مختصر بصائر الدّرجات

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر بصائر الدّرجات

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٨

الله هي الفعل لا غير ذلك يقول له كن فيكن فلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما انه بلا كيف.

وبالاسناد المقدم عن الصدوق محمد بن علي رحمه الله عن ابيه قال حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن ابن ابي عمير عن ابن اذينة عن محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام قال المشية محدثة، وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي رحمه الله عن ابيه قال حدثنا علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن اذينة عن ابى عبد الله عليه السلام قال خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال حدثنا محمد بن ابى عبد الله الكوفي قال حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال حدثنا الحسين بن الحسن بن بردة قال حدثني العباس ابن عمرو الفقمي عن ابى القاسم ابراهيم بن محمد العلوي عن فتح بن يزيد الجرجاني قال لقيته عليه السلام على الطريق عند منصرفي من مكة إلى خراسان وهو ساير إلى العراق فسمعته يقول من اتقى الله يتقى ومن اطاع الله يطاع فتلطفت في الوصول إليه فوصلت فسلمت فرد علي السلام ثم قال يا فتح من ارضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن اسخط الخالق فقمن ان يسلط عليه سخط المخلوق وان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه فسأله عن مسائل (*) في التوحيد فاجابه عليه السلام فكان فيما سأله (ع) ان قال وغير الخالق الجليل خالق قال ان الله تبارك وتعالى يقول تبارك الله احسن الخالقين فقد اخبر ان في عبادة خالقين منهم عيسى بن مريم (ع) خلق من الطين كهيئة الطير باذن الله فنفخ فيه فصار طايرا باذن الله والسامري خلق لهم عجلا جسدا له خوار قلت ان عيسى عليه السلام خلق من الطين طيرا دليلا على نبوته والسامري خلق عجلا جسدا لنقض نبوة

__________________

(*) انظر ذلك فيما ذكره الصدوق (ره) في كتاب التوحيد ص ٣١ طبع ايران سنة ١٢٨٥. [محمد صادق آل بحر العلوم]

١٤١

موسى (ع) وشاء الله ان يكون ذلك كذلك ان هذا لهو العجب فقال ويحك يا فتح ان لله ارادتين ومشيتين ارادة حتم وارادة عزم ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء اما رأيت انه نهى آدم (ع) وزوجته عن ان يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك ولو لم يشأ لم يأكلا ولو اكلا لغلبت مشيتهما مشيه الله وامر ابراهيم (ع) بذبح ابنه اسماعيل (ع) وشاء ان لا يذبحه ولو لم يشاء ان لا يذبحه لغلبت مشية ابراهيم مشية الله عزوجل.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق عن محمد بن يعقوب عن الحسين ابن محمد عن معلي بن محمد قال سأل العالم عليه السلام كيف علم الله قال علم وشاء واراد وقدر وقضى وابدى فامضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما اراد فبعلمه كانت المشية وبمشية كانت الارادة وبارادته كان التقدير وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الامضاء فالعلم متقدم على المشية والمشية ثانية الارادة ثالثة والتقدير واقع على القضاء بالامضاء فلله تبارك وتعالى البدآ فيما علم متى شاء وفيما اراد التقدير الاشياء فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء فالعلم بالمعلوم قبل كونه والمشية في المنشأ قبل عينه والارادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا وقياما والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الاجسام المدركات بالحواس من ذي لون وربح ووزن وكيل ومادب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لاعين له فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء وبالعلم علم الاشياء قبل كونها وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وانشاها قبل اظهارها وبالارادة ميزا نفسها في الوانها وصفاتها وحدودها وبالتقدير قدر اقواتها وعرف اولها واخرها وبالقضاء أبان للناس ما كنها ودلهم عليها وبالامضاء شرح عللها وابان امرها وذلك تقدير العزيز العليم.

١٤٢

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسن ابن أحمد بن الوليد قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : قال الرضا (ع) المشية والارادة من صفات الافعال فمن زعم ان الله عزوجل لم يزيل مريدا وشائيا فليس بموحد، وبالاسناد المتقدم عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه قال اخبرنا أبو محمد الحسن ابن محمد بن علي بن صدقة القمي قال حدثنا أبو عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الانصاري الكجي قال حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول اجتمع سليمان المروزي متكلم خراسان بمولانا ابي الحسن الرضا (ع) عند المأمون فقال سليمان يا سيدي اسألك قال الرضا (ع) سل عما بدالك قال ما تقول فيمن جعل الارادة اسما وصفة مثل حي وسميع وبصير وقدير قال الرضا (ع) انما قلتم حدثت الاشياء واختلفت لانه شاء واراد ولم تقولوا حدثت واختلفت لانه سميع بصير فهذا دليل على انها ليست مثل سميع ولا بصير ولا قدير ، قال : سليمان فانه لم يزل مريدا قال يا سليمان فارادته غيره قال نعم قال فقد اثبت معه شيئا غيره لم يزل قال سليمان ما اثبت قال الرضا (ع) أهي محدثة قال سليمان لا ماهي محدثة فصاح به المأمون فقال يا سليمان مثله يعايا أو يكابر عليك بالانصاف اما ترى من حولك من اهل النظر ثم قال كلمه يا أبا الحسن فانه متكلم خراسان فاعاد (ع) عليه المسألة فقال هي محدثه يا سليمان فان الشئ إذا لم يكن ازليا كان محدثا وإذا لم يكن محدثا كان ازليا قال سليمان ان ارادته منه كما ان سمعته منه وبصره منه وعلمه منه قال الرضا (ع) فارادته نفسه قال لا قال (ع) فليس المريد مثل السميع والبصير قال سليمان انما اراد نفسه كما اسمع نفسه وابصر نفسه وعلم نفسه فقال الرضا (ع) ما معنى ارادته نفسه اراد ان يكون شيئا أو اراد ان يكون حيا أو سميعا أو بصيرا أو قديرا قال نعم قال الرضا (ع) افبارادته كان ذلك قال سليمان نعم

