شرح ابن طولون - ج ١

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٠٤
الجزء ١ الجزء ٢

وضمّ هذه النّون بعد الألف لغة (١) ، كقوله :

(٢) ـ فالنّوم لا تألفه العينان

بضمّ النّون.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وما بتا وألف قد جمعا

يكسر في الجرّ وفي النّصب معا

أشار بهذا إلى الباب (٣) الرابع من أبواب النّيابة السّبعة ، وهو باب جمع المؤنّث السّالم وما ألحق به ، وسيأتي بيانه قريبا.

وجمع المؤنّث السّالم هو المجموع بالألف والتّاء ، ولا فرق بين أن يكون مسمّى هذا الجمع مؤنّثا كـ «هندات» ، أو مذكّرا كـ «اصطبلات» ، ولا فرق بين أن يكون سلمت فيه بنية واحده كـ «ضخمة وضخمات» (٤) ، أو تغيّرت كـ «سجدة ، وسجدات».

__________________

انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٢٢١ ، البداية والنهاية : ١١ / ٢٩٤ ، شذرات الذهب : ٣ / ٦٥ ، روضات الجنات : ٢١٨ ، الأعلام : ٢ / ١٩٥ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٢٤٢ ، معجم الأدباء : ١ / ٤٧ ، ٨ / ١٤٥.

(٣) انظر شرح الكتاب للسيرافي (رسالة دكتوراه / الجزء الأول منه) : ٢٧٦ ، وفيه رواية البيت :

أعرف منها الأنف والعينانا

وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ٧٨.

(١) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ١ / ٩١ ، شرح دحلان : ١٧ ، البهجة المرضية : ١٧ ، الضرائر : ٢١٨ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ١٣٤ ، سر الصناعة : ٣ / ٤٨٩ ، الهمع : ١ / ١٦٦.

٩ ـ من الرجز لرؤبة بن العجاج في ملحقات ديوانه (١٨٦) ، وقبله :

يا أبتا أرّقني القذّان

والقذان : البراغيث (اللسان : قذذ) ، ويروى : «لا تطعمه» بدل : «لا تألفه» ، ويروى :

فالغمض لا تطعمه العينان

والشاهد فيه قوله : و «العينان» حيث ضمت نون المثنى بعد الألف ، وهو لغة قوم ، وحكى الشّيباني «هما خليلان» بضم النون.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٧٨ ، شرح الأشموني : ١ / ٩١ ، الهمع (رقم) : ٨٦ ، الدرر اللوامع : ١ / ٢٢ ، البهجة المرضية : ١٧ ، الضرائر : ٢١٨ ، شرح دحلان : ١٧ ، شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢١٥.

(٢) في الأصل : البا.

(٣) في الأصل : لضمخة وضمخات. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٧٩.

٨١

وكذا قال الخبيصيّ (١) : «تسميتهم لهذا الجمع بجمع المؤنّث السّالم باعتبار الغالب» (٢).

وأنّ حكم هذا الباب أن يجرّ وينصب بالكسرة ، فتقول : «مررت بالهندات ، ورأيت الهندات» ، وإنّما تنصب بالكسرة مع تأتّي الفتحة حملا على جمع (٣) المذكّر السّالم ، لأنه فرع عنه (٤).

وقدّم الجرّ لأنّ النّصب محمول عليه.

وربّما نصب بالفتحة على لغة ـ كما قال أحمد بن يحيى (٥) ـ إن كان محذوف اللّام ، ولم يردّ إليه في الجمع ، كـ «سمعت لغاتهم» ـ بفتح التّاء ـ حكاه الكسائيّ (٦) ، و «رأيت بناتك» ـ بفتح التّاء ـ حكاه ابن سيده (٧).

__________________

(١) هو محمد بن أبي بكر بن محرز بن محمد الخبيصي ، شمس الدين ، عالم بالنحو ، توفي سنة ٧٣١ ه‍ من آثاره الموشح في شرح الكافية لابن الحاجب. انظر ترجمته في مفتاح السعادة : ١ / ١٨٥ ، معجم المؤلفين : ٩ / ١١٦ ، هدية العارفين : ٢ / ١٤٨.

(٢) انظر الموشح في شرح الكافية للخبيصي (٨ / أ ـ مخطوط).

(٣) في الأصل : جميع. انظر شرح المكودي : ١ / ٤١.

(٤) وذلك خلافا للأخفش ، حيث ذهب إلى أنه مبني في حالة النصب ، قال الأشموني : وهو فاسد ، إذ لا موجب لبنائه ، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ، ليجري على سنن أصله ، وهو جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره.

انظر : شرح الأشموني : ١ / ٩٢ ، البهجة المرضية : ١٨.

(٥) وهشام أيضا ، وذلك لمشابهته المفرد ، حيث لم يجر على سنن المجموع في رد الأشياء إلى أصولها ، وجبرا لحذف لامه. وجوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقا سواء حذفت لامه أم لا.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٠ ، شرح الأشموني : ١ / ٩٣ ، البهجة المرضية : ١٨ ، حاشية الصبان : ١ / ٩٣ ، الهمع : ١ / ٦٧. وأحمد بن يحيى هو المعروف بثعلب ، أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني بالولاء الكوفي ، أبو العباس ، إمام الكوفيين في النحو واللغة ، ولد في بغداد سنة ٢٠٠ ه‍ ، وتوفي سنة ٢٩١ ه‍ من مؤلفاته : معاني القرآن ، شرح ديوان زهير ، مجالس ثعلب ، ما تلحن فيه العامة ، وغيرها.

انظر ترجمته في بغية الوعاة : ١٧٢ ، إنباه الرواة : ١ / ٣٨ ، معجم الأدباء : ٥ / ١٠٢ ، طبقات القراء : ١ / ١٤٨ ، البداية والنهاية : ١١ / ٩٨ ، الأعلام : ١ / ٢٦٧ ، مرآة الجنان : ٢ / ٢١٨ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٤٥ ، روضات الجنات : ٥٦ ، معجم المؤلفين : ٢ / ٢٠٣.

(٦) ولغاتهم : جمع لغة ، أصلها «لغو» أو «لغي» حذفت اللام ، وعوض عنها هاء التأنيث. انظر الهمع : ١ / ٦٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٠ ، حاشية الصبان : ١ / ٩٣ ، البهجة المرضية : ١٨ ، شرح الأشموني : ١ / ٩٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٦ ، إرشاد الطالب النبيل (٣٩ / ب).

(٧) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٠.

٨٢

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

كذا أولات والّذي اسما قد جعل

كأذرعات فيه ذا أيضا قبل

هذا هو الملحق بجمع المؤنث السّالم ، وهو نوعان :

الأوّل : أولات ، بمعنى ، ذوات ، ولا مفرد له من لفظه ، وواحده في المعنى : ذات ، بمعنى : صاحبة (١) ، وإليه أشار بقوله : «كذا أولات» ، يعني : أنّ «أولات» يلحق بجمع المؤنّث السّالم فيجرّ وينصب بالكسرة (نحو (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) [الطلاق : ٦] ، فـ «أولات» خبر «كان» وهو منصوب بالكسرة) (٢) ، واسمها ضمير النّسوة ، وهو النّون المدغمة في نونها (٣).

والثّاني : ما سمّي به من جمع المؤنث السّالم ، وإليه أشار بقوله :

 ... والّذي اسما قد جعل

 ... إلى آخر البيت.

