غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٥

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٥

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-590-3
الصفحات: ٤٧٢

الفقه كتاب الصوم

وتمسّك صاحب المدارك بما حاصله أنّ المتبادر من الإفطار هو ما كان بالأكل والشرب (١) قد مرّ ما يضعفه أنفاً.

واحتجّ النافي لهما بالأصل ، وصحيحة عبد الله بن ميمون ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «ثلاثة لا يفطرن الصائم : القي‌ء والاحتلام والحجامة» (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال : الأكل والشرب والنساء والارتماس» (٣).

والأصل لا يعارض الدليل ، ورواية القداح مع عدم المقاومة محمولة على الناسي أو على ما ذرعه ، وصحيحة ابن مسلم مخصّصة بهذه الأخبار وغيرها مما مرّ في غير ما نحن فيه.

ولم نقف لابن الجنيد على ما يعتمد عليه.

هذا كلّه إذا تعمّد ، وأما لو ذرعه أي جاءه من غير اختيار فالظاهر عدم الخلاف في أنّه لا شي‌ء عليه ، ويظهر من المدارك الاتفاق عليه (٤) ، وصحيحة الحلبي (٥) وغيرها (٦) ناطقة به.

ولكن نقل في المختلف عن ابن الجنيد أنّه إذا كان من محرّم يجب عليه القضاء (٧) ، ولم نقف على مأخذه.

وأما القلس (٨) والجشاء أي ما يرتفع من المعدة إلى الحلق ثمّ يرجع فلا يضرّ ؛

__________________

(١) المدارك ٦ : ٩٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ح ٧٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ح ٢٨٨ ، الوسائل ٧ : ٥٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١١ وب ٢٩ ح ٨.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠٢ ح ٥٨٤ ، وص ٣١٨ ح ٩٧١ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ح ٢٤٤ ، وص ٨٤ ح ٢٦١ ، الوسائل ٧ : ١٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١ ح ١.

(٤) المدارك ٦ : ٩٨.

(٥) الكافي ٣ : ١٠٨ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ ح ٧٩٠ ، الوسائل ٧ : ٦١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٣.

(٦) الوسائل ٧ : ٦٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩.

(٧) المختلف ٣ : ٤٢١.

(٨) القلس : ما يخرج من الحلق تلو الفم أو دونه وليس بقي‌ء ، فإن عاد فهو قي‌ء (الصحاح ٣ : ٩٦٥).

١٤١

للأصل ، وخصوص موثّقة عمّار (١) ، وموثّقة سماعة (٢).

ويظهر من موثّقة عمّار اتحاد القلس والجشاء ، ولكن يظهر من كلام الفقهاء وأهل اللغة المخالفة ، فيفهم منهم أنّ القلس ما يخرج إلى فضاء الفم.

والكلام فيه أنّه إذا خرج إلى فضاء الفم وازدرده ثانياً متعمّداً فيجب عليه القضاء والكفّارة كما ذهب إليه الشيخ في التهذيب (٣) وابن إدريس (٤) والعِمة في المختلف (٥) ، وهو ظاهر المبسوط (٦) وابن الجنيد (٧).

وعن ابن البرّاج : أنّ عليه القضاء فقط (٨) ، وهو قول الشيخ في النهاية (٩) ، تمسّكاً بأنّ القلس ما يخرج إلى الفَم ، فإذا عاد فهو القي‌ء كما ذكره الجوهري (١٠) ، فعليه القضاء خاصة ؛ لما مرّ ، ولصحيحة عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي‌ء من الطعام ، أيفطره ذلك؟ قال : «لا» قلت : فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه؟ قال : «لا يفطره» (١١).

والجواب عن الأوّل : أنّ المستفاد من غير الصحاح أنّ القي‌ء هو ما يخرج إلى الفم ، والعود ثانياً إلى المعدة لا مدخليّة له في صيرورته قيئاً ، فهذا الازدراد شي‌ء زائد على القي‌ء مندرج تحت أكل الطعام.

وأمّا الصحيحة ؛ فمحمولة على الناسي ؛ لعدم المقاومة.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٠٨ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٦٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٠ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ١٠٨ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ ح ٧٩٤ ، الوسائل ٧ : ٦٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٠ ح ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٥ ذ. ح ٧٩٦.

(٤) السرائر ١ : ٣٨٧.

(٥) المختلف ٣ : ٤٢٣.

(٦) المبسوط ١ : ٢٧٢.

(٧) نقله عنه في المختلف ٣ : ٤٢٣.

(٨) المهذّب ١ : ١٩٢.

(٩) النهاية : ١٥٥.

(١٠) الصحاح ٣ : ١٢١٠.

(١١) التهذيب ٤ : ٢٦٥ ح ٧٩٦ ، الوسائل ٧ : ٦٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٩.

١٤٢

والأخبار الدالّة على أنّ القلس ليس فيه شي‌ء محمولةً على ما لو لم يزدرد عمداً.

العاشر : كلّما ذكرناه من المفطرات ، إنّما يفسده إذا وقع عمداً اختياراً فما لا عمد ولا قصد فيه أصلاً لا يفسد بلا خلاف ، كما لو طارت ذبابة ودخلت في حلقه ، أو دخل الغبار الغليظ في حلقه حيث لا يتمكن الاحتراز عنه.

وكذلك إذا وجر في حلقه شي‌ء.

وكذلك من اكره بالضرب والشتم ، بحيث ارتفع قصده في الفعل.

ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع : أنّه لا يصدق عليه أنّه أفطر ، ويشمله قوله عليه‌السلام : «رفع عن أُمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١).

واختلفوا فيمن لم يبلغ إكراهه إلى هذا الحدّ ، مثل من خوّف وهدّد بما يكون مضرّاً له في نفسه ، أو من يقوم مقامه بحيث لا يليق بحاله ، مع قدرة المتوعد وشهادة القرائن بأنّه يفعله لو لم يفطر إلى أن أكل ، فالأكثر على أنّه غير مفسد (٢) ؛ للأصل ، ولعموم «استكرهوا».

