النصائح الكافية لمن يتولّى معاوية

السيّد محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي

النصائح الكافية لمن يتولّى معاوية

المؤلف:

السيّد محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٤

السنة الذين يتجنبون الاقدام على ذكرها تهيبا وفرقا من حداد السنة اولئك المدعين سمعة ورئاء حب اهل البيت عليهم السلام ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم وقد افتديت بنفسي اعراض اولئك المتخوفين ونصبت نفسي هدفا لسهام السنة المشاغبين والمعارضين ارجو بذلك الثواب الجزيل من الله واليد الببيضاء عند نبيه ومصطفاه والله موفق الكل إلى الصواب.

تذييل

قال لي بعض علماء حضرموت يوما بعد ان جرى البحث بيني وبينه في مسألة وجوب بغض معاوية وجواز لعنه ومنع الترضى عنه وتسويده ان اسلافك السادة العلويين الحسينيين كلهم سنيون اشعريون عقيدة شافعيون مذهبا وهم من العلم والعمل والزهد والورع بمقام سام ومرتبة عالية فكيف خالفتهم بأقوالك واعتقادك اترى انهم اخطأوا واصبت ام الامر بالعكس فأجبته ان السادة العلويين رضي الله عنهم لكما ذكرت من كمال العلم والمعرفة بالله وسلوك الطريق المستقيم وعقائدهم هي عقائد اجدادهم المطهرين واسلافهم المهتدين اخي النبي وابن عمه علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وسبطي رسول الله وريحانتيه الحسن والحسين وزين العابدين والحسن المثنى ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي العريضي ومحمد بن علي وعيسى بن محمد والمهاجر إلى الله احمد بن عيسى ومن بعدهم من الائمة العظام على جدهم وعليهم افضل الصلاة والسلام لا يحيدون عن تلك الطريقة ولا يتحققون الا بتلك الحقيقة ، قال القطب الحداد قدس سره العزيز.

وانا على آثارهم وسبيلهم

وما نحن عن حق لهم بنيام

وقد وافق اعتقادهم اكثر ما دونه ابو الحسن الاشعري في كتبه الكلامية

٢٤١

فهم اشعريون بهذا المعنى وهم شافعيو المذهب في الفروع الفقهية الا ان لهم اختيارات وانظار خالفوا فيها الشافعية والاشعرية كقولهم بسنية الصلاة على الآل في التشهد الاول وترك الكثير التلفظ بالنية عند الاحرام وقول البعض بجواز الجمع بين الصلاتين في الحضر وكقولهم بعدم صحة تزويج الشريفة الحسنية أو الحسينية من غير بينهما وان رضيت ورضي وليها وعدم اعتبار خصال الكفاءة بينهم خاصة غير النسب وكقول الاكثر منهم بصحة بيع الوفا المعروف وكقولهم بجواز نقل الزكاة ودفعها إلى صنف واحد أو شخص واحد وبجواز المعاطاة في بعض البيوع و معاملة السفيه وكون الرشد اصلاح الدنيا فقط وكقولهم بجواز المزارعة والمخابرة والمناشرة ورد الباقي من التركه بعد ذوي الفروض عليهم غير الزوجين إذا لم ينتظم بيت المال فان فقدوا فلذوي الارحام وكقولهم بولاية الفاسق في النكاح والعمل بالقول القديم فيمن انقطع حيضها لغير علة بأن تتربص تسعة اشهر ثم تعتد بثلاثة اشهر والقول بجواز الفسخ لغائبة الزوج إذا تعذر تحصيل النفقة وكقولهم بصحة ايمان المقلد خلافا للاشعري ومخالفتهم له في قوله ان الوجود عين الذات وانكارهم عليه بعض مسائل التفضيل والقول بقطعيته وكقول الكثير منهم بأنتفاء عدالة معاوية واشباهه وبغضهم في الله ومنع تسويدهم والترضي عنهم (١) على انهم

__________________

(١) قال لي طالب علم من السادة العلوية يوما بعد ان اطلع على شئ من فصول هذه الرسالة ان القطب الحداد قدس سره يقول :

وكن اشعريا في اعتقادك انه

هو المنهل الصافى عن الزيغ والكفر

وهم نعم القدوة لنا فقلت له نعم وهل قرأت كتب الاشعري قال لا ولكني اسمع ان من مذهبه السكوت عن قبائح معاوية فقلت له ان الاشعري بكفر كل من لم يعرف وجود الله تعالى وجميع صفاته بدلائلها العقلية وايمان المقلدين عنده غير صحيح وانت واحد منهم فقال لعل هذه المسألة من مذهب الاشعري غير مرادة في كلام الحداد قلت له نعم وكما ان هذه غير مرادة في كلامه فكذلك مسألة تعديل معاوية والسكوت عن قبائحه فانها غير مقصودة في قوله رضي الله

٢٤٢

لا يخوضون في هذه المسألة الا في مجالسهم الخاصة بهم ولقد ذاكرت منهم رجالا كثيرة من فضلاء من ادركناهم وتوفاهم الله إليه ومن الموجودين الآن فيما يقول الاشاعرة والماتريدية في هذه المسائل وكلهم يرفضه ويأباه ويشير إلى السكوت ان خيفت فتنة ولو كنت استأذنتهم لذكرت اسماءهم واحدا فواحدا فليس بيني وبينهم خلاف في العقيدة ولا افتراق في الطريقة وانما اسروا واعلنت واجملوا وبينت واشاروا واوضحوا وعرضوا وصرخت :

