الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

السيّد سامي البدري

الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-499-295-7
الصفحات: ٦١٤

الباب الثاني / الفصل السابع

مقارنة بين صلح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبية وصلح الحسين عليه‌السلام

الخليفة التاريخية لكلا الصلحين :

كانت الخليفة التاريخية لكل من الصلحين هي الاعلام الكاذب وتشويه الحقيقة تسويغا للموقف العملي المتمثل بالقتال بهدف استئصال الطرف الآخر.

فقد شنت قريش المشركة (الآباء) بقياد أبي سفيان الحرب على النبي في بدر وأحد وكانت تقول في تفسيرها للحرب انها تدافع عن نفسها وعن بيت إبراهيم ودين إبراهيم وان محمدا كان كاذبا ساحرا افسد في دين إبراهيم وانه هتك حرمة البيت وسفك الدم الحرام في الشهر الحرام حين اعتدى على القوافل القرشية وقطع الطرق الآمنة عليها ، مع ان العرب كانت تحترمها وتدافع عنها لأنه قوافل سدنة البيت وخدمة الحجيج. ولم تكشف قريش الحقيقة من انها كانت البادئ بالظلم حين عذبت المسلمين الأوائل وفتنتهم عن دينهم ثم صادرت أموالهم بعد هجرتهم إلى يثرب ، وان النبي بعث سراياه تغير على قوافل قريش مقاصَّةً لها لا غير.

واستمرت قريش في اعلامها الكاذب ونجحت فيه حين استطاعت ان تحشد قريبا من عشرة آلاف مقاتل في غزوة الخندق في السنة الخامسة من الهجرة مضافا إلى خيانة يهود المدينة لعهدهم مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان لا يعينوا عدوه عليه.

٢٨١

بعد ان باءت خططها في الخندق بالفشل أوحى الله تعالى إلى نبيه ان يغير الخطة مع قريش بان يذهب إلى مكة معتمرا معه الهدي ويعرض عليهم الصلح فإذا ما صدوا زيارته للبيت وطلبه للصلح عرفت ان قريشا هي التي تصر على الحرب وليس محمدا ، وانها هي التي تصد عن البيت وليس محمدا ، وإذا ما قبلوا الصلح وتعنتوا في الشروط لحميتهم وجاهليتهم فسوف تعرف القبائل ان قريشا هي التي تصد عن البيت وليس محمدا لأنه ردوه وأصحابه مع انهم جاؤوا محرمين معهم الهدي تعظيما للبيت ، وبالتالي سوف يفتح النسا على حقيقة جديدة هي ان قريشا كانت كاذبة في اعلامها ضد محمد وان على الناس ان يتعرفوا عن قرب على محمد ورسالته.

وكذلك كانت قريش المسلمة (الأبناء) بدفعٍ وتخطيط من معاوية بن أبي سفيان والي الشام ، حيث اقتطعت البصرة بعد ان غدرت ببيعتها لعلي ثم غدرت بعهدها مع عثمان بن حنيف والي علي عليها ، ثم جاءها علي ليقاتل الناكثين ويعيد البصرة وأهلها إلى الأمة ، وبعد هزيمتها وخسارتها في المعركة اصطفت وراء معاوية في الشام ، ليعلن عن فصل الشام عن الأمة وعلي ، ولم يكن أمام علي عليه‌السلام الا ان يبادر إلى مقاتلة القاسطين البغاة ليرجع الشام وأهلها إلى الأمة ، ولم تنته المعركة كما انتهت في الجمل بل استطاع معاوية ان يقف على رجليه ويحقق فصل الشام ثم مصر وافريقيا وكما استطاع ان ينشئ اعلاما كاذبا يفسر حرب الجمل وصفين للجند وللناس الذين يحكمهم بتفسير كذب خلاصته : ان عليا هو سبب الحروب وانه كان يطلب الملك ، وانه قتل عثمان ، وانه مفسد في دين النبي ، واستطاع معاوية ان يوزع جيشه على شكل كتائب وسرايا تغير على أطراف البلاد الخاضعة لحكومة علي عليه‌السلام ، وجهز علي جيشه العقائدي ليضع حدا لغارات معاوية وشاء الله تعالى ان يغتاله ابن ملجم وهو في الكوفة.

وبايع العراقيون الحسن على العمل بكتاب الله وسنة النبي انطلاقا مما لديهم من النصوص النبوية فيه وفي أبيه من قبل ،

وبايع الشاميون معاوية على العمل بكتاب الله وسنة النبي وسيرة الشيخين كما بويع عثمان من قبل ، وعرض معاوية الصلح على الحسن بان يبقى كل طرف على

٢٨٢

بلاده التي بايعته ، وجعل الحسن أمام إحراجين اما قبول الصلح وهذا معناه تكريس الانشقاق وتكريس الاعلام الكاذب ضد علي ، واما رفضه ومعناه تكريس الاعلام السلبي ضد علي أيضا بان ولده على خط أبيه في إثارة الحرب ،

وبادره الحسن بأطروحة صلح تستهدف فضحه وكسر الطوق الاعلامي الكاذب عن علي في الشام مستمدا روحها من صلح الحديبية ، وهي معادلة قوامها : ان يسلم الحسن ملك العراق بشروط يعينها الحسن ولا مجال للمساومة عليها ، فاما ان يقبل معاوية الشروط ويتسلم الملك ويتحقق الأمان للناس ووحدتهم والفتهم وتفهمهم للحقائق واما ان يرفض الشروط فيكون معاوية هو طالب الحرب وطالب الانشقاق.

الواقع التاريخي لمجريات صلح الحديبية ونتائجه :

١. خرج النبي في ألف وأربعمائة أو ألف وثمانمائة وخمسين شخص من أصحابه مُحْرِمين يسوقون الهدي بني أيديهم وكان ذلك سِتّ من الهجرة وسمعت قريش بذلك ، فخرجوا جميعا يعاهدون الله أن لا يدخل محمد وأصحابه مكة أبداً وبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم أحدَ حُلَفائهم الحُلَيْس بن علقمة الكناني سيِّد الأحابيش وكان قد أثَّر فيه مشهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه والهدي أمامهم وقال لقريش : «رأيت البُدْنَ (١) قد قُلِّدت وأُشْعِرت فما أرى أن يُصَدّوا عن البيت».

