شرح الكافية الشّافية - ج ٢

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٦٧٨
الجزء ١ الجزء ٢

ك (جا أعيم مع يعيل) ولدى

نصب دع التّنوين وافتح أبدا

ويونس يجرّ منه العلما

جرّ الذى آخره قد سلما

وعند عمرو اضطرارا رويا

(قد عجبت منّى ومن يعيليا)

وب (جوار) شبّهوا (ثمانيا)

فشذّ فى المنع له مساويا

(ش) المنقوص الذى نظيره من الصحيح غير منصرف إن كان غير علم كـ «جوار» و «أعيم» ـ تصغير «أعمى» ـ فلا خلاف أنه فى الرفع والجر جار مجرى «قاض» فى اللفظ ، وفى النصب جار مجرى نظيره من الصحيح ؛ فيقال : «هؤلاء جوار ، وأعيم» ، و «مررت بجوار ، وأعيم» ، و «رأيت جوارى ، وأعيمى» ؛ كما يقال : «هذا قاض» ، و «مررت بقاض» ، و «رأيت صواحب وأسيد».

وكذا إن كان علما فى مذهب الخليل وسيبويه (١) وأبى عمرو وابن أبى إسحاق (٢).

وأما يونس وأبو زيد ، وعيسى ، والكسائى فيقولون فى «قاض» ـ اسم امرأة ـ : «هذه قاضى» و «رأيت قاضى» و «مررت بقاضى» ؛ فلا ينونون فى رفع ولا جر ، بل يثبتون الياء ساكنة فى الرفع ويفتحونها فى الجر كما يفعل بالصحيح.

ومذهب الخليل هو الصحيح ؛ لأن نظائر «جوار» من الصحيح لا ينون فى تعريف ولا تنكير وقد نون ، ونظائر «قاض» ـ اسم امرأة ـ لا ينون فى تعريف وينون فى تنكير ؛ فتنوينه أولى من تنوين «جوار».

وقول الراجز : [من الرجز]

قد عجبت منّى ومن يعيليا

لمّا رأتنى خلقا مقلوليا (٣)

__________________

(١) قال سيبويه : وسألت الخليل عن رجل يسمى بـ «قاض» فقال : هو بمنزلته قبل أن يكون اسما ... وسألت الخليل عن رجل يسمى بـ «جوار» ، فقال : هو فى حال الجر والرفع بمنزلته قبل أن يكون اسما. ينظر : الكتاب (٣ / ٣١٠).

(٢) هو عبد الله بن زيد بن الحارث الحضرمى البصرى أبو بحر بن أبى إسحاق ، مشهور بكنية والده ، أحد الأئمة فى القراءات والعربية ، وهو الذى مد القياس وشرح العلل ، وسئل عنه يونس؟ فقال : هو والنحو سواء ، أى : هو الغاية فيه. مات سنة ١١٧ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٤٢) ، طبقات النحويين واللغويين (٢٢٨) ، الأعلام (٤ / ٧١).

(٣) الرجز للفرزدق فى الدرر ١ / ١٠٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٢٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٣٩ ، والخصائص ١ / ٦ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٤١ ، والكتاب ٣ / ٣١٥ ، ـ

١٠١

من الضرورات على مذهب الخليل ، وليس من الضرورات ، على مذهب يونس.

وشبه (ثمانيا) بـ (جوار) من قال : [من الكامل]

يحدو ثمانى مولعا بلقاحها

حتّى هممن بزيغة الإرتاج (١)

(ص)

وفى اضطرار وتناسب صرف

ما يستحقّ حكم غير المنصرف

ورأى أهل الكوفة الأخفش فى

إجازة العكس اضطرارا يقتفى

وبعضهم أجازه اختيارا

وليس بدعا فدع الإنكارا

(ش) صرف الاسم المستحق منع الصرف جائز فى الضرورة بلا خلاف.

ومنع صرف المستحق الصرف مختلف فيه :

فأجازه الكوفيون والأخفش وأبو على ، وبقولهم أقول لكثرة استعمال العرب ذلك ؛ كقول الكميت : [من الكامل]

سيوف لا تزال ظلال قوم

يهتّكن البيوت ويستبينا

يرى الرّاءون بالشّفرات منها

وقود أبى حباحب والظّبينا (٢)

[ويروى :

 .......

كنار أبى حباحب ...]

ومثله قول الأخطل : [من الكامل]

__________________

ـ ولسان العرب (علا) ، (قلا) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١١٤ ، والمقتضب ١ / ١٤٢ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٥٥٧ ، والمنصف ٢ / ٦٨ ، ٧٩ ، ٣ / ٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٦.

(١) الإرتاج : الإغلاق. اللسان (رتج).

والبيت لابن ميادة فى ديوانه ص ٩١ ، وخزانة الأدب ١ / ١٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٩٧ ، ولسان العرب (ثمن) ، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ص ١٦٤ ، وشرح الأشمونى ص ٥٢٢ ، والكتاب ٣ / ٢٣١ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٤٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٥٢.

(٢) الظبة : حد السيف. ينظر : مقاييس اللغة (ظبى).

وينظر الببيتان : فى ديوان الكميت ٢ / ١٢٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٥١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٣٧ ، ولسان العرب (شفر) ، (ظبا) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٦١ ، وبلا نسبة فى الصاحبى فى فقه اللغة ص ٢٥٠.

١٠٢

طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت

بشبيب غائلة (١) النّفوس غدور (٢)

ومثله قول ذى الإصبع : [من الهزج]

وممّن ولدوا عام

ر ذو الطّول وذو العرض (٣)

ومثله قول قيس الرقيات (٤) : [من مجزوء الوافر]

ومصعب حين جدّ الأم

ر أكثرها وأطيبها (٥)

وأنشد أبو سعيد لدوسر بن دهبل : [من الطويل]

وقائلة : ما بال دوسر بعدنا

صحا قلبه عن آل ليلى وعن هند (٦)

وأنشد أحمد بن يحيى : [من الوافر]

أؤمّل أن أعيش وأنّ يومى

بأوّل (٧) أو بأهون (٨) أو جبار (٩)

أو التّالى دبار (١٠) فإن أفتة

فمؤنس (١١) أو عروبة (١٢) أو شيار (١٣)

__________________

(١) غاله يغوله : أخذه من حيث لا يدرى. ينظر : مقاييس اللغة (غول).

(٢) البيت فى ديوانه ص ١٩٧ ، والإنصاف ٢ / ٤٩٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٢٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٦٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٣٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٤٣.

