الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

السيّد سامي البدري

الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-499-295-7
الصفحات: ٦١٤

قال البخاري : حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت (هذان خصمان اختصموا في ربهم) قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (١).

سعيد بن جبير (٩٥ هـ) رحمه‌الله :

قال السيوطي : سعيد بن جبير بن هشام الوالبي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله الكوفي أحد الأئمة الأعلام روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير ، وطائفة وعنه الأعمش وسلمة بن كهيل وخلائق وكان يختم القرآن في كل ليلتين وكان بن عباس إذ أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول أليس فيكم سعيد بن جبير ، قتله الحجاج شهيدا في شعبان سنة خمس وتسعين وهو بن سبع وخمسين وقيل تسع وأربعين قال ميمون بن مهران ولقد مات وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه (٢).

قال ابن حبان سعيد بن جبير بن هشام مولى بنى والبة بن الحارث من بني أسد بن خزيمة يروى عن بن عمر وابن عباس وجماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكان فقيها عابدا ورعا فاضلا وكان يكتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود حيث كان على قضاء الكوفة ثم كتب لأبي بردة بن أبي موسى حيث كان على قضائها ثم خرج مع بن الأشعث في جملة القراء فلما هزم بن الأشعث بدير الجماجم هرب سعيد بن جبير إلى مكة فاخذه خالد بن عبد الله القسري بعد مدة وكان واليا لعبد الملك على مكة وبعث به إلى الحجاج فقال له الحجاج اختر لنفسك أي قتلة شئت فقال اختره أنت فان القصاص أمامك فقتله الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين وهو بن تسع وأربعين سنة ثم مات الحجاج بعده بأيام وكان مولد الحجاج سنة أربعين (٣).

__________________

(١) البخاري ، صحيح البخاري ج ٤ ص ١٤٥٨ ، ج ٤ ص ١٧٦٩.

(٢) جلال الدين السيوطي ، اسعاف المبطأ ، دار الهجرة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ص ١٢.

(٣) ابن حبان ، الثقات ج ٤ ص ٢٧٥.

٣٢١

قال المزي : سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله الكوفي ، حدثنا أبو حامد بن جبلة قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا زياد بن أيوب قال حدثنا عباد بن العوام أبو سهل قال أخبرني هلال بن خباب قال خرجنا مع سعيد بن جبير في جنازة قال فكان يحدثنا في الطريق ويذكرنا حتى بلغ فلما بلغ جلس فلم يزل يحدثنا حتى قمنا فرجعنا وكان كثير الذكر لله عز وجل وبه قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال وددت أن الناس أخذوا ما عندي فإنه مما يهمني (١).

قال الطحاوي حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة قال لا أعلمه الا عن أبي بشر أن سعيد بن جبير كان يصلي في رمضان في المسجد وحده والإمام يصلي بهم فيه. (٢)

أقول : أي ان سعيد بن جبير كان لا يصلي صلاة التراويح لأنها بدعة عمر وليست سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال الدارمي أخبرنا يزيد بن هارون أنا أصبغ عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد عن بن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء قال وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه ،

وقال أخبرنا محمد بن سعيد أنا شريك عن طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال كنت أسمع من بن عمر وإبن عباس الحديث بالليل فاكتبه في واسطة الرحل.

__________________

(١) المزي ، تهذيب الكمال ج ١٠ ص ٣٥٨.

(٢) الطحاوي ، شرح معاني الآثار ، تحقيق محمد زهري النجار ـ محمد سيد جاد الحق ، عالم الكتب ، ١٤١٤ هـ ، ١٩٩٤ م ج ١ ص ٣٥١ أقول : يريد أنه كان لا يرى الجماعة في صلاة التطوع. وقد أورد الطحاوي أسماء أشخاص آخرين على رأي سعيد وكان رأي الطحاوي ذلك أيضا.

٣٢٢

وقال أيضا : أخبرنا أبو النعمان ثنا عبد الواحد ثنا عثمان بن حكيم قال سمعت سعيد بن جبير يقول كنت أسير مع بن عباس في طريق مكة ليلا وكان يحدثني بالحديث فاكتبه في واسطة الرحل حتى أصبح فاكتبه.

وقال أيضا : أخبرنا إسماعيل بن أبان عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال كنت اكتب عند بن عباس في صحيفة واكتب في نعلي.

وقال أيضا أخبرنا مالك بن إسماعيل ثنا مندل بن علي العنزي حدثني جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال كنت أجلس إلى بن عباس فاكتب في الصحيفة حتى تمتلئ ثم أقلب نعلي فاكتب في ظهورهما (١).

