اللآلي العبقريّة في شرح العينيّة الحميريّة

محمّد بهاء الدين الاصبهاني

اللآلي العبقريّة في شرح العينيّة الحميريّة

المؤلف:

محمّد بهاء الدين الاصبهاني


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-96-7
الصفحات: ٦٠٠

فالناس يوم البعث رايتهم

خمس فمنها هالك أربع

قائدها العجل وفرعونهم

وسامري الامّة المفظع

ومارق من دينه مخرج

أسود عبدٌ لكعٌ أوكع

وراية قائدها وجهه

كأنّه الشمس إذا تطلع

فسمعت مجيباً من وراء الستور ، فقال : من قائل هذا الشعر؟ فقلت : السيّد! فقال : رحمه‌الله. (١)

روى المرزباني ، قال : حدثني فضيل بن عمر الحبال ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه عليه‌السلام بعد قتل زيد عليه‌السلام فجعل يبكي ، ويقول : رحم اللّه زيداً انّه العالم الصدوق ، ولو ملك أمراً لعرف أين يضعه.

فقلت : أنشدك شعر السيد؟ فقال : امهل قليلاً ، وأمر بستور ، فسدلت ، وفتحت أبواب غير الأُولى ، ثمّ قال : هات ما عندك فأنشدته :

لأُمّ عمرو باللوى مربع

دارسة أعلامه بلقع (٢)

__________________

١ ـ الأغاني : ٧ / ٢٥٢ ، وما في ذيله من العبارة المشعرة بوفاة السيد حين إنشاء الشعر فموضوعة ، لأنّ السيد توفي بعد وفاة الإمام الصادق عليه‌السلام.

٢ ـ أخبار شعراء الشيعة : ١٥٩.

٤١

وظاهر هذين النصين انّ المجلس انعقد بعد وفاة زيد الشهيد بقليل. لأنّ فُضيل الرسان دخل على جعفر بن محمد الصادق ليعزِّيه عن عمه ، وقد استشهد زيد في صفر عام ١٢٢ هـ أو ١٢٣ هـ وعلى ذلك ، فقد انشأ السيد القصيدة في هذه السنة أو قريبة منها وبما انّه ولد عام ١٠٥ هـ فقد كان في ريعان شبابه حين قتل زيد وانشأ القصيدة في تلك الأيّام.

ولا غرو في ذلك ، وقد نقل المرزباني عن العباسة بنت السيد ، انّها قالت : قال لي أبي : كنت وأنا صبي أسمع أبويَّ يثلبان أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخرج عنهما وأبقى جائعاً ، واوثر ذلك على الرجوع إليهما ، فأبيت في المساجد جائعاً لحبّي فراقهما وبغضي إيّاهما حتى إذا أجهدني الجوع رجعت فأكلت ثمّ خرجت ، فلمّا كبرت قليلاً وعقلت وبدأت أقول الشعر ... (١)

ونقل المرزباني عن أبي إسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن طباطبا ، قال : سمعت زيد بن موسى بن جعفر ، يقول : رأيت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم وقدّامه رجل جالس عليه ثياب بيض ، فنظرت إليه فلم أعرفه ، إذ التفت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له : يا سيد ، أنشدني قولك : « لأُمِّ عمرو في اللِّوى مَرْبَعُ ».

فأنشده إيّاها كلّها ما غادر منها بيتاً واحداً ، فحفظتها عنه كلّها في النوم. قال أبو إسماعيل : وكان زيد بن موسى لحّاناً رديّ الانشاد ، فكان إذا أنشد هذه القصيدة لم يتعتع فيها ولم يلحن. (٢)

وقد نقل العلاّمة المجلسي مناماً عن علي بن موسى الرضا ، نقله عنه سهل

__________________

١ ـ أخبار شعراء الشيعة : ١٥٤.

٢ ـ المصدر نفسه : ١٦١ ـ ١٦٢ ، وقريب منه ما نقله الشريف الرضي في حقائق الأئمّة.

٤٢

ابن ظبيان يتعلق بهذه القصيدة وقائلها. (١)

إلى هنا تم ما كنّا نرمي إليه من ترجمة سيد الشعراء السيد إسماعيل الحميري ، وما يرجع إلى قصيدته العينيّة.

ولا يفوتنا أن نعرج على سيرة شارح هذه القصيدة ، أعني : الشيخ بهاءالدين محمد بن الحسن الاصفهاني المعروف ب‍ « الفاضل الهندي » ( ١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ ).

بما انّه طال بنا الكلام في المقام نذكر شيئاً مختصراً عن حياته ونحيل التفصيل إلى كتب السير والمعاجم لا سيما الترجمة الوافية التي قدمت له في مستهل كتابه « كشف اللثام عن قواعد الأحكام ».

