غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٥

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٥

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-590-3
الصفحات: ٤٧٢

الفقه كتاب الصوم

وعن ابن أبي عقيل : لا يجوز صومه عن نذر أو كفارة لمن عليه قضاء شهر رمضان حتى يقضيه.

وفي المختلف : الأولى التفصيل ، فإن كان نذراً معيّناً فيقدّم ، وإلا فإن تضيّق وقت القضاء فيقدّم ، وإلا فيختار ؛ للأصل وعدم المرجّح.

واحتجّ لابن أبي عقيل بأنّه كالأصل ، وبأنّه وجب بأصل الشرع فيقدّم ، ثمّ منع أنّه كالأصل ، وكذا الملازمة في الثاني (١) ، وما ذكره جيّد.

الرابعة : اختلف في جواز صوم التطوّع لمن عليه فرض فعن الأكثر المنع.

ولم يذكر في التذكرة (٢) الخلاف ، إلا عن أحد روايتي أحمد من العامة (٣) ، وتمسّك للمنع بحسنة الحلبي الاتية (٤) ، وهو مشعر بعدم القول بالفرق ، وإلا لما تمّ الاستدلال.

وعن السيّد (٥) وجماعة (٦) الجواز.

وقال في المدارك : ربّما ظهر من الكليني اختصاص المنع بما إذا كان الواجب من قضاء رمضان ، قال : وهو المعتمد ، وتمسّك للجواز في غيره بالأصل ، وللمنع فيه بحسنة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة ، أيتطوّع؟ فقال : «لا ، حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان» (٧).

ورواية أبي الصباح الكناني التي ليس في سندها إلا محمّد بن الفضيل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيّام ، أيتطوّع؟ قال : «لا حتّى

__________________

(١) المختلف ٣ : ٥٦٠.

(٢) التذكرة ٦ : ١٨٣ مسألة ١١٧.

(٣) المغني ٣ : ٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٠.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٣ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٧٦ ح ٨٣٥.

(٥) جوابات المسائل الرسية (رسائل الشريف المرتضى) ٢ : ٣٦٦.

(٦) كالعلامة في القواعد ١ : ٣٨٤ ، وقال الخونساري في مشارق الشموس : ١٤٥٩ والأصل يقتضي الجواز .. إلى أن قال : ولكن لا ريب في أنّ الأحوط الأولى العمل بالمشهور.

(٧) الكافي ٤ : ١٢٣ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٢٥٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٨ ح ٥.

٣٨١

يقضي ما عليه من شهر رمضان» (١) و (٢).

أقول : ويدلّ على قول الأكثر ما رواه الصدوق بسنده عن الحلبي (٣) ، وما رواه عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤).

قال في الفقيه : باب الرجل يتطوّع بالصيام وعليه شي‌ء من الفرض : وردت الأخبار والآثار عن الأئمة عليه‌السلام أنّه لا يجوز أن يتطوّع الرجل وعليه شي‌ء من الفرض ، وممن روى ذلك الحلبي وأبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

وعن كتابه المقنع : اعلم أنّه لا يجوز أن يتطوّع الرجل وعليه شي‌ء من الفرض ، كذلك وجدته في كلّ الأحاديث (٦).

وروى الشيخ في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن ركعتي الفجر ، قال : «قبل الفجر» إلى أن قال : «أتريد أن تقايس ، لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوّع؟! إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة» (٧) وهذه الرواية تفيد العموم من جهة العلّة التي أشار إليها الإمام عليه‌السلام.

الخامسة : من فاته شهر رمضان أو بعضه لمرض ؛ فإن مات في مرضه لم يجب القضاء عنه ونقل الإجماع مذكور في كلامهم (٨) ، بل عن المنتهي إجماع العلماء (٩).

والأخبار بذلك متضافرة ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما» ، قال : سألته عن رجل أدرك شهر رمضان وهو مريض فتوفّي قبل أن يبرأ ، قال : «ليس عليه

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٣ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٢٥٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٨ ح ٦.

(٢) المدارك ٦ : ٢١٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٢ ، الوسائل ٧ : ٢٥٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٨ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٢ ، الوسائل ٧ : ٢٥٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٨ ح ٢.

(٥) الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٢.

(٦) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ١٧.

(٧) التهذيب ٢ : ١٣٣ ح ٥١٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ ح ١٠٣١ ، الوسائل ٧ : ٢٥٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٨ ح ١.

(٨) الخلاف ٢ : ٢٠٦ مسألة ٦٣.

(٩) المنتهي ٢ : ٦٠٥.

٣٨٢

شي‌ء ، ولكن يقضي عن الذي يبرأ ثمّ يموت قبل أن يقضي» (١).

وقويّة سماعة لعثمان بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو مريض لا يقدر على الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوال ، قال : «لا صيام عليه ولا يقضى عنه» قلت : فامرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان ولم تقدر على الصوم فماتت في شهر رمضان أو شوال؟ فقال : «لا يقضى عنها» (٢).

ورواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المريض في شهر رمضان فلا يصح حتى يموت في شهر رمضان ، قال : «لا يقضى عنه» والحائض تموت في شهر رمضان ، قال : «لا يقضى عنها» (٣).

وذهب جماعة من الأصحاب إلى استحبابه (٤) ، بل نسبه في المنتهي إلى أصحابنا (٥) ، واستحسنه ؛ لأنّه طاعة فعلت عن الميت ، فوصل إليه ثوابها. ولعلّه نظر إلى الأخبار المستفيضة جدّاً القريبة حدّ التواتر «أنّ من فعل عبادة لميّت يصل ثوابه إليه ويدخل عليه السرور والفرج وينتفع به» (٦).

وأنت خبير بأنّها غير ما نحن فيه ؛ إذ المطلوب استحباب فعلها على أنّها قضاء عنه ، لأفعل المكلّف عبادة نفسه وإهداء ثوابه إليه ، وقد أبطلنا في كتاب الصلاة استدلال بعضهم بها في مسألة الاستئجار للعبادات بما لا مزيد عليه (٧) ، وحمل كلام الأصحاب على ذلك بعيد.

