تاريخ مدينة دمشق - ج ١١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ربيعة بن المغيرة المخزومي ، وأمّه أمّ ولد وكان قليل الحديث.

أخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي ـ في كتابه ـ ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون وأبو النضر بن الطّيّوري وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون : ومحمّد بن الحسن (١) الأصبهاني ، قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد [بن إسماعيل] ، قال (٢) : قال لي عمرو : أنبأنا أبو عاصم ، نبأنا ابن جريج قال : سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير ، والوليد بن عطاء بن حباب (٣) يحدثان عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أنه وفد على عبد الملك ـ قال : سمعت عائشة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بناء البيت.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن وأبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلانيّان ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن الصّوّاف ، أنبأنا أبو جعفر ، عن أبي عثمان ، نبأنا هاشم بن محمّد بن الهيثم بن عدي قال : قال : من الأشراف من أبناء النصرانيّات الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي.

أخبرنا أبو بكر المزرفي (٤) ، نبأنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، نبأنا داود بن علي بن عمرو الضّبّي ، نبأنا شريك ، عن جابر ، عن عامر ، قال : ماتت أمّ الحارث وهي نصرانية فشهدها ناس من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (٥) البنّا ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، أنبأنا الزبير بن بكّار ، حدثني يحيى بن محمّد ، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة [قال : سبى عبد الله بن أبي ربيعة](٦) الحبشية ، وكانت نصرانية ، وسبى معها ستمائة من الحبش وهو عامل على اليمن لعثمان بن عفان فقالت : لي إليك ثلاث حوائج ،

__________________

(١) بالأصل «الحسين» والمثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٢) التاريخ الكبير للبخاري ١ / ٢ / ٢٦٨.

(٣) في البخاري : خباب.

(٤) بالأصل «المرزقي» والصواب ما أثبت ، وقد مرّ.

(٥) بالأصل «أنبأنا» والصواب ما أثبت.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٥٨.

٤٤١

قال : وما هي؟ قالت : تعتق هؤلاء الضعفاء الذين معك قال : ذلك لك. فأعتق لها ستمائة من الحبش ، فقالت : ولا تمسّني حتى تصير إلى بلدك ودارك ، ففعل. وقالت : ولا تحملني على أن أغيّر ديني. قال : وذلك لك. فقدم بها ، فولدت الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. فلما ماتت حضر القرشيون وغيرهم من الناس لشهودها ، فقال : أدّى الله الحقّ عنكم ، إن لها أهل ملّة أولى بها منكم ، فانصرفوا عنها انتهى.

قال : ونبأنا الزبير ، حدثني عمي مصعب بن عبد الله : [لم يكن الحارث بن عبد الله](١) بن أبي ربيعة يدري أنّ أمه على النصرانية حتى ماتت ، وحضر لها الناس ، فخرجت إليه مولاة له فسارّته وقالت : اعلم أنّا وجدنا الصّليب في رقبة أمّك حين جرّدناها لغسلها. فقال للناس : انصرفوا أدّى الله تعالى الحق عنكم ، فإن لها أهل ملّة هم أولى بها منكم ، فانصرف الناس ، وكبر الحارث بما فعل من ذلك عند الناس (٢).

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسن ، أنبأنا أحمد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل البخاري ، أنبأنا محمّد بن كثير ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا حمّاد ، عن الشعبي أن الحارث بن أبي ربيعة ماتت أمّه نصرانية ، فشيّعها أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ زاد عبدان عن ابن المبارك قال : قال سفيان : خرج عليهم فقال : إن لها أهل دين من غيركم ، فقال معاوية : لقد ساد هكذا انتهى ، هذا معناه.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ـ إجازة ـ أنبأنا سليمان بن إسحاق الحلاب ، نبأنا حارث بن أبي أسامة ، نبأنا محمّد بن سعد (٣) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدثني ابن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة ، قال : طاف عبد الملك بن مروان للقدوم فلمّا صلى ركعتين قال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : عد إلى الركن الأسود قبل أن تخرج إلى الصّفا ، فالتفت عبد الملك إلى قبيصة ، فقال قبيصة : لم أر أحدا من أهل العلم يعود إليه. فقال عبد الملك : طفت مع أبي فلم أره عاد إليه. ثم قال عبد الملك : يا حار تعلّم مني [كما تعلّمت](٤) منك حيث أردت أن

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٥٨.