وما انا الا من غزية ان غوت

غويت وان ترشد غزية ارشد (١)

وعلى التنزيل والقول بأن الكثير منهم سكتوا عن ذكر موبقات معاوية وسيئاته فذلك اما لعذر ما أو لكونهم لم يسألوا عن ذلك ولم يناقشوا فيه ومع هذا فلا ينسب لساكت قول وقد سكتوا رضى الله عنهم ايضا عن امور كثيرة لقيام غيرهم بها كالرد على الخوارج والمعطلة والجهمية وغلاة الرافضة بل وسكتوا عن رد مفتريات اليهود والنصارى والدهرية واعداء الاسلام افيكون سكوتهم عن جميع ذلك تقريرا لهم ورضى بتلك البدع والمفتريات ونكون حينئذ ملزومين ان نسكت عنها كما سكتوا لا والله انهم انفسهم

__________________

عنه لانها ليست من عقائد الدين حتى يضل فيها المخالف ولانها مخالفة لاقوال آبائه واجداده العظام الذين اكثر رضي الله عنه من التحريض على سلوك طريقتهم والحث على اقتفاء آثارهم بل مخالفة لقول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام وانما اراد الحداد قدس سره من العقيدة الاشعرية معظمها واكثرها تحذيرا من وقوعنا وامثالنا في ضلالات القدرية أو الجهمية أو المرجئة أو الجبرية أو غلاة الشيعة أو الخوارج وامثالهم وهو اجل مقاما وارفع قدرا من ان يدعوا إلى خلاف ما عليه آباؤه واجداده المطهرون رضوان الله عليهم اجمعين.

(١) حضرت يوما مجلس احد علماء السادة العلوية وفضلائهم وكان القارئ رجلا من اهل اليمن واظنه زيدي المذهب فجاء ذكر معاوية عرضا في الكتاب فلعنه القارئ المذكور فقيل لذلك الفاضل الا تزجر هذا عن ما يرتكبه من لعن معاوية وهو صحابي فأجاب نفع الله به متمثلا.

لا اذود الطير عن شجر

قد بلوت المر من ثمره

٢٤٣

لا يرضون هذا منا ولا من غيرنا.

ثم انا إذا وجدنا فيهم من سكت عن معاوية وفضائحه فلا نجد من علمائهم وكبارهم من يطريه ويمدحه ويسيده ويترضى عنه ويتمحل لتبريره ويؤول خطاياه كما يفعل اكثر الاشاعرة والما تريدية اللهم الا افرادا نشأوا بغير بلادهم وتلقوا اكثر علومهم عن الغير فشذوا عن قومهم في هذه المسألة كصحاب المشرع الروي واحاد غيره ولا عبرة بالشاذ وانما العبرة بالغالب والسواد الاعظم من كان على الحق.

اخبرني الثقة منهم ان الامام الشافعي رحمه الله اسر إلى الربيع انه لا يحتج في دين الله بواحد من هؤلاء الاربعة معاوية وعمروبن لعاص والمغيرة بن شعبة ومروان بن الحكم وانه لا يفضل على علي احد (١) (انتهى) فسادتنا

__________________

(١) من نظر بأمعان إلى غوامض كلام الامام الشافعي رحمه الله عرف منها مذهبه في تفضيل علي عليه السلام على جميع الصحابة رضى الله عنهم انظر إلى ابيانه التي يقول :

إذا نحن فضلنا عليا فأننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

وفضل ابي بكر إذا ما ذكرته

رميت بنصب عند ذكري للفضل

فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما

بحبهما حتى اوسد في الرمل

فانه اتى في ذكر تفضيله عليا (ع) بصيغة الزيادة والتكرار حيث قال إذا نحن فضلنا عليا أي حكمنا بزيادة فضل علي فاننا بذلك التفضيل روافض عند الجهال فقط ويفهم منه ان القول بتفضيل علي مطلقا ليس في شئ من الرفض عند العلماء ثم قال رحمه الله وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته البيت جاءهنا بمجرد ذكر الفضل لا بصيغة التفضيل كما جاء بها في البيت الاول فمعناه إذا ذكرت فضل ابي بكر رميت بالنصب عند ذكرى فضله ولم يكن تعبيره رحمه الله بالتفضيل في الاول وبمجرد ذكر الفضل في الثاني عفوا من غير قصد أو تفننا في العبارة أو مراعاة للوزن كما يظنه من ظنه لا بل صنع ذلك عمدا لغرض مقصود عنده وذلك انه سيقسم بعد ذلك انه لا يزال بهاتين الحالتين اللتين ذكرهما من تفضيل علي وذكر فضل ابي بكر إلى الموت حيث قال فلا زلت ذا رفض أي بتفضيلي عليا ونصب اي بذكري فضل أبي بكر حتى اوسد في الرمل وانظر أيضا إلى قوله رحمه الله في الابيات الاخرى :

٢٤٤

المذكورون سينون بمعنى ان السنة ما كان عليه محمد صلى الله عليه وآله وجلة اصحابه واكابر تابعيهم بالاحسان اشعريون بمعنى ان عقيدتهم في الغالب موافقة لما قرره ابو الحسن الاشعري رحمه الله في كتبه الكلامية اللهم الا في مسائل قليلة وفي هنات جاءت عن الاشعري عفا الله عنه في حق علي ومعاوية وما هي ببدع من الاشعريين (١).

