أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]
المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٠٤
المعجمة ـ كـ «أنف النّاقة» لقب جعفر بن قريع (١) ، وسبب جريان هذا اللقب عليه : أنّ أباه ذبح ناقة وقسّمها بين نسائه ، فبعثته أمه إلى أبيه ، ولم يبق إلا رأس الناقة ، فقال له أبوه : شأنك به ، فأدخل يده في / أنف الناقة ، وجعل يجرّه ، فلقّب (٢) به ، وكان يغضب من هذا اللقب (٣).
وقوله :
وأخّرن ذا إن سواه صحبا
الإشارة بـ «ذا» إلى اللقب ، يعني : أن اللقب إذا صحب سواه يجب تأخيره عن الاسم أو الكنية ، لأنّ قوله : «سواه» شامل لهما ، كـ «زيد زين العابدين ، أو أنف النّاقة» ، و «أبي حفص عمر» ، وهذا في الغالب ، وربّما تقدّم اللقب على الاسم ، كقول أوس (٤) أخي عبادة بن الصّامت (٥) رضياللهعنهما :
__________________
انظر ترجمته في حلية الأولياء : ٣ / ١٣٣ ، صفة الصفوة لابن الجوزي : ٢ / ٥٢ ، طبقات ابن سعد : ٥ / ١٥٦ ، تاريخ ابن الوردي : ١ / ١٨٠ ، الأعلام : ٤ / ٤٧٧ ، تاريخ اليعقوبي : ٣ / ٤٥ ، نزهة الجليس للعباس الموسوي : ٢ / ١٥.
(١) هو جعفر بن قريع بن عوف من تميم من عدنان ، جد جاهلي ، كان لقبه «أنف الناقة» وبه عرف بنوه ، وكانوا يكرهون هذا اللقب ، حتى قال فيهم الحطيئة :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم |
|
ومن يسوّي بأنف النّاقة الذّنبا |
فانقلب مدحا.
انظر ترجمته في الأعلام : ٢ / ١٢٦ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٧٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.
(٢) في الأصل : فقلب. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.
(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠ ، حاشية الخضري : ١ / ٦٣ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٨ / أ).
(٤) هو أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف ابن الخزرج الأنصاري ، أخو عبادة بن الصامت ، صحابي جليل ، شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان شاعرا ومن شعره البيت المذكور ، سكن بيت المقدس ، وتوفي بالرملة من أرض فلسطين سنة ٣٤ ه وهو ابن ٧٢ سنة.
انظر ترجمته في الإصابة لابن حجر (تحقيق البجاوي) : ١ / ١٥٦ ، أسد الغابة لابن الأثير : ١ / ١٧٧ ، الاستيعاب لابن عبد البر : ١ / ١١٨ ، تجريد أسماء الصحابة للذهبي : ٣٦.
(٥) هو عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم الخزرجي الأنصاري ، أبو الوليد ، صحابي جليل شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان ممن جمع القرآن في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، توفي بالرملة سنة ٣٤ ه ، وهو ابن ٧٢ سنة وقيل : توفي سنة ٤٥ ه.
انظر ترجمته في الإصابة : ٣ / ٦٢٤ ، أسد الغابة : ٣ / ١٦٠ ، الاستيعاب : ٢ / ٨٠٧ ، تجريد أسماء الصحابة : ٢٩٤.
١٨ ـ أنا ابن مزيقيا عمرو وجدّي |
|
... |
فقدّم اللقب وهو «مزيقيا» على الاسم ، وهو «عمرو» ، وعليه عمل الناس اليوم.
ومشى ابن هشام في التوضيح (٢) على أنّه لا ترتيب بين الكنية وغيرها من اسم أو لقب ، فيجوز تقديم الكنية على الاسم واللقب ، وتأخيرها عنهما ، لأنّ في نسخة أخرى من الخلاصة :
... |
|
وذا اجعل آخرا إذا اسما صحبا |
فالإشارة بـ «ذا» إلى اللقب ، وهي أصرح في المراد ، ولكن قال المراديّ : «وما سبق أولى ، لأنّ هذه النّسخة لا يفهم منها حكم اللّقب مع الكنية». انتهى (٣).
ولك أن تقول : أمّا كونها لا يفهم منه حكم اللّقب مع الكنية فمسلّم باعتبار المنطوق ، وغير مسلّم باعتبار المفهوم ، وأما كونها أولى فممنوع (٤) ، لأنّها تفهم غير الصّواب.
ثمّ قال رحمهالله تعالى (٥) / :
وإن يكونا مفردين فأضف |
|
حتما وإلّا أتبع الّذي ردف |
__________________
(١٨) ـ صدر بيت من الوافر لأوس بن الصامت ، وعجزه :
أبوه منذر ماء السّماء
وروي في الأسد والاستيعاب «عامر» بدل «منذر». مزيقيا : لقب عمرو ، وعمرو ـ بالجر ـ عطبف بيان على «مزيقيا» ، أو بدل منه ، وسبب جريان هذا اللقب على «عمرو» : أنه كان من ملوك اليمن ، وكان يلبس كل يوم حليتين ، فإذا أمسى مزقهما كراهية أن يلبسهما ثانيا ، أو أن يلبسهما غيره. و «منذر» : أحد أجداده لأمه وهو منذر بن امرئ القيس بن النعمان أحد ملوك الحيرة ، وماء السماء : لقب منذر ، واختلف في سبب جريانه عليه ، فقيل : لحسن وجهه ، وقيل : إن أمه كان يقال لها : «ماء السماء» لحسنها ، واشتهر المنذر بلقب أمه ، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم بن الخزرج. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢١ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٩١ ، شرح الأشموني : ١ / ١٣٨ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٤٩٨ ، أوضح المسالك : ٢٥ ، الخزانة : ٤ / ٣٦٥ ، أسد الغابة : ١ / ١٧٧ ، الاستيعاب : ١ / ١١٨ ، السراج المنير للزبيدي (مخطوط) : ١٢٧.
(١) انظر أوضح المسالك : ٢٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢١.
(٢) انظر شرح المرادي : ١ / ١٧١ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢.
(٣) في الأصل : فمنوع. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢.
(٤) في الأصل : ثم قال رحمهالله تعالى. مكرر.
يعني : أنّ اللّقب إذا اجتمع مع الاسم ، وكانا مفردين أي : غير مضافين ، ولا أحدهما ، كـ «سعيد كرز» ـ بضم الكاف ، وسكون الراء المهملة ، وفي آخره زاي ، وهو في الأصل : خرج الرّاعي (١) ـ ، فأضف الاسم إلى اللّقب وجوبا (٢) ـ ولا مدخل هنا للكنية (٣) فإنّها من قبيل المضاف ، ويلزم حينئذ أن يكون اللّقب هو المضاف إليه ، لأنّه قد ذكر قبل هذا : أنّه يجب تأخيره ـ وهذا مذهب جمهور البصريين (٤).
ويردّه النّظر من جهتي الصّناعة والسّماع :
أما الصناعة : فلأنّا لو أضفنا الأوّل إلى الثّاني لزم إضافة الشّيء إلى نفسه ، وهو باطل.
وأما السّماع : فقولهم : «هذا يحيى عينان» بغير إضافة ، وإلا لقالوا : «عينين».
وقد ردّ هذين الوجهين الشّيخ خالد في شرح التّوضيح (٥).
__________________
(١) ويطلق على اللئيم والحاذق أيضا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢ ، حاشية الصبان : ١ / ١٣٠ ، اللسان : ٥ / ٣٨٥٣ (كرز).
