مصباح الفقيه - ج ٢

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ٢

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤسّسة مهدي موعود « عج »
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٤

طاهر من دون حصول المنافي ، صحّ وضوؤه على تقدير قبول توبته ، كما تدلّ عليه ـ مضافا إلى الأصل ـ الأخبار الحاصرة.

ودعوى ـ حبط عمله على وجه يجب عليه إعادة الوضوء ، ممنوعة ، بل هو كغيره من أعماله الماضية ، والله العالم.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ التعرّض لذكر أغلب الأشياء المذكورة بالخصوص مع عدم وقوع الخلاف فيها بين الأعلام إنّما هو لورودها في النصوص ، فالتصريح بذكرها للتنبيه على ذلك ، والله العالم.

٤١
٤٢

الفصل (الثاني)

من الفصول التي لها نحو تعلّق بالوضوء : (في أحكام الخلوة ، وهي ثلاثة) :

(الأوّل في كيفية التخلّي) (ويجب فيه) كما في غيره من الأحوال (ستر العورة) عن كلّ إنسان مميّز ما عدا الزوج والزوجة ومن بحكمهما بلا خلاف فيه ظاهرا ، بل في الجواهر : دعوى الإجماع ، بل ضرورة الدين عليه في الجملة (١).

وكذا يجب عليه حفظ النظر عن عورة من يجب عليه التستّر عنه.

وممّا يدلّ على وجوب ستر العورة وحرمة النظر إلى عورة الغير :قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (٢) الآية ، ولو بمعونة ما ورد في تفسيره.

ففي مرسلة الصدوق عن الصادق عليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله عزوجل (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ)

__________________

(١) جواهر الكلام ٢ : ٢.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٣٠.

٤٣

فقال : «كلّ ما كان في كتاب الله من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا في هذا الموضع فإنّه للحفظ من أن ينظر إليه» (١).

وعن تفسير النعماني عن علي عليه‌السلام في قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنّه من النظر إلى فرجه ، ثم قال (قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (٢) أي ممّن يلحقهنّ النظر كما جاء في حفظ الفرج ، فالنظر سبب إيقاع الفعل من الزنا وغيره (٣).

وتدلّ عليه أيضا السنّة المستفيضة :ففي حديث المناهي عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته» وقال :«لا يدخل أحدكم الحمّام إلّا بمئزر ، ونهى من أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم» وقال : «من تأمّل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك ، ونهى المرأة من أن تنظر إلى عورة المرأة» وقال : «من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمّدا أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ، ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله إلّا أن يتوب» (٤).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٢٣٥ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٣١.

(٣) الوسائل ، الباب ١ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٥.

(٤) الفقيه ٤ : ٢ و ٤ ـ ٧ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢.

٤٤

وفي صحيحة حريز : «لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم» (١) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

وما وقع في بعض الأخبار من التعبير بلفظ الكراهة ـ كموثّقة ابن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيتجرّد الرجل عند صبّ الماء ترى عورته أو يصبّ عليه الماء ، أو يرى هو عورة الناس؟ فقال : «كان أبي عليه‌السلام يكره ذلك من كلّ أحد» (٢) ـ فلا ينافي ظهور ما عداها في الحرمة ، إذ كثيرا مّا يستعمل الكراهة في الأخبار في غير معناها المصطلح ، وعلى تقدير ظهورها في المعنى الاصطلاحي فليس على وجه يصلح قرينة لصرف سائر الأخبار عن ظواهرها ، بل من المستبعد جدّا أن يكون المراد من النواهي الواردة في تفسير الآية الكراهة ، كما لا يخفى وجهه على المتتبّع في الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب العزيز.

فما عن بعض متأخّري المتأخّرين : أنّه لو لم تكن مخافة خلاف الإجماع ، لأمكن القول بكراهة النظر دون التحريم ، جمعا (٣) ، ضعيف في الغاية.

وما ورد في تفسير حرمة عورة المؤمن على المؤمن بإظهار عيوبه وإذاعة سرّه ـ كما في رواية حذيفة بن منصور : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :شي‌ء يقوله الناس : عورة المؤمن على المؤمن حرام ، فقال : «ليس حيث

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٤٩ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ١.

