أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]
المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٠٤
ومنصوبا في قوله : «فإنّنا» ومرفوعا في قوله : «نلنا المنح» ، والمنح : جمع منحة ، وهي العطيّة (١).
ومثله قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا) [آل عمران : ١٩٣] فـ «نا» في (رَبَّنا) في محلّ جرّ بإضافة «ربّ» إليها ، وفي «إنّنا» (٢) في محلّ نصب بـ «إنّ» ، وفي (سَمِعْنا) في محلّ رفع على الفاعلية.
وفهم منه أنّ الياء من «سليه» (مرفوعة) (٣).
وما لم يذكر من الضمائر المتصلة خاص بالرفع ، لأنّه لمّا ذكر ما يشترك فيه الجرّ والنّصب / وهو ياء المتكلم والكاف والهاء ، وما يستعمل في الإعراب كلّه ، وهو «نا» ـ علم أنّ ما عدا القسمين خاص بالرفع وهو «ياء» المخاطبة ، و «تاء» الضمير ، متكلما كان أو مخاطبا ، و «واو» الضمير و «ألف» الاثنين ، و «نون» الإناث.
فمجموع الضمائر المتصلة تسعة ألفاظ.
واعترض أبو حيّان على النّاظم فقال : لا يختصّ ذلك بكلمة «نا» (٤) بل الياء وكلمة «هم» كذلك ، لأنّك تقول : «قومي ، وأكرمني ، وغلامي ، وهم فعلوا ، وإنّهم ، ولهم مال» (٥).
وردّه المتأخرون فقالوا : هذا غير سديد ، لأنّ ياء المخاطبة غير ياء المتكلّم (٦) ، ولأنّ المنفصل غير المتّصل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
__________________
(١) ومنحه : أعطاه. انظر شرح المكودي : ١٠ / ٤٧ ، اللسان : ٦ / ٤٢٧٤ (منح).
(٢) في الأصل : اثنان. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٧.
(٤) في الأصل : فا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.
(٥) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩ ، وانظر شرح دحلان : ٢٢. وفي حاشية يس (١ / ٩٩) : قال الدنوشري : أحسن من إشكال أبي حيان أن يقال : ياء المتكلم نفسها تصلح للمحال الثلاثة نحو «ضربي حسن ، وأكرمني ، وغلامي».
(٦) فياء المخاطبة غير ياء المتكلم بدليلين : أحدهما : أن ياء المخاطبة مختلف في اسميتها ، وياء المتكلم لم يختلف فيها ، والمختلف فيه غير المتفق عليه. والثاني : أن ياء المخاطبة موضوعة للمؤنث ، وياء المتكلم موضوعة للمذكر ، وما للمؤنث غير ما للمذكر.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١١١ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٥ ، شرح دحلان : ٢٢.
وألف والواو والنّون لما |
|
غاب وغيره كقاما واعلما |
يعني : أنّ ألف الاثنين وواو الجمع ونون الإناث ـ تصلح للغائب والمخاطب ، فمثالها (١) للغائب : «الزيدان قاما ، والزيدون قاموا ، والهندات قمن» ومثالها (٢) للمخاطب : «قوما ، وقوموا ، وقمن».
إلّا أنّ قوله : «وغيره» شامل للمتكلم والمخاطب ، ولا تكون هذه الضمائر للمتكلم ، إلا أنّ تمثيله بـ «قاما» ـ وهو للغائب ـ ، و «اعلما» ـ وهو للمخاطب ـ يرشد إلى مقصوده ، ولو قال عوض «وغيره» (٣) : «وخوطب» ، لكان أنصّ.
ثمّ قال رحمهالله تعالى / :
ومن ضمير الرّفع ما يستتر |
|
كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر |
يعني : أنّ من ضمائر الرّفع ما يجب استتاره ، وفهم من قوله : «ومن ضمير الرّفع» أنّ ذلك لا يكون في ضمائر النصب ، ولا في ضمائر الجرّ ، وذكر أربعة مواضع يجب فيها (٤) استتار الضمير :
الأوّل : فعل الأمر للواحد المذكّر ، وهو المشار إليه بقوله : «افعل» ، كـ «قم واستخرج» بخلاف المرفوع بأمر الواحدة والمثنّى والجمع ، فإنّه يبرز نحو «قومي ، وقوما ، وقوموا ، وقمن».
الثّاني : الفعل المضارع المفتتح بهمزة المتكلم ، وهو المشار إليه بقوله : «أوافق» ، كـ «أقوم وأستخرج».
الثّالث : الفعل المضارع المفتتح بنون المتكلم ومعه غيره (٥) ، وهو المشار إليه بقوله : «نغتبط» ، كـ «نقوم ونستخرج» (٦).
الرّابع : الفعل المضارع المفتتح بتاء المخاطب ، وهو المشار إليه بقوله : «تشكر» كـ «تقوم وتستخرج» ، بخلاف المبدوء بتاء الغائبة نحو «هند تقوم» فإنّ استتاره جائز لا واجب ، وبخلاف المبدوء بتاء خطاب الواحدة والثنية والجمع ، فإنّه يبرز في الجميع نحو «تقومين ، وتقومان ، وتقومون ، وتقمن».
__________________
(١) في الأصل : فمثالهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.
(٢) في الأصل : ومثالهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.
(٣) في الأصل : الواو ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.
(٤) في الأصل : فيه. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٩.
(٥) أو المعظم نفسه. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٩.
(٦) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.
وأتى النّاظم في قوله : «كافعل» بكاف التمثيل إشارة إلى أن ضمائر الرّفع ليست / محصورة فيما ذكر ـ أعني : الواجبة الاستتار ـ بل شمل (١) ضمائر أخر مرفوعة تستتر وجوبا :
ـ منها المرفوع بفعل استثناء كـ «خلا ، وعدا ، وليس ، ولا يكون» في نحو قولك : «القوم قاموا ما خلا زيدا ، وما عدا عمرا (٢) ، وليس بكرا ، ولا يكون زيدا».
ـ ومنها المرفوع بأفعل التعجّب كـ «ما أحسن الزيدين».
ـ ومنها المرفوع باسم فعل غير ماض كـ «أوّه».
ـ ومنها المرفوع بالمصدر النائب عن فعله ، (نحو) (٣)(فَضَرْبَ الرِّقابِ) [محمد صلىاللهعليهوسلم : ٤].
فجميع هذه الأمثلة لا ترفع الاسم الظّاهر ولا الضمير (٤) البارز.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وذو ارتفاع وانفصال أنا هو |
|
وأنت والفروع لا تشتبه |
ضمائر الرّفع المنفصلة اثنا عشر ، للمتكلم منها اثنان : «أنا ، نحن» وللمخاطب خمسة : «أنت ، أنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ» ، وللغائب خمسة : «هو ، هي ، هما ، هم ، هنّ».
وقد اكتفى منها بذكر ثلاثة لأنّها أصول لما لم يذكره ، ولذلك قال : «والفروع لا تشتبه».
فـ «أنا» فرعه واحد فقط ، وهو «نحن» ، لأنّ المتعدّد فرع المفرد ، و «أنت» ـ بفتح التّاء ـ فروعه أربعة ، وهي : «أنت ـ بكسر التاء ـ وأنتما ، وأنتم ، وأنتنّ» ، لأنّ المؤنث فرع المذكر ، والمثنّى والجمع فرع المفرد ، و «هو» فروعه أربعة أيضا وهي / : «هي (٥) ، وهما ، وهم ، وهنّ» ، فـ «هي» : فرعه من جهة التأنيث ، و «هما وهم وهنّ» : فرعه من جهة الإفراد.
__________________
(١) في الأصل : ثم. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.
