مختصر بصائر الدّرجات

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي

مختصر بصائر الدّرجات

المؤلف:

الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٨

قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون بان طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة الله تعالى ثم ينكرون حجتهم ويخصمون انفسهم لضعف قلوبهم فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من اعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا اترون ان الله تعالى افترض طاعة اوليائه على عباده ثم يخفي عنهم اخبار السموات والارض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم فقال له حمران يابن رسول الله ارأيت ماكان من قيام أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله وما اصيبوا به من قبل الطواغيت والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا فقال أبو جعفر عليه السلام ولو انهم يا حمران حين نزل بهم ما نزل من ذلك سألوا الله تعالى ان يدفع عنهم ذلك والحوا عليه في ازالة تلك الطواغيت عنهم وذهاب ملكهم لكان ذلك اسرع من سلك منظوم انقطع وتبدد وما كان الذي اصابهم لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوه فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله تعالى اراد ان يبلغوها فلا تذهبن بك المذاهب.

ومن كتاب ابن البطريق روى علي بن الحسين قال حدثنا هرون بن موسى قال حدثني محمد بن همام عن عبد الله بن جعفر الحميري عن عمر بن علي العبدي عن داود بن كثير الرقي عن يونس بن ظبيان قال دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فقلت يابن رسول الله اني دخلت على مالك وعنده جماعة يتكلمون في الله فسمعت بعضهم يقول ان الله تبارك وتعالى وجها كالوجوه وبعضهم يقول له يدان واحتجوا بقول الله تعالى بيدي استكبرت وبعضهم يقول هو كالشاب من ابناء ثلاثين سنة فما عندك في هذا يابن رسول الله قال وكان متكيا فاستوى جالسا وقال اللهم عفوك عفوك ثم قال يا يونس من زعم ان لله وجها كالوجوه فقد اشرك ومن زعم ان لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله فلا تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين وجه الله انبيائه واوليائه وقوله تالى خلقت بيدي فاليد القدرة وكقوله

١٢١

تعالى هو الذي ايدك بنصره فمن زعم ان الله تعالى في شئ أو علي شئ أو يخلو منه شئ أو يشغل به شئ فقد وصفه بصفة المخلوقين والله خالق كل شئ لا يقاس بالقياس ولا يشبه بالناس ولا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان قريب في بعده بعيد في قربه ذلك الله ربنا لا اله غيره فمن اراد الله واحبه ووصفه بهذه الصفة فهو من الموحدين ومن وصفه بغير هذه الصفة فالله برئ منه ونحن براء منه ثم قال عليه السلام انما اولوا الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فان حب الله إذا ورثه القلب استضاء واسرع إليه اللطف فإذا نزل منزلة اللطف صار من اهل الفوايد تكلم بالحكمة فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة فإذا عمل بها في القدرة عرف الاطباق السبعة فإذا بلغ إلى هذه المنزلة صار يتقلب فكره بلطف وحكمة وبيان فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبة في خالقه فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء وورث العلم بغير ما ورثه العلماء وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون ان الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت وان العلماء ورثوا العلم بالطلب وان الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة فمن اخذ بهذه الصفة اما ان يسفل أو يرفع واكثرهم يسفل ولا يرفع إذ لم يرع حق الله ولم يعمل بما امر به فهذه منزلة من لم يعرفه حق معرفته ولم يحبه حق محبته فلا تغرنك صلوتهم وصيامهم ورواياتهم وكلامهم وعلومهم فانهم حمر مستنفرة ثم قال يا يونس إذا اردت العلم الصحيح فعندنا اهل البيت فانا ورثناه واوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب فقلت يابن رسول الله فكل من كان من اهل البيت ورث ما ورث ولد علي وفاطمة عليهما السلام فقال ما ورثه الا الأئمة الاثنى عشر قلت سمهم لي يابن رسول الله قال اولهم علي بن ابي طالب عليه السلام وبعده الحسن وبعده الحسين وبعده علي بن الحسين وبعده محمد بن علي وبعده انا وبعدي موسى ولدي وبعد موسى علي ابنه وبعد علي محمد وبعد محمد علي

١٢٢

وبعد علي الحسن وبعد الحسن الحجة اصطفانا الله وطهرنا واوتينا ما لم يؤت احدا من العالمين ، ومن كتاب محمد بن الحسن الصفار الموسوم ببصاير الدرجات.