ترجمة الشارح

قد قام بشرح القصيدة العينية نابغة عصره وفريد دهره أبو الفضل بهاء الدين محمد بن الحسن الاصفهاني المشهور بالفاضل الهندي ( ١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ ) مؤلف الموسوعة الفقهية الضخمة المسماة ب‍ « كشف اللثام عن قواعد الأحكام » إلى غير ذلك من الآثار العلمية.

يحدّثنا التاريخ انّ لفيفاً من نوابغ المجتهدين ، قد نالوا درجة الاجتهاد وهم بعدُ في سن مبكر لم يبلغوا الحلم.

منهم على سبيل المثال : العلاّمة الحلّي.

قال سيدنا الأمين في أعيان الشيعة : برع في المعقول والمنقول وتقدم وهو في عصر الصبا على العلماء الفحول. (٢)

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ٤٧ / ٣٢٨ ـ ٣٣٢.

٢ ـ أعيان الشيعة : ٢٤ / ٢٧٩.

٤٣

ومنهم نجله محمد بن الحسن المعروف بفخر المحقّقين ( ٦٨٣ ـ ٧٧٢ ) وذلك لأنّ والده ألّف كتاب القواعد باستدعاء ولده فخر المحقّقين.

وقال العلاّمة في خطبة القواعد : فهذا كتاب « قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام » لخصت فيه لبّ الفتاوى خاصة ، وبينت فيه قواعد أحكام الخاصة ، إجابة لالتماس أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليّ ، وهو الولد العزيز محمد الذي أرجو من اللّه طول عمره بعدي. (١)

وذكر ذلك أيضاً نفس فخر المحقّقين في شرحه لهذا الكتاب ، قال في شرح خطبة القواعد :

إنّي لما اشتغلت على والدي قدّس اللّه سرّه في المعقول والمنقول وقرأت عليه كثيراً من كتب أصحابنا ، فالتمست منه أن يعمل لي كتاباً في الفقه جامعاً لقواعده حاوياً لفرائده ، مشتملاً على غوامضه ودقائقه ، جامعاً لأسراره وحقائقه ، يبني مسائله على علم الأُصولين وعلى علم البرهان. (٢)

هذا من جانب ، ومن جانب آخر فانّ العلاّمة يصرّح في خاتمة كتاب القواعد انّه فرغ منه بعد ان بلغ من العمر الخمسين ودخل في عشرة الستين.

وبما انّ العلاّمة من مواليد عام ٦٤٨ هـ فقد فرغ عنه عام ٦٩٨ هـ فيكون عمر ولده فخر المحقّقين عند إتمام الكتاب ١٥ سنة أو ١٦ سنة ، فلو استغرق تأليف هذا الكتاب سنتين فقد ألفه لولده وهو ابن ١٤ سنة.

ويؤيد ذلك انّ العلاّمة فهرس أسماء كتبه في « خلاصة الأقوال في معرفة

__________________

١ ـ قواعد الأحكام : ٢ ، الطبعة الحجرية.

٢ ـ إيضاح الفوائد : ١ / ٩.

٤٤

الرجال » ، وذكر منها « قواعد الاحكام في معرفة الحلال والحرام » ، وقد ألّف الخلاصة عام ٦٩٣ (١) ، فلولده فخر المحقّقين من العمر يومذاك ١١ سنة.

ومنهم شيخنا المترجم شارح القصيدة فانّه بعد ما ذكر قصة تأليف العلاّمة كتابه القواعد لولده ، قال : وقد يستبعد ذلك ، ثمّ شرع في رفع الاستبعاد ، وقال : وقد فرغت من تحصيل العلوم معقولها ومنقولها ولم أكمل ثلاث عشرة سنة ، وشرعت في التصنيف ولم أكمل احدى عشرة ، وصنفت « منية الحريص على فهم شرح التلخيص » ولم أكمل تسع عشرة سنة. وقد كنت عملت قبله من كتبي ما ينيف على عشرة من متون وشروح وحواشي ، ك‍ « التلخيص في البلاغة » وتوابعها ، و « الزبدة في أُصول الدين » ، و « الخود البريعة في أُُصول الشريعة » وشروحها و « الكاشف » ، وحواشي شرح عقائد النسفية ، وكنت ألقي من الدروس وأنا ابن عشر سنين شرحي التلخيص للتفتازاني مختصره ومطوله. (٢)

هذا ولكن الذي يدل على نبوغ مؤلفنا الشارح هي الآثار العلمية التي تركها للأجيال الآتية ، فانّ كتابه « كشف اللثام » آية نبوغه في الفقه وبراعته في الاستنباط.

ويكفي في قيمة هذا الكتاب ما نقله المحدّث القمي ، عن أُستاذه المحدث النوري ، عن شيخه الشيخ عبد الحسين انّ صاحب الجواهر كان يعتمد على كتاب « كشف اللثام » على نحو لا يكتب شيئاًمن موسوعته إلاّ بعد الرجوع إلى ذلك الكتاب.

