محمّد بن الحسن الرضي الاسترآبادي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨
[المذكر والمؤنث]
[تعريف المذكر والمؤنث]
[علامة التأنيث]
[قال ابن الحاجب :]
«المذكر والمؤنث : المؤنث ما فيه علامة تأنيث لفظا أو تقديرا»
«والمذكر بخلافه ؛ وعلامة التأنيث : التاء ، والألف مقصورة»
«وممدودة» ؛
[قال الرضى :]
كل ما فيه علامة التأنيث ، ظاهرة ، أو مقدرة ، سواء كان التأنيث حقيقيا ، أو ، لا : يسمّى مؤنثا ؛
فالحقيقي الظاهر العلامة نحو : ضاربة ، ونفساء ، وحبلى ، وغير الحقيقي : غرفة ، وصحراء ، وبشرى ؛
والحقيقي المقدر العلامة : زينب ، وسعاد ، وغير الحقيقي نار ، ودار ، ولا يقدر من جملة العلامات الا التاء ، لأن وضعها على العروض والانفكاك ، فيجوز أن تحذف لفظا وتقدّر ، بخلاف الألف ؛
ودليل كون التاء مقدرة دون الألف : رجوعها في التصغير في نحو : هنيدة ، وقديرة ،
وأمّا الزائد على الثلاثي ، فحكموا فيه أيضا بتقدير التاء ، قياسا على الثلاثي ، إذ هو
الأصل ، وقد ترجع التاء فيه ، أيضا ، شاذا ، نحو قد يديمة ، ووريّئة ، ووريّة ، (١)
قوله : «وعلامة التأنيث : التاء ، والألف ، مقصورة وممدودة» ؛ تاء التأنيث في الاسم أصل ، وما في الفعل فرعه ، لأنها تلحق الفعل لتأنيث الاسم ، أي فاعله ؛
وأصل العلامة أن تلحق كلمة هي علامة لها ، فلهذا كانت التاء الاسمية أكثر تصرفا ، بتحملها للحركات ، وبانقلابها في الوقف هاء ؛
وقال الكوفيون : الهاء أصل التاء ، لّما رأوا مشابهة الهاء للألف ، وليس بشيء ؛ لأن التاء في الوصل ، والهاء في الوقف ، والأصل هو الوصل ، لا الوقف ؛ وقال جار الله (٢) : الياء أيضا ، علامة التأنيث في نحو : ذي ،
والأولى أن يقال : هذه الصيغة بكمالها للمؤنث ، ك «نا» ، وليس في اسم الاشارة ما هو على حرف واحد ؛
وأمّا الياء في : تفعلين ، فالأولى أن يقال : انه اسم لا حرف تأنيث ، كما مرّ في باب الضمائر ؛
وتاء التأنيث ، قد تدخل على الحرف ، كربّت ، إذا كان المجرور بها مؤنثا ، كقوله :
٥٣٥ ـ فقلت لها أصبت حصاة قلبي |
|
وربّت رمية من غير رام (٣) |
وقد جاء :
__________________
(١) تصغير : قدّام ، ووراء ؛ وفي وراء ، إثبات الهمزة وإبدالها ؛
(٢) انظر شرح ابن يعيش على المفصل ج ٥ ص ٩١ ؛
(٣) الشطر الثاني مثل قاله الحكم بن عبد يغوث المنقري ، وأما الشعر الذي تضمن المثل فغير معروف القائل غير أن البغدادي روى قبله :
رمتني يوم ذات الغمر سلمى |
|
بسهم مطعم للصيد لام |
وذات الغمر موضع ، ومطعم للصيد أي مصيب لمن يرمى به فيموت فتأكله الطير والسهم اللام الذي عليه الريش وأصله لائم بمعنى ذى لؤام ؛
٥٣٦ ـ يا صاحبا : ربّت انسان حسن |
|
يسأل عنك اليوم أو يسأل عن (١) |
ويجوز أن يراد بالانسان : المؤنث ؛
وتلحق «ثمّ» أيضا ، إذا عطفت بها قصة على قصة ، لا مفردا على مفرد ؛
ويقال : لات ، لمشابهته ليس (٢) ، كما مرّ في بابه ؛ ويقال : لعلّت ، في : لعلّ ؛
وأمّا تاء بنت ، وأخت ، وهنت ، وكلتا ، وثنتان ، ومنتان (٣) ، فليست لمحض التأنيث ، بل هي بدل من اللام في حال التأنيث ، ولذا سكن ما قبلها ، وفي : منتان ، كأنه بدل من اللام ، لكون واحده وهو : منة ، كشفة ،
والألف الممدودة ، عند سيبويه : في الأصل مقصورة ، زيدت قبلها ألف لزيادة المدّ ، وذلك لأن الألف ، للزومه ، صار كلام الفعل ، فجاز زيادة ألف قبله ، كما في كتاب ، وحمار ، فاجتمع ألفان ، فلو حذفت احداهما لصار الاسم مقصورا ، كما كان ، وضاع العمل ، فقلبت ثانيتهما إلى حرف يقبل الحركة ، دون الأولى ، لتبقى على مدها ، وإنما قلبت همزة ، لا واوا ، ولا ياء ، مع أن مناسبة حروف العلة ، بعضها لبعض ، أكثر ، إذ لو قلبت الى احداهما ، لاحتيج الى قلبها همزة ، كما في كساء ورداء ، لكون ما قبلها ألفا ، كما فيهما ؛
فان زالت الألف وانقلبت ياء ، قلبت ألف التأنيث ياء أيضا ، كما في قوله :
٥٣٧ ـ لقد أغدوا على أشق |
|
ر ، يغتال الصحاريّا (٤) |
__________________
(١) من رجز أورده أبو زيد في النوادر ، وقوله يسأل عن أصله عنيّ ومن هذا الرجز ، في وصف الإبل وهي تسير مسرعة :
حتى تراها وكأن وكأن |
|
أعناقها مشددات بقرن |
ويروى مشرّبات في قرن ؛
(٢) أي لتصبح شبيهة بليس في أنها ثلاثية معتلة الوسط .. كما قال في بابها ؛
(٣) تثنية منث الذي يحكي به المؤنث
(٤) هو منسوب للوليد بن يزيد ، وقال البغدادي لم أقف على شيء من تتمته ؛
ويعلم تأنيث ما لم تظهر علامته بالضمير الراجع اليه ، كقوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(١) ، وبالاشارة اليه باسمها ، نحو : (تِلْكَ الدَّارُ)(٢).
