شرح شافية ابن الحاجب - ج ٢

الشيخ رضي الدين محمّد بن الحسن الاستراباذي النحوي

شرح شافية ابن الحاجب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ رضي الدين محمّد بن الحسن الاستراباذي النحوي


المحقق: محمّد محيى الدين عبد الحميد
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٨

وضمنى وزمن وزمنى (١).

قوله «ونحو يقظ (٢) على أيقاظ» ومثله نجد : أى شجاع ، وأنجاد ، قيل : لم يجىء فى هذا الباب مكسر إلا هاتان اللفظتان ، والباقى منه مجموع جمع السلامة ، وإنما جمعا على أفعال حملا لفعل على فعل لاشتراكهما كيقظ وندس (٣)

__________________

اللسان : «رجل ضمن (كبطل) لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث : مريص ، وكذلك ضمن (ككتف) ، والجمع ضمنون ، وضمين والجمع ضمنى ، كسر على فعلى وإن كانت إنما يكسر بها المفعول نحو قتلى وأسرى ، لكنهم تجوزوه على لفظ فاعل أو فعيل على تصور معنى مفعول. قال سيبويه : كسر هذا النحو على فعلى لأنها من الأشياء التى أصيبوا بها وأدخلوا فيها وهم لها كارهون» اه

(١) الزمن ـ ككتف ـ : ذو العاهة. قال فى اللسان : «زمن يزمن (من باب فرح) زمنا ، وزمنة (كشهبة) وزمانة ، فهو زمن والجمع زمنون ... وزمين والجمع زمنى ، لانه جنس للبلايا التى يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون ، فطابق باب فعيل الذى بمعنى مفعول ، وتكسيره على هذا البناء نحو جريح وجرحى ، وكليم وكلمي» اه

(٢) اليقظ ـ ككتف ، واليقظ ـ كرجل ، واليقظان : ذو الفطنة والحذر قال فى اللسان : «ورجل يقظ ويقظ كلاهما على النسب : أى متيقظ حذر ، والجمع أيقاظ ، وأما سيبويه فقال : لا يكسر يقظ لقلة فعل (كرجل) فى الصفات وإذا قل بناء الشيء قل تصرفه في التكسير ، وإنما أيقاظ عنده جمع يقظ ، لأن فعلا (ككتف) فى الصفات أكثر من فعل. قال ابن برى : جمع يقظ (ككتف) أيقاظ وجمع يقظان يقاظ (كرجال) وجمع يقظى صفة المرأة يقاظى (كعذارى)» اه

(٣) رجل ندس ـ كرجل وضخم وفرح ـ : إذا كان فهما سريع السمع ، وهو أيضا العالم بالأمور والأخبار. قال فى اللسان : «قال سيبويه : الجمع ندسون (بضم الدال) ولا يكسر لقلة هذا البناء فى الصفات ؛ ولأنه لم يتمكن فيها للتكسير كفعل (بكسر العين) فلما كان كذلك وسهلت فيه الواو والنون تركوا التكسير وجمعوه بالواو والنون» اه

١٢١

وفطن (١) ، وقد جاء أفعال فى جمع فعل اسما أيضا كعضد وأعضاد وعجز وأعجاز ؛ وحكى أبو عمرو الشيبانى يقظ ويقاظ كما فى الاسم نحو سبع وسباع ، وهو فى فعل الاسمى قليل كما ذكرنا فكيف بالصفة التى هى أقل تمكنا منه فى التكسير ، والحق أن يقاظا جمع يقظان لكون فعال غالبا فى فعلان كعطاش وجياع فى عطشان وجوعان.

قوله «ونحو جنب على أجناب» فعل فى الصفات فى غاية القلة ، فلا يكسر إلا على أفعال ، وإنما اختاروه لخفته ، وحكى جناب وجنبان.

فأوزان الثلاثى من الصفات التى جاء لها تكسير سبعة ، وأعم جموعها أفعال ؛ فانه يجىء لجميعها كما ذكرنا ، نحو أشياخ وأجلاف وأحرار وأبطال وأيقاظ وأنكاد وأجناب ، ثم فعال لمجيئه لثلاثة منها ، نحو صعاب وحسان ووجاع ، وبواقى جموعها متساوية : أما الأمثلة الثلاثة الباقية من الصفات ففعل كحطم (٢) وختع (٣) وفعل كأتان إبد : أى ولود ، وامرأة بلز : أى ضخمة ، ولا غيرهما (٤)

__________________

(١) رجل فطن ـ كعضد وكتف وفلس ـ وفطين وفطون وفطونة. كفروقة ـ : أى غير غبي ، وقد جمعوه على فطن ـ بضم فسكون ،

(٢) الحطم : الراعى الذى يعنف ويشتد فى سوقه ، وقال الراجز :

قد لفّها اللّيل بسوّاق حطم

ليس براعى إبل ولا غنم

وفى المثل «شر الرعاء الحطمة» قال ابن الأثير : هو العنيف برعاية الابل فى السوق والايراد والاصدار ويلقى بعضها على بعض ويعسفها. ضربه مثلا لوالى السوء

(٣) الختع : الحاذق فى الدلالة ، وهو السريع المشي الدليل ، ويقال : رجل ختع وختعة (بضم ففتح فيهما) وختع (ككتف) وخوتع (ككوثر)

(٤) قوله «ولا غيرهما» أراد لم يأت على فعل ـ بكسر أوله وثانيه ـ من الصفات إلا هاتان الكلمتان

١٢٢

وفعل كسوى (١) وعدى ، (٢) ولا غيرهما ، (٣) فلم يسمع فيها تكسير ، وقولهم أعداء جمع عدوّ كأفلاء جمع (٤) فلو ، لا جمع عدى.