(٢) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣١٩ باختلاف.

(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٠ في ترجمة عبد الملك بن مروان.

(٤) الزيادة عن ابن سعد.

٤٤٢

التزم البيت فأبيت عليّ. قال : افعل يا أمير المؤمنين ، ما هو بأوّل علم استفدت من علمك.

قال : وأنبأنا محمّد بن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدثني إبراهيم بن موسى ، عن عكرمة بن خالد ، عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة قال : طفت مع عبد الملك بن مروان بالبيت فلما كان الشوط السّابع دنا من البيت يتعوّذ فجبذته (٢) ، فقال : ما لك يا حار؟ قلت : يا أمير المؤمنين أتدري أوّل من فعل هذا؟ عجوز من عجائز قومك. قال فمضى عبد الملك ولم يتعوذ انتهى.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو طاهر الباقلاني ، أنبأنا محمّد بن يوسف بن رباح ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل المهندس ، أنبأنا أبو بشر الدولابي ، نبأنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين في تسمية التابعين من أهل مكة : الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسن النّقّور ، وأبو منصور عبد الباقي بن محمّد بن غالب ، قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، حدثنا زكريا ، نبأنا الأصمعي قال : ثم ولّى عبد الله بن الزبير عمر بن عبيد الله بن معمر على البصرة ثم عزله وولّى القباع ، لأنه وضع لهم مكيالا يسمّى القباع ثم عزله وولّى مصعب بن الزبير.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الحسين السيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، نبأنا أحمد بن عمران ، نبأنا موسى بن زكريا ، نبأنا خليفة بن خيّاط ، قال (٣) : تراضى الناس بعبد الله بن الحارث ويلقب ببّة حين وقعت الفتنة فأقره ابن الزبير يعني على البصرة أشهرا (٤) ثم عزله وكتب إلى أنس بن مالك فصلى بالنّاس أربعين (٥) يوما ، ثم كتب إلى عمر بن عبيد الله ( ) بن معمر التيمي بولايته فأتاه الكتاب وهو بحفر أبي موسى يريد العمرة ، فكتب إلى أخيه عبيد الله بن عبيد الله فصلّى بالناس ثم ولّى ابن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٠ في ترجمة عبد الملك بن مروان.

(٢) ابن سعد : فجذبته.

(٣) انظر تاريخ خليفة بن خياط ص ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

(٤) انظر تاريخ خليفة ، باختلاف.

(٥) انظر تاريخ خليفة ، باختلاف.

٤٤٣

الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ويلقب القباع ، ثم عزله ، ثم جمع العراق لأخيه مصعب انتهى.

قال خليفة : وأقام بها فأقام بها يعني بالكوفة نحو سنتين ثم انحدر إلى البصرة واستخلف القباع الحارث بن عبد الله المخزومي ، ثم رجع مصعب فلم يزل بها حتى قتل انتهى.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو العز ثابت بن منصور ، قالا : أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون ، قالا : ـ أنبأنا أبو محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن إسحاق ، أنبأنا أبو حفص الأهوازي ، نبأنا خليفة بن خياط ، قال : الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أمّه النصرانية ، انتهى.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو الحسين بن الفارسي ، أنبأنا أبو سليمان الخطابي ، أخبرني أبو الفارسي ـ يعني محمّد بن عبد الله ـ أخبرني محمّد بن خالد ، نبأنا عمر بن شيبة ، حدثني عبد الله بن محمّد الطائي ، نبأنا خالد بن سعيد قال : استعمل ابن الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي على البصرة فأتوه بمكيال لهم فقال لهم : إنّ مكيالكم هذا لقباع وهو ذو النضر ، فسمّي قباعا فقال أبو الأسود الدؤلي فيه :

