تاريخ مدينة دمشق - ج ١٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٣
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

إسماعيل المهندس ، حدثنا أبو بشر الدولابي ، أخبرني أحمد بن شعيب ، عن هشام بن عمّار حينئذ ، وأخبرنا أبو الفضل ناصر فيما قرأت عليه ، عن جعفر بن يحيى التميمي ، أنبأنا عبد الله بن سعيد بن حاتم ، أنبأنا الخصيب ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن ، أخبرني أبي ، قال : أخبرني أحمد بن أبي العلاء ، نبأنا هشام ، نبأنا صدقة ـ زاد الدّولابي : ابن خالد ـ نبأنا ابن أبي جابر ، حدثني حبيب بن عبد الرّحمن بن سلمان أبو الأعيس ، عن أبيه أبي الأعيس قال : الجن والإنس عشرة أجزاء ، فالإنس من ذلك جزء والجن تسعة أجزاء انتهى كذا رواه النسائي قراءة فيه أحمد بن العلاء.

١١٨٨ ـ حبيب بن عبد الملك بن حبيب

والد الحسن بن حبيب.

حكى عن أحمد بن أبي الحواري ومحمّد بن إسماعيل بن عليّة ، وأحمد بن عبد الرزّاق.

حكى عنه ابنه الحسن انتهى.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، حدثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر وابنه أبو علي وعبد الوهّاب الميداني وأبو نصر بن الجبّان قالوا : أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، حدثنا الحسن بن حبيب ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت أحمد بن أبي الحوازي يقول : كان أبو سليمان زميلي إلى مكة ، فذهبت منا الإداوة في طريق مكة فقلت له : ذهبت الإداوة ، فأخرج (١) يده من الخربست ، ثم قال : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، يا هادي كل ضالّ ويا رادّ الضلال ، ردّ علينا ضالّتنا ، وصلّى الله على محمّد وعلى آل محمّد. فما أدخل يده إلى الخربست إذا إنسان يصيح : يا صاحب الإداوة ، فقال لي : خذها يا أحمد ، إذا سألت الله عزوجل حاجة فابدأ بالصّلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسل حاجتك ، ثم اختم بالصّلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنهما دعوتان لا يردهما الله تبارك وتعالى ، ولم يكن ليردّ ما بينهما انتهى.

__________________

(١) بالأصل «فخرج».

٤١

١١٨٩ ـ حبيب بن أبي عبيدة مرّة بن عقبة

ابن نافع الفهري القرشي (١)

مصري ، سكن الأندلس وولي بها ولايات ، ووفد على سليمان بن عبد الملك. له ذكر انتهى.

كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس بن علي ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن سليم ، ثم حدثني أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو الفضل بن سليم ، قالا : أنبأنا أبو بكر الباطرقاني ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري توفي سنة أربع وعشرين ومائة.

أخبرنا أبو القاسم صدقة بن محمّد بن الحسين المحلبان ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أبي نصر بن عبد الله الأندلسي صاحب تاريخ الأندلس قال (٢) : حبيب بن أبي عبيدة واسم أبي عبيدة مرة بن عقبة بن نافع الفهري ، من وجوه أصحاب موسى بن نصير الذين دخلوا معه الأندلس ، وبقي بعده فيها مع وجوه القبائل إلى أن خرج منها مع من خرج برأس. عبد العزيز بن موسى بن نصير إلى سليمان بن عبد الملك ، ثم رجع حبيب بن أبي عبيدة بعد ذلك إلى نواحي أفريقية ، وولي العساكر في قتال الخوارج من البربر ، ثم قتل في تلك الحروب سنة ثلاث وعشرين ومائة انتهى ، كذا قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. وقال أبو سعيد بن يونس توفي في سنة أربع وعشرين.

١١٩٠ ـ حبيب بن عمر الأنصاري الدّمشقي ، ويقال : المدني

حدّث عن أبيه.

روى عنه بقية.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان في كتابه عن أبي القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزدي ، نبأنا أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن العبّاس الورّاق ـ إملاء ـ قال : أنبأنا علي بن محمّد بن محمّد بن أحمد الفقيه ، نبأنا إسماعيل بن

__________________

(١) ترجم له في جذوة المقتبس للحميدي ص ١٩٩.

(٢) الخبر في جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس ص ١٩٩.

٤٢

محمّد النيسابوري ، أنبأنا إبراهيم بن أحمد الخزاعي ، نبأنا بقية بن الوليد ، حدثني حبيب بن عمر الدمشقي ، عن أبيه قال : لقيت واثلة بن الأسقع يوم العيد فقلت : تقبّل الله منّا ومنك ، فقال لي كذلك.

أخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر في كتابه قلت : أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار الطّيّوري ، قالوا : أنبأنا أبو أحمد عبد الوهّاب بن محمّد الغندجاني ـ زاد (١) ابن خيرون : وأبو الحسن محمّد بن الحسن الأصبهاني ، قالا : ـ أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي ، أنبأنا محمّد بن سهل المقرئ ، نبأنا محمّد بن إسماعيل البخاري ، قال (٢) : حبيب بن عمر الأنصاري المدني (٣) ، عن أبيه. روى عنه بقية ، انتهى.

أخبرنا أبو الحسين بن الحسن ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد ، أنبأنا أبو علي أحمد بن عبد الله ـ إجازة ـ قال : وأخبرنا أبو طاهر الحسين بن سلمة ، أنبأنا علي بن محمد (٤) ، قالا : أنبأنا عبد الرحمن بن محمّد بن إدريس الرازي قال (٥) : حبيب بن عمر الأنصاري روى عن أبيه عن ابن عمر روى عنه بقية ، سمعت أبي يقول ذلك ، وسمعته يقول : هو ضعيف الحديث وهو مجهول لم يرو عنه غير بقية (٦).

١١٩١ ـ حبيب بن قليع ، ويقال : عمر بن حبيب بن قليع المدني

حكى عن سعيد بن المسيّب.

روى عنه : عبد الله بن جعفر المخرّمي ، والوليد بن عمرو بن مناقع العامري.

أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي وغيره ، عن أبي محمّد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا الحارث بن أبي أسامة ، أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا محمّد بن عمر ، قال : وفيها يعني سنة تسع وستين

__________________

(١) بالأصل «إلى» والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٢) التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٣٢٢.

(٣) في البخاري : المديني.

(٤) بياض بالأصل مقدار كلمة.

(٥) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ١٠٥.

(٦) نقل الذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ٤٥٥ عن الدارقطني قال : مجهول.

