شرح ابن طولون - ج ١

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

شرح ابن طولون - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد جاسم محمّد الفيّاض الكبيسي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3522-8
الصفحات: ٥٠٤
الجزء ١ الجزء ٢

ومنصوبا في قوله : «فإنّنا» ومرفوعا في قوله : «نلنا المنح» ، والمنح : جمع منحة ، وهي العطيّة (١).

ومثله قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا) [آل عمران : ١٩٣] فـ «نا» في (رَبَّنا) في محلّ جرّ بإضافة «ربّ» إليها ، وفي «إنّنا» (٢) في محلّ نصب بـ «إنّ» ، وفي (سَمِعْنا) في محلّ رفع على الفاعلية.

وفهم منه أنّ الياء من «سليه» (مرفوعة) (٣).

وما لم يذكر من الضمائر المتصلة خاص بالرفع ، لأنّه لمّا ذكر ما يشترك فيه الجرّ والنّصب / وهو ياء المتكلم والكاف والهاء ، وما يستعمل في الإعراب كلّه ، وهو «نا» ـ علم أنّ ما عدا القسمين خاص بالرفع وهو «ياء» المخاطبة ، و «تاء» الضمير ، متكلما كان أو مخاطبا ، و «واو» الضمير و «ألف» الاثنين ، و «نون» الإناث.

فمجموع الضمائر المتصلة تسعة ألفاظ.

واعترض أبو حيّان على النّاظم فقال : لا يختصّ ذلك بكلمة «نا» (٤) بل الياء وكلمة «هم» كذلك ، لأنّك تقول : «قومي ، وأكرمني ، وغلامي ، وهم فعلوا ، وإنّهم ، ولهم مال» (٥).

وردّه المتأخرون فقالوا : هذا غير سديد ، لأنّ ياء المخاطبة غير ياء المتكلّم (٦) ، ولأنّ المنفصل غير المتّصل.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) ومنحه : أعطاه. انظر شرح المكودي : ١٠ / ٤٧ ، اللسان : ٦ / ٤٢٧٤ (منح).

(٢) في الأصل : اثنان. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٧.

(٤) في الأصل : فا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩.

(٥) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩ ، وانظر شرح دحلان : ٢٢. وفي حاشية يس (١ / ٩٩) : قال الدنوشري : أحسن من إشكال أبي حيان أن يقال : ياء المتكلم نفسها تصلح للمحال الثلاثة نحو «ضربي حسن ، وأكرمني ، وغلامي».

(٦) فياء المخاطبة غير ياء المتكلم بدليلين : أحدهما : أن ياء المخاطبة مختلف في اسميتها ، وياء المتكلم لم يختلف فيها ، والمختلف فيه غير المتفق عليه. والثاني : أن ياء المخاطبة موضوعة للمؤنث ، وياء المتكلم موضوعة للمذكر ، وما للمؤنث غير ما للمذكر.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٩٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١١١ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٥ ، شرح دحلان : ٢٢.

١٠١

وألف والواو والنّون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

يعني : أنّ ألف الاثنين وواو الجمع ونون الإناث ـ تصلح للغائب والمخاطب ، فمثالها (١) للغائب : «الزيدان قاما ، والزيدون قاموا ، والهندات قمن» ومثالها (٢) للمخاطب : «قوما ، وقوموا ، وقمن».

إلّا أنّ قوله : «وغيره» شامل للمتكلم والمخاطب ، ولا تكون هذه الضمائر للمتكلم ، إلا أنّ تمثيله بـ «قاما» ـ وهو للغائب ـ ، و «اعلما» ـ وهو للمخاطب ـ يرشد إلى مقصوده ، ولو قال عوض «وغيره» (٣) : «وخوطب» ، لكان أنصّ.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى / :

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

يعني : أنّ من ضمائر الرّفع ما يجب استتاره ، وفهم من قوله : «ومن ضمير الرّفع» أنّ ذلك لا يكون في ضمائر النصب ، ولا في ضمائر الجرّ ، وذكر أربعة مواضع يجب فيها (٤) استتار الضمير :

الأوّل : فعل الأمر للواحد المذكّر ، وهو المشار إليه بقوله : «افعل» ، كـ «قم واستخرج» بخلاف المرفوع بأمر الواحدة والمثنّى والجمع ، فإنّه يبرز نحو «قومي ، وقوما ، وقوموا ، وقمن».

الثّاني : الفعل المضارع المفتتح بهمزة المتكلم ، وهو المشار إليه بقوله : «أوافق» ، كـ «أقوم وأستخرج».

الثّالث : الفعل المضارع المفتتح بنون المتكلم ومعه غيره (٥) ، وهو المشار إليه بقوله : «نغتبط» ، كـ «نقوم ونستخرج» (٦).

الرّابع : الفعل المضارع المفتتح بتاء المخاطب ، وهو المشار إليه بقوله : «تشكر» كـ «تقوم وتستخرج» ، بخلاف المبدوء بتاء الغائبة نحو «هند تقوم» فإنّ استتاره جائز لا واجب ، وبخلاف المبدوء بتاء خطاب الواحدة والثنية والجمع ، فإنّه يبرز في الجميع نحو «تقومين ، وتقومان ، وتقومون ، وتقمن».

__________________

(١) في الأصل : فمثالهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.

(٢) في الأصل : ومثالهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.

(٣) في الأصل : الواو ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٨.

(٤) في الأصل : فيه. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٩.

(٥) أو المعظم نفسه. انظر شرح المكودي : ١ / ٤٩.

(٦) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.

١٠٢

وأتى النّاظم في قوله : «كافعل» بكاف التمثيل إشارة إلى أن ضمائر الرّفع ليست / محصورة فيما ذكر ـ أعني : الواجبة الاستتار ـ بل شمل (١) ضمائر أخر مرفوعة تستتر وجوبا :

ـ منها المرفوع بفعل استثناء كـ «خلا ، وعدا ، وليس ، ولا يكون» في نحو قولك : «القوم قاموا ما خلا زيدا ، وما عدا عمرا (٢) ، وليس بكرا ، ولا يكون زيدا».

ـ ومنها المرفوع بأفعل التعجّب كـ «ما أحسن الزيدين».

ـ ومنها المرفوع باسم فعل غير ماض كـ «أوّه».

ـ ومنها المرفوع بالمصدر النائب عن فعله ، (نحو) (٣)(فَضَرْبَ الرِّقابِ) [محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ٤].

فجميع هذه الأمثلة لا ترفع الاسم الظّاهر ولا الضمير (٤) البارز.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

ضمائر الرّفع المنفصلة اثنا عشر ، للمتكلم منها اثنان : «أنا ، نحن» وللمخاطب خمسة : «أنت ، أنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ» ، وللغائب خمسة : «هو ، هي ، هما ، هم ، هنّ».

وقد اكتفى منها بذكر ثلاثة لأنّها أصول لما لم يذكره ، ولذلك قال : «والفروع لا تشتبه».

فـ «أنا» فرعه واحد فقط ، وهو «نحن» ، لأنّ المتعدّد فرع المفرد ، و «أنت» ـ بفتح التّاء ـ فروعه أربعة ، وهي : «أنت ـ بكسر التاء ـ وأنتما ، وأنتم ، وأنتنّ» ، لأنّ المؤنث فرع المذكر ، والمثنّى والجمع فرع المفرد ، و «هو» فروعه أربعة أيضا وهي / : «هي (٥) ، وهما ، وهم ، وهنّ» ، فـ «هي» : فرعه من جهة التأنيث ، و «هما وهم وهنّ» : فرعه من جهة الإفراد.

__________________

(١) في الأصل : ثم. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.

(٢) في الأصل : عمر. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.

(٤) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠١.

(٥) في الأصل : وهي. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.