(٣) البيت فى ديوانه ص ٤٨ ، والأغانى ٣ / ٨٨ ، وشرح المفصل ١ / ٦٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٦٤ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٠١ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٦٤ ، ولسان العرب (عرب) ، (عمر).

(٤) هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك ، الشهير بابن قيس الرقيات ، شاعر قريش فى العصر الأموى ، أكثر شعره فى الغزل والنسيب ، وله مدح وفخر ، له ديوان شعر ، مات سنة (٨٥ ه‍) ينظر : الأعلام (٤ / ١٩٦) ، الأغانى (٥ / ٧٣) ، الشعر والشعراء (٢١٢).

(٥) البيت فى ديوانه ص ١٢٤ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ص ٥٠١ ، وخزانة الأدب ١ / ١٥٠ ، وشرح المفصل ١ / ٦٨.

(٦) البيت فى الأصمعيات ص ١٥٠ ، والإنصاف ٢ / ٥٠٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٦٦ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ١ / ١٤٩ ، ١٥٠ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٤٣ ، ومجالس ثعلب ص ١٧٦.

(٧) أول : يوم الأحد. ينظر : مقاييس اللغة (أول).

(٨) أهون : يوم الاثنين. ينظر : اللسان (هان).

(٩) الجبار : يوم الثلاثاء. ينظر : اللسان (جبر).

(١٠) دبار : يوم الأربعاء. ينظر : اللسان (دبر).

(١١) مؤنس : يوم الخميس. ينظر : اللسان (أنس).

(١٢) عروبة : يوم الجمعة. ينظر : اللسان (عرب).

(١٣) شيار : يوم السبت. ينظر : اللسان (شير).

والبيتان بلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٩٧ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١١ ، والدرر ١ / ١٠٣ ، ـ

١٠٣

وقال الحامض : قلت لأبى العباس :

أؤمّل أن أعيش ...

 .........

موضوع؟ قال : لم؟ قلت : لأن «مؤنسا» و «جبارا» و «دبارا» تنصرف ، وقد ترك صرفها. فقال : هذا جائز فى الكلام ، فكيف فى الشعر؟!

وإلى هذا أشرت بقولى :

وبعضهم أجازه اختيارا

 .......

وأما صرف ما لا ينصرف للتناسب فكثير :

منه قراءة نافع والكسائى وأبى بكر عن عاصم : (سَلاسِلَ) [الإنسان : ٤] و (قَوارِيرَا) [الإنسان : ١٥].

ومنه قراءة الأعمش : ولا يغوثا ويعوقا [نوح : ٢٣] صرفهما ليناسبا «ودّا» و «سواعا» و «نسرا» ، والله أعلم.

__________________

ـ ولسان العرب (عرب) ، (جبر) ، (دبر) ، (شير) ، (أنس) ، (هون) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٧.

١٠٤

باب إعراب الفعل

(ص)

تجرّد من جازم وناصب

رافع فعل كـ (أجلّ صاحبى)

وهو إذا لم يل علما ينتصب

ب (أن) كـ (خفت أن أضيع ما يجب)

والرّفع بعد ظنّ استجز على

تخفيف (أن) عارية أو قبل (لا)

[أو حرف تنفيس ويغنى (لم) و (لن)

عن (لا) بإثر (أن) خفيفا بعد ظنّ

وما لظنّ استجيز ملتزم

من بعد علم بخلوص اتّسم

وأوّل العلم برأى فنصب

من بعده الفعل بـ (أن) بعض العرب](١)

واحتم لعلم ما لظنّ جاز إن

يخلص ولم يكن شذوذه زكن

وشذّ رفع بعد (أن) حيث استحقّ

نصب بها فاعرف شذوذه وثق

وبعد (ما لنا) رأى أبو الحسن

نصبا بـ (أن) مزيدة رأيا وهن

بل جعل (أن) موصولة قد أمكنا

و (ما لنا) أوّل بـ (ما منعنا)

وبعد (لمّا) زيد (أن) وقبل (لو)

وبعد كاف نادرا بها أتوا

ومثل (أى) يأتى بها من فسّرا

نحو : (أشرت لأخى أن اصبرا)

ووضعها من بعد جملة تفى

بالقول فى معناه لا فى الأحرف

وإن تلا مضارع هذى رفع

وجزمه من بعد (لا) لن يمتنع

فى قصد نهى وانصب ان تقصد بـ (لا)

نفيا ، و (أن) موصولة فتعدلا

والنّصب أوجب مطلقا بـ (كى) و (لن)

وبهما استقبالا اخصص وب (أن)

ومن رأى النّفى بـ (لن) مؤبّدا

فقوله اردد ، وخلافه اعضدا

وأضمرت (أن) بعد (كى) إن رادفت

لاما وإن فى الاضطرار صاحبت

و (كيف) (كى) صارت لدى بعض العرب

والفعل بعدها ارتفاعه وجب

ونصبوا بـ (إذن) المستقبلا

إن صدّرت والفعل بعد موصلا

أو قبله اليمين من بعد (إذن)

نحو : (إذن والله أنقى الدّرن)

وإن تلاها بعد حرف العطف

فارفع وإن تنصب يجز بضعف

كذا إذا تتلو (إذن) ذا خبر

كقولهم فى رجز مشتهر :

«لا تتركنّى فيهم شطيرا

إنّى إذن أهلك أو أطيرا»

__________________

(١) ما بين المعكوفين سقط فى أ.

١٠٥

ومع شروط النّصب من بعد (إذن)

يقلّ رفع مثله من بعد (أن)

وبين (لا) ولام جرّ التزم

إظهار (أن) ناصبة ، وإن عدم

(لا) فـ (أن) الفعل بها انصب مظهرا

أو مضمرا كـ (اعص الهوى لتظفرا)

وبعد نفى (كان) فى المضى لا

تظهر (أن) كـ (لم أكن لأغفلا)

كذاك بعد (أو) إذا يصحّ فى

موضعها (إلى) أو (الّا) (أن) خفي

وبعد (حتّى) هكذا إضمار (أن)

حتم كـ (جد حتّى تسرّ ذا حزن)

وهى لغاية ، وللتّعليل قد

تأتى كـ (جد حتّى تغيظ ذا الحسد)

