بحوث في الملل والنّحل - ج ٥

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٤٢

وعن أبي هلال ، عن داود ، عن عذرة قال : دخلت على جابر بن زيد ، فقلت : إنّ هؤلاء القوم ينتحلونك ـ يعني الاباضية ـ ، قال : أبرأ إلى الله عزّوجلّ من ذلك ، وعن يحيى بن معين يقول : أبو الشعثاء جابر بن زيد روى عنه قتادة ، بصري ، ثقة. وقال أبو زرعة : إنّه بصري أزدي ، ثقة (١).

٢ ـ وقال أبو زكريا النووي بمثل ما قاله الرازي وأضاف : قال أحمد بن حنبل وعمرو بن علي والبخاري : توفّي سنة ثلاث وتسعين ، وقال محمّد بن سعد : سنة ثلاث ومائة ، وقال الهيثم : سنة أربع ومائة (٢).

٣ ـ وقال ابن حجر العسقلاني بمثل ما قالا ، وأضاف : وقال العجلي : تابعي ثقة ، وفي تاريخ البخاري عن جابر بن زيد قال : لقيني ابن عمر فقال : جابر! إنّك من فقهاء أهل البصرة ، وقال ابن حبان في الثقات : كان فقيهاً ، ودفن هو وأنس بن مالك في جمعة واحدة ، وكان من أعلم الناس بكتاب الله ، وفي كتاب الزهد لأحمد : لمّا مات جابر بن زيد ، قال قتادة : اليوم مات أعلم أهل العراق.

وقال اياس بن معاوية : أدركت الناس ومالهم مفت غير جابر بن زيد.

وفي تاريخ ابن أبي خيثمة : كان الحسن البصري إذا غزا أفتى الناس جابر بن زيد.

وفي الضعفاء للساجي : عن يحيى بن معين : كان جابر اباضياً ، وعن عكرمة : صفرياً ، وأغرب الأصيلي فقال : هو رجل من أهل البصرة لايعرف ، انفرد عن ابن عباس بحديث : « من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل » ولايعرف هذا الحديث بالمدينة (٣).

____________

١ ـ أبو حاتم الرازي : الجرح والتعديل ٢ / ٤٩٤ ، رقم ٢٠٣٢.

٢ ـ أبو زكريا النووي (ت ٦٧٦) ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٤٢ ، رقم ٩٨.

٣ ـ تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤ ، رقم ٦١.

٣٢١

٤ ـ وقال أيضاً : جابر بن زيد ، أبو الشعثاء الأزدي الجوفي (١) ـ بفتح الجيم وسكون الواو بعدها فاء ـ البصري ، مشهور بكنيته ، ثقة فقيه ، من الثالثة ، مات سنة ٩٣ ، ويقال : ومائة (٢).

ولم يذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ولا ابن حجر في لسانه ، وقال الأوّل في سير أعلام النبلاء : روى جابر عن ابن عباس ، قال : آخى النبي بين الزبير وابن مسعود. وفي موضع آخر منه روى قتادة ، قال : سمعت جابر بن زيد يحدّث عن ابن عباس قال : تقطع الصلاة الحائض (٣).

هذا ما وقفت عليه في كتب الرجال من أحوال الرجل ، وقد قامت الاباضية في العصور الأخيرة بترجمته ترجمة وافية ، وقد اطروه وإليك نبذاً من كلماتهم في حقّه :

كلمات الاباضية في حقّ جابر :

هذه نصوص علماء الرجال من أهل السنّة ولاعتب علينا أن نشير إلى كلمات اتباع الرجل وإن طال بنا المقام.

١ ـ لم يكن جابر بن زيد ممّن عرف عنهم الميل إلى التمرّد أو الثورة ، فلم يُعرف عنه أنّه كان ضمن الذين خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب ، أو اعتزلوه أو تمرّدوا عليه ، إذ أنّه ولد في عمان في الفترة ما بين عامي ١٨ و ٢٢ هـ ، ثمّ رحل إلى البصرة يطلب العلم ، وهو شاب في زمن لا نعرفه ، ولايمكن تحديده ، وغلب انّه رحل إليها بعد سنّ العشرين حيث كان شابّاً يستطيع تحمّل مشقّة

__________________

١ ـ ينسب إلى درب الجوف وهي محلّة بالبصرة.

٢ ـ ابن حجر العسقلاني : تقريب التهذيب ١ / ١٢٢ ، رقم ٥.

٣ ـ الذهبي : سير أعلام النبلاء ١ / ٤٩٠ و ١٠ / ٢٥٢.

٣٢٢

السفر والترحال. والمعروف أنّ التحكيم الذي أدّى إلى انفصال جزء من جيش علي عنه ، وقيامهم بمعارضته والخروج عليه ، كان في رمضان من عام ٣٧ ، وحدثت معركة النهروان التي أكّدت هذا الانفصال وكرّسته في عام ٣٨ هـ.

