المسائل المنتخبة

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

المسائل المنتخبة

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: ٥٥١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

عقدين جديدين أو عقد جديد ورجعة في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، ويعتبر في زوال التحريم بالنكاح الثاني أمور :

( الأوّل ) ان يكون العقد دائماً لا متعة.

( الثاني ) ان يطأها الزوج الثاني والأحوط لزوماً ان يكون الوطء في القبل.

( الثالث ) ان يكون الزوج الثاني بالغاً حين الوطء فلا يكفي كونه مراهقاً على الأحوط لزوماً.

( الرابع ) ان يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.

( الخامس ) انقضاء عدتها من الزوج الثاني.

( طلاق الخلع )

( مسألة ١١١٤ ) : الخلع هو ( الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ) يعتبر فيه بلوغ كراهتها حداً يحملها على تهديد زوجها بعدم رعاية حقوقه الزوجية وعدم اقامة حدود الله فيه.

( مسألة ١١١٥ ) : صيغة الخلع ان يقول الزوج ـ بعد ان تقول الزوجة لزوجها : بذلت لك مهري او الشي الفلاني على ان تطلقني ( زوجتي فلانه طالق على ما بذلت ) او يقول ( زوجتي فلانة خالعتها أو مختلعة ـ بالكسر ـ على ما بذلت ) والأحوط الأولى عندئذ ان يعقبه بكلمة ( هي طالق ) ، وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها في الخلع.

( مسألة ١١١٦ ) : إذا وكلت المرأة احداً في بذل مهرها لزوجها ووكله زوجها أيضاً في طلاقها قال الوكيل ( عن موكلتي فلانه بذلْتُ مهرها لموكلي

٤٠١

فلان ليخلعها عليه ) ويعقبه بقوله ( زوجة موكلي طالق او خالعتها أو مختلعة ـ بالكسر ـ على ما بذلت ) ولو وكلت الزوجة شخصاً في بذل شيء آخر غير المهر لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر مثلاً إذا كان المبذول مائة دينار قال الوكيل ( عن موكلتي بذلتُ مائة دينار لموكلي فلان ليخلعها عليه ) ثم يعقبه بما تقدم.

( طلاق المباراة )

( مسألة ١١١٧ ) : المباراة هي ( طلاق الزوج الكارهة لزوجته بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ) فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.

( مسألة ١١١٨ ) : صيغة المباراة ان يقول الزوج ـ بعد ان تقول الزوجة لزوجها بذلت لك مهري أو الشيء الفلاني لتطلقني ـ ( زوجتي فلانه طالق على ما بذلت ) او يقول : ( بارأت زوجتي فلانة على ما بذلت ) والأحوط لزوماً في الصيغة الثانية ان يعقبها بقوله ( فهي طالق ) ، ولو وكلّ غيره في اجراء هذا الطلاق يقول الوكيل ( زوجة موكلي فلانه طالق على ما بذلت ) او يقول ( بارأت زوجة موكلي فلانه على ما بذلت فهي طالق ) وإذا كانت المرأة معينة لم يلزم ذكر اسمها في المباراة كما عرفت نظيره في الخلع.

( مسألة ١١١٩ ) : تعتبر العربية الصحيحة في صيغتي الخلع والمباراة مع القدرة على ايقاعهما بها ، واما مع العجز عن ذلك وعن التوكيل فيجزى ما يرادفهما بأيّ لغة كانت ، ولا تعتبر العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها بل يقع ذلك بكل لغة مفيدة للمعنى المقصود.

( مسألة ١١٢٠ ) : لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة

٤٠٢

جاز للزوج أيضاً ان يرجع اليها ، فينقلب الطلاق البائن رجعياً.

( مسألة ١١٢١ ) : يعتبر في المباراة ان لا يكون المبذول اكثر من المهر بل الأحوط الأولى ان يكون اقل منه ، ولا بأس بزيادته في الخلع.

