المعجم المفصّل في علم الصّرف

المعجم المفصّل في علم الصّرف

المؤلف:


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

لها أشارير من لحم ، تتمّره

من الثّعالي ، ووخز من أرانيها

أراد «الثعالب» و «أرانبها» فلم يمكنه أن يسكن الباء فأبدل منها ياء.

وأبدلت أيضا من الباء ، على اللزوم ، في «ديباج». وأصله «دبّاج» ، فأبدلوا الباء الساكنة ياء ، هروبا من اجتماع المثلين.

والدليل على ذلك قولهم في الجمع «دبابيج». فردّوا الباء لمّا فرّقت الألف بين المثلين.

وأبدلت أيضا من الباء الثانية ، هروبا من التضعيف ، في «لا وربّك» ، فقالوا «لا وربيك». حكى ذلك أحمد بن يحيى.

وأبدلت من الراء ، على اللزوم ، في «قيراط» و «شيراز» (١). والأصل «قرّاط» و «شرّاز» ، فأبدلوا الياء من الراء الأولى هروبا من التضعيف. والدليل على أنّ الأصل «قرّاط» و «شراز» قولهم : «قراريط» و «شراريز» ، فردّوا الراء ، لمّا فصلت الألف بين المثلين.

وأبدلت أيضا في «تسرّيت» وأصله «تسرّرت» ، لأنه «تفعّلت» من «السّرّيّة». و «السّرّيّة» : «فعليّة» من السرور ، لأنّ صاحبها يسرّ بها ، أو من السّر ، لأنّ صاحبها يسرّ أمرها عن حرّته وربّة منزله. ومن جعل «سرّيّة» «فعّيلة» من سراة الشيء ـ وهو أعلاه ـ كانت اللّام من «تسرّيت» واوا أبدلت ياء ، لوقوعها خامسة ، لأنّ «السّراة» من الواو ، بدليل قولهم في جمعه «سروات». قال (٢) :

وأصبح مبيضّ الصّقيع كأنّه

على سروات البيت ، قطن ، مندّف

والذي ينبغي أن يحمل عليه «سرّيّة» أنه «فعليّة» من السّر ، أو من السّرور. فقد دفع أبو الحسن اشتقاقها من سراة الشيء ـ وهو أعلاه ـ بأن قال : إنّ الموضع الذي تؤتى منه المرأة ليس أعلاها وسراتها. وهذا الدفع صحيح ، واشتقاقه من السّر أو السرور واضح. فلذلك كان أولى.

فهذا جميع ما أبدلت فيه الياء من الراء.

وأبدلت من النون ، على اللزوم ، في «دينار». أصله «دنّار» ، فأبدلت الياء من النون الأولى ، هروبا من ثقل التضعيف ، بدليل قولهم : «دنانير» في الجميع ، و «دنينير» في التحقير.

وأبدلت أيضا من نون «إنسان» الأولى ، على غير اللزوم ، فقالوا : «إيسان». قال عامر بن جؤين :

__________________

(١) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه.

(٢) البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٨.

٤١

فيا ليتني ، من بعد ما طاف أهلها ،

هلكت ، ولم أسمع بها صوت إيسان

وقالوا في الجميع «أياسين» بالياء. والأصل النون ، لأنّ «إنسانا» و «أناسيّ» بالنون أكثر منه بالياء.

وأبدلت أيضا ، على اللزوم ، من نون «ظربان» (١) ونون «إنسان» التي بعد الألف ، في الجمع ، فقالوا : «أناسيّ» و «ظرابيّ». فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث ، لشبهها بها. فكما يبدلون من همزة التأنيث ياء ، فيقولون في «صحراء» : «صحاريّ» ، فكذلك فعلوا بنون «إنسان» و «ظربان» ، في الجمع.

وأبدلت أيضا من النون في «تظنّيت» ، لأنّه «تفعّلت» من الظّن. فأصله «تظنّنت» ، فأبدلت النون ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال.

وأبدلت أيضا على اللزوم ، من النون في «تسنّى» بمعنى : تغيّر. ومن ذلك قوله تعالى (لم يتسن) (٢) فحذفت الألف المبدلة من الياء للجزم. والأصل «يتسنّن» فأبدلت النون ياء ، هروبا أيضا من اجتماع الأمثال. والدليل على ذلك قوله تعالى (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(٣) أي : متغيّر. فقوله تعالى «مَسْنُونٍ» يدلّ على أنّ «يتسنّ» في الأصل من المضعّف كـ «مَسْنُونٍ» ، وليس من قبيل المعتلّ.

فهذا جميع ما أبدلت فيه الياء من النون.

وأبدلت من اللّام في «أمليت الكتاب». إنما أصله : «أمللت» ، فأبدلت اللّام الأخيرة ياء ، هروبا من التضعيف. وقد جاء القرآن باللغتين جميعا. قال تعالى : (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(٤). وقال عزّ وجلّ : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ)(٥). وإنّما جعلنا اللّام هي الأصل ، لأنّ «أمللت» أكثر من «أمليت».

وأبدلت من الصاد ، على غير اللزوم ، في «قصّيت أظفاري» بمعنى «قصّصت». فأبدلوا من الصاد الأخيرة ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال. حكى ذلك اللّحيانيّ.

وأبدلت من الضاد في قول العجّاج (٦) :

تقضّي البازي ، إذا البازي كسر

إنّما هو «تفعّل» من الانقضاض. وأصله «تقضّض» ، فأبدلت الضاد الأخيرة ياء. وقالوا أيضا : «تفضّيت» من الفضة ، وهو مثل «تقضّيت».

وأبدلت من الميم في «يأتمي» على غير اللزوم في الشعر ، قال (٧) :

__________________

(١) الظربان : حيوان أصغر من الهرّ ، قصير القوائم ، منتن الرائحة.

(٢) البقرة : ٢٥٩.

(٣) الحجر : ٢٦ ، ٣٣ ، ٣٨.

(٤) الفرقان : ٥.

(٥) البقرة : ٢٨٢.

(٦) ديوانه ص ١٧.

(٧) البيت لكثّير عزّة في ديوانه ص ٣٠٠.

٤٢

تزور امرءا ، أمّا الإله فيتّقي

وأمّا بفعل الصّالحين فيأتمي

أصله «يأتمّ» ، فأبدل من الميم الثانية ياء ، هروبا من التضعيف.

وأبدلت أيضا في «تكمّوا» ، لأنّه «تفعّلوا» من «كممت الشيء» إذا سترته. فأصله تكمّموا» ، فأبدلوا من الميم الأخيرة ياء فقالوا : «تكمّيوا» ، فاستثقلت الضمّة في الياء ، فحذفت ، فبقيت الياء ساكنة ، فحذفت لالتقائها مع واو الضمير الساكنة ، فصار «تكمّوا». قال الراجز (١) :

بل لو شهدت النّاس ، إذ تكمّوا

بقدر ، حمّ لهم ، وحمّوا

وأبدلت أيضا من الميم الأولى في «أمّا» ، فقالوا : «أيما» هروبا من التضعيف. وقد روي بيت ابن أبي ربيعة (٢) :

رأت رجلا ، أيما إذا الشّمس عارضت

فيضحى ، وأيما بالعشيّ فيخصر

وأبدلت أيضا من الميم الأولى في «ديماس» (٣) ، هروبا من التضعيف. وأصله «دمّاس» ، بدليل قولهم في الجمع «دماميس».

وأبدلت من الدّال ، في قوله تعالى : (إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً)(٤) ، و «التصدية» : التصفيق والصوت. و «فعلت» منه : صددت أصدّ.

ومنه قوله تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(٥) أي : يعجّون ويضجّون. فأصله «تصددة» ، فحوّلت إحدى الدالين ياء ، هروبا من اجتماع المثلين. وليس قول من قال إنّ الياء غير مبدلة من دال ، وجعله من «الصّدى» الذي هو الصوت ، بشيء ، وإن كان أبو جعفر الرستميّ قد ذهب إليه ، لأنّ الصّدى لم يستعمل منه فعل. فحمله على أنه من هذا الفعل المستعمل أولى.