باب في أئمة آل محمد

(صلوات الله عليهم اجمعين)

وان حديثهم صعب مستصعب رويت باسنادي عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر قال : قال أبو جعفر (ع) قال رسول الله (ص) ان حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان فما ورد عليكم من حديث آل محمد (ص) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وانكرتموه فردوه إلى الله تعال والى الرسول والى العالم من آل محمد (ص) وانما الهالك ان يحدث احدكم بشئ لا يحتمله فيقول والله ماكان هذا والانكار هو الكفر ، وباسنادي عن محمد بن الحسن عن محمد بن أحمد عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي قال حدثنا الحسن بن حماد الطائي عن سعد عن ابي جعفر عليه السلام قال حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن أو مدينة حصينة فإذا وقع امرنا وجاء مهدينا كان الرجل اجرأ من ليث وامضى من سنان يطأ عدونا برجليه ويضربه بكفيه وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه عن العباد.

محمد بن الحسن عن محمد بن الحسين عن محمد بن الهيثم عن ابيه عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر (ع) قال سمعته يقول ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتلمه الا ثلاث نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن الله قلبه للايمان

١٢٣

ثم قال يا أبا حمزة الا ترى انه اختار لامرنا من الملائكة المقربين ومن النبيين المرسلين ومن المؤمنين الممتحنين.

محمد بن الحسن عن ابراهيم بن هاشم عن ابي عبد الله البرقي عن ابن سنان أو غيره يرفعه إلى ابي عبد الله عليه السلام قال ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا صدور منيرة وقلوب سليمة واخلاق حسنة ان الله تعالى اخذ من شيعتنا الميثاق كما اخذ على بني آدم حيث يقول عزوجل واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى فمن وفي لنا وفي الله له بالجنة ومن ابغضنا ولم يؤد الينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا.

محمد بن الحسن عن ابراهيم بن اسحاق عن عبد الله بن حماد عن صباح المزني عن الحارث بن حصيرة عن الاصبغ بن نباته قال سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول ان حديثنا صعب مستصعب خشن مخشوش فانبذوا إلى الناس نبذا فمن عرف فزيدوه ومن انكر فامسكوا لا يحتمله الا ثلاث ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبدا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، محمد بن الحسن قال حدثني سلمة عن محمد بن المثني عن ابراهيم ابن هاشم عن اسماعيل بن عبد العزيز قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول حديثنا صعب مستصعب ذكوان مقنع لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبى مرسل أو مؤمن ممتحن قال ثم قال ما من احد افضل من المؤمن الممتحن.

محمد بن الحسن عن أحمد بن الحسين عن ابيه عن منصور بن يونس عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال حديثنا صعب مستصعب ذكوان اجرد مقنع قال قلت فسر لي جعلت فداك قال ذكوان ذكى ابدا قال قلت اجرد قال طوي ابدا قلت مقنع قال مستور.

عمران بن موسى عن محمد بن علي وغيره عن هرون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال ذكرت التقية يوما عند على بن الحسين (ع) فقال والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله

١٢٤

ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه واله بينهما فما ظنكم بساير الخلق ان علم العلماء صعب مستصعب لا يحتلمه الا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان قال وانما صار سلمان من العلماء لانه امرء منا اهل البيت فلذلك نسبته إلى العلماء.

محمد بن الحسن عن أحمد بن ابراهيم عن اسماعيل بن مهران عن عثمان ابن جميلة عن ابي الصامت قال : قال أبو عبد الله (ع) حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكي وعر لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن قلت فمن يحتمله جعلت فداك قال من شئنا يا أبا الصامت قال أبو الصامت فظننت ان لله عبادا افضل من هؤلاء الثلاثة.

يقول حسن بن سليمان لعله عليه السلام اراد بقوله من شئناهم صلوات الله عليهم لان علمهم الذي استودعهم الله سبحانه منه ما لا يصل إلى غيرهم بل خصهم به ، كما روى عن الصادق عليه السلام ان الله سبحانه وتعالى جعل اسمه الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا فاعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفا واعطى نوحا منها خمسة عشر حرفا واعطى ابراهيم منها ثمانية احرف واعطى موسى منها اربعة احرف واعطى عيسى منها حرفين فكان يحيى بها الموتى ويبرء الاكمه والابرص واعطى محمدا (ص) اثنتين وسبعين حرفا واحتجب بحرف لئلا يعلم احد ما في نفسه ويعلم ما في انفس العباد وما روى من ان الله سبحانه وتعالى اوحى إلى محمد (ص) يا محمد لا تكتم عليا شيئا مما ببني وبينك فانه ليس بيني وبينك وبينه سر فهذا فضل لم يؤته سواهم.

ومن ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه واله يا علي ما عرف الله الا انا وانت وما عرفني الا الله وانت وما عرفك الا الله وانا فقد صح انهم خزان العلم وعيبته وصاحب الدرجة العليا يطيق حمل الدنيا وصاحب الدنيا لا يطيق حمل العليا كما مر في حديث ابي ذر وسلمان إذ كان أبو ذر في التاسعة من درجات الايمان وسلمان في العاشرة من درجات الايمان

١٢٥

فوضح ما ادعيناه والله اعلم.

محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن ابي عمير عن منصور عن مخلد بن حمزة بن نصر عن ابي الربيع الشامي عن ابي جعفر (ع) قال كنت معه جالسا فرأيت ان أبا جعفر (ع) قد نام فرفع رأسه وهو يقول يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة بالستها لا تدري ما كنهه قلت ما هو جعلني الله فداك قال قول ابي علي بن ابي طالب (ع) ان امرنا صعب مستعصب لا يحتلمه الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان يا أبا الربيع الا تري انه يكون ملك ولا يكون مقربا ولا يحتمله الا مقرب وقد يكون نبي وليس بمرسل ولا يحتمله الا مرسل وقد يكون مؤمن وليس بممتحنين ولا يحتمله الا مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان.

سلمة بن الخطاب عن القاسم بن يحيى عن جده عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال خالطوا الناس بما يعرفون ودعوهم مما ينكرون ولا تحملوا على انفسكم وعلينا ان امرنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان.

محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن محمد بن الهيثم عن ابيه عن ابي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول ان امرنا صعب مستصعب لا يحتلمه الا ثلاثة ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان ثم قال لي يا أبا حمزة الست تعلم ان في الملائكة مقربين وغير مقربين وفى النبيين مرسلين وغير مرسلين وفى المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين قال قلت بلى قال الا ترى إلى صعبوة امرنا ان الله اختار له من الملائكة المقربين من النبيين المرسلين ومن المؤمنين الممتحنين.

محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن جابر عن ابي عبد الله (ع) قال ان امرنا سر في سر وسر مستسر وسر لا نعيده الاسر وسر على سر وسر مقنع بسر.

محمد بن أحمد عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفى قال حدثني أحمد بن

١٢٦

محمد عن ابي اليسر قال حدثني زيد بن المعدل عن ابان بن عثمان قال : قال لي أبو عبد الله (ع) ان امرنا هذا مستور مقنع بالميثاق من هتكه اذله الله وروي عن ابن محبوب عن مرازم قال : قال لي أبو عبد الله (ع) ان أمرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر وسر المستسر وسر مقنع بسر.

عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن اسباط عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السلام قال قرأت عليه آية الخمس فقال ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا ثم قال والله لقد يسر الله على المؤمنين رزقهم بخمسة دارهم جعلوا لربهم واحدا واكلوا اربعة حلالا ثم قال هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه الا ممتحن قلبه للايمان.

ورويت باسنادي إلى محمد بن علي بن بابويه رحمه الله عن ابيه عن أحمد ابن ادريس عن الحسين بن عبيدالله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن بعض أهل المدائن قال كتبت إلى ابي محمد (ع) روى لنا عن أبائكم عليهم السلام ان حديثكم صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرب ولا نبى مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان قال فجاء الجواب انما معناه ان الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك اخر مثله ولا يحتمله نبى حتى يخرجه إلى نبى آخر مثله ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن آخر مثله انما معناه انه لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما في صدره حتى يخرجه إلى غيره.

محمد بن علي بن بابويه قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن سفيان ابن يعقوب بن الحارث بن ابراهيم الهمداني في منزله بالكوفة قال حدثنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي قال حدثنا علي بن بزرج الحناط قال حدثنا عمرو بن اليسع عن شعيب الحداد قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول ان حديثنا صعب مستسصعب لا يحتلمه الا ملك مقرب أو نبى مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان أو مدينة حصينة

١٢٧

قال عمرو فقلت لشعيب يا أبا الحسن واي شئ المدينة الحصينة قال فقال سألت أبا عبد الله (ع) عنها فقال لي القلب المجتمع.

(حديث من غير الباب) وباسنادي المتصل للصدوق محمد بن علي ابن بابويه رحمه الله عن ابيه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني محمد ابن الحسين بن ابي الخطاب عن محمد بن سنان عن حمزة ومحمدا بني حمران قالا اجتمعنا عند ابي عبد الله عليه السلام في جماعة من اجلة مواليه وفينا حمران بن اعين فحصنا بالمناظرة وحمران ساكت فقال له أبو عبد الله (ع) مالك لا تتكلم يا حمران فقال يا سيدي آليت على نفسي الا اتكلم في مجلس تكون أنت فيه فقال أبو عبد الله (ع) اني قد اذنت لك في الكلام فتكلم فقال حمران اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له (لم يتخذ صاحبة ولا ولدا) خارج من الحدين حد التعطيل وحد التشبيه وان الحق القول بين القولين لا جبر ولا تفويض وان محمدا صلى الله عليه واله عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واشهد ان الجنة حق وان النار حق وان البعث بعد الموت حق واشهد ان عليا حجة الله على خلقه لا يسع الناس جهله وان حسنا بعده وان الحسين من بعده ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنت يا سيدي من بعدهم فقال أبو عبد الله عليه السلام الترتر حمران ثم قال يا حمران مد المطمر بينك وبين العالم قلت يا سيدي وما المطمر فقال انتم تسمونه خيط البناء فمن خالفك على هذا الامر فهو زنديق فقال حمران وان كان علويا فاطميا فقال أبو عبد الله (ع) وان كان محمديا علويا فاطميا.