٤٠٣

( مسائل متفرقة في الطلاق )

( مسألة ١١٢٢ ) : إذا وطئ الرجل امرأة شبهة باعتقاد انها زوجته اعتدت عدة الطلاق ـ على التفصيل المتقدم ـ سواء تخيلت المرأة أن الرجل زوج لها أم علمت بكونه أجنبيّاً عنها ، ومبدأ عدة وطء الشبهة المجردة عن الزواج حين الفراغ من الوطء ، وأما اذا كان مع الزواج الفاسد فمبدؤها من حين تبين الحال على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١١٢٣ ) : إذا زنى بامرأة ـ أي وطأها مع العلم بكونها أجنبية ـ لم تجب عليها العدة مع علمها بالحال أيضاً ، وأما إذا اعتقدت أنه زوجها فالأحوط لزوماً ثبوت العدة عليها.

( مسألة ١١٢٤ ) : لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج ان يكون اختيار الطلاق بيدها مطلقاً أو إذا سافر أو إذا لم ينفق عليها بطل الشرط ، وأما إذا اشترطت عليه أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها مطلقاً أو إذا سافر أو إذا لم ينفق عليها صح الشرط وصح طلاقها حينئذٍ.

( مسألة ١١٢٥ ) : طلاق زوجة المجنون المطبق ـ سواء بلغ كذلك أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ ـ بيد ابيه وجده لأبيه فيجوز لهما الطلاق مع مراعاة مصلحته فان لم يكن له اب ولا جد كان الأمر بيد الحاكم الشرعي.

( مسألة ١١٢٦ ) : إذا زوج الطفل أبوه أو جده من أبيه بعقد انقطاع جاز لهما بذل مدة زوجته مع المصلحة ، ولو كانت المدة تزيد على زمان صباه ،

٤٠٤

كما إذا كان عمر الصبي أربع عشرة سنة وكانت مدة المتعة سنتين مثلاً ، وليس لهما تطليق زوجته الدائمة.

( مسألة ١١٢٧ ) : لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما جاز لغيره ان يتزوجها بعد انقضاء عدتها وان لم يحرز هو عدالة الشاهدين ، بل يكفي ان يحتمل احراز المطلق عدالتهما فيبني على صحة الطلاق ما لم ينكشف الخلاف ولا يجب الفحص عن حالهما.

( مسألة ١١٢٨ ) : لا يعتبر في صحة الطلاق إطلاع الزوجة عليه فضلاً عن رضاها به.

( مسألة ١١٢٩ ) : المفقود المنقطع خبره عن أهله الذي لا تعلم زوجته حياته ولا موته ان كان له مال ينفق منه عليها أو يقوم وليه بالانفاق عليها من مال نفسه لزمها الصبر والانتظار إلى أن يرجع إليها أو يأتيها خبر موته أو طلاقه وليس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلك وان طالت المدة.

وأما إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته ولا ولي يُنفِق عليها من مال نفسه جاز لها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعى فيؤجلها أربع سنين ويأمر بالفحص عنه خلال هذه المدة فان انقضت السنين الأربع ولم تتبين حياته ولا موته أمر الحاكم وليه بطلاقها فان لم يقدم على الطلاق ولم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتد أربعة أشهر وعشرة أيام فاذا خرجت من العدة صارت أجنبية عن زوجها وجاز لها أن تتزوج ممن تشاء.

( مسألة ١١٣٠ ) : إذا رفعت زوجة المفقود أمرها إلى الحاكم الشرعي بعد أربع سنوات مثلاً من فقد زوجها مع قيامها بالفحص عنه خلال تلك المدة

٤٠٥

أمر الحاكم بتجديد الفحص عنه مقداراً ما ـ مع احتمال ترتب الفائدة عليه ـ فإذا لم يبلغ عنه خبر أمر بطلاقها على ما تقدم.

واذا تبين بعد الطلاق وإنقضاء العدة عدم تحقّق الفحص على وجهه ـ أو تبين عدم وقوع بعض المقدمات الاُخرى على الوجه المعتبر شرعاً ـ لزم التدارك والاستيناف ، وإذا كان ذلك بعد تزوجها من الغير كان باطلاً وان كان الزوج الثاني قد دخل بها جاهلاً بالحال حرمت عليه أبداً على الأحوط ، نعم إذا تبين ان العقد عليها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل ان يبلغ خبره إليها فالعقدُ وإن كان باطلاً إلاّ انه لا يوجب الحرمة الأبدية حتى مع الدخول.