ومن لاحظ كتاب الجواهر أيقن انّه اعتمد على كشف اللثام في موارد

__________________

١ ـ خلاصة الأقوال : برقم ٢٧٤.

٢ ـ كشف اللثام : المقدمة : ١ / ١١٢.

٤٥

كثيرة ، كما اعتمد هو على موسوعات أُخرى أبرزها كتاب « الرياض » للسيد علي الطباطبائي ، و « مجمع الفائدة » للأردبيلي و « المسالك » للشهيد الثاني ، وفي الحقيقة كتاب الجواهر يشكل عصارة هذه الموسوعات مضافاً إلى تحقيقاته الرشيقة.

وقد برز نبوغ الفاضل الهندي وراح يشق طريقه وسط أجواء سادتها الحركة الاخبارية وهيمنت على معظم الأفكار ، وكان هو أحد القلائل الذين ظلّوا أو فياء للحركة الفقهية الموروثة من المحقّقين الكبار نظير : المحقّق الكركي ( المتوفّى عام ٩٤٠ هـ ) ، وزين الدين الشهيد الثاني ( المتوفّى عام ٩٦٥ هـ ) ، والمحقّق الأردبيلي ( المتوفّى عام ٩٩٣ هـ ) ، وصاحب المدارك السيد محمد بن علي الموسوي ( المتوفى عام ١٠٠٩ هـ ) ، ونجل الشهيد الثاني الشيخ حسن بن زين الدين ( المتوفى عام ١١١١ هـ ) ، والمحقّق السبزواري صاحب كفاية الأحكام ( المتوفى عام ١٠٩٠ هـ ) ، الآقا حسين الخوانساري ( المتوفى عام ١٠٩٨ هـ ) ، وآلمحقّق الشيرواني ( المتوفى عام ١٠٩٩ هـ ) إلى أن وصلت النوبة إلى الشارح تاج المحقّقين والفقهاء فخر المدققين والعلماء الفاضل الهندي ، وبكتابه هذا حفظ التراث الفقهي الاجتهادي.

المرء بأفكاره وآرائه

إنّ الآثار الجلائل التي تركها شيخنا المؤلف تعرب عن تضلعه في أكثر العلوم الإسلامية ، لا سيما في الفقه والأُصول والأدب العربي ، وقد امتاز بالتنوع في الموضوع ، وقد برز من قلمه ما يناهز ٨٠ كتاباً. (١)

ولو أضيف إليه ما ألّفه من رسائل وكتيبات ربما ناهز المائة والخمسين بين

____________

١ ـ الفوائد الرضوية : ٤٨٧.

٤٦

كتاب ورسالة ، وقد استقصى صديقنا الجليل الشيخ عبد الرسول جعفريان أسماء تآليفه في تقديمه لكتاب كشف اللثام فوقف منها على ٤٢ كتاباً. (١)

وقد لعب الزمان بآثاره كما لعب بآثار الآخرين. فاللازم تركيز البحث على كتابه الذي نحن بصدد التقديم له وهو : « اللآلئ العبقرية في شرح العينية الحميرية » وقبل أن ننوه بهذا الشرح ومميزاته أود أن أُشير إلى بعض الكلمات التي قيلت في حقّه من قبل العلماء :

١. يقول المحقق الشيخ أسد اللّه التستري ( المتوفّى عام ١٢٣٧ هـ ) :

ومنهم الاصفهاني المحقّق المدقق ، النحرير الفقيه ، الحكيم المتكلم ، المولى بهاء الدين محمد بن الحسن الاصفهاني الشهير بالفاضل الهندي ... وكان مولده سنة ٦٢ بعد الألف ونشؤه في بدو حاله وصغره في بلاد الهند ولذا نسب إليها وجرت له فيها مع المخالفين مناظرة في الإمامة معروفة على الألسنة.

وصنف من أوائل دخوله في العشر الثاني كتباً ورسائل وتعليقات في العلوم الأدبية والأُصول الدينيةوالفقهية أيضاً.

منها ملخص التلخيص وشرحه ، كلاهما في مجلد صغير جداً ، وهو موجود عندي ، ولعلّه أوّل مصنّفاته ، وفرغ من المعقول وآلمنقول ولم يكمل ثلاث عشرة سنة كما صرح نفسه به ، وهو صاحب المناهج السوية في شرح الروضة البهية ، رأيت جملة من مجلداتها في العبادات وهي مبسوطة ومشحونة بالفوائد والتحقيقات وتاريخ ختام كتاب الصلاة منها سنة الثماني وثمانين بعد الألف ، فيكون عمره خمساً وعشرين سنة.

__________________

١ ـ كشف اللثام ، قسم التقديم : ٤٦ ـ ٦٥.