قال ابن سعد : قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عمرو بن أبي المقدام عن مؤذن بني وداعة قال دخلت على عبد الله بن عباس وهو متكيء على مرفقة من حرير وسعيد بن جبير عند رجليه وهو يقول له انظر كيف تحدث عني فإنك قد حفظت عني حديثا كثيرا.

وقال أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا حدثنا سفيان عن أسلم المنقري عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى بن عمر فسأله عن فريضة فقال ائت سعيد بن جبير فإنه أعلم بالحساب مني وهو يفرض منها ما أفرض.

وقال أخبرنا أبو معاوية الضرير قال حدثنا الأعمش عن مسعود بن مالك قال قال لي علي بن حسين عليهما‌السلام ما فعل سعيد بن جبير قال قلت صالح قال ذاك رجل كان يمر بنا فنسائله عن الفرائض وأشياء مما ينفعنا الله بها وإنه ليس عندنا ما يرمينا به هؤلاء وأشار بيده إلى العراق (٢).

أقول : هذه الرواية مكذوبة على علي بن الحسين عليه‌السلام ، والبلاء من أبي معاوية الضرير فانه كان يضع الحديث لهارون الخليفة العباسي.

وقال أيضا أخبرنا عفان بن مسلم وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا أبو شهاب قال كان سعيد بن جبير يقص لنا كل يوم مرتين بعد

__________________

(١) الدارمي ، سنن الدارمي ج ٢ ص ٤١. ج ١ ص ١٣٨ ـ ١٣٩.

(٢) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج ٦ ص ٢٥٨.

٣٢٣

صلاة الفجر وبعد العصر.

وقال أخبرنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا إسماعيل عن أبي الجحاف عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه كان لا يدع أحدا يغتاب عنده أحدا يقول إن أردت ذلك ففي وجهه.

قال محمد بن سعد : وكان سعيد لما انهزم أصحاب بن الأشعث من دير الجماجم هرب فلحق بمكة قال أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين قال كان سعيد بن جبير حائنا إنه فعل ما فعل ثم أتى مكة يفتي الناس قال أخبرنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثني حفص بن خالد قال حدثني من سمع سعيد بن جبير يقول يوم أخذ وشي بي واش في بلد الله الحرام أكله إلى الله. وقال وكان الذي أخذ سعيد بن جبير خالد بن عبد الله القسري وكان والي الوليد بن عبد الملك على مكة فبعث به إلى الحجاج.

قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثني عبد الله بن مروان عن شريك عن هشام الدستوائي قال رأيت سعيد بن جبير يطوف بالبيت مقيدا ورأيته دخل الكعبة عاشر عشرة مقيدين قال أخبرنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان قال سمع خالد بن عبد الله صوت القيود فقال ما هذا فقيل له سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت فقال اقطعوا عليهم الطواف.

وقال أخبرنا علي بن محمد عن أبي اليقظان قال كان سعيد بن جبير يقول يوم دير الجماجم وهم يقاتلون قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبرهم على عباد الله وإمانتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. فلما انهزم أهل دير الجماجم لحق سعيد بن جبير بمكة فأخذه خالد بن عبد الله فحمله إلى الحجاج (١).

روايات في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام عن ابن عباس كثيرة منها

فيي مسند احمد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الفضل بن دكين ثنا بن أبي عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن

__________________

(١) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ج ٦ ص ٢٥٧ ـ ٢٦٧.

٣٢٤

فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه (١).

وفي المستدرك للحاكم : حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا أحمد بن نصر أخبرنا محد بن علي الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم الغفاري وأنبأ محمد بن عبد الله العمري ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالوا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن بريدة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله فقال من كنت مولاه فعلي مولاه وذكر الحديث هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (٢)

وروى الطبراني في المعجم الكبير عن ابن أبي عاصم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا الفضل بن دكين عين بن أبي غنية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال مررت مع علي رضي الله تعالى عنه إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فجعل وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه (٣)

وفي المعجم الكبير قال الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق (٤).

__________________

(١) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٥ ص ٣٤٧.

(٢) الحاكم النيسابوري ، المستدرك ج ٣ ص ١١٩.

(٣) الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٤٦٧.

(٤) أبو عاصم ، الآحاد والمثاني ج ٤ ص ٣٢٥.

٣٢٥

وفيه أيضا قال حدثنا محمد بن عبد الله ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما (١).

وقال أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما رضي الله تعالى عنهم (٢).

وقال أيضا حدثنا علي بن العباس البجلي الكوفة ثنا محمد بن تسنيم ثنا حسن بن حسين العربي ثنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأم سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (٣).

وقال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن مرزوق ثنا حسين الأشقر ثنا نصير بن زياد عن عثمان أبي اليقظان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قالت الأنصار فيما بينهم لو جمعنا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مالا فبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا فأنزل الله عز وجل فخرجوا مختلفين فقال بعضهم ألم تروا ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال بعضهم إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم ، فأنزل الله عز وجل (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ

__________________

(١) الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٤٧.

