الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

السيّد سامي البدري

الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-499-295-7
الصفحات: ٦١٤

انسحبت ظلامة أبيه فلم يرع الخلفاء حقه وحق أبيه ، وتبنوا تقديم عبد الله بن عباس في المجتمع. (١)

اما الرواية التي تقول انه عليه‌السلام كان في جيش الفتوح زمن عثمان فهي موضوعة.

احداث سنوات حكم أبيه عليه‌السلام خمس سنوات :

حضر الجمل وصفين والنهروان. ولم يسمح علي عليه‌السلام له ولا لأخيه الحسين ان يشتركا في القتال واثر عنه كلامه فيهما في يوم صفين : أملكوا عني هذين الفقيين ، أخاف أن ينقطع بهما نسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٢)

عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أقبلنا مع الحسن وعمّار بن ياسر من ذي قار (٣) حتى نزلنا القادسيّة ، فنزل الحسن وعمّار ونزلنا معهما ، فاحتبى (٤) عمّار بحمائل سيفه ، ثمّ جعل يسأل الناس عن أهل الكوفة وعن حالهم ... قال : فلمّا دخل الحسن وعمّار الكوفة اجتمع إليهما الناس ، فقام الحسن فاستنفر الناس ، فحمد الله وصلّى على رسوله ، ثمّ قال : أيّها الناس! إنّا جئنا ندعوكم إلى الله ، وإلى كتابه ، وسنّة رسوله ، وإلى أفقه من تفقّه من المسلمين ، وأعدل من تُعدّلون ، وأفضل من تُفضّلون ، وأوفى مَن تُبايعون ، من لم يعِبْه القرآن ، ولم تُجَهِّلْه السنّة ، ولم تقعد به السابقة. إلى من قرّبه الله تعالى إلى

__________________

(١) أقول : وقد دفع أمير المؤمنين ابن عباس ابن يساير عمر في رغبته ان يقربه ، وعلمه ماذا يستفيد من هذا التقريب من تصريحات ينتزعها منه في أوقات الانبساط ، روى البخاري بسنده عن يحيى بن سعيد قال سمعت عبيد بن حنين يقول سمعت ابن عباس يقول أردت أن اسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمكثت سنة فلم أجد له موضعا حتى خرجت معه حاجا فلما كنا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه ورأيت موضعا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا قال ابن عباس فما أتممت كلامي حتى قال : عائشة وحفصة. فهو ينتظر حالة انشراح عمر سنة كاملة حتى يسال سؤالا قد اعده في ذهنه والسؤال يرتبط بقوله تعالى (إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّـهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (٤)) التحريم / ٤.

(٢) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١ ص ١٨٤.

(٣) ذُوقار : موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب ، فيه كان «يوم ذي قار» بين الفرس والعرب (تقويم البلدان : ٢٩٢).

(٤) الاحتباء : هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشدّه عليها (النهاية : ١ / ٣٣٥).

١٨١

رسوله قرابتين : قرابة الدين ، وقرابة الرحم. إلى من سبق الناس إلى كلّ مأثره. إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون ، فقرب منه وهم متباعدون ، وصلّى معه وهم مشركون ، وقاتل معه وهم منهزمون ، وبارز معه وهم مُحجِمون ، وصدّقه وهم يُكذّبون. إلى من لم تُردّ له رواية ولا تُكافأ له سابقة ، وهو يسألكم النصر ، ويدعوكم إلى الحقّ ، ويأمركم بالمسير إليه لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته ، وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ، ومثّلوا بعمّاله ، وانتهبوا بيت ماله ، فاشخصوا إليه رحمكم الله ، فمُروا بالمعروف ، وانهَوا عن المنكر ، واحضروا بما يحضر به الصالحون. (١)

قال أبو مخنف : حدثني جابر بن يزيد ، قال : حدثني تميم بن حذيم الناجي ، قال : قدم علينا الحسن بن علي عليه‌السلام وعمار بن ياسر ، يستنفران الناس إلى علي عليه‌السلام ، ومعهما كتابه ، فلما فرغا من قراءة كتابه ، قام الحسن ـ وهو فتى حدث ، والله اني لأرثي له من حداثة سنه وصعوبة مقامه ـ فرماه الناس بأبصارهم وهم يقولون اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا فوضع يده على عمود يتساند إليه ، وكان عليلا من شكوى به ، فقال : الحمد لله العزيز الجبار ، الواحد القهار ، الكبير المتعال ، (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار). أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وعلى ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أمتن علينا بنبوته ، واختصه برسالته ، وأنزل عليه وحيه ، واصطفاه على جميع خلقه ، وأرسله إلى الإنس والجن ، حين عبدت الأوثان وأطيع الشيطان ، وجحد الرحمن ، فصلى الله عليه وعلى آله وجزاه أفضل ما جزى المسلمين.

أما بعد فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون ، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ أرشد الله أمره ، وأعز نصره ـ بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب ، وإلى العمل بالكتاب ، والجهاد في سبيل الله ، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون ، فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله. ولقد علمتم أن عليا صلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحده ، وأنه

__________________

(١) شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف عن موسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ج ١٤ ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، وقد تقدم الخبر.