فلم يبق إلا الاعتماد على فتواهم ، للمسامحة في أدلّة السنن ، وإلا فلم نقف على

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٤٨ ح ٧٣٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ ح ٣٥٩ ، الوسائل ٧ : ٢٤٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٤٧ ح ٧٣٣ ، الاستبصار ٢ : ١٠٨ ح ٣٥٢ ، الوسائل ٧ : ٢٤٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ١٠.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٤٧ ح ٧٣٤ ، الاستبصار ٢ : ١٠٨ ح ٣٥٣ ، الوسائل ٧ : ٢٤٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٩.

(٤) كابن حمزة في الوسيلة : ١٥٠ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ٧٠٠ ، والعاملي في المدارك ٦ : ٢١١.

(٥) المنتهي ٢ : ٦٠٣.

(٦) الذكرى : ١٣٨.

(٧) غنائم الأيّام ٢ : ٧٥.

٣٨٣

ما يدلّ على ذلك ، بل الأخبار الصحيحة المصرّحة بنفي القضاء ظاهرة في عدم مشروعيّتها كما مرّت.

بل صحيحة أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام مصرّحة به ، قال : سألته عن امرأة مرضت في رمضان وماتت في شوال ، فأوصتني أن أقضي عنها ، قال : «هل برأت من مرضها؟» قلت : لا ، ماتت فيه ، قال «لا يقضى عنها ، فإنّ الله لم يجعله عليها» قلت : فإني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك ، قال : «فكيف تقضي شيئاً لم يجعله الله عليها؟! فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم» (١) ويحتمل أن يكون المراد منها إهداء ما فعل لنفسه إليها.

وإن استمرّ المرض عليه إلى رمضان آخر فلا قضاء عليه ، ويفدي عن يوم بمدّ من الطعام على المشهور بين الأصحاب.

وعن الصدوق (٢) وابن أبي عقيل (٣) والشيخ في الخلاف (٤) وابن زهرة (٥) وابن إدريس (٦) وأبي الصلاح (٧) والعِمة في المنتهي والتحرير (٨) وجوب القضاء لا غير.

وعن ابن الجنيد الجمع بينهما احتياطاً (٩).

لنا : الأصل ، والأخبار المستفيضة جدّاً ، مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ، ويخرج عنه وهو مريض ، فلا يصحّ حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : «يتصدّق عن الأوّل ، ويصوم الثاني ، فإن كان صحّ فيما بينهما

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٣٧ ح ٨ ، الوسائل ٧ : ٢٤٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ١٢.

(٢) حكاه عنه المحقّق في المعتبر ٢ : ٦٩٩ ، والعلامة في المنتهي ٢ : ٦٠٣ ، والتحرير ١ : ٨٣.

(٣) حكاه عنه العلامة في المختلف ٣ : ٥١٨.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٠٦ مسألة ٦٣.

(٥) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧١.

(٦) السرائر ١ : ٣٩٦.

(٧) الكافي في الفقه : ١٨٤.

(٨) المنتهي ٢ : ٦٠٣ ، التحرير ١ : ٨٣.

(٩) حكاه عنه الشهيد في الدروس ١ : ٢٨٧ ، حيث قال : واحتاط ابن الجنيد بالجمع بين القضاء والصدقة.

٣٨٤

ولم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر ، صامهما جميعاً وتصدّق عن الأوّل» (١).

وحسنة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله» ، قال : سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتّى أدركه شهر رمضان آخر ، فقالا : «إن كان برأ ثمّ توانى قبل أن يدركه الشهر الأخر ، صام الذي أدركه وتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين ، وعليه قضاؤه ، وإن كان لم يزل مريضاً حتى أدركه شهر رمضان ، صام الذي أدركه وتصدّق عن الأوّل عن كلّ يوم مد على مسكين ، وليس عليه قضاؤه» (٢).

ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ، ثم صحّ ، فإنّما عليه لكلّ يوم أفطر فدية طعام ، وهو مد لكلّ مسكين» قال : «وكذلك أيضاً في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدّاً مدّاً ، وإن صحّ فيما بين الرمضانين ، فإنّما عليه أن يقضي الصيام ، فإن تهاون به وقد صحّ ، فعليه الصدقة والصيام جميعاً ، لكلّ يوم مد إذا فرغ من ذلك الرمضان» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار.

وربّما يستدلّ باستيعاب العدد لوقت الأداء والقضاء معاً ، فيسقط التكليف رأساً ، كالإغماء المستوعب لوقت الصلاة ؛ وذلك لأنّ وقت القضاء إنّما هو ما بين الرمضانين.

وفيه : منع ظاهر ؛ لأنّ وجوب المبادرة بينهما لا يستلزم انحصار الوقت فيه ، وهو مقتضى إطلاق الآية ، ولكن هذا الاستدلال قد تكرّر في كلامهم ، ويبعد أن لا يكون له وجه.

ويمكن أن يكون نظرهم إلى ما سننقله عن العلل والعيون ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٩ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ ح ٧٤٤ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٢ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ١١٩ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ ح ٧٤٣ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ ح ٣٦١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥١ ح ٧٤٦ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٤ ، الوسائل ٧ : ٢٤٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٦.

(٤) علل الشرائع : ٢٧١ ح ٩ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١١٧ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٨.

٣٨٥

واحتجّ الآخرون : بعموم الآية ، ورواية أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل كان عليه من شهر رمضان طائفة ثمّ أدركه رمضان قابل فقال : «إن كان صحّ فيما بين ذلك ثمّ لم يقضه حتى أدركه شهر رمضان قابل ، فإنّ عليه أن يصوم ويطعم لكلّ يوم مسكيناً ، وإن كان مريضاً فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه إلا الصيام إن صح ، فإن تتابع المرض عليه فعليه أن يطعم كل يوم مسكيناً» (١)

والجواب عن الآية : بأنّها مخصصة بالأخبار (٢) المستفيضة جدّاً ، المعتضدة بعمل الأصحاب ، قال في المعتبر : ومع ظهور هذه الأخبار واشتهارها وسلامتها عن المعارض يجب العمل بها (٣).

