النصائح الكافية لمن يتولّى معاوية

السيّد محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي

النصائح الكافية لمن يتولّى معاوية

المؤلف:

السيّد محمّد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٤

معاوية ان عليا لم ينكحه رسول الله صلى الله عليه وآله حبا له ولكن أراد ان يكافئ بذلك احسان ابي طالب.

(واستعمل) معاوية على المدينة مروان بن الحكم وكان عاملا بأوامر معاوية فكان لا يدع سب علي عليه السلام على المنبر كل جمعة تنفيذا لاوامر اميره.

(قال) ابن حجر المكي جاء بسند رواته ثقات ان مروان لما ولي المدينة كان يسب عليا على المنبر كل جمعة ثم ولي بعده سعيد بن العاص فكان لا يسب ثم اعيد مروان فعاد للسب وكان الحسن يعلم ذلك فسكت ولا يدخل المسجد الا عند الاقامة فلم يرض بذلك مروان حتى أرسل للحسن في بيته بالسب البليغ لابيه وله ومنه : ما وجدت مثلك الا مثل البغلة يقال لها من ابوك فتقول امي الفرس الخ (وفي صحيح) البخاري من اثناء حديث لابي سعيد رضى الله عنه قال : أبو سعيد خرجت مع مروان وهو امير المدينة في اضحى أو فطر فلما اتينا المصلي إذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد ان يرتقيه قبل ان يصلي فجذبته بثوبه فجذبني فأرتفع فخطب قبل الصلاة فقلت له غير تم والله فقال يا أبا سعيد ذهب ما تعلم فقلت ما اعلم والله خير مما لا اعلم فقال ان الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة.

(قال) الحافظ ابن حجر في الفتح عن ابن المنذر اما مروان فراعي مصلحتهم في اسماعهم الخطبة لكن قيل انهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سب من لا يستحق السب (يعني عليا) والافراط في مدح بعض الناس (يعني عثمان) فعلي هذا انما راعي مصلحة نفسه (انتهى) وقد ذكر العلامة الحفظي في أرجوزته هذا الحديث فقال :

وفي البخاري عن أبي سعيد

خطبة مروان بيوم العيد

١٠١

قبل الصلاة حين كان الناس

بعد الصلاة ينفر الجلاس

لانه كما حكاه المنذري

يذكر فيها لمرتضى ويجتري

سحقا له من وزغ ملعون

وكل من في صلبه يكون

(قلت) الا الصالحين منهم وقليل ماهم.

(ومر) ابن عباس رضي الله عنهما بقوم ينالون من علي ويسبونه فقال لقائده ادنني منهم فأدناه فقال ايكم الساب لله قالوا نعوذ بالله ان نسب الله فقال ايكم الساب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا نعوذ بالله ان نسب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ايكم الساب علي بن أبي طالب قالوا اما هذه فنعم قال : اشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من سبني فقد سب الله ومن سب علي بن أبي طالب فقد سبني فأطرقوا فلما ولى قال : لقائده كيف رأيتهم فقال :

نظروا اليك باعين محمرة

نظر التيوس إلى شفار الجازر

قال زدني فداك ابي وامي فقال :

خزر العيون منكسي اذقانهم

نظر الذليل إلى العزيز القاهر

فقال زدني فداك ابي وامي قال ما عندي مزيد. قال ولكن عندي.

احياؤهم عار على امواتهم

والميتون فضيحة للغابر

(انتهي من مروج الذهب).

(وولي) معاوية بسر بن ارطاة البصرة فكان يشتم عليا عليه السلام على المنبر قال أبو جعفر الطبري في تاريخه حدثنا عمر قال : حدثنا علي بن محمد قال خطب بسر على منبر البصرة فشتم عليا عليه السلام ثم قال : ناشدت الله رجلا علم أني صادق الا صدقني أو كاذب الا كذبني قال : فقال ابو بكرة اللهم انا لانعلمك الا كاذبا قال : فأمر به فخنق قال : فقام أبو لؤلؤة الضبي فرمى بنفسه عليه فمنعه (انتهى).

(واستعمل) معاوية زيادا فكان من أشد العمال حرصا ودعوة إلى

١٠٢

لعن علي عليه السلام وسبه (قال) ابن الاثير بعث زياد ابن أبيه في طلب صيفي بن فسيل الشيباني فأتي به فقال له يا عدو الله ما تقول في ابي تراب فقال لا أعرفه فقال ما أعرفك به اتعرف علي بن أبي طالب قال : نعم قال : فذاك ابو تراب قال : كلا ذاك ابو الحسن والحسين فقال له صاحب الشرطة يقول الامير هو ابو تراب وتقول لاقال فان كذب الامير اكذب انا وأشهد على باطل كما شهد؟ فقال له زياد وهذا أيضا علي بالعصا فأتي بها فقال ما تقول في علي قال : احسن قول قال اضربوه فضربوه حتى لصق بالارض ثم قال : اقلعوا عنه ما قولك في علي قال والله لو شرحتني بالمواسي ما قلت فيه الا ما سمعت مني قال : لتلعننه أو لاضربن عنقك قال لا أفعل فأوثقوه حديدا وحبسوه (قال) الحافظ الذهبي في التذكرة قتل زياد رشيدا الهجري لتشيعه فقطع لسانه وصلبه (انتهى).

