خصائص الوحى المبين

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

خصائص الوحى المبين

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦

العقائد الحديث وعلومه

شيخنا الطوسي والفقيه «حسكا» الحسن بن الحسين بن بابويه (١).

٢ ـ محمد بن شهر آشوب المولود عام ٤٨٨ والمتوفى عام ٥٨٨ صاحب المناقب والمعالم وغيرهما من المؤلفات (٢).

هؤلاء بعض مشايخه من أعلام الطائفة ، وأما مشايخه من العامة فقد ذكر أسماءهم عند ذكر طرقه إلى الصحاح الستة في مقدمة كتاب «العمدة» و «الخصائص» واليك بعض من ذكرهم :

٣ ـ أبو جعفر إقبال من المبارك بن محمد العكبري الواسطي ، روى عنه في جمادي الاولى من شهور عام ٥٨٤.

٤ ـ الشيخ الامام المقري أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني ، روى عنه في شهر رمضان سنة ٥٧٩ ، وهو يروي صحيح البخاري عن طريقيهما معا كما يروي صحيح مسلم عن طريق الاخير فقط.

٥ ـ فخر الاسلام أبو عبد الله أحمد بن الطاهر وهو يروي مسند أحمد عن طريقه.

٦ ـ السيد الاجل محمد بن يحيى بن محمد بن أبي السطلين العلوي الواعظ البغدادي يروى عنه تفسير الثعلبي الموسوم بالكشف والبيان في سنة ٥٨٥.

هؤلاء بعض مشائخه وأساتذه حديثه وقد أتى باسمائهم وخصوصياتهم في مقدمة كتابي «العمدة» و «الخصائص».

__________________

(١) لاحظ رياض العلماء ٥ / ٣٥٨.

(٢) الثقات العيون ٢٧٨ و ٣٣٨. ٤٠.

٤١

الراوون عنه

لقد تتلمذ على يد شيخنا المترجم له ، وروى عنه لفيف من المشائخ والعلماء في الحديث والرجال ، وقد جاءت أسماؤهم في غضون المعاجم نأتي بما وقفنا عليه :

١ ـ علي بن يحيى بن الحسن ولد المؤلف المكنى بأبي الحسن الكاتب.

قال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» ما لفظه : أبو الحسن علي بن يحيى ابن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد البطريق بن نصر بن حمدون بن ثابت الاسدي الحلي ، ثم الواسطي ، ثم البغدادي ، الكاتب الشاعر الشيعي ، فقيه الشيعة ...

ثم قال : كان فاضلا ذكيا جيد النظم والنثر ، لكنه مخذول محجوب عن الحق ، وقد أورد ابن الساعي قطعة جيدة من أشعاره الدالة على غزارة مادته في العلم والذكاء رحمه الله (١).

والعجب من ابن كثير يصفه بأنه «مخذول محجوب عن الحق» وهو يعترف بفضله وعلو كعبه في العلم والادب!!

أفهل يكون حب أهل البيت الذين أمر الله بحبهم ومودتهم موجبا لخذلان من يتولاهم؟

أفهل يكون المتبع لاثارهم بعيدا عن الحق وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطاعتهم.

نعم هكذا يرى ابن كثير ، فمن تولى أعداء الرسالة هو العزيز ، ومن أحب خصوم أهل البيت هو الواقف على الحق؟!!

وقد قرأ الشيخ كمال الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم العفيف الموصلي

__________________

(١) البداية والنهاية ١٣ / ١٦٤.

٤٢

كتاب العمدة عليه ، وكتب عليه إجارة ، وهذه صورتها :

قرأ علي الاجل الاوحد العالم العامل الورع كمال الدين عز الاسلام كهف الطائفة أبو العباس أحمد بن الاجل تاج الدين إبراهيم بن أحمد بن الاجل العفيف الموصلي أدام الله سعادته وبلغه إرادته ، ومن أول هذا الكتاب وهو كتاب العمدة في عيون صحاح الاخبار تأليف والدي رحمه الله إلى فصل : «انه ـ عليه‌السلام ـ أول من أسلم» وأذنت له أن يروي ذلك عني وعن والدي المصنف بالقراءة (١) وسيوافيك ما نقله الشارح الحديدي منه.