وذهب الشيخ في المبسوط (٣) والعِمة في التذكرة (٤) ، والشهيد الثاني في المسالك (٥) إلى أنّه يفطر ؛ لصدق العمومات والإطلاقات ، فيكون كالمريض المجوّز له الإفطار ، فيجب عليه القضاء. والمراد بحديث ما استكرهوا كما هو المتبادر هو رفع المؤاخذة لا جميع الأحكام.

ويدفعه : أنّ القضاء بفرض جديد ، والقول ببطلان الصوم لو سلّمناه لا يستلزم القول بوجوب القضاء ، غاية الأمر أنّ الأخبار الواردة في بيان المفطرات مثل صحيحة

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٦٢ باب ما رفع عن الأُمّة ، الفقيه ١ : ٣٦ ح ١٣٢ ، الوسائل ١١ : ٢٩٥ أبواب جهاد النفس ب ٥٦.

(٢) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، والسيّد في المدارك ٦ : ٧٠.

(٣) المبسوط ١ : ٢٧٣.

(٤) التذكرة ٦ : ٣٧.

(٥) المسالك ٢ : ٢٠.

١٤٣

محمّد بن مسلم القائلة أنّ الصائم لا يضرّه ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال (١) تقتضي أنّ هذا الشخص مفطر ، لكن الأخبار الدالّة على أنّ من أفطر يوماً من رمضان متعمّداً يقضي (٢) لا يشمل ذلك ؛ لعدم صدقه عليه ، وكذلك سائر إطلاقات القضاء ؛ لعدم تبادره منها. والمريض مُخرَج بالدليل ، والقياس باطل.

نعم يمكن الاستدلال بفحوى ما دلّ على القضاء في الإفطار للتقيّة كما يأتي (٣).

وفيه أيضاً إشكال.

وثمرة القول بالإفساد مع عدم وجوب القضاء تظهر فيمن نذر شيئاً للصائم ونحوه.

وذكر جماعة من الأصحاب أنّ معنى الإكراه الإفطار في يوم وجب صومه للتقيّة ، أو التناول قبل الغروب لأجل التقيّة (٤).

وفرّق في الدروس فنفى تعلّق شي‌ء به في صورة التخويف وحكم بالقضاء في التقيّة ، وكذلك أطلق التخويف في الإكراه ، وقيّده بخوف التلف في التقيّة (٥).

أمّا الثاني فلا وجه له ، بل يكفي فيه ظنّ الضرر كما يستفاد من الأخبار الواردة في التقيّة (٦) ، ولا دلالة في الرواية الاتية وما في معناها من الأخبار الكثيرة عليه.

وأمّا الأوّل فلعلّه لأجل ما تقدّم في الإكراه من عدم الدليل ، ولخصوص رواية رفاعة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «دخلت على أبي العباس بالحيرة ، فقال : يا أبا عبد الله عليه‌السلام ما تقول في الصيام اليوم؟ فقلت : ذاك إلى الإمام ، إن صمت صمنا ، وإن أفطرت أفطرنا ، فقال : يا غلام عليّ بالمائدة ، فأكلت معه وأنا أعلم والله

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٩ ح ٥٦٥ ، وص ٢٠٢ ح ٥٨٤ ، وص ٣١٨ ح ٩٧١ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ح ٢٤٤ ، وص ٨٤ ح ٢٦١ ، الوسائل ٧ : ١٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٢٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.

(٣) الوسائل ٧ : ٩٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧.

(٤) كصاحب المدارك ٦ : ٧٠.

(٥) الدروس ١ : ٢٧٣.

(٦) الوسائل ١١ : ٤٦٨ أبواب الأمر والنهي ب ٢٥.

١٤٤

أنّه يوم من شهر رمضان ، فكان إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله» (١).

وقال في المسالك : وحيث ساغ الإفطار للإكراه والتقيّة يجب الإفطار على ما تندفع به الحاجة ، فلو زاد عليه كفّر ، ومثله ما لو تأدّت بالأكل فشرب معه أو بالعكس (٢) ، انتهى.

وهو حسن ، ويدلّ عليه ما في رسالة المحكم والمتشابه للسيّد رضي‌الله‌عنه من قول عليّ عليه‌السلام في آخر كلام له عليه‌السلام : «وعليه أن يدين الله في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه من المخالفين» (٣) لكن في وجوب الكفّارة على ما اختاره من إفساد الصوم إشكال. وسيجي‌ء الكلام في نظيره ، ولعلّ العدم أظهر.

وأما الناسي أعني من نسي الصيام فلا يفسد صومه ، وليس عليه شي‌ء إجماعاً ، وهو مقتضى الأصل والعمومات والأخبار المعتبرة المستفيضة جدّاً الواردة فيه بالخصوص ، مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثمّ ذكر ، قال : «لا يفطر ، إنّما هو شي‌ء رزقه الله تعالى فليتمّ صومه» (٤).

وفي معناها صحيحة محمّد بن قيس (٥) ، وموثّقة عمّار الواردة في الجماع نسياناً (٦) ، وسيجي‌ء بعضها أيضاً.

وإطلاق الأدلّة والفتاوى يقتضي عدم الفرق بين الصوم الواجب والمندوب ، والأداء والقضاء ، والمعيّن وغير المعيّن ؛ ولكنه قيّده في التذكرة بتعيّن الزمان (٧)

__________________

(١) الكافي ٤ : ٧٣ ح ٧ ، الوسائل ٧ : ٩٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٥.

(٢) المسالك ٢ : ٢٠.

(٣) رسالة المحكم والمتشابه : ٣٦ ، الوسائل ٧ : ٩٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٨.

(٤) الكافي ٤ : ١٠١ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٨ ح ٨٠٩ ، الوسائل ٧ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٩.

(٦) الفقيه ٢ : ٧٤ ح ٣١٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٢.

(٧) التذكرة ٦ : ٦٢.