وإن تلاها الفعل حالا رفعا

وقد يباح رفع ما قد وقعا

مؤوّلا بالحال ، وهو ينتصب

إذا للاستقبال تقديرا نسب

وبعد فا جواب نفى أو طلب

ب (أن) ـ وحتم سترها ـ الفعل انتصب

والواو كالفا إن تفد مفهوم مع

وقبلها طلب ، او نفى نصع

وقد يجى نصب الجواب بعد فا

مع فعل استفهم عنه حذفا

وقد يجىء النّصب بعد الفاء من

بعد كلام واجب بها قرن

وبعد غير النّفى جزما اعتمد

إن تسقط الفا والجزاء قد قصد

وشرط جزم بعد نهى أن تضع

(إن) قبل (لا) دون تخالف يقع

وجائز جزم جواب الأمر إن

كان بغير فعل أمر يقترن

ولا يجوز نصبه بعد الفا

إذا لأمر غير فعل يلفى

وجائز عند الكسائى نحو : (لا

تضم تضم) ونحو : (صه فتفضلا)

وينصب الجواب ذا الفا بعد ما

للأمر معنى دون لفظ انتمى

والفعل بعد الفاء فى الرّجا نصب

كنصب ما إلى التّمنّى ينتسب

وحمل تقليل وتشبيه على

نفى رأى قوم نحاة فضلا

وبعد (إنّما) وقول كملا

قد ينصب الفعل الذى فاء تلا

والنصب بعد الفاء إثر (غير) إن

أفاد نفيا عند بعضهم قمن

والجزم والرّفع رووا فى تلو (لا)

إن كان ما قبل به معلّلا

والفعل إن يعطف على اسم ينتصب

ب (أن) وإن تظهر وإن تضمر تصب

وشذّ حذف (أن) ونصب فى سوى

ما مرّ فاقبل منه ما عدل روى

(ش) تقدم فى باب الإعراب أن المعرب من الأفعال هو الفعل المضارع الذى لم

١٠٦

يباشر نون توكيد ، ولا نون إناث.

فأغنى ذلك عن تقييد الفعل المعرب هنا ؛ فلهذا لم أبال بالإطلاق فى قولى :

 .......

رافع فعل ...

وفى قولى :

وهو إذا لم يل علما ينتصب

ب «أن» .......

وينبغى أن يعلم أن رافع الفعل معنى ، وهو :

إما وقوعه موقع الاسم ؛ وهو قول البصريين.

وإما تجرده من الجازم والناصب ؛ وهو قول حذاق الكوفيين.

وبه أقول ؛ لسلامته من النقض.

بخلاف الأول فإنه ينتقض بنحو : «هلّا تفعل» و «جعلت أفعل» و «ما لك لا تفعل» و «رأيت الذى تفعل».

فإن الفعل فى هذه المواضع مرفوع مع أن الاسم لا يقع فيها ، فلو لم يكن للفعل رافع غير وقوعه موقع الاسم ، لكان فى هذه المواضع مرفوعا بلا رافع.

فبطل القول بأن رافعه وقوعه موقع الاسم ، وصح القول بأن رافعه التجرد من الجازم والناصب.

وأما عمل النصب فيه فب «أن» و «لن» و «كى» و «إذن».

و «أن» هى أقواها ؛ ولذلك تنصب ظاهرة ومقدرة ؛ واختصت بذلك لأنها شبيهة لفظا وتأولا بأحد عوامل الأسماء وهى «أنّ» ؛ ولمزيتها قدمت فى الذكر.

ووليتها «كى» لأنها مصدرية مثلها وشبيهة بها لفظا ؛ لأن كل واحدة منهما على حرفين : أولهما مفتوح ، وثانيهما ساكن.

وكذلك «لن» فلذلك قرنت بـ «كى» وساوتها فى ملازمة الإعمال والاختصاص بالأفعال المستقبلة فقوى شبهها بـ «أن».

بخلاف «إذن» فإن لها شبها بها ومباينة لها :

فأما شبهها فلأن الفعل يحدث فيه بـ «أن» أمران ، وب «إذن» أمران :

فالأمران الحادثان بـ «أن» :

كونه بها فى تأويل مصدر. وكونه بها غير محتمل للحال.

والأمران الحادثان بـ «إذن» :

١٠٧

كونه بها جوابا وجزاء. وكونه بها مرجح الاستقبال على الحال ، وكان أمره دون «إذن» بالعكس.

وأما مباينتها لها :

فبعدم اختصاصها بالأفعال ؛ إذ قد يليها اسم كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) [الكهف : ٢٠] وـ أيضا ـ قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) [النساء : ١٤٠].

وبعدم اختصاصها بالمستقبل إذ قد يليها الحال كقولك لمن قال أحبك : «إذن أصدّقك».

فلشبهها بـ «أن» من وجه ، ومباينتها من وجه افتقرت فى إعمالها إلى ما يقويها من تصدير ، وغيره ؛ على ما نبين ـ إن شاء الله تعالى ـ.

ومع هذا فقد عرض لـ «أن» لكون لفظها مشتركا حاجة إلى ما يميزها من مشاركاتها وهى : «أن» المخففة من «أنّ» ، و «أن» الزائدة ، و «أن» المفسرة : فلأن المخففة تمتاز بأنها لا تقع غالبا إلا بعد علم أو ما هو فى حكم العلم.

والزائدة تمتاز بأنها لا تقع إلا فى موضع غير صالح لغيرها كقوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) [يوسف : ٩٦].

وكذا المفسرة تمتاز بأنها لا تقع إلا بعد ما فيه معنى القول دون حروفه نحو قوله ـ تعالى ـ : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) [المؤمنون : ٢٧].

وقد أخرجت المخففة بقولى قاصدا للفعل المعرب :

وهو إذا لم يل علما ينتصب

ب «أن» ........

فعلم أن الواقع قبلها علم غير ناصبة.

وأخرجت الزائدة والمفسرة بقولى ممثلا للناصبة :

 .......

ك «خفت أن أضيع»

فإنه فى موضع لا يصلح لهما ولا للمخففة.

فكأنى قلت : الناصبة للفعل : هى الواقعة فى موضع لا يصلح لغيرها ؛ كموضع «أن» فى هذا المثال ، ويتحرر موضعها بما يذكر بعد ذلك ؛ لأن غرض المتكلم إنما يتبين بآخر كلامه.

وبينت بقولى :

والرّفع بعد ظنّ استجز ...

 ........

١٠٨

أن أفعال الظن قد تحمل على أفعال العلم فتقع بعدها «أن» المخففة من «أنّ».

ونبهت على قلة ذلك بقولى :

 ... استجز ...

 ........

ومن أجل قلته اتفق على النصب فى قوله ـ تعالى ـ : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت : ٢].