١٤٣

قال الرضا (ع) فليس لقولك اراد ان يكون حيا سميعا بصيرا معنى إذا لم يكن ذلك بارادته قال سليمان بلى قد كان ذلك بارادته فضحك المأمون ومن حوله وضحك الرضا عليه السلام ثم قال لهم ارفقوا بمتكلم خراسان فقال يا سليمان فقد حال عند كم عن حاله وتغير عنها وهذا مالا يوصف الله عزوجل به فانقطع ثم قال الرضا (ع) يا سليمان اسئلك عن مسألة قال سل جعلت فداك قال اخبرني عنك وعن اصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون أو بما لا تفقهون ولا تعرفون قال بل بما نفقة ونعلم قال الرضا (ع) فالذي يعلم الناس ان المريد غير الارادة وان المريد قبل الارادة وان الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم ان الارادة والمريد شئ واحد قال جعلت فداك ليس ذاك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون قال (ع) فاراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة وقلتم ان الارادة كالسميع والبصير إذا كان ذلك عندكم على ما لايعرف ولا يعقل فلم يحر جوابا ثم قال الرضا (ع) يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار قال سليمان نعم قال افيكون ما علم الله عزوجل انه يكون من ذلك قال نعم قال فإذا كان حتى لا يبقى منه شئ الا كان أيزيدهم أو يطويه عنهم قال سليمان بل يزيدهم قال فاراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه انه يكون قال جعلت فداك فالمزيد لاغاية له قال فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم بما يكون فيهما قبل ان يكون تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قال سليمان انما قلت لا يعلمه لانه لا غاية لهذا لان الله عزوجل وصفهما بالخلود وكرهنا ان نجعل لهما انقطاعا قال الرضا (ع) ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم لانه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم ولذلك قال عزوجل في كتابه (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) وقال عزوجل لاهل الجنة عطاء غير مجذود وقال عزوجل (وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة) فهو عزوجل يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة

١٤٤

ارأيت ما أكل اهل الجنة وما شربوا اليس الله يخلف مكانه قال بلى قال افيكون يقطع عنهم ذلك وقد اخلف مكانه قال سليمان لا قال فكذلك كلما يكون فيها إذا اخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم قال سليمان بل يقطعه عنهم ولا يزيدهم قال الرضا عليه السلام إذا يبيد ما فيها وهذا يا سليمان ابطال الخلود وخلاف ما في الكتاب لان الله عزوجل يقول لهم (ما يشأون فيها ولدنيا مزيد) ويقول عزوجل (عطاء غير مجذود) ويقول عزوجل (وما عندهم بمخرجين) ويقول عزوجل (خالدين فيها ابدا) ويقول عزوجل (وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة) فلم يحر جوابا.

ثم قال : الرضا عليه السلام يا سليمان الا تخبرني عن الارادة فعل هي ام غير فعل قال بل هي فعل قال فهي محدثة لان الفعل كله محدث قال ليست بفعل قال فمعه غيره لم يزل قال سليمان الارادة هي الانشاء قال يا سليمان هذا الذي ادعيتموه على ضرار واصحابه من قولهم ان كلما خلق الله عزوجل في سماء أو ارض أو بر أو بحر من كلب أو خنزير أو قرد أو انسان أو دابة ارادة الله تعالى وان ارادة الله تعالى تحي وتموت وتذهب وتأكل وتشرب وتنكح وتلد وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك فيبرأ منها ويعاديها وهذا حدها قال سليمان انها كالسمع والبصر والعلم.