وأبدلت من العين ، فيما أنشده سيبويه ، من قوله (٦) :

ومنهل ليس له حوازق

ولضفادي جمّه نقانق

يريد «ولضفادع» ، فكره أن يسكّن العين في موضع الحركة ، فأبدل منها ما يكون ساكنا في حال الجرّ ، وهو الياء.

وأبدلت أيضا من العين ، في «تلعّيت» (٧) من اللّعاعة (٨) «تلعية». والأصل «تلعّعت تلععة» ، فأبدلت العين الأخيرة ياء ، هروبا من اجتماع الأمثال.

__________________

(١) الرجز للعجّاج في ديوانه ص ٦٣.

(٢) ديوانه ص ٨٦. ويضحى : يظهر للشمس.

يخصر : يبرد.

(٣) الديماس : الحمّام ، أو القبر.

(٤) الأنفال : ٤٥.

(٥) الزخرف : ٥٧.

(٦) الرجز بلا نسبة في الكتاب ١ / ٣٤٤. والحوازق :

الجماعات.

(٧) تلعّيت : رعيت.

(٨) اللعاعة : أصل النبت.

٤٣

فإن قال قائل : فلعلّ «تلعّيت» :«تفعليت» والياء زائدة ، مثلها في «تجعبيت» ، فلا تكون إذ ذاك بدلا! فالجواب أنّ التاء إنّما دخلت على «لعّيت» ، و «لعّيت» : «فعّلت» ، بدليل قولهم : «تلعية» ، إذ لا يجيء المصدر على «تفعلة» إلّا إذا كان الفعل على وزن «فعّل». فإذا تبيّن أنّ التاء دخلت على «فعّلت» ثبت أنّ «تلعّيت» : «تفعّلت» ، وأنّ الياء بدل من العين.

وأبدلت من الكاف ، فيما حكاه أبو زيد ، من قولهم : «مكّوك» (١) و «مكاكيّ». وأصله «مكاكيك» ، فأبدلت الياء من الكاف الأخيرة ، هروبا أيضا من ثقل التضعيف.

وأبدلت من التاء ، أنشد بعضهم (٢) :

قامت بها ، تنشد كلّ منشد

فايتصلت بمثل ضوء الفرقد

يريد «فاتّصلت» ، فأبدل من التاء الأولى ياء ، كراهية التّشديد.

وأبدلت من الثاء في «ثالث» ، فقالوا : «الثالي». قال الراجز (٣) :

يفديك ، يا زرع ، أبي وخالي

قد مرّ يومان ، وهذا الثّالي

وأنت ، بالهجران ، لا تبالي

أراد «وهذا الثالث».

وأبدلت من الجيم في جمع «ديجوج» (٤) ، فقالوا «الدياجي». وأصله «دياجيج» ، فأبدلت الجيم الأخيرة ياء ، وحذفت الياء فيها تخفيفا.

وأبدلت من الهاء في «دهديت الحجر» أي : دحرجته. وأصله «دهدهته» ؛ ألا تراهم قولوا : «دهدوهة الجعل» (٥) لما يدحرجه. قال أبو النّجم (٦) :

كأنّ صوت جرعها المستعجل

جندلة ، دهديتها بجندل

وقالوا في «صهصهت بالرّجل» إذا قلت له «صه صه» : «صهصيت» ، فأبدلوا من الهاء ياء.

وأبدلت من الهمزة باطّراد ، إذا كانت ساكنة وقبلها كسرة. فتقول في «ذئب» و «بئر» و «مئرة» (٧) : «ذيب» و «بير» و «ميرة». ولا يلزم ذلك ، إلّا أن يكون الحرف المكسور الذي قبل الهمزة الساكنة همزة أخرى ، نحو «إيمان» و «إيتاء» في مصدر «آمن» و «آتى». وأصلهما «إئمان» و «إئتاء».

وأبدلت من الهمزة المفتوحة المكسور ما

__________________

(١) المكّوك : طاس يشرب به.

(٢) الرجز بلا نسبة في شرح المفصّل ١٠ / ٢٦ ؛ والمفصّل ٢ / ٢٥٧.

(٣) الرجز بلا نسبة في شرح المفصل ١٠ / ٢٨ ؛ والمفصّل ٢ / ٢٥٩. وزرع : ترخيم زرعة.

(٤) الديجوج : الليل المظلم.

(٥) الجعل : نوع من الخنافس.

(٦) المنصف ٢ / ١٧٦

(٧) المئرة : العداوة.

٤٤

قبلها ، نحو : «مير» و «أريد أن أقريك» ، على غير لزوم. وقد مضى السبب في ذلك في باب تخفيف الهمز.

وكذلك أيضا تبدل من الهمزة المضمومة المكسور ما قبلها ، عند الأخفش ، نحو : «يقريك» في «يقرئك» ، على غير لزوم أصلا. وقد تقدّم الدليل على بطلان هذا المذهب ، في باب تخفيف الهمز أيضا.

وتبدل منها أيضا إذا وقعت بعد ياء «فعيل» ونحوه ، ممّا زيدت فيه لمدّ ، وبعد ياء التحقير ، على غير لزوم. فيقولون في «خطيئة» : «خطيّة» ، وفي نسيء» : «نسيّ» ، وفي تحقير «أفؤس» : «أفيّس».

وإذا التقت همزتان ، وكانت الثانية متحرّكة بالكسر ، قلبت الثانية ياء على اللزوم ، نحو قولهم : «أيمّة» في جمع «إمام». أصله «أأممة» ، ثم أدغمت فقلت : «أئمّة» ، ثم أبدلت من الهمزة المكسورة ياء.

وتبدل أيضا من الهمزة الواقعة طرفا بعد ألف زائدة ، في التثنية ، في لغة لبعض بني فزارة. فيقولون في تثنية «كساء» و «رداء» : «كسايان» و «ردايان». حكى ذلك أبو زيد عنهم.

وأبدلت ، بغير اطّراد في «قرأت» و «بدأت» و «توضّأت» ، فقالوا «قريت» و «توضّيت» و «بديت». وعلى «بديت» جاء قول زهير (١) :

جريء ، متى يظلم يعاقب بظلمه

سريعا ، وإلّا يبد بالظّلم يظلم

فحذف الألف المنقلبة عن الياء المبدلة من الهمزة ، للجزم في «يبدى».

وقالوا في «واجىء» (٢) : «واج» ، فأبدل الهمزة ياء ، وأجراها مجرى الياء الأصليّة. الدليل على ذلك أنه جعلها وصلا لحركة الجيم ، في قوله (٣) :

وكنت أذلّ من وتد بقاع

يشجّج رأسه ، بالفهر ، واجي

وأجراها مجرى الياء الأصليّة ، في قوله قبل :

ولولاهم لكنت كحوت بحر

هوى ، في مظلم الغمرات ، داجي

ولو كانت الهمزة منويّة عنده لم يجز أن تكون الياء وصلا كما لا يجوز ذلك في الهمزة. ونحو من ذلك قول ابن هرمة (٤) :

إنّ السباع لتهدى في مرابضها

والناس ليس بهاد شرّهم أبدا

فأبدل الهمزة من «هادىء» ياء ضرورة. وجميع هذا لا يقاس عليه إلّا في ضرورة شعر.

__________________

(١) ديوانه ص ٢٤.

(٢) الواجىء : الضارب في أيّ موضع كان.

(٣) البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، راجع الكتاب ٢ / ١٧٠ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣٤١ ؛ والعقد الفريد ٦ / ١٤٨.

(٤) ديوانه ص ٩٧.

٤٥

وأبدلت أيضا من الهمزة في «أعصر» اسم رجل ، فقالوا «يعصر». قال أبو عليّ : إنما سمّي «أعصرا» لقوله (١) :

أبنيّ إنّ أباك شيّب رأسه

كرّ اللّيالي ، واختلاف الأعصر» (٢)

وتبدل الياء من الألف في موضعين : أوّلهما إذا وقعت بعد كسرة ، وذلك في التصغير أو جمع التكسير ، نحو : «دينار ـ دنينير ـ دنانير». وثانيهما إذا وقعت تالية لياء التصغير ، نحو : «كتاب ـ كتيّب».