(٢) الطبراني ، المعجم الكبير ج ١١ ص ٤٤٤.

(٣) الطبراني ، المعجم الكبير ج ١٢ ص ١٨.

٣٢٦

مَا تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (٢٦)) الشورى / ٢٤ ـ ٢٦.

فعرض لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتوبة. (١)

وفي الكامل لابن عدي روى ابن عدي في الكامل ٣ / ٤٣١ عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن أبي جبير عن ابن عباس عن النبي قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني. (٢)

وفي تذكرة الحفاظ للذهبي قال حدثنا محمد بن شداد أخبرنا أبو نعيم أنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أوحى الله إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم اني قتلت بيحيى سبعين ألفا واني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا غريب وعبد الله خرج له مسلم (٣).

وفي كشف الاستار للبزار عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعث رسول الله إلى خيبر ـ احسبه قال أبا بكر فرجع منهزما يجبن أصحابه ويحبنه أصحابه فقال رسول الله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله رسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه فثار الناس فقال أين علي. فإذا هو يشتكي عينيه فتفل في عينيه فدفع إليه الراية فهزها ففتح الله عليه (٤).

__________________

(١) الطبراني ، المعجم الكبير ج ١٢ ص ٣٣.

(٢) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج ٣ ص ٤٣١ ورواه أيضا عطية عن أبي سعيد الخدري سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد فقال تكلم فيه يحيى بن معين وقال حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة قال يحيى معين وهذا باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد وجرح سويد لروايته لهذا الحديث. قال الدارقطني رحمه‌الله فلم نزل نظن أن هذا كما قاله يحيى وأن سويدا أتى أمرا عظيما في روايته لهذا الحديث حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين (ومائتين) فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي المعروف بالمنجنيقي وكان ثقة روى عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء وتخلص سويد وصح الحديث عن أبي معاوية وقد حدث أبو عبد الرحمن النسائي عن إسحاق بن إبراهيم هذا ومات أبو عبد الرحمن قبله (الجرجاني ، أبو القاسم حمزة بن يوسف ، سؤالات حمزة بن يوسف السهمي ، مكتبة المعارف الرياض ١٤٠٤ هـ ـ ١٩٨٤ م ، ص ٢١٦.

(٣) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٧٦.

(٤) ابن كثير ، جامع المسانيد والسُّنَن ، دار خضر بيروت ١٤١٩ هـ ، ج ٣٠ ص ٢٤٠.

٣٢٧

وفي رواية البخاري عن محمد حدثنا بن عيينة عن سليمان الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما له أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأمرهم بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم والثالثة خير إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها قال سفيان هذا من قول سليمان (١).

وروى أيضا قال حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا المغيرة بن النعمان قال حدثني سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي إن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح. (٢)

وروى الحاكم قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان ثنا مالك بن دينار قال سألت سعيد بن جبير فقلت يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فنظر إلي وقال كأنك رخيَّ البال فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء فقلت ألا تعجبون من سعيد أني سألته من كان حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنظر إلي وقال إنك لرخي البال ، قالوا إنك سألته وهو خائف من الحجاج وقد لاذ لابيت فسله الآن فسألته فقال كان حاملها علي رضي الله تعالى عنه هكذا سمعته من عبد الله بن عباس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي وفيه طول فلم أخرجه (٣).

وروى النسائي قال أنبأ أحمد بن عثمان بن حكيم الكوفي الأودي عن خالد بن

__________________

(١) البخاري ، صحيح البخاري ج ٣ ص ١١٥٥.

(٢) البخاري ، صحيح البخاري ج ٣ ص ١٢٢٢.

(٣) الحاكم النيسابوري ، المستدرك ج ٣ ص ١٠٣.

٣٢٨

مخلد قال حدثنا علي بن صالح عن ميسرة عن حبيب عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال كنا مع ابن عباس بعرفات فقال مالي لا أسمع الناس يلبون فقلت يخافون من معاوية فخرج بن عباس من فسطاطه فقال لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي (١).

وروى المزي عن عباد بن زياد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن أبي الحمراء قال سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت عن يمين العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ايدته بعلي ونصرته (٢).