أمير المؤمنين جزيت (١) خيرا

أرحنا من قباع بني المغيرة

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدثنا الحسين بن الفهم الفقيه ، نبأنا محمّد بن سعد قال (٢) : في الطبقة الأولى من أهل المدينة [من التابعين] : الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأمّه أمّ ولد ، استعمل عبد الله بن الزبير الحارث [بن] عبد الله بن [أبي] ربيعة على البصرة وكان رجلا سهّاكا (٣) فمرّ بمكيال بالبصرة ، فقال : إنّ هذا لقباع صالح ، فلقّبوه القباع ، وكان خطيبا عفيفا ، وكان فيه سواد لأن أمّه كانت حبشية نصرانية ، فماتت فشهدها الحارث بن عبد الله بن أبي

__________________

(١) في ابن سعد ٥ / ٢٩ : أبا بكير.

(٢) ابن سعد ٥ / ٢٩ والزيادات التالية عنه.

(٣) السهاك كشداد الرجل البليغ بمر في الكلام مرّ الريح (القاموس).

٤٤٤

ربيعة وشهدها معه الناس فكانوا ناحية ، وجاء أهل دينها فولوها وشهدها منهم جماعة كثيرة وكانوا على حدة ، وفيه يقول أبو الأسود الدؤلي لعبد الله بن الزبير :

أمير المؤمنين جزيت (١) خيرا

أرحنا من قباع بني المغبرة

حمدناه ولمناه فأعيا

علينا ما يمر لنا مريرة

سوى أنّ الفتى نكح أكول

وسهّاك مخاطبه كثيرة

كأنّا حين جئناه أطفنا

بضبعان تورّط في حظيرة

قال : فعزله عبد الله بن الزبير عن البصرة ، وكانت ولايته عليها سنة ، واستعمل مكانه مصعب بن الزبير فقدم البصرة ثم تهيأ للخروج إلى المختار بن أبي عبيد.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك بن الحسن ، أنبأنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم ، أنبأنا أبو العلاء محمّد بن علي بن يعقوب الواسطي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد (٢) ، أنبأنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن (٣) غسان الغلّابي ، نبأنا [أبي](٤) ، أنبأنا يزيد بن هارون ، عن أشعب بن سوار قال : تزوج عبد الله بن أبي ربيعة نصرانية.

قال أبي : فحدثني مصعب بن عبد الله قال (٥) : تزوج عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ابنة أبرهة الحبشي في الجاهلية وهي نصرانية وماتت على النصرانية ، قال : وكان يظن بها أنها أسلمت ، فلما ماتت وهي أمّ الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة فلما أرادوا أن يغسلوها وقد اجتمع إلى ابنها رجال قريش ليحضروها فوجدوا في عنقها صليبا فخرج ابنها الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى الناس وهم مجتمعون فقال : إن لها أهل دين أولى بها منكم ، وقد كان عبد الله بن أبي ربيعة أقاد المال من مثلها وفيها يقول أبو ذؤيب :

صخب الشوارب لا يزال كأنه

عبد لآل أبي ربيعة مسبع (٦)

__________________

(١) في ابن سعد ٥ / ٢٩ : أبا بكير.

(٢) بياض بالأصل ، مقدار كلمة.

(٣) بالأصل «أنبأنا» ولعل الصواب ما أثبت ، انظر الأنساب (الغلابي).

(٤) زيادة عن الأنساب (الغلابي) وفيه أن المفضل يروي عن يزيد بن هارون.

(٥) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣١٨ ـ ٣١٩.

(٦) البيت في شرح أشعار الهذليين ١ / ١٢ وبالأصل «سحت ... مشنع» والمثبت : «صخب مسبع» عن شرح أشعار الهذليين.

٤٤٥

أي مرسل. وكان عبد الله بن أبي ربيعة استعمله أبو بكر الصّديق رضي الله تعالى عنه على اليمن ومات في خلافة عثمان ، وقد حدث الحارث بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أدري سماع أو غير سماع ، وقد وليّ البصرة لابن الزبير وسمّي به القباع لمكيالهم ، قال : كأنه قباع (١) وفيه يقول [الشاعر] :

