حديث المنزلة

السيّد علي الحسيني الميلاني

حديث المنزلة

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-256-3
الصفحات: ٨٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

دليل الكتاب :

مقدّمة المركز................................................................. ٥

تمهيد........................................................................ ٧

رواة حديث المنزلة............................................................. ٩

نصّ حديث المنزلة وتصحيحه................................................. ١٧

دلالات حديث المنزلة........................................................ ٢٩

المنزلة الأولى : النبوّة......................................................... ٢٩

المنزلة الثانية : الوزارة........................................................ ٣٠

المنزلة الثالثة : الخلافة........................................................ ٣٠

المنزلة الرابعة : القرابة القريبة................................................. ٣٠

ومن منازل هارون........................................................... ٣٧

من دلالات حديث المنزلة العصمة............................................. ٣٨

من خصائص هارون ومنازله.................................................. ٣٩

دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام............................... ٤٣

محاولات القوم في ردّ حديث المنزلة............................................ ٤٩

أوّلاً : المناقشات العلمية...................................................... ٤٩

المناقشة الأولى :............................................................. ٤٩

٣

المناقشة الثانية :............................................................. ٥٠

المناقشة الثالثة :............................................................. ٥٠

الجواب عن المناقشة الأولى :.................................................. ٥٠

الجواب عن المناقشة الثانية :.................................................. ٥٦

مع ابن تيمية................................................................ ٥٦

مع الأعور الواسطي.......................................................... ٦٠

الجواب عن المناقشة الثالثة :.................................................. ٦٢

مواطن ورود حديث المنزلة................................................... ٦٣

المورد الأول : قصة المؤاخاة................................................... ٦٣

المورد الثاني : في حديث الدار ويوم الإنذار..................................... ٦٤

المورد الثالث : في خطبة غدير خم............................................ ٦٥

المورد الرابع : في قضية سد الأبواب........................................... ٦٥

المورد الخامس :............................................................. ٦٥

المورد السادس : في قضية ابنة حمزة سيّد الشهداء............................... ٦٥

المورد السابع : في حديث عن جابر............................................ ٦٦

المورد الثامن :............................................................... ٦٧

خلاصة دلالة حديث المنزلة على الخلافة....................................... ٦٧

قصة أروى مع معاوية........................................................ ٧٠

ثانياً : المناقشات غير العلميّة.................................................. ٧٣

خاتمة المطاف................................................................ ٧٩

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز :

لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والإفهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

٥

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.

وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسّون

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

موضوع بحثنا الليلة حديث المنزلة ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمير المؤمنين عليه‌السلام : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى » ، وقوله في بعض الألفاظ : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، أو « علي منّي بمنزلة هارون من موسى ».

يمتاز هذا الحديث عن كثير من الأحاديث في أنّه حديث أخرجه البخاري ومسلم أيضاً ، إلى جنب سائر المحدّثين الذين أخرجوا هذا الحديث الشريف ، وهو حديث اتّفق عليه الشيخان باصطلاحهم.

٧

ومن جهة أُخرى يستدلّ بهذا الحديث على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من جهات عديدة ، لوجود دلالات متعدّدة في هذا الحديث.

لذلك اهتمّ بهذا الحديث علماؤنا منذ قديم الأيام ، كما اهتمّ به الآخرون أيضاً في مجال رواية هذا الحديث بأسانيدهم ، وفي مجال الجواب عن هذا الحديث بطرقهم المختلفة.

٨

رواة حديث المنزلة

قبل كلّ شيء نذكر أسامي عدة من الصحابة الرواة لهذا الحديث ، وأسماء أشهر مشاهير الرواة له ، من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين في القرون المختلفة.

على رأس الرواة لهذا الحديث من الصحابة :

١ ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ويرويه أيضاً :

٢ ـ عبدالله بن العباس.

٣ ـ جابر بن عبدالله الأنصاري.

٤ ـ عبدالله بن مسعود.

٥ ـ سعد بن أبي وقّاص.

٦ ـ عمر بن الخطّاب.

٧ ـ أبو سعيد الخدري.