٤٠٦

( أحكام الغصب )

( مسألة ١١٣١ ) : الغصب هو ( استيلاء الانسان عدواناً على مال الغير أو حقه ) وهو من كبائر المحرمات ، وقد ورد التشديد بشأنه كثيراً ، وعن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : ( من غصب شبراً من الأرض طوقه الله من سبع ارضين يوم القيامة ).

( مسألة ١١٣٢ ) : الاستيلاء على الأوقاف العامة وما فيه الناس شرع سواء كالمساجد والشوارع والقناطر ونحوها ومنع الناس من الانتفاع بها مثل الاستيلاء على الأملاك الخاصة غصبٌ محرّم ، ومن سبق إلى مكان في المسجد للصلاة أو لغيرها من الأغراض الراجحة كالدعاء وقراءة القرآن والتدريس لم يجز لغيره ازاحته عن ذلك المكان ومنعه من الانتفاع به ، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أم تخالفا فيه ، نعم يحتمل عند التزاحم تقدم الطواف على غيره فيما يتعارف اتخاذه مطافاً حول الكعبة المعظمة ، كما يحتمل تقدم الصلاة على غيرها في سائر المساجد ، فلا يترك الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك.

( مسألة ١١٣٣ ) : لو استولى على انسان فحبسه ظلماً لم يعدّ غاصباً ـ وان كان آثماً بذلك ـ فلو أصابه ضرر أو مات تحت استيلائه من غير استناد اليه لم يضمنه ، كما لا يضمن منافعه إلاّ إذا كان كسوباً فتوقف عن كسبه بسبب الحبس فانه يضمن عندئذٍ أجرة مثله من حيث تفويت منافعه عليه.

٤٠٧

( مسألة ١١٣٤ ) : يتقوم الغصب ـ كما تقدم ـ باستيلاء الغاصب على المغصوب وصيرورته تحت يده عرفاً ، ويختلف ذلك باختلاف المغصوبات ، فيتحقق في المتاع والطعام والنقود ونحوها بأخذها بيده أو نقلها إلى ما تحت يده من بيت ونحوه ولو بأمر الغير بذلك ، ويتحقق في مثل السيارة بركوبها وقيادتها مثلاً وفي مثل الدار بالسكنى فيها مع عدم حضور المالك أو كونه ضعيفا لا يقدر على مدافعته وإخراجه.

( مسألة ١١٣٥ ) : يجب على الغاصب رفع اليد عن المغصوب وردّه إلى المغصوب منه وإن كان في ردّه مؤنه ، بل وإن استلزم الضرر عليه. وإذا كان المغصوب من الأموال ـ عيناً أو منفعة ـ وجب عليه ردّ عوضه إليه على تقدير تلفه.

( مسألة ١١٣٦ ) : نماء المغصوب من الاعيان الخارجية ـ كالولد واللبن ـ ملك لمالكه ، فيجب على الغاصب ردّه إليه ما دام باقياً وردّ عوضه على تقدير تلفه ، وأما منافعه الاُخرى ـ كسكنى الدار وركوب السيارة فيجب على الغاصب ان يعوّض المالك عنها سواء استوفاها أم تلفت تحت يده كما لو بقيت الدار معطلة لم يسكنها أحد.

( مسألة ١١٣٧ ) : المال المغصوب من الصبي أو المجنون أو السفيه يرد إلى وليهم ومع التلف يرد إليه عوضه ، ولا يرتفع الضمان بالرد إليهم انفسهم.

( مسألة ١١٣٨ ) : إذا اشترك اثنان في الغصب فان اشتركا في الاستيلاء على جميع المال كان كل منهما ضامناً لجميعه ، سواءاً كان أحدهما أو كلاهما متمكناً لوحده من الاستيلاء على جميعه أم كان بحاجة في ذلك إلى

٤٠٨

مساعدة الآخر وتعاونه ، فيتخير المالك في الرجوع إلى ايهما شاء مثل ما سيأتي في المسألة ١١٥٠.