٢ ـ علي بن يحيى بن علي الخياط الشيخ الفقيه أبو الحسن السور آولي : يروي عن ابن إدريس المتوفي عام ٥٩٨ وعن يحيى بن البطريق (٢).

٣ ـ فخار بن معد بن فخار بن أحمد شرف الدين أبو علي العلوى الموسوي الحائري المتوفى عام ٦٣٠ وهو يروي عن جماعة منهم والده معد بن فخار أبو المكارم حمزة بن زهرة ويحيى بن علي بن البطريق (٣).

٤ ـ السيد نجم الدين محمد بن أبي هاشم العلوي قرأ رجال الكشي على شيخنا المترجم له وكتب شهادة القراءة له في عدة مواضع من النسخة وهي موجودة عند العلامة الورع الشيخ حسن المصطفوي (٤).

٥ ـ محمد بن معد بن علي وهو صفي الدين أبو جعفر الموسوي من تلاميذ ابن البطريق ومشايخ سديد الدين الحلي (والد العلامة الحلي) وابن طاووس كما صرح به في كتاب اليقين عند روايته عند في العشر الاخير من صفر عام ٦١٦ ه‍ (٥).

__________________

(١) الانوار الساطعة في القرون السابعة ٣.

(٢) الانوار الساطعة ١١٨.

(٣) الانوار الساطعة ١٣٠.

(٤) الثاقت العيون ٣١٠.

(٥) المصدر نفسه ٣٣٨ ، الانوار الساطعة ١٧٦.

٤٣

٦ ـ محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الكبير المعروف بابن زهرة وهو ابن أخ أبي المكارم حمزة بن زهرة صاحب كتاب الغنية المتوفى عام ٥٨٥ وهو يروي عن شيخنا المترجم له.

قال في الرياض : ويروي عنه محمد بن عبد الله بن زهرة الحسين الحلبي كما يظهر من إجازة الشيخ محمد سبط الشهيد الثاني ، للمولى محمد أمين الاسترآبادي (١).

٧ ـ الفقيه مجد الدين أبو المكارم أحمد بن الحسين بن علي أبي الغنائم كما يظهر من أسانيد بعض أحاديث كتبه (٢).

هذا وفي أمل الامل : ويروي الشهيد عن محمد بن جعفر المشهدي عن ابن البطريق ، وقد قرأ كتبه عليه (٣).

أقول وما ذكره غير صحيح لان محمد بن المشهدي مؤلف المزار ولد حوالي سنة ٥١٠ وابن البطريق تولد عام ٥٣٣ وقراءة الاكبر على الاصغر ، والرواية عنه بعيدة.

أضف إلى ذلك ان شيخنا المجيز الطهراني استخرج مشايخ المشهدي الذين يروي عنهم في كتاب «المزار» فبلغ خمسة عشر رجلا ، ولم يذكر ابن البطريق فيهم ، بل ذكر من مشايخه نظراء أبي المكارم حمزة بن زهرة الحسيني الحلبي المتوفى عام ٥٨٤ والشيخ الفقيه عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري المتوفى عام ٥٥٣ ومحمد بن علي بن شهر آشوب المتوفى ٥٨٨ (٤).

__________________

(١) رياض العلماء ٥ / ٣٥٨ ، ولا حظ الثقات العيون ٣٣٨.

(٢) رياض العلماء ٥ / ٣٥٨.

(٣) أمل الامل ٢ / ٣٤٥.

(٤) راجع الذريعة ٢٠ / ٣٢٤.

٤٤

ثم ان رواية الشهيد عن ابن المشهدي غير صحيحة قطعا ، لان الشهيد بن أعلام القرن الثامن ، وقد تولد عام ٧٣٤ ، وتوفي عام ٧٨٦ فكيف يمكن له الرواية عن ابن محمد المشهدي الذي هو من مواليد حوالي سنة ٥١٠ ه‍.

كما أن ما في الرياض ج ٥ ص ٤٩ من أن صاحب المزار يروي عن نصير الدين الطوسي غير صحيح جدا ، لان الطوسي توفي عام ٦٧٢ فكيف يصح لابن المشهدي أن يروي عنه.

وما في أعيان الشيعة من أن صاحب المزار توفي في ٤ ذي الحجة سنة ٣٣٦ بالحلة ونقل إلى مشهد الحسين ـ عليه‌السلام ـ ودفن فيه غير تام جدا.