وخلاصة القول ان مذهبهم وطريقتهم هو الكتاب والسنة كما صرح به القطب الحداد قدس سره العزيز بقوله.

والمذهب المستقيم نذهبه

نص الكتاب وصرح الخبر

ذكرت هنا والشئ بالشئ يذكر مالهج به بعض من الف في الانتصار لمعاوية واعوانه وكرره مرارا من دعوة خصوص اهل البيت الطاهر والنسب الباهر إلى سماع نصيحته والانضمام إلى اهل طريقته ظنا منه ان الشريف إذا احب وتولى معاوية فقد انتظم في سلك الفئة الناجية.

__________________

قالوا ترفضت قلت كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن توليت دون شك

خير امام وخير هادي

ان كان حب الوصي رفضا

فأني ارفض العباد

فان قوله في البيت الثاني خير امام وخير هادي يدل على تفضيله عليا على الاطلاق إذ خير بمعنى اخير وله رحمه الله كثير من اشباه هذا في مطاوي نظمه ونثره ولم يرد عنه ما يدل على انه يفضل ابا بكر على علي رضي الله عنهما الا الرواية التي نقلها البيهقي عنه على ما فيها من الاحتمال والطعن.

(١) قال في كتاب الغارات روي عبدالرحمن بن جندب قال ابو بردة بن ابي موسى الاشعري لزياد اشهد ان حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة صلعاء قال عبدالرحمن انما عنى ابو بردة بذلك نسبة الكفر إلى علي بن ابي طالب لانه كان اصلع وروى أبو نعيم عن هشام بن المغيرة بن الغضبان بن يزيد قال رايت ابا بردة قال لابي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر مرحبا بأخي إلى هاهنا فأجلسه إلى جانبه قال وقد روى عبدالرحمن المسعودي عن ابن عباس المنتوف قال رأيت ابا بردة الاشعري قال لابي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر أأنت قتلت عمارا قال نعم قال ناولني يدك فقبلها وقال لا تمسك النار أبدا.

٢٤٥

انعق بضانك ياجرير فأنما

منتك نفسك في الخلاء محالا

ليت شعري ايدعو هذا المغرور عالم اهل البيت ليهديه وكا الاحق ان يستهديه أو يدعو جاهلهم ليستهويه وكان الواجب ان يرقب جده فيه اما والله ان علماءهم قادة الامم والشموس التي تنجاب بها الظلم وجها لهم سالكون يضعون القدم على القدم ومن يشابه ابه فما ظلم.

ان عداهل التقى كانوا ائمتهم

أو قيل من خير اهل الارض قيل هم

هم والله اهل السبق في كل فضل وكمال وهم الذين لاتلهيهم عن الله تجارة ولا مال الم يقل النبي عليه الصلاة والسلام تعلموا منهم ولا تعلموهم وانكم حزب ابليس إذا خالفتموهم اما جاء عنه ان المتمسك بهم لا يضل ابدا وانهم لن يدخلوكم باب ضلالة ولن يخرجوكم عن باب هدى الم يخبر انهم امان هذه الامة وان الله قد جعل فيهم الحكمة اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وجعل منهم سراجا وقمرا منيرا من ناواهم فهو عن دين الله مارق ومن أبغضهم فهو بالنص منافق لا صلاة لاحد الا بذكرهم ولا ورود على الحوض الا بأذنهم يتصل اسناد طرائقهم بجبريل ويشهد بصحة عقائدهم محكم التنزيل اخبر النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام انهم لا يفارقون كتاب الله حتى يجمعهم شاطئ الحوض واياه.

لا يسكن الحق الا حيث ما سكنوا

وليس يذهب الا حيث ما ذهبوا

والله ما يدعوهم ذلك المغرور الا ليخرجهم إلى الظلمات من النور يعدهم ويمنيهم دخول الجنة إذا سلكوا طريق اهل السنة ان كانت السنة سنة رسول الله فهم والله ائمتها الهداة وإذا كانت سنة محاد الله ورسوله معاوية وطريقة من يبرر عمل تلك الفئة القاسطة الباغية فأنهم وايم الله براء من ذلك الحوب براءة الذئب من دم ابن يعقوب وما اصدق ما قاله العلامة الحفظي رحمه الله في هذا المعنى من ارجوزته الشهيرة.