وتبدل من الواو في الحالات التالية :

أ ـ إذا وقعت بعد كسرة ، نحو : «رضي» (الأصل : «رضو»).

ب ـ إذا وقعت عينا لمصدر أعلّت في فعله أو قبلها كسرة ، وبعدها ألف زائدة ، نحو : «قيام» (أصلها : «قوام»).

ج ـ إذا وقعت لاما لصفة على وزن «فعلى» ، نحو : «عليا» (أصلها : «علوا»).

د ـ إذا وقعت ساكنة غير مشدّدة بعد كسرة ، نحو : «ميزان» (أصلها : «موزان»).

ه ـ إذا تطرّفت ، وكانت رابعة فصاعدا بعد فتح ، نحو : «أعطيت» (أصلها : «أعطوت»).

و ـ إذا وقعت عينا لجمع تكسير صحيح اللام ، وقبلها كسرة ، وذلك شرط أن تكون ساكنة في المفرد ، وبعدها ألف في الجمع ، نحو : «رياض» (أصلها : «رواض»).

ز ـ إذا وقعت عينا لجمع تكسير صحيح اللام ، وقبلها كسرة ، وهي معلّة في مفرده ، نحو : «حيل» (أصلها : «حول»).

ح ـ إذا وقعت عينا لجمع تكسير على وزن «فعّل» صحيح اللام دون أن يفصل بين العين واللام فاصل ، نحو : «صيّم» (أصلها : «صوّم»).

ط ـ إذا وقعت لاما لجمع تكسير على وزن «فعول» ، نحو : «عصيّ» (أصلها : «عصوو»).

ي ـ إذا وقعت لام اسم مفعول لفعل ماض ثلاثي على وزن «فعل» ، نحو : «مقوي» (أصلها : «مقووي»).

ك ـ إذا اجتمعت مع الياء في كلمة واحدة ولم يفصل بينهما فاصل ، وكان السابق من الواو أو الياء غير منقلب عن غيره وساكنا سكونا غير عارض ، نحو : «ميّت» (أصلها : «ميوت».

أبنية الأسماء

أبنية الأسماء نوعان :

١ ـ أبنية الأسماء المجرّدة : ثلاثة أقسام :

أ ـ الثلاثيّ. راجع : الاسم الثلاثيّ المجرّد.

__________________

(١) هو منبه بن سعد بن قيس عيلان.

(٢) عن الممتع في التصريف ص ٣٦٨ ـ  ٣٨٢.

٤٦

ب ـ الرباعيّ. راجع : الاسم الرباعيّ المجرّد.

ج ـ الخماسيّ. راجع : الاسم الخماسيّ المجرّد.

٢ ـ أبنية الأسماء المزيدة : ثلاثة أقسام :

أ ـ الثلاثيّ : راجع : الاسم الثلاثيّ المزيد بحرف،والاسم الثّلاثيّ المزيد بحرفين،والاسم الثلاثيّ المزيد بثلاثة أحرف،والاسم الثلاثيّ المزيد بأربعة أحرف.

ب ـ الرباعيّ : راجع : الاسم الرباعيّ المزيد بحرف ، والاسم الرباعيّ المزيد بحرفين.

ج ـ الخماسي : راجع الاسم الخماسيّ المزيد.

أبنية الأفعال

أبنية الأفعال نوعان :

١ ـ أبنية الأفعال المجرّدة :

أ ـ الثلاثي. راجع : الفعل الّثلاثي المجرّد.

الرباعيّ : راجع : الفعل الرّباعيّ المجرّد.

٢ ـ أبنية الأفعال المزيدة :

أ ـ الثلاثي. راجع : الفعل الثلاثيّ المزيد بحرف ، والفعل الثلاثي المزيد بحرفين ، والفعل الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف.

ب ـ الرباعيّ. راجع : الفعل الرباعيّ المزيد بحرف ، والفعل الرباعيّ المزيد بحرفين.

أبنية القلّة

انظر : جمع التكسير (٢ ، ٣ ، ٤).

أبنية الكثرة

انظر : جمع التكسير (٢ ، ٣ ، ٥).

أبنية المبالغة

انظر : صيغ المبالغة.

أتاه سليمان

انظر : سألتمونيها.

الاتّخاذ

هو ، في اللغة ، مصدر اتّخذ الشيء : حصّله. وهو من معاني الفعل المزيد :

أ ـ افتعل ، نحو : «اشتوى».

ب ـ تفعّل ، نحو : «تعمّم».

اجتماع الساكنين

انظر : التقاء الساكنين.

اجتماع الساكنين على حدّ

هو اجتماع ساكنين في كلمة فيها حرف لين وبعده حرف مدغم ، نحو : جادّة.

انظر : التقاء الساكنين.

أجد طويت منها

هي عند بعضهم ، أحرف الإبدال الصرفي.

راجع : الإبدال الصرفي.

٤٧

الإجناح

هو ، في اللغة ، مصدر أجنح الشيء :

أماله.

راجع : الإمالة.

الأجوف

هو ، في اللغة ، على وزن أفعل من جوف : خلا جوفه. وهو ما كانت عينه حرف علّة ، نحو : «خاف» ، «وقول». وهو نوعان :

أ ـ الأجوف الواويّ : وهو ما كانت عينه واوا ، نحو : «قال ، قول».

ب ـ الأجوف اليائيّ : وهو ما كانت عينه ياء ، نحو : «باع ، بيع».

الأجوف الواويّ

راجع : الأجوف (أ).

الأجوف اليائيّ

راجع : الأجوف (ب).

الاحتجاج

هو ، في اللغة ، مصدر احتجّ : أتى بالحجّة ، واحتجّ بالشيء : اتّخذه حجّة. وهو يستخدم لإثبات قاعدة أو غيرها باعتماد السماع أو الإجماع.

راجع : السماع.

الأحداث

تسمية أطلقت على المصدر.

راجع : المصدر.

أحداث الأسماء

تسمية أطلقت على المصدر.

راجع : المصدر.

أحرف الزيادة

راجع : حروف الزيادة.

الاختلاس

هو ، في اللغة ، مصدر اختلس الشيء : استلبه في سرعة ومخادعة. وهو في الاصطلاح عدم إعطاء الحركة أو حرف اللّين حقّهما من الصوت ، نحو : «امّحت معالمه» إذا اختلست ألف «امّحت». ويقابله الإشباع.

راجع : الإشباع.

الاختيار

هو ، في اللغة ، مصدر اختار الشيء : اصطفاه. وهو ، في الاصطلاح ، أن يجري الكلام على أصله ، ويكون في النثر ، نحو :

«ذهب المعلم إلى المدرسة». ويقابله الاضطرار.

راجع : الاضطرار.

الإخفاء

هو ، في اللغة ، مصدر أخفى : خبّأ. وهو ، في الاصطلاح ، نطق الحرف بين الإظهار والإدغام.

الإدراج

هو ، في اللغة ، مصدر أدرج الشيء في الشيء : أدخله فيه. وهو ، في الاصطلاح.

أ ـ الإدغام. راجع : الإدغام.

٤٨

ب ـ الحشو. راجع : الحشو.

الادّغام

هو ، في اللغة ، مصدر ادّغم الشيء في الشيء : أدخله فيه ، وهو في الاصطلاح الإدغام.

راجع : «الإظهار» ، و «الإدغام».

الإدغام

هو ، في اللغة ، مصدر أدغم الشيء في الشيء : أدخله فيه. وهو في الاصطلاح إدخال حرف في حرف آخر من جنسه بحيث يصيران حرفا واحدا مشدّدا نحو : مرّ (مرر) ، أو مقارب له في المخرج ، نحو : ادّعى (ادتعى) ، وهو نوعان :

أ ـ الإدغام الصغير.

ب ـ الإدغام الكبير.