قال : الرضا عليه السلام قد رجعت إلى هذا ثانية فاخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع قال سليمان لا قال الرضا عليه السلام فكيف نفيتموه فمرة قلتم لم يرد ومرة قلتم اراد وليست بمفعول له قال سليمان انما ذلك كقولنا مرة علم ومرة لم يعلم ، قال الرضا (ع) ليس ذلك سواء لان نفى المعلوم ليس ينفى العلم ونفى المراد نفى الارادة ان تكون لان الشئ إذا لم يرد لم تكن ارادة وقد يكون العلم ثابتا وان لم يكن المعلوم بمنزلة البصر فقد يكون الانسان بصيرا وان لم يكن المبصر ويكون العلم ثابتا وان لم يكن المعلوم قال سليمان انما هي مصنوعة قال (ع) فهي محدثة ليست كالسمع والبصر لان السمع والبصر لبسا بمصنوعين وهذه مصنوعة

١٤٥

قال سليمان انها صفة من صفاته لم تزل قال (ع) فينبغي ان يكون الانسان لم يزل لا صفته لم تزل قال سليمان لا لانه لم يفعلها قال الرضا (ع) يا خراساني ما اكثر غلطك افليس بارادته وقوله تكون الاشياء قال سليمان لا قال فإذا لم تكن بارادته ولا مشية ولا امره ولا بالمباشرة فكيف يكون ذلك تعالى الله عن ذلك فلم يحر جوابا.

ثم قال : الرضا عليه السلام الا تخبرني عن قول الله عزوجل (وإذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها) يعني بذلك انه يحدث اردة قال له نعم قال : فإذا احدث ارادة كان قولك ان الارادة هي هو اوشئ منه باطلا لانه لا يكون ان يحدث نفسه ولا يتغير عن حاله ، تعالى الله عن ذلك قال سليمان انه لم يكن عنى بذلك انه يحدث ارادة قال فما عنى به قال عنى به فعل الشئ قال الرضا عليه السلام ويلك كم تردد هذه المسألة وقد اخبرتك ان الارادة محدثة لان فعل الشئ محدث قال فليس لها معنى قال الرضا عليه السلام قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالارادة بما لا معنى له وإذا لم يكن لها معنى حديث ولا قديم بطل قولكم ان الله عزوجل لم يزل مريدا قال سليمان انما عنبت انها فعل من الله لم يزل قال الا تعلم ان ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة فلم يحر جوابا قال : الرضا عليه السلام لا بأس اتمم مسئلتك قال سليمان قلت ان الارادة صفة من صفاته قال عليه السلام كم تردد علي انها صفة من صفاته فصفته محدثة أو لم تزل قال سليمان محدثة قال الرضا (ع) الله اكبر فالارادة محدثة وان كانت صفة من صفاته لم تزل فلم يرد شيئا قال الرضا (ع) ان ما لم يزل لا يكون مفعولا قال سليمان ليس الاشياء ارادة ولم يرد شيئا قال الرضا (ع) وسوست يا سليمان فقد فعل وخلق ما لم يرد فعله ولا خلقه وهذه صفة من لا يدري ما فعل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قال سليمان يا سيدي قد اخبرتك انها كالسمع والبصر والعلم قال المأمون ويلك يا سليمان كم هذا الغلط والترداد اقطع هذا وخذ في غيره إذ لست تقولي على غير هذا

١٤٦

الرد قال الرضا (ع) دعه يا أمير المؤمنين لا تقطع عليه مسألة فيجعلها حجة تكلم يا سليمان قال قد اخبرتك انها كالسمع والبصر والعلم قال الرضا (ع) لا بأس اخبرني عن معني هذه أمعنى واحد أو معان مختلفة قال سليمان بل معنى واحد قال الرضا (ع) فمعنى الارادات كلها معنى واحد قال سليمان نعم قال الرضا (ع) فان كان معناها معنى واحدا كانت ارادة القيام ارادة القعود وارادة الحياة ارادة الموت إذا كانت ارادته واحدة لم يتقدم بعضها بعضا ولم يخالف بعضها بعضا وكانت شيئا واحدا قال سليمان ان معناها مختلف قال فاخبرني عن المريد اهو الارادة ام غيرها قال سليمان بل هو الارادة قال الرضا (ع) فالمريد عندكم مختلف إذا كان هو الارادة قال يا سيدي ليس الارادة المريد قال فالارادة محدثة والا فمعه غيره افهم وزد في مسئلتك قال سليمان فانها اسم من اسمائه قال الرضا (ع) هل سمى نفسه بذلك قال سليمان لا لم يسم نفسه بذلك قال الرضا عليه السلام فليس لك ان تسميه بما لم يسم به نفسه قال قد وصف نفسه بانه مريد قال الرضا عليه السلام ليس صفته نفسه انه مريدا خبار عن انه ارادة ولا خبار عن ان الارادة اسم من اسمائه قال سليمان لان ارادته علمه قال الرضا (ع) يا جاهل فإذا علم الشئ فقد اراده قال سليمان أجل قال فإذا لم يرده لم يعلمه قال سليمان أجل قال من اين قلت ذاك وما الدليل على ان ارادته عمله وقد يعلم مالا يريده ابدا وذلك قوله عزوجل ولئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به ابدا قال سليمان انه قد فرغ من الامر فليس يزيد فيه شيئا قال الرضا عليه السلام هذا قول اليهود فكيف قال الله عزوجل ادعوني استجب لكم قال سليمان انما عنى بذلك انه قادر عليه قال افيعد بما لا يفي به فكيف قال عزوجل يزيد في الخلق ما يشاء وقال يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب ، وقد فرغ من الامر فلم يحر جوابا قال الرضا (ع) يا سليمان هل تعلم ان انسانا يكون ولا يريد ان يخلق انسانا ابدا وان