فقالوا : «اجلس إنَّما أنت أعرابيّ لا عِلمَ لك».

فغضب وقال : «يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم أيُصَدُّ عن بيت الله من جاءه معظِّما له؟ والذي نفسي لَتُخْلُنَّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفِرَنَّ بالأحابيش نَفْرَة رجل واحد».

قالوا : «مه ، كُفّ عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به».

٢. وبعثت قريش سُهيْلَ بن عمرو ليصالح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شريطةَ أن يَرجِع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا العام. وفوض النبي عليا في صلحه. وقَبِلَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شرط قريش وشروطاً أخرى أملتها عليه ظاهرها التنازل من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لقريش.

__________________

(١) البُدْن : جمع بَدَنَة وهي الإبل السمين.

٢٨٣

٣. أثارت شروط قريش حفيظة أصحاب النبي حيث خفيت عليه حكمة الصلح مما تسبب في شكهم بالنبوة وقام بعضهم بتشويشات. قال عمر : ارتبت ارتياباً لم ارتبه منذ أسلمت إلّا يومئذ ، وراجعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ مراجعة ما راجعته (١) مثلها قط ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعة (٢) ، (وفي رواية مائة على مثل رأيي) تخرج عنهم رغبةً عن القضية لخرجت. (٣)

٤. ثم أمر رسول الله المسلمين أصحبه أن يحلِقوا وينحَروا هَدْيَهم في الحِلّ ، فحلق رجال وقصَّرَ آخرون (٤) منهم عثمان بن عفان (٥). فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يرحم الله المحلِّقين. قالوا : والمقصِّرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال عليه‌السلام : والمقصرين ، قالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت الترحم للمحلقين (٦) دون المقصرين؟ قال عليه‌السلام : لأنَّهم لم يشكُّوا (٧). قال مالك بن ربيعة : وأنا محلوق يومئذ فما سرَّني حمر النَّعم أو خطر عظيم. (٨)

٥. انصرف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة وفي الطريق نزلت سورة الفتح. روى البخاري أنَّ عمر بن الخطاب كان يسير مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلاً فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يُجِبْهُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر : ثكلتك أُمّك يا عمر نَزَرْتَ (٩) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبُك ،

قال عمر : فحركت بعيري ثم تقدمتُ أمام المسلمين وخشيت أن ينزل فيَّ قرآن ،

__________________

(١) يريد انه كان يرد عليه الكلام ولا يقبل منه.

(٢) ومنهى ذلك كان لديه استعداد لو وجد مائة على رأيه لخرج على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله!

(٣) الواقدي ، المغازي ، ج ٢ ص ٦٠٧. أي لوجدت اناسا يؤيدوني لتركنا الصلح وتمردنا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٤) ابن كثير ، البداية والنهاية ج ٤ ص ١٦٩.

(٥) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٠٤. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٣ ص ٨٩ حديث ١١٨٦٥.

(٦) أي لم قويت جانب المحلقين بالترحم عليهم دون المقصرين.

(٧) الطبري ، تاريخ الطبري ، ج ٢ ص ٦٣٧. وابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٤ ص ١٦٩. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ، ج ١ ص ٣٥٣ حديث ٣٣١١.

(٨) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٤.

(٩) أي الحَّ عليه ليكلمه فلم يكلمه واعرض عنه.

٢٨٤

فما نَشِبْتُ (١) أن سمعت صارخاً يصرُخ بي قال : لقد خشيت أن يكون نزل فيَّ قرآن ، فجئت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلمت عليه ، فقال : لقد أُنزِلت عليَّ الليلة سورة لَهِيَ أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً). (٢)

قال مُجَمَّع بن جارية : شهدت الحديبية مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما انصرفنا عنها إذ الناس يوجِفون (٣) الأباعر (٤) فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال فخرجنا نوجِف مع الناس حتى وجدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واقفا عند كُراع الغَميم (٥) ، فلما اجتمع إليه بعض من يريد من الناس قرأ عليهم (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) ، قال رجل من أصحاب محمد : يا رسول الله أو فتح هو؟ قال : أي والذي نفسي بيده إنّه لفتح. (٦)

قال ابن عُقْبَة : وأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الحديبية راجعاً فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما هذا بفتح ، لقد صُدِدُنا (٧) عن البيت وصُدَّ هّدْيُنا وردَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رجلين من المسلمين كانا خرجا إليه ، فبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قول أولئك فقال : بئس الكلام بل هو أعظم الفتح ... (٨)

٦. قال سَلَمة بن الأكْوَع : بينما نحن قافِلون (٩) من الحديبية نادى منادي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيها الناس البيعة ، البيعة ، قال : فسرنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو تحت شجرة سَمُرة (١٠) فبايعناه ، وذلك قول الله تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)

__________________

(١) أي ما لبثتُ.

(٢) ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٤ ص ١٧٦. المقريزي ، امتاع الأسماع ، دار الكتب العلمية بيروت ١٩٩٩ م ، ص ٣٠٢.

(٣) أي يحثون الاباعر لتسرع في السير.

(٤) أوجف دابّته : إذذا حثها على السير (لسان العرب).

(٥) اسم موضع بين مكة والمدينة.

(٦) البخاري ، صحيح البخاري بحاشية السندي ج ٢ ص ٢٠٦. وابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج ٢ ص ١٠٥.

(٧) صُدَّ عن البيت : أي منع من دخوله.

(٨) ابن سيد الناس ، عيون الاثر ، مؤسسة عز الدين بيروت ١٤٠٦ ـ ١٩٨٦ م ، ج ٢ ص ١٢٣.