هذا هو ما وقفنا عليه من تلاميذ المترجم له ومن يروون عنه.

أولاده

خلف المترجم له ولدين كريمين فاضلين هما :

١ ـ علي بن يحيى بن البطريق نجم الدين أبو الحسن الحلي الكاتب. قال محمد شاكر في فوات الوفيات ما لفظه : علي بن يحيى بن بطريق : نجم الدين أبو الحسن الحلي الكاتب ، كتب بالديار المصرية أيام الدولة الكاملية ، ثم اختلف حاله فعاد إلى العراق ومات ببغداد سنة اثنين وأربعة وستمائة وكان فاضلا أصوليا ، ثم نقل طرفا من أشعاره (١).

ويظهر من الشارح الحديدي وجود الخلطة والصداقة بينهما حيث ينقل عنه في شرحه ويقول : كان صديقنا علي بن يحيى البطريق رحمه الله يقول : لو لا خاصة النبوة وسرها ، لما كان مثل أبي طالب ـ وهو شيخ قريش ورئيسها وذو شرفها ـ يمدح ابن أخيه محمدا وهو شاب قد ربى في حجره وهو يتيمه ومكفوله ، وجار مجرى

__________________

(١) فوات الوفيات ٣ / ١١٢.

٤٥

أولاده ، بمثل قوله :

وتلقوا ربيع الابطحين محمدا

على ربوة في رأس عنقاء عيطل

وتأوى إليه هاشم ، إن هاشما

عرانين كعب آخر بعد أول

ومثل قوله :

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للارامل

يطيف به الهلاك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

فإن هذا الاسلوب من الشعر لا يمدح به التابع والذنابي من الناس ، وإنما هو من مديح الملوك والعظماء ، فإذا تصورت انه شعر أبي طالب ، ذاك الشيخ المبجل العظيم في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو شاب مستجير به ، معتصم بظله من قريش ، قد رباه في حجره غلاما وعلى عاتقه طفلا ، وبين يديه شابا ، يأكل من زاده ، ويأوى إلى داره علمت موضع خاصية النبوة وسرها ، وان أمره كان عظيما وان الله تعالى أوقع في القلوب والانفس له منزلة رفيعة ومكانا جليلا (١).

٢ ـ محمد بن يحيى بن البطريق ، انظر ترجمته في تأسيس الشيعة ١٣٠.

نكات يجب التنبيه عليها

١ ـ قد أطبقت كلمة المترجمين لشيخنا المؤلف على أن اسمه هو : يحيح بن الحسن بن الحسين فما في تعليقات بعض الاعاظم بترجمته ، بالحسن بن الحسين محمول على سهو القلم ويصحح بسقوط لفظ «يحيى» قبل الحسن.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٤ / ٦٣ طبع مصر.

٤٦

كما أن عد شيخنا المترجم له من علماء أهل السنة كما صدر عنه سهو آخر حيث قال : وان كتاب العمدة من الكتب المعتبرة المعتمدة لديهم (١).

وكيف خفي على مثله أنه من أعيان الطائفة المحقة ومحدثيهم ومن المتفانين في حب أهل البيت المقتفين آثارهم.

٢ ـ قال السيد الصدر في تأسيس الشيعة : آل البطريق بيت جليل بالحلة من الشيعة الامامية ، بيت علم وفضل وأدب ، اشتهر منهم صاحب الترجمة وابناه : علي ابن يحيى ومحمد بن يحيى (٢).

٣ ـ قال في القاموس : البطريق كالكبريت : القائد من قواد الروم ، تحت يده عشرة آلاف رجل ، ثم الطرخان على خمسة آلاف ، ثم الفومس على مائتين.

٤ ـ قال شيخنا المجيز الطهراني : ولعل المؤلف من ولد البطريق الذي عده ابن النديم مع ابنه بحيح بن بطريق من الربان المترجمين إلى العربية في عهد المنصور العباسي وإليه تعزى ترجمة تيماوس لافلاطون ، فيكون انتماؤه إلى بني أسد بالولاء (٣).

٥ ـ المشهور أن المترجم له توفي عام ٦٠٠ عن عمر يبلغ ٧٧ غير أن إسماعيل پاشا في هدية العارفين ج ٢ ص ٥٢٢ نكر أن المترجم له توفي حدود ٦٠٥ ولم يذكر مصدره.

