تاريخ مدينة دمشق - ج ١٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

سدّ حضين بابه خشية القرى

بإصطخر والكبش السّمين بدرهم (١)

ثم قال عبد الله : يا أبا ساسان دعنا من هذا ، هل تقرأ من القرآن شيئا؟ قال : إني لأقرأ منه الكثير الطيب : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(٢) ، فاغتاظ عبد الله وقال : لقد بلغني أن امرأتك زفّت إليك وهي حامل (٣) ، فقال الحضين : يكون ما ذا؟ تلد غلاما فيقال : فلان بن الحضين كما قيل عبد الله بن مسلم ، فقال له قتيبة : اكفف لعنك الله ، فأنت عرّضت نفسك لهذا (٤).

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي ـ إجازة ـ أنا جعفر بن محمد بن نصير الخوّاص ، نا أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي ، نا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدّثني محمد بن عمر مولى بني سدوس عن أبي عوانة قال : استأذن حضين بن المنذر الرقاشي عن قتيبة بن مسلم وعنده أخوه عبد الله الفقير ، فقال : أصلح الله الأمير ائذن لي فأمازح أبا ساسان ، قال : لا تفعل ، قال : فأبى عليه. قال : فلما دخل أقبل على الحضين فقال : من أين دخلت يا أبا ساسان؟ قال : ومن أين يدخل مثلي عن وثاب الجدر ، قال : وكان ذلك يتهم بالتسلق على جيرانه ، فقال له : يا أبا ساسان من الذي يقول :

نزعنا وأمّرنا وبكر بن وائل

تجرّ خصاها ما تمر وما تحلى (٥)

قال : الذي يقول :

قد علمت قيس وقيس عائلة

أن أشرّ الناس طرا باهلة

أباؤهم في كل حي نافلة

في أسد ومذحج وعاملة

وما رجعت هبلتك المقائلة

__________________

(١) مرّ هذا البيت قريبا برواية أخرى ، راجعه.

(٢) سورة الإنسان ، الآية : ١.

(٣) يعني من غيره كما يفهم من عبارة الكامل للمبرد.

(٤) الخبر في الكامل للمبرد باختلاف ٢ / ٨٩٩ ـ ٩٠١ ونقله ابن العديم ٦ / ٢٨٢٩ ـ ٢٨٣٠.

(٥) تقدم البيت لحارثة بن بدر الغداني وعجزه :

تجر خصاها تبتغي من تحالف

٤٠١

قال : يا أبا ساسان فمن الذي يقول :

لقد أفسدت استاه بكر بن وائل

من التمر ما قد أصلحه ثمارها

قال : الذي يقول (١) :

وخيبة من يخيب على غنيّ

وباهلة بن أعصر والرباب

وباهلة بن أعصر شرّ قيس

وأخبث من وطئ عفر التراب

فلا غفر الإله لباهلي

ولا عافاه من سوء الحساب

قال : فمن الذي يقول : يا أبا ساسان :

يسدّ حضين بابه خشية القرى

بإصطخر والكبش العظيم بدرهم

قال : الذي يقول :

إذا أنكرت نسبة باهلي

فرفع عنه ناحية الإزار

على أكتافهم كذي موالي

عابر سمة ويثار

لم يحفظ البيت مستوي قال : فأقبل حضين (٢) على قتيبة فقال :

قتيبة ، إن تكفف أخاك تكفّه

وفي الوصل مني مطمع ، يا بن مسلم

وإلّا فإني والذي يسكت له

رجال قريش والحطيم وزمزم

لئن لج عبد الله في بعض ما أرى

لأرتقين في شتمكم رأس سلّم

أمزح بشيخ بعد تسعين حجة

طوتني كأني من بقية جرهم

فما رد مزح قط خيرا علمته

وللمزح أهل لست منهم فأحجم

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف ، في كتابه.

وأخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنا

__________________

(١) الأول لزيد الخيل ، شعره ص ١٥٩ من كتاب شعراء إسلاميون.

(٢) قوله : «حضين على» استدركت عن هامش الأصل.

٤٠٢

محمّد بن جعفر الخرائطي ، قال : سمعت المبرّد يقول : كان الحصين بن منذر إذا رأى زوج ابنته أو أخته زال عن مجلسه وقال : مرحبا بمن ستر العورة وكفى المئونة (١).

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا محمّد بن علي السيرافي ، أنا أبو عبد الله النهاوندي ، أنا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ، قال : وحصين أبو ساسان أدرك خلافة سليمان بن عبد الملك ، وذكر خليفة أن سليمان بويع سنة ست وتسعين (٢).

١٦٥٣ ـ حضين السلمي

حاجب كان لمعاوية بن أبي سفيان ، كانت له أملاك بدمشق عند درب شداد مما يلي دار البطيخ ، فيما ذكره أبو الحسين الرازي ، عن شيوخه وهذا وهم من الرازي ، إنما هو خضير وسيأتي في حروف الخاء.

١٦٥٤ ـ حطان بن عوف

شهد خطبة عمر بن الخطّاب بالجابية ، وحكى عن بلال.

روى عنه يزيد بن أبي حبيب.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا محمّد بن أحمد بن هارون ، وعبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن بن علي ، قالا : أنا أبو القاسم علي بن يعقوب ، نا أبو عبد الملك ، نا ابن عائذ ، قال : قال الوليد ، نا عبد الله بن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، حدّثني حطان بن عوف أنه رأى بلالا يؤذن بالشام.