(٩) أي راجعون.

(١٠) نوع من الشجر يستفاد من خشبة في تسقيف البيوت.

٢٨٥

الفتح / ١٨. (١)

أقول : من الواضح ان هذه البيعة هي بيعة لتصحيح إيمان الذين خدشوا إيمانهم بشكهم في النبوة الانف الذكر.

قال علي بن إبراهيم : واشترط عليهم أن لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً يفعله ولا يخالفوه في شيء أمرهم به. (٢) (٣)

٧. تحقَّق للنبي ما أراد من الصلح حيث أدركت القبائل أن قريشاً هي التي تصُدُّ عن البيت زواره وليس محمداً ، وفي ظل الأجواء الآمنة الجديدة تفهمت القبائل حقيقة الأمر في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحقيقة رسالته وانفتحت على الإسلام أعداد كبيرة من الناس واستطاع النبي ان يحشد عشرة آلاف ممقاتل لما غزا مكة بعد ان نقضت قريش الصلح بعد سنتين ونصف.

٨. كان صلح الحديبية هو (الفتح المبين) كما سماه القرآن وهو (اعظم الفتوح) كما سماه النبي لأنه الأساس في فضح قريش وكسر الاعلام الكاذب ضد النبي ومن ثم اختلاط الناس بعضهم ببعض ليعرفوا حقيقة الرسالة ، وكل المكاسب التي جاءت بعدع هذا الصلح وكان أبرزها فتح مكة فهي من ثمراته اليانعة.

٩. لم يؤثر على اعظم الفتوح ما حصل بعد ذلك من انقلاب على الأعقاب (٤) قامت به قريش المسلمة بعد وفاة النبي وغيرت كثيرا من معالم الرسالة باسم الإسلام كان

__________________

(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٢١.

(٢) القمي ، تفسير القمي ، دار الكتاب رقم ١٤٠٤ هـ ، ج ٢ ص ٣١٥.

(٣) أقول : إنَّ الاتجاه العام لروايات صلح الحديبية يفيد ان البيعة كانت قبل رجوعهم من الحديبية وانها كانت للقتال لما اشيع ان قريشاَ قتلت عثمان رسول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اليهم وكان النبي قد بعثه ليخبرهم انه لم يجيء للحرب بل جاء لأداء الحج ، وبخلاف روايات أصحاب السير جاءت رواية علي ابن إبراهيم في تفسيره التي تفيد ان البيعة كانت بعد إبرام الصلح ورجوع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الحديبية والهدف هو تصحيح إيمان من كان مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أن لا يناقشوه في شيء يُبيِّنه من أمر الدين ولكنهم لم يفوا بتلك البيعة حيث ناقشوه في أمر حجّة التّمتع كما سيأتي وقد ذكر الطبري في تاريخه ان السورة إنما نزل بعد الرجوع من الحديبية وفي هذا تأييد لرواية علي بن إبراهيم.

(٤) وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الانقلاب في قوله تعالى (وما محمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشّاكرين) آل عمران / ١٤٤.

٢٨٦

أبرزها حج التمتع حيث نهت عنه قريش المسلمة بزعامة الخليفة الثاني (١) ، وحرَّمت على أهل البلاد المفتوحة شرقا وغربا فضلا عن الصحابة ان يحجوا حج التمتع كما نهت عن تداول أحاديث النبي في أهل بيته ، فقد نهض علي الذي اعده الله ورسوله لمهمة الهداية بعد النبي سنة ٢٧ هجرية مستندا إلى الثروة الفكرية المخزونة في صدور الصحابة لإحياء حج التمتع وأحاديث النبي في أهل بيته الممنوعة من قبل قريش المسلمة ، وحقق نجاحا كاملا في النصف الشرقي من البلاد المفتوحة.

مجريات صلح الحسن عليه‌السلام مع معاوية :

١. استشهد علي عليه‌السلام بعد ان بايعه أربعون ألف على الموت لقتال معاوية ووضع حد لغاراته ، وبايعوا بعده ولده الحسن عليه‌السلام ثم بادر معاوية إلى الصلح على ان يبقى كل على البلاد التي بايعته ، وبادره الحسن بالتنازل المشروط لتوحيد الأمة وتأسيس حكم مدني يترك للناس اختيارهم في شؤونهم العبادية الفردية واستجاب معاوية وطار فرحا بذلك.

٢. ذكرت كتب التاريخ ان البعض قد اعترض على الحسن بعد إبرام الصلح وسلم عليه بقوله يا مذل المؤمنين ، ونسب بعض المؤرخين ذلك إلى حجر بن عدي ، وهذا لا يصح في حق حجر وهو من خيار أصحاب علي علما وخلقا ، نعم بالتأكيد صدر من أشخاص لم يؤمنوا أاسا بمشروع علي الإحيائي للسنة.

٣. تحقق للحسن كل ما أراد من توحيد شِقَّيْ الأمة والأمان ، ونشر المؤمنون بمشروع علي من العراقيين صحابة وتابعين كل أحاديث النبي في حقه وكذلك سيرة علي المشرقة التي تبرزه إماما هاديا بعد النبي ، وأقيمت الحجة على أهل الشام بذلك لهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة.

٤. كان صلح الحسن عليه‌السلام مع معاوية فتحا مبينا لمشروع علي عليه‌السلام في الشام ، لأنه الأساس في توحيد أهل القبلة على محبة أهل البيت ومعرفة حديث الغدير وحديث

__________________

(١) انظر تفصيل ذلك في كتابنا شبهات وردود فصل متعة الحج ص ٢١٣.

٢٨٧

الكساء وحديث المنزلة وغيرها من الأحاديث التي تؤسس الإمامة الإلهية لأهل البيت إلى آخر الدنيا وكسر الاعلام الكاذب ضد علي.