١٠٣

والمختار في «أنا» : أنّ الضمير هو الأحرف الثلاثة عند ابن مالك (١) ، وفي «أنت» وفروعه : أنّ الضمير نفس «أن» ، واللواحق لها حروف خطاب عند البصريين (٢) ، وفي «هو ، وهي» (٣) : أنّ الجميع ضمير عندهم أيضا (٤) ، وفي «هما ، وهم» : الهاء وحدها ، وكذا في نحو «هنّ» (٥).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وذو انتصاب في انفصال جعلا

إياي والتفريع ليس مشكلا

أشار بهذا إلى ضمائر النصب المنفصلة ، وهي اثنا عشر أيضا ، للمتكلم منها اثنان : «إيّايّ ، وإيّانا» ، وللمخاطب خمسة : «إيّاك ، إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ» وللغائب خمسة : «إيّاه ، (إيّاها) (٦) ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ».

واكتفى بذكر ضمير المتكلم ، وكان حقّه أن يذكر الأصول الثلاثة كما فعل في المرفوع ، لكنّه اكتفى به عمّا سواه لوضوحه ، ولذكره ذلك في المرفوع ، ولذلك قال : «والتّفريع ليس مشكلا».

ففرع «إيّاي» : «إيّانا» لا غير ، وفرع «إيّاك» ـ بفتح الكاف ـ أربعة : «إيّاك ـ بكسرها ـ ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكنّ» ، وفرع «إيّاه» أربعة أيضا : «إيّاها ، وإيّاهما ، وإيّاهم ، وإيّاهنّ» على ما تقدّم من التعليل.

والمختار أنّ الضمير نفس «إيّا» فقط ، وأنّ اللواحق لها حروف / تكلّم وخطاب وغيبة ، وهو مذهب سيبويه (٧).

__________________

(١) قال ابن مالك في شرح التسهيل : (١ / ١٥٤ ـ ١٥٥) : «زعم الأكثرون أن ألف «أنا» زائدة للوقف كزيادة هاء السكت ، وأيدوا ذلك بأن الهاء تعاقبها ، كقول حاتم : «هذا فزدي أنه» ، والصحيح أن «أنا» بثبوت الألف وقفا ووصلا هو الأصل ، وهي لغة بني تميم» انتهى. وما ذهب إليه ابن مالك هو مذهب الكوفيين. راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.

(٢) وذهب بعض الكوفيين إلى أصالة «أنت». راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.

(٣) في الأصل : الواو ساقط. راجع التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.

(٤) وذهب الكوفيون إلى أن الهاء وحدها هي الضمير. راجع ص ٩٦ من هذا الكتاب.

(٥) باتفاق بين البصريين والكوفيين ، وحكى الفارسي أن الضمير في «هما وهم» المجموع ، وفي «هن» الهاء وحدها ، والنون الأولى كالميم في «هم» والثانية كالواو في «هو». انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، وراجع هامش (٣) ص ٩٥ من هذا الكتاب.

(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.

(٧) والفارسي وكثير من البصريين أيضا. وذهب بعض البصريين وجمع من الكوفيين واختاره أبو حيان : أن اللواحق هي الضمائر ، وكلمة «إيّا» عماد ، أي : زيادة يعتمد عليها لواحقها ليتميز الضمير المنفصل من المتصل ، وعليه ابن كيسان. وذهب بعض الكوفيين إلى أن «إياك»

١٠٤

واستشكل : بأنّ الضمير ما دلّ على متكلم أو مخاطب أو غائب ، و (١) «إيّا» على حدتها لا تدلّ على ذلك.

وأجيب : بأنّها وضعت مشتركة بين المعاني الثلاثة ، فعند الاحتياج إلى التمييز أردفت بحروف تدلّ على المعنى المراد ، كما أردف الفعل المسند إلى المؤنث بتاء التأنيث الساكنة (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتّى أن يجيء المتّصل

يعني : أنّ الضمير إذا تأتّى اتّصاله لا يجيء منفصلا في الاختيار ، لأنّ وضع الضّمير على الاختصار ، والمتصل أخصر من المنفصل ، فنحو «قمت ـ بضم التّاء ـ ، «وأكرمتك» لا يقال فيهما «قام أنا» ، ولا «أكرمت إيّاك» ، لأنّ التاء أخصر من «أنا» والكاف أخصر من «إيّاك».

وفهم منه أنّه يجيء في غير الاختيار ـ وهو (٣) الضرورة ـ منفصلا مع تأتّي الاتّصال ، كقول الفرزدق :

(٤) ـ ... قد ضمنت

إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير

__________________

بكماله هو الضمير ، ونسب في الهمع للكوفيين. وذهب الخليل والمازني والأخفش ، إلى أن «إيا» ضمير مضاف إلى ما بعده وأن ما بعده ضمير أيضا في محل خفض بإضافة «إيا» إليه ، واختاره ابن مالك. وذهب السيرافي والزجاج إلى أن «إيا» اسم ظاهر لا ضمير ، واللواحق له ضمائر أضيف إليها ، فهي في محل خفض بالإضافة. و «إيا» على اختلاف هذه الأقوال ليست مشتقة من شيء ، وذهب أبو عبيدة إلى أنها مشتقة ، ثم اختلف. فقيل : اشتقاقها من لفظ «أوّ» بتشديد الواو ، من قوله :

فأو لذكراها إذا ما ذكرتها

وقيل : من الأيّة. وفي «إيّا» سبع لغات قرئ بها : تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة ، وإبدالها هاء مكسورة ومفتوحة ، فهذه ثمانية ، يسقط منها فتح الهاء مع التشديد.

انظر الكتاب : ١ / ٣٨٠ ، الإنصاف (مسألة : ٩٨) : ٢ / ٦٩٥ ، الهمع : ١ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٦ ، شرح التسهيل لابن مالك :

١ / ١٥٩ ، التسهيل : ٢٦ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ٩٨ ، ١٠٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، حاشية الصبان : ١ / ١١٥ ، شرح الرضي : ٢ / ١٢ ، الجنى الداني : ٥٣٦.

(١) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.

(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.

(٣) في الأصل : وهي.

١٣ ـ قطعة بيت من البسيط للفرزدق في ديوانه (٢٦٦) ، وتمامه :

١٠٥

لأنّه يتأتّى الاتّصال ، فتقول : «قد ضمنتهم» ، لكنّه فصله لضرورة الوزن.

ومثال ما لم يتأتّ فيه الاتصال : أن يتقدم الضمير على عامله نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] ، / ويتأخّر عن عامله ويلي «إلّا» لفظا نحو (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [يوسف : ٤٠] ، أو معنى نحو «إنّما قام أنا».

ثم قال رحمه‌الله تعالى :

وصل أو افصل هاء سلنيه وما

أشبهه في كنته الخلف انتمى

كذاك خلتنيه واتّصالا

أختار ، غيري اختار الانفصالا

يعني : أنّه يجوز اتّصال الضمير وانفصاله في الهاء من «سلنيه» وما أشبهه ، وهو كلّ ثاني ضميرين منصوبين بفعل غير ناسخ للابتداء مع تقديم الأخص منهما ، كما في باب أعطى ، نحو «الدّرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إيّاه».

والمختار في ذلك الاتّصال عند جميع النحويين لكونه الأصل ، ولا مرجّح لغيره ، ولذلك اقتصر عليه سيبويه (١) ، وقدّمه النّاظم في قوله : «وصل» (٢) ، مع أنّ التنزيل لم يأت إلا به ، قال الله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة : ١٣٧].