(٢) وذلك إن لم يمنع من الإضافة مانع ، كما إذا كان الاسم مقرونا بـ «أل» كالحارث قفة ، أو اللقب وصفا في الأصل مقرونا بأل كـ «هارون الرشيد» ، ومحمد المهدي ، فلا يضاف الأول إلى الثاني ، نص على ذلك ابن خروف. انظر التصريح على التوضيح : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٩ / أ).
(٣) في الأصل : للنية. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٦.
(٤) وذلك على تأويل الأول بالمسمى ، والثاني بالاسم ، والمعنى هنا : مسمى هذا اللقب ، وذلك تخلصا من إضافة الشيء إلى نفسه. وذهب الكوفيون ـ منهم الفراء ـ والزجاج من البصريين إلى جواز إتباع الثاني للأول على أنه بدل منه أو عطف بيان ، نحو «هذا سعيد كرز ، ورأيت سعيدا كرزا ، ومررت بسعيد كرز» والقطع على النصب بإضمار فعل ، وإلى الرفع بإضمار مبتدأ ، نحو «مررت بسعيد كرزا وكرز» ، أي : أعني كرزا ، وهو كرز ، وعليه جرى ابن مالك في التسهيل وشرحه ، واختاره الرضي.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، التسهيل : ٣٠ ـ ٣١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٥٠ ، شرح الرضي : ٢ / ١٣٩ ، شرح التسهيل : ١ / ١٩٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٧١ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٣٠ ، الهمع : ١ / ٢٤٦ ، شرح ابن الناظم : ٧٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٤.
(٥) فقال في (١ / ١٢٣) : وأجيب عن الأول بأنه من إضافة المسمى إلى الاسم ، فمعنى «جاءني سعيد كرز» بإضافة : جاءني مسمى هذا الاسم ، وإنما أول الأول بمسمى والثاني بالاسم ، لأن الأول هو المعرض للإسناد إليه ، والمسند إليه إنما هو المسمى ، فلزم أن يقصد بالثاني مجرد اللفظ. وأجيب عن الثاني بأنه يحتمل أن يكون جاء على لغة من يلزم المثنى الألف مطلقا».
وقوله : «وإلا أتبع الذي ردف» يعني : وإن لم (١) يكونا مفردين أتبع الآخر الأوّل ، أي (٢) : اجعله تابعا له في الإعراب ، وتبعيّته له : إمّا على بدل الكلّ من الكلّ ، أو عطف بيان.
وشمل قوله : «وإلّا» ثلاث صور :
ـ أن يكونا مضافين ، نحو «هذا عبد الله أنف النّاقة».
ـ أو الأول مضافا ، والثّاني مفردا ، نحو «عبد الله كرز».
ـ أو الأول مفردا ، والثاني مضافا ، نحو «هذا زيد أنف الناقة».
والإتباع في جميع / ذلك واجب على المختار (٣).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ومنه منقول كفضل وأسد |
|
وذو ارتجال كسعاد وأدد |
يعني : أنّ العلم ضربان : منقول ومرتجل.
فالمنقول : ما تقدّم (٤) له استعمال قبل العلمية.
ويكون منقولا من المصدر كـ «فضل» ، وهو في الأصل مصدر «فضل يفضل فضلا».
ومن اسم العين كـ «أسد» ، فإنه في الأصل اسم جنس للحيوان المفترس.
ومن الصّفة كـ «حسن» ، فإنه في الأصل صفة مشبّهة من «حسن يحسن».
ومن الفعل الماضي كـ «شمّر» لفرس (٥) ، أو المضارع كـ «يشكر» لرجل ،
__________________
(١) في الأصل : لا. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٦.
(٢) في الأصل : ورأى. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٦.
(٣) وقال الرضي : «وإن كانا مفردين أو أولهما جاز إضافة الاسم إلى اللقب ، والإتباع بيانا أو بدلا ، ولك القطع إلى الرفع بإضمار «هو» أو إلى النصب بإضمار «أعني». انتهى. ولم يذكر الناظم القطع بالاتباع هنا ولا في شرح الكافية ، وذكره في شرح التسهيل. انظر شرح الرضي : ٢ / ١٣٩ ، حاشية الصبان : ١ / ١٣٠ ، شرح المكودي : ١ / ٥٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٥٠ ، شرح التسهيل : ١ / ١٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٧٤ ، شرح الأشموني : ١ / ١٣٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٧٢ ، الهمع : ١ / ٢٤٧.
(٤) في الأصل : ما نقل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٧.
(٥) في الأصل : كفرس. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٥ ، وانظر اللسان : ٤ / ٢٣٢٣ (شمر) ، شرح الأشموني : ١ / ١٣١.
وهو نوح عليهالسلام (١) ، أو الأمر كـ «إصمت» لبرية ، قال الرّضيّ (٢) : وكسر الميم منه ، والمسموع في الأمر الضّمّ ، لأنّ الأعلام كثيرا ما يغيّر لفظها (٣) عند النّقل. انتهى (٤).
ومن الحرف ، كما لو سمّيت رجلا بواحد من صيغ الحروف ، قاله الفخر الرّازيّ في شرح المفضّل (٥).
ومن الجملة الفعلية كـ «شاب قرناها» أي : ذؤابتا شعرها (٦) ، أو الاسميّة كـ «زيد منطلق» ، وليس بمسموع ، كما قال في شرح التّسهيل (٧) ، ولكنّهم قاسوه (٨).
والمرتجل ـ أي المبتكر (٩) ـ : ما لم يتقدّم له استعمال قبل العلمية ، كـ «سعاد» اسم امرأة ، و «أدد» علم لرجل ، وهو أبو قبيلة من اليمن ، وهو أدد بن زيد بن كهلان (١٠) بن سبأ (١١)(١٢).
__________________
(١) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٥ ، إرشاد الطالب النبيل (٦٠ / ب).
(٢) هو محمد بن الحسن الاسترابادي السمناني نزيل النجف ، رضي الدين ، نجم الدين ، عالم بالعربية من أهل استراباد (من أعمال طبرستان) ، اشتهر بكتابيه الوافية في شرح الكافية ، وشرح الشافية لابن الحاجب ، توفي سنة ٦٨٦ ه.
انظر بغية الوعاة : ٢٤٨ ، هدية العارفين : ٢ / ١٣٤ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٤٧ ، معجم المؤلفين : ٩ / ١٨٣ ، شذرات الذهب : ٥ / ٣٩٥ ، كشف الظنون : ١٠٢١ ، ١٣٧٠ ، الخزانة : ١ / ٢٨.
(٣) في الأصل : لفظهما. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦ ، شرح الرضي : ٢ / ١٣٨.
(٤) انظر شرح الكافية للرضي : ٢ / ١٣٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦.
(٥) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦ ، إرشاد الطالب النبيل (٦١ / أ).
(٦) انظر اللسان : ٥ / ٣٦٠٧ (قرن) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦.
(٧) قال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٩١) : «ولم يرد عن العرب علم منقول من مبتدأ وخبر». وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦.
(٨) قاسه النحاة على ما سمع من النقل من الجمل الفعلية ، وجعلوه قسيما له على تقدير التسمية بها. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦.
(٩) من ارتجل الخطبة والشعر إذا ابتدأهما من غير تهيؤ لهما قبل ، فكأنه مأخوذ من قولهم : «ارتجل الشيء» إذا فعله قائما على رجليه من غير أن يقعد ويتروى.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٥ ، حاشية الخضري : ١ / ٦٥ ، اللسان : ٣ / ١٦٠٠ (رجل) ، حاشية الصبان : ١ / ١٣١ ، شرح الرضي : ٢ / ١٣٨.