(٢) الكافي ٦ : ٥٠١ ـ ٥٠٢ ـ ٢٨ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٣.

(٣) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٢ : ٤ ـ ٥ ، وكما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٦٨.

٤٥

يذهبون إنّما عنى عورة المؤمن أن يزلّ زلّة أو يتكلّم بشي‌ء يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيّره يوما مّا» (١) وفي صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام ، قال عليه‌السلام : «نعم» قلت : أعنى سفلية؟ قال : «ليس حيث تذهب ، إنّما هو إذاعة سرّه» (٢) ـ فلا ينافي الأدلّة المتقدّمة ، إذ لا تدلّ هذه الروايات على جواز النظر إلى عورة الغير حتى تعارض الأدلّة المتقدّمة ، لأنّ مفادها ليس إلّا أنّ المراد من هذه الرواية هو هذا المعنى ، لا أنّه يجوز النظر إلى عورة الغير.

هذا ، مع أنّ مقتضى الجمع بين هذه الروايات وبين موثّقة حنّان :حمل هذه الروايات على بيان ما هو المقصد الأهمّ من الرواية المعروفة بين الناس ، وأنّه ليس المقصود منها خصوص ما يفهمه الناس.

قال حنّان : دخلت أنا وأبي وعمّي وجدّي حمّاما بالمدينة ، فإذا رجل دخل بين المسلخ ، فقال : «ممّن القوم؟» فقلنا : من أهل العراق ، قال :«وأيّ العراق؟» قلنا : كوفيّون ، قال : «مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار (٣)» ثم قال : «ما يمنعكم من الإزار؟ فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام» إلى أن قال : فسألنا عن الرجل ، فإذا هو علي بن الحسين عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٥ ـ ١١٥٢ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ١.

(٢) التهذيب ١ : ٣٧٥ ـ ١١٥٣ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٢.

(٣) الشعار : الثوب الذي يلي الجسد. والدثار : الذي هو فوق الشعار. والمعنى : أنتم الخاصّة والناس العامّة. مجمع البحرين ٣ : ٢٩٩ و ٣٤٩ «دثر ، شعر».

(٤) الفقيه ١ : ٦٦ ـ ٢٥٢ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٤.

٤٦

ثم إنّ مقتضى إطلاق النصّ والفتوى ـ كظاهر الكتاب ـ : وجوب التستّر وحفظ الفرج عن كلّ ناظر عدا ما استثني من الزوج والزوجة ونحوهما من دون فرق بين كون الناظر مسلما أو كافرا ، صغيرا أو كبيرا ، ذكرا أو أنثى.

نعم لا يجب التستّر عن غير المميّز ، إذ لا يفهم من الأمر بالتستّر إلّا وجوب التستّر عمّن له إدراك وشعور ، ولذا لا يفهم من ذلك وجوب التستّر عن البهائم.

وأمّا حرمة النظر إلى عورة الغير ، فعن المشهور : أنّ كلّ من يجب التستّر عنه يحرم النظر إلى عورته ، كما يدلّ عليه عموم النبوي المتقدّم (١) :«من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمّدا أدخله الله مع المنافقين».

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : «يا علي إيّاك ودخول الحمّام بغير مئزر ، ملعون الناظر والمنظور إليه (٢).

وعن المحدّث العاملي وظاهر الصدوق اختصاص حرمة النظر بعورة المسلمين دون الكفّار (٣) ، لما رواه في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إنّما أكره النظر إلى عورة المسلم ، فأمّا النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار» (٤).

__________________

(١) تقدّم في ص ٤٤.

(٢) تحف العقول : ١٣ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٥.

(٣) حكاه عنهما البحراني في الحدائق الناضرة ٢ : ٥ ، وانظر : البداية : ٦.

(٤) الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٢٣٦ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٢.

٤٧

وحسنة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «النظر إلى عورة تمن ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار» (١).

ويؤيّدهما اختصاص ما دلّ على المنع بعورة المسلم ، وعدم ما يدلّ على العموم عدا النبويّين المتقدّمين.

قال شيخنا المرتضى ـ رحمة الله عليه ـ : وفي إفادة النبوي للعموم كلام فضلا عن بقائه عليه مع الخبرين المذكورين ، نعم ، العمدة في تأييد النبوي الشهرة وعدم نقل الخلاف فيه ، وإلّا لكان العمل بالخبرين قويّا (٢). انتهى.