واختلف فى (١) : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [المائدة : ٧١] :

__________________

(١) قرأ البصرى والأخوان برفع النون ، والباقون بنصبها : فمن رفع فـ «أن» عنده مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الأمر والشأن محذوف تقديره : أنه ، و «لا» نافية ، و «تكون» تامة ، و «فتنة» فاعلها ، والجملة خبر «أن» ، وهى مفسّرة لضمير الأمر والشأن ، وعلى هذا فـ «حسب» هنا لليقين لا للشكّ ، ومن مجيئها لليقين قول الشاعر :

حسبت التّقى والجود خير تجارة

رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا

أى : تيقّنت ؛ لأنه لا يليق الشكّ بذلك ، وإنما اضطررنا إلى جعلها فى الآية الكريمة بمعنى اليقين لأنّ «أن» المخففة لا تقع إلا بعد يقين ، فأمّا قوله :

أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل

فظاهره : أنها مخففة لعدم إعمالها ، وقد وقعت بعد «أرجو» و «آمل» وليسا بيقين ، والجواب من وجهين :

أحدهما : أنّ «أن» ناصبة ، وإنما أهملت حملا على «ما» المصدرية ، ويدلّ على ذلك أنها لو كانت مخففة لفصل بينها وبين الجملة الفعلية بما سنذكره ، ويكون هذا مثل قول الله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ، وكقوله :

يا صاحبىّ فدت نفسى نفوسكما

وحيثما كنتما لقّيتما رشدا

أن تحملا حاجة لى خفّ محملها

تستوجبا نعمة عندى بها ويدا

أن تقرآن على أسماء ويحكما

منّى السّلام وألّا تشعرا أحدا

فقوله : «أن تقرآن» بدل من «حاجة» وقد أهمل «أن» ، ومثله قوله :

إنّى زعيم يا نوي

قة إن نجوت من الرّزاح

ونجوت من وصب العدوّ

ومن الغدوّ إلى الرّواح

أن تهبطين بلاد قو

م يرتعون من الطّلاح

وكيفما قدّر فيما ذكرته من الأبيات يلزم أحد شذوذين قد قيل باحتمال كل منهما : إمّا إهمال «أن» ، وإمّا وقوع المخففة بعد غير علم ، وعدم الفصل بينها وبين الجملة الفعلية.

والثانى من وجهى الجواب : أنّ رجاءه وأمله قويان حتى قربا من اليقين فأجراهما مجراه فى ذلك. وأما قول الشاعر :

علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل ـ

١٠٩

__________________

ـ فالظاهر : أنها المخففة ، وشذّ عدم الفصل ، ويحتمل أن تكون الناصبة شذّ وقوعها بعد العلم وشذّ إهمالها ، ففى الأول شذوذ واحد وهو عدم الفصل ، وفى الثانى شذوذان : وقوع الناصبة بعد العلم ، وإهمالها حملا على «ما» أختها.

وجاء هنا على الواجب. عند بعضهم. أو الأحسن. عند آخرين. وهو الفصل بين «أن» الخفيفة وبين خبرها إذا كان جملة فعلية منصرفة غير دعاء ، والفاصل : إمّا نفى كهذه الآية ، وإمّا حرف تنفيس كقوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) ، ومثله : «علمت أن سوف تقوم» وإمّا «قد» كقوله تعالى : (نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) وإمّا «لو». وهى غريبة. كقوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) ، (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) وتحرّزت بالفعلية من الاسمية ؛ فإنها لا تحتاج إلى فاصل ، كقوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وكقوله :

فى فتية كسيوف الهند قد علموا

أن هالك كلّ من يحفى وينتعل

وبالمتصرفة من غير المتصرفة فإنه لا تحتاج إلى فاصل ، كقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ، وأن عسى أن يكون ، وبغير دعاء من الواقعة دعاء كقوله تعالى : (أن غضب الله) فى قراءة نافع.

ومن نصب «تكون» فـ «أن» عنده هى : الناصبة للمضارع دخلت على فعل منفى بـ «لا» ، و «لا» لا يمنع أن يعمل ما بعدها فيما قبلها من ناصب ولا جازم ولا جار ، فالناصب كهذه الآية ، والجازم كقوله تعالى : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ) ، (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ، والجارّ نحو : «جئت بلا زاد».

و «حسب» هنا على بابها من الظن ، فالناصبة لا تقع بعد علم ، كما أنّ المخففة لا تقع بعد غيره ، وقد شذّ وقوع الناصبة بعد يقين وهو نصّ فيه كقوله :

نرضى عن النّاس أنّ الناس قد علموا

أن لا يدانينا من خلقه بشر

وليس لقائل أن يقول : العلم هنا بمعنى الظن ؛ إذ لا ضرورة تدعو إليه ، والأكثر بعد أفعال الشكّ النصب بـ «أن» ؛ ولذلك أجمع على النصب فى قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) وأمّا قوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ) فالجمهور على الرفع ؛ لأن الرؤية تقع على العلم. والحاصل : أنه متى وقعت بعد علم وجب أن تكون المخففة ، وإذا وقعت بعد ما ليس بعلم ولا شك وجب أن تكون الناصبة ، وإن وقعت بعد فعل يحتمل اليقين والشك جاز فيها وجهان باعتبارين : إن جعلناه يقينا جعلناها المخففة ورفعنا ما بعدها ، وإن جعلناه شكّا جعلناها الناصبة ونصبنا ما بعدها ، والآية الكريمة من هذا الباب ، وكذلك قوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ) ، وقوله : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) ، لكن لم يقرأ فى الأولى إلا بالرفع ، ولا فى الثانية إلا بالنصب ؛ لأن القراءة سنة متبعة. وهذا تحرير العبارة فيها ، وإنما قلت ذلك ؛ لأن بعضهم يقول : يجوز فيها بعد أفعال الشك وجهان ، فيوهم هذا أنه يجوز فيها أن تكون المخففة والفعل قبلها باق على معناه من الشك ، لكن يريد ما ذكرته لك من الصلاحية اللفظية بالاعتبارين المتقدمين ؛ ولهذا قال الزمخشرى : «فإن قلت : كيف دخل فعل الحسبان على «أن» التى هى للتحقيق؟ قلت : نزّل حسبانهم ؛ لقوته فى صدورهم ـ منزلة العلم» والسبب ـ

١١٠

فقرأ برفع «تكون» أبو عمرو وحمزة والكسائى.

وقرأ الباقون بنصبه.