( مسألة ١١٣٩ ) : لو كان المغصوب باقياً لكن نزلت قيمته السوقية ردّه ولم يضمن نقصان القيمة ما لم يكن ذلك بسبب نقصان العين ، ولو بزوال صفة كمال منها.

( مسألة ١١٤٠ ) : إذا غصب قلادة ذهبية أو نحوها فتلفت عنده هيئتها كأن اذابها مثلاً لزمه رد عينها إلى المالك وعليه الأرش أيضاً ـ أي ما تتفاوت به قيمتها قبل تلف الهيئة وبعده ـ ولو طلب الغاصب ان يصوغها ثانياً كما كانت سابقاً فراراً عن اعطاء الأرش لم يجب على المالك القبول ، كما ان المالك ليس له اجبار الغاصب على الصياغة وارجاع المغصوب إلى حالته الأولى.

( مسألة ١١٤١ ) : لو اوجد في العين المغصوبة أثراً محضاً تزيد به قيمتها كما إذا غصب ذهباً فصاغه قرطاً أو قلادة ، وطلب المالك ردها اليه بتلك الحالة وجب ردها اليه ، ولا شيء له بازاء عمله ، بل ليس له ارجاعها إلى حالتها السابقة من دون اذن مالكها ، ولو ارجعها من دون اذنه إلى ما كانت عليه سابقاً أو إلى حالة اُخرى لا تكون فيها أقل مالية من حالتها الأولى ففي ضمانه للارش اشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط.

( مسألة ١١٤٢ ) : لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها عما قبل وطلب المالك ارجاعها إلى حالتها السابقة وجب ولا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصفة ، ولكن لو نقصت القيمة الأولية للعين بذلك ضمن ارش النقصان ، فالكتاب الذي قام بتجليده إذا طلب المالك اعادته

٤٠٩

إلى ما كان عليه سابقاً فاعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته عما كانت عليه قبل التجليد ضمن النقص.

( مسألة ١١٤٣ ) : لو غصب ارضاً فغرسها أو زرعها فالغرس والزرع ونماؤهما للغاصب ، وإذا لم يرض المالك ببقائها في الأرض ـ مجاناً أو بأجرة ـ وجب عليه ازالتهما فوراً وان تضرر بذلك ، كما ان عليه أيضاً طم الحفر وأجرة الأرض ما دامت مشغولة بهما ، ولو حدث نقص في قيمة الأرض بالزرع أو القلع وجب عليه أرش النقصان ، وليس له إجبار المالك على بيع الارض منه أو اجارتها إياه ، كما ان المالك لو بذلك قيمة الغرس والزرع لم تجب على الغاصب اجابته.

( مسألة ١١٤٤ ) : اذا تلف المغصوب وكان قيمياً ، وهو ما لا يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ كالاحجار الكريمة وغالب انواع الحيوان كالبقر والغنم ـ وجب رد قيمته بحسب النقد الرائج في بلد التلف ، فان تفاوتت قيمته من يوم الغصب إلى يوم الأداء كانت العبرة بقيمته يوم التلف ، نعم اذا كان النقد الرائج في يوم التلف اكثر مالية منه في يوم الأداء فاللازم احتساب قيمته بما يتقدر به في زمن الأداء.

( مسألة ١١٤٥ ) : اذا غصب قيمياً فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في زماني الغصب والتلف ، إلاّ انه حصل فيه في الأثناء ما يوجب ارتفاع قيمته فان لم يكن بفعل الغاصب كما اذا كان الحيوان مريضاً حين غصبه ثم صار صحيحاً ثم عاد مرضه فمات ضمن قيمته حال صحته ، وان كان بفعله كما لو كان الحيوان مهزولاً فاعلفه كثيراً واحسن طعامه حتى سمن ثم عاد إلى الهزال وتلف لم يضمن قيمته حال سمنه.