(٢) في الأصل : عمر. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.
(٤) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.
(٥) في الأصل : وهي. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
والمختار في «أنا» : أنّ الضمير هو الأحرف الثلاثة عند ابن مالك (١) ، وفي «أنت» وفروعه : أنّ الضمير نفس «أن» ، واللواحق لها حروف خطاب عند البصريين (٢) ، وفي «هو ، وهي» (٣) : أنّ الجميع ضمير عندهم أيضا (٤) ، وفي «هما ، وهم» : الهاء وحدها ، وكذا في نحو «هنّ» (٥).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وذو انتصاب في انفصال جعلا |
|
إياي والتفريع ليس مشكلا |
أشار بهذا إلى ضمائر النصب المنفصلة ، وهي اثنا عشر أيضا ، للمتكلم منها اثنان : «إيّايّ ، وإيّانا» ، وللمخاطب خمسة : «إيّاك ، إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ» وللغائب خمسة : «إيّاه ، (إيّاها) (٦) ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ».
واكتفى بذكر ضمير المتكلم ، وكان حقّه أن يذكر الأصول الثلاثة كما فعل في المرفوع ، لكنّه اكتفى به عمّا سواه لوضوحه ، ولذكره ذلك في المرفوع ، ولذلك قال : «والتّفريع ليس مشكلا».
ففرع «إيّاي» : «إيّانا» لا غير ، وفرع «إيّاك» ـ بفتح الكاف ـ أربعة : «إيّاك ـ بكسرها ـ ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكنّ» ، وفرع «إيّاه» أربعة أيضا : «إيّاها ، وإيّاهما ، وإيّاهم ، وإيّاهنّ» على ما تقدّم من التعليل.
والمختار أنّ الضمير نفس «إيّا» فقط ، وأنّ اللواحق لها حروف / تكلّم وخطاب وغيبة ، وهو مذهب سيبويه (٧).
__________________
(١) قال ابن مالك في شرح التسهيل : (١ / ١٥٤ ـ ١٥٥) : «زعم الأكثرون أن ألف «أنا» زائدة للوقف كزيادة هاء السكت ، وأيدوا ذلك بأن الهاء تعاقبها ، كقول حاتم : «هذا فزدي أنه» ، والصحيح أن «أنا» بثبوت الألف وقفا ووصلا هو الأصل ، وهي لغة بني تميم» انتهى. وما ذهب إليه ابن مالك هو مذهب الكوفيين. راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.
(٢) وذهب بعض الكوفيين إلى أصالة «أنت». راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.
(٣) في الأصل : الواو ساقط. راجع التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٤) وذهب الكوفيون إلى أن الهاء وحدها هي الضمير. راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.
(٥) باتفاق بين البصريين والكوفيين ، وحكى الفارسي أن الضمير في «هما وهم» المجموع ، وفي «هن» الهاء وحدها ، والنون الأولى كالميم في «هم» والثانية كالواو في «هو». انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، وراجع هامش (٣) ص ٩٥ من هذا الكتاب.
(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٧) والفارسي وكثير من البصريين أيضا. وذهب بعض البصريين وجمع من الكوفيين واختاره أبو حيان : أن اللواحق هي الضمائر ، وكلمة «إيّا» عماد ، أي : زيادة يعتمد عليها لواحقها ليتميز الضمير المنفصل من المتصل ، وعليه ابن كيسان. وذهب بعض الكوفيين إلى أن «إياك»
واستشكل : بأنّ الضمير ما دلّ على متكلم أو مخاطب أو غائب ، و (١) «إيّا» على حدتها لا تدلّ على ذلك.
وأجيب : بأنّها وضعت مشتركة بين المعاني الثلاثة ، فعند الاحتياج إلى التمييز أردفت بحروف تدلّ على المعنى المراد ، كما أردف الفعل المسند إلى المؤنث بتاء التأنيث الساكنة (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وفي اختيار لا يجيء المنفصل |
|
إذا تأتّى أن يجيء المتّصل |
يعني : أنّ الضمير إذا تأتّى اتّصاله لا يجيء منفصلا في الاختيار ، لأنّ وضع الضّمير على الاختصار ، والمتصل أخصر من المنفصل ، فنحو «قمت ـ بضم التّاء ـ ، «وأكرمتك» لا يقال فيهما «قام أنا» ، ولا «أكرمت إيّاك» ، لأنّ التاء أخصر من «أنا» والكاف أخصر من «إيّاك».
وفهم منه أنّه يجيء في غير الاختيار ـ وهو (٣) الضرورة ـ منفصلا مع تأتّي الاتّصال ، كقول الفرزدق :
(٤) ـ ... قد ضمنت |
|
إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير |
__________________
بكماله هو الضمير ، ونسب في الهمع للكوفيين. وذهب الخليل والمازني والأخفش ، إلى أن «إيا» ضمير مضاف إلى ما بعده وأن ما بعده ضمير أيضا في محل خفض بإضافة «إيا» إليه ، واختاره ابن مالك. وذهب السيرافي والزجاج إلى أن «إيا» اسم ظاهر لا ضمير ، واللواحق له ضمائر أضيف إليها ، فهي في محل خفض بالإضافة. و «إيا» على اختلاف هذه الأقوال ليست مشتقة من شيء ، وذهب أبو عبيدة إلى أنها مشتقة ، ثم اختلف. فقيل : اشتقاقها من لفظ «أوّ» بتشديد الواو ، من قوله :
فأو لذكراها إذا ما ذكرتها
وقيل : من الأيّة. وفي «إيّا» سبع لغات قرئ بها : تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة ، وإبدالها هاء مكسورة ومفتوحة ، فهذه ثمانية ، يسقط منها فتح الهاء مع التشديد.
انظر الكتاب : ١ / ٣٨٠ ، الإنصاف (مسألة : ٩٨) : ٢ / ٦٩٥ ، الهمع : ١ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٦ ، شرح التسهيل لابن مالك :
١ / ١٥٩ ، التسهيل : ٢٦ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ٩٨ ، ١٠٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، حاشية الصبان : ١ / ١١٥ ، شرح الرضي : ٢ / ١٢ ، الجنى الداني : ٥٣٦.
(١) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٣) في الأصل : وهي.
١٣ ـ قطعة بيت من البسيط للفرزدق في ديوانه (٢٦٦) ، وتمامه :
لأنّه يتأتّى الاتّصال ، فتقول : «قد ضمنتهم» ، لكنّه فصله لضرورة الوزن.
ومثال ما لم يتأتّ فيه الاتصال : أن يتقدم الضمير على عامله نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] ، / ويتأخّر عن عامله ويلي «إلّا» لفظا نحو (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [يوسف : ٤٠] ، أو معنى نحو «إنّما قام أنا».
ثم قال رحمهالله تعالى :
وصل أو افصل هاء سلنيه وما |
|
أشبهه في كنته الخلف انتمى |
كذاك خلتنيه واتّصالا |
|
أختار ، غيري اختار الانفصالا |
يعني : أنّه يجوز اتّصال الضمير وانفصاله في الهاء من «سلنيه» وما أشبهه ، وهو كلّ ثاني ضميرين منصوبين بفعل غير ناسخ للابتداء مع تقديم الأخص منهما ، كما في باب أعطى ، نحو «الدّرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إيّاه».
والمختار في ذلك الاتّصال عند جميع النحويين لكونه الأصل ، ولا مرجّح لغيره ، ولذلك اقتصر عليه سيبويه (١) ، وقدّمه النّاظم في قوله : «وصل» (٢) ، مع أنّ التنزيل لم يأت إلا به ، قال الله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة : ١٣٧].