وباسنادي إلى محمد بن علي بن بابويه رحمه الله عن ابيه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن ابي عبد الله عن ابيه عن ابن سنان عن ابراهيم بن ابي البلاد عن سدير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول أمير المؤمنين عليه السلام ان امرنا صعب مستصعب لا يقربه الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان فقال ان من الملائكة مقربين

١٢٨

وغير مقربين ومن الانبياء مرسلين وغير مرسلين ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين فعرض امركم هذا على الملائكة فلم يقربه الا المقربون وعرض على الانبياء فلم يقربه الا المرسلون وعرض على المؤمنين فلم يقربه الا المتحنون قال ثم قال لي مر في حديثك.

وباسنادي عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن ابي حمزة عن سعيد بن المسيب قال سألت علي بن الحسين عليهما السلام ابن كم كان علي بن ابي طالب (ع) يوم اسلم قال أو كان كافرا قط انما كان لعلي حيث بعث الله عزوجل رسوله صلوات الله عليه واله عشر سنين ولم يكن يومئذ كافرا ولقد آمن بالله وبرسوله (ص) وسبق الناس كلهم إلى الايمان بالله وبرسوله (ص) والى الصلوة بثلاث سنين وكانت اول صلوة صلاها مع رسول الله (ص) الظهر ركعتين وكذلك فرضها الله تعالى على من اسلم بمكة ركعتين ركعتين في الخمس صلوات وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصليها بمكة ركعتين ثم يصليها علي معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين حتى هاجر رسول الله (ص) إلى المدينة وخلف عليا (ع) في امور لم يكن يقوم بها احد غيره وكان خروج رسول الله صلى الله عليه واله من مكة في اول يوم من ربيع الاول وذلك يوم الخميس من سنة ثلاثة عشرة من المبعث وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول مع زوال الشمس ونزل (بقبا) فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا (ع) يصلى الخمس صلوات ركعتين ركعتين وكان نازلا على عمرو بن عوف فاقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له اتقيم عندنا فنتخذ لك منزلا ومسجدا فيقول لا اني انتظر علي بن ابي طالب عليه السلام وقد امرته ان يلحقني فلست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي عليه السلام وما اسرعه ان شاء الله تعالى فقدم علي (ع) والنبي (ص) في بيت عمرو بن عوف فنزل معه ثم ان رسول الله صلى الله عليه واله لما قدم على (ع) تحول عن

١٢٩

قبا إلى بني سالم بن عوف وعلي (ع) معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس فحط لهم مسجدا ونصب قبلة فصلى بهم الجمعة ركعتين وخطب خطبتين ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها وعلي عليه السلام معه لا يفارقه يمشي بمشيته وليس يمر رسول الله (ص) ببطن من بطون الانصار الا قاموا إليه يسألونه ان ينزل عليهم فيقول لهم خلوا سبيل الله الناقة فانها مأمورة فانطلقت به ورسول الله صلى الله عليه واله واضع لها زمامها حتى انتهت إلى هذا الموضع الذي ترى واشار بيده إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه واله الذي يصلي عنده با لجنايز فوقفت عنده وبركت ووضعت جرائها على الارض فنزل رسول الله (ص) واقبل أبو ايوب مبادرا حتى احتمل رحله فادخله منزله ونزل رسول الله (ص) وعلى (ع) معه حتى بنى له مسجد وبنيت له مساكن ومسكن علي (ع) فتحولا إلى منازلهما فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين عليهما السلام جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه واله حين اقبل إلى المدينة فاين فارقه فقال له ان ابا بكر لما قدم رسول الله (ص) إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي (ع) فقال له أبو بكر انهض بنا إلى المدينة فان القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون اقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم ههنا تنتظر عليا فما اظنه يقدم عليك إلى شهر فقال له رسول الله صلى الله عليه واله كلا ما اسرعه لست أريم حتى يقدم ابن عمي واخي في الله واحب اهل بيتي الي فقد وفاني بنفسه من المشركين قال فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي (ع) فكان ذلك اول عداوة بدت منه لرسول الله (ص) في علي عليه السلام وأول خلاف على رسول الله (ص) فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول الله (ص) بقبا ينتظر عليا (ع) قال : فقلت لعلي بن الحسين (ع) فمتى زوج رسول الله (ص) فاطمة عليها السلام من علي فقال بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين قال : علي بن الحسين عليهما السلام