عطية العوفي (١١٠ هـ) رحمه‌الله :

قال أبو جعفر الطبري في كتاب ذيل المذيل : عطية بن سعد بن جنادة العوفي من جديلة قيس يكنى أبا الحسن ، قال ابن سعد : أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية قال جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو بالكوفة فقال يا أمير المؤمنين انه قد ولد لي غلام فسمه فقال هذا عطية الله فسمي عطية وكانت أمه رومية وخرد عطية مع ابن الأشعث ، هرب عطية إلى فارس وكتب الحجاج إلى محمد ابن قاسم الثقفي ان ادع عطية فان لعن علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته فلما ولي قتيبة بن مسلم خراسان خرج إليه عطية فلم يزل بخراسان حتى ولي عمر بن هبيرة العراق فكتب إليه عطية يسأله الإذن له في القدوم فأذن له فقدم الكوفة فلم يزل بها إلى أن توفي سنة ١١١ وكان كثير الحديث ثقة ان شاء الله (٣).

أقول : وفي الطبقات ٦ / ٣٠٥ ، تنهي الترجمة بقول ابن سعد : وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به ولم يوردها الطبري في المنتخب.

__________________

(١) النسائي ، سنن النسائي ، ج ٢ ص ٤١٩.

(٢) المزي ، تهذيب الكمال ، ج ٣٣ ص ٢٥٨.

(٣) الطبري ، المنتخب من المذيل ص ١٢٨ ، ابن سعد ، الطبقات الكبرى ج ٦ ص ٣٠٤.

٣٢٩

قال الشيخ القمي رحمه‌الله : وحكي عن ملحقات الصراح قال : عطية العوفي ابن سعيد له تفسير في خمسة اجزاء قال عطية عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير واما على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرة (١).

قال المزي : ولعطية عن أبي سعيدا أحاديث عدد ، وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة قال محمد بن عبد الله الحضرمي توفي سنة إحدى عشرة ومئة (٢).

أقول : وكان عطية العوفي على راس ثمانمائة طليعة اربعة آلاف مقاتل في الجيش الذي بعثه المختار إلى مكة ليخلص بني هاشم من حصار ابن الزبير لهم من اجل ان يبايعوه.

قال ابن سعد في الطبقات ٥ / ١٠٣ : أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا ربيعة بن عثمان ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وإسحاق بن يحيى بن طلحة وهشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم والحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن جده وغيرهم أيضا قد حدثني قالوا : ... قطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به وإن وجدت بن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى بن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شفرا ولا ظفرا وقال يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر فسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث اعجلوا فما أراكم تدركونهم فقال الناس لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها بن الزبير فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة ويقال بل تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ الله ،

قال عطية : ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتى تقوم الساعة أخرناه عن الأبواب وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل

__________________

(١) القمي ، الشيخ عباس ، الكنى والالقاب ، مكتبة الصدر ـ طهران ، ج ٢ ص ٤٨٨.

(٢) المزي ، تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ١٤٥.

٣٣٠

فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه وأقبل أصحاب بن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلا إلى صلاة حتى أصبحنا ، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية ذرونا نريح الناس من ابن الزبير ، فقالا هذا بلد حرمه الله ما أحله لاحد إلا للنبي عليه‌السلام ساعة ما أحله لاحد قبله ولا يحله لاحد بعده فامنعونا وأجيرونا قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرايا تغنم الذهب والفضة وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ، ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية ، وبقينا مع بن الحنفية فلما كان الحج وحج بن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ووافى محمد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السن في أصحابه من الخوارج فوقف ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة فيمن معهم.

أقول : ومن رواياته في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام :

روى الطبراني قال حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا فضيل بن مرزوق (ت في حدود ال ١٦٠ هـ) (١) ثنا عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت نزلت

__________________

(١) ابن حجر ، تهذيب التهذيب ، ي م ٤ البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم والأربعة فضيل بن مرزوق الأغر الرقاشي ويقال الرواسي الكوفي أبو عبد الرحمن مولى بني عنزة روى عن أبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وعطية العوفي والأعمش وميسرة بن حبيب وشقيق بن عقبة وجبلة بنت مصفح وغيرهم وعنه زهير بن معاوية ووكيع وعبد الغفار بن الحكم وحسين بن علي الجعفي وأبو أسامة والفضل بن موفق ويحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير ويزيد بن هارون ومحمد بن ربيعة الكلابي ومحمد بن فضيل ونعيم بن ميسرة النحوي وزيد بن الحباب وأبو نعيم وعلي بن الجعد وآخرون قال معاذ بن معاذ سألت الثوري عنه فقال ثقة وقال الحسن بن علي الحلواني سمعت الشافعي يقول سمعت بن عيينة يقول فضيل بن مرزوق ثقة وقال بن أبي خيثمة عن بن معين ثقة وقال عبد الخالق بن منصور عن بن معين صالح الحديث إلا أنه شديد التشيع وقال أحمد لا أعلم إلا خيرا وقال بن أبي حاتم عن أبيه صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه قلت يحتج به قال لا وقال النسائي ضعيف وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به وقال الحسين بن الحسن المروزي سمعت الهيثم بن جميل يقول جاء فضيل بن مرزوق وكان من أئمة الهدى زهدا وفضلا إلى الحسن بن صالح بن حى فذكر قصة له عند النسائي حديث عبد الله بن عمر إياكم والشح قلت قال مسعود عن الحاكم ليس هو من شرط

٣٣١

هذه الآية في بيتي) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهي جالسة على الباب فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت قال أنت إلى خير (١).