٥. وكما اعقب غدر قريش بعهدها مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكة وإعلاء كلمة التوحيد والشهادة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ابد الدهر كذلك حين غدر معاوية بعهده مع الحسن بدس السم له بعد عشر سنوات من الصلح وملاحقة شيعة علي عليه‌السلام واضطهادهم وإعادة الطوق الاعلامي ضد علي في الأمة كلها وليس في الشام فقط اعقب نهضة الحسين لكسر هذا الطوق لينطلق مشروع علي وإمامته الهادية وانتهاء لعن علي في الأمة إلى الأبد.

تحريف الاعلام الأموي أخبار صلح الحديبية عداوةً لعلي عليه‌السلام :

روى عبد الرزاق عن معمر قال سألت الزهري عن كاتب كتاب الحديبية فضحك وقال هو علي بن أبيط الب ولو سألت عنه هؤلاء. (١)

وهذه الرواية تشير بشكل واضح إلى سياسة الأمويين في تحريف الاخبار.

وقد روى ابن أبي الحديد عن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني (ت ٢٢٥ هـ) (٢) في كتابه (الأحداث) قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمَّاله بعد عام الجماعة (٣). (أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته). فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليَّاً عليه‌السلام ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته. وكان أشدَّ الناس بلاءً حينئذ أهلُ الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه‌السلام.

وكتب إليهم : (أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقرِّبوهم وأكرموهم اكتبوا لي بكلَّ ما يروي

__________________

(١) عبد الرزاق الصنعاني ، المصنف ، ج ٥ / ٣٤٣ ، قال حبيب الاعظمي محقق الكتاب : وقد أخرجه أيضا إسحاق بن راهويه في مسنده.

(٢) قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٥٤ ـ ٥٥ في ترجمة المدائني (كان عالماً بأيام الناس وأخبار العرب وأنسابهم عالماً بالفتوح والمغازي ورواية الشعر ، صدوقاً في ذلك ، وقال يحيى بن معين ثقة ثقة ثقة. وقال ابن النديم في الفهرست ص ١١٣ ولد سنة ١٣٥ هـ وتوفي سنة ٢٢٥ هـ وله ثلاث وتسعون ثم ذكر أسماء كتبه في أربع صفحات.

(٣) أقول : كان ذلك بعد وفاة الحسن عليه‌السلام حسب تحقيقنا.

٢٨٨

كلَّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته). ففعلوا ذلك حتَّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصِّلات والكِساء والحِباء والقَطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيءُ أحد مردود من الناس عاملاً من عمَّال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلَّا كتب اسمه وقرَّبه وشفَّعه فلبثوا بذلك حيناً.

ثم كتب إلى عُمَّاله : (إنَّ الحديث في عثمان قد كَثُر وفَشا في كل مِصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلَّا وتأتوني بمناقض له في الصحابة فإنَّ هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني وأدحض لِحُجَّة أبي تراب وشيعته وأشدُّ عليهم من مناقب عثمان وفضله).

فقُرئت كتبه على الناس فرُويت أخبار كثير في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها.

وجَدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتَّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر وأُلقِيَ إلى معلِّمي الكتاتيب فعلَّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتَّى رووه وتعلَّموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علَّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله). (١)

أقول :

ومن هذه الاخبار الموضوعة : ما اشتهر في كتب الحديث والتاريخ من ان قريشا فوضت أمر صلحها إلى سهيل بن عمر وانه جاء إلى النبي يفاوضه مباشرة ، بينما تنص رواية الطبري على ان النبي فوض أمر صلحه إلى علي. (٢)

ومنها أيضا : قصة بيعة الرضوان حيث جعلها الاعلام الأموي من اجل عثمان حيث بعثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قريش ليفهمهم انه جاء معظما للبيت وانه يريد الصلح معهم ، ثم اشيع ان قريش قتلت عثمان ، وليس من شك ان ذلك ليس متوقعا من قريش لمكانه

__________________

(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١١ ص ٤٥٤.

(٢) الطبري ، تاريخ الطبري ، ج ٢ ص ٥٣٩.

٢٨٩

من بني أمية ، ومكانة بني أمية من قريش في حروبها مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقد اشتهر ان البيعة تمت قبل الصلح ، بينما تفيد أخبار أخرى صحيحة ان : بيعة الرضوان قد حصلت بعد ان تم الصلح وقفلوا من الحديبية راجعين إلى المدينة والغرض منها هو تصحيح الإيمان وليس شيئا آخر وقد مرت المصادر في ذلك.

٢٩٠

الباب الثاني / الفصل الثامن

مقتطفات من تاريخ الكوفة من سنة ١٤ هـ ـ ١٤٨ هـ

الكوفة قبل الفتح الإسلامي للعراق وقبل تمصيرها

الكوفة جغرافيا تتألف من ارض حمراء سهلة مستوية (٢٣ ـ ٢٤ م عن سطح البحر) قريبة من مستوى نهر فرات الكوفة تبدأ أرضها بالارتفاع التدريجي باتجاه الغرب والجنوب الغربي والشمال الغربي حتى يصل ارتفاعها إلى ٨٠ م ـ ١٠٠ م عن سطح البحر ويعرف المرتفع منها ب (ظهر الكوفة) ويمتد هذا الظهر من منطقة الذكوات البيض موضع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجنوب الشرقي من الهضبة إلى كربلاء موضع قبر ولده الحسين الشهيد عليه‌السلام في الشمال الشرقي من الهضبة.

وقد روي عن الامام علي عليه‌السلام انه قال حين ذكر مقتل الحسين (بأبي هو وأمي المقتول بظهر الكوفة).

وفي معجم البلدان : الف أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين بن علي وسمي الطف لأنه مشرف على العراق من أطف على الشيء بمعنى أطلَّ ، والطف : طف الفرات ، أي الشاطئ. (١)

والطرف المرتفع من (ظهر الكوفة) هذا من كربلاء إلى النجف طوله مائة وعشرة من

__________________

(١) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٤ ص ٣٦.