٤٧

وله أيضاً كشف اللثام عن قواعد الأحكام شرع فيه أوّلاً من النكاح وأنهاه إلى الختام وسلك فيه النمط الأوسط الذي هو أقرب إلى الاختصار ، ثمّ بدأ من الأوّل مع استيفاء للمهم من الأدلّة والأقوال ولا سيما أقوال القدماء الأبرار ، ولم يبرز منه قيماً وجدنا ونقل إلاّ الطهارة والحج وكذا الصلاة إلاّ انّها ناقصة.

وله ملخص الشفاء لابن سينا. (١)

٢. يقول الخوانساري : إنّ المستفاد من بعض خطوطه التي ألقيناها بالعيان كونه في سنة سبع وسبعين بعد الألف في عداد فضلائنا الأعيان ، والمشار إليهم بين الطائفة وغيرها بالبنان. (٢)

٣. يقول السيد جلال الدين الاشتياني : إنّي عثرت على عبارة في الماضي منقولة عن شخص كان يعيش في أواخر الدولة الصفوية كتب : فيها : إنّي رأيت في المدرسة صبياً مراهقاً ، ماهراً في الأبحاث العلمية ، وحائزاً لمرتبة عالية في العلوم العصرية ، وآثار النبوغ تلوح من ناصيته بوضوح ، فسألت عن نسبه ، فقالوا : هو ابن الملا تاج الدين ، اسمه محمد بهاء الدين. (٣)

وقبل أن أذكر انطباعي عن هذا الكتاب ، أود أن أشير إلى ما كتبه صاحب الروضات تعليقاً على ذلك الكتاب ، قال : إنّ هذا الكتاب أقوى دليل على كون الرجل قد وجد من كلّ فن من فنون العربية كنزه. (٤)

فرغ منها سنة ١٠٨٩ هـ.

__________________

١ ـ مقابس الأنوار : ١٨ ، الطبعة الحجرية.

٢ ـ روضات الجنات : ٧ / ١١٦.

٣ ـ منتخبات آثار الحكماء : ٣ / ٥٤٤ في الهامش.

٤ ـ روضات الجنات : ٧ / ١١٢ ، برقم ٦٠٨.

٤٨

ملامح الكتاب ومميّزاته

من ألقى نظرة على ذلك الكتاب ، ولو نظرة عابرة يذعن بأنّ الشارح كاتب قدير له إحاطة تامة بمفردات اللغة العربية ، وقواعدها ، ومعانيها ، ويكفيك في ذلك قراءة خطبة الكتاب ، فانّ النص الموجود فيه وإن كان على نظام السجع الرائج في القرن الثاني عشر ، لكنّه يستخدم غريب الألفاظ بشكل يعرب عن إلمامه باللغة العربية بشكل واسع.

هذا هو أوّل ما يظهر للإنسان من قراءة صفحات من الكتاب ، وأمّا إذا قرأه بدقة وآمعان حينها تنكشف له مميزات الكتاب وملامحه التي تتلخص في النقاط التالية :

١. بيان معاني المفردات

لما كانت القصيدة الحميرية لشاعر عربي صميم وقد أخذ بناصية اللغة العربية ، فأودع فيها الاصطلاحات الرائجة في البادية ، راح الشارح إلى بيان مفردات البيت ومعانيها اللغوية ، وما يشتق منها من الأسماء والأفعال وفي كلّ ذلك يشبع الموضوع على وجه لا يترك شاردة ولا واردة إلاّ ويخوض فيها.

ثمّ يشرع ببيان إعرابالكلمات الواردة في البيت ، فيذكر جميع الوجوه المحتملة مشيراً إلى آراء أكابر العلماء ، ثمّ يذكر رأيه بعد ذلك مع ذكر الدليل الذي دعاه إلى تبنّي هذا الرأي أو ذاك.

والنكتة الجديرة بالذكر انّه ربما يوافق رأي القائل الذي لا يتفق معه في العقيدة ، ويرفض قول الآخر وإن كانت ينسجم معه في المبدأ.

٤٩

ثمّ بعد أن ينهي اعراب البيت يأخذ ببيان النكات الأدبية والبلاغية في القصيدة تحت عنوان ( مسائل ) أو البيان ويتمتع كلّ ذلك بدقة الملاحظة وجودة التفكير.

٢. استعراض التفاسير المطروحة وتقييمها

ومن المميزات البارزة أيضاً في هذا الشرح أنّ القارئ يلتقي فيه مع ذهن وقاد وعقلية كبيرة ، قادرة على التحليق في سماء المعاني وذكر الفروض المحتملة التي يمكن أن تكون مرادة للشاعر ، مما يضفي على الشرح جمالية أكبر وقعة للقارئ ، فعلى سبيل المثال : نرى انّه يتطرق إلى سبب تسمية القصيدة بالعينية يذكر لها احتمالات ستة ، ويذكر لكلّ وجهه العلمي والأدبي ، وبالتالي يعلم انّ المؤلف ليس ناقلاً للآراء ومدوِّناً لها ، بل نراه ناقلاً ومحقّقاً للآراء المطروحة فلا يختار إلاّ عن حجة ولا يرفض إلاّ كذلك.