ونبهت على أن الرفع بعد «أن» لكونها مخففة من «أنّ» ، وأنها حينئذ عارية من «لا» نحو : [من مجزوء الكامل]

أن تهبطين ......

 ........

بعد : [من مجزوء الكامل]

إنّى زعيم يانوى

قة .......

أو مقرونة بـ «لا» نحو : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [المائدة : ٧١].

وكون مباشرتها الفعل ضعيفا بالنسبة إلى عدم مباشرتها مبين فى باب «إن وأخواتها».

وكذلك تبين ما يفصلها من حرف تنفيس وغيره.

فأغنى ذكر ذلك عن إعادته هنا.

وأشرت بقولى :

واحتم لعلم ما لظنّ جاز ...

 ......

__________________

ـ المقتضى لوقوع المخففة بعد اليقين ، والناصبة بعد غيره ، وجواز الوجهين فيما تردّد : ما ذكروه وهو «أن» المخففة تدلّ على ثبات الأمر واستقراره ؛ لأنها للتوكيد كالمشددة ، والعلم وبابه كذلك فناسب أن توقعها بعد اليقين للملاءمة بينهما ، ويدلّ على ذلك وقوعها مشددة بعد اليقين كقوله تعالى : (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) ، (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى غير ذلك. والنوع الذى لا يدلّ على ثبات واستقرار تقع بعده الناصبة كقوله تعالى : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي) نخشى (أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَخَشِينا) ، (أَنْ يُرْهِقَهُما) ، (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا) إلى غير ذلك ، والنوع المحتمل للأمرين : تقع بعده تارة المخففة ؛ وتارة الناصبة ؛ كما تقدم من الاعتبارين. وعلى كلا التقديرين أعنى : كونها المخففة أو الناصبة ؛ فهى سادّة مسدّ المفعولين عند جمهور البصريين ، ومسدّ الأول والثانى محذوف عند أبى الحسن ، أى : حسبوا عدم الفتنة كائنا أو حاصلا. وحكى بعض النحويين أنه ينبغى لمن رفع أن يفصل «أن» من «لا» فى الكتابة ؛ لأن الهاء المضمرة حائلة فى المعنى ، ومن نصب لم يفصل ؛ لعدم الحائل بينهما. قال أبو عبد الله : «هذا ربما ساغ فى غير المصحف ، أمّا المصحف فلم يرسم إلا على الاتصال» انتهى. قلت : «وفى هذه العبارة تجوّز ؛ إذ لفظ الاتصال يشعر بأن تكتب «أنلا» فتوصل «أن» بـ «لا» فى الخط ، فينبغى أن يقال : لا تثبت لها صورة ، أو تثبت لها صورة منفصلة). ينظر : الدر (٢ / ٥٧٨ ـ ٥٨٠).

١١١

إلى أن الفعل الذى يلى علما رفعه واجب لأن «أن» الناصبة لا تقع بعده إلا فى نادر من القول ، وإنما تقع بعده «أن» المخففة مفصولة من الفعل الذى بعدها ـ غالبا ـ نحو قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) [المزمل : ٢٠] و (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه : ٨٩].

وغير مفصول قليل كقول الشاعر : [من الخفيف]

علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (١)

وقيدت العلم بالخلوص احترازا من إجازة سيبويه (٢) : «ما علمت إلّا أن تقوم» ـ بالنصب ـ قال : «لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك : أشير عليك أن تقوم».

ثم أشرت إلى أن وقوع الناصبة بعد علم خالص قد شذ فى قراءة بعض القراء (٣) : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ) [طه : ٨٩] ـ بالنصب ـ.

وفى قول الشاعر : [من البسيط]

نرضى عن الله أنّ النّاس قد علموا

ألّا يدانينا من خلقه بشر (٤)

ثم أشرت إلى أن من العرب من يجيز الرفع بعد «أن» الناصبة السالمة من سبق علم أو ظن ؛ والإشارة بذلك إلى مثل قول الشاعر : [من البسيط]

أن تقرآن على أسماء ويحكما

منّى السّلام وألّا تشعرا أحدا (٥)

__________________

(١) تقدم تخريج هذا البيت.

(٢) عبارة سيبويه : وتقول : ما علمت إلا أن تقوم ، وما أعلم إلا أن تأتيه ، إذا لم ترد أن تخبر أنك قد علمت شيئا كائنا ألبتة ، ولكنك تكلمت على وجه الإشارة ، كما تقول : أرى ـ من الرأى ـ أن تقوم. ينظر : الكتاب (٣ / ١٦٨).

(٣) العامة على رفع «يرجع» ؛ لأنها المخففة من الثقيلة ، ويدل على ذلك وقوع أصلها وهو المشددة فى قوله : «ألم يروا أنّه لا يكلّمهم». قال الزجاج : الاختيار : الرفع بمعنى : أنه لا يرجع كقوله : «وحسبوا أن لا تكون فتنة» بمعنى : أنه لا تكون. وقرأ أبو حيوة والشافعى ـ رضى الله عنه ـ وأبان بنصبه ؛ جعلوها الناصبة. ينظر : اللباب (١٣ / ٣٥٩ ، ٣٦٠).

(٤) البيت لجرير فى ديوانه ١ / ١٥٧ ، والدرر ٤ / ٥٦ ، همع الهوامع ٢ / ٢ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٣ / ٥٥١.

(٥) البيت بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٣ ، والإنصاف ٢ / ٥٦٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٥٦ ، والجنى الدانى ص ٢٢٠ ، وجواهر الأدب ص ١٩٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٢٠ ، ٤٢١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، والخصائص ١ / ٣٩٠ ، ورصف المبانى ص ١١٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٥٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٢ ، وشرح شواهد ـ ـ المغنى ١ / ١٠٠ ، وشرح المفصل ٧ / ١٥ ، ٨ / ١٤٣ ، ٩ / ١٩ ، ولسان العرب (أنن) ، ومجالس ثعلب ص ٢٩٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٠ ، والمنصف ١ / ٢٧٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٠.

١١٢

فـ «أن» الأولى والثانية مصدريتان ، وقد أعملت إحداهما ، وأهملت الأخرى تشبيها بـ «ما» المصدرية.

ومن إهمالها قول الآخر : [من الطويل]

إذا متّ فادفنّى إلى جنب كرمة

تروّى عظامى فى الممات عروقها (١)

ولا تدفننّى فى الفلاة فإنّنى

أخاف إذا ما متّ ألّا أذوقها (٢)

ومنه قراءة بعضهم (٣) : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] ـ بالرفع ـ.