١٨٢

يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ، ثم شهشد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جميع مشاهده. وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم ، ولم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله راضيا عنه ، حتى غمضه بيده وغسله وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ، ثم أدخله حفرته ، وأوصاه وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ، ثم أدخله حفرته ، وأوصاه بقضاء دينه وعداته ، وغير ذلك من أموره ، كل ذلك مِنْ مَنِّ الله عليه. ثم والله ما دعا إلى نفسه ، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين ، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ، ولا خلاف أتاه حسدا له وبغيا عليه. فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته ، والجد والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين. عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإياكم تقواه ، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه. واستغفر الله العظيم لي ولكم. ثم مضى إلى الرحبة ، فهيا منزلا لابيه أمير المؤمنين. قال جابر : فقلت لتميم كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه فقال ولما سقط عني من قوله أكثر ، ولقد حفظت بعض ما سمعت. (١)

قال أبو مخنف في كتاب وقعة الجمل : وقال عمرو بن أحيحة يوم الجمل في خطبة الحسن بن علي عليه‌السلام بعد خطبة عبد الله ابن الزبير :

حسن الخير يا شبيه أبيه

قمت فينا مقام خير خطيب

قمت بالخطبة التي صدع الله بها

عن أبيك أهل العيوب

وكشفت القناع فاتضح الأمر

وأصلحت فاسدات القلوب

لست كابن الزبير لجلج في القول

وطاطا عنان فسل مريب

وأبى الله أن يقوم بما قام به

ابن الوصي وابن النجيب

إن شخصا بين النبي ـ لك الخير

وبين الوصي غير مشوب (٢)

بيعته وحكومته عليه‌السلام سبعة اشهر :

بويع الحسن عليه‌السلام على الحكم الإسلامي بعد وفاة ابيه عليه‌السلام في الحادي والعشرين من

__________________

(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١٤ ص ٢٢٦.

(٢) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١ ص ١٣٦.

١٨٣

شهر رمضان سنة ٤٠ هجرية.

قال الدولابي أخبرني أبو القاسم كهمس بن معمر : أن أبا محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاقبن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب حدثهم : حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد بن حسين بن زيد عن الحسن بن زيد بن حسن بن علي عن أبيه قال : خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعطيه رايته ويقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه وما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن الوصي وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله والسراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل فينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذين «أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا». وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال لنبيه : «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا». فاقتراف الحسنة : مودتنا أهل البيت. (١)

وقال حدثنا أحمد بن يحيى الأودي نا إسماعيل بن أبان الوراق نا عمرو عن جابر عن أبي الطفيل وزيد بن وهب وعبد الله بن نجي وعاصم بن ضمرة عن الحسن بن علي قال : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه أحد كان قبله ولم يخلف بعده مثله وهو علي بن أبي طالب حبيب رسول الله وأخوه. (٢)

وقال أخبرني أحمد بن شعيب أخبرني إسحاق بن إبراهيم أنا النضر بن شميل نا يونس بن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال : خرج إلينا الحسن بن علي وعليه عمامة سوداء فقال : لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وان

__________________

(١) محمد بن أحمد الدولابي ، الذرية الطاهرة النبوية ص ١٠٩ ـ ١١١.

(٢) محمد بن أحمد الدولابي ، الذرية الطاهرة النبوية ص ١١١.

١٨٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ولا يرد رأسه حتى يفتح الله عليه. (١)

أقول : صالح معاوية في الخامس عشر من شهر جمادي الأولى سنة ٤١ هجرية. فكانت مدة حكمه المباشر سبعة اشهر وأربعة وعشرين يوما. وإذا أضفنا إليها عشر سنوات بعد ذلك حيث كان المؤسس لإطارها العام من الأمان والحرية الفكرية والحكم بالدستور الكتاب والسنة تكون مدة تأثيره الإيجابي الفاعل في الساحة الإسلامية والسياسية مدة عشر سنوات وسبعة اشهر وأربعة وعشرين يما. ويكون وفاته ونقض معاوية للعهد الذي أعطاه للحسن من الأمان والعمل بكتاب الله وسنة نبيه هو بداية حكم بني أمية الذي استمر مدة ألف شهر تقريبا ، وتساوي ثلاثة وثمانين سنة ، بينما إذا حسبناها من سنة ٤١ للهجرة تكون مدة حكم بني أمية ثلاثة وتسعين سنة أي ألف ومائة وعشرين شهرا تقريبا.

أولاده عليه‌السلام وأمهاتهم :

أولاد الحسن بن علي عليهما‌السلام خمسة عشر ولدا ذكرا وأنثى :

الحسين بن الحسن الملقب بالاثرم وأخوه طلحة بن الحسن وأختهما فاطمة بنت الحسن ، أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي.

زيد بن الحسن وأختاه أم الحسن وأم الحسين أمهم أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية.

والحسن بن الحسن أمه خولة بنت منظور الفزارية.

وعمرو بن الحسن وأخواه القاسم وعبد الله ابنا الحسن أمهم أم ولد.

وعبد الرحمن بن الحسن أمه أم ولد.

وأم عبد الله وفاطمة وأم سلمة ورقية بنات الحسن عليه‌السلام لأمهات شتى. (٢)

__________________

(١) محمد بن أحمد الدولابي ، الذرية الطاهرة النبوية ص ١١٤ ـ ١١٥.

(٢) المجلسي ، بحار الانوار ج ٤٤ ص ٣٧٥.