(قلت) وكان من قصته ما رواه اهل الاخبار قالوا روي عن الشعبي عن زياد ابن نصر الحارثي قال : كنت عند زياد وقد اتي برشيد الهجري وكان من خواص اصحاب علي عليه السلام فقال له زياد ما قال : خليلك لك أنا فأعلون بك قال تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني فقال زياد اما والله لاكذبن حديثه خلوا سبيله فلما أراد ان يخرج قال : ردوه لانجد شيئا اصلح مما قال لك صاحبك انك لن تزال تبغى لنا سوءا ان بقيت اقطعوا يديه ورجليه فقطعوها وهو يتكلم فقال اصلبوه خنقا في عنقه فقال رشيد قد بقي لي عندكم شئ ما أراكم فعلتموه فقال زياد اقطعوا لسانه فلما أخرجوا لسانه ليقطع قال : نفسوا عني اتكلم كلمة واحدة فنفسوا عنه فقال هذه والله تصديق خبر امير المؤمنين اخبرني بقطع لساني فقطعوا لسانه وصلبوه.

(وقال) المسعودي في المروج والبيهقي في المحاسن والمساوي قد كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرضهم على لعن علي عليه السلام

١٠٣

فمن ابى ذلك عرضه على السيف فذكر عبدالرحمن بن السائب قال : احضرت فصرت إلى الرحبة ومعى جماعة من الانصار فرأيت شيئا في منامي وأنا جالس في الجماعة وقد خفقت وهواني رأيت شيئا طويلا قد أقبل فقلت ما هذا فقال انا النقاد ذو الرقبة بعثت إلى صاحب هذا القصر فأنتبهت فزعا فما كان الا مقدار ساعة حتى خرج خارج من القصر فقال انصرفوا فان الامير عنكم مشغول وإذا به قد اصابه ما ذكرنا من البلاء يعني انها خرجت في كفه بثرة ثم حكها ثم سرت واسودت فصار اكلة سوداء فهلك بذلك وفي ذلك يقول عبدالله بن السائب من أبيات.

ما كان منتهيا عما أراد بنا

حتى تأتي له النقاد ذو الرقبه

فأسقط الشق منه ضربة ثبتت

لما تناول ظلما صاحب الرحبة

يعني بصاحب الرحبة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

(قلت) انما ذكرنا هنا طرفا من بعض افعال عمال معاوية واكثر عماله من هذا القبيل والتواريخ والسير مشحونة بذكر ما يرتكبه اولئك الطغاة من سب علي عليه السلام ولعنه على المنابر وفي المحافل (تمادي) معاوية في نشر تلك البدعة الشنيعة القبيحة التي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله انها علامة النفاق وسب لله ولرسوله وحمل الناس عليها بالسيف والزم شرار العمال النداء بها على المنبر في سائر اقطار الاسلام حتى في المدينة النبوية تجاه القبر الشريف على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله غير مراع في ذلك خوف الله تعالى ولا حرمة رسوله عليه وآله الصلاة والسلام ثم جعلها سنة باقية لاتباعه وخلفائه ملوك الضلالة وأئمة الجور والظلم فهنج اولئك الجبابرة منهجه واقتفوا سبيله واعلنوا سب علي عليه السلام ولعنه نحوا من ستين سنة (ذكر) الحافظ السيوطي رحمه الله انه كان في أيام بني امية اكثر من سبعين الف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب عليه السلام بما سنه لهم معاوية من ذلك وفي ذلك

١٠٤

يقول العلامة احمد الحفظي الشافعي في أرجوزته.

وقد حكى الشيخ السيوطي انه

قد كان فيما جعلوه سنه

سبعون الف منبر وعشره

من فوقهن يلعنون حيدره

وهذه في جنبها العظائم

تصغر بل توجه اللوائم

فهل ترى من سنها يعادي

ام لاوهل يستر ام يهادي

أو عالم يقول عنه نسكت

اجب فأني للجواب منصت

وليت شعري هل يقال اجتهدا

كقولهم في بغيه ام الحدا

اليس ذا يؤذيه ام لا فأسمعن

ان الذي يؤذيه يؤذي من ومن

بل جاء في حديث ام سلمة

هل فيكم الله يسب مه لمه

عاون اخا العرفان بالجواب

وعاد من عادى ابا تراب

(ومن) عجيب ما يحكى من ذلك ان الوليد بن عبدالملك كان لحانا وانه خطب في خلفته وذكر عليا فقال انه كان لص ابن لص (بالجر) فعجب الناس من لحنه فيما لا يلحن فيه احد ومن نسبته عليا إلى اللصوصية وقالوا ما ندري ايهما اعجب.

(واعجب) من هذا ما ذكره المبرد في الكامل قال : ان خالد بن عبدالله القسري لما كان امير العراق كان يلعن عليا عليه السلام على المنبر فيقول اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم صهر رسول الله صلى الله عليه وآله على ابنته وأبا الحسن والحسين ثم يقبل على الناس ويقول هل كنيت.