__________________

(١) البيت لأبى محجن الثقفى فى ديوانه ص ٤٨ ، ولسان العرب (فنع) ، (كرم) ، وكتاب العين ٥ / ٣٦٩ ، وبلا نسبة فى تاج العروس (كرم).

(٢) البيت لأبى محجن الثقفى فى ديوانه ص ٤٨ ، والأزهية ص ٦٧ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٩٨ ، ٤٠٢ ، والدرر ٤ / ٥٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٠١ ، والشعر والشعراء ١ / ٤٣١ ، ولسان العرب (فنع) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٣ / ٥٥٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٠.

(٣) قرأ مجاهد. ويروى عن ابن عباس. : (أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) برفع «يتمّ» وفيها قولان :

أحدهما قول البصريين : أنها «أن» الناصبة أهملت حملا على «ما» أختها ؛ لاشتراكهما فى المصدرية ، وأنشدوا على ذلك قوله :

إنّى زعيم يا نوي

قة إن أمنت من الرّزاح

أن تهبطين بلاد قو

م يرتعون من الطّلاح

وقول الآخر :

يا صاحبىّ فدت نفسى نفوسكما

وحيثما كنتما لقّيتما رشدا

أن تقرآن على أسماء ويحكما

منّى السّلام وألّا تشعرا أحدا

فأهملها ؛ ولذلك ثبتت نون الرفع ، وأبوا أن يجعلوها المخففة من الثقيلة لوجهين :

أحدهما : أنه لم يفصل بينها وبين الجملة الفعلية بعدها.

والثانى : أنّ ما قبلها ليس بفعل علم ويقين.

والثانى : وهو قول الكوفيين أنها المخففة من الثقيلة ، وشذّ وقوعها موقع الناصبة ؛ كما شذّ وقوع «أن» الناصبة موقعها فى قوله :

 ..... قد علموا

أن لا يدانينا من خلقه بشر

و «الرضاعة» بالرفع فاعلا ، وقرأ أبو حيوة وابن أبى عبلة كذلك ، إلا أنهما. كسرا راء «الرضاعة» ، وهى لغة كالحضارة والحضارة ، والبصريون يقولون : فتح الراء مع هاء التأنيث وكسرها مع عدم الهاء ، والكوفيون يزعمون العكس. ـ ـ وقرأ مجاهد : «الرّضعة» بوزن القصعة ، والرّضع : مصّ الثّدى ، ويقال للّئيم : راضع ؛ وذلك أنه يخاف أن يحلب الشاة ، فيسمع منه الحلب ، فيطلب منه اللبن ؛ فيرتضع ثدى الشاة بفمه. ينظر : الدر المصون (١ / ٥٦٩).

١١٣

وأما ما أنشده الفراء من قول الشاعر : [من مجزوء الكامل]

إنّى زعيم يا نوى

قة إن نجوت من الرّزاح

وأمنت من غرض المنو

ن من الغدوّ إلى الرّواح

أن تهبطين بلاد قو

م يرتعون من الطّلاح (١)

ف «أن» فيه مخففة من «أنّ» لأن قبلها «إنّى زعيم» وهذا مقارب لـ «إنّى عليم» فى المعنى ؛ لكن فيه شذوذ من قبل عدم الفصل.

ثم أشرت إلى أن أبا الحسن يرى زيادة «أن» فى قوله ـ تعالى ـ : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) [البقرة : ٢٤٦].

واعتذر عن النصب بها مع زيادتها بأن الزائد قد عمل فى مثل : «ما جاء من أحد».

قلت : ما ذهب إليه أبو الحسن ـ رحمه‌الله ـ ضعيف ، لأن «من» الزائدة مثل غير الزائدة لفظا واختصاصا فجاز أن تعمل ؛ بخلاف «أن» الزائدة فإنها تشبه غير الزائدة لفظا لا اختصاصا لأنها قد يليها الاسم كقول الشاعر : [من الطويل]

 ........

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٢)

على رواية من جر «ظبية» بالكاف ، فـ «أن» حينئذ زائدة ، وقد وليها اسم.

فثبت عدم اختصاصها بالأفعال ؛ فلا يصح إعمالها.

وأما «أن» فى قوله ـ تعالى ـ : (أَلَّا نُقاتِلَ) فمصدرية جاءت بعد «ما لنا» لتضمنه معنى : «ما منعنا».

ثم بينت أن اطراد زيادة «أن» بعد «لمّا» المقابلة لـ «لو» كقوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) [يوسف : ٩٦].

وأنها قد تزاد قبل «لو» فى القسم كقول الشاعر : [من الطويل]

__________________

(١) تقدم تخريج هذه الأبيات.

(٢) عجز بيت لعلباء بن أرقم وصدره :

ويوما توافينا بوجه مقسم

 .....

 ـ

١١٤

فأقسم أن لو التقينا وأنتم

لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم (١)

وأن زيادتها قد شذت بين كاف الجر والمجرور بها فى قول الشاعر : [من الطويل]

 .......

كأن ظبية تعطو إلى وارق (٢) السّلم

ثم بينت أن «أن» تكون حرف تفسير كـ «أى» [وأن](٣) علامتها أن تكون قبلها جملة فيها معنى القول دون حروفه كقولى :

 .......

 ... أشرت لأخى أن اصبرا

فلو كان الذى قبلها غير جملة حكم عليها بأنها مصدرية لا مفسرة نحو : «إشارتى إليه أن اصبر» ؛ فـ «أن» هنا مصدرية لعدم تمام ما قبلها ، ويجوز كونها بعد التمام مصدرية.

وإذا وقع بعد «أن» المفسرة مضارع رفع نحو قولك : «أشرت إليه (٤) أن يفعل» ـ بالرفع ـ على معنى «أى» ، ويجوز النصب على كون «أن» مصدرية.

فلو كان مع الفعل «لا» جاز رفعه على النفى ومعنى «أى».

وجزمه على النهى ومعنى «أى».

ونصبه على النفى وكون «أن» مصدرية.

وقد نبهت على الأوجه الثلاثة فى النظم.

ثم بينت أن «كى» و «لن» ينصب بهما المضارع بلا شرط ، وأنهما و «أن» بهن يتخلص الفعل المنصوب إلى الاستقبال.

ثم أشرت إلى ضعف قول من رأى تأبيد النفى بـ «لن» وهو الزمخشرى فى «أنموذجه» ؛ وحامله على ذلك اعتقاده أن الله ـ تعالى ـ لا يرى ، وهو اعتقاد باطل بصحة ذلك عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أعنى ثبوت الرؤية ، جعلنا الله من أهلها ، وأعاذنا من عدم الإيمان بها.