٦ ـ إن شيخنا الطهراني قد عنون المترجم له في الثقات العيون في سادس القرون وذكر أنه تولد عام ٥٢٣ وتوفي عام ٦٠٠.

__________________

(١) لاحظ إحقاق الحق ٢ / ٤٠٦ و ٥٠٩ و ٣ / ٦.

(٢) تأسيس الشيعة ١٣٠. الثقات العيون ٣٣٧.

٤٧

ومع ذلك قد عنونه في الانوار الساطعة في المائة السابعة وأرخ ميلاده ووفاته ٦٣٣ ـ ٧٠٠.

والصحيح هو ما ذكره في الثاقت العيون ، ولعله تصحيف لتاريخه الصحيح وهو ٥٣٣ ـ ٧٠٠ بتبديل خمسة إلى ستة في الميلاد وستة إلى سبعة في الوفاة ومع ذلك لم يعلم وجه لتكراره في الانوار الساطعة لانه لم يكن من علماء القرن السابع بل كان من علماء القرن السادس.

وقد قام بتحقيق الكتاب العلم الجليل والكوكب اللامع في سماء التحقيق الشيخ مالك المحمودي دامت افاضاته ، فقد تحمل جهدا كبيرا وبذف اوقاتا ثمينة في طريق تصحيح الكتاب وتحقيق نصه وعرضه على المصادر التي نقل عنها المؤلف مع ايضاح بعض لغاته المشكلة.

فنتقدم إلى الجميع بالشكر والتقدير

قم القدسة

مؤسسة الامام الصادق عليه‌السلام

جعفر السبحاني

٤٨

[مقدمة المؤلف]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي نبه ذوي العقول على حسن معارفه ، واستنبه ذوي الغفول بحسن عوارفه ، فخسق سهم العارف (١) وبخق (٢) فهم القائف (٣) فنجح وفد العقول (٤) وجمح (٥) ورد (٦) الغفول ، وغدت أبكار الافكار رواجع بالبيان ، وبدت أنكار الانكار (٧) رواجع عن التبيان.

فحضر قلب العارف بالحضر ، وحصر لب العارف بالحصر.

وصلواته وسلامه على ذي السبيل الاقوم ، والفخر الاقدم ، والمنار الانجم وسيد العرب والعجم «محمد بن عبد الله» المعصوم من كل فحش وذم.

__________________

١ ـ خسق السهم : إذا أصاب الهدف ولم ينفذ نفاذا شديدا ـ ينظر أقرب الموارد وقاموس اللغة.

٢ ـ البخق : العوار ـ قاموس اللغة.

٣ ـ القائف : الذي يتتبع الاثار ويعرفها ، ويعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود.

٤ ـ نحج : غلب.

٥ ـ جمح يجمح جماحا ، الجماع : المنهزمون من الحرب فلا يمكن ردهم.

٦ ـ الورد له معان ، والمراد هنا الجيش ، ينظر مادة «ورد» في كتب اللغة.

٧ ـ الانكار جمع نكر : المنكر ، ويمكن أن يكون «الافكار».

٤٩

وعلى الائمه من آله شادة الحكم (١) وسادة الامم ، ما طلع صباح ونجم وما عسعس ليل وادلهم (٢).

وبعد :

فإني لما صنفت كتاب «العمدة» من صحاح الاخبار في مناقب إمام الابرار أمير المؤمنين «علي بن ابي طالب» وصي المختار ـ صلى الله عليه وعلى الائمة من ذريته الاطهار ـ.

وجعلته خدمة للمواقف المقدسة الشريفة الطاهرة النبوية الامامية ، الناصرة لدين الله زاده الله شرفا وعلاء.

وانتشر ذلك في الامصار والاقطار ، وظل خرير الابرار (٣) وحديث السمار (٤) ، [كنت] (٥) لم ازل متطلعا إلى تجريد كتاب مفرد في مناقبه ـ صلى الله عليه ـ من وحي العزيز الجبار ، موافقا لما ورد من صحاح لفظ المختار ، إذا هو العلم الاطول في الاستبصار ، والسر (٦) الاسبل (٧) في الاستبصار ، منير الزناد (٨) مبير

__________________

١ ـ شادة الحكم : بناته.

٢ ـ عسعس اليل : إذا أقبل بظلامه ، ادلهم كثف واسود.