١٤٧

انسانا يموت اليوم ولا يريد ان يموت اليوم قال سليمان نعم قال الرضا (ع) فيعلم انه يكون يريد ان يكون أو يعلم انه يكون مالا يريد ان يكون قال يعلم انهما يكونان جميعا قال الرضا (ع) إذا يعلم ان انسانا حي ميت قائم قاعد اعمى بصير في حال واحد وهذا هو الحال قال جعلت فداك فانه يعلم ان يكون احدهما دون الآخر قال لا بأس فليهما يكون الذي اراد ان يكون أو الذي لم يرد ان يكون قال سليمان الذي اراد ان يكون فضحك الرضا (ع) والمأمون واصحاب المقالات قال الرضا (ع) غلطت وتركت قولك انه يعلم ان انسانا يموت اليوم وهو لا يريد ان يموت اليوم وانه يخلق خلقا وانه لا يريد ان يخلقهم وإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد ان يكون فانما يعلم انه يكون ما اراد يكون قال سليمان فانما قولي ان الارادة ليست هو ولا غيره قال الرضا (ع) يا جاهل إذا قلت ليست هو فقد جعلتها غيره وإذا قلت ليست هي غيره فقد جعلتها هو قال سليمان فهو يعلم كيف يصنع الشئ قال نعم قال سليمان فان ذلك اثبات للشئ قال الرضا (ع) احلت لان الرجل قد يحسن البناء وان لم يبن ويحسن الخياطة وان لم يخط ويحسن صنعة الشئ وان لم يصنعه ابدا ثم قال له يا سليمان هل تعلم انه واحد لا شئ معه قال نعم قال افيكون ذلك اثباتا للشئ قال سليمان ليس يعلم انه واحد لا شئ معه قال الرضا عليه السلام افتعلم انت ذاك قال نعم قال فانت يا سليمان اعلم منه إذا قال سليمان المسألة محال قال محال عندك انه واحد لا شئ معه وانه سميع بصير حكيم عليم قال نعم قال الرضا عليه السلام فكيف اخبر عزوجل انه واحد حي سميع بصير عليم خبير وهو لا يعلم ذلك وهذا رد ما قال وتكذيبه تعالى الله عن ذلك ثم قال له الرضا (ع) فكيف يريد صنع ما لا يدري صنعه ولا ما هو وإذا كان الصانع لا يدري كيف يصنع الشئ قبل ان يصنعه فانما هو متحير تعالى الله عن ذلك قال سليمان فان الا رادة القدرة قال الرضا عليه السلام وعزوجل يقدر على مالا يريده ابدا ولابد من ذلك لانه قال تارك وتعالى (ولئن شئنا لذهبن

١٤٨

بالذي اوحينا اليك) فلو كانت الارادة هي القدرة لان قد اراد ان يذهب به لقدرته فانقطع سليمان فقال المأمون عند ذلك يا سليمان هذا اعلم هاشمي ثم تفرق القوم. وباسنادي إلى محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله تعالى قال حدثنا علي بن ابراهيم عن ابيه عن اسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن قال : قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام يا يونس لا تقل بقول القدرية فان القدرية لم يقولوا بقول اهل الجنة ولا بقول اهل النار ولا بقول ابليس فان اهل الجنة قالوا الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله وقال اهل النار ربنا غلبت علينا سقوتنا وكنا قوما ضالين وقال ابليس رب ما اغويتني فقلت والله ما اقول بقولهم ولكني اقول لا يكون الا بما شاء الله واراد وقدر وقضى قال فقال يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء الله عزوجل واراد وقد وقضى يا يونس تعلم ما المشية قلت لا قال هي الذكر الاول فتعلم ما الا رادة قلت لا قال هي العزيمة على ما يشاء فتعلم ما القدر قلت لا قال هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء قال : ثم قال والقضاء هو الابرام واقامة العين قال : فاستأذنته ان اقبل رأسه وقلت فتحت لي شيئا كنت عنه في غفلة.

أحاديث الذر

قال الله عز وجل (وإذا اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة اناكنا عن هذا غافلين أو تقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون).

يقول : العبد الضعيف الفقير إلى ربه الغني حسن بن سليمان بن محمد الحلي رويت : عن الشيخ الفقيه الشهيد السعيد ابي عبد الله محمد بن مكي الشامي