أحارث داري مرّتين هلم منها

وكنت ابن أخت لا تحار غوائله

وأنت أمير في بطحاء مكة لم تزل

بها منكم معطي الجزيل وفاعله

وإنما تخوّله بأسماء بنت [سلامة بن] مخرّبة بن أبير بن نهشل.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنبأنا أبو أحمد عبد السّلام بن الحسين البصري اللغوي ، أنبأنا أبو محمّد علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري البغدادي ، أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد الأسدي ، نبأنا الرياشي ـ يعني عبّاس (٢) بن الفرج ـ قال : تزوج رجل من الموالي امرأة من العرب ففرّق بينهما الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وهدم من داره فأتى ابن الزبير فقال له :

هذا مقام ومطرد هدمت مساكنه ودوره

رقا (٣) عليه عداته ظلما فعاقبه أميره

في أن شربت بحم ما كان حلالي غديره

فكتب إليه أن يردّها إليه ، انتهى.

كتب إليّ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب من الإسكندرية ، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفارسي ، أنبأنا أبو الطاهر محمّد بن أحمد بن عبد الله الذهلي القاضي ، أخبرني محمّد بن الحسن ـ يعني ابن دريد ـ أنبأنا أبو حاتم عن أبي عبيدة ، عن يونس ، قال : كان الحارث بن أبي ربيعة المخزومي على البصرة أيّام ابن الزبير فخاصم إليه رجل من بني تميم يقال له مرة بن محكان رجلا فقال :

__________________

(١) القباع يعني الضخم (الوافي بالوفيات ١١ / ٢٥٥).

(٢) بالأصل «عياش» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٧٢.

(٣) كذا ، وفي تهذيب ابن عساكر : وشى.

٤٤٦

أحار تفهم في القضاء فإنه

إذا ما الامام جار في الحكم اقتدا

إنك موقوف على الحكم فاحتفظ

ومهما تصير اليوم تدرك به غدا

وأني ممّا أدرك الأمر مما لانا

فأقطع في رأس الأمير المهنّدا

ولما ولي مصعب دعاه فاستنشده الأبيات فأنشده :

أحار تفهم في القضاء فإنه

إذا ما الإمام جاز في الحكم اقتدا

فإنك موقوف على الحكم فاحتفظ

ومهما تصير اليوم تدرك به غدا

وأني ممّا أدرك الأمر مما لانا

واقطع في رأس الأمير المهنّدا

فقال : والله لأقطعن في رأسك قبل أن تقطع في رأسي ، فأمر به فحبس ثم دسّ إليه من قتله.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطّبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، نبأنا يعقوب بن سفيان ، نبأنا الجنيد ، نبأنا سفيان ، قال : سمعت أبي يقول : أوّل من وضع وزن سبعة الحارث بن أبي ربيعة انتهى ، يعني العشرة عداد سبعة وزنا انتهى.

أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله ، ابنا (١) البنّا ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة قال : أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نبأنا الزّبير بن بكّار ، قال : حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال : جلد الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة مرّة بن محكان السّعدي في بعض أحداثه وكان يقطع الطّريق فقال مرة :

عمدت فعاقبت امرأ كان ظالما

فألهب في ظهري القباع وأوقدا

سياطا كأذناب الكلاب وشرطة

مقاليس راعوا مسلما متهوّدا

١١٤١ ـ الحارث بن عبيد الله الأنصاري (٢)

من أهل دمشق.

روى عن أمّ الدّرداء ، ورأى واثلة بن الأسقع مخضوب اللحية بالحنّاء.

__________________

(١) بالأصل «أنبأنا» والصواب ما أثبت.

(٢) ترجمته في تهذيب التهذيب ١ / ٤١٣ وزيد فيه : ويقال : الأزدي الشامي.

٤٤٧

روى عنه الوليد بن مسلم ، وصدقة بن عبد الله السّمين.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا عبد الوهّاب بن محمد ـ زاد ابن خيرون : ومحمد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (١) : قال لنا زكريا (٢) ، نبأنا الحكيم (٣) بن المبارك سمع الوليد بن مسلم ، نبأنا الحارث بن عبيد الله قال : رأيت أمّ الدّرداء تعود رجلا من أهل المسجد من الأنصار.