١٨٥

أوصافه عليه‌السلام :

قال الدولابي سمعت أبا عبد الله جعفر بن علي بن إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن ... يقول : سمعت أحمد بن محمد بن أيوب المغيري يقول : كان الحسن بن علي بن أبي طالب أبيضا مشرب حمرة أدعج العينين سهل الخدين دقيق المسربة كث اللحية ذا وفرة وكأن عنقه إبريق فضة عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين ربعة ـ ليس بالوطيل ولا القصير ـ مليحا من أحسن الناس وجها وكان يخضب بالسواد وكان جعد الشعر حسن البدن. (١)

قال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا يزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لأبي جحيفة رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال نعم وأشبه الناس به الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهم. (٢)

وفاته عليه‌السلام :

قال المدائني : سقي الحسن السم اربع مرات. (٣)

قال الامام الصادق عليه‌السلام : ان الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين عليه‌السلام وابنته جعدة سمت الحسن وابنه محمد شرك في دم الحسين. (٤)

عن حنبل بن إسحاق قال سمعت عبيد الله بن محمد بن عائشة قال مات الحسن بن علي سنة إحدى وخمسين ويقال سنة خمسين. وعن أبي قتيبة من ولد أبي بكرة قال اخبر أبو بكرة بموت الحسن بن علي فاسترجع وماتا في سنة إحدى وخمسين. عن شعبة عن أبي بكر بن حفص قال توفي الحسن بن علي بعدما مضى من إمارة معاوية عشر سنين. (٥)

أقول : وسيأتي في الفصل الآتي تحقيق عن وفاته عليه‌السلام بالسم.

__________________

(١) محمد بن أحمد الدولابي ، الذرية الطاهرة النبوية ، ص ١١٩ ـ ١٢١.

(٢) الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٢٥.

(٣) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ١٦ ص ٢١١.

(٤) المجلسي ، بحار الانوار ج ٤٢ ص ٣٦٧.

(٥) ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ، ج ١٣ ص ١٢٣.

١٨٦

مدفنه عليه‌السلام :

روى سبط بن الجوزي بسنده إلى ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال : ادفنوني عند أبي يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ... فقامت بنو أمية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه!! قال ابن سعد ومنهم عائشة وقالت : لا يدفن مع رسول الله احد. (١)

وروى ابو الفرج الاصفهاني : ان عائشة ركبت على بغل واستعونت بني أمية ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو قول القائل : فيوما على بغل ويوما على جمل. وروا المسعودي ان القاسم بن محمد بن أبي بكر قال لعائشة : يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر أتريدين ان يقال يوم البغلة الشهباء؟ فرجعت.

ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت اسد بن هاشم. (٢)

قال الواقدي : عن ثعلبة بن أبي مالك : شهدت الحسن يوم مات ودفن بالبقيع فلقد رأيت البقيع ولو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلى على راس إنسان. (٣)

وروى ابن عساكر أيضا قال : بكى على الحسن بن علي بمكة والمدينة سبعا النساء والصبيان والرجال. (٤)

وفي الطبقات الكبرى : عن أبي جعفر قال : مكث الناس يبكون على حسن بن علي سبعاما تقوم الأسواق. (٥)

روى ابن عساكر عن جهم بن أبي جهم قال : لما مات الحسن بن علي بعثت بنو هاشم إلى العوالي صائحا يصيح في كل قرية من قرى الأنصار بموت حسن فنزل أهل العوالي ولم يتخلف أحد عنه. (٦)

__________________

(١) الذهبي ، تذكرة الخواص ص ٢٧٥.

(٢) أبو الفرج الاصفهاني ، مقاتل الطابين ص ٨٢.

(٣) ابن حجر ، الاصابة ج ١ ص ٤٩٥. الحاكم ، المستدرك ج ٣ ص ١٩٠ ، ابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم المتمم ج ١ ص ٣٥١ ، المزي ، تهذيب الكمال ج ٢ ص ٦٠١ ، ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ١٤ ص ١١٨.

(٤) ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ١٤ ص ١١٨ ، ابن كثير ، البداية والنهاية ج ٨ ص ٤٣.

(٥) ابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج ١ ص ٣٥٢ ، الحاكم ، المستدرك ج ٣ ص ١٨٩.

(٦) ابنب عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ١٤ ص ١١٨ ، ابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج ١ ص ٣٥٠.

١٨٧

وروى ابن كثير قال قال محمد بن عمر الواقدي : حدثني عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور. قالت : الحسن سقى مرارا كل ذلك يفلت منه ، حتى كانت المرة الآخرة التي مات فيها فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهرا. قال حدثتنا عبدة بنت نائل عن عائشة قالت : حد نساء بني هاشم على الحسن بن علي سنة. (١)

__________________

(١) ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٨ ص ٤٣.

١٨٨

الباب الثاني / الفصل الرابع

السنوات العشر بعد وفاة الحسن عليه‌السلام (الغدر المبين لمعاوية)

موت الحسن عليه‌السلام بالسم قضية سياسية وليست شخصية

لم يكن العمر الذي مات فيه الحسن عليه‌السلام عمر موت لأمثاله ، ولم يكن الموت موتا طبيعيا بل كان موتا بالسم بعد عدة محاولات لم تكن مميتة (١) ، وقد عُرِف امرُه عند كل أهل المدينة وعنها انتشر إلى بقية الأمصار.

وليس لاحد ان يفسر ذلك بعداوة شخصية بين الحسن وبين احد من الناس استغل علاقة خاصة مع خادم أو زوجة من زوجاته لخلقه الكريم حتى مع أعدائه ، بل لا مفر من القول انه كان بعداوة سياسية وقدرة على الاغراء لا تملكها الا دولة ، والمفروض ان الحسن بعد تنازله عن الملك لمعاوية ان لا يكون معاوية هو العدو السياسي الذي يحاول

__________________

(١) روى ابن عساكر عن عمير بن إسحاق ، قال : دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي فقام فدخل المخرج ثم خرج فقال : لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود ، ولقد سقيت السم مرارا وما سقيته مرة هي أشد من هذه. (ترجمة الامام الحسن من تاريخ ابن عساكر تحقيق المحمودي ص ٢٠٧). وروى البلاذري في انساب الاشراف ج ٣ ص ٥٩ قال : حدثني روح بن عبد المؤمن ، حدثني عمي عن أزهر ، عن ابن عون قال : خرج الحسن بن علي على من كان يجالسه فقال : لقد لفظت الساعة طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود ، ولقد سقيت السم غير مرة ، وما سقيته أشد من مرتي هذه ، ثم دخل عليه من الغد وهو يكيد بنفسه. أيضا المنتخب من ذيل المذيل للطبري / ١٩.

