الجمل في النّحو

الخليل بن أحمد الفراهيدي

الجمل في النّحو

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات استقلال
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٦

والنصب بالمدح

قولهم (١) : مررت بزيد ، الرّجل الصّالح. نصبت «الرّجل الصالح» على المدح. وإن شئت جعلته بدلا من زيد ، فخفضته. وإن شئت رفعته على إضمار «هو» ، كقولك : مررت بزيد ، هو الرّجل الصّالح.

وزعم يونس [النحويّ](٢) أنّ نصب هذا الحرف على المدح ، في سورة «النساء» : (٣) (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) ، و (٤) (الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ)) قال الشاعر : (٥)

لا يبعدن قومي الّذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

النّازلين بكلّ معترك

والطّيّبين معاقد الأزر (٦)

نصب «النازلين» و «الطيّبين» على المدح (٧). ويروي (٨) بعضهم :

__________________

(١) ب : قولك.

(٢) من ق.

(٣) الآية ١٦٢. وانظر الكتاب ١ : ٢٤٩.

(٤) الآية ١٧٧ من البقرة.

(٥) ق : «قالت خرنق». ديوانها ص ٢٨ ـ ٣٠ والكتاب ١ : ١٠٤ و ٢٤٦ و ٢٤٩ و ٢٨٨ والأمالي ٢ : ١٥٨ و ١٦٩ والجمل للزجاجي ص ٨٢ والمحتسب ٢ : ١٩٨ وأمالي ابن الشجري ١ : ٢٤٤ والإنصاف ص ٤٦٨ و ٧٤٣ والهمع ٢ : ١١٩ والدرر ٢ : ١٥٠ والعيني ٣ : ٦٠٢ و ٤ : ٧٢ والخزانة ٢ : ٣٠١. ويبعد : يهلك. والجزر : جمع جزور. وهي الناقة تنحر.

(٦) الأزر : جمع إزار. ومعقد الإزار : موضع عقده.

(٧) ب : نصب النازلين على المدح وكذلك الطيبين.

(٨) سقط حتى «إلى الرفع» من النسختين.

٦١

«والطّيّبون» ـ وينشد على ثلاثة أوجه (١) ـ ويقول : إذا طال كلام العرب بالرفع نصبوا ، ثم رجعوا إلى الرفع. وقال الأخطل : (٢)

نفسي فداء أمير المؤمنين إذا

أبدى النّواجد يوم باسل ذكر

الخائض الغمر والميمون طائره

خليفة الله يستسقى به المطر (٣)

نصب «الخائض» و «الميمون» و «خليفة الله» (٤) ، على المدح والتعظيم. وقال الأخطل أيضا : (٥)

لقد حملت قيس بن عيلان حربها

على مستقلّ بالنّوائب والحرب

أخاها إذا كانت عضاضا سمالها

على كلّ حال من ذلول ومن صعب (٦)

نصب «أخاها» ، على المدح. ولو لا ذلك لخفضه ، على البدل (٧) من «مستقلّ».

وإنّما ينصب المدح والذمّ والترحّم والاختصاص ، على إضمار «أعنى». [ويفسّر على ذلك «لله» و «لرسوله» و «الحمد» و «الشكر»](٨).

__________________

(١) يريد : نصب النازلين والطيبين ، أو رفعهما ، أو نصب إحداهما ورفع الأخرى.

(٢) ديوان الأخطل ص ١٩٧ ـ ١٩٩ والكتاب ١ : ٢٤٨ والأغاني ٧ : ١٦٨ واللسان (جشر) و (بسل). وفي الأصل : «وقال آخر». ب : «وقال الشاعر». والنواجذ : جمع ناجذ. وهو الضرس يلي الناب. والباسل : الشديد. والذكر : الصلب العسير.

(٣) الغمر : الماء الكثير. وأرادبه شدة الحرب. والميمون الطائر : المبارك الحظ.

(٤) ب : نصب كل هذا.

(٥) ديوان الأخطل ص ٤٣ ـ ٤٤ والكتاب ١ : ٢٥٠ وديوان ذي الرمة ص ٦٦٢. وفي الأصل : «وقال الشاعر». ب : «وقال آخر». ق : «للنوائب». وقيس بن عيلان : قبيلة. والمستقل : الذي ينهض بما حمّل. والنوائب : جمع نائبة. وهي المصيبة.

(٦) العضاض : العاضة. وسما : ارتفع.

(٧) ب : لكان خفضا على بدل.

(٨) من ق.

٦٢

والنصب بالذمّ

قولهم (١) : مررت بأخيك ، الفاجر الفاسق. نصبت (٢) «الفاجر الفاسق» (٣) ، على الذمّ. وعلى هذا ينصب (٤) هذا الحرف ، في «تبّت» : (٥) (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ). ومثله : (٦) (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) ، و (٧) (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا) ، منصوبة على الذمّ (٨) ، كما ذكر أهل النّحو (٩). وقال عروة بن الورد العبسيّ : (١٠)

سقوني الخمر ، ثمّ تكنّفوني

عداة الله ، من كذب ، وزور

نصب «عداة الله» على الذمّ. وقال النابغة الذبيانيّ : (١١)

لعمري وما عمري عليّ بهيّن

لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع

__________________

(١) سقطت من ق.

(٢) ق : نصب.

(٣) ق : والفاسق.

(٤) ق : يقرأ.

(٥) الآية ٤. ب : قال الله عز وجل.

(٦) الآية ١٤٣ من النساء.

(٧) الآية ٦٠ من الأحزاب.

(٨) سقط «منصوبة على الذم» من ق ، ومن ب مع «كما».

(٩) زاد هنا في النسختين : أن نصبها على الذم.