١٤٥

وربما نُقل عن بعض الأصحاب أنّه قال (١) : لا يصحّ صيام ذلك اليوم ندباً ولا واجباً غير معيّن ؛ للرواية عن الصادق عليه‌السلام ، وكذا في القضاء بعد الزوال ؛ قال : وعندي فيه إشكال ، والأقرب المنع أيضاً ؛ لأنّه عبارة عن الإمساك ، ولم يتحقّق مع السهو.

وعن الشهيد رحمه‌الله في حواشي القواعد : أنّ المراد بالرواية لعلّه ما رواه العلاء في كتابه ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألته فيمن شرب بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم ، قال : «يتمّ صومه في شهر رمضان وقضاءه ، وإن كان متطوّعاً فليفطر» (٢).

أقول : ويدلّ على عدم الفرق رواية أبي بصير قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صام يوماً نافلة فأكل وشرب ناسياً ، قال : «يتمّ صومه ذلك وليس عليه شي‌ء» (٣).

وروى الصدوق في الفقيه في الموثّقة عن عمار : أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ينسى وهو صائم ، فجامع أهله ، قال : «يغتسل ولا شي‌ء عليه» (٤).

ثمّ قال : وروى عن الأئمّة «أنّ هذا في شهر رمضان وغيره ، ولا يجب منه القضاء (٥).

وأمّا ما أشار إليه الشهيد رحمه‌الله من الرواية فلا دلالة فيها على المطلوب ، وبمضمونها أخبار كثيرة وردت في أنّ من تسحّر مصبحاً وأكل وشرب الفجر لا يجوز له أن يصوم ذلك اليوم في غير شهر رمضان (٦).

واعلم أنّ ظاهر الأخبار والفتاوى هو حكم نسيان الصوم.

وأمّا لو نسي كون المفطر مفطراً فلا يظهر منها ، والظاهر أنّ حكمه حكم الناسي

__________________

(١) نقله عن المدنيات الاولى في المستند ١٠ : ٣١٨.

(٢) انظر المستند ١٠ : ٣١٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٧٧ ح ٨٤٠ ، الوسائل ٧ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١٠.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٤ ح ٣١٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٢.

(٥) الفقيه ٢ : ٧٤ ذ. ح ٣١٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٣.

(٦) الوسائل ٧ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٥.

١٤٦

للصوم ؛ للأصل ، وعموم قوله : عليه‌السلام : «رفع عن أُمتي الخطأ والنسيان» (١).

وأمّا لو حصل له الشكّ والتردّد في حكم المفطر ولم يمكنه الاستعلام ، فيمكن الحكم بوجوب الاجتناب ، نظراً إلى وجوب الاجتناب عن أُمور ثابتة في نفس الأمر غير مشروطة بحضورها في ذهنه. والعدم ؛ للأصل ، وعموم قوله عليه‌السلام : «كلّ شي‌ء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» (٢).

وكيف كان ؛ فلو ارتكبه فالظاهر عدم وجوب القضاء والكفارة ؛ للأصل ، وعدم تبادر حكمه من الأدلّة.

ولو أمكن التحصيل وقصّر فلا يبعد الحكم بوجوبهما معاً ، سيّما مع القضاء.

وأما الجاهل بالحكم فالأكثر على أنّه كالعالم العامد في إفساد الصوم (٣) ، وهم بين قائل بوجوب القضاء والكفارة (٤) ، وقائل بوجوب القضاء فقط (٥).

وذهب ابن إدريس إلى أنّه لا شي‌ء عليه (٦) ، واحتمله الشيخ في كتابي الأخبار (٧) ، وكذا العلامة في المنتهي ، ولكنه استوجه بعد ذلك الإفساد وجزم في موضع آخر بتعلّقهما معاً (٨).

أقول : لا ينبغي النزاع في الغافل و (٩) الجاهل رأساً الغير المقصّر في التحصيل في أنّه لا إثم عليه ؛ لحكم العقل بذلك ، ودلالة الكتاب والسنّة على ذلك عموماً ، فإنّه تكليف بما لا يطاق ، وداخل فيما رفع عن الأُمة مما لا يعلم الوارد في الأخبار الكثيرة.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٦٢ باب ما رفع عن الأُمّة ، الفقيه ١ : ٣٦ ح ١٣٢ ، الوسائل ١١ : ٢٩٥ أبواب جهاد النفس ب ٥٦.

(٢) المحاسن : ٤٩٥.

(٣) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، والعلّامة في التذكرة ٦ : ٦٢ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٩ ، والسيّد في المدارك ٦ : ٦٦.

(٤) كالعلّامة في التذكرة ٦ : ٦٢.

(٥) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، والشهيد في المسالك ٢ : ١٩ ، والسيّد في المدارك ٦ : ٦٦.

(٦) السرائر ١ : ٣٨٦.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ، الاستبصار ٢ : ٨١.

(٨) المنتهي ٢ : ٥٦٩ ، ٥٧٧.

(٩) الواو ليست في «م».

١٤٧

وخصوص موثّقة زرارة ، وأبي بصير قالا جميعاً : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، وأتى أهله وهو محرم وهو لا يرى إلا أنّ ذلك حلال له ، قال : «ليس عليه شي‌ء» (١).

وهذه الأدلّة كما تدلّ على نفي الإثم تدلّ على نفي الكفّارة أيضاً ، سيّما وهو مسبّب عن الإثم غالباً ، فالإطلاقات الدالّة على ثبوت الكفّارة مثل ما ورد في حكم الملامسة أيضاً (٢) منزّلة على غير الجاهل.

وأمّا القضاء فيمكن القول بثبوته من وجهين ، الأوّل : إطلاق الأخبار الواردة في أنّ من فَعَلَ كذا يقضي ، ومن فَعَلَ كذا يقضي ، مثل ما ورد فيمن نام ثانياً بعد الجنابة (٣) ، ومن نام متعمّداً حتّى الصباح (٤) ، وفي امرأة تركت غسل الاستحاضة (٥) وغسل الحيض (٦) ، والقي‌ء (٧).

والثاني : الأخبار الدالّة على حصر المفطرات ، مثل صحيحة محمّد بن مسلم القائلة أنّه لا يضرّ الصائم إذا اجتنب ثلاث خصال (٨) ، فإنّ مفهومها أنّه يضرّه إذا لم يجتنب ، وعمومها شامل للجاهل.

