شرح شافية ابن الحاجب - ج ٢

الشيخ رضي الدين محمّد بن الحسن الاستراباذي النحوي

شرح شافية ابن الحاجب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ رضي الدين محمّد بن الحسن الاستراباذي النحوي


المحقق: محمّد محيى الدين عبد الحميد
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٨

وركاء (١) ودباب (٢) ، وجاء على فعل وكأنه مقصور فعال نحو هضبة (٣) وهضب وحلقة (٤) وحلق ، وقد جاء فيه فعول أيضا لأن فعولا وفعالا أخوان فى جمع فعل مذكر فعلة إلا أن فعولا ههنا قليل كمأنة (٥) ومؤون وبدرة (٦) وبدور ، وفى جمع فعل كثير ؛ لأن فعلا أخف من فعلة وأكثر استعمالا ؛ فكان أكثر تصرفا ، وإنما غلب فى فعلة فعال دون فعول لأنه أخف البناءين.

وإذا كان فعلة أجوف واويا فقد يجمع على فعل كدول ونوب (٧)

__________________

(١) الركاء : جمع ركوة ـ مثلثة الراء ـ وهى إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ، وتجمع على ركوات أيضا

(٢) الدباب : جمع دبة بفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة ـ وهى الكثيب من الرمل

(٣) الهضبة : كل صخرة راسية صلبة ضخمة ، وقيل : الجبل المنبسط على الأرض

(٤) الحلقة ـ بفتح الحاء وسكون اللام ـ : كل شىء مستدير كحلقة الحديد والفضة والذهب والناس ، وقد روى فى اللام الفتح ، قال فى اللسان : «وقد حكى سيبويه فى الحلقة فتح اللام وأنكرها ابن السكيت وغيره ، وقال اللحيانى : حلقة الباب وحلقته بأسكان اللام وفتحها ، وقال كراع : حلقة القوم وحلقتهم (باسكان اللام وفتحها) وحكى الأموى : حلقة القوم بالكسر (يريد كسر الحاء) ، قال : وهى لغة بني الحرث بن كعب» اه بتصرف

(٥) المأنة : قيل : هى الخاصرة ، وقيل : هى السرة وما حولها ، وقيل : هى لحمة تحت السرة إلى العانة

(٦) البدرة : جلد السخلة إذا فطمت ، وهى أيضا كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار

(٧) النوب : جمع نوبة ـ بفتح أوله وسكون ثانيه ـ وهى المصيبة من مصائب الدهر ، قال ابن جنى : مجىء فعلة (بفتح فسكون) على فعل (بضم

١٠١

وجوب (١) وليس هذا قياس فعلة ـ بفتح الفاء ـ بل هو محمول فى ذلك على فعلة ـ بضمها ـ نحو برقة وبرق ودولة ودول ، وقد جاء فى ناقصه فعل أيضا شاذا كقرية وقرى ، قال أبو على : وبروة (٢) وبرى ، قال : وهو الذى يجعل فى أنف البعير ، والمعروف فى هذا المعنى البرة ، وفى كتاب سيبويه نزوة (٣) ونزى ـ بالنون والزاى ـ ولا شك أن أحدهما تصحيف الآخر

__________________

ففتح) يريك كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة فكان نوبة نوبة (الأولى بفتح فسكون والثانية بضم فسكون) وإنما ذلك لأن الواو مما سبيله أن يأتى تابعا للضمة ، قال : وهذا يؤكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة» اه ملخصا من اللسان

(١) الجوب : جمع جوبة ـ بفتح فسكون وهى الحفرة المستديرة الواسعة وكل فضاء أملس سهل بين أرضين

(٢) قال فى اللسان : «والبرة الخلخال ، حكاه ابن سيده فيما يكتب بالياء ، والجمع براة (كقضاة) وبرى وبرين ، وبرين (بضم الباء وكسرها). والبرة : الحلقة فى أنف البعير وقال اللحيانى : هي الحلقة من صفر أو غيره تجعل فى لحم أنف البعير ، وقال الأصمعى : تجعل فى أحد جانبى المنخرين والجمع كالجمع (يريد أن جمعها بمعنى الحلقة كجمعها بمعنى الخلخال) على ما يطرد فى هذا النحو ، وحكى أبو على الفارسى فى الأيضاح بروة وبرى وفسرها بنحو ذلك ، وهذا نادر ، قال الجوهرى : قال أبو على : أصل البرة بروة ؛ لأنها جمعت على برى مثل قرية وقرى. قال ابن برى رحمه‌الله : لم يحك بروة فى برة غير سيبويه وجمعها برى ونظيرها قرية وقرى ، ولم يقل أبو على إن أصل برة بروة ؛ لأن أول برة مضموم وأول بروة مفتوح ، وإنما استدل على أن لام برة واو بقولهم : بروة لغة فى برة» اه بتصرف

(٣) النزوة : القصير ، وجبل بعمان كما ذكره فى القاموس ، وقال ياقوت فى معجم البلدان : «نزوة ، بالفتح ثم السكون وفتح الواو ـ والنزو : الوثب ، والمرة الواحدة نزوة : جبل بعمان وليس بالساحل ، عنده عدة قرى كبار يسمى مجموعها بهذا الاسم ، فيها قوم من العرب كالمعتكفين عليها وهم خوارج أباضية ، يعمل فيها صنف من الثياب منمقة بالحرير جيدة فائقة لا يعمل فى شىء من بلاد

١٠٢

وإذا كان أجوف يائيا لم يجز ضم فائه فى الجمع ، بل يكسر كحيم (١) وضيع (٢) كما قيل فى الصحيح هضب ، وليس هذا بقياس ، لا فى الصحيح ولا فى غيره ، وأما فعلة فانه يكسر على فعل ، فى الصحيح كان أو فى غيره ، ككسر وقدد (٣) ولحى ورشى (٤) وذكر غير سيبويه فعلا بضم الفاء كلحى وحلى ، والكسر فيهما أجود ، قال سيبويه : الجمع بالألف والتاء قليل فى فعله ، فى الصحيح كان أو فى غيره ؛ لأن إتباع العين للفاء فيما يجمع هذا الجمع هو القياس ، وفعل كإبل بناء عزيز ، بخلاف فعلات كخطوات ، إذ نحو عنق وطنب (٥) كثير ؛ فلهذا كان استعمال فعل فى القلة أكثر وأحسن من استعمال فعل فيها ، فثلاث كسر أقوى من ثلاث غرف ، بل الأولى ثلاث غرفات مع جواز ثلاث غرف أيضا ، قال سيبويه : ولا يكادون يجمعون بالألف والتاء فى الناقص واويا كان أو يائيا ، يعنى مع الاتباع ، فلو قلت