يعني : أنّ ما سمّي به من هذا الجمع يعرب إعرابه فيجرّ وينصب بالكسرة مع التّنوين ، فتقول في رجل اسمه «هندات» : «رأيت هندات ، ومررت بهندات» ، كما كان قبل التسمية ، ومنه «أذرعات» ، تقول : «سكنت أذرعات»

__________________

ـ ـ وابن سيده هو علي بن إسماعيل (وفي رواية : أحمد ، وقيل : محمد) الأندلسي الضرير ، المعروف بابن سيده ، أبو الحسن ، عالم بالنحو ، واللغة ، والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بعلومها ، ولد بمرسية سنة ٣٩٨ ه‍ ، وتوفي في بداية سنة ٤٥٨ ه‍ (وفي رواية : ٤٤٨ ه‍) ، من مؤلفاته : المحكم في لغة العرب ، المخصص ، شرح الحماسة لأبي تمام ، الوافي في علم العروض ، وغيرها ، وله شعر.

انظر بغية الوعاة : ٣٢٧ ، إنباه الرواة : ٢ / ٢٢٥ ، معجم الأدباء : ١٢ / ٢٣١ ، مرآة الجنان : ٣ / ٨٢ ، معجم المؤلفين : ٧ / ٣٦ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٩٥ ، شذرات الذهب : ٣ / ٣٠٥ ، هدية العارفين : ١ / ٦٩١.

(١) وأصل «أولات» : «أولي» بضم الهمزة وفتح اللام ، قلبت الياء ألفا ، ثم حذف لاجتماعهما مع الألف والتاء المزيدين ، ووزنه «فعات».

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢ ، حاشية الصبان : ١ / ٩٣ ، حاشية الخضري : ١ / ٤٧.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢.

(٣) وأصل «كن» : «كون» بضم الواو بعد النقل إلى باب «فعل» بضم العين ، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت منها إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها ، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢ ، حاشية الصبان : ١ / ٩٣ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٤١.

٨٣

بكسر الرّاء ، قاله في الصّحاح (١) ، وزاد في القاموس : «وقد تفتح (٢) ، «وأذرعات» : قرية من قرى الشّام (٣).

وقد اختلف في كيفية إعراب هذا النّوع المسمّى به على ثلاثة آراء :

ـ فبعضهم يعربه كما تقدّم.

ـ وبعضهم يعربه على ما كان عليه قبل التّسمية مراعاة للجمع ، ويترك تنوينه مراعاة للعلمية والتأنيث.

ـ وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف ، فيترك تنوينه ، ويجرّه (٤) / بالفتحة مراعاة للتسمية (٥).

فالأوّل راعى الجمعيّة فقط ، والأخير راعى التسمية فقط ، والمتوسّط توسّط بين الأمرين ، فراعى الجمعيّة ، فجعل نصبه بالكسرة ، وراعى اجتماع العلمية والتأنيث فترك تنوينه ، وهذا المسلك يشبه تداخل اللّغتين ، فإنّه أخذ من الأولى النّصب بالكسرة ، ومن الأخيرة حذف التّنوين.

ثمّ قال رحمه‌الله :

وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف

ما لم يضف أو يك بعد أل ردف

أشار بهذا إلى الباب الخامس من أبواب النيابة السبعة وهو باب ما لا

__________________

(١) انظر الصحاح للجوهري : ٣ / ١٢١١ (ذرع) ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢.

(٢) انظر القاموس المحيط للفيروزآبادي : ٣ / ٢٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢.

(٣) تنسب إليها الخمر الجيدة. انظر معجم البلدان : ١ / ١٣٠ ، مراصد الاطلاع : ١ / ٤٧ ، تقويم البلدان : ٢٥٣ ، معجم ما استعجم للبكري : ١ / ١٣٢ ، اللسان والصحاح (ذرع).

(٤) في الأصل : ويجوز. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٣.

(٥) والأول هو الأشهر واللغة الجيدة ، وإلى الثاني ذهب المبرد والزجاج ، وهو لغة نقلها سيبويه عن بعض العرب ورووا بالأوجه الثلاثة قول امرئ القيس :

تنوّرتها من أذرعات وأهلها

بيثرب أدنى دارها نظر عالي

الرواية بجر «أذرعات» بالكسرة مع التنوين ، وتركه ، وبالفتحة بلا تنوين ، والوجه الأخير ممنوع عند البصريين جائز عند الكوفيين.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٢ ـ ٨٣ ، المقتضب : ٣ / ٣٣٣ ، الكتاب : ٢ / ١٨ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٣٠ ، ٤٧٤ ، الهمع : ١ / ٦٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٠٣ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٤١ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٨٤ ، شرح ابن الناظم : ٥٠ ـ ٥١ ، شرح الأشموني : ١ / ٩٣ ـ ٩٤ ، الخزانة : ١ / ٥٦.

٨٤

ينصرف ، أي : ما لا يدخله تنوين الصّرف ، وهو ما فيه علّتان فرعيتان من علل تسع جمعها ابن النّحاس (١) في قوله :

اجمع وزن عادلا أنّث بمعرفة

ركّب وزد عجمة فالوصف قد كملا (٢)

وسيأتي شرح ذلك في باب معقود له ، والذي يخصّه هنا أنّه متى اجتمع في اسم علتان منها ، كـ «أحسن» ، فإنّ فيه الصّفة ووزن الفعل ، أو واحدة منها تقوم (٣) مقامهما ، كـ «مساجد ، وصحراء» ، فإنّه صيغة منتهى الجموع بمنزلة جمعين ، والتأنيث بالألف بمنزلة تأنيثين ، فكلّ من صيغة منتهى الجموع وألف التأنيث قائم مقام علّتين (٤).

__________________

(١) هو محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نضر الحلبي ، أبو عبد الله ، بهاء الدين ، ابن النحاس ، شيخ العربية بالديار المصرية في عصره ، أديب مقرئ نحوي ، ولد في حلب سنة ٦٢٧ ه‍ ، وروى عن الموفق بن يعيش وجماعة ، وسكن القاهرة ، وتوفي بها سنة ٦٩٨ ه‍ ، من آثاره : شرح المقرب لابن عصفور ، شرح قصيدة فيما يقال بالياء والواو للشواء الحلبي ، التعليقة في شرح ديوان امرئ القيس ، وله ديوان شعر.

انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٦ ، شذرات الذهب : ٥ / ٤٤٢ ، كشف الظنون : ١٣٤٤ ، ١٨٠٥ ، الأعلام : ٥ / ٢٩٧ ، معجم المؤلفين : ٨ / ٢١٩.

(٢) البيت من البسيط لبهاء الدين محمد بن النحاس الحلبي كما في شفاء الصدور ، والكواكب الدرية ، وفي حاشية السجاعي على القطر : هو لأحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس (أبو جعفر) ، وقبله :

موانع الصّرف تسع إن أردت بها

عونا لتبلغ في إعرابك الأملا

انظر شفاء الصدور وشرح الشذور للعصامي : ٢ / ٨٦١ ، الكواكب الدرية للأهدل : ٣٨ ، شرح الشذور مع الهامش : ٤٥٠ ، حاشية السجاعي مع القطر : ١٢٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٤ ، ٢ / ٢١٠ ، شرح القطر : ٤٤٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٣٥١ ، الأشباه والنظائر للسيوطي : ٢ / ٢٩ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٤٢.

(٣) في الأصل : مقام. زيادة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٤.