__________________
بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت |
|
إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير |
وقيل : هو لأمية بن أبي الصلت. قوله : «بالباعث» متعلق بـ «حلفت» في البيت الذي قبله ، وهو :
إنّي حلفت ولم أحلف على فند |
|
فناء بيت من السّاعين معمور |
والباعث : الذي يبعث الأموات ويحييهم بعد فنائهم ، والوارث : الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك. ضمنت : بمعنى تضمنت أي : اشتملت عليهم ، أو بمعنى : كفلت ، كأنها تكفلت بأبدانهم. والدهر : الزمان ، وقيل : الأبد ، والدهارير : الشدائد. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٥ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٦ ، شرح ابن الناظم : ٦١ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٢٧٤ ، الخزانة : ٥ / ٢٨٨ ، الإنصاف : ٢ / ٦٩٨ ، الخصائص : ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، الأمالي الشجرية : ١ / ٤٠ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٧ ، شواهد الجرجاوي : ١٢ ، شرح المكودي : ١ / ٥٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٧ ، البهجة المرضية : ٢٥ ، الضرائر : ٢٦١ ، اللمع لابن جني : ١٨٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣٣ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٧٣ ، المطالع السعيدة : ١٣٢ ، تذكرة النحاة : ٤٣ ، توجيه اللمع : ٢٥٥ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٦.
(١) انظر الكتاب : ١ / ٣٨٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٤٤ ، وقال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال لازم ، ويدل على عدم لزومه قول النبي صلىاللهعليهوسلم «فإن الله ملككم إياهم ، ولو شاء ملكهم إياكم». وقال ابن عقيل في شرحه (١ / ٥٨) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر».
(٢) قال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «واتصاله أجود».
وقوله : «في كنته الخلف انتمى» أي : انتسب ، ويعني به : خبر كان أو إحدى أخواتها إذا كان اسمها ضميرا متصلا أخصّ من خبرها ، نحو «الصّديق صرته ، وصاره زيد».
وقوله : «كذاك (١) خلتنيه» أي : مثل كنته في الخلف المذكور ، يعني : (فخلتنيه) (٢) وما أشبهه ، وهو كلّ ثاني ضميرين منصوبين بفعل ناسخ للإبتداء من باب ظنّ ، الأوّل منهما (٣) أخصّ نحو «أخي حسبتكه (٤) ، وحسبتك إيّاه».
وظاهر / قوله : «الخلف انتمى» أنّ الخلاف في هذين البيتين في جواز الاتّصال والانفصال ، وليس كذلك ، لأنّه لا خلاف في جواز الاتّصال والانفصال ، وإنّما المراد الخلف انتمى في الاختيار ، ويدلّ على أنّ مراده ما ذكر قوله :
... واتّصالا |
|
أختار ، غيري اختار الانفصالا |
وهو موافق في ذلك لابن الطراوة (٥) والرّمانيّ (٦)(٧) ، لأنّ ثاني الضميرين في
__________________
(١) في الأصل : كذلك. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي بحاشية الملوي : ١٨.
(٣) في الأصل : منها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.
(٤) في الأصل : حسبتك. راجع المكودي : ١ / ٥١.
(٥) هو سليمان بن محمد بن عبد الله السبئي المالقي المعروف بابن الطراوة أبو الحسين (أو أبو الحسن) ، ويلقب بالأستاذ ، أحد شيوخ اللغة والنحو المبرزين بالأندلس ، سمع على الأعلم وابن السراج وغيرهما ، وكان من أبرز تلامذته أبو القاسم السهيلي ، توفي سنة ٥٢٨ ه عن نيف وتسعين سنة ، من آثاره : المقدمات إلى علم الكتاب ، شرح المشكلات على توالي الأبواب ، ترشيح المقتدي ، الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في كتاب الإفصاح.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ١ / ٦٠٢ (تحقيق أبو الفضل إبراهيم) ، إنباه الرواة : ٤ / ١٠٧ ، إشارة التعيين (ورقة : ٢١ ـ مخطوط) ، المغرب في حلي المغرب : ٢ / ٢٠٨ ، طبقات ابن قاضي شهبه : ٢ / ٢٩٨ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٢٣٢ ، أبو الحسين بن الطراوة وأثره في النحو للدكتور البنا : ١٩ ـ ٥٢.
(٦) هو علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني ، ويعرف بالإخشيدي وبالوراق ، واشتهر بالرماني ، أبو الحسن ، من كبار النحاة ، مفسر ، أصله من سامراء ، وولد في بغداد سنة ٢٩٦ ه (وقيل : ٢٧٦ ه) أخذ عن ابن السراج ، والزجاج وغيرهما ، وتوفي ببغداد سنة ٣٨٤ ه ، من آثاره الكثيرة : شرح أصول ابن السراج ، معاني الحروف ، الأسماء والصفات ، النكت في إعجاز القرآن ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٤٤ ، معجم الأدباء : ١٤ / ٧٣ ، إنباه الرواة : ٢ / ٢٩٤ ، البداية والنهاية : ١٠ / ٣١٤ ، لسان الميزان : ٤ / ٢٤٨ ، الأعلام : ٤ / ٣١٧ ، نزهة الألباء : ٣٨٩ ، معجم المؤلفين : ٧ / ١٦٢ ، النجوم الزاهرة : ٤ / ١٦٨ ، شذرات الذهب : ٣ / ١٠٩ ، مرآة الجنان : ٢ / ٤٢٠ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٤٢ ، هدية العارفين : ١ / ٦٨٣.
(٧) وافق الناظم ابن الطراوة والرماني في اختيار الاتصال ، قال في شرح الكافية : «وعندي أن
هذين البابين خبر في الأصل ، وحقّ الخبر الفصل قبل دخول الناسخ ، فيترجّح بعده.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وقدّم الأخصّ في اتّصال |
|
وقدّمن ما شئت في انفصال |
الأخصّ هو الأعرف ، وضمير المتكلم أخصّ من ضمير المخاطب والغائب ، وضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب ، فإذا أريد اتّصال الضمير الثّاني قدّم الأخصّ ، لأنّه لا يتوصّل إلى اتّصاله إلا بتقديم الأخصّ ، وإلى ذلك أشار بقوله :
وقدّم الأخصّ في اتّصال
وإن أردت انفصاله قدّم ما شئت من الأخصّ وغيره ، إلا أنّه إذا تقدّم غير الأخصّ وجب انفصال الثّاني ، وإلى التخيير أشار بقوله :
وقدّمن ما شئت في انفصال
وقد اجتمع الأمران في قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله ملككم إيّاهم ، ولو شاء ملّكهم
__________________
اتصاله أولى ، لأنه ثاني منصوبين بفعل ، فكان كالثاني في قوله تعالى : (أَنُلْزِمُكُمُوها.) انتهى. وقد خالف ابن مالك بذلك سيبويه والأكثرين الذاهبين إلى اختيار الانفصال. ووجه اختيار الانفصال : أن الضمير في البابين خبر في الأصل ، وحق الخبر الانفصال ، وكلاهما مسموع ، فمن الأول قوله :
لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا |
|
عن العهد والإنسان قد يتغيّر |
ومن الثاني قوله :
أخي حسبتك إيّاه وقد ملئت |
|
أرجاء صدرك بالأضغان والإحن |
وقد وافق ابن مالك في شرح التسهيل سيبويه في اختيار الانفصال في باب : «خلتنيه» ، فقال : «وإذا كان الضمير كـ «هاء» «خلتكه» في كونه ثاني مفعولين أحد أفعال القلوب الانفصال به أولى ، لأنه خبر مبتدأ في الأصل ، وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر ، بخلاف هاء «كنته» فإنه خبر مبتدأ في الأصل ، ولكنه شبيه بـ «هاء» «ضربته» في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع ، والمرفوع كجزء من الفعل ، فكأن الفعل مباشر له ، فكان مقتضى هذا ألا ينفصل ، كما لا ينفصل هاء «ضربته» إلا أنه أجيز الانفصال مرجوحا لا راجحا خلافا لسيبويه ومن تبعه». انتهى.
