مختصر بصائر الدّرجات

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر بصائر الدّرجات

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٨

وبالحق انزلناه وبالحق نزل فعليه وبه بعث انبياءه ورسله ونبيه محمدا صلى الله عليه واله فأصل الدين معرفة الرسل وولايتهم وان الله عزوجل احل حلالا وحرم حراما فجعل حلاله حلالا إلى يوم القيامة وجعل حرامه حراما إلى يوم القيامة فمعرفه الرسل وولايتهم وطاعتهم هي الحلال فالمحلل ما حللوا والمحرم ما حرموا وهم اصله ومنهم الفروع الحلال فمن فروعهم امرهم شيعتهم واهل ولايتهم بالحلال من اقامة الصلوة وايتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والعمرة وتعظيم حرمات الله عزوجل وشعايره ومشاعره وتعظيم البيت الحرام والشهر الحرام والطهر والاغتسال من الجنابة ومكارم الاخلاق ومحاسنها وجميع البر وذكر الله ذلك في كتابه فقال ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون فعدوهم هم الحرام المحرم واوليائهم الداخلون في امرهم إلى يوم القيامة وهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن والخمر والميسر والربا والزنا والميتة والدم ولحم الخنزير فهم الحرام المحرم واصل كل حرام وهم الشر واصل كل شر ومنهم فروع الشر كله ومن تلك الفروع استحلالهم الحرام واتيانهم اياها ومن فروعهم تكذيب الانبياء عليهم السلام وجحود الاوصياء عليهم السلام وركوب الفواحش من الزنا والسرقة وشرب الخمر والمسكر واكل مال اليتيم واكل الربا والخديعة والخيانة وركوب المحارم كلها وانتهاك المعاصي وانما امر الله تعالى بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى يعني مودة ذوي القربى وابتغاء طاعتهم وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى وهم اعداء الانبياء عليهم السلام واوصياء الانبياء عليهم السلام وهم المنهى عنهم وعن مودتهم وطاعتهم يعظكم بهذا لعلكم تذكرون.

واخبرك انى لو قلت لك ان الفاحشة والخمر والزنا والميتة والدم ولحم الخنزير هو رجل وانا اعلم ان الله عزوجل قد حرم هذا الاصل وحرم فروعه ونهى عنه وجعل ولايته كمن عبد من دون الله وثنا وشركاء

٨١

ومن دعا إلى عبادة نفسه كفرعون إذ قال انا ربكم الاعلى فهذا كله على وجه ان شئت قلت هو رجل وهو إلى جهنم وكل من شايعه على ذلك فانهم مثل قوم الله عزوجل انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير لصدقت قم اني لو قلت انه فلان وهو ذلك كله لصدقت ان فلانا هو المعبود من دون الله والمتعدي لحدود الله التي؟؟ عنها ان تتعدى.

ثم اخبرك ان اصل الدين هو رجل وذلك الرجل هو اليقين وهو الايمان وهو امام اهل زمانه فمن عرفه عرف الله ودينه ومن انكره انكر الله ودينه ومن جهله جهل الله ودينه ولا يعرف الله ودينه وشرايعه بغير ذلك الامام كذلك جرى بان معرفة الرجال دين الله عزوجل والمعرفة على وجهين معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله فهذه المعرفة الباطنة الثابتة بعينها الموجب حقها المستوجب عليها الشكر لله الذي من عليكم بها منا من الله يمن به على من يشاء من عباده مع المعرفة الظاهرة ومعرفة في الظاهر فاهل المعرفة في الظاهر الذين علموا امرنا بالحق على غير علم به لا يحلق باهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم ولا يصلون بتلك المعرفة المقصرة إلى حق معرفة الله كما قال في كتابه ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليه قلبه ولا يبصر ما يتكلم به لم يثبه الله عليه ثواب من عقد عليه قلبه على بصيرة فيه وكذلك من تكلم بجور لا يعقد عليه قلبه لا يعاقب عليه عقوبة من عقد قلبه وثبت عليه على بصيرة وقد عرفت كيف كان حال رجال اهل المعرفة في الظاهر والاقرار بالحق على غير علم في قديم الدهر وحديثه إلى ان انتهى الامر إلى نبي الله صلى الله عليه واله وبعده إلى من صاروا والى ما انتهت به معرفتهم وانما عرفوا بمعرفة اعمالهم ودينهم الذي دانوا به الله عزوجل المحسن باحسانه والمسئ باساءته وقد يقال انه من دخل في هذا الامر بغير يقين ولا بصيرة خرج منه كما دخل فيه رزقنا الله واياك معرفة ثابتة على بصيرة.

