المسائل المنتخبة

آية الله العظمى السيد علي السيستاني

المسائل المنتخبة

المؤلف:

آية الله العظمى السيد علي السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: ٥٥١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

( أحكام الطهارة )

تجب الطهارة بأمرين : الحدث ، والخبث.

والحدث : هي القذارة المعنوية التي توجد في الانسان فقط بأحد أسبابها الآتية ، وهو قسمان : أصغر وأكبر ، فالأصغر يوجب ( الوضوء ) ، والأكبر يوجب ( الغُسل ).

والخبث : هي النجاسة الطارئة على الجسم من بدن الانسان وغيره ويرتفع بالغسل ، أو بغيره من المطهرات الآتية.

٢١

( الوضوء )

يتركب الوضوء من أربعة أمور :

(١) غسل الوجه ، وحدّه ما بين قصاص الشعر والذقن طولاً ، وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضاً ، فيجب غسل كل ما دخل في هذا الحد ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ، فيكفي صب الماء من الأعلى ثم اجراؤه على كل من الجانبين على النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني.

(٢) غسل اليدين من المرفق إلى اطراف الأصابع ، والمرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد ، ويجب ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفاً.

(٣) مسح مقدم الرأس ، ويكفي مسمّاه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ أن يمسح بمقدار ثلاث أصابع مضمومة ، كما ان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ، وان يكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى.

(٤) مسح الرجلين ، والواجب مسح ما بين اطراف الأصابع إلى الكعب ، وهو المفصل بين الساق والقدم ، ويكفي المسمى عرضاً ، والاُولى المسح بكل الكف.

ويجب غسل مقدار من الأطراف زائداً على الحد الواجب ، وكذلك

٢٢

المسح اذا لم يحصل اليقين بتحقق المأمور به الا بذلك ، ولابد في المسح من ان يكون بالبلة الباقية في اليد ، فلو جفت لحرارة البدن أو الهواء أو غير ذلك أخذ البلة من لحيته ومسح بها ـ والأحوط الأولى ـ ان يأخذ البلة من لحيته الداخلة في حد الوجه وان جاز له الأخذ من المسترسل أيضاً الا ما خرج عن المعتاد ، فإن لم يتيسّر له ذلك أعاد الوضوء ، ولا يكتفي بالأخذ من بلة الوجه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٢٦ ) : يجوز النكس في مسح الرجلين بأن يمسح من الكعب إلى اطراف الاصابع ، ـ والأحوط استحباباً ـ مسح الرجل اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى ، وان كان يجوز مسح كل منهما بكل منهما.

( شرائط الوضوء )

يشترط في صحة الوضوء أمور :

(١) النية : بان يكون الداعي اليه قصد القربة ، ويجب استدامتها إلى آخر العمل ، ولو قصد اثناء الوضوء قطعه أو تردد في اتمامه ثم عاد الى قصده الأوّل قبل فوات الموالاة ولم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له اتمام وضوئه من محل القطع ، أو التردد.

(٢) طهارة ماء الوضوء : وفي اعتبار نظافته ـ بمعنى عدم تغيّره بالقذارات العرفية ، كالميتة الطاهرة ، وابوال الدواب والقيح ـ قول ، وهو ـ احوط وجوباً ـ.

(٣) اباحة ماء الوضوء بان لا يكون مغصوباً.

وفي حكم الماء المتنجس والمغصوب المشتبه بهما اذا كانت الشبهة محصورة ، وضابطها ان لا تبلغ كثرة الأطراف حداً يكون معه احتمال

٢٣

النجاسة ، أو الغصبية في كل طرف موهوماً.

( مسألة ٢٧ ) : اذا انحصر الماء المباح بما كان مشتبهاً بغيره ولم يمكن التمييز وكانت الشبهة محصورة وجب التيمم ، ولو انحصر الماء الطاهر بالمشتبه بغيره بالشبهة المحصورة ، جاز التيمم بعد التخلص منهما بالاراقة أو نحوها ، ويشكل صحة التيمم قبل ذلك مع التمكن من تحصيل الطهارة المائية ؛ ولو بأن يتوضأ باحدهما ويصلي ، ثم يغسل مواضع اصابة الماء الأوّل بالماء الثاني ويتوضأ منه ويعيد الصلاة.