وعلى ذلك فإنّ جابر بن زيد امّا أنّه لم يكن موجوداً في البصرة عند وقوع هذه الأحداث ، أو انّه كان موجوداً ، ولكنّه لم يشارك فيها على أي نحو من الأنحاء ، لأنّ كتب التاريخ السنّية والشيعية والاباضية لم يرد فيها ذكر لأي شيء يتعلّق به ، أو حتى مجرّد ذكر اسمه في تلك الفترة ، ولم يسمع أحد شيئاً عن جابر بن زيد إلاّ بعد انتهاء هذه الأحداث لحوالي أربعين عاماً عندما أتى الحجاج بن يوسف الثقفي إلى العراق والياً عليه من قبل عبدالملك بن مروان في عام ٧٥ (١).

٢ ـ إنّ مؤسّس مذهب الاباضي لم يكن ممّن شهدوا حرب الجمل او صفّين أو النهروان ، ولم يكن ضمن هؤلاء الذين رفعوا السيف في وجه الدولة أو حاربوها من الخوارج وغيرهم ، بل كان يأتلف معها ، فقد كان يأخذ عطاءه من الحجاج بن يوسف الثقفي ، كما كان يأخذ جائرته ويحضر مجلسه ويصلّي خلفه.

ولذلك كان من مبادئ الاباضية بعد جابر ، جواز الصلاة خلف أهل القبلة كلّهم ، وخلف الجبابرة في أي بلد غلب عليه الجبابرة ، ويجيزون الغزو معهم أيضاً ، كما كانوا يأخذون بأحكامهم ، ولايرون في ذلك بأساً طالما أنّ أحكامهم كانت موافقة للحقّ والعدل ، وكانوا يستحسنون أفعالهم إذا جاءت على هذه الصفة.

من ذلك : ما حدث عندما عرض على عبدالملك بن مروان أمر رجل

__________________

١ ـ الدكتور رجب محمّد عبدالحليم : الاباضية في المصر والمغرب : ١٥.

٣٢٣

تزوّج من امرأة أبيه ظنّاً منه انّها تجوز له ، فأمر عبدالملك بقتله على جهله فيما لايجوز الجهل به ، وقال : لاجهل في الإسلام ولاتجاهل ، فاستحسن جابر بن زيد هذا العمل من عبدالملك وقال عنه : إنّه أحسن وأجاد. وما ذاك إلاّ لما تميّز به هذا الفقيه الكبير ، تميّز مذهبه من صفة التسامح والاعتدال ، ولما قام عليه هذا المذهب من اُسس واُصول (١).

٣ ـ إنّ جابراً كان يصلّي الجمعة في المسجد الجامع في البصرة خلف عبيدالله بن زياد ، وكان يقول لهم : إنّها صلاة جامعة وسنّة متّبعة.

وذكروا : انّه كان يتناول من الحجاج عطاء مقداره ستمائة أو سبعمائة درهم ويصلّي خلفه ، وعرض عليه الحجاج أن يولّيه القضاء ولكن جابراً رفض هذا العرض (٢).

٤ ـ إنّ العلم مثله مثل طائر باض في المدينة المنّورة ، وفرّخ بالبصرة ، وطار إلى عمان (٣).

يريد انّه فرّخ بالبصرة بيد جابر ، ولمّا مات جابر انتقل العلم إلى عمان وذلك قبيل نهاية القرن الثاني للهجرة حيث قامت الإمامة الاباضية في عمان عام ١٧٧ ، وصارت هذه البلاد حجر الزاوية ومركز الثقل السياسي بالنسبة إلى المذهب والدعوة.

٥ ـ إنّ جابر بن زيد الأزدي من أهل البصرة ، يروي عن عبدالله بن عباس ، وقد لقي جابر بن زيد عائشة اُمّ المؤمنين وسألها عن بعض مسائل ، فلمّا خرج عنها قالت : لقد سألني عن مسائل لم يسألني عنها مخلوق قط ، وإنّما توفّي

__________________

١ ـ الدكتور رجب محمد عبدالحليم : الاباضية في مصر والمغرب : ٥٧ ـ ٥٨.

٢ ـ الدكتور رجب محمد عبدالحليم : الاباضية في مصر والمغرب : ١٦ ـ ١٩ ـ ٣٢.

٣ ـ يكرّرون هذا التعبير في غير واحد من كتبهم وهو من المغالاة في القول.

٣٢٤

جابر رضي‌الله‌عنه سنة ثلاث سنين ومائة (١).

٦ ـ اشتهر انّه لايماكس في ثلاث : في كراء إلى مكّة ، وفي عبد يشترى ليعتق ، وفي شاة التضحية ، وكان يقول : لانماكس في شيء نتقرّب إليه.

روي أنّه رأى أحد الحجبة يصلّي فوق الكعبة ، فنادى : يا من يصلّي فوق الكعبة لاقبلة لك (٢).

٧ ـ إنّ جابراً أحد المؤلّفين في الإسلام وقد كان لديوانه رنّة ، وكان موضع تنافس بين دور الكتب الإسلامية ، واستطاعت مكتبة بغداد أن تحصل عليه وان تبخل به عن غيرها من المكتبات.

يقول علي يحيى معمر :

كان لهذا الكتاب قيمة كبرى لما فيه من علم وهدى ، ولقربه من عصر النبوّة ، ولأخذ مؤلّفه عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ ، وكانت له قيمة اُخرى أثرية وهي أنّه أوّل كتاب ضخم اُلّف في الإسلام.