٤١٠

( مسألة ١١٤٦ ) : المغصوب التالف اذا كان مثلياً ، وهو ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلاف الرغبات ـ كالحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب وغالب منتجات المصانع في هذا العصر ـ وجب رد مثله ، أي ما يكون مطابقاً له في جميع الخصوصيات النوعية والصنفية ، فلا يجزى الرديء من الحنطة ـ مثلاً ـ عن جيدها.

( مسألة ١١٤٧ ) : اذا وجد المثل بازيد من ثمن المثل وجب على الغاصب تحصيله ودفعه إلى المالك ، نعم إذا كانت الزيادة كثيرة بحيث عدّ المثل متعذراً عرفاً لم يجب ذلك ، بل يكفي دفع قيمته المتعارفة في يوم الأداء كما هو الحال في سائر موارد تعذر المثل.

( مسألة ١١٤٨ ) : لو وجد المثل ولكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلاّ اعطاؤه ، وليس للمالك مطالبته بالقيمة ولا بالتفاوت ، ولو سقط المثل عن القيمة تماماً فان تراضيا على الانتظار إلى زمان أو مكان يؤمّل ان يكون للمثل فيه قيمة فلا اشكال ، وإلاّ فللغاصب دفع قيمة المغصوب إلى المالك وليس للمالك الامتناع عن قبولها ، وهل يراعى في القيمة زماناً ومكاناً وعاء الغصب أو التلف او أدنى القيم وهو قيمته في الزمان أو المكان المتصل بسقوطه عن المالية ؟ وجوه والأحوط لزوماً التصالح.

( مسألة ١١٤٩ ) : الفلزات والمعادن المنطبعة كالذهب والفضة والحديد والنحاس من المثليات ، وهل المصنوع منها يعدّ مثلياً أو قيمياً أو انه مثليّ بحسب مادته وقيمي بحسب هيئته ، الظاهر هو التفصيل بين الموارد ، فانه اذا كانت الصنعة بمثابة من النفاسة والأهمية تكون هي في الاساس محطّ انظار العقلاء ومورد رغباتهم كالمصنوعات الأثرية القديمة جداً يعدّ

٤١١

المصنوع قيمياً ، واذا لم تكن كذلك ، فان كان يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ كغالب المصنوع في معامل هذا العصر ـ فهو مثلي ، واذا لم يكن المصنوع من القسمين كغالب انواع الحلي والمصوغات الذهبية والفضية فهو مثلي بمادته وقيمي بهيئته ، فلو غصب قرطاً ذهبياً كان وزنه عشر غرامات فتلف عنده ضمن عشر غرامات من الذهب مع ما به التفاوت بين قيمته مصوغاً وقيمته غير مصوغ.

( مسألة ١١٥٠ ) : اذا غصبت العين من مالكها ، ثم غصبها آخر من الغاصب ، فتلفت عنده فللمالك مطالبة أي منهما ببدلها من المثل أو القيمة ، كما ان له مطالبة أي منهما بمقدار من العوض.

ثم انه اذا أخذ العوض من الغاصب الأوّل فللاول مطالبة الغاصب الثاني بما غرمه للمالك ، وأما اذا اخذ العوض من الغاصب الثاني فليس له ان يرجع إلى الأوّل بما دفعه إلى المالك.

( مسألة ١١٥١ ) : اذا بطلت المعاملة لفقدها شرطاً من شروطها ، كما إذا باع ما يباع بالوزن من دون وزن فان علم كل من الطرفين برضا الطرف الآخر بتصرفه في ماله حتى على تقدير فساد المعاملة جاز لهما التصرف في المبيع والثمن ، وإلاّ فما في يد كل منهما من مال صاحبه كالمغصوب يجب رده إلى مالكه ، فلو تلف تحت يده وجب دفع عوضه اليه سواء أعلم ببطلان المعاملة ام لا.

٤١٢

( أحكام اللقطة )

( مسألة ١١٥٢ ) : اللقطة هي : ( المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه عن مالكه المجهول ).