__________________

العرب مثلها ، ومآزر من ذلك الصنف يبالغ فى أثمانها رأيت منها واستحسنتها» اه

(١) الخيم : جمع خيمة وهى كل بيت مستدير من بيوت الأعراب من شعر أو غيره ، أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر

(٢) الضيع : جمع ضيعة ـ بفتح أوله وسكون ثانيه ـ وهى العقار ، وحرفة الرجل وصناعته

(٣) القدد : جمع قدة وهى القطعة من الشىء والفرقة من الناس إذا كان هوي كل واحد على حدة ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أى كنا جماعات متفرقين مسلمين وغير مسلمين

(٤) رشى : جمع رشوة ـ مثلثة الراء وهي الجعل. قال ابن الأثير : الرشوة والرشوة (بكسر الراء وضمها) الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة ، وأصله من الرشاء الذى يتوصل به إلي الماء ، فالراشى من يعطي الذى يعينه على الباطل ، والمرتشى الآخذ ، والرائش الذى يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا ، فاما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه» اه من اللسان بتصرف

(٥) الطنب ـ بضمتين أو بضم فسكون ـ حبل الخباء والسرادق

١٠٣

فى رشوة رشوات لانقلبت الواو ياء فاجتزءوا بفعل فى القلة والكثرة ، وقد عرفت أن الكسر فى الصحيح قليل ، فكيف فى المعتل ، قال السيرافى : وأما نحو فريه ولحية فيجوز كسر العين فى جمعهما بالألف والتاء ، لأنه لا ينقلب حرف إلى حرف.

قلت : قول سيبويه أولى لاستثقال الكسرتين مع الياء ، وأما المعتل العين فيجوز جمعه بالألف والتاء ؛ إذ يجب إسكان عينه ولا يجتمع كسرتان نحو قيمات وديمات (١)

وقد جاء فى فعلة فعال كلقاح (٢) وحقاق (٣) ، كذا ذكره سيبويه ، لكنه فى غاية القلة ، وذكر الجوهرى أن لقاحا جمع لقوح ومى الحلوب كقلاص وقلوص (٤) واللقحة بمعنى اللقوح ، قال سيبويه : قد يجمع فعلة على أفعل كأنعم وأشد فى نعمة وشدّة ، وذلك قليل عزيز ليس بالأصل ، وقيل : إن أشدّا جمع شدّ فى التقدير ككلب وأكلب أو جمع شدّ كذئب وأذؤب ، ولم يستعمل شدّ ولا شدّ فيكون كأبابيل (٥) جمعا لم يستعمل واحده ، وقال المبرد : أنعم جمع نعم على القياس ، يقال : يوم بؤس ويوم نعم والجمع أبؤس وأنعم

__________________

(١) الديمات : جمع ديمة ، وهو المطر الدائم فى سكون ليس فيه رعد ولا برق وأصلها دومة ؛ فقلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة

(٢) لقاح : جمع لقحة ، وهي الناقة القريبة العهد بالنتاج ، ويقال : الغزيرة اللبن الحلوب ، واللام مفتوحة أو مكسورة ، والقاف ساكنة على الوجهين

(٣) الحقاق : جمع حقة ، وهى الناقة التي استوفت ثلاث سنين ودخلت فى الرابعة

(٤) القلوص : الناقة الشابة الفتية

(٥) الأبابيل : الجماعات ، وقد اختلف العلماء فيه ، فذهب قوم إلى أنه جمع لا واحد له من لفظه ، وذهب جماعة آخرون إلى أن له واحدا ، ثم قالوا : واحده إبول مثل عجول وعجاجيل ، ويقال : واحده إبيل

١٠٤

وأما فعلة ـ بضم الفاء ـ فعلى فعل غالبا ، وقد يستعمل فى القليل أيضا نحو ثلاث غرف ، وهو قليل كما ذكرنا ، وربما كسر على فعال فى غير الأجوف كبرام وبراق وجفار (١) وهو كثير فى المضاعف كخلال (٢) وقلال (٣) وجباب (٤) وقباب (٥) ، ويقتصر فى الأجوف على فعل كسور ودول ، وأما الحجوز فى جمع حجزة (٦) السراويل : أى معقدها ؛ فشاذ

__________________

(١) البرام : جمع برمة (٢ : ٧٩) والبراق : جمع برقة ، وهى أرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل ، فاذا اتسعت فهى الأبرق ، والجفار مع جفرة ، وهى بضم فسكون جوف الصدر ، وقيل : ما يجمع البطن والجنبين ، وقيل : منحنى الضلوع ، وجفره كل شىء : وسطه ومعظمه

(٢) الخلال : جمع خلة ، بالضم ، وهى الصداقة والمحبة ، ويقال للصديق خلة أيضا ، قال الحماسي :

ألا أبلغا خلّتى راشدّا

وصنوى قديما إذا ما اتّصل

(٣) القلال : جمع قلة ، وهي الجرة العظيمة ، وقيل : الجرة ما كانت ، وقيل : الكوز الصغير

(٤) الجباب : جمع جبة ، وهى ضرب من الثياب ، وتطلق على الدرع وعلى ما دخل فيه الرمح من السنان

(٥) القباب : جمع قبة ، وهى البناء من الأدم ، ويقال : بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب

(٦) فى النسخة الخطية «الحجز» وفى المطبوعتين «الحجوز» بواو بين الجيم والزاى ، والذى فى كتب اللغة الحجوز فى جمع حجزة ، وهو الذى أثبتناه وفيها جمعه على حجز ـ كدول وغرف ـ وهو غير شاذ ، قال فى اللسان : «وفى حديث عائشة رضي‌الله‌عنها لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجز مناطقهن فشقفنها فاتخذنها خمرا ، أرادت بالحجز المآزر ، قال ابن الأثير : وجاء فى سنن أبى داود حجوز أو حجور ـ بالشك ، وقال الخطابى : الحجور بالراء لا معني لها ههنا ، وإنما هو بالزاى جمع حجز ، فكانه جمع الجمع ، وأما الحجور بالراء فهو جمع حجر الانسان. وقال الزمخشري : واحد الحجوز حجز بكسر الحاء

