالان ؛ وذلك نحو «البقر» و «الطّير» فإن تذكير كل منهما وتأنيثه جائز فلك أن تعده بالتاء على لغة التذكير ، وأن تعده بلا تاء على لغة التأنيث فتقول : «عندى ثلاثة من البقر وثلاث ، وأربعة من الطّير وأربع».

وما جاء مضافا إليه العدد من اسم جنس ، أو اسم جمع ، حفظ ولم يقس عليه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) [النمل : ٤٨] ، وكقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة» (١) ، فثبتت تاء عدد ال «رهط» لأنه مذكر ، وسقطت تاء عدد ال «ذود» لأنه مؤنث.

ولا يعتبر التذكير والتأنيث فى هذا النوع إلا بحال المذكور ؛ فكان مقتضى هذا أن يقال فى «الرّجلة» بمعنى : «رجّالة» : «ثلاث رجلة» لأنه اسم جمع مؤنث ، إلا أنه جاء نائبا عن تكسير «راجل» على «رجال» فذكر عدده ؛ كما كان يفعل بالمنوب عنه.

__________________

(١) أخرجه مالك (١ / ٢٤٤) : كتاب الزكاة : باب ما تجب فيه الزكاة (١) ، والحميدى (٧٣٥) ، وأحمد (٣ / ٦ ، ٤٤ ، ٦٠ ، ٧٤ ، ٧٩) ، والدارمى (١ / ٣٨٤) ، والبخارى (٤ / ٦٥) : كتاب الزكاة : باب زكاة الورق ، (١٤٤٧) ، ومسلم (٢ / ٦٧٣) : كتاب الزكاة : (١ ـ ٩٧٩) ، وأبو داود (١ / ٤٨٧) : كتاب الزكاة : باب ما تجب فيه الزكاة (١٥٥٨) ، والترمذى (٣ / ١٣) : كتاب الزكاة : باب ما جاء فى صدقة الزرع والثمر والحبوب (٦٢٦) ، (٦٢٧) ، والنسائى (٥ / ١٨) : كتاب الزكاة : باب زكاة الإبل ، وابن خزيمة ، (٢٢٦٣) ، وابن حبان (٣٢٨٢) ، والبيهقى (٤ / ١٢٠) من حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعا : ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة».

وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله الأنصارى أخرجه مسلم (٦ ـ ٩٨) ، وأحمد (٣ / ٢٩٦) ، وعبد بن حميد (١١٠٣) ، وابن ماجة (١ / ٥٧٢) ، كتاب الزكاة : باب ما تجب منه الزكاة من الأموال ، (١٧٩٤) ، وابن خزيمة (٢٣٠٤ ، ٢٣٠٥).

١٩٥

ومن هذا القبيل قولهم : «ثلاثة أشياء» ؛ فإن «أشياء» اسم جمع على «فعلاء» فى الأصل ؛ ولذا لم ينصرف ، فهو مؤنث اللفظ ، فكان حق العدد المضاف إليه أن تسقط تاؤه ، ولكنه جيء به نائبا عن تكسير «شيء» على «أفعال» فعومل عدده معاملة عدد «أفعال» الذى واحده مذكر.

وقولى :

وإن أضفت عددا مركّبا

يبق البنا ، وبعضهم قد أعربا

أشرت به إلى قول سيبويه : واعلم أن العرب تدع خمسة عشر فى الإضافة ، والألف واللام على حاله ؛ كما تقول : «اضرب أيّهم أفضل» وك «الآن».

ثم قال :

ومن العرب من يقول : «خمسة عشرك» وهى لغة رديئة.

وقولى :

 ... وسوانا إن يضف

يعرب كلا الجزأين ...

أشرت به إلى أن الكوفيين إذا أضافوا العدد المركب أعربوا صدره بحسب مقتضى العامل ، وجروا العجز بإضافة الصدر إليه ، فيقولون : «هذه خمسة عشر زيدا» ، و «اقبض خمسة عشرك» و «اكفف عن خمسة عشر غيرك».

