مختصر بصائر الدّرجات

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر بصائر الدّرجات

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٨

عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان ترائى لهم ربهم ومن ذلك الركن يهبط الطير على القائم عليه السلام فاول من يبايعه ذلك الطير وهو والله جبرئيل (ع) والى ذلك المقام يسند ظهره وهو الحجة والدليل على القائم (ع) وهو الشاهد لمن وافى ذلك المكان والشاهد لمن ادى إليه الميثاق والعهد الذي اخذه الله على العباد واما القبلة والالتماس فلعلة العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق وتجديدا للبيعة وليؤدوا إليه ذلك العهد الذي اخذ عليهم في الميثاق فيأتونه في كل سنة ليؤدوا إليه ذلك العهد الا ترى انك تقول امانتي اديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة والله ما يؤدي ذلك احد غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق احد غير شيعتنا وانهم ليأتونه فيعرفهم ويصدقهم ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذبهم وذلك انه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد وعليهم والله يشهد بالخفر والجحود والكفر وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيامة يجئ وله لسان ناطق وعينان في صورته الاولى يعرفه الخلق ولا ينكرونه يشهد لمن وافاه وجدد العهد والميثاق عنده بحفظ العهد والميثاق واداء الامانة ويشهد على كل من انكره وجحد ونسي الميثاق بالكفر والانكار.

واما علة ما اخرجه الله من الجنة فهل تدري ما كان الحجر قال قلت لاقال كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند الله عزوجل فلما اخذ الله الميثاق من الملائكة كان اول من آمن به واقر ذلك الملك فاتخذه الله امينا على جميع خلقه فالقمه الميثاق واودعه عنده واستعبد الخلق ان يحددوا عنده في كل سنة الاقرار بالميثاق والعهد الذي اخذه الله عليهم ثم جعله الله تعالى مع آدم عليه السلام في الجنة يذكر الميثاق ويجدد عنده الاقرار في كل سنة فلما عصى آدم (ع) فاخرج من الجنة انساه الله العهد والميثاق الذي اخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى الله عليه واله ووصيه صلوات الله عليه وجعله باهتا حيرانا فلما تاب على آدم (ع) حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم عليه السلام وهو بارض

٢٢١

الهند فلما راه انس إليه وهو لا يعرفه باكثر من انه جوهرة فانطقه الله عزوجل فقال يا آدم اتعرفني قال لا. قال أجل استحوذ عليك الشيطان فانساك ذكر ربك وتحول إلى صورته التي كان بها في الجنة مع آدم (ع) فقال لادم اين العهد والميثاق فوثب إليه آدم (ع) وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبله وجدد الاقرار بالعهد والميثاق ثم حول الله عزوجل إلى جوهر الحجر درة بيضاء صافية تضئ فحمله آدم (ع) على عاتقه اجلالا وتعظيما وكان إذا اعي حمله عنه جبرئيل (ع) حتى وافى به مكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد الاقرار له كل يوم وليلة ثم ان الله عزوجل لما اهبط جبرئيل (ع) إلى ارضه وبنى الكعبة هبط إلى ذلك المكان بين الركن والباب وفي ذلك المكان ترائا لآدم حين اخذ الميثاق وفي ذلك الموضع القم الملك الميثاق فلتلك العلة وضع في ذلك الركن ونحى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحواء إلى المروة وجعل الحجر في الركن فكبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا وان الله عزوجل اودعه العهد والميثاق والقمه اياه دون غيره من الملائكة لان الله عزوجل لما اخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه واله بالنبوة ولعلي (ع) بالوصية اصطكت فرايض الملائكة واول من اسرع إلى الاقرار بذلك الملك ولم يكن فيهم اشد حبا لمحمد وآل محمد (ص) منه فلذلك اختاره الله عزوجل من بينهم والقمه الميثاق فهو يجئ يوم القيمة وله لسان ناطق وعين ناظره ليشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق. ومنه حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال اخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال حدثنا المنذر بن محمد قال حدثنا الحسين بن أحمد قال سليمان ابن جعفر الجعفري عن الرضا (ع) قال اخبرني ابي عن ابيه عن جده ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم اخذ بطيخة ليأكلها فوجد هامرة فرمي بها وقال بعدا وسحقا فقيل له يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة فقال قال رسول الله (ص) ان الله تبارك وتعالى اخذ عقد مودتنا على كل

٢٢٢

حيوان ونبت فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا وما لم يقبل الميثاق كان ملحا زعاما.