١٨٩

اغتياله لأنه كان قد بوأه الحسن ملكا لا يحلم به وقيده بشروط يتحول بها الحكم المدني إلى خدمة حقيقية للامة وتهيئ لمعاوية فرصة المراجعة الحقيقية لمسيرته إلى الله لو أراد تصحيحها ، فإلى من تتجه الانظار في التهمة إذن إذا نفيناها عن معاوية (١) كما نفاها المستشرق لامنس عنه ومن قبله ابن كثير والذهبي وابن خلدون؟. (٢)

أقول : في مثل قضية وفاة غير طبيعية استغرقت أربعين يوما (٣) لرجل كالإمام الحسن بلغ من الشرف ما لم يبلغه احد بعد النبي كما قال المؤرخ الأقدم ابن إسحاق ، وايدت الوقائع التاريخية قوله فيه وفي عمر ليس هو عمر الموت ، وبكون هذه الشخصية

__________________

(١) قال في الاستيعاب في ترجمة الحسن عليه‌السلام : قال قتادة وابو بكر بن حفص : سم الحسن بن علي سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذله لها في ذلك وكان لها ضرائر. وروى الذهبي عن الواقدي قال : وقد سمعت من يقول : كان معاوية قد تلطف لبعض خدم الحسن ان يسقيه سما.

(٢) قال الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) بعد أن حكى قول ابن عبد البر في الاستيعاب : «وقالت طائفة : كان ذلك بتدسيس معاوية لها لجعدة وبذله لها على ذلك». قال الذهبي : «قلت : هذا شيء لا يصح فمن الّذي اطّلع عليه» (تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام ، ط القدسي بمصر ، ج ٢ ص ٢١٩). وقال ابن كثير (ت ٧٤٧ هـ) : «وعندي ان هذا تدسيس يزيد لجعدة بسم الحسن ليس بصحيح ، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى» (ابن كثير ، البداية والنهاية ج ٨ ص ٤٣.) وقال ابن خلدون (ت ٨٠٨ هـ) : «وما ينقل من انّ معاوية قد دس السم إلى الإمام الحسن على يد زوجته جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة وحاشا لمعاوية ذلك» (ابن خلدون ، تاريخ ابن خلدون ، ط دار الكتاب اللبناني ، ج ٢ ص ١٨٧) ، (نقلنا قول الذهبي وابن كثير وابن خلدون من موسوعة عبد الله بن عباس للعلامة المحقق آية الله السيد محمد مهدي الخرسان ج ٥ ص ١٠١ فما بعد) ثم ننقل تعليقه في الموضوع قال : (وقضية سم معاوية للإمام الحسن عليه‌السلام تظافر نقلها تظافراً يكاج يلحقها بالتواتر فقد ذكرها جملة من المؤرخين من القدامى والمحدثَين ، وجزم بها غير واحد منهم قتادة ، وأبو بكر بن حفص ، والزين العراقي ، كما حكاه عنهم ابن حجر الهيتمي في الصواعق ، وهو منهم في جزمه ، ولم يستبعد ذلك إلّا بعض الشاذين ممّن هواه مع الأمويين كالذهبي ، وابن كثير ، وابن خلدون من السابقين ، وتبعهم من اللاحقين المعاصرين من غربيين ومغتربين وعرب متغرّبين ، ممّن لا يؤبه بهم. ثم ذكر قائمة ضمت خمسين اسما من المؤرخين السابقين المثبتين لحادثة السم ، وفيهم مَن أكّد ضلوع معاوية في الجريمة ، وجميعهم ليسوا من الشيعة الّذين اتهمهم ابن خلدون. وقد رتبتهم حسب تسلسل وفياتهم على القرون).

(٣) قال ابن سعد : أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : أخبرنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن موسى : إن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السم فاشتكى منه شكاة. قال : فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى ، نحوا من أربعين يوما ، (ترجمة الامام الحسن من طبقات ابن سعد ص ٨٤).

١٩٠

هي التي سوف تلي الحكم بعد موت معاوية بموجب معاهدة تمت بينهما لحل مشكلات كانت قد استعصى حلها ، وكان الحسن صاحب الفضل فيها بلا منازع.

اصابع الاتهام تتجه الى معاوية :

في مثل قضية كهذه حين يتجه الاتهام إلى معاوية ويثبته خصماؤه وينفيه محبوه وأولياءه لابد لنا من تحقيق ، وببساطة متناهية يثير التحقيق أربعة أسئلة يثبت الجواب عنها التهمة على معاوية أن ينفيها وهي :

الأول : هل سجلت على معاوية سابقا ولاحقا سلوكات من هذا القبيل مع خصومه الذين يخشى منهم؟

الثاني : ما هو موقف معاوية بصفته راس الدولة التي كان الحسن وراء ما تمتع به من حرية وأمان ازاء أعداءها من الداخل وعزة وقوة ازاء أعداءها من الخارج وبصفة الحسن يمثل الحاكم الذي سيلي الأمور بعد الحس نفهل كان حزينا أم كان مسرورا.