__________________

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير

وقيل : هو لأمية بن أبي الصلت. قوله : «بالباعث» متعلق بـ «حلفت» في البيت الذي قبله ، وهو :

إنّي حلفت ولم أحلف على فند

فناء بيت من السّاعين معمور

والباعث : الذي يبعث الأموات ويحييهم بعد فنائهم ، والوارث : الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك. ضمنت : بمعنى تضمنت أي : اشتملت عليهم ، أو بمعنى : كفلت ، كأنها تكفلت بأبدانهم. والدهر : الزمان ، وقيل : الأبد ، والدهارير : الشدائد. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٥ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٦ ، شرح ابن الناظم : ٦١ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٢٧٤ ، الخزانة : ٥ / ٢٨٨ ، الإنصاف : ٢ / ٦٩٨ ، الخصائص : ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، الأمالي الشجرية : ١ / ٤٠ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٧ ، شواهد الجرجاوي : ١٢ ، شرح المكودي : ١ / ٥٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٧ ، البهجة المرضية : ٢٥ ، الضرائر : ٢٦١ ، اللمع لابن جني : ١٨٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣٣ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٧٣ ، المطالع السعيدة : ١٣٢ ، تذكرة النحاة : ٤٣ ، توجيه اللمع : ٢٥٥ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٦.

(١) انظر الكتاب : ١ / ٣٨٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٤٤ ، وقال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال لازم ، ويدل على عدم لزومه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فإن الله ملككم إياهم ، ولو شاء ملكهم إياكم». وقال ابن عقيل في شرحه (١ / ٥٨) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر».

(٢) قال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «واتصاله أجود».

١٠٦

وقوله : «في كنته الخلف انتمى» أي : انتسب ، ويعني به : خبر كان أو إحدى أخواتها إذا كان اسمها ضميرا متصلا أخصّ من خبرها ، نحو «الصّديق صرته ، وصاره زيد».

وقوله : «كذاك (١) خلتنيه» أي : مثل كنته في الخلف المذكور ، يعني : (فخلتنيه) (٢) وما أشبهه ، وهو كلّ ثاني ضميرين منصوبين بفعل ناسخ للإبتداء من باب ظنّ ، الأوّل منهما (٣) أخصّ نحو «أخي حسبتكه (٤) ، وحسبتك إيّاه».

وظاهر / قوله : «الخلف انتمى» أنّ الخلاف في هذين البيتين في جواز الاتّصال والانفصال ، وليس كذلك ، لأنّه لا خلاف في جواز الاتّصال والانفصال ، وإنّما المراد الخلف انتمى في الاختيار ، ويدلّ على أنّ مراده ما ذكر قوله :

 ... واتّصالا

أختار ، غيري اختار الانفصالا

وهو موافق في ذلك لابن الطراوة (٥) والرّمانيّ (٦)(٧) ، لأنّ ثاني الضميرين في

__________________

(١) في الأصل : كذلك. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.

(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي بحاشية الملوي : ١٨.

(٣) في الأصل : منها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.

(٤) في الأصل : حسبتك. راجع المكودي : ١ / ٥١.

(٥) هو سليمان بن محمد بن عبد الله السبئي المالقي المعروف بابن الطراوة أبو الحسين (أو أبو الحسن) ، ويلقب بالأستاذ ، أحد شيوخ اللغة والنحو المبرزين بالأندلس ، سمع على الأعلم وابن السراج وغيرهما ، وكان من أبرز تلامذته أبو القاسم السهيلي ، توفي سنة ٥٢٨ ه‍ عن نيف وتسعين سنة ، من آثاره : المقدمات إلى علم الكتاب ، شرح المشكلات على توالي الأبواب ، ترشيح المقتدي ، الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في كتاب الإفصاح.

انظر ترجمته في بغية الوعاة : ١ / ٦٠٢ (تحقيق أبو الفضل إبراهيم) ، إنباه الرواة : ٤ / ١٠٧ ، إشارة التعيين (ورقة : ٢١ ـ مخطوط) ، المغرب في حلي المغرب : ٢ / ٢٠٨ ، طبقات ابن قاضي شهبه : ٢ / ٢٩٨ ، معجم المؤلفين : ٣ / ٢٣٢ ، أبو الحسين بن الطراوة وأثره في النحو للدكتور البنا : ١٩ ـ ٥٢.

(٦) هو علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني ، ويعرف بالإخشيدي وبالوراق ، واشتهر بالرماني ، أبو الحسن ، من كبار النحاة ، مفسر ، أصله من سامراء ، وولد في بغداد سنة ٢٩٦ ه‍ (وقيل : ٢٧٦ ه‍) أخذ عن ابن السراج ، والزجاج وغيرهما ، وتوفي ببغداد سنة ٣٨٤ ه‍ ، من آثاره الكثيرة : شرح أصول ابن السراج ، معاني الحروف ، الأسماء والصفات ، النكت في إعجاز القرآن ، وغيرها.

انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٤٤ ، معجم الأدباء : ١٤ / ٧٣ ، إنباه الرواة : ٢ / ٢٩٤ ، البداية والنهاية : ١٠ / ٣١٤ ، لسان الميزان : ٤ / ٢٤٨ ، الأعلام : ٤ / ٣١٧ ، نزهة الألباء : ٣٨٩ ، معجم المؤلفين : ٧ / ١٦٢ ، النجوم الزاهرة : ٤ / ١٦٨ ، شذرات الذهب : ٣ / ١٠٩ ، مرآة الجنان : ٢ / ٤٢٠ ، مفتاح السعادة : ١ / ١٤٢ ، هدية العارفين : ١ / ٦٨٣.

(٧) وافق الناظم ابن الطراوة والرماني في اختيار الاتصال ، قال في شرح الكافية : «وعندي أن

١٠٧

هذين البابين خبر في الأصل ، وحقّ الخبر الفصل قبل دخول الناسخ ، فيترجّح بعده.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وقدّم الأخصّ في اتّصال

وقدّمن ما شئت في انفصال

الأخصّ هو الأعرف ، وضمير المتكلم أخصّ من ضمير المخاطب والغائب ، وضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب ، فإذا أريد اتّصال الضمير الثّاني قدّم الأخصّ ، لأنّه لا يتوصّل إلى اتّصاله إلا بتقديم الأخصّ ، وإلى ذلك أشار بقوله :

وقدّم الأخصّ في اتّصال

وإن أردت انفصاله قدّم ما شئت من الأخصّ وغيره ، إلا أنّه إذا تقدّم غير الأخصّ وجب انفصال الثّاني ، وإلى التخيير أشار بقوله :

وقدّمن ما شئت في انفصال

وقد اجتمع الأمران في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله ملككم إيّاهم ، ولو شاء ملّكهم

__________________

اتصاله أولى ، لأنه ثاني منصوبين بفعل ، فكان كالثاني في قوله تعالى : (أَنُلْزِمُكُمُوها.) انتهى. وقد خالف ابن مالك بذلك سيبويه والأكثرين الذاهبين إلى اختيار الانفصال. ووجه اختيار الانفصال : أن الضمير في البابين خبر في الأصل ، وحق الخبر الانفصال ، وكلاهما مسموع ، فمن الأول قوله :

لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا

عن العهد والإنسان قد يتغيّر

ومن الثاني قوله :

أخي حسبتك إيّاه وقد ملئت

أرجاء صدرك بالأضغان والإحن

وقد وافق ابن مالك في شرح التسهيل سيبويه في اختيار الانفصال في باب : «خلتنيه» ، فقال : «وإذا كان الضمير كـ «هاء» «خلتكه» في كونه ثاني مفعولين أحد أفعال القلوب الانفصال به أولى ، لأنه خبر مبتدأ في الأصل ، وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر ، بخلاف هاء «كنته» فإنه خبر مبتدأ في الأصل ، ولكنه شبيه بـ «هاء» «ضربته» في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع ، والمرفوع كجزء من الفعل ، فكأن الفعل مباشر له ، فكان مقتضى هذا ألا ينفصل ، كما لا ينفصل هاء «ضربته» إلا أنه أجيز الانفصال مرجوحا لا راجحا خلافا لسيبويه ومن تبعه». انتهى.