قال البخاري : الحارث بن عبيد الله (٤) الأنصاري ، يعد في الشاميّين انتهى.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، أنبأنا يوسف بن رباح ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نبأنا محمّد بن أحمد الدّولابي ، حدّثنا معاوية بن صالح ، قال في تسمية تابعي أهل الشام الحارث بن عبيد الله (٥) بن أبي ربيعة الأزدي ، انتهى.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنبأنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا تمام بن محمّد ، نبأنا جعفر بن محمّد بن جعفر ، نبأنا [أبو](٦) زرعة قال في تسمية الأصاغر من أصحاب واثلة وغيره : الحارث بن عبيد الله الأنصاري.

١١٤٢ ـ الحارث بن عبد الرحمن بن الغاز بن الجرشي (٧)

ويقال ابن عبد الرّحمن بن عمرو (٨) بن ربيعة ، وفد على المنصور واستعطفه

__________________

(١) التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٢٧٥.

(٢) بالأصل «أبو زكريا» والمثبت عن البخاري.

(٣) البخاري : الحكم.

(٤) عن البخاري وبالأصل «عبد الله».

(٥) بالأصل «عبد الله» والصواب ما أثبت ، والخبر في تهذيب التهذيب.

(٦) زيادة لازمة انظر تهذيب التهذيب ١ / ٤١٣.

(٧) بالأصل «الحرشي» بالحاء المهملة ، وقد صححت بالجيم في كل مواضع الترجمة عن الأنساب (الجرشي) ، وضبطت عنها بضم الجيم وفتح الراء ، وهذه النسبة إلى جرش بطن من حمير ، وقيل اسم موضع باليمن نزلته هذه القبيلة.

ترجم له في معجم البلدان باسم : الحارث بن عبد الرحمن بن عوف بن ربيعة بن عمرو بن عوف بن زهير بن حماطة.

(٨) بالأصل : وربيعة.

٤٤٨

لأهل الشام بالغوطة ، وهو من وجوههم وفصحائهم ، وكان الحارث ممن سوّد قبل وصول مروان إلى مصر.

قرأت بخطّ أبي الحسين الرازي ، أخبرنا أحمد بن عمير بن يوسف ، أنبأنا أبو عبيد الله محمّد بن صالح ، أنبأنا محمّد بن عائذ ، نبأنا عبد الأعلى بن مسهر أن الحارث بن عبد الرحمن الجرشي سود ومروان (لمغنانا) (١) فإنهم كتبوا إليه بولايته دمشق فكان بداريا يأتيه ابن سراقة والأشراف يسلمون عليه قال : وأقبل عبد الله بن علي حتى نزل دمشق.

قال : وأخبرني محمود بن محمّد بن الفرحان الرافعي ، نبأنا الهيثم [بن] عدي ، عن ابن عيّاش قال : قدم على أبي جعفر المنصور بعد انهزام عبد الله بن علي وفد من أهل الشام فيهم الحارث بن عبد الرحمن بن ربيعة الجرشي فقام عدة منهم فتكلموا ، ثم قام الحارث بن عبد الرحمن فتكلم فقال : يا أمير المؤمنين إنّا لسنا وفد مباهاة ولكنا وفد توبة ابتلينا بفتنة استفزت كريمنا واستخفت حليمنا ، فنحن بما قدمنا معترفون بما سلف منا معتذرون ، فإن تعاقبنا فبما أجرمنا ، وإن تعف وتحسن فطالما أحسنت إلى من أساء.

فقال المنصور : خطيبكم الجرشي وأمر برد ضياعه إليه في الغوطة ، انتهى.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور وعبد الباقي بن محمّد بن غالب ، قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن بن محمّد بن عيسى بن زكريا بن يحيى ، نبأنا الأصمعي عمن أخبره : أن أبا جعفر المنصور حين عفا عن أهل الشام قال له رجل : يا أمير المؤمنين ، الانتقام عدل ، والتجاوز فضل ، والمتفضل قد جاوز حد المنصف ، فنحن نعيذ أمير المؤمنين بالله تعالى من أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين ، وأن لا يرتفع إلى أعلى الروضتين ، انتهى.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني ، عن عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأنا عبد الله بن جعفر الفرغاني ، أنبأنا محمّد بن جرير الطبري قال (٢) : ذكر علي بن محمد المدائني : أنه قدم على أبي

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل ، ونميل إلى قراءتها «بصحنايا» وهي إحدى قرى الغوطة ، (غوطة دمشق : كردعلي ص ٨٩).