١٤٩

عن السيد عبد المطلب بن الاعرج الحسيني عن الحسن بن يوسف بن المطهر عن ابيه عن السيد فخار بن معد الموسوي عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن ابي علي ابن الشيخ ابي جعفر الطوسي عن ابيه عن الشيخ المفيد محمد ابن محمد بن النعمان عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه عن محمد بن عصام الكليني وعلي بن (محمد) أحمد بن عصام الكليني وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق عن محمد بن يعقوب الكليني عن ابي علي الاشعري ومحمد بن يحيى عن محمد بن اسماعيل عن علي بن الحكم عن ابان بن عثمان عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال لو علم الناس كيف كان ابتداء الخلق ما اختلف اثنان ان الله تبارك وتعالى قبل ان يخلق الخلق قال كن ماء عذبا اخلق منك جنتي واهل طاعتي وكن ملحا اجاجا اخلق منك ناري واهل معصيتي ثم امرهما فامتزجا فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم اخذ طينا من اديم الارض فعركه عركا شديدا فإذا هم كالذر يدبون فقال لا صحاب اليمين إلى الجنة بسلام وقال لا صحاب الشمال إلى النار ولا ابالي ثم امر نارا فاسعرت فقال لا صحاب الشمال ادخلوها فابوها وقال لا صحاب اليمين ادخلوها فدخلوها فقال كوني بردا وسلاما فكانت بردا وسلاما فقال اصحاب الشمال يا رب قلنا قال قد اقلتكم فادخلوها فذهبوا فهابوها فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء.

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن ابن اذينة عن زرارة ان رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن قوله عزوجل (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) إلى آخر الآية فقال وابوه يسمع وحدثني ابي ان الله عزوجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم (ع) فصب عليها الماء العذب الفرات وتركها اربعين صباحا ثم صب عليها الماء المالح الاجاج فتركها اربعين صباحا فلما اختمرت الطينة اخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه

١٥٠

وشماله وامرهم جميعا ان يقعوا في النار فدخل اصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما وابى اصحاب الشمال بان يدخلوها.

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن أحمد ابن محمد بن ابي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله عزوجل لما اراد ان يخلق آدم (ع) ارسل الماء على الطين ثم قبض قبضة فعركها ثم فرقها فرقتين بيده ثم ذراهم فإذا هم يدبون ثم رفع لهم نارا فامر اهل الشمال ان يدخلوها فذهبوا إليها فهابوها ولم يدخلوها ثم امر اهل اليمين ان يدخلوها فذهبوا فدخلوها فامر الله عز وجل النار فكانت عليهم بردا وسلاما فلما رأي ذلك اهل الشمال قالوا يا رب أقلنا فاقالهم ثم قال لهم ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها فاعادهم طينا وخلق منها آدم عليه السلام وقال أبو عبد الله (ع) فلن يستطيع هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء قال فيرون ان رسول الله صلى الله عليه واله اول من دخل تلك النار فذلك قوله عزوجل قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين.

يقول : عبد الله وفقيره ومسكينه حسن بن سليمان المدعى محبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه واله واهل بيته وان لم يكن معه بينة قوله عليه السلام فلن يستطيع هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء ظاهره الجبر وليس هو المراد مما ثبت وتحقق من مذهب آل محمد صلوات الله عليهم لكونه ينافي الثواب والعقاب.

والجواب عن هذا الظاهر انه صلى الله عليه وآله أخبر الامر الباطن الذي جرى في علم الله عزوجل مما يؤل امر خلقه إليه ويختم لهم به وكان سببه طاعة من اطاعه ومعصية من عصاه في بدء الخلقة وهم ذر كما بين عليه السلام وشرح في الحديث ولا يلزم من اخباره بهذا العلم الذي علمه الله تعالى اياه واظهره عليه وحدث هو عليه السلام به وانتقل من الغيب إلى الشهادة ومن السر إلى العلانية رفع القدرة والاختيار عن المكلفين فان

١٥١

التكليف انما هو جار على الظاهر دون الباطن الذي هو في علمه سبحانه وتعالى وان امرنا بتصديقه والاذعان له ولهذا امثلة كثيرة.

منها : ما ورد في الحديث ان ولد الزنا لا ينجب فهو اخبار بما يختم له به ويصير امره إليه وهو من سر الله الذي يظهر عليه من يشاء من عباده ولا ينافي هذه الاخبار التكليف بل تجامعه لان التكليف على الظاهر وتحققه قدرة المكلف وهذا اخبار عن الامر الباطن وليس يدخل تحت قدرته.

ومنها ما اخبر رسول الله صلى الله عليه واله عن مشركي اهل مكة وانهم لا يسلمون ومن يقتل منهم ببدر ويرمى بالقليب مع انهم مكلفون بالاسلام والرسول صلى الله عليه واله يدعوهم إليه ويأمرهم به.

ومنها حاجة اهل الفقر والمسكنة واضطرارهم ففي الباطن من الله سبحانه وتعالى لانه هو المغني المفقر بالاجماع لانه سبحانه وتعالى الخالق الرازق المغنى المفقر ومن ادعى سواه كفر به وفي الظاهر ما ورد في الحديث ما جاع فقيرا لا يمنع غني ويسمى الغني قاتل الفقير إذ منعه حقه ويعاقب عليه لا ختياره لذلك ولا منافاة بينهما.

ومنها قتل المقتول ففي الباطن قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم وهو عبد مأمور لا يتوفى نفسا الا باذن ربه سبحانه وفي الظاهر القاتل الذي تولى ازهاق نفس المقتول هو الفاعل للقتل وباختياره فعله ثم يثاب أو يعاقب أو يكون مباحا ولا ينافي باطن هذا الامر ظاهره.