والعجب من العلامة حيث قال تقويةً لهذا القول : بأنّها أخبار آحاد لا تعارض الآية (٤) ، مع أنّه خلاف مذهبه في الاصول (٥).

وأمّا الرواية فمع القدح في سندها بمحمد بن فضيل المشترك بين الثقة والضعيف (٦) ، وإن كان العلامة كثيراً ما يصحّح سنداً هو فيه لا يعارض بها ما تقدّم من الأدلّة ، مع أنّ دلالتها ممنوعة ، بل هي دليل المشهور كما يظهر من المحقق حيث لم يجعلها معارضةً للأخبار ، بل جعلها من جملة أدلّة المشهور (٧) ، وكذلك الشيخ في التهذيب

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٠ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥١ ح ٧٤٥ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٣ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٣.

تنبيه : المتن أعلاه ليس كلّه لرواية أبي الصباح الكناني ، فبعضه من صحيحة زرارة المتقدّمة ب ٢٥ ح ٢ وهو قوله عليه‌السلام : «إن كان صحّ فيما بين ذلك» فلا تغفل!

(٢) في «م» زيادة : المعتبرة.

(٣) المعتبر ٢ : ٧٠٠.

(٤) المنتهي ٢ : ٦٠٢.

(٥) حيث بنى العلامة على أنّ خبر الواحد يخصص عمومات القرآن ، انظر مبادئ الوصول : ١٤٣ ، والمدارك ٦ : ٢١٤.

(٦) انظر معجم رجال الحديث ١٨ : ١٤٦ ١٥٥.

(٧) المعتبر ٢ : ٧٠٠.

٣٨٦

ذكرها في عداد الأخبار الأدلّة.

بيان ذلك : أنّ قوله عليه‌السلام «فإن تتابع المرض» إلى أخره هو موافق للمشهور ، وهؤلاء إنّما احتجوا بقوله عليه‌السلام قبل ذلك : «وإن كان مريضاً» إلى أخره ، فإن قلنا : إنّ المراد به هو صورة الاستمرار أيضاً فتتناقض العبارتان ؛ إذ الظاهر من الأخيرة إطعام المسكين فقط ، فالأولى أن يجعل المراد بها حصول الصحّة والمرض معاً ، وعدم ترك الصوم تهاوناً. وهو أحد الأقوال في المسألة الاتية.

وأشهرها في أصل الرواية ينبغي أن يكون وجوب الصوم والإطعام معاً إن حصلت الصحّة ، وتقرّر وجوب الصوم فقط إن حصلت الصحّة ولم يقصّر ، ووجوب الإطعام فقط إن تتابع المرض.

أو يكون الحصر في الفقرة الثانية إضافيّاً بالنسبة إلى ترك الصوم ، لئلا ينافي لزوم الفدية على ما سنختاره في المسألة الاتية من عدم التفصيل بين التهاون وغيره.

ولو سلّم دلالتها أيضاً فلا تقاوم ما ذكرنا ؛ لضعفها ، وموافقتها لمذهب العامة ، ومخالفتها للمشهور.

وأمّا حجّة ابن الجنيد : فهي ما رواه الشيخ بسنده ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان ابن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال : «يتصدّق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمدّ من طعام ، وليصم هذا الذي أدرك ، فإذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه ، فإنّي كنت مريضاً فمرّ عليّ ثلاث رمضانات لم أصحّ فيهنّ ، ثمّ أدركت رمضان آخر ، فتصدّقت بدل كلّ يوم مما مضى بمد من طعام ، ثمّ عافاني الله وصمتهن» ؛ (١).

وأُجيب عنه بعد القدح في السند ، والإضمار ، وعدم المقاومة لما مضى من الأخبار بحملها على الاستحباب.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥١ ح ٧٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١١٢ ح ٣٦٦ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٥.

٣٨٧

وتؤيّده صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من أفطر شيئاً من رمضان في عذر ثمّ أدرك رمضان آخر وهو مريض فليتصدّق بمدّ لكلّ يوم ، فأمّا أنا فإنّي صمت وتصدّقت» (١).

وأجاب الشيخ عنها : بما حاصله أنّه ليس فيها إلا أنّه لم يصح في نفس الرمضانات لا فيما بينهن (٢) ، ولا يرد عليه أنّه يلزم أن يكون تركه عليه‌السلام تهاوناً ؛ لعلّه كان من جهة عذر آخر ، أو لسعة الوقت فعرض عذر آخر.

وكيف كان فالمذهب هو المشهور.

ثمّ إنّ ههنا أُموراً لا بدّ أن يُنبّه عليها :

الأوّل : لا تتكرّر الكفّارة بتكرّر السنين على الأشهر الأظهر المحكي عليه الإجماع من الخلاف (٣) ؛ للأصل ، والإطلاقات ، وخصوص رواية سماعة المتقدّمة (٤).

وقال في التذكرة : ولو أخّره سنين تعدّدت الكفّارة بتعدّد السنين ، وللشافعي وجهان (٥) و (٦) ، ولم نقف على مأخذه.

الثاني : لا فرق بين رمضان واحد أو أكثر في لزوم الكفارة فيتعدد بتعدده ، فلو استمر المرض إلى ثلاث فيفدي عن كلّ من الأوّلين ، وهكذا قطع به العلامة في التذكرة من غير نقل خلاف (٧) ، والشهيدان (٨) ، وغيرهما (٩).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥٢ ح ٨٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٢ ح ٣٦٧ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٤.