وإنّه لمن المؤسف أن يضيع هذا التراث العظيم من مكتبة بغداد عندما اُحرقت تلك المكتبة العظيمة. وضاعت منها آلاف النفائس ، كما أنّه من المؤلم المُرّ أن تضيع النسخة التي وصلت إلى ليبيا ، فيما ضاع من التراث الإسلامي العظيم بسبب الجهل والحقد وطلب الرفعة عند الناس ، وليس أعظم محنة من ضياع التراث العلمي والخلقي والديني لاُمّة مسلمة لايستقيم حاضرها إلاّ على القواعد المتينة التي ابتنى عليها ماضيها ، ولن يصلح حاضر هذه الاُمّة إلاّ بما صلح به أوّلها (٣).

__________________

١ ـ ابن سلام الاباضي : بدء الاسلام وشرائع الدين : ١٠٨.

٢ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الاُولى : ١٤٨.

٣ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الاُولى : ١٥٠.

٣٢٥

٨ ـ إنّ جابراً أخذ عن عبدالله بن مسعود وجابر بن عبدالله وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ، وقال : كان جابر بن زيد يلتقي باُمّ المؤمنين عائشة ويأخذ عنها العلم ويسألها عن سنّة الرسول ، وقد سألها يوماً عن جماع النبي وكيف كان يفعل ، وانّ جبينها يتصبّب عرقاً وتقول عائشة : سل يا بُنيّ ، ثم قالت له ممّن أنت؟ قال : من أهل المشرق من بلد يقال لها عُمَان.

ولمّا كان هذا السؤال بظاهره بمعزل عن الوقار علّق عليه صاحب « تحفة الأعيان » بقوله : المراد انّه سألها عن مقدّمات الجماع التي يجوز السؤال عنها حرصاً منه رضي‌الله‌عنه على نقل السنّة وجمعها كي يكون المسلم مقتدياً برسول الله في كل أعماله دقيقها وجليلها.

يلاحظ عليه : أنّه لو صحّ السؤال لما نفع هذا التعليق وأمثاله ممّا حشدها مؤلّف الكتاب وهو يعرب عن سذاجة الرجل وعدم عرفانه بموضع السؤال والمسؤول ، والعجب انّ جواب اُمّ المؤمنين لم يذكر في هذه الكتب ولم تصل السنّة إلى أيديهم ، ولعلّ تكذيب أصل القضية أولى من توجيهها.

وهناك ملاحظة حول حياة جابر وهو أنّ صلاته خلف الحجاج تبرّرها التقية ، وأمّا أخذ الجوائز الذي هو بمعنى دعم ولايته واضفاء المشروعية عليها ، فهل تبرّره التقيّة؟ أو كان من واجبه التخلّي عنها كما تخلّى عن قبول القضاء؟

إنّ ما جاء في هذه الكلمات من كون الرجل اباضياً مدعماً لمبدئه قاصر عن افادة الاطمئنان والاذعان ، فإنّ التقيّة أمر مشترك بين الاباضية وغيرهم ، فالذي يوجب تقدير الرجل بل تقدير تلك الطائفة ، انّهم يملكون الشجاعة الأدبية في الاجهار بجواز التقية والسلوك عليها في حياتهم ، بينما يفقدها غيرهم من فرق أهل السنّة ، فهم يعملون بالتقية في حياتهم السياسية والاجتماعية ولكن لايجاهرون بجوازها لو لم يكونوا مجاهرين بحرمتها!

٣٢٦

فقه جابر بن زيد :

قد قام « يحيى محمّد بكوش » بجمع أقوال وآراء جابر من بطون الكتب ، وهو يقول في مقدّمة الكتاب : « فقد وجدت في بطون الكتب أقوالا عديدة للإمام جابر بن زيد سواء ذلك في كتب الاباضية أو في غيرها ، من كتب المذاهب الاُخرى ، ثمّ رجعت إلى كتب الحديث فالتقيت برواياته منبثّة من هنا وهناك فانقدحت في ذهني فكرة أجمع ما يتيسّر لي جمعه وضمّه في مجموعة اُخرجها للناس ... وفي أثناء بحثي ظهر للاُستاذ الصوافي كتاب يتناول هذا الجانب فاطّلعت عليه واستفدت منه كما اطّلعت أثناء ذلك على كتاب للاُستاذ « عوض خليفات » الذي درس نشأة الحركة الاباضية في المشرق فاستفدت منه أيضاً ... وقد قسّمت الكتاب إلى أبواب بلغت أحد عشر باباً ، وكل باب يشتمل على مسائل متفرّفة قد لايجمع بينها سوى أنّها تنسب إلى ذلك الباب ، وإليك فهرس الأبواب:

١ ـ في حياة الإمام جابر بن زيد ، فيه ١٣ مسألة.

٢ ـ في مسائل القرآن وعلومه ، فيه ٤١ مسألة.

٣ ـ في الطهارات ، فيه ١٩ مسألة.

٤ ـ في الصلاة ، فيه ٤٤ مسألة.

٥ ـ في الزكاة ، فيه ١٢ مسألة.

٦ ـ في مسائل الصوم ، فيه ١٨ مسألة.

