أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »
المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٠
ولمّا خفي هذا الوجه ، من الاشتقاق ، على بعضهم ردّ قول من زعم أنّ اسم «الله» تعالى مشتقّ من «الوله» أو من غير ذلك ؛ لأنّ «الله» هذا اللفظ قديم ـ لأنّ أسماء الله تعالى قديمة ـ و «الوله» لفظ محدث ، والمشتقّ منه قبل المشتقّ ، فيلزم على هذا أن يكون المحدث قبل القديم ، وذلك خلف (١) ، ولو علم أنه قد يقال «هذا اللفظ مشتقّ من هذا» وإن لم يكن مأخوذا منه ـ كما قدّمنا ـ لم ينكر ذلك.
والحدّ الجامع لهذا الضّرب ، من الاشتقاق ـ أعني الأصغر ـ هو «عقد تصاريف تركيب ، من تراكيب الكلمة ، على معنى واحد ، أو معنيين متقاربين». وذلك نحو ردّك «ضاربا» و «ضرّابا» و «ضروبا» و «مضرابا» وأمثال ذلك إلى معنى واحد ، وهو : الضّرب ، إلّا أنّ أكثر الاشتقاق ، ومعظمه ، داخل تحت ما حدّه النحويّون به ، من أنه «إنشاء فرع من أصل يدلّ عليه».
وأمّا «المشتقّ» فيقال للفرع ، الذي صيغ من الأصل ؛ لأنك تطلب معنى الأصل ، في الفرع ، فكأنّك تشتقّ الفرع ، لتخرج منه الأصل ، وكأنّ الأصل مدفون فيه ، و «المشتقّ منه» هو الأصل.
فإن قيل : فكيف يصحّ أن يقال في الفرع إنه مشتقّ من الأصل ـ أي مأخوذ منه ـ والأصل لا ينفصل منه الفرع؟
فالجواب : أنّ ذاك يصحّ ، على جهة الاستعارة والمجاز ، وذلك أنه لمّا كان لفظ الفرع مبنيّا من حروف الأصل ، وكان معنى الأصل موجودا فيه ، صار لذلك كأنه جزء من الأصل ، وإن كان الأصل لم ينقص منه شيء.
فإن قيل : إذا كانت البنيتان متّحدّتين في الأصول والمعنى ، فبأيّ شيء يعلم الأصل من الفرع؟
فالجواب : أنّ الأصل يستخرج بشيئين : باعتبار دوره في اللفظ والمعنى ، وبأنه ليس هنالك ما هو به أولى ، والوجوه التي يكون بسببها أولى تسعة :
أوّلها : أن يطرّد معنيان ، أحدهما أمكن من الآخر ، لكثرة ما يشتقّ منه ، كالمصدر ، وذلك كالسّفاء ، فإنه مأخوذ من السّفى.
__________________
(١) الخلف : الرديء الفاسد. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (خلف).
والثاني : بأن يكون أحد المطّردين أشرف من الآخر ، فإنّ الاشتقاق من الأشرف أولى ، عند بعضهم ، كـ «مالك» قيل : إنه من معنى القدرة ، وقيل : إنه من معنى الشّدّ والرّبط ، والثاني قول ابن السّرّاج ، والأول قول أبي بكر أحمد بن عليّ ، ابن الإخشيذ. فسئل : لم جعلته من معنى القدرة ، دون معنى الشّدّ والربط؟ فقال : لأنّ الله تعالى اشتقّ اسمه منه ، في صفات ، فقيل : مالك وملك ومليك.
والثالث : كون أحد المطّردين أبين وأظهر ، فيكون الأخذ منه لذلك أولى ، لأنّ الأظهر طريق إلى الأغمض ، والأبين طريق إلى الأخفى ، كـ «الإقبال» و «القبل».
والرابع : كون أحدهما أخصّ من الآخر ، فالأخصّ أولى من الأعمّ ، الذي هو له ولغيره ، كـ «الفضل» و «الفضيلة» ، لو قال قائل : أصله «الزيادة» ، وقال آخر : أصله «المدحة» ، كان قول صاحب الزيادة أولى : لأنّ معنى المدحة ، في أشياء كثيرة ، هي أعمّ من الزيادة ؛ ألا ترى أنّ معنى المدحة ، في العلم والقدرة والنعمة والنّصفة ، وفيما لا يحصى كثرة من الأفعال الحسنة.
والخامس : أن يكون أحدهما أحسن تصرّفا ، فتجد ردّه إليه سهلا قريبا ، وبيّنا واضحا ، كباب «المعارضة» و «الاعتراض» و «التعريض» و «العارض» و «العرض» ، وردّه كلّه إلى معنى «العرض» ، وهو الظهور ، من قولك «عرض عرضا» إذا ظهر ، أولى من ردّه إلى العرض : الناحية من نواحي الشيء ، وإن كان أبو إسحاق قد ردّه إلى الناحية ، لمّا رآها تطرّد في الباب كلّه ، ولم يراع باب الأحسن في المطرّدين.
والسادس : كون أحدهما أقرب من الآخر ، فيكون الأقرب أولى من الأبعد ، وذلك أنّ الأبعد يرجع الفرع إليه ، بكثرة وسائط ، والأقرب ، يرجع إليه ، بقلّة وسائط ، وكذلك ردّك إلى الأصل الواحد قد يكون من طرق مختلفة ، أحدها أقرب من الآخر ، فيكون الردّ بالطريق الأقرب أولى ، كردّك «العقار» إلى «العقر» ، من جهة أنها تعقر الفهم ، فإنه أحسن من ردّها إليه ، من جهة أنّ الشارب لها يسكر ، فيفسد ويعقر ، فالأول أقرب.
والسابع : أن يكون أحدهما أليق ، وأشدّ ملاءمة ، وذلك كـ : «الهداية» هي أليق بـ «الدّلالة» ، منها بمعنى «التقدّم» ، من قولك «هوادي الوحش» لمتقدّماتها.
والثامن : أن يكون أحدهما مطلقا والآخر مضمّنا ، وذلك كـ : «القرب» و «المقاربة». فالقرب أولى من المقاربة ؛ لأنّ مضمّنة ، والقرب مطلق.
والتاسع : أن يكون أحدهما جوهرا والآخر عرضا ، فيكون الردّ إلى الجوهر أولى من
الردّ إلى العرض ، إذ كان الجوهر أسبق إلى النفس في التقديم ، كقولهم : «استحجر الطين» مأخوذ من الحجر ، و «استنوق الجمل» و «استتيست الشاة» و «ترجّلت المرأة».
فهذه جملة الوجوه التي يكون بسببها أولى.
وينبغي أن تعلم أنّ قولنا : «هذا اللفظ أولى بأن يكون أصلا من هذا الآخر» في جميع ما تقدم إنما نعني بذلك إذا استويا ، في كلّ شيء ، إلّا في تلك الرتبة التي فضّل بها ، فأمّا إذا عرضت عوارض ، توجب تغليب غيره عليه. فالحكم للأغلب.