٨٢

واخبرك اني لو قلت ان الصلوة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج والعمرة والمسجد الحرام والبيت الحرام والمشعر الحرام والطهر والاغتسال من الجنابة وكل فريضة كان ذلك هو النبي (ص) الذي جاء به من عند ربه لصدقت لان ذلك كله انما يعرف بالنبي (ص) ولولا معرفة ذلك النبي (ص) والاقرار به والتسليم له ما عرفت ذلك فذلك من الله عزوجل على من يمن به عليه ولو لا ذلك لم اعرف شيئا من هذا فهذا كله النبي (ص) واصله وهو فرعه وهو دعاني إليه ودلني عليه وعرفنيه وامرني به واوجب له علي الطاعة فيما امرني به لا يسعني جهله وكيف يسعني جهل من هو فيما بيني وبين الله عزوجل وكيف يستقيم لي لولا اني اصف ان ديني هو الذي اتاني به ذلك النبي (ص) ان أصف ان الدين غيره وكيف لا يكون هو معرفة الرجل وانما هو الذي جاء به عن الله عزوجل وانما انكر دين الله عزوجل من انكره بان قال ابعث الله بشرا رسولا ثم قال ابشر يهدوننا فكفروا بذلك الرجل وكذبوا به وتولوا عنه وهم معرضون وقالوا لو لا انزل عليه ملك فقال لهم الله تبارك وتعالى قل لهم من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ثم قال في اية اخرى ولو انزلنا ملكا لقضى الامر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا والله تبارك وتعالى انما احب ان يعرف بالرجال وان يطاع بطاعتهم فجعلهم سبيله ووجهه الذي يؤتى منه لا يقبل من العباد غير ذلك لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقال فيما اوجب منه محبته لذلك من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا فمن قال لك ان هذه الفريضة كلها هي رجل وهو يعرف حد ما يتكلم به فقد صدق ومن قال على الصفة التي ذكرت بغير طاعة لا يغني التمسك بالاصل يترك الفرع شيئا كما لا يغنى شهادة ان لا اله الا الله يترك شهادة ان محمدا رسول الله (ص) ولم يبعث الله نبيا قط الا بالبر والعدل والمكارم ومحاسن الاخلاق ومحاسن الاعمال والنهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن فالباطن منها ولاية

٨٣

اهل الباطل والظاهر منها فروعهم ولم يبعث الله نبيا قط يدعو إلى معرفة ليس معها طاعة في امر أو نهي وانما يتقبل الله من العباد العمل بالفرايض التي افترضها على حدودها مع معرفة من جاءهم بها من عنده ودعاهم إليه فاول ذلك معرفة من دعا إليه ثم طاعته فيما افترض فيما يقربه ممن لا طاعة له وانه من عرف اطاع ومن اطاع حرم الحرام ظاهره وباطنه ولايكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر انما حرم الله الظاهر بالباطن والباطن بالظاهر معا جميعا ولايكون الاصل والفرع و (*) باطن الحرام حرام وظاهره حلال ولا يحرم الباطن ويستحل الظاهر وكذلك لا يستقيم ان يعرف صلوة الباطن ولا يعرف صلوة الظاهر ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة ولا المسجد الحرام ولا جميع حرمات الله ولا شعاير الله وان تترك بمعرفة الباطن لان باطنه ظهره ولا يستقيم واحد منهما الا بصاحبه إذا كان الباطن حراما خبيثا فالظاهر منه حرام خبيث انما يشبه الباطن بالظاهر من زعم ان ذلك انها المعرفة وانه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب واشرك وذلك لم يعرف ولم يطع وانما قيل اعرف واعمل ما شئت من الخير فانه يقبل ذلك منه ولا يقبل ذلك منك بغير معرفة فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة والخير قل أو كثر بعد ان لا تترك شيئا من الفرايض والسنن الواجبة فانه مقبول منك مع جميع اعمالك

واخبرك انه من عرف اطاع فإذا عرف صلى وصام وزكى وحج واعتمر وعظم حرمات الله كلها ولم يدع منها شيئا وعمل بالبر كله ومكارم الاخلاق كلها واجتنب سيئها ومبتدا كل ذلك هو النبي (ص) والنبي (ص) اصله وهو اصل هذا كله لانه هو جاء به ودل عليه وامر به ولا يقبل الله عزوجل من احد شيئا منه الا به فمن عرفه اجتنب الكباير وحرم الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن وحرم المحارم كلها

__________________

(*) الواو هنا حالية وكذا في قوله ويستحل الظاهر. (محمد صادق آل بحر العلوم)

٨٤

لانه بمعرفة النبي (ص) وطاعته دخل فيما دخل فيه النبي (ص) وخرج مما خرج منه ، ومن زعم انه يحلل الحلال ويحرم الحرام بغير معرفة النبي (ص) لم يحلل الله حلالا ولم يحرم له حراما وانه من صلى وزكى وحج واعتمر وفعل البر كله بغير معرفة من افترض الله طاعته فانه لم يقبل منه شيئا من ذلك ولم يصل ولم يصم ولم يزك ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم لله حراما ولم يحلل لله حلالا وليس له صلوة وان ركع وسجد ولاله زكاة وان اخرج من كل اربعين درهما درهما ولاله حج ولاعمرة وانما يقبل ذلك كله بمعرفة رجل وهو من امر الله خلقه بطاعته والاخذ عنه فمن عرفه واخذ عنه فقد اطاع الله عزوجل.

واما ما ذكرت انهم يستحلون نكاح ذوات الارحام التي حرم الله عزوجل في كتابه فانهم زعموا انه انما حرم وعني بذلك النكاح نكاح نساء النبي صلى الله عليه واله فان احق ما يبدأ به تعظيم حق الله وكرامته وكرامة رسول الله (ص) وتعظيم شأنه وما حرم الله على تابعيه ونكاح نسائه من بعده بقوله ما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما وقا ل تبارك وتعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم وهو أب لهم ثم قال ولا تنكحوا ما نكح ابائكم من النساء الا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا فمن حرم نساء النبي صلى الله عليه واله لتحريم الله ذلك فقد حرم ما حرم الله في كتابه من الامهات والبنات والاخوات والعمات والخالات وبنات الاخ وبنات الاخت وما حرم من الرضاع لان تحريم ذلك كحتريم نساء النبي صلى الله عليه وآله فمن استحل ما حرم الله عزوجل من نكاح ما حرم الله فقد اشرك بالله إذ اتخذ ذلك دينا.