١٠٥

قال : «ونحو رقبة على رقاب ؛ وجاء على أينق وتير وبدن ، ونحو معدة على معد ، ونحو تخمة على تخم»

أقول : اعلم أن فعلة كرقبة قياسه فعال كرقاب ونياق وإماء ، وجاء على أفعل كآكم (١) فى الصحيح وأينق (٢) فى الأجوف وآم (٣) فى الناقص

__________________

وهى الحجزة ، ويجوز أن يكون واحدها حجزة» اه ، فان قريء ما فى النسخة الخطية بضم الحاء المهملة وفتح الجيم كان صوابا فى ذاته ، ولكنه لا يتفق مع قول المؤلف إنه شاذ ، وإن قرىء بضم الحاء والجيم جميعا كان موافقا لقوله إنه شاذ ، ولكنه يعكر عليه أنا لم نجد هذا الجمع ، فلعله ثابت فيما لم نقف عليه

(١) الآكم : جمع أكمة ـ بفتحات ـ وهى التل من حجارة واحدة ، وهى الموضع يكون أشد ارتفاعا من غيره ، وأصل الجمع أأكم على أفعل كافلس فقلبت الهمزة الثانية ألفا لسكونها إثر أخرى مفتوحة فى أول الكلمة ، وهذا إبدال واجب

(٢) أينق : جمع ناقة ، وانظر فى تصريفها الجزء الأول (ص ٢٢ و ٢٣)

(٣) آم : جمع أمة ، وهي المملوكة. قال الشاعر :

تركت الطّير حاجلة عليه

كما تردى إلى العرشات آم

وقال الكميت :

تمشى بها ربد النّعا

م تماشى الآمى الزّوافر

وقال الآخر :

محلّة سوء أهلك الدّهر أهلها

فلم يبق فيها غير آم خوالف

وقال السليك بن السلكة :

يا صاحبىّ ألا لا حىّ بالوادى

إلا عبيد وآم بين أذواد

تردى : تحجل. العرشات : جمع عرش ـ بضمتين ـ وهو جمع عريش والعريش : الخيمة ، ويقال : الصواب فى البيت العرسات جمع عرس ـ بضم فسكون ـ وهو طعام الوليمة. وربد : جمع ربداء وهى السوداء المنقطة بحمرة

١٠٦

وعلى فعل كتير (١) وقيم ، وكأن أصله فعال لقلبهم الواو ياء ، وإنما يكون ذلك قبل الألف كما يجىء فى باب الإعلال ، وجاء على فعل كبدن (٢) وخشب (٣) ونوق ولوب (٤) وسوح (٥) ، وليس بالكثير ، ويجوز فى الصحيح ضم العين : إما على أنه فرع الإسكان ، أو أصله ، كما ذكرنا فى أول هذا الكتاب

وفعلة من الناقص كثير كقناة (٦) وحصاة ، وأكثر ما يستعمل فى معنى الجمع منه محذوف التاء كالحصا والقنا والأضا (٧) ، أو بالألف والتاء ، وقد يجمع

__________________

والزوافر : جمع زافرة وهى اسم فاعل من زفر ـ من باب ضرب ـ إذا ردد نفسه. أذواد : جمع ذود ، وهو جماعة الأبل من ثلاثة إلى عشرة. وأصل أمة أمو. انظر تصريفها فى (ص ٣٠ من هذا الجزء)

(١) التير ـ بكسر التاء وفتح الياء ـ : جمع تارة ، وهى المرة ، وجاء فى جمعه تارات ، قال الجوهرى : «تير مقصور من تيار كما قالوا اقامات وقيم» ووقع فى بعض نسخ الأصل «ثير» بالمثلثة وهو تصحيف

(٢) البدن : جمع بدنة ، وهي ما يهدى إلى مكة من الأبل والبقر ، قال الجوهرى : البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها

(٣) الخشب : جمع خشبة وهى قطعة الشجر

(٤) اللوب : جمع لابة ، وهي أرض ذات حجارة سوداء ، ومنه ما فى الحديث «ما بين لا بتيها أفقر منى»

(٥) السوح : جمع ساحة ، وهو فضاء يكون بين الدور

(٦) القناة : هى من الرماح ما كان أجوف كالقصبة ، وهى أيضا الآبار التى تحفر فى الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح على وجه الأرض ، والقناة أيضا : القامة

(٧) الأضا : اسم جنس جمعى ، واحده أضاة ، وهى الغدير أو الماء المستنقع من سيل أو غيره وتجمع على أضوات وإضاء وإضين

١٠٧

على فعول كدوىّ (١) وصفى (٢) فى دواة وصفاة ، وعلى فعال أيضا كإضاء وإماء ، وجاء الإموان كالإخوان (٣)

واما الفعلة ـ بفتح الفاء وكسر العين ـ كالمعدة ، فيجمع بكسر الفاء وفتح العين ، كالمعد والنّقم ؛ قال السيرافى : ومثله قليل غير مستمر ، لا يقال فى كلمة وخلفة (٤) كلم وخلف ، وإنما جمع معدة ونقمة على فعل بكسر الفاء وفتح العين لأنهم يقولون فيهما عند بنى تميم وغيرهم معدة ونقمة ككسرة نحو كتف فى كتف ، فجمعا على ذلك ، فمعد ونقم فى الحقيقة جمع فعلة لا جمع فعلة ، وأما غيرهما نحو كلمة وخلفة فلا يجىء على وزن كسرة إلا عند بنى تميم

وأما فعلة نحو تخمة فعلى تخم ، شبهوا فعلة بضم الفاء وفتح العين بفعلة بضم الفاء وسكون العين ، فجمع على فعل ، وليس ذلك مما يكون الفرق بين جمعه وواحده بالتاء كالرّطبة والرّطب ؛ لأن الرطب مذكر كالبر والتمر ، ونحو