( مسألة ٢٨ ) : اذا توضأ بماء مغصوب ـ نسياناً أو جهلاً ـ فانكشف له الحال بعد الفراغ صح وضوؤه اذا لم يكن هو الغاصب ، وأما الغاصب فلا يصح منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسياً على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٢٩ ) : الوضوء بالماء المتنجس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل ، أو الغفلة ، أو النسيان.

( مسألة ٣٠ ) : لا يعتبر في الوضوء اباحة مكان التوضي ، ولا الإناء الذي يتوضأ منه ، وان سقط وجوب الوضوء ووجب التيمم لو انحصر المكان أو الاناء في المغصوب ، ولكن لو خالف المكلف وتوضأ في المكان المغصوب صح ، وكذا اذا توضأ من الإناء المغصوب أثم وصح وضوؤه ، من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة ، أو تدريجاً والصب منه والارتماس فيه.

ويجري هذا الحكم في أواني الذهب والفضة التي يحرم استعمالها في الأكل والشرب ، بل وفي غيرهما ايضاً ـ كالطهارة من الخبث والحدث ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ فانه لو توضأ منها صح وضوؤه ، سواء أكان بالاغتراف تدريجاً ، أو بالصب ، أو بالارتماس.

٢٤

(٤) اطلاق ماء الوضوء : فلا يصح الوضوء بالماء المضاف ، وفي حكم المضاف المشتبه به اذا كانت الشبهة محصورة ، ولا فرق في بطلان الوضوء بالماء المضاف بين صورتي العمد وغيره.

( مسألة ٣١ ) : إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له ان يتوضأ بهما متعاقباً ، واذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك ولا يسوغ له التيمم.

(٥) طهارة اعضاء الوضوء : بمعنى ان يكون كل عضو طاهراً حين غسله أو مسحه ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه ، فلو كانت نجسة وغسل كل عضو بعد تطهيره ، أو طهّره بغسلة الوضوء نفسها ـ حيث يكون الماء معتصماً ـ كفى.

(٦) ان لا يكون مريضاً : بما يتضرر معه من استعمال الماء ، وإلاّ لم يصح منه الوضوء ولزمه التيمم.

(٧) الترتيب : بأن يغسل الوجه أولاً ، ثم اليد اليمنى ثم اليُسرى ثم يمسح الرأس ثم الرجلين ـ والأحوط الأولى ـ رعاية الترتيب في مسح الرجلين فيقدم مسح الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى ، وان كان يجوز مسحهما معاً ، نعم لا يجوز ـ على الأحوط ـ تقديم اليسرى على اليمنى.

(٨) الموالاة : وهي التتابع العرفي في الغسل والمسح ، ويكفي في الحالات الطارئة ـ كنفاد الماء ، وطرو الحاجة والنسيان ـ ان يكون الشروع في غسل العضو اللاحق ، أو مسحه قبل ان تجف الأعضاء السابقة عليه ، فاذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء ، ولا بأس بالجفاف من جهة الحر ، أو الريح ، أو التجفيف اذا كانت الموالاة العرفية متحققة.

(٩) المباشرة : بان يباشر المكلف بنفسه افعال الوضوء اذا امكنه

٢٥

ذلك ، ومع الاضطرار إلى الاستعانة بالغير يجوز له ان يستعين به ، بأن يشاركه فيما لا يقدر على الاستقلال به ، سواء أكان بعض افعال الوضوء أم كلها ، لكنه يتولى النية بنفسه ، وان لم يتمكن من المباشرة ولو على هذا الوجه طلب من غيره أن يوضأه ـ والأحوط وجوباً ـ حينئذٍ ان يتولى النية كل منهما ويلزم ان يكون المسح بيد نفس المتوضي ، وان لم يمكن ذلك اخذ المعين الرطوبة التي في يده ومسح بها.

( مسألة ٣٢ ) : من تيقن الوضوء وشك في الحدث بنى على الطهارة. ومن تيقن الحدث وشك في الوضوء بنى على الحدث ، ومن تيقنهما وشك في المتقدم والمتأخر منهما وجب عليه الوضوء.