٤٣

خرج حبيب بن قليع إلى عبد الملك بن مروان. قال الواقدي : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن حبيب بن قليع ، قال : ضقت بالمدينة ضيقا شديدا وكنت أخرج من منزلي بسحر فلا أرجع إلّا بعد ليل ، من الدّين ، فجلست مع ابن المسيّب يوما فجاءه رجل فقال : يا أبا محمّد إنّي رأيت في النوم كأنّي أخذت عبد الملك بن مروان فوتدت في ظهره أربعة أوتاد ، قال : ما أنت رأيت ذلك ، أخبرني من رآها : قال : أرسلني إليك ابن الزبير بهذه الرؤيا رآها في عبد الملك قال : إن صدقت رؤياه قتل عبد الملك بن الزبير وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة.

فركبت إلى عبد الملك فدخلت عليه في الخضراء ، فأخبرته الخبر ، فسرّ وسألني عن ابن المسيّب وعن حاله وسألني عن ديني فقلت : أربعمائة ، فأمر بها من ساعته ، وأمر لي بمائة دينار وحمّلني طعاما وزيتا وكسى فانصرفت بذلك راجعا للمدينة انتهى.

رواه الوليد بن عمرو العامري ، عن عمر بن حبيب بن قليع وسيأتي بعد إن شاء الله تعالى.

١١٩٢ ـ حبيب بن كرّة

قدم على يزيد بن معاوية بكتاب مروان وبني أميّة الذين خرجهم أهل المدينة قبل وقعة الحرّة وشهد يوم المرج (١). وكانت معه راية مروان بن الحكم.

وحكى عن يزيد بن معاوية ، ومروان بن الحكم.

حكى عنه عبد الملك بن نوفل بن مساحق العامري ، انتهى.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب جعفر ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا عبد الله بن جعفر الفرغاني ، أنبأنا محمّد بن جرير الطّبري قال (٢) : حدّثت عن هشام بن محمّد قال : قال أبو مخنف : حدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق ، عن حبيب بن كرّة قال : والله إنّ راية ابن مروان

__________________

(١) يعني مرج راهط ، وهو موضع في الغوطة في دمشق في شرقيه بعد مرج عذراء ، وكانت به الوقعة المشهورة بين مروان بن الحكم والضحاك بن قيس الفهري قتل فيها الضحاك واستقر الأمر لمروان ، وذلك بعد وفاة يزيد بن معاوية. (انظر معجم البلدان : راهط).

(٢) تاريخ الطبري ٥ / ٥٣٩ حوادث سنة ٦٤.

٤٤

يومئذ ـ يعني يوم المرج ـ لمعي (١) ، وأنه ليدفع بنعل السّيف في ظهري ، ويقول : ادن رايتك لا أبا لك ، إنّ هؤلاء لو قد وجدوا لهم حدّ السّيف ، انفرجوا انفراج الرأس وانفراج الغنم عن راعيها. قال : وكان مروان في ستة آلاف (٢) ، وكان على خيله عبيد الله (٣) بن زياد ، وكان على الرجال مالك بن هبيرة.

١١٩٣ ـ حبيب بن محمّد

أبو محمّد العجمي (٤)

بصري من الزهاد.

حكى عن الحسن (٥) ، ومحمّد بن سيرين ، وأبي تميمة طريف بن مخالد الهجيمي ، وشهر بن حوشب ، والفرزدق الشاعر.

روى عنه : جعفر بن سليمان ، وصالح بن بشير المرّي ، ويزيد بن يزيد الخثعمي ، وحمّاد بن عطية البلعدوي ، والحارث بن موسى.

وقدم الشام وبها لقي الفرزدق.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أنبأنا ابن المبارك ، عن صالح المرّي ، عن حبيب أبي محمّد ، عن شهر (٦) بن حوشب ، عن أبي ذرّ قال (٧) : إنّ الله تبارك وتعالى يقول : يا جبريل انسخ من قلب عبدي المؤمن الحلاوة التي كان يجدها ، فيصير العبد المؤمن والها طالبا الذي كان يعهد من نفسه نزلت به مصيبة لم ينزل

__________________

(١) عن الطبري وبالأصل «يعني».

(٢) بالأصل «ألف» والمثبت عن الطبري.

(٣) بالأصل «عبد الله» والصواب عن الطبري.

(٤) ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ٤٣٦ وميزان الاعتدال ١ / ٤٥٧ وسير أعلام النبلاء ٦ / ١٤٣ وانظر بحاشيتها ثبتا بمصادر أخرى ترجمت له.

وبالأصل «بن محمد العجمي» والصواب ما أثبت «أبو» وكنيته «أبو محمد» عن مصادر ترجمته.

وذكره في حلية الأولياء ٦ / ١٤٩ وترجم له باسم : حبيب الفارسي ، أبو محمد.

(٥) بالأصل «الحسين» خطأ ، وهو الحسن بن أبي الحسن البصري ، والصواب عن تهذيب التهذيب وسير الأعلام.

(٦) بالأصل «شهرنيار» والصواب ما أثبت.

(٧) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ٦٣ ـ ٦٤ في ترجمة شهر بن حوشب.

٤٥

به مثلها قط ، فإذا نظر الله تبارك وتعالى إليه على تلك الحال قال : يا جبريل ردّ إلى قلب عبدي ما نسخت منه فقد ابتليته فوجدته صادقا ، وسأمدّه من قبلي بزيادة ، وإذا كان عبدا كذابا لم يكترث ولم يبال [به](١).

أنبأنا أبو الغنائم النّرسي ، ثم حدثنا أبو الفضل الحافظ ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطّيّوري وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا عبد الوهّاب بن محمّد ـ زاد ابن خيرون : ومحمّد بن الحسين ، قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (٢) : حبيب أبو محمّد يعد في البصريّين ، قال حفص بن عمر ، حدثنا يزيد بن يزيد الخثعمي ، نبأنا حبيب أبو محمّد سمع الحسن (٣) قال : الأواه الذي قلبه معلق عند الله تعالى قال : ونبأنا موسى ، نبأنا حمّاد بن عطيّة من بلعدوية عن حبيب أبي محمد هو العجمي قوله ، انتهى.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن منصور ، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد الله ، أنبأنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول أبو محمّد حبيب الأعجمي سمع الحسن (٤) روى عنه يزيد بن يزيد الخثعمي ، وحمّاد بن عطية ، انتهى.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن أبي الفضل التميمي ، أنبأنا عبد الله بن مفيد ، أنبأنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن ، أخبرني أبي قال : أبو محمّد حبيب العجمي البصري سمع الحسن روى عن موسى بن إسماعيل ، عن حمّاد بن عطية.