وقال الوليد : حدّثني سعيد بن عبد العزيز وعبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، قالا :

لما قبض الله تعالى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجهز أبو بكر الجيوش إلى الشام ترك بلال الأذان وأجمع المسير معهم أراد أبو بكر منعه ، فقال : إن كنت أعتقتني لنفسك أقمت عندك ، وإن كنت أعتقتني لله فدعني والجهاد في سبيل الله ، وخلى (٣) سبيله ، وخرج فيمن خرج فلم يزل

__________________

(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٦ / ٢٨٢٨.

(٢) انظر طبقات خليفة ص ٣٤٢ رقم ١٦٠٥ وانظر تاريخ خليفة ص ٣٠٩ حوادث سنة ٩٦ والخبر نقله ابن العديم ٦ / ٢٨٤١ نقلا عن خليفة بن خيّاط.

(٣) كذا بالأصل ، وفي م : فخلّى.

٤٠٣

مجاهدا حتى فتح الله عليهم الشام.

وقدم عمر بن الخطّاب الجابية فسأل المسلمون عمر مسألة بلال بالأذان لهم ليسمعوا تأذينه ، ففعل عمر وأذّن بلال يوما واحدا ـ أو قالا : أذن لصلاة واحدة ـ فما رئي أكثر باكيا من بكاء المسلمين يومئذ بالجابية ، أذكرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما كانوا يسمعون [من تأذينه له ، وعرفوا من صوته ، فلم يزل المسلمون بالشام يقولون : إن تأذينهم هذا الذي هم عليه](١) من تأذين بلال يومئذ.

١٦٥٥ ـ حظيّ بن أحمد بن محمّد بن القاسم

أبو هانئ السّلمي الصّوري (٢)

سمع أبا عبد الملك محمّد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس بصور ، وأبا زكريا يحيى بن زكريا بن حيّوية النيسابوري بحمص ، وأبا عبد الله محمّد بن يزيد بن إبراهيم الدّرقي بطرسوس ، وأبا الحسن أحمد بن داود بن أبي صالح الحرّاني المصري بالرملة.

روى عنه : أبو العباس الإشبيلي.

واجتاز بدمشق أو بساحلها عند مضيه إلى حمص وطرسوس (٣).

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الأسلمي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحافظ المصري في كتابه إليّ من مصر ، أنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن الحاج بن يحيى الإشبيلي ـ قراءة عليه ـ أنا أبو هانئ حظيّ بن أحمد بن محمّد بن القاسم السّلمي السلامي (٤) ـ قراءة عليه ببيت المقدس ـ نا أبو الحسن أحمد بن داود بن أبي صالح الحرّاني المصري بالرملة ، نا أبو مصعب ، نا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وجبت محبة الله على من غضب فحلم» [٣٦٢٢].

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٢) ترجمته في بغية الطلب ٦ / ٢٨٤٥.

(٣) ابن العديم ٦ / ٢٨٤٦ نقلا عن ابن عساكر.

(٤) بالأصل «السلمي» والمثبت عن ابن العديم وفي م : الصوري.

٤٠٤

١٦٥٦ ـ حظيّ بن أبي كثير الجذامي الخراساني

ولّاه سليمان بن عبد الملك غزو البحر ، له ذكر.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره ، قالوا : أنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم بن بشر ، نا ابن عائذ ، نا الوليد بن مسلم ، قال : بلغني أن أول غازية البحر من المسلمين من الموالي موسى بن نصير فوليه (١) غزوات في خلافة معاوية ، قال : ثم ولّى عبد الملك بن مروان ابن كيسان مولى جذام ، وكان منزله عكار ، بها عقبه ، قالوا : فلما ولي الوليد بن عبد الملك ولّى غازية البحر ثلاثة نفر من الموالي سحيم بن المهاجر ، وأبا خراسان ، وسفيان الفارسي ، قالوا : فلما ولي سليمان بن عبد الملك ولّى حظي بن أبي كثير الجذامي مولاهم من أهل حرستا (٢).

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) بالأصل «جرستا» والصواب ما أثبت «حرستا» قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص ، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ وفي م أيضا : جرستا.

وقد مرّ في بداية ترجمته «الخراساني» لعله تصحيف «الحرستاني» نسبة إلى حرستا.

٤٠٥

ذكر من اسمه حفّاظ

١٦٥٧ ـ حفّاظ بن الحسن بن الحسين (١)

أبو الوفاء الغسّاني الفزّار المعروف بابن نصف الطريق (٢)

سمع أبا الحسن علي بن طاهر النحوي.

وقرأت عليه أشياء بإجازة عبد العزيز بن أحمد الكتاني المطلقة وكان شيخا مستورا ، توفي يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وهو في عشر الثمانين ودفن يوم السبت في مقبرة باب الفراديس.

١٦٥٨ ـ حفّاظ بن سلامة الناسخ

حكى عن أبي سعد عالي بن عثمان بن جنّي.

كتب عنه شيخنا أبو الحسن الفقيه.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وقرأته بخطه أنشد حفّاظ بن سلامة الناسخ ، قال : أنشدني أبو سعد عالي بن عثمان بن جنّي ، قال : أنشدني الرضيّ لنفسه :

لا تحسبيه يخون عهدكم

ويطيع فيك اللوم والعزلا (٣)

لو كنت أنت ، وأنت مهجته ،

واشي هواك إليه ما قبلا

__________________

(١) عن م وبالأصل «الحسن».