ومنه حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا علي ابن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن ابي عبد الله عن ابيه قال حدثنا عبد الله ابن محمد الهمداني عن اسحاق القمي قال دخلت على ابي جعفر الباقر (ع) فقلت له جعلت فداك اخبرني عن المؤمن يزنى قال لا قلت فيشرب المسكر قال لا قلت فيذنب قال نعم قلت جعلت فداك لا يزنى ولا يلوط ولا يرتكب السيئآت فاي شئ ذنبه فقال يا اسحاق قال الله تبارك وتعالى الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم وقد يلم المؤمن بالشئ الذي ليس فيه مراد قلت جعلت فداك اخبرني عن الناصب لكم يظهر بشئ ابدا قال لا. قلت جعلت فداك فقد ارى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي ويدين الله تعالى بولايتكم وليس بينى وبينه خلاف يشرب المسكر ويزنى ويلوط وآتيه في حاجة واحدة فاصيبه معبس الوجه كالح اللون ثقيلا في حاجتي بطيئا فيها وقد ارى الناصب المخالف لما انا عليه ويعرفني بذلك فاتيه في حاجة فاصيبه طلق الوجه حسن البشر متسرعا في حاجتي فرحا بها يحب قضاءها كثير الصلوة كثير الصوم كثير الصدقة يودي الزكاة ويستودع فيودي الامانة قال يا اسحاق ليس تدرون من اين أو تيتم فقلت لا والله جعلت فداك الا ان تخبرني فقال لي يا اسحاق ان الله عزوجل لم يزل متفردا بالوحدانية ابتدء الاشياء لا من شئ فاجرى الماء العذب على ارض طيبة طاهرة سبعة ايام مع لياليها ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا اهل البيت ثم قبض قبضة من اسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا ثم اصطفانا لنفسه فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى احد منهم ولا سرق ولا لاط ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئا مما ذكرت ولكن الله عزوجل اجرى الماء المالح على ارض ملعونة سبعة ايام ولياليها ثم نضب الماء عنها ثم قبض قبضة وهي طينة ملعونة من حماء مسنون وهي طينة خبال وهي طينة اعدائنا فلو ان الله عزوجل

٢٢٣

ترك طينتهم كما اخذها لم تروهم في خلق الآدميين ولم يقروا بالشهادتين ولم يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت ولم تروا احدا منهم بحسن الخلق ولكن الله عزوجل جمع الطينتين طينتكم وطينتهم فخلطهما وعركهما عرك الاديم ومزجها بالمائين فما رأيت من اخيك المؤمن من شر لفظ اوزنى أو شئ مما ذكرت من شرب مسكر أو غير فليس من جوهريته ولا من ايمانه انما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق أو صوم أو صلوة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته انما تلك الافاعيل من مسحة الايمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الايمان قلت جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه قال لي يا اسحاق لا يجمع الله الخير والشر في موضع واحد إذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل مسحة الايمان منهم فردها إلى شيعتنا ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئآت فردها إلى اعدائا وعاد كل شئ إلى عنصره الاول الذي منه ابتدأ اما رأيت الشمس إذا هي بدت ترى لها شعاعا زاجرا متصلا اوباينا منها قلت جعلت فداك الشمس إذا غربت بدأ إليها الشعاع كما بدأ منها ولو كان باينا منها لما بدأ إليها قال نعم يا اسحاق كل شئ يعود إلى جوهره الذي منه بدأ قلت جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد الينا وتوخذ سيئاتنا فترد إليهم قال اي والله الذي لا اله الا هو قلت جعلت فداك اجدها في كتاب الله عزوجل قال نعم يا اسحاق قلت في اي مكان قال لي يا اسحاق ما تتلو هذه الآية (اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) فلن يبدل الله سيئاتهم حسنات الا لكم ويبدل الله لكم.

ذكر لي ان بعض الناس اشكل عليه ما في هذه الحديث من قوله قبض قبضة فقال إلى الجنة ولا ابالي وقبض قبضة وقال إلى النار ولا ابالي وقال كيف يجوز ان يخلق قوما للنار في اصل الخلق ثم يكلفهم طاعته وترك معصيته وهل هذا الا ينافي العدل وهو منزه عنه سبحانه.