أخبرنا أبو جعفر الهمذاني في كتابه ، أنبأنا أبو بكر الصّفار ، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو محمّد حبيب بن محمّد العجمي النضري سمع الحسن ، حديثه مرسلا ، روى عنه أبو سليمان جعفر بن سليمان الضّبعي ، وحمّاد بن عطية ، والحارث بن موسى انتهى.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الكاتب ، أخبرني هاشم بن

__________________

(١) زيادة للإيضاح عن الحلية.

(٢) التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٣٢٦.

(٣) بالأصل «الحسين» خطأ والصواب عن البخاري.

(٤) بالأصل «الحسين» خطأ والصواب عن البخاري.

٤٦

محمّد ، حدّثني الرياشي ، نبأنا المنهال بن عمّار بن عمر بن سلمة ، عن صالح المرّي ، عن حبيب أبي محمّد قال : رأيت الفرزدق بالشام فقال : قال لي أبو هريرة : إنّه سيأتيك قومك يؤيسونك من رحمة الله تعالى فلا تيأس (١) انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (٢) ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، نبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، نبأنا يونس ـ يعني ابن (٣) محمّد ـ قال : سمعت مشيخة يقولون : كان الحسن يجلس في مجلسه الذي يذكر فيه [في كل يوم](٤) وكان حبيب أبو محمّد يجلس في مجلسه الذي يأتيه فيه أهل الدنيا والتجّار وهو غافل عما فيه الحسن لا يلتفت إلى شيء من مقالته ، إلى أن التفت إليه يوما فقال : أين يبرهمى درايد ودرايد جكويد. فقيل : والله يا أبا محمّد : يذكر الجنة ويذكر النار ، ويرغّب في الآخرة ويزهّد في الدنيا ، فوقر ذلك في قلبه ، فقال بالفارسية : اذهبوا بنا إليه. فأتاه فقال جلساء الحسن : يا أبا سعيد هذا أبو محمّد حبيب قد أقبل إليك فعظه ، فأقبل عليه فوقف عليه [فقال :](٥) أين همي كودي (٦) جكودي. فقال الحسن : إيش يقول؟ فقال : يقول : هذا الذي يقول إيش يقول؟ قال : فأقبل عليه الحسن فذكره الجنة وخوّفه النار ، ورغّبه في الخير ، وزهّده في الدنيا. فقال أبو محمّد : أين كودي (٧)؟ فقال الحسن : أنا ضامن لك على الله تبارك وتعالى ذلك ، ثم انصرف من عنده فلم يزل في تبديد ماله وشيئه حتى لم يبق على شيء ثم جعل بعد ذلك يستقرض على الله تعالى انتهى.

أنبأنا [أبو علي] الحداد ، أنبأنا أبو نعيم قال (٨) : حدثنا أبو محمّد بن حيّان ، حدثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، نبأنا محمّد بن سعيد (٩) الجوسقي ، نبأنا محمّد بن موسى المقرئ ، نبأنا عون بن عمارة ، عن حمّاد وأبي عوانة قالا : شهدنا حبيبا الفارسي

__________________

(١) الخبر في الوافي بالوفيات ١١ / ٣٠٠.

(٢) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٤٩.

(٣) بالأصل «أبي» والصواب عن الحلية.

(٤) الزيادة بين معكوفتين عن حلية الأولياء.

(٥) الزيادة بين معكوفتين عن حلية الأولياء.

(٦) كذا بالأصل وفي الحلية : كوى جكوى.

(٧) الحلية : ابن كوي.

(٨) حلية الأولياء ٦ / ١٥٣.

(٩) الحلية : معبد.

٤٧

يوما فجاءت امرأة فقالت له : يا أبا محمّد نان نيست مارا (١). فقال لها : كم لك من العيال؟ فقالت : كذا وكذا. فقام حبيب إلى وضوئه فتوضّأ ثم جاء إلى مصلّاه فصلّى بخضوع وسكون فلما فرغ حبيب قال : يا ربّ إن الناس يحسنون ظنهم بي وذلك من سترك عليّ فلا تخلف ظنهم بي ، ثم رفع حصيره فإذا بخمسين درهما طازجة فأعطاها إيّاها. ثم قال : يا حمّاد اكتم علي ما رأيت حياتي ، انتهى.

أنبأنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن الشاعر ، عن أبيه أبي علي الفقيه ، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد ، نبأنا عبيد الله بن عثمان ، نبأنا علي بن محمّد المصري ، نبأنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، نبأنا محمّد بن يحيى الأزدي ، نبأنا جعفر بن أبي جعفر الرازي ، حدثني أبو جعفر السائح ، قال : كان حبيب رجلا تاجرا يعير الدّراهم ، فمرّ ذات يوم بصبيان يلعبون فقال بعضهم : قد جاء آكل الرّبا ، فنكس رأسه وقال : يا ربّ أفشيت سرّي إلى الصّبيان ، فرجع فلبس مدرعة من شعر ، وغلّ يده ووضع ماله بين يديه وجعل يقول : يا ربّ إني اشتري نفسي منك بهذا المال فأعتقني ، فلمّا أصبح تصدّق بالمال كله ، وأخذ في العبادة فلم ير إلّا صائما أو قائما أو ذاكرا أو مصلّيا فمرّ ذات يوم بأولئك الصّبيان الذين كانوا يعيرونه بأكل الربا فلما نظروا إلى حبيب قال بعضهم لبعض : اسكتوا فقد جاء حبيب العابد ، فبكى وقال : يا ربّ أنت تحمد مرة وتذم مرة ، فكلّ من عندك.

فبلغ من فضله أنه كان يقال : إنّه مستجاب الدّعوة ، وأتاه الحسن هاربا من الحجّاج فقال : يا أبا محمّد احفظني من الشرط على إثري فقال : استحييت لك يا أبا سعيد ، ليس بينك وبين ربّك الثقة ما تدعو فيسترك من هؤلاء ، ادخل البيت فدخل [ودخل](٢) الشرط على أثره فقالوا : يا أبا محمّد دخل الحسن من هاهنا؟ قال : بيتي فادخلوا ، فدخلوا فلم يروا الحسن في البيت ، فذكروا ذلك للحجّاج فقال : بلى ، كان في بيته ولكن الله تعالى طمس على أعينكم فلم تروه انتهى.

كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرنا أبو طاهر محمّد بن محمّد بن عبد الله السّنجي عنه ، نبأنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنبأنا [أبو] عمرو

__________________

(١) رسمها بالأصل : «فإن؟؟؟ سب ما مارا» والمثبت عن الحلية.