(٤) وإنما قام الجمع مقام علتين ، لأن كونه جمعا بمنزلة علة واحدة ، وهي راجعة إلى المعنى ، وكونه على صيغة لا نظير لها في الآحاد بمنزلة علة أخرى ، وهي راجعة إلى اللفظ ، ولهذا لو لحقته الهاء انصرف ، لشبهه بالمفرد حينئذ. وقام التأنيث بالألف مقام علتين ، لأن الألف في نفسها علة لفظية ، ولزومها لما هي فيه بحيث لا يصح حذفها منه بحال بمنزلة علة أخرى معنوية ، بخلاف تاء التأنيث ، فإنها معرضة للزوال ، لأنها لم توضع إلا للفرق بين المذكر والمؤنث ، ولهذا اشترط لمنع الصرف معها العلمية لأجل أن تلزم.

انظر الكواكب الدرية للأهدل : ٣٨ ، ٤١ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢١٠ ـ ٢١١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٣٠ ، ٢٤١ ، شرح المكودي : ٢ / ٧١ ، ٧٤ ، الهمع : ١ / ٧٨ ، ٧٩ ، المطالع السعيدة : ١٠٦.

٨٥

وإلى أنّ (١) حكمه أن يجرّ بالفتحة نحو (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) [النساء : ٨٦] ، و «اعتكفت في مساجد».

ولمّا كان جرّه بالفتحة مشروطا بأن لا يضاف / ولا يدخل عليه «أل» أشار إلى ذلك بقوله :

ما لم يضف ، أو يك بعد أل ردف

أي : تبع ، سواء أضيف لفظا نحو (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : ٤] ، و «في مساجد عائشة» ، أو تقديرا نحو «أبدا (٢) بذا من أوّل» (٣) في رواية من جرّ بالكسرة ، (وسواء) (٤) كانت «أل» معرّفة نحو (وَأَنْتُمْ)(٥) عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [البقرة : ١٨٧] ، أو زائدة كقوله :

(٦) ـ رأيت الوليد بن اليزيد مباركا

 ...

__________________

(١) قوله : «وإلى أن ..» معطوف على قوله قبل : «إلى الباب الخامس ..».

(٢) في الأصل : بدأ. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٤.

(٣) حكاه الفارسي بضم اللام وفتحها وكسرها ، فالضم على البناء لنية المضاف إليه معنى ، والفتح على الإعراب لعدم نية المضاف إليه لفظا ومعنى ، وإعرابها إعراب ما لا ينصرف للوصفية ووزن الفعل ، والكسر على نية المضاف إليه لفظا ، ويروى : «بهذا» بدل «بذا».

انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٩٩٦ ، شرح المكودي : ١ / ٢٠٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٤ ، ٢ / ٥٢ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٧ ، الهمع : ٣ / ١٩٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٦٨.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

(٥) في الأصل : الواو. ساقط.

(١٠) ـ صدر بيت من الطويل لابن ميادة (الرماح بن أبرد ، وميادة : أمه) من قصيدة له يمدح فيها الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وعجزه :

شديدا بأعباء الخلافة كاهله

وروي صدره في شرح ابن عصفور «رأيت اليزيد بن الوليد» ولعله خطأ في الطباعة ، ويروى : «وجدنا» بدل «رأيت» ، ويروى : «بأحناء» بدل «بأعباء» ، والأحناء : جمع حنو وهو الجانب والجهة. والشاهد فيه زيادة الألف واللام في قوله : «الوليد بن اليزيد» بناء على أنه باق على علميته ، قال الأزهري : ويحتمل أن يكون قدر فيه الشيوع فصار نكرة ثم أدخل عليه «أل» للتعريف ، كما قال الموضح في شرح القطر ، وعلى هذا لا شاهد فيه (وانظر القطر : ٧٤).

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٥٣ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٢١٨ ، ٥٠٩ ، الخزانة : ٢ / ٢٢٦ ، شرح أبيات المفصل للشريف : ١ / ٢٧ ، شرح شواهد الشافية للبغدادي : ١٢ ، شواهد المغني : ١ / ١٦٤ ، أبيات المغني : ١ / ٣٠٤ ، ٦ / ٢٤ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٤٤ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٩ ، مغني اللبيب (رقم) : ٧٣ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٢٨٤ ، الإنصاف : ١ / ٣١٧ ، شرح المرادي : ١ / ١٠٧ ، البهجة المرضية : ١٨ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٤٤ ، شرح القطر : ٧٢ ، فتح رب البرية : ١ / ١٥٢.

٨٦

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

واجعل لنحو يفعلان النّونا

رفعا وتدعين وتسألونا

أشار بهذا إلى الباب السادس من أبواب النيابة السبعة ، وهو باب الأمثلة الخمسة ، سمّيت بذلك لأنّها ليست أفعالا بأعيانها ، وإنّما هي أمثلة يكنّى (١) بها عن كلّ فعل كان بمنزلتها ، وسمّيت خمسة على إدراج المخاطبتين (٢) تحت المخاطبين والأحسن أن تعدّ ستة. قاله ابن هشام (٣).

وهي كلّ فعل مضارع اتّصل به ألف اثنين ، سواء كان بالتاء للمخاطبين (٤) نحو «تفعلان يا زيدان» (أو للمخاطبتين نحو «تفعلان يا هندان» أو للغائبتين نحو «الهندان تفعلان») (٥) ، أو بالياء للغائبين نحو «الزّيدان يفعلان» ، أو واو الجمع (٦) ، سواء كان بالتاء للمخاطبين نحو «أنتم تسألون» ، أو بالياء للغائبين نحو «هم يسألون» ، أو ياء المخاطبة (٧) ، نحو «أنت تدعين» ، ولا فرق بين أن يكون الألف والواو ضميرين ـ كما تقدّم ـ أو علامتين كـ «يفعلان الزّيدان» و «يسألون الزّيدون» في لغة طيّئ (٨).

وإلى أنّ (٩) حكمها أن ترفع بثبوت النّون ـ كما مثّلنا / لك ـ.

وأمّا حكمها في النّصب والجزم فسيأتي.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وحذفها للجزم والنّصب سمه

كلم تكوني لترومي مظلمه

__________________

(١) في الأصل : يكفي. انظر شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٢٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٥.

(٢) في الأصل : المخاطبين. انظر شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٢٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٥.

(٣) انظر شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٥.

(٤) في الأصل : المخاطبين. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٥.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح التصريح : ١ / ٨٥.

(٦) أي : أو اتّصل به واو الجمع.

(٧) أي : أو اتّصل به ياء المخاطبة.

(٨) وقيل : لغة أزد شنوءة ، وقيل : لغة بلحارث ، وهي لغة يسميها النحويون لغة أكلوني البراغيث.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٦ ، ٢٧٥ ، الهمع : ٢ / ٢٥٦ ، مغني اللبيب : ٤٧٨ ، شرح المرادي : ٢ / ٧ ، شرح الأشموني : ٢ / ٤٧ ـ ٤٨.

(٩) قوله : «وإلى أنّ ...» معطوف على قوله قبل : «أشار بهذا إلى الباب الخامس» وقوله : «وإلى أنّ حكمه ..».

٨٧

يعني : علامة النّصب والجزم في الأمثلة الخمسة حذف النّون ، فقوله : «سمه» أي : علامة ، ثمّ أتى بمثال للجزم ، وهو «لم تكوني» ، ومثال للنصب ، وهو «لترومي» ، و «مظلمة» : يجوز في لامه الفتح والكسر ، والقياس الفتح (١).

وأمّا (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٢) ، فالواو لام (٣) الكلمة ، لا ضمير الجماعة ، والنّون ضمير النّسوة ، والفعل مبنيّ معها على السّكون (٤) مثل «يتربّصن» لا معرب ، بخلاف قولك : «الرّجال يعفون» ، فالواو فيه ضمير الجماعة المذكّرين ، والنّون علامة الرّفع فتحذف نحو (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٥) [البقرة : ٢٣٧].