٢٤٦

وانما الانصاف ما قد قرره

ائمة الذكر واهل التذكرة

ان نعبد الله بما انزله

وسنة الهادي الذي ارسله

وان اهل البيت والقرآن لن

يفترقا إلى ورود الحوض من

ولن نضل في الذي سلكنا

إذا بكل منهما استمسكنا

على العموم لم يخص مذهبا

عن مذهب أو اهل قطر اجتبى

ولم تكن طائفة منهم احق

من غيرهم على الصحيح المتفق

ولم يقل فلانا أو فلانا

الا الذي قد قارن القرآنا

وان من نعمة ربي الكبرى

على جميع العالمين طرا

انهم تفرقوا وانتشروا

في كل اقليم وقطر فطروا

وملاوا الانجاد والاغوارا

وصيتهم بين العباد طارا

وكل من في بلد فمذهبه

اصلا وفرعا معهم ومشربه

ائمة الدليل والمدلول

وسادة الفروع والاصول

وفي الترقي طبقا عن طبق

شهادة بالاجتهاد المطلق

ان فسروا أو للحديث شرحوا

قالوا لمن قد قلدوا تفسحوا

لم يجمعوا و الا على ما علما

من ديننا ضرورة فسلما

أو يتواصوا كلهم بمذهب

معين الا الكتاب والنبي

لا في مهمات الاصول فأعلم

ولا الفروع النادرات فأفهم

والكل منهم قائل بانه

متبع في كل ما قد ظنه

ومقتف آثار قوم قوما

من اهله سفن النجاة العظما

اعني عليا والحسين والحسن

والشيخ زين العابدين المؤتمن

وباقرا والحسن المثنى

والمحض والصادق من يكنى

ولم يكن لهؤلاء الكبرا

مذاهبا كما ترى وما جرى

ما ذهبوا الا على تنزيله

وظاهر الحديث لا تأويله

٢٤٧

وهكذا إلى الاخير فأحسب

الراسخون في مقامات النبي

هم الذين اورثوا الكتابا

والتحقت ابناؤهم بالآبا

اللهم انه بلغنا ما ورد عن حبيبك ورسولك الذي بعثته بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا انه قال اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين احدهما اعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي اهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

وها نحن ولك الحمد والمنة قد صدقناه بقلوبنا واجبنا داعية فيما استطعنا ونتوسل اليك ان تمنحنا توفيقا تثبتنا به فيما بقي من اعمارنا على الانقياد لكتابك المبين والتمسك بأهل بيت نبيك الطاهرين تمسكا تعصمنا به من الضلالة وتحفظنا به من ورطات الزيغ والجهالة ونكون به ما عشنا حربا لمن حاربهم سلما لمن سالمهم حتى تجمعنا واياهم في مستقر رحمتك ومحل اوليائك مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.

خاتمة

نذكر فيها قصيدتين من نظم الاستاذ العلامة شيخنا السيد ابن شهاب مد الله مدته يرثي في اولهما مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ويرثي في الثانية مولانا ابا عبدالله الحسين الشهيد بن علي عليهما السلام وانما خصصتهما بالنقل لما فيهما من التصريح بالحق والانحاء على المداهنين المتملقين.