(٢) الزيادة عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٦٨.

٤٨

عثمان بن أحمد بن السّماك ، نبأنا أبو خالد عبد العزيز بن معاوية القرشي ، نبأنا قيس بن حفص ، نبأنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : ما رأيت أحدا قط أصدق يقينا من حبيب أبي محمّد ، انتهى.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي [أخبرنا] ثابت بن بندار ، أنبأنا محمّد بن علي الواسطي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد البابسيري (١) ، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان الغلّابي ، نبأنا أبي قال : وحدثني أبي قال : حدثني بعض أشياخنا قال : مرّ حبيب أبو محمّد أو نظر إليه الحسن فقال لأصحابه هذا طارح القراء.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا قال : ما رأيت أحدا قط أعبد من الحسن وما رأيت أحدا قط أورع من محمّد بن سيرين ، ولا رأيت أحدا قط أزهد من مالك بن دينار ولا رأيت أحدا قط أخشع لله تعالى من محمّد بن واسع ولا رأيت أحدا قط أصدق يقينا من حبيب أبي محمّد (٢).

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا خيثمة بن سليمان ، نبأنا عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز بن محمّد أبو خالد القرشي ـ ببغداد ـ نبأنا قيس بن حفص ، حدّثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : ما رأيت أحدا قط أصدق يقينا من حبيب أبي محمّد.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا أبو الطيّب محمّد بن القاسم الكوكبي ، أنبأنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نبأنا غسّان بن المفضّل الغلّابي قال : نظر الحسن إلى حبيب أبي محمّد فقال : هذا طارح القراء كالدّرهم يكون له صرف.

أخبرنا أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى ، أنبأنا أبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي حينئذ ، وأخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر بن الرضا العنزي ، أنبأنا أبو عاصم الفضيل بن أبي منصور الفضيلي ، قالا : أنبأنا أبو عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح ، نبأنا محمّد بن عقيل بن الأزهر ، نبأنا عبد الصّمد بن الفضل ، حدثني

__________________

(١) بالأصل «الباشري» والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل ، وانظر الأنساب (البابسيري).

(٢) تهذيب التهذيب ١ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧ نقلا عن المعتمر بن سليمان عن أبيه.

٤٩

إبراهيم بن يوسف ، عن شيخ بصري ، عن عبد الواحد بن زيد ، قال : كان (١) في حبيب العجمي خصلتان من خصال الأنبياء : النصيحة والرحمة انتهى ، قال أبو يحيى : هذا الشيخ أبو علي التياس.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا طراد بن محمّد بن علي ، أنبأنا علي بن محمّد بن بشران ، نبأنا الحسين بن صفوان ، نبأنا عبد الله بن محمّد بن عبيد ، نبأنا داود بن المجبّر ، نبأنا عبد الواحد بن زيد ، قال : كنا عند مالك بن دينار ومعنا محمّد بن واسع وحبيب بن محمد فجاء رجل فكلّم مالكا فأغلظ له في قسمة قسمها ، وقال : وضعتها في غير حقّها وتتبعت بها أهل مجلسك ومن يغشاك ، لتكثر غاشيتك وتصرف وجوه الناس إليك. قال : فبكى مالك ، وقال : والله ما أردت هذا ، قال : بلى ، والله لقد أردته ، فجعل مالك يبكي ، وقال : والله ما أردت ، قال : بلى والله لقد أردته ، فجعل يبكي مالك والرّجل يغلظ له فلمّا كثر ذلك عليهم رفع حبيب يديه إلى السّماء ثم قال : اللهمّ إنّ هذا قد شغلنا عن ذكرك ، فأرحنا منه كيف شئت. قال : فسقط والله الرجل على وجهه ميتا فحمل إلى أهله على سرير. وكان يقال : إن أبا محمّد مستجاب الدّعوة ، انتهى.

قال : وحدثني أبو إسحاق الآدمي قال : سمعت مسلم بن إبراهيم قال : سمعت الحسن بن أبي جعفر قال : مرّ الأمير يوما ، فصاحوا : الطّريق ، ففرج الناس وبقيت عجوز كبيرة لا تقدر أن تمشي ، فجاء بعض الجلاوزة (٢) فضربها بسوط ضربة. فقال حبيب أبو محمّد اللهمّ اقطع يده ، فما لبثنا إلّا ثلاثا حتى مرّ بالرجل قد أخذ في سرقة فقطعت يده ، انتهى.

قال : وحدثني أبو إسحاق قال : سمعت مسلما : أن رجلا أتى حبيبا أبا محمّد فقال : إنّ لي عليك ثلاثمائة درهم. قال : من أين صارت لك علي؟ قال : لي عليك ثلاثمائة درهم ، قال حبيب : اذهب إلى غد ، فلما كان من الليل توضّأ وصلّى وقال : اللهمّ إن كان صادقا فأدّ إليه ، وإن كان كاذبا فابتله في يده ، قال : فجيء بالرجل من غد قد حمل وقد ضرب شقّه الفالج ، فقال : ما لك؟ قال : أنا الذي جئتك أمس ، لم يكن لي عليك شيء ، وإنما قلت لتستحي من الناس فتعطيني ، فقال له : تعود؟ قال : لا ، قال :

__________________

(١) بالأصل : «إلى» والمثبت عن المختصر.

(٢) الجلاوزة جمع جلواز وهو الشرطي (اللسان والقاموس : جلز).

٥٠

اللهمّ إن كان صادقا فألبسه العافية ، قال : فقام الرجل على الأرض كأن لم يكن به شيء ، انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (١) ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمّد ، نبأنا أبو طالب عبد الله بن أحمد (٢) بن سوادة ، نبأنا عيسى بن أبي حبيب (٣) ، نبأنا أبي عن رجل ، عن جدي قال : كنا عند حبيب أبي محمّد فقال رجل : إنّي أجد وجعا في رجلي. قال له : اجلس فلما تفرق الناس قال أبو حرب ـ وهو جدي ـ قام فعلق المصحف في عنقه ، وقال : يا خدا حبيب رسوا مياش (٤) : لا تسوّد وجه حبيب ، اللهمّ عافه حتى ينصرف ولا يدري في رجليه كان الوجع ، فوجد الرجل العافية ، فسألناه في أي رجلك كان الوجع قال : لا أدري ، انتهى.

