خصائص الوحى المبين

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]

خصائص الوحى المبين

المؤلف:

شمس الدين يحيى بن الحسن الأسدي الربعي الحلّي [ الحافظ ابن البطريق ]


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦

العقائد الحديث وعلومه

فيهم رسول الله قد تجرّدا

ابيض مثل السيف ينمى صعدا (١)

إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا (٢)

إن قريشا اخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أن لست تدعو أحدا

وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالحطيم هجدا

وقتلونا ركعا وسجدا (٣)

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نصرت ان لم أنصركم ، وخرج وتجهز إلى مكة [وفتح مكة] (٤) وهي سنة ثمان من الهجرة.

ثم لما خرج إلى غزوة تبوك وتخلف من تخلف من المنافقين وأرجفوا الاراجيف ، جعل المشركون ينقضون عهودهم ، فأمره الله تعالى بإلغاء عهودهم إليهم ليأذنوا بالحرب وذلك قوله عز وجل : (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) (٥).

__________________

١ ـ تجرد : تهيأ للحرب.

٢ ـ تربد : تغير إلى السواد ـ الفيلق : العسكر الكثير.

٣ ـ في سيرة ابن هشام : بيتونا بالوتير هجدا ، وفي هامشة : الوتير : اسم ماء بأسفل مكة لخزاعة. والهجد : النيام ، وقد يكون الهجد ايضا المستقيظين وهو من الاضداد.

٤ ـ ما بين المعقوفتين من العمدة.

٥ ـ سورة الانفال : ٨ / ٥٨.

١٦١

فلما كانت سنة تسع أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحج ثم قال : [اكره] (١) أن يحضر المشركون فيطوفون عراة ، ولا احب أن أحج حتى لا يكون ذلك ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر في تلك السنة على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر «براءة» ليقرأها على أهل الموسم.

فلما سار ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا عليه‌السلام فقال : اخرج بهذه القصة من صدر «براءة» وأذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا ، فخرج علي عليه‌السلام على ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة وأخذها منه.

فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه والله وسلم فقال : يا رسول الله بأبي أنت وامي ، أنزل في شأني شئ؟ قال : لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني (٢).

١٠٧ ـ ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين في الجزء الثاني من أجزاء ثلاثة في تفسير سورة «براءة» من صحيح أبي داود وهو السنن ومن صحيح الترمذي.

بالاسناد المقدم قال عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر وأمر أن ينادي في الموسم ببراءة ، ثم أردفه عليا ، فبينا أبو بكر ببعض الطريق إذ سمع رغاء (٣) ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العضباء ، فقام أبو بكر فزعا يظن أنه حدث أمر ، فدفع إليه علي عليه‌السلام كتابا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، ان عليا ينادي بهؤلاء الكلمات فإنه لا ينبغي ان يبلغ عني الارجل من اهل بيتي ، فانطلقا.

فقام علي عليه‌السلام أيام التشريق ينادي : ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك ،

__________________

١ ـ ما بين المعقوفتين من العمدة.

٢ ـ غاية المرام / ٤٦١ نقلا عن تفسير الثعلبي.

٣ ـ رغاء : صوت ذوات الخف ، رغا البعير إذا ضج ـ مجمع البحرين.

١٦٢

فسيحوا اربعة اشهر ، ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت بعد العام عريان ، ولا يدخل الجنة إلى نفس مسلمة مؤمنة.

قال : وكان علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله ينادي بها ، فذا أعيا (١) أمر غيره فنادى (٢).

١٠٨ ـ ومن كتاب خصائص أمير المؤمين علي بن أبي طالب عليه‌السلام تأليف ابي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي الحافظ قال : بإسناده في باب : «ذكر توجيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببراءة قال : أبخرنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عفان وعبد الصمند قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن أنس قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببراءة مع أبي بكر ، ثم دعاه فقال : لا ينبغي أن يبلغ هذا عني إلا رجل من أهلي ، دعا عليا فأعطاه إياها (٣). في قوله تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة) (٤) الاية :

١٠٩ ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا أحمد بن فرج ، قال : حدثنا أبو عمر الدوري ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، عن محمد بن السايب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا) الاية ، قال : ان الله عز وجل حرم كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [إلا أن يصدقوا قبل التكلم معه] وبخلوا أن يتصدقوا قبل

__________________

١ ـ عيى : عجز ـ النهاية.

٢ ـ يراجع صحيح الترمذي ٥ / ٢٧٥.