واما ما ذكرت انهم يترادفون المرأة الواحدة فاعوذ بالله ان يكون ذلك من دين الله عز وجل ودين رسول الله (ص) انما دينه ان يحل ما احل الله ويحرم ما حرم الله وان مما اجل الله المتعة من النساء في كتابه

٨٥

والمتعة من الحج احلهما ثم لم يحرمهما فإذا اراد الرجل المسلم ان يتمتع من المرأة فعل ما شاء وعلى كتاب الله وسنة نبيه (ص) نكاحا غير سفاح تراضيا على ما احبا من الاجرة والاجل كما قال الله عزوجل (فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولاجناح عليكم) فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ان هما احبا مدافى الأجل على ذلك الاجر أو ما احبا في اخر يوم من اجلهما قبل ان ينقضي الاجل قبل غروب الشمس مدافيه وزادا في الاجل على ما احبا فان مضى اخر يوم منه لم يصلح الا بالامر مستقبل وليس بينهما عدة الا لرجل سواه فان أرادت سواه اعتدت خمسة واربعين يوما وليس بينهما ميراث ثم ان شاءت تمتعت من اخر فهذا حلال لها إلى يوم القيامة ان شاءت تمتعت ابدا وان شاءت من عشرين بعد ان تعتد من كل واحد فارقته خمسة واربعين يوما فلها ذلك ما بقيت الدنيا كل هذا حلال لها على حدود الله التى بينها على لسان رسول الله (ص) ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وإذا اردت المتعة في الحج فاحرم من العقيق واجعلها متعة فمتى ما قدمت مكة طفت بالبيت استلمت الحجر الاسود وفتحت به وختمت سبعة اشواط ثم تصلي ركعتين عند مقام ابراهيم (ع) ثم اخرج من المسجد فاسع بين الصفا والمروة سبعة اشواط تفتح بالصفا وتختم بالمروة فإذا فعلت ذلك قصرت حتى إذا كان يوم التروية صنعت ما صنعت في العقيق ثم احرمت بين الركن والمقام بالحج فلا تزال محرما حتى تقف بالموقف ثم ترمي الجمرات وتذبح وتحل وتغتسل ثم تزور البيت فإذا انت فعلت ذلك فقد حللت وهو قول الله عزوجل فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ان يذبح ذبحا.

واما ما ذكرت انهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم فان ذلك لا يجوز ولا يحل وليس هو على ما تأولوا لقول الله عزوجل (يا ايها الذين امنوا شهادة بينكم إذا حضر احدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو اخران من غيركم ان انتم ضربتم في الارض فاصابتكم

٨٦

مصيبة الموت) فذلك إذا كان مسافرا وحضره الموت اشهد اثنين ذوي عدل من اهل دينه فان لم يجد فاخران ممن بقرأ القرآن من غير اهل ولايته تحبسونهما من بعد الصلوة فيقسمان بالله ان اريتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذاقربى ولانكتم شهادة الله انا إذا لمن الاثمين فان عثر على انهما استحقا اثما فاخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الاوليان من اهل ولايته فيقسمان بالله لشهادتنا احق من شهادتهما وما اعتدينا انا إذا لمن الآنمين ذلك ادنى ان يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أو يرد ايمان بعد ايمانهم واتقوا الله واسمعوا وكان رسول الله صلى الله عليه واله يقضي يشهادة رجل واحد مع يمين المدعي ولا يبطل حق مسلم ولا يرد شهادة مؤمن فإذا اخذ يمين المدعى وشهادة الرجل الواحد قضى له بحقه وليس يعمل اليوم بهذا وقد ترك فإذا كان للرجل المسلم قبل آخر حق فجحده ولم يكن له شاهد غير واحد فهو إذا رفعه إلى بعض ولاة الجور إبطلوا حقه ولم يقضوا فيه بقضاء رسول الله (ص) وقد كان في الحق ان لا يبطل حق رجل مسلم وكان يستخرج الله على يديه حق رجل مسلم وبأجره الله عزوجل ويجئ عدلا كأن رسول الله (ص) يعمل به.

واما ما ذكرت في اخر كتابك انهم يزعمون ان الله رب العالمين هو النبي محمد (ص) وانك شبهت قولهم يقول الذين قالوا في عيسى (ع) ما قالوا فقد عرفت ان السنن والامثال قائمة لم يكن شئ فيما مضى الاسيكون مثله حتى لو كانت هناك شاة برشاء كان هاهنا مثلها ولتعلم انه سيضل قوم على ضلالة من كان قبلهم فكتبت تسألني عن مثل ذلك وما هو وما ارادوا به واخبرك ان الله عزوجل خلق الخلق لا شريك له له الخلق والامر والدنيا والاخرة وهو رب كل شئ وخالقه خلق الخلق واوجب ان يعرفوه بانبيائه فاحتج عليهم بهم والنبي (ص) هو الدليل على الله عزوجل وهو عبد مخلوق مربوب اصطفاه الله لنفسه برسالته واكرمه بها وجعله خليفته في ارضه وفى خليفته ولسانه فيهم وامينه عليهم وخازنه