٣. الأمانة في النقل

ومن المميزات البارزة هي الأمانة في النقل ، وهذه ميزة شاخصة عند المؤلف حيث حاول الإشارة إلى جميع المصادر التي اعتمدها ، ويستنبط منها خاصية أُخرى وهي رجوعه إلى مصادر كثيرة وما يرافقه من جهود كبيرة ومضنية.

٤. محاولة ربط القصيدة بالواقع الموضوعي

ومن ميزات هذا الشرح هو محاولة الشارح الربط بين القصيدة وآلواقع الموضوعي السياسي والاجتماعي الذي عاشه أمير المؤمنين عليه‌السلام مما يُضفي على

٥٠

القصيدة صفة كونها وثيقة تاريخية واجتماعية تحكي عن تلك الفترة التي عاشها الإمام عليه‌السلام وعن طبيعة المجتمع الذي كان يحيط به عليه‌السلام.

٥. دعم موقفه بآيات الذكر الحكيم

ومن المميزات الأُُخرى هي قدرة المؤلف على دعم آرائه بآيات الذكر الحكيم ، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على تبحر الشارح في فهم القرآن الكريم ، ولذلك تراه في أكثر البحوث التي يوردها يستنجد بالقرآن الكريم لدعم حجته وتأييد رأيه.

إلى غير ذلك من المميزات التي يقف عليها القارئ حين مطالعته.

نسخ الكتاب

توجد نسخ خطية من هذا الكتاب في المكتبات :

١. نسخة مكتبة الجامعة برقم ١٨٧٠ (١) ، وكتب صاحب الروضات عليها تعليقته التي نقلناه من كتابه.

٢.نسخة مؤلفة من ٢٢٤ (٢) ورقة في مكتبة السيد المرعشي تحت رقم ٤٧٩ ، وعلى ظهر النسخة تملكات لأشخاص مختلفين سقط من آخرها سبع ورقات.

٣.نسخة في مكتبة السيد المرعشي تحت رقم ١٨١٤ في ٢٣٢ ورقة كتبها ابن علي محمد علي وفرغ من استنساخها عام ١٢٣٣.

وقد اتخذ محقّق الكتاب هاتين النسختين الأخيرتين أصلاً ، وراجع في

__________________

١ ـ الذريعة : ١٨ / ٢٥٩ رقم ١٧.

٢ ـ وقد كتب في فهرس النسخة انّها ذات ٢١١ ورقة ولكنّه خطأوقد سقط من آخرها سبع ورقات.

٥١

استخراج ما نقل فيه إلى المصادر ، وتحمل في ذلك جهداً كبيراً وذلك لأنّ الشارح عكف على جمع النسخ من هنا وهناك ، وبذلك صار ذا مكتبة عظيمة نوّه بها صاحب رياض العلماء في مواضع كثيرة من كتابه.

نحمده سبحانه على إنجاز هذا المشروع ونشره في الأوساط الإسلامية.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين

جعفر السبحاني

قم ـ مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام

شوال المكرم من شهور عام ١٤٢٠

٥٢

بسم الله الرحمن الرحيم

أمّا على قافية قفو (١) الأقاويل ، وقفية (٢) مقالة قالة الأراجيل (٣) ، مفتتح ناسخ الأناجيل ، ومختتم (٤) الدعوة في الظلّ الظليل.

أعني : حمد جليل ليس كمثله جليل ، باعث الرسل الهداة من الأضاليل ، ناصب الخلفاء مُحاة الأباطيل ، متمّم حججه على كلّ عزيز وذليل ، موضح سواطع براهينه لجملة أُولي الأبصار من حديد وكليل.

وإهداء أشرف التحايا وأتحف الهدايا وهي ما لا يناله بدهمة (٥) ولا تأميل ، من أفاضل الصلوات الكُمّل الباقية ببقاء الأهاليل (٦) ، إلى أشرف أرباب

__________________

١ ـ قفا أثره : يقفو قَفْواً وقُفُوّاً : تبعه. لسان العرب : « قفا ».

٢ ـ القفيّة : المختار ، واقتفاه ، إذا اختاره. لسان العرب : « قفا ».

٣ ـ الرجيل من الكلام ، والجمع أرجلة وأراجل وأراجيل : المرتجل ، يقال ارتجل الكلام : تكلم به من غير أن يهيئه.

٤ ـ المفتتح والمختتم : هو القرآن الكريم.

٥ ـ دَهَمَ ، دَهِمَ الأمرُ : غشيه.

٦ ـ أهاليل ( نادرة ) ، وأهلّة ، جمع هلال : غُرَّة الشهر.