٧ ـ في مسائل الحج ، فيه ٣٠ مسألة.

٨ ـ في مسائل النكاح والطلاق ، فيه ٦١ مسألة.

٩ ـ في المعاملات ، فيه ٢١ مسألة.

١٠ ـ في الأقضية والأحكام ، فيه ١٥ مسألة.

٣٢٧

١١ ـ في الزكاة والأطعمة والكفّارات والنذور والوصايا والمواريث ، فيه ٣١ مسألة (١).

ثمّ إنّ الكتاب خرج في ٧٢٨ صفحة ، وربّما يتخيّل القارىء في بادىء النظر أنّ أكثر ما جاء فيها يرجع إلى آراء جابر وأقواله وأفكاره ، ولكنّه بعد ما سبر الكتاب سرعان ما يرجع ويقف انّ مجموع ما روي عنه في تلك الأبواب ـ لو جمع في محل واحد ـ لايتجاوز عن عشر صفحات ، ولكن المؤلّف اتّخذ طريقة المقارنة الفقهية وطلب لآراء المذاهب دليلها ، فجاء الكتاب كتاباً ضخماً في الفقه ، هو لايمت إلى جابر بصلة إلاّ قليلا.

هذا وقد بسط المؤلّف الكلام في ترجمة جابر في الباب الأوّل ، ومن أراد التبسّط فليرجع إليه.

٣ ـ أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة (ت حوالي ١٥٨ هـ) :

هذا هو الشخصية الثالثة لفرقة الاباضية وله ترجمة في كتب الرجال والتاريخ كما له ترجمة مفصّلة في كتب الاباضية ، ونذكر ما وقفنا عليه في القسم الأوّل ثمّ نردفه بكلمات الاباضية.

قال الحافظ الرازي : « مسلم بن أبي كريمة روى عن علي ـ رضي الله عنه ـ ، روى عنه ... (كذا) ، سمعت أبي يقول ذلك ويقول : هو مجهول (٢).

ولو كان المقصود من العنوان هو المترجم فيروي عن علي عليه‌السلام بواسطة أو واسطتين كما لا يخفى.

وعنونه ابن حبّان في الثقات ، واكتفى بنقل اسمه فقط وقال : مسلم بن

__________________

١ ـ يحيى محمّد بكوش : فقه الإمام جابر بن زيد : ٧ ـ ٨ وفهرس الكتاب.

٢ ـ الرازي : الجرح والتعديل ٨ / ١٩٣ برقم ٨٤٥.

٣٢٨

أبي كريمة (١).

وقال ابن الجوزي : مسلم بن أبي كريمة ، قال الرازي : مجهول (٢).

ولم أجد له ترجمة في الكتب الرجالية ، وأمّا كلمات الاباضية في حقّه ، فإليك بيانها :

يقول علي يحيى معمّر : أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي الذي توفّي في ولاية أبي جعفر المنصور المتوفّى سنة ١٥٨ هـ ، وقد أدرك من أدركه جابر بن زيد ، فروايته عن جابر رواية تابعي عن تابعي. وقد روى أبو عبيدة أيضاً عن جابر بن عبدالله وأنس بن مالك وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد الخدري وعائشة اُمّ المؤمنين (٣) ـ رضى الله عنها ـ ورواية هذه عنهم موجودة في هذا المسند الصحيح (٤) وهي رواية تابعي عن تابعي.

شيوخه :

أخذ أبو عبيدة العلم عمّن لقيه من الصحابة وعن الجابرين : جابر بن عبدالله وجابر بن زيد ، وعن ضمار السعيدي وجعفر السماك وغيرهم.

تلاميذه :

وحمل العلم عن أبي عبيدة خلق كثير ، منهم الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند ، وفيهم : حملة العلم إلى المغرب وهم : أبو الخطاب

__________________

١ ـ محمد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي : الثقات ٥ / ٣٥٤ و ٤٠١.

٢ ـ عبدالرحمان بن الجوزي : كتاب الضعفاء والمتروكين ٣ / ١١٨ دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤٠٦ ، ولاحظ بدء الاسلام : ٢٦ ، ٩٩ ، ١١٠ ، ١١٤ ، ولسان الميزان ٦ / ٣٢.

٣ ـ سماعه عن اُمّ المؤمنين عائشة وابي هريرة بعيد جداً إلاّ أن يكون الرجل من المعمّرين.

٤ ـ اشارة الى مسند الربيع بن حبيب ، والصحيح أن يقال : الجامع الصحيح ، كما سيوافيك.

٣٢٩

المعافري ، وعبدالرحمن بن رستم وعاصم السدراتي ، وإسماعيل بن درار العذامسي ، وأبو داود القبلي النفراوي ، وكان الإمام أبو الخطاب المعافري قد جاء من اليمن فرافق الأربعة من أهل المغرب فخرج معهم إلى بلادهم ، فنصّبوه عليهم بأمر شيخهم أبي عبيدة. وبأمره نُصّب الإمام عبدالله بن يحيى الكندي في أرض اليمن ، وجمعت إمارته اليمن والحجاز ، وأقام حملة العلم عنده خمس سنين فلمّا أرادوا الوداع سأله إسماعيل بن درار عن ثلاثمائة مسألة من مسائل الأحكام. فقال له أبو عبيدة : « أتريد أن تكون قاضياً مع ابن درار؟ قال : أرايت ان ابتليت بذلك » (١).