٨٧

في السموات والارض قوله قول الله عزوجل لا يقول على الله الا الحق من اطاعه اطاع الله ومن عصاه عصا الله وهو مولي كل من كان لله ربه ووليه من ابى ان يقر له بالطاعة فقد ابى ان يقر لربه بالطاعة وبالعبودية ومن اقر بطاعته اطاع الله وهداه فالنبي (ص) مولى الخلق جميعا عرفوا ذلك أو انكروه وهو الوالد المبرور فمن احبه واطاعه فهو الولد البار وهو مجانب الكبائر وقد بينت لك ما سألتني عنه وقد علمت ان قوما سمعوا صفتنا هذه فلم يعقلوها بل حرفوها ووضعوها على غير حدودها على نحو ما قد بلغك وما قد كتبت به الي وقد بري الله ورسوله (ص) منهم وممن يصفون من اعمالهم الخبيثة وينسبونها الينا وانا نقول بها ونأمرهم بالاخذ بها فقد رمانا الناس بها والله يحكم بيننا وبينهم فانه يقول لمن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعلمون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون ان الله هو الحق المبين.

واما ما كتبت به ونحوه تخوفت ان تكون صفتهم من صفة فقد اكرمه الله عزوجل عن ذلك تعالى ربنا عما يقول الظالمون علوا كبيرا صفتي هذه هي صفة. صاحبنا النبي (ص) وهي صفة من وصفه من بعده وعنه اخذنا ذلك وبه نقتدى فجزاه الله عنا افضل الجزاء فان جزاءه على الله عزوجل فتفهم كتابي هذا والعزة لله جميعا والقوة به وصلى الله على محمد عبده ورسوله وعلى آله وعترته وسلم تسليما كثيرا.

أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن عبد الله بن محمد الحجال عن حبيب بن المعلى الخثعمي قال ذكرت لابي عبد الله (ع) ما يقول أبو الخطاب فقال احك لي ما يقول قلت يقول في قول الله عزوجل وإذا ذكر الله وحده انه أمير المؤمنين صلوت الله عليه وإذا ذكر الذين من دونه فلان وفلان فقال أبو عبد الله (ع) من قال هذا فهو مشرك بالله عزوجل ثلاثا انا إلى الله منه برئ ثلاثا بل عنى الله

٨٨

بذلك نفسه قال وأخبرته بالاية الاخرى التي في حم قوله عزوجل ذلكم بانه إذا دعى الله وحده كفرتم ثم قال قلت زعم انه يعنى بذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال أبو عبد الله (ع) من قال هذا فهو مشرك بالله ثلاثا انا إلى الله منه برئ ثلاثا بل عنى الله بذلك نفسه (بل عنى الله بذلك نفسه ثلاثا).

(باب في صفاتهم وما فضلهم الله عزوجل به)

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم عن الحسن بن علي ابن فضال عن ابي جميلة المفضل بن صالح الاسدي عن شعيب الحداد عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله انا اول قادم على الله عزوجل ثم يقدم على كتاب الله ثم يقدم علي أهل بيتي ثم يقدم على أمتي فيقفون فيسألهم ما فعلتم في كتاب الله وأهل بيت نبيكم.

أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابى الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب عن اسحاق ابن غالب عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال في خطبة طويلة له مضى رسول الله صلى الله عليه واله وخلف في امته كتاب الله ووصيه علي بن ابي طالب صلوات الله عليه أمير المؤمنين وامام المتقين وحبل الله المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها وعهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق ينطق الامام عليه السلام عن الله عزوجل في الكتاب بما اوجب الله فيه على العباد من طاعة الله عزوجل وطاعة الامام عليه السلام وولايته واوجب حقه الذي اراد الله من استكمال دينه واظهار امره والاحتجاج بحجته والاستيضاء بنوره في معادن اهل صفوته ومصطفى اهل خيرته فاوضح الله بائمة الهدى من

٨٩

اهل بيت نبينا (ص) عن دينه من ابلج بهم عن سبيله وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من امة محمد صلى عليه وآله واجب حق امامه وجد طعم حلاوة ايمانه وعلم فضل طراوة اسلامه لان الله عزوجل ورسوله نصب الامام علما لخلقه وحجة على أهل عالمه البسة تاج الوقار وغشاء نور الجبار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده ولا ينال ما عند الله الا بجهة اسبابه ولا يقبل الله عمل العباد الا بمعرفته فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي ومعيمات السنن ومشتبهات الفتن ولم يكن الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتفتون وتكون الحجة من الله على العباد بالغة.

القسم بن محمد الاصفهاني عن سليمان بن داود المنقري المعروف بالشاذ كوني عن يحيى بن آدم عن شريك بن عبد الله عن جابر بن يزيد الجعفي عن ابي جعفر (ع) قال دعى رسول الله (ص) الناس بمنى فقال ايها الناس اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ثم قال أيها الناس اني تارك فيكم حرمات ثلاثا كتاب الله وعترتي والكعبة البيت الحرام ثم قال أبو جعفر عليه السلام اما كتاب الله فحرفوا واما الكعبة فهدموا واما العترة فقتلوا وكل ودايع الله قد نبذوا ومنها قد تبرؤا.

محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن جعفر بن بشير البجلي عن ذريح ابن محمد بن يزيد المحاربي عن ابي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) اني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فنحن أهل بيته.

وعنه عن النضر بن سويد عن خالد بن زياد القلانسي عن رجل عن ابي جعفر (ع) عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله يا ايها الناس اني تارك فيكم الثقلين الثقل الاكبر والثقل الاصغر ان تمسكتم بهما لن تضلوا ولن نزلوا ولن تبدلوا ، فاني سألت اللطيف الخبير الا يفترقا حتى يردا على الحوض فاعطيت ذلك فقيل له فما الثقل الاكبر

٩٠

وما الثقل الاصغر فقال الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله عز وجل وطرف بايديكم والثقل الاصغر عترتي أهل بيتي.

ابراهيم بن هاشم عن يحيى بن ابي عمران الهمداني عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم عن سعد بن طريف الاسكاف قال : سألت أبا جعفر (ع) عن قول النبي (ص) اني تارك فيكم الثقلين فتمسكوا بهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فقال أبو جعفر (ع) لا يزال كتاب الله والدليل منا عليه حتى نرد على الحوض.

(باب ما جاء في التسليم لما جاء عنهم)

(وفيمن رده وانكره)

حدثنا محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن علي بن عبد الله الحناط عن عمر بن ختن عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن ابى جعفر (ع) قال : قال على بن الحسين (ع) موت الفجأة تخفيف على المؤمن واسف على الكافر وان المؤمن من ليعرف غاسله وحامله فان كان له عند ربه خير ناشد حملته بتعجيله وان اكن غير ذلك ناشدهم ان يقصروا به فقال ضمرة بن سمرة يا علي ان كان كما نقول لقفز من السرير فضحك واضحك فقال علي بن الحسين اللهم ان كان ضمرة بن سمرة ضحك واضحك من حديث رسول الله فخذه اخذ آسف فعاش بعد ذلك اربعين يوما ومات فجأة فاتى على ابن الحسين (ع) مولى لضمرة فقال اصلحك الله ان ضمرة عاش بعد ذلك الكلام الذي كان بينك وبينه اربعين يوما ومات فحأة واني أقسم بالله لسمعت صوته وانا اعرفه كما كنت اعرفه في الدنيا وهو يقول الويل لضمرة بن سمرة تخلى منه كل حميم وحل بدار الجحيم وبها مبيته والمقيل فقال علي بن الحسين الله اكبر هذا جزاء من ضحك واضحك من حديث رسول الله (ص).

أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن اسماعيل بن عيسى عن المفضل بن

٩١

عمر قال : قال أبو عبد الله (ع) ما جاءكم منا مما يجوز ان يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلاتجحدوه وردوه الينا وما جاء كم عنا مما لا يجوز ان يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه الينا.

أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن ابي بكر بن محمد الحضرمي أو عن من حدثه عن الحجاج بن الصباح الخيبري قال : قلت لابي جعفر (ع) انا نتحدث عنك بالحديث فيقول بعضنا قولنا فيه قولهم قال فما تريد اتريد ان تكون اماما يقتدى بك من رد القول الينا فقد سلم.

وعنه عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي عن حنان بن سدير عن ابى خالد ذي الشامة النحاس قال دخلت على ابي عبد الله (ع) فقلت له ان عمي وابن عمي أصيبا مع ابي الخطاب فما قولك فيهما فقال اما من قتل معه مسلم لنا دونه فرحمه الله واما من قتل معه مسلم له دوننا فقد عطب.

أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الصلت عن زرعة بن محمد الحضرمي عن عبد الله بن يحيى الكاهلى عن موسى بن اشيم قال قلت لابي عبد الله (ع) اني اريد ان تجعل لي مجلسا فواعدني يوما واتيته للميعاد فدخلت عليه فسألته عما اردت ان اسأله عنه فبينا نحن كذلك إذ قرع علينا رجل الباب فقال ما ترى هذا رجل بالباب فقلت جعلت فداك اما انا فقد فرغت من حاجتي فرأيك فاذن له فدخل الرجل فتحدث ساعة ثم سأله مسايلي بعينها لم يخرم منها شيئا فاجابه بغير ما اجابني فدخلني من ذلك مالا يعلمه الا الله ثم خرج فلم يلبث الا يسيرا حيت استأذن عليه آخر فأذن له فتحدث ساعة ثم سأله عن تلك المسايل بعينها فاجابه ما اجابني واجاب الاول قبله فازددت غما حتى كدت ان اكفر ثم خرج فلم يلبث الا يسيرا حتى جاء آخر ثالث فسأله عن تلك المسايل بعينها فاجابه بخلاف ما اجابنا اجمعين فاظلم علي البيت ودخلني غم شديد فلما نظر الي ورأى مابي مما تداخلني ضرب بيده على منكبي ثم قال يابن اشيم ان الله عزوجل فوض الي سليمان ابن داود عليه السلام ملكه فقال هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب

٩٢

وان الله عزوجل فوض إلى محمد صلى الله عليه واله امر دينه فقال احكم بين الناس بما اريك الله وان الله فوض الينا ذلك كما فوض إلى محمد (ص).