٩

٨ ـ البراء بن عازب.

٩ ـ جابر بن سمرة.

١٠ ـ أبو هريرة.

١١ ـ مالك بن الحويرث.

١٢ ـ زيد بن أرقم.

١٣ ـ أبو رافع.

١٤ ـ حذيفة بن أسيد.

١٥ ـ أنس بن مالك.

١٦ ـ عبدالله بن أبي أوفى.

١٧ ـ أبو أيّوب الأنصاري.

١٨ ـ عقيل بن أبي طالب.

١٩ ـ حُبشي بن جنادة.

٢٠ ـ معاوية بن أبي سفيان.

ومن جملة رواة هذا الحديث من الصحابيات :

١ ـ أُم سلمة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها.

٢ ـ أسماء بنت عميس.

رواة هذا الحديث من الصحابة أكثر من ثلاثين ، وربّما يبلغون الأربعين رجل وامرأة.

١٠

يقول ابن عبد البر في الإستيعاب عن هذا الحديث : هو من أثبت الأخبار وأصحّها.

قال : وطرق حديث سعد بن أبي وقاص كثيرة جدّاً.

فذكر عدّة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث ، ثمّ قال : وجماعة يطول ذكرهم (١).

وهكذا ترون المزي يقول بترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام في تهذيب الكمال (٢).

وذكر الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق كثيراً من طرق هذا الحديث وأسانيده من عشرين من الصحابة تقريباً (٣).

ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري بعد أن يذكر أسامي عدّة من الصحابة ، ويروي نصوص روايات جمع منهم يقول : وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي (٤).

فهذا الحديث مضافاً إلى أنّه متواتر عند أصحابنا من الإمامية ،

__________________

(١) الإستيعاب ٣ / ١٠٩٧ ـ دار الجيل ـ بيروت ـ ١٤١٢ ه‍.

(٢) تهذيب الكمال ٢ / ٤٨٣ ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤١٣ ه‍.

(٣) انظر ترجمة الإمام علي ٧ ١ / ٣٠٦ ـ ٣٩٣.

(٤) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

١١

من الأحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنّة ، بل هو من الأحاديث المتواترة عندهم كذلك.

يقول الحاكم النيسابوري : هذا حديث دخل في حدّ التواتر (١).

كما أنّ الحافظ السيوطي أورد هذا الحديث في كتابه الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة (٢) ، وتبعه الشيخ علي المتقي في كتابه قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة.

وممّن اعترف بتواتر هذا الحديث شاه ولي الله الدهلوي محدّث الهند في كتابه إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء.

ولنذكر أسماء عدة من أشهر مشاهير القوم الرواة لهذا الحديث في القرون المختلفة ، منهم :

١ ـ محمّد بن إسحاق ، صاحب السيرة.

٢ ـ سليمان بن داود الطيالسي أبو داود الطيالسي ، في مسنده.

٣ ـ محمّد بن سعد ، صاحب الطبقات.

٤ ـ أبو بكر ابن أبي شيبة ، صاحب المصنف.

٥ ـ أحمد بن حنبل ، صاحب المسند.

٦ ـ البخاري ، في صحيحه.

__________________

(١) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للحافظ الكنجي : ٢٨٣.

(٢) الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة : حرف الألف.

١٢

٧ ـ مسلم ، في صحيحه.

٨ ـ ابن ماجة ، في صحيحه.

٩ ـ أبو حاتم بن حبّان ، في صحيحه.

١٠ ـ الترمذي ، في صحيحه.

١١ ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل ، هذا الإمام الكبير الذي ربّما يقدّمه بعضهم على والده ، يروي هذا الحديث في زيادات مسند أحمد وزيادات مناقب أحمد.

١٢ ـ أبو بكر البزّار ، صاحب المسند.

١٣ ـ النسائي ، صاحب الصحيح.

١٤ ـ أبو يعلى الموصلي ، صاحب المسند.

١٥ ـ محمّد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير.

١٦ ـ أبو عوانة ، صاحب الصحيح.