__________________

(١) سوى : هو وصف فى نحو قولهم : مكان سوى ، قال الله تعالى : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) : أى مكانا معلما معروفا ، وقالوا : هذا رجل سوى والعدم ؛ يريدون وجوده وعدمه سواء ، والسين مكسورة أو مضمومة فيهما ، وقالوا : مكان سوى ـ بكسر السين وضمها أيضا ـ وسواء : أى نصف عدل ووسط

(٢) عدى : هو وصف فى نحو قولهم : قوم عدى. قال شاعر الحماسة (يقال هو زرارة بين سبيع الأسدي ، ويقال هو نضلة بن خالد الأسدى) :

إذا كنت فى قوم عدى لست منهم

فكل ما علفت من خبيث وطيّب

وقال الأخطل :

ألا يا اسلمى يا هند هند بنى بدر

وإن كان حيّانا عدى آخر الدّهر

وقد قال الأصمعي : «يقال هؤلاء قوم عدى مقصور يكون للأعداء وللغرباء ولا يقال قوم عدى (بضم أوله) إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة فى وزن قضاة» ويشهد للمعنى الأول بيت الأخطل وللمعنى الثانى بيت الحماسى ، وقد تكون اسم جمع قال فى اللسان : «وأما عدى وعدى فاسمان للجمع لأن فعلا وفعلا ليسا بصيغتى جمع إلا لفعلة أو فعلة (بكسر أوله وضمه) وربما كانت لفعلة وذلك قليل كهضبة وهضب ، وبدرة وبدر» اه

(٣) «قوله ولا غيرهما» ليس صحيحا ، فقد حكى كثير من العلماء منهم ابن برى فى حواشى الصحاح : ماء روى ، وماء صرى ، وملامة ثنى ، وواد طوى ، ولحم زيم ، وسبي طيبة ، وكل ذلك بكسر أوله وفتح ثانيه ، وقد جاء فى بعضه ضم أوله

(٤) الفلو ـ كعدو ، وكسمو ، وكقنو : الجحش والمهر إذا فطم. قال الجوهرى : لأنه يفتلى : أي يفطم. قال

١٢٣

قال : «ويجمع الجميع جمع السّلامة للعقلاء الذكور ، وأمّا مؤنّثه فبالألف والتّاء لا غير ، نحو عبلات وحلوات وحذرات ويقظات ، إلّا نحو عبلة وكمشة فإنّه جاء على عبال وكماش ، وقالوا علج فى جمع علجة»

أقول : قال سيبويه : يجمع فعلة نحو حسنة على حسان ، ولا يجمع على فعال إلا ما جمع مذكره عليه ، كما تقول فى جمع حسن وحسنة : حسان ، ولما لم يقل فى جمع بطل بطال لم يقل فى جمع بطلة أيضا ، فكل صفة على فعل جمعت على فعال يجمع مؤنثها أيضا عليه ، فهذا الذى قاله سيبويه مخالف قول المصنف.

قوله «إلا نحو عبلة (١)» قال سيبويه : كل ما هو على فعلة من الأوصاف يكسر على فعال نحو كمشة وكماش ، والكمش : السريع الماضى ، وجعدة وجعاد ، (٢) وذلك لكثرة مجىء هذا البناء ، فتصرفوا فى جمعه ، وأما علج

__________________

دكين

كان لنا وهو فلوّ نرببه

مجعثن الخلق يطير زغبه

ومعنى نرببه نربيه ، وأصل نربيه نرببه بثلاث باءات فلما استثقلوا ثلاثة الأمثال فلبوا ثالثها ياء ، كما قالوا : تظنى وتقضى ، فى تظنن وتقضض ، قال الراجز :

* تفضّى البار هوى ثمّ كسر*

ومعنى مجعثن الخلق غليظه ، شبه بأصل الشجرة فى غلظه ، وأصل الشجرة يقال له جعثن بزنة زبرج

(١) العبلة : الضخمة من كل شىء ، وتجمع على عبلات وعبال مثل ضخمة وضخمات وضخام

(٢) الجعد من الرجال : المجتمع بعضه إلى بعض ، والسبط الذى ليس بمجتمع ، وقيل : الجعد من الرجال الخفيف ، والجعد من الشعر خلاف السبط ، وقيل : هو القصير ، والأنثى جعدة ، والجمع جعاد وجعدات

١٢٤

فى جمع علجة فلجريه مجرى الأسماء نحو كسرة وكسر ، والعلج : العظيم من حمر الوحش.

قال : «وما زيادته مدّة ثالثة فى الاسم نحو زمان على أزمنة غالبا ، وجاء قذل وغزلان وعنوق ، ونحو حمار على أحمرة وحمر غالبا ، وجاء صيران وشمائل ؛ ونحو غراب على أغربة ، وجاء قرد وغربان وزقّان ؛ وغلمة قليل ، وذبّ نادر ، وجاء فى مؤنّث الثّلاثة أعنق وأذرع وأعقب ؛ وأمكن شاذّ»

أقول : اعلم أن أفعلة مطرد فى قلة فعال ، كأزمنة وأمكنة وأفدنة (١) وأقذلة (٢) ، وقد يكون فى بعض الأسماء للكثرة أيضا ، كأزمنة وأمكنة ، والغالب فى كثرته فعل كقذل وفدن ، وإن شئت خففته فى لغة تميم بإسكان العين ، وما كان منقوصا كسماء وأسمية ، وهو المطر ، ودواء وأدوية ؛ اقتصر فى قلته وكثرته على أفعلة كراهة التغير الذى يتأدى الأمر إليه لو جمع على فعل ، إذ كانوا يقولون سم ودو ، كأدل ، فيكون الجمع الكثير على حرفين ؛ فإن قيل : فهلا خففوا باسكان العين كما فى عنق ، حتى لا يؤدى إلى ما ذكرت ، قيل : التخفيف ليس فى كلام جميع العرب ، وليس بلازم أيضا فى كلام من يجفف ، وأيضا فالمخفف

__________________

(١) أفدنة : جمع فدان ـ بفتح الفاء وتخفيف الدال ، وقد تشدد ـ وهو الذى يجمع أداة الثورين في القران للحرث ، وقيل : هو الثوران يقرنان فيحرث عليهما ، ولا يقال للواحد : فدان ، وقيل : يقال ، وجمع الفدان مخففا أفدنة ؛ كأرغفة ، وفدن ، كسحب ، وجمع المثقل فدادين

(٢) القذال ـ كسحاب ـ : ما بين الأذنين من مؤخر الرأس ، وجمعه أقذلة وقذل ، وتقول : قذله قذلا ـ من باب نصر ، إذا ضرب قذاله أو عابه أو تبعه

١٢٥

فى حكم المثقل ، ألا ترى إلى قولهم قضو الرّجل ، بالواو التى كانت بدلا من الياء للضمة ، كيف بقيت مع حذف الضمة.