ايوب بن نوح عن جميل بن دراج والحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الخزاز عن العباس بن عامر القصباني عن الربيع بن محمد المكي عن يحيى بن زكريا الانصاري عن ابى عبد الله (ع) قال سمعته يقول من سره ان يستكمل الايمان فليقل القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد صلى الله عليه وآله فيما اسروا وفيما اعنلوا وفيما بلغني وفيما لم يبلغني.

حدثني أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد وغيره عمن حدثه عن الحسين ابن أحمد المنقري عن يونس بن ظيبان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لم ينزل من السماء اقل ولا اعز من ثلاثة اشياء اما اولها فالتسليم والثانية البر والثالثة اليقين ان الله عزوجل يقول في كتابه فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ثم قال كيف يقرؤن هذه الآية (ومن يبغ غير الاسلام دينا) فقلت هكذا يقرؤنها فقال ليس هكذا انزلت انما انزلت ومن يتبع غير دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ثم كان يقول لي كثيرا يا يونس سلم تسلم فقلت له ما تفسير هذه الآية (قد افلح المؤمنون) قال تفسيرها قد افلح المسلمون ان المسلمين هم النجباء يوم القيامة.

أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد ومحمد بن خالد البرقي عن محمد بن ابى عمير عن جميل دراج قال كنا عند ابى عبد الله السلام فتلا عنا رجلان عنده حتى برئ كل واحد منها من صاحبه فقال لهما أبو عبد الله (ع) اليس من دينكما الرد الي فقالا بلى قال فانكما مني في ولاية.

وعنه ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب وغيرهما عن أحمد بن محمد بن ابي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف الخفاف قال قلت لابي جعفر (ع) ما تقول فيمن اخذ عنكم علما فنسيه قال لاحجة عليه انما الحجة على من سمع منا حديثا فانكره أو بلغه فلم يؤمن به وكفر فاما النسيان فهو موضوع عنكم ان اول سورة نزلت على رسول الله (ص)

٩٣

سبح اسم ربك الاعلى فنسيها فلا يلزمه حجة في نسيانها ولكن الله تعالى امضى له ذلك ثم قال سنقرءك فلا تنسى.

محمد بن الحسين بن ابي الخطاب والحسين بن موسى الخشاب ومحمد بن عيسى بن عبيد عن علي بن اسباط عن سيف بن عميرة عن ابى بكر بن محمد الحضرمي عن الحجاج الخيبري قال قلت لابي عبد الله (ع) انا نكون في الموضع فيروي عنكم الحديث العظيم فيقول بعضنا لبقض القول قولهم فيشق ذلك على بعضنا فقال (ع) كأنك تريد ان تكون اماما يقتدى بك أو به من رد الينا فقد سلم.

حدثني جعفر بن أحمد بن سعيد الرازي عن بكر بن صالح الضبي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي بن اسباط عن داود بن فرقد عن عبد الاعلي مولي آل سام عن ابي عبد الله (ع) قال قلت له إذا جاء حديث عن اولكم وحديث عن اخركم فبأيهما نأخذ فقال بحديث الاخير.

وبهذا الاسناد عن علي بن اسباط عن يونس بن عبد الرحمن عن داود بن فرقد عن ابى عبد الله (ع) قال إذا حدثوكم بحديث عن الائمة فخذوا به حتى يبلغكم عن الحي فان بلغكم عنه شئ فخذوا به ثم قال انا والله لاندخلكم فيما لا يسعكم.

وبهذا الاسناد عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الصمد بن بشير عن عثمان بن زياد انه دخل علي ابى عبد الله (ع) ومعه شيخ من الشيعة فقال الشيخ لابي عبد الله (ع) اني سألت أبا جعفر عليه السلام عن الوضوء فقال مرة مرة فما تقول أنت فقال انك لم تسألني عن هذه المسألة الا وأنت ترى اني اخالف ابي صلوات الله عليه توضأ ثلاثا وخلل اصابعك.

وبهذا الاسناد عن يونس بن عبد الرحمن عن محمد بن اسحاق بن عمار عمن حدثه من اصحابنا عن ابي عبد الله (ع) قال جاء رجل فلما نظر إليه أبو عبد الله (ع) قال اما والله لا ضله اما والله لا وهمنه فجسل الرجل فسأله مسألة فافتاه فلما خرج قال أبو عبد الله (ع) لقد افتبته بالضلالة

٩٤

التي لا هداية فيها ثم ان الرجل جاء الي ابي الحسن (ع) فلما نظر الية أبو الحسن (ع) قال اما والله لأضلنه بحق فسأله الرجل عن تلك المسألة بعينها فافتاه فقال الرجل هيهات هيهات لقد سألت عنها أباك فافتاني بغير هذا وما يجب علي ان ادع قوله ابدا فلما خرج قال أبو الحسن (ع) اما والله لقد افتيته بالهداية التي لا ضلالة فيها.

وبهذا الاسناد عن يونس عن اسحاق بن عمار عن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله (ع) ما تقول في العزل فقال كان علي (ع) لا يعزل واما انا فاعزل فقلت هذا خلاف فقال ما ضر داود ان خالفه سليمان عليهما السلام والله عز وجل يقول ففهمناها سليمان.