( مسألة ٣٣ ) : من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة بنى على صحتها ـ وتوضأ للصلوات الآتية ـ حتى فيما اذا تقدم منشأ الشك على الصلاة بحيث لو التفت إليه قبلها لشكّ ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضّي حال الغفلة ، ولو شك في الوضوء اثناء الصلاة قطعها واعادها بعد الوضوء.

( مسألة ٣٤ ) : اذا علم اجمالاً بعد الصلاة بطلان صلاته لنقصان ركن فيها مثلاً ، أو بطلان وضوئه وجبت عليه اعادة الصلاة فقط دون الوضوء.

( نواقض الوضوء )

نواقض الوضوء سبعة :

(١ ، ٢) البول ـ وفي حكمه ظاهراً البلل المشتبه به قبل الاستبراء ـ والغائط ، سواء أكان خروجهما من الموضع الأصلي ـ للنوع أو لفرد شاذ الخلقة من هذه الجهة ـ أم من غيره مع انسداد الموضع الأصلي ، وأما مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً الا اذا كان معتاداً له ، أو كان الخروج بدفع

٢٦

طبيعي لا بالآلة ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الانتقاض به مطلقاً.

ولا ينتقض الوضوء بالدم ، أو الصديد الخارج من احد المخرجين مالم يكن معه بول أو غائط ، كما لا ينتقض بخروج المذي وهو الرطوبة الخارجة عند ملاعبة الرجل المرأة ونحو ذلك ممّا يُثير الشهوة ، والودي وهو الرطوبة الخارجة بعد البول ، والوذي وهو الرطوبة الخارجة بعد المني.

(٣) خروج الريح من مخرج الغائط ـ المتقدم بيانه ـ اذا صدق عليها احد الإسمين المعروفين.

(٤) النوم الغالب على السمع.

(٥) كل ما يزيل العقل ، من جنون ، أو اغماء ، أو سكر ، دون مثل البهت.

(٦) الاستحاضة المتوسطة ، والقليلة.

(٧) الجنابة ، فانها تنقض الوضوء وان كانت لا توجب إلاّ الغسل.

( موارد وجوب الوضوء )

يجب الوضوء لثلاثة أمور :

(١) الصلوات الواجبة : ما عدا صلاة الميت ، وأما الصلوات المستحبة فيعتبر الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.

(٢) الأجزاء المنسية : من الصلاة الواجبة وكذا صلاة الاحتياط ، ولا يجب الوضوء لسجدتي السهو وان كان ـ احوط استحباباً ـ.

(٣) الطواف الواجب : وان كان جزءاً لحجة ، أو عمرة مندوبة.

( مسألة ٣٥ ) : يحرم على غير المتوضئ أن يمسّ ببدنه كتابة القرآن ، ـ والأحوط وجوباً ـ أن لا يمسّ اسم الجلالة والصفات المختصة به تعالى ، ـ والأحوط الأولى ـ الحاق اسماء الأنبياء والأئمة والصديقة الطاهره عليهم‌السلام بها.

٢٧

( من أحكام التخلّي )

( مسألة ٣٦ ) : يجب على المكلّف حال التخلي وفي سائر الأحوال ان يستر عورته عن الناظر المحترم ـ الشخص الممّيز ـ ويستثنى من هذا الحكم من له حق الاستمتاع منه شرعاً مثل الزوج والزوجة.

( مسألة ٣٧ ) : ـ الأحوط وجوباً ـ عدم استقبال القبلة واستدبارها حال البول أو التغوط ، وكذلك الاستقبال بنفس البول أو الغائط وان لم يكن الشخص مستقبلاً أو مستدبراً.

( مسألة ٣٨ ) : يستحب للرجل الاستبراء بعد البول ، والأولى في كيفيته هو المسح بالاصبع من مخرج الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرات ومسح القضيب باصبعين أحدهما من فوقه ، والآخر من تحته إلى الحشفة ثلاث مرات ، وعصر الحشفة ثلاث مرات.