ولا يخفى عليك أنّ طرح الخبرين بمجرّد اعتضاد النبوي بالشهرة في غاية الإشكال ، اللهم إلّا أن يقال : إنّ إعراض الأصحاب عنهما أسقطهما عن الحجّيّة ، والله العالم.

ثمّ إنّ العورة التي يجب سترها عن الناظرين ـ كما عن المشهور ـ هي : القبل والدّبر والبيضتان ، كما تدلّ عليه مرسلة أبي يحيى الواسطي : «العورة عورتان القبل والدّبر ، والدّبر مستور بالأليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة» (٣) وغيرها من الروايات التي سنتعرّض لنقلها مع ما يتعلّق بها من ذكر الخلاف الواقع في تحديد العورة في كتاب الصلاة إن شاء الله.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠١ ـ ٢٧ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ١.

(٢) كتاب الطهارة : ٦٨.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠١ ـ ٢٦ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ ـ ١١٥١ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٢.

٤٨

وما في بعض الروايات من أنّ العورة ما بين السرّة والركبة (١) محمول على الاستحباب.

ولا يخفى عليك أنّ وجوب التستّر في هذا الباب إنّما هو للحفظ عن الناظرين ، فيسقط الأمر بالتستّر بكلّ ما يحصل به الغرض ولو كان بوضع اليد أو باستتاره في مكان مظلم لا يرى عورته ، أو الاختفاء في حفيرة ، أو الارتماس في الماء ، أو البعد المفرط المانع من الرؤية ، إلى غير ذلك من أنحاء الحفظ ، وهذا بخلاف باب الصلاة ، فإنّ التستّر في حدّ ذاته شرط لصحّة الصلاة ، فلا بدّ فيه من مراعاة منصرف الأدلّة.

والواجب من الستر ما يحصل به مسمّاه بحيث لا يعدّ في العرف مكشوف العورة ، فلا بأس بالتفافها بساتر ملتصق بها حاكيا لحجمها على ما هي عليه ، ولا بالساتر الرقيق الذي يحكي شكل العورة من ورائه لو لم يكن من الرقّة وسعة منافذه على وجه لا يعدّ في العرف حاجبا لما وراءه ، ولا اعتبار بالدقّة العقلية ، كما في غيره من الأحكام الشرعية ، وإنّها المدار على الصدق العرفي.

ودعوى انصراف ما دلّ على وجوب الحفظ عن مثل الخرقة الملفوفة بالبشرة حاكية لحجم العورة ، غير مسموعة.

ثم إنّ وجوب الحفظ على المكلّف موقوف على علمه بوجود الناظر بالفعل أو بتجدّده حال كونه مكشوف العورة ، كما لو دخل بلا مئزر

__________________

(١) قرب الإسناد : ١٠٣ ـ ٣٤٥ ، دعائم الإسلام ١ : ١٠٣ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٤ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث ٣.

٤٩

في الحمّامات التي يعلم عادة بدخول غيره فيها ، وفيما لو ظنّ بذلك إشكال من أنّ الأصل براءة الذمّة عن التكليف كغيره من الشبهات الموضوعية ، ومن أنّه لو بني على أعمال هذا الأصل في مجاريه ، لوقع المكلّف غالبا في مفسدة مخالفة الواقع.

وكذا الكلام في وجوب غضّ النظر في المواضع التي يعلم عادة بوقوع نظره على عورة الغير ، وفي المواضع التي يظنّ بذلك الوجهان ، أحوطهما : الثاني وإن كان الأوّل هو الأقوى. (ويستحب ستر البدن) والمراد بالستر هنا ـ كما في المدارك (١) ـ جلوس المتخلّي بحيث لا يراه أحد بأن يبعد عن الناس أو يلج حفيرة أو يدخل بناء ونحو ذلك.

ويدلّ على استحبابه كونه تأسيّا بالنبي حيث إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على ما روي ـ لم ير على بول ولا غائط (٢).

وروي عن الصادق عليه‌السلام في مدح لقمان عليه‌السلام «أنّه لم يره أحد على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدّة تستّره وتحفّظه في أمره» (٣).