ولحاق علامة التأنيث بالفعل أو شبهه ، المسند اليه أو الى ضميره ، نحو : طلعت الشمس ، و : (الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) ، (٣) و : (بكأس من معين بيضاء لذَّة) (٤) ؛ و : (إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً)(٥) و : (لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً)(٦) ؛
وبمصغره ان كان المكبر ثلاثيا ، نحو : قديرة ، وبتجرد عدده من الثلاثة الى العشرة من التاء ، نحو : ثلاث أذرع ، وعشر أرجل ، وبجمعه على مثال خاص بالمؤنث ، كفواعل في الصفات ، كطوالق وحوائض ، أو على مثال غالب فيه ، وذلك إنما يكون فيما هو على وزن عناق وذراع وكراع ويمين ، فجمعها على أفعل ، في المؤنث ، وقد جاء المذكر قليلا على أفعل نحو : مكان وأمكن ، وجنين وأجنن وطحال وأطحل ؛
[المعاني]
[التي تجيء لها التاء]
وتجيء التاء لأربعة عشر معنى :
أحدها : الفرق بين المذكر : إمّا في الصفات ، كضاربة ، ومنصورة ، وحسنة وبصرية ؛ وهو القياس في هذه الأنواع الأربعة ، أي : في اسم الفاعل واسم المفعول
__________________
(١) أول سورة الشمس ؛
(٢) أول الآية ٨٣ سورة القصص ؛
(٣) الآية ٢٩ سورة القيامة ،
(٤) الآية ٤٥ ، ٤٦ سورة الصافات ؛
(٥) الآية ١٥ سورة المعارج ،
(٦) الآية ١٢ سورة سبأ ؛
والصفة المشبهة ـ غير أفعل التفضيل ؛ (١) وأفعل الصفة ـ وفي المنسوب بالياء ، وأمّا نحو : ربعة ويفعة في المذكر والمؤنث فلكونهما في الأصل صفة النفس : أي نفس ربعة ، ويفعة ؛ وإمّا (٢) في الاسم الجامد وهي أسماء مسموعة قليلة ، نحو امرأة ، ورجلة ، وانسانة ، وغلامة ؛
الثاني : لفصل الآحاد المخلوقة ، وآحاد المصدر ، من أجناسها ، كنخل ، ونخلة ، وتمر وتمرة ، وبط وبطة ، ونمل ونملة ، ففي قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ)(٣) يجوز أن يكون : «النملة» مذكرا ، والتاء للوحدة ، فتكون تاء «قالت» لتاء (٤) الوحدة في «نملة» ، لا لكونها مؤنثا حقيقيا ؛ كما يجيء ، والمصادر نحو : ضرب وضربة ، واخراج واخراجة ، واستخراج واستخراجة ؛ وهو قياس في كل واحد من الجنسين المذكورين ، أعني الآحاد المخلوقة والمصادر ؛ والمراد بالجنس ههنا : ما يقع على التعليل والكثير بلفظ الواحد ؛ وقد جاءت ، قليلا ، للفرق بين الآحاد المصنوعة وأجناسها ، وهي أسماء محفوظة ، كسفين وسفينة ، ولبن ولبنة ؛ وربّما لحقت الجنس وفارقت الواحد ، وهو قليل نحو : كمأة ، وفقعة ، للجنس ، وكمء وفقع ، للواحد ، وقال بعضهم : انّ ذا التاء فيهما للوحدة والمجرد منها للجنس ، والأكثرون على الأول ؛ والجنس المميز واحده بالتاء : يذكره الحجازيون ، ويؤنثه غيرهم ، وقد جاء في القرآن كلاهما ، قال الله تعالى : (نخل خاوية) (٥) ، و : (نخل منقعر) (٦) ؛
وقد تجيء ياء النسب للوحدة أيضا ، كالتاء ، نحو : أعرابيّ وأعراب ، وفارسيّ ، وفارس ، وعربيّ وعرب ، وروميّ وروم ؛ وأكثر ما تجيء التاء للمعنيين المذكورين ،
__________________
(١) لا وجه لهذا الاستثناء ، وهو كذلك في النسخة التركية ؛
(٢) مقابل قوله : إمّا في الصفات ؛
(٣) من الآية ١٨ من سورة النمل ،
(٤) أي لمناسبة تاء الوحدة في نملة ؛ وسيأتي في الآية وجه آخر نشير إليه عند ذكره ،
(٥) من الآية ٧ سورة الحاقة وتقدمت ،
(٦) من الآية ٢٠ سورة القمر ، وتقدمت
وهي فيهما عارضة غير لازمة ، ولذا قلبت اللام همزة في نحو : غزّاءة ، وسقّاءة ، وارتماءة ، واستقاءة ؛ وياء في نحو : مغازية ؛ بخلاف نحو : شقاوة وخزاية ، وسقاية ، وعلاوة وهراوة ، وقمحدوة (١) ، فان التاء في هذه الأسماء ، للتأنيث اللفظي ، وهي باعتباره لازمة ، نحو غرفة ، وظلمة ، وطلحة ، كما يجيء ، وان جاءت في بعضها غير لازمة ، كشقاوة ، وشقاء ، إلا أن وضعها في المؤنث اللفظي على اللزوم ، وأمّا جواز قلب اللام وتركه في عباية وعباءة ، وعظاية ، وعظاءة ، وصلاية وصلاءة ، فلما يجيء في التصريف ، ان شاء الله تعالى ؛ (٢)
الثالث : أن تجيء التاء للدلالة على الجمع ، وذلك في الصفات التي لا تستعمل موصوفاتها ، وهي على فاعل أو فعول ، أو صفة منسوبة بالياء ، أو كائنة على : فعّال ، كقولهم : خرجت خارجة على الأمير ، وسابلة ، وواردة ، وشاردة ، وقولهم : ركوب وركوبة ، وحلوب وحلوبة ، وقتوب وقتوبة ، وقولهم : البصريّة والكوفيّة ، والمروانيّة ، والزبيريّة ، والجمّالة والبغّالة والحمّارة ؛ والتاء في هذه كلها ، في الحقيقة ، للتأنيث ، كما في ضاربة ، وليس كما في : كمء وكمأة ، وذلك لأن ذا التاء في مثله صفة للجماعة تقديرا ، كأنه قيل : جماعة جمّالة ، فحذف الموصوف لزوما للعلم به ، وقد جاء حلوبة ، للواحد ، وحلوب للجنس ، كتمرة ، وتمر ، فالتاء ، إذن ، للوحدة ، لا للتأنيث ، وقد قيل : ان الركوب والركوبة بمعنى واحد ، وكذا الحلوب والحلوبة ، فالتاء ، اذن ، للنقل الى الاسمية ، كما في : الذبيحة ، والأكولة ، على ما يجيء ،
الرابع : أن تدخل لتوكيد الصفة التي على فعّال ، أو فاعل ، أو مفعال ، أو فعول ، كراوية ، ونسّابة ، ومطرابة ، وفروقة ؛ فهذه تفيد مبالغة في الوصف ، كما يفيدها ما هو كياء النسب في نحو : أحمريّ ، ودوّاريّ ، وكأن التاء في هذا القسم للتأنيث والموصوف المحذوف : جماعة ، اجراء للشيء الواحد مجرى جماعة من جنسه ، كما تقول : أنت
__________________
(١) القمحدوة : عظمة بارزة في مؤخر الرأس فوق القفا.