واعلم أنّ الاشتقاق لا يدخل في سبعة أشياء ، وهي الأربعة التي ذكرنا لا يدخلها تصريف ، وثلاثة من غيرها ، وهي : الأسماء النادرة كـ : «طوبالة» (١) ، فإنها لندورها لا يحفظ لها ما ترجع إليه ، واللغات المتداخلة ، نحو «الجون» للأسود والأبيض ، للتناقض الذي بينهما ، لا يمكن ردّ أحدهما إلى الآخر ، والأسماء الخماسيّة ، لامتناع تصرّف الأفعال منها ، فليس لها من أجل ذلك مصادر.
وأصل الاشتقاق وجلّه [٥ أ] إنما يكون من المصادر ، وأصدق ما يكون : في الأفعال المزيدة ؛ لأنها ترجع بقرب إلى غير المزيدة ، وفي الصفات كلّها ؛ لأنها جارية على الأفعال ، أو في حكم الجارية ، وفي أسماء الزمان والمكان ، المأخوذة من لفظ الفعل ، فإنها جارية عليه أيضا ، وفي الأسماء الأعلام ؛ لأنها منقولة في الأكثر ، وقد تكون مشتقّة قبل النقل ، فتبقى على ذلك بعد النقل.
وأصعب الاشتقاق وأدقّه في أسماء الأجناس ؛ لأنها أسماء أول أوقعت على مسمّياتها ، من غير أن تكون منقولة من شيء ، فإن وجد منها ما يمكن اشتقاقه حمل على أنه مشتقّ ، إلّا أنّ ذلك قليل فيها جدّا ، بل الأكثر فيها أن تكون غير مشتقّة ، نحو : «تراب» و «حجر» و «ماء» ، وغير ذلك من أسماء الأجناس.
فممّا يمكن أن يكون منها مشتقّا «غراب» ، فإنه يمكن أن يكون مأخوذا من الاغتراب ؛ فإنّ العرب تتشاءم به ، وتزعم أنه دالّ على الفراق ، وكذلك «جرادة» ، يمكن أن تكون مشتقّة من الجرد ؛ لأنّ الجرد واقع منها كثيرا ، وقد روي أنّ النابغة نظر ، فإذا على ثوبه جرادة ، فقال «جرادة تجرد ، وذات ألوان» ، فتطيّر ورجع عن حاجته.
__________________
(١) الطوبالة : النعجة ، ولا يقال : للكبش : طوبال ، انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (طبل).
فأما قول أبي حيّة النّميريّ :
وقالوا : حمام ، قلت حمّ لقاؤها |
|
وعاد لنا حلو الشّباب ، ربيح (١) |
وقول جران العود :
فأمّا العقاب فهي ، منها ، عقوبة |
|
وأمّا الغراب فالغريب ، المطوّح (٢) |
وقول سوّار بن المضرّب :
فكان البان أن بانت سليمى |
|
وفي الغرب اغتراب ، غير داني (٣) |
وقول الشّنفرى :
فقال : غراب لاغتراب من النّوى |
|
وبالبان بين ، من حبيب ، تعاشره (٤) |
وقول الآخر :
دعا صرد يوما ، على غصن شوحط |
|
فطار ، بذات البين ، منّي غرابها |
فقلت أتصريد ، وشحط ، وغربة |
|
فهذا ، لعمري ، نأيها ، واغترابها (٥) |
فليس باشتقاق صحيح ، بل أخذ «حمّ» من «الحمام» على جهة التفاؤل ، و «البينونة» من «البان» و «الاغتراب» من «الغرب» و «التّصريد» و «الشّحط» من «الصّرد» و «الشّوحط» ، و «العقوبة» من «العقاب» ، على جهة التطيّر ، وإلا فهذه المعاني ليست بموجودة في هذه الأشياء ، كما أنّ «الاغتراب» موجود في «غراب» ، و «الحرد» في «جرادة».
ومما يبيّن لك أنّ العرب قد توقع على الشيء لفظ غيره ، إذا كان بينهما مناسبة ، من
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة ، في منتهى الطلب في أشعار العرب لابن ميمون ، ص ٤٠ ، وخذامة الأدب للبغدادي ١ / ٢١.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو بلا نسبة في الأصمعيات ص ٢٤٣. والعقد الفريد لابن عبد ربه ، ٥ / ٣٧٦ ، والآمالي في لغة العرب للقالي ١ / ٢٨٥ ، ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٨٤.
وينتهي الطلب في أشعار العرب لابن ميمون ص ١١٢.
والتذكرة الحمدونية ٨ / ١٥ ، والحماسة البصرية ٢ / ٩٨.
(٣) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الحيوان للجاحظ ، ٣ / ٤٤٣٠ ، والمستصرف للأبشية ٢ / ٣٦٦.
(٤) البيتان من الطويل ، وهو بلا نسبة في الحيوان ٣ / ٤٣٧ ، والمعاني الكبير لابن قتيبة ص ٦٣.
(٥) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في تاج العروس للزيدي ١٠ / ٥١٢ ، مادة وحبر ، وفي المعاني الكبير لابن قتيبة ص ٧١ ، وأخبار القضاة ٣ / ١١٦ ، ومحاضرات الأدباء ١ / ٧١٦ ، ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٦٢.
طريق ما وإن لم يتّحد المعنى ، كما ذكرنا في مسألة «أولق» قول بعض الفصحاء :
شهدت بأنّ التّمر بالزّبد طيّب |
|
وأنّ الحبارى خالة الكروان (١) |
فجعل الحبارى خالة الكروان ، لمّا كان اللون ، وعمود الصورة ، فيهما واحدا ، ـ ورأى ذلك قرابة ، وإن كان الحبارى أعظم بدنا من الكروان ، ومنه قول عمرو بن معد يكرب :
وكلّ أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك ، إلّا الفرقدان (٢) |
فجعل الفرقدين أخوين ، تشبيها لهما بالأخوين ، لتلازمهما ، ومنه قول أبي النجم :
*فظلّ يوفي الأكم ابن خالها* (٣)
فجعل الوحشيّ ابن خال الأكم ، لملازمته لها ، وقال عليه السّلام ، «نعم العمّة لكم النّخلة» (٤) ، فجعلها عمّة للناس ، حين كان بينها وبينهم تشابه ، من وجوه.
وإنما بسطت القول في الاشتقاق ، لغموضه ، وكثرة المنفعة به في علمه ، لما فيه من الاختصار ، والتقريب ، والفهم ، والحفظ ، أما الاختصار فلأنه يجتزأ فيه بجزء من الكلمة ، ولو لا مكانها لاحتيج إلى كلام كثير ؛ ألا ترى كيف تدلّ بالتاء من «تفعل» على معنى المخاطبة والاستقبال ، وبالياء في «يفعل» على الغيبة والاستقبال ، ولو جعل لكلّ معنى لفظ يبيّن به لانتشر الكلام ، ولما فيه من الاختصار عدّ من أكبر آلات البيان ، وأما الفهم فلما فيه من المناسبة ، والاقتضاء بالمشاكلة ، وأما الحفظ فسببه ما ذكرناه من الاختصار ، قال أبو بكر : من الفائدة في الاشتقاق أنه ربما سمع العالم الكلمة ، لا يعرفها من جهة صيغتها ، فيطلب لها مخرجا منه ، فكثيرا ما يظفر ، وعلى هذا أكثر العلماء في تفسير الأشعار ، وكلام العرب ، في الأمثال والأخبار.