(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٨٤.

٤٤٩

جعفر المنصور بعد انهزام عبد الله بن علي وظفر المنصور به ـ وحبسه إيّاه ببغداد ـ وقد أهل الشام فيهم الحارث بن عبد الرحمن فتكلموا ثم قام الحارث فقال : أصلح الله تعالى أمير المؤمنين إنّا لسنا وفد مباهاة ولكنا وفد توبة ، وقد ابتلينا بفتنة استفزت كريمنا ، واستخفت حليمنا فنحن بما قدمنا معترفون وبما سلف منا معتذرون ، فإن تعاقبنا فبما اجترمنا (١) ، وإن تعف عنا فبفضلك علينا ، فاصفح عنا إذ (٢) ملكت ، وامنن إذ قدرت ، وأحسن إذ (٣) ظفرت ، فطال ما أحسنت. قال أبو جعفر : قد فعلت قد فعلت قد فعلت ثلاثا (٤).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدثني يعقوب قال : وغزا (٥) الصائفة يعني سنة خمس وثلاثين ومائة الحارث بن عبد الرحمن الجرشي ، انتهى.

وذكر الواقدي : أن المهدي استعمل ثمامة بن الوليد القيسي على الصّائفة سنة إحدى وستين يعني ومائة ، فظفرت الروم فيها من المسلمين بما لم تظفر بمثله قبلها ولا بعدها (٦) فقال رجل من سلخ يكنى أبا الخرقاء في ثمامة :

أثمام لم تسمع صريخ جماعة

صرخوا بدعوة مجرّح ملهوف

ينحال يأسرهم وأنت بمسمع

منهم بدابق (٧) في ألوف ألوف

حيران تضرب صدريك مهانة

وحماقة كالضّارط المنزوف

فدع المعالي لست (٨) من أخلاسها

للحارث الجرشي أو معيوف

__________________

(١) الطبري : أجرمنا.

(٢) بالأصل «إذ» في الموضعين والمثبت عن الطبري.

(٣) بالأصل «إذ» في الموضعين والمثبت عن الطبري.

(٤) كذا كررت ثلاثا بالأصل ، وفي الطبري : «قد فعلت».

(٥) رسمها بالأصل «وعن» والصواب ما أثبت ، انظر المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١ / ١١٦ وفيه «الحرشي» بدل «الجرشي».

(٦) انظر الطبري ٨ / ١٣٦ وابن الأثير ٦ / ٥٥ حوادث سنة ١٦١.

(٧) وكان ثمامة بن الوليد قد نزل دابق بعسكره.

(٨) وكان ثمامة مغترا وقد نزل دابق ، وجاشت الروم ، وقد أتت طلائعه وعيونه تخبره بحركة الروم وتجمعاتهم ، فلم يحفل بما جاءوا به وخرج إلى الروم بسرعان الناس ، فأصيب من الناس عدة ، وتحرك ميخائيل في عمق مرعش فقتل وسبى وغنم (انظر الطبري وابن الأثير).

٤٥٠

١١٤٣ ـ الحارث بن عبدة. ويقال : عبيدة ، بن رباح الغسّاني

حدّث عن أبيه.

روى عنه عمرو بن بكر السّكسكي ، انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو بكر بن ريذة (١) ، أنا سليمان الطبراني ، نبأنا محمّد بن عبيد بن آدم العسقلاني ، والحسين بن إسحاق ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن محمّد المقدسي ، نبأنا بكر بن عمرو السّكسكي ، نبأنا الحارث بن عبدة حينئذ.

وأنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم حينئذ ، وأنبأنا أبو الفتح الحداد ، أنبأنا عبد الرحمن بن محمّد بن عبيد الله ، قالا : أنبأنا أبو القاسم الطبراني ، نبأنا محمّد بن عبيد بن آدم ، نبأنا إبراهيم بن محمّد المقدسي حينئذ ، وأخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو بكر البرقاني ، أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرني الحسن بن سفيان ، نبأنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابي المقدسي ، نبأنا عمرو بن بكر ـ زاد الطبراني : السّكسكي ـ نبأنا الحارث بن عبيدة بن رباح الغساني ، عن أبيه عبيدة ـ وقال الطبراني : عبدة بن رباح ـ عن منيب بن عبد الله ـ زاد الطبراني : الأزدي ـ عن أبيه عبد الله بن منيب قال : تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علينا ـ زاد الإسماعيلي : هذه الآية ، وقالا ـ (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢) قلنا ـ وفي حديث الطبراني فقلنا : ـ يا رسول الله ، ما ذلك! وقال بريدة : وما ذاك الشأن؟ قال : «أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا ويرفع أقواما ويضع آخرين» انتهى [٢٨٦٥].

ورواه محمّد بن الحسن بن قتيبة ، عن إبراهيم بن محمد الفريابي وقال الحارث بن عبدة بن رباح.

أخبرناه أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، حدثنا أبو الفتح نصر الله بن إبراهيم ، أنبأنا أبو مسلم محمّد بن علي بن طلحة الأصبهاني ـ ببيت المقدس ـ أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن أبي المذكر الشاهد ـ بمصر ـ أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن شعيب القاضي ، نبأنا أبو العبّاس محمّد بن الحسن بن قتيبة ، نبأنا

__________________

(١) بالأصل : «زيدة» خطأ والصواب ما أثبت ، وقد مرّ.

(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٢٩.

٤٥١

إبراهيم بن محمّد المقدسي ، نبأنا بكر (١) بن عمر [حدّثنا](٢) الحارث بن عبدة (٣) بن رباح الغسّاني ، عن أبيه [عن منيب عن](٤) عبد الله بن منيب قال : تلا علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فقلنا : يا رسول الله ، وما ذلك الشأن؟ قال : «يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع قوما ويضع آخرين» انتهى [٢٨٦٦].

وهكذا رواه أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري عن محمّد بن إبراهيم بن يوسف الفريابي وقال : ابن عبدة وهو الصّواب.

وكذلك رواه أبو الحسن بن جوصا عن شيخ له عن عمرو : أنبأناه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا أبو القاسم بن الفرات ، أنبأنا أبو عبد الله ، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي ، نبأنا أبو الحسن بن جوصا ، نبأنا هاشم بن محمّد بن يعلى ، نبأنا عمرو بن بكر ، حدثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغسّاني ، عن أبيه عن منيب بن عبد الله بن منيب الأزدي ، عن أبيه ، قالا : تلا علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فقلنا : يا رسول الله وما ذلك الشأن؟ قال : «يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع قوما ويضع آخرين» انتهى [٢٨٦٧].

١١٤٤ ـ الحارث بن عبد ـ ويقال : ابن عبد الله

ابن وهب الأزدي النّمري الدّوسي (٥)

له صحبة ، وشهد يوم اليرموك ونزل فلسطين وشهد مع معاوية صفّين وجعله على رجّالة فلسطين.

روى عن خالد بن الوليد.

روى عنه سهيل بن سفيان بن سليمان الأزدي.

__________________

(١) كذا ، وفي أسد الغابة ٣ / ٢٩٨ وذكر الحديث بسنده عن يحيى بن محمود في ترجمة عبد الله بن منيب الأزدي : عمرو بن بكر.

(٢) سقطت من الأصل والزيادة عن أسد الغابة.

(٣) أسد الغابة : عبيدة.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن أسد الغابة وفيه : عن منيب بن عبد الله الأزدي.

(٥) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٣٠٠ هامش الإصابة ، أسد الغابة ١ / ٤٠٣ الإصابة ١ / ٢٨٢ واسم أبيه في المصادر : «عبد الله».

٤٥٢

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : حدّثت عن محمّد بن حميد الرازي ، نبأنا أبو زهير عبد الرحمن [بن](١) مغراء ، حدثني أخي خالد بن مغراء ، عن أبيه المغراء بن عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب ، وكان الحارث قدم مع أبيه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في السّبعين الذين قدموا من دوس ، فأقام الحارث مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجع إلى السّراة وكان كثير الثمار ، فقبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والحارث بالمدينة.