الثالث : ما هو ظرف الدفن وما هي طبيعة وحجم مشاركة الدولة فيه؟

الرابع : وهو اهم الأسئلة على الإطلاق هل استمرت سياسة الدولة التي تمثلت بتطبيق شروط تم الاتفاق عليها بعد وفاة الحسن أم أخذت وجهة أخرى؟.

السؤال الأول : هل لمعاوية ممارسة مماثلة سابقة ولاحقة مع خصومه؟

فيجبنا التاريخ أيضا بالإيجاب.

فقد دس السم لمالك الاشتر لما بعثه عليه إلى مصر واليا ، ودس السم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد لما عرف ان الناس يميلون إليه دون ولده يزيد ودس السم لسعد بن أبي وقاص لما عرف عنه ان لا يقبل بلعن علي عليه‌السلام.

قصة موت مالك الاشتر رضوان الله عليه :

روى الطبري عن يزيد بن ظبيان الهمداني قال : وأتت معاوية عيونه فأخبروه بولاية لأشتر على مصر فعظم عليه وقد كان طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها

١٩١

كان أشد عليه من محمد ابن أبي بكر فبعث معاوية إلى الجايستار رجل من أهل الخراج فقال له ان الأشتر قد ولى مصر فان أنت كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت فاحتل له بما قدرت عليه فخرج الجايستار حتى أتى القلزم وأقام به وخرج الأشتر من العراق إلى مصر فلما انتهى إلى القلزم استقبله الجايستار فقال هذا منزل وهذا طعام وعلف وأنا رجل من أهل الخراج فنزل به الأشتر فأتاه الدهقان بعلف وطعام حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه إياه فلما شربها مات وأقبل معاوية يقول لأهل الشام ان عليا وجه الأشتر وأقبل الذي سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الأشتر فقام معاوية في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فإنه كانت لعلي ابن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين يعني عمار بن ياسر وقطعت الأخرى اليوم يعني الأشتر. (١)

وفي رواية البلاذري قال : وأتت معاوية عيونُه بشخوص الأشتر واليا على مصر ، فبعث إلى رأس أهل الخراج بالقلزم فقال له : إن الأشتر قادم عليك ، فإن أنت لطفت لكفايتي إياه لم آخذ منك خراجا ما بقيت. فأتاه بشربة منه قد جعل فيها سمّا ، فلما شربها قتلته من يومه أو من غده. وبلغت معاوية وفاته فقال : كانت لعلي يدان ـ يعني قيس بن سعد (بن عبادة) والأشتر ـ فقد قطعت إحداهما وجعل يقول : إن لله لجندا من عسل. (٢)

__________________

(١) الطبري ، تاريخ الكبري ج ٤ ص ٧٢. وفي البداية والنهاية ٧ / ٣٤٧ قال ابن كثير : وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن معاوية كان قد تقدم إلى هذا الرجل (أي الجايستار) في أن يحتال على الأشتر ليقتله ووعده على ذلك بأمور ففعل ذلك ، وفي هذا نظر ، وبتقدير صحته فمعاوية يستجيز قتل الأشتر لأنه من قتلة عثمان رضي‌الله‌عنه.

(٢) البلاذري ، انساب الاشراف ج ٢ ص ٣٩٩. وفي ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق : ج ٥٦ ص ٣٧٦ ، أن معاوية قال لأهل الشام : «يا أهل الشام إنكم منصورون ومستجاب لكم الدعاء فادعوا الله على عدوكم! فرفع أهل الشام أيديهم يدعون عليه ، فلما كانت الجمعة الأخرى خطب فقال : يا أهل الشام إن الله قد استجاب لكم وقتل عدوكم! وإن لله جنوداً في العسل ، فرفع أهل الشام أيديهم حامدين الله على كفايتهم إياه». ونحوه اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ص ٢ ج ١٧٩ ، وابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ٦ ص ٧٦.

١٩٢

وقال ابن عبد البر (١٤٠٢) في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي ، أدرك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يحفظ عنه ، ولا سمع عنه ، وأبوه خالد بن الوليد من كبار الصحابة وجلَّتهم ، وكان عبد الرحمن من فرسان قريش وشجعانهم ، وكان له فضل وهدى حسن وكرم ، إلا أنه كان منحرفا عن عليّ وبني هاشم مخالفة لأخيه المهاجر بن خالد ، وكان أخوه المهاجر محبا لعلي ، وشهد معه الجمل وصفّين ، وشهد عبد الرحمن صفّين مع معاوية (١) ، ثم إنه قد كبرت سنّي ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم فأروا رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا ، وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد ، فشقّ ذلك على معاوية ، وأسرّها في نفسه. ثم إن عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا ـ وكان عنده مكينا ـ أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانحرق بطنه ، فمات ، ثم دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفيا هو وغلام له ، فرصدا ذلك اليهوديّ ، فخرج ليلا من عند معاوية ، فهجم عليه ومعه قوم هربوا عنه ، فقتله المهاجر ، وقصّته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها ، ذكرها عمر بن شبّة في أخبار المدينة وذكرها غيره. (٢)

__________________

(١) قال ابن قتيبة الدينوري في الاخبار الطوال ١٨٥ كانت راية أهل الشام العظمى مع عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد ، وكان يحمل بها فلا يلقاه شيء إلا هذه ، وكان من فرسان العرب ، وكانت من أهل العراق جولة شديدة ، فنادى الناس الأشتر ، وقالوا : (أما ترى اللواء أين قد بلغ؟) ، فتناول الأشتر لواء أهل العراق ، فتقدم به ، وهو يرتجز :

إني أنا الأشتر معروف الشتر

إني أنا الأفعى العراقي الذكر

فقاتل أهل الشام حتى رد اللواء ، وردهم على أعقابهم ، ففي ذلك يقول النجاشي :

رأيت اللواء كظل العقاب

يقحمه الشامي الأخزر

دعونا له الكبش العراق

وقد خالط العسكر العسكر

فرد اللواء على عقبه

وفاز بحظوتها الأشتر

والذَّكَر القوي الشجاع والخزر بالتحريك انكسار بصر العين خلقة ، أو ضيقها وصغرها.