٣ ـ خصائص النسائي / ٩٢ ، صحيح الترمذي ٤ / ٣٣٩ ، مسند احمد ٣ / ٣٣٩ ، مسند احمد ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣.

٤ ـ سورة المجادلة : ٥٨ / ١٢.

١٦٣

كلامه ، قال وتصدق علي ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره (١).

١١٠ ـ ومن تفسير الثعلبي في قوله تعالى : (يا ايها الذين ءامنوا إذا ناحيتم الرسول) الاية بالاسناد المقدم قال الثعلبي قال مجاهد : نهى [الله المسلمين] عن مناجاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يتصدقوا ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قدم دينارا فتصدق به ، ثم نزلت الرخصة.

١١١ ـ وقال علي صلوات الله عليه وآله : ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي (يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة) (٢).

١١٢ ـ وقال علي صلوات الله عليه ، بي خفف الله عز وجل عن هذه الامة أمر هذه الاية ، فلم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي (٣).

١١٣ ـ قال : وقال ابن عمر : كان لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ثلاثة ، لو كان لي واحدة منهن كانت أحب إلى من حمر النعم : تزويجه فاطمة صلى الله عليها ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى (٤).

١١٤ ـ ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي الواسطي بالاسناد المقدم [قال] أخبرنا أحمد بن محمد ـ إذنا ـ قال : أخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق الطيبي ، قال : حدثنا محمد بن أبي العوام ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ليث ، عن مجاهد قال : قال

__________________

١ ـ ينظر النور المشتعل / ٢٤٩.

٢ و ٣ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٢٣١ ـ اسباب النزول / ٤٣٨ كفاية الطالب / ١٣٦ ، تفسير الطبري ٢٨ / ١٥ ـ خصائص النسائي / ١٦١.

٤ ـ تفسير الكشاف ٤ / ٧٦ كفاية الطالب / ١٣٧.

١٦٤

علي بن أبي طالب عليه‌السلام : آية في كتاب الله تعالى ، ما عمل بها أحد من الناس غيري : آية النجوى ، كان لي دينار بعته بعشرة دراهم ، فكلما أردت أن أناجي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تصدقت بدرهم ، ما عمل بها أحد قبلي ولا بعدي (١).

١١٥ ـ ومن كتاب الجمع بين الصحاح الستة لرزين بن معاوية العبدري في الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة ، في تفسير سورة «المجادلة». بالاسناد المقدم قال رزين ، قال أبو عبد الله البخاري في قوله تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة) نسختها : (فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم) (٢).

١١٦ ـ قال امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ما عمل بهذه الاية غيري ، وبي خفف الله تعالى عن الامة أمر هذه الاية (٣). في قوله سبحانه وتعالى : (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) (٤).

١١٧ ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن عمر بن سالم ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد ، قال : حدثنا جعفر بن علي بن نجيح ، قال حدثنا : حدثنا حسن بن حسين ، عن ابي حفص الصائغ ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام في قوله عز وجل : (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال : عن ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٥).

__________________

١ ـ مناقب ابن المغازلي / ٣٢٦.

٢ ـ سورة المجادلة : ٥٨ / ١٣.

٣ ـ صحيح الترمذي ٥ / ٤٠٦ مع اختلاف ، والروايات في هذه الباب كثيرة ، ذكرها السيوطي في الدر المنثور ٦ / ١٨٦ بعدة طرق.

٤ ـ سورة التكاثر : ١٠٢ / ٨.

٥ ـ روى نظيره الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ / ٣٦٨.

١٦٥

في قوله تعالى : (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا) (١).

١١١٨ ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في الجزء الاول من كتاب «حلية الاولياء» من أحاديث أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا وكيع ، عن أبي حفص ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب رضي الله عنه ـ في قوله سبحانه ، وتعالى : (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا) الاية ، قال : هن أربع وكلهن واقع لا محالة ، فمضت اثنتان بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض ، وبقي اثنتان واقعتان لا محالة : الخسف والرجم (٢).

قال يحيى بن الحسن : اعلم أن هذا الفصل قد جمع أشياء :

منها قوله تعالى : (يهديكم صراطا مستقيما) (٣) وإذا كان علي عليه‌السلام عبارة عن الصراط المستقيم فما بعده غاية ينتهي إليها.

وإذا ذكر في فضله انه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (٤) وأبان عنه بأنه هو الذي فتح خيبر مع فرار غيره (٥) فقد ثبت ميزته وظهر فضله بلا ارتياب والفرار من الزحف فيه ما فيه (٦).