انظر : شرح المكودي : ١ / ٥١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٩ ، الكتاب : ١ / ٢١ ، التسهيل : ٢٧ ، شرح التسهيل : ١ / ١٧١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣٢ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٦٩.

١٠٨

إيّاكم» (١) ، فانفصال الضمير / في قوله : «ملّككم إيّاهم» جائز لتقديم الأخصّ ـ وهو ضمير المخاطب ـ على غير الأخصّ ـ وهو ضمير الغائب ـ ، وانفصال الضمير في «ملّكهم إيّاكم» واجب ، لتقديم غير الأخصّ.

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي اتّحاد الرّتبة الزم فصلا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

يعني : أنّ الضميرين إذا اتّحدا في الرتبة ، كأن يكونا لمتكلّم أو لمخاطب أو لغائب ـ لزم انفصال الثّاني نحو «ظننتني إيّاي ، وحسبتك إيّاك ، والدّرهم إن جاء زيد فأعطه إيّاه».

وقوله :

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

يشير إلى أنّ الضميرين إذا اتّحدا (٢) في الغيبة قد يتّصل الثاني منهما لكن (٣) بشرط أن يختلفا اختلافا ما ، كأن يكون أحدهما مفردا والآخر مثنّى أو مجموعا ، أو يكون مذكرا والآخر مؤنّثا ، كقوله :

(٤) ـ لوجهك في الإحسان بسط وبهجة

أنالهماه (٥) قفو أكرم والد

__________________

(١) أورد الهيثمي في الزواجر (٤٨١) أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في المملوكين عند خروجه من الدنيا : «ولا تعذبوا خلق الله ، فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم».

وانظر الكبائر للذهبي : ٢٤٤ ، إتحاف السادة المتقين للزبيدي : ٦ / ٣٢٣ وفيه : «ملكهم» بدل «لملكهم».

وانظر الحديث برواية المؤلف في شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٦٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٧ ، شرح دحلان : ٢٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٣. وبرواية «لملكهم» في شرح المرادي : ١ / ١٤٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥١ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٧ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٣٠.

(٢) في الأصل : اتحد. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.

(٣) في الأصل : لا أن. انظر شرح المكودي : ١ / ٥١.

١٤ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله. قوله : «في الإحسان» أي : في وقت الإحسان. وبسط : أي : بشاشة ، أنالهما : من أنال ينيل إنالة : إذا بلغ ووصل. قفو : من قفوت أثره إذا تبعته ، وحاصل المعنى : وجهك مبتهج في وقت الإحسان إلى الناس ، وقد حصل لك ذلك من اتباع آثار آبائك وأسلافك الكرام. والشاهد فيه قوله : «أنالهماه» وكان القياس أن يقال : «أنالهما إياه» بالانفصال فجاء متصلا ، والذي سوغ ذلك اتحاد الضميرين في الغيبة ، وكون الأول منهما مثنى والثاني مفردا. وقيل : إن الاتصال هاهنا أحسن لأن العامل فعل وهو «نال» بخلاف ما

١٠٩

والأكثر «أنالهما إيّاه» بالانفصال.

واحترز بالغيبة من ضميري المتكلم ، وضميري المخاطب ، فإنّه لا يكاد يصحّ فيهما الاختلاف المذكور ، لاتحاد مدلولي الضميرين ، فلا يقال : «علمتناني ، ولا علمتنينا ، ولا ظننتكماك».

وظاهر كلام النّاظم عدم اشتراط الاختلاف (١) ، واعتذر عنه ولده في شرحه : بأنّ قوله : «وصلا» بالتنكير على معنى نوع من الوصل ، تعريض بأنّه / لا يستباح الاتّصال مع الاتحاد في الغيبة مطلقا ، بل بقيد ، وهو الاختلاف في اللّفظ (٢). وفيه بعد (٣).

واحترز بالاختلاف من أن لا يختلف لفظهما ، فإنّه حينئذ لا بدّ من الفصل نحو «مال زيد أعطيته إيّاه».

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وقبل يا النّفس مع الفعل التزم

نون وقاية وليسي قد نظم

قد تقدّم أنّ من جملة الضمائر ياء المتكلم ، وهي تتصل بالاسم والفعل

__________________

إذا كان العامل اسما فإن الانفصال فيه أحسن ، كما أن الفعل أحمل للوصل من الاسم.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٩ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٤٢ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢١ ، شرح المكودي : ١ / ٥٢ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٧ ، الهمع (رقم) : ١٦٤ ، الدرر اللوامع : ١ / ٥٢ ، أوضح المسالك : ٢٢ ، تذكرة النحاة : ٥٠ ، الجامع الصغير : ٢٠ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٩.

(٤) في الأصل : أنا لهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

(١) وقد اشترط الناظم ذلك في شواهد التوضيح (٢٩) حيث قال : «فلو اختلفا جاز الاتصال والانفصال ، كقول بعض العرب : «هم أحسن الناس وجوها وأنضرهموها» رواه الكسائي».

انتهى. وقال في شرح التسهيل (١ / ١٦٧) : «فإن غاير الأول لفظا جاز اتصاله على ضعف فمن ذلك ما روى الكسائي من قول بعض العرب : هم ...». وفي شرح ابن عقيل (١ / ٦٠) : «وإليه أشار بقوله في الكافية :

مع اختلاف ما ونحو ضمنت

إيّاهم الأرض الضرورة اقتضت

وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الألفية وليس منها». وانظر هامش شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩. فقد ورد هذا البيت رابع أبيات أربعة كتبت على هامش شرح الكافية لابن مالك.

(٢) انظر شرح ابن الناظم : ٦٧.

(٣) ووجه بعده : أن فيه مشقة وكلفة. قيل : والحق أنه لا بعد فيه ، لأن التنكير يؤدي به للتنويع ، نعم يبقى الإجمال بأن يقال : ما هذا النوع الذي أراد من الأنواع. انظر حاشية ابن حمدون : ١ / ٥٢.

١١٠

والحرف ، فإذا اتّصلت بالفعل لزم أن يفصل بينها (١) وبينه نون تسمّى نون الوقاية ، لأنّها تقي الفعل الكسر الذي لا يكون نظيره فيه ـ وهو الجرّ ـ أو لأنّها تقي ما بني على الأصل ـ وهو السّكون ـ من الخروج عن ذلك الأصل ، ويستوي في ذلك الماضي نحو «دعاني» ، والمضارع نحو «يكرمني» ، والأمر نحو «أعطني» ، وإلى ذلك أشار بقوله :

وقبل يا النّفس مع الفعل التزم

نون وقاية ...

وقال : «يا النّفس» وهو مخالف لعبارة النحويين ، فإنّهم يسمّونها : ياء المتكلم (٢).

وقد تحذف هذه النّون للضرورة مع «ليس» ، كقول رؤبة :

١٥ ـ إذ ذهب القوم الكرام ليسي

بغير نون ، وإلى ذلك أشار بقوله : «وليسي قد نظم» يعني : أنّ نون الوقاية حذفت مع «ليس» في ضرورة الوزن.

وأما نحو (تَأْمُرُونِّي) / [الزمر : ٦٤] ، و (تُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠]

__________________

(١) في الأصل : بينهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

(٢) وقد سماها ابن النحاس أيضا ياء النفس في إعراب القرآن (١ / ٢٦٤) حيث قال : «يا بنيّ» نداء مضاف ، وهذه ياء النفس ، لا يجوز هاهنا إلا فتحها ، لأنها لو سكنت لالتقى ساكنان».