١٣٠

ولم يولد لرسول الله (ص) من خديجة على فطرة الاسلام الا فاطمة (ع) وقد كانت خديجة رضي الله عنها ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت خديجة رحمها الله بسنة فلما فقدها رسول الله صلى الله عليه واله سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد واشفق على نفسه من كفار قريش فشكى إلى جبرئيل عليه السلام ذلك فأوحى الله تعالى إليه اخرج من القرية الظالم اهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر وانصب للمشركين حربا فعند ذلك توجه رسول الله صلى الله عليه واله إلى المدينة فقلت له متى فرضت الصلوة على المسلمين على ماهم عليه اليوم فقال بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوى الاسلام وكتب الله على المسلمين الجهاد زاد رسول الله (ص) في الصلوة سبع ركعات في الظهر ركعتين وفي العصر ركعتين وفي المغرب ركعة وفى العشاء الاخرة ركعتين واقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء وتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء فكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه واله صلوة الفجر فلذلك قال الله عزوجل وقران الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا يشهده المسلمون وتشهده ملائكة النهار وملائكة الليل.

أحاديث القضاء والقدر

وبالاسناد المتقدم عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه قال اخبرنا أحمد ابن هرون القاضي وجعفر بن محمد بن مسرور قالا : حدثنا محمد بن جعفر ابن بطة قال : حدثنا أحمد بن ابي عبد الله البرقي عن ابيه عن محمد بن ابي عمير عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله (ع) قال : سمعت ابي عليه السلام يحدث عن ابيه (ع) ان رجلا قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له

١٣١

يا أمير المؤمنين بما عرفت ربك فقال (ع) بفسخ العزم ونقض الهم لما ان هممت حال بيني وبين همي وعزمت فخالف القضاء عزمي فعلمت ان المدبر غيري ، والحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.

وبالاسناد عنه قال : حدثنا ابي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن ابي عبد الله عليه السلام قال : ان الله عزوجل خلق الخلق فعلم ماهم صايرون إليه وامرهم ونهاهم فما امرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى الاخذ به وما نهاهم عنه من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ولا يكونوا آخذين ولا تاركين الا باذن الله تعالى.

وبالاسناد عنه قال : حدثني ابي رحمه الله قال : حدثنا علي بن ابراهيم ابن هاشم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن حفص بن قرط عن ابى عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) من زعم ان الله تبارك وتعالى يامر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ومن زعم ان الخير والشر بغير مشية الله فقد اخرج الله من سلطانه ومن زعم ان المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله ومن كذب على الله ادخله الله النار.

قوله عليه السلام ومن زعم ان الخير والشر بغير مشية الله فقد اخرج الله من سلطانه ; ومثله ما روي في الحديث عن حريم الحسين بن علي (ع) شاء الله ان يراهن سبايا.

أعلم ان المشية قد تكون مشية حتم كمشية الله سبحانه وتعالى لخلقنا على الصفات الجارية في علمه السابق فهو يقع كما شاء وقد تكون مشية تخليته للعبد بينه وبين فعله كما يخلى الله تعالى بين العصاة وبين معاصيهم إذ لم يتفضل عليهم ويعصمهم منها فمشيته فيها عدم عصمته لهم وتركه اياهم وانفسهم بعد مابين لهم من امره ونهيه فوافق علمه السابق في علمه لتمام حكمته وبلوغ ما جرى من علمه من الثواب للمطيع والعقاب للعاصي فمشيته في الشر التخلية من غير عصمة واذ لم يشأ عصم كما خلى بين

١٣٢

آدم (ع) وأكل الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها وكان أكله سببا لخروج الذرية المأخوذة العهد والميثاق عليها إلى هذه الدار على هذه الصفة على ما جرى في علمه سبحانه ان كاين ولا بد منه والا كل من الشجرة اصله وسببه فنهاه سبحانه عن الاكل منها وشاء ان يخلى بينه وبينها ولا يعصمه في تلك الحال كما عصم يوسف (ع) لما علم منهما من وجه الحكمة لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن الحسن بن علي بن فضال عن ظريف بن ناصح عن الحصين قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول سئل رسول الله (ص) عن الساعة فقال عند ايمان بالنجوم وتكذيب بالقدر.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدثنا علي بن الحسين السعد ابادي عن أحمد بن ابي عبد الله البرقي عن ابيه عن يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام قالا ان الله عزوجل ارحم بخلقه من ان يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليا والله اعز من ان يريد امرا فلا يكون قال فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة قالا نعم اوسع مما بين السماء والارض ، وبالاسناد عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد ابن الوليد قال : حدثنا الحسن بن متيل عن أحمد بن ابي عبد الله عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله (ع) قال ان الله اكرم من ان يكلف خلقه مالا يطيقون والله اعز من ان يكون في سلطانه مالا يريد.