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وسمّ معتلّا من الأسماء ما

كالمصطفى والمرتقي مكارما

فالأوّل الإعراب فيه قدرا

جميعه وهو الذّي قد قصرا

والثّان منقوص ونصبه ظهر

ورفعه ينوى كذا أيضا يجر

يعني : أنّ ما كان من الأسماء حرف إعرابه ألف (قبلها فتحة) (٦) لازمة كـ «المصطفى» ، أو ياء قبلها كسرة (لازمة) (٧) كـ «المرتقي» يسمّى معتلا.

وقوله : «فالأوّل» يعني به : الأوّل من المثالين ، وهو «المصطفى» يقدّر الإعراب فيه جميعه رفعا ونصبا وجرّا ، فلا يتغيّر آخره في الظّاهر / وإنّما يتغيّر بالتقدير ، فتقول : «هذه العصا ، ورأيت العصا ، وضربت بالعصا».

ثمّ نبّه على أنّ هذا النوع يسمّى المقصور بقوله : «وهو الذي قد قصرا» ،

__________________

(١) وذلك موافقة للغة ، والكسر في كلام الناظم متعين ـ وهو المشهور ـ لسلامته من سناد التوجيه ، وهو اختلاف حركة الحرف الذي قبل الروي ، والمظلمة : الظلم. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٣ ، شرح المرادي : ١ / ١١١ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٤٣ ، حاشية الصبان : ١ / ٩٨ ، حاشية الخضري : ١ / ٤٨ ، إعراب الألفية : ١٢.

(٢) (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) [البقرة : ٢٣٧].

(٣) في الأصل : ولام. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٦.

(٤) في الأصل : الفتح. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٦.

(٥) و (تَعْفُوا :) وزنه «تعفوا» وأصله «تفعووا» بواوين ، الأولى لام الكلمة ، والثانية واو الجماعة ، استثقلت الضمة على الواو فحذفت فالتقى ساكنان ، فحذفت الواو الأولى لالتقاء الساكنين ، وخصت بالحذف لكونها جزء كلمة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٦.

(٦ ـ ٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٣.

٨٨

لكونه قصر عن ظهور الحركات فيه ـ والقصر : المنع (١) ـ ، أو لكونه منع المدّ ، والمقصور يقابله الممدود ، فعلى هذا لا يسمّى نحو «يسعى» مقصورا ، وإن كان ممنوعا من ظهور الحركات فيه ، لأنّه ليس في الأفعال ممدود.

وقوله : «والثّان منقوص» يعني به : الثّاني من المثالين ، وهو «المرتقي» ، وأنّه يسمّى منقوصا ، لأنّه نقص منه بعض الحركات كما يستظهر ، أو لأنّه تحذف (٢) لامه لأجل التّنوين ، نحو «مرتق» ، والحذف نقص ، وكلا التّعليلين لا يخلو عن نظر.

أمّا الأوّل : فلأنّ نحو «يدعو ، ويرمي» نقص منه بعض الحركات ، وهو لا يسمّى منقوصا.

وأما الثّاني : فلأنّ نحو «فتى» حذف لامه لأجل التّنوين ولا يسمّى منقوصا.

ثمّ ذكر أنّ النّصب يكون ظاهرا فيه نحو «رأيت المرتقي» ـ بنصب الياء ـ وأنّ رفعه ينوى ، أي : يقدّر ، وكذا جرّه ، نحو «جاء المرتقي ، ومررت بالمرتقي» ، فعلامة الرّفع في المثال الأوّل ضمّة مقدّرة على الياء ، وعلامة الجرّ في الثّاني كسرة مقدّرة عليها أيضا.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وأيّ فعل آخر منه ألف

أو واو او ياء فمعتلا عرف /

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما كيدعو يرمي

والرّفع فيهما انو واحذف جازما

ثلاثهن تقض حكما لازما

لمّا فرغ من معتلّ الأسماء شرع في معتلّ الأفعال وهذا هو الباب السّابع من أبواب النّيابة ، فذكر أنّ كلّ فعل آخره ألف كـ «يخشى» ، أو واو كـ «يدعو» ، أو ياء كـ «يرمي» ، فإنّه يعرف بالمعتلّ.

ثمّ ذكر حكم كلّ نوع في الإعراب ، فبدأ بما آخره ألف ، فبيّن أنّ الرّفع

__________________

(١) والحبس أيضا. ومنه «حور مقصورات في الخيام» أي : محبوسات على بعولتهنّ ، وقصرت على نفسي ناقة : أمسكتها لأشرب لبنها ، فهي مقصورة على العيال يشربون لبنها ، أي : محبوسة.

انظر : اللسان : ٥ / ٣٦٤٥ (قصر) ، المصباح المنير : ٢ / ٥٠٥ (قصر) ، شرح الأشموني : ١ / ١٠٠.

(٢) في الأصل : بخلاف. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٠.

٨٩

يقدّر فيه ، فتقول : «زيد يخشى» فيخشى : فعل مضارع مرفوع وعلامة الرّفع ضمّة مقدّرة على الألف ، وكذلك النّصب ، فتقول : «زيد لن يخشى» ، فيخشى : فعل مضارع منصوب بـ «لن» ، وعلامة النّصب ، فتحة مقدّرة على الألف ، وإلى هذا أشار بقوله :

فالألف انو فيه غير الجزم

(فقوله : «انو فيه» يعني : قدّر ، وغير الجزم هو الرّفع والنّصب إذ ليس في الفعل غير) (١) الثّلاثة ، وقد استثنى الجزم فبقي اثنان.

ثمّ شرع في عجز البيت يذكر حكم (٢) ما آخره واو أو ياء (٣) ، فذكر أنّ النّصب يظهر فيهما ، ومثّلهما بقوله : «يغزو» (٤) ، و «يرمي» فتقول : «لن يغزو زيد» ، فتظهر الفتحة وكذلك «لن يرمي».

ثمّ ذكر أنّ الرفع يقدّر فيهما ، وإلى ذلك أشار بقوله : «والرّفع فيهما انو» أي : قدّر ، فالضّمير من قوله : «فيهما» عائد إلى «يغزو ، ويرمي» ، فتقول : «يغزو زيد» فيغزو : / فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الواو ، وكذلك «يرمي».

وهاهنا فرّع له حكم الأقسام الثلاثة المعتلّة من الفعل في الرّفع والنّصب ، وبقي حكم ثلاثتها في الجزم ، فبيّنه بقوله : «واحذف جازما ، ثلاثهنّ» ، فتقول : «لم يخش ، (ولم يغز) (٥) ، ولم يرم» بحذف الألف والواو والياء.

وأما قوله تعالى : («إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) [يوسف : ٩٠] في قراءة قنبل (٦) :

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري : (١٨ / ب).

(٢) في الأصل : حلم. انظر شرح الهواري : (١٨ / ب).

(٣) في الأصل : وياء. انظر شرح الهواري : (١٨ / ب).

(٤) الأولى أن يمثل بـ «يدعو» كما في النظم وشرح الهواري (١٨ / ب) ، ولعل «يغزو» موجودة في نسخة أخرى من النظم.

(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري (١٨ / ب).

(٦) بإثبات الياء من «يتقي» ، وسكون الراء من «يصبر» ، والجمهور على حذف الياء من «يتقي» ، و «من» شرط ، والفاء واقعة في جوابه ، و «يصبر» بالسكون عطف على «يتق».