(١٠) في الأصل : هلال. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٥.
(١١) ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن حمير. وذكر العصامي في شرح الفريد : أنه من أجداد النبي صلىاللهعليهوسلم.
انظر معجم قبائل العرب : ٣ / ١٠٠٢ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٥ ، الخزانة : ٢ / ٣٨٤ ، الصحاح واللسان (أدد) ، شرح الفريد : ١٦٠ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٥.
(١٢) وما ذكر من تقسيم العلم إلى مرتجل ومنقول هو المشهور ، وهو في ذلك متابع للناظم.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وجملة وما بمزج ركّبا |
|
/ ذا إن بغير ويه تمّ أعربا |
وشاع في الأعلام ذو الإضافه |
|
كعبد شمس وأبي قحافه |
يعني : أنّ العلم ينقسم أيضا إلى مفرد كـ «زيد» ، وإلى مركّب ، وهو ثلاثة أنواع :
ـ مركّب إسناديّ : وهو كلّ كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى كـ «برق نحره» ، وإلى هذا أشار بقوله : «وجملة» وهذا النّوع مبنيّ ، وحكمه الحكاية على ما كان عليه قبل التّسمية به.
ـ ومركّب مزجيّ ـ أي : مخلوط ـ وهو : كلّ كلمتين نزّلت ثانيتهما (١) منزلة تاء التأنيث ممّا قبلها ، وحكم الجزء الأوّل أن يفتح آخره ، كـ «بعلبكّ» (٢) ، إلا أن يكون «ياء» فيسكّن ، كـ «معدي كرب» ، وحكم الثّاني أن يعرب بالضّمة رفعا والفتحة نصبا وجرّا إعراب ما لا ينصرف للتركيب والعلمية ، إلا أن يكون الجزء الثّاني كلمة «ويه» ، فيبنى على الكسر في الأشهر عند سيبويه ، كـ «عمرويه» (٣) ، وإلى ذلك أشار بقوله : «وما بمزج ركّبا ذا إن بغير ويه تمّ ـ
__________________
وعن سيبويه : الأعلام كلها منقولة ، لأن الأصل في الأسماء التنكير ، وعن الزجاج : كلها مرتجلة ، لأن الأصل عدم النقل ، والمرتجل عنده : ما لم يقصد في وصفه النقل من محل آخر إلى هذا. وذهب أبو حيان إلى أن الذي علميته بالغلبة لا منقول ولا مرتجل.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٦ ، شرح التسهيل : ١ / ١٩٠ ، التسهيل : ٣٠ ، شرح الرضي : ٢ / ١٣٨ ، شرح الأشموني : ١ / ١٣١ ، الهمع : ١ / ٢٤٧ ، شرح المرادي : ١ / ١٧٣ ، شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٥٢.
(١) في الأصل : نزل ثانيها. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٨.
(٢) بعلبك : اسم بلد بالشام ، والأغلب عليها التأنيث ، وهو مركب من «بعل» اسم صنم ، و «بك» اسم صاحب هذه البلدة.
انظر معجم البلدان : ١ / ٤٥٣ ، اللسان : ١ / ٣١٧ (بعل) ، مراصد الاطلاع : ١ / ٢٠٧ ، معجم ما استعجم : ١ / ٢٦٠.
(٣) وذلك لأنه مركب من اسم وصوت مشبه للحرف في الإهمال ، أو لأنه أعجمي لا معنى له عندهم ، أو ليفرقوا بين التركيب مع الأعجمي وبينه مع العربي ، وهو اللغة الفصحى ، وقيل : وقد يبنى على الفتح كـ «خمسة عشر» ، وأجاز الجرمي إعرابه إعراب ما لا ينصرف.
انظر الكتاب : ٢ / ٥٢ ـ ٥٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٨ ، الهمع : ١ / ٢٤٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٨٤ ـ ٨٥ ، الإيضاح في شرح المفصل : ١ / ٧٣ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٣٤ ، البهجة المرضية : ٢٨ ، شرح الشذور : ١ / ٦٦ ، ابن عقيل مع الخضري : ١ / ٦٥ ـ ٦٦ ، شرح المكودي : ١ / ٥٧.
بفتح التّاء المثنّاة ـ أعربا». فـ «ذا» إشارة (١) للمركّب تركيب مزج ، وأطلق هنا في الإعراب ، ومراده إعراب ما لا ينصرف على ما ينبّه عليه في باب الصّرف.
ـ ومركّب إضافيّ : وهو الغالب ، وهو كلّ اسمين نزّل ثانيهما (٢) منزلة التّنوين ، مما قبله ، وإنّما كان هو الغالب لأنّه أكثر المركّبات ، لأنّ منه الكنى وغيرها ، وإلى ذلك أشار بقوله / : «وشاع» ، ومثّل بمثال (من غير الكنى وهو «عبد شمس» ، ومثال من الكنى وهو «أبو) (٣) قحافة».
وحكمه أن يجرى الجزء الأول ـ وهو المضاف ـ بحسب العوامل ، ويجرّ الثّاني ـ وهو المضاف إليه ـ بالإضافة دائما.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ووضعوا لبعض الاجناس علم |
|
كعلم الأشخاص لفظا وهو عم |
هذا هو النّوع الثّاني من العلم ، وهو العلم الجنسيّ.
يعني : أن العرب وضعت لبعض الأجناس أعلاما ، هي في اللّفظ كالعلم الشّخصيّ ، فيمتنع من دخول «أل» عليه ، فلا يقال : «الأسامة» ، (كما لا يقال «الزّيد» ويمتنع من الإضافة ، فلا يقال : «أسامتكم») (٤) ، كما لا يقال : «زيدكم» ، إلا إن قصد فيهما الشّياع (٥) ، ومن الصّرف (٦) ـ وهو التّنوين ـ فلا (٧) يجرّ بالكسرة (ولا ينوّن) (٨) إن كان ذا سبب آخر مع العلمية ، كالتأنيث اللّفظيّ في «أسامة» ، وكزيادة الألف والنّون في «حمار قبّان» (٩) ، وكوزن الفعل في
__________________
(١) في الأصل : قد أشار. بدل : فـ «ذا» إشارة. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٧.
(٢) في الأصل : ثانيها. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٨.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٨.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٤.
(٥) في المسألتين ، لأن المانع من ذلك اجتماع معرفين مختلفين على معرف واحد ، وذلك مأمون بالشياع. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٤.
(٦) أي : ويمتنع من الصرف.
(٧) في الأصل : ولا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٤.
(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٤.
(٩) حمار قبان : دويبة تشبه الخنفساء ، وهي أصغر منها ذات قوائم كثيرة ، إذا لمسها أحد اجتمعت كالشيء المطوي ، وأهل الشام يسمونها : «قفل قفيلة» وهو فعلان من «قب» ، لأن العرب لا تصرفه ، وهو معرفة عندهم ، ولو كان فعالا لصرفته ، لأن النون أصلية.
انظر اللسان : ٢ / ٩٩٣ (حمر) ، المصباح المنير : ١ / ١٥٠ (حمر) ، حاشية يس : ١ / ١٢٤.
«بنات أوبر» ـ علما على ضرب من الكمأة (١) ـ ، و «ابن آوى» ـ وهو حيوان كريه الرّائحة فوق الثّعلب ودون الكلب ، وفيه شبه من الذّئب ، وشبه من الثّعلب ، طويل المخالب والأظفار ، صياحه يشبه صياح الصبيان. قاله الكمال الدّميريّ (٢) ـ ، ويبتدأ به ، ويأتي الحال منه ، كقولك : «أسامة أجرأ من ثعالة» ، و «هذا أسامة مقبلا» ، وهذا معنى قوله : «كعلم الأشخاص لفظا».