وأما التّصريف فتغيير صيغة الكلمة ، إلى صيغة أخرى ، نحو بنائك من «ضرب» مثل «جعفر» فتقول : «ضربب» ، ومثل «قمطر» فتقول «ضربّ» ، ومثل «درهم» فتقول «ضربب» ، ونحو
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في المعاني الكبير لابن قتيبة ، ص ٦٤ ، ومجمع الأمثال للسيداني ١ / ٣٨٤.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص ١٧٨ ، وجمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي ص ١٣ ، وكتاب سيبويه ٢ / ٣٣٤ ، والأمثال لابن سلام س ٣٠ ، والبيان والتبيان للجاحظ ص ١٢٨ ، والمقتضب للمبرد ٤ / ٤٠٩ ، والعقد الفريد لابن عبد ربه ٣ / ٥٥.
(٣) الرجز ، وهو بلا نسبة في المخصص لابن سيد ١٣٥ / ٢٠١ ، والبيان والتبيين للجاحظ ص ١٢٨.
(٤) أخرجه أبو يعلى في مسنده ١ / ٣٥٣ «٤٥٥» ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٣٩ : رواه أبو يعلى وفيه مسرور بن سعيد ، وهو ضعيف.
تغيير التصغير والتكسير ، وأشباه ذلك ، ممّا تصرّف فيه الكلمة على وجوه كثيرة ، وهو شبه الاشتقاق ، إلّا أنّ الفرق بينهما أنّ الاشتقاق مختصّ بما فعلت العرب من ذلك ، والتصريف عامّ لما فعلته العرب ، ولما نحدثه نحن بالقياس ، فكلّ اشتقاق تصريف وليس كلّ تصريف اشتقاقا ، ومما يدلّ ، على أنّ الاشتقاق تصريف ، قول رؤبة ، يصف امرأة بكثرة الخصومة :
*تشتقّ ، في الباطل ، منها ، الممتذق* (١)
فإن قيل : ما نحدثه لا دليل فيه على معرفة زائد من أصليّ ، وإنما الدليل فيما فعلت العرب من ذلك ، والذي فعلته العرب من ذلك قد زعمت أنه يسمّى اشتقاقا ، فلأيّ شيء عددت ، فيما يعرف به الزائد من الأصليّ ، الاشتقاق والتصريف ، وهلّا اكتفيت بأحدهما عن الآخر؟
فالجواب : أنه إذا كان الاستدلال ، على الزيادة أو الأصالة ، بردّ الفرع إلى أصله ، سمّي ذلك اشتقاقا ، وإذا كان الاستدلال ، عليهما بالفرع ، سمّي ذلك تصريفا ، فمثال الاستدلال ، بردّ الفرع إلى الأصل ، استدلالنا على زيادة همزة «أحمر» مثلا ، بأنه مأخوذ من «الحمرة» ، فالحمرة هي الأصل الذي أخذ منه أحمر ، فهذا وأمثاله يسمّى اشتقاقا ؛ لأنّ المستدلّ على زيادة همزته ، وهو «أحمر» ، مأخوذ من «الحمرة» ، ومثال الاستدلال ، على الزيادة بالفرع ، استدلالنا على زيادة ياء «أيصر» (٢) ، بقولهم في جمعه «إضار» ، بحذف الياء وإثبات الهمزة ، فـ : «إصار» فرع عن «أيصر» ؛ لأنه جمعه ، فهذا وأمثاله يسمّى تصريفا ؛ لأنّ المستدلّ على زيادة يائه ، وهو «أيصر» ، ليس بمشتقّ من «إصار» ، بل «إصار» تصريف من تصاريفه ، الدالّة على زيادة يائه.
واعلم أنه لا يدخل التصريف ، ولا الاشتقاق ، في الأصول المختلفة ، نحو «لأآل» (٣) و «لؤلؤ» ، لا ينبغي أن يقال إنّ أحدهما من الآخر ، لأنّ «لأآلا» من تركيب «لءل» ؛ و «لؤلؤا» من تركيب «لءلء» ، فـ : «لأآل» ثلاثيّ الأصول ، و «لؤلؤ» رباعيّ.
وأما الكثرة فأن يكون الحرف ، في موضع ما ، قد كثر وجوده زائدا ، فيما عرف له
__________________
(١) الرجز للرؤبة وهو بلا نسب في أساس البلاغة للزمخشري مادة (شقق).
والممتذق : المخلوط ، في لسان العرب لابن منظور ، مادة (مزق).
(٢) الأمصار : والأيصر ، حبل قصير يشد به في أسفل الخباء إلى الوتد ، الصحاح في اللغة للجوهري ، مادة (أصر).
(٣) اللأآل : بائع اللؤلؤ ، انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (لألأ).
اشتقاق أو تصريف ، ويقلّ وجوده أصليّا فيه ، فينبغي أن يجعل زائدا ، فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، حملا على الأكثر ، وذلك نحو الهمزة ، إذا وقعت أولا وبعدها ثلاثة أحرف ، فإنها زائدة فيما عرف اشتقاقه ، نحو «أصفر» و «أحمر» ، إلّا ألفاظا يسيرة فإنّ الهمزة فيها أصليّة ، وهي : «أرطى» (١) في لغة من يقول «أديم مأروط» ، و «أيطل» (٢) ؛ لأنهم يقولون في معناه «إطل» ، و «أيصر» و «اولق» و «إمّعة» على ما نبيّن بعد ، فإذا جاءت الهمزة ، فيما لا اشتقاق له ولا تصريف ، نحو «أفكل» (٣) ، وجب حملها على الزيادة ، وألّا يلتفت إلى «أرطى» وأخواته ، لقلّتها ، وكثرة مثل «أحمر».
وأما للّزوم فأن يكون الحرف ، في موضع ما ، قد لزم الزيادة في كلّ ما عرف له اشتقاق أو تصريف ، فإذا جاء ذلك الحرف في ذلك الموضع ـ فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ـ جعل زائدا ، حملا على ما ثبتت زيادته ، بالتصريف أو الاشتقاق ، وذلك نحو النون ، إذا وقعت ثالثة ساكنة وبعدها حرفان ـ ولم تكن مدغمة فيما بعدها نحو «عجنّس» (٤) ـ فإنها أبدا زائدة ، فيما عرف له اشتقاق أو تصريف ، نحو «جحنفل» (٥) فإنه من «الجحفلة» ، و «حبنطى» (٦) ؛ لأنك تقول «حبط بطنه» ، و «دلنظى» وهو الشديد الدفع تقول «دلظه بمنكبه» إذا دفعه. وكذلك وجدت في كلّ ما عرف اشتقاقه ، فإذا جاءت في مثل «عبنقس» (٧) ، مما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، حمل على ما عرف اشتقاقه أو تصريفه ، فجعلت نونه زائدة.