وروي عنه عليه‌السلام : «من أتى الغائط فليتستّر» (٤).

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ١٥٦.

(٢) الوسائل ، الباب ٤ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.

(٣) مجمع البيان ٨ : ٤٩٨ ذيل الآية ١٥ من سورة لقمان ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢.

(٤) الوسائل ، الباب ٤ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٤.

٥٠

أمّا ستر بدنه بعباء ونحوه ـ كما تقتضيه مقابلة البدن بالعورة في عبارة المصنّف رحمه‌الله ـ فقد صرّح شيخنا المرتضى ـ رحمه‌الله ـ بعدم عثوره على دليل استحبابه (١).

أقول : يمكن استفادة استحبابه من المرسلة المعروفة في الكتب الدائرة على الألسن من أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور (٢) ، فإنّ التستّر بالعباء ونحوه من المراتب الميسورة بنظر العرف ، وسيتّضح لك إن شاء الله عدم قصور قاعدة الميسور عن شمول مثل الفرض ، بل لا يبعد دعوى استفادته من إطلاق الأمر بالتستّر في الرواية الأخيرة.

ودعوى انصرافها عن مثل الفرض قابلة للمنع. (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها) كما عن المشهور (٣) ، بل عن الخلاف والغنية دعوى الإجماع عليه (٤).

واستدلّ له ـ بعد نقل الإجماع المعتضد بالشهرة ـ برواية الحسين ابن زيد عن الصادق عن آبائه عليه‌السلام أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في حديث المناهي : «إذا دخلتم الغائط فتجنّبوا القبلة» (٥).

وعن الفقيه أنّه قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن استقبال القبلة ببول أو

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٦٩.

(٢) غوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ـ ٢٠٥.

(٣) نسبه إليه كلّ من صاحب الحدائق فيها ٢ : ٣٨ ، وصاحب الجواهر فيها ٢ : ٨ ،

(٤) حكاها عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٩ ، وصاحب الجواهر فيها ٢ : ٨ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٦٩.

(٥) الفقيه ٤ : ٣ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.

٥١

غائط (١).

وخبر عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جدّه عن علي عليه‌السلام ، قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولكن شرّقوا أو غرّبوا» (٢).

وفي مرفوعة عبد الحميد : سئل الحسن بن علي عليه‌السلام ما حدّ الغائط؟ قال : «لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها» (٣).

وعن الكافي والتهذيب والفقيه مثلها مرسلة إلى أبي الحسن عليه‌السلام (٤).

وعن المقنع : أنّه رواها مرسلة عن الرضا عليه‌السلام (٥).

وعن علي بن إبراهيم ـ رفعه ـ قال : خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله عليه‌السلام وأبو الحسن موسى عليه‌السلام قائم وهو غلام ، فقال له أبو حنيفة : يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال عليه‌السلام : «اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزّال ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت» (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٠ ـ ٨٥١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٤.

(٢) التهذيب ١ : ٢٥ ـ ٦٤ ، الإستبصار ١ : ٤٧ ـ ١٣٠ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٥.

(٣) التهذيب ١ : ٢٦ ـ ٦٥ ، الإستبصار ١ : ٤٧ ـ ١٥١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٦.

(٤) الكافي ٣ : ١٥ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٦ ـ ٦٥ ، الفقيه ١ : ١٨ ـ ٤٧ ، المقنع (ضمن الجوامع الفقهية) : ٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢.

(٥) الكافي ٣ : ١٥ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٦ ـ ٦٥ ، الفقيه ١ : ١٨ ـ ٤٧ ، المقنع (ضمن الجوامع الفقهية) : ٣ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢.

(٦) الكافي ٣ : ١٦ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ ـ ٧٩ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ١.

٥٢

والمناقشة فيها ـ بضعف السند بعد استفاضتها وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا حتى لم ينقل عن أحد طرحها رأسا ـ ممّا لا ينبغي الالتفات إليها.