(٢) المبسوط ١ : ٢٨٦.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٠٩ المسألة ٦٧.

(٤) انظر الهامش ١ صفحة ٣٨٥.

(٥) انظر المهذّب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، والمجموع ٦ : ٣٦٤ ، وفتح العزيز ٦ : ٤٦٢ وحلية العلماء ٣ : ٢٠٧.

(٦) التذكرة ٦ : ١٧٣ مسألة ١٠٩.

(٧) التذكرة ٦ : ١٧٣ مسألة ١٠٩.

(٨) الروضة البهيّة ٢ : ١٢٠.

(٩) كصاحب المدارك ٦ : ٢١٧ ، والخوانساري في مشارق الشموس : ٤٧٨.

٣٨٨

ونقله في المختلف عن الشيخ ؛ (١) وابن الجنيد ، ثمّ نقل كلام ابن بابويه في رسالته (٢) ، وحكى عن المقنع أيضاً مثله (٣) ، ويظهر من كلامه أنّه لو مرّ عليه رمضانات ثلاثة فيفدي عن الأوّل ويقضي الثاني كما فهمه ابن إدريس من كلامه (٤) والشهيد في الدروس (٥) ، وتردد في المختلف في فهم كلامه بين موافقته للمشهور ومخالفته (٦).

وهذه عبارة الرسالة : إذا مرض الرجل وفاته صوم شهر رمضان كلّه ولم يصمه إلى أن يدخل عليه شهر رمضان قابل ، فعليه أن يصوم هذا الذي قد دخل ، ويتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ من طعام ، وليس عليه القضاء ، إلا أن يكون صحّ فيما بين الرمضانين ، فإن كان كذلك ولم يصم ، فعليه أن يتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ من طعام ، ويصوم الثاني ، فإذا صام الثاني قضى الأوّل بعده ، فإن فاته شهر رمضان حتى يدخل الثالث من مرض ، فعليه أن يصوم الذي دخل ، ويتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ من طعام ، ويقضي الثاني (٧)

وكيف كان فالمذهب الأوّل ؛ لإطلاق الدليل ، ولم نقف لهما على دليل.

قيل : ولعلّ دليله هو ما رواه الحميري في قرب الإسناد ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : وسألته عن رجل تتابع عليه رمضانان لم يصح فيهما (٨) ، ثمّ صحّ بعد ذلك ، كيف يصنع؟ قال : «يصوم الأخير ، ويتصدّق عن الأوّل بصدقة ، كلّ يوم مد من طعام لكل مسكين» (٩) فإنّه يعمّ ما إذا كانت صحّته بين الثاني والثالث ،

__________________

(١) النهاية : ١٥٨.

(٢) المختلف ٣ : ٥٢٢.

(٣) المختلف ٣ : ٥٢٣ ، وانظر المقنع (الجوامع الفقهية) : ١٧.

(٤) السرائر ١ : ٣٩٦.

(٥) الدروس ١ : ٢٨٨.

(٦) المختلف ٣ : ٥٢٢.

(٧) نقله في السرائر ١ : ٣٩٥ ، والمختلف ٣ : ٥٢٢.

(٨) في «ح» : رمضانات لم يصم فيها.

(٩) قرب الإسناد : ١٠٣ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٩.

٣٨٩

أو بعد الثالث.

أقول : والمتبادر منه حكم ما تتابع عليه رمضانان لا رمضانات (١) ، فلا عموم فيه ، ولو تمّ ما ذكرتم في صحيحة زرارة وحسنة محمّد بن مسلم المتقدّمتين (٢) وما في معناهما فلا حاجة إلى التمسك بهذه ، وتخصيص الاستدلال بها ، فإنّ المتبادر من صوم الثاني المذكور فيها قضاء صوم الثاني ، لا صيام نفس ما أدركه ، بقرينة مقابلة التصدّق عن الأوّل ، وبقرينة قوله عليه‌السلام «صامهما» وغير ذلك.

وكيف كان فالمذهب هو الأوّل ؛ لعموم الأخبار ، وخصوص رواية سماعة المتقدّمة في فعل الصادق عليه‌السلام (٣) ، ورواية أبي بصير الاتية في تفسير الآية.

الثالث : اختلفوا في قدر الفدية ، فالمشهور أنّه مدّ.

وعن الشيخ (٤) وابن حمزة (٥) وابن البراج (٦) : أنّه مدّان ، فإن لم يتمكّن فمدّ.

وعن المبسوط والجمل : أنّه مدّان ، وأقلّه مد (٧) ، وهو ظاهر في استحباب الأوّل.

وقال في التذكرة : وتصدّق عن كلّ يوم بمدين أو بمدّ عند أكثر علمائنا (٨) ، ولعلّ مراده بيان المستحب عند الكل ، أو ترديده ناظر إلى الخلاف الواقع بينهم في مقابل قول العامة أنّه ليس عليه إلا القضاء (٩) كما هو مذهب الصدوق (١٠).

لنا : الأصل ، والأخبار المستفيضة جدّاً ، المتقدّم كثير منها.

__________________

(١) في «ح» : رمضانات لا رمضانان.

(٢) انظر صفحة ٣٨٢ ، ٣٨٣.

(٣) انظر صفحة ٣٨٥.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٠٩ المسألة ٦٦ ، النهاية : ١٥٨.

(٥) الوسيلة : ١٥٠.

(٦) شرح جمل العلم والعمل : ١٩١ ، المهذّب ١ : ١٩٥.

(٧) المبسوط ١ : ٢٨٦ ، الجمل والعقود (الرسائل العشر) : ٢٢٠.

(٨) التذكرة ٦ : ١٧١ المسألة ١٠٨.

(٩) كأبي حنيفة والحسن البصري والنخعي ، انظر المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٧ ، والمغني ٣ : ٨٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٨٧ ، والمجموع ٦ : ٣٦٦ ، وفتح العزيز ٦ : ٤٦٢ ، وحلية العلماء ٣ : ٢٠٧ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٩٩.