(واغرب) من الكل ما ذكره ابن الكلبي في غرائبه عن عبدالرحمن بن السائب قال : قال الحجاج يوما لعبد الله بن هانئ وهو رجل من بني اود (حي من قحطان) وكان شريفا في قومه قد شهد مع الحجاج مشاهده كلها وكان من أنصاره وشيعته والله ما كافأتك بعد ثم ارسل إلى الاسماء بن خارجه سيد بني فزتوة ان زوج عبدالله بن هاني بأبنتك فقال لا والله ولا

١٠٥

كرامة فدعا له بالسياط فلما رأى الشر قال : نعم زوجه ثم بعث إلى سعيد بن قيس الهمداني رئيس اليمانية ان زوج ابنتك من عبدالله بن هاني الاودي قال : ومن اود لا والله لا ازوجه ولا كرامة فقال علي بالسيف فقال دعني حتى اشاور اهلي فشاورهم فقالوا زوجه ولا تعرض نفسك لهذا الفاسق فزوجه فقال الحجاج لعبدالله قدزوجتك بنت سيد فزارة وبنت سيد همدان وعظيم كهلان وما اود هناك فقال لا تقل ذاك اصلح الله الامير فان لنا مناقب ليست لاحد من العرب قال : وما هي قال : ماسب امير المؤمنين عبدالملك في ناد لنا قط قال : منقبة والله قال : وشهد منا صفين مع امير المؤمنين معاوية سبعون رجلا وما شهد منا مع ابي تراب الا رجل واحد وكان والله ما علمته امرأ سوء قال : منقبة والله قال ومنا نسوة نذرن ان قتل الحسين بن علي ان تنحركل واحدة عشر قلائص ففعلن قال : منقبة والله قال : وما منا رجل عرض عليه شتم ابي تراب ولعنه الافعل وزاد ابنيه حسنا وحسينا وامهما فاطمة قال : منقبة والله قال : وما احد من العرب له من الصباحة والملاحة مالنا فضحك الحجاج وقال اما هذه يا ابا هاني فدعها وكان عبدالله دميما شديد الادمة مجدورا في رأسه عجر مائل الشدق احول قبيح الوجه شديد الحول (انتهى) وقال : ابو عثمان الجاحظ خطب الحجاج بالكوفة فذكر الذين يزورون قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة فقال تبا لهم انما يطوفون بأعواد ورمة بالية هلا طافوا بقصر امير المؤمنين عبدالملك الا يعلمون ان خليفة المرء خير من رسوله؟! (انتهى) تأمل ايها المؤمن الصادق افعال هذه الفئة الضالة المضلة كيف ينافح عنهم كثير من اصحابنا اهل السنة ويتورعون عن الانتقاد عليهم ويحتالون لبراءتهم مما ارتكبوه بأي تأويل وجدوه وهم في الحقيقة اشر فعالا واسوء حالا من الخوارج الذين هم شر الامة.

(ذكر العلامة) ياقوت الحموي في معجم البلدان في ذكر سجستان بعد

١٠٦

ان ذكر من بهامن الخوارج وكثرتهم وتعصبهم في مذهبهم قال : قال محمد بن بحر الرهني واجل من هذا كله ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه لعن على منابر الشرق والغرب ولم يلعن علي على منبرها (يعني سجستان) الامرة وامتنعوا على بني امية حتى زادوا في عهدهم وان لا يلعن على منبرهم احد ولا يصطادوا في بلدهم قنفذ (١) ولا سلحفاة قال : واي شرف اعظم من امتناعهم من لعن اخي رسول الله صلى الله عليه وآله على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة (اتنهى).

ولم تزل هذه السنة السيئة معمولا بها في ايام بني امية في جميع الاقطار والامصار والقرى حيث نفذت أوامرهم واني بلغ ملكهم يوصون بها عمالهم ويجبرون عليها رعاياهم حتى ابطلها امام الهدى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وابدل مكانها من الخطبة قول الله تعالى ان الله يأمر بالعدل ولاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي الآية وفي ذلك يقول كثير بن عبدالرحمن يمدح عمر ويذكر قطعه السب.

وليته فلم تشتم عليا ولم تخف

بريا ولم تقبل اساءة مجرم

وقال الشريف ابو الحسن الرضي رحمه الله يرثي عمر رحمه الله.

دير سمعان لاعدتك الغوادي

خير ميت من آل مروان ميتك

دير سمعان فيك مأوى ابي

حفص فودي لو انني آويتك

يابن عبد العزيز لو بكت

العين فتى من امية لبكيتك

غير اني اقول انك قد طبت

وان لم يطب ولم يزك بيتك

انت نزهتنا عن السب واللعن

فلو امكن الجزاء جزيتك

وعجيب اني قليت بني مر

وان طراوانني ماقليتك

__________________

(١) انما منعوا صيد القنفذ لابن بلادهم كثيرة الافاعي والقنافذ تأكل الافاعي فما من بيت الا وفيه قنفذ.

١٠٧

ولو اني رأيت قبرك لا ستحييت

من ان ارى وما حييتك

ولو اني ملكت دفعا لما نا

لك من طارق الردى لقديتك

(فأنظر) رحمك الله إلى جرأة هؤلاء الظلمة العتاة على الله تعالى وما قدموه لانفسهم من الكبائر والعظائم وما تعرضوا له من الوعيد الشديد من المنتقم الجبار الشديد العقاب على ان كان ما فعلوه من السب والشتم واللعن وان عم وطم وانتشر وتتابع منهم لا ينقص من مقام الامام علي عليه السلام مثقال ذرة ولا تلحقه بذلك غضاضة ولا معرة فان مقداره عند الله وجلالته في قلوب الصالحين من عباده اعظم واجل من ان يهتك حرمتها هذر معاوية واتباعه كما ان ضعة رتب معاوية واتباعه وحقارة شأنهم عند الله وسوء مواقعهم في قلوب المؤمنين المتقين اقل واحقر من ان يرفعها أو يؤثر فيها تعظيم هؤلاء المتعصبين لهم وتسويدهم قدر انملة جف القلم بما هو كائن وكل ميسر لما خلق له.