وبالاسناد عنه عن علي بن عبد الله الوراق قال حدثنا سعد بن عبد الله عن اسماعيل بن سهل عن عثمان بن عيسى عن محمد بن عجلان قال : قلت لابي عبد الله (ع) فوض الله الامر إلى العباد فقال الله اكرم من ان يفوض إليهم قلت فاجبر الله العباد على افعالهم فقال الله أعدل من ان يجبر عبدا

١٣٣

على فعل ثم يعذبه عليه.

وبالاسناد عنه عن ابيه عن سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن سليمان بن جعفر الجعفري عن ابي الحسن الرضا (ع) قال ذكر عنده الجبر والتفويض فقال الا اعطيكم في هذا اصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه احد الا كسر تموه قلنا ان رأيت ذلك فقال ان الله عزوجل لم يطع باكراه ولم يعص بغلبة ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما اقدرهم عليه فان اثم العباد بطاعته عزوجل لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا وان ائتمروا بمعصية الله فشاء ان يحول بينهم وبين ذلك فعل وان لم يحل وفعلوه فليس هو الذي ادخلهم فيه ثم قال عليه السلام من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه.

وبالاسناد عنه عن ابيه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا يعقوب ابن يزيد عن ابن ابي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن عبد الله ابن سليمان عن ابي عبد الله (ع) قال سمعته يقول ان القضاء والقدر خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق ما يشاء.

وبالاسناد عنه قال حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن ابراهيم بن هاشم عن علي بن معبد عن درست عن ابن اذينة عن زرارة عن ابي عبد الله (ع) قال : قلت له جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر قال اقول : ان الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولا يسألهم عما قضى عليهم.

وبالاسناد عن الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال حدثني علي بن أحمد الرازي قال حدثني محمد بن جعفر الاسدي قال حدثني محمد بن ابي القاسم قال حدثني اسحاق بن ابراهيم العطار قال حدثني محمد بن علي بن موسى البصري قال حدثني سليمان بن عيسى الشحري قال حدثني اسرائيل عن ابن اسحاق عن الحارث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال ان ارواح القدرية تعرض على النار غدوا وعشيا حتى تقوم الساعة

١٣٤

فإذا قامت الساعة عذبوا مع اهل النار بانواع العذاب فيقولون يا ربنا عذبتنا خاصة وتعذبنا عامة فيرد عليهم ذو قوامس سقرانا كل شئ خلقناه بقدر.

وبالاسناد عن محمد بن علي قال حدثني علي بن أحمد قال حدثني محمد ابن جعفر قال حدثني محمد بن ابي بشر قال حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال حدثني محمد بن خالد البرقي عن يونس بن عبد الرحمن عمن حدثه عن ابي عبد الله (ع) قال ما انزل الله هذه الايات الا في القدرية (ان المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذو قوامس سقرانا كل شئ خلقناه بقدر).

وبالاسناد عن محمد بن علي قال حدثني علي بن أحمد قال حدثني محمد ابن جعفر قال حدثني سلمة بن عبد الملك قال حدثني داود بن سليمان عن ابي الحسن علي بن موسى عن ابيه عن ابائه صلوات الله عليهم اجمعين قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله صنفان من امتي ليس لهم في الاسلام نصيب المرجئة والقدرية.

وبالاسناد عن محمد بن علي بن الحسين قال حدثني أحمد بن محمد قال حدثني سعد بن عبد الله قال حدثني أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن علي بن ابي حمزة قال حدثني ابي انه سمع أبا جعفر (ع) يقول يحشر المكذبون بقدر الله من قبورهم قد مسخوا قردة وخنازيز ، وبالاسناد عن محمد بن علي بن الحسين قال حدثني محمد ابن موسى بن المتوكل قال حدثني عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن زرارة ابن اعين ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) قال نزلت هذه الآية في القدرية (ذوقوا مسَّ سَقَرَ انا كل شئ خلقناه بقدر).