__________________

(١) دوى : جمع دواة ، وهي ما يوضع فيها المداد للكتابة ، وأصله دووى قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت الياء فى الياء ثم كسرت الواو الأولى لمناسبة الياء. قال أبو ذؤيب

عرفت الدّيار كرقم الدّوىّ

يحبّره الكاتب الحميرىّ

(٢) الصفى : جمع صفاة ، وهى الصخرة الملساء ، وأصل صفى صفوى فعل به ما تقدم فى دوى

(٣) من ذلك قول القتال الكلابى :

أنا ابن أسماء أعمامى لها وأبى

إذا ترامى بنو الأموان بالعار

ويجمع على أموان بضم الهمزة أيضا

(٤) الخلفة : الحامل من النوق ، وجمعها خلف ـ بكسر اللام ـ وقيل : جمعها مخاض من غير لفظه كما قالوا لواحد النساء امرأة. قال ابن برى : شاهده قول الراجز :

* ما لك ترغين ولا ترغو الخلف*

وقيل : الخلفة هى التى استكملت سنة بعد النتاج ثم حمل عليها فلقحت

١٠٨

التّخم والتّهم مؤنث كالغرف ، وتصغير رطب رطيب ، وتصغير تخم وتهم لا يكون إلا على تخيمات وتهيمات ، بالرد إلى الواحد ، فليسا إذن كالرطب والمصع (١) ؛ إذ هما جنسان كالتمر والتفاح (٢) ؛ حكم عين الثلاثى المؤنث فى جمع التأنيث

* قال : «وإذا صحّ باب تمرة قيل تمرات بالفتح ، والإسكان فيه ضرورة ، والمعتلّ العين ساكن ؛ وهذيل تسوّى ، وباب كسرة على كسرات بالفتح والكسر ، والمعتلّ العين والمعتلّ اللّام بالواو يسكن ويفتح ؛ ونحو حجرة على حجرات بالضّمّ والفتح ، والمعتلّ العين والمعتلّ الّلام بالياء يسكّن ويفتح وقد يسكّن فى تميم نحو حجرات وكسرات ، والمضاعف ساكن فى الجميع ، وأمّا الصّفات فبالإسكان وقالوا لجبات وربعات للمح اسميّة أصليّة وحكم أرض وأهل وعرس (٣)

__________________

(١) المصع : اسم جنس جمعى واحده مصعة ـ بوزان همزة وغرفة ـ وهى ثمرة العوسج (أى الشوك) وهي أيضا طائر أخضر

(٢) اعلم أنه إذا فرق بين الواحد وجماعته بالتاء فاما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على وزن من أوزان الجموع مثل غرفة وغرف ومدية ومدى وكسرة وكسر وقربة وقرب وإما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على غير وزن من أوزان الجموع مثل كلمة وكلم وشجرة وشجر وبقرة وبقر وسمرة وسمر ؛ فان كان اللفظ الدال على الجماعة من النوع الثانى فهو اسم جنس جمعى وإن كان من النوع الأول فاما أن يكون مذكرا مثل رطب ومصع وإما أن يكون مؤنثا كغرف وتخم وتهم وقرب (ويستبين ذلك بالضمير العائد عليها) فان كان مذكرا فهو اسم جنس جمعى ، وإن كان مؤنثا فهو جمع ، وسيأتى لذلك مزيد بحث للمؤلف فى آخر هذا الباب

(٣) العرس ـ كقفل ـ : طعام الوليمة ، وربما قيل فيه عرس ـ كعنق ـ كما قال الراجز :

إنّا وجدنا عرس الحنّاط

لئيمة مذمومة الحوّاط

١٠٩

وعير (١) كذلك ، وباب سنة جاء فيه سنون وقلون وثبون ، وجاء قلون وسنوات وعضوات وثبات وهنات ، وجاء آم كآكم»

(٢) أقول : قد مضى شرح جميع هذا فى شرح الكافية* ، فنقتصر على حل ألفاظه

__________________

(١) العير ـ بكسر أوله ـ : القافلة ؛ قال الله تعالى (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ،) أو هى الابل تحمل الميرة ، أو كل ما امتير عليه إبلا أو حميرا أو بغالا

(*) قال المؤلف فى شرح الكافية (ج ٢ ص ١٧٥): «ولنذكر شيئا من أحكام المجموع بالألف والتاء وإن كان المصنف يذكره فى قسم التصريف فنقول : كل ما هو على وزن فعل وهو مؤنث بتاء مقدرة أو ظاهرة كدعد وجفنة ، فأن كان صفة كصعبة أو مضاعفا كمدة أو معتل العين كبيضة وجوزة وجب إسكان عينه فى الجمع بالألف والتاء ، وإن خلا من هذه الأشياء وجب فتح عينه فيه كتمرات ودعدات : والتزم فى جمع لجبة لجبات ـ بفتح العين ـ لأن فى لجبة لغتين فتح العين وإسكانها ، والفتح أكثر ، فحمل الجمع على المفرد المشهور ، وقيل لما لزم التاء فى لجبة لكونها صفة للمؤنث ولا مذكر لها ، يقال : شاة لجبة ، إذا قل لبنها ، صار كالأسماء فى لزوم التاء نحو جفنة وقصعة ، وأجاز المبرد إسكان عين لجبات قياسا لا سماعا ، وغلب الفتح فى جمع ربعة لتجويز بعضهم فتح عين الواحد ، وقيل : إنها كانت فى الأصل اسما ثم وصف به فلوحظ فيه الأصل كما يقال فى جمع امرأة كلبة : نسوة كلبات ـ بفتح العين ـ ولا يقاس عليه غيره نحو ضخمات وصعبات ، خلافا لقطرب ، ويجوز إسكان ما استحق الفتح من عين فعلات للضرورة ، قال ذو الرمة :

أبت ذكر عوّدن أحشاء قلبه

خفوقا ، ورقصات الهوى فى المفاصل

١١٠

__________________

وجاء فى المعتل اللام نحو أخوات وجديات ـ بسكون عينهما وقد يقاس عليهما قصدا للتخفيف لأجل الثقل الحاصل من اعتلال اللام ، ويجوز أيضا فى القياس أن يقال : نسوة كلبات (بالسكون) اعتبارا للصفة العارضة كما تقول : صعبات بفتح العين إذا سميت بصعبة. وأهل فى الأصل اسم دخله معنى الوصف فقيل فى جمعه : أهلون ، وأدخلوه التاء فقالوا : أهلة. قال :

وأهلة ودّ قد تبرّيت ودّهم

وأبليتهم فى الحمد جهدى ونائلى

أى : وجماعة مستأهلة للود. قال :

فهم أهلات حول قيس بن عاصم

إذا أدلجوا باللّيل يدعون كوثرا

ويقال : أهلات أيضا ـ بسكون الهاء ـ اعتدادا بالوصف العارض.