وبهذا الاسناد عن يونس عن بكار بن ابي بكر عن موسى بن اشيم قال كنت عند ابي عبد الله (ع) إذا اتاه رجل فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مقعد فقال أبو عبد الله (ع) قد بانت منه ثلاث ثم اتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فقال هي واحدة وهو املك بها ثم اتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فقال ليس بطلاق فاظلم علي البيت لما رأيت منه فالتفت الي فقال يابن اشيم ان الله تبارك وتعالى فوض الملك إلى سليمان (ع) فقال هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب وان الله تبارك وتعالى فوض إلى محمد صلى الله عليه واله امر دينه فقال ما اتكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا فمنا كان مفوضا لمحمد صلى الله عليه واله فقد فوض الينا.

وبهذا الاسناد عن يونس عن اديم بن الحر قال شهدت أبا عبد الله (ع) وقد سأله رجل عن اية من كتاب الله عزوجل فاخبره بها ثم جاء رجل آخر فسأله عنها فأجاب بخلاف ما اجاب الاول ثم جاء رجل آخر فاجابه بخلاف ما اجاب الاول والثاني فقيل له في ذلك فقال ان الله عزوجل فوض إلى سليمان (ع) امر ملكه فقال هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب وان الله عزوجل فوض إلى محمد (ص) امر دينه فقال ما اتاكم

٩٥

الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا وما فوض إلى محمد صلى الله عليه وآله فقد فوض الينا.

أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن ابي ايوب ابراهيم بن عثمان الخزار عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) في قول الله عزوجل (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا) قال هم الأئمة عليهم السلام ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلم لامرنا وكتم حديثنا عن عدونا تستقبله الملائكة بالبشرى من الله بالجنة وقد والله مضى اقوام كانوا مثل ما انتم عليه من الذين استقاموا وسلموا لامرنا وكتموا حديثنا ولم يذيعوه عند عدونا ولم يشكوا فيه كما شككتم فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة.

وعنهم عن الحسن بن محبوب عن ابي ايوب الخزاز عن ابى خالد يزيد الكناسي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزوجل فامنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا فقال يا أبا خالد النور والله الأئمة عليهم السلام يا أبا خالد نور الامام في قلوب المؤمنين انور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاها لذلك ران الكفر والله يا أبا خالد لايحبنا عبد ويتولى الامام منا الا كان معنا يوم القيامة ونزل منازلنا ولا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلبه حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لناسلمه الله من شديد الحساب وامنه من فزع يوم القيامة الاكبر.

أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب وغيرهما عن أحمد بن محمد بن ابي نصر عن كرام عبد الكريم بن عمر وعن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله (ع) رجل بلغه عنكم امر باطل قد ان به فمات فقال يجعل الله له يا أبا بصير مخرجا قلت فانه مات على ذلك فقال لا يموت حتى يجعل الله له مخرجا.

٩٦

وحدثني جعفر بن أحمد بن سعيد الرازي عن بكر بن صالح الضبلي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي بن اسباط عن يزيد بن عبد الله عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) يمثل ذلك ، أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن حماد ابن عيسى عن الحسين بن المختار القلانسي عن يعقوب السراج قال سألني أبو عبد الله (ع) عن رجل فقال انه لا يحتمل حديثنا فقلت نعم قال فلا يغفل فان الناس عندنا درجات منهم على درجة ومنهم على درجتين ومنهم على ثلاث ومنهم على اربع حتى بلغ سبعا.

وحدثني أبو طلحة يحيى بن زكريا البصري الحذا قال حدثنا عدة من اصحابنا عن موسى بن اشيم قال دخلنا على ابي عبد الله (ع) فسألته عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس فقال ليس بشئ فانا جالس إذ دخل عليه رجل من اصحابنا فقال له ما تقول في رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس فقال يرد الثلاثة إلى الواحدة فقد وقعت واحدة ولا يرد ما فوق الثلاثة إلى الثلاثة ولا الي الواحدة فداخلني من جوابه للرجل ما غمني ولم ادر كيف ذلك فنحن كذلك إذ جاء رجل آخر فدخل علينا فقال له ما تقول في رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس فقال له إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا بانت منه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فاظلم علي البيت وتحيرت من جوابه في مجلس واحد بثلاثة اجوبة مختلفة في مسألة واحدة فنظر الي متغيرا فقال مالك يابن اشيم اشككت ود والله الشيطان انك شككت إذا طلق الرجل امرأته على غير طهر ولغير عدة كما قال الله تعالى ثلاثا أو واحدة فليس طلاقه بطلاق وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وهي على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين فقد وقعت واحدة وبطلت الثنتان ولا يرد ما فوق الثلاث إلى الثلاث ولا إلى الواحدة وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا على العدة كما امر الله عزوجل فقد بانت منه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فلا تشكن يابن اشيم ففي كل والله من الحق.

٩٧

أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن ابى عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ان احب اصحابي الي افقههم واودعهم واكتمهم لحديثنا وان اسوءهم عندي حالا وامقتم الي الذي إذا سمع الحديث ينسب الينا ويروي عنا فلم يحتمله قلبه واشمئز منه جحده واكفر من دان به ولا يدري لعل الحديث من عندنا خرج والينا أسند فيكون بذلك خارجا من ديننا.

باب في كتمان الحديث واذاعته

حدثنا أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابى الخطاب والهيثم بن ابى مسروق النهدي عن الحسن بن محبوب السواد عن علي بن رئاب عن ابى بصير قال : قال أبو عبد الله (ع) اما والله لو وجدت منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت ان اكتم شيئا.

أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن خالد البرقي عن الربيع الوراق عن بعض اصحابه عن حفص الابيض قال دخلت على ابى عبد الله (ع) ايام قتل المعلى بن خنيس وصلب فقال يا حفص انى نهيت المعلى عن امر فاذاعه فاقبل بما ترى قلت له ان لنا حديثا من حفظه حفظ الله عليه دينه ودنياه ومن اذاعه علينا سلبه الله دينه يا معلى لا تكونوا اسرى في ايدي الناس لحديثنا ان شاء وامنوا عليكم وان شاء واقتلوكم يا معلى انه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه ورزقه العز في الناس يا معلى من اذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت يخيل انى رأيته يوما حزينا فقلت مالك اذكرت اهلك وعيالك فقال نعم فمسحت وجهه فقلت أني تراك فقال اراني في بيتي مع زوجتي وعيالي فتركته في تلك الحال مليا ثم مسحت وجهه فقلت ابن تراك فقال اراني

٩٨

معك في المدينة فقلت له احفظ ما رأيت فلا تذعه فقال لاهل المدينة ان الارض تطوى لي فأصابه ما قد رأيت.

محمد بن الحسين بن ابى الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن الحسين بن المختار القلانسي عن ابي اسامة زيد الشحام عن ابى الحسن الاول (ع) قال : قال امر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شئ الصبر والكتمان.

وعنهما عن محمد بن سنان عن ذريح بن محمد المحاربي عن ابى حمزة ثابت الثمالي عن ابى عبد الله (ع) قال : قال لي ابى ونعم الاب كان (ص) يقول لو وجدت ثلاثة استودعهم لا عطيتهم مالا يحتاجون معه إلى النظر في حلال ولاحرام ولا في شئ الي ان يقوم وقايمنا قايم آل محمد (ص) ان امرنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امحتن الله قلبه للايمان.

محمد بن الحسين بن ابى الخطاب وعلى بن محمد بن عبد الله الحناط عن علي بن ابي حمزة قال ارسلني أبو الحسن موسى (ع) الي رجل من بني حنفية إلى مسجدهم الكبير فقال انك تجد في ميمنة المسجد رجلا يعقب حتى تطلع الشمس يقال له فلان بن فلان ووصفه لي فاتيته وعرفته بالصفة فقلت له أنت فلان بن فلان فقال نعم فمن أنت فقلت انا رسول فلان بن فلان وهذا كتابه فزبرني زبرة فزعت منها ودخلني من ذلك الشك ان لا يكون صاحبي فلم ازل اكلمه والينه وقلت له ليس عليك مني بأس وصاحبك اعلم منك حيث بعثني اليك فاطمأن قلبه وسكن فدفعت إليه كتابه فقرأه ثم قال آتني يوم كذا حتى اعطيك جوابه فاتيته فاعطاني جوابه ثم لبثت شهرا فاتيته اسلم عليه فقيل مات الرجل فاغتممت لذلك غما شديدا لتخلفى عنه ورجعت من قابل إلى مكة فلقيت أبا الحسن (ع) فدفعت إليه جواب كتابه فقال رحمه الله يا علي لم تشهد جنازته قلت لا قال قد كنت احب ان تشهد جنازة مثله ثم قال قد كتب لك ثواب ذلك بما نويت يا علي

٩٩

ذلك رجل ممن كان يكتم ايمانه ويكتم حديثنا وامرنا وكان لنا شيعة وهو معنا في عليين وكان نومة لا يعرفه الناس ويعرفه الله وهو معنا في درجتنا ان الله عزيز حكيم.

أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن محمد بن سنان عن الحسين بن بحر عن رجل من اصحاب علي (ع) قال : قال امت الحديث بالكتمان واجعل سر الايمان بالقلب.

أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن محمد بن مسلم عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار الدهنى عن ابي عبد الله (ع) قال : قال لي يا معاوية اتريدون ان تكذبوا الله عز وجل في عرشه لا تحدثوا الناس الا بما يحتملون فان الله تبارك وتعالى لم يزل يعبد سرا قال معاوية بن عمار وقال لي أبو عبد الله (ع) من لقيت من شيعتنا فاقرأه مني السلام وقل لهم انما مثلكم في الناس مثل اصحاب الكهف اسروا الايمان واظهروا الشرك فاوجروا مرتين.

أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي عن الحسين ابن علوان وعمرو بن مصعب قال حديثا كان لنا عند ابي عبد الله (ع) ذات ليلة ونحن جماع فاقبلوا يقولون ويتمنون ليت هذا الامر كان وربناه فلم يزالوا حتى ذهب عامة الليل ليس منهم من يسأل عن شئ ينتفع به في حلال ولا حرام فلما راهم لا يقحمون قال (ص) فسكتوا فقال ايسر كم ان هذا الامر كان قالوا بلى والله وددنا ان قدر رأيناه قال حتى تجتنبوا الاحبة من الأهلين والاولاد وتلبسوا السلاح وتركبوا الخيل ويغار على الحصون قالوا نعم قال قد سألناكم ما هو أهون من هذا فلم تفعلوا امرناكم ان تكفوا وتكتموا حديثنا واخبرناكم انكم إذا فعلتم ذلك فقد رضينا فلم تفعلوا.

أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن محمد بن سنان عن عبد الاعلى مولى آل سام قال : قال أبو عبد الله (ع) انه ليس

١٠٠