ويمكن دفع الأوّل بمنع تبادر الجاهل رأساً منها.

والثاني : بذلك ، وبأنه يمكن أن يقال : الظاهر من الصائم هو الصوم الصحيح ، وإن قلنا بكون الألفاظ أسامي للأعمّ ، فإنّ المراد بيان ما يفطره ، وهو لا يتمّ إلا مع كونه

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ح ٦٠٣ ، الوسائل ٧ : ٣٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١٢.

(٢) الوسائل ٧ : ٦٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣.

(٣) الوسائل ٧ : ٤١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٥.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ، ١٤.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢١.

(٦) الوسائل ٧ : ٤٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٨.

(٧) الوسائل ٧ : ٣٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩.

(٨) التهذيب ٤ : ١٨٩ ح ٥٣٥ ، وص ٢٠٢ ح ٥٨٤ ، وص ٣١٨ ح ٩٧١ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ح ٢٤٤ ، وص ٨٤ ح ٢٦١ ، الوسائل ٧ : ١٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١ ح ١.

١٤٨

صحيحاً بدونه ، وصحّته إنّما تكون إذا نوى الكفّ عن المفطرات ، والمفروض أنّ الجاهل لا يمكن منه تحقّق ذلك ؛ لعدم علمه به ، فكيف ينوي الكفّ عنه ، فهو مفطر قبل ذلك الفعل أيضاً ، غاية الأمر عدم العقاب عليه.

ولكن يدفعه : أنّ عدم العلم بالفساد كافٍ على هذا القول ، ولا حاجة إلى اعتبار الصحّة ، مع أنّ الصوم ليس محض نيّة الإمساك عن المفطرات ، بل هي مع الاستدامة عليها ، فالعالم المرتكب أيضاً ليس بصائم.

إلا أن يقال : الغرض من الرواية بيان حكم مباشر الصوم وما يفطره ، لا بيان ماهيّة الصوم ، ومباشرته لا تستلزم تحقّق تمام ماهيّته ، فالمناط حينئذٍ إنّما هو النيّة ، والكلام إنّما يتمّ حينئذٍ في الجاهل ، فانحصر الدفع في منع اعتبار الصحّة ، بل يكفي إطلاق الصوم عليه.

نعم يمكن أنّ يقال : إنّ غاية الأمر ثبوت الضرر للجاهل ، وثبوت الضرر غايته الفساد ، وهو لا يستلزم القضاء مطلقاً ، فيحتاج ثبوته إلى فرض جديد كما هو التحقيق.

هذا كلّه مع أنّ الموثّقة عامّة في نفي القضاء والكفّارة ، فلا ينافي ذلك كون الإفطار من أحكام الوضع أيضاً ، ويقيّد إطلاق الأخبار لو سلّم ظهورها لاعتبار سندها واعتضادها بما دلّ على أنّه لا شي‌ء على الجاهل ، مثل ما ورد في صحيحة عبد الصمد بن بشير : «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شي‌ء عليه» (١) وبالأصل والاعتبار.

وأما العالم بوجوب المعرفة ، وأنّ للشرع أحكاماً كثيرة لا بد من تحصيلها ، وخصوصاً في الصوم ، إذا قصّر في التحصيل ، وصار تقصيره سبباً لجهالة كون شي‌ء مفطراً ، فالأظهر فيه الإفساد ، سيّما في الإجماعيات والضروريات ، كالأكل والشرب المعتادين ، بل القضاء والكفّارة أيضاً ، فتشمله الإطلاقات المتقدّمة ، بل الأخبار المستفيضة المعتبرة الواردة في أنّ من تعمّد الإفطار في شهر رمضان يجب عليه الكفّارة

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٢ ح ٢٣٩ ، الوسائل ٩ : ١٢٥ أبواب أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٣.

١٤٩

والقضاء ؛ (١) ، فإنّ ذلك أيضاً من باب العمد.

فرع :

لو أكل أو جامع ناسياً فظنّ أنّ صومه فسد فتعمّد المفطر بعد ذلك فذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط (٢) والفاضلان (٣) إلى أنّ عليه القضاء والكفّارة.

ونقل في المبسوط عن بعض أصحابنا أنّه يقضي ولا يكفّر (٤) ، واختاره الشهيد في الدروس (٥) وصاحب المدارك (٦) ، وهو ظاهر المسالك (٧).

وفرّعه جماعة من الأصحاب على حكم الجاهل ، فإنّه جاهل بتحريم الأكل (٨) ، وعلى هذا فيلزم أن يقول القائل بعدم وجوب شي‌ء على الجاهل عدم وجوب القضاء عليه ، وهو مشكل ؛ لأن في مسألة الجاهل بكون شي‌ء مفطراً كان الجاهل صائماً على معتقده ، وفيما نحن فيه لم يصم ، لا في نفس الأمر ، ولا في معتقده.

فالتحقيق أن يقال : إن كان مقصّراً في تحصيل المسألة فيجب عليه القضاء والكفّارة ، وإن لم يكن مقصّراً فلا تجب عليه الكفّارة.

ونفي القضاء عنه في غاية الإشكال ؛ لعدم دلالة الموثّقة (٩) عليه كما لا يخفى ، وعدم انصراف أخبار وجوب القضاء على المتعمّد أيضاً له ؛ لأنّه وإن كان متعمّداً للأكل ، لكنه ليس بمتعمّدٍ للإفطار عرفاً ، فإنّ الظاهر منها المتعمّد للإفطار فيما اعتقده

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٢٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.

(٢) الخلاف ٢ : ١٩٠ ، المبسوط ١ : ٢٧٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٦٦٣ ، التذكرة ٦ : ٣٧.

(٤) المبسوط ١ : ٢٧٣.

(٥) الدروس ١ : ٢٧٢.

(٦) المدارك ٦ : ٨١.

(٧) المسالك ٢ : ٢٢.

(٨) كالشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٢٢ ، والسيّد في المدارك ٦ : ٨١.