(١٠) حكاه عنه العلامة في المختلف ٣ : ٥٢٢.

٣٩٠

ولم نقف لتعيين المدّين على مأخذ يعتمد عليه ، واحتج له في المختلف بأنّ نصف الصاع بدل عن اليوم في جزاء كفارة الصيد ، وهذا أولى منه ؛ لكونه آكد وأفضل (١). وفيه ما لا يخفى.

وربما يستدلّ له بصحيحة محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق كل واحد منهما في كلّ يوم بمدّين من طعام» (٢).

فإنّ الشيخ جمع بينهما وبين ما نصّ على المدّ عليهما : بأنّ من أطاق إطعام مدّين يلزمه ذلك ، ومن لم يطق إلا إطعام مدّ فعل ذلك ، فلعلّه يقول بعدم الفرق بين العطاش وغيره من الأمراض ، بل لا فرق في الفدية عن صوم رمضان بين الأعذار ، فإنّ العبرة في الفداء بالمفدي دون السبب.

وأُجيب عن ذلك بحمل خبر المدّين على الاستحباب ؛ لندرته وتظافر الأخبار بخلافه ، مع معارضة صحيحة محمّد بن مسلم بصحيحته الأُخرى (٣) ، وبمنع عدم الافتراق بافتراق الأسباب وإن اتحد المفدي (٤).

الرابع : قال الشهيدان ومن بعدهما : إنّ محلّ هذه الفدية هو مستحق الزكاة لحاجته يعني لا للعمالة ، والتأليف والرّق والغرم وغير ذلك ، فمرادهم من حاجته لنفسه ليتم إخراج الغرم (٥).

واحتمل الشهيد الثاني في كتاب الكفارات دخول ابن السبيل (٦).

والأجود الاقتصار على المساكين ؛ لأنّه مقتضى الأخبار.

__________________

(١) المختلف ٣ : ٥٢٢.

(٢) الكافي ٤ : ١١٦ ح ١ ، الوسائل ٧ : ١٥٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ١١٦ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ١٤٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١.

(٤) انظر المختلف ٣ : ٥٤٦.

(٥) الشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٢٨٧ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ١٢١.

(٦) المسالك ١٠ : ١٠١.

٣٩١

وعلى ما بنى عليه الشهيد الثاني من شمول المسكين للفقير إذا ذكر منفرداً (١) فيدخل الفقير ، وقد عرفت أنّه محلّ نظر ، وأنّ المسكين أسوأ حالاً من الفقير ، فالخروج عن مقتضى النصوص لا وجه له ، سيّما وقد روى العياشي في تفسير قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٢) عن أبي بصير قال : سألته عن رجل مرض من رمضان إلى رمضان قابل ، ولم يصح بينهما ، ولم يطق الصوم ، قال : «تصدّق مكان كلّ يوم أفطر على مسكين مدّاً من طعام ، وإن لم يكن حنطة فمدّ من تمر ، وهو قول الله تعالى (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) فإن استطاع أن يصوم الرمضان الذي يستقبل ، وإلا فليتربّص إلى رمضان قابل فيقضيه ، فإن لم يصح حتى رمضان قابل ، فليتصدّق كما تصدّق مدّاً مدّاً» (٣).

ويظهر من قولهم : «محلّه مستحق الزكاة» اعتبار الإيمان والعدالة عند من يعتبرها ، ولم أقف في الأخبار على ما يدلّ عليه ، ولا ريب أنّه أحوط.

الخامس : قال في المسالك بعد ما ذكر أنّ محلّها مستحق الزكاة لحاجته ولا يجب عدّده وكذا كل فدية في هذا الباب ، فيجوز إعطاء فدية أيّام لمسكين واحد ، وهو مقتضى الأصل والإطلاق (٤).

ولا يضرّه لفظ مسكين في الأخبار ، حيث إنّه ظاهر في الواحد ؛ بتقريب أنّ تنوينه تنوين التنكير لا التمكن ، فإنّ التصدّق عن كلّ يوم بمد على مسكين لا ينافي التصدّق عن جميع الأيام على مسكين واحد ، فإنّه مسكين تصدّق عليه بمدّ لكلّ يوم.

نعم الظاهر من الأخبار أنّه لا بد أن لا يكون حظ كلّ مسكين أقلّ من مدّ.

وعن المفيد في المقنعة : ومن فاته صيام شهري رمضان لمرض دام به فليكفّر عن

__________________

(١) المسالك ١ : ٤٠٩.

(٢) البقرة : ١٨٤.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٧٩ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١١.

(٤) في «م» : وإطلاق الأخبار.

٣٩٢

الأوّل منهما بثلاثين مداً من طعام على ثلاثين مسكيناً (١). وظاهره وجوب التعدّد.

وتشعر به رواية أبي بصير المتقدمة في المسألة حيث قال عليه‌السلام : «وهو مدّ لكلّ مسكين» (٢).

وهذه الرواية مع سلامتها ممنوعة الدلالة ، إذ لعلّ المقصود أنّه لا يعطى المسكين أقلّ من مدّ.

وبالجملة ليس في مقابل الأصل والإطلاقات ما يوجب التقييد ، سيّما مع موافقتها لنفي العسر والحرج ، سيّما بملاحظة قوله تعالى (طَعامُ مِسْكِينٍ) نظراً إلى ما فسّر بما نحن فيه ، وإن وردت في تفسيره روايات أُخر أنّه في الشيخ الكبير وذي العطاش ، مع أنّ حكم الكل واحد كما يظهر من تعميم المسالك لكل فدية في هذا الباب.