(٢) ابن عبد البر ، الاستيعاب ج ٢ ص ٨٣٠.

١٩٣

قصة موت عبد الرحمن بن خالد بن الوليد :

روى الطبري في حوادث سنة ٤٦ قال : حدثني عمر قال : حدثني علي عن مسلمة ابن محارب : أن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ومال إليه أهلها لما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه ، حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه لميل الناس إليه ، فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله ، وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش وأن يوليه جباية خراج حمص ، فلما قدم عبد الرحمن بن خالد حمص منصرفا من بلاد الروم دس إليه ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه ، فشربها فمات بحمص ، فوفى له معاوية بما ضمن له وولاه خراج حمص ووضع عنه خراجه.

قال : وقدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المدينة ، فجلس يوما إلى عروة بن الزبير ، فسلم عليه ، فقال له عروة : من أنت قال : أنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فقال له عروة : ما فعل ابن أثال؟

فقام خالد من عنده وشخص متوجها إلى حمص ، ثم رصد بها ابن أثالث فرآه يوما راكبا ، فاعترض له خالد بن عبد الرحمن ، فضربه بالسيف فقتله ، فرفع إلى معاوية ، فحبسه أياما وأغرمه ديته ولم يقده منه.

ورجع خالد إلى المدينة ، فلما رجع إليها أتى عروة فسلم عليه ، فقال له عروة : ما فعل ابن أثال ، فقال : قد كفيتك ابن أثالث ولكن ما فعل ابن جرموز؟ فسكت عروة. (١)

قصة وفاة سعد بن أبي وقاص :

روى البلاذري أيضا قال حجثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن أبي بكر ، عن شعبة ، عن أبي بكر بن حفص قال : توفى سعد بن أبي وقاص ، والحسن بن علي بعد ما مضت من إمرة معاوية عشر سنين ، وكانوا يرون أنه سمهما. (٢)

__________________

(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٤ ص ١٧٢ ، حوادث سنة ٤٦.

(٢) البلاذري ، انساب الاشراف ١ / ٤٠٤. ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ٤ ص ١١ و ١٧ ، وأبي الفرج الاصفهاني ، مقاتل الطالبيين ص ٤٣.

١٩٤

السؤال الثاني : ما هو موقف معاوية من خبر موت الحسن عليه‌السلام :

روى الجاحظ ان معاوية لم يظهر حزنا. (١)

أقول : بل اعترض على المقدام حين اعتبر موت الحسن مصيبة كما في الرواية التالية :

روى أبو داود في سننه قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي ثنا بقية ، عن بحير ، عن خالد ، قال : وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان ، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي توفى؟ فرجع المقدام ، فقال له رجل : أتراها مصيبة؟ قال له : ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجره فقال : (هذا مني وحسين من علي)؟!

فقال الأسدي : جمرة أطفأها الله عز وجل ،

قال : فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ، ثم قال : يا معاوية ، إن أنا صدقت فصدقني ، وإن أنا كذبت فكذبني ، قال : أفعل ،

قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن لبس الذهب؟ قال : نعم ، قال : فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهى عن لبس الحرير؟ قال : نعم ، قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال : نعم ،

قال : فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية (٢) ،

__________________

(١) قال الجاحظ في البيان والتبيين ص ٥٩٢ (ولما بلغت معاوية وفاة الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما دخل عليه ابن عباس فقال له معاوية أجرك الله أبا العباس في أبي محمد الحسن بن علي ولم يظهر حزنا فقال ابن عباس إنا لله وإنا إليه راجعون وغلبه البكاء فرده ثم قال لا يسد والله مكانه حفرتك ولا يزيد موته في أجلك والله لقد أصبنا بمن هو أعظم منه فقدا فما ضيعنا الله بعده فقال له معاوية كم كانت سنه قال مولده أشهر من ان تتعرف سنه قال أحسبه ترك أولادا صغارا قال كلنا كان صغيرا فكبر ولئن اختار الله لأبي محمد ما عنده وقبضه إلى رحمته لقد أبقى الله أبا عبد الله وفي مثله الخلف الصالح).

(٢) أبو داود ، سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٧٥.

١٩٥

قال الذهبي : إسناده قوي. ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم ، وما هو ببرئ من الهنات ، والله يعفو عنه. (١)

قال العظيم ابادي فيشرح الحديث :

و (المقدام بن معد يكرب) هو ابن عمرو الكندي الصحابي المشهور نزل الشام (وعمرو بن الأسود) العنسي حمصي مخضرم ثقة عابد (ورجل من بني أسد من أهل قنسرين) بكسر القاف وفتح النون المشددة وكسر الراء المهملة كورة بالشام (إلى معاوية بن أبي سفيان) حين إمارته ... وكان وفاة الحسن رضي‌الله‌عنه مسموما سمته زوجته جعدة بإشارة يزيد بن معاوية سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين أو بعدها ،

قوله (فرجع) من الترجيع أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون.