وقال حدثنا الحسن بن أمد بن حبيب الكرمتنني بطرسوس حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف (ت ١٤٥) عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في قول عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال نزلت في خمسة في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي فاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم لم يروه عن سفيان إلا عمار بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو الربيع (٢).

وقال حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة الصائغ (٣) عن عطية عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآله وسلم يقول إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له لم يروه عن أبي سلمة إلا بن أبي حماد تفرد به عبد العزيز بن محمد (٤).

روى ابن عساكر قال أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال قرأت على عمي الشريف الأمير نقيب الطالبيين أبي البركات عقيل بن العباس الحسيني قلت أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق أنا

__________________

الصحيح وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه قال بن حبان في الثقات يخطئ وقال في الضعفاء كان يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات وقال بن شاهين في الثقات اختلف قول بن معين فيه وقال في الضعفاء قال أحمد بن صالح حديث فضيل عن عطية عن أبي سعيد حديث الله الذي خلقكم من ضعف ليس له عندي أصل ولا هو بصحيح وقال بن رشدين لا أدري من أراد أحمدبن صالح بالتضعيف أعطية أم فضيل بن مرزوق وقال العجلي جائزالحديث صدوق وكان فيه تشيع وقال أحمد لا يكاد يحدث عن غير عطية. وفي تقريب التهذيب انه توفي في حدود الستين بعد المائة.

(١) الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٥٢.

(٢) الطبراني ، المعجم الصغير ج ١ ص ٢٣١.

(٣) قال الرازي في الجرح والتعديل ، نصر بن عمر أبو سلمة الصائغ روى عن سقط روى عنه وكيع ويحيى الحماني سألت أبي عنه فقال شيخ.

(٤) الطبراني ، المعجم الصغير ج ٢ ص ٨٤.

٣٣٢

أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي نا جعفر بن محمد بن عنبسة اليشكري بالكوفة نا يحيى بن عبد الحميد الجماني نا قيس بن الربيع عن سعد الخفاف عن عطية العوفي عن محدوج بن زيد الذهلي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما آخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره ثم قال يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أما تعلم تعلم أن أول» «من يدعى به يوم القيامة يدعى بي فأقام عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بأبيك إبراهيم عليه‌السلام فيقام عن يمين العرش فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين والمرسلين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين فيكسون حللا خضرا من حلل الجنة وأنا أخبرك يا علي أنه أول من يدعى بي من أمتي يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد يستبشر به ادم وجميع من خلق الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين فيستظلون بظل لوائي فتسير باللواء بين السماطين الحسن بن علي عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة فينادي مناد من عند العرش يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك وهو علي يا علي إنك تدعى إذا دعيت وتحيا إذا حييت وتكسى إذا كسيت» (١).

وروى احمد قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عمار بن خالد ثنا إسحاق بن الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان (ت ١٤٥) (٢) عن عطية عن زيد بن أرقم قال

__________________

(١) ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٥٣.

(٢) ابن حجر ، تهذيب التهذيب ، خت م ٤ البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة عبد الملك بن أبي سليمان واسمه ميسرة أبو محمد ويقال أبو سليمان وقيل أبو عبد الله العرزمي أحد الأئمة روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبيرياح وسعيد بن جبير وسلمة بن كهيل وأنس بن سيرين ومسلم بن يناق وابن الزبير وعبد الله بن عطاء المكي وأبي حمزة الثمالي وزبيد اليامي وعبد الله بن كيسان مولى أسماء وعبد الملك بن أعين وغيرهم ، قال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد ويحيى يقولان عبد الملك بن أبي سليمان ثقة وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين ضعيف وقال بن عمار الموصلي ثقة حجة وقال العجلي ثثبت في الحديث وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبد الملك بن أبي سليمان ثقة متقن فقيه. قال الهيثم بن عدي مات في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة وفيها أرخه غير واحد ، وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ وكان من خيار أهل الكوفة وحفظائهم والغالب على من يحفظ ويحدث أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحت عنه السنة

٣٣٣

خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجحفة يوم غدير خم وهو آخذ بعضد علي فقال يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فعذا مولاه (١).

وروى الطبراني قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سويد بن سعيد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (٢).

وروى احمد قال حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي (٣) عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض (٤).