(١٠) ديوان عروة ص ٩٠ والكتاب ١ : ٢٥٢ ومجالس ثعلب ص ٤١٧. ب : «سقوني الإثم». وتكنفه : أحاط به.

(١١) ديوان النابغة ص ٥٣ والكتاب ١ : ٢٥٢ والمغني ص ٤٣٦ والخزانة ١ : ٤٢٧. وسقط «الذبياني» من النسختين. والأقارع : بنو قريع من تميم.

٦٣

أقارع عوف لا أحاول غيرها

وجوه قرود تبتغي من تجادع (١)

نصب «وجوه قرود» (٢) ، على الذمّ. وقال (٣) آخر : (٤)

طليق الله لم يمنن عليه

أبو داود وابن أبي كثير

ولا الحجّاج عيني بنت ماء

تقلّب عينها حذر الصّقور (٥)

نصب «عيني» ، على الذمّ.

قال ابن خيّاط العكليّ : (٦)

وكلّ قوم أطاعوا أمر سيّدهم

إلّا نميرا أطاعت أمر غاويها

الظّاعنين ولمّا يظعنوا أحدا

والقائلين : لمن دار نخلّيها؟ (٧)

نصب «الظاعنين» ، على الذمّ.

والنصب بالترحّم

قولهم : مررت به ، المسكين. نصبت (٨) «المسكين» ، على أنّك

__________________

(١) عوف من بني سعد بن زيد مناة بن تميم. وتجادع : تشاتم بجدع الأنف.

(٢) ب : وجوها.

(٣) سقطت بقية الفقرة من النسختين.

(٤) إمام بن أقرم. الكتاب ١ : ٢٥٤ والبيان والتبيين ١ : ٣٨٦ وأمالي ابن الشجري ١ :٣٤٤. وكان الحجاج حبس الشاعر ، فتحيل حتى استنقذ نفسه دون أن يمن عليه أحد.

(٥) بنت الماء : طير الماء. وهي منسلقة الأجفان. وكان الحجاج كذلك.

(٦) الكتاب : ١ : ٢٤٩. والانصاف ص ٢٧٦ و ٤٧٠ واللسان والتاج (ظعن) والخزانة ٢ : ٣٠١. وفي الأصل : «قال آخر». ب : «قال غيره». ق : «أمر مرشدهم».

ونمير : قبيلة من بني عامر والغاوي : الضال المضل.

(٧) ق : «والقائلون». ويظعن : يهزم. ويخلي : يترك.

(٨) ق : نصب.

٦٤

رحمته. وقال مهلهل : (١)

ولقد خبطن بيوت يشكر خبطة

أخوالنا وهم بنو الأعمام

نصب «أخوالنا» ، على الترحّم.

قال طرفة بن العبد : (٢)

قسمت الدّهر في زمن رخيّ

كذاك الحكم يقصد أو يجور

لنا يوم وللكروان يوم

تطير البائسات ولا نطير (٣)

نصب «البائسات» ، على الترحّم. وقال آخر : (٤)

وتأوي إلى نسوة بائسات

وشعثا مراضيع مثل السّعالي

نصب «شعثا» و «مراضيع» (٥) ، على الترحّم. وقال (٦) آخر : (٧)

فأصبحت بقرقرى كوانسا

فلا تلمه أن ينام البائسا

نصب «البائس» (٨) ، على الترحّم.

__________________

(١) الكتاب ١ : ٢٢٥ و ٢٤٨ والسمط ص ٣٤١. وفي الأصل وب : «وقال الشاعر».

ويشكر : قبيلة من بكر بن وائل.

(٢) ديوان طرفة ص ٧ والشعر والشعراء ص ١٤٠ والفاخر ص ٧٤ والخزانة ١ : ٤١٢. وفي النسختين : «وقال آخر». وفي الأصل وق : «قسمت». والرخي : السهل اللين. ويقصد : يصيب القصد ولا يجوز الحد.

(٣) ق : «لنا يوما وللكروان يوما». وفي الأصل : «اليابسات» ههنا وفيما بعد. والكروان ههنا مفرد ، رد عليه ضمير المؤنث باعتبار الأفراد من الجنس. الخزانة ١ : ٤١٤.

(٤) أمية بن أبي عائذ. ديوان الهذليين ٢ : ١٨٤ والكتاب ١ : ١٩٩ ومعاني القرآن ١ : ١٠٨ والعقد ٥ : ٤٩٤ والمعيار ص ٨١ والوافي ص ١٨٤ والقسطاس ص ١٢٤ وشرح التحفة ص ٢٨٣ وشرح المفصل ٢ : ١٨ والعيني ٤ : ٦٣ والخزانة ١ : ٤١٧ و ٢ : ٣٠١. وفي النسختين : «ونأوي». ق : «السعال». والشعث : جمع شعثاء. وهي المتلبدة الشعر. والمراضيع : جمع مرضاع ، أو جمع مرضع على زيادة الياء. والسعالي : الغيلان.

(٥) سقط : «ومراضيع» من النسختين.

(٦) سقطت بقية الفقرة من النسختين.

(٧) العجاج. الكتاب ١ : ٢٥٥ والمغني ص ٥٤٥ والهمع ١ : ٦٦ و ٢ : ١١٧ و ١٢٧ والإفصاح ص ٢٤٨ والدرر ١ : ٤٥ و ٢ : ١٤٩ و ١٦٤. وفي الأصل : «اليابسا».

وقرقرى : اسم موضع. والكوانس : جمع كانسة. وهي ههنا الناقة بركت بعد شبع.

(٨) في الأصل : اليابس.