( مسألة ١١٥٣ ) : إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يصفه بها من يدعيه ـ كالمسكوكات المفردة ـ جاز للملتقط أن يتملكه وإن بلغت قيمته درهماً ( ٦ / ١٢ حمصة من الفضة المسكوكة ) أو زادت عليه ، ولكن الأحوط استحباباً أن يتصدق به عن مالكه.

( مسألة ١١٥٤ ) : إذا كانت للقطة علامة يمكن أن يصفها بها من يدعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها ، والأحوط وجوباً ان لا يتملكها الملتقط بل يتصدق بها عن مالكها.

( مسألة ١١٥٥ ) : اللقطة اذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب على الملتقط تعريفها في مجامع الناس أو ما بحكمها سنة كاملة من يوم الالتقاط سواء أكان مالكها مسلماً أو كافراً محترم المال ، ولا تعتبر المباشرة في التعريف ، بل للملتقط الاستنابة فيه مع الاطمينان بوقوعه ، ويسقط وجوبه عنه مع تبرع غيره به.

( مسألة ١١٥٦ ) : يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقط يخاف من التهمة والخطر ان عرّف باللقطة ، كما يسقط مع الاطمينان بعدم الفائدة في تعريفها أو في الاستمرار فيه. ولو لأجل احراز أن مالكها قد سافر إلى بلد

٤١٣

بعيد لا يصله خبرها وإن عرّفها ، وفي مثل ذلك الأحوط وجوباً أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من الوصول إليه ـ ولو لاحتمال أنه بنفسه يتصدى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى الملتقط خبره ـ ومع حصول اليأس من ذلك يتصدق بها عن المالك باذن الحاكم الشرعي ولا ينتظر بها حتى تمضي سنة ، ولو صادف مجيء المالك كان بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن يطالبه ببدلها.

( مسألة ١١٥٧ ) : إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة في الحرم ـ أي حرم مكة زادها الله شرفاً ـ فالأحوط لزوماً أن يتصدق بها عن مالكها ، وأما إذا كانت في غير الحرم تخير الملتقط بين أن يحفظها لمالكها ـ ولو بالايصاء ما لم ييأس من ايصالها اليه ـ وله حينئذ أن ينتفع بها مع التحفظ على عينها ، وبين أن يتصدق بها عن مالكها ، والأحوط وجوباً عدم تملكها.

( مسألة ١١٥٨ ) : لو عرّف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها فقصد التحفظ بها للمالك فتلفت من دون تعدٍ ولا تفريط لم يضمنها لمالكها وان ظفر به ، وأما اذا كان قد تصدّق بها عن مالكها ثم توصل اليه كان المالك بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن يطالبه ببدلها.

( مسألة ١١٥٩ ) : لو أخّر تعريف اللقطة عن أول زمن الالتقاط عصى إلاّ إذا كان لعذر ، ولا يسقط عنه وجوبه على كل تقدير ، فيجب تعريفها بعد ذلك إلاّ إذا كان التأخير بحد لا يرجى معه العثور على مالكها وإن عرّف بها.

( مسألة ١١٦٠ ) : إذا كان الملتقط صبياً أو مجنوناً وكانت اللقطة ذات علامة وبلغت قيمتها درهماً فما زاد فللولي أن يتصدى لتعريفها ـ بل يجب

٤١٤

عليه ذلك مع استيلائه عليها ـ فإذا لم يجد مالكها جرى عليها التخيير المتقدم في المسألة (١١٥٧).

( مسألة ١١٦١ ) : لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة ، فإن لم يخلّ بالمبادرة إلى التعريف ولم يتعد في حفظها ولم يفرط لم يكن عليه شيء ، وإلاّ ضمن عوضها ويجب عليه الاستمرار في التعريف فاذا عثر على المالك دفع اليه العوض من المثل أو القيمة.

( مسألة ١١٦٢ ) : لو عثر على مال وحسب أنه له فأخذه ثم ظهر أنه مال ضائع للغير كان لقطة وتجرى عليه أحكامها.