٥٣

الدِّلِّيلي (١) من كلّ نبيّ ، شافي للعليل ، نافي لكلّ داء عتيل (٢) ، منجي من كلّ درجيل ، وأفضل ثُبات الرسل أصحاب الأكاليل من كلّ ربِّ تنويل وتفضيل ، وصاحب تحريم وتحليل ، ودافع تلبيس وتضليل : محمد شافع الأُمم بلا تعلُّل ولا تهليل ، صاحب رايات الحمد والتكبير والتسبيح والتهليل.

وإلى آله المخدومين لجبرائيل وميكائيل ، العالمين بكافّة الموازين والمكائيل ، المحتوم طاعتهم على الأُُمم قاطبة بلا ترخيص ولا تسهيل ، المفروض ولايتهم على كلّ الخلائق من الثقلين والملائكة ومَن عداهم بلا قيل ، لهاميم (٣) هداة السبيل ، يآفيخ (٤) نُفاة كلّ خُزَعبِيل (٥) ، عرانين سادة كلّ جيل ، صناديد قادة كلّ قبيل من دبير وقبيل.

ولا سيّما يعلول (٦) اليعاليل ، وبهلول (٧) البهاليل ، قائد الغرّ أُولي التحجيل ، ساقي الكوثر والسلسبيل والزنجيل ، صاحب راية الحمد بالتحقيق لا التجبيل ، المجاهد في سبيل اللّه على التنزيل والتأويل ، نفس رسول اللّه بنصّ آية البهلة من التنزيل ، المنصوص على خلافته في مواطن لا تحصى على غاية من التفصيل ، صلّى اللّه عليه وعلى البتول والعثاكيل (٨) ، وإتحاف ظلمتهم

__________________

١ ـ الذي يدلّك.

٢ ـ شديد

٣ ـ اللُّهموم والجمع لهاميم : الجواد من الناس أو الخيل.

٤ ـ يآفيخ ويوافيخ ، جمع يافوخ : ملتقى عظم مقدّم الرأس ومؤخره

٥ ـ الأباطيل.

٦ ـ الغدير الأبيض المطّرد ، والقطعة البيضاء من السحاب.

٧ ـ السيّد الجامع لكلّ خير.

٨ ـ العُثكُول والعِثكال ، والجمع عَثاكيل : الشِّمراخ ، وهو في النخل بمنزلة العنقود في الكرم.

٥٤

الملاعين الأحقاء بألوان التلعين ، دقّ اللّه منهم اللّغانين (١) ، وأخذ منهم باليمين ، ثمّ قطع منهم الوتين ، من ضروب اللعن بما يملأ الموازين ، ويسوّد صفحات المناجين ، ويدوم بدوام الأحايين ، ويفوق على عنانيات الأظانين ، ويُعفّر خدود شيعتهم ويُرغم منهم العرانين ، خصوصاً اللعنة العجين (٢) والفظّ البظّ (٣) الّلظّّ (٤) اللغمظّ الثخين ، والثقال العتلّ الطّمليل (٥) الأفين (٦) ، نوّله اللّه من اللعن ما يملأ السماوات والأرضين.

فيقول (٧) قنّ الأئمّة الأخيار الأبرار الأطهار ، اللائذ بهم من سطوات الملك الجبار ( محمد بن الحسن بهاء الدين الأصفهاني ) أذاقه اللّه حلاوة المعاني ، وعرّفه حقائق المثاني ، ورزقه القطوف الدّواني ، وزوّجه في الجنّة الحور الغواني :

قد انثالت عليَّ لُمّة من إخواني ، وثبة من كمَّل أخداني ، ممّن أرى إسعافهم من فروض العين ، ولا أرى لبنات شفاههم مأنّة (٨) سوى العين ، ملحّين بقثاثتهم (٩) عليّ ، واضعين جعالتهم لنفاثتهم بين يديَّ ، مقترحين أن أشرح لهم

__________________

١ ـ اللُّغْنُون : لغة في اللغدود ، والجمع لغانين : لحم بين النكْفَتين واللسان من باطن.

٢ ـ عَجَن الرجل ، إذا نهض معتمداً بيديه على الأرض من الكِبَر.

٣ ـ الفظّ : الغليظ ، والبظّ : اتباع للفَظّ.

٤ ـ العسر المتشدّد.

٥ ـ الطِّمْل من الرجال : الفاحش البذيء ، والطِّمل والطّمليل : اللصّ ، وقيل : اللصّ الفاسق.

٦ ـ ناقص العقل.

٧ ـ جواب ( أمّا ) التي صدّر بها كلامه.

٨ ـ كذا في النسخة ، ولعلها ممأنة : المخلقة والمجدرة ، يقال ( هو ممأنة لكذا ) اي انه جدير وخليق بكذا.

٩ ـ القثُّ : جمعك الشيء بكثرة ، والقُثاث : المتاع ونحوه ؛ وجاءُوا بقُثاثِهم وقثاثتهم ، أي لم يَدَعُوا وراءهم شيئاً. ( لسان العرب « قثّ » ).