القصيدة الاولى في رثاء الامام علي عليه السلام

قفا وانثرا دمعا على التراب احمرا

وشقا لعظم الخطب اقبية الكرى

٢٤٨

ولا تجعلا غير السواد ولبسه

شعارا لتذكار المصاب الذي جرى

ولا تألوا جهدا عن النوح والطما

صدورا بها الايمان اثرى واثمرا

وما النوح مجد في الخطوب وانما

يخفف من نيرانها ما تسعرا

وما كل خطب يخلق الدهر حزنه

وينسخه كر الجديدين مذعرى

الم تريا ما في قلوب اولي التقي

لفقد وصي المصطفى سيد الورى

إذا مضت العشرون من رمضانه

تصدع فيها كل قلب تذكرا

مصاب الايمان اضحى مكبلا

وامسي به الاسلام منهدم الذرى

بضربة اشقى الآخرين ابن ملجم

دم الرأس فوق العارضين تحدرا

دم لو مزجت البحر منه بقطرة

لاصبح مسكا ذلك البحر اذفرا

فياضربة اهوت بضاربها ومن

يواليه في الكفر الصريح إلى الثرى

ويا ضربة عنها الامين ابن عمه

يصادق وحي الله نبا وخبرا

فجاء لها ليث الكتائب موقنا

بها لم يشب ايقانه دونها امترا

ولم تثنه عنها نوائح اوز

ليمضي امرا في الكتاب مقدرا

هو الحين لكن حكمة الله اشقت

المرادي وخصت بالشهادة حيدرا

والا فما قدر الخبيث اللعين ان

يساور بازا أو يصاول قسورا

بسبق القضا نالت يد الكلب هامة

تهاب شبا اسيافها اسد الشرى

نآه على صنو النبي وصهره

وثانيه ايام التحنث في حرا

واعلم اهل الارض بعد ابن عمه

واعظمهم جودا ومجدا ومفخرا

واولهم من حوض الايمان مشربا

وارفعهم في محفل الزهد منبرا

واضربهم للهام في حومة الوغى

إذا أز قدر الحرب كر وكبرا

إذا قارع الابطال ظلت نفوسهم

تردد بين الاسر والقتل مهدرا

الايا امير المؤمنين وسيد المنيبين ان

جن الدجى وتعكرا

عليك سلام الله يامن بهديه

تبلجت الانوار والحق اسفرا

٢٤٩

وتبا لقوم خالفوك وزخرفوا

لاشياعهم زورا من القول منكرا

وتبا لمن والاهم وارتضاهم

ائمته في الدين يا بئسما اشترى

لئن ظفروا من هذه الدار بالذي

ارادوا فان المرء يحصد ماذرا

وبعدك جاءت ذات ودقين يا ابا

تراب وجاءت بعد ام حبوكرى

دماء بنيك الغر طلت وبدلت

حفيظة قرباهم عقوقا مكفرا

لقد عم كرب الدين في كربلاء إذ

بتربتها امسى الحسين معفرا

على حين قرب العهد بالوحي اصبحت

مواثيق طه فيه محلولة العرى

ومن دونه العباس خر مجندلا

فيا لاخ والى فأودى فأعذرا

ولابدع ان نالوا الشهادة بل لهم

بيحيى وعيسى اسوة في الذي جرى

لتذكار ذاك اليوم فليبك كل ذي

فؤاد به خط السعادة سطرا

فكم ماجد من آل بيت محمد

تحكم فيهم نابذو الدين بالعرا

ومن ليس الاقينة أو حظية

قصاراه أو عودا وخمرا وميسرا

ضغائن في سود الكلاب امية

اكنت بها من بدر ذا الغدر مضمرا

مواليد سوء حاربوا الله عنوة

وفي الارض عاثوا مفسدين تجبرا

على ظالمي اهل الرسول وهم هم

شآبيب لعن كلما بارق شرى

وصب عليهم ربهم سوط نقمة

وجرعهم طين الخبال وثيرا

الا يا ذوي المختار انا عصابة

نمت اليكم بالولادة والقرا

نوالي مواليكم ونقلي عدوكم

ونجتث عرق النصب ممن به اجترى

ويا ليتنا في يوم صفين والذي

يليه شهدنا كي نفوز ونظفرا

ونشرب بالكأس الذي تشربونه

فأما واما ناو نموت فنعذرا

بني المصطفى طبتم وطاب ثناءكم

رثاء ومدحا بالبديع محبرا

فلا زلت مهما عشت ابكي عليكم

وانظم درا من ثناكم وجوهرا

ودونكم عذراء نظم بكم زهت

يحق لها والله ان تتبخترا

٢٥٠

القصيدة الثانية

في رثاء الامام ابي عبدالله الحسين عليه السلام

برآة بر في براء (١) المحرم

عن اللهو والسلوان من كل مسلم

فهل خامر الايمان قلب امرئ يرى

لتلك الليالي لاهيا ضاحك الفم

ليال بها الخطب الجسيم الذي اكتى

به افق الجرباء (٢) صبغة عندم (٣)

ليال بها ايدي اللئام تلاعبت

بها م بدور للمعالي وانجم

ليال بها في الارض قامت وفي السما

مآتم اعلى الناس قدرا واعظم

ليال بها نتني الخنازير أو لغوا

مدى (٤) غيهم والبغي في طاهر الدم

ليال بها ذبح ابن بنت محمد

وعترته رمز الكمال المترجم

فأي جنان بين جنبي موحد

بنار الاسى والحزن لم يتضرم

واي فؤاد دينه حب احمد

وقرباه لم يغضب ولم يتألم

على دينه فليبك من لم يكن بكى

الرزء الحسين السيد الفارس الكمي

همام رأى رايات ملة جده

منكسة والشرع غير محكم

وسنة خير المرسلين تجذمت (٥)

عراها ودين الله بالجحد قد رمي

__________________

(١) البراء اول ليلة أو يوم في الشهر.

(٢) الجرباء السماء.

(٣) العندم نبت احمر معروف ويسمى دم الاخوين.

(٤) المدى بتثليث الميم جمع مديه وهي الشفرة وهي هنا بمعنى جانب النصل وحد السيف.

(٥) تجدمت اي تقطعت.

٢٥١

فأغضبه من ذاك ماسر اسرة

هواهم قنى(١) القينات أو شرب(٢) حنتم (٣)

ويمم سكان العراق لينزعوا

شجاه (٤) وهم والله شر ميمم

توجه ذو الوجه الاغر مؤديا

لواجبه لم يلوه لحي (٥) لوم

يؤازره سبعون من اهل بيته

وشيعته من كل طلق (٦) مقسم (٧)

فهاجت وجماهير الضلال واقبلت

بجيش لحرب ابن البتول عرموم (٨)

تألب (٩) جمع من فراش (١٠) جهنم

غواة يرون الشر اكبر مغنم

يقرون بالقرآن لكن لعله

لسخرية اقرارهم أو تهكم

لتعزيز طاع جاءت ابنة بحدل (١١)

به نابذ الدين الحنيفي مجرم

وخذلان هاد اشرقت في جبينه

اشعة انوار الحبيب المعظم

وحين استوى في كربلاء مخيما

بتربتها اكرم به من مخيم

احاطت به تلك الاخابث مثل ما

يحيط سار من حديد بمعصم

وصدوه عن ماء الفرات ليطردوا

عن الحوض حتى يقذفوا في جهنم

__________________

(١) قني القينات اقثناء الجواري المغنيات.

(٢) الشرب بالكسر المشروب.

(٣) الحنتم جرار تحمل فيها الخمر.

(٤) الشجا ما اعترض في الحلق من عظم أو نحوه تقول العرب نزع شجاه أي فرج كربه.

(٥) اللحى العذل.

(٦) طلق الوجه مشرقة وطلق اليدين سمحهما.

(٧) المقسم الجميل.

(٨) العرموم الجيش الكثير.

(٩) تالب القوم جاؤا من كل جانب.

(١٠) الفراش الذبان المتهافتة في السراج.

(١١) ابنة بحدل هي ميسون بنت بحدل الكلابي ام عدوالله يزيد بن معاوية عليه اللعنة.