٣ ـ في أصل المطبوع «الخدير» وهو تصحيف من الخرير ، والخرير : صوت الماء والريح والعقاب إذا حفت ـ اقرب الموارد.

٤ ـ حديث السمار : الجماعة الذين يتحديون بالليل.

٥ ـ الزيادة اقتضاها السياق.

٦ ـ السر : الارض الاكرم.

٧ ـ الاسبل : الطويل السنبلة أي الارض الكثيرة الثمر والبركه.

٨ ـ الزناد جمع الزند : العود الاعلى الذي يقتدح به النار.

٥٠

الاضداد في العلم اسبل نجاد (١) ، وفي الدين أشمل بجاد (٢) ، وفي الكلم اصفى إبراد (٣) ، وفي الحكم اصفى إيراد ، وفي الانتجاع (٤) انجم ، وفي الاتباع أسلم ، وفي الحجة ألزم ، وللشبهة أحسم ، وفي المدحة أعظم.

وقد وسمته ب‍ «خصائص الوحي المبين» في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام. إذ كانت الحاجة إليه أمس ، والعناية به أخص.

فتطلعت على ما ورد في ذلك من طريق [اهل] السنة خاصة مما صح اتصالي به ، فأثبته في كتبانا هذا ، كما تقدم منا تصنف مناقبه المذكورة اعني «العمدة» وكتاب «المستدرك المختار» في مناقب وصي المختار من طريق [اهل] السنة خاصة ، ليس للشيعة فيه طريق لكون ذلك أنجم (٥) في الدليل ، وانهج (٦) في السبيل ، وأبهج (٧) في التأويل ، وأحسم (٨) في المقال ، وأحسم (٩) للضلال ، إذ هو من خاص طرقهم ، واتحاد فرقهم.

لا يعتري (١٠) المتمسك به تقييد ، ولا عن لزوم الحجة به محيد (١١) إذا هو من

__________________

١ ـ النجاد جمع النجد : الطريق المرتفع.

٢ ـ البجاد جمعه بجد : الثوب المخطط.

٣ ـ الابراد : الاثبات.

٤ ـ الانتجاع : الاتيان لطلب المعروف.

٥ ـ أنجم أي أظهر.

٦ ـ النهج : البين الواضح.

٧ ـ البهجة : السرور.

٨ ـ أي الاقطع.

٩ ـ اشد قطعا.

١٠ ـ اي لا يصيب.

١١ ـ أي معدل.

٥١

كلام الغفور الودود ، ذي العرش المجيد فعال لما يريد (١) وكتابنا هذا سيد كتاب صنف وشيد وجمع والف ، إذ هو من براع (٢) الوحي المبين ، وبلاغ الروح الامين. للذكر معين ، وللفكر معين ، وفي الفصاحة متين ، وفي النصاحة مبين ، خبت (٣) العلاء وخوتع (٤) الولاء ، وابن نجدة الخصوص (٥) وحذافي (٦) النصوص ، سديد المقال (٧) ، شديد المحال (٨). من كل مدحة أفخر ومن كل عون أنصر ، وبكل منقبة أبصر ، وبوجه كل ضلالة وبصرها أبسر (٩) وأحر.

يذر (١٠) الناقل إذا جنح عنه ناقلا ، والقائل إذا نجح به قائلا.

فبرأ اوائد (١١) الضلال ، وسلس قياد الاستدلال ، وقود زند الولاء ، وهمود (١٢) حصيد الاعداء ، حجة الملتمس ومنار المقتبس.

يصدّر الحال إلى الصواب (١٣) ويصد الحائر عن الذهاب ، ادلمست (١٤)

__________________

١ ـ اقتباس من آيات ١٦ و ١٧ من سورة البروج.

٢ ـ البريع : الذي يلمع من بعيد.

٣ ـ الخبت : المتسع المطمئن من بطون الارض.

٤ ـ الخوتع : الحاذق بالدلالة الماهر بها.

٥ ـ أي يراجع إليه الخاصة من العلماء.

٦ ـ الحذافي ، حفذ الصانع الشئ : سواه تسوية حسنة. وـ شعره : طرره وـ سواه وهو أن ياخذ من نواحيه حتى يستوي ، ومنه فلان محذف الكلام.

٧ ـ اي صواب المقال.

٨ ـ أي القدرة.