قوله : «وغزلان» جاء فعلان فى فعال ، وليس من بابه ، لكنه لتشبيه فعال بفعال كغربان وحيران ، فى غراب وحوار (١).

قوله «وعنوق» ليس هذا موضعه ؛ لأن العناق مؤنث ، وهو الأنثى من ولد المعز ، يقال فى المثل : «العنوق بعد النوق (٢)» فى الذى يفتقر بعد الغنى ؛ وقد أورده سيبويه على الصحة فى جمع فعال المؤنث ، قال : حق فعال فى المؤنث أفعل كعناق وأعنق ، لكن فعولا لما كان مؤاخيا لأفعل فى كثير من المواضع ؛ إذ هو فى الكثير كأفعل فى القليل ؛ جمعوه فى الكثير على عنوق ، وكذا قالوا فى سماء بمعنى المطر : سمىّ ؛ لأنه يذكر ويؤنث ، يقال : أصابتنا سماء : أى مطر.

قوله «ونحو حمار على أحمرة» فعال وفعال يتساويان فى القليل والكثير ، إذ لا فرق بينهما إلا بالفتحة والكسرة المتقاربتين ؛ فأحمرة للقلة ، وحمر للكثرة

وقد يخفف فعل فى تميم ، وقد يستغنى بجمع الكثرة عن جمع القلة ، نحو ثلاثة جدر وأربعة كتب ، ولا يقال : أجدرة ، ولا أكتبة ، والمضاعف منه

__________________

(١) الحوار ـ كغراب وككتاب ـ : ولد الناقة ساعة يولد ، وقيل : إلى أن يفصل عن أمه ، وجمعه أحورة ، وحيران ، وحوران ، وفى المثل : «حرك لها حوارها تحن»

(٢) قال فى اللسان : «قال ابن سيده ، وفى المثل «هذه العنوق بعد النوق» ، يقول : مالك العنوق بعد النوق ، يضرب للذى ينحط من علو إلى سفل ، والمعنى أنه صار يرعى العنوق بعد ما كان يرعى الابل ، وراعى الشاء عند العرب مهين ذليل ، وراعى الابل عزيز شريف» اه

١٢٦

لا يجىء إلا على أفعلة فى القلة والكثرة ، نحو خلال (١) وأخلّة ، وعنان (٢) وأعنّة ؛ لاستثقالهم التضعيف المفكوك ، ولا يجوز الإدغام لما يجىء فى بابه ، وكذا الناقص واويا كان أو يائيا ، لا يجىء إلا على أفعلة كما ذكرنا فى فعال بفتح الفاء ، قال سيبويه : وفعال بفتح الفاء فى جميع الأشياء بمنزلة فعال بالكسر ، والأجوف الواوى منه مسكن العين : كأخونة (٣) وخون ، وأبونة (٤) وبون ، استثقلت الضمة على الواو ، وقد يضطر الشاعر فيردها إلى أصله من الضم قال :

٥٦ ـ عن مبرقات بالبرين وتب*

دو بالأكفّ اللّامعات سور (٥)

وإن كان الأجوف يائيا بقيت الياء مضمومة ؛ إذ الضمة عليها ليست فى ثقل الضمة على الواو ؛ فيقال فى جمع عيان ، وهو حديدة الفدان : «عين» كما قالوا فى

__________________

(١) الخلال : ما تخلل به الأسنان ، وهو أيضا عود يجعل فى لسان الفصيل لئلا يرضع

(٢) العنان : سير اللجام الذى تمسك به الدابة

(٣) الخوان ـ ككتاب وغراب ـ : ما يوضع عليه الطعام ، وضع بالفعل أو لم يوضع ، والمائدة : ما يكون عليه الطعام بالفعل ، وقيل : هما واحد ، وانظر (ج ١ ص ١١٠)

(٤) البوان ـ ككتاب وغراب ـ : أحد أعمدة الخباء ،

(٥) هذا البيت من قصيدة لعدى بن زيد العبادي أولها قوله :

قد حان إن صحوت أن تقصر

وقد أتى لما عهدت عصر

وبعده بيت الشاهد ، ثم قوله :

بيض عليهنّ الدّمقس وفى ال

أعناق من تحت الأكفّة درّ

حان : قرب ، صحوت : أفقت من السكر ، تقصر : تقلع وتكف عما أنت عليه ، وعصر ـ بضمتين ـ لغة فى العصر ـ بفتح فسكون ـ وقوله : «عن مبرقات» متعلق بتقصر ، ومبرقات : جمع مبرقة اسم فاعل من أبرقت المرأة إذا تحسنت ، والبرين : جمع برة ـ بضم ففتح ـ وهى الخلخال ، والسور : جمع سوار

١٢٧

بيوض : بيض (١) ومن خفف من بنى تميم كسر الضم لتسلم الياء ؛ فتقول : عين ؛ كما قالوا بيض فى جميع أبيض ، وجاء فيه فعلان كصيران فى صوار ، وهو القطيع من بقر الوحش ، حملا على فعال ؛ لأن فعلان بابه فعال بالضم ، وما حمل عليه من فعل كصردان ونغران (٢) كما ذكرنا

قوله «وشمائل» ليس هذا موضع ذكره كما قلنا فى عنوق ؛ لأن شمالا مؤنث بمعنى اليد ، والقياس أشمل كأذرع ، وفعائل فى جمع فعال جمع لم يحذف من مفرده شىء ؛ فشمال وشمائل كقمطر (٣) وقماطر ، وهو جمع ما لحقته التاء من هذا المثال كرسالة ورسائل ، ولما كان شمال فى تقدير التاء جعل كأن التاء فيه ظاهرة فجمع جمعه

قوله «ونحو غراب على أغربة» وهو يساوى فى القلة أخويه (٤) : أى

__________________

وهو ما تلبسه المرأة فى ساعدها. يقول : قد حان لك أن تكف عن الصبوة إلى النساء اللائى يتجملن بالخلاخيل والأسورة ، والاستشهاد بالبيت على أن ضم الواو فى «سور» لضرورة الشعر

(١) تقول : دجاجة بيوض وبياضة ، ودجاج بيض ، إذا كانت تبيض كثيرا.