( مسألة ١١٦٣ ) : يعتبر في التعريف أن يكون على نحو لو سمعه المالك لأحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يكون المال المعثور عليه له ، وهذا يختلف بحسب اختلاف الموارد ، فقد يكفي أن يقول ( من ضاع له شيء أو مال ) وقد لا يكفي ذلك بل لابد أن يقول ( من ضاع له ذهب ) أو نحوه ، وقد لا يكفي هذا أيضاً بل يلزم اضافة بعض الخصوصيات إليه ، كأن يقول ( من ضاع له قرط ذهب ) مثلاً ، ولكن يجب على كل حال الاحتفاظ بابهام اللقطة فلا يذكر جميع صفاتها حتى لا يتعين بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم ذكر ما لا يتوقف عليه التعريف.

( مسألة ١١٦٤ ) : لو ادّعى اللقطة أحد ولم يعلم أنها له سئل عن أوصافها وعلاماتها فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها ، وحصل الاطمئنان بانها له ـ كما هو الغالب ـ اعطيت له ، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً ، وأما مع عدم حصول الاطمينان فلا يجوز دفعها اليه.

٤١٥

( مسألة ١١٦٥ ) : اللقطة ذات العلامة إذا لم يعمل الملتقط فيها بما تقدم ضمنها ، فلو وضعها في مجامع الناس كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر أو تلفت ضمن بدلها للمالك.

( مسألة ١١٦٦ ) : لو كانت اللقطة مما لا يبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ بها لأطول مدة تبقى محتفظة بصفاتها الدخيلة في ماليتها ، والأحوط وجوباً أن يعرف بها خلال ذلك فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقوّمها على نفسه ويتصرف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها ، ولا يسقط عنه بذلك ما سبق من التعريف ، فعليه أن يحفظ خصوصياتها وصفاتها ويُتمّ تعريفها سنة كاملة ، فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه وإلاّ عمل فيه بما تقدم في المسألة (١١٥٧).

هذا فيما إذا اختار الملتقط ان يقوّمها على نفسه أو تيسر بيعها فباعها ، ومع عدم الأمرين يجب عليه أن يتصدق بها ، ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك ولو عثر على مالكها لم يضمن له قيمتها ، والأحوط وجوباً أن يكون التقويم والبيع والتصدق في الموارد المتقدمة باجازة الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت.

( مسألة ١١٦٧ ) : لا تبطل الصلاة بحمل اللقطة حالها وإن لم يكن من قصده دفعها إلى المالك على تقدير الظفر به.

( مسألة ١١٦٨ ) : إذا تبدل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرف فيه بكل نحو يحرز رضا صاحبه به ، ولو علم أنه قد تعمد التبديل ظلماً وعدواناً جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلاً عن حذاء نفسه بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك على قيمة المأخوذ وإلاّ فالزيادة من مجهول المالك

٤١٦

وتترتب عليه أحكامه ، وهكذا الحكم فيما لو علم أنه قد اشتبه أولاً ولكنه تسامح وتهاون في الرد بعد الالتفات إلى اشتباهه ، وأما في غير هاتين الصورتين ـ سواء علم باشتباهه حدوثاً وبقاءاً أم احتمل الاشتباه ولم يتيقنه ـ فتجرى على المتروك حكم مجهول المالك الآتي في المسألة اللاحقة ، هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي بدّل ماله بمال غيره ـ عمداً أو اشتباهاً ـ وإلاّ فلا يجوز له التقاص منه بل يجب عليه ردّه إلى مالكه.

( مسألة ١١٦٩ ) : إذا وقع المال المجهول مالكه ـ غير اللقطة ـ بيد شخص فإن علم رضا مالكه بالتصرف فيه جاز له التصرف على النحو الذي يحرز رضاه به ، وإلاّ وجب عليه الفحص عنه ما دام يحتمل الفائدة في ذلك ، وأما مع العلم بعدم الفائدة في الفحص فإن لم يكن قد يئس من الوصول إلى المالك حفظ المال له ، ومع اليأس يتصدق به أو يقوّمه على نفسه أو يبيعه ويتصدق بثمنه ، ـ والأحوط لزوماً ـ أن يكون ذلك باجازة الحاكم الشرعي ، ولو صادف فجاء المالك ولم يرض بالتصدق ضمنه له على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١١٧٠ ) : إذا وجد مالاً في دار سكناه ولم يعلم انه له أو لغيره فان لم يكن يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل من الناس فهو له وان كان يدخلها كثير كما في المضائف والدواوين ونحوهما جرى عليه حكم اللقطة.