٦٥

والنصب بالاختصاص

قولهم : إنّا ، بني عبد الله ، نفعل كذا وكذا. نصب «بني» ، لأنه [اختصاص](١) اختصّ الفعل ، ولم يخبر أنّهم بنو عبد الله. كأنّه قال : إنّا (٢) ، أعني بني عبد الله. قال الشاعر : (٣)

إنّا ، بني تغلب ، قوم معاقلنا

بيض السّيوف إذا ما أفزع البلد

نصب «بني» على الاختصاص.

قال الشاعر : (٤)

إنّا ، بني منقر ، قوم لنا شرف

فينا سراة بني سعد وناديها

وقال رؤبة : (٥)

*بنا ، تميما ، يكشف الضّباب*

نصب «تميما» ، على الاختصاص (٦). ألا ترى أنّه أخبر عن

__________________

(١) من ب.

(٢) في الأصل : أنا.

(٣) في الأصل : «قوما» وفوقها : قوم.

(٤) عمرو بن الأهتم. الكتاب ١ : ٣٢٧ والكامل ص ٦٥ و ٢٢٤ وشرح المفصل ٢ : ١٨ والهمع ١ : ١٧١ والدرر ١ : ١٤٧. وفي النسختين : «قال آخر .. قوم ذوو شرف». وفي الأصل : «قوما» وفوقها «قوم». ومنقر : قبيلة. والسراة : جمع سري. وهو السيد.

(٥) ديوان رؤبة ص ١٦٩ والكتاب ١ : ٢٢٥٥ و ٢٣٧ وشرح المفصل ٢ : ١٨ والأشموني ٣ : ١٨٣ والعيني ٤ : ٣٠٢ والخزانة ١ : ٤١٢. وفي الأصل : «وقال آخر .. تكشف الضبابا». وفي النسختين : «إنّا تميما». ب : «تكشف التجبابا». وفي الحاشية : الحجابا.

(٦) في الأصل : بالاختصاص.

٦٦

الفعل. وقال (١) آخر : (٢)

ألم تر أنّا ، بني دارم ،

زرارة فينا أبو معبد؟

نصب «بني» ، على الاختصاص.

وأما قول الآخر : (٣)

*نحن بنو خويلد ، صراحا*

فإنّه رفع «بني» ، لأنّه أخبر أنّهم بنو خويلد ، ونصب «صراحا» ، على القطع ، وينشد بيت للبيد بن ربيعة : (٤)

نحن ، بني أمّ البنين ، الأربعه

ونحن خير عامر بن صعصعه

ينصب هذا البيت ، ويرفع. (٥) وكذلك قال آخر : (٦)

*نحن بنو ضبّة ، أصحاب الجمل*

و: «بني ضبّة» [أيضا](٧) ، على ما بيّنت (٨) لك.

__________________

(١) سقطت بقية الفقرة من النسختين.

(٢) الفرزدق. ديوانه ص ٢٠٢ والكتاب ١ : ٣٢٧. وزرارة بن عدس سيد شريف.

(٣) لأبي حرب الأعلم. النوادر ص ٤٧ والعيني ١ : ٤٢٥ والخزانة ٢ : ٥٠٧. والصراح : الصريح. وهو الخالص النسب.

(٤) ديوان لبيد ص ٣٤٠ والكتاب ١ : ٣٢٧ ومجالس ثعلب ص ٤٤٢ و ٤٤٩ والأغاني ١٤ : ٩١ والعمدة ١ : ٢٧ والخزانة ٤ : ١٧١. ق : «وينشد بيت لبيد». وسقط البيت الثاني منها. ب : وقال لبيد بن ربيعة العامري.

(٥) يريد البيت الأول. ق : «نصبا ورفعا». ب : نصب بني.

(٦) عمرو بن يثربي. العقد ٤ : ٣٢٧ والكامل ص ٦٥ و ٢٢٤ وتاريخ الطبري ٥ : ٢١٧ وشرح الحماسة للمرزوقي ص ٢٩١ وشذور الذهب ص ٢١٩ والهمع ١ : ١٧١ والدرر ١ : ١٤٦ والأشموني ٣ : ١٣٧ واللسان (بجل). وفي النسختين : نحن بني.

(٧) من ق.

(٨) ق : ما بينته.

٦٧

والنصب بالصرف

قولهم : لا أركب وتمشي ، ولا أشبع وتجوع. فلمّا (١) أسقط الكناية ، وهي «أنت» ، نصب / لأنّ (٢) معناه : لا أركب وأنت تمشي ، ولا أشبع وأنت تجوع. فلمّا أسقط (٣) الكناية ، وهي (٤) «أنت» ، نصب لأنه مصروف عن جهته. قال الله ، عزّ وجلّ (٥) : (فَلا تَهِنُوا) (٦) ، وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ). وكذلك (٧) ، في «البقرة» : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ ، وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨). معناه ، والله أعلم : وأنتم تكتمون [الحقّ ، وأنتم تدعون إلى السّلم](٩). فلمّا أسقط «أنتم» نصب (١٠). وقال بعضهم : موضعها جزم ، على معنى : ولا تلبسوا الحقّ بالباطل ، ولا تكتموا الحقّ.

وقال المتوكّل الكنانيّ : (١١)

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

__________________

(١) سقط حتى «لأن» من ب. ق : فلما أسقطت الكناية ، يعني أنت نصبت.

(٢) سقط حتى «نصب» من ق.

(٣) ب : أسقطوا.

(٤) ب : يعني.

(٥) ق : جل ذكره.

(٦) الآية ٣٥ من محمد. وفي الأصل : «ولا تهنوا». ق : «إلى السّلم». وهي قراءة الحسن وأبي رجاء والأعمش وعيسى وطلحة وحمزة وأبي بكر. البحر ٨ : ٨٥. ب : إلى السّلم.

(٧) في الأصل وب : وقوله.