( مسألة ٣٩ ) : لا يجب الاستنجاء ـ أي تطهير مخرج البول والغائط ـ في نفسه ، ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن ، ويعتبر في الاِستنجاء غسل مخرج البول بالماء ولا يجزي غيره ، وتكفى المرة الواحدة مطلقاً وان كان ـ الأحوط الأولى ـ في الماء القليل ان يغسل به مرتين والثلاث افضل ، وأما موضع الغائط فان تعدى المخرج تعين غسله بالماء ، وان لم يتعد تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ومسحه بحجر ، أو خرقة أو قرطاس أو نحو ذلك من الأجسام القالعة للنجاسة ، ويعتبر في المسح بالحجر ونحوه أن لا يصيب المخرج نجاسة اُخرى من الخارج ، أو الداخل كالدم ، نعم لا يضر

٢٨

تنجسه بالبول في النساء ، كما يعتبر فيه طهارة الممسوح به ، فلا يجزي المسح بالأجسام المتنجسة ، ولا يعتبر فيه مسح المخرج بقطع ثلاث اذا زالت النجاسة بقطعة واحدة ـ مثلاً ـ وإن كان ذلك ـ أحوط إستحباباً ـ نعم إذا لم تزل بها لزم المسح إلى أن تزول ، ويحرم الاستنجاء بما هو محترم في الشريعة الاسلامية.

٢٩

( الغسل )

موجبات الغسل ستة :

(١) الجنابة.

(٢) الحيض.

(٣) النفاس.

(٤) الاستحاضة.

(٥) مسّ الميت.

(٦) الموت.

( غسل الجنابة )

تتحقق الجنابة بأمرين :

(١) خروج المني في الرجل من الموضع المعتاد مطلقاً ، وكذا من غيره اذا كان الخروج طبيعياً ، والا فالأحوط الجمع بين الغسل والوضوء اذا كان محدثاً بالأصغر.

وفي حكم المني ظاهراً ، الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد خروجه وقبل الاستبراء بالبول وأما الرطوبة المشتبهة غيرها فإن كانت جامعةً للصفات الثلاثة ( الشهوة ـ الدفق ـ الفتور ) فهي بحكم المني وإلا فلا يحكم به ، وأما المرأة فهي وإن لم يكن لها مني بالمعنى المعروف إلاّ أنّ السائل الخارج منها بما يصدق معه الانزال ـ وهو ما لا

٣٠

يحصل عادة إلاّ مع شدة التهيّج الجنسي ـ فهو بحكم المني ، دون البلل الموضعي الذي لا يتجاوز الفرج ويحصل بالاثارة الجنسية الخفيفة فإنّه لا يوجب شيئاً.

(٢) الجماع ـ ولو لم ينزل ـ في قبل المرأة ودبرها وهو يوجب الجنابة للرجل والمرأة ـ والأحوط وجوباً ـ في وطء غير المرأة الجمع بين الغسل والوضوء ، للواطئ والموطوء إذا كانا محدثين بالأصغر ، وإلاّ كفى الغسل.

( مسألة ٤٠ ) : يجب غسل الجنابة لأربعة أمور :

(١) الصلاة الواجبة : ما عدا صلاة الميت.

(٢) الأجزاء المنسية من الصلاة : وكذا صلاة الاحتياط ، ولا تعتبر الطهارة في سجود السهو وان كان ذلك أحوط.

(٣) الطواف الواجب : وان كان جزءاً لحجة ، أو عمرة مندوبة.

(٤) الصوم : على تفصيل يأتي.

( مسألة ٤١ ) : يحرم على الجنب أمور :

(١) مس لفظ الجلالة وكذا سائر اسمائه تعالى وصفاته المختصة به على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق به مسّ اسماء المعصومين عليهم‌السلام على ـ الأحوط الأولى ـ.

(٢) مسّ كتابة القرآن.

(٣) الدخول في المساجد وان كان لأخذ شيء منها ، نعم لا يحرم اجتيازها بالدخول من باب والخروج من آخر أو نحوه.

(٤) المكث في المساجد.

(٥) وضع شيء في المساجد على ـ الأحوط وجوباً ـ وان كان ذلك

٣١

في حال الاجتياز ، أو من الخارج.

(٦) الدخول في المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وان كان على نحو الاجتياز.

(٧) قراءة احدى العزائم الأربع ، وهي الآيات التي يجب السجود لقراءتها ـ والأحوط الأولى ـ ان لا يقرأ شيئاً من السور التي فيها العزائم وهي حَم السجدة ، فصلت ، النجم ، العلق.