__________________

١ ـ سورة الانعام : ٦ / ٦٥.

٢ ـ حلية الاولياء ١ / ٢٥٣.

٣ ـ سورة الفتح : ٤٨ / ٢.

٤ ـ ينظر فضائل الصحابة ٢ / ٥٩٣ و ٥٨٤ ومسند احمد ٢ / ٣٨٤.

٥ ـ فضائل الصحابة ٢ / ٦٠٤ ، مسند احمد ٥ / ٣٣٣.

٦ ـ ينظر الكبائر للذهبي / ٣٣.

١٦٦

ومنها قوله تعالى : (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقون فقد رأيتموه ، وأنتم تنظرون) (١) وهذا أعظم بلاء في الاسلام من حيث يتمنى أعداء الله الموت من قبل أن يلقوه ، فلو لا اقدامه في الجهاد كما قال الله : (أعزة على الكافرين) (٢) لما وجب له ذلك.

وفي ذلك فقد النظير له والحث على وجوب اتباعه بأحسن الوجوه وأوجز الالفاظ وهو معنى قوله تعالى : (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) (٣).

ومنها قوله تعالى : (وأذان من الله ورسوله) (٤) الاية ، واسترجاع سورة براءة من غيره وتسليمها إليه بوحي الله تعالى لا بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

يدل على ذلك بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاها لغيره ونزل الوحي العزيز بتسليمها إليه وعزل غيره ، فقد دل ذلك على ولاية من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعزل من الله تعالى وولاية من الله تعالى له بعد ذلك العزل.

ومما يدل على أن ذلك كان علامة على استحقاق الامر له بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جواب ذلك : انه قد اوحى [الله] إلى بأنه لا يؤدي عني إلا رجل مني (٥) فقد وجب ذلك بوحي الله تعالى وبقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبوحي الله تعالى جعل منه صلى الله عليهما وآلهما وهو قوله : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد

__________________

١ ـ سورة آل عمران : ٣ / ١٤٣.

٢ ـ سورة المائدة : ٥ / ٥٤

٣ ـ سورة المائدة : ٥ / ٥٤.

٤ ـ سورة التوبة : ٩ / ٣.

٥ ـ ينظر فضائل الصحابة ٢ / ٥٦٢ ، مسند احمد ١ / ١٥١.

١٦٧

منه) (١) (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (٢).

فهبني أهملت الكلام لعلة

فيا من له عقل ألا تتفهم

يولي له العرش بعد ولاية

النبي فأي بولاية أقوم

__________________

١ ـ سورة هود : ١١ / ١٧.

٢ ـ سورة ق : ٥٠ / ٣٧.

١٦٨

الفصل الحادي عشر

في قوله سبحانه وتعالى : (فإما نذهبن بك فإنا منه منتقمون) (١).

وفي قوله تعالى : (وسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا) (٢).

وفي قوله : (وتعيها أذن واعية) (٣).

١١٩ ـ من طريق الحافظ أبي نعيم في وقوله تعالى : (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) بالاسناد المقدم : قال أبو نعيم : حدثنا سعيد بن محمد الناقد ومحمد بن أحمد بن علي ، قالا : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال حدثنا يحيى بن حسن بن فرات قال : حدثنا مصبح بن هلقام ، قال : حدثنا أبو مريم ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة [في قوله تعالى :] (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) قال بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

١٢٠ ـ ومن مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الواسطي الشافعي بالاسناد المقدم قال ابن المغازلي [عند ذكره] قوله تعالى : (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ، قال : حدثنا هلال

__________________

١ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤١.

٢ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٥.

٣ ـ سورة الحاقة : ٦٩ / ١٢.

٤ ـ ينظر شواهد التنزيل ٢ / ٥٣.

١٦٩

بن محمد الحفار ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي ، قال : حدثنا أبي علي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : حدثنا أبي موسى ، قال : حدثنا أبي جعفر ، قال : حدثنا أبي محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الانصاري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وإني لادناهم في حجة الوداع بمنى حين قال ـ : لا ألفينكم ترجعون بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتبية التي تضاربكم.

ثم التفت إلى خلفه فقال : أو علي ، أو علي ـ ثلاثا ـ فرأينا أن جبرئيل غمزه وأنزل الله سبحانه وتعالى على أثر ذلك : (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) (١).

ثم نزلت : (قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) (٢).