ربما قيل ان لهؤلاء القوم صلوات وزكوات وشيئا من العبادات أو ما تراها مغنية عنهم شيئا يوم القيمة (قلت) لااخال انه ينفعهم شئ من ذلك ورسوله الله صلى الله عليه وآله يقول من اثناء حديث اخرجه الحاكم وصححه فلو ان رجلا صفن بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله وهو مبغض لاهل بيت محمد دخل النار وصح ايضا انه صلى الله عليه وآله قال : والذي نفسي بيده لا يبغضنا اهل البيت احد الا ادخله الله النار وورد ايضا من اثناء حديث صحيح قوله عليه الصلاة والسلام من آذاني في عترتي فقد اذى الله ان الله حرم الجنة من ظلم اهل بيتي أو قاتلهم أو اعان عليهم أو سبهم واخرج ابن عساكر في الفردوس بغض علي سيئة لا تنفع معها حسنة إلى غير ذلك من الاحاديث الكثيرة فبغض علي وعترته وعداوتهم من موجبات الضلال ومحبطات الاعمال وما احسن ما قاله الناصر العباسي في هذا المعنى اقتباسا

١٠٨

من تلك الاحاديث شعرا.

قسما بمكة والحطيم وزمزم

والراقصات وسعيهن إلى منى

بغض الوصي علامة مكتوبة

كتبت على جبهات اولاد الزنا

من لم يوال من البرية حيدرا

سيان عند الله صلى أو زنى

(وله ايضا).

لو ان عبدا اتى بالصالحات غدا

وود كل بني مرسل وولي

وعاش ما عاش آلافا مؤلفة

خلوا من الذنب معصوما من الزلل

وقام ما قام قواما بلا كسل

وصام ما صام صواما بلا ملل

وطار في الجو لا يأوي إلى قلل

وغاص في البحر لا يخشى من البلل

فليس ذلك يوم البعث ينفعه

الا بحب امير المؤمنين علي

ثم انا نقول بعد هذا كما ان الله جل شأنه شديد العقاب فهو واسع المغفرة لمن تاب ومغفرته لمن لم يتب جائزة عند اهل السنة من باب خرق العوائد فليس لاحد ان يتألى عليه ان شاء تجاوز غنهم ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.

(وهاهنا) اقول ليس ما اشتملت عليه جوانح معاوية من الحقد والحسد والبغضاء لجميع بني هاشم والعدواة لهم بل لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ولاهل بيته بغريب ولا مستنكر فان هذه العداوة قد ورثها من امه وابيه كما ورثها بعد بنيه وذويه وقد قال صلى الله عليه عليه وآله وسلم الود يورث والعداوة تورث.

كان أبو سفيان في الجاهلية اشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه وآله واعظمهم حرصا على اطفاء نور الله وهو ممن انزل الله فيهم قوله تعالى : قاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم (١) ولم يزل ذلك دأبه وديدنه إلى ان ارغم الله انفه

__________________

(١) قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى ان الذين كفروا لن تغنى عنهم

١٠٩

بفتح مكة ودخل في الاسلام مكرها هو وبنوه وزوجته ثم حضر مع المؤلفة غزوة حنين وكانت الازلام في كنانته ولما انهزم المسلمون قال لا تنتهي هزيمتهم دون البحر. والله قد غلبت هوازن فقال له صفوان بفيك الكثكث (اي الحجارة والتراب).

قال ابن عبد البر في الاستيعاب : وقد اختلف في حسن اسلامه (فطائفة) ترى انه لما اسلم حسن اسلامه قال : ونقل عن سعيد بن المسيب (وطائفة) ترى انه كان كهفا للمنافقين منذ اسلم وكان في الجاهلية زنديقا (ثم قال) وفي خبر ابن الزبير انه رآه يوم اليرمومك قال : فكانت الروم إذا ظهرت قال : ابو سفيان ايه بني الاصفر وإذا كشفهم المسلمون قال أبو سفيان.

وبنوا الاصفر الملوك ملوك الر

وم لم يبق منهم مذكور

فحدث به ابن الزبير اباه لما فتح الله على المسلمين فقال الزبير قاتله الله يأبى الا نفاقا اولسنا خيرا له من بني الاصفر.

وذكر ابن المبارك عن مالك بن مغول عن ابي ابجر قال : لما بويع لابي بكر الصديق رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي رضي الله عنه فقال اغلبكم على هذا الامر اقل بيت في قريش اما والله لاملانها خيلا ورجالا ان شئت فقال علي مازلت عدوا للاسلام واهله فما ضر ذلك الاسلام واهله شيئا انا رأينا ابا بكر لها اهلا (وروى) عن الحسن البصري ان ابا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال قد صارت اليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل اوتادها بني امية فأنما هو الملك ولا ادري ماجنة ولا نار فصاح به عثمان قم عني فعل الله بك وفعل (قال) وله اخبار نحو هذا

__________________

اموالهم ولا اولادهم من الله شيئا بعد كلام في من يعني بالذين كفروا فقال وقيل هم مشركوا قريش عامة وقيل بل هم أبو سفيان ورهطة خاصة وجهوه بما نقل من انفاق المال الكثير على المشركين يوم بدر ويدم احد.