٢٩١

الكيلومترات يتألف من قوسين ، القوس الأسفل ويعرب ب (طار النجف) أو (طارات النجف) ، والقوس الأعلى ويعرف ب (طار كربلاء) أو طارات كربلاء ، يلتقي منتهى طار النجف بمنتهى طار كربلاء للقادم من بحيرة الرزازة في منطقة تسمى ب (منطقة التقاء الطارين وترتفع ١٥٠ م ـ ٢٠٠ م عن سطح البحر ، وتشكل هذه الطارات على امتدادهما من الشمال إلى الجنوب الضفة الشرقية أو الجرف الشرقي لنهر فرات الكوفة قبل مليون سنة ، ثم تبدل مجرى النهر إلى جهة الشرق ، وهذا الطار بجزئيه يراه القادم من جهة الغرب كأنه الحد الفاصل بين ارض السواد والصحراء ، وقد سماه بطليموس في خارطته ب (جبال بابل) ، وسماه أمير المؤمنين عليه‌السلام ب (طورسينين) قال (إذا أنا مت فادفنوني في هذا الظهر وهو أول طور سينين) ، و (سينين) أو (سيناء) اسم لمدينة بابل قبل ان تعرف سيناء المصرية (١).

وهكذا تتعدد الأسماء : (ظهر الكوفة) ، (طور سينين أو طور سيناء) (طف الفرات) (جرف الفرات.

وأيضا (نجف الحيرة) أي المرتفع قرب الحيرة ، (نجف الكوفة)

والنجف : الأرض المرتفعة التي لا يعلوها السيل.

وأيضا (بانقيا) وتعني حرفيا الأرض الحمراء.

وكان إلى جانب هذا الجرف من جهة الغرب بحر يسمى ببحر (النجف) وهي تسميته منذ ألف سنة أو اكثر وكان يسمى أيضا قبل ذلك ب (بحر بانقيا) وبانقيا هي (فينقيا) بإبدال الباء إلى فاء والألف إلى ياء وهو كثير في اللغات السامية أو اللهجات المحلية ، وفينقيا حرفت إلى (فينكس) () في معجم (كتابات هوميروس) (اللغة ألإغريقه الأقدم) : اللون الأحمر ، وأيضا النخل ، التمر. وقد سماه من قبل (بيروسس الكلداني) ب (البحر الأحمر) وهو ترجمة لبحر بانقيا. اما البحر الأحمر اليوم فقد كان اسمه الأقدم كما في خارطة بطليموس (البحر العربي) وكان الخليج في خارطته اسمه الخليج الفارسي.

__________________

(١) للتفصيل انظر بحثنا النجف موسى سفينة نوح المنشور في مجلة تراث النجف العدد الأول سنة ٢٠٠٩ م ـ ١٣٣٠ هـ.

٢٩٢

ويبدأ تاريخ الكوفة الحضاري والديني من زمن ادم وأوصياءه عليه‌السلام ، ففيها مسجد الكوفة وهو مسجد ادم ومسجد السهلة وهو بيت إدريس ، وعلى الذكوة الجنوبية الشرقية من الذكوات البيض التي عليها مسجد الطريحي اليوم رست عليها سفينة نوح وبقيت السفينة بعد الطوفان قلعة الحياة تحيطها المياه ، ولما انسحبت المياه باتجاه الشرق بنى نوح مسجد الكوفة وسكن وأولاده عنده ثم تفرقت ذرية نوح فيما بعد إلى الشمال والجنو وبنوا مدن بابل وسومر وغيرهما من مدن الوسط والجنوب.

ان اسم النجف والحيرة قديم فقد وجد في وثيقة ملحمة جلجامش باللغة ألأكديه منذ اكثر من أربعة آلاف سنة. كما ان اسم كربلا قديم أيضا حيث وجد في ملحمة زيوسدرا السومرية بأقدم من ذلك.

قال الحميري في الروض المعطار : الكوفة : هي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة أربع عشرة ، وهي على معظم الفرات ومنه شرب أهلها ، سميت بجبل صغير في وسطها كان يقال له كوفان وعليه اختطت ولها ضياع ومزارع ونخل كثير ، وأهلها مياسير ، ومياهها عذبة ، وماؤها صحيح ، وأهلها من صرح العرب لكنهم الآن متحضرون. وقال محمد بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : كانت الكوفة منزل نوح عليه‌السلام. (١)

ومن اهم محالّ الكوفة قديما الحيرة عاصمة ملوك لخم كان يقصدها شعراء العرب قبل البعثة. وتقع على بحر النجف الذي تكون من بقايا الفرات الأول ومن السيول التي تغزو المنطقة من الهضبة الغربية سنويا ولولا جرف النجف هذا لما امكن السكن في سهل الكوفة ، وكان هذا السهل أيام الفتح رملة حمراء خالية من السكان ، بعد الفتح الإسلامي وقع الاختيار عليها ومصرت زمن الخليفة عمر بن الخطاب وحددت معالم المسجد من قبل سلمان المحمدي أو حذيفة بن اليمان أخذ ذلك عن علي عليه‌السلام وقد ورد في الكوفة رواية يرويها أمير المؤمنين علي عن النبي قال (كوفان يُرَدُ اولُها على آخرها) كما ورد فيها انها عاصمة المهدي عند ظهوره.

__________________

(١) الحميري ، محمد بن عبد المنعم ، الروض المعطار في خبر الاقطار ، تحقيق الدكتور إحسان عباس ، مكتبة لبنان ١٩٨٤ م ، ج ١ ص ٥٠١.