وتفتح هذيل العين المعتلة كجوزات وبيضات. وقال :

* أخو بيضات رائح متأوّب*

وقريء فى الشواذ : (ثلاث عورات). وإنما سكن عين الصفة وفتح عين الاسم فرقا ، وكان الصفة بالسكون أليق لثقلها باقتضائها الموصوف ومشابهتها للفعل ، ولذلك كانت إحدى علل منع الصرف ، وسكن المضاعف والمعتل العين استثقالا : أى فرارا من الثقل العارض بتحريك أول المثلين وتحريك الواو والياء. فأن قيل : فلتقلبا ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما. قلت : إن الحركه عارضة فى الجمع ، ولذلك لم تقلبهما هذيل مع تحريكهما كما لم تقلب واو خطوات المضموم ما قبلها ياء لعروض الضمة.

وأما فعلة ـ بضم الفاء وسكون العين ـ كغرفة ، وكذا فعل المؤنث كجمل فأن كانت مضاعفة فالاسكان لازم مع الألف والتاء كغدات ، وإن كانت معتلة العين ـ ولا تكون إلا بالواو ـ كسورة فلا يجوز الاتباع إجماعا ، وقياس لغة هذيل جواز فتحها كما فى بيضات وروضات ، لأنهم عللوه بخفة الفتحة على حرف العلة وبكونها عارضة ، لكن سيبويه قال : لا تتحرك الواو فى دولات ، والظاهر أنه أراد بالضم. وإن كانت صحيحة العين : فأن كانت صفة كحلوة فالاسكان

١١١

قوله «والمعتل العين ساكن» كجوزات وبيضات (١) ؛ لاستثقال الحركة

__________________

لا غير ، وإن كانت اسما : فأن لم تكن اللام ياء جاز فى العين الاسكان والفتح والاتباع ، سواء كان اللام واوا كخطوات أولا كغرفات ، والاتباع ههنا أكثر منه فى فعلة وإن كان الكسر أخف ، وذلك لأن نحو عنق أكثر من نحو إبل ، وإن كانت اللام ياء نحو كلية لم يجز الاتباع اتفاقا ، للثقل ، وأما الفتح فالمبرد نص على جوازه ، وليس فى كلام سيبويه ما يدل عليه. وأما أم فلفظ أمهات في الناس أكثر من أمات ، وفى غيرهم بالعكس. والهاء زائدة بدليل الأمومة. وقيل : أصلية ، بدليل تأمهت ، لكونه على وزن تفعلت. قال :

* أمّهتى خندف والياس أبى*

ووزنها فعلة (بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة) فحذف اللام

وأما فعلة ـ بكسر الفاء ـ وفعل مؤنثا كهند : فأن كانت مضاعفة فلا يجمع بالألف والتاء إلا بسكون العين ، نحو قدات ، وإن كانت معتلة العين ولا تكون إلا ياء إما أصلية كبيعة أو منقلبة كديمة فلا يجوز فيه الاتباع إجماعا ، ولا الفتح إلا على قياس لغة هذيل ، وعيرات (بكسر أوله وفتح ثانيه) فى جمع عير شاذ عند غير هذيل ، وإن كانت صحيحة العين : فأن كانت صفة فالاسكان كعلجات ، وإن كانت اسما : فأن كانت اللام واوا امتنع الاتباع اتفاقا للاستثقال وجاز الفتح والاسكان على ما نص المبرد كرشوات ، ومنع الأندلسى الفتح ، وإن كانت اللام ياء كلحية ؛ جاز الفتح والاسكان ؛ وأما الاتباع فمنعه سيبويه لقلة باب فعل (بكسر أوله وثانيه) فى الصحيح فكيف بالمعتل اللام؟ وأجازه السيرافى ، لعروض الكسر ، وقياسا على خطوات ، وإن صحت اللام نحو كسرة جاز الاتباع والفتح والاسكان ، والفراء يمنع ضم العين مطلقا فى المضمومة الفاء وكسرها فى المكسورة الفاء صحت العين أولا إلا فيما سمع نحو خطوات وغرفات» اه كلامه

(١) البيضات : جمع بيضة ، وهي بيضة الطائر ، وما يلبس على الرأس من الحديد فى الحروب للاحتماء به وغير ذلك ، وقد جمع على بيضات ـ بالاسكان ـ

١١٢

على الواو والياء المفتوح ما قبلهما.

قوله «وهذيل تسوى» أى : تفتح فى الأجوف كما تفتح فى الصحيح ، استخفافا للفتحة ، ولا تقلب الواو والياء ألفا ؛ لعروض الحركة عليهما

قوله «والمعتل العين والمعتل اللام بالواو يسكن ويفتح» أما المعتل العين فنحو قيمات وديمات ، ولا يكسر العين استثقالا للكسرة على الياء المكسور ما قبلها ، وأما الناقص الواوى فنحو رشوات ؛ لا يكسر العين لئلا ينقلب الواو ياء فيلتبس ، ولو خليت واوا لاستثقلت.

قوله «والمعتل العين والمعتل اللام بالياء يسكن ويفتح» أما المعتل العين فنحو دولات (١) ولا يضم العين للاستثقال ، وأما الناقص اليائى فلا يضم عينه ؛ لاستثقال الياء المضموم ما قبلها لاما ، وإن قلبت واوا اعتدادا بالحركة العارضة لالتبس بالواوى.

قوله «وقد يسكن فى تميم نحو حجرات وكسرات» بخلاف نحو تمرات ، استثقالا للضمتين والكسرتين اللتين هما أكثر وأظهر فى هذين البابين.

قوله «والمضاعف ساكن فى الجميع» نحو شدّات وغدّات (٢) وردّات.