(٢) الصرد : طائر ضخم الرأس ... أنظر (ج ١ ص ٣٥ ، ٢٨١) والنغر : طائر أحمر المنقار كالعصفور ، وأهل المدينة يسمونه البلبل. أنظر (ج ١ ص ٢٨١)

(٣) القمطر : الجمل القوي السريع ، وهو أيضا ما تصان فيه الكتب. أنظر (ج ١ ص ٣ ، ٥١)

(٤) يريد أن فعالا ـ كغراب ـ يساوى فى القلة أخويه ، وهما فعال ـ بالفتح ـ وفعال ـ بالكسر ـ وقد وقع في بعض النسخ «أخونة» وهو جمع خوان. وليس بشيء

١٢٨

يجمع على أفعلة كأغربة وأخرجة (١) وأبغثة (٢) وبابه فى الكثير فعلان كغلمان وخرجان وغربان وذبّان (٣) وجاء على فعلان مضموم الفاء لغتان فقط وهما حوران وزقّان ، فى حوار وزقاق ، والباقى مكسورها ، وقد يقتصر فى بعض ذلك على أفعلة للقلة والكثرة كأفئدة ، وقد يحمل فعال بالضم على فعال بالكسر لتناسب الحركتين ؛ فيقال قرد فى قراد كجدر فى جدار ، وهو قليل نادر ، ومثله ذبّ وأصله ذبب ، والإدغام بناء على مذهب بنى تميم فى تخفيف نحو عنق وإلا فحق فعل أن لا يدغم كما يجىء فى باب الادغام ، وأما علمة فنائب عن أغلمة لتشابههما فى كونهما للقلة فى اللفظ ، والدليل على نيابته عنه أنك إذا صغرت غلمة رجعت إلى القياس نحو أغيلمة ، وجاء فى فعال فواعل شاذا ، كدواخن وعوائن ، فى دخان وعثان ، بمعناه ، وليس لهما ثالث

قوله «وجاء فى مؤنث الثلاثة أفعل» فرقوا بين مذكرها ومؤنثها ، ولما كان تاء التأنيث فيها مقدرا كما فى العدد القليل نحو ثلاث وأربع جمعوها جمع القلة غالبا ، وأثبتوا التاء فى جمع قلة المذكر فقالوا أفعلة ، وحذفوها فى جمع قلة المؤنث فقالوا أفعل ، كما فى العدد ، وإذا ظهر التاء فى الأمثلة الثلاثة كجمالة (٤)

__________________

(١) أخرجة : جمع خراج ـ كغراب ـ وهو ما يخرج فى البدن من القروح

(٢) أبغثة : جمع بغاث ، وهو ضرب من الطير أبيض بطىء الطيران صغير دوين الرخمة : (أنظر ج ١ ص ١١١)

(٣) الذبان ـ بكسر الذال ـ : جمع ذباب بغير هاء ، ولا يقال : ذبابة ، وجمع أيضا على أذبة ، مثل غراب وأغربة وغربان ، قال النابغة :

* ضرّابة بالمشفر الأذبّة*

(٤) الجمالة بتثليث أوله : الطائفة من الجمال ، وقيل : هي القطعة من النوق لا جمل فيها ، وقال ابن السكيت : يقال للابل إذا كانت ذكورة ولم يكن فيها أنثى : هذه جمالة بنى فلان

١٢٩

وذؤابة (١) وصلاية (٢) لم يكسر جمع [القلة] إذ لا يشابه العدد القليل فى تقدير التاء ، بل يجمع : إما بالألف والتاء ، أو يكسر على فعائل أو فعل كما يجىء قوله «وأمكن شاذ» ويجوز أن يكون أزمن مثله جمع زمان لا جمع زمن ، وإنما جاز جمعهما على أفعل لحملهما على فعال المؤنث مع تذكيرهما ، كما حمل شمال المؤنث المجرد عن التاء على ذى التاء نحو رسالة فقيل شمائل كرسائل ، وحمل أيضا على فعال المذكر فقيل شمل ، قال :

٥٧ ـ * فى أقوس نازعتها أيمن شملا (٣)

وكذا حمل فعال المؤنث كعقاب على المذكر نحو غراب فقيل : عقبان كغربان

__________________

(١) الذؤابة ـ بضم أوله ـ الناصية ، أو منبتها من الرأس ، وشعر فى أعلى ناصية الفرس ، وأعلى كل شىء ، أنظر : ١ ـ ٢١٣)

(٢) الصلابة : مدق الطيب ، وكل حجر عريض يدق عليه ، وهى أيضا الجبهة ، وجمعه صلى وصلى ـ بضم أوله وكسره ـ ويقال : صلاءة ، بقلب الياء همزة والقياس سلامتها لكون الكلمة قد بنيت عليها ، وسيأتى للرضى فى باب الاعلال أن يذكر أن ذلك القلب شائع مقيس فى كل ما كان مختوما بتاء الوحدة من أسماء الأعيان كعباية وعباءة وعظاية وعظاءة

(٣) هذا عجز بيت للازرق العنبرى وهو من شواهد سيبويه ، وصدره قوله : ـ

* طرن انقطاعة أو تار محظربة*

والبيت فى وصف طير ، شبه صوتها فى سرعة طيرانها بصوت الأوتار وقد انقطعت عن القوس عند الجذب ، وانقطاعة : مصدر مبين للنوع ، وهو مفعول مطلق ، والمحظربة : المحكمة الفتل ، والأقوس : جمع قوس ، والأيمن : جمع يمين ، والشمل : جمع شمال مثل جدار وجدر ، والاستشهاد بالبيت فى «شمل» حيث جمع شمالا عليه ، والمستعمل أشمل فى القليل وشمائل فى الكثير