ومدلولها مع ذلك شائع كالنكرة ، لأنّه شائع في جماعة لا يختصّ به واحد دون آخر ، كما أنّ النّكرة نحو «رجل» كذلك ، وهذا معنى قوله / «وهو عم» أي : ومدلوله شائع.
وفهم من قوله : «لبعض الأجناس» أنّها لم تضع (٣) ذلك لجميع الأجناس.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
من ذاك أمّ عريط للعقرب |
|
وهكذا ثعالة للثّعلب |
ومثله برّة للمبرّه |
|
كذا فجار علم للفجره |
علم الجنس على ضربين :
__________________
(١) الكمأة : هي التي إلى الغبرة والسواد ، والجبأة إلى الحمرة ، والفقعة البيض ، وفي الحديث : الكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين. انظر اللسان : ٥ / ٣٩٢٦ (كمأ).
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٤ ، وفي حياة الحيوان الكبرى (١ / ١٥٢) قال الدميري : «ابن آوى ، وكنيته أبو أيوب وأبو ذؤيب ، وأبو كعب ، وأبو وائل ، وسمي ابن آوى لأنه يأوي إلى عواء أبناء جنسه ، ولا يعوي إلا ليلا ، وذلك إذا استوحش وبقي وحده ، وصياحه يشبه صياح الصبيان ، وهو طويل المخالب والأظفار ، يعدو على غيره ويأكل مما يصيد من الطيور وغيرها ، وخوف الدجاج منه أشد من خوفها من الثعلب ، لأنه إذا مرّ تحتها وهي على الشجرة أو الجدار تساقطت ، وإن كانت عددا كبيرا». والكمال الدميري هو : محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري الأصل (نسبة إلى دميرة قرية بمصر) القاهري الشافعي ، كمال الدين ، أبو البقاء ، أديب نحوي ناظم فقيه أصولي محدث مفسر ، ولد في أوائل سنة ٧٤٢ ه ، وأخذ عن بهاء الدين السبكي وغيره ودرس في الأزهر وبمكة ، وتوفي بالقاهرة سنة ٨٠٨ ه ، من آثاره : حياة الحيوان الكبرى ، النجم الوهاج في شرح منهاج الطالبين في فروع الفقه الشافعي ، شرح المعلقات السبع ، وغيرها.
انظر ترجمته في الضوء اللامع : ١ / ٥٩ ، حسن المحاضرة : ١ / ٢٤٩ ، شذرات الذهب : ٧ / ٧٩ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٨٦ ، البدر الطالع : ٢ ، ٢٧٢ ، روضات الجنات : ٢٠٨ ، الأعلام : ٧ / ١١٨ ، هدية العارفين : ٢ / ١٧٨ ، معجم المؤلفين : ١٢ / ٦٦ ، الفوائد البهية : ٢٠٣.
(٣) في الأصل : توضع. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٨.
أحدهما : جنس ما لا يؤلّف للواضع (١) ، كـ «السّباع» وهي : ما له ناب (٢) و «الحشرات» وهي : صغار دوابّ الأرض (٣).
فـ «السّباع» كـ «أسامة» للأسد (٤) ، وكنيته أبو الحارث (٥) ، و «ثعالة» للثّعلب ، وكنيته) (٦) أبو الحصين (٧) ، و «ذؤالة» للذّئب ، وكنيته (٨) أبو جعدة (٩).
«والحشرات» نحو «أمّ عريط» كنية (١٠) للعقرب ، واسمها شبوة (١١) ، وإلى هذا الضّرب أشار النّاظم بقوله :
__________________
(١) في الأصل : للوضع. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٢) السبع : يقع على ما له ناب من السباع ، ويعدو على النّاس والدواب فيفترسها مثل الأسد والذئب والنمر والفهد وما أشبهها ، والثعلب وإن كان له ناب ليس بسبع لأنه لا يعدو على صغار المواشي ، وكذلك الضبع لا تعد من السباع العادية. انظر التصريح على التوضيح : / ١٢٥١ ، اللسان : ٣ / ١٩٢٥ (سبع).
(٣) وذلك كاليرابيع ، والقنافذ ، والضباب ، ونحوها. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥ ، اللسان : ٢ / ٨٨٣ (حشر).
(٤) في الأصل : لأسد. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥ ، ومن أشهر أسمائه : البيهس ، والجخدب ، والحارث ، وحيدرة ، والدواس ، والرئبال ، وزفر ، والسبع ، والصعب ، والضرغام ، والضيغم ، والطيثار ، والغضنفر ، والقسورة ، والليث ، وغيرها ، قال الدميري : كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. انظر حياة الحيوان للدميري : ١ / ٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٥) ويكنى أيضا بأبي الأبطال ، وأبي حفص ، وأبي الأضياف ، وأبي الزعفران ، وأبي شبل ، وأبي العباس. انظر حياة الحيوان للدميري : ١ / ٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٦) في الأصل : ولنيته. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٧) ويكنى أيضا بأبي النجم وأبي نوفل ، وأبي الوثاب وأبي الخبص. انظر حياة الحيوان للدميري : ١ / ٢٤٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٨) في الأصل : ولنيته. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٩) ويكنى أيضا بأبي ثمامة ، وأبي جاعد ، وأبي رعلة ، وأبي العطلس ، وأبي كاسب ، وأبي سلعامة ، وأبي سبلة ، وأبي مذقة ، لأن لونه كذلك ، قال الشاعر :
حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط |
|
جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قط |
انظر حياة الحيوان للدميري : ١ / ٥١١ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(١٠) في الأصل : لنية. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(١١) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥ ، شرح المرادي : ١ / ١٨٥ ، اللسان : ٤ / ٢١٩١ (شبا) ، شرح المكودي : ١ / ٥٩ ، وتكنى أيضا بأم ساهرة ، واسمها بالفارسية الرشك.
انظر حياة الحيوان للدميري : ٢ / ٥٠.
من ذك أمّ عريط ... |
|
... البيت |
وثانيهما : أمور معنوية كـ «سبحان» علما للتّسبيح ، بمعنى التنزيه ، ينصب كما ينصب مسمّاه ، ثمّ استعملوه مكان «يسبّح» وصار بدلا من اللّفظ بالفعل ، والمعنى : براءة الله من السّوء ، قاله (ابن) (١) إياز (٢).
وردّ جعله علما بملازمته للإضافة ، قاله ابن هشام في الجامع الصّغير (٣).
و «يسار» ـ بفتح الياء المثنّاة تحت ، والسّين المهملة وكسر الرّاء ـ علما للميسرة (٤) ، بمعنى : اليسر ، و «فجار» ـ بفتح الفاء والجيم ، وكسر الرّاء ـ علما للفجرة ـ بسكون (٥) الجيم بمعنى : الفجور ـ ، و «برّة» ـ بفتح الموحّدة ، وتشديد الرّاء ـ علما للمبرّة ، بمعنى : البرّ ، وإلى هذا الضّرب أشار النّاظم بقوله :
ومثله برّة للمبرّه |
|
... البيت |
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥ ، إرشاد الطالب النبيل (١٣ / أ). وفي معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١ / ١١٠) : «وقال سيبويه وغيره من النحويين : إن معنى «سبحان الله : براءة الله من السوء وتنزيهه من السوء». انتهى. وفي الكتاب (١ / ١٦٣) : «وزعم أبو الخطاب أن سبحان الله كقولك : براءة الله من السوء ، كأنه يقول : أبرأ براءة الله من السوء». انتهى. وانظر اللسان (سبح). وابن إياز هو الحسين بن بدر بن إياز بن عبد الله ، أبو محمد ، العلامة جمال الدين ، قيل عنه : إنه أوحد زمانه في النحو والتصريف ، قرأ على التاج الأرموي وغيره ، وأجاز له الشيوخ ، وكان دمث الأخلاق ، ولي مشيخة النحو بالمستنصرية ، وتوفي ليلة ١٣ ذي الحجة سنة ٦٨١ ه ، من آثاره : قواعد المطارحة والإسعاف في الخلاف ، شرح الضروري لابن مالك ، شرح فصول ابن معطي.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٢٣٢ ، الأعلام : ٢ / ٢٣٤ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٣١٦ ، كشف الظنون : ٨٥ ، ٤١٢ ، ١٢٦٩ ، ١٢٧٠ ، ١٥٧٣ ، ١٦٦٩.