وأما الصفات فنحو صعبات وحلوات وعلجات (٣) تسكن للفرق ، وتسكينها

__________________

كما هو القياس ، وعلى بيضات ـ بالفتح ـ وهو شاذ ، ومنه قول الشاعر :

أخو بيضات رائح متأوّب

رفيق بمسح المنكبين سبوح

(١) الدولات : جمع دولة ـ بضم الدال ـ وهى ما يتداوله الناس بينهم ، من فىء المال ومنه قوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ). انظر (ص ١٠٥ من هذا الجزء)

(٢) الغدات : جمع غدة ، وهى كل عقدة يحيط بها شحم فى الجسد ، ومنه المثل : غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية. أنظر (ج ١ ص ٨٨)

(٣) العلجات : جمع علجة ـ بكسر أوله وسكون ثانيه ـ وهى مؤنث العلج ، وهو

١١٣

أولى من تسكين الأسماء ؛ لأن الصفات أثقل.

قوله «لجبات (١) وربعات (٢) للمح اسمية أصلية» لم أر فى موضع أن لجبة فى الأصل اسم ، بلى قيل ذلك فى ربعة.

__________________

الرجل من كفار العجم ، وهو أيضا الشديد الغليط. أنظر شرح الشاهد الثامن والثلاثين (ح ١ ص ٢٤٢)

(١) اللحبة : هى الشاة التى قل لبنها. قال فى اللسان : «وشاة لجبة (كتمرة) ولجبة (كغرفة) ولجبة (كفرية) ولجبة (كشجرة) ولجبة (كنبقة) ولجبة (كعنبة) الأخيرتان عن ثعلب : مولية اللبن ، وخص بعضهم به المعزى ، قال الأصمعى : إذا أتى على الشاء بعد نتاجها أربعة أشهر فجف لبنها وقل فهي لجاب ، ويقال منه : لجبت (ككرم) لجوبة ، وشياه لجبات (بالتحريك) ويجوز لجبت (بالتضعيف). قال ابن السكيت : اللجبة النعجة التى قل لبنها ، قال : ولا يقال للعنز لجبة ، وجمع لجبة (بالتحريك) لجبات على القياس ، وجمع لجبة (بالتسكين) لجبات بالتحريك وهو شاذ لأن حقه التسكين إلا أنه كان الأصل عندهم أنه اسم وصف به ، كما قالوا : امرأة كلبة ؛ فجمع على الأصل ، وقال بعضهم : لجبة ولجبات نادر ؛ لأن القياس المضطرد فى جمع فعلة إذا كانت صفة تسكين العين. قال سيبويه : وقالوا : شياه لجبات فحركوا الأوسط لأن من العرب من يقول : شاة لجبة (بالتحريك) فانما جاءوا بالجمع على هذا» اه بتصرف ؛ والحاصل أن للعلماء فى تخريج لجبات بالتحريك ثلاثة أوجه : أولها أنه جمع لجبة بالتحريك ، وقد ترك فى هذه اللغة جمع لجبة بالاسكان استغناء بالمحرك عن الساكن ، ثانيها أن لجبات ـ بالتحريك ـ جمع لجبة ـ بالاسكان ـ نظرا إلى أنها فى الأصل اسم كتمرات وزفرات ، ثالثها : أن لجبات ـ بالتحريك ـ شاذ ، وهذا تخريج الذى لا يلاحظ اسميتها فى الأصل ولا مجىء المفرد محركا

(٢) الربعة ـ باسكان الباء وفتحها ـ : يوصف به الرجل والمرأة ، يقال : رجل ربعة ، وامرأة ربعة ، وهو الذى ليس بالطويل ولا بالقصير. قال فى اللسان : «وصف المذكر بهذا الاسم المؤنث كما وصف المذكر بخمسة ونحوها حين

١١٤

قوله «وحكم أرض» أى أن المؤنث بتاء مقدرة كالمؤنث بتاء ظاهرة ، يجوز فيها الأوجه المذكورة.

قوله «وباب سنة» أى : إذا كان فعلة محذوف اللام يجمع بالواو والنون ، جبرا لما حذف منها ، وقد تغير أوائلها بكسر ما انضم منها أو انفتح.

قوله «وسنوات وعصوات (١)» أى : قد يجمع بالألف والتاء مع رد اللام.

قوله «ثبات (٢)

__________________

قالوا : رجال خمسة ، والمؤنث ربعة وربعة كالمذكر ، وأصله له ، وجمعهما جميعا ربعات ، حركوا الثانى وإن كان صفة لأن أصل ربعة اسم مؤنث وقع على المذكر والمؤنث فوصف به ، وقد يقال ربعات بسكون الباء فيجمع على ما يجمع عليه هذا الضرب من الصفة ، حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي» اه

(١) عضوات : جمع عضة ، وهى الفرقة والقطعة من الشىء ، والكذب ؛ وقد اختلفوا فى المحذوف من هذه الكلمة ؛ فقال جماعة : المحذوف واو بدليل جمعهم إياها على عضوات ، وبدليل أنهم قالوا : عضيت الناقة ؛ إذا جزأتها ، وقال قوم : المحذوف هاء بدليل قولهم فى جمعه : عضاه ، كما قالوا شفاه فى جمع شفة ، وبدليل قولهم : عضهه يعضهه عضها ورجل عاضه. إذا جاءه بالأفك والبهيتة ، وقال الشاعر :

أعوذ بربّى من النّافثا

ت فى عضه العاضه المعضه

(٢) ثبات : جمع ثبة ، وهى الجماعة ، قال الله تعالى (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) وهى مأخوذة من ثبيت بالتضعيف : أى جمعت ، أو من ثاب يثوب : قال فى اللسان : «قال ابن جنى : الذاهب من ثبة واو ، واستدل على ذلك بأن أكثر ما حذفت لامه إنما هو من الواو نحو أب وأخ وسنة وعضة فهذا أكثر مما حذفت لامه ياء ، وقد تكون ياء على ما ذكر. قال ابن برى : والاختيار عند المحققين أن ثبة من الواو وأصلها ثبوة (كغرفة) حملا على أخواتها لأن أكثر هذه الاسماء الثنائية أن تكون لامها واوا نحو عزة وعضة ، ولقولهم : ثبوت له خيرا بعد خير أو شرا ، إذا وجهته إليه. قال الجوهرى : والثبة وسط الحوض الذى يثوب إليه الماء ، والهاء هاهنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه ، لأن أصله ثوب كما

١١٥

وهنات (١)» أى : قد يجمع بالالف والتاء من غير رد اللام.