انظر إتحاف فضلاء البشر لابن البناء : ٢٦٧ ، حجة القراءات لأبي زرعة : ٣٦٤ ، البيان في غريب إعراب القرآن لابن الأنباري : ٢ / ٤٤ ، إملاء ما من به الرحمن للعكبري : ٢ / ٥٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٨٨. وقنبل : هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد المكي المخزومي بالولاء ، من أعلام القراء ، كان إماما متقنا ، ولد سنة ١٩٥ ه‍ ، وانتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز في عصره ، ورحل إليه الناس من الأقطار ، توفي بمكة سنة ٢٩١ ه‍.

انظر طبقات القراء : ٢ / ١٦٥ ، النشر في القراءات العشر لابن الجزري : ١ / ١٢١ ، الأعلام : ٦ / ١٩٠.

٩٠

فقيل : «من» موصولة ، وتسكين «يصبر» إمّا لتوالي حركات الباء والرّاء من «يصبر» ، والفاء والهمزة من (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف : ٩٠].

وإمّا على أنّه وصل بنية الوقف.

وإمّا على العطف على المعنى ، لأنّ الموصولة بمعنى الشّرطيّة لعمومها وإبهامها (١) ، وقيل غير ذلك (٢).

__________________

(١) وإما على تنزيل الرفع من «يصبر فإنّ» منزلة بناء على «فعل» بكسر الفاء وضم العين ، فسكن لأنه بناء مهمل ، وهم يخففون مضموم العين إذا كان مستعملا ، فما بالك بالمهمل ، ويجرون المنفصل مجرى المتصل.

انظر في ذلك : التصريح على التوضيح : ١ / ٨٨ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٦٧ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٥٨ ، حجة القراءات : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، مغني اللبيب : ٦٢١ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ٤٤ ـ ٤٥.

(٢) فقيل : «من» شرطية ، والياء في «يتّقي» إما إشباع ، فلام الفعل حذفت للجازم ، وإما على إجراء المعتل مجرى الصحيح فجزم بحذف الحركة المقدرة ، ولم يستتبع حذفها حذف حرف العلة.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٨٨ ، حجة القراءات : ٣٦٤ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ٤٥ ، مغني اللبيب : ٦٢١.

٩١

الباب الثالث

النكرة والمعرفة

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

النّكرة والمعرفة

نكرة قابل أل مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

بدأ أوّلا بالنكرة لأنّها الأصل ، ولأنّها لا تحتاج في دلالتها إلى قرينة ، بخلاف المعرفة ، وما يحتاج فرع عمّا لا يحتاج.

وفسّر النّكرة بأنّها كلّ اسم يقبل «أل» بشرط أن يكون فيه (أل) (١) مؤثّرة للتعريف (٢) ، مثال ذلك «غلام» ، فإنّه يقبل أن تعرّفه بـ «أل» ، فتقول : «الغلام» وهي هاهنا مؤثّرة / ألا ترى (٣) أنّها لمّا دخلته عرّفته بعد أن كان منكّرا فأثّرت فيه التعريف.

ومثال ما تدخله (٤) «أل» ولا تؤثّر فيه : العلم الذي تكون الألف واللام فيه للمح الصّفة كـ «العبّاس» ، فإنّه معرّف (٥) بالعلمية ، والألف واللام لم تؤثّر فيه تعريفا ، ومن هذا احترز المصنّف بقوله : «مؤثّرا».

__________________

(١) ما بين قوسين ساقط من الأصل. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٢) انظر شرح الهواري (١٩ / أ). وفي تعريفات الجرجاني : النكرة ما وضع لشيء لا بعينه كـ «رجل وفرس». وفي التصريح : عبارة عما شاع في جنس موجود أو مقدر ، فالأول كـ «رجل» ، والثاني كـ «شمس». وفي تاج علوم الأدب : ما وضع لمدلول غير معين ، وهي مراتب : شيء ، ثم موجود ، ثم جسم ، ثم نام ، ثم حيوان ، ثم إنسان ، ثم رجل.

انظر تعريفات الجرجاني : ٢٤٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٩١ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٤ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٧٣ ، المقتضب : ٣ / ١٨٦ ، ٤ / ٢٨٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٤ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ٨٨ ، معجم المصطلحات النحوية : ٢٣١ ، معجم مصطلحات النحو : ٢٨٦.

(٣) في الأصل : يرى. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٤) في الأصل : يدخل. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٥) في الأصل : معرفة. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

٩٢

ثمّ ذكر أنّ الواقع موقع ما يقبل «أل» له حكمه ، وإليه أشار بقوله :

أو واقع موقع ما قد ذكرا

(فقوله «قد ذكر») (١) يعني به : قابل «أل» المذكور (٢) في صدر البيت.

[وقوله : «أو واقع» يعني به : الواقع موقع ما يقبلها ، وذلك](٣) كـ «ذو» ـ مثلا ـ التي بمعنى : صاحب ، لأنّه وإن كان لفظها لا يقبل الألف واللام ، فإنّها واقعة موقع «صاحب» ، وهو قابل الألف واللام لقولك : الصّاحب ، فلها (٤) حكمه.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وغيره معرفة كهم وذي

وهند وابني والغلام والّذي

يعني : أنّ غير النّكرة معرفة ، فالمعرفة هي (٥) ما لا يقبل «أل» (ولا) (٦) واقع موقع ما يقبلها (٧).

وذكر من (٨) المعارف ستّة : الضّمير (٩) كـ «هم» ، واسم الإشارة كـ «ذي» ، والعلم كـ «هند» ، والمضاف إلى المعرفة كـ «ابني» ، والمعرّف بـ «أل» كـ «الغلام» ، والموصول كـ «الّذي».

__________________

(١) ما بين قوسين ساقط في الأصل. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٢) في الأصل المذكورة. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع شرح الهواري (١٩ / أ) ، شرح دحلان : ٢١.

(٤) في الأصل : فله. انظر شرح الهواري (١٩ / أ).

(٥) في الأصل : هو. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٥.

(٦) ما بين قوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٥.

(٧) انظر شرح المكودي : ١ / ٤٥ ، وفي التعريفات : المعرفة ما وضع ليدل على شيء بعينه ، وهي المضمرات ، والأعلام ، والمبهمات ، وما عرف باللام ، والمضاف إلى أحدها. انظر التعريفات للجرجاني : ٢٢١ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ١٢٨ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ٨٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٧٣ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٥٢.

(٨) في الأصل : في. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٥.

(٩) الضمير ما وضع لمتكلم أو مخاطب أو غائب تقدم ذكره لفظا نحو «زيد ضربت غلامه» أو معنى بأن ذكر مشتقه ، كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أي : العدل أقرب ، لدلالة «اعدلوا» عليه ، أو حكما أي : ثابتا في الذهن كما في ضمير الشأن نحو «هو زيد قائم».

انظر التعريفات للجرجاني : ٢١٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٧ ، شرح الرضي : ٢ / ٤ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٣٧ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٣٤ ، معجم مصطلحات النحو : ١٨٧.

٩٣

ولم (١) يذكر المقصود في النداء نحو «يا رجل» (٢) ، وهو من المعارف ، ولو قال عوض هذا البيت / قول بعضهم :

وغيره معرفة كابني عمر

وذا الذي المشرق أنت يا قمر

لشمله ، ولكنّه إنّما تركه لأنّه داخل ـ كما قيل ـ في المعرّف بـ «أل» ، أو في اسم الإشارة (٣).

وأعرفها ضمير المتكلّم ، ثمّ ضمير المخاطب ، ثمّ العلم ، ثمّ ضمير الغائب السّالم عن إبهام ، ثمّ المشار به والمنادى ، ثمّ الموصول وذو الأداة ، والمضاف بحسب المضاف إليه ، كذا قال في التّسهيل (٤).