( مسألة ٤٢ ) : المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم‌السلام تلحق بالمساجد على الأحوط وجوباً ، ولا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها ـ كما لا يلحق بها الصحن المطهّر وان كان الالحاق ـ أحوط استحباباً ـ.

( كيفية الغسل )

الغسل قسمان : ارتماسي وترتيبي.

١ ـ ( الإرتماسي ) : وهو على نحوين : دفعي وتدريجي ، والأول : هو تغطية الماء لمجموع البدن وستره لجميع اجزائه ، وهو امر دفعي يعتبر الانغماس التدريجي مقدمة له ، والثاني : هو غمس البدن في الماء تدريجاً مع التحفظ فيه على الوحدة العرفية ، فيكون غمس كل جزء من البدن جزءاً من الغسل لا مقدمة له كما في النحو الأوّل ، ويصح الغسل بالنحو الثاني كالأوّل.

ويعتبر في الثاني ان يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد الغسل ، ويكفي في النحو الأوّل خروج بعض البدن من الماء ثم

٣٢

رمسه بقصد الغسل.

٢ ـ ( الترتيبي ) : ـ والأحوط وجوباً ـ في كيفيته ان يغسل اولاً تمام الرأس والرقبة ثم بقية البدن ، ولا يجب الترتيب بين الطرفين ، فيجوز غسلهما معاً ، أو باية كيفية اُخرى وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ، ثم تمام النصف الأيسر.

ويجب في غسل كل عضو ادخال شيء من الآخر مما يتصل به اذا لم يحصل العلم بأتيان الواجب إلا بذلك.

( مسألة ٤٣ ) : ـ الأحوط وجوباً ـ عدم الاكتفاء في الغُسل بتحريك البدن تحت الماء بقصد الغسل ، كأن يكون جميع بدنه تحت الماء فيقصد الغسل الترتيبي بتحريك الرأس والرقبة أولاً ثم الجانبين ، وكذلك تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله. وايضاً ـ الأحوط وجوباً ـ عدم الاكتفاء في الغسل باخراج البدن من الماء بقصد الغسل ، ومثله اخراج بعض الأعضاء من الماء بقصد غسله.

( شرائط الغسل )

يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط ، ولكنه يمتاز عن الوضوء من وجهين.

(١) انه لا يعتبر في غسل أي عضو هنا ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء في الجملة.

(٢) الموالاة فانها غير معتبرة في الغسل ، وقد كانت معتبرة في الوضوء.

( مسألة ٤٤ ) : غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء ، بل يجزئ عنه بقية

٣٣

الأغسال الواجبة ، أو الثابت استحبابها أيضاً الا غسل الاستحاضة المتوسطة فانه لابُدّ معه من الوضوء ـ كما سيأتي ـ والأحوط الأولى ـ ضم الوضوء الى سائر الأغسال ـ غير غسل الجنابة ـ ويجوز الاتيان به قبلها أو بعدها ، وكذا في اثنائها اذا جيء بها ترتيبياً. نعم في غسل الاستحاضة الكثيرة يؤتى به قبله فقط.

( مسألة ٤٥ ) : اذا كان على المكلف أغسال متعددة كغسل الجنابة والجمعة والحيض وغير ذلك جاز له ان يغتسل غسلاً واحداً بقصد الجميع ويجزيه ذلك ، كما يجوز له ان ينوي خصوص غسل الجنابة وهو أيضاً يجزئ عن غيره ، وأمّا اذا نوى غير غسل الجنابة فلا اشكال في اجزائه عما قصده ، وفي إجزائه عن غيره كلام والصحيح هو الأجزاء ، نعم في اجزاء أيّ غسل عن غسل الجمعة من دون قصده ولو اجمالاً اشكال.

ثم ان ما ذكر من إجزاء غسل واحد عن أغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة ـ مكانية أو زمانية ، أو لغاية اخرى ـ ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال ـ كمسّ الميت بعد غسله الذي يستحب الغسل له ـ مع تعدد السبب نوعاً لا يخلو عن اشكال.

( مسألة ٤٦ ) : اذا أحدث بالأصغر اثناء غسل الجنابة فله ان يتمه ، ـ والأحوط وجوباً ـ ضم الوضوء اليه حينئذٍ ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى الإرتماسي وبالعكس ، ولا حاجة حينئذٍ إلى ضم الوضوء.