قال : وأنبأنا أبو بكر بن مالك ، نبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : أخبرت عن عبد الله بن أبي بكر المقدّمي ، نبأنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت حبيبا يقول : أتانا سائل وقد عجنت عمرة وذهبت تجيء بنار تخبزه فقلت للسائل : خذ العجين ، قال : فاحتمله ، فجاءت عمرة فقالت : أين العجين فقلت : ذهبوا (٥) ليخبزونه فلما أكثرت عليّ ، أخبرتها. فقالت : سبحان الله لا بدّ لنا من شيء نأكله ، قال : فإذا رجل قد جاء بجفنة عظيمة مملوءة خبزا ـ أو كما قال : ولحما ـ فقالت عمرة : ما أسرع ما ردوه عليك قد خبزوه وجعلوا معه لحما.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، أنبأنا طراد بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو الحسين بن صفوان ، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن الحسين ، حدثني أبو عبد الله عيسى الصفاوي ، حدثني أبو عبد الله السّخام قال : أتى حبيب أبي محمّد رجل زمن في شقّ محمل فقيل له : يا أبا محمّد هذا رجل زمن وله عيال ، وقد ضاع عياله قال : رأيت أن تدعو الله تعالى عسى أن يعافيه ، وأخذ المصحف فوضعه في عنقه ثم دعا ، قال : فما زال يدعو حتى عافاه الله عزوجل قال : فقام وحمل

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٢.

(٢) في الحلية : محمد.

(٣) الحلية : حرب.

(٤) بالأصل : «يا خذا بي حبيب وسامبابين» والمثبت عن الحلية.

(٥) بالأصل : «فذهبوا» والمثبت عن الحلية.

٥١

المصحف فوضعه [في] عنقه وذهب به إلى عياله ، انتهى.

قال : وحدثني محمّد بن الحسين ، حدّثني العبّاس بن الفضل الأزرق ، حدثني مجاشع الدّيري قال : ولدت امرأة من جيران حبيب غلاما جميلا أقرع الرأس قال : فجاء به أبوه إلى حبيب أبي محمّد بعد ما كبر الغلام وأتت عليه ثنتا عشرة (١) سنة فقال : يا أبا محمّد أما ترى إلى ابني هذا وإلى جماله وقد بقي أقرع الرأس كما ترى فادع الله تعالى له ، فجعل حبيب يبكي ويدعو للغلام ويمسح بالدموع رأسه قال : فو الله ما قام من بين يديه حتى اسودّ رأسه من أصول الشعر فلم يزل بعد ذلك الشعر حتى كان كأحسن الناس شعرا. قال مجاشع : قد رأيته أقرع ورأيته ذا شعر ، انتهى.

قال : وحدثني محمّد بن الحسين ، حدثني شعيب بن محرز ، نبأنا إسماعيل بن يونس وكان جارا لحبيب أبي محمّد قال : وكان جار لنا يعبث بحبيب كثيرا فدعا حبيب عليه فبرص ، قال إسماعيل : فأنا والله رأيته أبرص ، انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (٢) ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، نبأنا يونس ، قال : جاء رجل إلى أبي محمّد فشكى إليه دينا عليه. فقال : قال اذهب واستقرض فأنا أضمن ، فقال : فأتى رجلا فأقرضه خمسمائة درهم ، وضمنها أبو محمّد ثم جاء الرّجل فقال : يا أبا محمّد دراهمي فقد أضرني حبسها قال : نعم ، غدا. فتوضّأ أبو محمّد ودخل المسجد ودعا الله تبارك وتعالى وجاء الرّجل فقال له : اذهب فإن وجدت في المسجد شيئا فخذه ، قال : فذهب فإذا في المسجد فيها صرة فيها خمسمائة درهم ، فذهب فوجدها تزيد على خمسمائة فرجع إليه فقال : يا أبا محمّد تلك الدّراهم تزيد ، فقال : إن كانى راسخت جرب (٣) سخت. اذهب هي لك ـ يعني من وزنها وزنها ، راجحة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، نبأنا عبد العزيز بن أحمد الصّوفي ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر وابنه أبو علي وعبد الوهّاب الميداني وأبو نصر بن الجبّان واللفظ لابن أبي نصر قالوا : أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا أبي ، حدثنا عبد الله بن

__________________

(١) بالأصل : عشر.

(٢) حلية الأولياء ٦ / ١٥٠.

(٣) مهملة بالأصل والمثبت عن الحلية.

٥٢

جعفر بن حشيش ، نبأنا محمّد بن إسحاق الصّاغاني ، نبأنا الوليد بن شجاع ، نبأنا ضمرة ، عن السّري بن يحيى وغيره ، قال : اشترى حبيب أبو محمّد ، انتهى.

وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا طراد بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا صفوان أنبأ عبد الله بن محمّد ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدثني موسى بن عيسى ، حدثني ضمرة بن ربيعة ، عن السّري بن يحيى قال : اشترى أبو محمّد حبيب طعاما في مجاعة أصابت الناس ، فقسمه على المساكين ثم خاط [أكيسة](١) فوضعها ـ وفي حديث المقرئ : فجعلها ـ تحت فراشه ثم دعا الله تعالى فجاءه ، أصحاب الطعام يتقاضونه فخرج تلك الأكيسة فإذا هي مملوءة دراهم فوزنها فإذا فيها حقوقهم ـ وفي حديث ابن طاوس : فإذا هي حقوقهم ، زاد ـ فدفعها إليهم.

أخبرنا [أبو الوقت](٢) عبد الأوّل بن عيسى ، أنبأنا أبو صاعد الفضل بن أبي منصور ، قالا : أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، نبأنا محمّد بن عقيل بن الأزهر الفقيه ، حدثنا عبد الصّمد بن الفضل ، نبأنا أبو داود ، عن علي بن مهران ، عن ابن المبارك ، قال : كان حبيب العجمي يضع كيسه خاليا ، فيجده ملآن (٣).

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمّد ، أنبأنا عثمان بن أحمد بن السمّاك ، نبأنا أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن سفيان الختّلي ، حدثني عبد الله بن المعلى ، نبأنا شعيب بن محرز بن شعيب بن يزيد بن أبي الزّعراء حدثني رجل من خيران حبيب من أهل سكة الموالي يكنى أبا زكريا الصّائغ قال : جاء رجل إلى حبيب من أهل خراسان يريد مكة فقال : يا شيخ أشتر لي دارا ، ودفع إليه مالا وخرج إلى مكة فأخذ حبيب المال فتصدق بها فقدم عليه الرّجل فقال : يا أبا عبد الله اذهب بي إلى الدّار التي اشتريتها فأرنيها فقال له حبيب : إنّك لا تراها اليوم ولكن إذا متّ فستراها ، فقال الخراساني : اكتب إليّ عهدتها حتى أذهب بها

__________________

(١) بياض بالأصل ، ولعل الصواب ما استدركناه ، باعتبار ما يلي. والخبر في الحلية باختلاف الرواية وفيها : خرائط بدل أكيسة.