انظر : شرح المكودي : ١ / ٥١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٩ ، الكتاب : ١ / ٢١ ، التسهيل : ٢٧ ، شرح التسهيل : ١ / ١٧١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣٢ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٦٩.
إيّاكم» (١) ، فانفصال الضمير / في قوله : «ملّككم إيّاهم» جائز لتقديم الأخصّ ـ وهو ضمير المخاطب ـ على غير الأخصّ ـ وهو ضمير الغائب ـ ، وانفصال الضمير في «ملّكهم إيّاكم» واجب ، لتقديم غير الأخصّ.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وفي اتّحاد الرّتبة الزم فصلا |
|
وقد يبيح الغيب فيه وصلا |
يعني : أنّ الضميرين إذا اتّحدا في الرتبة ، كأن يكونا لمتكلّم أو لمخاطب أو لغائب ـ لزم انفصال الثّاني نحو «ظننتني إيّاي ، وحسبتك إيّاك ، والدّرهم إن جاء زيد فأعطه إيّاه».
وقوله :
وقد يبيح الغيب فيه وصلا
يشير إلى أنّ الضميرين إذا اتّحدا (٢) في الغيبة قد يتّصل الثاني منهما لكن (٣) بشرط أن يختلفا اختلافا ما ، كأن يكون أحدهما مفردا والآخر مثنّى أو مجموعا ، أو يكون مذكرا والآخر مؤنّثا ، كقوله :
(٤) ـ لوجهك في الإحسان بسط وبهجة |
|
أنالهماه (٥) قفو أكرم والد |
__________________
(١) أورد الهيثمي في الزواجر (٤٨١) أنه صلىاللهعليهوسلم قال في المملوكين عند خروجه من الدنيا : «ولا تعذبوا خلق الله ، فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم».
وانظر الكبائر للذهبي : ٢٤٤ ، إتحاف السادة المتقين للزبيدي : ٦ / ٣٢٣ وفيه : «ملكهم» بدل «لملكهم».
وانظر الحديث برواية المؤلف في شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٦٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٧ ، شرح دحلان : ٢٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٣. وبرواية «لملكهم» في شرح المرادي : ١ / ١٤٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٧ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٣٠.
(٢) في الأصل : اتحد. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.
(٣) في الأصل : لا أن. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.
١٤ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله. قوله : «في الإحسان» أي : في وقت الإحسان. وبسط : أي : بشاشة ، أنالهما : من أنال ينيل إنالة : إذا بلغ ووصل. قفو : من قفوت أثره إذا تبعته ، وحاصل المعنى : وجهك مبتهج في وقت الإحسان إلى الناس ، وقد حصل لك ذلك من اتباع آثار آبائك وأسلافك الكرام. والشاهد فيه قوله : «أنالهماه» وكان القياس أن يقال : «أنالهما إياه» بالانفصال فجاء متصلا ، والذي سوغ ذلك اتحاد الضميرين في الغيبة ، وكون الأول منهما مثنى والثاني مفردا. وقيل : إن الاتصال هاهنا أحسن لأن العامل فعل وهو «نال» بخلاف ما
والأكثر «أنالهما إيّاه» بالانفصال.
واحترز بالغيبة من ضميري المتكلم ، وضميري المخاطب ، فإنّه لا يكاد يصحّ فيهما الاختلاف المذكور ، لاتحاد مدلولي الضميرين ، فلا يقال : «علمتناني ، ولا علمتنينا ، ولا ظننتكماك».
وظاهر كلام النّاظم عدم اشتراط الاختلاف (١) ، واعتذر عنه ولده في شرحه : بأنّ قوله : «وصلا» بالتنكير على معنى نوع من الوصل ، تعريض بأنّه / لا يستباح الاتّصال مع الاتحاد في الغيبة مطلقا ، بل بقيد ، وهو الاختلاف في اللّفظ (٢). وفيه بعد (٣).
واحترز بالاختلاف من أن لا يختلف لفظهما ، فإنّه حينئذ لا بدّ من الفصل نحو «مال زيد أعطيته إيّاه».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وقبل يا النّفس مع الفعل التزم |
|
نون وقاية وليسي قد نظم |
قد تقدّم أنّ من جملة الضمائر ياء المتكلم ، وهي تتصل بالاسم والفعل
__________________
إذا كان العامل اسما فإن الانفصال فيه أحسن ، كما أن الفعل أحمل للوصل من الاسم.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٩ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٤٢ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢١ ، شرح المكودي : ١ / ٥٢ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٧ ، الهمع (رقم) : ١٦٤ ، الدرر اللوامع : ١ / ٥٢ ، أوضح المسالك : ٢٢ ، تذكرة النحاة : ٥٠ ، الجامع الصغير : ٢٠ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٩.
(٤) في الأصل : أنا لهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
(١) وقد اشترط الناظم ذلك في شواهد التوضيح (٢٩) حيث قال : «فلو اختلفا جاز الاتصال والانفصال ، كقول بعض العرب : «هم أحسن الناس وجوها وأنضرهموها» رواه الكسائي».
انتهى. وقال في شرح التسهيل (١ / ١٦٧) : «فإن غاير الأول لفظا جاز اتصاله على ضعف فمن ذلك ما روى الكسائي من قول بعض العرب : هم ...». وفي شرح ابن عقيل (١ / ٦٠) : «وإليه أشار بقوله في الكافية :
مع اختلاف ما ونحو ضمنت |
|
إيّاهم الأرض الضرورة اقتضت |
وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الألفية وليس منها». وانظر هامش شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩. فقد ورد هذا البيت رابع أبيات أربعة كتبت على هامش شرح الكافية لابن مالك.
(٢) انظر شرح ابن الناظم : ٦٧.
(٣) ووجه بعده : أن فيه مشقة وكلفة. قيل : والحق أنه لا بعد فيه ، لأن التنكير يؤدي به للتنويع ، نعم يبقى الإجمال بأن يقال : ما هذا النوع الذي أراد من الأنواع. انظر حاشية ابن حمدون : ١ / ٥٢.
والحرف ، فإذا اتّصلت بالفعل لزم أن يفصل بينها (١) وبينه نون تسمّى نون الوقاية ، لأنّها تقي الفعل الكسر الذي لا يكون نظيره فيه ـ وهو الجرّ ـ أو لأنّها تقي ما بني على الأصل ـ وهو السّكون ـ من الخروج عن ذلك الأصل ، ويستوي في ذلك الماضي نحو «دعاني» ، والمضارع نحو «يكرمني» ، والأمر نحو «أعطني» ، وإلى ذلك أشار بقوله :
وقبل يا النّفس مع الفعل التزم |
|
نون وقاية ... |
وقال : «يا النّفس» وهو مخالف لعبارة النحويين ، فإنّهم يسمّونها : ياء المتكلم (٢).
وقد تحذف هذه النّون للضرورة مع «ليس» ، كقول رؤبة :
١٥ ـ إذ ذهب القوم الكرام ليسي
بغير نون ، وإلى ذلك أشار بقوله : «وليسي قد نظم» يعني : أنّ نون الوقاية حذفت مع «ليس» في ضرورة الوزن.