(٢) لأنهم قالوا في الجنس عباء وعظاء وصلاء فأبدلوا الهمزة من الياء ثم بنوا على ذلك المفرد ، وعدم الابدال نظرا إلى لزوم التاء ، انظر سيبويه ٢ / ٣٨٣ ؛
الرجل كل الرجل ، والتاء في مثل هذه المثل ، على الانفصال ، وقد تدخل كثيرا على ، فعل مفتوح العين ، بمعنى الفاعل ، وعلى فعل ، ساكنها بمعنى المفعول ، نحو : سببة وسبّة ، ولعنة ولعنة ، وهي في الوزنين لازمة ؛
الخامس : أن تدخل على الجمع الأقصى ، كجواربة ، وموازجة ، وكيالجة ، دلالة على أن واحدها ، معرب ، ويقال : الهاء : أمارة العجمة ، وذلك أن الأعجميّ نقل الى العربية ، كما أن التأنيث نقل الى التذكير ، وليست التاء في هذا القسم على اللزوم ، بل يجوز : الجوارب ، والموازج ؛
السادس : أن تدخل ، أيضا ، على الجمع الأقصى دلالة على أن واحده منسوب ، كالأشاعثة ، والمشاهدة ، في جمع أشعثيّ ، ومشهديّ ؛ وذلك أنهم لما أرادوا أن يجمعوا المنسوب جمع التكسير ، وجب حذف ياءي النسب ، لأن ياء النسب والجمع لا يجتمعان ، فلا يقال في النسبة الى رجال : رجاليّ ، بل : رجليّ ، كما يأتي في باب النسبة ، ان شاء الله تعالى ، فحذفت ياء النسبة ثم جمع بالتاء ، فصارت التاء كالبدل من الياء ، كما أبدلت من الياء في : فرازنة ، وجحاجحة ، كما يجيء ؛ وانما أبدلت منها لتشابه الياء والتاء في كونهما للوحدة ، كتمرة ، وروميّ ، وللمبالغة في : علّامة ودوّاريّ ، ولكونهما زائدتين ، لا لمعنى ، في بعض المواضع ، كظلمة وكرسيّ.
وقد تحذف ياء النسب إذا جمع الاسم جمع السلامة بالواو والنون ، لكن لا وجوبا كما في جمع التكسير ؛ وإنما يكون هذا في اسم تكسيره لو جمع ؛ الجمع الأقصى ، كالأشعرون والأعجمون ، في جمع أشعريّ وأعجميّ ، وكذا المقتوون في جمع مقتويّ ، قال :
٥٣٨ ـ تهدّدنا وأوعدنا رويدا |
|
متى كنّا لأمّك مقتوينا (١) |
__________________
(١) مقتويين ، جمع مقتويّ بفتح الميم وياء النسب في آخره منسوب إلى مقتيّ وهو مصدر ميمي بمعنى الخدمة ، ولما جمع المنسوب حذفت إحدى ياءي النسب كما قال الشارح وهو أحسن ما وجّه به ، والبيت من قصيدة عمرو بن كلثوم ـ المعلقة ؛
والتاء في مثل هذا المكسّر : لازمة ، لكونها بدلا من الياء ؛ ولو كان جمع المعرّب أو جمع المنسوب : غير الجمع الأقصى ، لم تأت فيه بالتاء ، فلا تقول في جمع فارسيّ : فرسة ، بل فرس ، ولا في جمع لجام : لجمة ، بل لجم ، وكأن اختصاص الأقصى بذلك ليرجع الاسم بسبب التاء إلى أصله من الانصراف ؛ وقد يجيء له مزيد شرح في المنسوب ان شاء الله تعالى ؛
السابع : أن تدخل على الجمع الأقصى ، أيضا ، عوضا عن ياء المدة قبل الآخر ، كجحاجحة في جحجاح (١) ، وأمّا في فرازنة (٢) ، وزنادقة ، فيجوز أن تكون عوضا من الياء ، وأن تكون علامة لتعريب الواحد ، والتاء والياء في نحو جحاجحة ، لا تسقطان معا ، ولا تثبتان معا ، فالتاء لازمة ؛
الثامن : أن تدخل لتأكيد تأنيث الجمع ، وذلك امّا واجب الدخول ، وهو في بناءين : أفعلة ، كأغربة ، وفعلة ، كفلحة ، أو جائزه ، وهو في ثلاثة أبنية : فعالة ، كجمالة ، وقد تلزم في هذا البناء كما في حجارة ؛ وذكارة ؛ ـ وفعولة كصقورة ، وبعولة ، وخيوطة ، وقد تلزم كعمومة وخؤولة ، والجمع الأقصى ، كصياقلة ، وملائكة ولا تلزم ؛
التاسع : دخولها لتأكيد معنى التأنيث ، كما في : ناقة ونعجة ، وأروّية (٣) ، وهذه التاء لازمة ؛ قيل وقد جاءت لتأكيد التأنيث في الصفة ، كعجوز وعجوزة ، فان «عجوزا» موضوع للمؤنث والتاء فيه غير لازمة ؛
العاشر : دخولها لا لمعنى من المعاني ، بل هي تأنيث لفظيّ ، كما في غرفة وظلمة ، وعمامة وملحفة ، وهي لازمة ؛
الحادي عشر : دخولها عوضا من فاء الفعل ، كما في : عدة وزنة ، أو عن لامه ، كما في : كرة ، وظبة ، وهي لازمة ؛
__________________
(١) الجحجاح : السيد المطاع ،
(٢) فرازنة جمع فرزون وهو أحد قطع الشطرنج
(٣) الأرويّة : بضم الهمزة وسكون الراء وكسر الواو وبياء مشددة : الأنثى من الوعول ،
الثاني عشر : دخولها عوضا عن ياء الاضافة (١) ، وهو في : يا أبت ، ويا أمّت ، فقط ؛