( مسألة ٤٧ ) : اذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه ، واذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة لم تجب اعادتها ـ الا اذا كانت موقتة وحدث الشك في الوقت وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فان ـ الأحوط وجوباً ـ

٣٤

اعادتها حينئذٍ ـ ويجب عليه الغسل لكل عمل تتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر ، من غير فرق بين الصلاة وغيرها ، حتى مثل مس كتابة القرآن ، وهذا الغسل يمكن ان يقع على نحوين :

( الأوّل ) ان يقطع بكونه مأموراً به ـ وجوباً أو استحباباً ـ كأن يقصد به غسل يوم الجمعة ، أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة ، وحينئذٍ فله الاكتفاء به في الاتيان بكل عمل مشروط بالطهارة ، سواء سبقه الحدث الأصغر ، أم لا.

( الثاني ) ان لا يكون كذلك بان أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة ، وحينئذٍ يكتفى به في الاتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط ، كجواز المكث في المساجد ، وأما ما هو مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغسل ، بل يجب ضم الوضوء اليه ان سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه.

٣٥

( الحيض )

الحيض : دم تعتاده النساء في كل شهر مرة في الغالب وقد يكون أكثر من ذلك ، أو أقل.

( مسألة ٤٨ ) : الغالب في دم الحيض ان يكون أسود أو احمر ، حاراً عبيطاً يخرج بدفق وحرقة ، وأقله ثلاثة أيام ولو ملفقة ، وأكثره عشرة أيام ، ويعتبر فيه الاستمرار ـ ولو في فضاء الفرج ـ في الثلاثة الأولى وكذا فيما يتوسطها من الليالي ، فلو لم يستمر الدم لم تجر عليه احكام الحيض ، نعم فترات الانقطاع اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه.

( مسألة ٤٩ ) : يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة التي هي أقل الحيض ، فلو رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت يوماً أو يومين قبل انقضاء عشرة أيام من ابتداء رؤية الدم فهو ليس بحيض ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ في مثل ذلك الجمع بين تروك الحائض وافعال المستحاضة في أيام الدم ، والجمع بين احكام الحائض والطاهرة أيام النقاء ، وسيأتي بيان تروك الحائض ـ أي ما يلزمها تركه ـ في فصل احكام الحائض كما سيأتي افعال المستحاضة ـ أي ما يجب عليها فعله ـ في فصل اقسام المستحاضة واحكامها.

( مسألة ٥٠ ) : يعتبر في دم الحيض ان يكون بعد البلوغ وقبل سن

٣٦

الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له احكامه ـ والأحوط الأولى ـ في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وافعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما اذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر.

( مسألة ٥١ ) : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم ـ الأحوط وجوباً ـ أن تجمع الحامل ذات العادة الوقتية بين تروك الحائض وافعال المستحاضة في صورة واحدة ، وهي ما اذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أوّل عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء.

( مسألة ٥٢ ) : لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين ولكنه لا يكون أقل من عشرة أيام وتسع ليال متوسطة بينها ، فاذا كان النقاء بين الدمين أقل من عشرة أيام. فليسا بحيضتين يقيناً ، فلو رأت الدم ثلاثاً أو أكثر ثم طهرت سبعاً ، ورأت الدم بعده مرة أخرى لم يعتبر الدم الثاني حيضاً.

( مسألة ٥٣ ) : اذا تردد الدم الخارج من المرأة بين الحيض ودم البكارة استدخلت قطنة في الفرج وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ، ثم استخرجتها برفق ، فان خرجت مطوّقة بالدم فهو دم البكارة ، وإن كانت منغمسة به فهو دم الحيض.

٣٧

( أقسام الحائض )

الحائض قسمان : ذات عادة وغير ذات عادة.

وذات العادة ثلاثة اقسام :

(١) وقتية وعددية.

(٢) عددية فقط.

(٣) وقتية فقط.

وغير ذات العادة : مبتدئة ، ومضطربة ، وناسية العدد.

ذات العادة الوقتية والعددية : هي المرأة التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث الوقت والعدد من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع وترى في الشهر الثاني مثل الأوّل.