وأما نحو (تَأْمُرُونِّي) / [الزمر : ٦٤] ، و (تُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠]
__________________
(١) في الأصل : بينهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
(٢) وقد سماها ابن النحاس أيضا ياء النفس في إعراب القرآن (١ / ٢٦٤) حيث قال : «يا بنيّ» نداء مضاف ، وهذه ياء النفس ، لا يجوز هاهنا إلا فتحها ، لأنها لو سكنت لالتقى ساكنان».
انتهى. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
١٥ ـ من الرجز في ملحقات ديوان رؤبة (١٧٥) ، وقبله :
عددت قومي كعديد الطّيس
كعديد : أي : كعدد. والطيس : الرمل الكثير. وغرض الشاعر مدح نفسه بالكرم ، أي : إن قومي وإن كانوا كعدد الرمل في الكثرة ، إلا أنه ليس فيهم كريم غيري. والشاهد في «ليسي» حيث حذف منه نون الوقاية ضرورة.
انظر : التصريح على التوضيح : ١ / ١١٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٤٩ ، ١٧٢ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٢٢٧ ، الخزانة : ٥ / ٣٢٤ ، ٣٩٦ ، شواهد المغني : ١ / ٤٨٨ ، ٢ / ٧٦٩ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٥ ، ١٠٨ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٢٧٤ ، شواهد الجرجاوي : ١٣ ، الهمع : ١ / ٦٤ ، أبيات المغني : ٤ / ٨٦ ، ٦ / ٥٥ ، مغني اللبيب (رقم) : ٣١٠ ، ٦٤٤ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩ ، جواهر الأدب : ١٧٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥٢ ، كاشف الخصاصة : ٣٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٤ ، ٦٨ ، شرح دحلان : ٢٥ ، البهجة المرضية : ٢٥ ، الجامع الصغير : ٢١.
بتخفيف النون في قراءة نافع (١) ، فالصحيح عند سيبويه : أنّ المحذوف نون الرفع ، والمذكور نون الوقاية ، واختاره ابن مالك (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وليتني فشا وليتي ندرا |
|
ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا |
في الباقيات واضطرارا خفّفا |
|
منّي وعنّي بعض من قد سلفا |
يشير إلى أنّ ياء المتكلم إذا اتّصلت بالحروف لم تلحق نون الوقاية إلّا مع ثمانية أحرف ، أشار إلى ستّة منها بقوله :
وليتني فشا وليتي ندرا |
|
ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا |
في البقيات ... |
|
... |
يعني : أنّ لحاق (٣) نون الوقاية لـ «ليت» كثير ، وعدم لحاقها قليل ، فـ «ليتني» أكثر من «ليتي» ، ولم تجئ في القرآن إلّا بالنون ، كقوله عزوجل : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) [النساء : ٧٣].
وقوله : «ومع لعلّ اعكس» (يعني) (٤) : أنّ لحاق النّون لـ «لعلّ» قليل ،
__________________
(١) وأبي جعفر أيضا ، ووافقهما ابن عامر في «تحاجوني» ، حيث كرهوا الجمع بين نونين ، فحذفت إحداهما طلبا للخفة. وقرأ ابن عامر «تأمرونني» بنونين خفيفتين : مفتوحة فمكسورة على الأصل. وقرأ الباقون «تأمروني وتحاجوني» بنون مشددة ، أدغمت نون الرفع في نون الوقاية ، وفتح الياء منهم ابن كثير.
انظر حجة القراءات : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، ٦٢٥ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٥٩ ، ٣٦٢ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٨٥ ، ١٩٧ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢١٢ ، ٣٧٦ ، إعراب ابن النحاس : ٢ / ٧٨ ، ٤ / ٢٠ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٨.
ونافع هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء المدني ، أحد القراء السبعة المشهورين ، كان صبيح الوجه أسوده ، حسن الخلق ، أصبهاني الأصل ، ولد في حدود سنة ٧٠ ه ، وانتهت إليه رياسة القراءة في المدينة ، وأقرأ الناس نيفا وسبعين سنة ، وتوفي بها سنة ١٦٩ ه. انظر ترجمته في طبقات القراء : ٢ / ٣٣٠ ، النشر في القراءات العشر : ١ / ١١٢ ، الأعلام : ٨ / ٥.
(٢) وذلك لأنها معرضة للحذف بالجزم والنصب ولا معنى لها ، فالعلة في عدم حذف نون الضمير ظاهرة ، حيث إنها ليست معرضة للحذف ، ولها معنى ، وهو قول المبرد والسيرافي والفارسي وابن جني. وقيل : المحذوف نون الوقاية ، لأنها منشأ الثقل ، فهي أولى بالحذف ، ولأنها أيضا أمر استحساني ، ولا دلالة لها على شيء ، بخلاف نون الرفع.
انظر الكتاب : ٢ / ١٥٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١١ ، الهمع : ١ / ٢٢٦ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٣ ، مغني اللبيب : ٨٠٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٤.
(٣) في الأصل : لحذف. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
وعدم لحاقها لها كثير ، فهي بالعكس من «ليت» ، فـ «لعلّي» أكثر من «لعلّني» ، ولم تأت (١) في القرآن إلّا بدون النّون ، كقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) [غافر : ٣٦].
وقوله : «وكن مخيّرا في الباقيات» يعني بالباقيات : ما بقي من أخوات «إنّ» وهي أربعة : «إنّ ـ بكسر الهمزة ـ ، وأنّ ـ بفتحها ـ ، وكأنّ ، ولكنّ ـ بالتشديد فيهما ـ» فيجوز أن تلحقها نون الوقاية ، وأن لا تلحقها ، وقد / جاءت في القرآن بالوجهين ، كقوله عزوجل : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) [طه : ١٤] ، و (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام : ٧٨] ، والوجهان على السواء ، فالإثبات : نظرا إلى شبهها بالأفعال المتعدية في (٢) عمل النّصب والرفع ، والحذف : كراهية اجتماع الأمثال ، (فلمّا) (٣) تعارض الوجهان تساقطا ، واستوى الأمران.
وكان لحاقها غالبا (٤) في «ليت» لقوة شبهها بالفعل ، لأنّها تغيّر معنى الابتداء ، وكان عدم لحاقها غالبا مع «لعلّ» ، لأنّها (٥) بعدت عن الفعل ، فإنّها (٦) شبيهة بحرف الجرّ في تعليق ما بعدها بما قبلها ، نحو «تب لعلّك تفلح».
ثمّ أشار إلى الحرفين الباقيين من الثمانية ، وهما : «من ، وعن» بقوله :
... واضطرارا خفّفا |
|
منّي وعنّي بعض من قد سلفا |
يعني : أنّ الوجه في «عن ، ومن» إذا دخلا على ياء المتكلم أن يقال : «عنّي ، ومنّي» ـ بتشديد النّون ـ لأنّهما (لمّا) (٧) لحقتهما (٨) نون الوقاية ، وقبلها نون ساكنة ، أدغمت فيها.
وأشار بقوله : «بعض من قد سلفا» (إلى) (٩) قول الرّاجز :
(١٠) ـ أيّها السائل عنهم وعني |
|
لست من قيس ولا قيس مني |
__________________
(١) في الأصل : يأتي. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.
(٢) في الأصل : على. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.
(٤) في الأصل : كالياء. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
(٥) في الأصل : فانها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
(٦) في الأصل : لانها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
(٨) في الأصل : لحقهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
(٩) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.
١٦ ـ من الرمل ، ولم أعثر على قائله. وقول المؤلف «قول الراجز» يوهم أن البيت من الرجز ، وليس
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وفي لدنّي لدني قلّ وفي |
|
قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي |
أي : قد تلحق نون الوقاية بعض الأسماء المبنية على السّكون ، وذلك اللّحاق (١) لـ «لدن» كثير ، وعدم لحاقها قليل ، ولذلك قرأ أكثر القرّاء / : (مِنْ لَدُنِّي) [الكهف : ٧٦] بالتشديد ، وقرأ نافع بالتخفيف (٢).