ثم بينت أن «كى» على ضربين :

__________________

ـ ينظر : تاج العروس (قسم) ، وبلا نسبة فى تاج العروس (أنن). وقد تقدم قبل ذلك.

(١) تقدم تخريج هذا البيت.

(٢) فى ط : ناضر.

(٣) سقط فى أ.

(٤) فى أ : له.

١١٥

أحدهما : كونها حرفا مصدريا بمعنى «أن» ومساوية لها فى الاستقلال بالعمل.

والثانى : كونها حرف تعليل بمعنى اللام ، والنصب بعدها حينئذ بـ «أن» مضمرة غير جائزة الإظهار.

والذى أحوج إلى القول بذلك قول العرب فى السؤال عن العلة «كيمه»؟ كما يقولون : لمه؟

فسووا بينهما وبين اللام فى المعنى والاستعمال.

وقال أبو الحسن فى قول الشاعر : [من الطويل]

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما

يراد (١) الفتى كيما يضرّ وينفع (٢)

جعل «ما» اسما. و «يضرّ» و «ينفع (٣) من صلته». وأوقع عليه «كى» وجعل «كى» بمنزلة اللام».

فثبت بذلك أنها حرف مرادف للام.

وثبت بدخول اللام عليها فى نحو قوله ـ تعالى ـ : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ [فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ])(٤) [الأحزاب : ٣٧] أنها مصدرية لأن حرف الجر لا يدخل على حرف إلا أن يكون مصدريا.

فلزم من ذلك جعل «كى» على ضربين :

فالمقترنة باللام مصدرية.

والداخلة على «ما» فى قولهم : «كيمه»؟ جاره وكذا الذى فى قوله :

 ........

كيما يضرّ ، وينفع

والداخلة على الفعل مجردة من اللام محتملة للأمرين ، ولا تظهر «أن» بعدها إلا فى الضرورة كقول الشاعر : [من الطويل]

فقالت أكلّ النّاس أصبحت مانحا

لسانك كيما أن تغرّ ، وتخدعا (٥).

والأظهر فى «كى» هذه أن تكون بمعنى اللام.

__________________

(١) فى ط : يرجى.

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

(٣) فى أ : وينفع ويضر.

(٤) سقط فى أ.

(٥) تقدم تخريج هذا البيت.

١١٦

وأما قول الآخر : [من الطويل]

أردت لكيما أن تطير بقربتى

فتتركها شنّا (١) ببيداء بلقع (٢)

فيحتمل أن تكون [«كى»](٣) فيه بمعنى «أن» ، وشذ اجتماعهما على سبيل التوكيد.

ويحتمل أن تكون جارة ، وشذ اجتماعها مع اللام كما اجتمع [اللامان](٤) فى قوله : [من الوافر]

 .........

ولا للما بهم أبدا دواء (٥)

وإن ولى «كى» اسم ، أو فعل ماض ، أو مضارع مرفوع ، علم أن أصلها : «كيف» حذفت فاؤها ؛ ومنه قول الشاعر : [من البسيط]

كى تجنحون إلى سلم وما ثئرت

قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم؟ (٦)

وزعم أبو على أن أصل «كما» فى قول الشاعر : [من الطويل]

وطرفك إمّا جئتنا فاصرفنّه

كما يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر (٧).

أى : «كيما».

فحذف الياء ، ونصب بها كما كان ينصب لو لم ينلها حذف.

ثم بينت أن «إذن» تنصب (٨) المضارع المراد استقباله ، لا المراد به الحال ؛ لأن المراد به الحال لا بد من رفعه بعدها نحو قولك لمن قال أحبك : «إذن أصدّقك».

__________________

(١) الشن : الجلد اليابس الخلق البالى. ينظر : مقاييس اللغة (شنن).

(٢) البلقع : الأرض القفر. ينظر : القاموس (بلقع).

والبيت بلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٨٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٥٤ ، والجنى الدانى ص ٢٦٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٢ ، وخزانة الأدب ١ / ١٦ ، ٨ / ٤٨١ ، ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٤٨٦ ، ٤٨٧ ، ورصف المبانى ص ٢١٦ ، ٣١٦ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٥٠٨ ، وشرح المفصل ٩ / ١٦ ، ٧ / ١٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٨٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠٥.

(٣) سقط فى أ.

(٤) سقط فى أ.

(٥) تقدم تخريج هذا البيت.

(٦) البيت بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٢٦٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٣ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٠٦ ، والدرر ٣ / ١٣٥ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٤٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٥٠٧ ، ٢ / ٥٥٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٨٢ ، ٢٠٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٧٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٤.

(٧) تقدم تخريج هذا البيت.

(٨) فى أ : ينصب.

١١٧

ولا تنصبه وهو مستقبل إلا إذا صدرت الجملة بها ، أو كانت فى حكم المصدر بها ، واتصل بها الفعل ، أو توسط بينهما يمين نحو قولك لمن قال أزورك : «إذن أكرمك» و «إذن والله أكرمك» ؛ فالقسم لا يعد هنا حاجزا ، كما لم يعد حاجزا بين المضاف والمضاف إليه كقول بعض العرب : «هذا غلام والله زيد» ، فأضاف الغلام إلى «زيد» ، ولم يعتد بوقوع القسم بينهما ، حكى ذلك الكسائى ، وحكى الكسائى ـ أيضا ـ : «اشتريته بو الله ألف درهم».

ذكره ابن كيسان.

وسمع أبو عبيدة من يقول : «إنّ الشّاة لتجترّ فتسمع صوت ـ والله ـ ربّها».

واغتفر ذلك فى «إذن» لأنها غير ممتزجة بما تعمل فيه امتزاج غيرها.

فلو توسطت «إذن» بين ذى خبر وخبر ، أو بين ذى جواب وجواب ، ألغيت.

ولو قدم عليها حرف عطف جاز إلغاؤها ، وإعمالها ، وإلغاؤها أجود ، وهى لغة القرآن التى قرأ بها السبعة فى قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦].

وفى بعض الشواذ : «لا يلبثوا» (١) ـ بالنصب ـ.