١٣٠

ومؤنث فعيل المجرد عن التاء كمؤنث الثلاثة المذكورة ، نحو يمين وأيمن ، وقد كسر على أيمان أيضا ، لاشتراك أفعل وأفعال فى كثير من أبواب الثلاثى كأفرخ وأفراخ

قال : «ونحو رغيف على أرغفة ورغف ورغفان غالبا ؛ وجاء أنصباء وفصال (١) وأفائل ؛ وظلمان قليل ، وربّما جاء مضاعفه على سرر ، ونحو عمود على أعمدة وعمد ، وجاء قعدان (٢) وأفلاء وذنائب»

أقول : اعلم أن فعيلا مثل فعال فى أن الزيادة فيه مدة ثالثة ، وفى عدد الحروف ، فقلّته كقلتها ، نحو أجربة (٣) وأقفزة (٤) وأرغفة ، وأما صبية فنائب عن أصبية كما قلنا فى أغلمة ؛ ولهذا يصغر [صبية] على أصيبية ويكسّر فى الكثرة على فعل كما يكسر فعال بفتح الفاء وكسرها عليه ، نحو قذل وحمر ؛ وذلك نحو قضب (٥) وعسب (٦) ورغف وسرر ؛ ويكسر على فعلان أيضا

__________________

(١) الفصال : جمع فصيل ، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه

(٢) القعدان : جمع قعود ـ كعمود ـ وهو من الابل البكر الذكر إذا أتى عليه سنتان

(٣) الأجربة : جمع جريب وهو المزرعة ، والوادى ، ومكيال يسع أربعة أقفزة ، ومقدار معلوم من الأرض يساوى ما يحصل من ضرب ستين ذراعا فى نفسها : أى ستمائة ذراع وثلاثة آلاف ذراع

(٤) الأقفزة : جمع قفيز ، وهو مكيال يسع ثمانية مكاكيك ، والمكوك : مكيال يسع صاعا ونصف صاع ، والقفيز من الأرض قدر مائة وأربع وأربعين ذراعا

(٥) القضب : جمع قضيب ، وهو السهم الدقيق ، والناقة التى لم ترض ، وهن الانسان وغيره من الحيوان

(٦) العسب : جمع عسيب ، وهو عظم الذنب ، والجريدة من النخل

١٣١

وهو فى الغلبة كفعل سواء ، نحو رغفان وكثبان (١) وقلبان (٢) وربما كسر على أفعلاء كأنصباء (٣) وأخمساء ، وعلى فعال أيضا كإفال (٤) تشبيها بفعيل فى الوصف نحو ظراف ورام ، وأما أفائل (٥) ونظائره فلحمل فعيل المذكر على فعيلة ذى التاء كما حمل فعيلة على فعيل المذكر فى نحو صحف وسفن جمع صحيفة وسفينة

قوله «وظلمان (٦) قليل» حكى أحمد بن يحيى ظليم وظلمان وعريض ـ وهو التيس ـ وعرضان ، وجاء صبى وصبيان ، وقال بعضهم فى ضرير (٧) : ضرّان ، والضم فيه أشهر

قوله «وربما جاء مضاعفه» يعنى أن الأصل أن يكسر على فعل ـ بضمتين ، ولكن حكى أبو زيد وأبو عبيدة أن ناسا فتحوا عين سرر فقالوا : سرر ، والأشهر الضم وجاء شاذا فى فعيل المذكر أفعل حملا على المؤنث ، قال :

٥٨ ـ * حتّى رمت مجهوله بالأجنن (٨) *

__________________

(١) الكثبان : جمع كثيب ، وهو ما اجتمع واحدودب من الرمل

(٢) القلبان : جمع قليب ، وهى البئر

(٣) الأنصباء : جمع نصيب ، وهو الحظ من كل شىء

(٤) الأخمساء : جمع خميس ، وهو أحد أيام الاسبوع ، والجيش. وقيل : الجرار منه ، وقيل : الخشن منه

(٥) الافال والأفائل : جمع أفيل ـ كرغيف ، وهو ابن المخاض فما فوقه ، والفصيل ، وفى المثل : إن القرم من الأفيل : أى إن الكبير من الصغير

(٦) الظلمان : جمع ظليم ، وهو الذكر من النعام

(٧) الضرير : ذاهب البصر ، والمريض المهزول ، وكل شىء خالطه ضر فهو ضرير.

(٨) هذا بيت من الرجز المشطور من أرجوزة طويلة لرؤية بن العجاج

١٣٢

قوله «ونحو عمود» فعول يكسر فى القلة على أفعلة كفعيل سواء ، والغالب فى كثرته فعل وفعلان فى غير الناقص الواوى ، كما فى فعيل ، وأما الناقص فبابه أفعال كأفلاء وأعداء ، وجاء فيه فعول قليلا ، نحو فلىّ بضم الفاء وكسرها ، وإنما لم يقولوا فيه فعل بضمتين لما ذكرنا فى باب سماء ورداء ، ولم يجىء أيضا فعلان كفلوان للاستثقال ، وحق باب عدوّ أن يجمع بالواو والنون ، لكنه لما استعمل استعمال الأسماء كسر تكسيرها ، والمؤنث منه فعائل كذنوب (١) وذنائب ، ويجمع على فعل ؛ فصار فعول فى المؤنث مخالفا لفعال وفعيل

__________________

يمدح فيها بلال بن أبى بردة ، وفبل الشاهد قوله :

واجتزن فى ذى نسع ممحّن

تفتنّ طول البلد المفتّن

وبعده بيت الشاهد ، ثم قوله :

سرين أو عاجوا بلا ملهّن

وخلّطت كلّ دلاث علجن

يصف قطعه المفاوز على ناقته حتى وصل إلى الممدوح ، وهو بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرى

والنسع : جمع نسعة ، وهى السير بضفر على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال ، والممحن : الممدد ، وتفتن : تشق ، والمفتن : الذى على غير جهة واحدة ، والأجنن جمع جنين ، ويروى فى مكانه «الأجبن» بالباء الموحدة من تحت ، وهو جمع جبين ، والملهن : مصدر ميمى بمعنى التلهين ، وهو إعطاء اللهنة ـ كغرفة ـ وهى الزاد يتعلل به قبل الغداء ، ويراد منه هنا الزاد مطلقا ، فهو يعنى أنه يعود بغير صلة. والدلاث ـ بكسر الدال ـ : اللينة الأعطاف ، والعلجن : الناقة المكتنزة اللحم ، وقد استشهد المؤلف بالبيت على أنه جمع جنينا على أجنن شذوذا لأن أفعل إنما يجمع عليه فعيل وشبهه إذا كان مؤنثا نحو ذراع وأذرع وعناق وأعنق ويمين وأيمن ، وكذلك هو فى الرواية التى أخبرناك خبرها ؛ إذ الجبين ليس مؤنثا حتى يجمع على أجبن

(١) الذنوب : الحظ والنصيب. قال تعالى : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ

١٣٣

مؤنثات ، وذلك لأنه ألحق بذى التاء ، أعنى فعولة ، فى الجمع لكونه أثقل من أخواته بسبب الواو ، فكأن مؤنثه المجرد عن التاء ذو تاء نحو تنوفة وتنائف (١) ، بخلاف الأربعة المذكورة ، وقيل فى قدوم وهو مذكر : قدائم (٢) ، تشبيها بالمؤنث نحو ذنوب ، والأصل القدم ، كما جاء فى نظير نظائر ، وهو شاذ ، قال على رضى الله تعالى عنه : حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ، وإن اتفقت التاء فى الأمثلة المذكورة ، نحو رسالة وتنوفة وجفالة (٣) وكتيبة (٤) وكفالة ، فلا يكسر إلا على فعائل ، ولم يذكره المصنف ، وإذا سمى بشىء من هذه الأبنية ولم يعلم تكسيرها كسرت على القياس ، كما تقول مثلا فى بهاء ونداء علمين : أبهية وأندية ، وقس عليه

قال : «الصّفة. نحو جبان على جبناء وصنع وجياد ، ونحو كناز على

__________________

ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) وقال أبو ذؤيب :

لعمرك والمنايا غالبات

لكلّ بنى أب منها ذنوب

والذنوب أيضا الدلو فيها ماء ، وقيل : هي التى يكون الماء دون ملئها ، وقيل : هى الدلو الملأى ، وقيل : هى الدلو ما كانت

(١) التنوفة : القفر من الأرض ، قال الشاعر وكان قد أتى صنما اسمه سعد يستقسم عنده فلم يحمده :

وما سعد إلّا صخرة بتنوفة

من الأرض لا يدعو لغىّ ولا رشد

وقيل : التنوفة : التى لا ماء بها من الفلوات ولا أنيس وإن كانت معشبة

(٢) قال فى اللسان : «القدوم التى ينحت بها ، مخفف أنثى» اه وعلى هذا فجمعه على قدائم قياس مثل حلوبة وحلائب ، وقلوص وقلائص ، وفى القاموس ما يؤيد ذلك حيث قال : «القدوم آلة للنجر مؤنثة. الجمع قدائم وقدم» اه ، فقول المؤلف إن جمعه على قدائم شاذ لكونه مذكرا غير مسلم

(٣) الجفالة ـ بضم أوله ـ : الجماعة من الناس ذهبوا أو أتوا

(٤) الكتيبة : الجيش ، أو القطعة العظيمة منه

١٣٤

كنز وهجان ، ونحو شجاع على شجعاء وشجعان وشجعة ، ونحو كريم على رماء وكرام ونذر وثنيان وخصيان وأشراف وأصدقاء وأشحّة وظروف ، ونحو صبور على صبر غالبا ، وعلى ودداء وأعداء»

أقول : جعل سيبويه فعلا هو الأصل فى جمع فعال الصفة ، قال : فعال بمنزلة فعول ، قالوا : جماد وجمد كصبور وصبر ، وجاء فى بنات الواو فعل بسكون العين نحو نوار (١) ونور وعوان (٢) وعون ، سكن والأصل الضم ، ثم قال سيبويه : رجل جبان وقوم جبناء ، شبهوه بفعيل لكونه مثله فى الصفة والزنة والزيادة ، وأيضا يمتنع مثله من التاء ، وقال بعضهم : امرأة جبانة ، فعلى هذا لا يمتنع جمعه بالواو والنون ؛ فجبناء كظرفاء ، وجاء على فعال قليلا كجواد للفرس وحياد

قوله «ونحو كناز» هو المكتنز اللحم ، يستوى فيه المذكر والمؤنث ، نحو ناقة كناز وجمل كناز ، وكذا رجل لكاك : أى قليل اللحم ، وامرأة لكاك ، وجمل دلاث ، وهو السريع السير ، وناقة دلاث ، وجمعه كجمع فعال بالفتح على فعل فى الغالب

قوله «وهجان» هذا هو مذهب الخليل وسيبويه ، تقول : هذا هجان : أى كريم خالص ، وهذان هجانان ، وهؤلاء هجان ، شبهوا هجانا الواحد بفعيل ، فكما يجمع فعيل على فعال ككريم على كرام جمعوا فعالا على فعال ؛ ففعال فى المفرد ككتاب وفى الجمع كرجال ، وذكر الجرمى هذا هجان وهذان هجان

__________________

(١) النوار : المرأة النفور من الريبة ، وقيل : هى النفور من الظباء والوحش وغيرها ، وجمعها نور ـ بسكون الواو ـ وأصله نور ـ بضم الواو ـ كقذال وقذل ، إلا أنهم كرهوا الضمه على الواو فحذفوها

(٢) العوان ـ كسحاب ـ : هى من البقر وغيرها النصف فى سنها : أى التى بين الصغيرة والمسنة. انظر (ج ١ ص ٩٥)