انتهى. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

١٥ ـ من الرجز في ملحقات ديوان رؤبة (١٧٥) ، وقبله :

عددت قومي كعديد الطّيس

كعديد : أي : كعدد. والطيس : الرمل الكثير. وغرض الشاعر مدح نفسه بالكرم ، أي : إن قومي وإن كانوا كعدد الرمل في الكثرة ، إلا أنه ليس فيهم كريم غيري. والشاهد في «ليسي» حيث حذف منه نون الوقاية ضرورة.

انظر : التصريح على التوضيح : ١ / ١١٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٤٩ ، ١٧٢ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ٢٢٧ ، الخزانة : ٥ / ٣٢٤ ، ٣٩٦ ، شواهد المغني : ١ / ٤٨٨ ، ٢ / ٧٦٩ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٠٥ ، ١٠٨ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٢٧٤ ، شواهد الجرجاوي : ١٣ ، الهمع : ١ / ٦٤ ، أبيات المغني : ٤ / ٨٦ ، ٦ / ٥٥ ، مغني اللبيب (رقم) : ٣١٠ ، ٦٤٤ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٠ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ١٩ ، جواهر الأدب : ١٧٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥٢ ، كاشف الخصاصة : ٣٠ ، شرح ابن الناظم : ٦٤ ، ٦٨ ، شرح دحلان : ٢٥ ، البهجة المرضية : ٢٥ ، الجامع الصغير : ٢١.

١١١

بتخفيف النون في قراءة نافع (١) ، فالصحيح عند سيبويه : أنّ المحذوف نون الرفع ، والمذكور نون الوقاية ، واختاره ابن مالك (٢).

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وليتني فشا وليتي ندرا

ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا

في الباقيات واضطرارا خفّفا

منّي وعنّي بعض من قد سلفا

يشير إلى أنّ ياء المتكلم إذا اتّصلت بالحروف لم تلحق نون الوقاية إلّا مع ثمانية أحرف ، أشار إلى ستّة منها بقوله :

وليتني فشا وليتي ندرا

ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا

في البقيات ...

 ...

يعني : أنّ لحاق (٣) نون الوقاية لـ «ليت» كثير ، وعدم لحاقها قليل ، فـ «ليتني» أكثر من «ليتي» ، ولم تجئ في القرآن إلّا بالنون ، كقوله عزوجل : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) [النساء : ٧٣].

وقوله : «ومع لعلّ اعكس» (يعني) (٤) : أنّ لحاق النّون لـ «لعلّ» قليل ،

__________________

(١) وأبي جعفر أيضا ، ووافقهما ابن عامر في «تحاجوني» ، حيث كرهوا الجمع بين نونين ، فحذفت إحداهما طلبا للخفة. وقرأ ابن عامر «تأمرونني» بنونين خفيفتين : مفتوحة فمكسورة على الأصل. وقرأ الباقون «تأمروني وتحاجوني» بنون مشددة ، أدغمت نون الرفع في نون الوقاية ، وفتح الياء منهم ابن كثير.

انظر حجة القراءات : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، ٦٢٥ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٥٩ ، ٣٦٢ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٨٥ ، ١٩٧ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢١٢ ، ٣٧٦ ، إعراب ابن النحاس : ٢ / ٧٨ ، ٤ / ٢٠ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٨.

ونافع هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء المدني ، أحد القراء السبعة المشهورين ، كان صبيح الوجه أسوده ، حسن الخلق ، أصبهاني الأصل ، ولد في حدود سنة ٧٠ ه‍ ، وانتهت إليه رياسة القراءة في المدينة ، وأقرأ الناس نيفا وسبعين سنة ، وتوفي بها سنة ١٦٩ ه‍. انظر ترجمته في طبقات القراء : ٢ / ٣٣٠ ، النشر في القراءات العشر : ١ / ١١٢ ، الأعلام : ٨ / ٥.

(٢) وذلك لأنها معرضة للحذف بالجزم والنصب ولا معنى لها ، فالعلة في عدم حذف نون الضمير ظاهرة ، حيث إنها ليست معرضة للحذف ، ولها معنى ، وهو قول المبرد والسيرافي والفارسي وابن جني. وقيل : المحذوف نون الوقاية ، لأنها منشأ الثقل ، فهي أولى بالحذف ، ولأنها أيضا أمر استحساني ، ولا دلالة لها على شيء ، بخلاف نون الرفع.

انظر الكتاب : ٢ / ١٥٤ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٠٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١١ ، الهمع : ١ / ٢٢٦ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٣ ، مغني اللبيب : ٨٠٨ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٤.

(٣) في الأصل : لحذف. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

١١٢

وعدم لحاقها لها كثير ، فهي بالعكس من «ليت» ، فـ «لعلّي» أكثر من «لعلّني» ، ولم تأت (١) في القرآن إلّا بدون النّون ، كقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) [غافر : ٣٦].

وقوله : «وكن مخيّرا في الباقيات» يعني بالباقيات : ما بقي من أخوات «إنّ» وهي أربعة : «إنّ ـ بكسر الهمزة ـ ، وأنّ ـ بفتحها ـ ، وكأنّ ، ولكنّ ـ بالتشديد فيهما ـ» فيجوز أن تلحقها نون الوقاية ، وأن لا تلحقها ، وقد / جاءت في القرآن بالوجهين ، كقوله عزوجل : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) [طه : ١٤] ، و (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام : ٧٨] ، والوجهان على السواء ، فالإثبات : نظرا إلى شبهها بالأفعال المتعدية في (٢) عمل النّصب والرفع ، والحذف : كراهية اجتماع الأمثال ، (فلمّا) (٣) تعارض الوجهان تساقطا ، واستوى الأمران.

وكان لحاقها غالبا (٤) في «ليت» لقوة شبهها بالفعل ، لأنّها تغيّر معنى الابتداء ، وكان عدم لحاقها غالبا مع «لعلّ» ، لأنّها (٥) بعدت عن الفعل ، فإنّها (٦) شبيهة بحرف الجرّ في تعليق ما بعدها بما قبلها ، نحو «تب لعلّك تفلح».

ثمّ أشار إلى الحرفين الباقيين من الثمانية ، وهما : «من ، وعن» بقوله :

 ... واضطرارا خفّفا

منّي وعنّي بعض من قد سلفا

يعني : أنّ الوجه في «عن ، ومن» إذا دخلا على ياء المتكلم أن يقال : «عنّي ، ومنّي» ـ بتشديد النّون ـ لأنّهما (لمّا) (٧) لحقتهما (٨) نون الوقاية ، وقبلها نون ساكنة ، أدغمت فيها.

وأشار بقوله : «بعض من قد سلفا» (إلى) (٩) قول الرّاجز :

(١٠) ـ أيّها السائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

__________________

(١) في الأصل : يأتي. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٢.

(٢) في الأصل : على. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.

(٤) في الأصل : كالياء. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

(٥) في الأصل : فانها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

(٦) في الأصل : لانها. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

(٨) في الأصل : لحقهما. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

(٩) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٣.

١٦ ـ من الرمل ، ولم أعثر على قائله. وقول المؤلف «قول الراجز» يوهم أن البيت من الرجز ، وليس

١١٣

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

وفي لدنّي لدني قلّ وفي

قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي

أي : قد تلحق نون الوقاية بعض الأسماء المبنية على السّكون ، وذلك اللّحاق (١) لـ «لدن» كثير ، وعدم لحاقها قليل ، ولذلك قرأ أكثر القرّاء / : (مِنْ لَدُنِّي) [الكهف : ٧٦] بالتشديد ، وقرأ نافع بالتخفيف (٢).