السادس : إذا فات الصوم بغير المرض من سفر ونحوه أو مركباً عنهما ثم استمرّ المرض إلى رمضان آخر فهل هو في حكم من فاته رمضان بالمرض أم لا؟ فيه قولان ، أظهرهما نعم ، وفاقاً للشيخ في الخلاف (٣) وظاهر ابن أبي عقيل كما نسبه إليه في الدروس (٤) بل في المختلف أيضاً في الجملة (٥) ؛ لصحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من أفطر شيئاً من رمضان في عذر ثم أدرك رمضان آخر وهو مريض فليتصدق بمد لكلّ يوم» (٦).

وأجاب العلامة في المختلف بعد ما قطع بعدم الإلحاق لعموم الآية واختصاص الروايات بالمريض : أنّ هذه الرواية لا يعارض بها عموم الآية ؛ لأنّ قوله عليه‌السلام : «وهو

__________________

(١) المقنعة : ٣٥١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٥١ ح ٧٤٦ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٤ ، الوسائل ٧ : ٢٤٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٦.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٠٧ المسألة ٦٤.

(٤) الدروس ١ : ٢٨٨.

(٥) المختلف ٣ : ٥٢٦.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٥٢ ح ٨٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٢ ح ٣٦٧ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٤.

٣٩٣

مريض» يشعر بأنّ العذر المذكور في الرواية هو المرض (١).

أقول : هذا الإشعار لا يرفع إطلاق أوّل الرواية ، مع أنّ الصدوق روى في العلل والعيون ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : «فإن قال : فَلِمَ إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأوّل وسقط القضاء ، وإذا أفاقَ بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟ قيل : لأنّ ذلك الصوم ، إنّما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر ، فأما الذي لم يفق فإنّه لما مرت عليه السنة كلها وقد غلب الله عليه فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه ، وكذلك كلّ ما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه في يوم وليلة ، فلا يجب عليه قضاء الصلاة ، كما قال الصادق عليه‌السلام : كلما غلب الله على العبد فهو أعذر له ؛ لأنّه دخل الشهر وهو مريض ، فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه وجب عليه الفداء ؛ لأنّه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء ، كما قال الله عزوجل (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) .. (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) (٢) وكما قال (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (٣) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه» (٤).

فإن قيل : فإن لم يستطع إذ ذاك فهو الان يستطيع.

قيل : لأنّه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي ؛ لأنّه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء ، وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم عنه ، فالصوم ساقط والفداء لازم ، فإذا أفاق فيما بينهما ولم يصمه

__________________

(١) المختلف ٣ : ٥٢٧.

(٢) المجادلة : ٤.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) علل الشرائع : ٢٧١ ح ٩ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١١٧ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٨.

٣٩٤

وجب عليه الفداء ؛ لتضييعه ، والصوم ؛ لاستطاعته.

وحاصل تعليله عليه‌السلام : أنّه بسبب عدم الاستطاعة ينتقل فرضه من القضاء إلى التصدّق ، وعدم الاستطاعة أعمّ من العقلي والشرعي ، فالمسافر أيضاً غير مستطيع ؛ لأنّه سافر بإذن الشارع ، وبعد اختياره ما هو جائز شرعاً يترتب عليه عدم الاستطاعة ، مع أنّه قد يكون السفر واجباً كالحج ، ولا قائل بالفرق ، واقتصاره عليه‌السلام على ذكر المرض من باب التمثيل لا التخصيص كما يستفاد من أوّل الكلام.

وهذه الرواية مع الصحيحة المتقدّمة والإشعار بالعلّة من الروايات الأُخر مع دعوى الشيخ الإجماع في المسألة كما حكاه عنه الفاضل الأصفهاني لعلّها كافية في ترجيح التعميم.

ومما ذكرنا يظهر الكلام فيما لو كان فوات الصيام بالمرض واستمرار المانع بغيره ، وكذلك لو كان الفوات بغير المرض ، وكذا استمرار المانع كان بغيره.

وظاهر الشيخ في الخلاف التعدّي أيضاً (١) ، فإن ما نقل عنه المحقق في المعتبر ، والشهيد في الدروس من إلحاق سائر الأعراض بالمرض مقتضاه ذلك ، فلاحظهما (٢) ، فينطبق عليه إجماعه الذي نقل عنه ، والعلّة المستفادة من رواية الفضل.

فالأحوط أن لا يترك القضاء في غير المرض المستمر ، وقوفاً مع عموم الآية ، وأن يتصدّق في نظير ما ثبت فيه التصدّق في المرض ، هذا كلّه إذا استمرّ المرض.

وأمّا إذا برأ بين الرمضانين فيجب عليه القضاء ، ولا يجوز التأخير عن الرمضان الاتي ، والظاهر عدم الخلاف فيه.

فإن ترك القضاء فالمشهور أنّه إن تهاون يجب عليه القضاء والفدية معاً ، وإلا فيقضي خاصة.

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٠٦ المسألة ٦٣.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٩٩ ، الدروس ١ : ٢٨.

٣٩٥

وفسّروا التهاون (١) بأن لا يعزم على شي‌ء من الفعل والترك في جميع أزمان البرء ، أو عزم على الترك كذلك ، سواء عرض له عذر بعد ذلك منعه عن القضاء أم لا ، أو يعزم على القضاء أوّلاً ، ثمّ تجدّد له العزم على العدم عند ضيق الوقت ، أو في السعة مع عروض ما يمنعه من القضاء.

وفذلكته : عدم العزم على القضاء إلى إدراك الرمضان الثاني ، أو حصول عذر مستمرّ إليه.

واعلم أنّ عدم العزم على شي‌ء في جميع الزمان لا يجامع التذكّر ، بل لا بدّ للإنسان إذا ضاق الوقت ولم يكن ناسياً أو صاحب عذر من عزم إمّا على الفعل أو الترك ، وعدم التهاون بأن عزم على القضاء في السعة وأخّر اعتماداً عليها فعرض له مانع واستمرّ.

وذهب ابن إدريس إلى وجوب القضاء فقط مطلقاً (٢).