(٣) انظر الجامع الصغير لابن هشام : ٢٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥ ، إرشاد الطالب النبيل (٦٣ / أ).
(٤) في الأصل : للمسرة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
(٥) في الأصل : لا بسكون. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٥.
الباب الخامس
اسم الإشارة
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
اسم الإشارة /
بذا لمفرد مذكّر أشر |
|
بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر |
هذا هو النوع الثالث من المعارف ، وهو أسماء الإشارة : وهي كلّ اسم دلّ على مسمّى وإشارة (١) إليه ، والمشار إليه إمّا واحد أو اثنان أو جماعة ، فهذه ثلاثة ، وكلّ واحد منها إمّا مذكّر أو مؤنّث ، فهذه (ستّة) (٢) تحصّلت من ضرب اثنين في ثلاثة ، وكلّ واحد من هذه السّتة إمّا قريب المسافة أو بعيدها ، فهذه اثنا عشر تحصّلت من ضرب اثنين في ستة ، وعلى اعتبار المتوسّط تصير ثمانية عشر ، قامت من ضرب ثلاثة في السّتّة.
فللمفرد المذكّر في القرب أربعة : «ذا» ـ بألف ساكنة (٣) ـ وعليه اقتصر النّاظم في قوله :
__________________
(١) في الأصل : وأشار. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٦ ، التسهيل : ٣٩.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٦.
(٣) واختلف البصريون في الحروف التي وضع عليها ، فذهب الأخفش ومن تابعه من البصريين إلى أن أصله : «ذي» بتشديد الياء ، إلا أنهم حذفوا الياء الثانية ، فبقي «ذي» فأبدلوا من الياء ألفا لئلا يلتحق بـ «كي». وذهب بعضهم إلى أن الأصل في «ذا» : «ذوي» بفتح الواو ، لأن باب «شويت» أكثر من باب «حييت» ، فحذفت اللام تأكيدا للإبهام ، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وذهب الكوفيون ووافقهم السهيلي إلى أن الاسم في «ذا» الذال وحدها ، والألف زائدة ، لسقوطها في التثنية. ورد بأنه ليس في الأسماء الظاهرة القائمة بنفسها ما هو على حرف واحد ، وأما حذفها في التثنية ، فلالتقاء الساكنين ، وقد عوض منها تشديد النون. واختلف في وزنها أيضا ، فقيل : «فعل» بتحريك العين ، قال السيوطي : وهو الأصح ، لأن الانقلاب عن المتحرك أولى.
وقيل : «فعل» بسكون العين ، لأنه الأصل.
انظر الإنصاف (مسألة : ٩٥) : ٢ / ٦٦٩ ، الهمع : ١ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٨٧ ، ١٨٨ ، حاشية الصبان : ١ / ١٣٨ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٧ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٥٩.
بذا لمفرد مذكّر أشر
و «ذاء» ـ بهمزة مكسورة بعد الألف ـ ، و «ذائه» ـ بهاء مكسورة بعد الهمزة المكسورة ـ ، و «ذاؤه» ـ بهاء مضمومة ـ.
وللمفرد المؤنّث في القرب عشرة : «ذي ، وتي» ـ بكسر أولهما وسكون ثانيهما ـ و «ذهي ، وتهي» ـ بإشباع الكسرة ـ ، و «ذه ، وته» ـ باختلاس الحركة ، وهو الإسراع بها ، لا ترك الإشباع ـ ، و «ذه ، وته» ـ بالإسكان للهاء ـ ، و «ذات ، وتا» ـ بضمّ التّاء من «ذات» ـ ، واقتصر النّاظم منها على أربعة ، أشار إليها بقوله :
بذي وذه ، تي تا (١) على الأنثى اقتصر
وليس المراد أنّه لا يشار إلى المفرد المؤنث إلّا بها ، فإنّه يشار إليه بغيرها ، كما سمعت /.
ثمّ قال رحمهالله تعالى (٢) :
وذان تان للمثنّى المرتفع |
|
وفي سواه ذين تين اذكر (٣) تطع |
أي : للمثنّى القريب «ذان» في التّذكير ، و «تان» في التأنيث ، بالألف فيهما رفعا ، وإلى هذا أشار بقوله :
وذان تان للمثنّى المرتفع
لأنّ الألف علامة الرفع في التّثنية.
وقوله : «وفي سواه» أي : في سوى المرتفع ، أو في سوى الرّفع المفهوم من لفظ المرتفع ، وسوى الرّفع هو النّصب والجرّ ، فيشار إلى المثنّى المنتصب والمنخفض بـ «ذين ، وتين» ـ بالياء ـ ، لأنّ الياء علامة النّصب والجرّ في التثنية.
ونحو (إِنْ هذانِ) ـ بالألف ، وتشديد نون «إنّ» ـ (لَساحِرانِ)(٤) [طه : ٦٣] مؤوّل :
__________________
(١) في الأصل : وتا. انظر الألفية : ٢٢ ، شرح المكودي : ١ / ٥٩.
(٢) في الأصل : ثم قال رحمهالله تعالى. مكرر.
(٣) في الأصل : اذكره. انظر الألفية : ٢٢ ، شرح المكودي : ١ / ٦٠.
(٤) وهذه قراءة نافع ، وابن عامر ، وأبي بكر ، وحمزة ، والكسائي ، وأبي جعفر ، ويعقوب ، وخلف ، وفيها أوجه سيذكرها الشارح. وقرأ ابن كثير وحده بتخفيف «إن» و «هذان» بالألف مع تشديد النون. وقرأ حفص كذلك إلا أنه خفف نون «هذان» ، ووافقه ابن محيص. وهاتان القراءتان أفصح القراءات في هذه الآية معنى ولفظا وخطا ، فقيل : إن «إن» المخففة من
إمّا على حذف (١) اسم ، أو (٢) ضمير شأن على حدّ «إنّ بك زيد مأخوذ» ، واللام داخلة على مبتدأ محذوف ، والأصل : إنّه هذان لهما ساحران.
أو على أنّ «إنّ» بمعنى : نعم ، وهي لا تعمل شيئا ، لأنّها حرف تصديق ، فلا اسم لها ولا خبر.
أو على أنّه جاء على لغة خثعم ، فإنّهم لا يقلبون ألف المثنّى ياء في حالة النّصب والجرّ.
أو على أنّ الألف الموجودة ألف المفرد ، وألف التثنية حذفت لاجتماع الألفين ، وألف المفرد لا تقلب ياء.
أو على أنّه جيء به على أوّل أحواله ، وهو الرّفع ، كما في «اثنان» قبل التّركيب.
أو على أنّ «إن» نافية بمعنى : ما (٣) ، واللام بمعنى : «إلّا» الإيجابيّة ، كما يقول به الكوفيّون (٤).