وأما لزوم حرف الزيادة البناء فنحو «حنطأو» (٨) ، و «كنشأو» (٩) ، و «سندأو» (١٠) ، وزنها «فنعلو» ، والنون زائدة ؛ إذ لو كانت أصلية لجاء في موضعها حرف من الحروف التي لا تحتمل الزيادة ، نحو : «سردأو» مثلا ، فعدم مثل ذلك من كلامهم ، ولزوم هذا البناء حرف من حروف الزيادة دليل على أن ذلك الحرف زائد.
__________________
(١) الأرطى : ضرب من الشجر يدبغ به ، انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (أرط).
(٢) الأبطل : الخاصرة ، انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (أطل).
(٣) الأفكل : الرعدة ، انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (أفكل).
(٤) عجنس : العجنس : الحعل الضخم ، لسان العرب ، مادة (عجنس).
(٥) الجحنفل : الغليظ الشفة ، لسان العرب ، مادة (جحفل).
(٦) الحبنطى : الممتلئ غيظا ، لسان العرب ، مادة (حبط).
(٧) العبنقس : السيئ الخلق ، لسان العرب ، مادة (عبقس).
(٨) الحنطأو : الوافر اللحية ، لسان العرب ، مادة (حنطأ).
(٩) الكنثأو : الوافر اللحية ، انظر تاج العروس للزبيدي مادة (كرفأ).
(١٠) السند أو : الحديد الشديد ، لسان العرب ، مادة (سندأ).
وأما كون الزيادة لمعنى فنحو حروف المضارعة ، وياء التصغير ، وأمثال ذلك ، فإنه بمجرّد وجود الحرف ، يعطي معنى ، ينبغي أن يجعل زائدا ؛ لأنّه لم يوجد قطّ حرف أصليّ ، في الكلمة ، يعطي معنى ، على أنّ هذا الدليل قد يمكن أن يستغنى عنه بالاشتقاق والتصريف ؛ إذ ما من كلمة ، فيها حرف معنى إلّا ولها اشتقاق أو تصريف ، يعلم به حروفها الأصول من غيرها. لكن مع ذلك قد يعلم كون الحرف زائدا بكونه لمعنى ، من غير نظر إلى اشتقاقه وتصريفه ، فلذلك أوردناه في الأدلّة الموصلة إلى معرفة الزيادة من غيرها.
وأما النظير فأن يكون في اللفظ حرف ، لا يمكن حمله إلّا على أنه زائد ، ثم يسمع في ذلك اللفظ لغة أخرى ، يحتمل ذلك الحرف فيها أن يحمل على الأصالة ، وعلى الزيادة ، فيقضى عليه بالزيادة ، لثبوت زيادته في اللغة الأخرى ، التي هي نظيرة هذه ، وذلك نحو «تتفل» (١) ، فإنّ فيه لغتين : فتح التاء الأولى وضمّ الفاء ، وضمّها مع الفاء ، فمن فتح التاء فلا يمكن أن تكون عنده إلّا زائدة ؛ إذ لو كانت أصليّة لكان وزن الكلمة «فعللا» ، بضم اللام الأولى ، ولم يرد مثل ذلك في كلامهم ، ومن ضمّ التاء أمكن أن تكون عنده أصليّة ؛ لأنّه قد وجد في كلامهم مثل «فعلل» ، بضمّ الفاء واللام ، نحو «برثن» ، إلّا أنه لا يقضى عليها إلّا بالزيادة ، لثبوت زيادتها في لغة من فتح التاء.
وأما الخروج عن النظير فأن يكون الحرف إن قدّر زائدا كان للكلمة التي يكون فيها نظير ، وإن قدّر أصلا لم يكن لها نظير ، أو بالعكس ، فإنه إذ ذاك ، ينبغي أن يحمل على ما لا يؤدّي إلى خروجها عن النظير ، وذلك نحو «غزويت» (٢) ، فإنّا إن جعلنا تاءه أصليّة كان وزنه «فعويلا» ، وليس في كلام العرب «فعويل» ، فيكون «غزويت» مثله. وإن جعلناها زائدة كان وزنه «فعليتا» ، وهو موجود في كلامهم ، نحو «عفريت». فقضينا ، من أجل ذلك ، على زيادة التاء.
وأما الدخول في أوسع البابين ، عند لزوم الخروج عن النظير ، فأن يكون في اللفظ حرف واحد ، من حروف الزيادة ، إن جعلته زائدا أو أصليّا خرجت إلى بناء ، لم يثبت في كلامهم فينبغي أن يحمل ما جاء من هذا على أنّ ذلك الحرف فيه زائد ؛ لأنّ أبنية الأصول قليلة ، وأبنية المزيد كثيرة منتشرة ، فحمله على الباب الأوسع أولى ، وذلك نحو «كنهبل» (٣) ؛ ألا ترى أنك إن جعلت نونه أصليّة كان وزنه «فعلّلا» ، وليس ذلك من أبنية
__________________
(١) التتفل : ولد الثعلب ، لسان العرب ، مادة (تفل).
(٢) الغزويت : بالعين والغين ، القصير ، والداهية ، (لسان العرب) مادة (عزا).
(٣) الكنهبل : شجر عظام وقال ابن دريد : هو القصير. تاج العروس للزبيدي ، مادة (كهبل).
كلامهم. وإن جعلتها زائدة كان وزنه «فنعللا» ، ولم يتقرّر أيضا ذلك في أبنية كلامهم ، بدليل قاطع من اشتقاق أو تصريف ، لكن حمله على أنه «فنعلل» أولى ، لما ذكرنا.
فهذه جملة الأدلّة الموصلة إلى معرفة الزائد من الأصليّ ، ولمّا كان النظير ، والخروج عنه ، لا يعلمان إلّا بعد معرفة أبنية الأسماء والأفعال ، وضعت من أجل ذلك بابين ، حصرت في أحدهما أبنية الأسماء ، وفي الآخر أبنية الأفعال.
* * *
باب
أبنية الأسماء
أبنية الأسماء الأصول أقلّ ما تكون ثلاثة ، وأكثر ما تكون خمسة ، ولا يوجد اسم متمكّن ، على أقلّ من ثلاثة أحرف ، إلّا أن يكون منقوصا ، نحو «يد» و «دم» وبابهما.
[الثلاثي المجرد]
فأمّا الثلاثيّ من الأصول ، فيتصوّر فيه اثنا عشر بناء ، وذلك أنه يتصوّر في الفاء أن تكون مفتوحة ، ومضمومة ، ومكسورة ، ويتصوّر ، مع تحريكها بالفتح ، في العين أربعة أوجه : أن تكون مفتوحة ، ومضمومة ، ومكسورة ، وساكنة ، وكذلك مع تحريكها بالضمّ ، والكسر ، إلّا أنه أهمل منها بناءان ، وهما «فعل» و «فعل» لكراهية الخروج من ضمّ إلى كسر ، أو من كسر إلى ضمّ ، فأما «دئل» ، و «رئم» ، فلا حجّة فيهما ، لاحتمال أن يكونا منقولين من «دئل» و «رئم» ، اللذين هما فعلان مبنيّان للمفعول ، إلى الأسماء ؛ لأنه يقال : دأل ، ورئم ، فإذا بنيا للمفعول قيل دئل ورئم ، وقد ينقل الفعل إلى الاسم ، في حال التنكير ؛ ألا ترى أنهم قالوا «الينجلب» للخرز الذي يجلب الإنسان به إلى أمر ، فيكون «دئل» و «رئم» من هذا القبيل ، فلم يبق للثلاثي ، من الأصول ، إلّا عشرة أبنية.