والبصريون لا يرون ذلك ، بل يستصحبون البناء فى الإضافة كما يستصحب مع الألف واللام بإجماع.

وحجة الكوفيين : سماعهم عمن يثقون بعربيته ؛ كقول أبى فقعس الأسدى (١) ، وأبى الهيثم العقيلى : «ما فعلت خمسة عشرك» ؛ رواه عنهما الفراء ـ سماعا ـ.

وأما قول الراجز : [من الرجز]

علّق من عنائه وشقوته

بنت ثمانى عشرة من حجّته (٢)

__________________

(١) هو طريف بن عمرو بن قعين ، من بنى أسد بن خزيمة ، من عدنان ، جد جاهلى ، من بنيه فقعس ، ومنقذ.

ينظر : الأعلام (٣ / ٢٢٦) ، جمهرة الأنساب (١٨٤) ، نهاية الأرب (٢٦٤).

(٢) الرجز لنفيع بن طارق فى الحيوان ٦ / ٤٦٣ ، والدرر ٦ / ١٩٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٨ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٣٠٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٧ ، ولسان العرب (شقا) ، ـ

١٩٦

فضرورة عند الكوفيين وغيرهم ؛ إذ ليس فيه ما فى «خمسة عشرك» من إضافة العجز.

[وفى احتجاجهم به ضعف بين ؛ لأنه فعل مضطر لا فعل مختار.](١)

ثم قلت :

ولا يجوز أن يضاف «اثنا عشر»

إلّا إذا كان اسم أنثى أو ذكر

منبها على أنه يقال : «أحد عشرك» و «ثلاثة عشرك» .. إلى آخر المركب ، ولا يقال : «اثنا عشرك» لأن «عشر» من «اثنا عشر» بمنزلة نون اثنين ، ولا يقال : «اثناك» لئلا يلتبس بإضافة «اثنين» بلا تركيب.

فلو سمى بـ «اثنا عشر» لقيل فى إضافته : «اثناك» لأنك لست تريد العدد ، ولا تريد أن تفرق بين عددين.

وقولى :

وصغ من «اثنين» فما فوق إلى

«عشرة» كـ «فاعل» من فعلا

أشرت به إلى قولهم :

«ثان» و «ثانية» ... إلى «عاشر» و «عاشرة».

فما استعمل منها مفردا فبين.

وما استعمل غير مفرد : فإما أن يستعمل مع ما اشتق منه كـ «ثان» مع «اثنين».

وإما أن يستعمل مع ما سفل كـ «ثالث» مع «اثنين».

فالمستعمل مع ما اشتق منه ، تجب إضافته فيقال فى المذكر : «ثانى اثنين» وفى المؤنث : «ثانية اثنتين» ... إلى «عاشر عشرة» و «عاشرة عشر» ، والمراد : أحد اثنين ، وإحدى اثنتين ، وأحد عشر ، وإحدى عشر ؛ ولا يجوز تنوينه ، والنصب به ؛ وأجاز ذلك ثعلب وحده ؛ ولا حجة له فى ذلك.

والمستعمل مع ما سفل يجوز أن يضاف وأن ينون ، وينصب ما يليه فيقال : «هذا رابع ثلاثة ، ورابع ثلاثة» و «هذه رابعة ثلاث ، ورابعة ثلاثا» ؛ لأن المراد : هذا جاعل ثلاثة أربعة ، فعومل معاملة ما هو بمعناه ، ولأنه اسم فاعل حقيقة فإنه يقال : «ثلّثت الرّجلين» إذا انضممت إليهما فصرتم ثلاثة ، وكذلك «ربعت الثّلاثة» ... إلى

__________________

ـ وهمع الهوامع ٢ / ١٤٩.

(١) سقط فى أ.

١٩٧

«عشرت التّسعة».