١١٠

ردية ذكرها اهل الاخبار لم اذكرها وفي بعضها ما يدل على انه لم يكن اسلامه سالما ولكن حديث سعيد بن المسيب يدل على صحة اسلامه والله اعلم (انتهى).

وذكر أيضا في ترجمة سهيل بن عمرو انه لما ماج أهل مكة عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وارتد من ارتد من العرب قام سهيل بن عمرو خطيبا فقال والله اني لا اعلم ان هذا الدين سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها فلا يغرنكم هذا من انفسكم يعني ابا سفيان فانه ليعلم من هذا الامر ما اعلم ولكنه قد ختم على قلبه حسد بني هاشم (انتهى) ومن هنا تعلم ان اعمال ابي سفيان كلها ناشئة عن ضغائن جاهلية واحقاد اموية واوتار شركيه ولقد صدق من قال : في هذا المعنى.

آل حرب اوقدتمو نار حرب

ليس يخبو لها الزمان وقود

فأبن حرب للمصطفى وابن هند

لعلي وللحسين يزيد

الا ترى ان هذه العداوة الموروثة هي التي الجأت معاوية نفسه إلى ان استأذن عثمان ان يقتل علي بن ابي طالب والزبير وطلحة رضي الله عنهم (فقد) نقل المحدث ابن قتيبة رحمه الله في كتاب الامامة ان عثمان رضي الله عنه حين انكر عليه الناس ما انكروا قال لمعاوية ما ترى فان هؤلاء المهاجرين قد استعجلوا القدر ولا بد لهم مما في انفسهم فقال معاوية الرأي ان تأذن لي في ضرب اعناق هؤلاء القوم قال : من هم قال علي وطلحة والزبير قال : عثمان سبحان الله اقتل اصحاب رسول الله بلا حدث احدثوه ولاذنب ركبوه قال : معاوية فان لم تقتلهم فانهم سيقتلونك قال عثمان لا اكون اول من خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في امته بأهراق الدماء قال : ثم قال معاوية فثانية. قال وما هي قال فرقهم عنك فلا يجتمع منهم اثنان في مصر واحد واضرب عليهم البعوث والندب حتى يكون دبر بعير كل واحد منهم اهم عليه من صلاته قال

١١١

عثمان سبحان الله شيوخ المهاجرين وكبار اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وبقية الشورى اخرجهم من ديارهم وافرق بينهم وبين اهليهم وابنائهم لا افعل هذا (انتهى) ولقد صدق الامام عليه السلام حيث قال : في صفين والله يود معاوية انه ما بقى من بني هاشم نافخ ضرمة الا طعن في بطنه اطفاء لنور الله ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون.

وكما ورث معاوية عداوة بني هاشم عن ابيه فقد ورث النصيب الآخر ايضا عن امه هند بنت عتبة بن ربيعة فقد كانت شديدة العداوة للنبي صلى الله عليه وآله بمكة ولما تجهز مشركوا قريش لغزوة احد خرجت معهم تحرض المشركين على القتال ولما مروا بالابواء حيث قبرت امن النبي صلى الله عليه وآله آمنة بنت وهب رضي الله عنها اشارت على المشركين بنبش قبرها وقالت لو نجثتم قبر ام محمد ـ وفي رواية بحثتم ـ فان اسرمنكم احد فديتم كل انسان بأرب من آرابها أي جزء من اجزائها فقال بعض قريش لا يفتح هذا الباب ولما التقى الناس بأحد قامت هند والنسوة اللاتي معها واخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويقلن.

ويها بني عبدالدار * ويها حماة الادبار * ضربا بكل بتار

قال ابو دجانة الانصاري سمعت انسانا يحمس الناس حمسا شديدا يوم احد فعمدت إليه فلما حملت عليه بالسيف ولول فعلمت انه امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ان اضرب به امرأة.

ولما انتهت الواقعة في احد بقرت هند بطن سيدنا حمزة رضي الله عنه واخرجت كبده فلاكتها فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها ولما بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وآله انها اخرجت كبد حمزة قال هل اكلت منها شيئا قالوا لا قال ان الله قدحرم على النار ان تذوق من لحم حمزة شيئا ابدا.

وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه يهجوها وزوجها على مسمع من

١١٢

النبي صلى الله عليه وآله ومشهد من اصحابه رضي الله عنهم ويقذفها بما اتهمت به من الزنا ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله شيئا مما هجاهما به فمن ذلك قوله شعرا يذكر فيه خروجها إلى احد قال :

اشرت لكاع وكان عادتها

لؤم إذا اشرت مع الكفر

لعن الآله وزوجها معها

هند الهنود طويلة البظر

اقبلت ثائرة مبادرة

بأبيك وابنك يوم ذي بدر

وبعمك المسلوب بزته

واخيك منعفرين في الجفر

ونسيت فاحشة اتيت بها

يا هند ويحك سبة الدهر

فرجعت صاغرة بلا ترة

مما ظفرت به ولا وتر

زعم الولائد انها ولدت

ابنا صغيرا كان من عهر (١)

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتلها يوم الفتح لما فعلت بحمزة ولما كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة فجاءت إليه مع النساء متخفية واسلمت.