١٣٥

وهؤلاء هجان ، المفرد والمثنى والمجموع بلفظ واحد ؛ لجريه مجرى المصدر ، وفى دلاص ما فى هجان من المذهبين ، وكذا شمال فى الأسماء بمعنى الطّبع واحد وجمع ، كما قال أبو الخطاب (١) ومنه قوله

٥٩ ـ وما لومى أخى من شماليا (٢)

أى : من شمائلى ، ويجمع شمال على شمائل ، كجمع هجان على هجائن ؛ حملا للمذكر على المؤنث ، ويجوز أن يكونا جمعين لمفردين وللجمعين

قوله «ونحو شجاع على شجعاء وشجعان» قال سيبويه : فعال بمنزلة فعيل ؛ لأنهما أخوان فى بعض المواضع ، نحو طوال وطويل وبعاد وبعيد وخفاف وخفيف ، ويدخل فى مؤنثه التاء كما يدخل فى مؤنث فعيل ، نحو امرأة طويلة وطوالة ، فلما كان بمعناه وعديله جمع على فعلان وفعلاء كما يجمع فعيل عليهما هذا قوله ، والظاهر أن فعالا مبالغة فعيل فى المعنى ؛ فطوال أبلغ من طويل ، وإذا أردت زيادة المبالغة شدّدت العين فقلت طوّال

__________________

(١) أبو الخطاب : هو الأخفش الكبير شيخ سيبويه

(٢) هذه قطعة من بيت لعبد يغوث الحارثي ، وهو مع بيت سابق عليه

ألا لا تلومانى كفى اللّوم ما بيا

فما لكما فى الّلوم خير ولاليا

ألم تعلما أنّ الملامة نفعها

قليل وما لومى أخى من شماليا

والاستشهاد بالبيت على ن شمالا بمعني الطبع يكون واحدا وجمعا ، والمراد هنا الجمع ، قال سيبويه : «وزعم أبو الخطاب أن بعضهم يجعل الشمال جمعا» اه. وقال السيرافى هو فى هذا البيت جمع ، وتبعه ابن جنى فقال فى سر الصناعة : «وقالوا أيضا فى جمع شمال وهى الخليقة والطبع : شمال. قال عبد يغوث* وما لومى أخى من شماليا* أى : من شمائلى» اه ، وإنما قيدوا الشمال بمعنى الطبع للاحتراز عن الشمال بمعنى الريح فأنه لم يقل أحد إنها تكون جمعا ومفردا وفى شينها الفتح والكسر ، بخلافها بمعنى الطبع ، فان شينها مكسورة لا غير

١٣٦

قوله «ونحو كريم على كرماء وكرام» هذان غالبان فيه ، والمضاعف من فعيل يكسر على أفعلاء بدل فعلاء نحو شديد وشداد وأشدّاء وشحيح وشحاح وأشحّاء ؛ استثقالا لفك الإدغام لو قالوا شححاء ، وأفعلاء فى الصحيح قليل كأصدقاء ، وقد يكسر المضاعف على أفعلة أيضا ؛ إذ هو نظير أفعلاء ، إلا أن بدل ألف التأنيث هاؤه ، وقد جاء أفعلة فى جمع فعيل اسما أيضا ، كما مر ، نحو أجربة وأكثبة ، وكذا عدلوا فى الناقص الواوى واليائى من فعلاء إلى أفعلاء كأغنياء وأشقياء وأقوياء ، استثقالا لفعلاء فى مثله ، قالوا : وشذ تقى وتقواء ، ولما شذ غيروا الياء فيه إلى الواو ، وحكى الفراء سرىّ وسرواء وأسرياء (١) ، وما كان فى هذا البناء من الأجوف ، واويا كان أو يائيا ، فلا يبنى على فعلاء وعلى أفعلاء ، بل على فعال كطوال وقوام ، فى طويل وقويم (٢)

وكسر فعيل على فعل تشبيها بفعيل الاسمى ؛ وذلك نحو نذر وجدد (٣) وسدس (٤)

__________________

(١) قال فى اللسان : «ورجل سري من قوم أسرياء وسرواء كلاهما عن اللحيانى ، والسراة (بفتح السين) اسم للجمع وليس بجمع عند سيبويه. قال ودليل ذلك قولهم سروات» اه ، يريد أنه لو كان سراة جمعا لما جمع على سروات فجمعه على ذلك يدل على أنه ليس بجمع لأن جمع الجمع خلاف القياس ، وجمع اسم الجمع قياس كأقوام وأنفار وأرهط. ثم ذكر مذهبا آخر فى سراة فقال : «وقولهم قوم سراة جمع سرى جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة (بفتحات) قال : ولا يعرف غيره ، والقياس سراة مثل قضاة ودعاة وعراة»

(٢) القويم : المستقيم ، تقول : دين قويم ورمح قويم ، وقالوا : رجل قويم ـ ككريم ، وقوام ـ كشداد ، إذا كان حسن القامة ، والجمع لكل ذلك قوام كجبال

(٣) الجديد : ضد القديم ، والرجل العظيم الحظ ، ووجه الأرض ، والأتان السمينة ، والجمع جدد ـ كسرر جمع سرير

(٤) «السديس» : يقال ناقة سديس ، إذا أتت عليها السنة السادسة ، ويقال :

١٣٧

كما قيل فى الاسم : كثب ، وكذا قيل فى المضاعف : لذذ ولذّ (١) ، على حد رسل ورسل ، ومثل ذلك فى الناقص اليائى ثنىّ وثن (٢) والأصل ثنى كسدس ، وقد يخفف فيقال ثنى كسدس

وكسر على فعلان كثنيان وشجعان ، تشبيها بالاسم كجربان (٣) ورغفان

وعلى فعلان كخصيان تشبيها بظلمان

وجاء فيه أفعال كشريف وأشراف وأبيل وآبال (٤) تشبيها بشاهدو أشهاد وصاحب وأصحاب ؛ لأن فعيلا وفاعلا متساويان فى العدّة والزيادتين مع اختلاف موضعيهما فى البناءين