٥٥

القصيدة العينيّة الّتي لأمضغ العرب ؛ للشيخ (١) والقيصوم (٢) سيّد الشِّعر والأُدباء في التخوم ، القرم الهمام الخُرشوم مدهدم أُطوم الخصوم ، معفّر الخدود منهم ومُرغم الخرطوم (٣) : « السيّد « إسماعيل بن محمد الحميريّ » شفّع اللّه فيه نبيّه النبيه الأزهريّ ، ووليّه صاحب الغري ، وآلهما الأيتام من الدراري ، وعترتهما الأنجاد الأمجاد من الحواري عليهم من السّلام ما هو أطيب من المسك الداري ما الدهر بالناس دواري ، أعني الّتي مطلعها :

لأُمِّ عَمرو باللِّوى مَربَعُ

طامسةٌ أعلامُهُ بَلْقَعُ

شرحاً يقرع الظنابيب (٤) ، ويوسع العراقيب (٥) ، ويبرز التعاجيب ، ويرقص رؤوس اليعاسيب (٦) ، ببثّ ما حوته ألفاظها من المعاني ، ويهتك الخدور عمّا قَصُرَت فيها من الغَواني.

وينثّ ما فيها من اللّغات العربية ، وما أُودِعها من النكات الأدبيّة ، وما يتوقف عليه الإحاطة بها من القواعد النحوية ، وما يُعلَم به وجوه بلاغتها من

__________________

١ ـ الشِّيح : نبات ينبت في بلاد العرب ترعاه المواشي.

٢ ـ القَيصُوم : نبات طيّب الرائحة يُتَدَاوى به.

٣ ـ القَرْمُ من الرجال : السيد المعظم. ( لسان العرب : « قرم ) ».

الخُرشُوم ـ بالضم ـ : الجَبلُ العظيم. ( القاموس المحيط « الخُرشوم ) ».

هَدَمَهُ وَدَهْدَمَهُ ؛ بمعنى واحد. ( لسان العرب : « دهمه ) ».

الأُطُم : حصن مبني بحجارة ، والجمع القليل : آطام ، والجمع الكثير : أُطُوم ( لسان العرب : « أطم ) ».

٤ و ٥ ـ « الظنانيب » جمع « ظُنْبُوب » : حَرْفُ عظم الساق اليابس من قُدُم. وقرع ظنابيب الأمر : ذلّله. و « العراقيب » جمع « عُرْقُوب » : الطريق الضيّق في متون الجبال أو في الوادي. « لسان العرب : ظنب وعرقب ».

٦ ـ « يعاسيب » ، جمع « يعسوب » : أمير النحل وذَكَرُها ، ثم كثر ذلك حتى سَمّوا كلّ رئيس يَعسوباً « لسان العرب : عسب ) ».

٥٦

القوانين البيانيّة.

ويفثّ ما أمكن فيها من المحتملات وإن كانت بعيدة ، وما يصحّ على رأي وإن كان من الآراء الشريدة. ويلثُّ على ما لابد ّمنه في فهمها ولا يتعدّاه ، ولا يملّ الناظر بما منه بدّ من الفضول ولا يتحدّاه ، وقد ألَثُّوا في ذلك غاية الإلثاث ، وأبثُّوا إليه ما لا يطاق من اللهاث لما ورد في شأنها ، فمازت به عن أقرانها من الرواية عن قطب الأرض وثامن أركانها ، إمام كافّة إنسها وجانّها ـ صلوات اللّه عليه وعلى أئمّة الأُمّة ، وتيجانها ما دامت الأفلاك في دورانها ، وما كانت الأُمّهات تتقلّب في أكوانها.

وستطّلع عن قريب على تبيانها ، وكنت ما نشبت أتلعثم فيه وأُلَثْلِثُ (١) ، وعلى الإحجام عن الإقدام عليه أُغثغث ، وكنت ربّما أحثحثُ شفتي بمضّ وأُمثمث (٢) ، وربّما أُعثعث رأسي للإجابة ، وعلى الامتناع أُعثعث السلام لما رأيته « أثْقَل من مُجْذَى ابن رُكانة » (٣) ، وأُولي النفائس والعرائس الضَّنانة ، مع اشتغالي بما أُحصيه من الأشغال ، وانحصاري فيها بحيث لم يبق لي مجال للتجوال ، وأعظمها وأهمّها وأشغلها للأوقات وأعمّها ، ما أُعلِّقه على « الروضة البهيّة في شرح اللمعة

__________________

١ ـ اللَّثْلَثَةُ : الضَّعْفُ والجيش والتردُّد في الأمر كالتَّلَثلث وعدم إبانة الكلام ( مجد الدين الفيروز آبادي : القاموس المحيط « اللَّثُّ » ).

٢ ـ الحثحثة : الحركة المُتداركة.