وقد روي عنه أنّه قال : من لم يكن له اُستاذ من الصحابة فليس هو على شيء من الدين ، وقد منَّ الله علينا بعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن سلاّم (٢).

٤ ـ أبو عمرو ربيع بن حبيب الفراهيدي :

إنّ الربيع من أئمّة الاباضية وهو صاحب المسند المطبوع ، ولم نجد له ترجمة وافية في كتب الرجال لأهل السنّة (٣) ونكتفي في المقام بما ذكره الاُستاذ التنوخي في مقدّمته على شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب :

« ومن يمن الطالع عن الحديث أن يكون الربيعان : الربيع بن صبيح والربيع بن حبيب في طليعة ركب الجامعين للحديث ، والمصنفّين فيه ، ومن

__________________

١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الاسلامية ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧.

٢ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني ، وقد ترجم له ترجمة مفصّلة وذكر مواقفه في تنظيم الدعوة ومجالها ، والانتهاز من مواسم الحج لنشر المذهب واعمال السياسة السرّية والأخذ بالتقيّة ، فمن أراد فليرجع إليه (١٦٩ ـ ١٧٥).

٣ ـ له ترجمة في بدء الاسلام ١١٠ ، والاعلام ٣ / ١٣.

٣٣٠

الأسف أن لاندري شيئاً عن مصير مسند ابن صبيح وعسى أن يهتم بذلك الباحثون عن نفائس المخطوطات ، ومن لطف الباري أن أبقى لنا مسند الربيع بن حبيب ، ثمّ من نعمه عليّ أن وفّقني لإعادة نشره مع شرح علاّمة عمان عبدالله بن حميد السالمي ولم يطّلع على المسند وشرحه في علماء مصر والشام والعراق إلاّ قليل.

الثلاثيات :

قد ذكر أئمّة الحديث أنّ رتب الصحيح تتفاوت تفاوت الأوصاف المقتضية للصحيح ، وانّ المرتبة العلياما اطلق عليه بعض رجال الحديث أنّه أصح الأسانيد الثلاثية كسند الزهري عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه ، وسند إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود ، وسند مالك عن نافع عن ابن عمر ، وهو قول البخاري لأنّ هذه الأسانيد قصيرة السند وقريبة الاتصال بالينبوع المحمّدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ويشبه هذه الثلاثة الذهبية سلسلة مسند الربيع بن حبيب وثلاثياته ... أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ، ورجال هذه السلسلة الربيعية من أوثق الرجال وأحفظهم واصدقهم ، لم يشب أحاديثها شائبة انكار ولا ارسال ولاانقطاع ولااعضال.

ولمزايا هذه الثلاثيات اهتمّ كثير من أئمّة الحديث بتأليف الثلاثيات.

١ ـ ثلاثيات الإمام أحمد المطبوعة أخيراً بدمشق سنة ١٣٨٠ هـ ، وشرحها في جزأين الإمام محمّد السفاريني ، وعدد ثلاثياته خمسة وستون ومائة حديث.

٢ ـ ثلاثيات البخاري وهي في صحيحه ثنان وعشرون حديثاً.

٣٣١

٣ ـ ثلاثيات الدارمي وهي خمسة عشر حديثاً وقعت في مسنده بسنده.

٤ ـ ثلاثيات الربيع بن حبيب الأزدي ، وأحاديثها في مسنده ، ورجال سلسلتها الثلاثية هم أبو عبيدة التميمي ، وجابر بن زيد الأزدي ، والبحر عبدالله بن عباس ـ شيخ جابر ـ ، وغيره من الصحابة.

وقد طبع هذا المسند القديم مع شرحه للإمام عبدالله السالمي في أربعة مجلدات طبع اثنان منها في مصر والثالث بدمشق ، ولقد سبرته ولمست أنّ الرجل كان يملك شيئاً من الانصاف ، فلابأس بالاشارة إلى بعض خصوصياته.

انطباعات عن الجامع الصحيح :

هذا الجامع : مسند الربيع بن حبيب الأزدي البصري رتّبه أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني وطبع في أربعة أجزاء تبلغ عدد صفحاته ٣٠٢ صفحة ، طبع بدمشق سنة ١٣٨٨ هـ بتقديم عبدالله بن حميد السالمي وأشرف على طبعه محمود غيران.

أكثير المؤلّف في هذا المسند الروايات عن ضمام بن السائب البصري العثماني عن جابر.

ثمّ عن أبي عبيدة (مسلم بن أبي كريمة).

ثمّ عن أبي نوح (صالح بن نوح).

ثمّ عن سائر مشايخه.