وذهب الشهيدان في الدروس والمسالك والروضة (٣) ومن تأخّر عنهما (٤) إلى وجوب الفدية مع القضاء على من قدر عليه ولم يفعل حتى يدخل الثاني ، عزم عليه أم لا ، وهو مقتضى إطلاق الصدوقين (٥). قيل : وهو محتمل كلام المحقّق في المعتبر (٦) ، ويحيى بن سعيد في الجامع (٧) ، وكلام المفيد (٨) وابن زهرة (٩) ، وهو الأقوى.

لنا : صحيحة زرارة المتقدّمة (١٠) ، وحسنة محمد بن مسلم (١١) ، ورواية

__________________

(١) كما في المعتبر ٢ : ٦٩٨ ، والروضة البهيّة ٢ : ١٢٢ ، والمدارك ٦ : ٢١٨.

(٢) السرائر ١ : ٣٩٧.

(٣) الدروس ١ : ٢٨٧ ، المسالك ٢ : ٦٢ ، الروضة البهيّة ٢ : ١٢٢.

(٤) كالعاملي في المدارك ٦ : ٢١٨.

(٥) حكاه عن والد الصدوق الشهيد في الدروس ١ : ٢٨٧ ، الفقيه ٢ : ٩٦.

(٦) المعتبر ٢ : ٦٩٨.

(٧) الجامع للشرائع : ١٦٣.

(٨) المقنعة : ٥٧٠.

(٩) الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٧١.

(١٠) الكافي ٤ : ١١٩ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٩٥ ح ٤٢٩ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ ح ٧٤٤ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٢ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٢.

(١١) الكافي ٤ : ١١٩ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ ح ٧٤٣ ، الاستبصار ٢ : ١١٠ ح ٣٦١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١.

٣٩٦

أبي الصباح (١) ، ووصفهما في المختلف والمنتهى بالصحة (٢) ، وكذلك في المسالك (٣).

أمّا صحيحة زرارة ، فواضحة الدلالة ؛ لأنّ قوله عليه‌السلام «ولم يصم» يشمل جميع صور ترك القضاء في حال الصحّة.

وأمّا حسنة محمّد بن مسلم ، فوجه دلالتها اكتفاؤه عليه‌السلام من جميع شقوق ترك القضاء حال الصحة بذكر صورة تركه في حال التواني ، فعلم من ذلك أنّ مراده عليه‌السلام من التواني هو التكاسل ومطلق ترك القضاء مع القدرة ، وإلا فيلزم أنّ الإمام ترك حكم بعض الشقوق في الجواب ، وحيث ذكر ذلك في مقابل صورة استمرار المرض ساكتاً عن غيره مع احتياج السائل إلى الجواب ، علم أنّ حكم جميع صور الترك واحد.

لا يقال : إنّ وجوب القضاء كان معلوماً بالآية والأخبار ، فإنّما كان المحتاج إليه في المسألة غيره ، فلعلّ المعصوم عليه‌السلام أحال الراوي على عموم الآية.

لأنّا نقول : إن كان الراوي يعلم ذلك يعني وجوب القضاء على الإطلاق وسؤاله عن أمر زائد ، وكان هذا الاعتقاد صحيحاً ، فكيف يردّ الإمام عليه‌السلام عن اعتقاد الإطلاق ويحكم بعدمه في صورة استمرار المرض ، وإن كان (٤) اعتقاده الإطلاق باطلاً ، فتحتاج جميع الأقسام إلى الذكر ، فلِمَ ترك في الجواب ذكر صورة عدم التواني مع الصحة.

وأمّا رواية الكناني فعموم الفقرة الأُولى واضحة ، وإنّما الإشكال في الفقرة الثانية ، فإنّها يحتمل أن يكون المراد بها صورة العزم مع عدم التهاون ، كما هو مذهب المشهور ، ولكن ليس بحيث يمكن الاعتماد به في الاستدلال ؛ لعدم دلالة اللفظ عليه بواحدة من

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٠ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥١ ح ٧٤٥ ، الاستبصار ٢ : ١١١ ح ٣٦٣ ، الوسائل ٧ : ٢٤٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٣ ، وبين متون الرواية في المصادر المتقدّمة تفاوت.

(٢) المختلف ٣ : ٥٢٤ ، المنتهي ٢ : ٦٠٢ ، والروايتان اللتان وصفهما بالصحّة هما صحيحة زرارة وحسنة محمّد بن مسلم!

(٣) المسالك ١ : ٦٢.

(٤) في «م» : وإنكاره.

٣٩٧

الدلالات (وكما يحتمل ذلك يحتمل) (١) أن يكون المراد من الحصر الإضافيّ بالنسبة إلى ترك الصيام لا ترك الصدقة.

فحاصل الفقرات الثلاث أنّه إذا صحّ وقدر على القضاء بينهما يجب عليه القضاء والكفارة ، سواء استمرّت الصحّة أو تلفّق الصحّة والمرض ، وإن استمرّ المرض فليس عليه إلا الكفارة ، فالفقرة الثانية إنّما هي في حكم الملفق.

وتدلّ على ما ذكرنا رواية العلل المرويّة عن الفضل بن شاذان (٢) ، وسندها أيضاً قويّ ؛ إذ ليس في سندها إلا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري عن أبي الحسن عليّ بن محمد بن قتيبة النيسابوري ، وقد حكم العلامة بصحّة خبرهما (٣).

وأيضاً ابن عبدوس من مشايخ الإجازة ، وقال في المسالك : إنّه شيخ ابن بابويه ، وهو في قوّة التوثيق ، فلا يضر إهماله وجهالته ، والكشي اعتمد على عليّ بن محمّد ، ومدحه النجاشي والعلامة (٤).

حجّة المشهور : الأخبار المتقدّمة ، وقد عرفت الوجه فيها وستعرف أيضاً.