(٢) بياض بالأصل ، والمستدرك بين معكوفتين قياسا إلى سند مماثل مرّ قريبا وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٠٣ واسمه عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم السجزي الماليني ، أبو الوقت.

(٣) رسمها ناقص بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٨٨.

٥٣

معي إلى خراسان ، فكتب له حبيب : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما اشترى حبيب من ربّه قصرا في الجنة طوله كذا وكذا وارتفاعه كذا وكذا في الجنة ثم ختم الكتاب ودفعه إليه فأخذه الرّجل فذهب به إلى خراسان إلى أهله ، فقالوا له : أنت مجنون لو لا أنّك ضيّعت مالك لذهب بك إلى الدار ولكن هذا إنسان مجهول فبقي الرّجل ما شاء الله ثم مات ، فقال لهم : ضعوا هذه العهدة في أكفاني فوضعوها فحملوه إلى القبر فأصبح حبيب بالبصرة وإذا الكتاب عنده في بيته فقيل له في الكتاب : يا أبا محمّد إن الله قد سلّم إليه القصر الذي اشتريته له. فعمد حبيب إلى القوم فقال : إنّ الله تعالى قد سلّم إلى أبيكم القصر وهذه العهدة فبصروا فإذا هو الكتاب الذي وضعوه معه في القبر.

أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم الأصبهاني (١) ، نبأنا أبو أحمد محمّد بن أحمد الجرجاني ، نبأنا أبو محمّد الحسن بن سفيان ، نبأنا غالب بن وزير الغزي ، نبأنا ضمرة ، نبأنا السّري بن يحيى ، قال : قدم رجل من أهل خراسان وقد باع ما كان له بها وهمّ بسكنى البصرة ومعه عشرة آلاف درهم ، فلما قدم البصرة وهمّ بالخروج إلى مكة هو وامرأته سأل لمن تودع العشرة آلاف درهم؟ فقيل لحبيب أبي محمّد فأتاه فقال له : إني خارج وامرأتي وهذه العشرة آلاف درهم أردت أن أشتري بها منزلا بالبصرة فإن وجدت منزلا ويخف عليك أن تشتري لنا بها فعلت. فسار الرجل إلى مكة فأصاب الناس بالبصرة مجاعة فشاور حبيب أصحابه أن يشتري بالعشرة آلاف دقيقا ويتصدق به فقالوا : إنما وضعها لتشتري بها منزلا فقال : أتصدّق بها واشتري له بها من ربي عزوجل منزلا في الجنة ، فإن رضي وإلّا دفعت إليه دراهمه. قال : فاشترى دقيقا وخبزه وتصدّق به ، فلما قدم الخراساني من مكة فقال : يا أبا محمّد أنا صاحب العشرة ألف درهما فما أدري اشتريت لنا بها منزلا أو تردها عليّ فأشتري أنا بها؟ فقال : لقد اشتريت لك منزلا فيه قصر قصور (٢) وأشجار وثمار وأنهار ، فانصرف الخراساني إلى امرأته ، فقال : إني أرى أنه قد اشترى لنا حبيب أبو محمّد منزلا إني أراه كان لبعض الملوك قد عظم أمره وما فيه. قال : ثم أقمت يومين أو ثلاثة فأتيت حبيبا فقلت : يا أبا محمّد المنزل ، فقال : قد اشتريت لك من ربي عزوجل منزلا في الجنة بقصوره وأنهاره ووصفائه. فانصرف

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٠ ـ ١٥١.

(٢) كذا بالأصل ، وفي الحلية : فيه قصور.

٥٤

الرّجل إلى امرأته فقال لها إن حبيبا إنما اشترى لنا من ربّه المنزل في الجنة فقالت : يا أبا فلان أرجو أن يكون قد وفق الله حبيبا وما قدر ما يكون لبثنا في الدنيا فارجع إليه فليكتب لنا كتابا بعهدة المنزل [قال : فأتيت حبيبا فقلت له : يا أبا محمد قبلنا ما اشتريت لنا ، فاكتب لنا كتاب عهدة](١) فقال : نعم ، فدعا من يكتب له الكتاب فكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى حبيب أبو محمّد من ربّه عزوجل لفلان الخراساني اشترى له منزلا في الجنة بقصوره وأنهاره وأشجاره ووصفائه ووصيفاته بعشرة آلاف درهم فعلى ربّه تعالى أن يدفع هذا المنزل لفلان الخراساني ويبرئ حبيبا من عهدته ، فأخذ الخراساني الكتاب وانطلق به إلى امرأته فدفعه إليها ، وأقام الخراساني نحوا (٢) من أربعين يوما ثم حضرته الوفاة فأوصى امرأته إذا غسلتموني وكفنتموني فادفعوا هذا الكتاب إليهم يجعلونه في أكفاني ، ففعلوا ودفن الرجل الخراساني فوجدوا على ظهر قبره مكتوبا في رق كتابا أسود في ضوء الرق براءة لحبيب أبي محمّد من المنزل الذي اشتراه لفلان الخراساني بعشرة آلاف درهم ، فقد دفع ربّه إلى الخراساني ما شرطه له حبيب وأبرأه منه. فأتي حبيب بالكتاب فجعل يقرأه ويقبّله ويبكي ويمشي إلى أصحابه ويقول هذه براءتي من ربي تبارك وتعالى ، انتهى.

قال (٣) : ونبأنا عبد الله بن محمّد ، نبأنا إبراهيم بن محمّد بن الحسن ، [نبأنا محمّد بن إسحاق](٤) ، نبأنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان الداراني يقول : كان حبيب أبو محمّد يأخذ متاعا من التجار ويتصدّق به ، فأخذ مرة فلم يجد شيئا يعطيهم ، فقال : يا ربّ كأنه قال : تنكس وجهي عندهم ، فدخل فإذا هو بجوالق من شعر كأنه نصب من أرض البيت القريب من السّقف مليء دراهم. فقال : يا ربّ ليس أريد هذا ، قال : فأخذ حاجته وترك البقية ، انتهى.

أخبرنا أبو محمّد بن البركات المقرئ ، أنبأنا أبو الفوارس النقيب ، أنبأنا أبو الحسين المعدّل ، أنبأنا أبو علي بن الصّوّاف ، [أنبأنا] ابن صفوان ، أنبأنا أبو بكر بن أبي

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن حلية الأولياء.