وشذ ـ أيضا ـ النصب بـ «إذن» بين خبر وذى خبر فى قول الراجز : [من الرجز]

__________________

(١) قرأ العامة : برفع الفعل بعد «إذن» ثابت النون ، وهو مرسوم فى مصاحف العامة ، ورفعه وعدم إعمال «إذن» فيه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها توسطت بين المعطوف والمعطوف عليه. قال الزمخشرى : «فإن قلت : ما وجه القراءتين؟ قلت : أما الشائعة ، يعنى برفع الفعل ، فقد عطف فيها الفعل على الفعل ، وهو مرفوع ؛ لوقوعه خبرا لـ «كاد» ، وخبر «كاد» واقع موقع الاسم». قلت : فيكون (لا يَلْبَثُونَ) عطفا على قوله : (لَيَسْتَفِزُّونَكَ).

الثانى : أنها متوسطة بين قسم محذوف وجوابه ؛ فألغيت لذلك ، والتقدير : والله إذن لا يلبثون.

الثالث : أنها متوسطة بين مبتدأ محذوف وخبره ؛ فألغيت لذلك ، والتقدير : وهم إذن لا يلبثون. وقرأ أبى : بحذف النون ، فنصبه بـ «إذن» عند الجمهور ، وبأن مضمرة بعدها عند غيرهم. وفى مصحف عبد الله : «لا يلبثوا» بحذفها ، ووجه النصب أنه لم يجعل الفعل معطوفا على ما تقدم ، ولا جوابا ، ولا خبرا.

قال الزمخشرى : وأما قراءة أبى : ففيها الجملة برأسها التى هى : «إذا لا يلبثوا» عطف على جملة قوله : «وإن كادوا ليستفزونك». وقرأ عطاء : «لا يلبّثون» بضم الياء ، وفتح اللام والباء مشددة ، مبنيا للمفعول من لبّثه بالتشديد ، وقرأها يعقوب كذلك ؛ إلّا أنه كسر ـ

١١٨

لا تتركنّى فيهم شطيرا (١)

إنّى إذن أهلك أو أطيرا (٢)

وحكى سيبويه (٣) عن بعض العرب الفصحاء إلغاء «إذن» مع استيفاء شروط العمل.

وإلى هذا أشرت بقولى :

ومع شروط النّصب من بعد «إذن»

يقلّ رفع مثله من بعد «أن»

أى : مثل ما يقل من بعد «أن» ؛ لأنه قد تقدم التنبيه على أن «أن» قد تشبه بـ «ما» المصدرية فتلغى ؛ وقد ذكرت شواهد ذلك.

ثم أشرت إلى أن لـ «أن» مع لام الجر الداخلة على الفعل المضارع ثلاثة أحوال :

حال إظهار دون إضمار.

وحال إضمار دون إظهار.

وحال إظهار وإضمار.

فحال الإظهار دون إضمار : مع الفعل المقرون بـ «لا» كقوله ـ تعالى ـ : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد : ٢٩].

وحال الإضمار دون إظهار : مع الفعل المسبوق بـ «كان» منفية كقوله ـ تعالى ـ :

(وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) [العنكبوت : ٤٠].

وحال الإظهار والإضمار : مع الفعل الواقع بخلاف ذلك ؛ كقولى :

__________________

ـ الباء جعله مبنيا للفاعل. قوله : «خلافك» قرأ الأخوان ، وابن عامر ، وحفص :

«خلافك» بكسر الخاء ، وألف بعد اللام ، والباقون : بفتح الخاء وسكون اللام ، والقراءتان بمعنى واحد ، وأنشدوا فى ذلك :

عفت الدّيار خلافهم فكأنّما

بسط الشّواطب بينهنّ حصيرا

ينظر : الدر المصون (٤ / ٤١١).

(١) الشطير : البعيد. ينظر : مقاييس اللغة (شطر).

(٢) الرجز بلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١٧٧ ، وأضح المسالك ٤ / ١٦٦ ، والجنى الدانى ص ٣٦٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٥٦ ، ٤٦٠ ، والدرر ٤ / ٧٢ ، ورصف المبانى ص ٦٦ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٥٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٤ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٧٠ ، وشرح المفصل ٧ / ١٧ ، ولسان العرب (شطر) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٣ ، والمقرب ١ / ٢٦١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧.

(٣) قال سيبويه : وأما الإلغاء فقولك : فإذن لا أجيئك. ينظر : الكتاب (٣ / ١٤).

١١٩

 .......

«اعص الهوى لتظفرا»

فلو أظهرت فقلت : «اعص الهوى لأن تظفر» لجاز.

وكذا لو وقع بعد نفى غير «كان» ؛ نحو : «ما وعظتك لتغضب ، بل لترهب» ، ولو أظهرت «أن» فقلت : «ما وعظتك لأن تغضب» لجاز ؛ بخلاف الواقعة بعد نفى «كان» فإن إظهار «أن» بعدها غير جائز ، وتسمى «لام الجحود».

وإياها أردت بقولى :

وبعد نفى (كان) فى المضى لا

تظهر (أن) كـ (لم أكن لأغفلا)

ثم أشرت إلى أن الفعل ينصب ـ أيضا ـ بـ «أن» واجبة الستر بعد «أو» التى يحسن فى موضعها «إلى» أو «إلا» ؛ كقولك : «لأنتظرنّه أو يقدم» و «لأقتلنّ الكافر أو يسلم» أى : لأنتظرنه إلى أن يقدم ، ولأقتلن الكافر إلا أن يسلم.

ومن الآتية بمعنى «إلى» قول الشاعر : [من الطويل]

لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلا لصابر (١)

ومن الآتية بمعنى «إلا» قول الشاعر : [من الوافر]

وكنت إذا غمزت (٢) قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما (٣)

ومثله قول الآخر : [من الكامل]

لأجدّلنّك أو تملّك فتيتى

بيدى صغار طارفا (٤) وتليدا (٥)

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٧٢ ، والدرر ٤ / ٧٧ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٥٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٠٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٦٨ ، وشرح قطر الندى ص ٦٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠.

(٢) الغمز : العصر باليد. ينظر : اللسان (غمز).

(٣) البيت لزياد الأعجم فى ديوانه ص ١٠١ ، والأزهية ص ١٢٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٤ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٠٥ ، والكتاب ٣ / ٤٨ ، ولسان العرب (غمز) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٥ ، والمقتضب ٢ / ٩٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٧٢ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٥٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٦٩ ، وشرح قطر الندى ص ٧٠ ، وشرح المفصل ٥ / ١٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٦ ، والمقرب ١ / ٢٦٣.

(٤) الطارف : المستحدث. ينظر : المقاييس (طرف).

(٥) التليد : القديم. ينظر : الوسيط (تلد) ، ـ

١٢٠