الثالث عشر : دخولها أمارة للنقل من الوصفية الى الاسمية ، وعلامة لكون الوصف غالبا غير محتاج الى موصوف ، كالنطيحة والذبيحة ، وهذه التاء أكثرها غير لازم ، والأولى أن التاء في حلوبة وركوبة ورحولة ، وكل فعولة بمعنى مفعول ، هكذا ، لأنها لا يذكر معها الموصوف البتة ، كما قد يذكر مع فعول بمعنى فاعلة ، نحو امرأة شكور وصبور ،
وكل ما لحقته التاء في هذا القسم يستوي فيه المذكر والمؤنث ؛
قال أبو عمرو (٢) : قد تكون التاء عوضا من ألف التأنيث ، كما في : حبيرة ، تصغير حبارى ، وعند غيره : لا تبدل منها التاء ، بل يقال حبيّر ، كما يجيء في التصغير ؛
قال الزمخشري (٣) : يجمع هذه الوجوه : انها للتأنيث ، وشبه التأنيث ،
والأصل في الصفات كما ذكرنا : أن يفرق بين مذكرها ومؤنثها بالتاء ؛ ويغلب في الصفات المختصة بالأناث الكائنة على وزن فاعل ومفعل ، أن لا تلحقها التاء إن لم يقصد فيها معنى الحدوث ، كحائض ، وطالق ، ومرضع ، ومطفل (٤) ، فان قصد فيها معنى الحدوث ، فالتاء لازمة ، نحو : حاضت فهي حائضة ، وطلقت فهي طالقة ، وقد تلحقها التاء ، وان لم يقصد الحدوث كمرضعة ، وحاملة ؛
وربّما جاءت مجرّدة عن التاء : صفة مشتركة بين المذكر والمؤنث ، إذا لم يقصد الحدوث ، نحو : جمل ضامر وناقة ضامر ، ورجل أو امرأة عانس ، وفي تجريد هذه
__________________
(١) المراد ياء المتكلم ، وتسميتها بذلك متكررة في كلام الشارح ؛
(٢) المراد أبو عمرو بن العلاء وتقدم ذكره ، وربما كان قوله هذا إشارة إلى معنى من المعاني التي تأتي لها التاء ، فإن الشارح قال إنها تأتي لأربعة عشر معنى ولم يذكر إلا ثلاثة عشر ؛
(٣) انظر شرح ابن يعيش على المفصل ج ٥ ص ٩٧ ،
(٤) المطفل : الظبية أو الناقة معها طفلها الحديث العهد بالولادة ؛
الصفات عن التاء مع عدم قصد الحدوث ثلاثة أقوال : أحدها قول الكوفية ، وهو أن التاء إنما يؤتى بها للفرق بين المذكر والمؤنث ، وانما يحتاج الى الفرق عند حصول الاشتراك ؛
وهذه العلة غير مطردة في نحو ضامر وعانس ، وتقتضي تجرد الصفات المختصة ، بالمؤنث مع قصد الحدوث أيضا ، بل تقتضي تجرد الفعل أيضا إذا لم يشترك ، كما في نحو : حاضت وطلقت ، لأن أصل العلة : الاطراد ، وتقتضي أن لا يقال إلا امرأة مرضع ، وقد ثبت أنة يقال : مرضعة ، أيضا ، بلا قصد الحدوث ؛
وقال سيبويه (١) : هو مؤوّل بنحو : انسان حائض أو شيء حائض ، كما أن ربعة ، مؤول بنفس ربعة ؛
واتفاقهم على أنه يلحقه التاء مع قصد الحدوث دليل على أن العلة شيء آخر غير هذا التأويل ؛
وقال الخليل (٢) : إنما جرّدت عن التاء لتأديتها معنى النسب ؛ قال المصنف في شرح كلامه (٣) ما معناه : إن أصل التاء في الأسماء أن تكون في الصفات فرقا بين مذكرها ومؤنثها ، وإنما تدخل على الصفات إذا دخلت ، في أفعالها ، فالصفات في لحاق التاء بها فرع الأفعال ، تلحقها إذا لحقت الأفعال نحو : قامت فهي قائمة ، وضربت فهي ضاربة ، فاذا قصدوا فيها الحدوث كالفعل قالوا حاضت فهي حائضة ، لأن الصفة حينئذ كالفعل في معنى الحدوث ، وإذا قصدوا الاطلاق لا الحدوث ، فليست بمعنى الفعل ، بل هي بمعنى النسب ، وان كانت على صورة اسم الفاعل ، كلابن وتامر ، فكما أن معناهما : ذو لبن ، وذو تمر ، مطلقا ، لا بمعنى الحدوث ، أي لبني وتمري ، كذلك ، معنى طالق وحائض : ذات طلاق وذات حيص ، كأنه قيل : طلاقيّة ، وحيضيّة ؛
قلت (٤) : غاية مرمى كلامهم : ان اسم الفاعل لما لم يقصد به الحدوث ، لم يكن في
__________________
(١) ج ٢ ص ٩١ وفيه : ان التقدير : شيء حائض ولم يقل إنسان حائض ؛
(٢) نقله عنه سيبويه في الموضع السابق ؛
(٣) أي في شرح كلام الخليل ؛
(٤) هذا تعقيب ومناقشة من الرضى لما تقدم من آراء ؛
المعنى كالفعل الذي مبناه على الحدوث في أحد الأزمنة ، فلم يؤنثوه تأنيث الفعل لعدم مشابهته له معنى وان شابهه لفظا ؛
وهذا ينتقض عليهم بالصفات المشبهة ، فانها للاطلاق ، لا الحدوث ، ولا تشابه الفعل لفظا أيضا ، فكانت أجدر بالتجريد عن التاء ، ولا تجرّد ؛ وأيضا ، فان الاسم المنسوب بالياء الذي مثّل «حائض ، وطالق» به ، محمول عندهم عليه ؛ يؤنث مع أنه للاطلاق دون الحدوث ؛ وليس له فعل إلا من حيث المعنى والتأويل ، فان معنى بصري : منسوب الى البصرة ؛