وقوله :

 ... وفي

قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي

يعني : أنّ «قد وقط» مثل «لدن» في أنّ لحاق نون الوقاية بهما أكثر من عدم لحاقها ، وذلك مفهوم من قوله : «قد» ، وقد جمع الراجز بينهما في قوله :

١٧ ـ قدني من نصر الخبيبين قدي

__________________

كذلك (انظر : حاشية ابن حمدون : ١ / ١٥٣). قوله : «عنهم» أي : عن القوم المعروفين عندهم. و «قيس» أبو قبيلة من مضر ، وهو قيس عيلان واسمه الناس بن مضر بن نزار ، و «قيس» لقبه ، وهو غير منصرف في الموضعين للعلمية والتأنيث المعنوي ، لأنه بمعنى : القبيلة. والشاهد في «عني ومني» بالتخفيف ، حيث حذف نون الوقاية منهما ضرورة ، وقيل : هو شاذ ، وقيل : لا شاهد فيهما ، لأن المحذوف نونهما الأصلية ، ورد : بأن الحرف الأصلي بعيد من الحذف.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ٥٣ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٥٢ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦١ ، شواهد الجرجاوي : ١٥ ، الخزانة : ٥ / ٣٨٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٠٦ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٢٥ ، شرح ابن الناظم : ٧٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٥٩ ، الضرائر : ١١٣ ، الجني الداني : ١٥١ ، حاشية الدسوقي على المغني : ٢ / ٨ ، جواهر الأدب : ١٨٢ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٥١ ، أوضح المسالك : ٢٣ ، التوطئة : ١٨٨ ، فتح رب البرية : ١ / ١١٩.

(١) في الأصل : اللحا.

(٢) وضم الدال ، وهو أحد لغاتها ، كما قرأها بذلك أيضا شعبة وأبو جعفر وأبو بكر عن عاصم.

انظر حجة القراءات : ٤٢٤ ، النشر : ٢ / ٣١٣ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٨١ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٩٣ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١٠٧ ، شرح المكودي : ١ / ٥٣.

١٧ ـ من الرجز لحميد بن الأرقط (كما في الخزانة) من أرجوزة له يمدح فيها عبد الملك بن مروان ، ويعرّض بابن الزبير وأصحابه. وقد نسب هذا الرجز لآخرين ، فنسب في الصحاح لحميد بن ثور الهلالي ، وفي شواهد الأعلم : لأبي نخيلة ، وفي شرح ابن يعيش : لأبي بحدلة. قال البغدادي : «وقيل : قائل الشعر المذكور أبو بجلة ، قاله ابن يعيش في شرح المفصل ولا أعرف هذا». وبعده :

ليس الإمام بالشّحيح الملحد

«قدني» : أي : حسبي. الخبيبين : تثنية خبيب ، وهو خبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام

١١٤

وروي في حديث النّار (١) : «قطني قطني» بنون الوقاية ، و «قطي قطي» بحذفها (٢) والنّون أشهر حفظا للبناء على السّكون.

و «قد وقط» اسما فعل بمعنى : «حسب» ، ولم يصرّح الناظم بلحاق (٣) نون الوقاية في الحروف الأولى والأسماء التي ذكر كما صرّح بذلك في الأفعال ، لكنّه اكتفى بالنطق بها مقترنة بالنون في معرض لحاقها ، وتجرّدها منها في معرض عدم لحاقها ، والوزن يحفظ جميع ذلك.

__________________

رضي‌الله‌عنهم ، وكان عبد الله يكنى بأبي خبيب ، وأراد بهما : عبد الله بن الزبير وابنه خبيبا المذكور ، وقيل : أراد بهما عبد الله وأخاه مصعبا ابني الزبير ، فهو من باب التغليب.

وروى : «الخبيبين» بصيغة الجمع على إرادة خبيب المذكور ومن كان على رأيه ، وهو تغليب أيضا. والشحيح : البخيل. والملحد : المائل عن الحق. والشاهد في قوله «قدني وقدي» حيث أثبت نون الوقاية في الأول على الكثير ، وحذفها في الثاني على القليل.

انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٣٥٧ ، الخزانة : ٥ / ٣٨٢ ، ٦ / ٢٤٦ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦١ ، شواهد ابن النحاس : ٢٥٩ ، الكتاب : ١ / ٣٨٧ ، جواهر الأدب : ١٨١ ، شواهد الجرجاوي : ١٥ ، اللسان : (خبب ، قدد ، لحد) ، الصحاح : (لحد) ، الهمع : ١ / ٦٤ ، الدرر اللوامع : ١ / ٤٢ ، نوادر أبي زيد : ٥٢٧ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ١٢٤ ، ٧ / ١٤٣ ، شرح الأشموني : ١ / ٨٧ ، المحتسب : ٢ / ٢٢٣ ، شواهد الأعلم : ١ / ٣٨٧ ، التوطئة : ١٨٨ ، شرح الملوكي لابن يعيش : ٤٤٢ ، الجنى الداني : ٢٥٣ ، شواهد المفصل والمتوسط : ١ / ٢٨٦ ، شرح المرادي : ١ / ١٦١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٣٠٦ ، الإنصاف : ١ / ١٣١ ، مغني اللبيب (رقم) : ٣٠٩ ، شرح المكودي : ١ / ٥٤ ، شواهد المغني : ١ / ٤٨٧ ، البهجة المرضية : ٢٦ ، تذكرة النحاة : ٧٥.

(١) في الأصل : الدار. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢.

(٢) روى البخاري في صحيحه (٨ / ١٦٨) عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تزال جهنّم تقول : هل من مزيد حتّى يضع ربّ العزة فيها قدمه ، فتقول : «قط قط» وعزّتك ، ويزوى بعضها إلى بعض».

وانظر فتح الباري : ١١ / ٥٤٥ ، صحيح مسلم (رقم) : ٢٨٤٦ ، مسند أحمد : ٣ / ١٣٤ ، ١٤١ ، ٢٣٠ ، سنن الترمذي رقم : ٣٢٧٢ ، كنز العمال رقم : ١١٧٣ ، ٣٩٤٧٩ ، ١٣١٣٤ ، مشكاة المصابيح للتبريزي رقم : ٥٦٩٥ ، الدر المنثور : ٦ / ١٠٧.

وقال ابن حجر في الفتح (٨ / ٥٩٥) : و «قط» بالتخفيف ساكنا ، ويجوز الكسر بغير إشباع ، ووقع في بعض النسخ عن أبي ذر «قطي قطي» بالإشباع ، و «قطني» بزيادة نون مشبعة».

وانظر شرح المرادي : ١ / ١٦٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٢ ، البهجة المرضية : ٢٦ ، حاشية الخضري : ١ / ٦١ ، شرح ابن الناظم : ٧١ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٥.

(٣) في الأصل : لحاق. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.

١١٥

الباب الرابع

العلم

ثمّ قال رحمه‌الله تعالى :

العلم

اسم يعيّن المسمّى مطلقا

علمه كجعفر وخرنقا

وقرن وعدن ولاحق

وشذقم وهيلة وواشق

هذا هو النّوع الثّاني من المعارف ، وهو العلم ، وهو ضربان : علم شخص ، وعلم جنس.

وقد أشار إلى الأول (بقوله) (١) :

اسم (٢) يعيّن المسمّى مطلقا

علمه ...

فقوله : «اسم» جنس.

«ويعيّن المسمّى» مخرج للنكرة ، كـ «رجل» ، فإنّها لا تعيّن مسمّياتها ، / وك «شمس وقمر» ، فإنّ لفظهما لا يعيّن مدلولهما من حيث الوضع ، وإنّما حصل التعيين بعد الوضع لأمر عرض في (٣) المسمى ، وهو الانفراد في الوجود الخارجيّ.