أ ـ الإدغام الصغير : هو ما كان أوّل الحرفين المثلين ساكنا والثاني متحرّكا ، نحو : «الشّدّ» (شدد). وسمّي صغيرا لأنّ فيه عملا واحدا ، وهو إدخال الحرف الأوّل في الثاني.

ب ـ الإدغام الكبير : هو ما كان الحرفان المثلان فيه متحرّكين ، فيسكّن الأوّل بحذف حركته ، نحو : شدّ (شدد) ، أو بنقلها إلى الحرف الساكن قبله ، نحو : يشدّ (يشدد) وسمّي كبيرا لأنّ فيه عملين وهما : الإسكان ، والإدغام.

وجاء في كتاب «الممتع في التصريف» :

«الإدغام هو رفعك اللسان بالحرفين رفعة واحدة ووضعك إيّاه بهما موضعا واحدا. وهو لا يكون إلّا في المثلين أو المتقاربين.

والسبب في ذلك أنّ النطق بالمثلين ثقيل ، لأنّك تحتاج فيهما إلى إعمال العضو الذي يخرج منه الحرف المضعّف مرتّين ، فيكثر العمل على العضو الواحد. وإذا كان الحرفان غيرين لم يكن الأمر كذلك. لأنّ الذي يعمل في أحدهما لا يعمل في الآخر. وأيضا فإنّ الحرفين إذا كانا مثلين ، فإنّ اللسان يرجع في النطق بالحرف الثاني إلى موضعه الأوّل ، فلا يتسرّح اللسان بالنطق كما يتسرح في الغيرين ، يل يكون في ذلك شبيها بمشي المقيّد. ممّا كان فيه من الثقل ما ذكرت لك رفع اللسان بهما رفعة واحدة ، ليقلّ العمل ، ويخفّ النطق بهما على اللسان.

وأما المتقاربان فلتقاربهما أجريا مجرى المثلين ، لأنّ فيهما بعض الثقل ؛ ألا ترى أنك تعمل العضو وما يليه كما كنت في المثلين تعمل العضو الواحد مرتّين. فكأنّ العمل باق في العضو لم ينتقل. وأيضا فإنّك تردّ اللسان إلى ما يقرب من مخرج الحرف الأوّل ، فيكون في ذلك عقلة للسان وعدم تسريح له في وقت النطق بهما. فلمّا كان فيهما من الثقل هذا القدر فعل بهما ما فعل بالمثلين ، من رفع اللسان بالحرفين رفعة

٤٩

واحدة ، ليخفّ النطق بهما.

فهذا الباب إذا ينقسم قسمين : إدغام المثلين ، وإدغام المتقاربين.

ذكر إدغام المثلين

اعلم أنّ كلّ مثلين قد يدغمان إلّا الألفين والهمزتين. أمّا الألف فلم يمكن الإدغام فيها ، لأنّه لا يدغم إلّا في متحرك والألف لا تتحرك. وأمّا الهمزة فثقيلة جدا ، ولذلك يخفّفها أهل التخفيف منفردة. فإذا انضمّ إليها غيرها ازداد الثقل ، فألزمت إحداهما البدل ، فيزول اجتماع المثلين فلا يدغم إلا أن تكونا عينين نحو : «سأّل» و «رأّس» فإنك تدغم ولا تبدل ، لما ذكرناه من أنك لو أبدلت إحداهما لاختلفت العينان ، والعينان أبدا في كلام العرب لا يكونان إلا مثلين. وقد يجوز الإدغام في الهمزتين على ما حكي عن ابن أبي إسحاق (١) وناس معه ، من أنّهم كانوا يحققّون الهمزتين ، إذا كانتا في كلمتين نحو : «قرأ أبوك» لأنه يجتمع لهم مثلان وقد تكلّمت العرب بذلك وهو رديء. فعلى هذا إذا اجتمع لك مثلان ، وكان المثلان مما يمكن الإدغام فيهما فلا يخلو من أن يكون الثاني منهما متحرّكا أو ساكنا فإن كان الثاني متحركا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمة واحدة أو في كلمتين ، فإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو من أن يكونا حرفي علّة أو حرفين صحيحين ، فإن كانا حرفي علّة فقد تقدّم حكمهما في باب القلب وإن كانا حرفين صحيحين فلا يخلو من أن يجتمعا في اسم أو في فعل.

فإن اجتمعا في فعل فالإدغام ليس إلا ، فإن كان الأول من المثلين ساكنا أدغمته في الثاني ، من غير تغيير ، نحو : «ضرّب» و «قطّع». وإن كان الأوّل منهما متحركا فإما أن يكون أوّلا في الكلمة أو غير أوّل. فإن كان غير أوّل سكّنته بحذف الحركة منه ، إن كان ما قبله متحركا أو ساكنا هو حرف مدّ ولين ، أو بنقلها إلى ما قبله ، إن كان ساكنا غير حرف مدّ ولين. وحينئذ تدغم ، نحو «ردّ» و «احمرّ» و «استقرّ» و «احمارّ». الأوّل من المثلين في الأصل متحرك ؛ ألا ترى أنّك إذا رددت الفعل إلى نفسك تقول «رددت» و «شممت» و «لببت» و «استقررت» و «احمررت» و «احماررت» ، فتحرّك لمّا زال الإدغام. وإنما سكنّته لأن النيّة بالحركة أن تكون بعد الحرف ، فتجيء فاصلة بين المثلين ، ولا يمكن الإدغام في المثلين مع الفصل.

هذا ما لم تكن الكلمة ملحقة ويكون الإدغام مغيرا لها ومانعا من أن تكون على مثل ما ألحقت به. فإنك حينئذ لا تدغم ، نحو : «جلبب» و «اسحنكك» (٢) ، لأنّهما

__________________

(١) هو عبد الله بن أبي إسحاق الزيادي الحضرميّ الذي هجاه الفرزدق.

(٢) اسحنكك الليل : اشتدّ ظلامه.

٥٠

ملحقان بـ «قرطس» و «احرنجم» (١). فلو أدغمت ، فقلت : «جلبّ» و «اسحنكّ» لكنت قد حركت ما في مقابلته من بناء الملحق به ساكن ، وسكنّت ما في مقابلته متحرك ؛ ألا ترى أنك كنت تحرك العين من «جلبب» وهي في مقابلة الراء من «قرطس» ، وتسكن الباء الأولى وهي في مقابلة طاء «قرطس» ، وتحرك النون من «اسحنكك» وهي في مقابلة نون «احرنجم» ، وتسكن الكاف الأولى منها وهي في مقابلة الجيم من «احرنجم».

أو يكون أحد المثلين في أوّل الكلمة أو تاء «افتعل». فإن كان أحد المثلين في أول الكلمة فإنه لا يخلو من أن يكون الثاني إذ ذاك زائدا ، أو غير زائد. فإن كان زائدا لم تدغم نحو : «تتذكّر» ، لأنّك إذا استثقلت اجتماع المثلين حذفت الثاني فقلت «تذكّر» لأنّه زائد وليس في حذفه لبس. وإن كان الثاني أصليّا فإن شئت أدغمت. وذلك بتسكين الأوّل تحتاج إذ ذاك إلى الإتيان بهمزة الوصل ، إذ لا يبتدأ بساكن. وإن شئت أظهرت. وذلك نحو : «تتابع» و «اتّابع».

فإن قيل : ولأي شيء لم تحذف إحدى التاءين كما فعلت ذلك في «تذكّر»؟ فالجواب أنّ التاء هنا أصل ، فلا يسهل حذفها ، وأيضا فإنّ حذفها يؤدّي إلى الالتباس ؛ ألا ترى أنّك لو قلت «تابع» لم يدر أهو «فاعل» في الأصل أو «تفاعل».

فإن قال قائل : فلأيّ شيء لم يدغم في «تتذكّر» وأمثاله؟ فالجواب أنّ الذي منع من ذلك شيئان :

أحدهما أنّ الفعل ثقيل ، فإذا أمكن تخفيفه كان أولى وقد أمكن تخفيفه بحذف أحد المثلين ، فكان ذلك أولى من الإدغام الذي يؤدّي إلى جلب زيادة.