ذات العادة الوقتية فقط : هي التي ترى الدم مرتين متواليتين متماثلتين من حيث الوقت دون العدد ، كأن ترى الدم في الشهر الأوّل من أوله إلى اليوم السابع ، وفي الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السادس ، أو من ثانيه إلى اليوم السابع ، أو ترى الدم في الشهر الأوّل من اليوم الثاني إلى اليوم السادس ، وفي الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السابع.

ذات العادة العددية فقط : هي التي ترى الدم مرتين متواليتين متماثلتين من حيث العدد دون الوقت ، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع ، وفي الشهر الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر مثلاً.

المبتدئة : هي التي ترى الدم لأوّل مرة.

٣٨

المضطربة : وهي التي تكررت رؤيتها للدم ولكن ليس لها فعلاً عادة مستقرة لا من حيث الوقت ولا من حيث العدد.

الناسية : هي التي كانت لها عادة ونسيتها.

( أحكام ذات العادة )

( مسألة ٥٤ ) : ذات العادة الوقتية ـ سواء كانت عددية أيضاً أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها فتترك العبادة ، سواء كان الدم بصفة الحيض أم لا ، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، وأما إذا رأت الدم قبل العادة بزمان أكثر مما تقدم ، أو رأته بعدها ولو قليلاً فحكمها حكم غيرها الآتي في المسألة التالية ، ثم انه في الفرض المتقدم ان انقطع الدم قبل ان تمضي عليه ثلاثة أيام كان عليها قضاء ما فات عنها في أيام الدم من الصلاة.

( مسألة ٥٥ ) : ذات العادة العددية فقط تتحيض بمجرد رؤية الدم إذا كان بصفات الحيض وأما مع عدمها فلا تتحيض إلاّ من حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ وان كان ذلك قبل اكمال الثلاثة ـ واما مع إحتمال الاستمرار ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين تروك الحائض واعمال المستحاضة.

ثم انه ان زاد الدم على الثلاثة ولم يتجاوز عن العشرة جعلت الزائد حيضاً أيضاً وان كان أزيد من عادتها ، وأما إذا تجاوز عن العشرة فعليها ان ترجع في العدد إلى عادتها ، وأما بحسب الوقت فإنْ كان لها تمييز يوافق

٣٩

عدد العادة رجعت اليه ، وان كان مخالفاً له رجعت اليه أيضاً لكن تزيد عليه مع نقصانه عن عدد العادة حتى تبلغ العدد وتنقص عنه مع زيادته على عدد العادة حتى تبلغه ، فالنتيجة ان الصفات تحدد الوقت فقط دون العدد ، ومع عدم التمييز تجعل العدد في أوّل أيام الدم.

( مسألة ٥٦ ) : المقصود بالتمييز ان يكون الدم في بعض ايامه واجداً لبعض صفات الحيض وفي بعضها الآخر واجداً لصفة الاستحاضة ، كما لو كان في خمسة أيام اسود أو أحمر ، وفي سبعة مثلاً اصفر بشرط ان يكون ما بصفة الحيض ثلاثة أيام متواليات وهكذا في سائر الصفات ، والمقصود بكون التمييز موافقاً للعدد ان يكون الدم في أيام بعدد أيام العادة بصفات الحيض.

( مسألة ٥٧ ) : من كانت عادتها دون العشرة وتجاوز الدم أيامها ، فان علمت بانقطاع الدم قبل تجاوز العشرة حكم بكونه حيضاً ، وان علمت بالتجاوز عنها وجب عليها بعد مضي أيام العادة ان تغتسل وتعمل عمل المستحاضة ، وان لم تعلم شيئاً من الأمرين بان احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله ـ فالأحوط الأولى ـ ان تستظهر بيوم ثم تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة ، ولها ان تستظهر ازيد منه إلى تمام العشرة من أول رؤية الدم ( والاستظهار هو الاحتياط بترك العبادة ) ، وجواز الاستظهار انما ثبت في الحائض التي تمادى بها الدم كما هو محل الكلام ولم يثبت في المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها ، فان عليها ان تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.

( مسألة ٥٨ ) : إذا انقطع دم الحيض قبل انقضاء أيام العادة وجب عليها الغسل والصلاة حتى إذا ظنت عود الدم بعد ذلك ، فاذا عاد قبل

٤٠