ومثّ يده وأصابعه بالمنديل أو بالحشيش ونحو مَثّاً : مسحها. لغة في مَشَّ. وقيل : كلّ ما مسحته فقد مَثَثْتَهُ مَثّاً. ( لسان العرب : « حثث » ، « مثث » ).

٣ ـ من الأمثال ، جاء في « الفائق في غريب الحديث : للعلامة جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري : ج ٢ / ٢٣ ( باب ـ ربع ) وقال بعده : والتجاذي تفاعُل من الإجذاء ، أي يُجذي المهراس بعضهم مع بعض ، هذا ثمّ هذا. ومنه حديث ابن عباس ( رض ) : انّه مرّ بقوم يتجاذون حجراً ـ وروى يُجْذُون ـ ، فقال : عمّال اللّه أقوى من هؤلاء.

٥٧

الدمشقية في فقه الإمامية » (١) الذي سمّيته ب‍ « المناهج السويّة ، في شرح الروضة البهيّة » ، وفّقني اللّه لإتمامه وإحكامه وعصمني عن السهو والغفلة في أحكامه.

ثمّ لما طال منهم الإلحاح واجتهدوا في إبانة الشحاح حتي سدّوا عليّ سبل الاعتذار ، وحتموا عليّ الإجابة بختم الأقضية والأقدار ، لم ألف عنها سبيلاً للفرار ، وفرضت على نفسي أن أصرف فيه شطراً من الليل والنهار ، فشرعت فيه مُبَسْمِلاً مُحَمْدِلاً مُحَوْقِلاً ، على اللّه متوكّلاً إليه موسّلاً ، بالنبيّ وآله متوسّلاً ، مسمّياً له بـ « اللآلئ العبقرية في شرح القصيدة الحميرية ».

__________________

١ ـ للشيخ السعيد زين الدين علي بن أحمد بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي الشهيد سنة ٩٦٦ هـ.

و « اللمعة » في الفقه ، للشيخ أبي عبد اللّه محمد بن مكي الشهيد سنة ٧٨٦ هـ ( انظر الذريعة : ٦ / ٩٠رقم ٤٧٠ و ١١ / ٢٩٠ رقم ١٧٥٧ ).

٥٨

فصل

( العينيّة )

وقد عنيت بقولي : « القصيدة العينيّة » معانيَ ليست مُبيّنة ولا غيبيّة :

أحدها : أنّها على قافية العين.

وثانيها : أنّها لشرفها ممّا ينبغي أن تحمل على العين ، لا على الرأس أو اليدين ، أو تضمّ على الصدر بالساعدين أو الزندين ، بل ينبغي أن تُكتب بالأجفان على بياض العين من الإنسان ، لا على القراطيس من الأنقاس (١) بالقصبات والقضبان ، ولا على ألواح اليواقيت بأقلام الزمرّد من العِقيان (٢).

وثالثها : أنّها في شأن ما هو فرض العين على الأعيان ، ليس فيه مجال للكفاية أو التخيير كما لا تُغتفَر فيه غفلة أو نسيان ، وهو ولاية أمير الإنس والجان ، قاسم النيران والجنان ، عليه الصلاة والسلام الأتَمّان الأكملان ، ما طلع النجم وآلعَيُّوق والدَّبَران (٣) ، وما ناخت الفواخت والقَماري على رؤوس الأغصان.

__________________

١ ـ النِّقْسُ : ـ بالكسر ـ الذي يكتب به. و : المِداد ، والجمع أنْقاسٌ وأنقُس. ( لسان العرب : « نقس » ).

٢ ـ العِقْيان : الذهب الخالص. وفي خطبة للإمام عليّ عليه‌السلام ( رقم ١٩٢ ) : « ولو أراد اللّه سبحانه لأنبيائه أن يفتح لهم كنوزَ الذَّهبانِ ، ومعادن العِقْيان ». وانظر ( لسان العرب : « عقا ) ».

٣ ـ العَيُّوق » و « الدَّبَران » : من الكواكب.

٥٩

ورابعها : أنّها من منش آت عين الأعيان (١) ، عليه الرحمة من اللّه والرضوان.

وخامسها : أنّها في شأن عين أعيان الثقلين (٢) ؛ وعين ما وصّى به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أحد الثقلين ؛ أو العين التي بها يهتدي الخلق إلى الصراط المستقيم ، ويُفصلون بين سبل الجنة وطرائق الجحيم ؛ أو العين التي منها تنبع الحِكَمُ والأحكام ، ومنها يَرتوي الواردون من النفوس والأحلام.

وسادسها : أنّها فيما في الظهور بمنزلة المشهود بالأنظار ، فلا يفتقر فيه إلى تدقيق النظر وإجالة الأفكار ، وهو الولاية المعهودة لأُولي الأبصار ، والخلافة التي لا شكّ فيها عند أهل الاعتبار.

__________________

١ ـ السيد الحميري.

٢ ـ الإمام عليّ عليه‌السلام.

٦٠