و «مطلقا» مخرج لما سوى العلم من المعارف ، فإنّ تعيينها لمسمياتها تعيين مقيد : إمّا بقرينة لفظية أو معنوية ، ألا ترى ـ مثلا ـ أنّ ذا الألف واللام إنّما يعين مسمّاه ما دامت فيه «أل» ، فإذا فارقته فارقه التعيين ، (ونحو «الذي» إنما يعيّن مسمّاه بالصلة ، ونحو «أنا ، وأنت ، وهو» إنّما يعين مسماه بالتكلم والخطاب والغيبة ، فإنّ «أنت» ـ مثلا ـ موضوع للمخاطب المعين) (٤) من حيث هو مخاطب ، فإذا جعل صالحا لكل شخص من المخاطبين فهو غير معرفة مجازا ، قاله الشّاطبيّ النّحويّ (٥) ، بخلاف العلم ، فإنّه يعين مسماه بغير قرينة.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.

(٢) في الأصل : العلم اسم. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٤.

(٣) في الأصل : من. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣.

(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣.

(٥) قال الشاطبي في شرح الألفية (١ / ٨٣ ـ أ ـ مخطوط) : وقوله في التعريف «مطلقا» يحتمل

١١٦

ولمّا كان العلم الشخصيّ لا يختصّ بأولي العلم ، بل يكون لأولي العلم وغيرهم ممّا يؤلف ـ نوّع الأمثلة ، فقال :

ـ كـ «جعفر» : وهو علم منقول عن اسم للنّهر الصغير لرجل (١).

ـ و «خرنق» ـ بكسر الخاء والنون ـ : وهو علم منقول عن ولد الأرنب لامرأة شاعرة ، وهي أخت طرفة بن العبد (٢).

ـ و «قرن» ـ بفتح القاف والراء ـ : وهو اسم قبيلة من مراد أبوهم (٣) قرن

__________________

تفسيرين : أحدهما : أن يكون معناه أن تعين العلم للمسمى ليس باعتبار أمر حتى يكون باعتبار أمر آخر معين كما في المضمر ، فإن «أنت» مثلا موضوع للمخاطب نفسه من حيث هو مخاطب ، ولفظ «هو» موضوع للغائب المعين من حيث هو غائب ، و «أنت» أو «هو» بهذا الاعتبار معرفة ، وإذا اعتبرت لفظ «أنت» أو لفظ «هو» من جهة أخرى وجدته صالحا لغيره من المخاطبين أو الغائبين كما يصلح «رجل» ونحوه لكل واحد من أشخاص جنسه ، فإذا كان مثلا «أنت» أو «هو» صالحا لما عين به ولغيره ، فهو من هذه الجهة غير معرفة ، وإذا كان هذا الاعتبار مجازيا فهو من الاعتبارات». وقال في (١ / ٨٣ ـ ب) : والموصول كذلك أيضا ليس تعريفه إلا من حيث وضع على أن تكون الصلة هي المبينة والموضحة له». وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٣. والشاطبي هو إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي المالكي الشهير بالشاطبي ، أبو إسحاق ، عالم بالنحو واللغة ، أصولي حافظ ، كان من أئمة المالكية ، توفي في شعبان سنة ٧٩٠ ه‍ من آثاره : شرح ألفية ابن مالك المسمى : «المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية» ، الموافقات في أصول الفقه ، عنوان التعريف بأسرار التكليف في الأصول ، وغيرها.

انظر ترجمته في إيضاح المكنون : ٢ / ١٢٧ ، الأعلام : ١ / ٧٥ ، معجم المؤلفين : ١ / ١١٨ ، المجددون في الإسلام : ٣٠٧.

(١) وقيل : الجعفر : النهر الكبير الواسع ، والجعفر أيضا : أبو قبيلة من عامر ، وهو جعفر بن كلاب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وهم الجعافرة.

انظر اللسان : ١ / ٦٣٦ (جعفر) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، حاشية الصبان : ١ / ١٢٧ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ١٢٥ ، ٢١٦ ، معجم قبائل العرب لكحالة : ١ / ١٩١.

(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، اللسان : ٢ / ١١٤٧ (خرنق) ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، الخضري مع ابن عقيل : ١ / ٦٢ ، شرح دحلان : ٢٧. وخرنق : هي الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك بن ضبيعة البكرية العدنانية ، شاعرة من الشهيرات في الجاهلية ، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه ، ومن المؤلفين من يسميها : «الخرنق بنت هفان» ، تزوجها بشر بن عمرو بن مرشد ـ سيد بني أسد ـ وقتله بنو أسد يوم كلاب ـ من أيام الجاهلية ـ فكان أكثر شعرها في رثائه ورثاء من قتل معه من قومها ، ورثاء أخيها طرفة ، توفيت حوالي سنة ٥٠ ق. ه. لها ديوان شعر صغير.

انظر ترجمتها في سمط اللآلئ : ٧٨٠ ، الخزانة : ٥ / ٥١ ، معجم المؤلفين : ٤ / ٩٩ ، الأعلام : ٢ / ٣٠٣ ، أعلام النساء لكحالة : ١ / ٢٩٤.

(٣) في الأصل : أبرهم. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.

١١٧

ابن ردمان ، وإليه ينسب أويس القرنيّ رضي‌الله‌عنه (١) ، ومن قال : إنه منسوب إلى «قرن» المنازل ـ بسكون الرّاء (٢) ـ كالجوهري (٣) ، فقد سها (٤).

ـ و «عدن» ـ بفتح / العين والدّال المهملة ـ : علم بلدة بساحل اليمن» (٥).

ـ و «لاحق» : علم فرس كان لمعاوية (٦).

__________________

(١) وهم من القحطانية. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، اللسان : ٥ / ٣٦١٤ (قرن) ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧ ، البهجة المرضية : ٢٧ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٩٧ ، معجم قبائل العرب : ٣ / ٩٤٦ ، نهاية الأرب للنويري : ٢ / ٣٠٢.

وأويس القرني هو : أويس بن عامر بن جعفر بن جزء بن مالك القرني ، من بني قرن بن ردمان ابن ناجية بن مراد ، من سادات التابعين ، أصله من اليمن ، يسكن القفار والرمال ، أدرك حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يره ، فوفد على عمر بن الخطاب ثم سكن الكوفة ، وشهد وقعة صفين مع علي ، توفي سنة ٣٧ ه‍ ، ويرجح الكثيرون أنه قتل في وقعة صفين.

انظر ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦ / ١١١ ، ميزان الاعتدال للذهبي : ١٢٩ ، حلية الأولياء : ٢ / ٧٩ ، لسان الميزان : ١ / ٤٧١ ، منهج المقال للأسترابادي : ٦٤ ، الأعلام : ٢ / ٣٢ ، مسالك الأبصار للعمري : ١ / ١٢٢.

(٢) قرن المنازل : هو قرن الثعالب ـ كما قال القاضي عياض ـ بسكون الراء : ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة ، وهو قرن أيضا غير مضاف ، وأصله الجبل الصغير المستطيل المنقطع على الجبل الكبير.

انظر : معجم البلدان : ٤ / ٣٣٢ ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٨٢ ، معجم ما استعجم للبكري : ٣ / ٧٨٨ ، ١٠٦٧ ، وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح دحلان : ٢٧.

(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٦ / ب) ، وفي الصحاح قال الجوهري : والقرن ـ ضبطها بالفتح ـ وهو ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني. وفي مراصد الاطلاع : قرن ـ بالتحريك وآخره نون ـ ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني ، قاله الجوهري ، وغيره يقوله بسكون الراء. وفي معجم البلدان : قال القاضي عياض في تعليق عن القابسي : من قال «قرن» بالإسكان أراد : الجبل المشرف على الموضع ، ومن قال : «قرن» بالفتح أراد الطريق الذي يفترق منه ، فإنه موضع فيه طرق مختلفة.