وقوله :
... وفي |
|
قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي |
يعني : أنّ «قد وقط» مثل «لدن» في أنّ لحاق نون الوقاية بهما أكثر من عدم لحاقها ، وذلك مفهوم من قوله : «قد» ، وقد جمع الراجز بينهما في قوله :
١٧ ـ قدني من نصر الخبيبين قدي
__________________
كذلك (انظر : حاشية ابن حمدون : ١ / ١٥٣). قوله : «عنهم» أي : عن القوم المعروفين عندهم. و «قيس» أبو قبيلة من مضر ، وهو قيس عيلان واسمه الناس بن مضر بن نزار ، و «قيس» لقبه ، وهو غير منصرف في الموضعين للعلمية والتأنيث المعنوي ، لأنه بمعنى : القبيلة. والشاهد في «عني ومني» بالتخفيف ، حيث حذف نون الوقاية منهما ضرورة ، وقيل : هو شاذ ، وقيل : لا شاهد فيهما ، لأن المحذوف نونهما الأصلية ، ورد : بأن الحرف الأصلي بعيد من الحذف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٥٣ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٥٢ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦١ ، شواهد الجرجاوي : ١٥ ، الخزانة : ٥ / ٣٨٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٠٦ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٢٥ ، شرح ابن الناظم : ٧٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٩ ، الضرائر : ١١٣ ، الجني الداني : ١٥١ ، حاشية الدسوقي على المغني : ٢ / ٨ ، جواهر الأدب : ١٨٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٥١ ، أوضح المسالك : ٢٣ ، التوطئة : ١٨٨ ، فتح رب البرية : ١ / ١١٩.
(١) في الأصل : اللحا.
(٢) وضم الدال ، وهو أحد لغاتها ، كما قرأها بذلك أيضا شعبة وأبو جعفر وأبو بكر عن عاصم.
انظر حجة القراءات : ٤٢٤ ، النشر : ٢ / ٣١٣ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٨١ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٩٣ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١٠٧ ، شرح المكودي : ١ / ٥٣.
١٧ ـ من الرجز لحميد بن الأرقط (كما في الخزانة) من أرجوزة له يمدح فيها عبد الملك بن مروان ، ويعرّض بابن الزبير وأصحابه. وقد نسب هذا الرجز لآخرين ، فنسب في الصحاح لحميد بن ثور الهلالي ، وفي شواهد الأعلم : لأبي نخيلة ، وفي شرح ابن يعيش : لأبي بحدلة. قال البغدادي : «وقيل : قائل الشعر المذكور أبو بجلة ، قاله ابن يعيش في شرح المفصل ولا أعرف هذا». وبعده :
ليس الإمام بالشّحيح الملحد
«قدني» : أي : حسبي. الخبيبين : تثنية خبيب ، وهو خبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام
وروي في حديث النّار (١) : «قطني قطني» بنون الوقاية ، و «قطي قطي» بحذفها (٢) والنّون أشهر حفظا للبناء على السّكون.
و «قد وقط» اسما فعل بمعنى : «حسب» ، ولم يصرّح الناظم بلحاق (٣) نون الوقاية في الحروف الأولى والأسماء التي ذكر كما صرّح بذلك في الأفعال ، لكنّه اكتفى بالنطق بها مقترنة بالنون في معرض لحاقها ، وتجرّدها منها في معرض عدم لحاقها ، والوزن يحفظ جميع ذلك.
__________________
رضياللهعنهم ، وكان عبد الله يكنى بأبي خبيب ، وأراد بهما : عبد الله بن الزبير وابنه خبيبا المذكور ، وقيل : أراد بهما عبد الله وأخاه مصعبا ابني الزبير ، فهو من باب التغليب.
وروى : «الخبيبين» بصيغة الجمع على إرادة خبيب المذكور ومن كان على رأيه ، وهو تغليب أيضا. والشحيح : البخيل. والملحد : المائل عن الحق. والشاهد في قوله «قدني وقدي» حيث أثبت نون الوقاية في الأول على الكثير ، وحذفها في الثاني على القليل.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٥٧ ، الخزانة : ٥ / ٣٨٢ ، ٦ / ٢٤٦ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦١ ، شواهد ابن النحاس : ٢٥٩ ، الكتاب : ١ / ٣٨٧ ، جواهر الأدب : ١٨١ ، شواهد الجرجاوي : ١٥ ، اللسان : (خبب ، قدد ، لحد) ، الصحاح : (لحد) ، الهمع : ١ / ٦٤ ، الدرر اللوامع : ١ / ٤٢ ، نوادر أبي زيد : ٥٢٧ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٢٤ ، ٧ / ١٤٣ ، شرح الأشموني : ١ / ٨٧ ، المحتسب : ٢ / ٢٢٣ ، شواهد الأعلم : ١ / ٣٨٧ ، التوطئة : ١٨٨ ، شرح الملوكي لابن يعيش : ٤٤٢ ، الجنى الداني : ٢٥٣ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٢٨٦ ، شرح المرادي : ١ / ١٦١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٠٦ ، الإنصاف : ١ / ١٣١ ، مغني اللبيب (رقم) : ٣٠٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥٤ ، شواهد المغني : ١ / ٤٨٧ ، البهجة المرضية : ٢٦ ، تذكرة النحاة : ٧٥.
(١) في الأصل : الدار. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.
(٢) روى البخاري في صحيحه (٨ / ١٦٨) عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تزال جهنّم تقول : هل من مزيد حتّى يضع ربّ العزة فيها قدمه ، فتقول : «قط قط» وعزّتك ، ويزوى بعضها إلى بعض».
وانظر فتح الباري : ١١ / ٥٤٥ ، صحيح مسلم (رقم) : ٢٨٤٦ ، مسند أحمد : ٣ / ١٣٤ ، ١٤١ ، ٢٣٠ ، سنن الترمذي رقم : ٣٢٧٢ ، كنز العمال رقم : ١١٧٣ ، ٣٩٤٧٩ ، ١٣١٣٤ ، مشكاة المصابيح للتبريزي رقم : ٥٦٩٥ ، الدر المنثور : ٦ / ١٠٧.
وقال ابن حجر في الفتح (٨ / ٥٩٥) : و «قط» بالتخفيف ساكنا ، ويجوز الكسر بغير إشباع ، ووقع في بعض النسخ عن أبي ذر «قطي قطي» بالإشباع ، و «قطني» بزيادة نون مشبعة».
وانظر شرح المرادي : ١ / ١٦٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، البهجة المرضية : ٢٦ ، حاشية الخضري : ١ / ٦١ ، شرح ابن الناظم : ٧١ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٥.
(٣) في الأصل : لحاق. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.
الباب الرابع
العلم
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
العلم
اسم يعيّن المسمّى مطلقا |
|
علمه كجعفر وخرنقا |
وقرن وعدن ولاحق |
|
وشذقم وهيلة وواشق |
هذا هو النّوع الثّاني من المعارف ، وهو العلم ، وهو ضربان : علم شخص ، وعلم جنس.
وقد أشار إلى الأول (بقوله) (١) :
اسم (٢) يعيّن المسمّى مطلقا |
|
علمه ... |
فقوله : «اسم» جنس.
«ويعيّن المسمّى» مخرج للنكرة ، كـ «رجل» ، فإنّها لا تعيّن مسمّياتها ، / وك «شمس وقمر» ، فإنّ لفظهما لا يعيّن مدلولهما من حيث الوضع ، وإنّما حصل التعيين بعد الوضع لأمر عرض في (٣) المسمى ، وهو الانفراد في الوجود الخارجيّ.