٢٥٢

وساموه اعطاء الدنية عندما

رأوا منه سمت (١) الخادر (٢) المتوسم (٣)

وهيهات ان يرضى ابن حيدرة الرضا

بخطة خسف أو بحال مذمم

ابت نفسه الشماء الا كريهة

يموت بها موت العزيز المكرم

هو الموت مر المجتنى غير انه

الذ واحلى من حياة التهضم

فاذكى شواظ الحرب بالعسل الظما

وشب لظاها من شبا (٤) كل مخدم (٥)

وقارع حتى لم يدع سيف باسل

بمعترك الهيجاء غير مثلم

وصبحهم بالشوس (٦) من صيد (٧) قومه

نسور (٨) الفيافي من فرادى وتوام

على ضمر تأتم في حومة (٩) الوغي (١٠)

بيحمومه (١١) اوذي (١٢) النجاح المحوم

يبيعون في الجلى نفائس انفس

لنصر الهدى لانيل جاه ودرهم

ولما اراد الله ايقاف روحه

بمنظره الاعلى وقوف المسلم

اتاح له نيل الشهادة راقيا

معارج مجد صعبة المتسنم

قديتك بدرا برجه سرج سابح

هوى فانطوى سر العباء المطلسم

خضيب دماء كالعروس يزف في

قباء بصبغ الارجوان (١٣) مرسم (١٤)

__________________

(١) السمت الهيئة.

(٢) الخادر الاسد في اكمته

(٣) المتوسم المتفكر.

(٥) شبا السيف حده.

(٤) المخدم القاطع من السيوف.

(٦) الشوس جمع اشوس وهو الجرى على القتال الشديد.

(٧) الصيد جمع اصيد وهو الملك والاسد.

(٨) النسر الجارح المعروف.

(٩) الحومة اشد مواضع القتال.

(١٠) الوغي غمغمة الابطال في الحرب.

(١١) اليحموم اسم فرس سيدنا الحسين بن علي عليهما السلام.

(١٢) الارجوان نبت احمر معروف.

(١٣) ذي الجناح اسم فرس له ايضا.

(١٤) مرسم مخطط.

٢٥٣

معفرة بالترب اعضاء جسمه ال

كريم وهذا سر حل التيمم

وما ضره ان اوطئوا حر صدره

سنابك ورد (١٥) ذي نعال وادهم

ولكنها شنعاء توجب لعنهم

وتحسر عن وجه النفاق الملثم

هي الفتنة الصماء لم يلف بعدها

منار من الايمان غير مهدم

بنير دين الله سبط رسوله

وعترته خوص (١٦) المنية ترتمي

كليث الشرى العباس والشبل قاسم

وعميه والفتاك عون ومسلم

عرفنا بهم معنى إذا الشمس كورت

ورمز انكدار في النجوم مكتم

بها اهتز عرش الله وارتجت السما

بأملاكها من هو لها المتجشم

بها اسودت الدنيا أي وتهتكت

بها حرمة البيت العتيق وزمزم

اولاك الكرام المبتغوا فضل ربهم

ورضوانه تحت العجاج المقتم

سقى الله بالطف الشريف قبورهم

بوبل من الجود الالهي مثجم (١٧)

وزادهم المولى على وكرامة

بأفضل تسليم عليهم وادوم

وبعدا لقوم لم يقوموا لنصرهم

على قدرة منهم بعزم مصمم

رأوا شيعة الرجس ابن سعد (١٨) وشمر (١٩)

تجاولهم وابن (٢٠) الدعي الجهنمي

ولم تتحرك للحفيظة (٢١) منهم

حفائظ تطغي منهم كل مرقم (٢٢)

ايزوى ابن طه عن منصة جده

ويرضى لها ترب الخلاعة عبشمي

__________________

(١٥) الورد والادهم من انواع الخيل بأعتبار اللون.

(١٦) الخوص الركاب الضيقة العيون.

(١٧) المنجم المطر الدائم السريع.

(١٨) ابن سعد هو عمر بن سعد بن ابي وقاص عدوالله ورسوله.

(١٩) شمر هوبن ذي الجوشن السكوني لعنه الله قاتل الحسين عليه السلام

(٢٠) ابن الدعي هو عدوالله عبيد الله بن زياد عليه اللعنة.

(٢١) الحفيظة الاولى التمسك بالود والعهد والثانية الحمية.

(٢٢) المرقم كمنبر في الاصل القلم وتقول العرب للشديد الغضب طغى مرقم.