ومنها الغلاء بسبب الاحتكار ففي الباطن هو سبحانه المغلى المرخص للاسعار لانه قسم ارزاق عباده على السعة والضيق ففى الحديث عن الرسول صلى الله عليه واله انه قال قد نفث الروح الامين في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل ما كتب لها ولا يجوز ان ينسب الرزق الا إليه سعته وضيقه وان كان في الظاهر يلام المحتكر ويذم ويعاقب لانه اختار لا احتكار على البيع ولا منافاة بين هذين الامرين.

ومنها الامر الجليل الكبير الذي امر الله عباده بالاقرار به وتصديق

١٥٢

نص الكتاب العزيز عليه وورود الاحاديث الصحيحة به ولا يجوز رد ما ثبت في الكتاب والسنة وليس فيه منافاة للعقول المستصحبة بنور هدى آل محمد صلوات الله عليه وعلومهم التي خصهم بها ربهم وامر من سواهم بسؤالهم كما قال فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فهم اهل الذكر والذكر هنا محمد صلى الله عليه واله بنص الصادق عليه السلام وهو التصديق بقضاء الله وقدره والرضاء بهما ففي الحديث القدسي المروي من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر نعمائي فليتخذ الها سوائي ، وهو من اسرار الله سبحانه التي لم يطلع عليها سواه أو من اراد من حججه من اراد.

وبالاسناد المقدم المتصل إلى الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وقال في القدر الا ان القدر سر من سر الله وستر من ستر الله وحرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله مطوي عن خلق الله مختوم بخاتم الله سابق في علم الله وضع الله العباد عن علمه ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم لانهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانية ولا بعظمة النورانيد ولا بعزة الوحدانية لانه بحرز اخر خالص لله عزوجل عمقه مابين السماء والارض عرضه ما بين المشرق والمغرب اسود كالليل الدامس كثير الحيات والحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى في قعره شمس تضئ لا ينبغي ان يطلع إليها الا الواحد الفرد فمن تطلع إليها فقد ضاد الله في حكمه ونازعه في سلطانه وكشف عن سره وستره وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.

ولقوله عليه السلام فلا يستطيع إلى اخره تأويل اخر وهو صعوبة الانتقال من احدى الحالتين إلى الاخرى لا التعذر الكلي والامتناع من الوقوع كما جاء في وصية النبي صلى الله عليه واله لأمير المؤمنين (ع) يا علي ثلاث لا يطيقها احد من هذه الامة المواساة للاخ في ماله وانصاف الناس من نفسه وذكر الله على كل حال يريد صلى الله عليه واله بعدم الطاقة الصعوبة والمشقة لا امتناع الوقوع لتكليفهم بها بنصوص اهل البيت (ع)

١٥٣

وايضا ماروي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام الا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعامه بقرصيه الا وانكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وما عنى عليه السلام بعدم القدرة سلبها بالكلية وانما اراد الصعوبة والمشقة والتعسر.

ونقول : ان أحاديث الرسول صلى الله عليه واله واهل بيته صلوات الله عليهم تحذو حذو القرآن العزيز ففيها المحكم والمتشابه والخاص والعام والناسخ والمنسوخ والمجمل والمفصل إلى غير ذلك ولا يحل لمؤمن ان يرد الحديث ان صح طريقه أو لم يصح بما يكون فيه مما لا يستبين معناه ويتضح كالقرآن العزيز وقد قال الصادق عليه السلام وقف عندكل ما اشتبه عليك فان الوقوف عند حيرة الضلال اهون من ركوب الاهوال ومن اعظم الاهوال رد علم آل محمد عليهم لا إليهم.

وفي الحديث عن الصادق عليه السلام ان رجلا قال له يابن رسول الله الرجل يعرف بالكذب ياتينا عنكم بالحديث وما نعرفه انرده عليه قال يقول لكم ان جعفر بن محمد يقول ان الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار قال ما يبلغ إلى هذا فقال عليه السلام ان قال لك ان جعفر بن محمد يقول ان الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار فلا تكذبه فانك ان كذبته انما كذبت جعفر بن محمد (ع) قال الله سبحانه وتعالى وما اوتيتم من العلم الا قليلا وما يعلم السامع ما قصد بالحديث.

وفى الحديث بعثنا معاشر الانبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم فمن ثم وجب التسليم وحرم الرد لتعدد درجات العقل وكثرتها لكن كلما خالف الكتاب العزيز والسنة المتفق عليها لا يجوز الا خذ به ولا يحل تكذيب راويه الا ان يرده إلى امام معصوم ويصح النقل عنه بالرد فيجوز حينئذ.

(رجعنا إلى اصل الباب).