وأكثر الروايات في الكتاب موقوفات تنتهي إلى الصحابة الاّ قليل منها مسند إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وممّا يشهد على كون الرجل موضوعياً أنّه نقل الروايات عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وإليك رواياته عنه :

٣٣٢

« الباب (٩) ما روى عن علي بن أبي طالب » :

« في التعظيم لله عزّوجلّ ونفي التشبيه له سبحانه عن الأشباه »

قال الربيع : بلغني عن أبي مسعود ، عن عثمان بن عبدالرحمن المدني ، عن أبي إسحاق والشعبي قال : كان علي بن أبي طالب يقول في تمجيد الله عزّوجلّ : الحيُّ القائمُ الواحدُ الدائمُ فكَّاك المقادِمِ ورزّاقُ البهائم ، القائمُ بغير منصبة ، الدائم بغير غاية ، الخالق بغير كلفة ، فأعرَفُ العباد به الذي بالحدود لايصفُهُ ولا بما يوجد في الخلق يتوهّمه ، لاتدركه الأبصار وهو يدك الأبصار.

« الباب (١٠) خطبة علي » :

قال الربيع : وأخبرنا أبان قال : حدثنا يحيى بن إسماعيل ، عن الحارث الهمداني قال : بلغ عليّاً أنّ قوماً من أهل عسكره شبّهوا الله وأفرطوا ، قال : فخطب علي الناس فحمدالله وأثنى عليه ثمّ قال : يا أيّها الناس اتّقوا هذا العارقة (١) فقالوا : يا أمير المؤمنين وما العارقة؟ قال : الذين يشبّهون الله بأنفسهم ، فقالوا : وكيف يشبّهون الله بأنفسهم؟ قال : يضاهئون بذلك قول الذين كفروا من أهل الكتاب إذ قالوا : خلق الله آدم على صورته ، سبحانه وتعالى عمّا يقولون ، سبحانه وتعالى عمّا يشركون ، بل هو الله الواحد الذي ليس كمثله شيء ، استخلص الوحدانية والجبروت ، وأمضى المشيئة والارادة والقدرة والعلم بما هو كائن ، لامنازع له في شيء ، ولاكفؤ له يعادله ، ولاضد له ينازعه ، ولاسميّ له يشبهه ، ولامثل له يشاكله ، ولاتبدو له الاُمور ، ولاتجري عليه الأحوال ، ولا تنزل به الأحداث ، وهو يجري الأحوال وينزّل الأحداث على المخلوقين ، لايبلغ الواصفون كنه حقيقته ولايخطر على القلوب مبلغ جبروته لأنّه ليس له في

__________________

١ ـ وفي نسخة الفارقة.

٣٣٣

الخلق شبيه ولا له في الأشياء نظير ، لاتدركه العلماء بألبابها ولاأهل التفكير بتدبيرها وتفكيرها إلا بالتحقيق إيماناً بالغيب لأنّه لايوصف بشيء من صفات المخلوقين وهو الواحد الذي لاكفؤله ( وانَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الباطِلُ وانَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبيِرُ ).

« الباب (١١) قصة اليهودي مع علي بن أبي طالب » :

قال : وأخبرنا إسماعيل بن يحيى قال : حدثنا سفيان (١) عن الضحّاك قال : جاء يهودي إلى علي بن أبي طالب فقال : ياعلي متى كان ربّنا؟ فقال علي إنّما يقال متى كان لشيء لم يكن فكان ، وهو كائن بلاكينونة ، كائن بلاكيفية ، ولم يزل بلاكيف ، ليس له قبل وهو قبل القبل ، بلاغاية ولامنتهى غاية تنتهي إليها غايته انقطعت الغايات عنده وهو غاية الغايات.

« الباب (١٢) قصة القصاب مع علي بن أبي طالب » :

أخبرنا أبو قبيصة ، عن عبدالغفار الواسطيّ ، عن عطاء : انّ علي بن أبي طالب مرّ بقصّاب يقول : لاوالذي احتجب بسبع سموات لاأزيدُك شيئاً ، قال : فضرب علي بيده على كتفه فقال : يا لحّام إنّ الله لايحتجب عن خلقه ولكن (٢) حجب خلقه عنه ، فقال : اُكفّر عن يميني؟ فقال : لا ، لأنّك إنّما حلفت بغيرالله (٣).

__________________

١ ـ خ سنان.

٢ ـ خ ولكّنه.

٣ ـ قوله : انّما حلفت بغير الله ، هذا منه اعتبار بظاهر اللفظ انكاراً لما سمع وتغليظاً على القائل ، وإلاّ فإنّ الحالف انّما قصد الحلف بالله عزّوجلّ وإن أخطأ في وصفه والله أعلم.

٣٣٤

وقال علي بن أبي طالب لمّا وجّه رسله إلى معاوية بن أبي سفيان : صلّوا في رحالكم واجعلوا صلاتكم معهم سبحة فإنّ الله لايتقبّل إلا من المتّقين.

قال : وحدثني موسى بن جبير ، عن عبدالمجيد والفضيل بن عياض ، عن منصور بن المعتمر ، عن الحكم بن عيينة ، عن علي بن أبي طالب قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ اَحْسَنُوا الحُسْنى وزيادَة ).

قال : غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب (١).

٥ ـ أبو يحيى عبدالله بن يحيى الكندي (طالب الحق) :

كان عبدالله بن يحيى بن عمر الكندي من حضرموت ، وكان قاضياً لإبراهيم بن جبلة عامل القاسم بن عمر على حضرموت ، وهو عامل مروان على اليمن (٢).