أقول : رواه عن عطية أيضا : الأعمش وكثير النوى وطلحة بن مصرف وأبو الجحاف وعبد الملك بن سليمان العرزمي وهارون بن سعيد واسرائيل وفضيل بن مرزوق.

يحيى بن يعمر البصري الفقيه قاضي مرو :

قال الذهبي يحيى بن يعمر القاضي أبو سليمان ويقال أبو عدي العدواني البصري

__________________

بأوهام بهم فيها والأولى فيه قبول ما يروي بتثبت وترك ما صح أنه وهم فيه ما لم يفحش فمن غلب خطأه على صوابه استحق الترك.

(١) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٥ ص ١٩٥.

(٢) الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٣٩.

(٣) البخاري ، التاريخ الكبير ج ١ ص ٣٤٦ إسماعيل بن أبي إسحاق أبو إسرائيل العبسي الملائي الكوفي مولى سعد بن حذيفة عن الحكم وعطية ضعفه أبو الوليد. قال أحمد حدثنا حجاج قال أبو إسرائيل ولدت بعد الجماجم بسنة وكانت الجماجم سنة ثلاث وثمانين ولي ثمان وسبعون سنة تركه بن مهدي. قال ابن سعد في الطبقات الكبرى ج ٦ أبو إسرائيل الملائي العبسي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق قال يقولون إنه صدوق وكان بهز بن أسد يحكي أنه سمع أبا إسرائيل تناول عثمان وأشياء نحو هذا تحكى عنه. أقول : وتضعيفه لأجل تناوله عثمان.

(٤) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٣ ص ١٤.

٣٣٤

الفقيه قاضي مرو روى عن أبي ذر وعمار وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وأبي الأسود الديلي وغيرهم وعنه عبد الله بن بريدة وقتادة ويحيى بن عقيل وعطاء الخراساني وسليمان التيمي وإسحاق بن سويد العدوي قال أبو داود لم يسمع من عائشة قلت فما الظن بالذين قبلها وقيل أنه أول من نقط المصحف وكان أحد الفصحاء الفقهاء أخذ العربية عن أبي الأسود وكان الحجاج قد نفاه فقبله قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان وكان له عدة نواب ثم عزله قتيبة لما بلغه عنه شرب المنصف متفق على حديثه وثقته (١).

قال ابن حجر قال قال الحاكم : وقال الحاكم يحيى بن يعمر فقيه أديب نحوي مروزي تابعي وأكثر روايته عن التابعين وأخذ النحو عن أبي الأسود الديلي نفاه الحجاج إلى مرو فقبله قتيبة بن مسلم وقد قضى في أكبر مدن خراسان وكان إذا انتقل من بلد استخلف على القضاء بها وقال أبو الحسن علي بن الأثيرالجزري في الكامل مات سنة تسع وعشرين ومائة كذا قال وفيه نظر وقال غيره مات في حدود العشرين (٢).

قال السيوطي : وأخرج أبو الشيخ ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني انك تزعم ان الحسن والحسين من ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تجده في كتاب الله وقد قرأته من أوله إلى آخره فلما أجده قال ألست تقرأ سورة الانعام (ومن ذريته داود وسليمان) حتى بلغ (ويحيى وعيسى) قال بلى قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب قال صدقت.

قال الرازي في تفسير قوله تعالى (وعلم آدم الأسمء كلها) عن الشعبي قال كنت عند الحجاج فاتي بيحيى بن يعمر فقيه خراسان من بلخ مكبلا بالحديد فقال له انت زعمت ان الحسن والحسين من ذرية رسول الله فقال بلى فقال الحجاج لتاتيني بها بينة واضحة من كتاب الله أو لاقطعنك عضوا عضوا ... (وتلا عليه) قوله تعالى (ومن ذريته داود وسليمان ..) فاطرق ملياهم رفع راسه فقال كأني لم أقرأ هذه الاية من كتاب

__________________

(١) الذهبي ، تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٤٧٥.

(٢) ابن حجر ، تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٢٧٦.

٣٣٥

الله حلوا وثاقه وأعطوه من المال كذا وكذا (١).

دور الامام السجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام

في الكوفة بعد نهضة الحسين عليه‌السلام

كانت إمامة السجاد عليه‌السلام من سنة ٦١ هـ إلى موته سنة ٩٤ هـ ثم إمامة ولده الباقر عليه‌السلام إلى سنة ١١٤ هـ ثم إمامة ولده الصادق عليه‌السلام إلى سنة ١٤٨ هـ وقد استهدف هؤلاء الأئمة الثلاثة مهمتين أساسيتين :

الأول : تربية الشيعة على الحزن والبكاء والزيارة للحسين كصفة دائمية في شخصيتهم واحياء العشرة الأولى من المحرم بذكر مصيبة الحسين وبخاصة يوم العاشر ثم الأربعين التي بدأها علي بن الحسين وجابر بن يزيد الانصاري ثم إقامة مجالس العزاء وانشاد الشعر فيه وقد بدأ ذلك علي بن الحسين بنفسه الشريفة حين بكى أباه قريبا من أربعين سنة ، ونمت الظاهرة وترعرعت برعاية الامامين الباقر والصادق عليهما‌السلام حتى برزت كظاهرة اجتماعية.