وبالاسناد عن محمد بن علي قال حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثني بن جعفر قال حدثنا موسى بن عمران النخعي قال حدثني الحسين بن زيد النوفلي عن اسماعيل بن مسلم السكوني عن ابي عبد الله

١٣٥

جعفر بن محمد عن ابائه عن علي بن ابي طالب عليهم السلام قال يجاء باصحاب البدع يوم القيامة فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الاسود فيقول الله عزوجل ما اردتم فيقولون اردنا وجهك فيقول قد افلتكم عثراتكم وغفرت لكم زلاتكم الا القدرية فانهم دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون ، وبهذا الاسناد عن علي بن ابي طالب (ص) انه دخل عليه مجاهد مولى عبد الله ابن عباس فقال يا أمير المؤمنين ما تقول في كلام القدرية ومعه جماعة من الناس فقال أمير المؤمنين (ع) أمعك احد منهم ـ اوفى البيت أحد منهم ـ قال ما تصنع بهم يا أمير المؤمنين فقال استيتبهم والا ضربت اعناقهم.

ورويت باسنادي إلى الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله رفع الحديث إلى الصادق (ع) انه قال لزرارة حين سأله فقال ما تقول في القضاء والقدر قال : اقول ان الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.

ورويت بطريق الصدوق ايضا عن مولانا أمير المؤمنين (ع) انه قال : في القدر الا ان القدر سر من سر الله وستر من ستر الله وحرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله مطوي عن خلق الله مختوم بخاتم الله سابق في علم الله وضع الله العباد عن علمه ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم لانهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانية ولا بعظمه النورانية ولا بعزة الوحدانية لانه بحرز آخر خالص لله عزوجل عمقه ما بين السماء والارض عرضه ما بين المشرق والمغرب اسود كالليل الدامس كثير الحيات والحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى في قعره شمس تضئ لا ينبغي ان يطلع إليها الا الله الواحد الفرد فمن تطلع إليها فقد ضاد الله في حكمه ونازعه في سلطانه وكشف عن سره وستره وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ، وروي ان أمير المؤمنين (ع) عدل من عند حايط مايل إلى حائط آخر فقيل له يا أمير المؤمنين اتفر من قضاء الله فقال (ع)

١٣٦

افر من قضاء الله تعالى إلى قدره.

وباسنادي إلى الصدوق محمد بن علي بن الحسين عن ابيه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الاصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن الزهري قال : قال رجل لعلي بن الحسين (ع) جعلني الله فداك ابقدر يصيب الناس ما اصابهم ام بعمل فقال ان القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد فالروح بغير جسد لا تحس والجسد بغير روح صورة لاحراك لها فإذا اجتمعا قويا وصلحا كذلك العمل والقدر فلو لم يكن القدر واقعا على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان القدر شيئا لا يحس ولو لم يكن العمل نموافقة من القدر لم يمض ولم يتم ولكنهما باجتماعهما قويا ولله فيه العون لعباده الصالحين.

ثم قالا الا ان من اجور الناس من رأى جوره عدلا وعدل المهتدي جورا الا ان للعبد اربعة اعين عينين يبصر بهما امر آخرته وعينين يبصر بهما أمر دنياه فإذا اراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فابصر بهما العيب وإذا اراد غير ذلك ترك الفلب بما فيه ثم التفت إلى السائل عن القدر فقال هذا منه هذا منه.

وباسنادي إلى الصدوق محمد بن علي رحمه الله عن ابيه قال حدثنا أحمد ابن ادريس قال حدثنا محمد بن أحمد عن يوسف بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي عن ابيه عبد الرحمن باسناده رفعه إلى من قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول قدر الله المقادير قبل ان يخلق السموات والارض بخمسين الف سنة.

وباسنادي إلى الصدوق محمد بن علي بن الحسين قال حدثنا أبو الحسين محمد بن عمر بن علي البصري قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الميثمي قال حدثنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني قال حدثنا أبو أحمد الغازي قال حدثنا علي بن موسى الرضا (ع) قال حدثنا ابي موسى بن جعفر قال حدثنا ابى جعفر بن محمد قال حدثنا ابي محمد بن علي قال حدثنا ابي علي

١٣٧

ابن الحسين قال حدثنا ابي الحسين بن علي عليهم السلام قال سمعت ابي علي بن ابي طالب عليه السلام يقول الاعمال على ثلاثة احوال فرايض وفضايل ومعاصي واما الفرايض فبأمر الله وبرضاء الله وبقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمه واما الفضائل فليست بأمر الله عزوجل ولكن برضاء الله وبقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه واما المعاصي فليست بامر الله عزوجل ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه ثم يعاقب عليها ، وباسنادي إلى محمد بن علي الصدوق رحمه الله قال حدثنا الحسين ابن ابراهيم بن أحمد المؤدب قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا (ع) عن ابيه موسى بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن علي عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن علي عن ابيه علي بن ابي طالب (ع) قال سمعت رسول الله (ص) يقول : قال الله جل جلاله من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس آلها غيري ، وقال : رسول الله (ص) في كل قضاء الله عز وجل خيرة للمؤمن.