إنّ عبدالله بن يحيى الكندي أحد بني عمرو بن معاوية كان من حضرموت ، وكتب إلى ابى عبيدة مسلم بن أبي كريمة وإلى غيرهم من الاباضية بالبصرة ، يشاورهم بالخروج ، فكتبوا إليه : إن استطعت أن لاتقيم يوماً واحداً فافعل ، وأشخص إليه ابو عبيدة ، أبا حمزة المختار بن عوف الأزدي في رجال من الاباضية فقدموا عليه حضرموت ، فحثّوه على الخروج وأتوه بكتب أصحابه ، فدعا أصحابه فبايعوه فقصدوا دار العمارة وعلى حضرموت ، إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي ، فأخذوه فحبسوه يوماً ثم أطلقوه ، فأتى صنعاء وأقام عبدالله بن يحيى بحضرموت ، وكثر جمعهم ، وسمّوه « طالب الحق » ، ثمّ استولى على صنعاء فأخذ الضحّاك بن الزمل وإبراهيم بن

__________________

١ ـ مسند ربيع بن حبيب : ص ٢١٧ ـ ٢١٩ وص ٢٠٥.

٢ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد : ١٧٦ ، نقلا عن الحارثي : العقود الفضية : ١٨٧.

٣٣٥

جبلة بن مخرمة فحبسهما ، وجمع الخزائن والأموال فأحرزها ثمّ أرسل إلى الضحّاك وإبراهيم فأرسلهما ، وقال لهما : حبستكما خوفاً عليكما من العامة وليس عليكما مكروه فأقيما إن شئتما أو أشخصا ، فخرجا.

فلمّا استولى عبدالله بن يحيى على بلاد اليمن خطب الناس وقال : إنّا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه وإجابة من دعا إليهما. الإسلام ديننا ، ومحمّد نبيّنا ، والكعبة قبلتنا ، والقرآن إمامنا. رضينا بالحلال حلالا لانبغي به بدلا ، ولانشتري به ثمناً قليلا ، وحرّمنا الحرام ونبذناه وراء ظهورنا ، ولاحول ولا قوّة إلاّ بالله وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل ، من زنا فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر ، ومن شرب الخمر ، فهو كافر ، ومن شكّ في أنّه كافر ، فهو كافر ، ندعوكم إلى فرائض بيّنات ، وآيات محكمات ، وآثار مقتدى بها ، ونشهد أنّ الله صادق فيما وعد ، عدل فيما حكم ، وندعوا إلى توحيد الرب واليقين بالوعيد والوعد ، واداء الفرائض ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والولاية لأهل ولاية الله ، والعداوة لأعداء الله. كلّ ذلك كان في سنة ثمان وعشرين ومائة (١).

ثمّ إنّه استولى على مكّة ثم المدينة وذلك في الوقت الذي بدأت ثورة بني العباس في خراسان ، فكانت الدولة المركزية المروانية مشغولة باخماد الثورة ، فانتهز طالب الحق الفرصة وبسط سيطرته على الحجاز كلّه ، ولكن في سنة ثلاثين ومائة جهزّ مروان بن محمّد جيشاً مع عبدالملك بن محمد بن عطية السعدي فلقى الخوارج بوادي القرى فقتل بلج بن عقبة ، وفرّ أبو حمزة في بقيّتهم إلى مكة ، فلحقهم عبدالملك فكانت بينهم وقعة قتل فيها أبو حمزة وأكثر من كان معه من الخوارج ، وصار عبدالملك في جيش مروان من أهل الشام يريد

__________________

١ ـ أبو الفرج الاصبهاني : الأغاني ٢٣ / ٢٢٤ ـ ٢٥٦ ، وقد بسط الكلام في خبر عبدالله بن يحيى وخروجه ومقتله.

٣٣٦

اليمن. وخرج عبدالله بن يحيى الكندي الخارجي من صنعاء فالتقوا بناحية الطائف وأرض جرس فكانت بينهم حرب عظيمة قتل فيها عبدالله بن يحيى وأكثر من كان معه من الاباضية ، ولحق بقيّة الخوارج ببلاد حضرموت.

يقول المسعودي : فأكثرها اباضية إلى هذا الوقت وهو سنة ٣٣٢ هـ ولا فرق بينهم وبين من بعمان من الخوارج في هذا المذهب (١).

أئمّة الاباضية في القرون الاُولى :

قد تعرّفت على الشخصيات البارزة للاباضية في القرن الأوّل وبداية القرن الثاني ، غير أنّ أئمّتهم وشخصياتهم لاتحصر فيما ذكرنا ، ونحن نأتي بقائمة أسمائهم فمن أراد التوسّع فليرجع إلى تراجمهم في الكتب المعدّة ، فقد ذكروا أنّ لهم وراء من ذكرنا ترجمتهم ، أئمّة بالأسماء التالية :

القرن الأوّل :

١ ـ جعفر بن السماك العبدي.

٢ ـ أبوسفيان قنبر.

٣ ـ الصحار العبدي.

القرن الثاني :

٤ ـ صمّام بن السائب.