٢٩٣

الكوفة على عهد الخليفة عمر بن الخطاب ١٤ ـ ٢٣ هجـ (عشر سنوات)

مكرسة لسياسة الخليفتين

قال البلاذري ان عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص (لما فتح بالعراق) يأمره أن يتخذ للمسلمين دار هجرة ، وأن يجعل بينه وبينهم بحرا. فاختط الكوفة أقطع الناس المنازل ، وأنزل القبائل منازلهم ، وبنى مسجدها وذلك في سنة سبع عشرة. (١)

قال البلاذري قال عمر : بالكوفة وجوه الناس. وقال : هم رمح الله وكنز الإيمان وجمجمة العرب ، يحرسون ثغورهم ويمدون أهل الأمصار (٢). وقالوا : لما هرب يزدجرد من حلوان في سنة تسع عشرة ، تكاتبت الفرس وأهل الري وقومس وإصبهان وهمذان والماهين وتجمعوا إلى يزدجرد وذلك في سنة عشرين ، فأمر عليهم مردانشاه ذا الحاجب ، وكانت عدة المشركين يومئذ ستين ألفا ويقال مئة ألف. وقد كان عمار بن ياسر كتب إلى عمر بن الخطاب بخبرهم ، فهمَّ أن يغزوهم بنفسه ، ثم خاف أن ينتشر أمر العرب بنجد وغيرها ، وأشير عليه بأن يغزى أهل الشام من شامهم ، وأهل اليمن من يمنهم ، فخاف إن فعل ذلك أن تعود الروم إلى أوطانها وتغلب الحبشة على ما يليها. فكتب إلى أهل الكوفة يأمرهم أن يسير ثلثاهم ويبقى ثلثهم لحفظ بلدهم وديارهم. (٣)

ومن ذلك تتضح أهمية الكوفة في الجبهة الشرقية للبلاد الإسلامية ، فهي مركز البعوث المهمة إلى بلدان المشرق في قبال الشام مركز البعوث المهمة إلى المغرب.

وقد حرص الخليفة عمر على ان تنضبط الكوفة ببنود سياسة الدولة القرشية حين انزل بمن يخالف سياسته منهم اعظم العقاب من اجل ان يكون نكالا لغيره ، ولا نعلم عقوبة في التاريخ الإسلامي أقسى من عقوبة عمر لصَبيغ التميمي على ذنب كذنبه ، فقد عاقبة الخليفة بنفسه لمدة يومين يضربه بعراجين النخل على ظهره وراسه حتى تفجرت الدماء منه ، ولم يكن لصبيغ ذنب سوى مخالفته لأمر عمر بعدم السؤال عن تفسير القرآن! ، وفي اليوم الثالث جاءه الخليفة ليواصل ضربه له توسل به صبيغ قائلا يا أمير

__________________

(١) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٣٨.

(٢) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٥٤.

(٣) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٧١.

٢٩٤

المؤمنين ان كنت تريد قتلى فاقتلني غير هذه القتلة وان كنت تريد شفائي مما بي فقد شفيت ، فعفا عنه (وحمله على قَتَب ، وكتب إلى أبي موسى الأشعري : امنع الناس من مجالسته) (١). وكتب إلى والي الكوفة منطقته مسؤوله العسكري ان يقطع عطاءه وان لا يعاشره احد ، فكان الناس إذا دخل المسجد يتحامون اللقاء به لان الخليفة قد أمر بعدم السلام عليه فهذه العقوبة لذلك الذنب مما لم يعرف نظيره في تاريخ الإسلام!

وليس من شك ان هذه العقوبة لأجل أهمية العسكر الكوفي فكل من يسمع بهذه القصة سوف يرتدع عن مخالفة أي مرسوم تصدره الدولة فيما بعد.

وهذا السياسة القاسية ليست فقط في الأمصار المستحدثة بل حتى في المدينة وهي مركز صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث تذكر لنا كتب الحديث ان أبا موسى الاشعري طرق باب عمر في إحدى زياراته له ولم يجبه وانصرف أبو موسى فبعث عمر حاجبه يرفأ خلفه وارجعه ، وساله عمر هلا انتظرت ـ قال اني سمعت رسول الله «إذا استأذن أحدكم على أخيه ثلاثا فلم يجبه فلينصرف» ، قال له عمر لتأتينِّي ببيِّنة عليه أو لأُدمِيَنَّ ظهرك. (٢)

وكتب عمر إلى ولاته في الأمصار ان يلاحقوا الصحف المنتشرة لإتلافها كما في الرواية الآتية :

روى الخطيب عن سفيان بن عينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة «ان عمر بن الخطاب أراد ان يكتب السنة ثم بدا له ان لا يكتبها ، ثم كتب في الأمصار : من كان عنده منها شيء فليمحه». (٣)

روى الخطيب أيضا عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : «جاء علقمة بكتاب من مكة او اليمن صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت بيت النبي ، فاستأذنها على عبد الله (بن مسعود) فدخلنا عليه ، قال فدفعنا إليه الصحيفة ، قال فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن انظر فيها فان فيها أحاديث حِسانا ، قال

__________________

(١) ابن كثير ، تفسير القران العظيم ، دار المعرفة بيروت ١٩٩٢ م ، ج ٧ ص ٤١٣. السيوطي ، الدر المنثور ج ٧ ص ٦١٤ ، الآلوسي ، روح المعاني ، دار الكتب العلمية بيروت ١٤١٥ هـ ، ج ١٩ ص ٣٥٧.

(٢) مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ٣ / ١٦٩.

(٣) الخطيب البغدادي ، تقييد العلم ص ٥٣ ، ابن عبد البر ، جامع بيان العلم ج ١ ص ٦٥.