فـ «فاعل» هذا بمعنى : جاعل ، وجار مجراه لمساواته له فى المعنى ، والتفرع على فعل ؛ بخلاف «فاعل» التى يراه به معنى أحد ما يضاف إليه ؛ فإن الذى هو فى معناه لا عمل له ، ولا تفرع له على فعل ، فالتزمت إضافته كما التزمت إضافة ما هو مشتق منه.

وقد تضمن النظم كيفية الاستعمالين وإرادة المعنيين.

ثم أشرت إلى أن المركب قد يقصد مثل ما قصد بـ «ثانى اثنين» وأشباهه.

والأصل فيه أن يجاء بتركيبين ، صدر أولهما «فاعل» فى التذكير و «فاعلة» فى التأنيث ، مشتقان من صدر ثانيهما وعجزهما معا : «عشر» فى التذكير ، و «عشرة» فى التأنيث ؛ فيقال : «ثانى عشر اثنى عشر» و «ثانية عشرة اثنتى عشرة» ... إلى «تاسع عشر تسعة عشر» و «تاسعة عشرة تسع عشرة» ، بأربع كلمات مركب أولاهن مع الثانية ، وثالثتهن مع الرابعة ، والمركب الأول مضاف إلى الثانى إضافة «فاعل» إلى ما اشتق منه.

وقد يقتصر على صدر الأول فيعرب لعدم التركيب ، ويضاف إلى المركب الثانى باقيا على بنائه فيقال : «ثالث ثلاثة عشر» و «ثالثة ثلاث عشرة».

وقد يقتصر على المركب الأول باقيا بناؤه ، وربما أعرب.

و «أولى عشر» فى التذكير ، و «أولى عشرة» فى التأنيث مبنيين ، ذكر هذا الاستعمال مرويا عن العرب ابن السكيت ، وضمنه ـ أيضا ـ ابن كيسان مهذبه.

ويقال فى «أحد عشر» و «إحدى عشرة» : «حادى عشر» و «حادية عشرة» ، والأصل : واحد عشر ، وواحدة عشرة ؛ فقلب بجعل الفاء بعد اللام فصار «واحد» : حاديا ، و «واحدة» : حادية.

ولا يستعمل هذا القلب فى «واحد» ـ فى الأجود ـ إلا فى تنييف ،

أى : مع «عشرة» أو مع «عشرين» وأخواته.

فيقال : «حادى وعشرون» فى التذكير ، و «حادية وعشرون» فى التأنيث ... إلى «حادى وتسعين» ، و «حادية وتسعين».

وأما «ثان» فما فوقه فيستعمل فى تنييف وغيره.

١٩٨

فصل فى تمييز العدد بمميزين بمذكر ومؤنث

(ص)

الحكم للسّابق إن يضف عدد

لذكر ، وضدّه ، وما اتّحد

كذا لدى تركيب معدود خلا

من عقل ان مميّزاه اتّصلا

وبعد ذى تركيب كائن لما

يعقل فالتّذكير حكمه الزما

والحكم للمؤنّث اجعل إن وجد

فصل وكان غير ذى عقل قصد

ولا تضف ما دون «ستّة» إلى

مميّزين فهو لن يستعملا

(ش) إذا كان للعدد المضاف مميزان : مذكر ، ومؤنث ، فالحكم لسابقهما ، أى : إن سبق المذكر كان العدد بالتاء نحو : «لى ثمانية أعبد وآم» ، وإن سبق المؤنث كان العدد بلا تاء نحو : «لى ثمانى آم وأعبد».

واحترزت بقولى :

 .........

 ..... وما اتّحد

من أن يعبر عن المذكر والمؤنث بلفظ واحد ، وهذا الاحتراز مستغنى عنه بذكر «السّابق» فإنه مشعر بعدم الاتحاد ، لكن الحاجة دعت إلى كلمة تكمل البيت ، فكان ما يناسب أولى مما لا يناسب.