واستدلّ لهم الفاضل الأصفهانيّ في شرح الروضة برواية الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : «ومن فاته شي‌ء من شهر رمضان لمرض ولم يقضه حتى أتى عليه شهر رمضان آخر ، فإن كان لم يصحّ فيما بينهما يصوم الثاني ويتصدّق عن الأوّل ، وليس عليه قضاء ، وإن كان قد برأ فيما بينهما ولم يقضِ ما فاته وفي نيّته القضاء ، يصوم الحاضر ويقضي الأوّل ، وإن تركه متهاوناً لزمه القضاء والكفارة

__________________

(١) في «م» : ولا يحتمل ذلك.

(٢) انظر صفحة ٣٩٢.

(٣) في الرجلين كلام ، انظر تنقيح المقال ٢ : ٢٣٣ ، ومعجم رجال الحديث ٢ : رقم ٦٣٦٠ و ٧٣٦٩ ، وج ١٢ : الرقم ٧٣٦٥ ، ٧٣٦٩ ، ، ٧٣٧٠.

(٤) انظر تنقيح المقال ٢ : ٣٠٨ و ٢٣٣ ، ومعجم رجال الحديث ١٣ : الترجمة ٨٤٧٥ ، وج ١٢ : الترجمة ٧٣٦٥ و ٧٣٦٩ و ٧٣٧٠ ، وحكيا جميع الأقوال المتقدّمة في الرجلين.

٣٩٨

عن الأوّل ، وأن يصوم ما قد حضر وقته» ، ثمّ ردّها بضعفها بسهل بن زياد ، وأوّلها بتأويل بعيد.

أقول : وهذه الرواية لم نقف عليها في شي‌ء من الأُصول ، ولعلّه أخذها من التهذيب ، وهذا من كلام الشيخ رحمه‌الله وليس من رواية الوشاء في شي‌ء ، وقد غفل عن ذلك فحسبها من تتمّة الرواية ، وذلك لأنّ الشيخ رحمه‌الله نقل الأخبار الدالّة على قضاء الوليّ عن الميت ، وساقها إلى أن قال محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال سمعته يقول : «إذا مات الرجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علّة فعليه أن يتصدّق عن الشهر الأوّل ويقضي الثاني» (١).

ثمّ قال : ومن فاته شي‌ء من شهر رمضان إلى آخر ما ذكرنا.

ثمّ قال : والذي يدلّ على ذلك ما رواه محمّد بن يعقوب ، وساق الأحاديث المتقدّمة ، أعني حسنة محمّد بن مسلم وصحيحة زرارة ورواية الكناني.

ثمّ قال : والذي يدلّ على ما ذكرنا من التقسيم ما رواه الحسين بن سعيد إلى آخر رواية أبي بصير المتقدّمة ، ثمّ نقل رواية سماعة المتقدّمة وأجاب عنها ، وكذلك سائر كلمات الشيخ إلى آخر الباب ينادي بذلك ، فلاحظها.

والذي ينادي بذلك أيضاً أنّ الكليني روى رواية الوشاء في الكافي مقتصراً بحكاية القضاء عن الوليّ ، ولم يذكر هذا التقسيم ، واقتصر في الباب الذي عقد لما نحن فيه على الروايات الثلاث المتقدمة.

وأمّا استدلالهم برواية أبي بصير المتقدّمة ، فهو مبنيّ على جعل قوله عليه‌السلام : «فإن تهاون» إلى أخره قسيماً لقوله عليه‌السلام : «وإن صحّ» ومعطوفاً عليه ، فيشمل ما لو صحّ بينهما ولم يتهاون ، فيكون حكمه القضاء فقط.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٤ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٤٩ ح ٧٤٢ ، الوسائل ٧ : ٢٤٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٤ ح ١.

٣٩٩

والظاهر أنّه ليس كذلك ، كما يشعر به العطف بكلمة الفاء دون الواو.

فقوله عليه‌السلام : «فإن تهاون» فرع لقوله : «وإن صحّ فيما بين الرمضانين» يعني : إن صحّ بينهما فيجب عليه الصيام ، يعني بين الرمضانين ، فإن تهاون حينئذٍ ولم يصم حتى أدرك القابل فعليه الصيام والكفارة.

وأمّا استدلالهم بحسنة محمّد بن مسلم فمبنيّ على أنّ مفهوم قوله عليه‌السلام : «إن كان برأ ثمّ توانى قبل أن يدركه الصوم الأخر صام الذي أدركه وتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين وعليه صيامه» أنّه إذا لم يتوانَ ولم يقصّر فليس حكمه وجوب الأمرين عليه ، بل إنّما يجب عليه الصيام فقط.

وفيه : أنّ انتفاء المركّب يحصل بانتفاء المجموع ، وبكلّ واحد من جزئية ، فلعلّه لم يكن عليه شي‌ء ، أو كان عليه الفدية فقط.

ولا دليل على تعيين الصيام ، مع أنّ النفي والإثبات يرجعان إلى القيد الأخير غالباً ، فوجوب الصيام أولى بالانتفاء ، فلعلّ حكمه كان حكم استمرار المرض ، وقد مرّ تمام الكلام.

هذا إن سلّمنا أنّ المراد بالتواني هو ما فسّروه في معنى التهاون ، وإلا فلنا أن نقول : إنّ تأخير القضاء مع القدرة تهاون ، وإن اعتمد في التأخير على السعة ، فإن التهاون في اللغة بمعنى الاستحقار كما نصّ عليه الجوهري (١) ، وكذلك التواني بمعنى التقصير وتأخير الواجب عن أوّل وقته بلا عذر مع القدرة عليه استحقار له ، فإنّ محض الاعتماد على السعة ليس بعذر ، بل هي متابعة للهوى ، وترجيح لمقتضى النفس الأمّارة على المبادرة بالواجب.

واستشهد الشيخ رحمه‌الله أيضاً برواية سعد بن سعد ، عن رجل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل يكون مريضاً في شهر رمضان ثمّ يصحّ بعد

__________________

(١) الصحاح ٦ : ٢٢١٨.

٤٠٠