٢٩٥

فجعل يميثها (١) فيها ويقول : نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا إليك هذا القرآن القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بما سواه» .. وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : «جاء رجل من أهل الشام إلى عبد الله بن مسعود ومعه صحيفة ، فيها كلام من كلام أبي الدرداء وقصص من قصصه ، فقال : يا أبا عبد الرحمن الا تنظر ما في هذه الصحيفة من كلام أخيك أبي الدرداء وقصص من قصصه ، فاخذ الصحيفة فجعل يقرأ فيها وينظر حتى أتى منزله فقال يا جارية آتيني بالإجّانة مملوءة ماء ، فجاءت به فجعل يدلكها ويقول : (الم تلك آيات الكتاب المبين ... نحن نقص عليك احسن القصص) اقصصنا احسن من قصص الله تريدون أو حديثا احسن من حديث الله تريدون». (٢)

روى الدارمي قال أخبرنا يزيد بن هارون أنا أضعث بن سوار عن الشعبي عن قُرَظة بن كعب قال : بعث عمر بن الخطاب رهطا من الأنصار إلى الكوفة فبعثني معهم فجعل يمشي معنا حتى أتى (صرار) وصرار ماء في طريق المدينة فجعل ينفض الغبار عن رجليه ثم قال : إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوما لهم أزيز بالقرآن فيأتونكم فيقولون قدم أصحاب محمد قدم أصحاب محمد فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث ... فأقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم فيه. قال قرظة وان كنت لأجلس في القوم فيذكرون الحديث عن رسول الله وأني لمن أحفظهم له فإذا ذكرت وصيَّة عمر سكتُّ.

قال أبو محمد (الدارمي) : معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله. (٣)

__________________

(١) مات يميث مَيْثاً اذاب الملح في الماء.

(٢) الخطيب البغدادي ، تقييد العلم ص ٥٤. أقول : مما لا شك فيه ان قسما من هذه الصحف المتداولة قد كتبها الصحابة على عهد النبي وبإملاء منه كما يظهر من رواية السمعاني التي رواها بسنده إبراهيم بن بشر بن أبي جوالق ثنا إسماعيل بن صبيح عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر قالت أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأديم وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام عنده فلم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يملي وعليٌّ يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه ، قال السمعاني : وأمثال هذه الكتب كثيرة لو ذكرناها لطال الكتاب والمقصود أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يملي الكتب على كتابه رضي‌الله‌عنهم أجمعين (السمعاني ، أدب الإملاء والاستملاء ، دار ومكتبة الهلال ١٤٠٩ هـ ، ١). الرامهرمزي الحد الفاصل ، ط ٣ ١٤٠٤ هـ بيروت.

(٣) الدارمي ، سنن الدارمي ج ١ ص ٩٧.

٢٩٦

وروى الطحاوي عن سفيان ، عن بيان ، عن عامر الشعبي ، فلما قدم قرظة قالوا : حدَّثنا ، قال : نهانا عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه. (١)

وروى ابن الاثير عن محمد بن إسحاق قال أخبرني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال : والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فجمعهم من الآفاق عبد الله بن حذافة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر فقال : ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في الآفاق قالوا : أتنهانا قال : لا أقيموا عندي لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن أعلم نأخذ ونرد عليكم فما فارقوه حتى مات. (٢)

وبفعل هذه السياسة كان الطابع العام لأهل الكوفة بل لغيرهم أيضا هو الجل بأحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اما على مستوى الولاء فولاؤهم للخليفتين من قريش الحاكمة ، ولم يكن فيها موالون لعلي وأهل بيته الا افرادا معدودين مرتبطين بعمار وسلمان وحذيفة. نعم كان بعض بطون قبيلة همدان في الكوفة لهم ارتباط سابق بعلي عليه‌السلام حيث اسلموا على يده في اليمن سنة ١٠ من الهجرة او قبلها ، ولكن الذي كانت له علاقة من اغلب هؤلاء هم آباؤهم والقليل منهم ممن التقاه في اليمن مضافا إلى بُعد العهد وسياسة الدولة القرشية في إهمال علي عليه‌السلام. ثم صار الولاء لعلي عليه‌السلام ظاهرا أيام عثمان حينما حمل لواء التشيع لعلي حجر بن عدي ومالك الاشتر ونظراؤهم بعد نهضة علي في إحياء حج التمتع كما سيأتي.

الكوفة على عهد عثمان ٢٣ ـ ٢٨ هـ قبل انشقاق قريش عليه مكرسة لسيرة

الشيخين (ست سنوات)

قال عمرو بن ميمون :

«ان عمر لما طُعِنَ قيل له يا أمير المؤمنين لو استخلفت! قال : من استخلف؟

__________________

(١) الطحاوي ، شرح مشكل الآثار ، مؤسسة الرسالة ١٤١٥ هـ ، ١٩٩٤ م ، ج ١٣ ص ٢٥٧. والبيهقي ، معرفة السنن والاثار ، تحقيق سيد كسروي حسن ، الناشر : دار الكتب العلمية ، ج ١ ص ٣١.

(٢) المتقي الهندي ، كنز العمال ج ١٠ ص ٢٩٢. وابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ، ج ٤٠ ص ٥٠٠.

٢٩٧

لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته ... ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته ... ثم قال عليكم بهؤلاء الرهط الذين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (انهم من أهل الجنة) علي وعثمان وعبد الرحمن وسعد وطلحة والزبير فليختاروا رجلا. ثم دعا بهم وقال لهم إني نظرت فوجدتكم رؤساء وقادتهم ولا يكون هذا الأمر إلّا فيكم. (١)

وقال لأبي طلحة الأنصاري اختر خمسين رجلا من الأنصار ، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم ، فان اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبى واحد فاشدخ رأسه ، وان اتفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما ، فان رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر ، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم ، فان لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين ان رغبوا عما اجتمع عليه الناس. (٢)

واستشارعبد الرحمن الناس (٣) فقال له عمار بن ياسر ان أردت ان لا يختلف المسلمون فبايع عليا ، فقال المقداد بن الأسود صدق عمار ان بايعت عليا قلنا سمعنا واطعنا.

وقال ابن أبي سرح ان أردت إلا تختلف قريش فبايع عثمان ، فقال عبد الله بن أبي ربيعة صدق ان بايعت عثمان قلنا سمعنا واطعنا.

وقال عمار : أيها الناس ان الله عز وجل أكرمنا بنبيه وأعزنا بدينه فأنى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم.