والآخر أنّك لو أدغمت لاحتجت إلى الإتيان بهمزة الوصل ، وهمزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع لاسم الفاعل أصلا. كما لا تدخل على اسم الفاعل. وليس كذلك «تتابع» لأنّه ماض ، والماضي قد تكون في أوّله همزة الوصل ، نحو : «انطلق» و «استخرج» و «احمرّ».

فإن قال قائل : فلأيّ شيء لم يلزم «تتابع» الإدغام و «تتذكّر» الحذف ، ويرفض اجتماع المثلين كما رفض ذلك في «ردّ»؟ فالجواب أنّ التاء في مثل : «تفاعل» و «تفعّل» لا تلزم ، لأنها دخلت على «فاعل» و «فعّل» ؛ ألا ترى أنّ الأصل في «تتابع» : «تابع» وفي «تذكّر» : «ذكّر». فلما لم يلزم صار اجتماع المثلين غير لازم. وما لا يلزم ، وإن كان ثقيلا ، قد يحتمل لعدم لزومه ؛ ألا ترى أنّ «جيلا» لم يعلّ لأنّ الأصل «جيئل» (٢) ، والتخفيف المؤدّي إلى النقل

__________________

(١) احرنجم القوم : تجمّعوا.

(٢) الجيئل : الضخم من كل شيء أو القبيح.

٥١

عارض ، فلذلك لم يلحظ ومن أدغم في «اتّابع» وحذف في «تذكّر» اعتدّ باجتماع المثلين ، وإن كان ذلك غير لازم ، لأنّ العرب قد تعتدّ بغير اللازم ؛ ألا ترى أنّ الذي قال : «لحمر جاءني» فحذف همزة الوصل اعتدّ بالحركة التي في اللام ، وإن كان التخفيف عارضا والأصل «الأحمر».

وإن كان أحد المثلين تاء «افتعل» نحو : «اقتتل» فإنه يجوز فيه الإظهار والإدغام. أما الإظهار فلأنه يشبه اجتماع المثلين من كلمتين في أنه لا يلزم تاء «افتعل» أن يكون ما بعدها مثلها ، كما لا يلزم ذلك في الكلمتين لأنّك تقول : «اكتسب» فلا يجتمع لك مثلان. وإنما يجتمع المثلان في «افتعل» إذا بنيت من كلمة عينها تاء نحو : «اقتتل» و «افتتح» فكما لا تدغم إذا كان ما قبل الأوّل من المثلين المنفصلين ساكنا صحيحا ، فكذلك لا تدغم في «افتعل». وأما الإدغام فلأنّ المثلين على كلّ حال في كلمة واحدة فتدغم كما تدغم في الكلمة الواحدة.

فإن أظهرت جاز لك في الأول من المثلين البيان والإخفاء لأنّه وسيطة بين الإظهار والإدغام. وإذا أدغمت جاز لك ثلاثة أوجه : أحدها أن تنقل الفتحة إلى فاء «افتعل» فتحرك الفاء وتسقط ألف الوصل ، ثم تدغم ، فتقول «قتّل» بفتح القاف. والثاني أن تحذف الفتحة من تاء «افتعل» فتلتقي ساكنة مع فاء الكلمة ، فتحرّك الفاء بالكسر على أصل التقاء الساكنين فتذهب همزة الوصل لتحرك الساكن ، ثم تدغم فتقول : «قتلوا» بكسر القاف وفتح التاء ، والثالث ـ وهو أقلّها ـ أن تكسر التاء في هذه اللغة الثانية اتباعا للكسرة التي قبلها ، فتقول «قتلوا» بكسر القاف والتاء وقد حكي عنهم «فتحوا» في «افتتحوا».

فإن قال قائل : فلأي شيء لما تحركت فاء الكلمة ذهبت همزة الوصل ، وهلّا جاز فيها الأمران : من الحذف لأجل تحريك الساكن ، والإثبات رعيا للأصل لأنّ الحركة عارضة كما قالوا «الحمر» تارة و «لحمر» بإذهاب الهمزة أخرى؟ فالجواب أنّ الذي سهل إثبات الهمزة في مثل «الحمر» أنّها مفتوحة فأشبهت همزة القطع لأنّ همزة الوصل بابها أن تكون مكسورة أو مضمومة إن تعذّر كسرها.

فمن فتح التاء والقاف قال في المضارع «يقتل» بفتح القاف وكسر التاء لأنّ الأصل «يقتتل» فنقل الفتحة في المضارع كما نقلها في الماضي ، ويقول في اسم الفاعل : «مقتّل» بفتح القاف وكسر التاء وفي اسم المفعول : «مقتّل» بفتحهما ، لأنّ الأصل «مقتتل» و «مقتتل» ؛ فنقلت الفتحة إلى الساكن قبلها كما نقلت في الفعل.

ومن قال «قتّل» بكسر القاف وفتح التاء قال في المضارع : «يقتّل» بكسر القاف والتاء

٥٢

لأنّ الأصل «يقتتل» فسكّن التاء الأولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين ، كما فعل ذلك في الماضي. ومنهم من يكسر حرف المضارعة إتباعا للقاف ، أو على لغة من يقول في مضارع «افتعل» : «يفتعل» فيكسر حرف المضارعة ، ومنه قول أبي النجم (١) :

تدافع الشّيب ، ولم تقتّل

ويقول في اسم الفاعل «مقتّل» بكسر القاف والتاء والأصل «مقتتل» فكسر القاف بعد تسكين التاء الأولى لالتقاء الساكنين ومنهم من يستثقل الخروج من ضمّ إلى كسر فيضمّ القاف اتبّاعا للميم فيقول «مقتّل» ولا يستثقل الخروج من ضمّة القاف إلى كسرة التاء لأنّ بينهما حاجزا وهو التاء الساكنة ويقول في اسم المفعول «مقتّل» بكسر القاف وفتح التاء لأنّ الأصل «مقتتل» ، فسكّن التاء الأولى وحرّك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين. ومنهم أيضا من يستثقل الخروج من ضم إلى كسر ، فيضمّ القاف اتباعا للميم فيقول «مقتّل» بضمّ القاف وفتح التاء.

ومن قال «قتّل» بكسر القاف والتاء فإنّ قياس المضارع منه واسم الفاعل واحد ، وإنما يخالفه في اسم المفعول فتقول في المضارع «يقتل» بكسر القاف والتاء لأن الأصل «يقتتل» فتسكن التاء الأولى وتحرك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين ولا تحتاج إلى إتباع حركة ما بعد القاف القاف لأنها مكسورة مثلها وإن شئت أيضا كسرت حرف المضارعة إتباعا أو على لغة من يكسر حرف المضارعة من «افتعل» فتقول : «يقتّل» بكسر القاف والتاء التي بعدها وحرف المضارعة. وتقول في اسم الفاعل «مقتّل» بكسر القاف والتاء والأصل «مقتتل» فسكّنت التاء الأولى وكسرت القاف لالتقاء الساكنين ثم أدغمت ولم تحتج إلى إتباع التاء لأنّ حركتها من جنس حركة القاف. وإن شئت ضممت القاف اتّباعا لحركة الميم كراهية الخروج من ضمّ إلى كسر فتقول : «مقتّل» وتقول في اسم المفعول «مقتّل» كما تقول في اسم الفاعل. لأنّ الأصل «مقتتل» فسكّنت التاء الأولى وكسرت القاف لالتقاء الساكنين وأدغمت ثم كسرت التاء الثانية اتباعا لحركة القاف ، فلا يقع فرق بين اسم الفاعل على هذه اللغة واسم المفعول إلا بالقرائن ، فيكون نظير «مختار» في أنّه يحتمل أن يكون اسم فاعل واسم مفعول حتّى يتبيّن بقرينة تقترن به. ومن استثقل الخروج من ضمّ إلى كسر من غير حاجز ، ضمّ القاف فقال : «مقتّل».