(٨) الآية ٤٢. وسقط «وأنتم تعلمون» من النسختين.

(٩) من النسختين. وفي ق تقديم وتأخير وتكرار لبعض الجمل.

(١٠) في الأصل : نصبه.

(١١) الكتاب ١ : ٤٢٤ والمقتضب ٢ : ١٦ والجمل للزجاجي ص ١٩٨ وحماسة البحتري ص ١٧٣ والمؤتلف ص ١٧٩ ومعجم الشعراء ص ٤١٠ والمغني ص ٣٩٩ وشرح شواهده ٧٧٩ والجنى الداني ص ١٥٦ وابن عقيل ٢ : ١٢٦ والمثل السائر ٣ : ٢٦٢ و ٤ : ١٦٩ والحماسة البصرية ٢ : ١٥ والأغاني ١١ : ٣٧ وجمهرة الأمثال ٢ : ٢٧٩ وعيون الأخبار ٢ : ١٩ والعيني ٤ : ٣٩٣ والخزانة ٣ : ٦١٧ وديوان أبي الأسود ص ١٣٠

٦٨

نصب «تأتي» ، على فقدان «أنت».

ومن الصّرف أيضا قول الله ، عزّ وجلّ : (١) (بَلى قادِرِينَ). معناه : بلى نقدر. فصرف من الرفع إلى النصب. [وقال بعضهم : على معنى : بلى](٢) كنّا قادرين

قال الشاعر : (٣)

ألم ترني عاهدت ربّي وإنّني

لبين رتاج قائما ومقام

على قسم لا أشتم الدّهر مسلما

ولا خارجا من فيّ زور كلام؟ (٤)

فنصب (٥) «خارجا» ، على الصّرف. معناه : ولا يخرج. فلمّا صرفه نصبه. (٦)

وأما نصب (٧) (صِبْغَةَ اللهِ) فعلى [معنى](٨) فعل مضمر ، اطّرح لعلم المخاطب بمعناه. وهو (٩) : الزموا صبغة الله. والصّبغة : الدّين.

وأما (١٠) قوله ، تعالى : (١١) (قُلْ : بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ، حَنِيفاً)

__________________

(١) الآية ٤ من القيامة.

(٢) من النسختين. وفي الأصل «يروى بل». وسقطت «كنّا» من ق. وانظر البحر ٨ : ٣٨٥.

(٣) الفرزدق. ديوانه ص ٧٦٩ والكتاب ١ : ١٧٣ والمقتضب ٣ : ٢٦٩ و ٤ : ٣١٣ والكامل ص ٦٩ والمحتسب ١ : ٧٥ وشرح المفصل ٢ : ٥٩ و ٦ : ٥٠ والمغني ص ٤٥٢ والخزانة ٢ : ١٠٨ وشرح شواهد الشافية ص ٧٢. والرتاج : الباب العظيم.

(٤) في الأصل : علا قسم.

(٥) في الأصل وب : نصب.

(٦) سقط «فلما صرفة نصبه» من ق.

(٧) الآية ١٣٨ من البقرة.

(٨) من النسختين. وسقطت بقبة الفقرة من ق.

(٩) ب : «وهذا مصدر ذكر تأكيدا لما قبله. كأنه قال صبغ الله صبغة سنة الله» والكلمتان الأخيرتان في ق. وسقطت بقية الفقرة من ب.

(١٠) سقطت من ب.

(١١) الآية ١٣٥ من البقرة. وسقط «قل» من الأصل.

٦٩

نصب «ملّة» ، على إضمار كلام (١). كأنّه قال : بل نتّبع (٢) ملّة إبراهيم (٣). وقوله : (٤) (سَلامٌ ، قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [نصب «قولا»](٥) ، على الصّرف (٦) ، أي : يقولون قولا.

والنصب بـ «ساء ونعم وبئس» (٧) وأخواتها

فهذه حروف ، تنصب النكرة ، وترفع المعرفة. تقول : بئس رجلا زيد ، ونعم رجلا محمد (٨). نصبت «رجلا» لأنّه نكرة ، ورفعت «زيدا» و «محمدا» ، لأنّهما معرفتان (٩). قال الله ، تعالى : (١٠) (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ، و (كَبُرَتْ كَلِمَةً) (١١). نصبت «مثلا» و «كلمة» (١٢) ، لأنّهما نكرتان. ومنه قوله ، [عزّ وجلّ](١٣) : (وَساءَ لَهُمْ ، يَوْمَ الْقِيامَةِ ، حِمْلاً). ومثله : (١٤)مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ ، وَساءَتْ مَصِيراً). وتقول : حبّذا رجلا زيد. قال الشاعر : (١٥)

أبو موسى فحسبك نعم جدّا

وشيخ الرّكب خالك نعم خالا

__________________

(١) ب : الكلام.

(٢) في الأصل : اتبع.

(٣) سقط «حنيفا ... إبراهيم» من ق ، وجاء بعضه بعد الآية التالية.

(٤) الآية ٥٨ من يس. وسقط «من رب رحيم» من الأصل.

(٥) من النسختين.

(٦) في الأصل : صرف.

(٧) في الأصل ، وبئس ونعم.

(٨) سقط هذا المثال من ب.

(٩) ب : زيدا لأنه معرفة.

(١٠) الآية ١٧٧ من الأعراف. ب : «عز وجل». وسقط (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) من الأصل ب.

(١١) الآية ٥ من الكهف. وزاد هنا في ب : تخرج.

(١٢) في الأصل : كلمة ومثلا.

(١٣) الآية ١٠١ من طه. وما بين معقوفين من ق.

(١٤) الآية ٩٧ من النساء. وسقط «ومثله» من ق.