__________________

(١) انظر تفصيل الرواية في كتابنا شبهات وردود. الحلقة الثانية الفصل الخامس الشورى السداسية.

(٢) في طبقات بن سعد بسنده عن سماك ان عمر قال للأنصار ادخلوهم بيتا ثلاثة أيام فان استقاموا والّا فأدخلوا عليهم فاضربوا أعناقهم ج ٣ ص ٣٤٢ ، وفي انساب الأشراف للبلاذري ج ٤ ص ٥٠٣ قال عمر ليتبع الأقل الأكثر فمن خالفكم فاضربوا عنقه ومثله في المتقي الهندي ، كنز العمال ج ١٢ ص ٦٨١.

(٣) وفي صحيح البخاري ج ٩ ص ٩٧ قال عبد الرحمن لأهل الشورى لست بالذي انافسكم على هذا الأمر ولكنكم ان شئتم اخترت منكم فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه وفي ج ٥ ص ٢٢ قال عبد الرحمن لأهل الشورى اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير جعلت أمري إلى علي فقال طلحة جعلت أمري إلى عثمان وقال سعد قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف ثم قال عبد الرحمن لعلي وعثمان اجعلوه إليّ والله عليّ ان لا آلوا عن أفضلكم.

٢٩٨

فقال رجل من بني مخزوم لقد عدوت طورك يا ابن سمية وما أنت وتأمير قريش لأنفسها. (١)

فقال سعد بن أبي وقاص : يا عبد الرحمن افرغ قبل ان يفتن الناس.

ودعا عبد الرحمن علي فقال له عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده.

قال أرجو ان افعل واعمل بمبلغ علمي وطاقتي. (٢)

ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي ، فقال نعم فبايعه. (٣)

فقال علي : حبوته حبو دهر ، ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، والله ما وليت عثمان إلّا ليرد الأمر إليك. (٤)

__________________

(١) انظر أيضا البلاذري ، انساب الاشراف ج ٢ ص ١٤٤ خبر ١٤٢.

(٢) وفي تاريخ اليعقوبي ج ١ ص ١٦٢ ان عليا عليه‌السلام قال لعبد الرحمن لما عرض عليه البيعة على كتاب الله وسنة النبي وسيرة أبي بكر وعمر قال : «ان كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى اجّيري أحد». والأجيري بالكسر والتشديد : العادة والطريقة.

(٣) وفي صحيح البخاري ج ٨ ص ١٢٣ : قال المسور طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت فقال أراك نائما فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبيرنوم انطلق فادع الزبير وسعدا فدعوتهما له فشاورهما ثم دعاني فقال ادع لي عليا فدعوته فناجاه حتى ابهار الليل ثم قام علي من عنده وهو على طمع وقد كان عبد الرحمن يخشى من علي شيئا ثم قال ادع لي عثمان فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار وارسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال اما بعد يا علي اني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا فقال أبا يعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وامراء الأجناد والمسلمون. أقول : وامراء الاجناد الذين وافوا مع عمر تلك السنة هم : قوله : وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئاً أي : من المخالفة الموجبة للفتنة. قوله : وكانوا وافوا تلك الحجة أي : قدموا إلى مكة فحجوا مع عمر ورافقوه إلى المدينة ، وأمراء الأجناد كما في عمدة الثاري (ج ٢٤ ص ٢٧٣) ، هم : معاوية أمير الشام ، وعمير بن سعد (الانصاري الاوسي) أمير حمص ، والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة ، وأبو موسى الأشعري أمير البصرة ، وعمرو بن العاص أمير مصر. أقول : (قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ١٣ ص ١٨٤ طعن عمر يوم الأربعاء لاربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الاحد لصبح هلال المحرم).

(٤) وفي تاريخ اليعقوبي ج ١ ص ١٦٢ قال علي عليه‌السلام لعبد الرحمن بن عوف انت مجتهد ان تزوي هذا الأمر عني.

٢٩٩

فقال عبد الرحمن يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا فأني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان.

فقال المقداد : ما رأيت مثل ما أتوي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم ، إني لأعجب من قريش انهم تركوا رجلا لا أقول ان أحداً اعلم ولا أقضى منه بالعدل أما والله لو أجد عليه أعوانا. (١)

فقال عبد الرحمن يا مقداد اتق الله فإني خائف عليك الفتنة»

قال عوانة قال إسماعيل قال الشعبي فحدثني عبد الرحمن بن جندب عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي قال كنت جابسا بالمدينة حيث بويع عثمان فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو فسمعته يقول ... اما والله لو ان لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر وأحد

فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك لا يسمعن هذا الكلام الناس فإني أخاف ان تكون صاحب فتنة وفرقة.

قال المقداد ان من دعا إلى الحق وأهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة ولكن من أقحم الناس في الباطل وآثر الهوى على الحق فذلك صاحب الفتنة والفرقة.

قال فتربد وجه عبد الرحمن ثم قال لو اعلم انك إياي تعنى لكان لي ولك شأن.

قال المقداد إياي تهدد يا بن أم عبد الرحمن ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف.

قال جُندُب بن عبد الله فاتبعته وقلت له يا عبد الله أنا من أعوانك ، فقال رحمك الله ان هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان ولا الثلاثة ، قال فدخلت من فوري ذلك على علي عليه‌السلام فلما جلست إليه قلت يا أبا الحسن والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك فقال صبر جميل والله المستعان. فقلت والله انك لصبور قال فان لم اصبر فماذا اصنع ،

__________________

(١) جاءفي تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٦٣ قول المقداد : واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم. وفي مروج الذهب ج ٢ : ٣٤٣ قال المقداد : يا عبد الرحمن اعجب من قريش انما تطوُّلهم على الناس بفضل أهل هذا البيت قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعده من ايديهم ، اما وايم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي أياهم مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم بدر.

٣٠٠