انظر الصحاح : ٦ / ٢١٨١ (قرن) ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٨٢ ، معجم البلدان : ٤ / ٣٣٢.

(٤) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح دحلان : ٢٧ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٦ / ب).

(٥) وهي مدينة مشهورة ، وهي مرفأ مراكب الهند والحجاز والحبشة.

انظر اللسان (عدن) ، مراصد الاطلاع : ٢ / ٩٢٣ ، معجم البلدان : ٤ / ٨٩ ، تقويم البلدان : ٩٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧.

(٦) ابن أبي سفيان. و «دلال» علم بغل ، و «يعفور» علم حمار ، وكلاهما كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

انظر اللسان : ٥ / ٤٠١٠ (لحق) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧.

١١٨

ـ و «شذقم» ـ بفتح الشين والقاف (١) ، وبينهما دال مهملة ـ : علم فحل من فحول الإبل كان للنعمان بن المنذر (٢).

ـ و «هيلة» : علم لعنز (٣) لبعض نساء العرب (٤).

ـ و «واشق» : علم لكلب (٥).

فهذه سبعة أعلام وثامنهم علم الكلب ، وفي (ذلك) (٦) موازاة لقوله (٧) تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢].

ثمّ (قال) (٨) رحمه‌الله تعالى :

واسما أتى وكنية ولقبا

وأخّرن ذا إن سواه صحبا

يعني : أنّ العلم ينقسم إلى اسم ، ويقال فيه : الاسم الخاصّ ، كـ «جعفر» ،

__________________

(١) في الأصل : الواو. ساقط.

(٢) وإليه تنسب الإبل الشذقيمة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٢٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، شرح دحلان : ٢٧.

والنعمان بن المنذر هو : النعمان الثالث بن المنذر الرابع (وكانت أم المنذر يقال لها : ماء السماء لحسنها ، واشتهر المنذر بأمه فقيل له ابن ماء السماء ، واسمها ماوية بنت عوف) ابن امرئ القيس اللخمي ، أبو قابوس ، من أشهر ملوك الحيرة في الجاهلية ، كان داهية مقداما ، وهو ممدوح النابغة الذبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي ، وقاتل عبيد بن الأبرص وعدي بن زيد ، وباني مدينة النعمانية ، وغازي قرقيسيا (بين الخابور والفرات) ورث ملك الحيرة عن أبيه سنة ٥٩٢ م ، وكانت تابعة للفرس فأقره عليها كسرى إلى أن غضب عليه فعزله ونفاه إلى خانقين ، فسجن فيها إلى أن مات في حدود سنة ١٥ ق. ه.

انظر ترجمته في العرب قبل الإسلام : ٢٠٩ ، تاريخ اليعقوبي : ١ / ١٧٣ ، المحبر : ١٩٤ ، ٣٥٤ ، ٣٥٩ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ٦٦ ، الخزانة : ١ / ٣٨٣ ، الأعلام : ٨ / ٤٣.

(٣) في الأصل : لعنزة. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، قال في اللسان : (٤ / ٣١٢٧) : «العنز الماعزة ، وهي الأنثى من المعزى والأوعال والظباء والجمع أعنز وعنوز وعناز».

(٤) وفي المرادي : «هيلة : علم شاة». قال في اللسان (٤ / ٢٣٦٦) : «الشاة الواحدة من الغنم ، وقيل : الشاة تكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش».

وانظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، كاشف الخصاصة : ٣٢ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٢.

(٥) انظر اللسان : ٦ / ٤٨٤٤ (وشق) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤ ، ابن عقيل مع الخضري : ١ / ٦٢ ، شرح المرادي : ١ / ١٦٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١٢٧ ، شرح دحلان : ٢٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٢.

(٦) ما بين قوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.

(٧) في الأصل : كقوله. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١١٤.

(٨) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

١١٩

وكنية : وهي كلّ ما صدّر بـ «أب ، أو أمّ» ، كـ «أبي بكر بن أبي قحافة ـ رضي‌الله‌عنهما ـ وأمّ كلثوم بنت النّبيّ محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (١).

زاد الإمام فخر الدّين الرازيّ (٢) في العلم الجنسيّ : أو ابن أو بنت (٣) كـ «ابن (٤) دأية» للغراب (٥) ، و «بنت الأرض» للحصاة (٦). انتهى (٧).

ولقب : وهو ما دلّ على رفعة مسمّاه كـ «زين العابدين» لقب عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه (٨) ، أو ضعته ـ بفتح الضاد

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.

(٢) هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي التيمي البكري الطبرستاني الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي ، وبابن خطيب الري ، أبو عبد الله ، فخر الدين أبو المعالي الإمام المفسر ، أوحد زمانه في المعقول والمنقول ، ولد في الري (من أعمال فارس) سنة ٥٤٤ ه‍ (وقيل : ٥٤٣ ه‍) ورحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان ، وتوفي في هراة سنة ٦٠٦ ه‍ ، من مؤلفاته : تفسير القرآن ، الآيات البينات ، المطالب العالية في علم الكلام ، نهاية العقول في دراية الأصول ، وله شعر بالعربية والفارسية ، وغيرها.

انظر ترجمته في البداية والنهاية : ١٣ / ٥٥ ، شذرات الذهب : ٥ / ٢١ ، معجم المؤلفين : ١١ / ٧٩ ، لسان الميزان : ٤ / ٤٢٦ ، مرآة الجنان : ٤ / ٧ ، الأعلام : ٦ / ٣١٣ ، مفتاح السعادة : ١ / ٤٤٥ ، النجوم الزاهرة : ٦ / ١٩٧ ، هدية العارفين : ٢ / ١٠٧.

(٣) في الأصل : وبنت. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.

(٤) في الأصل : كان. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠.

(٥) انظر حياة الحيوان الكبرى للدميري : ٢ / ١٠١ ، اللسان : ١ / ٣٦٤ (بنى) ، إرشاد الطالب النبيل (٥٨ / أ) ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠ ، الكواكب الدرية للأهدل : ٥٢.

(٦) انظر اللسان : ١ / ٣٦٥ (بنى) ، تاج العروس : ١٠ / ٤٩ (بنى) ، وانظر المراجع المتقدمة.

(٧) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٠ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٨ / أ). ـ قال الأهدل في الكواكب الدرية (٥٢) : «ومن الكنية أيضا ـ كما قال الرضي والفخر الرازي ـ ما صدر بابن أو ابنة كـ «ابن دأية» للغراب ، و «ابن جلا» لمن كان أمره منكشفا ، و «ابن لبون ، وابن آوى ، وابن عرس» ، و «بنت الأرض» للحصاة ، و «ابنة الجبل» للصخرة ، و «بنت مخاص». قال الفخر الرازي : والمصدر بـ «ابن» أو «ابنة» يختص بعلم الجنس ، كالأمثلة المذكورة. وقيل : لا يختص بذلك ، فمنها ابن عمر وابن عباس. وقيل : ليس بكنية أصلا». انتهى.

وانظر شرح الرضي : ٢ / ١٣٩ ، حاشية السجاعي على ابن عقيل : ٥١ ، تاج العروس : ١٠ / ٣١٩ (كنى) ، الهمع : ١ / ٢٤٦ ، المطالع السعيدة : ١٥٠ ، حاشية يس على شرح الفاكهي للقطر : ١ / ١٩٩.

(٨) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم ، الهاشمي القرشي أبو الحسن ، الملقب بزين العابدين ، رابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، وأحد من كان يضرب بهم المثل في الحلم والورع ، ولد بالمدينة سنة ٣٨ ه‍ ، وتوفي بها سنة ٩٤ ه‍ ، وليس للحسين السبط عقب إلّا منه. ـ

١٢٠