(١٥) ذو الرمة. ديوانه ص ٤٤٣ والخزانة ٤ : ١٠٧. ب : «بئس خالا». وأبو موسى هو أبو موسى الأشعري. والركب : القافلة.

٧٠

نصب جدّا وخالا لأنهما نكرتان.

والنصب من خلاف المضاف

قولهم (١) : هذا ضارب زيد. تخفض «زيدا» (٢) ، بإضافة «ضارب» إليه. فإذا أدخلت التنوين على «ضارب» خالفت الإضافة ، وصار كالمفعول به ، فنصبت «زيدا» بخلاف المضاف ، [وعلى أنّه كان مفعولا](٣). تقول [من ذلك](٤) : هذا ضارب زيدا ، ومكلّم محمدا. فلمّا أدخلت التنوين نصبت (٥). ومثله قول الله ، جلّ اسمه / (٦) : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ ، مِنْ غِلٍّ ، إِخْواناً). نصب «إخوانا» للتنوين. ومجازه : من غلّ (٧) إخوان. وكذلك (٨) : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، سَواءً). نصب «سواء» ، لمجيئه بعد التنوين. وإن قلت : نصبت (٩) على الاستغناء ، جاز. وقال العجّاج : (١٠)

__________________

(١) ب : قولك.

(٢) في الأصل بالجر والرفع والنصب جميعا.

(٣) من ب. ق : فإذا نونت ضارب نصبت زيدا بخلاف الإضافة لأنه مفعول به.

(٤) من ب.

(٥) ق : محمدا نصبت للتنوين.

(٦) الآية ٤٧ من الحجر. ب : «قال الله عز وجل». وسقطت الورقة ١٣ من الأصل ، فاستوفينا ما فيها من النسختين.

(٧) ق : غلّ.

(٨) الآية ١٠ من فصلت.

(٩) ق : نصبت.

(١٠) ديوان العجاج ٢ : ١٩٥ والكتاب ١ : ١٠٠ واللسان (درفس) و (عنس) والفاضل ص ٨١ والجمهرة ٢ : ٩٤ و ٣ : ٣٥ والمقاييس ٤ : ١٥٦ والموشح ص ٢١٥ والمخصص ١٦ : ١٦١ وشرح شواهد المغني ص ٣٢٣. وحسر : أهلك. والعلاة : الناقة الجسيمة المشرفة. والعنس : الشديدة الصلبة. والدرفسة العظيمة الموثقة. والبازل : البعير فطر نابه.

٧١

وكم حسرنا من علاة عنس

درفسة وبازل درفس

محتنك ، ضخم ، شؤون الرّأس (١)

نصب (٢) «شؤون» ، لمّا أدخل التنوين على «ضخم». ومجازه : «ضخم شؤون». وقال الحارث بن ظالم : (٣)

فما قومي بثعلبة بن سعد

ولا بفزارة الشّعر الرّقابا

نصب «الرّقاب» ، لإدخال الألف واللام على «الشّعر» (٤) ، لأنّ الألف واللام يعاقبان (٥) التنوين ، والتنوين يعاقب (٦) الألف واللام.

وقال آخر : (٧)

ليست من السّود أعقابا إذا انصرفت

ولا تبيع بشطّي مكّة البرما

نصب (٨) «أعقابا» ، لإدخال الألف واللام على «السّود». وقال رؤبة : (٩)

الحزن بابا ، والعقور كلبا

__________________

(١) المحتنك : التام السن. والشؤون : جمع شأن. وهو مجرى الدمع من العين.

(٢) ب : فنصب.

(٣) الكتاب ١ : ١٠٣ والمقتضب ٤ : ١٦١ وأمالي ابن الشجري ٢ : ١٤٣ وشرح اختيارات المفضل ص ١٣٣٥ والإنصاف ص ١٣٣ والعيني ٣ : ٦٠٩. ق : «والشّعرى». وثعلبة وفزارة : قبيلتان من ذبيان. والشعر : جمع أشعر. وهو الكثير الشعر.

(٤) ق : الشعرى.

(٥) ب : تعاقب.

(٦) ق : «تعاقب». ب : معاقب.

(٧) النابغة الذبياني. ديوانه ص ١٠٥. والرواية : «بشطّي نخلة». والبرم : جمع برمة. وهي القدر من حجر.

(٨) ب : فنصب.

(٩) ديوان رؤبة ص ١٥ والكتاب ١ : ١٠٣ والأشموني ٣ : ١٤ والعيني ٣ : ٦١٧ والخزانة ٣ : ٤٨٠. ب : «وقال آخر». والحزن : الغليظ. والعقور : الجرّاح.

٧٢

نصب «بابا» و «كلبا» ، لإدخال الألف واللام على «الحزن» و «العقور».

وتقول : هذا حسن وجها ، وهذا حسن الوجه (١). فإذا أدخلت الألف واللام نصبت أيضا «وجها». تقول (٢) : هذا الحسن وجها ، وهذا الحسن الوجه (٣). تنصب ما بعده على خلاف المضاف.

وأما قول النابغة : (٤)

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجبّ الظّهر ليس له سنام

فإنّه نوى التنوين في «أجبّ» ، و «أجبّ» لا ينصرف لأنّه على وزن (٥) «أفعل». ونصب «الظّهر» ، لأنه نوى التنوين في «أجبّ» ، كما تقول : مررت بحسن الوجه (٦). فنصب على خلاف المضاف.

وما كان من النصب على الموضع لا على الاسم

قولهم (٧) : أزورك في اليوم أو غدا ، ولستم (٨) بالكرام ولا

__________________

(١) ب : «هذا أحسن وجها وهذا أحسن الوجه». وسقط «وهذا حسن الوجه» من ق.

(٢) ب : قلت.