(٢) بالأصل «نحو».

(٣) انظر حلية الأولياء لأبي نعيم ٦ / ١٥٣.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من حلية الأولياء.

٥٥

الدنيا ، نبأنا خالد بن خداش ، نبأنا المعلّى الورّاق ، قال : كنا إذا دخلنا على حبيب أبي محمّد قال : افتح جونة المسك وهات الترياق المجرّب قال : جونة المسك : القرآن ، والترياق المجرّب : الدعاء ، انتهى.

قال : وأنبأنا عبد الرحمن بن واقد ، نبأنا ضمرة ، عن السّري بن يحيى ، قال : كان حبيب أبو محمّد يرى يوم التروية بالبصرة ويرى يوم عرفة بعرفات ، انتهى.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، نبأنا عبد العزيز الصّوفي ، نبأنا أبو محمّد بن أبي نصر وابنه أبو علي ، وعبد الوهّاب الميداني ، وأبو نصر بن الجبّان واللفظ لابني أبي نصر قالوا : أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا أبي أبي محمّد ، نبأنا عمر بن مدرك ، حدثني أبو إسحاق الطالقاني ، أنبأنا ضمرة ، عن السّري بن يحيى ، قال : كان حبيب أبو محمّد يرى بالبصرة عشية التروية ويرى بعرفات عشية عرفة.

قال أبو حفص عمر بن مدرك : كان حبيب أبو محمّد يقول له ابنه بالفارسيّة : ليس لنا دقيق ، فيقول : الطري في الحبّ (١) فتذهب إليه فإذا الحب ملآن دقيق.

أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم (٢) ، أنبأنا أبو محمّد بن حيّان ، نبأنا محمّد بن العبّاس بن أيّوب ، نبأنا عبد الرحمن بن واقد ، نبأنا ضمرة ، حدثني السّري بن يحيى ، قال : كان حبيب أبو محمّد يرى بالبصرة يوم التروية ويرى بعرفة عشية عرفة ، انتهى.

قال (٣) : ونبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : أخبرت عن عبد الله بن أبي بكر المقدّمي ، نبأنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت حبيبا أبا محمّد يقول : أتى زوّر لنا وقد طبخنا سمكا فكنا نريد أن نأكل فأبطأ الزّور في القعود فلمّا قام الزّور قلت لعمرة : هاتي حتى نأكله ، قال : فجاءت به فإذا هو دم عبيط فألقيناه في الحش.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، نبأنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر وابنه أبو علي وأبو الحسين عبد الوهّاب الميداني ، وأبو نصر الجبّان

__________________

(١) الحب : الجرة ، أو الضخمة منها (القاموس).

(٢) حلية الأولياء ٦ / ١٥٤.

(٣) حلية الأولياء ٦ / ١٥٢.

٥٦

واللفظ لابني أبي نصر قالوا : أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا أبي ، حدّثنا أبو حفص عمر بن مدرك الرازي ، نبأنا أبو إسحاق الطّالقاني ، نبأنا ضمرة ، عن السّري بن يحيى ، قال : كان حبيب أبو محمّد إذا أفطر أفطر على البسر قال : فأغفله أهله ذات ليلة فذهب ليطلب البسر فلم يجده فنادى مناد من الهوى هاك البسر ، انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم (١) ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، نبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : أخبرت عن يسار ، حدثنا جعفر ، قال : سمعت حبيبا أبا محمّد يقول : والله إن الشيطان يلعب بالقرّاء كما يلعب الصبيان بالجوز ، ولو أنّ الله دعاني يوم القيامة فقال : يا حبيب ، فقلت : لبيك قال جئتني (٢) بصلاة يوم أو صوم يوم أو ركعة أو تسبيحة أو سجدة اتّقيت عليها من إبليس ألّا يكون طعن فيها طعنة فأفسدها ، ما استطعت أن أقول نعم أي ربّ! قال : وسمعت حبيبا أبا محمّد يقول : لا تقعدوا فراغا فإن الموت يلزكم (٣) ، انتهى.

قال (٤) : وحدثنا أبو بكر محمّد بن جعفر المؤدب ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، نبأنا علي بن المسلّم ، نبأنا سيّار ، نبأنا جعفر ، قال : كنا ننصرف من مجلس ثابت البناني فنأتي حبيبا أبا محمّد فيحثّ على الصّدقة ، فإذا وقعت قام فتعلّق بقرن معلق في بيته ثم يقول :

ها قد تغديت وطابت نفسي

فليس في الحي غلام مثلي

إلّا غلام قد تغدى قبلي

إلّا غلام قد تغدى قبلي (٥)

سبحانك وحنانيك ، خلقت فسوّيت ، وقدرت فهديت ، وأعطيت فأغنيت ، وأفنيت وعافيت ، وعفوت وأعطيت ، فلك الحمد على ما أعطيت ، حمدا كثيرا طيبا مباركا ، حمدا لا ينقطع أولاه ، ولا ينفذ أخراه ، حمدا أنت منتهاه ، فتكون الجنة عقباه ، أنت الكريم الأعلى. وأنت جزل العطاء ، وأنت أهل النعمات ، وأنت ولي الحسنات ،

__________________

(١) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) عن الحلية ، وبالأصل «جئني».

(٣) الحلية : يليكم.

(٤) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٥) كذا كرر الشطر بالأصل مرتين ، وذكر مرة واحدة في الحلية.

٥٧

وأنت الجليل الرحمن (١) لا يحفيك سائل ، ولا ينقصك قائل (٢) ، ولا يبلغ مدحتك قول قائل. سجد وجهي لوجهك الكريم ، ثم يخرّ فيسجد ونسجد معه ، ثم يفرق الصّدقة على من حضره من المساكين انتهى.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام الواسطي ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا أبو الطّيّب محمّد بن القاسم ، أنبأنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، حدّثنا الغلابي غسّان بن المفضّل ، قال : قال عدي بن الفضل : أتيت حبيبا أبا محمّد فقال لي : من تأتي من الفقهاء؟ قال : فقلت : آتي يونس بن عبيد ، قال : تأتي يونس إن شكر (٣) دانت قال : فقال لي : من تأتي من الفقهاء؟ قلت : آتي أيّوب السّختياني ، قال : تأتي أيّوب أزهر سأله بمكة همراييتر ، يعني يحلق رأسه بمكة كل عام ، وقال لي : من تأتي؟ قلت : آتي علي بن زيد بن جدعان قال : تأتي علي أن همشت نما ذكرني ، يقول يصلي اللّيل كله ، انتهى.