١٧ ـ أبو الشيخ الإصفهاني ، صاحب طبقات المحدثين.

١٨ ـ أبو القاسم الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة.

١٩ ـ أبو عبدالله الحاكم النيسابوري ، صاحب المستدرك على الصحيحين.

٢٠ ـ أبو بكر الشيرازي ، صاحب كتاب الألقاب.

٢١ ـ أبو بكر بن مردويه الإصفهاني ، صاحب التفسير.

١٣

٢٢ ـ أبو نعيم الإصفهاني ، صاحب حلية الأولياء.

٢٣ ـ أبو القاسم التنوخي ، له كتاب في طرق أحاديث المنزلة.

٢٤ ـ أبو بكر الخطيب ، صاحب تاريخ بغداد.

٢٥ ـ ابن عبد البر ، صاحب الإستيعاب.

٢٦ ـ البغوي ، الملقّب عندهم بمحي السنّة ، صاحب مصابيح السنّة.

٢٧ ـ رزين العبدري ، صاحب الجمع بين الصّحاح.

٢٨ ـ ابن عساكر ، صاحب تاريخ دمشق.

٢٩ ـ الفخر الرازي ، صاحب التفسير الكبير.

٣٠ ـ ابن الأثير الجزري ، صاحب جامع الاُصول.

٣١ ـ أخوه ابن الأثير ، صاحب أُسد الغابة.

٣٢ ـ ابن النجّار البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد.

٣٣ ـ النووي ، صاحب شرح صحيح مسلم.

٣٤ ـ أبو العباس محب الدين الطبري ، صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة.

٣٥ ـ ابن سيّد الناس ، في سيرته.

٣٦ ـ ابن قيّم الجوزية ، في سيرته.

٣٧ ـ اليافعي ، صاحب مرآة الجنان.

١٤

٣٨ ـ ابن كثير الدمشقي ، صاحب التاريخ والتفسير.

٣٩ ـ الخطيب التبريزي ، صاحب مشكاة المصابيح.

٤٠ ـ جمال الدين المزّي ، صاحب تهذيب الكمال.

٤١ ـ ابن الشحنة ، صاحب التاريخ المعروف.

٤٢ ـ زين الدين العراقي المحدّث المعروف ، صاحب المؤلفات ، صاحب الألفية في علوم الحديث.

٤٣ ـ ابن حجر العسقلاني ، صاحب المؤلفات.

٤٤ ـ السيوطي ، صاحب المؤلفات كالدر المنثور وغيره.

٤٥ ـ الدياربكري ، صاحب تاريخ الخميس.

٤٦ ـ ابن حجر المكّي ، صاحب الصواعق المحرقة.

٤٧ ـ المتقي الهندي ، صاحب كنز العمّال.

٤٨ ـ المناوي ، صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير.

٤٩ ـ ولي الله الدهلوي ، صاحب المؤلفات ككتاب حجة الله البالغة وإزالة الخفاء.

٥٠ ـ أحمد زيني دحلان ، صاحب السيرة الدحلانيّة.

وغير هؤلاء من المحدّثين والمؤرّخين والمفسّرين من مختلف القرون والطبقات.

١٥
١٦

نصّ حديث المنزلة وتصحيحه

أمّا نصّ الحديث في صحيح البخاري : حدّثنا محمّد بن بشّار ، حدّثنا غندر ، حدّثنا شعبة ، عن سعد قال : سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه [ أي سعد بن أبي وقّاص ] قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي : « أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى » (١).

قال : وحدّثنا مسدّد ، حدّثنا يحيى ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب ـ مصعب بن سعد بن أبي وقّاص ـ عن أبيه : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج إلى تبوك فاستخلف عليّاً فقال : أتكلّفني بالصبيان والنساء ؟ قال : « ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبي » (٢).

وأمّا لفظ مسلم ، فإنّه يروي هذا الحديث بأسانيد عديدة لا

__________________

(١) صحيح البخاري ٥ / ٢٤ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

(٢) صحيح البخاري ٦ / ٣.