ثم أخذت فى بيان المركب المميز بمذكر ومؤنث ، فأشرت إلى أنهما إذا كانا مما لا يعقل ، ولم يكن بينهما وبين العدد فصل فالحكم لسابقهما : مذكرا كان أو مؤنثا نحو : «لى ثلاثة عشر جملا وناقة ، وأربع عشرة نعجة وكبشا».

ثم بينت أن المركب المميز بمذكر ، ومؤنث مما يعقل ، يجعل الحكم فيه للمذكر : قدم أو أخر ، باتصال أو انفصال نحو : «عندى خمسة عشر رجلا وامرأة ، وثلاثة عشر أمة وعبدا».

ثم بينت أن المركب المميز بمذكر ومؤنث مما لا يعقل إن فصل من مميزه بـ «بين» فالحكم فيه للمؤنث ، تقدم أو تأخر نحو : «نحرت خمس عشرة بين ناقة وجمل ، أو بين جمل وناقة» ، و «دأبت فى سفرى خمس عشرة بين ليلة ويوم ، أو بين يوم وليلة».

ولا يضاف عدد أقل من «ستّة» إلى مميزين : مذكر ومؤنث لأن كل واحد من المميزين جمع ، وأقل الجمع ثلاثة ، فلو قيل : «خمسة أعبد وآم» لزم إطلاق الجمع فى أحدهما على ما ليس جمعا.

١٩٩

فصل فى التأريخ

(ص)

وراع فى تاريخ اللّيالى

لسبقها بليلة الهلال

فقل : (خلون) و (خلت) و (خلتا)

من بعد لام خافض ما أثبتا

وفوق (عشر) فضّلوا (خلت) على

(خلون) ، واعكس فى الذى قد سفلا

و (غرّة الشّهر) و (مستهلّه)

أوّله ، وهكذا (مهلّه)

فواحدا منها انصبن بعد (كتب)

أو قل : (لأوّل ليلة منه) تصب

وفى انقضا الأكثر قالوا : (بقيت)

ثم (بقين) كـ (خلون) و (خلت)

و (سلخه) قل ، و (انسلاخه) إذا

ما آخرا عنيت ، وقّيت الأذى

(ش) أول الشهر : ليلة طلوع هلاله ؛ فلذلك أوثر فى التاريخ قصد الليالى ، واستغنى عن قصد الأيام ؛ لأن كل ليلة من ليالى الشهر يتبعها يوم ، فأغناهم قصد المتبوع عن التابع.

وليس هذا من التغليب ؛ لأن التغليب هو : أن يعم كلا الصنفين بلفظ أحدهما ؛ كقولك : «الزّيدون والهندات خرجوا» فالواو قد عمت : «الزّيدين» و «الهندات» تغليبا للمذكر ، وقولك : «كتب لخمس خلون» لا يتناول إلا الليالى والأيام : مستغنى عن ذكرها لكون المراد مفهوما.

وإذا تقرر هذا فليعلم أن حق المؤرخ أن يقول فى أول الشهر : «كتب لأوّل ليلة منه» أو «لغرّته» أو «مهلّه» أو «مستهله».

ثم يقول : «كتب لليلة خلت» ثم «لليلتين خلتا» ثم «لثلاث خلون» ... إلى «عشر».

ثم «لإحدى عشرة خلت» ... إلى «خمس عشرة».

ثم «لأربع عشرة بقيت منه» ... إلى «تسع عشرة».

ثم «لعشر بقين» ... إلى أن يقال : «لآخره» أو «سلخه» أو «انسلاخه».

فصل فيما يركب من الأحوال والظروف

(ص)

واستعملوا استعمال (خمسة عشر)

(كفّة كفّة) كذا (شذر مذر)

(صحرة بحرة) كذا (شذر مذر)

و (بيت بيت) معه (شغر بغر)

٢٠٠