واشتمال بعضها على بعض المكروهات ـ كاستقبال الريح واستدبارها ـ أو ما لا يقول أحد بظاهرة ـ كالأمر بالتشويق والتغريب إن لم نقل بأنّ ظاهره ـ بقرينة المقابلة ـ إرادة الميل إلى جهة المشرق والمغرب لا خصوص جهتهما ـ لا يوجب رفع اليد عن ظهور النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في الحرمة ، إذ ما يصلح أن يكون قرينة لذلك ليس إلّا وحدة السياق ، وفي كفايتها بنفسها للصارفية تأمّل ، خصوصا في مثل المقام المعتضد ظهوره بالشهرة ونقل الإجماع والأخبار المستفيضة.

فما في المدارك من تقوية القول بالكراهة نظرا إلى ضعف الإسناد وإشعار بعضها بالكراهة (١) ، ضعيف. (ويستوي في ذلك الصحاري والأبنية) على المشهور ، كما في الجواهر (٢) دعواه نقلا وتحصيلا.

ويدلّ على المساواة وعدم اختصاص الحكم بالصحاري ـ مضافا إلى إطلاقات الأدلّة ـ خصوص النبوي المتقدّم (٣) : «إذا دخلت المخرج» إلى آخره ، بل وكذا النبوي الآخر : «إذا دخلتم الغائط» (٤) إلى آخره ، فإنّ ظاهرهما إرادة الدخول في المكان الذي بني للتخلّي ، فالتفصيل بين

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ : ١٥٨.

(٢) جواهر الكلام ٢ : ٨.

(٣) تقدّم في ص ٥١.

(٤) تقدّم في ص ٥٢.

٥٣

الصحاري والأبنية بحرمة الأولى وكراهة الثانية ، كما عن ظاهر سلّار (١) ، وإباحة الثانية ، كما عن المفيد (٢) ضعيف.

وعن ابن الجنيد استحباب ترك الاستقبال في الصحراء (٣) ، ولم يذكر الاستدبار ولا الحكم في البنيان.

واستدلّ لهم : بصحيحة ابن بزيع ، قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول : «من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له» (٤).

وفيه : أنّ كون الكنيف مستقبل القبلة لا يدلّ إلّا على نفي حرمة مثل هذا البناء وعدم وجوب تغييره ، وهذا مسلّم كما يشعر به قول المصنّف رحمه‌الله : (ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك) فإنّه يستشعر منه عدم وجوب تغيير البناء.

نعم ، لو علم أنّ بناء الكنيف بهذا الوضع كان بإذن الإمام عليه‌السلام ، لأمكن أن يقال : بمنافاته للحرمة ، إذ من المستبعد جدّا أن يأمرهم ببناء الكنيف على نحو يجب الجلوس عليه منحرفا ، إلّا أنّ هذا ينافي مطلق

__________________

(١) المراسم : ٣٢.

(٢) انظر : المقنعة ٣٩ و ٤١.

(٣) حكاه عنه العلّامة في المختلف ١ : ٩٩ ، المسألة ٥٦.

(٤) التهذيب ١ : ٢٦ ـ ٦٦ ، الإستبصار ١ : ٤٧ ـ ١٣٢ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٧.

٥٤

مرجوحيتها مع أنّها ممّا لا ينبغي الريب فيها ، فيستكشف بذلك أنّه لم يكن بأمره عليه‌السلام.

فظهر لك صعف الاستشهاد بهذه الصحيحة للتفصيل بين الأبنية وغيرها.

نعم ، فيما سمعه الراوي من الإمام عليه‌السلام إشعار بكون الترك مستحبّا مطلقا لا واجبا ، لأنّ المناسب في بيان لطف الواجب ذكر العقاب المتوعّد على تركه مقتصرا عليه ، أو مع ذكر الثواب الموعود على فعله ، كما في الصلاة ، دون الاقتصار على ذكر الثواب المقرّر عند بيان المستحبّات.

لكنّك خبير بأنّه لا يرفع اليد عن ظواهر الأخبار بهذا الإشعار ، كما صرّح به شيخ مشايخنا المرتضى (١) رحمه‌الله.

تنبيهات :

الأوّل : المراد بالاستقبال والاستدبار ما هو المتعارف في جميع أبواب الفقه ،وهو الاستقبال بالبدن والاستدبار به.

وعن بعض : أنّ المدار على استقبال نفس العورة حتى لو جلس مستقبل القبلة وحرّفها ، زال المنع (٢) ، نظرا إلى ما في بعض الأخبار من النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط.