(٩) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ح ٦٠٣ ، الوسائل ٧ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١٢.

١٥٠

صوماً ، وهو غير صائم في معتقده.

وبالجملة فالأحوط بل الأظهر القضاء ، وإن لم تجب الكفّارة ، وظاهر العلامة في المنتهي تخصيص الحكم بمن قصّر في التعلّم مع إمكانه (١).

الحادي عشر : إنّما يجب القضاء في الواجب المعيّن كشهر رمضان والنذر المعيّن ، وأما غيره مثل قضاء شهر رمضان والنذر المطلق ، فإذا أفطره فإنّ ذلك وإن وجب الإتيان بيوم آخر بدله لكنه لا يسمّى قضاءً ، وقد مرّ الكلام في شهر رمضان.

والحكم في الواجب المعيّن أيضاً مقطوع به في كلام الأصحاب ، مدّعى عليه الإجماع كما صرّح به في الانتصار (٢) ، ومدلول عليه بالأخبار الكثيرة ، منها صحيحة عليّ بن مهزيار (٣) ، وستأتي جملة منها عن قريب.

ولا وجه لإشكال صاحب المدارك في صحيحة عليّ بن مهزيار مع كثرة الروايات وعمل الأصحاب (٤).

وأمّا الكفّارة ، فالظاهر أنّه لا خلاف بينهم في وجوبها في شهر رمضان والنذر المعيّن وصوم الاعتكاف إذا وجب ، ونسبه الفاضلان في المعتبر والمنتهى إلى علمائنا (٥) ، كما أنّ ظاهرهما الاتفاق على عدمها في مثل صوم الكفارات والنذر الغير المعيّن والمندوب ، ونَقَلَ الوفاق فيه غير واحد (٦).

ونقل الفاضلان أنّ الجمهور أطبقوا على أنّه لا كفّارة إلا في صوم شهر رمضان (٧).

__________________

(١) المنتهي ٢ : ٥٧٧.

(٢) الانتصار : ٧٠.

(٣) التهذيب ٨ : ٣٠٥ ح ١١٣٥ ، الاستبصار ٢ : ١٠١ ح ٣٢٨ ، الوسائل ٧ : ١٣٩ أبواب من يصحّ منه الصوم ب ١٠ ح ٢.

(٤) المدارك ٦ : ٨٥.

(٥) المعتبر ٢ : ٦٦٨ ، المنتهي ٢ : ٦٢٠.

(٦) كالعلامة في المنتهي ٢ : ٥٧٦ ، وصاحب المدارك ٦ : ٨٠.

(٧) المعتبر ٢ : ٦٦٨ ، المنتهي ٢ : ٦٢٠.

١٥١

واختلف الأصحاب في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، بعد اتفاقهم ظاهراً على حرمة الإفطار حينئذٍ كما في الخلاف والانتصار والغنية (١) ، وإن كان يظهر من الشيخ في تأويل موثّقة عمّار الجواز (٢) ، وهو في غاية البُعد مع إيجابه الكفّارة ، فالمشهور فيه وجوب الكفّارة ، وفي الكتب الثلاثة ادّعاء الإجماع عليه ، ونسبه في المعتبر إلى علمائنا (٣).

وخالف فيه ابن أبي عقيل بأنه قال : من جامع أو أكل أو شرب في قضاء شهر رمضان أو صوم كفّارة أو نذر فقد أثم وعليه القضاء ولا كفّارة عليه ، وأطلق (٤). والأوّل أقوى.

لنا : رواية بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : «إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شي‌ء عليه إلا يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد الزوال ، فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مد ، فإن لم يقدر عليه صام يوماً مكان يوم ، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع» (٥).

وصحيحة هشام بن سالم قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان ، فقال : «إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شي‌ء عليه ، يصوم يوماً بدل يوم ، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين ، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك» (٦).

وربّما يقدح في سند الأُولى من جهة الحارث بن محمّد (٧) ، ولا وجه له ؛ لأنّ

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٢١ مسألة ٨٦ ، الانتصار : ٦٩ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٨٠ ذ. ح ٨٤٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٧٠٤.

(٤) نقله عنه في المختلف ٣ : ٤٥٣.

(٥) الكافي ٤ : ١٢٢ ح ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٦ ح ٤٣٠ ، الوسائل ٧ : ٨ أبواب وجوب الصوم ونيّته ب ٤ ح ١.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٧٩ ح ٨٤٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ ح ٣٩٢ ، الوسائل ٧ : ٢٥٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٩ ح ٢.

(٧) قدح فيها في المدارك ٦ : ٧٩.

١٥٢

الظاهر أنّه هو البجلي ، ولا يخلو عن مدح (١) ، مع أنّ الراوي عنه ابن محبوب ، والظاهر أنّه الحسن بن محبوب ، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه على قول (٢) ، مع أنّ العلامة وصفها بالصحة في المنتهي (٣) ، ولو سلّم فعمل الأصحاب يجبرها ، وكذلك مخالفتها للعامة.

وفي متن الثانية بأنه خلاف مذهبهم ، وربّما وجّهها الشيخ بأن المراد بما قبل صلاة العصر هو ما قبل الزوال (٤) ، وهو بعيد ، ولكن يمكن الدفع بأن منطوق الشرطية الثانية يكفي في الاحتجاج ، وخروج سائر أجزائها عن الظاهر لا يخرجها عن الحجية ، فيتم الاستدلال بعدم القول بالفصل.

حجّة القول الأخر : الأصل ، وموثّقة عمّار المتقدّمة في باب النيّة ، حيث قال في آخرها : سئل فإن نوى الصوم ثمّ أفطر بعد ما زالت الشمس ، قال : «قد أساء ، وليس عليه شي‌ء إلا قضاء ذلك اليوم الّذي أراد أن يقضيه» (٥).

وفيه : أنّ الأصل لا يقاوم الدليل ، وكذلك الموثّقة ما قدمناه لما ذكرنا ، وسيجي‌ء تمام الكلام في بيان الكفّارة وتحقيقها.