وقياس المصدر في اللغات الثلاث «قتّالا» بفتح التاء وكسر القاف والأصل «اقتتال». فمن فتح القاف نقل كسرة التاء إليها ، ومن كسرها سكّن التاء الأولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين ، ومن كسر التاء اتّباعا للقاف فقال «قتل» ينبغي له أن يقول في

٥٣

المصدر «قتّيلا» فيكسر التاء إتباعا للقاف فتنقلب الألف لانكسار ما قبلها.

وإن اجتمعا في اسم فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيد ، فإن كان على ثلاثة أحرف فلا تخلو من أن يكون الأول ساكنا أو متحركا. فإن كان ساكنا فالإدغام ليس إلا نحو : «ردّ» و «ودّ» وأمثالهما إلا أن يضطرّ شاعر فيفكّ ويحرك الأول نحو قوله (١) :

ثمّ استمرّوا وقالوا إنّ موعدكم

ماء بشرقيّ سلمى فيد أو ركك

يريد : ركّا.

وإن كان متحركا فلا يخلو من أن يكون على وزن من أوزان الفعل ، أو لا يكون.

فإن لم يكن على وزن من أوزانها فلا يدغم نحو : «سرر» (٢) و «درر» (٣) ، لأنّ الأسماء بابها ألّا تعتل لخفّتها بكثرة دورها في الكلام ، وأخفّها ما كان على ثلاثة أحرف لأنّه أقلّ أصول الكلمة عددا ولهذه الخفّة لم يعلّ مثل : «ثورة» و «بيع» و «صير» وأشباه ذلك فلو بنيت من «ردّ» مثل «إبل» صحّحته ؛ تقول فيه «ردد».

فإن كان على وزن من أوزان الأفعال فلا يخلو من أن يكون على «فعل» أو «فعل» أو «فعل». فإن كان على وزن «فعل» لم تدغم لخفّة البناء ، نحو : «طلل» ، «شرر» فإن كان على وزن «فعل» و «فعل» أدغمت لشبه الفعل في البناء مع ثقل البناء ، فتقول في «فعل» و «فعل» من رددت : «ردّ».

والدليل على أنّ «فعلا» يدغم قولهم «طبّ» (٤) و «صبّ» والأصل «طبب» و «صبب» لأنّ الفعل منهما على وزن «فعل» تقول «صببت» و «طببت» واسم الفاعل من «فعل» إذا كان على ثلاثة أحرف إنما يكون على وزن «فعل» نحو : «حذر» و «أشر».

والدليل على أنّ «فعلا» أيضا يدغم أنه لم يجىء مظهرا في موضع من كلامهم ؛ لا يحفظ من كلامهم مثل «ردد» فإما أن تقول إن «فعلا» لم يأت في المضعف ، وإما أن تقول إنه موجود في المضعّف إلا أنه لزمه فالأولى أن يدّعى أنه يلزمه الإدغام لأنّ المعتل والمضعّف الغالب فيهما أن يجيء فيهما من الأوزان ما يجيء في الصحيح وأيضا فإنّ «فعلا» مثل «فعل» في أنه على بناء الفعل الثقيل وقد قام الدليل على أنهم يدغمون «فعلا» لقولهم : «صبّ» و «طبّ» فكذلك «فعل».

وزعم أبو الحسن بن كيسان أنّ ما كان على وزن «فعل» أو «فعل» لا يدغم واستدلّ على ذلك بأنك لو أدغمت لأدّى

__________________

(١) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٦٧.

(٢) السّرر : ج السرير.

(٣) الدرر : ج الدرّة.

(٤) الطبّ : الحاذق ، والعالم.

٥٤

ذلك إلى الإلباس لأنه لا يعلم أهو في الأصل متحرك العين أو ساكنه. وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّه إذا أدّى القياس إلى ضرب ما من الإعلال استعمل ، ولم يلتفت إلى التباس إحدى البنيتين بالأخرى ؛ ألا ترى أنّ العرب قد قالت «مختار» في اسم الفاعل واسم المفعول ولم يلتفت إلى اللّبس. وأيضا فإنه قد قام الدليل على أنّ «صبّا» و «طبّا» : «فعل» في الأصل ، وقد أدغم. فدل ذلك على فساد مذهبه.

فإن كان الاسم على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الذي زاد به على ثلاثة أحرف : تاء التأنيث ، أو علامتي التثنية ، أو جمع السلامة ، أو يائي النسب ، أو الألف والنون الزائدتين ، أو ألفي التأنيث ، أو غير ذلك ، فإن كان شيئا مما ذكر أجري مجراه قبل لحاقه إياه. فتقول «شررة» و «شرران» و «طللان» و «ملليّ» فلا تدغم ، كما لا تدغم في «شرر» و «طلل» و «ملل». وقالوا : «الدّججان» من الدّجيج فلم يدغموا. أنشد القالي (١) :

تدعو بذاك الدّججان الدّارجا

ولو بنيت «فعلان» من «رددت» لقلت «ردّان» فأدغمت. ولو بنيت «فعلاء» من «ردّ» لقلت «ردداء» فلم تدغم ... خششاء فلم يدغموا ، لأنّه لا يدغم «فعل» نحو «غرر». فإن كان الذي زاد به على ثلاثة غير ذلك أدغمت ، كان الاسم على وزن من أوزان الفعل أو لم يكن ، وسواء كان الأوّل ساكنا أو متحرّكا إلا أنّك تسكن المتحرك ، لما ذكرنا في الفعل بنقل حركته لما قبله إن كان ساكنا غير حرف مدّ ولين ، أو بحذفها إن كان ما قبله متحركا ، أو حرف مدّ ولين. نحو «خدبّ» و «مكرّ» و «فارّ» «وضارّ».

فأما «خدبّ» فالأوّل من المثلين ساكن في الأصل والأصل في «مكرّ» و «مستقرّ» : «مكرر» و «مستقرر» فنقلت الحركة إلى ما قبله لأنه ساكن غير حرف مدّ ولين. والأصل في «فارّ» و «ضارّ» : «فارر» ، و «ضارر» فسكّنت ولم تنقل الحركة لأنّ الساكن حرف مدّ ولين ، ولو بنيت مثل «فعلان» من «رددت» لقلت «ردّان» فأدغمت ولم تنقل الحركة إلى ما قبلها لأنّه متحرك

هذا ما لم يمنع من الإدغام أن يكون الإدغام مؤدّيا إلى تغيير بناء الملحق عمّا ألحق به ، نحو «قردد» (٢) فإنه ملحق بـ «جعفر» ولو أدغمت فقلت «قردّ» لحرّكت الراء وهي في مقابلة العين من «جعفر» وسكّنت الدال الأولى وهي في مقابلة الفاء من «جعفر». فكنت تضع متحركا في مقابلة ساكن وساكنا في مقابلة متحرك.

أو يكون أحد المثلين التاء من اسم جار على «افتعل» فإنه لا يلزم فيه الإدغام بل

__________________

(١) الدججان : الدبيب في السير. والبيت لهميان بن قحافة.

(٢) القردد : ما ارتفع من الأرض وغلظ.

٥٥

يجوز في الاسم من الأوجه ما تقدم ذكره.

أو يكون أيضا أحد المثلين من اسم جار على «تفاعل» نحو «تتابع» فإنه لا يلزم أيضا فيه الإدغام بل يجوز فيه الفك والإدغام كما جاز في فعله. فتقول «متّابع ، وتتابعا واتّابعا» كما يجوز «تتابع واتّابع».

أو يشذ شيء ، فيحفظ ولا يقاس عليه نحو «محبب» و «تهلل» أو تدعو إلى ذلك ضرورة ، نحو قوله (١) :

الحمد لله ، العليّ ، الأجلل

وقوله (٢) :

تشكو الوجى ، من أظلل ، وأظلل

فإن التقيا في كلمتين ، فلا يخلو من أن يكونا معتلّين أو صحيحين. فإن كانا صحيحين فلا يخلو من أن يكون الأوّل منهما ساكنا أو متحرّكا. فإن كان ساكنا فالإدغام ليس إلا نحو : «اضرب بّكرا» لأنه لا فاصل بين المثلين ، فهو أثقل من أن لو فصلت بينهما حركة ؛ وأيضا فإنّ الإدغام لا يؤدّي إلى تغيير شيء.