الثانية : تربية نوعين من العلماء الأول علماء بكتب علي عليه‌السلام في الفقه والسيرة والتفسير ليثقفوا الشيعة بثقافة كتاب علي عليه‌السلام أمثال محمد بن مسلم الطائفي وزرارة بن اعين وحمران بن اعين وأبان بن تغلب وغيرهم. الثاني علماء من ذرية علي عليه‌السلام ينهضون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نهج الحسين والثورة على الأمويين لللإطاحة بهم وإقامة حكم على نهج علي عليه‌السلام. كزيد بن علي بن الحسين وولده يحيى وعيسى ومحمد وإبراهيم ولدا عبد الله بن الحسن وآخرين من ولده أيضا ومنهم إدريس مؤسس ملك الادارسة في المغرب.

الكوفة على عهد هشام وثورة زيد رحمه‌الله ١١٢ هـ

قال البلاذري وهو يترجم لزيد بن علي رضي‌الله‌عنه : وقرأت في كتب سالم كاتب هشام كتاباً نسخته :

__________________

(١) الرازي ، مفاتيح الغيب ٢ / ١٩٤.

٣٣٦

(أمّا بعد فقد عرفت حال أهل الكوفة في حبِّهم أهل البيت ووضعهم إيّاهم في غير مواضعهم لافتراضهم على أنفسهم طاعتهم ووظَّفوا عليهم شرائع دينهم ونحلتهم إيّاهم عظيم ما هو كائن ممَّا استأثر الله بعلمه دونهم حتّى حملوهم على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة .. (١)

قال البلاذري : وبعث يوسف بن عمر إلى أم امرأة لزيد أزدية ، فهدم دارها وحملت إليه ، فقال لها : أزوَّجتِ زيدا؟ قالت : نعم زوجته وهو سامع مطيع ، ولو خطب إليك إذ كان كذلك لزوَّجته. فقال شُقّوا عليها ثيابها ، فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول : ما أنت بعربي تعرِّيني وتضربني لعنك الله ، فماتت تحت السياط ، ثم أمر بها فأُلقيت في العراء ، فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.

وأخذ امرأة قوَّت زيدا على أمره ، فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها ... وضرب عنق زوجها.

وضرب امرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط. وهدم دورا كثيرة.

وأُتِيَيوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد (وكان زوَّجَ ابنته من يحيى بن زيد) فقال له يوسف : ائتني بابنتك ، قال : وما تصنع بها جارية عاتق (٢) في البيت؟ قال : أقسم لتأتيني بها أو لأضربنَّ عنقك ، (وقد كان كتب إلى هشام يصف طاعته) فأبى أن يأتيه بابنته فضرب عنقه ، وأمر العريف أن يأتيه بابنة عبد الله بن يعقوب فأبى ، فأمر به فدُقَّت.

قال البلاذري : ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال : يا أهل المِدْرَة الخبيثة! (والله ما يقعقع لي بالشِّنان ولا تقرن بي الصعبة) لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم ، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون ، فإنكم أهل بغي وخلاف ، ولقد سألت أمير المؤمنين (هشام بن عبد الملك) أن

__________________

(١) الطبري ، تاريخ الطبري (ج ٧ ص ١٧٠ ـ ١٧١) ولم يذكر الطبري مصدره الذي أخذ الرواية عنه.

(٢) العاتق : الجارية أول ما أدركت.

٣٣٧

يأذن لي فيكم ولو فعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساءكم. إن يحيى بن زيد (١) ليتنقل في حجال نسائكم كما كان أبوه ، يفعل ، وما فيكم مطيع إلا حكيم بن شريك المحاربي ، والله لو ظفرت بيحياكم لعرقت خصييه كما عرقت خصيتي أبيه. (٢)

الكوفة مركز مرجعية الامام الصادق عليه‌السلام

تحرك الأئمة السجاد والباقر ثم الصادق عليه‌السلام في المدينة بصفتهم رواة حديث يأخذون عن الصحابة والتابعين في الجو الذي سمحت به السلطة الأموية على عهد بني مروان امتدادا للسياسة التي وضعها معاوية لإحياء معالم الدولة الأموية الأولى في إطار سيرة الشيخين كخط في قبال الثقافة التي احياها علي عليه‌السلام ومنعت منها الدولة الأموية الثانية ، ثم كونوا لهم بمقدار ما يسمح لهم الظرف السياسي وسطهم الخاص بهم وانفتحوا تدريجيا على الثقاة من اصحابهم يدعونهم إلى ولايتهم ويعرفونهم بكتاب علي عليه‌السلام الذي املاه النبي عليه في السنة ، وكان الجيل الجديد من الشيعة الذي ولد أيام الحجاج لا يعرف من احكام الإسلام الا الذي تبنته الدولة الأموية الثانية وقد اشارت الى ذلك رواية الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن السري أبي اليسع قال :

قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شيء منها ، الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه ولم يقبل [الله] منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ...