__________________

(١) في الأصل : وأخذ. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٥.

(٢) وذكره في الكافية حيث قال :

فمضمر أعرفها ثمّ العلم

واسم إشارة وموصول متم

فذو أداة أو منادى عينا

أو ذو إضافة بها تبيّنا

واختار ابن مالك في التّسهيل أن تعريفه بالقصد ، وذهب قوم إلى أن تعريفه بـ «أل» محذوفة ، وناب حرف النداء منابها.

انظر شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٢٢ ، التسهيل لابن مالك : ١٧٩ ، شرح دحلان : ٢١ ، شرح الأشموني : ١ / ١٠٦ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٤٥ ـ ٤٦ ، الهمع : ١ / ١٩٠.

(٣) قال المرادي في شرحه (١ / ١٢٦) : «فإن قلت بقي من المعارف قسم سابع وهو النكرة المقصودة في النداء نحو «يا رجل» فلم تركه؟ وما مرتبته.

قلت : لم يدع الحصر ، بل أتى بكاف التشبيه المشعرة بعدم الحصر ، وأيضا فقد ذهب قوم إلى أن نحو «يا رجل» إنما تعرف بـ «أل» المقدرة. وأما مرتبته عند من جعل تعريفه بالمواجهة والقصد فمرتبة اسم الإشارة. وانظر شرح الأشموني : ١ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ، شرح دحلان : ٢١ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٤٥ ـ ٤٦ ، شرح ابن باديس (٤١ / أ).

(٤) انظر التسهيل : ٢١ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٢٥. والذي عليه سيبويه وجمهور النحاة : أن أعرفها المضمرات ثم الأعلام ، ثم اسم الإشارة ، ثم المعرف باللام والموصولات. ومذهب الكوفيين : أن الأعرف العلم ، ثم المضمر ، ثم المبهم ، ثم ذو اللام ، وعليه الصيمري ، ونسب لسيبويه. وعن ابن كيسان : الأول ـ المضمر ، ثم العلم ، ثم اسم الإشارة ، ثم ذو اللام ، ثم الموصول. وعن ابن السراج : أعرفها اسم الإشارة ، لأن تعريفه بالعين والقلب ، ثم المضمر ، ثم العلم ، ثم ذو اللام ، ثم ما أضيف إلى أحد هذه المعارف. وذهب أبو سعيد السيرافي إلى أن أعرف المعارف الاسم العلم ، ثم المضمر ، ثم المبهم ، ثم ما عرف بالألف واللام ، ثم ما أضيف إلى أحد هذه المعارف. وذهب ابن حزم إلى أن المعارف كلها متساوية ، لأن المعرفة لا تفاضل ، إذ لا يصح أن يقال : عرفت هذا أكثر من هذا. وأجيب بأن مرادهم بأن هذا أعرف من هذا : أن تطرق الاحتمال إليه أقل من تطرقه إلى الآخر.

انظر الكتاب : ١ / ٢١٩ ، الهمع : ١ / ١٩١ ، الإنصاف : ٢ / ٧٠٧ ـ ٧٠٨ ، أسرار العربية : ٣٤٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٦ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٧ ، شرح الرضي : ١ / ٣١٢ ، حاشية الصبان : ١ / ١٠٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٩٥ ، التبصرة والتذكرة للصيمري : ١ / ٩٥ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ٨٧.

٩٤

والصّحيح ما نسب إلى سيبويه : أنّ المضاف في رتبة المضاف إليه ، إلّا المضاف إلى المضمر فإنّه في رتبة العلم (١).

وذهب المبرّد (٢) إلى أنّ المضاف دون المضاف إليه مطلقا (٣).

فتحصّل ثلاثة أقوال (٤).

ولم يرتّب المعارف في المثال ، ورتّبها في الفصول كما ترى.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

فما لذي غيبة او حضور

كأنت وهو سمّ بالضّمير

يعني : أنّ ما دلّ على غيبة كـ «هو» بتمامها عند البصريين ، و «الهاء» وحدها عند الكوفيين (٥) ، أو حضور سواء كان لمتكلم كـ «أنا» بزيادة ألف عند

__________________

(١) قال في الكتاب (١ / ٢١٩) : «وأما المضاف إلى المعرفة فنحو قولك : «هذا أخوك ومررت بأبيك» وما أشبه ذلك ، وإنما صار معرفة بالكاف التي أضيف إليها ، لأن الكاف يراد بها الشيء بعينه دون سائر أمته» ، انتهى. فذكر أن المضاف بمنزلة ما أضيف إليه ، ولم يذكر أن المضاف إلى المضمر بمنزلة العلم ، فهذا مما نسب إليه ، وانظر شرح ابن يعيش : ٥ / ٨٧ ، شرح الرضي : ١ / ٢١٣ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٧٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٦ ، ونسب هذا الرأي للأندلسيين في الهمع : ١ / ١٩٣.

(٢) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي الثمالي البصري أبو العباس المعروف بالمبرد ، ولد بالبصرة سنة ٢١٠ ه‍ ، انتهى إليه علم النحو بعد طبقة الجرمي والمازني وكان بينه وبين ثعلب من المنافرة ما لا يخفى ، توفي ببغداد سنة ٢٨٥ ه‍ ، من آثاره : المقتضب ، معاني القرآن ، شرح شواهد الكتاب ، إعراب القرآن ، والرد على سيبويه ، وغيرها.

انظر ترجمته في أخبار النحويين البصريين : ١٦ ، بغية الوعاة : ١١٦ ، طبقات النحويين واللغويين : ١٠١ ، أنباء الرواة : ٣ / ٢٤١ ، الأعلام : ٧ / ٤٤ ، معجم المؤلفين : ١٢ / ١١٤ ، معجم الأدباء : ١٩ / ١١١ ، البداية والنهاية : ١١ / ٧٩ ، مرآة الجنان : ٢ / ٣١٠ ، النجوم الزاهرة : ٣ / ١١٧ ، شذرات الذهب : ٢ / ١٩٠ ، هدية العارفين : ٢ / ٢٠.

(٣) انظر شرح الرضي : ١ / ٣١٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٣٦ ، الهمع : ١ / ١٩٣ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٢٧٦.

(٤) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥. وهناك قول رابع ذكره صاحب الهمع ، وهو أن المعرف بالإضافة دون ما أضيف إليه لا المضاف لذي «أل» ، حكاه في الإفصاح. انظر الهمع : ١ / ١٩٣.

(٥) وكذلك الأمر في «هي» ، والواو والياء فيهما زائدتان ، لحذفهما في المثنى والجمع ، ومن المفرد في لغة. قال السيوطي : وهذا المذهب هو المختار عندي. وقال ابن يعيش : والصواب مذهب البصريين لأنه ضمير منفصل مستقل بنفسه ، يجري مجرى الظاهر ، فلا يكون على حرف واحد ، ولأن المضمر إنما أتى به للإيجاز والاختصار ، فلا يليق به الزيادة.

واتفقوا على أن الألف والميم والنون في «هما وهم وهن» زوائد ، وقال أبو علي : الكل أصول. قال الأشموني : وهو ظاهر كلام الناظم هنا وفي التسهيل.

٩٥

البصريين ، وبأصالتها عند الكوفيين (١) ، أو لمخاطب كـ «أنت» بزيادة التّاء عند / البصريين ، وبأصالتها عند بعض الكوفيين (٢) ـ يسمّى ضميرا (٣) بمعنى : المضمر على حدّ قولهم : «عقدت العسل ، فهو عقيد» أي : معقود (٤) ، وهو اصطلاح بصريّ (٥) ، والكوفيّة يسمّونه كناية ومكنيا (٦) ، لأنه ليس باسم صريح ، والكناية تقابل الصّريح ، قال ابن هانئ (٧) :

__________________

انظر : الإنصاف (مسألة : ٩٦) : ٢ / ٦٧٧ ، الهمع : ١ / ٢٠٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٤ ، شرح الرضي : ٢ / ١٠ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٤٣ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ٩٦ ، التسهيل : ٢٦.