وعن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين (ع) أما بعد فان الاهتمام بالدنيا غير زايد في الموظوف وفيه تضبيع الزاد والاقبال على الآخرة غير ناقص من المقدور وفيه احراز المعياد.

وباسنادي إلى الصدوق محمد بن علي رحمه الله قال حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال حدثنا ابي قال حدثنا محمد ابن ابي الصهبان قال حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الازدي قال حدثنا أبان الاحمر عن جعفر بن محمد الصادق (ع) انه جاء إليه رجل فقال له بابي أنت وأمي عظني موعظة فقال عليه السلام ان كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا وان كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا وان كان الحساب حقا فالجمع لماذا وان كان الخلف من الله عزوجل حقا فالبخل لماذا وان كانت العقوبة من الله عزوجل النار فالمعصية لماذا وان كان الموت حقا فالفرح

١٣٨

لماذا وان كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا وان كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا وان كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا وان كان كل شئ بقضاء وقدر فالحزن لماذا وان كانت الدنيا فانية فالطمانينة إليها لماذا.

وباسنادي إلى علي بن ابراهيم بن هاشم قال حدثنا محمد بن ابي عبد الله قال حدثني موسى بن عمران عن الحسين بن يزيد عن اسماعيل بن مسلم قال : قال أبو عبد الله (ع) وجدت لاهل القدر اسماء في كتاب الله عزوجل (ان المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذو قوامس سقر انا كل شئ خلقناه بقدر فهم المجرمون).

ومن كتاب غرر الحكم ودرر الكلام جمع عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الامدي التميمي من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه واله القدر يغلب الحاذر القدر يغلب الحذر القدر ينسى الحفيظة الحسود غضبان على القدر الاتكال على القضاء اروح العبد عبد وان ساعده القدر المقادير لا تدفع بالقوة والمغالبة ، الرضاء بقدر الله ، يهون عظيم الرزايا ، الجزع لا يدفع القدر ، ولكن يحبط الاجر ، التوكل التبري من الحول والقوة ، وانتظار ما يأتي به القدر ، الامور بالتقدير وليست بالتدبير ، ان من شغل نفسه بالمفروض عليه عن المضمون له ورضى بالمقدور عليه وله كان اكثر الناس سلامة في عافية وربحا في غبطة ، وغنيمة في مسرة ، ان صبرت جرى عليك القدر وانت مأجور وان جزعت جرى عليك القدر وانت ما زور ان عقدت ايمانك فارض بالمقضي عليك ولك ولا ترج احدا الا الله ، وانتظر ما اتاك به القدر انكم ان رضيتم بالقضاء ; طابت عيشتكم وفزتم بالغناء انكم ان صبرتم على البلاء وشكرتم في الرخاء ورضيتم بالقضاء كان لكم من الله الرضاء افة المجد عوايق القضاء إذا ضلت المقادير بطلت التدابير إذا كان القدر لايرد فالاحتراس باطل الرضاء بالقضاء يستدل على اليقين تحرز رضاء الله برضاك ، بقدره تذل الامور للمقادير حتى يكون

١٣٩

الحتف في التدبير جعل الله لكل شئ قدرا ولكل قدر اجلا حد العقل ، النظر في العواقب والرضاء بما يجري به القضاء.

أحاديث الارادة وانها من صفات الافعال

وبالاسناد المقدم ذكره عن الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قلت له لم يزل الله مريدا فقال ان المريد لا يكون الا لمراد معه بل لم يزل الله عالما قادرا ثم اراد.

وبالاسناد عن الصدوق رحمه الله قال حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال حدثنا محمد بن ابي عبد الله الكوفي عن محمد ابن اسماعيل البرمكي عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن علي ابن اسباط عن الحسن بن الجهم عن بكر بن اعين قال : قلت لابي عبد الله (ع) علم الله ومشيتة هما مختلفان ام متفقان قال العلم ليس هو المشية الا ترى انك تقول سأفعل كذا ان شاء الهل ولا تقول سأفعل كذا ان علم الله فقولك ان شاء الله دليل على انه لم يشاء فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء وعلم الله سابق للمشية.

وبالاسناد المقدم عن الصدوق رحمه الله قال حدثنا الحسين بن أحمد ابن ادريس رضي الله عنه عن ابيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : قلت لابي الحسن عليه السلام اخبرني عن الارادة من الله ومن الخلق قال فقال الارادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل واما من الله عزوجل فارادته احداثه لا غير ذلك لانه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي من صفات الخلق فارادة

١٤٠