أو على (٥) / أنّه مبنيّ لدلالته على معنى الإشارة ، واختار هذا ابن الحاجب (٦).
__________________
الثقيلة أهملت ، و «هذان» مبتدأ و «لساحران» الخبر ، واللام للفرق بين النافية والمخففة على رأي البصريين ، وقيل : «إن» بمعنى «ما» ، واللام بمعنى «إلا» ، كما سيأتي. ويصدق قراءة حفص ما يروى عن أبيّ أنه قرأ «ما هذان إلا ساحران» ، وروي عنه أيضا أنه قرأ «إن هذان إلا ساحران». وقرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر «إنّ» بتشديد النون ، و «هذين» بالياء ، مع تخفيف النون ، وهذه القراءة واضحة من حيث المعنى ، لأن «هذين» اسم «إن» نصب بالياء ، و «لساحران» خبرها ، ودخلت اللام للتأكيد ، ولم يجز الزجّاج هذه القراءة لأنها خلاف المصحف. انظر هذا في المصادر الآتية.
(١) في الأصل : حد. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧.
(٢) في الأصل : أن. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧.
(٣) وهذا بناء على قراءة حفص أو ابن كثير كما تقدم آنفا.
(٤) في الأصل : تقول به الكوفيين. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧. واستدل الكوفيون على مجيء اللام للاستثناء بقوله :
أمسى أبان ذليلا بعد عزّته |
|
وما أبان لمن أعلاج سودان |
وعند البصريين اللام هي اللام الفارقة ، وهي الواقعة بعد «إن» المخففة ، فارقة بين «إن» المذكورة و «إن» النافية.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧ ، مغني اللبيب : ٣٠٦ ، الجنى الداني : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، إرشاد الطالب النبيل : (٦٤ / أ).
(٥) في الأصل : وعلى. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧.
(٦) قال ابن الحاجب في الأمالي النحوية (١ / ٦٢) : «إن هذان لساحران» وهي مشكلة ، وأظهرها أن يقال : «إن «هذا» مبني ، لأنه من أسماء الإشارة ، فجاء في الرفع والنصب والجر على حال
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبأولى أشر لجمع مطلقا |
|
والمدّ أولى ، ولدى البعد انطقا |
بالكاف حرفا دون لام أو معه |
|
... |
يعني : أنّ لفظ «أولى» ـ مقصورا عند أهل نجد من بني تميم ، وقيس ، وربيعة ، وأسد ـ يشار بها للجمع مطلقا ، سواء كان مذكّرا أو مؤنّثا ، فتقول : «أولى الرّجال ، وأولى النّساء».
وقوله : «والمدّ أولى» أي : المدّ ـ وهو زيادة الهمزة بعد الألف مكسورة ـ أولى من القصر في «أولى» لأنّها لغة أهل الحجاز ، ولم يجئ في القرآن إلّا ممدودا ، كقوله عزّ ، جلّ : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) [آل عمران : ٦٦] ، فتقول : «هؤلاء القوم ، وهؤلاء بناتي».
ويقلّ مجيئه لغير العقلاء ، كقول جرير (١) :
__________________
واحدة ، وهي لغة واضحة» انتهى. وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٧ ، مغني اللبيب : ٥٨ ، إرشاد الطالب النبيل (٦٤ / أ).
وانظر قراءات الآية والتأويلات المتقدمة في إتحاف فضلاء البشر : ٣٠٤ ، معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ٣ / ٣٦١ ـ ٣٦٤ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١٢٣ ، إعراب ابن النحاس : ٣ / ٤٤ ـ ٤٧ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٦ ، الخزانة : ٧ / ٤٥٣ ، ١٠ / ٣٢٤ ، شرح الشذور : ٤٦ ـ ٤٩ ، إرشاد الطالب النبيل : (٦٤ / أ) ، الفوائد الضيائية : ٢ / ٩٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١ ، الأمالي النحوية : ١ / ٦٢ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٦٠ ، اللسان : ١ / ١٥٦ (أنن).
وابن الحاجب هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي الدويني الأصل ، الأسنائي المالكي المعروف بابن الحاجب ، أبو عمرو ، جمال الدين ، من كبار العلماء في العربية ، فقيه مالكي ، أصولي مقرئ ، ولد في أسنا (من صعيد مصر) سنة ٥٧٠ ه ، ونشأ في القاهرة ، وسكن دمشق ، وتوفي بالإسكندرية سنة ٦٤٦ ه ، من آثاره : الإيضاح في شرح المفصل ، الكافية في النحو ، الشافية في الصرف ، منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٢٣ ، البداية والنهاية : ١٣ / ١٧٦ ، طبقات القراء : ١ / ٥٠٨ ، مفتاح السعادة : ١ / ١١٧ ، الأعلام : ٤ / ٢١١ ، المطالع السعيدة : ١٨٨ ، هدية العارفين : ١ / ٦٥٤.
(١) هو جرير بن عطية الخطفي (حذيفة) بن بدر بن سلمة بن عوف بن كلب بن يربوع التميمي ، أبو حرزة ، أشعر أهل عصره ، ولد سنة ٢٨ ه وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم ، وكان هجاؤه مرأ ، فلم يلبث أمامه غير الفرزدق والأخطل ، وكان عفيفا ، وهو من أغزل الناس شعرا ، توفي باليمامة سنة ١١٠ ه (وقيل : ١١١ ه) وعمره نيفا وثمانين سنة ، له ديوان شعر.
انظر ترجمته في الأغاني : ٨ / ٣ ، المؤتلف والمختلف : ٧١ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٩٤ ، الأعلام : ٢ / ١١٩ ، معجم المؤلفين : ٣ / ١٢٩ ، شواهد المغني : ١ / ٤٥ ، الخزانة : ١ / ٧٥.
١٩ ـ ... |
|
والعيش بعد أولئك الأيّام |
ثمّ اعلم أنّ اسم الإشارة عند النّاظم على مرتبتين : قريبة ، وبعيدة ، وقد أشار إلى البعيدة بقوله :
... |
|
... ولدى البعد انطقا |
بالكاف حرفا دون لام أو معه |
|
... |
يعني : أنّك إذا أردت الإشارة إلى بعيد فأنت مخير بين أن تأتي باسم الإشارة مقرونا بكاف المخاطب ، دون لام ، فتقول : «ذاك ، وأولاك» ، وبين أن تأتي به مقرونا بهما معا فتقول : «ذلك ، وأولالك» ، وهذه الكاف حرف لا اسم ، لأنّ أسماء الإشارة لا تضاف ، ولذلك (٢) قيّد الكاف بقوله : («بالكاف حرفا») (٣) ، لكنّها تتصرّف تصرّف الكاف الاسمية غالبا ، فتفتح للمخاطب ، وتكسر للمخاطبة ، ويتّصل بها علامة التثنية / والجمعين ، فتقول : «ذاك ، وذاك (٤) ، وذاكما ، وذاكم ، وذاكنّ».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... |
|
واللام إن قدّمت ها ممتنعه |
يعني : أنّك إذا قدّمت «ها» التي للتنبيه على اسم الإشارة يمتنع اقترانه
__________________
(١٩) ـ عجز بيت من الكامل ، من قصيدة لجرير في ديوانه (٥٥١) يهجو بها الفرزدق ، وصدره :
ذمّ المنازل بعد منزلة اللوى
ويروى : «الأقوام» بدل «الأيام». ذم : من ذم يذم خلاف المدح ، اللوى : اسم موضع.
والشاهد في قوله : «بعد أولئك الأيام» ، حيث استعمل «أولئك» في غير العقلاء ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً.)