قوله (فقال له فلان) وفي بعض النسخ وقع رجل مكان فلان ، والمراد بفلان هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه ، والمؤلف لم يصرح باسمه وهذا دأبه في مثل ذلك. وقد أخرج أحمد في مسنده من طريق حياة بن شريح حدثنا بقية حياتنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان قال وفد المقدام بن معد يكرب وفيه فقال له معاوية أيراها مصيبة الحديث. (٢)

قوله : (أتعدها) وفي بعض النسخ أتراها أي أتعد يا أيها المقدام حادثة موت الحسن رضي الله تعالى عنه مصيبة ، والعجب كل العجب من معاوية فإنه ما عرف قدر أهل البيت حتى قال ما قال ، فإن موت مثل الحسن بن علي رضي‌الله‌عنه من أعظم المصائب وجزى الله المقدام ورضي عنه فإنه ما سكت عن تكلم الحق حتى أظهره ، وهكذا شأن المؤمن الكامل المخلص.

قوله (فقال) أي المقدام.

__________________

(١) الذهبي ، سير اعلام النبلاء ج ٣ ص ١٥٣.

(٢) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٤ ص ١٣٢. الطبراني ، المعجم الكبير ج ٣ ص ٤٣. عن خالد بن معدان قال وفد المقدام بن معدى كرب وعمرو بن الأسود إلى معاوية فقال معاوية للمقدام أعلمت ان الحسن بن علي توفى فرجَّع المقدام ، فقال له معاوية : أتراها مصيبة فقال لم لا أراها مصيبة؟ وقد وضعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجره وقال هذا مني وحسين من علي رضي الله تعالى عنهما.

١٩٦

قوله (له) : أي لذلك الفلان وهو معاوية رضي‌الله‌عنه.

قوله : (وقد وضعه) أي الحسن رضي‌الله‌عنه والواو للحال

ثوله : (فقال هذا) أي الحسن

قوله (مني وحسين من علي) أي الحسن يشبهني والحسين يشبه عليا ، وكان الغالب على الحسن الحلم والأناة كالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى الحسين الشدة كعلي. قاله في شرح الجامع الصغير.

قوله (فقال الأسدي) أي طلبا لرضاء معاوية وتقربا إليه.

قوله (جمرة) قال في المصباح جمرة النار القطعة الملتهبة. وفي القاموس النار المتقدة.

قوله (أطفأها الله) أي خمد الله تعالى تلك الجمرة وأماتها فلم يبق منها شيء ، ومعنى قوله والعياذ بالله أن حياة الحسن رضي‌الله‌عنه كانت فتنة فلما توفاه الله تعالى سكنت الفتنة ، فاستعار من الجمرة بحياة الحسن ومن إطفائها بموته رضي‌الله‌عنه ، وإنما قال الأسدي ذلك القول الشديد السخيف لأن معاوية رضي‌الله‌عنه كان يخاف على نفسه من زوال الخلافة عنه وخروج الحسن رضي‌الله‌عنه عليه. (١)

أقول : وروى الزمخشري انه سجد هو ومن حوله شكراً. (٢)

ويرى أيضا انه لما بلغ موته سمع تكبير من الخضراء فكبر أهل الشام لذلك التكبير. فقالت فاختة بنت قرط لمعاوية : أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ما الذي كبرت له قال : مات الحسن قالت : أعلى موت ابن فاطمة تكبر قال : والله ما كبرت شماتة لموته ولكن استراح قلبي وصفت لي الخلافة. (٣)

وفي خبر آخر دخل غلام معاوية ، فقال : يا أمير المؤمنين بشراي ، قال : وما

__________________

(١) العظيم ابادي ، عون المعبود ج ١٢ ص ١٢٧.

(٢) الزمخشري ، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ، تحقيق عبد الأمير مهنا ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ١٩٩٢ م ، ج ٥ ص ١٣٤.

(٣) الزمخشري ، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ج ٥ ص ١٥٧. ابن حمدون ، التذكرة الحمدونية ، تحقيق إحسان عبّاس وبكر عبّاس ، دار صادر للطباعة والنشر ١٩٩٦ م ، ج ٩ ص ٢٩٤ ، ابن خلكان ، وفيات الاعيان ، تحقيق إحسان عباس ، دار الثقافة بيروت ج ٢ ص ٦٦ ، الدميري ، حياة الحيوان الكبرى ، دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤٢٤ هـ ، ج ١ ص ٨٩.

١٩٧

ذلك ، قال : في هذه الصحيفة ما تحب. قال : لك بشراك ، فدفعها إليه ، ولما قرأها خر ساجدا ، ثم رفع رأسه ، (قال الراوي) فعرفنا السرور في وجهه ، فنعى الحسن بن علي. (١)

السؤال الثالث : ما هو ظرف دفن الامام الحسن عليه‌السلام وما هي طبيعة وحجم مشاركة الدولة فيه؟

والجواب هو : ان مصادر التاريخ قد ذكرت بوضوح ان الدولة ليس فقط لم تشارك العزاء بشكل فعال وهو طبيعي لموقف رئيسها ، وزادت عليه ان تصدى رهطه وهم بنو أمية بقيادة مروان لمنع بني هاشم من دفن الحسن عند جوار جده النبي وفي غرفة امه الصديقة.