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن داود العجلى عن زرارة عن حمران عن ابي جعفر (ع)

١٥٤

قال ان الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا اجاجا فامزج الماآن واخذ طينا من اديم الارض فعركه عركا شديدا فقال لا صحاب اليمين وهم كالذر يدبون إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال إلى النار ولا ابالي ثم قال الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين قال ثم اخذ الميثاق على النبيين فقال الست بربكم وان هذا محمد رسولي وان هذا أمير المؤمنين قالوا بلى فثبتت لهم النبوة واخذ الميثاق على اولي العزم انني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين واوصياؤه من بعده ولاة امري وخزان علمي وان المهدي انتصر به لديني واظهر به دولتي وانتقم به من اعدائي وابعد به طوعا وكرها قالوا اقررنا يا رب وشهدنا. [*]

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي ابن ابراهيم عن ابيه عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجساني قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ان الله عزوجل لما اخرج ذرية آدم من ظهره ليأخذ عليه الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي فكان أول من اخذ له عليهم الميثاق نبوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله ثم قال الله عزوجل لآدم انظر ماذا ترى قال فنظر آدم عليه السلام إلى ذريته وهم ذر قد ماؤا السماء فقال آدم يا رب ما اكثر ذريتي ولا مر ما خلقتهم فما تريد منهم باخذك الميثاق عليهم قال الله عزوجل يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم قال آدم يا رب فمالي ارى بعض الذر اعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور قال الله عزوجل كذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم قال آدم يا رب فتأذن لي في الكلام فاتكلم قال الله عزوجل له تكلم فان روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي قال آدم يا رب فلو كنت خلقتهم على

__________________

[*] للحديث بقية ذكرت في الكافي في كتاب الايمان والكفر فراجع. (محمد صادق آل بحر العلوم)

١٥٥

مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة والوان واحدة واعمار واحدة وارزاق واحدة سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الاشياء قال الله تعالى يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت مالا علم لك به وانا الخالق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيتي يمضي فيهم امري والى تدبيري وتقديري سائرون لا تبديل لخلقي انما خلقت الجن والانس ليبدوني وخلقت الجنة لمن عبدني واطاعني منهم واتبع رسلي ولا ابالي وخقت النار لمن كفرني وعصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي اليك واليهم وانما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وابلوهم ايكم احسن عملا في الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم ولذلك خلقت الدنيا والاخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار وكذلك اردت. في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم واجسامهم والوانهم واعمارهم وارزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم فجعلت منهم لسعيد والشقى والبصير والاعمى والقصير والطويل والجميل والذميم والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزماته ومن لاعاهة به فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني ان اعافية ويصبر على بلائي فانيله جزيل عطائي وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني وبشكرني وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني وينظر المؤمن إلى الكافر فبحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم لابلوهم في السراء والضراء وفيما اعافيهم وفيما ابليهم وفيما اعطيهم وفيما امنعهم وانا الله الملك القادر ولي ان امضى جميع ما قدرت على ما دبرت ولي ان اغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت واقدم من ذلك ما اخرت واؤخر من ذلك ما قدمت وانا الله الفعال لما اريد لا اسئل عما افعل وانا اسأل خلقي عما هم فاعلون.

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد

١٥٦

عن الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن ابي عبد الله عليه السلام ان بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه واله باي شئ سبقت الانبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم قال اني كنت اول من آمن بربي واول من أجاب حيث اخذ الله ميثاق النبيين واشهدهم على انفسهم الست بربكم فكنت انا اول نبي قال بلى فسبقتهم بالاقرار بالله عزوجل.

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن بعض اصحابنا عن عبد الله بن سنان قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام جعلت فداك اني لاري بعض اصحابنا يعتريه النزق والحذق والطيش فأغتم لذلك غما شديدا وارى من خالفنا فاراه حسن السمت فقال لا تقل حسن السمت فان السمت سمت الطريق ولكن قل حسن السيماء فان الله عزوجل يقول سيماهم في وجوههم قال : قلت له حسن السيماء له وقاد فأغتم لذلك فقال لاتغتم لما رأيت من نزق اصحابك ولما رأيت من حسن سيماء من خالفك ان الله تعالى لما اراد ان يخلق آدم خلق تلك الطينتين ثم فرقهما فرقتين فقال لاصحاب اليمين كونوا خلقا باذني فكانوا خلقا بمنزلة الذر يدرج وقال لاصحاب الشمال كونوا خلقا باذني فكانوا خلقا بمنزلة الذر يدرج ثم رفع لهم نارا فقال ادخلوها باذني فكان اول من دخلها محمد (ص) ثم اتبعه اولوا العزم من الرسل واوصيائهم واتباعهم ثم قال لاصحاب الشمال ادخلوها باذني فقالوا ربنا خلقتنا لتحرقنا فعصوا فقال لاصحاب اليمين اخرجوا من النار باذني فخرجوا لم تكلم منهم كلما ولم توثر فيهم اثرا فلما رأهم اصحاب الشمال قالوا ربنا نرى اصحابنا قد سلموا فاقلنا ومرنا بالدخول قال قد اقلتكم فادخلوها فلما دنوا واخذهم الوهج رجعوا وقالوا يا ربنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا واما اصحاب اليمين فامرهم بالدخول ثالثا كل ذلك يطيعون ويخرجون وامر هؤلاء ثلاثا كل ذلك يعصون ويرجعون فقال لهم كونوا طينا باذني فخلق منهم آدم قال فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء وما