انظر : التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٨ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٤٠٨ ، الخزانة : ٥ / ٤٣٠ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٢٨٨ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٢٦ ، ١٣٣ ، ٩ / ١٢٩ ، شواهد الشافية للبغدادي : ١٦٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٨ ، شواهد الجرجاوي : ١٨ ، شرح الأشموني : ١ / ١٣٩ ، المقتضب : ١ / ٣٢١ ، شرح ابن الناظم : ٧٧ ، معاني القرآن للأخفش : ١ / ٩١ ، ٢ / ٣٨٩ ، شواهد الكشاف : ٤ / ٥٢٨ ، أوضح المسالك : ٢٧ ، فتح رب البرية : ١ / ١٢٢ ، السراج المنير للزبيدي : (مخطوط) : ١٣٦.
(١) في الأصل : وكذلك.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٣) في الأصل : ذك. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٨.
باللام (١) ، فلا يقال : «هذا لك» ، وفهم منه أنّه يجوز اقتران «ها» بالمجرّد ، نحو «هذا ، وهؤلاء» ، وبالمقترن بالكاف دون اللام نحو «هذاك ، وهؤلائك» (٢) ، إلّا أنّ (٣) الأوّل أكثر ، وهي لغة القرآن.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبهنا أو هاهنا أشر إلى |
|
داني المكان وبه الكاف صلا |
في البعد أو بثمّ فه أو هنّا |
|
أو بهنالك انطقن أو هنّا |
ذكر في هذين البيتين سبعة ألفاظ يشار بها إلى المكان (٤) دون غيره منها اثنان للمكان القريب ، وهما : «هنا ، وهاهنا» وإليهما أشار بقوله :
وبهنا أو هاهنا أشر إلى |
|
داني المكان ... |
أي : (إلى) (٥) المكان الدّاني ، وهو القريب (فأضاف الصّفة إلى الموصوف.
ومنها خمسة للمكان البعيد) (٦) ، وإليها أشار بقوله : «وبه الكاف صلا ... إلى آخرها».
يعني : إذا أردت الإشارة للمكان البعيد فأنت مخيّر بين أن تلحق «هنا» كاف الخطاب ، فتقول : «هناك» ، أو تأتي بـ «ثمّ» كقوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ
__________________
(١) وعلله ابن مالك بأن العرب كرهت كثرة الزوائد ، وقال غيره : ها تنبيه واللام تثنية ، فلا يجتمعان ، وقال السهيلي : اللام تدل على بعد المشار إليه وأكثر ما يقال للغائب وما ليس بحضرة المخاطب ، و «ها» تنبيه للمخاطب لينظر ، وإنما ينظر إلى ما بحضرته لا إلى ما غاب عن نظره ، فلذلك لم يجتمعا ، وقال السيوطي : كراهة الاستطالة. وقال ابن مالك في شرح التسهيل : ولا تلحق أيضا المقرون بالكاف في التثنية والجمع ، فلا يقال : «هذانك» ، ولا «هؤلائك» ، لأن واحدهما «ذاك وذلك» فحمل على ذلك مثناه وجمعه لأنهما فرعاه ، وحمل عليهما مثنى «ذاك» وجمعه لتساويهما لفظا ومعنى. قال أبو حيان : وهذا بناء على ما اختاره من أنه ليس للمشار إليه إلا مرتبتان ، وقد ورد السماع بخلاف ما قاله في قوله :
من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر
وهو تصغير «هؤلائكن».
انظر شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، الهمع : ١ / ٢٦٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٨ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٦١ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٢ ، المطالع السعيدة : ١٥٦.
(٢) في الأصل : وهؤلا. انظر شرح المكودي بحاشية الملوي : ٢٢.
(٣) في الأصل : الان. انظر شرح المكودي : ١ / ٦١.
(٤) في الأصل : إلى الكاف. انظر شرح المكودي : ١ / ٦٢.
(٥ ـ ٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٦٢.
رَأَيْتَ نَعِيماً) [الإنسان : ٢٠] ، أو تأتي بـ «هنا» مفتوحة الهاء مشدّدة النّون ، فتقول : «هنّا» ، أو تلحق «هنا» الكاف واللام معا فتقول : «هنالك» ، أو تأتي (١) بـ «هنا» مكسورة الهاء مشدّدة النّون ، فتقول : «هنّا».
وقوله : «فه» أي : انطق ، وهو أمر من «فاه يفوه».
وما ذهب (٢) إليه النّاظم / من أنّ اسم الإشارة له مرتبتان (٣) تبعه فيه ابن هشام في التّوضيح (٤) ، وخالفه في شرح اللمحة ، فقال ـ تبعا لابن الحاجب (٥) ـ : «والمشار إليه إمّا قريب المسافة ، أو متوسّطها ، أو بعيدها ، فللمفرد المذكّر : «ذا» للقريب ، و «ذاك» للمتوسّط ، و «ذلك» للبعيد ، ولمثنّاه (٦) : «ذان» للقريب ، و «ذانك» (٧) للمتوسط ، و «ذانّك» (٨) للبعيد ، ولجمعه «أولاء» ، للقريب ـ يمدّ ويقصر ـ ، و «أولاك» ـ بالقصر ـ ، للمتوسّط ، و «أولئك» ـ بالمدّ ـ للبعيد ، ولمفرد المؤنّث «ذي ، وتي» للقريب ، و «تيك» للمتوسط ، و «تلك» للبعيد ، ولمثنّاه «تان» للقريب ، و «تانك» ـ بالتّخفيف ـ للمتوسّط ، و «تانّك» ـ بالتشديد ـ للبعيد ، ولجمعه «أولى» للقريب ، و «أولاك» للمتوسط ، و «أولئك» للبعيد». انتهى (٩).
__________________
(١) في الأصل : أو يأتي. انظر شرح المكودي : ١ / ٦٢.
(٢) في الأصل : وذهب. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩.
(٣) في الأصل : مرتبات. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩.
(٤) انظر أوضح المسالك : ٢٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩.
(٥) قال ابن الحاجب في كافيته : «ويقال : «ذا» للقريب ، و «ذلك» للبعيد ، و «ذاك» للمتوسط ، ويقال : «تلك وتانك وذانك» مشددتين ، و «أولالك» باللام ، مثل «ذلك».
انظر الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب ٢ / ٩٨ ، كافية ابن الحاجب بشرح الرضي : ٢ / ٢٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩ ، وإلى هذا ذهب أكثر النحويين منهم العصام في شرح الفريد ص ٤١٣ ، وانظر الهمع : ١ / ٢٢١.
(٦) في الأصل : والمثناة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩ ، شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٥٦.
(٧) في الأصل : ذالك. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩ ، شرح اللمحة : ١ / ٢٥٦ ، وهي بتخفيف النون.
(٨) بتشديد النون. انظر شرح اللمحة : ١ / ٢٥٦.
(٩) انظر شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٩.
الباب السادس
الموصول
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
الموصول (١).
موصول الاسماء الّذي الأنثى الّتي |
|
... |
هذا هو النّوع الرّابع من المعارف.
والموصول إمّا مفرد مذكّر أو مؤنّث ، أو مثنّى أو جمع كذلك ، وقد أشار إلى الأوّل والثّاني بقوله :
موصول الأسماء الّذي الأنثى الّتي
يعني : أنّ «الّتي» للمفرد المؤنّث ، وفهم منه أنّ «الذي» للمذكّر (٢).