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٦٩.

(٢) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ١ : ١٥٩ ، وانظر : التنقيح الرائع ١ : ٦٩.

٥٥

وظاهرها (١) كون المحظور مقابلة القبلة بنفس البول لا غير ، فلو توجّه إلى المشرق مثلا وبال إلى طرف القبلة ، حرم ، دون ما إذا استقبل القبلة بمقاديم بدنه وحرّف بوله إلى سائر الجهات.

وفيه : أنّ هذه الروايات وإن كان ظاهرها ذلك في بادئ الرأي إلّا أنّها لأجل جريها مجرى الغالب لا تصلح صارفة للأخبار الناهية عن الاستقبال ، الظاهرة في إرادة الاستقبال بمقاديم البدن عن ظاهرها ، خصوصا بملاحظة ما يستفاد من بعضها من أنّ المناط احترام القبلة وتعظيمها بترك مواجهتها بالعورة حال التخلّي ، كما يكشف عن ذلك حرمة الاستدبار حال البول.

هذا ، مع أنّ النسبة بين هذه الرواية وبين تلك الأخبار العموم من وجه ، ولا تنافي بينهما ، فلو أغمض النظر عن جريها مجرى الغالب ، اتّجه العمل بظاهر الجميع ، إذ لا مقتضى للتقييد والتصرّف في أحد الظاهرين بإرجاعه إلى الآخر ، كما لا يخفى.

ولا فرق في حرمة الاستقبال والاستدبار بين كونه قائما أو قاعدا أو نائما ، مضطجعا أو مستلقيا ، لشهادة العرف بأنّ استقبال القبلة عبارة عن كون المستقبل مواجها لها ، ويقابله الاستدبار ، وأمّا القيام والقعود فليس بداخل في حقيقتها.

الثاني : مقتضى الأصل : اختصاص الحكم بحالة البول والتغوّط.

__________________

(١) أي : ظاهر الأخبار.

٥٦

وقد يدّعى شموله لحالة الاستنجاء ، لرواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال :«كما يقعد للغائط» (١).

وفي دلالتها على المدّعى تأمّل ، لأنّ الاستقبال والاستدبار ليسا من الكيفيّات الظاهرة للجلوس ، التي تنسبق إلى الذهن من السؤال حتى ينزّل الرواية عليهما ، بل المتبادر منها ليس إلّا إرادة الكيفيّات المعتبرة في نفس الجلوس من حيث هو كالاتّكاء على اليسرى وغيره من الآداب وإن لم نعلمها بالتفصيل.

والحاصل : أنّ ظاهر الرواية هو السؤال عن كيفيّة الجلوس من حيث هو لا بالنسبة إلى الأمور الخارجة عن حقيقته ، ولذا أنكر بعض الفحول دلالتها بعد الإغماض عن سندها ، وقال فيما حكي عنه : إنّ المراد من ذلك الردّ على العامّة حيث يقعدون للاستنجاء نحوا آخر من زيادة التفريج وإدخال الأنملة (٢). انتهى.

أقول : ولعلّه يشهد على إرادة ما ذكره هذا البعض ما في ذيل الرواية (٣) : «وإنّما عليه أن يغسل ما ظهر منه ، وليس عليه أن يغسل باطنه».

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨ ـ ١١ ، التهذيب ١ : ٣٥٥ ـ ١٠٦١ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢.

(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٧٠ ، ونسبه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٥٠ إلى أستاذه في مجلس الدرس.

(٣) أي : رواية عمّار.

٥٧

ويؤيّده أيضا صحيحة إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا عليه‌السلام ، قال :«في الاستنجاء يغسل ما ظهر منه على الشرج ولا يدخل فيه الأنملة» (١).

وجه التأييد : إشعارها بكون إدخال الأنملة وغسل الباطن الذي لا ينفكّ غالبا عن تغيير كيفية الجلوس كان معهودا لديهم ، والله العالم.

الثالث : لو اشتبهت القبلة وتردّدت بين جهات معيّنة ، وجب الميل عنها إلى الجهات الخارجة عن أطراف الشبهة ، لما عرفت تحقيقه في النجس المردّد بين الإناءين من وجوب الاجتناب عن محتملات الشبهة المحصورة.