٢٢٤

اعلم ان كلام ال محمد صلى الله عليه واله ولا يرد عليه اعتراض ابدا وانما يقع لعدم فهم السامع لمقصدهم وما عنوا به وقد جاء في حديثهم (ع) ان الارواح خلقت قبل الابدان بالفى عام وامرها سبحانه وتعالى بالاقرار له بالربوبية لمحمد صلى الله عليه واله بالنبوة ولعلي ولاهل بيته عليه وعليهم السلام بالامامة فمنهم من اقر بقلبه ولسانه ومنهم من اقر بلسانه دون قلبه وهو قوله سبحانه وتعالى (وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه ترجعون) ثم امر الفريقين بدخول النار فدخل من اقر بقلبه ولسانه وقال الذي اقر بلسانه يا رب خلقتنا لتحرقنا فثبتت الطاعة والمعصية للارواح من ثم ثم انه سبحانه وتعالى لما اراد دخول الاجسام خلق طينة طيبة واجري عليها الماء العذب الطيب وخلق من صفوها اجسام محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم وخلق طينة وخبيثة واجري عليها الماء المالح الخبيث ومزج الطينتين لمقتضى حكمته ولطفه وعركهما عرك الاديم فاصاب كل منهما لطخ الاخرى فاسكن الارواح المؤمنة اولا في الطينة الطيبة فلم يضرها ما اصابها من لطخ الاخرى إذ ليس اللطخ من سنخها وجوهرها واسكن الروح الكافرة في الطينة الخبيئة ولم ينفعها ما اصابت من لطخ الطينة الطيبة إذ ليس هو من سنخها ولا معدنها فاصاب المؤمن السيئات بسبب المزاج واصاب الناصب الحسنات للمزاج وقد ورد ان حكمة المزاج اشتباه الصورتين صورة المؤمن وصورة الناصب ولولاه لامتاز كل منهما وفى ذلك تعب المؤمن وقصده بالاذى وحتى تشتبه بالاعمال في الظاهر حتى يعمل المؤمن في دولة الظالمين ولا يمتازو هذا في الابدان خاصة دون الارواح فالقضية المذكورة في الحديث كانت في الابدان التي هي قالب الارواح المؤمنة والكافرة وهي تب‍؟ ع الارواح في الخلق وفي التكليف والمعاد فليس في الحديث اشكال مع هذا واما تبديل سيئات المؤمن بحسنات الناصب وحمل الناصب سيئات المؤمن فقد جاء في الكتاب وفسره آل محمد عليه وعليهم السلام بهذا وهم

٢٢٥

أهل الذكر الذين يجب سؤالهم والرد إليهم وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم وهم بغير شك ويجب التسليم لهم والرد إليهم كما قال سبحانه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وقد جاء في الحديث انما الكفران يحدث احدكم بالحديث فلم يقبله قلبه فينكره ويقول ما كان هذا وقد جاء عنهم عليهم السلام حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه الايمان فالملك الغير المقرب لا يحتمله والنبى الغير المرسل لا يحتمله والمؤمن الغير الممتحن لا يحتمله الا ترى ان موسى عليه السلام حيث رأى من الخضر عليه السلام مالا يعرفه انكره ولم يطق حمله حتى فسره له وهو بمكانة من الله وقربة منه وفي الحديث نجا المسلمون وهلك المتكلمون والبلاء موكل بالمنطق.

من كتاب امالي الشيخ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه عن ابي المفضل رضي الله عنه محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني باسناده إلى ابي سعيد الخدري قال حج عمر بن الخطاب في امرته فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الاسود ومر فاستلمه ثم قبله وقال اقبلك واني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولكن كان رسول الله صلى الله عليه واله بك حفيا ولولا انى رأيته يقبلك لما قبلتك قال وكان في القوم الحجيج علي بن ابي طالب عليه السلام فقال بلى والله انه ليضر وينفع قال وبم قلت ذلك يا أبا الحسن قال بكتاب الله تعالى قال اشهد انك لذ وعلم بكتاب الله تعالى واين ذلك من كتاب الله قال حيث انزل الله عزوجل (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى) شهدنا واخبرك ان الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام مسح ظهره فاخرج ذريته من صلبه نسما في هيئه الذر فالزمهم العقل وقررهم انه الرب وانهم العبيد فاقروا له بالربوبية وشهدوا على انفسهم بالعبودية والله يعلم عزوجل انهم في ذلك على منازل مختلفة وكتب اسماء عبيده في رق وكان لهذا الحجر