(٣) ق : حسن الوجه.

(٤) ديوان النابغة الذبياني ص ٢٣٢ والكتاب ١ : ١٠٠ والمقتضب ٢ : ١٧٩ وأمالي ابن الشجري ٢ : ١٤٣ والإنصاف ١٣٤ والعيني ٣ : ٥٧٩ والخزانة ٤ : ٩٥. ق : «وتأخذ».

والذناب : الطرف. والأجب : المقطوع.

(٥) سقطت من ق.

(٦) ق : بحسن الوجه.

(٧) ب : كقولك.

(٨) ب : وتقول لستم.

٧٣

السّادة. قال عقيبة الأسديّ : (١)

معاوي إنّنا بشر فأسجح

فلسنا بالجبال ولا الحديدا

نصب (٢) «الحديد» على موضع «الجبال» ، لأنّ موضعها النصب (٣). وإنّما انخفض بالباء الزائدة ، (٤) وليس للباء موضع في الإعراب. كأنّه قال (٥) : فلسنا الجبال ولا الحديد. والباء للإقحام.

وقال كعب بن جعيل : (٦)

ألا حيّ ندماني عمير بن عامر

إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا

نصب «غدا» على الموضع ، لا على الاسم ، لأنّ «من» لا موضع لها من الإعراب. (٧) وقال لبيد : (٨)

فإن لم تجد من دون عدنان والدا

ودون معدّ فلتزعك العواذل

نصب «دون» على الموضع ، لا على الاسم. ومنه قول جرير :/ (٩)

__________________

(١) الكتاب ١ : ٣٤ و ٣٥٢ و ٣٧٥ و ٤٤٨ والمقتضب ٢ : ٢٣٨ و ٤ : ١١٢ و ٣٧١ والشعر والشعراء ص ٤٥ والسمط ص ١٤٨ والخزانة ١ : ٣٤٣ و ٢ : ١٤٣. ب : «قال الشاعر». وأسجح : ارفق.

(٢) ق : فنصب.

(٣) ب : لأن موضعها موضع نصب.

(٤) زاد هنا في ب : «والباء للإقحام» ، وسقط منها فيما بعد.

(٥) ق : تقديره.

(٦) الكتاب ١ : ٣٤ والمقتضب ٤ : ١١٢ و ١٥٤ والمحتسب ٢ : ٣٦٢ والإفصاح ص ١٦٠ والإنصاف ص ٣٣٥ و ٣٧٦. ب : «وقال آخر أيضا». وجعل فيها البيت مع التعليق عليه قبل «والنصب من نعت النكرة». والندمان : النديم.

(٧) ق : في الكلام.

(٨) ديوان لبيد ص ٢٥٥ والكتاب ١ : ٣٤ والمقتضب ٤ : ١٥٢ والمحتسب ٢ : ٤٣ والإنصاف ص ٢٠٨ والخزانة ١ : ٣٣٩ و ٣ : ٦٦٩. ب : «وقال آخر .. فليرعك». ويزع : يكف.

(٩) ديوان جرير ص ٣٠٤ واللسان (كسف). وفي النسختين : «الشمس». ق : «بكاسفة». ب : «بغائرة». وفي الحاشية عن إحدى النسخ : بكاسفة.

٧٤

فالشّمس طالعة ليست بكاشفة

تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا

نصب (١) «نجوم اللّيل والقمرا» ، لأنّ موضعهما نصب ، كما تقول : لا آتيك عبادة الناس الله ، أي : (٢) ما عبد الناس الله. كاشفة : (٣) ظاهرة. يقال : ضربه فكشف عظمه ، أي : أظهره. (٤)

والنصب من (٥) نعت النكرة تقدّم (٦) على الاسم

تقول : هذا ظريفا غلام ، وهذا واقفا رجل. قال الشاعر : (٧)

وتحت العوالي والقنا مستظلّة

ظباء أعارتها العيون الجآذر

نصب (٨) «مستظلة» ، لأنّه نعت «ظباء» تقدّم. (٩)

قال النابغة : (١٠)

كأنّه خارجا من جنب صفحته

سفّود شرب نسوه عند مفتأد

نصب «خارجا» ، لأنّه نعت «سفّود» تقدّم (١١). وقال آخر : (١٢)

__________________

(١) زاد قبلها في ق : كاسفة يعني ظاهرة.

(٢) ب : لأن موضعها نصب على معنى.

(٣) زاد هنا في ب : يعني.

(٤) سقط «كاشفة .. أظهره» من ق. ب : كما تقول ضربته ضربة فكشفت عظمه أي أظهرته.

(٥) سقطت من ق.

(٦) في الأصل وق : المقدم.

(٧) ذو الرمة. ديوانه ص ٢٤٥ والكتاب ١ : ٢٧٦ والإفصاح ص ٢١٤ ومعاني الحروف ص ٨٩ وشرح المفصل ٢ : ٦٤. ق : «بالقنا». والعوالي : جمع عالية. وهي أعلى الهودج. والقنا : عيدان الهوادج. والظباء استعارة للنساء. والجآذر : جمع جؤذر. وهو ولد البقرة الوحشية.

(٨) ب : فنصب.

(٩) في الأصل وق : مقدم.

(١٠) ديوان النابغة الذبياني ص ١١ والخصائص ٢ : ٢٧٥ وأمالي ابن الشجري ١ : ١٥٦ و ٢ : ٢٧٧ والخزانة ١ : ٥٢١. يصف قرن الثور في صفحة الكلب. والسفود : حديدة يشوى بها. والشرب : شاربو الخمر. والمفتأد : مكان الشي.

(٩) في الأصل وق : مقدم.