__________________

(١) قال أبو الفرج الاصفهاني رحمه الله في كتاب الاغاني اخبرني احمد بن عبيدالله بن عمار قال : حدثني عمر بن محمد بن عبدالملك الزيات قال : حدثني ابن ابي سلمة بن هشام قال : ابن عمار وقد حدثناه ابن ابي سعد عن علي بن الصباح عن هشام قال : ابن عمار وحدثنيه علي بن محمد بن سليمان النوفلي عن أبيه دخل حديث بعضهم في بعض : ان مسافر بن ابي عمرو بن امية كان من فتيان قريش جمالا وشعرا وسخاء قالوا فعشق هندا بنت عتبة بن ربيعة وعشقته فأتهم بها وحملت منه قال : بعض الرواة فقال معروف بن خربوذ فلما بأن حملها أو كاد قالت له اخرج فخرج حتى أتي الحيرة فأتي عمرو بن هند فكان ينادمه واقبل أبو سفيان بن حرب إلى الحيرة في بعض ما كان يأتيها فلقى مسافرا فسأله عن حال قريش والناس فأخبره وقال له : فيما يقول وتزوجت هندا بنت عتبة فدخله من ذلك ما اعتل معه حتى استسقى بطنه قال ابن خربوذ فقال مسافر في ذلك.

الا ان هندا أصبحت منك محرما

واصبحت من ادنى حموتها حما

واصبحت كالمقمور جفن سلاحه

يقلب بالكفين قوسا واسهما

قال وخرج يريد مكة فمات بموضع يقال له هبالة ودفن بها (انتهى).

١١٣

(نعم) اقول ان معاوية وعمرا وزيادا ومروان امثالهم من السابين اللاعنين لعلي عليه السلام على المنابر يعلمون ويعتقدون ان عليا افضل اهل زمانه واحبهم إلى الله واحقهم بالامر والخلافة ولكنهم يخالفون ذلك فعلا حرصا على الرياسة ورفعا لراية البغي والفساد في الارض على انهم قد يقرون بذلك في مطاوي كلامهم واحتجاج بعضهم على بعض (الا ترى) ان عمرا كيف انشاء تلك الابيات في فضل علي وشأنه في حضرة معاوية ليأخذ عليها بدرة من المال (فقد ذكر) الهمداني رحمه الله في كتاب الاكليل المشهور قال : روي ان معاوية بن ابي سفيان قال : يوما لجلسائه من قال في علي ما فيه فله هذه البدرة فقال كل منهم كلاما غير موافق من شتم امير المؤمنين عليه السلام الا عمرو بن العاص فأنه قال : ابياتا اعتقدها وخالفها بفعاله.

بآل محمد عرف الصواب

وفي ابياتهم نزل الكتاب

وهم حجج الاله على البرايا

بهم وبجدهم لا يستراب

ولاسيما ابو حسن علي

له في المجد مرتبة تهاب

إذا طلبت صوارمه نفوسا

فليس لها سوى نعم جواب

طعام حسامه مهج الاعادي

وفيض دم الرقاب لها شراب

وضربته كبيعته بخم

معاقدها من الناس الرقاب

إذا لم تبر من أعدا علي

فمالك في محبته ثواب

هو البكاء في المحراب ليلا

هو الضحاك ان آن الضراب

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الجواب

فأعطاه معاوية البدرة وحرم الآخرين (قلت) هذا كلام عمرو ـ والفضل ما شهدت به الاعداء.

(وقد) اخرج الدارقطني عن مروان بن الحكم انه قال : ما كان احد ادفع عن عثمان من علي فقيل له مالكم تسبونه على المنابر قال : انه لا يستقيم

١١٤

لنا الامر الا بذلك (انتهى) وستري في مواضع متفرقة من هذه الرسالة مما مربك وما يأتي كثيرا من فلتات السنتهم من الثناء على علي عليه السلام والاعتراف بفضله ولكن ابت عليهم اطماعهم واغراضهم الا تماديا في الغي وتوغلا في الضلال.

(واني) والله لا اعجب من معاوية واشياعه في تعنتهم وتوغلهم في المهالك بسبهم عليا واهل بيته لانهم فئة غلف القلوب قد حق عليهم ما حق وغلب عليهم حب المال والجاه للذين لا ينالو نهما الا بأقتراف تلك المآتم وتنفير الناس عن اهل البيت الطاهر عليهم السلام فباعوا دينهم بدنيا واسعة وجاه عريض وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة في الآخرة الامتاع ولكني اعجب من قوم لا يزالون إلى الآن يتولونهم ويناصرونهم ويعتذرون عن قبائحهم ومساويهم بالمعاذير المردودة وينكرون وقوع ما لم يقدروا على الاعتذار عنه من منكراتهم ولم يبق لهم من ذلك المال العريض نقير ولا فتيل ومع ذلك يدعون وينتحلون ويتظاهرون بحب النبي صلى الله عليه وآله واهل بيته وربما اعتقدوا انهم من اخص الناس بهم واكثرهم اتباعا لهم وسلوكا لطريقتهم. هذه والله هي التجارة البائرة والصفقة الخاسرة.