فعل : ويكون في الاسم والصّفة ، فالاسم نحو : صقر وفهد ، والصّفة نحو : ضخم وصعب.
وفعل ويكون فيهما ، فالاسم نحو برد وقرط ، والصفة نحو : مرّ وحلو وعبر.
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : عكم وجذع ، والصفة نحو : نقض ونضو.
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : جمل وجبل ، والصفة نحو : حدث وبطل.
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : كتف وكبد ، والصفة نحو : حذر ووجع.
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : رجل وسبع ، والصفة نحو : حدث (١) وخلط (٢).
__________________
(١) الحدث : الحسن الحديث ، لسان العرب ، مادة (حدث).
(٢) الخلط : المخالط للأمور والعارف بها ، لسان العرب ، مادة (خلط).
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : صرد (١) ونغر (٢) ، والصفة نحو : حطم ولبد (٣).
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : طنب وعنق ، والصفة نحو : جنب وأحد.
وفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو : ضلع وعوض ، والصفة عدى وزيم ، ولم يجىء غيرهما ، قال الشاعر :
إذا كنت في قوم ، عدى ، لست منهم |
|
فكل ما علفت ، من خبيث ، وطيّب (٤) |
وقالوا : منزل زيم. قال :
باتت ثلاث ليال ، ثمّ واحدة |
|
بذي المجاز ، تراعي منزلا ، زيما (٥) |
أي : متفرق الأهل.
فأما «سوى» ، من قوله تعالى : (مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨] ، فهو اسم في الأصل للشيء المستوي ، وصف به ، بدليل أنه لو كان صفة أصليّة لتمكّن في الوصفيّة ، فكان يذكّر مع المذكّر ، ويؤنّث مع المؤنّث ، إذ حقّ الصّفة أن تطابق الموصوف ، ومما يدلّك على أنها إذا لم تطابق موصوفها جرت مجرى الأسماء جمعهم «ربعه» : «ربعات» بفتح العين ، كجفنات. والصفة المحضة لا يكون فيها إلّا إسكان العين ، وأنت لا تقول إلّا : «بقعة سوى» ، فدلّ ذلك على أنه ليس بصفة في الأصل.
وكذلك قوله عزّ وجل : (دِيناً قِيَماً) [الأنعام : ١٦١] لا حجّة فيه ؛ لأنه مصدر في الأصل ، مقصور من «قيام» ، ولو لا ذلك لكان «قوما» ؛ لأنه من ذوات الواو ، ولا تقلب الواو ياء ، إذا كانت متحرّكة عينا في مفرد لانكسار ما قبلها ، إلّا بشرط أن يكون بعدها ألف ، وتكون في مصدر لفعل اعتلّت عينه ، نحو «قام قياما» و «عاذ عياذا» ، فدلّ انقلاب الواو ياء ، في «قيم» ،
__________________
(١) الصرد : ضرب من الغربان. لسان العرب لابن منظور ، مادة (صرد).
(٢) النغر : البلبل. لسان العرب لابن منظور ، مادة (نغر).
(٣) اللبد : المقيم لا يبرح منزله ، والكثير. المعجم الوسيط للزيات ورفاقه ٢ / ٨١٢.
(٤) البيت من البحر الطويل وهو لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان في الزاهر في معاني كلمات الناس للأنباري ١ / ٢١٦ ، ولخالد بن فضلة ، في البيان والتبيين للجاحظ ص ٥٠٦ ، وتهذيب اللغة للأزهري ٣ / ٧١ ، بلا نسبة ، ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٦٠ ، وديوان المتنبي ٢ / ٣٥ ، وبلا نسبة في لسان العرب لابن منظور ، مادة (عدا).
(٥) البيت من البسيط وهو للنابغة في ديوانه ص ٧٧ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (زيم) ، وأدب الكاتب ص ٤٧٥.
على أنه مصدر في الأصل وصف به ، كما وصف بـ «عدل» و «زور» ، وهما مصدران في الأصل.
وكذلك قولهم «سبي طيبة» (١) ، و «ماء روى» ، و «ماء صرى» (٢). لا حجّة في شيء من ذلك على إثبات «فعل» في الصفات ؛ لأنّ جميع ذلك لا يطابق موصوفه : أما «طيبة» فإنه مؤنّث اللفظ ، وهو تابع لمذكّر ، وأما «روى ، وصرى» فيوصف بهما الجميع والمفرد على صورة واحدة ، فيقال : مياه صرى ، ومياه روى ، وقد تقدّم أنّ الصفة إذا كانت كذلك كانت محكوما لها بحكم الأسماء.
وفعل : ولم يجىء منه إلّا «إبل» خاصّة ، فيما زعم سيبويه وحكى غيره «أتان إبد» للوحشيّة ، فأما «إطل» فلا حجّة فيه ؛ لأن المشهور فيه «إطل» بسكون الطاء ، فـ «إطل» يمكن أن يكون مما أتبعت الطاء فيه الهمزة للضرورة ؛ لأنه لا يحفظ إلّا في الشعر ، نحو قوله :
له إطلا ظبي وساقا نعامة |
|
... البيت (٣) |
في رواية من رواه كذلك وكذلك «حبرة» (٤) ، الأفصح والمشهور فيها إنما هو «حبرة» ، و «حبرة» ضعيف ، وكذلك «بلزه» لا حجّة فيه ؛ لأنّ الأشهر فيه «بلزّ» (٥) بالتشديد ، فيمكن أن يكون «بلز» مخفّفا منه.
[الرباعي المجرد]
وأما الرّباعيّ ، من الأصول ، فله ستّة أبنية :
فعلل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «جعفر» و «عنبر» ، والصفة نحو «شجعم» (٦) و «سلهب» (٧).
__________________
(١) الطيبة : الحل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (طيب).
(٢) الصرى : الذي طال استنقاعه فتغير ، لسان العرب لابن منظور (صرى).
(٣) صدر بيت ، عجزه :
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
البيت من البحر الطويل ، وهو لامرئ القيس في الكنز اللغوي لابن السكيت ص ١٤ ، والفرق للعسكري ص ٧٩ ، وبلا نسبة في جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي ص ٨٦ ، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام ص ٨٤.
(٤) الحبرة : صفرة الأسنان ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (حبر).
(٥) البلز : الضخمة أو الخفيفة ، القاموس المحيط للفيروزالآبادي ١ / ٦٤٧.
(٦) الشجعم : الضخم الطويل ، المحيط في اللغة ٣ / ٢٩٨.
(٧) السلهب : الطويل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (سلهب).
وفعلل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «زبرج» و «زئبر» ، والصفة نحو «زهلق» (١) و «عنفص» (٢).
وفعلل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «فلفل» و «برثن» ، والصفة نحو «جرشع» (٣) و «كندر» (٤).
وفعلل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «درهم» و «قلعم» (٥) ، والصفة نحو «هجرع» (٦) و «هبلع» (٧).
وفعلّ : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «فطحل» (٨) ، والصفة نحو «هزبر».