ومن أين لهم أن المنسوب الذي على وزن فاعل ، وليس باسم فاعل كلابن وتامر ، ونبّال وقوّاس : إذا قصد به المؤنث لا يدخله التاء؟ بل يقال : امرأة ناشبة ونبّالة ؛ وكيف صار حكم نابل الذي هو من جملة الأسماء المنسوبة بخلاف حكم ما فيه ياء النسب ظاهرة ، في الامتناع من تاء التأنيث؟
وقوله تعالى : (عيشة راضية) (١) ، بمعنى النسب عند الخليل مع دخول التاء ؛ وجعلها للمبالغة كما في علّامة : خلاف الظاهر ،
وأيضا ، هب أن نحو حائض وطامث ، من ابنية النسب ، كما أن نحو نابل وناشب منها ، اتفاقا ، لأن معناهما : نبليّ ونشّابيّ ولا فعل لهما ، حتى يقال : انهما اسما فاعل منه ؛ كيف يجوز أن يقال : نحو منفطر ومرضع في قوله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)(٢) ، وقولك : فلانة مرضع : من باب النسب ولم يثبت كون مفعل ومنفعل من أبنية النسب المتفق عليها حتى نحملهما عليهما ، كما حملنا حائضا على نحو نابل؟
والأقرب في مثله أن يقال :
ان الأغلب في الفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء هو الفعل بالاستقراء ، ثم حمل اسما الفاعل والمفعول عليه ، لمشابهتهما له لفظا ومعنى ، كما يجيء في بابيهما ، فألحقا التاء
__________________
(١) الآية ٧ سورة القارعة ،
(٢) الآية ١٨ سورة المزمل ؛
للتأنيث كما تلحق الفعل ؛ ثم جاء مما هو على وزن الفاعل : ما يقصد به مرة الحدوث كالفعل ، ومرّة الإطلاق ، وقصدوا الفرق بين المعنيين ، فأنثوا بتاء التأنيث ما قصدوا فيه الحدوث الذي هو معنى الفعل لمشابهته له معنى ، بخلاف ما قصدوا فيه الإطلاق ، ليكون ذلك فرقا بين المعنيين ؛
وأمّا الصفة المشبهة ، والاسم المنسوب بالياء ، فلم يقصدوا في شيء منهما ، مرة الحدوث ، ومرة الاطلاق حتى يفرق بين المعنيين بالحاق التاء في أحدهما دون الآخر ، بل كانا ، أبدا ، للاطلاق ؛
فان قلت : فالقياس اذن ، تجردهما عن التاء كتجريد الفاعل ، المراد به الاطلاق ؛
قلت : كان يجب ذلك ، لو كان الحاق التاء بهما لمشابهتهما للفعل ، لكن الحاق التاء بهما لمشابهتهما لاسم الفاعل واسم المفعول ، لا للفعل ، وذلك لأنهما اسمان فيهما معنى الصفة كاسمي الفاعل والمفعول ؛
[أوزان]
[يستوي فيها المذكر والمؤنث]
ومما لا تلحقه تاء التأنيث غالبا : مع كونه صفة ، فيستوي فيه المذكر والمؤنث ، مفعال ، ومفعل ، ومفعيل ، وفعال ، وفعال ؛ كمعطار ومحرب ، ومنطيق ، وحصان ، وقد حكى سيبويه : امرأة جبان ، وجبانة ، وناقة دلاث ؛ (١)
وكذا فعول بمعنى فاعل ، وقد قالوا : عدوّة الله ، ومسكينة ؛ وأمّا فعول بمعنى مفعول فيستوي فيه ، أيضا ، المذكر والمؤنث ، كالركوب ، والقتوب والجزور ، لكن كثيرا ما تلحقهما التاء ، علامة على النقل إلى الاسمية ، لا للتأنيث ، فتكون بعد لحاق التاء ، أيضا ، صالحة للمذكر والمؤنث ؛
__________________
(١) أي سريعة
وممّا يستوي فيه المذكر والمؤنث ، ولا تلحقه التاء : فعيل بمعنى مفعول ؛ إلا أن يحذف موصوفه ، نحو : هذه قتيلة فلان وجريحته ، ولشبهه لفظا بفعيل بمعنى فاعل ، قد يحمل عليه فتلحقه التاء مع ذكر الموصوف أيضا نحو : امرأة قتيلة ، كما يحمل فعيل بمعنى فاعل عليه فتحذف منه التاء نحو : ملحفة جديد ، من : جدّ يجدّ جدّة ، عند البصرية ، وقال الكوفية : هو بمعنى مجدود ، من : جدّه بمعنى قطعه ؛
وقيل إن قوله تعالى : (إن رحمة الله قريب) (١) ، منه (٢) ؛
وبناء فعيل بمعنى مفعول مع كثرته غير مقيس ؛
وقد يجيء بمعنى مفعل ، قليلا ، كالذكر الحكيم ، أي المحكم ، على تأويل ، وبمعنى مفاعل ، كالجليس والحليف ؛ وربّما لم تلحق التاء في فيعل ، نحو : ناقة ريّض ؛ (٣)
[ألف التأنيث المقصورة]
[وأشهر أوزانها]
وأمّا ألف التأنيث المقصورة ، فانما تعرف بأن لا يلحق ذلك الاسم تنوين ولا تاء ،
والألف المقصورة الزائدة في آخر الاسم على ثلاثة أضرب : إمّا للالحاق كارطى ، أو لتكثير حروف الكلمة ، كالقبعثرى ، أو للتأنيث ؛