(٢) ذكر أن سبب تلقيب جدّهم الأعلى بنصف الطريق : أنه خرج مع جبلة بن الأيهم طالبا قسطنطينية للارتداد ، ثم تفكر وندم وعاد من نصف الطريق.

(٣) في مختصر ابن منظور : والعذلا.

٤٠٦

١٦٥٩ ـ حفّاظ بن المحسّن بن علي بن حسين

أبو الوفاء الأنصاري

سمع أبا الفضل أحمد بن عبد المنعم الكريدي ، استجاز منه أبو محمّد بن صابر لنفسه ولابنه أبي المعالي.

قرأت بخط أبي محمّد بن صابر فيها يعني سنة عشر وخمس مائة توفي أبو الوفاء حفّاظ بن المحسن بن علي الأنصاري ليلة الأحد الخامس والعشرين من رجب ، ودفن في هذا اليوم في مقابر باب الصغير ، أمّي ، ثقة ، لم يعقب.

٤٠٧

ذكر من اسمه حفص

١٦٦٠ ـ حفص بن حبيب

يعرف بذي الإصبع الكلبي العليمي

شاعر ممن خرج مع يزيد بن الوليد على ابن عمه الوليد ، له ذكر.

١٦٦١ ـ حفص بن سعيد بن جابر

حدّث عن أبي إدريس الخولاني.

روى عنه مكحول الفقيه.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السلمي ، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد التميمي (١) ، أنا أبو القاسم تمام بن محمّد بن عبد الله البجلي (٢) ، نا أبو زرعة محمّد وأبو بكر أحمد ابنا عبد الله بن أبي دجانة البصريان ، قالا : نا إبراهيم بن دحيم ، نا هشام بن عمّار ، نا يحيى بن حمزة ، نا إسحاق بن أبي فروة (٣) ، عن مكحول ، عن حفص بن سعيد بن جابر ، عن أبي إدريس الخولاني (٤) ، عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أحدث هجاء في الإسلام فاضربوا عنقه» ثم يقول هجاء للإسلام [٣٦٢٣].

أخبرناه أبو الحسن بن قبيس وأبو الحسن السلمي ، قالا : نا أبو العباس بن

__________________

(١) رسمها بالأصل «الشيمي» والصواب عن م ، ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٢٤٨.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٢٨٩.

(٣) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ١٥٤ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة.

(٤) انظر ترجمته في سير الأعلام ٤ / ٢٧٢.

٤٠٨

قبيس ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، أنا العباس بن الوليد ، أنا ابن شعيب ، أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن مكحول أنه أخبره عن حفص بن سعيد بن جابر ، عن عائذ الله أبي إدريس ، عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أحدث هجاء في الإسلام فاقطعوا لسانه» [٣٦٢٤].

١٦٦٢ ـ حفص بن سعيد

حكى عنه إسحاق بن عبّاد بن موسى.

قرأت بخط أبي الحسين محمّد بن عبد الله بن جعفر ، أخبرني أبو الطيب محمّد بن حميد بن سليمان الكلابي ، قال : سمعت أحمد بن أنس ـ يعني ابن مالك ـ يقول : سمعت إسحاق بن عبّاد يقول : سمعت حفص بن سعيد ، قال : وجد في قرية من قرى الغوطة قبر ، فأخرج منه رجل رأسه وجسده مسمّر بالمسامير لا يدري أيش قصته.

قال الذي روى الحديث : فأخذت منه مسمارا ، فجعله وتدا لدابته.

١٦٦٣ ـ حفص بن سليمان

أبو سلمة الكوفي المعروف بالخلّال (١)(٢)

مولى السّبيع. من همدان ، كان من دعاة بني العباس ، وقدم الحميمة (٣) من أرض الشّراة واستخصه أبو العباس السّفاح ، ثم دسّ عليه أبو مسلم الخراساني (٤) من قتله غيلة فقيل (٥) :

إنّ الوزير وزير آل محمّد

أودى فمن يشناك (٦) كان (٧) وزيرا

__________________

(١) الخلال بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام وبعد الألف لازم أخرى.

(٢) ترجمته في الطبري حوادث سنة ١٢٩ و ١٣٢ ه‍ ـ مروج الذهب ٣ / ٢٥٣ الأخبار الطوال ص ٣٦٨ وفيات الأعيان ٢ / ١٩٥ الوافي بالوفيات ١٣ / ٩٩ سير الأعلام ٦ / ٧ وانظر بالحاشية فيهما ثبتا بأسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٣) الحميمة : بلفظ تصغير حمة ، بلد من أرض الشراة من أعمال عمّان في أطراف الشام.

(٤) من قواد دولة بني العباس ، انظر تفاصيل ذكرها الطبري في حوادث سنة ١٣٢.

(٥) البيت في الوافي بالوفيات ١٣ / ١٠٠ ونسبه إلى سليمان بن المهاجر البجلي.

(٦) بالأصل «يشفاك» والمثبت عن الوافي وسير الأعلام.

(٧) في سير الأعلام : صار وزيرا.

٤٠٩

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو الحسن عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني ، نا محمّد بن جرير الطبري (١) ، قال : ثم مات محمّد بن علي (٢) وجعل وصيه من بعده ابنه إبراهيم ، فبعث إبراهيم بن محمّد إلى خراسان أبا سلمة حفص بن سليمان مولى السّبيع ، وكتب معه إلى النقباء بخراسان ، فقبلوا كتبه ، وقام فيهم ، ثم رجع إليه فردّه ومعه أبو مسلم.