وعلى فعلل : ولم يجىء منه إلّا «طحربة» (٩).
أما «جخدب» (١٠) ، و «برقع» ، و «جؤذر» ، فلا حجّة فيها ؛ لأنه يقال «جخدب» و «برقع» و «جؤذر» بالضمّ ، فيمكن أن يكون الفتح تخفيفا فإنما يكون ثبت «فعلل» بأن يوجد ، لا يجوز معه «فعلل» بالضمّ ، فإن لم يوجد الفتح ، إلّا مع الضمّ ، دليل على أنه ليس ببناء أصليّ ، وأيضا فإنّ «جؤذرا» أعجميّ ، فلا حجّة فيه.
وأما الفتكرين بضمّ الفاء ـ على ما حكاه يعقوب ـ فلا حجّة فيه على إثبات «فعلّ» ، نحو «جعفر» ، «فتكر» ، ثم جمع ، إلّا أن يحفظ بالواو والنون في الرفع ، والياء والنون في النصب والجرّ ، فيقال : الفتكرون والفتكرين. والمسموع من هذا إنّما هو بالياء ، فيمكن أن يكون «فتكرين» اسما مفردا ، كـ «قذعميل» (١١).
__________________
(١) الزهلق : السريع الخفيف ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (زهلق).
(٢) العنفص : السيئ الخلق ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عفص).
(٣) الجرشع : العظيم من الإبل والخيل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (جرشع).
(٤) الكندر : الغليظ القصير الشديد ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (كندر).
(٥) قلعم : اسم علم ، القاموس المحيط للفيروز آبادي ، مادة (قلعم).
(٦) الهجرع : الأحمق ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (هجرع).
(٧) الهبلع : الواسع الحنجور ، العظيم الفم ، الصحاح للجوهري ، مادة (هبلع).
(٨) الفطحل : اسم زمن قديم ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (فطحل).
(٩) الطحربة : القطعة من خرقة ، وفيها لغات كثيرة ، تاج العروس للزبيدي ، مادة (طحرب).
(١٠) الجخدب : الضخم الغليظ ، لسان العرب (بان منظور ، مادة (جخدب).
(١١) القذعميل : الشيخ الكبير ، لسان العرب ، مادة (قذعمل).
وكذلك «علبط» (١) ، و «هدبد» (٢) ، و «عكمس» (٣) ، و «عجلط» (٤) ، و «عكلط» (٥) ، و «دودم» (٦) ، ليس في شيء من ذلك دليل على إثبات «فعلل» في الرباعيّ. يدلّ على ذلك أنه لا يحفظ شيء من ذلك ، إلّا والألف قد جاء فيه ، نحو «علابط» و «هدابد» و «عكامس» و «دوادم» و «عجالط» و «عكالط» ، فدلّ ذلك على أنها مخفّفة بحذف الألف ، إذ لو لم تكن كذلك لجاءت بغير ألف البتّة.
وكذلك «عرتن» (٧) ، ليس فيه دليل على إثبات «فعلل» في الرباعيّ ؛ لأنه لم يجىء منه إلّا هذا ، وقد قالوا في معناه «عرنتن» ، فيمكن أن يكون هذا مخفّفا منه ، كما خفّفوا الألف في «علابط» ونحوه ؛ لأنّ النون لزمت زيادتها ، في مثل هذا الموضع ـ أعني : ثالثة ساكنة ـ كما لزمت زيادة الألف ، فأجروها مجراها لذلك.
وكذلك «جندل» ، و «ذلذل» (٨) ، ليس فيه دليل على إثبات «فعلل» في أبنية الرباعيّ ؛ لأنهم قد قالوا «جنادل» و «ذلاذل» في معناهما ، فهما مخفّفان منهما ، ومما يؤيّد ذلك أنه لا يتوالى في كلامهم أربعة أحرف بالتحريك ، ولذلك سكّن آخر الفعل في «ضربت» ؛ لأنّ ضمير الفاعل تنزّل من الفعل منزلة جزء من الكلمة ، فكرهوا لذلك توالي أربعة أحرف بالتحريك ، فإذا كان ممتنعا ، فيما هو كالكلمة الواحدة ، فامتناعه فيما هو كلمة واحدة أحرى.
وأما «فعلل» فحكي منه «زئبر» و «ضئبل» (٩) ، وذلك شاذّ لا يلتفت إليه ، لقلّة استعماله.
والسبب ، في أن كانت أبنية الثلاثيّ أكثر من أبنية الرباعيّ ، أنّ الثلاثيّ أخفّ ، لكونه أقلّ أصول الأسماء المتمكّنة ، فتصرّفوا فيه ، لخفّته ، أكثر من تصرّفهم في الرباعيّ ، ولذلك
__________________
(١) العلبط : الغليظ في اللبن ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (علبط).
(٢) الهدبد : اللبن الخاثر جدا ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (هدبد).
(٣) العكمس : الإبل الكثيرة ، الصحاح للجوهري ، مادة (عكمس).
(٤) العجلط : اللبن الخاثر الطيب الثخين ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عجلط).
(٥) العكلط : اللبن الخاثر الثخين ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عكلط).
(٦) الدودم : شيء شبه الدم يخرج من شجر السمر ، لسان العرب ، مادة (ددم).
(٧) العرتن : الشجر يدبغ به ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عرتن).
(٨) الذلذل : أسافل القميص الطويل إذا خلق وناس ، الصحاح للجوهري مادة (ذلذل).
(٩) الضئبل : الداهية تاج العروس للزبيدي ، مادة (ضأبل).
أيضا كانت أبنية الرّباعيّ أكثر من أبنية الخماسيّ ؛ لأنّ الرباعيّ ، على كل حال ، أقلّ حروفا من الخماسيّ ، فكان أخفّ منه ، فتصرّفوا فيه ، لذلك ، أكثر من تصرّفهم في الخماسيّ.
[الخماسي المجرد]
وأمّا الخماسيّ فله أربعة أبنية ، متّفق عليها :
فعلّل : ويكون في الاسم والصّفة ، فالاسم نحو «سفرجل» و «فرزدق» ، والصفة «شمردل» (١) و «همرجل» (٢).
وفعلّل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «خزعبلة» (٣) ، والصفة نحو «قذعملة» (٤).
وفعللل : ولم يجىء إلّا صفة ، نحو «جحمرش» (٥) و «قهبلس» (٦).
وفعللّ : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «قرطعب» (٧) ، والصفة نحو «جردحل» (٨).
وزاد بعض النحويين في أبنية الخماسيّ «فعّلل» نحو «صنّبر» ، والصحيح أنه لم يجىء في أبنية كلامهم إلّا في الشعر ، نحو قوله :
بجفان ، تعتري نادينا |
|
من سديف ، حين هاج الصّنّبر (٩) |
وهذا يجوز أن يكون لمّا سكّن الراء للوقف كسر ، لالتقاء الساكنين ، نحو قولهم : «ضربته» و «قتلته».
وزاد بعضهم أيضا «فعلللا» نحو «هندلع» (١٠) ، ولم يحفظ منه غيره ، وهذا عندي إنما
__________________
(١) الشمردل : الطويل ، الصحاح للجوهري ، مادة (شمردل).