١٥٧

رأيت من نزق اصحابك وخلقهم فمما اصابهم من لطخ اصحاب الشمال وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فمما اصابهم من لطخ اصحاب اليمين

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن علي بن اسماعيل عن محمد بن اسماعيل عن سعدان بن مسلم عن صالح بن سهل عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سأل رسول الله صلى الله عليه واله باي شئ سبقت ولد آدم قال انني اول من اقر بربي ان الله عزوجل اخذ ميثاق النبيين واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى فكنت اول من اجاب، وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن ابي بصير قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام كيف اجابوا وهم ذر فقال جعل فيهم ما إذا سألهم اجابوه يعني في الميثاق، وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل فطرة الله التي فطر الناس عليها ما تلك الفطرة قال هي الاسلام فطرهم حين اخذ ميثاقهم على التوحيد قال الست بربكم وفيه المؤمن والكافر.

وبالاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى عمير عن ابن اذينة عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله عزوجل (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى) الآية قال اخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم فاراهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف احد ربه عزوجل.

نقول : صدق عليه السلام ان الرؤية تطلق على معنيين رؤية القلب بمعنى اليقين وعدم الشك وتطلق ايضا على البصر بالعين وهذا منفي عنه بقوله سبحانه وتعالى ولا يحيطون به علما ومن ادركه ببصر العين فقد أحاط به العلم فيكون المعنى الاول هو المراد هنا خاصة.

١٥٨

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المنقري قال حدثنا أبو عمر محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الموصلي ببغداد قال حدثني محمد بن عاصم الطريفي قال حدثنا أبو زيد عياش بن زيد بن الحسن ابن علي الكحال مولى زيد بن علي قال حدثنا ابي زيد بن الحسن قال حدثني موسى بن جعفر صلى الله عليهما قال : قال الصادق عليه السلام من صلى على النبي وآله فمعناه اني انا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله الست بربكم قالوا بلى.

وبالاسناد عن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه رفعه إلى الصادق عليه السلام قال ان الله تعالى آخى بين الارواح في الاظلة قبل ان يخلق الاجساد بالفي عام فلو قد قام قائمنا اهل البيت ورث الاخ الذي آخا بينهما في الاظلة ولم يورث الاخ في الولادة.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن على بن بابويه رحمه الله قال حدثنا علي ابن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال حدثنا محمد بن ابي عبد الله الكوفي عن محمد بن اسماعيل البرمكى قال حدثنا جذعان بن نصر أبو نصر الكندي قال حدثني سهل بن زياد الادمي عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن ابن كثير عن داود الرقى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل وكان عرشه على الماء فقال لي ما يقولون في ذلك قلت يقولون ان العرش كان على الماء والرب فوقه فقال كذبوا من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه يصفة المخلوقين ولزمه ان الشئ الذي يحمله اقوي منه قلت بينه لي جعلت فداك فقال ان الله عز وجل حمل دينه وعلمه الماء قبل ان تكون ارض اوسماء أو جن أو انس أو شمس أو قمر فلما اراد ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم من ربكم فكان اول من نطق رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام فقالوا أنت ربنا فحملهم العلم والدين ثم قال للملائكة هؤلاء حملة ديني وعلمي وامنائي في خلقي وهم المسؤولون ثم

١٥٩

قيل لبني آدم افروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة فقالوا نعم ربنا اقررنا فقال الله تعالى للملائكة اشهدوا فقالت الملائكة شهدنا على ان لا يقولوا غدا انا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا انما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون يا داود ولا يتنا مؤكدة عليهم في الميثاق، وبالاسناد عن محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا علي بن ابراهيم قال حدثنا محمد بن عيسى ابن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (ع) قال سألته عن قول الله عز وجل فطرة الله التي فطر الناس عليها ما تلك الفطرة قال هي الاسلام فطرهم الله حين اخذ ميثاقهم على التوحيد فقال الست بربكم وفيه المؤمن والكافر.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن ابيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن زرارة قال قلت لابي جعفر عليه السلام اصلحك الله قول الله عزوجل في كتابه فطرة الله التي فطر الناس عليها قال فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة انه ربهم قلت وعاينوه فطأطأ رأسه ثم قال لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا من رازقهم. نقول : صدق ابن رسول الله ومعناه ما قال مولانا أمير المؤمنين (ص) لما قال له رجل ارأيت ربك يا أمير المؤمنين قال لم اكن اعبد ربا لم اره قال وكيف رأيته قال لم تره العيرن بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقايق الايمان، وبالاسناد عنه عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن ابراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن ابي عمير عن ابن اذينه عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله عزوجل حنفاء لله غير مشركين به وعن الحنيفية فقال هي الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله قال فطرهم الله على المعرفة به.

قال : زرارة وسألته عن قول الله عزوجل (واذ اخذ ربك من بني آدم

١٦٠