وقد ذكر المحقّق (٦) وغيره (٧) أنّ من أخّر صيام الثلاثة أيّام من الشهر استحبّ له قضاؤه ، فيلزمه استحباب القضاء بجميع المفطرات المتقدّمة عدا ما استثني ، مثل التعمّد على الجنابة إلى الصباح وما سنذكره.

وقد ذكر الأصحاب في المفطرات الموجبة للقضاء مضافاً إلى ما سبق أُموراً :

منها : فعل المفطر قبل مراعاة الفجر مع القدرة عليه ، سواء كان ظاناً ببقاء الليل

__________________

(١) انظر معجم رجال الحديث رقم : ٢٤٤٤ و ٢٥٠٥.

(٢) انظر معجم رجال الحديث رقم : ٣٠٧٠.

(٣) المنتهي ٢ : ٦٠٥.

(٤) التهذيب ٤ : ١٨٨ ذ. ح ٥٢٩ ، وص ٣١٥ ذ. ح ٩٥٦.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٨٠ ح ٨٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٢١ ح ٣٩٤ ، الوسائل ٧ : ٦ أبواب وجوب الصوم ونيّته ب ٢ ح ١٠.

(٦) المعتبر ٢ : ٧٠٥.

(٧) كالشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٧٦ ، والمحقّق السبزواري في الكفاية : ٤٩ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٣٥١.

١٥٣

كما عبّر به جماعة (١) ، أو شاكاً كما صرّح به آخرون (٢).

والظاهر عدم الخلاف في جواز الإتيان بالمفطر ما لم يحصل اليقين بالفجر ، وتدلّ عليه رواية إسحاق بن عمّار قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكل في شهر رمضان بالليل حتّى أشكّ ، قال : «كل حتّى لا تشك» (٣) ورواه الصدوق أيضاً مرسلاً (٤).

وتدلّ عليه قويّة زرارة لموسى بن بكر (٥) ، وكذلك ما رواه العياشي في تفسيره (٦).

ولكن لو صادف المفطر طلوع الفجر فيترتّب عليه لزوم القضاء مع ترك مراعاة القادر ، ولا كفّارة ؛ للأصل ، وعدم الإثم ، وأما مع المراعاة فلا قضاء ولا كفّارة.

والظاهر أنّ هذا التفصيل إجماعيّ كما يظهر من المنتهي (٧) وغيره (٨) ، وتدلّ عليه أيضاً الأخبار مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه سئل عن رجل تسحّر ثمّ خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين ، فقال «يتمّ صومه ذلك ثمّ ليقضه ، وإن تسحّر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر».

ثمّ قال : «إنّ أبي كان ليلة يصلّي وأنا أكل ، فانصرف فقال : يا جعفر فقد أكلت وشربت بعد الفجر ، فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان» (٩).

وتؤدّي مؤدّاها في وجوب القضاء لشهر رمضان صحيحة إبراهيم بن مهزيار (١٠)

__________________

(١) كالشهيد في الدروس ١ : ٢٧٣.

(٢) كصاحب المدارك ٦ : ٩١.

(٣) التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٦٩ ، الوسائل ٧ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٩ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ٨٧ ح ٣٩٠.

(٥) الكافي ٤ : ٩٨ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٩ ح ٣.

(٦) تفسير العياشي ١ : ٨٣ ح ١٩٨ ، الوسائل ٧ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٩ ح ٤.

(٧) المنتهي ٢ : ٥٧٩.

(٨) الانتصار : ٦٥ ، الخلاف ٢ : ١٧٥.

(٩) التهذيب ٤ : ٢٦٩ ح ٨١٢ ، الاستبصار ٢ : ١٦ ح ٣٧٩ ، الوسائل ٧ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٥ ح ١ بتفاوت يسير.

(١٠) التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٧٠ ، الوسائل ٧ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٤ ح ٢.

١٥٤

ورواية عليّ بن أبي حمزة (١).

وتدلّ على التفصيل صريحاً موثّقة سماعة ، قال : سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ، فقال : «إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثمّ عاد فرأى الفجر فليتمّ صومه ولا إعادة عليه ، وإن كان قام وأكل وشرب ثمّ نظر إلى الفجر فرأى أنّه قد طلع فليتمّ صومه ويقضي يوماً آخر ؛ لأنّه بدأ بالأكل قبل النظر ، فعليه الإعادة» (٢). وسيجي‌ء أيضاً ما يدلّ عليه.

وقد ظهر من تلك الأخبار وجوب القضاء على غير المراعي بنفسه ، وعدمه على المراعي كذلك.

وأما انتفاء الكفّارة فيهما فيدلّ عليه الأصل ، وعدم الإثم على الإفطار.

ومنها : وجوب القضاء على من أخلد إلى قول غيره في عدم الفجر وصادف الفجر مفطراً وإن حصل له الظنّ ، وتدلّ عليه أيضاً صحيحة معاوية بن عمّار قال ، قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : أمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا ، فتقول : لم يطلع ، فأكل ثمّ أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت ، قال : «تتم يومك ثمّ تقضيه ، أما أنك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه» (٣).

وقال جماعة من الأصحاب : لو كان المخبر عدلين فلا قضاء عليه (٤) ، وهو لا يخلو عن قوّة ، وإن كان في حجية العدلين هنا إشكال ؛ لأنّ المفروض أنّ الرواية ظاهرة في وحدة المخبر ، والقضاء بفرض جديد ، ولا إطلاق في النصوص المتقدّمة يشمل ما لو أخبره العدلان أيضاً.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٩٧ ح ٦ ، الوسائل ٧ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٥ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٩٦ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٨٢ ح ٣٦٦ ، التهذيب ٤ : ٢٦٩ ح ٨١١ ، الاستبصار ٢ : ١١٦ ح ٣٧٨ ، الوسائل ٧ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٤ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٩٧ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٨٣ ح ٣٦٨ ، التهذيب ٤ : ٢٦٩ ح ٨١٣ ، الوسائل ٧ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٦ ح ١.

(٤) جامع المقاصد ٣ : ٦٦ ، المسالك ٢ : ٢٥.