وإن كان الأوّل متحركا فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا. فإن كان ما قبله متحرّكا جاز الإدغام والإظهار وإذا أدغمت فلا بدّ من حذف الحركة ، لما ذكرناه قبل. وكلاهما حسن ، والبيان لغة أهل الحجاز.

وإنما لم يلتزم الإدغام هنا لأنّ الأوّل من المثلين لا يلزم أن يكون ما بعده من جنسه ، ويلزم ذلك في الكلمة الواحدة ، فكأن اجتماع المثلين فيهما عارض ، فلذلك اعتدّ به مرة ولم يعتدّ به أخرى. وذلك نحو «جعل لّك» و «يد دّاود» و «خاتم مّوسى» وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدّى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف بالتحريك فأكثر ، نحو «جعل لّك» و «فعل لّبيد» لثقل توالي الحركات. وكلّما كان توالي الحركات أكثر كان الإدغام أحسن.

وإن كان ما قبله ساكنا ـ أعني ما قبل الأول من المثلين ـ فلا يخلو من أن يكون الساكن حرف علّة أو لا يكون ، فإن كان الساكن حرف علّة حذفت الحركة من المثلين وأدغمته في الثاني ، وإن شئت أظهرت وذلك نحو «دار رّاشد» و «ثوب بّكر» و «جيب بّشير» و «يظلمونيّ».

وإنما جاز الجمع بين ساكنين لما في الساكن الأول من اللّين ولما في الحرف المشدّد من التشبّث بالحركة ، ولأنّ التقاء الساكنين فيها غير لازم إذ قد يزول بالإظهار. والبيان هنا أحسن من البيان في مثل «جعل لّك» لسكون ما قبله ، فلم يتوال فيه من الحركات ما توالى في «جعل لّك» وأيضا فإنّ الإدغام يؤدي إلى اجتماع ساكنين.

__________________

(١) البيت لأبي النجم في خزانة الأدب ٢ / ٣٩٠ ؛ والدرر ٦ / ١٣٨.

(٢) البيت للعجاج في ديوانه ص ٤٧.

والوجى : الحفا. الأظلل : الأظلّ ، أي باطن خف البعير.

٥٦

فإن كان الساكن حرفا صحيحا لم يجز الإدغام ، نحو «اسم موسى» و «ابن نوح» وإنما لم يجز الإدغام فيه لأنّ الإدغام في الكلمتين أضعف منه في الكلمة الواحدة ؛ ألا ترى أنّه يلزم في الكلمة الواحدة ، ولا يلزم في الكلمتين. فلمّا كان أضعف لم يقو على أن يغيّر له الحرف الساكن بالتحريك.

إذ لو أدغمت لم يكن بدّ من تحريك سين «اسم» وباء «ابن». ولكنّك تخفي إن شئت ، وتحقّق إن شئت. والمخفى بزنة المحقّق ، إلا أنك تختلس الحركة اختلاسا.

فأما قول بعضهم في القراءة «نعمّا» فحرّك ، فلم يحرّك العين للإدغام ، بل جاء على لغة من يقول «نعم» فيحرك العين ، وهي لغة هذيل.

فإن كانا معتلّين فإنّه لا يخلو من أن يكون الأوّل منهما ساكنا ، أو متحركا. فإن كان ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف لين أو حرف مدّ ولين. فإن كان حرف لين أدغمت ، إذ لا مانع من الإدغام ، نحو «اخشي يّاسرا» و «اخشوا وّاقدا» وإن كان حرف مدّ ولين لم تدغم نحو «يغزو واقد» و «اضربي ياسرا» لئلا يذهب المدّ بالإدغام ، مع ضعف الإدغام في الكلمتين ـ فأما مثل «مغزوّ» فاحتملوا فيه ذهاب المدّ لقوّة الإدغام ـ وأيضا فإنه يشبه «قوول» في أنّ الأول حرف مدّ ولين ، ولا يلزم المثلان فيهما كما لا يلزمان في «قوول» إذ قد يزول المثلان في «قوول» إذا أسندته إلى الفاعل كما يزول المثلان في «يغزو واقد» إذا لم تأت بعد «يغزو» بكلمة أوّلها واو ، نحو «يغزو راشد».

وإن كان الأول متحركا فلا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا.

فإن كان ما قبله متحركا جاز الإدغام والإظهار ، على حسب ما ذكر في مثله من الصحيح ، نحو «ولي يّزيد» و «لقضو وّاقد».

وإن كان ما قبله ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف علّة ، أو حرفا صحيحا.

فإن كان حرفا صحيحا لم تدغم. كما فعلت في مثله من الصحيح ، نحو «ظبي ياسر» و «غزو واقد».

وإن كان حرف علّة فلا يخلو من أن يكون مدغما ، أو غير مدغم.

فإن كان غير مدغم جاز الإظهار والإدغام ، كما جاز في نظيره من الصحيح ، نحو «واو وّاقد» و «آي يّاء سين» (١).

وإن كان مدغما لم يجز الإدغام ، لأنّ المدّ الذي كان فيه قد زال بالإدغام فصار بمنزلة الساكن الصحيح. فكما لا تدغم إذا كان الساكن صحيحا فكذلك لا تدغم إذا كان معتلّا. وذلك نحو : «وليّ يزيد» و «عدوّ واقد».

والدليل على أنّ المدّ قد زال بالإدغام وقوع «ليّ» و «قوّ» في القوافي مع «ظبي» و «غزو» ، ولو كانت غير مدغمة لم يجز ذلك كما لا يجوز وقوع «عين» في قافية مع

__________________

(١) أي سورة يس.

٥٧

«جون». فدلّ ذلك على أنّ الإدغام يصيّرها بمنزلة الحرف الصحيح.

فإن كان الثاني ساكنا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمتين أو في كلمة واحدة. فإن اجتمعا في كلمتين لم يجز الإدغام أصلا نحو «اضرب ابن زيد» ، لأنّ سكون الحرف الثاني من المثلين إذ ذاك لا تصل إليه الحركة ، فلا يتصوّر فيه الإدغام ، بل يكونان مفكوكين.

وقد شذّ العرب في «علماء بنو فلان» فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فاجتمعت اللّامان : لام «على» مع لام التعريف. واستثقل ذلك ، مع أنّه قد كثر استعمالهم له في الكلام ، وما كثر استعماله فهو أدعى للتخفيف مما ليس كذلك فحذفت لام «على» تخفيفا ، لمّا تعذر التخفيف بالإدغام.

وإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو الثاني من أن يكون حرف علّة ، أو حرفا صحيحا. فإن كان حرف علّة فقد تقدم حكمه في باب القلب ، فأغنى ذلك عن إعادته.

وإن كان حرفا صحيحا فلا يخلو من أن يكون تصل إليه الحركة في حال ، أو لا تصل :

فإن وصلت إليه الحركة فإنّ أهل الحجاز لا يدغمون ، لأنّ الإدغام يؤدّي إلى التقاء الساكنين ، لأنك لا تدغم الأول في الثاني حتى تسكّنه ، لئلّا تكون الحركة فاصلة بين المثلين كما تقدّم ، والثاني ساكن فيجتمع ساكنان. فلما كان الإدغام يؤدّي إلى ذلك رفضوه وذلك نحو : «إن تردد أردد» و «لا تضارر» و «اشدد».

فإن قلت : فهلّا حرّكوا الثاني من الساكنين إذا التقيا ، ثم أدغموا الأول فيه فالجواب أنّ حركة التقاء الساكنين عارضة فلم يعتدّ بها كما لم يعتدّ بها في نحو : (قُمِ اللَّيْلَ)(١) ؛ ألا ترى أنّهم لا يردّون الواو المحذوفة من (قُمِ) لالتقاء الساكنين ، وإن كانت الميم قد تحركت ، لأنّ الحركة عارضة.