فذكر (٣) أن إبراهيم بن محمّد حين أخذ للمضيّ به إلى مروان ـ نعى (٤) إلى أهل بيته ـ حين شيعوه نفسه ، وأمرهم بالمسير إلى الكوفة مع أخيه أبي العباس عبد الله بن محمّد ، وبالسمع والطاعة له ، وأوصى إلى أبي العباس وجعله الخليفة بعده ، فشخص أبو العباس عند ذلك ومن معه من أهل بيته ، منهم عبد الله بن محمّد ، وداود ، وعيسى (٥) ، وصالح ، وإسماعيل ، وعبد الله ، وعبد الصمد بنو علي ، ويحيى بن محمّد ، وعيسى بن موسى بن محمّد بن علي ، وعبد الوهاب ، ومحمّد ابنا إبراهيم ، وموسى بن داود ، ويحيى بن جعفر بن تمام حتى قدموا الكوفة ، في صفر ، فأنزلهم أبو سلمة دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم في بني أود ، وكتم أمرهم نحوا من أربعين ليلة من جميع القواد والشيعة ، وأراد ـ فيما ذكر ـ تحويل الأمر (٦) إلى آل أبي طالب لما بلغه الخبر عن موت إبراهيم بن محمّد ، فذكر علي بن محمّد أن جبلة بن فرّوخ ، وأبا السّري وغيرهما ، قالوا : قدم الإمام الكوفة في أناس من أهل بيته ، فاختفوا ، فقال أبو الجهم لأبي سلمة : ما فعل الإمام؟ قال : لم يقدم [بعد](٧) فألحّ عليه يسأله ، قال : قد أكثرت السؤال ، وليس هذا زمان خروجه حتى لقي أبو (٨) حميد خادما لأبي العباس

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٧ / ٤٢١ حوادث سنة ١٣٢.

(٢) وذلك بعد خبر إرساله دعاته إلى خراسان.

(٣) تاريخ الطبري ٧ / ٤٢٣.

(٤) بالأصل وم «يعني» والمثبت عن تاريخ الطبري.

(٥) في الطبري : وداود بن عيسى.

(٦) بالأصل : «تحويل الأموال» والمثبت عن م وانظر تاريخ الطبري.

(٧) الزيادة عن الطبري.

(٨) بالأصل وم : «ابن» والمثبت عن الطبري.

٤١٠

يقال له سابق الخوارزمي ، فسأله عن أصحابه فأخبره (١) أنهم بالكوفة ، وأن أبا سلمة أمرهم أن يختفوا ، فجاء به إلى أبي الجهم ، فأخبره [خبرهم](٢) فسرّح أبو الجهم أبا حميد مع سابق حتى عرف منزلهم [بالكوفة ، ثم رجع وجاء معه إبراهيم بن سلمة ـ رجل كان معهم ـ فأخبر أبا الجهم عن منزلهم](٣) ونزول الإمام بني أود ، وأنه أرسل حين قدموا إلى أبي سلمة يسأله مائة دينار ، فلم يفعل ، فمشى أبو الجهم وأبو حميد ، وإبراهيم إلى موسى بن كعب [فقصّوا عليه القصة ، وبعثوا إلى الإمام](٤) بمائتي دينار ، ومضى أبو الجهم إلى أبي سلمة ، فسأله عن الإمام فقال : ليس هذا وقت خروجه [لأن](٥) واسطا (٦) لم تفتح بعد ، فيرجع أبو الجهم إلى موسى بن كعب فأخبره ، فأجمعوا على أن يلقوا الإمام ، فمضى موسى بن كعب وأبو الجهم ، وعبد الحميد بن ربعي ، وسلمة بن محمّد ، وإبراهيم بن سلمة ، وعبد الله الطائي ، وإسحاق بن إبراهيم ، وشراحيل ، وعبيد الله بن بسام ، وأبو حميد ، ومحرز (٧) بن إبراهيم ، وسليمان [بن] الأسود ، ومحمّد بن الحصين إلى الإمام ، فبلغ أبا سلمة ، فسأل عنهم فقيل : ركبوا إلى الكوفة في حاجة لهم.

وأتى القوم أبا العباس فدخلوا عليه فقالوا : أيكم عبد الله بن محمّد بن الحارثية؟ فقالوا : هذا ، فسلّموا عليه بالخلافة ، فرجع موسى بن كعب وأبو الجهم وأمر أبو الجهم الآخرين (٨) فتخلفوا عند الإمام ، فأرسل أبو سلمة إلى أبي الجهم أين كنت؟ قال : ركبت إلى إمامي ، فركب أبو سلمة إليهم ، فأرسل أبو الجهم إلى أبي حميد أن أبا سلمة قد أتاكم فلا يدخلنّ (٩) على الإمام إلّا وحده (١٠) ، فلما انتهى إليهم أبو سلمة منعوه أن يدخل معه أحد ، فدخل وحده ، فسلّم بالخلافة على أبي العباس.

وخرج أبو العباس على برذون أبلق يوم الجمعة ، فصلّى بالناس قال : فأخبرنا

__________________

(١) بالأصل «فأخبرهم» والمثبت عن الطبري.

(٢) زيادة عن م.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٦) بالأصل : «واسط لم يفتح بعد» والمثبت يتناسب مع زيادة : «لأن».

(٧) كذا ، وفي الطبري : وأبو حميد محمد بن إبراهيم.