تود عدوي ثم تزعم انني

صديقك ليس النوك عنك بعازب

ومن الحكم المأثورة عن الامام علي عليه السلام : اصدقاؤك ثلاثة واعداؤك ثلاثة فأصدقاؤك صديقك وصديق صديقك وعدو وعدوك واعداؤك عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك (ونقل) عنه كرم الله وجهه انه قال : لا يجتمع حبي وحب معاوية في قلب مؤمن أبدا (وأخرج) ابن ماجة عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : من أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عبداذهب آخرته بدنيا غيره (وسئل) ابو حازم رحمه الله اي المؤمنين اخسر قال : رجل اخطأ في هوى غير فباع اخرته

١١٥

بدنيا غيره. فهل للمغرورين المقلدين ان يرجعوا إلى الحق وينصروه فانه خير لهم من الاصرار على الباطل وأولى بهم من المكابرة فان تولوا فأعلم انما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم.

(قلت) ان مما يفضي بالمؤمن إلى العجب ويذهب بالحكيم إلى الاستغراب هو محاولة معاوية وتطلبه من المؤمنين عامة ان يلعنوا ويسبوا عليا عليه السلام وبلوغه الجهد الجهيد في ذلك على علمه ان الله سبحانه وتعالى انما شرع له الاستغفار والحب من المؤمنين عامة حيث يقول جل وعلا : «والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان» وعلي عليه السلام اول السابقين إلى الايمان فالاستغفار له من عموم المؤمنين هو اللازم كما في القرآن لا السب واللعن كما يرغب ابن ابي سفيان.

على انه قد ضل بهذه البدعة الشنيعة التي انبتها معاوية بل انبت بها النفاق في القلوب خلق كثير واصيب بدائهاجم غفير فصارت منكرا مألوفا وعادة معتادة حتى ان عمر بن عبد العزيز رحمه الله نودي من جوانب المسجد يوم تركها من الخطبة السنة السنة يا امير المؤمنين تركت السنة وحتى اجمع اهل حمص في زمن ما على ان الجمعة لا تصح بغير لعن ابي تراب عليه السلام ولم يكن هذا الدعاء العضال والمنكر المألوف والسنة السيئة الذي اسسه ذلك الطاغية واتبعه فيه فراعنة بني امية مقصورا على ذوي الشوكة وعامة الناس فقط بل سرى سمه إلى كثير ممن يترسم بالعلم والدين وجرهم إلى الانحراف عن علي واهل بيته عليهم السلام ومن تظاهر بشئ من ذلك الانحراف قيل فيه انه صاحب سنة ومن أعل حديثا من احاديث فضلهم أو راويا من رواته أو دعى ولو بلا بينة ضعف الحديث أو وضعه قيل انه من انصر الناس للسنة.

لقد رابني من عامر ان عامرا

بعين الرضى يرنوالى من جفانيا

١١٦

وربما عكس ذلك فيمن ادته قوة ايمانه إلى التصريح ببعض ما علمه مما جاء في فضائل اهل البيت الطاهر عليهم السلام أو مثالب اعدائهم فقد عوقب كثير منهم على ذلك العمل المحمود وجرح كثير من رواة الحديث بتشيعه فقط مع الاقرار بماله من باقي الفضائل (الا ترى) ان من رواة الصحيح غير الذي عدوهم من الصحابة واصطلحوا على تعديلهم مروان بن الحكم القائل للحسن بن علي انكم اهل بيت ملعونون ، وعمران بن حطان الخارجي القائل الابيات المشهورة يثنى بها على اشقى الآخرين ابن ملجم. يثلب الامام علي بن ابي طالب ، وحريز بن عثمان الرحبي الذي نقل عنه صاحب التهذيب انه كان ينتقص عليا وينال منه وقال اسمعيل بن عياش عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه وقال : ايضا سمعت حريز بن عثمان يقول هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : لعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى حق ولكن اخطأ السامع قلت فما هو قال : انما هو انت مني بمنزلة قارون من موسى وذكر الازدي ان حريز بن عثمان روى ان النبي صلى الله عليه وآله لما أراد ان يركب جاء علي بن ابي طالب فحل حزام البغلة ليقع النبي صلى الله عليه وآله وقيل ليحيى بن صالح لم لا تكتب عن حريز فقال كيف اكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين مرة وقال : ابن حبان كان يلعن عليا بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة فقيل له في ذلك فقال هو القاطع رؤوس آبائي وامثال هؤلاء الرواة كثيرون ولكن هؤلاء الثلاثة مروان وعمران وحريز عنوان ومثال لانهم من رواة صحيح البخاري الذي قالوا عنه انه اصح كتب الحديث وقال : الذهبي في ترجمة المصعبي انه انصر أهل زمانه للسنة وانه وانه ثم قال : ولكنه يضع الحديث وقال في ترجمة الجوزجاني انه من الحفاظ الثقات وكان يتحامل على علي وفيه انحراف فيه.

١١٧

أفهؤلاء من الثقات الذين يحتج بهم في دين الله؟! لا والله ثم لا والله.