و «مطلقا» مخرج لما سوى العلم من المعارف ، فإنّ تعيينها لمسمياتها تعيين مقيد : إمّا بقرينة لفظية أو معنوية ، ألا ترى ـ مثلا ـ أنّ ذا الألف واللام إنّما يعين مسمّاه ما دامت فيه «أل» ، فإذا فارقته فارقه التعيين ، (ونحو «الذي» إنما يعيّن مسمّاه بالصلة ، ونحو «أنا ، وأنت ، وهو» إنّما يعين مسماه بالتكلم والخطاب والغيبة ، فإنّ «أنت» ـ مثلا ـ موضوع للمخاطب المعين) (٤) من حيث هو مخاطب ، فإذا جعل صالحا لكل شخص من المخاطبين فهو غير معرفة مجازا ، قاله الشّاطبيّ النّحويّ (٥) ، بخلاف العلم ، فإنّه يعين مسماه بغير قرينة.
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.
(٢) في الأصل : العلم اسم. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.
(٣) في الأصل : من. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣.
(٥) قال الشاطبي في شرح الألفية (١ / ٨٣ ـ أ ـ مخطوط) : وقوله في التعريف «مطلقا» يحتمل
ولمّا كان العلم الشخصيّ لا يختصّ بأولي العلم ، بل يكون لأولي العلم وغيرهم ممّا يؤلف ـ نوّع الأمثلة ، فقال :
ـ كـ «جعفر» : وهو علم منقول عن اسم للنّهر الصغير لرجل (١).
ـ و «خرنق» ـ بكسر الخاء والنون ـ : وهو علم منقول عن ولد الأرنب لامرأة شاعرة ، وهي أخت طرفة بن العبد (٢).
ـ و «قرن» ـ بفتح القاف والراء ـ : وهو اسم قبيلة من مراد أبوهم (٣) قرن
__________________
تفسيرين : أحدهما : أن يكون معناه أن تعين العلم للمسمى ليس باعتبار أمر حتى يكون باعتبار أمر آخر معين كما في المضمر ، فإن «أنت» مثلا موضوع للمخاطب نفسه من حيث هو مخاطب ، ولفظ «هو» موضوع للغائب المعين من حيث هو غائب ، و «أنت» أو «هو» بهذا الاعتبار معرفة ، وإذا اعتبرت لفظ «أنت» أو لفظ «هو» من جهة أخرى وجدته صالحا لغيره من المخاطبين أو الغائبين كما يصلح «رجل» ونحوه لكل واحد من أشخاص جنسه ، فإذا كان مثلا «أنت» أو «هو» صالحا لما عين به ولغيره ، فهو من هذه الجهة غير معرفة ، وإذا كان هذا الاعتبار مجازيا فهو من الاعتبارات». وقال في (١ / ٨٣ ـ ب) : والموصول كذلك أيضا ليس تعريفه إلا من حيث وضع على أن تكون الصلة هي المبينة والموضحة له». وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣. والشاطبي هو إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي المالكي الشهير بالشاطبي ، أبو إسحاق ، عالم بالنحو واللغة ، أصولي حافظ ، كان من أئمة المالكية ، توفي في شعبان سنة ٧٩٠ ه من آثاره : شرح ألفية ابن مالك المسمى : «المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية» ، الموافقات في أصول الفقه ، عنوان التعريف بأسرار التكليف في الأصول ، وغيرها.
انظر ترجمته في إيضاح المكنون : ٢ / ١٢٧ ، الأعلام : ١ / ٧٥ ، معجم المؤلفين : ١ / ١١٨ ، المجددون في الإسلام : ٣٠٧.
(١) وقيل : الجعفر : النهر الكبير الواسع ، والجعفر أيضا : أبو قبيلة من عامر ، وهو جعفر بن كلاب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وهم الجعافرة.
انظر اللسان : ١ / ٦٣٦ (جعفر) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، حاشية الصبان : ١ / ١٢٧ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ١٢٥ ، ٢١٦ ، معجم قبائل العرب لكحالة : ١ / ١٩١.
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، اللسان : ٢ / ١١٤٧ (خرنق) ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، الخضري مع ابن عقيل : ١ / ٦٢ ، شرح دحلان : ٢٧. وخرنق : هي الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك بن ضبيعة البكرية العدنانية ، شاعرة من الشهيرات في الجاهلية ، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه ، ومن المؤلفين من يسميها : «الخرنق بنت هفان» ، تزوجها بشر بن عمرو بن مرشد ـ سيد بني أسد ـ وقتله بنو أسد يوم كلاب ـ من أيام الجاهلية ـ فكان أكثر شعرها في رثائه ورثاء من قتل معه من قومها ، ورثاء أخيها طرفة ، توفيت حوالي سنة ٥٠ ق. ه. لها ديوان شعر صغير.
انظر ترجمتها في سمط اللآلئ : ٧٨٠ ، الخزانة : ٥ / ٥١ ، معجم المؤلفين : ٤ / ٩٩ ، الأعلام : ٢ / ٣٠٣ ، أعلام النساء لكحالة : ١ / ٢٩٤.
(٣) في الأصل : أبرهم. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.
ابن ردمان ، وإليه ينسب أويس القرنيّ رضياللهعنه (١) ، ومن قال : إنه منسوب إلى «قرن» المنازل ـ بسكون الرّاء (٢) ـ كالجوهري (٣) ، فقد سها (٤).
ـ و «عدن» ـ بفتح / العين والدّال المهملة ـ : علم بلدة بساحل اليمن» (٥).
ـ و «لاحق» : علم فرس كان لمعاوية (٦).
__________________
(١) وهم من القحطانية. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، اللسان : ٥ / ٣٦١٤ (قرن) ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧ ، البهجة المرضية : ٢٧ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٩٧ ، معجم قبائل العرب : ٣ / ٩٤٦ ، نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٠٢.
وأويس القرني هو : أويس بن عامر بن جعفر بن جزء بن مالك القرني ، من بني قرن بن ردمان ابن ناجية بن مراد ، من سادات التابعين ، أصله من اليمن ، يسكن القفار والرمال ، أدرك حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يره ، فوفد على عمر بن الخطاب ثم سكن الكوفة ، وشهد وقعة صفين مع علي ، توفي سنة ٣٧ ه ، ويرجح الكثيرون أنه قتل في وقعة صفين.
انظر ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦ / ١١١ ، ميزان الاعتدال للذهبي : ١٢٩ ، حلية الأولياء : ٢ / ٧٩ ، لسان الميزان : ١ / ٤٧١ ، منهج المقال للأسترابادي : ٦٤ ، الأعلام : ٢ / ٣٢ ، مسالك الأبصار للعمري : ١ / ١٢٢.
(٢) قرن المنازل : هو قرن الثعالب ـ كما قال القاضي عياض ـ بسكون الراء : ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة ، وهو قرن أيضا غير مضاف ، وأصله الجبل الصغير المستطيل المنقطع على الجبل الكبير.
انظر : معجم البلدان : ٤ / ٣٣٢ ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٨٢ ، معجم ما استعجم للبكري : ٣ / ٧٨٨ ، ١٠٦٧ ، وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح دحلان : ٢٧.
(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٦ / ب) ، وفي الصحاح قال الجوهري : والقرن ـ ضبطها بالفتح ـ وهو ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني. وفي مراصد الاطلاع : قرن ـ بالتحريك وآخره نون ـ ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني ، قاله الجوهري ، وغيره يقوله بسكون الراء. وفي معجم البلدان : قال القاضي عياض في تعليق عن القابسي : من قال «قرن» بالإسكان أراد : الجبل المشرف على الموضع ، ومن قال : «قرن» بالفتح أراد الطريق الذي يفترق منه ، فإنه موضع فيه طرق مختلفة.