__________________
(١) الموصول هو ما لا يكون جزءا تاما إلا بصلة وعائد ، ويكون اسما ويسمى الموصول الاسمي ، وحرفا ويسمى الموصول الحرفي. أما الموصول الاسمي فهو كل اسم افتقر إلى الوصل بجملة خبرية أو ظرف أو جار ومجرور تامين ، أو وصف صريح ، وإلى عائد أو خلفه ـ وهو الاسم الظاهر ـ. وأما الموصول الحرفي فهو كل حرف أمكن تأويله مع مدخوله بمصدر ، ويحتاج إلى صلة ، ولا يحتاج إلى عائد.
انظر تعريفات الجرجاني : ٢٣٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٥٢ ، شرح التسهيل : ٢٠٨ ، تاج علوم الأدب : ٢٠٨ ، معجم المصطلحات النحوية : ٢٤٣ ، معجم مصطلحات النحو : ٣٠٥.
(٢) ذهب البصريون إلى أن الأصل في «الذي» : الذي ، نحو «عمي وشجي» ، وذهب الكوفيون إلى أن الاسم فيه هو الذال وحدها ، وذلك لسقوط الياء في التثنية وفي الشعر ، ولو كانت أصلا لم تسقط ، واللام زيدت ليمكن النطق بالذال ساكنة. ورد بأنه ليس من الأسماء الظاهرة ما هو على حرف واحد. وقال الفراء : أصل «الذي» : «ذا» التي هي إشارة إلى ما بحضرتك ، ثم تقلب من الحضرة إلى الغيبة ، ودخلت عليها الألف واللام للتعريف ، وحطت ألفها إلى الياء ليفرق بين الإشارة إلى الحاضر والغائب. وقال السهيلي : أصل «الذي» : ذو بمعنى صاحب ، وقدر تقديرات حتى صارت «الذي» في غاية التعسف. وفي «الذي» ست لغات : إثبات يائه ، وحذفها مع إبقاء الكسرة ، وحذفها مع إسكان الذال ، وتشديدها مكسورة ومضمومة ، والسادسة : حذف الألف واللام ، وتخفيف الياء الساكنة ، وفي «التي» تلك اللغات الستة أيضا.
وإنّما قال : «موصول الأسماء» احترازا من موصول الحرف ، وهو «أنّ» ـ المفتوحة الهمزة المشدّدة النّون ـ ، و «أن» ـ بفتح الهمزة أيضا ، وتخفيف النّون ـ و «ما» المصدريّة ، و «كي» المصدريّة ، و «لو» المصدريّة ، و «الّذي» على وجه حكاه الفارسيّ (١) في الشّيرازيّات (٢) / ، نحو (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا)(٣) [العنكبوت : ٥١] أي : إنزالنا ، و (أَنْ تَصُومُوا)(٤) خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة : ١٨٤] أي : صومكم خير لكم ، (بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) [ص : ٢٦] أي : بنسيانهم إيّاه ، (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) [الأحزاب : ٣٧] أي : لعدم كون على المؤمنين
__________________
انظر الإنصاف (مسألة : ٩٥) ، ٢ / ٦٦٩ ، الأزهية : ٢٩١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٩ ، شرح ابن عصفور : ١ / ١٧٠ ، شرح المرادي : ١ / ٢٠٦ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٨٣ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ٦٢ ، نتائج الفكر للسهيلي : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٢١١ ـ ٢١٢ ، الأصول لابن السراج : ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٥٢٥ ، الهمع : ١ / ٢٨٣.
(١) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي الفسوي ، أبو علي ، أحد الأئمة في علم العربية ولد في فسا سنة ٢٨٨ ه ، ودخل بغداد سنة ٣٠٧ ه وتجول في كثير من البلدان ، ثم عاد إلى فارس ، وصحب عضد الدولة بن بويه وعلمه النحو ، وصنف له كتاب الإيضاح في قواعد العربية ، ثم رحل إلى بغداد فأقام فيها إلى أن توفي سنة ٣٧٧ ه ، من آثاره : التكملة في التصريف ، الحجة في علل القراءات السبع ، المقصور والممدود ، العوامل المائة ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٢١٧ ، معجم الأدباء : ٧ / ٢٣٢ ، الأعلام : ٢ / ١٧٩ ، إنباه الرواة : ١ / ٢٧٣ ، لسان الميزان : ٢ / ١٩٥ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٢٠٠ ، طبقات القراء : ١ / ٢٠٦.
(٢) في الأصل : السيراجيات. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠. قال الفارسي في المسائل الشيرازيات : الجزء الثامن (٩٥ / بـ ـ ٩٦ / أ ـ مخطوط) : ويجوز في قوله : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) وجه آخر على ما يراه البغداديون أيضا ، وحكاه أبو الحسن عن يونس ، وهو أن يكون «الذي» مع ما بعده من الفعل ـ فيمن قدر «أحسن» فعلا ـ في تقدير المصدر كما يرى الجميع ذلك في «ما» في نحو قوله : («بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) أي : بكذبهم وهكذا قال البغداديون ـ أو من قال منهم ـ في قوله : «وخضتم كالذي خاضوا» أن المعنى : وخضتم كخوضهم.
وإلى ذلك ذهب الفراء ووافقه ابن مالك وهو اختيار ابن خروف ، وإليه ذهب ابن هشام.
انظر المسائل العضديات للفارسي : ٢٠٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٦٥ ، الهمع : ١ / ٢٨٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠ ، المطالع السعيدة : ١٦٩ ، إرشاد الطالب النبيل (٦٧ / أ) ، أوضح المسالك : ٢٧.
(٣) في الأصل : نزلنا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠.
(٤) في الأصل : تصوا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠.
حرج ، (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [البقرة : ٩٦] أي : التّعمير ، (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي)(١) خاضُوا [التوبة : ٦٩] أي : كخوضهم.
والمانع يدّعي : أنّ الأصل «كالّذين» حذفت النّون على لغة ، أو أنّ الأصل «كالخوض الّذي خاضوه» فحذف الموصوف والعائد ، أو أنّ الأصل «كالجمع الذي خاضوا» ، فقال : «الّذي» باعتبار لفظ الجمع ، وقال : «خاضوا» باعتبار معناه (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... |
|
واليا إذا ما ثنّيا لا تثبت |
بل ما تليه أوله العلامه |
|
والنّون إن تشدد فلا ملامه |
يعني : أنّ «الّذي ، والّتي» إذا ثنّيا لا تثبت ياؤهما ، لسكونها وسكون علامة التّثنية ، وقوله :
بل ما تليه أوله العلامه
«ما تليه» هو الذّال من «الّذي» والتّاء من «الّتي» ، و «أل» في «العلامه» للعهد ، لتقدّم علامة التّثنية ، وهي الألف رفعا ، والياء جرّا ونصبا في قوله (٣) :
بالألف ارفع المثنّى ... |
|
... |
وقوله (٤) :
وتخلف اليا في جميعها الألف |
|
... |
فتقول «اللذان ، واللتان» رفعا ، و «اللذين ، واللتين» جرّا ونصبا ، وقوله :
والنّون إن تشدد فلا ملامه |
|
... |
يعني : أنّه يجوز في نون «اللذين ، واللتين» التّشديد ومذهب البصريّين
__________________
(١) في الأصل : وخظت كالذين. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٠.
(٢) أو أنه أوقع «الذي» على الجمع كقوله :
وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم |
|
هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد |
أو أن «الذي» مشترك بين المفرد والجمع على قول الأخفش ، كما قاله الموضح في شرح اللمحة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣١ ، شرح اللمحة لابن هشام : ١ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٣) انظر ص ٧٠ من هذا الكتاب.
(٤) انظر ص ٧٣ من هذا الكتاب.