(١) والمختار عند الناظم مذهب الكوفيين بدليل إثبات الألف وصلا في لغة بني تميم ، واستدل البصريون على زيادة الألف : بحذفها وصلا. وذهب بعض المتقدمين إلى أن «أنا» مركب من ألف «أقوم» ، ونون «نقوم».

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، الهمع : ١ / ٢٠٧ ، شرح التسهيل : ١ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٤٠ ، شرح الرضي : ٢ / ٩ ، شرح الفريد : ٣٩٩ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ٩٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٥ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٤ ، وانظر ص ١٠٤ من هذا الكتاب.

(٢) وهو مذهب الفراء. وذهب ابن كيسان إلى أن الضمير في «أنت» وفروعه : التاء فقط ، وهي تاء «فعلت» ، وكثرت بـ «أن» ، وزيدت الميم للتقوية ، والألف للتثنية ، والنون للتأنيث. ورد بأن التاء على ما ذكر للمتكلم ، وهو مناف للخطاب. وذهب بعض المتقدمين إلى أن «أنت» مركب من ألف «أقوم» ونون «نقوم» وتاء «تقوم». واتفقوا على زيادة ما بعد التاء ، وهي «ما» في «أنتما» ، والميم في «أنتم» والنون في «أنتن».

انظر : التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، الهمع : ١ / ٢٠٨ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٤ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٤٣.

(٣) في الأصل : ضمير.

(٤) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥.

(٥) والضمير : فعيل من الضمور وهو الهزال ، لقلة حروفه غالبا ، أو من الإضمار ، وهو الإخفاء لكثرة استتاره ، ولأنه خفي في نفسه لعدم صراحته كالمظهر مع ما فيه من حروف الهمس غالبا ، وهي التاء والكاف والهاء ، ولذا يسمى مضمرا عندهم.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح الشذور : ١ / ١٢٧ ، الهمع : ١ / ١٩٤ ، شرح الأشموني : ١ / ١٠٩ ، مصطلحات الكوفيين النحوية : ١١١ ، حاشية السجاعي على القطر : ٤٤ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٣ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٣٤.

(٦) أي : كني به عن الظاهر اختصارا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٧ ، الهمع : ١ / ١٩٤ ، شرح الشذور : ١٣٤ ، حاشية السجاعي على القطر : ٤٤ ، مصطلحات الكوفيين النحوية : ١١١ ، شرح الأشموني : ١ / ١٠٩ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٤ ، معجم المصطلحات النحوية : ١٣٤.

(٧) هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول (وقيل : عبد الله) بن الصباح الحكمي بالولاء ، المعروف

٩٦

١١ ـ فصرّح بمن تهوى ودعني من الكنى

فلا خير في اللذّات من دونها ستر

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وذو اتّصال منه ما لا يبتدا

ولا يلي إلّا اختيارا أبدا

أي : ينقسم الضّمير البارز إلى منفصل عن عامله ـ وسيأتي ـ ، وإلى متّصل ، وهو ما لا يصلح الابتداء به ، أي : وقوعه في أوّل الكلام ، ولا يلي «إلّا» في الاختيار.

وفهم منه أنّه يلي «إلّا» في غير الاختيار ، وهو الضّرورة ، كقوله :

١٢ ـ وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

ألّا يجاورنا إلّاك ديّار

__________________

بأبي نواس (أبو علي) ، أديب شاعر ، ولد بالأهواز سنة ١٤٦ ه‍ (وقيل : ١٣٠ ، و : ١٣٦ ، و : ١٤١ ، و : ١٤٥ ه‍) ، ونشأ بالبصرة ورحل إلى بغداد ، فاتصل فيها بالخلفاء العباسيين ، ومدح بعضهم ، وخرج إلى دمشق ومنها إلى مصر ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها سنة ١٩٨ ه‍ (وقيل : ١٩٥ ، و : ١٩٦ ه‍) له ديوان شعر.

انظر ترجمته في الأعلام : ٢ / ٢٢٥ ، الشعر والشعراء : ٢ / ٨٠٠ ، البداية والنهاية : ١٠ / ٢٢٧ ، نزهة الألباء : ٩٦ ، شذرات الذهب : ١ / ٣٤٥ ، النجوم الزاهرة : ٢ / ١٥٦ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٩٥ ، كشف الظنون : ٧٧٤ ، روضات الجنات : ٢١١ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٣٠٠.

١١ ـ من الطويل للحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس من قصيدة له في ديوانه (٢٨) ، أولها :

ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر

ولا تسقني سرّا إذا أمكن الجهر

ورواية الديوان : «فبح باسم من تهوى» بدل «فصرّح بمن تهوى». والمعنى : يطلب الشاعر من المحب أن يصرح باسم من يحبه وأن يتجنب الكناية في ذلك ، لأنه لا خير ولا متعة في اللذات إذا كانت مستترة. والشاهد فيه أن لفظ الكناية يقابل في معناه لفظ الصريح.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٤٣ ، والأشياه والنظائر للسيوطي : ٤ / ١٨ ، إرشاد الطالب النبيل (٤٦ / ب).

١٢ ـ من البسيط ، قال العيني : «هذا البيت أنشده الفراء ولم ينسبه إلى أحد» ، وفي الخزانة : «وهذا البيت قلما خلا منه كتاب نحوي والله أعلم بقائله». ويروى : «وما لنا» بدل «وما علينا» ، ويروى : «ما علينا» أيضا. ما نبالي : أي : ما نكترث. إلاك : أي : إلا إياك ، والكاف في موضع نصب على الاستثناء لتقدمه على المستثنى منه ، وهو «ديار». والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٨ ، ١٩٢ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٢٥٣ ، الخزانة : ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠١ ، ١٠٣ ، مغني اللبيب (رقم) : ٨١٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١٠٩ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٤ ، شواهد الجرجاوي : ١٢ ، شرح المكودي : ١ / ٤٦ ، الضرائر : ٢٦٢ ، كاشف الخصاصة : ٢٤ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤١٠ ، ٤٧٢ ، ٢ / ١٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٩ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٦٨ ، شواهد المغني : ٢ / ٨٤٤ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٢٢٧ ، الجامع الصغير : ٢١ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٤٦٤ ، توجيه اللمع لابن الخباز : ٢٥٥ ، التوطئة للشلوبيني : ١٨٦ ، فتح رب البرية : ١ / ١١٣.

٩٧

والقياس : إلّا إيّاك ، ولكنّه اضطرّ فحذف «إيّا» وأبقى «الكاف» ، أو أوقع (١) المتّصل موقع المنفصل.

وأجاز ابن الأنباريّ (٢) وقوع المتصل بعد «إلّا» مطلقا (٣) ، ومنعه المبرّد مطلقا (٤). وأنشد مكان «إلّاك» : «سواك» (٥).

ثم قال :

كالياء (والكاف) (٦) من ابني أكرمك

والياء والها من سليه ما ملك

أتى بهذه المثل محتوية على أربعة ألفاظ من الضّمائر المتصلة / وشملت أنواع الضمير الثلاثة من المتكلم والمخاطب والغائب ، ومحالّه الثّلاثة من الرفع والنصب والجرّ ، فالياء من «ابني» للمتكلم ، ومحلّها جرّ بالإضافة ، والكاف من «أكرمك» للمخاطب ومحلّها نصب (٧) بـ «أكرم» ، والياء من «سليه» للمخاطبة ، ومحلّها رفع على الفاعلية ، والهاء من «سليه» للغائب ، ومحلّها نصب على المفعولية.