(٢) الهمرجل : الجواد السريع ، لسان العرب ، مادة (همرجل).
(٣) الخزعبل : الفكاهة والمزاح والخزعبيل : الباطل ، لسان العرب : مادة (خزعبل).
(٤) القذعمل : الناقة الشديدة ، الصحاح للجوهري ، مادة (قذعمل).
(٥) الجحمرش : العجوز الكبير ، الصحاح للجوهري ، مادة (جحمرش).
(٦) القهبلس : الأبيض الذي تعلوه كدرة ، لسان العرب (لابن منظور ، مادة (قهبلس).
(٧) القرطعب : القطعة من الخرقة ، الصحاح للجوهري ، مادة (قرطعب).
(٨) الجردحل : الضخم من الإبل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (جردحل).
(٩) البيت من بحر الرمل ، لطرفة بن العبد في ديوان ص ٢٩ ، والعين. للفراهيدي ، مادة (صنبر) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي ٨ / ١٩٢.
(١٠) الهندلع : بقلة ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (هدلع).
ينبغي أن يحمل على أنه «فنعلل» ، والنون زائدة ، ويحكم عليها بالزيادة ـ وإن لم تكن في موضع زيادتها ـ لأنه لم يتقرّر «فعللل» في أبنية الخماسيّ ، فيحكم ، من أجل ذلك ، على النون بالزيادة.
فإن قيل : ولم يثبت أيضا في مزيد الرباعي «فنعلل»؟
قيل له : هو على كلّ حال ليس له نظير ، فدخوله في الباب الأوسع أولى ، وهو المزيد ؛ لأنّ أبنية المزيد أكثر ، من أبنية المجرّد من الزيادة.
[الثلاثي المزيد]
وأما الثلاثي المزيد فقد تلحقه زيادة واحدة ، وقد تلحقه زيادتان ، وقد تلحقه ثلاث ، وقد تلحقه أربع فيصير على سبعة أحرف ، وهو أقصى ما ينتهي إليه المزيد.
[المزيد فيه حرف واحد]
فأما الذي تلحقه زيادة واحدة فلا يخلو من أن تلحقه قبل الفاء ، أو بعد الفاء ، أو بعد العين ، أو بعد اللام ، فإذا لحقته قبل الفاء يكون :
على أفعل : ويكون في الاسم والصفة ، فالاسم نحو «أفكل» (١) و «أيدع» (٢) ، والصفة نحو «أبيض» و «أسود».
وعلى إفعل : ولم يجىء إلّا اسما نحو «إثمد» (٣) و «إصبع».
وعلى أفعل : ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، وهو قليل ، نحو «أبلم» (٤).
فأما قولهم «شحم أمهج» أي : رقيق ، فيمكن أن يكون محذوفا من «أمهوج» كـ «أسكوب» ؛ لأنه قد سمع ذلك فيه ؛ ووجد بخط أبي عليّ ، عن الفرّاء : «لبن أمهوج» ، فيكون «أمهج» مقصورا منه للضرورة ، إذ لم يسمع إلّا في الشعر ؛ أنشد أبو زيد :
__________________
(١) الأفكل : الرعوة ، الصحاح للجوهري ، مادة (فكل).
(٢) الأيدع : الزعفران ، الصحاح في اللغة للجوهري ، مادة (أيدع).
(٣) الإثمد : حجر يكتحل به ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (ثمد).
(٤) الأبلم : خوص المقل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (بلم).
*يطعمها اللّحم ، وشحما أمهجا (١)*
وأيضا فإنّ «الأمهج» اسم لدم القلب ، فيمكن أن يكون قولهم «شحم أمهج» مما وصف فيه بالاسم الجامد ، لما فيه من معنى الصفاء والرقّة ، كما يوصف بالأسماء الضامنة لمعنى الأوصاف. ونحو من ذلك ما أنشده أبو عثمان من قول الراجز :
*مئبرة العرقوب إشفى المرفق (٢)*
فوصف بـ «إشفى» وهو اسم ، لما فيه من معنى الحدّة. وقول الآخر :
فلو لا الله ، والمهر المفدّى ، |
|
لأبت ، وأنت غربال الإهاب (٣) |
كأنه قال : مخرّق الإهاب.
وعلى إفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو «إصبع» و «إبرم» (٤). فأما قوله :
إن تك ذا بزّ (٥) فإنّ بزّي |
|
سابغة (٦) ، فوق وأى (٧) ، إوزّ (٨) |
فيمكن أن يكون «فعلّا» ، والهمزة فيه أصليّة ، وذلك قليل ، ويمكن أن يكون «إوزّ» اسما وصف به ، لما فيه من معنى الشدّة.
وعلى أفعل : ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، وهو قليل ، نحو «أصبع».
وعلى أفعل : ولا يكون في الأسماء والصفات ، إلّا أن يكسّر عليه الواحد للجمع ، فالاسم نحو «أكلب» ، والصفة نحو «أعبد».
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في الخصائص لابن جني ، ٣ / ١٩٤ ، والأصول في النحو ٣ / ٣٨.
(٢) الرجز ، بلا نسبة في الخصائص لابن جني ٢ / ٢٢١ ، والمخصص لابن سيده ١ / ٨٨ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (طفم) ، والمحكم المحيط الأعظم لابن سيده ، مادة (طفم).
(٣) البيت من البحر الوافر ، وهو المنذر بن حسان في المقاصد النحوية للعيني ٣ / ١٤٠ ، ولفترة الكلبي في محاضرات الأدباء للأصبهاني ٢ / ٢٠١ ، وبلا نسبة في لسان العرب لابن منظور ، مادة (قيد) وتاج العروس للزبيدي ، مادة (قيد) ، والمخصص لابن سيده ٤ / ٤٢٤.
(٤) إبرم : اسم موضع.
(٥) البز : السلاح.
(٦) السابغة : الدرع الطويلة ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (سبغ).
(٧) الوأى : الفرس السريع ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (وأي).
(٨) الرجز : بلا نسبة في لسان العرب لابن منظور ، مادة (أوز) والأوز : القصير الغليظ ، القاموس المحيط للفيروز آبادي ، مادة (الأوز).
فأما «أذرح» (١) و «أسنمة» (٢) فعلمان ، فلا يثبت بهما بناء ؛ لأنّ العلم أكثر ما يجيء منقولا ، بل من الناس من أنكر أن يجيء مرتجلا ، فإذا كان العلم كما وصف احتملا أن يكونا منقولين من الفعل ، فيكون «أذرح» فعلا ، في الأصل ، ثم سمّي به ، وكذلك «أسنمة» ، كأنه «أسنم» في الأصل ثم سمّي به.
فإن قلت : لو كان منقولا من الفعل لما دخلت عليه تاء التأنيث ؛ لأنّ التاء لا تدخل على الفعل المضارع؟
فالجواب : أنه لمّا انتقل من الفعليّة إلى الاسميّة ساغ دخول تاء التأنيث عليه ، والدليل على ذلك قولهم «الينجلبة» في اسم الخرزة ؛ لأنها يجلب بها الغائب ، وهي فعل في الأصل ؛ لأنها على وزن الفعل المختصّ ، لكن لمّا انتقلت إلى الاسميّة ساغ دخول التاء عليها.