انظر الصحاح : ٦ / ٢١٨١ (قرن) ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٨٢ ، معجم البلدان : ٤ / ٣٣٢.
(٤) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح دحلان : ٢٧ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٦ / ب).
(٥) وهي مدينة مشهورة ، وهي مرفأ مراكب الهند والحجاز والحبشة.
انظر اللسان (عدن) ، مراصد الاطلاع : ٢ / ٩٢٣ ، معجم البلدان : ٤ / ٨٩ ، تقويم البلدان : ٩٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧.
(٦) ابن أبي سفيان. و «دلال» علم بغل ، و «يعفور» علم حمار ، وكلاهما كان للنبي صلىاللهعليهوسلم.
انظر اللسان : ٥ / ٤٠١٠ (لحق) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧.
ـ و «شذقم» ـ بفتح الشين والقاف (١) ، وبينهما دال مهملة ـ : علم فحل من فحول الإبل كان للنعمان بن المنذر (٢).
ـ و «هيلة» : علم لعنز (٣) لبعض نساء العرب (٤).
ـ و «واشق» : علم لكلب (٥).
فهذه سبعة أعلام وثامنهم علم الكلب ، وفي (ذلك) (٦) موازاة لقوله (٧) تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢].
ثمّ (قال) (٨) رحمهالله تعالى :
واسما أتى وكنية ولقبا |
|
وأخّرن ذا إن سواه صحبا |
يعني : أنّ العلم ينقسم إلى اسم ، ويقال فيه : الاسم الخاصّ ، كـ «جعفر» ،
__________________
(١) في الأصل : الواو. ساقط.
(٢) وإليه تنسب الإبل الشذقيمة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، شرح دحلان : ٢٧.
والنعمان بن المنذر هو : النعمان الثالث بن المنذر الرابع (وكانت أم المنذر يقال لها : ماء السماء لحسنها ، واشتهر المنذر بأمه فقيل له ابن ماء السماء ، واسمها ماوية بنت عوف) ابن امرئ القيس اللخمي ، أبو قابوس ، من أشهر ملوك الحيرة في الجاهلية ، كان داهية مقداما ، وهو ممدوح النابغة الذبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي ، وقاتل عبيد بن الأبرص وعدي بن زيد ، وباني مدينة النعمانية ، وغازي قرقيسيا (بين الخابور والفرات) ورث ملك الحيرة عن أبيه سنة ٥٩٢ م ، وكانت تابعة للفرس فأقره عليها كسرى إلى أن غضب عليه فعزله ونفاه إلى خانقين ، فسجن فيها إلى أن مات في حدود سنة ١٥ ق. ه.
انظر ترجمته في العرب قبل الإسلام : ٢٠٩ ، تاريخ اليعقوبي : ١ / ١٧٣ ، المحبر : ١٩٤ ، ٣٥٤ ، ٣٥٩ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ٦٦ ، الخزانة : ١ / ٣٨٣ ، الأعلام : ٨ / ٤٣.
(٣) في الأصل : لعنزة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، قال في اللسان : (٤ / ٣١٢٧) : «العنز الماعزة ، وهي الأنثى من المعزى والأوعال والظباء والجمع أعنز وعنوز وعناز».
(٤) وفي المرادي : «هيلة : علم شاة». قال في اللسان (٤ / ٢٣٦٦) : «الشاة الواحدة من الغنم ، وقيل : الشاة تكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش».
وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٢.
(٥) انظر اللسان : ٦ / ٤٨٤٤ (وشق) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، ابن عقيل مع الخضري : ١ / ٦٢ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢.
(٦) ما بين قوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.
(٧) في الأصل : كقوله. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.
(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
وكنية : وهي كلّ ما صدّر بـ «أب ، أو أمّ» ، كـ «أبي بكر بن أبي قحافة ـ رضياللهعنهما ـ وأمّ كلثوم بنت النّبيّ محمد (صلىاللهعليهوسلم) (١).
زاد الإمام فخر الدّين الرازيّ (٢) في العلم الجنسيّ : أو ابن أو بنت (٣) كـ «ابن (٤) دأية» للغراب (٥) ، و «بنت الأرض» للحصاة (٦). انتهى (٧).
ولقب : وهو ما دلّ على رفعة مسمّاه كـ «زين العابدين» لقب عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه (٨) ، أو ضعته ـ بفتح الضاد
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.
(٢) هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي التيمي البكري الطبرستاني الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي ، وبابن خطيب الري ، أبو عبد الله ، فخر الدين أبو المعالي الإمام المفسر ، أوحد زمانه في المعقول والمنقول ، ولد في الري (من أعمال فارس) سنة ٥٤٤ ه (وقيل : ٥٤٣ ه) ورحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان ، وتوفي في هراة سنة ٦٠٦ ه ، من مؤلفاته : تفسير القرآن ، الآيات البينات ، المطالب العالية في علم الكلام ، نهاية العقول في دراية الأصول ، وله شعر بالعربية والفارسية ، وغيرها.
انظر ترجمته في البداية والنهاية : ١٣ / ٥٥ ، شذرات الذهب : ٥ / ٢١ ، معجم المؤلفين : ١١ / ٧٩ ، لسان الميزان : ٤ / ٤٢٦ ، مرآة الجنان : ٤ / ٧ ، الأعلام : ٦ / ٣١٣ ، مفتاح السعادة : ١ / ٤٤٥ ، النجوم الزاهرة : ٦ / ١٩٧ ، هدية العارفين : ٢ / ١٠٧.
(٣) في الأصل : وبنت. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.
(٤) في الأصل : كان. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.
(٥) انظر حياة الحيوان الكبرى للدميري : ٢ / ١٠١ ، اللسان : ١ / ٣٦٤ (بنى) ، إرشاد الطالب النبيل (٥٨ / أ) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠ ، الكواكب الدرية للأهدل : ٥٢.
(٦) انظر اللسان : ١ / ٣٦٥ (بنى) ، تاج العروس : ١٠ / ٤٩ (بنى) ، وانظر المراجع المتقدمة.
(٧) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٨ / أ). ـ قال الأهدل في الكواكب الدرية (٥٢) : «ومن الكنية أيضا ـ كما قال الرضي والفخر الرازي ـ ما صدر بابن أو ابنة كـ «ابن دأية» للغراب ، و «ابن جلا» لمن كان أمره منكشفا ، و «ابن لبون ، وابن آوى ، وابن عرس» ، و «بنت الأرض» للحصاة ، و «ابنة الجبل» للصخرة ، و «بنت مخاص». قال الفخر الرازي : والمصدر بـ «ابن» أو «ابنة» يختص بعلم الجنس ، كالأمثلة المذكورة. وقيل : لا يختص بذلك ، فمنها ابن عمر وابن عباس. وقيل : ليس بكنية أصلا». انتهى.
وانظر شرح الرضي : ٢ / ١٣٩ ، حاشية السجاعي على ابن عقيل : ٥١ ، تاج العروس : ١٠ / ٣١٩ (كنى) ، الهمع : ١ / ٢٤٦ ، المطالع السعيدة : ١٥٠ ، حاشية يس على شرح الفاكهي للقطر : ١ / ١٩٩.
(٨) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضياللهعنهم ، الهاشمي القرشي أبو الحسن ، الملقب بزين العابدين ، رابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، وأحد من كان يضرب بهم المثل في الحلم والورع ، ولد بالمدينة سنة ٣٨ ه ، وتوفي بها سنة ٩٤ ه ، وليس للحسين السبط عقب إلّا منه. ـ