قوله «وجاءآم كآكم» هو أفعل ، وأصله أأمو ، قلبت الواو ياء والضمة كسرة كما فى أدل (٢) وحذفت الياء كما فى قاض ؛ وقلبت الهمزة الثانية ألفا كما فى آمن.

قال : «الصّفة ؛ نحو صعب على صعاب غالبا ، وباب شيخ على أشياخ ، وجاء ضيفان ووغدان وكهول ورطلة وشيخة وورد وسحل وسمحاء ؛ ونحو جلف على أجلاف كثيرا ، وأجلف نادر ؛ ونحو حرّ على أحرار»

أقول : اعلم أن الأصل فى الصفات أن لا تكسر ، لمشابهتها الأفعال وعملها عملها ، فيلحق للجمع بأواخرها ما يلحق بأواخر الفعل ، وهو الواو والنون ، فيتبعه الألف والتاء ؛ لأنه فرعه ، وأيضا تتصل الضمائر المستكنة بها ، والأصل أن يكون فى لفظها ما يدل على تلك الضمائر ، وليس فى التكسير ذلك ، فالأولى أن تجمع : بالواو والنون ليدل على استكنان ضمير العقلاء الذكور ، وبالألف والتاء ليدل على جماعة غيرهم ، ثم إنهم مع هذا كله كسّروا بعض الصفات لكونها أسماء كالجوامد وإن شابهت

__________________

قالوا أقام إقامة ، وأصله إقواما ، فعوضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل» اه

ومثل ثبة فى الوزن وحذف اللام قلة ، ولم يذكرها الرضى وإن كان ابن الحاجب قد ذكرها. والقلة ـ بضم ففتح ـ : عودان يلعب بهما الصبيان ، وقد اختلفوا فى لامها المحذوفة ؛ فقيل : واو ؛ لأن العرب قالت : قلوت القلة أقلوها قلوا ، وقيل : ياء ؛ لأنهم قالوا : قليت أقلى قليا

(١) هنات : جمع هنة ، وهى اسم يكنى به عن المرأة ، فيقال : ياهنة أقبلى

(٢) أصل أدل أدلو ؛ فلما وقعت الواو متطرفة مضموما ما قبلها ضما أصليا وذلك مما لا نظير له فى العربية قلبوا الضمة كسرة والواو ياء ثم أعلت إعلال قاض

١١٦

الفعل ، وتكسير الصفات المشبهة أكثر من تكسير اسم الفاعل فى الثلاثى ؛ إذ شبهها بالفعل أقل من شبهه ، وتكسير اسم الفاعل الثلاثى أكثر من تكسير اسم المفعول منه واسم الفاعل والمفعول من غير الثلاثى ؛ لأن الأخيرين أكثر مشابهة لمضارعهما لفظا من اسم الفاعل الثلاثى لمضارعه ، وأما اسم المفعول من الثلاثى فأجرى لأجل الميم فى أوله مجرى اسمى الفاعل والمفعول من غير الثلاثى فى قلة التكسير.

ثم نقول : فعل يكسّر فى الغالب على فعال ، ولا يكسر على أفعل ؛ لأن للوصف فى الأغلب موصوفا يبين القلة والكثرة ، والأصل فى الجموع جمع الكثرة كما مر ، والغالب فى الأجوف اليائى أفعال كأشياخ ، وقد جاء فعلان بكسر الفاء فى الأجوف وغيره كضيفان ووغدان بكسر الواو ، كما جاء فى الاسم وئلان ، وقد جاء فعلان كوغدان (١) ، كما جاء فى الاسم ظهران ، ويجوز أن يكون نحو ضيفان وشيخان فى الأصل فعلان مضموم الفاء فكسرت لتسلم الياء ، وجاء فيه ضيوف وشيوخ ، دخل هنا فعول على فعال كما دخل فى الأسماء نحو كعاب وكعوب ، إلا أن الاسم أقعد فى التكسير فكان التوسع فيه أكثر ؛ ففعول فيه أكثر منه فى الصفة ، وقد جاء فيه فعلة كرطلة فى رطل ، وهو الشابّ الناعم ، وجاء فعلة بسكون العين كشيخة ، وجاء فعل نحو كثّ (٢) وثطّ (٣)

__________________

(١) وغدان : جمع وغد ، وهو الأحمق الضعيف العقل ، وهو أيضا خادم القوم ، وقيل : الذى يخدم بطعام بطنه ، والوغد أيضا : قدح من سهام الميسر لا نصيب له

(٢) كث ـ بضم الكاف ـ : جمع كث ـ بفتح الكاف ـ وهو كثيف اللحية

(٣) ثط ـ بضم الثاء ـ : جمع ثط ـ بفتح الثاء ـ وهو الذى لا شعر على عارضيه

١١٧

وجون (١) وخيل (٢) وورد (٣) ، وجاء فعل بضمتين ، والظاهر أن أحد البناءين فرع الآخر ، نحو سحل وسحل (٤) وصدق اللقاء وصدق اللقاء (٥) ، وربما لا يستعمل إلا أحدهما ، وقالوا سمحاء تشبيها لفعل وهو الصفة المشبهة باسم الفاعل بفاعل ؛ فسمح وسمحاء كعالم وعلماء ، أو شبّه فعل بفعيل فكأنه جمع سميح ككريم وكرماء ، وإذا استعمل بعضها استعمال الأسماء نحو عبد جمع على أفعل فى القلة فقالوا أعبد ، فان سمى بفعلى أو بغيره من الصفات جمعت جمع الأسماء

وأما فعل فانه يكسر على أفعال نحو أجلاف فى جلف ، وهو الشاة المسلوخة بلا رأس ولا قوائم (٦) ، وأنقاض (٧) وأنضاء (٨) ؛ وجاء أجلف تشبيها بالأسماء كأذؤب ، وهو نادر فى الصفات