والتي للتكثير ، لا تكون إلا سادسة ، ويلحقها التنوين ، نحو قبعثرى ، وكمثرى ، وتتميّز ألف الالحاق خاصة عن ألف التأنيث بأن تزن ما فيه الألف ، وتجعل في الوزن مكان الألف لاما ، فان لم يجىء على ذلك الوزن اسم ، علمت أن الألف للتأنيث ،
__________________
(١) من الآية ٥٦ سورة الاعراف ،
(٢) أي من هذا النوع ،
(٣) يقال ناقة ريّض ، أوّل ما يبدأ في ترويضها ؛
نحو : أجلى وبردى (١) ، فانه لم يأت اسم على وزن فعلل ، حتى يكون الاسمان ملحقين به ، ويجيء معنى الالحاق في التصريف ، ان شاء الله تعالى. (٢)
فمن الأوزان التي لا تكون ألفها إلا للتأنيث : فعلى ، في الغالب ، وإنما قلنا في الغالب ، لما حكي عن سيبويه في «بهمى» : بهماة ، وروى بعضهم في : رؤيا : رؤياة ، وهما شاذّان ؛
ففعلى ، إمّا صفة ، أو غير صفة ، والصفة ، إمّا مؤنث أفعل التفضيل كالأفضل والفضلى ، وهو قياس ، أو ، لا ؛ مثل : أنثى وخنثى وحبلى ؛ وغير الصفة إمّا مصدر ، كالبشرى والرجعى ، أو اسم ، كبهمى ، وحزوى (٣) ؛
وبهماة ورؤياة ، إن صحّتا ، فألفهما عند سيبويه [للتأنيث أيضا ، اذ لم يجىء عنده مثل برقع ، ولحاق التاء لألف التأنيث شاذ ، وعند الأخفش للالحاق ، إذ هو يثبت فعلل ، نحو برقع وجؤذر] ؛ (٤) وذلك لما يجيء في التصريف ، في باب ذي الزيادة ؛
ومنها : فعلى ، ولم يأت في كلامهم إلا اسما ، قيل ولم يأت منه إلا ثلاثة أسماء : شعبى ، وأدمى ، في موضعين ، وأربى للداهية ، وقال بعضهم : جنفى في اسم موضع ، ورواه سيبويه بالفتح والمد ؛ (٥)
ومنها : فعلى بفتح الفاء والعين ، وهو إمّا مصدر ، كالبشكى والجمزى ، (٦) وإمّا
__________________
(١) أجلى اسم موضع وبردى اسم نهر بالشام ؛
(٢) أشير بهامش المطبوعة التركية أنه جاء في بعض نسخ من هذا الشرح عبارة طويلة اشتملت على معنى الالحاق وأغراضه ولم أثبتها لأن ذلك ليس موضعها ؛
(٣) اسم موضع ؛
(٤) هذه عبارة بعض النسخ وهي أقرب إلى مذهب سيبويه مما في الأصل المطبوع ويبدو أن الرضى يجعل الالف في بهاة ورؤياة للتأنيث ويكون لحاق التاء شاذا كما قال ، وقال ابن يعيش ٥ / ١٠٧ إن الألف على مذهب سيبويه للتكثير وإن كان ذلك قليلا ، وجاء في هامش سيبويه ص ٣٢١ من الجزء الثاني في تعليق منقول عن السيرافي أنها لغير التأنيث ولم يزد على ذلك ؛
(٥) سيبويه ٢ / ٣٢٢ ؛
(٦) البشكى الخفيفة المشي ، وجمزى اسم لنوع من السير ، وصفة يقال حمار جمزى ،
وصف ، كفرس وثبى ، وناقة زلجى ، أي سريعة ؛
وإمّا اسم كدفرى ونملى وأجلى ، أسماء مواضع ؛
ومنها أفعلى كأجفلى للكثرة ، ومنها : فعالى ، كحبارى لطائر ، وفوعالى كحولايا لموضع ؛ وفعّالى كشقّارى ، نبت ، وفعللى ، كجحجبى قبيلة من الأنصار ، وفعّيلى كبغّيرى ، لعبة ، وفعّيلى كخلّيفى ، وفعلوتى كرحموتى ، وفعوللى كحبوكرى للداهية ، وفوعلى وفيعلى ، كخوزلى وخيزلى ، لمشية فيها تفكك ، ويفعلىّ ، كيهيّرى للباطل ، ومفعلىّ ، كمكورّى للئيم ، ومفعلىّ كمرعزى (١) ، وفعللىّ كهربذّى لمشية في شق ، وفعللايا كبردرايا موضع ، وفعليا كذربيّا للداهية ، وفعليّا كزكريا ، والظاهر أنه أعجميّ ، (٢) وفعلني كعرضني لنوع من السير ، وفعلىّ كدفقىّ ، نوع من السير ، وفعنلى كجلندى ، اسم رجل ، وجاء بضم اللام ؛ وفعّلى ، كسمّهى للباطل ، وفعالى كصحارى ، وفعللى ، كهندبى ، (٣) وفعلىّ ، كسبطرى : مشية فيها تبختر ، وإفعيلى كإهجيرى للعادة ؛
فهذه أحد وثلاثون مثالا ، ولعلها تحيط بأكثر أبنية المؤنث بالألف المقصورة المختصة بالتأنيث ؛
وأمّا فعلى وفعلى ، فهما مشتركان في التأنيث والالحاق ، وفعلى اذا كان مؤنث فعلان ، أو مصدرا كالدّعوى ، أو جمعا ، كمرضى وجرحى ، فألفها للتأنيث ، وإذا كان اسما غير ذلك ، فقد تكون الألف للالحاق ، كعلقى ، فيمن نوّن ، وقال علقاة ، وكذا تترى فيمن نوّن ؛
وقد تكون للتأنيث كالشروى ،
وأمّا فعلى ، فان كان مصدرا كالذكرى ، أو جمعا كحجلى وظربى ، ولا ثالث لهما ، فلا تكون ألفه الا للتأنيث ، وإذا كان صفة : قال سيبويه : «ولا يكون إلا مع
__________________
(١) الزغب الذي تحت شعر العنز تصنع منه بعض الأغطية
(٢) سيأتي فيه لغة بالمد ؛
(٣) وفيه هندباء بالمد وهو نبت.