(٨) بالأصل «الآخر» والمثبت عن الطبري.

(٩) الأصل : «تدخلن» والصواب عن الطبري.

(١٠) الأصل : «إلى وحده» والصواب عن الطبري.

٤١١

عمارة (١) مولى جبريل ، وأبو عبد الله السّلمي أن أبا سلمة لما سلّم على أبي العباس بالخلافة ، قال له أبو حميد : على رغم أنفك يا ماصّ بظر أمه ، فقال له أبو العباس : مه.

فذكر (٢) علي بن محمّد أن جبلة بن فرّوخ قال : قال يزيد بن أسيد ، قال أبو جعفر : لما ظهر أبو العباس أمير المؤمنين سمرنا ذات ليلة ، فذكرنا ما صنع أبو سلمة ، فقال رجل منا : ما يدريك لعل ما صنع أبو سلمة كان عن رأي أبي مسلم! فلم ينطق منا أحمد ، فقال أبو العباس : لئن كان هذا عن رأي أبي مسلم إنّا بعرض بلاء إلّا أن يدفعه الله عنا وتفرقنا. فأرسل إليّ أبو العباس فقال : ما ترى؟ فقلت : الرأي رأيك ، فقلت : ليس منا أحد أخص بأبي مسلم منك ، فاخرج إليه حتى تعلم ما رأيه فليس يخفى عليك ، لو قد لقيته ، فإن كان عن رأيه احتلنا (٣) لأنفسنا ، وإن لم يكن عن رأيه طابت أنفسنا.

فخرجت على وجل ، فلما انتهيت إلى الري ، إذا صاحب الري قد أتاه كتاب من أبي مسلم : أنه بلغني أن عبد الله بن محمّد قد توجه إليك ، فإذا قدم فأشخصه ساعة يقدم عليك ، فلما قدمت أتاني عامل الري فأخبرني بكتاب أبي مسلم ، وأمرني بالرحيل ، فازددت وجلا وخرجت من الري وأنا حذر خائف ، فسرت فلما كنت بنيسابور إذا عاملها قد أتاني بكتاب أبي مسلم : إذا قدم عليك عبد الله بن محمّد فأشخصه ولا تدعه يقيم ، فإن أرضك أرض خوارج ولا آمن عليه فطابت نفسي ، وقلت : أراه يعنى بأمري. فسرت فلما كنت من مرو على فرسخين تلقاني أبو مسلم في الناس ، فلما دنا مني أقبل يمشي إليّ حتى قبّل يدي ، فقلت له : اركب فركب فدخلت مرو ، فنزلت دارا فمكثت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء ، ثم قال لي في اليوم الرابع : ما أقدمك؟ فأخبرته ، فقال : فعلها أبو سلمة! أكفيكموه! فدعا مرار بن أنس الضبي ، فقال : انطلق إلى الكوفة فاقتل أبا سلمة حيث لقيته ، وانته في ذلك إلى رأي الإمام. فقد مرار الكوفة فكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس فقعد في طريقه ، فلما خرج قتله وقالوا : قتله الخوارج.

قال علي : فحدّثني شيخ من بني سليم عن سالم ، قال : صحبت أبا جعفر من الري إلى خراسان وكنت حاجبه ، فكان أبو مسلم يأتيه فينزل على باب الدار ويجلس في

__________________

(١) الطبري : عمار.

(٢) الخبر في تاريخ الطبري ٧ / ٤٤٨.

(٣) الطبري : أخذنا لأنفسنا وفي م كالأصل.

٤١٢

الدهليز ، ويقول : استأذن لي ، فغضب أبو جعفر عليّ وقال لي : ويلك إذا رأيته فافتح له الباب ، وقل له يدخل على دابته ، ففعلت وقلت لأبي مسلم : إنه قال لي كذا وكذا ، قال : نعم ، أعلم ، فاستأذن لي عليه.

وقد قيل : إن أبا العباس قد كان تنكّر سلمة قبل ارتحاله من عسكره بالنّخيلة (١) ، ثم تحول عنه إلى المدينة الهاشمية ، فنزل قصر الإمارة بها ، وهو متنكر له ، قد عرف ذلك منه ، وكتب إلى أبي مسلم يعلمه رأيه ، وما كان همّ به من الغشّ وما نتخوف منه ، فكتب أبو مسلم إلى أمير المؤمنين : إن كان اطلع على ذلك منه فيقتله ، فقال داود بن علي لأبي العباس : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فيحتج عليك بها أبو مسلم وأهل خراسان الذين معك ، وحاله فيهم حاله ، ولكن اكتب إلى أبي مسلم فيبعث إليه من يقتله ، فكتب إلى أبي مسلم بذلك ، فبعث لذلك أبو مسلم مرّار بن أنس الضّبّي ، فقدم على أبي العباس في المدينة الهاشمية ، وأعلمه سبب قدومه ، فأمر أبو العباس [مناديا](٢) فنادى : إن أمير المؤمنين قد رضي عن أبي سلمة ودعاه وكساه ، ثم دخل عليه بعد ذلك ليلة ، فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل ، ثم خرج منصرفا إلى منزله يمشي وحده ، حتى دخل الطاقات ، فعرض له مرّار بن أنس الضّبّي ، ومن كان معه من أعوانه فقتلوه ، وأغلقت أبواب المدينة ، وقالوا : قتل الخوارج أبا سلمة ثم أخرج من الغد ، وصلّى عليه يحيى بن محمّد بن علي ودفن في المدينة الهاشمية ، فقال سليمان بن المهاجر البجلي :

إن الوزير وزير آل محمّد

أودى فمن يشناك كان وزيرا

وكان يقال لأبي سلمة وزير آل محمّد ، ولأبي مسلم أمين آل محمّد.