( مسألة ١١٧١ ) : إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن صغار السباع كالذئب والثعلب لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز أخذه سواء أكان في كلاء وماء

٤١٧

أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي اليهما ، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك ، وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته وإذا ركبه أو حمله حملاً كان عليه أجرته ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلاّ بدفعه إلى مالكه ولا يزول الضمان ولو بإرساله في الموضع الذي أخذه منه ، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

( مسألة ١١٧٢ ) : اذا كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من صغار السباع ـ سواء كان غير ممتنع أصلاً كالشاة أم لم يبلغ حد الامتناع كصغار الإبل والخيل أو زال عنه لعارض كالمرض ونحوه ـ جاز أخذه ، فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط إن كان فيه نزّال ، فإن لم يعرف المالك جاز له تملكه والتصرف فيه بالأكل والبيع ونحو ذلك ولكن اذا وجد صاحبه وجب عليه دفع قيمته إليه لو طالبه بها ، ويجوز له أيضاً ابقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه مادام لم ييأس من الظفر به ولا شيء عليه حينئذٍ.

( مسألة ١١٧٣ ) : إذا وجد الحيوان في العمران ـ وهي مواضع يكون الحيوان مأموناً فيها من السباع عادة كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه ـ لم يجز أخذه ، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف والإنفاق عليه بما يلزم وليس له الرجوع على صاحبه بما انفق ، كما يجب عليه تعريفه ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه ، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط لزوماً ، نعم إذا كان غير مأمون من التلف لبعض الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه ولا ضمان عليه ويجب عليه أيضاً الفحص عن مالكه ، فإن يئس من الوصول إليه تصدق به كما تقدم.

٤١٨

( مسألة ١١٧٤ ) : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة مثلاً في دار انسان ولم يعرف صاحبها لم يجز له أخذها ، ويجوز له أخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها ، وأما إذا أخذها فيجرى عليها حكم مجهول المالك وقد تقدم في المسألة (١١٦٩) ، نعم يجوز تملك الحمام ونحوه من الطيور اذا ملك جناحيه ولم يعرف صاحبه من دون فحص عنه.

( مسألة ١١٧٥ ) : إذا احتاجت الضالة إلى النفقة فإن وجد متبرع بها انفق عليها ، وإلاّ انفق عليها من ماله فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرعاً في الانفاق عليها جاز له الرجوع بما انفقه على المالك وإلاّ لم يجز له ذلك.

( مسألة ١١٧٦ ) : إذا كان للضالة نماء أو منفعة جاز للآخذ ـ إذا كان ممن يجوز له أخذها ـ أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما انفقه عليها ، ولكن لابد أن يكون ذلك بحساب القيمة.

( مسألة ١١٧٧ ) : اللقيط ـ وهو الطفل الذي لا كافل له ولا يستقل بنفسه على السعي فيما يصلحه ودفع ما يضرّه ـ يستحب أخذه بل يجب ذلك كفاية اذا توقف عليه حفظه ، ويجب التعريف به اذا احرز عدم كونه منبوذاً من قبل أهله واحتمل الوصول اليهم بالفحص والتعريف.

( مسألة ١١٧٨ ) : من أخذ اللقيط فهو أحق من غيره بحضانته وحفظه والقيام بضرورة تربيته إلى أن يبلغ ، فليس لأحد ـ غير أبويه وأجداده ووصي الأب أو الجد ـ أن ينتزعه من الملتقط ويتصدى لحضانته.

( مسألة ١١٧٩ ) : لا يجوز للملتقط أن يتبنى اللقيط ويلحقه بنفسه ولو فعل لم يترتب على ذلك شيء من أحكام البنوة والابوة والأمومة.

٤١٩
٤٢٠