ودعوى انصراف الأدلّة الناهية عن استقبال القبلة واستدبارها إلى صورة العلم بالقبلة ، غير مسموعة.

ولو ترددت بين الجهات مطلقا بحيث كلّ جهة تفرض احتمل كونها قبلة ، فالظاهر كونها من الشبهة الغير المحصورة التي قام النصّ والإجماع على عدم وجوب الاحتياط فيها ، كما تقدّمت الإشارة إليه في مبحث الإناءين ، وقد أشرنا في ذلك المبحث إلى ما يظهر منه كون مثل الفرض من الشبهة الغير المحصورة ، فراجع (٢).

وعلى هذا فلا يجب الفحص عن القبلة عند إرادة التخلّي كغيرها من الشبهات الموضوعية التي يرجع فيها إلى عموم «كلّ شي‌ء لك حلال

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ٢١ ـ ٦٠ ، التهذيب ١ : ٤٥ ـ ١٢٨ ، الإستبصار ١ :٥١ ـ ١٤٦ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ١.

(٢) ج ١ ص ٢٥٢.

٥٨

حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه» (١).

ويؤيّده طريقة المتشرّعة حيث لم نجدهم يفحصون عن القبلة عند إرادة التخلّي.

وهل يجب التجنّب عن الجهة التي يظنّ كونها قبلة بظنّ غير معتبر؟ وجهان ، أحوطهما : ذلك.

نعم ، لو قلنا بأنّه من الشبهة المحصورة ، لا يجوز الإقدام على شي‌ء من محتملاته إلّا إذا استلزم الحرج ، فيرفع اليد عن وجوب الاحتياط بعد الفحص والعجز عن إحراز الواقع بمقدار يندفع به الضرورة ، ولا بدّ حينئذ من الاقتصار على المحتمل الذي كان احتمال كونه قبلة أبعد من سائر المحتملات ، كما تقرّر تحقيقه في الأصول.

الرابع : ذكر غير واحد (٢) أنّه إذا تعارض الاستقبال والاستدبار ، قدّم الاستدبار ،ولو عارضهما مقابلة ناظر محترم ، وجب تقديمهما.

أقول : وجه تقديم الاستدبار على الاستقبال : شهادة العرف بكون الثاني أشدّ في توهين القبلة ، وهذا إنّما يتمّ لو علم أنّ مناط الحكم هو تعظيم القبلة ، كما هو الظاهر ، وإلّا فيشكل الترجيح إلّا من باب الاحتياط ، وأمّا تقديمهما على كشف العورة لدى الناظر فإنّما هو لدعوى القطع بكون

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٤٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ـ ٩٨٩ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.

(٢) كالسيّد العاملي في المدارك ١ : ١٦١ ، وصاحب الجواهر فيها ٢ : ١٢ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٦٩.

٥٩

مراعاة الثاني أهمّ في نظر الشارع ، والله العالم.

(الثاني) من أحكام الخلوة (في الاستنجاء).

وهو في عرف الفقهاء عبارة عن تطهير مخرج البول والغائط. (و) قد (يجب) مقدّمة للواجبات المشروطة بطهارة البدن ، كالصلاة ونحوها.

ويعتبر فيه (غسل مخرج (١) البول بالماء ، ولا يجزئ غيره) في تطهيره مطلقا مع القدرة وبدونها ، للأخبار المعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة.

منها : الأخبار الإمرة بغسل الظاهر بالماء.

ومنها : الإمرة بصبّ الماء.

ومنها : المصرّحة بأنّه لا يجزئ غيره ، كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «لا صلاة إلّا بطهور ، ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّا البول فلا بدّ من غسله» (٢).

وعن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : «يجزئ من الغائط المسح بالأحجار ، ولا يجزئ من البول إلّا الماء» (٣).

__________________

(١) في الشرائع : موضع ، بدل مخرج.

(٢) التهذيب ١ : ٤٩ ـ ١٤٤ ، الإستبصار ١ : ٥٥ ـ ١٦٠ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ١.

(٣) التهذيب ١ : ٥٠ ـ ١٤٧ ، الإستبصار ١ : ٥٧ ـ ١٦٦ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٦.

٦٠