وحكى الزّبيديّ «أصبع» و «أنملة» ، فإن ثبت النقل بهما لم يكن في ذلك استدراك على سيبويه ؛ لأنه قد حكي فيه «أصبع» و «أنملة» ، بضم الهمزة ، فيمكن أن يكون الفتح تخفيفا ، كما قالوا في «برقع» : «برقع» بالتخفيف.
وزعم الزّبيديّ أنّ أبا بكر بن الأنباريّ حكى «إصبعا» ، بكسر الهمزة وضمّ الباء ، على وزن «إفعل» ، لكن أكثر أهل اللغة على أنها ليست من كلام الفصحاء ، قال الفرّاء : لا يلتفت إلى ما رواه البصريّون ، من قولهم «إصبع» ، فإنّا بحثنا عنها ، فلم نجدها.
وعلى تفعل : ويكون فيهما قليلا ، فالاسم «تتفل» (٣) و «تقدمة» (٤). والصّفة «تحلبة» (٥).
وعلى تفعل : ولم يجىء إلّا اسما ـ وهو قليل ، قالوا «تحلىء» ـ إلّا أن تلحقه التّاء ، فلا يكون إلّا صفّة ، وهو قليل ، نحو «تحلبة».
وعلى تفعلة : ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، وهو قليل ، قالوا «تتفلة» (٦).
__________________
(١) أذرح : اسم موضع.
(٢) أسنمة : اسم موضع.
(٣) التتفل : ولد الثعلب ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (تفل).
(٤) تقدمة : أول تقدمة الخيل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (قدم).
(٥) التحلبة : الناقة تحلب قبل أن تحمل ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (حلب).
(٦) التتفلة : الأنثى الصغيرة عن الثعالب ، المخصص لابن سيده ، مادة (تفل).
وعلى تفعلة : ولم يجىء أيضا إلّا صفة ، نحو «تحلبة» ، وحكى الكسائيّ أنّ «تتفلا» لغة في «التتفل» ، ولا يحفظ غيره اسما.
وعلى تفعلة : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو «تردية» (١) و «تهنئة».
وعلى تفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «تدرأ» (٢) و «ترتب» ، والصفة نحو «تحلبة» و «ترتب» (٣) ، قال بعضهم : «أمر ترتب» (٤) ، فجعله وصفا.
وعلى تفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو «تنضب» (٥) و «تتفل».
وعلى مفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «محلب» و «مقتل» ، والصفة نحو «مثنى» و «مولى» و «مقنع».
وعلى مفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو «منخر». وقد يجوز أن يكون منخر مما أتبع ، والأصل فيه «منخر» بفتح الميم ، وقد أجاز الوجهين سيبويه.
فأما «منتن» و «مغيرة» فكسرت الميم منهما ، إتباعا لما بعدها. والأصل «منتن» و «مغيرة» ؛ لأنهما اسما فاعل من أنتن وأغار.
وعلى مفعل ، ولم يجىء أيضا إلّا اسما ، نحو «منخل» و «مسعط».
وعلى مفعل : صفة ، نحو «مكرم» و «معط» ، ولم يجىء اسما إلّا قولهم «مؤق» ، بخلاف في ذلك ، سيبيّن بعد ، إن شاء الله.
وعلى مفعل : ويكون في الأسماء ، نحو «مسجد» و «مجلس» ، وهو في الصفة قليل ، نحو «رجل منكب».
وعلى مفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «منبر» و «مرفق» ، والصفة نحو «مدعس» و «مطعن».
وعلى مفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، والهاء لازمة له ، نحو «مزرعة» و «مشرقة» و «مقبرة» ، ولا يستعمل بغير هاء إلّا أن يجمع ، بحذف الهاء ، نحو قوله :
__________________
(١) التردية : إلباس الثياب ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (ردي).
(٢) التدرأ : الدرء : الدفع ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (درأ).
(٣) الترتب : الأبد : لثباته وطول بقائه : لسان العرب ، مادة (رتب).
(٤) الترتب : الثابت الصحاح في اللغة للجوهري ، مادة (رتب).
(٥) التنضب : ضرب من الشجر ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (نضب).
بثين ، الزمي «لا» إنّ «لا» إن لزمته |
|
على كثرة الواشين ، أيّ معون (١) |
فجمع «معونة» بحذف التاء. وقول الآخر :
*ليوم روع ، أو فعال مكرم (٢)*
فجمع «مكرمة» بحذف التاء ، وكذلك «مألك» ، من قول الشاعر :
أبلغ النّعمان ، عنّي ، مألكا |
|
أنّه قد طال حبسي ، وانتظاري (٣) |
هو جمع «مألكة» أيضا ، وزعم السّيرافيّ أنّ ذلك مما رخّم ضرورة ، وأنه يريد «معونة» و «مكرمة» ، والوجه ما ذكرناه أوّلا ؛ لأنه إذا أمكن ألّا يحمل على الضرورة كان أولى.
وعلى مفعل : ويكون فيهما ، فالاسم نحو «مصحف» و «مخدع» (٤) و «موسى» ، ولم يكثر هذا في كلامهم اسما ، وهو في الوصف كثير نحو : «مكرم» و «مدخل».
وعلى يفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو : «اليرمع» (٥) و «اليلمق» (٦).
فأما قولهم «جمل يعمل» (٧) ، و «ناقة يعملة» ، و «رجل يلمع» (٨) ، فمن قبيل ما وصف فيه بالاسم ، ولذلك لم يمتنع الصرف ، ولو كان صفة في الأصل لوجب منع صرفه ، لوزن الفعل ، والوصف.
__________________
(١) البيت من البحر الطويل : وهو لجميل بثينة في ديوانه ص ٢٠٨ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (ألك) ، وتاج العروس للزبيدي ، مادة (ألك) ، والخصائص لابن جني ٣ / ٢١٢ ، والمخصص لابن سيده مادة (ألك).
(٢) الرجز ، لأبي الأخزر في شرح شواهد الشافية ص ٦٨ ، وبلا نسبة في أدب الكاتب لابن قتيبة ص ٤٧٦ ، وجمهرة اللغة ، لابن دريد ، مادة (موي) ، والخصائص لابن جني ٣ / ٢١٢ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (كرم).
(٣) البيت من بحر الرمل ، لعدي بن زيد بن حماد في ديوانه ص ٩٣ ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٤١ ، وأنساب الأشراف للنداري ٤ / ١٩٨ ، وجمهرة اللغة ، مادة (كلم) ، والأغاني للأصبهاني ٢ / ١٠٤ ، ومقاييس اللغة ١ / ١٣٣.
(٤) المخدع : بيت يكون داخل البيت الكبير ، يحرز فيه الشيء ، الصحاح في اللغة للجوهري ، مادة (خدع).
(٥) اليرمع : الخذردف ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (رمع).
(٦) اليلمق : القباء المحشو : الصحاح في اللغة للجوهري ، مادة (يلمق).
(٧) اليعمل : النجيب ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (عمل).
(٨) اليلمع : الكذاب ، لسان العرب لابن منظور ، مادة (لمع).