ثم نزلت : (فاستمسك بالذي أوحي إليك (من امر علي) : انك على صراط مستقيم) (٣) وإن عليا (لعلما للساعة) ([وانه لذكر لك] ولقومك وسوف تسئلون) (٤) عن ولاية علي بن أبي طالب (٥).

في قوله : (وسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا) (٦).

١٢١ ـ من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر النمري المغربي الاندلسي وقد

__________________

١ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٢.

٢ ـ سورة المؤمنون : ٢٣ / ٩٣.

٣ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٣.

٤ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٤.

٥ ـ مناقب ابن المغازلي / ٢٧٤ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٥٢.

٦ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٥.

١٧٠

خرجه أيضا أبو نعيم قال : بإسناده في تفسير هذه الاية قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة أسري به ، جمع الله تعالى بينه وبين الانبياء ، ثم قال : سلهم يا محمد على ماذا بعثتم؟ فقالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله ، وعلى الاقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (١).

في قوله تعالى : (وتعيها أذن واعية) (٢).

١٢٢ ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن عمر بن سالم ، قال : حدثني أبو محمد القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي [قال : حدثني أبي ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمد بن عبد الله عن أبيه محمد عن أبيه عمر بن أبيه علي] (٣) بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي إن الله عز وجل أمرني أن أدينك وأعلمك لتعي ، وأنزلت هذه الاية : (وتعيها أذن واعية) فأنت اذن واعية للعلم (٤).

١٢٣ ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد [بن محمد] المقدسي قال : حدثنا اسحاق بن ابراهيم العنزي القاضي ، قال حدثنا أبو عمير ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن علي بن حوشب ، عن مكحول ، عن علي عليه‌السلام [في قوله تعالى : (وتعيها أذن واعية)] قال علي قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوت الله أن يجعلها أذنك يا علي (٥).

__________________

١ ـ ينظر شواهد التنزيل ٢ / ١٥٧ مع اختلاف يسير.

٢ ـ سورة الحاقة : ٦٩ / ١٢.

٣ ـ ما بين المعقوفتين من شواهد التنزيل.

٤ ـ حلية الاولياء ١ / ٦٧ وفيه : فأنت اذن واعية لعلمي اسباب النزول / ٤٧٣ مع اختلاف.

٥ ـ معرفة الصحابة ١ / ٣٠٦ شواهد التنزيل ٢ / ٢٧٥ الدر المنثور ٦ / ٢٦٠ ـ مناقب ابن المغازلي / ١٦٥.

١٧١

١٢٤ ـ ومن تفسير الثعلبي بالاسناد المقدم قال : أخبرني ابن فنجويه قال : حدثنا ابن حيان [قال :] حدثنا إسحاق بن مجه ، حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن عيسى ، حدثنا علي بن علي ، حدثني أبو حمزة الثمالي ، حدثني عبد الله بن الحسن قال : حين نزلت هذه الاية : (وتعيها أذن واعية) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي.

قال علي : فما نسيت [شيئا] بعد ذلك ، وما كان لي أن أنساه (١).

قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذا الفصل قد جمع من الوحي العزيز أشياء ، كل واحد منها يوجب لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه ولاء الامة وفقد النظير.

منها قوله تعالى : (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) (٢) ومن اخبر الله سبحانه عنه انه مع ذهاب نبيه يقوم مقامه في استيفاء حقه تعالى ممن كفروا شرك وانه قد شرك نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الانتقام من أعدائه تعالى ، وذلك هو السبب في إقامة دين الله تعالى وما يشرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك ويقوم مقامه إلا من قام مقامه في ولاء الامة بعده بدليل لفظ القرآن العزيز.

ومنها قوله سبحانه وتعالى : (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) (٣) وكان جواب الرسل صلى الله عليهم الاقرار بالله تعالى وبالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبولاية مولانا أمير المؤمنين صلى الله عليه ، فما بعد هذا بيان يلتمس لانه تعالى قد كلف رسله السابقين بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاقرار بولاية علي عليه‌السلام بعد الاقرار بنبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

١ ـ يراجع حلية الاولياء ١ / ٦٧ ، شواهد التنزيل ٢ / ٢٧٠.

٢ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤١.

٣ ـ سورة الزخرف : ٤٣ / ٤٥.

١٧٢

وذلك كله بعد معرفة الله سبحانه وتعالى فقد وجب له من الولاء ما وجب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا مثل قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) (١) وكونها خاصة به.