فقال : شهادة أن لا إله إلا الله والايمان بأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال الزكاة ، والولاية التي أمر الله عز وجل بها : ولاية آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ،.

قال : فقلت له : هل في الولاية فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم قال الله عز

__________________

(١) ترجم البلاذري ليحيى بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان في انساب الاشراف (ج ٣ ص ٤٥٣ ـ ٤٥٨).

(٢) البلاذري ، انساب الأشراف ج ٣ ص ٤٤٨ ـ ٤٥٠.

٣٣٨

وجل : (يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأُولي الأمر منكم) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

وكان عليا عليه‌السلام وقال الآخرون : كان معاوية ،

ثم كان الحسن عليه‌السلام

ثم كان الحسين عليه‌السلام وقال الآخرون : يزيد بن معاوية ولا سواء ولا سواء

قال : ثم سكت ثم قال : أزيدك؟

فقال له حكم الأعور : نعم جعلت فداك.

قال : ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبا جعفر.

وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس. (١)

وكان الفرد الشيعي آنذاك لا يفاتح بكتاب علي عليه‌السلام وفتاواه الخاصة التي تخالف المشهور عند الناس آنذاك ، حتى تؤخذ منه العهود ان لا يحدث به حتى يأتيه الإذن كما في رواية زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الجد فقال «ما أجد أحدا قال : فيه إلا برأيه إلا أمير المؤمنين عليه‌السلام» قلت : أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام؟

فقال «إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب علي»

قلت : أصلحك الله حدثني فإن حديثك أحب إلي من أن تقرأينه في كتاب ،

فقال لي الثانية «أسمع ما أقول لك إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب ، فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي التي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر وكنت أكره أن أسأله إلا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضرني بالتقية فلما دخلت عليه أقبل علي ابنه جعفر ، فقال «أقرئ زرارة صحيفة الفرائض» ثم قام لينام فبقيت أنا وجعفر في البيت فقام فأخرج إلي صحيفة مثل فخذ البعير.

__________________

(١) الشيخ الكليني ، الكافي ج ٢ ص ١٩ ـ ٢١.

٣٣٩

فقال «لست أقرئكها حتى تجعل لي عليك الله أن لا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك» ولم يقل : حتى يأذن لك أبي ،

فقلت : أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك؟

فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك»

فقلت : فذاك لك ، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا ، بصيرا بها ، حاسبا لها ، ألبث الزمان اطلب شيئا يلقيي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه ، فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفس وقلة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرأوه باطل حتى أتيت على آخره ثم أدرجتها ودفعتها إليه فلما أصبحت لقيت أبا جعفر عليه‌السلام.

فقال لي «أقرأت صحيفة الفرائض؟»

فقلت : نعم ، فقال «كيف رأيت ما قرأت؟»

قال : قلت : باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه ،

قال «فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق ، الذي رأيت إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط علي عليه‌السلام بيده». (١)

وقد استغل الامام الباقر عليه‌السلام تغير السياسية الأموية من الشدة إلى السماحة النسبية أيام عمر بن عبد العزيز (٩٩ ـ ١٠١ هـ) وكذلك الامام الصادق استغل أخريات العهد الأموي وبدايات العهد العباسي ان يربيا فقهاء الشيعة أمثال محمد بن مسلم وزرارة بن اعين وأبان بن تغلب (٢) وكان الامام الباقر يقول لهذا الأخير : (اجلس في مجلس المدينة

__________________

(١) الفيض الكاشاني ، الوافي ، مكتبة الامام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام العامة ـ أصفهان ١٤٠٦ هـ ج ٢٥ ص ٧٥١ ـ ٧٥٢. عن (الكافي ج ٧ ص ٩٤ والتهذيب ج ٩ ص ٢٧١).

(٢) قال الحموي ياقوت في مجمع الادباء ١ / ١٠٨ ابان بن تغلب بن رياح الجريري ، أبو سعيد البكري مولى بنى جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ـ ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مصنفي الإمامية ، ومات أبان في سنة إحدى وأربعين ومائة قال أبو جعفر هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا لقي أبا محمد علي بن الحسين ،

٣٤٠