(١١) كثير عزة. ديوانه ٢ : ٢١٠ والكتاب ١ : ٢٦٧ ومجالس العلماء ص ١٧٤ والخصائص ٢ :

٧٥

لميّة موحشا طلل

يلوح كأنّه خلل

نصب «موحشا» ، لأنّه نعت نكرة تقدّم (١) [على الاسم](٢). وقال آخر : (٣)

وبالجسم منّي بيّنا إن نظرته

شحوب وإن تستشهد العين تشهد

نصبت «بيّنا» (٤) ، لأنّه نعت نكرة تقدّم [على الاسم ، وهو شحوب](٥). وقال آخر : (٦)

هشام ابن الخلائف قد طوتني

ببابك سبعة عددا شهور

بعيرا واقفان وصاحبيه

ألمّا يأن أن يثم البعير (٧)

أراد : بعيرا صاحبيه واقفان. فقدّم وأخّر.

وأما (٨) قول الله ، جلّ ذكره (٩) : (خاشِعَةً) (١٠) أَبْصارُهُمْ) فإنّه

__________________

٤٩٢ وأمالي ابن الشجري ١ : ٢٦ وشرح المفصل ٢ : ٥٠ والمغني ص ٩٠ و ٤٨٨ و ٧٣٥ وشذور الذهب ص ٢٤ و ٢٥٣ والأشموني ٢ : ١٤٧ والعيني ٣ : ١٦٣ والخزانة ١ : ٥٣٣. ب : «لسلمى». وهذا البيت مع التعليق عليه في النسختين بعد التعليق على البيت التالي. والخلل : جمع خلة. وهي بطانة جفن السيف. وانظر شرح المفصل ٢ : ٦٤

(١) في الأصل : مقدم.

(٢) من ق.

(٣) الكتاب ١ : ٢٧٦ والأشموني ٢ : ٥٧ والعيني ٣ : ١٤٧. ويروى بخطاب المؤنث. ب : يستشهد.

(٤) ق : شحوبا بينا.

(٥) من ق. ب : والاسم شحوب.

(٦) سقط البيتان مع التعليق عليهما من النسختين. وطوى : هزل وأضمر.

(٧) في الأصل : «يسم». وأنى : حان. ويثم : يعدو. والواو مقحمة قبل «صاحبيه».

(٨) ب : فأما.

(٩) ق : «تعالى». ب : عز وجل.

(١٠) الآية ٤٤ من المعارج. وهذه قراءة أبيّ وابن مسعود للآية ٧ من القمر. البحر ٨ : ١٧٥. وفي النسختين : «خاشعا». وهي قراءة ابن عباس وابن جبير ومجاهد والجحدري وأبي عمرو وحمزة والكسائي للآية ٧ من القمر.

٧٦

نصب (١) على الحال ، أي : يخرجون بتلك (٢) الحال.

والنصب بالنداء المضاف

قولهم (٣) : يا زيد بن عبد الله. نصبت (٤) «زيدا» ، لأنّه نداء مضاف ، ونصبت «بن» (٥) ، لأنّه بدل من «زيد». وخفضت «عبد الله» ، بإضافة «بن» (٦) إليه.

وقد تنادي العرب (٧) بغير حرف النداء. يقولون : زيد بن عبد الله (٨) ، على معنى (٩) : يا زيد بن عبد الله (١٠). قال الله ، جلّ ذكره (١١) ، في سورة «بني إسرائيل» : (١٢) : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا ، مَعَ نُوحٍ) بمعنى (١٣) : يا ذرّيّة [من حملنا](١٤).

__________________

(١) ق : نصب.

(٢) ب : على تلك.

(٣) ب : كقولك.

(٤) في الأصل : فنصب.

(٥) ق : ابنا.

(٦) ق : الابن.

(٧) ق : وقد ينادى.

(٨) ق : «بن محمد». ب : بن عمرو.

(٩) ب : بمعنى.

(١٠) ب : «بن عمرو». وسقط «على معنى .. الله» من ق.

(١١) ق : «تعالى». ب : عز وجل.

(١٢) الآية ٣.

(١٣) ق : معناه.

(١٤) من ق.

٧٧

ولا يفصل بين المضاف والمضاف إليه ، لأنّه (١) لا يقال : جاء غلام ، اليوم ، زيد. ولكن [تقول](٢) : جاء غلام زيد اليوم ، وجاء (٣) اليوم غلام زيد. وقد (٤) جاء في الشّعر منفصلا (٥). قال عمرو بن قميئة : (٦)

لمّا رأت ساتيدما استعبرت

لله درّ اليوم من لامها!

أي (٧) : لله (٨) درّ من لامها. ففصل. وقال آخر : (٩)

كما خطّ الكتاب بكفّ يوما

يهوديّ يقارب أو يعيد

أي : بكفّ يهوديّ (١٠). قال (١١) الله ، تعالى : (زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ ، أَوْلادِهِمْ ، شُرَكاؤُهُمْ) (١٢). فرّق بين المضاف والمضاف إليه.

__________________

(١) سقطت من ق.

(٢) من ب.

(٣) سقط «ولكن .. و» من ق.

(١) سقطت من ق.

(٤) في الأصل وق : مفصّلا.

(٥) ديوان عمرو بن قميئة ص ١٨٢ والكتاب ١ : ٩١ والمقتضب ٤ : ٣٧٧ ومجالس ثعلب ص ١٥٢ والأزمنة والأمكنة ٢ : ٣٠٩ والإنصاف ص ٤٣٢ وشرح المفصل ٢ : ٤٦ و ٣ : ١٩ و ٧٧ و ٨ : ٦٦ ومعجم البلدان (ساتيدما) والخزانة ٢ : ٢٤٧. وفي الأصل وب : «قال الشاعر». وساتيدما : اسم جبل. واستعبرت : بكت.