__________________

(١) في الأصل : أو واقع. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٨.

(٢) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنباري (نسبة إلى الأنبار : قرية على الفرات بالعراق) ، كمال الدين ، أبو البركات ، من علماء النحو واللغة والأدب ، وتاريخ الرجال ، ولد سنة ٥١٣ ه‍ ، وتصدر لإقراء النحو بالمدرسة النظامية ببغداد ، وأخذ عنه العلماء ، وتوفي ببغداد سنة ٥٧٧ ه‍ من آثاره الكثيرة : أسرار العربية ، الإنصاف في مسائل الخلاف ، البيان في غريب إعراب القرآن ، وغيرها.

انظر ترجمته في بغية الدعاة : ٣٠١ ، فوات الوفيات : ١ / ٢٦٢ ، الأعلام : ٣ / ٣٢٧ ، معجم المؤلفين : ٥ / ١٨٣ ، ١٣ / ٣٩٦.

(٣) وأجاز الكوفيون «إلّاه» على أن الهاء في موضع نصب. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٠ ، الهمع : ١ / ١٩٦ ، إعراب ابن النحاس : ٤ / ٤٠٤.

(٤) قال المبرد في المقتضب (١ / ٣٩٦) : «فإن كان موضع لا يقع فيه المتصل وقع فيه المنفصل هذا جملة هذا ، تقول : «أنت قمت» فتظهر «أنت» لأن التاء تكون في «فعلت» لا تقع هاهنا ، وتقول : «ما جاءك إلا أنا» و «ما جاءني إلا أنت» ، و «ما ضربت إلا إياك» ، و «إياك ضربت» ، لأن الكاف التي في «ضربتك» لا تقع هاهنا لا تقول : «كضربت» وكذلك جميع هذا».

(٥) وبذلك يحتاج إلى الجواب عن قول الشاعر :

أعوذ بربّ العرش من فئة بغت

عليّ فما لي عوض إلّاه ناصر

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٢٩ ، إعراب ابن النحاس : ٤ / ٤٠٤ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٤٧.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ١٥.

(٧) في الأصل : النصب. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٨ ، حيث إنّه قال قبله : «ومحلّها جرّ» ، وقال بعده : «ومحلّها رفع» ، وبذلك يكون الكلام على نسق واحد.

٩٨

والحاصل أنّ الياء والكاف والهاء ضمائر متصلة ، لأنّه لا يبتدأ بشيء منها ، ولا يقع بعد «إلّا» في الاختيار.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

يعني : أنّ الضمائر كلّها مبنية وجوبا ، واختلف في سبب بنائها :

فقيل : شبه الحرف في المعنى ، لأنّ كلّ مضمر مضمّن معنى المتكلم أو الخطاب أو الغيبة ، وهي من معاني الحروف (١).

وقيل : شبه الحرف في الوضع ، لأنّ أكثر المضمرات على حرف أو حرفين ، وحمل ذلك الأقلّ على الأكثر (٢).

وقيل : شبه الحرف في الافتقار ، لأنّ المضمر لا تتمّ دلالته على مسمّاه إلّا بضميمة مشاهدة أو غيرها (٣).

وقيل : شبه الحرف في الجمود (٤).

وقيل : اختلاف صيغه لاختلاف معانيه (٥).

__________________

(١) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٠ ، شرح المرادي : ١ / ٣١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٠ ، الهمع : ١ / ٥٢ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٥.

(٢) قال ابن حمدون : وقد ذكر في التسهيل أربعة أسباب أصحها الشبه الوضعي في جميعها ، لأنها إما موضوعة على حرف أو حرفين فقط على الأصح ، إلا «نحن» فهو موضوع على ثلاثة ، وحمل على سائرها طردا للباب ، ويدل على أنه أصح ـ قوله سابقا :

كالشّبه الوضعيّ في اسمي جئتنا

ولا تكرار بين ما هنا ، لأنه لما كان الوضع فيها قد يكون على ثلاثة ربما يتوهم المتوهم أنه معرب ، رفع ذلك التوهم بالنص على البناء هنا.

انظر حاشية ابن حمدون : ١ / ٤٧ ، التسهيل : ٢٩ ، الهمع : ١ / ٥٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٨٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٣١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٠ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٠ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣.

(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٠ ، التسهيل : ٢٩ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٨٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٣١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٠ ، الهمع : ١ / ٥٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ١٠٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٣٣.

(٤) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٠ ، التسهيل : ٢٩ ، شرح التسهيل : ١ / ١٨٥ ، الهمع : ١ / ٥٢ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٣١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٠.

(٥) والمراد باختلاف صيغه لاختلاف معانيه : أن المتكلم إذا عبر عن نفسه خاصة فله تاء مضمومة في الرفع ، وفي غيره ياء ، وإذا عبر عن المخاطب فله تاء مفتوحة في الرفع ، وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ، ومكسورة في التأنيث ، فأغنى ذلك عن إعرابه ، لأن الامتياز حاصل بدونه.

٩٩

وقيل غير ذلك.

وقوله :

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

يعني : أنّ / كلّ ضمير نصب صالح للجرّ ، وكلّ ضمير جرّ صالح للنصب ، وهو ثلاثة :

أحدها : ياء المتكلم نحو ((ربي) (١) اكرمني) [الفجر : ١٥] ، فالياء من (رَبِّي) في محل جرّ بإضافة «ربّ» إليها ، وفي («أكرمني») في محلّ نصب على المفعولية بـ «أكرم».

وثانيها : كاف الخطاب ، نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٢] ، فالكاف من (وَدَّعَكَ) في محلّ نصب على المفعولية ، ومن (رَبُّكَ) في محل جرّ بإضافة «ربّ» إليها.

وثالثها : هاء الغائب ، نحو (قالَ لَهُ صاحِبُهُ ، وَهُوَ يُحاوِرُهُ) [الكهف : ٣٧] ، فالهاء من «له» (و «صاحبه») (٢) في محلّ جرّ في الأوّل بـ «اللام» ، وفي الثّاني بالإضافة ، وفي «يحاوره» (٣) في محلّ نصب على المفعوليّة بـ «يحاور».

ثم قال رحمه‌الله تعالى :

للرّفع والنّصب وجرّنا صلح

كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح

أي : «نا» الدّال على المتكلّم ومعه غيره ، أو المعظّم (٤) نفسه ـ صالح للإعراب كلّه : رفعه ونصبه وجرّه ، وقد مثّل به مجرورا في قوله : «كاعرف بنا»

__________________

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٠ ، شرح التسهيل : ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ، التسهيل : ٢٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٢ ، الهمع : ١ / ٥٣ ، شرح الرضي : ٢ / ٣ ، حاشية الخضري : ١ / ٥٥.

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.

و («أكرمني») بإثبات الياء وصلا ووقفا في قراءة البزيّ والقواس ويعقوب ، وقرأ نافع وأبو جعفر بإثبات الياء وصلا لا وقفا ، وقرأ الباقون وهم ابن عامر وعاصم وخلف بحذف الياء وصلا ووقفا.

انظر المبسوط في القراءات العشر : ٤٧٢ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٨٢ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، حجة القراءات : ٧٦٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح : ١ / ٩٩.

(٣) في الأصل : يحاور. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.

(٤) في الأصل : والمعظم. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٧.

١٠٠