ففي طبقات ابن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبيد الله بن مرداس ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية ، قال : لما مرض حسن بن علي مرض أربعين ليلة ، فلما استعز به وقد حضرت بنو هاشم فكانوا لا يفارقونه يبيتون عنده بالليل ، فلما استعز به بعث مروان بن الحكم رسولا إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي ، وكان حسن رجلا قد سقي وكان مبطونا إنما كان يختلف أمعاءه. فلما حضر وكان عنده إخوته عهد أن يدفن مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن أستطيع ذلك ، فإن حيل بينه وبينه وخيف أن يهراق فيه محجم من دم دفن مع أمه (٢) بالبقيع. وجعل الحسن يوعز إلى الحسين : يا أخي إياك أن تسفك الدماء فيَّ فإن الناس (٣) سراع إلى الفتنة.

فلما توفي الحسن ارتجت المدينة صياحا فلا يلقى أحد إلا باكيا ، فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : احفروا هاهنا ، فنكب عنه سعيد

__________________

(١) اخبار الدولة العباسية لمؤلف مجهول ص ٤٣. ابن فتح الاربلي ، كشف الغمة ج ٢ ص ٤٩ ن الزبير بن بكرا في الاخبار الموفقيات.

(٢) أي فاطمة بنت اسد.

(٣) يريد بني أمية.

١٩٨

بن العاص وهو الأمير فاعتزل ولم يحل بينه وبينه ، وصاح مروان في بني أمية ولفها وتلبسوا السلاح ، وقال مروان : لا كان هذا أبدا ، فقال له حسين : [يا بن الزرقاء] ما لك ولهذا ، أوال أنت؟! قال : لا كان هذا ولا خلص إليه وأنا حي ، فصاح حسين بحلف الفضول ، فاجتمعت هاشم وتيم وزهرة وأسد وبنو جعونة (١) بن شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح ،

وعقد مروان لواء ، وعقد حسين بن علي لواء ،

فقال الهاشميون : يدفن مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى كانت بينهم المراماة بالنبل ، وابن جعونة بن شعوب (٢) يومئذ شاهر سيفه ، فقام في ذلك رجال من قريش ، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والمسور بن مخرمة بن نوفل ، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول : يا بن عم ألا تسمع إلى عهد أخيك ، إن خفت أن يهراق في محجم من دم فادفني بالبقيع مع أمي ، أذكرك الله أن تسفك الدماء ، وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو يقول : ويعرض مروان لي؟! ما له ولهذا؟!

قال : فقال المسور بن مخرمة : يا أبا عبد الله اسمع مني ، قد دعوتنا بحلف الفضول فأجبناك ، تعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم : يا بن مخرمة ، إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن وجد إلى ذلك سبيلا ، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دم فليدفني مع أمي بالبقيع ، وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء ، ألا ترى ما هاهنا من السلاح والرجال والناس سراع إلى الفتنة.

قال : وجعل الحسين يأبى ، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون : لا يدفن أبدا إلا مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. (٣)

قال ابن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محرز بن جعفر ، عن أبيه ،

__________________

(١) ذكر محمد بن حبيب البغدادي في المنمق ص ٢٤٩ ان جعونة دخلوا في بني هاشم لصداقة كانت بين أبي بكر بن جعونة وبين العباس بن عبد المطلب.

(٢) الزيلعي ، نصب الراية ، دار الحديث ، القاهرة ١٩٩٥ م ، ج ٢ ص ٣٧١ جعونة بن شعوب الكناني. وفي طبقات ابن سعد ج ٥ / ٦١ جعونة بن شعوب وهو من ولد الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة بن عويرة بن شجع بن عمار بن ليث.

(٣) ترجمة الامام الحسن من طبقات ابن سعد ص ٨٦.

١٩٩

قال : سمعت أبا هريرة يقول يوم دفن الحسن بن علي : قاتل الله مروان ، قال : والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد دفن عثمان بالبقيع! فقلت : يا مروان اتق الله ولا تقل لعلي إلا خيرا. (١)

قال ابن عساكر وروى الزبير (ابن بكار) قال وحدثني محمد بن الضحاك الحرامي قال لما بلغ مروان بن الحكم انهم قد اجمعوا أن يدفنوا الحسن بن علي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء إلى سعيد بن العاص وهو عامل المدينة فذكر ذلك له فقال ما أنت صانع في أمرهم فقال لست منهم في شيء ولست حائلا بينهم وبين ذلك قال فخلني وإياهم فقال أنت وذاك فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أمية وحشمهم ومواليهم وبلغ ذلك حسينا فجاء هو ومن معه في السلاح ليدفن حسنا في بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقبل مروان في أصحابه وهو يقول :

يا رب هيجاء هي خير من دعة.

أيدفن عثمان بالبقيع ويدفن حسن في بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والله لا يكون ذلك أبدا وأنا احمل السيف فلما صلوا على حسن خشي عبد الله بن جعفر أن يقع في ذلك ملحمة عظيمة فأخذ بمقدم السرير ثم مضى نحو البقيع فقال له حسين ما تريد قال عزمت عليك بحقي أن لا تكلمني كلمة واحدة فصار به إلى البقيع فدفنه هناك رحمه‌الله وانصرف مروان ومن معه.

وبلغ معاوية ما كانوا أرادوا في دفن حسن في بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال ما أنصفتنا بنو هاشم حين يزعمون أنهم يدفنون حسنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد منعوا عثمان أن يدفن إلا في أقصى البقيع.

إن يك ظني بمروان صادقا لا يخلصون إلى ذلك وجعل يقول : ويها مروان أنت لها. (٢)

قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا هاشم بن عاصم ، عن المنذر بن جهم ، قال : لما اختلفوا في دفن حسن بن علي [نزل] سعد بن أبي وقاص وأبو

__________________

(١) ترجمة الامام الحسن من طبقات ابن سعد ص ٩٣.

(٢) ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ١٣ ص ٢٩١.

٢٠٠