(٦) ب : معناه.

(٧) سقطت من النسختين.

(٨) أبو حية النميري. الكتاب ١ : ٩١ والمقتضب ١ : ٢٣٧ و ٤ : ٣٧٧ والإنصاف ص ٤٣٢ وشرح المفصل ١ : ١٠٣ و ٢ : ٢٥٠ والهمع ٢ : ٥٢ والدرر ٢ : ٦٦ والأشموني ٢ : ٢٧٨ واللسان (عجم) والعيني ٣ : ٤٧٠. والرواية : «أو يزيل». وهي في حاشية ب. وانظر الإفصاح ص ١١٥. قلت : ولعل صواب رواية كتابنا : «أو يقيل». ويزيل ويقيل : يباعد.

(٩) زاد هنا في ب : يقارب أو يعيد أي بكف يهودي.

(١٠) سقط حتى «والمضاف إليه» من النسختين.

(١١) الآية ١٣٧ من الأنعام. وفي الأصل : «أولادهم شركاؤهم». وهى قراءة الجمهور. البحر ٤ : ٢٢٩.

٧٨

قال ذو الرّمة (١) : /

كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا

أواخر الميس أصوات الفراريج

أراد : كأنّ أصوات أواخر الميس. وقال آخر : (٢)

وقد زعموا أنّي جزعت عليهما

وهل جزع أن قلت : وا بأباهما؟

هما أخوا في الحرب من لا أخا له

إذا خاف يوما نبوة فدعاهما (٣)

يعني : أخوا من لا أخا له. ففصل بين المضاف والمضاف إليه (٤)

والنصب على الاستغناء وتمام الكلام

مثل قول الله ، تعالى ، في «الطور» : (٥) (وَالطُّورِ ، وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ، فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) إلى قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ، فاكِهِينَ ، بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ). نصب «فاكهين» على الاستغناء وتمام الكلام. (٦) وفي سورة «الذّاريات» : (٧) (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، آخِذِينَ). ومثله : (فارهين) (٨) و (خالدين).

__________________

(١) ديوان ذي الرمة ص ٧٦ والكتاب ١ : ٩٢ و ٢٩٥ و ٣٤٧ والمقتضب ٤ : ٣٧٦ والخصائص ٢ : ٣٠٤ والإنصاف ص ٤٣٣ وشرح المفصل ١ : ٣٠١ و ٢ : ١٠٨ و ٣ : ٧٧ و ٤ : ١٧٢ والخزانة ٢ : ١٢٠ و ١٥٠. والإيغال : سرعة السير. والميس : شجر تتخذ منه الأقتاب. والفراريج : جمع فروج.

(٢) درنى بنت عبعبة. الكتاب ١ : ٩٢ والنوادر ص ١١٥ والخصائص ٢ : ٤٠٥ وشرح الحماسة للمرزوقي ص ١٠٨٣ وشرح المفصل ٣ : ١٩ و ٢١ والهمع ٢ : ٥٢ والدرر ٢ : ٦٦ واللسان (أبو) والعيني ٣ : ٤٧٢. ق : «إن قلت». وبأباهما أي : هما مفديان بأبي.

(٣) في الأصل وب : «ودعاهما». والنبوة : الجفاء والغلظة.

(٤) في الأصل : «ففصل وقدم وأخر». ق : ففصل وقدم.

(٥) الآيات ١ ـ ٤ و ١٧ ـ ١٨. ب : نحو قول الله عز وجل.

(٦) سقط «والطور .. الكلام» من النسختين.

(٧) الآيتان ١٥ و ١٦.

(٨) الآية ١٤٩ من الشعراء. وفي النسختين : فاكهين.

٧٩

كلّ هذا نصب. [فنصب «آخذين»](١) ، على الاستغناء وتمام الكلام (٢) ، لأنّك إذا قلت : «إنّ المتّقين في جنّات وعيون» ، ثم سكتّ ، فقد تمّ الكلام واستغنى (٣) عما يجيء (٤) بعده. فنصب ما يجيء (٥) بعده. وإذا (٦) قلت : «إنّ زيدا في الدار» وسكتّ كان كلاما (٧) تامّا. فلمّا استغنيت عن «القائم» (٨) نصبت ، فقلت «قائما».

وأما قوله : (٩) (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ ، فِي عَذابِ جَهَنَّمَ ، خالِدُونَ) فإنّه رفع (١٠) على خبر «إنّ». [وإذا قلت : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) فقد تمّ كلامك ، ولم تحتج إلى ما بعده. فتنصب على الاستغناء. وأما قوله ، عزّ وجلّ](١١) : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ ، فِي شُغُلٍ ، فاكِهُونَ) فإنّه رفع «فاكهون» ، لأنّه (١٢) خبر «إنّ» ، ولأنّ (١٣) الكلام لم يتمّ (١٤) دونه.

__________________

(١) من ق. وفيها : فنصب فاكهين.

(٢) زاد هنا في ق : وكذلك خالدين.

(٣) ب : فاستغنى.

(٤) ب : ما جاء.

(٤) ب : ما جاء.

(٥) سقط «لأنك .. وإذا» من ق. وفيها : ومعناه أنك.

(٦) ق : ثم سكت كان الكلام.

(٧) ق : القيام.

(٨) الآية ٧٤ من الزخرف.

(٩) ق : رفع.

(١٠) الآية ٥٥ من يس. وما بين معقوفين من ق ، وآخره من ب أيضا. وفي الأصل : وكذلك.

(١١) في الأصل : «فإنك ترفع فاكهين لأنه». ب : فإنه رفع على.

(١٢) ق : وإن.

(١٣) ب : لا يتم.

٨٠