وقد تقدم اختصاصها به ، وهذه أمر لا ينبغي أن يكون لاحد من البشر سوى سيد البشر محمد فيجب أن يكون لعلي عليه‌السلام من امر مثله بدليل ألفاظ القرآن العزيز ، فعدم في ذلك نظيره ووجب تفرده بالسيادة صلى الله عليه.

ومنها قوله تعالى : (وتعيها أذن واعية) (٢) وإذا كان صلى الله عليه هو الاذن الواعية لوحي الله تعالى ، وذلك سؤال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقوله : «ما نسيت وما كان لي أن أنساه».

وهذا نظارة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما قال تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (سنقرئك فلا تنسى) (٣) فجعل تعالى حاليهما في حفظ الوحي العزيز واحدة.

ولو لا أنهما أولى بالاتباع من كل أحد لما اختصا بأن لا ينسيا شيئا من وحي الله تعالى ، وذلك من أدل دليل على وجوب اتباع من لا ينسى شيئا من وحي الله تعالى لموضع علمه بأمر الله تعالى ونهيه ، وهذا بين لمن تأمله.

بمديحه جعل الكتاب قلائدا

في جيد كل مديحة غراء

وبفضله ورد الكتاب مترجما

عن قدره في ليلة الاسراء

وبفضله وبنصله اتضح الهدى

والشرك مثل الليلة الليلاء

__________________

١ ـ سورة المائدة : ٥ / ٥٥.

٢ ـ سورة الحاقة : ٦٩ / ١٢.

٣ ـ سورة الاعلى : ٨٧ / ٦.

١٧٣
١٧٤

الفصل الثاني عشر

في قوله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) (١).

وفي قوله تعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (٢).

١٢٥ ـ من تفسير الثعلبي : في قوله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) قال الثعلبي : نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة صلى الله عليهما والحسن والحسين عليهم‌السلام ، قال : وكان القصة فيما [ما] :

أخبرنا به الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن علي الشيباني العدل ـ قراة عليه في صفر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ـ قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الخوارزمي ابن عمر بن الاحنف بن قيس ـ في سنة ثمان وخمسين ومأتين ـ قال : حدثنا أحمد بن حماد المروزي ، حدثنا محبوب بن حميد القصري ـ وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة ـ قال : حدثنا القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنه ـ.

قال وأخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ،

__________________

١ ـ سورة الانسان : ٧٦ / ١.

٢ ـ سورة السجدة : ٣٢ / ١٨.

١٧٥

حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهيل ، عن علي بن مهران الباهلي بالبصرة ، حدثنا أبو مسعود عبد الرحمان بن فهر بن هلال ، حدثني القاسم بن يحيى الغنوي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ.

قال أبو الحسن بن مهران : وحدثني محمد بن زكريا البصري ، حدثني شعيب بن واقد المزني ، حدثنا القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قول الله عز وجل : (يوفون بالندر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) (١) قال : مرض الحسن والحسين عليه‌السلام فعادهما جدهما محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه أبو بكر وعمر ، وعادهما عامة الرب فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك ، فكل نذر لا يكون له وفاء ، فليس بشئ.

فقال علي صلى الله عليه وآله : إن برأ ولداي مما بهما ، صمت ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل.

وقالت فاطمة صلى الله عليها : ان برأ ولداى مما بهما صمت ثلاثة أيام شكرا لله.

وقالت جارية يقال لها فضة نوبية : ان برءا سيداي مما بهما ، صمت ثلاثة ايام شكرا لله عز وجل.

فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ، فانطلق علي صلوات الله عليه إلى شمعون بن حاريا اليهودي الخبيري ، فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير.

وفي حديث المزني ، عن ابن مهران الباهلي : فانطلق علي عليه‌السلام إلى جار له من اليهود ، يعالج الصوف ويقال له : شمعون بن حاريا ، فقال له : هل لك

__________________

١ ـ سورة الدهر : ٧٦ / ٧.

١٧٦

أن تعطيني جزة من الصوف تغزلها بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اصوع من شعير؟

فقال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير ، فأخبر فاطمة صلى الله عليهما بذلك فقبلته وأطاعت.

قالوا : فقامت فاطمة صلوات الله عليها إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد منهم قرصا ، وصلى علي عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المغرب ، ثم أتى إلى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة.

فسمعه علي صلوات الله عليه فأمر بإعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم ولم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح.

فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة صلوات الله عليها إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، فأتاهم يتيم فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من أولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة أطعموني اطعمكم الله من موائد الجنة.