التاء» ، فألفه للالحاق ، نحو : رجل عزهاة ، (١) وامرأة سعلاة ؛ وقال في «ضيزى» و «حيكى» : أصلهما الضم ،
وحكى ثعلب : عزهى منوّنا بلا تاء ، وهو مخالف لما ذهب اليه سيبويه ،
وإذا كان غير الأوجه المذكورة من الصفة والمصدر والجمع ، فقد يكون للالحاق نحو : معزى ، وقد يكون للتأنيث كالدّفلى والشعرى ، وقد يكون ذا وجهين : الالحاق والتأنيث ، كتترى ، (٢) وكذا ذفرى ، منونا وغير منون ؛
[الألف الممدودة]
[وأشهر أوزانها]
ومن الأوزان التي لا تكون ألفها الممدودة إلا للتأنيث : فعلاء ، وهو قياس في مؤنث أفعل ، الصفة ؛ نحو : أحمر وحمراء ، وقد يجيء صفة وليس مذكره أفعل ، كامرأة حسناء ، وديمة هطلاء ، وحلّة شوكاء ، (٣) وداهية دهياء ، والعرب العرباء ؛
ويجيء مصدرا ، كالسّرّاء والضرّاء واللأواء ، واسما مفردا غير مصدر ، كالصحراء والهيجاء ، واسم جمع كالطرقاء والقصباء ، (٤)
وقد يقصر بعض هذه الأسماء الممدودة للضرورة. فالمحذوف من الألفين ، اذن ، الأولى ، لا الأخيرة ، لأنها لمعنى ، ولأنها لو كانت المحذوفة لانصرف الاسم لزوال
__________________
(١) الذي لا يطرب لما يطرب له أمثاله.
(٢) هكذا جاءت كلمة تترى أثناء تفصيل الكلام على فعلى بكسر الفاء ، ولا وجه لذلك لأنها بالفتح فقط وإن كان قد ورد فيه التنوين وعدمه وتقدم ذلك.
(٣) أي الخشنة الملمس لأنها جديدة.
(٤) الطرفاء والقصباء نوعان من النبت ؛
الف التأنيث ، كما ينصرف حبارى إذا صغرتها بحذف ألف التأنيث نحو حبيرة ؛ فاذا حذفت الأولى رجعت الأخيرة إلى أصلها من الألف ، لأن سبب قلبها همزة ، هو اجتماعهما كما ذكرنا قبل ؛
ومنها فعلاء بفتح الفاء والعين ، ولم يأت عليها سوى أربعة احرف : فلان ابن ثأداء أي ابن الأمة ، والسحناء بمعنى السحنة ، وجنفاء : (١) وقرماء : بالقاف عند سيبويه ، وبالفاء عند الجوهري ، موضعان ،
ومنها فعلاء ، ولم يأت عليها إلا السّيراء (٢) ، وقال الفراء : أصله ضم الفاء كسرت ، للياء ؛
وفعلاء : إمّا مفردا كالعشراء والرحضاء (٣) ، أو جمعا ، كالفقهاء والعلماء ، وأمّا فعلاء وفعلاء ، كحرباء ، وخشّاء (٤) ، فملحقان بقرطاس وقرناس ، (٥)
ومنها : فاعلاء كقاصعاء ، وفعلياء ككبرياء ، وفعالاء ، وهو إمّا مصدر كالبراكاء بمعنى الثبات في الحرب ، وإمّا اسم كالثلاثاء ، واما صفة كطباقاء ، وفعولاء كبروكاء بمعنى البراكاء ، وفعللاء كهندباء ، (٦) بكسر الدال وفتحها ، وفعللاء كعقرباء ، وفعللاء كخنفساء ، وفعيلاء كقريثاء ، ضرب من التمر ، وفعلّاء كزمكّاء (٧) ، وقد يقصر ، وليس الألف للالحاق بسنمّار ، لأنه لا ينوّن ؛ وأفعلاء ، امّا مفردا كأربعاء ، وامّا جمعا
__________________
(١) تقدم في الصيغ المقصورة ؛
(٢) السيراء ثوب فيه خطوط صفر ،
(٣) الناقة التي مضى على وقت لقاحها عشرة أشهر. والرحضاء : العرق الذي يعقب نوبة الحمّى ،
(٤) عظم ناتئ خلف الاذن
(٥) قمة الجبل ،
(٦) تقدم في أوزان المقصورة ،
(٧) الزّمكاء : منبت الذنب من الطائر ؛
كأنبياء ، وهو كثير ؛ وفعليّاء كزكريّاء (١) ؛ وفاعولاء كعاشوراء ، ومفعولاء كمعيوراء (٢) ؛ وفعاللاء ، كجخادباء: نوع من الجراد ، وفعلالاء كبرناساء بمعنى الناس ، وفعللاء كقرفصاء ؛
[المؤنث الحقيقي]
[والمؤنث اللفظي]
[قال ابن الحاجب :]
«وهو حقيقي ولفظيّ ، فالحقيقي : ما بازائه ذكر في الحيوان»
«كامرأة وناقة ، واللفظي بخلافه ، كظلمة وعين» ؛
[قال الرضى :]
إنما قال في الحيوان ، لئلا ينتقض بنحو الأنثى من النخل ، فان بازائه ذكرا وتأنيثه غير حقيقي ، اذ تقول : اشتريت نخلة أنثى ؛ وقد يكون الحقيقي مع العلامة كامرأة ، ونفساء ، وحبلى ، وبلا علامة ، كأتان وعناق ؛
ولو قال : الحقيقي : ذات الفرج من الحيوان ، كان أولى ، إذ يجوز أن يكون حيوان أنثى لا ذكر لها من حيث التجويز العقلي ؛