١٧

بسندٍ وسندين :

منها : ما يرويه بسنده عن سعيد بن المسيّب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ».

قال سعيد : فأحببت أنْ أُشافه بها سعداً ، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدّثني به عامر فقال : أنا سمعته ، قلت : أنت سمعته ؟ قال : فوضع إصبعيه على أُذنيه فقال : نعم ، وإلاّ أُستكّتا (١).

في هذا الحديث ، وفي هذا اللفظ نكت يجب الإلتفات إليها.

وبسند آخر في صحيح مسلم : عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أنْ تسبّ أبا التراب ؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله فلن أسبّه ... فذكر الخصال الثلاث ومنها حديث المنزلة (٢).

فهذا حديث المنزلة في الصحيحين ، وأنتم تعلمون بأنّ المشهور بينهم قطعيّة أحاديث الصحيحين ، فجمهورهم على أنّ جميع أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور ، ولا مجال للبحث عن

__________________

(١) صحيح مسلم ٤ / ١٨٧٠ رقم ٢٤٠٤ ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ١٣٩٨ ه‍.

(٢) صحيح مسلم ٤ / ١٨٧١ رقم

١٨

أسانيد شيء من تلك الأحاديث ، وللتأكّد من ذلك يمكنكم الرجوع إلى كتبهم في علوم الحديث ، فراجعوا مثلاً كتاب تدريب الراوي في شرح تقريب النوّاوي للحافظ السيوطي ، وبإمكانكم الرجوع إلى شروح ألفيّة الحديث كشرح ابن كثير وشرح زين الدين العراقي وغير ذلك ، وحتّى لو راجعتم كتاب علوم الحديث لأبي الصلاح لرأيتم هذا المعنى ، ويزيد شاه ولي الله الدهلوي في كتاب حجة الله البالغة ، وهو كتاب معتبر عندهم ويعتمدون عليه ، يزيد الأمر تأكيداً عندما يقول ـ وبعد أنْ يؤكّد على وقوع الإتفاق على هذا المعنى ـ يقول : اتفقوا على أنّ كلّ من يهوّن أمرهما [ أي أمر الصحيحين ] فهو مبتدعٌ متبع غير سبيل المؤمنين.

فظهر أنّ من يناقش في سند حديث المنزلة بحكم هذا الكلام الذي ادّعى عليه الإتفاق شاه ولي الله الدهلوي ، كلّ من يناقش في سند حديث المنزلة فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين.

وعندما تراجعون كتب الرجال ، هناك اتفاق بينهم على قبول من أخرج له الشيخان ، حتّى أنّ بعضهم قال : من أخرجا له فقد جاز القنطرة. بهذه العبارة !

ومن هنا نراهم متى ما أعيتهم السبل في ردّ حديث يتمسّك به الإمامية على إثبات حقّهم أو على إبطال باطل ، عندما أعيتهم

١٩

السبل عن الجواب يتذرّعون بعدم إخراج الشيخين لهذا الحديث ، ويتّخذون عدم إخراجهما للحديث ذريعة للطعن في ذلك الحديث الذي ليس في صالحهم.

أذكر لكم مثالاً واحداً ، وهو حديث : « ستفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة » ، هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين ، لكنّه موجود في السنن الأربعة ، يقول ابن تيميّة في مقام الردّ على هذا الحديث (١) : الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد أورده أهل السنن ورووه في المسانيد كالامام أحمد وغيره. ومع ذلك لا يوافق على هذا الحديث متذرّعاً بعدم وجوده في الصحيحين.

إلاّ أنّ الملفت للنظر لكلّ باحث منصف ، أنّهم في نفس الوقت الذي يؤكّدون على قطعيّة صدور أحاديث الصحيحين ، ويتخذون إخراج الشيخين للحديث أو عدم إخراجهما للحديث دليلاً وذريعة ووسيلة لردّ حديث أو قبوله ، في نفس الوقت إذا رأوا في الصحيحين حديثاً في صالح الإمامية يخطّئونه ويردّونه وبكلّ جرأة.

__________________

(١) منهاج السنة ٣ / ٤٥٦.

٢٠