٢٥٤

كان الهدى من بيت صخر تفجرت

ينابيعه والوحي من ثم ينتمي

فيا اسرة العصيان والزيغ من بني

امية من يستخصم الله يخصم

هدمتم ذرى اركان بيت نبيكم

لتشييد بيت بالمظالم مظلم

تداركتم في البغي ولدا ووالدم

وزخرفتم افك الحديث المرجم

ولم تمح حتى الآن آثار زوركم

وتصديقه ممن عن الحق قد عمي

فاصل الشقا انتم ومن يحذ حذوكم

له يسدى جلباب العذاب ويلحم

فلا تكتمن الله ما في نفوسكم

لتخفى ومهما يتكم الله يعلم

ولابدع ان حاربتم الله انها

لشنشنة من بعض اخلاق اخزم

ونازعتم الجبار في جبروته

ولكنه من راغم الله يرغم

ولم تحسبوا من طيشكم ان عنكم

عيون قصاص الغيب ليست بنوم

ستجزون في الاخرى نكالا مؤبدا

على ما اقترفتم من عقوق وماثم

غدرتم بسادات البرية غدرة

اليهود بيحيى والمسيح بن مريم

وانا وان كنا من الضيم والاسى

وفرط التلظي نمزج الدمع بالدم

فلسنا الاولى ننحو بندب سراننا

نياح الغواني خفن سوء التأيم

ولكننا غيظا نعض اكفنا

لما فاتنا من ثارنا المتقدم

وما من بواء (١) في بني اللؤم تشتفي

به النفس من بلبالها والتذمم

ولكن اغضاء (٢) الجفون على القذى

وتمهيد عذر المعتدى شر ميسم

ومن شوم سوء الحظ كان بروزنا

من الغيب بعد المشرب المتوخم

ويا ليت انا والاماني عذبة

شهدنا وطيس الحرب بالطف إذ حمي

لخضنا عباب الهول تشتد تحتنا

خماص الطوى من كل طام مطهم

وقائدنا يوم الذمار ابن فاطم

كأشبال غاب امها خير ضيغم

__________________

(١) البواء الكف يقال دم فلان بواء لفلان اي كفؤ له.

(٢) الاغضاء والقذى معلومان والعرب تقول اغضى الجفن على القذى إذا احتمل الضيم.

٢٥٥

لندرك احدى الحسنيين بنصره

منال الاماني أو منية مقدم

اجل قدرة المولى تبارك انفذت

ارادته طبق القضاء المحتم

لتبيض يوم الحشر بالبشر اوجه

وتسود اخرى لارتكاب المحرم

نبي الورى بعد انتقالك كم جرى

ببيتك بيت المجد والمنصب السمي

دهتهم ولما تمض خمسون حجة

خطوب متى يلممن بالطفل يهرم

فكم كابد الكرار بعدك من قلى

وخلف إلى فتك الشقي ابن ملجم

وصبت على ريحانتيك مصائب

شهيد المواضي والشهيد المسمم

ضغائن ممن اعلن الدين مكرها

ولولا العوالي لم يوحد ويسلم

اضاعوا مواثيق الوصية فيهم

ولم يرقبوا الا (٣) ولا شكر منعم

فسق غير مأمور إلى النار حزبهم

إذا قيل يوم الفصل ما شئت فأحكم

حبيبي رسول الله انا عصابة

بمنصبك السامي نعز ونحتمي

لنا منك اعلى نسبة بأتباعنا

لهديك في اقوى طريق واقوم

ونسبة ميلاد فم الطعن دونها

على الرغم مغتص بصاب (٤) وعلقم

نعظم من عظمت ملا صدورنا

ونرفض رفض النعل من لم تعظم

لدى الحق خشن لا نداجي طوائفا

لديهم دليل الوحي غى مسلم

سراعا إلى التأويل وفق مرادهم

لرفع ظهور الحق بالمتوهم

هل الدين بالقرآن والسنة التي

بها جئت ام احكامه بالتحكم

ولكن عن التمويه ينكشف الغطا

لدي الملك الديان يوم التندم

وازكى صلاة الله ماذر (٥) بازغ

وما افتر ثغر البارق المتبسم

على روحك المعنى الذي الفيض منه في

مجرد هذا الكون والمتجسم

__________________

(٣) الال العهد والحلف.

(٤) الصاب نبت مر الطعم والعلقم الحنظل وكل شئ مر المذاق.

(٥) ذر النجم طلع والذر اول ساعة من الطلوع.

٢٥٦

وعترتك المستودعي سر علمك

المصون عن الاغيار عرب واعجم

واصحابك المروين في نصرة الهدى

صدى (٢) كل مشحوذ (٣) الغرار (٤) ولهذم

صلاة كما احببت مشفوعة الادا

بنشر سلام بالعبير مختم

(خاتمة اخرى)

يقول جامع هذه الرسالة غفر الله ذنوبه وستر عيوبه قد انتهى ما يسر الله جمعه من هذه الرسالة وجف القلم عن زيادة الاسترسال فيه خوف الاطالة واشهد الله على نفسي اني ما كتبته الا غيرة على الدين ولا جمعته الا قياما ببعض اوامر سيد المرسلين اظهارا للحق المكتوم وتمييز للظالم من المظلوم واني اعرف انها ستسر رجالا نفوسهم بالانقياد إلى الحق مطمئنة وقلوبهم مذعنة لما جاء به الكتاب والسنة واكاد اجزم انها ستغضب اقواما آخرين وتحل بمنزلة السخط لدى كثيرين بل ربما حمل بعضهم الغيض على بغضي وعدل به التعصب الذميم عن تقريظي إلى قرضي.

يشيرون بالايدي الي وقولهم

الاخاب هذا والمشيرون خيب

على انني ما جئتم الا بالحق الصراح ولا ناديت في نواديهم الا بحي على الفلاح ولو انهم نظروا إلى ما كتبت بعين الانصاف وبنذوا عن كواهلهم اردية التعصب والاعتساف لعاد غضبهم مما ذكرت طمأنينة وانقلب سبهم لي حمدا واستحال بغضهم لي حبا ومع هذا فلا ابرئ نفسي من خطأ منشوءه

__________________

(٢) الصدى العطش.