قوله : «واللفظي بخلافه» : أي الذي ليس بازائه ذكر في الحيوان ، كظلمة وعين ، وقد يكون اللفظي حيوانا ، كدجاجة ذكر ، وحمامة ذكر ، اذ ليس بازائه مذكر ، فيجوز أن تقول : غرّدت حمامة ذكر ؛ وعندي ثلاث من البط ذكور ، فيجوز أن تكون
__________________
(١) اسم علم وتقدمت فيه لغة بالقصر ؛ وقال هناك يقال انه أعجميّ ؛
(٢) معيوراء : أحد الجموع للعير بفتح العين وهو الحمار الوحشي ويطلق على الأهلي أيضا
النملة في قوله تعالى : (قالت نملة) (١) : ذكرا ، واعتبر لفظه فأنث ما أسند اليه ؛ ولا يجوز ذلك في علم المذكر الحقيقي الذي فيه علامة التأنيث ، كطلحة ، لا يقال : قامت طلحة ، الا عند بعض الكوفيين ، وعدم السماع مع الاستقراء ، قاض عليهم (٢) ؛
ولعل السرّ في اعتبار التأنيث في منع صرفه ، لا في الاسناد اليه ، ان التذكير الحقيقي ، لما طرأ عليه ، منع أن يعتبر حال تأنيثه في غيره ، ويتعدى اليه ذلك ، وأمّا منع الصرف فحالة تختص به لا بغيره ؛
وإذا كان المؤنث اللفظي حقيقيّ التذكير ، وليس بعلم ، كشاة ذكر ، جاز في ضميره ، وما أشير به اليه : التذكير والتأنيث ، نحو : عندي من الذكور حمامة حسنة وحسن ؛ قال طرفة ؛
٥٣٩ ـ مؤلّلتان تعرف العتق فيهما |
|
كسامعتي شاة بحومل مفرد (٣) |
ولا يجوز في غير الحقيقيّ التذكير ؛ نحو غرفة حسنة ، ولا يجوز أن يقال : صاح دجاجة أنثى على أنك ألغيت تأنيث دجاجة بالتاء ، لكونها للوحدة ، لا للتأنيث ، لأنك وان ألغيتها ، يبقى التأنيث الحقيقي فيكون ، كقام هند ، وهو في غاية الندرة ، كما يجيء ؛
__________________
(١) من الآية ١٨ التي تقدمت من سورة النمل ، وهذا هو الوجه المقابل لما ذكره في الموضع المتقدم قبل صفحات في الحديث عن المعاني التي تأتي لها التاء.
(٢) أي حاكم ببطلان مذهبهم ؛
(٣) هو من أبيات معلقته وتقدمت منها بعض الشواهد في هذا الجزء ، والبيت في وصف أذني ناقته وقوة إدراكهما وصدق حسّها وقبله :
وصادقتا سمع التوجس للسّرى |
|
لجرس خفى أو لصوت مندد |
وقوله صادقتا مثنى صادقة أي أن ما تسمعه وتحس به صادق لا محالة ؛ ومؤللتان : أي محددتان مثل تحديد الحربة في الانتصاب ، والعتق : الكرم والنجابة ، قالوا : أراد بالشاة التي شبه اذني الناقة بأذنيها : ثور الوحش ، وحومل اسم مكان ، ومفرد أي منفرد في هذا المكان وانفراده يجعله يسمع ما حوله أكثر ؛
[الفعل المسند]
[الى المؤنث]
[وجوب التاء وجوازها فيه]
[قال ابن الحاجب :]
«وإذا أسند اليه فعل فبالتاء ، وأنت في ظاهر غير الحقيقي»
«بالخيار ، وحكم ظاهر الجمع مطلقا غير المذكر السالم»
«حكم ظاهر غير الحقيقي ، وضمير العاقلين غير السالم :»
«فعلت وفعلوا والنساء والأيام : فعلت وفعلن» ؛
[قال الرضى :]
قوله : إذا أسند الفعل : أي الفعل وشبهه ، إلى المؤنث مطلقا ، سواء كان مظهرا أو مضمرا ، حقيقيا أو ، لا ، ظاهر العلامة أو ، لا ، فذلك الفعل وشبهه مع التاء ، للايذان من أول الأمر بتأنيث الفاعل ؛
قوله : «وأنت في ظاهر غير الحقيقي بالخيار» ، إنما قال ظاهر ، احترازا عن المضمر ، وغير الحقيقي ، احترازا عن الحقيقي ، لأن تأنيث المسند اليهما واجب على بعض الوجوه ، كما يجيء ؛
ثم اعلم أن الفاعل المؤنث ، امّا جمع السلامة بالألف والتاء ، أو جمع التكسير أو اسم الجمع ، أو غيرها ، أعني المفرد والمثنى ، أمّا الجمعان واسم الجمع فسيجيء حكمهما ، وغيرها ، إمّا ظاهر ، أو مضمر ، والظاهر إمّا حقيقي أو غيره ، والحقيقي اما متصل برافعه أو ، لا ؛
فالأغلب في الظاهر الحقيقي المتصل برافعه : الحاق علامة التأنيث برافعه ، نحو : ضربت هند ، وضربت الهندان ، (١)
__________________
(١) في النسخة التركية زيادة : وضربت الهندات ، ولا وجه لها لأن المراد التمثيل لغير نوعي الجمع واسم الجمع ،