٥ ـ أبو نوح صالح الدهان.

__________________

١ ـ المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر ٣ / ٢٤٢ طبع دار الأندلس. الطبري : التاريخ ٦ / ٤١ و ٧ / ٣٩٤ ـ ٤٠٠. وابن الأثير : الكامل ٥ / ٣٥١ دار صادر.

٣٣٧

٦ ـ الجلندي بن مسعود العماني.

٧ ـ أبو الخطاب عبد الأعلى المعافري.

٨ ـ هلال بن عطية الخراساني.

٩ ـ أبو سنيان محبوب بن الرحيل.

١٠ ـ أبو صفره عبدالملك بن صفره.

١١ ـ عبدالرحمن بن رستم.

١٢ ـ محمّد بن يائس.

١٣ ـ أبو الحسن الأيدلاتي.

القرن الثالث :

١٤ ـ أفلح بن عبدالوهاب.

١٥ ـ عبدالخالق القزاني.

١٦ ـ محكم الهواري.

١٧ ـ المهتا بن جيفر.

١٨ ـ موسى بن علي.

١٩ ـ أبو عيسى الخراساني.

٢٠ ـ محمّد بن محبوب.

٢١ ـ محمّد بن عباد.

٢٢ ـ الصلت بن مالك.

٢٣ ـ أبو اليقظان بن أفلح.

٢٤ ـ أبو منصور الياس.

٢٥ ـ عمروص بن فهد.

٣٣٨

٢٦ ـ هود بن محكم.

القرن الرابع :

٢٧ ـ أبو الخضر يعلى بن أيّوب.

٢٨ ـ أبو القاسم يزيد بن مخلد.

٢٩ ـ أبو هارون موسى بن هارون (١).

إنّ الكاتب المعاصر علي يحيى معمّر ، ترجم جابر بن زيد وابا عبيدة مسلم في الجزء الأوّل من كتابه « الاباضية في موكب التاريخ » تحت عنوان الاباضية في قيادة الاُمّة ١٤٥ ـ ١٥٥ ، ثمّ خصّ الجزء الثاني بترجمة أئمّتهم وذكر كثيراً منهم القاطنين في « ليبيا » بعد البحث عن « دخول المذهب الاباضي الى ليبيا » ومن اراد الوقوف فليرجع الى هذا الجزء ٢١ ـ ١٩٧.

دول الاباضية :

قد قام باسم الاباضية عدد من الدول في أربعة مواضع من البلاد الإسلامية :

١ ـ دولة في عمان استقلّت عن الدولة العباسية في عهد أبي العباس السفّاح سنة ١٣٢ ، ولاتزال إلى اليوم.

٢ ـ دولة في ليبيا سنة ١٤٠ ولم تعمّر طويلا فقد انتهت بعد نحو ثلاث سنوات.

٣ ـ دولة قامت في الجزائر سنة ١٦٠ ، وقد بقيت إلى حوالي ١٩٠ ، ثمّ قضت عليها الدولة العبيدية.

__________________

١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الإسلامية : ١ / ٢٧ ـ ٢٨.

٣٣٩

٤ ـ دولة قامت في الأندلس ولا سيّما في جزيرتي « ميورقة » و « مينورقة » ، و« ليس لدينا من أخبارهم الكثير وقد انتهت يوم انتهت الأندلس وأطفأ التعصّب الغربي شعلة الإسلام في تلك الديار » (١).

هذه الاباضية ، وهذا ماضيهم وحاضرهم ، وقد قدمّنا إليك صورة موجزة من تاريخهم ، ونشوئهم وحروبهم وشخصياتهم وعقائدهم ، وقد جرّدنا أنفسنا عن كل نزعة نفسانية تعرقلنا عن الوصول إلى الحق ، والله وراء القصد.

وقد حان لنا انجاز الوعد الذي سبق منّا ، وهو نشر ما كتبه « عبدالله بن اباض » إلى عبدالملك بن مروان ، وإليك نصُّه :

رسالة عبدالله بن أباض

إلى عبدالملك بن مروان

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالله بن أباض إلى عبدالملك بن مروان : سلام عليك. فإنّي أحمد إليك الله الذي الا إله إلاّ هو واصويك بتقوى الله فإنّ العاقبة للتقوى والمرد إلى الله ، واعلم أنّه إنّما يتقّبل الله من المتّقين.

أمّا بعد ، جاءني كتابك مع سنان بن عاصم ، وإنّك كتبت إليَّ أن أكتب إليك بكتاب ، فكبت به إليك ، فمنه ما تعرف ومنه ماتنكره ، زعمت أنّما عرفت منه ما ذكرت به من كتاب الله وحضضت عليه من طاعة الله ، واتّباع أمره ، وسنّة نبيّه ، وأمّا الذي أنكرت منه فهو عندالله غير منكر. وأمّا ما ذكرت من عثمان والذي عرضت به من شأن الأئمّة وأنّ الله ليس ينكر عليه أحد شهادته في كتابه بما أنزله على رسوله أنّه من لم يحكم بما أنزل الله فاُولئك هم الظالمون

__________________

١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الاسلامية ١ / ٩٢ ـ ٩٣.

٣٤٠