٩ ـ بسر : عبس.

١٠ ـ ذرت الشمس : طلعت.

١١ ـ البرأ من العيب أو الدين : تخلص وسلم منه. الاوائد : الاعوجاج.

١٢ ـ همدت الارض : لم يكن بها حياة ولا اود ولا نبت ولا مطر.

١٣ ـ يصدر الحال إلى الصواب : جعله في المقدمة وأول كل شئ : بعثه وارسله إلى الامام.

١٤ ـ ادلمس : ادلمس الليل إذا اشتدت ظلمته ، وهو ليل مدلمس ـ لسان العرب.

٥٢

لسماعه اضواء العباد ، واقلعت (١) لاستماعه سحب أفاويق (٢) الاضداد ، وجرت لمذاقه سيول وهاد (٣) الانداد ، واستسمست (٤) لمعرفة ذلك مطايا الاسترشاد.

من كل صوب يشرع الشارع إليه ، ومن كل أوب (٥) يشرع العابر عليه ، فهو للحاجة سداد ، وللتبصرة سداد.

يستعذب عند العل (٦) ويعل بعد النهل (٧) ، وكل نظم يأتي [في] اعجاز الفصول فهو ايضا لنا حله (٨).

__________________

١ ـ اقلعت : اقلعت السماء كفت وامتنعت.

٢ ـ افاويق : افاويق السحاب : مطرها مرة بعد مرة.

٣ ـ الوهد : المكان المنخفض كأنه حفرة.

٤ ـ واستشمست الارض بمعنى طلعت عليها الشمس.

٥ ـ أوب : آب إلى الشئ يؤوب أوبا : رجع وعاد.

٦ ـ العل : الشربة الثانية وقيل الشرب بعد الشرب اتباعا.

٧ ـ النحل : الشرب أو أوله.

٨ ـ الناحل : انتحل فلان شعر فلان إذا ادعاه انه قائله.

٥٣
٥٤

فصل

في ذكر طرق أسانيد هذا الكتاب

طريق رواية مناقب أبي عبد الرحمان عبد الله بن احمد بن حنبل (١).

اخبرنا السيد الاجل العالم ، نقيب النقباء ، الطاهر الاوحد ، ذو المناقب ، مجد الدين أبو عبد الله احمد بن الطاهر الاوحد ، أبي الحسن بن [علي بن] الطاهر الاوحد أبي الغنائم المعمر بن محمد بن احمد بن عبيد الله الحسيني «رضي الله عنه». قال : اخبرنا الشيخ الصالح أبو الخير (٢) المبارك بن عبد الجبار بن احمد بن القاسم الصيرفي ، عن الشيخ أبي طاهر بن علي بن يوسف المقرئ ـ المعروف بإبن العلاف ـ عن ابي بكر احمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي (٣) عن ابي عبد الرحمان عبد الله بن احمد بن حنبل عن والده احمد.

وطريق رواية صيحيح البخاري :

اخبرنا [به] الشيخ العدل أبو جعفر اقبال بن المبارك بن محمد العكبري (٤)

__________________

١ ـ طبع هذا الكتاب في مكه المكرمة باسم فضائل الصحابة.

٢ ـ في العمدة : أبو الحسين.

٣ ـ القطيعة : محلة ببغداد.

٤ ـ عكبرا : عكبرا بضم اوله وسكون ثانيه ... بليدة من نواحي دجيل بينها وبين بغداد عشرة =

٥٥

الواسطي ـ في جمادى الاولى من سنة اربع وثمانين وخمسمائة ـ عن الشيخ الحافظ المعمر يوسف بن محمد بن علي الهروي ، عن ابي محمد عبد الله بن احمد بن حمويه السرخسي ، عن ابي عبد الله الفربري (١) ، عن الشيخ ابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري المصنف.

واخبرنا به ايضا من طريق آخر : الشيخ الامام المقرئ ، ـ صدر الجامع للقراء ـ بواسط العراق ـ أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني ـ في شهر رمضان من سنة تسع وسبعين وخمسمائة ـ قال : حدثنا الشيخ الامام الحافظ أبو الوقت عبد الاول بن شعيب بن عيسى السجزي (٢) ـ قراءة عليه في دار الوزارة العونية بقصر الخلافة المعظمة في صفر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة فأقربه ـ قال : اخبرنا الشيخ الامام أبو الحسن الداودي ، عن ابن حمويه السرخسي ، عن الفربري ، عن ابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري المصنف.