ذكر أبو الحسين محمّد بن أحمد بن القواس ، أن أبا سلمة قتل بحمام أعين (٣) غيلة سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ،

__________________

(١) النخيلة : تصغير نخلة ، موضع قرب الكوفة على سمت الشام. (ياقوت).

(٢) زيادة عن الطبري.

(٣) بالكوفة ، ذكره في الأخبار مشهور ، منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقّاص. (ياقوت).

٤١٣

قال (١) : سنة ثلاث وثلاثين ومائة بعث أبو مسلم مرّار بن أنس الضّبي فقتل أبا سلمة الخلال (٢) ، وهو حفص بن سليمان مولى السّبيع من همدان.

١٦٦٤ ـ حفص بن أبي العاص بن بشر بن دهمان

ويقال : بشر بن عبد الله بن همّام بن أبان بن يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسيّ ، وهو ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة (٣) بن قيس بن عيلان الثقفي البصري (٤).

روى عن عمر بن الخطّاب ، وقيل إن له صحبة.

روى عنه : الحسن البصري ، وحميد بن هلال العدوي.

ووفد على معاوية يسأله أن يفتدي (٥) ابن أخيه عبد الله بن عثمان بن أبي العاص من الأسر (٦).

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف المعدل ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد (٧) المعروف بابن الرّفّاء بسرّ من رأى ، أنا أبو بكر محمّد بن الفرج المعروف بابن الطّبّاخ ، نا الحسن بن يزيد أبو علي ، نا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن يونس ، عن حميد بن هلال أن حفص بن أبي العاص كان يحضر طعام عمر ، فكان لا يأكل ، فقال له عمر : ما يمنعك من طعامنا؟ قال : إن طعامك خشب غليظ ، وإني أرجع إلى طعام لين قد صنع لي فأصبت منه ، قال : أتراني أعجز أن آمر بشاة فيلقى عنها شعرها ، وآمر بدقيق فينخل في خرقة ، ثم آمر به

__________________

(١) لم أجد الخبر لا في تاريخ خليفة ولا في طبقاته.

(٢) سمي بالخلال لأنه كان ينزل درب الخلالين كما في سير الأعلام ، وقيل لأن كانت له حوانيت يصنع فيها الخل أو أن اللقب نسبة إلى خلل السيوف وهي أغمادها (حاشية سير الأعلام ٦ / ٨).

(٣) بالأصل : حفصة خطأ ، والصواب عن م ، انظر جمهرة ابن حزم ص ٢٥٩.

(٤) ذكره ونسبه ابن حزم في جمهرة الأنساب ص ٢٦٦. وترجم له في الإصابة ١ / ٣٤٢ وفيها : بشر بن عبيد بن دهمان بن عبد الله بن أبان.

(٥) بالأصل : «يقتدي» والصواب عن م.

(٦) الأصل : «بن الأسار» والصواب ما أثبت ، انظر ما سيرد بهذا الشأن وفي م : من الاسار.

(٧) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٨٦.

٤١٤

فيخبز خبزا رقاقا ، وآمر بصاع من زبيب فيقذف في سعن (١) ثم يصبّ عليه من الماء ، فيصبح كأنه دم غزال ، فقال : إني لأراك عالما بطيب العيش ، فقال : أجل والذي نفسي بيده ، لو لا أن تنتقض (٢) حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم.

أنبأنا أبو القاسم بن أبي الجن وغيره ، عن أبي بكر أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن قشيش ، أنا أبو الحسن علي بن عمرو بن سهل بن حبيب الحريري ، أنا أبو أحمد محمّد بن أحمد بن يوسف الحريري ، أنا أبو جعفر أحمد بن الحارث الخزاز ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عبد الله المدائني قال واستعمل زياد عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي على أردشيرخرّه (٣) فأقام نحوا من سنة ، وكتب زياد إلى جوان بوذان بن المعكبر : ابعث إليّ بألف مزمزم. فكتب إلى زياد يهزأ به : عندي تسعمائة وتسعة وتسعون مزمزما. فغضب زياد وكتب إليه : فيك ما يكمل الألف ثم تقتل إن شاء الله.

وكتب إلى عبد الله بن عثمان أن يأخذ العجل جوان برذان (٤) ويحمله إليه ، فلما وصل الكتاب إلى جوان خافه فجمع أكراده ، ووثب على عبد الله بن عثمان فأسره وتحصن في قلعة صهرتاج (٥) بأردشيرخرّه فذكر الحديث إلى أن قال : وكان حفص بن أبي العاص كلّم زيادا في عبد الله بن عثمان أن يفديه فأبى ، فقال : لأشخص إلى أمير المؤمنين فإنه أرعى لحقي منك ، فأتى معاوية فكلّمه في ابن أخيه ، فكتب له إلى زياد يطلب إليه أن يحتال لعبد الله أن يتخلصه فأبى زياد وجرى بينه وبين حفص في ذلك كلام كثير.

وكان حفص مفوّها بسيط اللسان ، فأمر زياد رجلين يكتبان كلامه وكلام حفص فكتبا فاختلف الناس فيهما ، فقال البتي وقوم معه : حفص أنطق من زياد لأن زيادا قد كان حذر أمرا فتحفظ له كلاما ، وقال قوم : بل زياد أرجحهما وأصوبهما كلاما ، لأن حفصا

__________________

(١) السعن : قرية تقطع من نصفها وينبذ فيها ، وقد يستقى بها.