٢٢٦

يومئذ عينان ولسان وشفتان فقال له افتح فاك قال ففتح فاه فالقمه ذلك الرق ثم قال له اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة فلما اهبط آدم (ع) اهبط الحجر معه فجعل في مثل موضعه من هذا الركن وكانت الملائكة تحج هذا البيت من قبل ان يخلق الله آدم عليه السلام ثم حجه آدم (ع) ثم حجه نوح (ع) من بعده ثم انهدم البيت ودرست قواعده فاستودع الحجر من ابي قبيس فلما اعاد ابراهيم واسماعيل عليهما السلام بناء البيت وبناء قواعده استخرجا الحجر من ابي قبيس بوحى من الله عزوجل فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن فهو من حجارة الجنة وكان لما انزل في مثل لون الدر وبياضه وصفاء الياقوت وضيائه فسودته ايدي الكفار ومن كان يلتمسه من اهل الشرك سواهم قال فقال عمر لاعشت في امة لست فيها يا أبا الحسن عليه السلام.

[من تفسير القرآن العزيز تأليف علي بن ابراهيم بن هاشم]

واما قوله (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى) فانه قال الصادق عليه السلام ان الله تعالى اخذ الميثاق على الناس لله بالربوبية ولرسوله صلى الله عليه واله بالنبوة ولامير المؤمنين والائمة عليهم السلام بالامامة ثم قال الست بربكم ومحمد نبيكم وعلي امامكم والائمة الهادون اوليائكم فقالوا بلى منهم اقرار باللسان ومنهم تصديق بالقلب فقال الله عزوجل لهم (ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين) فأصابهم في الذر من الحسد ما اصابهم في الدنيا ومن لم يصدق في الدنيا بالله وبرسوله وبالائمة في قلبه وانما اقر بلسانه انه لن يومن في الدنيا وبرسوله وبالائمة في قلبه وانما اقر بلسانه والدليل على تكذيبهم في الذر قول الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه واله ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به الا ان الحجة كانت اعظم عليهم في الذر لان الامر من الله عزوجل مشافهة.

ومنه واما قوله واذ اخذنا من النبيين؟ ميث‍؟ اقهم ومنك ومن نوح

٢٢٧

وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا فانه روى ان هذه الواو زايدة في قوله ومنك وانما هو منك ومن نوح لان الله تبارك وتعالى اول ما اخذ الميثاق لنفسه على جميع الخلق انه ربهم وخالقهم.

فروي عن العالم عليه السلام انه قال لما قال الله عزوجل في الذر لبني آدم الست بربكم اول من اجابه وسبق الي ، بلى رسول الله (ص) وهو قوله : واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم منك فقدمه كما سبق الي الاقرار ثم قدم من سبق بعده فقال ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا فقدم النبي صلى الله عليه واله لانه افضل هؤلاء الخمسة اولو العزم وذلك رد على من لم يفضل النبي (ص) على الانبياء ثم قدم بعد هؤلاء الاربعة على الانبياء فهم افضل الانبياء لانه ذكر الانبياء كلهم انه اخذ عليهم الميثاق في قوله واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ثم ابرز افضلهم بالاسامي فقال منك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فلما ابرزهم باسمائهم علمنا انهم افضل الانبياء.

مثل قوله في الملائكة من كان عدو الله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين فجبرئيل وميكائيل هم من الملائكة وهم؟ افضل من الملائكة كلهم لانه سماهما.

ومثله في الذنوب في قوله انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ثم سما بعضها فقال والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون فهذه الامور هي من الفواحش داخلة في جملتها ولكنها اعظم الفواحش لانه ذكرها باسمائها والله تعالى اعلم.

ووجدنا في خاتمة النسخة المخطوطة هذه العبارة لكاتبها نضعها بنصها : قد اتفق الفراغ بعون الله تعالى وحسن توفيقه من كتابة هذه النسخة الشريفة المباركة الميمونة في عصر يوم الاربعاء ثالث عشر شعبان المعظم سنة تسع وسبعين بعد الالف من الهجرة النبوية على مشرفها الف الف سلام.

٢٢٨