ثم انظر ضد هذا مع من يميل إلى علي عليه السلام واهل بيته فأنهم مع مالهم من الفضل نبزوا بالتشيع كأنه كبيرة من الكبائر وأوذوا بذلك وجرحت عدالتهم فقد علمت ما جرى للامام النسائي رحمه الله حيث جمع خصائص الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه فأنه طولب في جامع دمشق ان يكتب مثلها في معاوية فقال لا اعرف فيه الا قول النبي صلى الله عليه وآله لااشبع الله بطنه فضرب بالنعال وعصرت خصيتاه ثم مات شهيدا رحمه الله (وقال) الذهبي في ترجمة السقا الواسطي بارك الله في سنه وعلمه واتفق انه املي حديث الطير فلم تحتمله عقولهم فوثبو به واقاموه وغسلوا موضعه فمضى ولزم بيته ولم يحدث احدا من الواسطيين (وذكر) أيضا في ترجمة الحافظ ابن عقدة انه مقت لتشيعه (وقال) ضرب الحجاج ابن ابي ليلى ليسب عليا (وقال) في ترجمة يحيى بن كثير انه امتحن وضرب وحلق لانه كان ينتقص بني امية (وذكر) أبو الفرج في خبر خندف ابن بدر الاسدي انه وقف بالموسم فقال ـ كما روى عمر بن شبة عنه في خبره ـ ايها الناس انكم على غير حق قد تركتم اهل بيت نبيكم والحق لهم وهم الائمة ولم يقل انه سب أحدا فوثب عليه الناس فضربوه ورموه حتى قتلوه (انتهى) (وقال الذهبي) ان عباد بن العوام كان يتشيع فحبسه الرشيد زمانا (ولقد) صدق الشاعر حيث قال :

ان اليهود بحبها لنبيها

امنت مغرة دهرها الخوان

وذو والصليب بحب عيسى اصبحوا

يمشون زهوا في قرى نجران

والمؤمنون بحب آل محمد

يرمون في الآفاق بالنيران

(واكبر) من هذا كله جرح بعضهم الامام جعفر الصادق على آبائه وعليه افضل الصلاة والسلام وتسورهم على سمي مقامه.

١١٨

ارادت عرارا بالهوان ومن يرد

عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم

واليك بعض ما ذكروا عنه قال في تهذيب التهذيب قال ابن المديني سئل يحيى ابن سعيد القطان عن جعفر الصادق فقال في نفسي منه شئ ومجالد احب الي منه قال سعيد بن ابي مريم قيل لابي بكر بن عياش مالك لم تسمع من جعفر وقد ادركته قال سألته عما يحدث به من الاحاديث اشئ سمعته قال لا ولكنها رواية رويناها عن آبائنا وقال ابن سعد كان جعفر كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف سئل مرة هل سمعت هذه الاحاديث عن ابيك قال نعم وسئل مرة فقال انما وجدتها في كتبه قال الحافظ بن حجر يحتمل ان يكون السؤالان وقعا عن احاديث مختلفة فذكر فيما سمعه انه سمعه وفيما لم يسمعه انه وجده وهذا يدل على تثبته (انتهى).

(قلت) احتج الستة في صحاحهم بجعفر الصادق الا البخاري فكأنه اغتر بما بلغه عن ابن سعد وابن عياش وابن القطان في حقه على انه احتج بمن قدمنا ذكرهم وهنا يتحير العاقل ولا يدري بماذا يعتذر عن البخاري رحمه الله وقد قيل في هذا المعنى شعرا.

قضية اشبه بالمرزئة

هذا البخاري امام الفئة

بالصادق الصديق ما احج في

صحيحه واحتج بالمرجئة

ومثل عمران ابن حطان أو

مروان وابن المرأة المخطئة

مشكلة ذات عوار إلى

حيرة ارباب النهى ملجئه

وحق بيت يممته الورى

مغدة في السير أو مبطئه

ان الامام الصادق المجتبى

بفضله الآي اتت منبئه

اجل من في عصره رتبة

لم يقترف في عمره سيئه

قلامة من ظفرا بهامه

تعادل من مثل البخاري مئة

وقد انجربنا الكلام وطال ولكنه يعلم منه ما اصاب اهل البيب النبوي

١١٩

وشيعتهم بما اساسه واصله معاوية الطاغية وما بثه ونشره وايده بقوة السيف من سب علي واهل بيته وانتقاصهم ووبال ذلك كله عائد عليه في الآخرة يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه ابدا بعيدا.

جاء في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبدالله : من سن في الاسلام سنة حسنة كان له اجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (واخرج) ابن ماجة عن انس وصححه ايما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فان عليه مثل اوزار من تبعه ولا ينقص من اوزارهم شيئا وايماداع دعا إلى الهدى فاتبع فان له مثل اجور من اتبعه ولا ينقص من اجورهم شيئا.

ومن بوائقه العظيمة استخفافه بمقام النبي صلى الله عليه وآله وباحكامه وبوصاياه باهل بيته وانصاره (وسنذكر) لك طرفا من محدثاته يدلك على انه غير مبال باحكام الله ولا بشريعته وان كانت كل احواله دالة على ذلك ولولا وجود من ينكر ذلك لا ستهتر فيه وخلع العذار.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية في كتاب الصارم المسلول في كفر شاتم الرسول روى ابن وهب قال اخبرني سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد اخي سفيان بن سعيد الثوري عن ابيه عن عباية قال ذكر قتل ابن الاشرف عند معاوية فقال بنيامين النضري كان قتله غدرا فقال محمد بن مسلمة الانصاري ايغدر عندك يا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لا تنكروا الله لا يظلني واياك سقف بيت ابدا ولا يخلوا لي دم هذا الا قتلته (انتهى) (وروى) مالك رحمه الله في الموطاعن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار ان معاوية ابن ابي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق باكثر من وزنها فقال له ابو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ينهى عن مثل هذا الا مثلا بمثل

١٢٠