(٢) المختصر : تنتقص.

(٣) ضبطت اللفظتان عن معجم البلدان ـ ضبطهما نصا ـ وهي من أجل كور فارس ، فيها مدن كثيرة أشهرها جور وشيراز (انظر معجم البلدان).

(٤) كذا بالأصل ، وفي م : العلج جوان بوذان.

(٥) صهرتاج موضع بالأهواز.

٤١٥

قد كان أعد كلاما يكلم به أميرا وهو يتحفظ وزياد لم يدر ما يكلمه به حفص فيعد له جوابا وإن الذي أجاب مقتضيا للكلام مبتدئا فهو أنطقهما.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو العز ثابت بن منصور ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن الحسين ، ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون ، قالا : أنا محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خيّاط ، قال (١) في الطبقة الأولى من أهل البصرة ممن حفظ عنه الحديث من التابعين بعد أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ثقيف وهو قسيّ [عثمان](٢) والحكم ابنا أبي العاص بن بشر بن دهمان بن عبد الله بن همّام (٣) بن أبان بن يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسيّ بن منبه ، أم الحكم بن أبي العاص فاطمة بنت عبد الله بن زمعة. الحكم يكنى أبا عبد الملك ، كذا في نسخة السماع ، وفي نسخة أخرى : حفص والحكم وهو الصواب فقد ذكر أخاهما عثمان في تسمية الصحابة الذين نزلوا البصرة فنسبه كما نسبهما (٤) هاهنا ، وذكره في تسمية من صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ثقيف ، فقال في التسمية : عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان ، وزاد في نسبه عبدا وذكر باقي النسب كما تقدم (٥).

أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البنّا ، قالا : أنا أبو محمّد الجوهري ـ قراءة ـ أنا أبو عمر بن حيّوية ـ إجازة ـ أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، قال (٦) : في تسمية من نزل البصرة من الصحابة : عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن (٧) دهمان بن عبد الله بن همّام بن أبان بن يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف ، وأخوه الحكم بن أبي العاص الثقفي أخو (٨) عثمان بن أبي العاص الثقفي (٩) ، وأخوهما حفص بن أبي العاص الثقفي أخو عثمان بن أبي العاص ، ولم

__________________

(١) انظر طبقات خليفة بن خياط ص ٣٢٧ و ٣٣٨ رقم ١٥٧٦ و ١٥٧٧.

(٢) زيادة اقتضاها السياق عن طبقات خليفة باعتبار «ابنا أبي العاص».

(٣) في طبقات خليفة : دهمان.

(٤) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣١٠ برقم ١٤١٨.

(٥) انظر طبقات خليفة بن خياط ص ١٠٤ رقم ٣٦٠.

(٦) طبقات ابن سعد ٧ / ٤٠ ـ ٤١.

(٧) عند ابن سعد : عبد دهمان.

(٨) كذا بالأصل وم.

(٩) كذا بالأصل وم.

٤١٦

يبلغنا أنه صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا رآه ، وقد روى عنه ولكننا كتبناه مع أخويه وبيّنا أمره ، وفي ولده أشراف بالبصرة ، وقد روى الحسن البصري ، عن حفص بن أبي العاص.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنا محمّد بن أحمد بن عمر ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أنا محمّد بن سعد ، قال : في تسمية من نزل البصرة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : حفص بن أبي العاص (١).

في نسخة (٢) ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا حمد بن عبد الله إجازة ، قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (٣) : حفص بن أبي العاص ، روى عن عمر بن الخطاب ، روى عنه الحسن البصري.

١٦٦٥ ـ حفص بن عبيد الله

ابن أنس بن مالك بن النّضر الأنصاري (٤)

سمع جده أنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وأبا هريرة (٥).

روى عنه : يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن أبي كثير ، وأسامة بن زيد ، وموسى بن سعيد (٦) الأنصاري ، ومحمّد بن إسحاق ، وعمران بن نافع ، ومحمّد بن أبي حميد الأنصاري ، وإبراهيم بن أبي يحيى.

ووفد مع جده على عبد الملك بن مروان.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي أنا أبو الحسين الخفّاف ، أنا أبو العباس السراج ، نا هارون بن عبد الله ، نا عبد الصمد بن عبد الوارث ، نا حرب ، نا يحيى ،

__________________

(١) الخبر ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد ، ولعله في الطبقات الصغرى وقد أشار إليه ابن حجر في الإصابة ١ / ٣٤٢.

(٢) بالأصل «تسمية» والمثبت «في نسخة» عن م.

(٣) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ١٨٥.

(٤) ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ٥٦١ والتاريخ الكبير للبخاري ١ / ٢ / ٣٦٠ والجرح والتعديل ١ / ٢ / ١٧٦.

(٥) زيد في تهذيب التهذيب : وابن عمر.

(٦) كذا بالأصل وفي م : سعد وسيأتي : «موسى بن سعد» وفي تهذيب التهذيب «بن سعد» أيضا.

٤١٧

حدّثني حفص بن عبيد الله بن أنس ، أن أنسا حدثه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يجمع بين الصلاتين في السفر ـ يعني المغرب والعشاء ـ [٣٦٢٥].