واما طريق رواية صحيح مسلم :

فأخبرنا به ايضا الشيخ الامام المقرئ أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني ـ صدر الجامع بواسط العراق المقدم ذكره ـ قال : اخبرنا الشيخ الامام الشريف ، ـ نقيب العباسيين (٢) بمكة حرسها الله تعالى ـ احمد بن محمد بن عبد العزيز الهاشمي ـ في منزله ببغداد في قصر الخلافة المعظمة مما يلي باب العامة في

__________________

فراسخ ، والنسبة إليها عكبري ـ معجم البلدان.

١ ـ الفربر : قرية ببخارى.

٢ ـ سجز بكسر اوله وسكون ثانيه ... اسم لسجستان البلد المعروف في اطراف خراسان ، والنسبة إليها سجزي وقد نسب إليها خلق كثير من الائمة والرواة والادباء.

٣ ـ النقيب : عريف القوم ، وهو شاهد القوم وضمينهم ـ لسان العرب.

٥٦

سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ـ قال : اخبرنا الفقيه أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري نزيل مكة ـ حرسها الله تعالى ـ عن ابي الحسين عبد المغافر (١) بن محمد الفارسي ، عن ابي احمد محمد بن عيسي الجلودي (٢) ، عن الفقيه ابراهيم بن محمد بن سفيان ، عن الفقيه مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري المصنف.

وطريق رواية الجمع بين الصحيحين :

لابي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي ، فإني ارويه عن الامير أبي الحسن محمد بن الحسن بن علي بن الوزير ابي العلاء الواسطي ـ في شهر ربيع الاول من سنة خمس وثمانين وخمس مائة ، بحق (٣) روايته عن الشريف الخطيب أبي يعلى حيدرة بن بدر الرشيدي الهاشمي الواسطي ، بحق روايته عن ابي عبد الله محمد بن ابي نصر الحميدي المصنف.

ومن طريق آخر : اخبرنا به الشيخ الامام المقرئ أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني ـ صدر الجامع بواسط العراق المقدم ذكره ـ قال : اخبرنا الشيخ الامام الحافظ بن الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي البغدادي ، عن ابي عبد الله محمد بن ابي نصر الحميدي المصنف.

وطريق الرواية الجمع بين الصحاح الستة ـ وهي : موطأ مالك بن أنس الاصبحي ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم النيسابوري ، وصحيح الترمذي ، وصحيح ابي داود السجستاني ـ وهو كتاب السنن ـ وصحيح النسائي الكبير ـ تصنيف الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدوي

__________________

١ ـ هكذا في العمدة وفي أصل المطبوع عبد المغافر.

٢ ـ بحق اي بروايته.

٣ ـ الجلود كقبول : بلد بالاندلس.

٥٧

السرقسطي الاندلسي (١) المصنف.

اخبرنا به الشيخ الامام المقرئ أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني الواسطي الشافعي ـ صدر الجامع بواسط المقدم ذكره في شهر رمضان من سنة سبع وسبعين وخمسمائة ـ عن الشيخ الامام ابي الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري السرقسطي الاندلسي المصنف.

ومن طريق آخر : اخبرنا به ايضا الشيخ المقرئ أبو جعفر المبارك بن المبارك بن احمد بن زريق الحداد الواسطي ـ صدر الجامع للصلاة بواسط العراق في سلخ صفر من سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية بن عمار المصنف.

وطريق رواية تفسير الثعلبي ـ وهو كتاب «الكشف والبيان» ـ اخبرنا السيد محمد بن يحيى بن محمد بن ابي السطلين العلوي البغدادي ـ في صفر سنة خمس وثمانين وخمسمائة ـ عن الشيخ أبي الخير احمد بن اسماعيل بن يوسف القزويني الشافعي ـ المدرس بالمدرسة النظامية ببغداد في شعبان من سنة سبعين وخمسمائة ـ بروايته عن محمد بن احمد الارغباني الفقيه ، عن القاضي الحافظ حاكم بلخ احمد بن محمد البلخي ، عن يحيى بن محمد الاصفهاني ، عن الاستاذ [أبي] (٢) اسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي المصنف.