١٥٥

ومنها : وجوب القضاء على من ترك قول المخبر بالفجر ظانّاً كذبه فصادف الفجر مفطراً ، ولا كفّارة عليه.

أما الثاني ؛ فللأصل.

وأمّا الأوّل ؛ فلصحيحة العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحّرون في بيت ، فنظر إلى الفجر فناداهم ، فكفّ بعضهم وظنّ بعضهم أنّه يسخر فأكل ، فقال : «يتمّ صومه ويقضي» (١) وفي الفقيه وناداهم : أنّه قد طلع (٢).

لا يقال : مقتضى ما مرّ من الأخبار الدالّة على سقوط القضاء عن المراعي عدم القضاء ، فالنسبة بينهما عموم من وجه ، فما وجه الترجيح؟!

لأنّا نقول : ما مرّ كالصريح في عدم إخبار الغير ، فهذا كالأخصّ مطلقاً فيقدّم عليه.

ومنها : ما لو أفطر تقليداً للغير أنّ الليل قد دخل ، ثمّ ظهر فساد الخبر ، فقد ذكروا أنّه مما يوجب القضاء فقط.

وهذا الحكم بإطلاقه مشكل ، فإن الذي ثبت من الأدلّة في جواز العمل بالظنّ في الوقت هو ما لو كان للمكلّف مانع عن تحصيل العلم ، مثل الغيم والغبار ، ولعلّ انعكاس نور القمر في الآفاق في بعض الليالي أيضاً من هذا القبيل ، وقد بيّنا ذلك في كتاب الصلاة ، وكذلك يجوز العمل به للأعمى والمحبوس ، وكلّ عاجز عن الاستعلام.

وأما العمل بالظنّ في الوقت كيف ما كان ليكون إخبار واحد ولو كان فاسقاً داخلاً فيه فكذلك ، وكذلك أذان المؤذّن على الأصحّ كما مرّ في محلّه.

وعلى هذا فلو كان هذا الصائم ممن لا يتمكّن من تحصيل العلم ويجوز له التقليد والعمل بالظن الحاصل من قول الغير فتكليفه جواز الإفطار ، وحينئذٍ فلا يجب

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٧٠ ح ٨١٤ ، الوسائل ٧ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٧ ح ١.

(٢) الفقيه ٢ : ٨٣ ح ٣٦٧.

١٥٦

قضاؤه ، ولا كفّارة ؛ لكونه مأذوناً فيه.

وثبوت القضاء فيما لو أكل باستصحاب الليل واتّفق كونه في النهار لخصوص دليل لا يستلزم الحكم بثبوته هنا أيضاً ، إذ لا دليل هنا بالخصوص.

وإن كان يتمكّن من تحصيل العلم ، بل الظنّ بالمراعاة والملاحظة فلا يجوز له العمل بمجرد قول الغير وإن لم يكن حجة شرعية به ، فتجب عليه الكفّارة أيضاً.

وما ذكرنا من الإشكال يظهر من كلام صاحب المدارك أيضاً (١) بعد جدّه رحمه‌الله في الروضة (٢).

وقال صاحب الكفاية : ولا يبعد أن يقال إن حصل الظنّ بإخبار المخبر اتّجه سقوط القضاء والكفّارة ؛ لصحيحة زرارة ، ولا يبعد انتفاء الإثم أيضاً ، وإلا فالظاهر ترتب الإثم ، فإنّ مقتضى الأمر بالصيام إلى الليل وجوب تحصيل العلم أو الظنّ بالامتثال ، وهو منتفٍ في الفرض المذكور ، وأما وجوب القضاء ففيه تأمّل أيضاً (٣) ، انتهى.

والظاهر أنّ مراده بصحيحة زرارة ما رواه الشيخ عنه ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن وقت إفطار الصائم ، قال : «حين تبدو ثلاثة أنجم» وقال لرجل ظنّ أنّ الشمس قد غابت فأفطر ثمّ أبصر الشمس بعد ذلك ، قال : «ليس عليه قضاء» (٤).

ويحتمل ما رواه الشيخ والصدوق عنه قال ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : «وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ، ومضى صومك ، وتكفّ عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئاً» (٥).

وأنت خبير بأنّ الروايتين غير ظاهرتين في حصول الظنّ من إخبار المخبر ، بل الظاهر

__________________

(١) المدارك ٦ : ٩٤.

(٢) الروضة البهيّة ٢ : ٩٦ ٩٧.

(٣) كفاية الأحكام : ٤٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٦٨ ، الوسائل ٧ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ٢ وأورد صدوره في ب ٥٢ ح ٣.

(٥) الفقيه ٢ : ٧٥ ح ٣٢٧ ، التهذيب ٤ : ٢٧١ ح ٨١٨ ، الوسائل ٧ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ١.

١٥٧

منهما خلافه ، ومنزّلتان على ما كان هناك مانع من غيم أو غبار ونحو ذلك ، أو على من لا يتمكّن من المراعاة أيضاً ، ولم يقل أحد من الفقهاء بجواز العمل بالظنّ على أي وجه كان ، وقد مرّ الكلام في مباحث أوقات الصلاة.

ثمّ قوله : «ولا يبعد انتفاء الإثم فيه» أنّه لو كان دليل جواز العمل بالظنّ شاملاً لما نحن فيه فانتفاء الإثم متعيّن ، فلا معنى لقوله «ولا يبعد».

إلا أن يقال : بناؤه هنا ليس على مسألة الاكتفاء بالظنّ في الوقت مع العجز عن تحصيل العلم في الصلاة والصوم ، بل مبنى كلامه هنا في خصوص الصوم الاكتفاء بالظن مطلقاً ؛ لخصوص صحيحة زرارة.

فيرد عليه حينئذٍ : أنّ الظاهر أنّه لا قائل بالفصل بين الصوم والصلاة في جواز العمل بالظنّ ، وعدم انصراف الرواية إلى الظنّ الحاصل من قول المخبر.

وأما قوله : «وإلا فالظاهر» إلى أخره الأحسن القطع بترتّب الإثم.