قال : وحدّثني أبو يحيى ، أنا عبد الله بن رجاء ، أنا حرب ـ يعني ابن شداد ـ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حفص بن عبيد الله أن أنسا حدثه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يجمع بين هاتين الصلاتين في السفر.

قال : ونا عبيد الله بن جرير حدّثني موسى بن إسماعيل ، نا أبان ، نا يحيى ، عن حفص بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر.

تابعهما حسين بن ذكوان ، وعلي بن المبارك ، عن يحيى ، وأخرجه البخاري ، عن إسحاق بن راهويه ، عن عبد الصمد ، ورواه أسامة بن زيد الليثي ، عن حفص.

ووقع لي عاليا :

أخبرناه أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو العباس بن قتيبة ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، أخبرني أسامة : أن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك حدثه : أخبرني أنس بن مالك : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر [٣٦٢٦].

قال أسامة : فسألت حفصا : متى جمع بينهما؟ قال : حيث يغيب الشفق عند مغيبه ، قال أسامة : وأخبرني حفص أن أنسا كان يصنع ذلك ، وروى أسامة عنه غير هذا الحديث.

أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو العباس بن قتيبة ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن أبي حبيب أن موسى بن سعد (١) الأنصاري حدّثه عن حفص بن عبيد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك أنه قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما انصرف أتاه رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله إنّا نريد أن ننحر جزورا لنا ونحب أن تحضرها ،

__________________

(١) مرّ في أول الترجمة «سعيد» انظر ما لاحظناه.

٤١٨

قال : «نعم» فانطلق ، فانطلقنا معه ، فوجدنا الجزور لم ينحر ، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلنا قبل أن تغيب الشمس.

أخرجه مسلم عن جماعة عن ابن وهب.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن أحمد بن تميم ـ إجازة ـ أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى بن ياسر ، أنا يحيى بن عبد الله بن الحارث ، يعرف بابن الزجاج ، أنا أبو أيوب سليمان بن حذلم ، نا يزيد بن عبد الله بن زريق ، نا الوليد بن مسلم ، نا أبو عمرو (١) ـ يعني الأوزاعي ـ : حدّثني يحيى بن أبي كثير ، حدّثني حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك ، قال : قدم أنس بن مالك على عبد الملك وأنا معه ، قال : فأقام بالشام شهرين يصلّي صلاة المسافر.

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن وأبو عمرو عبد الوهاب ، ابنا محمّد بن إسحاق ، وأبو منصور بن شكرويه ، قالوا : أنا أبو (٢) إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قوله : نا أبو بكر النيسابوري ، نا محمّد بن يحيى ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حفص بن عبيد الله أن أنس بن مالك أقام بالشام شهرين مع عبد الملك فكان يصلّي ركعتين.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي.

ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ، قالوا : أنا عبد الوهاب بن محمّد ، ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٣) : حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك الأنصاري ، عن أنس (٤) سمع منه يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن أبي كثير ، وقال بعضهم : عبيد الله بن حفص ، ولا يصح عبيد الله.

__________________

(١) بالأصل «أبي» وفي م : ابن عمرو.

(٢) سقطت من الأصل وكتبت فوق السطر.

(٣) التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٣٦٠.

(٤) قوله : «بن مالك الأنصاري ، عن أنس» سقط من البخاري (التاريخ الكبير).

٤١٩

في نسخة ما أجازه لي أبو عبد الله الخلّال ، أنا عبد الرّحمن بن مندة ، أنا أحمد بن عبد الله إجازة ح.

قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، قال (١) : سمعت أبي يقول : حفص بن عبيد الله أحبّ إليّ من حفص بن عمر ، ولا يدرى سمع من جابر وأبي هريرة أم لا؟ ولا يثبت له السماع إلّا من جده أنس بن مالك.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا محمّد بن طاهر ، أنا مسعود بن ناصر ، أنا عبد الملك بن الحسن ، أنا أحمد بن محمّد بن الحسين ، قال : حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك الأنصاري ، روى عن جابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن أبي كثير في «الجمعة» وفي «التقصير».

١٦٦٦ ـ حفص بن عمر بن سعيد بن أبي عزيز

جندب بن النعمان الأزدي

من أهل النّيبطن (٢) ، وسكن بزملكا (٣).

روى عن أبيه ، وأقطعه عبد الملك بن مروان قطيعة بزملكا.

روى عنه : ابنه عمر بن حفص.

قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي ، حدّثني أبو نصر ظفر بن محمّد بن ظفر بن عمر بن حفص بن عمر (٤) بن سعيد بن أبي عزيز الأزدي ، صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : سمعت أبي محمّد بن ظفر يذكر عن أبيه ظفر بن عمر ، عن أبيه عمر بن حفص ، عن أبيه حفص بن عمر بن سعيد بن أبي عزيز الأزدي ، أنه سأل عبد الملك بن مروان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن في غوطة دمشق قرية يقال لها زملكا ، ولي فيها بنو عم ، وسألوني

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٣٦٠.

(٢) محلة بدمشق. «ينسب إليها عمر بن سعيد بن جندب بن عز بن النعمان روى عنه حفص» كذا.

(٣) هذا ما يقوله فيها أهل الشام بفتح أوله وثانيه وضم لامه والقصر ، والأصل : زملكان قرية بدمشق ، أهل الشام لا يلحقون به النون.

(٤) مرّ عن ياقوت في مادة النيبطن : عمرو.

٤٢٠