وطريق رواية كتاب «الفردوس» تأليف شهريار بن شيرويه الديلمي اخبرنا به الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبيد الموصلي ، عن الشيخ اسماعيل بن علي بن

__________________

١ ـ السرقسطي ـ بفتح السين والراء وضم القاف : بلد بالاندلس وفي معجم البلدان : سرقسطة : بلدة مشهورة بالاندلس.

٢ ـ اخذناه من كتاب العمدة.

٥٨

عبيد المحدث الموصلي ، عن محمد بن فنا خسرو الديلمي ، عن شهريار [بن] شيرويه المصنف.

وطريق رواية [كتاب] مناقب مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ تصنيف الفقيه ابي الحسن علي بن محمد الطيب الخطيب الجلابي (١) الشافعي المعروف ب‍ «ابن المغازلي الواسطي ـ رحمه الله ـ.

اخبرنا به الامام المقرئ ـ صدر الجامع للقراء بواسط العراق المقدم ذكره ـ أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني ـ في شهر رمضان من سنة تسع وسبعين وخمسمائة ـ قال حدثني به العدل العالم المعمر أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد ، عن والده الفقيه ابي الحسن [علي] الشافعي المصنف (٢).

وطريق رواية أبي نعيم الحافظ أبي الفضل احمد بن عبد الله بن اسحاق الاصفهاني لكتاب «حلية الاولياء» ولما صنفه من المنتزع من القرآن العزيز فيما ورد في مناقب مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ صلى الله عليه ـ :

اخبرنا به الشيخ العدل الحافظ أبو البركات علي بن الحسين بن علي بن الحسن بن عمار المحدث الموصلي ـ في رجب من سنة خمس وتسعين وخمسمائة ـ عن الشيخ ابي محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن عمر ـ المعروف ب‍ «ابن سويدة» التكريتي ـ المحدث ، عن الشيخ الحافظ ابي البركات عبد الوهاب بن المبارك الحسن بن احمد الانماطي (٣) عن أبي الفضل احمد بن احمد بن الحسن الحداد

__________________

١ ـ الجلاب : قرية.

٢ ـ هنا في أصل المطبوع سقط واكملناه على ما في كتاب العمدة ، الطبعة الثانية ٦٥.

٣ ـ الانماطي : النمط من العلم والمتاع وكل شئ : نوع منه والجمع من ذلك كله انماط ونماط ، والنسب إليه انماطي ونمطي ـ معجم البلدان.

٥٩

الاصفهاني ، عن الحافظ أبي نعيم احمد بن عبد الله بن احمد بن اسحاق بن موسى بن مهران الاصفهاني (١).

ومن طريق آخر : اخبرنا به الشيخ محمد بن احمد بن عبيد الموصلي ، عن الشيخ اسماعيل بن علي بن عبيد المحدث الموصلي ، عن ابي الفضل بن ناصر ، عن احمد الحداد الاصفهاني ، عن أبي نعيم احمد بن عبد الله بن اسحاق بن موسى بن مهران الحافظ الاصفهاني المصنف.

ومن طريق آخر : اخبرنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ، عن أبي علي حمد بن احمد بن الحسن الحداد الاصفهاني ، عن الحافظ أبي نعيم احمد بن عبد الله بن اسحاق بن موسى بن مهران الاصفهاني قال : حدثني به العدل العالم المعمر أبو عبد الله محمد بن علي ، عن والده الفقيه أبي الحسن علي الشافعي المصنف.

وسنتكلم على كل فصل بما يسنح به الخاطر (٢) بديهة بما لم نعلم ان احدا سبق إليه.

بكر يظل لي التناضل راجعا

وتعوم في بحر الجدال وتسبح

وتطل في بحر الدليل قلادة

وتفت في عضد الجدال وتقدح

وقد فصلته خمسة وعشرين فصلا تشتمل على مائتي حديث وحديثين.

منها : من طريق ابن حنبل ستة عشر حديثا.

ومنها من طريق البخاري خمسة احاديث.

__________________

١ ـ في أصل المطبوع : هنا وفي ما يأتي عن الحافظ أبي نعيم الفضل احمد ... ، وكلمة «الفضل» اما لقب آخر أوانها زائدة.

٢ ـ في لسان العرب : سنح لي رأي وشعر يسنح ، عرض لي أو تيسر.

٦٠