وأما وجه تأمّله في وجوب القضاء ، فلعلّه لتأمّله في صدق تعمّد الإفطار عليه حينئذٍ ، وليس بجيد ؛ إذ الجزم بترتّب الإثم أو ظهوره إنّما هو للإفطار عمداً ، وهو مستلزم للقضاء.

ثمّ إنّ إطلاق كلمات الأكثر يشمل ما لو كان المخبر فاسقاً أو عادلاً واحداً أو متعدداً.

وعن المحقّق الشيخ عليّ : الجزم بأنّه لو شهد بالغروب عدلان ثمّ بان كذبهما فلا شي‌ء على المفطر وإن كان ممن لا يجوز له تقليد الغير ؛ لأنّ شهادتهما حجّة شرعية (١).

واستشكله في المدارك ؛ لعدم ما يدلّ على الحجية عموماً ، سيّما فيما يجب فيه تحصيل اليقين (٢).

قال في الكفاية : وهو حسن ، إلا أنّ في جعل محلّ البحث مما يجب فيه تحصيل

__________________

(١) جامع المقاصد ٣ : ٦٦.

(٢) المدارك ٦ : ٩٥.

١٥٨

اليقين تأمّلاً ؛ لصحيحة زرارة الدالّة على الاكتفاء بالظنّ (١) ، وحينئذٍ فالظاهر التعويل على شهادتهما ، إلا مع عدم الظنّ بشهادتهما (٢).

أقول : قد عرفت ما فيه ، واستشكال المدارك في محلّه ، إلا أنّ لزوم القضاء في مثل ذلك أيضاً غير معلوم ؛ لعدم ظهور اندراجه فيمن أفطر الصوم عمداً.

وأما ما قد يتوهّم من أنّ المستفاد من الأخبار أنّه يكفي العدل الواحد في المقامات الّتي يحتاج إلى العلم فكيف بالعدلين ، فهو ضعيف.

ومن جملة ما ذكره من المقامات ما رواه الشيخ ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضاً ، فقال لي : إن حدث بي حدث فأعط فلاناً عشرين ديناراً ، وأعط أخي بقيّة الدنانير ، فمات ولم أشهد موته ، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي : إنّه أمرني أن أقول لك انظر إلى الدنانير الّتي أمرتك أن تدفعها إلى أخي فتصدّق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين ، ولم يعلم أخوه أنّ عندي شيئاً ، فقال : «تصدّق منها بعشرة دنانير كما قال» (٣) فدلّت على ثبوت الوصيّة بقول الثقة.

ومنها : ما رواه بسند فيه العبيدي ، والصدوق بسنده عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام : في حديث ، قال عليه‌السلام فيه : «إنّ الوكيل إذا وكّل ثمّ قام عن المجلس فأمره ماضٍ أبداً ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه ، أو يشافهه العزل عن الوكالة» (٤) ، وصرّح الأصحاب بأنه لا ينعزل إلا مع العلم (٥) ، فظهر أنّ الثقة يقوم مقام العلم.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٦٨ ، الوسائل ٧ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ٢.

(٢) كفاية الأحكام : ٤٧.

(٣) الكافي ٧ : ٦٤ ح ٢٧ ، الفقيه ٤ : ١٧٥ ح ٦١٤ ، التهذيب ٩ : ٢٣٧ ح ٩٢٣ ، الوسائل ١٣ : ٤٨٢ كتاب الوصايا ب ٩٧ ح ١.

(٤) الوسائل ١٣ : ٢٨٧ كتاب الوكالة ب ٢.

(٥) منهم الشيخ الخلاف ٣ : ٣٤٢ مسألة ٣ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٩٣.

١٥٩

ومن ذلك ما ورد من كفاية إخبار المالك العدل باستبراء الأمة (١).

ووجه الضعف : أنّ خبر الواحد حجّة شرعيّة ظنّية يجوز الاعتماد عليه ، فهذه الأخبار الآحاد التي وردت في تلك الموارد في سماع قول الثقة في موضوعات الأحكام ، فلو عملنا على مقتضاها فإنّما هو لأنّه مقتضى تلك الأحاديث ، لا لأنه مجرد خبر ثقة في موضوع الحكم ، فيقتصر على مواردها ، مع أنّ كون المذكورات مما يجب فيه العلم ممنوع.

وما ذكره من تصريح الأصحاب في مسألة العزل ممنوع ، بل اختلفوا ، فقيل : بوجوب العلم (٢) ، وقيل : بكفاية إخبار الثقة (٣) ، فمن يشترط العلم لا يعمل بالرواية ، ومن لا يشترط يعمل.

وبالجملة ظاهر مطمح نظر المتوهّم إثبات قطعيّة الأخبار ، وادّعاء أنّ خبر الثقة مفيد للقطع ، واين هذا مما رامه ، وأنّى له إثبات هذا.

والحاصل : إن فرض حصول الجزم للمفطر فلا مانع من الإفطار ، وإن كان خبر فاسق ، والظاهر عدم وجوب القضاء حينئذٍ لو بان فساده ، وبدونه مشكل وإن كان خبر عدلين ، ولكن لا يحكم بوجوب القضاء لو فعل وبان فساده ، هذا كلّه فيما لو بان الفساد.

وأما لو لم يظهر الحال حتى تيقّن الليل ، ففيه إشكال ، ويظهر من المحقّق (٤) والشهيد (٥) وغيرهما حيث قيّدوه بما لو تبيّن الفساد عدم القضاء لو لم يتبين الفساد ، والأُصول الشرعيّة تقتضي الفساد والقضاء ، بل الكفّارة ما لم تظهر الموافقة.

ومنها : ما لو ظنّ دخول الليل لظلمة عرضت ، إما لغيم أو غيره ، فأفطر ثم تبيّن

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٣٨ أبواب بيع الحيوان ب ١١.

(٢) الخلاف ٣ : ٣٤٢ مسألة ٣.

(٣) جامع المقاصد ٨ : ٢٧٩.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٧٧.

(٥) اللمعة (الروضة البهيّة) : ٢ : ٩٧.

١٦٠