فسمعه علي عليه‌السلام فأمر بإعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين ولم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح.

فلما كان اليوم الثلاث قامت فاطمة صلوات الله عليها إلى الصاع الثالث فطحنته واختبزته ، وصلى علي صلوات الله عليه مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم أسير ، فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم اهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ، وأطعموني فإني أسير محمد ،

١٧٧

أطعمكم الله من موائد الجنة.

فسمعه علي صلوات الله عليه فأمر باعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة ايام ولياليها ، لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح.

فلما كان اليوم الرابع وقد وفوا نذرهم ، أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع.

فلما بصر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا ابا الحسن ما أشد ما يسؤني ما أرى بكم ، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها وقد لصق ظهرها ببطنها من شدة الجوع ، وغارا عيناها ، فلما رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : واغوثاه بالله ، اهل بيت محمد يموتون جوعا.

فهبط جبرئيل عليه‌السلام على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمد خذ ما هنأك الله في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ فأقرأه : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) إلى قوله تعالى : (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (١) إلى آخر السورة.

وزاد ابن مهران الباهلي في الحديث : فوثب (٢) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى دخل على فاطمة و [لما] رأى ما بهم ، انكب عليهم يبكي ، ثم قال لهم : أنتم مذ ثلاث في ما أرى وأنا غافل عنكم؟ فهبط جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآيات.

وزاد محمد بن علي صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف «البلغة» : أنهم عليهم‌السلام نزل عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام.

__________________

١ ـ سورة الدهر : ٧٦ / ٩ ـ ١٠.

٢ ـ وثب : نهض وقام.

١٧٨

وحديث «المائدة» ونزولها عليهم مذكورة في ساير الكتب.

١٢٦ ـ قال الثعلبي : قوله عز وجل : (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) (١) قال هي عين في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفجر إلى دور الانبياء عليهم‌السلام والمؤمنين (يوفون بالنذر) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضة (ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه) يقول : [على] شهوتهم للطعام وايثارهم مسكينا من مساكين المسلمين ، ويتيما من يتامى المسلمين ، وأسيرا من أسارى المشركين.

ويقولون إذا أطعموهم : (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) قال : والله ما قالوا هذا بألسنتهم ولكنهم أضمروه في صدورهم ، فأخبر الله عز وجل بإضمارهم يقولون : (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) فتمنون علينا به ، ولكنا أعطيناكم لوجه الله تعالى وطلب ثوابه.

قال الله عز وجل : (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة) في الوجوه (وسرورا) في القلوب (وجزاهم بما صبروا جنة) يسكنونها (وحريرا) يلبسونه ويفرشونه (متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا).

قال ابن عباس : فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا ضوء كضوء الشمس ، وقد أشرقت الجنان له ، فيقول أهل الجنة : قال ربنا عز وجل : (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا).

__________________

١ ـ سورة الدهر : ٧٦ / ٥ ـ ٦.

١٧٩

فيقول لهم رضوان : ليست هذه شمسا ولا قمرا ولكن هذه فاطمة وعلي ، ضحكا ضحكا [ف‍] أشرقت الجنان من نور ضحكهما.

وفيهما أنزل الله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) إلى قوله : (وكان سعيكم مشكورا).

قال الثعلبي وأنشدت فيه :

أنا مولى لفتى

انزل فيه هل اتى (١)

في قوله تعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (٢).

١٢٧ ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم : قال [أبو نعيم] : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إسحاق بن بنان ، قال : حدثنا حبيش بن مبشر ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، ـ رضي الله عنه ـ قال : قال الوليد بن عقبة لعلي عليه‌السلام : أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملا منك حشوا للكتيبة. فقال له علي عليه‌السلام : اسكت فإنما أنت فاسق ، فنزلت : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) قال : يعني بالمؤمن : عليا عليه‌السلام ، وبالفاسق : الوليد بن عقبة (٣).

١٢٨ ـ من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) بالاسناد المقدم قال الثعلبي : نزلت هذه الآية في

__________________

١ ـ نقله ابن المغازلي في المناقب ٢٧٢ ـ ٢٧٤ باختصار.

٢ ـ سورة السجدة : ٣٢ / ١٨.

٣ ـ ينظر اسباب النزول / ٣٦٧ ، تفسير القرطبي ١٤ / ١٠٥ ، تفسير الطبري ٢١ / ٦٨ ، تفسير الدر المنثور ٥ / ١٧٨.

١٨٠