(٣) المشحوذ المسنون.

(٤) الغرار بكسر الغين حد السيف.

(٥) اللهذم القاطع من الاسنة.

٢٥٧

قصور فهمي أو وجود معارض لم يبلغ إليه علمي فأستغفر الله تعالى من كل ما زل به القلم عن المنهج القويم واضرع إليه ان يهديني واياهم الصراط المستقيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وعلى اصحابه المجاهدين المتقين وعلى التابعين لهم بأحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين وكان الفراغ من التحرير ليلة السبت لاحدى عشرة ليلة خلت من شهر صفر عام ١٣٢٦ بمدينة سنغافور بقلم العبد الضعيف محمد بن عقيل بن عبدالله بن يحيى عفا الله عنهم بمنه آمين.

هذا نص الكتاب الذي كتبه المعتضد بالله الخليفة العباسي في أمر الامة بلعن معاوية وارشادهم إلى ما يجب عليهم من رفضه وبغضه منقولا بالحرف من تاريخ العلامة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهرة بقدرته الخالق بمشيته وحكمته الذي يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب لا يخفى عليه خافية ولا يغرب عنه مثقال ذرة في السموات العلي ولا في الارضين السفلى قد احاط بكل شئ علما واحصى كل شئ عددا وضرب لكل شئ امدا وهو العليم الخبير والحمد لله الذي برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم وماضي امره في عصيان عاصيهم فبين لهم ما يأتون وما يتقون ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم واكرمهم به وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته اولياءه واهل طاعته والعاندين عنه والمخالفين له اعداءه واهل معصيته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله لسميع عليم والحمد لله الذي اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته واختاره لرسالته وابتعثه

٢٥٨

بالهدى والدين المرتضى إلى عباده اجمعين وانزل عليه الكتاب المبين المستبين وتأذن له بالنصر والتمكين وايده بالعز وبالبرهان المتبين فاهتدى به من اهتدى واستنقذ به من استجاب له من العمى واضل من ادبر وتولى حتى اظهر الله امره واعز نصره وقهر من خالفه وانجز له وعده وختم به رسله وقبضه مؤديا لا مره مبلغا لرسالته ناصحا لامته مرضيا مهتديا إلى اكرم مآب المنقلبين واعلى منازل انبيائه المرسلين وعباده الفائزين فصلى الله عليه افضل صلاة واتمها واجلها واعظمها وازكاها واطهرها وعلى آله الطيبين والحمد لله الذي جعل امير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين والقائمين بالدين والمقومين لعباده المؤمنين والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة والمستخلفين في الامة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون وقد انتهى إلى امير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في اديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليها اهواؤهم ونطقت بها السنتهم على غير معرفة ولا روية وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة وخالفوا السنن المتبعة إلى الاهواء المبتدعة قال الله عزوجل ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين خروجا عن الجماعة ومسارعة إلى الفتنة وايثارا للفرقة وتشتيتا للكلمة واظهارا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة وبتر منه العصمة واخرجه من الملة واوجب عليه اللعنة وتعظيما لمن صغر الله حقه واوهن امره واضعف ركنه من بني امية الشجرة الملعونة ومخالفة لمن استنقدهم الله الهلكة واسبغ عليهم به النعمة من اهل بيت البركة والرحمة قال : الله عزوجل يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم فأعظم امير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى ترك انكاره حرجا عليه في الدين وفسادا لمن قلده الله امره من المسلمين واهمالا لما اوجبه الله عليه من

٢٥٩

تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين واقامة الحجة على الشاكين وبسط اليد على العاندين وامير المؤمنين يرجع اليكم معشر الناس بأن الله عزوجل لما ابتعث محمدا بدينه وامره ان يصدع بأمره بدأ بأهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وانذرهم وبشرهم ونصح لهم وارشدهم فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع امره نفر يسير من بني ابيه من بين مؤمن بما اتى به من ربه وبين ناصر له وان لم يتبع دينه اعزازا له واشفاقا عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ونفذت مشيته فيما استودعه اياه من خلافته وارث نبيه فمؤمنهم مجاهد بنصرته وحميته يدفعون من نابذه وينهرون من عارضه وعانده ويتوثقون له ممن كاتفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسون له اخبار اعدائه ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له براي العين حتى بلغ المدى وحان وقت الاهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته وتصديق رسوله والايمان به بأثبت بصيرة واحسن هدى ورغبة فجعلهم الله اهل بيت الرحمة واهل بيت الدين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومعدن الحكمة ورثة النبوة وموضع الخلافة واوجب لهم الفضيلة والزم العباد لهم الطاعة وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الاكثر والسواد الاعظم يتلقونه با التكذيب والتثريب ويقصدونه بالاذية والتخويف ويبادونه بالعداوة وينصبون له المحاربة ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه واشدهم في ذلك عداوة واعظمهم له مخالفة واولهم في كل حرب ومناصبة لا يرفع على الاسلام راية الا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر واحد والخندق والفتح أبو سفيان بن حرب واشياعه من بني امية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع لماضي علم الله فيهم وفي امرهم ونفاقهم وكفرا حلامهم فحارب مجاهدا ودافع مكابدا واقام منابذا حتى قهره السيف وعلا امر الله وهم كارهون فتقول بالاسلام

٢٦٠