وأما غيرهم من العرب فيدغم ويعتدّ بالعارض ، لأنّ العرب قد تعتدّ بالعارض في بعض الأماكن. وأيضا فإنّه حمل ما سكونه جزم على المعرب بالحركة ، لأنّه معرب مثله فكما أنّ المعرب بالحركة تدغمه نحو «يفرّ» فكذلك المعرب بالسكون. وحمل ما سكونه بناء على ما سكونه جزم لأنّه يشبهه ؛ ألا ترى أنّ العرب قد تحذف له آخر الفعل في المعتل كما تحذفه للجزم فتقول «اغز» كما تقول «لم يغز» وأيضا فإنك قد تحرك لالتقاء الساكنين فتقول «اردد القوم» فصار بذلك يشبه المعرب بتعاقب الحركة والسكون على آخره كما أنّ المعرب كذلك في نحو «يضرب» ولم «يضرب». فلمّا أشبه المعرب في ذلك حمل في الإدغام عليه.

__________________

(١) المزمّل : ٢.

٥٨

والذين من لغتهم الإدغام يختلفون في تحريك الثاني :

فمنهم من يحركه أبدا بحركة ما قبله إتباعا فيقول «ردّ» و «فرّ» و «عضّ» ما لم تتّصل به الهاء والألف التي للمؤنث ، فإنّه يفتح على كل حال نحو «ردّها» و «عضّها» و «فرّها» (١) ، أو الهاء التي هي للمذكّر فإنه يضمّه نحو : «ردّه» و «فرّه» و «عضّه» وذلك لأن الهاء خفيّة فكأنك قلت «ردّا» أو «ردّوا» فكما أنّك تفتح مع الألف وتضمّ مع الواو فكذلك تفعل هنا لأنّ الهاء خفيّة أو لم تجىء بعد الفعل لكلمة أوّلها ساكن فإنه يكسر أبدا نحو : «ردّ ابنك» و «ردّ القوم» وذلك لأنّك قد كنت تحرك الآخر قبل الإدغام بالكسر على أصل التقاء الساكنين نحو «اردد القوم» فلما أدغمت في هذا الموضع حرّكت بالحركة التي كانت له قبل الإدغام ، كما أنّهم لمّا حرّكوا «مذ» لالتقاء الساكنين فقالوا : «مذ اليوم» ضمّوا لأنّ الأصل فيه «منذ» فلمّا حرّكوا أتوا بالحركة التي كانت له في الأصل.

ومنهم من يفتح على كلّ حال. إلا إذا كان بعده ساكن وذلك لأنّه آثر التخفيف واعتدّ بالهاء في مثل «ردّه» ولم يلتفت إلى خفائها إلا إذا كان بعده ساكن لأنه آثر حركة الأصل على التخفيف.

ومنهم من يفتح على كلّ حال ـ كان بعده ساكن أو لم يكن ـ وذلك لأنّه آثر التخفيف في جميع الأحوال.

ومنهم من يكسر ذلك أجمع على كلّ حال. وهؤلاء حرّكوا بالحركة التي هي لالتقاء الساكنين في الأصل.

هذا ما لم يتّصل بشيء من ذلك ألف أو واو أو ياء فإن الحركة إذ ذاك تكون من جنس الحرف المتّصل به لا خلاف بينهم في شيء من ذلك. نحو : «ردّا» و «ردّي» و «ردّوا».

فأما «هلمّ» فللتركيب الذي دخلها التزمت العرب فيها التخفيف لذلك ، فحرّكوها بالفتح على كلّ حال إلا مع الألف والواو والياء نحو : «هلمّا» و «هلمّوا» و «هلمّي».

وإن لم تصل الحركة إلى الساكن الثاني فإنّ العرب الحجازيين وغيرهم ، لا يدغمون ذلك نحو : «رددت» وكذلك «ارددن» لأنّ سكون الدال هنا لا يشبه سكون الجزم ، ولا سكون الأمر والنهي ، وإن كان «ارددن» أمرا لأنها إنما سكنت من أجل النون كما سكنت من أجل التاء في «رددت».

والسبب في أنّه لم يدغم مثل هذا كما أدغم «ردّ» أن السكون في «اردد» ـ وإن كان بناء ـ أشبه المعرب من الوجهين المتقدمين فحمل عليه في الإدغام وليس بين سكون الدال في «رددت» وأمثاله وبين المعرب شبه فلم يكن له ما يحمل عليه.

إلا ناسا من بكر بن وائل فإنهم يدغمون

__________________

(١) فرّ الدابّة : كشف عن أسنانها ليعرف عمرها.

٥٩

في مثل هذا فيقولون «ردّت» و «ردّن» كأنهم قدّروا الإدغام قبل دخول النون والتاء فلمّا دخلتا أبقوا اللفظ على ما كان عليه قبل دخولهما.

فإن كان الثاني من المثلين ساكنا فالإظهار. ولا يجوز الإدغام لأنّ ذلك يؤدّي إلى اجتماع الساكنين. وقد شذّ العرب في شيء من ذلك فحذفوا أحد المثلين تخفيفا لمّا تعذّر التخفيف بالإدغام. والذي يحفظ من ذلك : «أحست» و «ظلت» و «مست» وسبب ذلك أنّه لمّا كره اجتماع المثلين فيها حذف الأوّل منها تشبيها بالمعتلّ العين.

وذلك أنّك قد كنت تدغم قبل الإسناد للضمير فتقول : «أحسّ» و «مسّ» و «ظلّ» والإدغام ضرب من الاعتلال ؛ ألا ترى أنّك تغيّر العين من أجل الإدغام بالإسكان ، كما تغيّرها إذا كانت حرف علّة فكما تحذف العين إذا كانت حرف علّة في نحو «قمت» و «خفت» و «بعت» كذلك حذفت في هذه الألفاظ تشبيها بذلك.

ومما يبيّن ذلك أنّ العرب قد راعت هذا القدر من الشبه ، لأنّهم يقولون «مست» بكسر الميم ، فينقلون حركة السين المحذوفة إلى ما قبلها كما يفعلون ذلك في «خفت» ؛ ألا ترى أنّ الأصل «خوفت» فنقلوا حركة الواو إلى الخاء وحذفوها لالتقاء الساكنين ، على حسب ما أحكم في بابه.

وأما «ظلت» و «مست» في لغة من فتح الميم فحذفوا ، ولم ينقلوا فيهما الحركة ، تشبيها لهما بـ «لست» لمّا كان لا يستعمل لهما مضارع إذا حذفا لا يستعمل لـ «ليس» مضارع ، ولأنّ المشبّه بالشيء لا يقوى قوّة ما يشبّه به.

وأما «علماء بنو فلان» فأصله «على الماء» فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فاجتمع اللّامان : لام «على» مع لام التعريف فاستثقل ذلك مع أنّ ذلك قد كثر استعمالهم له في الكلام. وما يكثر استعماله فهو أدعى للتخفيف مما ليس كذلك ، فحذفت لام «على» تخفيفا لمّا تعذّر التخفيف بالإدغام.

فهذا وجه هذه الأسماء التي شذّت.

ذكر إدغام المتقاربين

اعلم أنّ التقارب الذي يقع الإدغام بسببه قد يكون في المخرج خاصّة ، أو في الصّفة خاصّة ، أو في مجموعهما فلا بدّ إذا قبل الخوض في هذا الفصل ، من ذكر مقدّمة في مخارج الحروف وصفاتها.

فحروف المعجم الأصول تسعة وعشرون أوّلها الألف وآخرها الياء على المشهور من ترتيب حروف المعجم لا خلاف في ذلك بين أحد من العلماء إلّا أبا العباس المبرّد فإنها عنده ثمانية وعشرون أولها الباء وآخرها الياء ويخرج الهمزة من حروف المعجم ، ويستدل على ذلك بأنها لا تثبت على صورة (١)

__________________

(١) عن الممتع في التصريف ص ٦٣١ ـ  ٦٦٢.

٦٠