كتب إلي أبو بكر عبد الغفار بن محمّد بن الحسين (٤) ، ثم حدثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمّد بن أبي نصر عنه ، أنبأنا أبو بكر الحيري ، نبأنا أبو العبّاس الأصم ، نبأنا عبد الله بن هلال بن الفرات أبو محمّد ، نبأنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت عبد العزيز (٥) بن محمّد يقول : مرّ حبيب بمصلوب بالبصرة فوقف عنده فقال : بأبي ذلك اللسان التي كنت تقول [به](٦) لا إله إلّا الله اللهمّ هب لي دينه. قال : وكان صلب وجهه إلى الشرق ، فأصبحت خشبته استدارت إلى القبلة ، انتهى.

أنبأنا أبو الكريم المبارك بن الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبأنا رزق الله بن عبد الوهّاب التميمي ، نبأنا أحمد بن محمّد ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن يوسف العلّاف ، نبأنا الحسين بن صفوان ، نبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نبأنا أسد بن عمر

__________________

(١) في الحلية : وأنت خليل إبراهيم.

(٢) الحلية : نائل.

(٣) بياض بالأصل مقدار كلمة.

(٤) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢٤٦.

(٥) بالأصل : عبيد العزيز.

(٦) الزيادة عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٨٨.

٥٨

( ) (١) ، نبأنا عبيد الله بن محمّد التيمي ، نبأنا أصحابنا قال : كان حبيب أبو محمّد يخلو في بيته فيقول : من لم تقر عينيه بك فلا قرت ، ومن لم يأنس بك فلا أنس ، انتهى.

أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمّد وأبو إسحاق إبراهيم بن موهوب ، قالا : أنبأنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني ، نبأنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمّد بن القاسم بن درستويه ، أنبأنا أبو الدّحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نبأنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، نبأنا سعيد بن عامر ، عن حزم قال : قال لنا الأشعث الحداني ؛ انطلقوا بنا إلى حبيب نسلم عليه تسليمة الوداع ، فانطلقنا إليه ، قال سعيد : قلت لحزم : يا أبا عبد الله أي ساعة ذاك؟ قال : ارتفاع النهار ، فانتهينا إليه فسلمنا عليه فخرج إلينا حبيب فأخذوا في البكاء فما زالوا يبكون حتى حضرت صلاة الظهر ، فصلينا الظهر فما زالوا يبكون حتى العصر فصلينا العصر ، فما زالوا يبكون حتى المغرب فصلينا المغرب ، ثم آذنتنا جنازة فقال لنا : إن ناسا ينهون عن هذا فأطيعهم فقلت : أنت أعلم ، قال : أما والله لا أطيعهم انتهى.

أنبأنا أبو علي الحسين بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله (٢) ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، نبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : أخبرت عن سيّار ، نبأنا جعفر قال : [كان] حبيب أبو محمّد رقيقا من أكثر الناس بكاء ، فبكى ذات ليلة بكاء كثيرا ، فقالت عمرة بالفارسية : لم تبكي يا أبا محمّد؟ فقال لها حبيب بالفارسية : دعيني فإنّي أريد أن أسلك طريقا لم أسلك (٣) قبله.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسين بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، نبأنا زيد بن إسماعيل ، نبأنا داود بن رشيد (٤) ، قال : قيل لحبيب الفارسي في مرضه الذي مات فيه : ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك! فقال : سفري بعيد بلا زاد ، وينزل بي في حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس ، فأقدم على ملك جبّار قد قدم إلي العذر ، انتهى.

__________________

(١) كلمة غير مقروءة تركنا مكانها بياضا.

(٢) حلية الأولياء ٦ / ١٥٤.

(٣) في الحلية : لم أسلكه قبل.

(٤) بالأصل «أسيد» والصواب عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٨٨.

٥٩

قال : وأنبأنا الحسن بن علي ، نبأنا محمّد بن عبد الله ، عن عبد الواحد بن زيد (١) أن حبيبا أبا محمّد جزع جزعا شديدا عند الموت ، فجعل يقول بالفارسيّة : أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط ، أريد أن أسلك طريقا ما سلكته قط ، أريد أن أزور سيدي ومولاي ما رأيته قط ، أريد أن أشرف على أهوال ما شهدت مثلها قط ، أريد أن أدخل تحت التراب فأبقى إلى يوم القيامة ، ثم أوقف بين يدي الله عزوجل فأخاف أن يقول لي : يا حبيب هات تسبيحة واحدة سبّحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها بشيء. فما ذا أقول وليس لي حيلة؟ أقول : يا ربّ هو ذا ، قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي. قال عبد الواحد : هذا عبد الله ستين سنة مشتغلا به ، ولم يشتغل بشيء من الدنيا قط فأيش يكون حالنا وا غوثاه بالله (٢).

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، نبأنا أبو بكر الخطيب ، حينئذ ، وأخبرنا أبو القاسم السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي ، نبأنا عبد الله بن أبي محمّد بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن عمر المقدّمي ، نبأنا سعيد بن عامر ، نبأنا أبو الفضل كثير بن سيار قال : دخلنا على حبيب أبي محمّد وهو بالموت فقال : أريد أن آخذ طريقا لم أسلكه قط لا أدري ما يصنع بي قلت : أبشر يا أبا محمّد ، أرجو أن لا يفعل بك إلّا خيرا ، قال : ما يدريك ليت تلك الكسرة الخبز التي أكلناها لا تكون سمّا علينا ، انتهى.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، أنبأنا يوسف بن عبد الله الحلواني ، أنبأنا عثمان بن الهيثم المؤذن قال : قيل لحبيب أبي محمّد : يا أبا محمّد ما لك لا تضحك ولا تجالس الناس ولا نراك أبدا إلّا محزونا؟ فقال : أحزنني شيئان ، قلنا : وما هما؟ قال : وقت أوضع في لحدي فينصرف الناس عني فأبقى تحت الثرى وحدي مرتهنا بعملي ، والآخر يوم القيامة إذا انصرف الناس عن حوض محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنه بلغني أن الرّجل في عرصة القيامة فيقول له شربت من حوض محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فيقول له : لا ، فنقول وا حسرتاه فأيّ حسرة أشدّ من هذا ، انتهى.

__________________

(١) كررت «بن زيد» بالأصل ، وانظر ترجمته في سير الأعلام ٧ / ١٨٧ وحلية الأولياء ٦ / ١٥٥.

(٢) الخبر في الوافي بالوفيات ١١ / ٣٠٠ باختلاف بعض ألفاظ الرواية.

٦٠