وأما ظروف فقد قال الخليل : هو جمع ظرف بمعنى ظريف ، وإن لم يستعمل ظرف بمعنى ظريف ، إلا أن هذا قياسه ، كما أن مذاكير جمع مذكار بمعنى ذكر ، وإن لم يستعمل ، وقال الجرمى : ظروف جمع ظريف ، وإن كان غير قياسى ، قال : والدليل على أنه جمعه أنك إذا صغرته قلت : ظريّفون. أقول : ولا

__________________

(١) اللذيذ : اسم من أسماء الخمر ، وتقول : هذا شىء لذيذ ؛ فيكون وصفا ، وجمعه لذذ ـ كسرر ـ فان سكنت لم يكن بد من الادغام ، فتقول : لذ ـ كقوم لد ،

(٢) الثنى من البعران : ما طعن فى السادسة ، ومن الخيل ما دخل فى الرابعة ومن الشاء والبقر ما دخل فى الثالثة ، والثني من الأضراس : الأربع التى فى مقدم الفم : ثنتان من فوق وثنتان من أسفل ،

(٣) الجربان : جمع جريب. انظر (ص ١٣١ من هذا الجزء)

(٤) الأبيل : العصا ، والحزين بالسريانية ، ورئيس النصارى أو الراهب أو صاحب الناقوس ، وجمعه آبال ـ كأجمال ، وأبل ـ كحمر ،

١٣٨

دليل فيما قال ، لما ذكرنا فى باب التصغير أن مشابه (١) يصغر على شبيه ، وإن كان خالف فيه أبو زيد

وقالوا فى سرىّ : سراة ، والظاهر أنه اسم جمع لا جمع ، كما يأتى

وقد جاء شى من فعيل بمعنى فاعل مستويا فيه المذكر والمؤنث ، حملا على فعيل بمعنى مفعول ، نحو جديد ، وسديس ، وريح خريق (٢) ، ورحمة الله قريب ؛ ويلزم ذلك فى سديس وخريق.

قوله «ونحو صبور على صبر غالبا» سواء كان للمذكر أو للمؤنث ، ويستوى فى هذا البناء المذكر والمؤنث ، والتاء فى فروقه (٣) وملولة (٤) للمبالغة ، فمن قال فروقة قال فروقات ، ومن قال فروق قال فى جمعه فرق ، كما ذكرنا فى شرح الكافية فى باب الجمع.

وقد يجمع مؤنث فعول المجرد على فعائل كعجوز وعجائز وقلوص وقلائص وجدود وجدائد (٥) وذلك لأن علامة التأنيث فيه مقدرة ، فكأنه فعولة كما ذكرنا فى فعيل الاسمى ، وفعائل أكثر فيه من فعل ، ولا سيما فيما اختص بالمؤنث

__________________

(١) قد مضى هذا الكلام كما ذكر هنا ، ومضى مذهب أبى زيد مع ردنا عليه فى (ح ١ ص ٢٦٩)

(٢) تقول : ريح خريق ؛ إذا كانت باردة شديدة هبابة ، وإذا كانت لينة سهلة ، فهو ضد ومثله ريح خروق ، والجمع فيهما خرائق وخرق ـ كسرر ـ ، ويقع فى بعض النسخ : ريح حريق ـ بالمهملة أوله ، وهي التى تحرق النبات لشدتها

(٣) تقول : رجل فروقة ، وأمرأة فروقة ، ورجل فاروقة ، وامرأة فاروقة ، ورجل فرق ـ ككتف وكعضد ـ إذا كان شديد الفزع

(٤) تقول : رجل ملول ـ كصبور ، ورجل ملولة ومالولة ، وملالة ـ كفهامة وامرأة ملول وملولة ، إذا كان شديد السأم

(٥) الجدود : ـ بفتح الجيم ـ النعجة التى قل لبنها

١٣٩

كقلوص وجدود ، ولا يجمع فعول جمع السلامة كما ذكرنا فى شرح الكافية

وقالوا : صفىّ ، للناقة الغزيرة وصفايا ؛ فيجوز أن يكون فعولا جمع على فعائل كقلوص وقلائص ، وأن يكون فعيلا حمل على فعيلة لكونه مؤنثا

وقالوا : ودداء ، فى جمع ودود ، وهو شاذ من وجهين : أحدهما أن فعولا لا يجمع على فعلاء بل هو قياس فعيل ، لكنه شبه به لموافقته له حركة وسكونا ، والثانى أن المضاعف لا يأتى فيه فعلاء فى فعيل أيضا ، بل أفعلاء نحو شديد وأشدّاء ، لكنه لما شذ الشذوذ الأول احتملوا الثانى ؛ فصار ودداء كخششاء (١) فى الاسم المفرد ، وإنما أدخلوا التاء عدوّة وإن كان يستوى المذكر والمؤنث فى هذا البناء حملا له على صديقة ، وقالوا فى الجمع عدوّ وصديق ، قال تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) وقال الشاعر :

٦٠ ـ * ودعها فما النّحوىّ من صديقها (٢) *

وجمع غدوّ على أعداء وإن لم يكن بابه ؛ لاستعماله استعمال الأسماء كما مر قبل

__________________

(١) الخششاء ـ كالرحضاء ـ : العظم الناتىء خلف الأذن وهما خششاوان ويقال فى الواحد : خشاء بالادغام

(٢) هذا بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج ، وقبله قوله :

تنحّ للعجوز عن طريقها

قد أقبلت رائحة من سوقها

وكان رؤبة يقعد بعد صلاة الجمعة فى رحبة بنى تميم فينشد ويجتمع الناس إليه فازدحموا يوما فضيقوا الطريق فأقبلت عجوز معها شىء تحمله فقال هذه الأبيات ، والاستشهاد به على أن صديقا فى قوله من صديقها مما يستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وهو في البيت للجمع من قبل أن «من» للتبعيض وليس يجوز أن يكون النحوى بعض صديق واحد فتعين أن يكون بعض أصدقاء وهذا هو المراد ، ومما يدل على ذلك قول قعنب ابن أم صاحب

ما بال قوم صديق ثمّ ليس لهم

دين وليس لهم عهد إذا اؤتمنوا

١٤٠