وأما فعل فانه أقل فى الصفات من فعل ، كما كان كذلك فى الأسماء ، ويجمع على ما جمع عليه فعل بالكسر كأمرار وأحرار ، وفعل بالكسر أقل من فعل بالفتح كما فى الأسماء

__________________

(١) جون : جمع جون ـ بفتح الجيم ـ وهو الأسود المشرب حمرة ، والأحمر الخالص ، والأبيض

(٢) خيل : جمع خيل ـ بفتح فسكون ـ وهو الكبر

(٣) ورد : جمع ورد ـ بفتح فسكون ـ وهو من الخيل بين الكميت والأشقر

(٤) سحل : جمع سحل ـ بفتح فسكون ـ وهو الثوب لا يبرم غزله ، أو الأبيض من القطن

(٥) صدق : جمع صدق ـ بفتح فسكون ـ وهو الثبت عند اللقاء ، والصلب المستوى من الرماح والرجال ، والكامل من كل شىء

(٦) ومن معانى الجلف الرجل الجافى فى خلقه وخلقه

(٧) أنقاض : جمع نقض ـ بكسر فسكون ـ وهو البناء المنقوض

(٨) أنضاء : جمع نضو ـ بكسر فسكون ـ وهو المهزول من الابل وغيرها ، وهو أيضا اسم لحديدة اللجام

١١٨

قال : «ونحو بطل على أبطال وحسان وإخوان وذكران ونصف ، ونحو نكد على أنكاد ووجاع وخشن ، وجاء وجاعى وحباطى وحذارى ، ونحو يقظ على أيقاظ ، وبابه التّصحيح ، ونحو جنب على أجناب»

أقول : ظاهر كلام سيبويه أن الغالب فى تكسير فعل فى الصفات فعال ، قال : وكسّروا عليه كما يكسر فعل عليه ، فقد اتفقا فيه كما اتفقا فى الأسماء نحو كلب وكلاب وجمل وجمال ، قال : وربما كسروه على أفعال ؛ لأنه مما يكسر عليه فعل فاستغنوا به عن فعال ، وأما فعلان وفعلان كإخوان وذكران فلاستعمال أخ وذكر استعمال الأسماء فهما كخربان (١) وحملان (٢) ، وكذا نصف (٣) بضمتين ونصف بسكون العين لكونه كالأسماء ، وعده سيبويه فى الأسماء ، فهو كأسد وأسد عنده ، وما كان للمصنف أن يعد الثلاثة فى الصفات ، لأنها إنما كسرت عليها لاستعمالها كالأسماء من دون الموصوف ، وفعل بفتح العين أقل فى الصفات من فعل بسكونها

وأما فعل فانه يكسر على أفعال كأنكاد (٤) ، فهو كأكباد فى الأسماء

واعلم أن الأسماء أشد تمكنا فى التكسير ، والصفات محمولة عليها ، فاذا اشتبه عليك تكسير شىء من الصفات ، فإن كنت فى الشعر فاحملها على الأسماء وكسّرها تكسيرها ، وإن كنت فى غير الشعر فلا تجمع إلا جمع السلامة.

__________________

(١) الخربان : جمع خرب ـ كبطل ـ وهو ذكر الحبارى ، وقد تقدم قريبا (ص ٩٧) وجمع على أخراب أيضا

(٢) الحملان : جمع حمل ـ كبطل ـ وهو الجذع من ولد الضأن فما دونه ، وجمع على أحمال أيضا

(٣) امرأة نصف ـ بفتح الأول والثانى ـ إذا كانت بين الحدثة والمسنه ، وقيل : هي الكهلة ، ويقال : امرأة نصفة ـ بالتاء أيضا ـ وقد جمع على أنصاف أيضا

(٤) أنكاد : جمع نكد ـ ككتف ـ وهو اللئيم المشئوم

١١٩

وأما وجاع (١) فلحمل فعل بالكسر على فعل بالفتح كحسان ، وقلّ فيه فعل بضمتين كخشن ، وهو محمول على الاسم كنمر.

قوله «وجاء وجاعى» فعالى كثير فى جمع فعلان ، وفى مؤنثه الذى هو فعلى نحو سكارى فى سكران وسكرى ، وليس بغالب ، بل الغالب فيه فعال كغراث (٢) وجياع فى غرثان وغرثى وجوعان وجوعى ، لكن لما شابه الألف والنون ألف التأنيث الممدودة نحو صحراء وقياسه فى التكسير فعالى كما يجىء جمع جمعه فحمل فعل على فعلان المحمول على فعلاء ، وإنما حمل فعل على فعلان لتشاركهما فى باب فعل يفعل فى كثير من المواضع ، نحو عجل وعجلان وفرح وفرحان وعطش وعطشان ، والحبط : المنتفخ البطن من كثرة أكل الربيع ، وقالوا وجعى أيضا فى جمع وجع ، مع أن قياس فعلى أن يكون جمع فعيل بمعنى مفعول كقتلى وجرحى ، لكنه حمل وجع وميت وهالك وأجرب ومريض وأشباه ذلك عليه ؛ لأن هذا أمر يبتلون به إذ دخلوا فيه وهم له كارهون ، وفعيل بمعنى مفعول غالب فى هذا المعنى كما يجىء ، فلما كان معنى هذه الأمثلة معنى فعيل بمعنى مفعول كسرت تكسيره كما يجىء فى موضعه ، مثل وجع ووجعى وهرم وهرمى وضمن (٣)

__________________

(١) وجاع : جمع وجع ـ ككتف ـ وهو المريض وقال فى اللسان : «الوجع : اسم جامع لكل مرض مؤلم ، والجمع أوجاع ، وقد وجع فلان يوجع (كعلم يعلم) وييجع وياجع فهو وجع ، من قوم وجعى ، ووجاعي ، ووجعين ، ووجاع ، وأوجاع

(٢) غراث : جمع عرثان ـ كعطشان ـ وهو الجوعان ، وتقول : غرث الرجل يغرث ـ كفرح يفرح ـ فهو غرث وغرثان ، وامرأة غرثى وغرثانة ، والجمع غرثى ـ كجرحى ، وغراثى ـ كسكارى ، وغراث ـ كعطاش.

(٣) الضمن ـ ككتف ـ : العاشق ، أو الزمن ، أو المبتلى فى جسده. قال فى

١٢٠