قال ابن مندة : الحارث بن عبد الله بن وهب ذكره محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحابة (٢) ، انتهى ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى : حدّثني أبو جهضم الأزدي ، عن سفيان بن سليمان الأزدي ، عن الحارث بن عبد الأزدي ثم النّمري قال : لما نزل أبو عبيدة باليرموك ( ) (٣) جاءتنا الروم يجرون الشوك والشجر فذكر حديثا طويلا قال فيه : قال الحارث بن عبد الأزدي وكنت في الخيل الذي خرجت يومئذ معه ـ يعني مع خالد بن الوليد ـ فأردت (٤) اخرج إليه يعني روميا يطلب المبارزة فقال لي : كما (٥) شئت فلما ذهبت لأخرج إليه قال لي خالد : هل بارزت قبله أحدا؟ قلت : لا ، قال : فلا تخرج إليه ، فذكر الحديث انتهى.

أنبأنا أبو القاسم ، علي [بن] إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، قالا : حدثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن علي بن محمد الدولابي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن ذكوان البعلبكي ، أنبأنا أبو يعقوب إسحاق بن عمّار بن حبيش بن محمّد بن حبيش ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن مندة المصّيصي ، نبأنا عبد الله بن محمّد بن ربيعة القدامي ، حدثني أبو جهضم الأزدي عن سفيان بن سليمان ، عن الحارث بن عبد الأزدي قال : كنت صديقا لخالد بن الوليد وكنت قلّ ما أفارقه قال : وكان مما يستشيرني في الأمر إذا نزل به ، فكنت أشير عليه بمبلغ رأيي قال : فكان يقول

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن أسد الغابة.

(٢) الإصابة ١ / ٢٨٢.

(٣) لفظتان غير مقروءتين رسمتا بالأصل : «معمر قواصة» كذا فتركنا مكانهما بياضا.

(٤) غير واضحة بالأصل ، ولعل الصواب ما أثبت.

(٥) بالأصل «ما».

٤٥٣

إنّك ما علمت لميمون الرأي ، وأقل ما أشرت عليه بمشورة إلّا رأيت عاقبتها تؤدّي إلى السّلامة قال : فلما كان غدا إلى عسكر الروم ـ يعني يوم اليرموك ـ سألني أن أخرج معه ، فخرجت معه حتى إذا دخلنا عسكرهم وضربت قبّته وبعث إليه باهان (١) ليلقاه قال لي : قم فقمت معه وقلت له : إن القوم إنما أرادوك ولا أراهم يريدوني معك قال : امضه ، فمضيت ، فلما دنونا من باهان وعلى رأسه ألوف رجال ما يرى منهم إلّا الحدق وفي أيديهم العمد الحديد ، فلما دنونا منهم جال الترجمان قال : أيكما خالد بن الوليد؟ قال خالد : أنا ، قال : أقبل أنت وليرجع هذا ، فقام خالد فقال : إن هذا رجل من أصحابي ولست أستغني عن رأيه فرجع إلى باهان فقال : دعوه فليأت معه فاحتملنا معه نحوه ولم نمش إلّا خطا خمسا أو ستا حتى جاءنا الترجمان في نحو من عشرة فقال لي : ضع سيفك ولم يقولوا لخالد شيئا ، فنظرت إلى خالد فقال خالد : ما كان ليضع عزه من عنقه أبدا قد بعثتم إلينا فأتيناكم فإن تركتمونا جلسنا إليكم وسمعنا منكم ، وإن أبيتم فخلّوا سبيلنا ننصرف عنكم ، فرجع الترجمان إلى باهان فأخبره فقال : دعوهما بأسيافهما قال : فأقبلنا ، فرحب بخالد وأجلسه (٢) معه قال : وجئت أنا فجلست على نمارق مطروحة للناس حيث أسمع مراجعتهما قال : فلما قال باهان لخالد إنك من ذوي أحساب العرب؟ قال خالد : إن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لنا : «إنّ حسب الرّجل دينه ومن لم يكن له دين فلا حسب له ، وقال لنا : «إن خير الشجاعة عاقبة ما كان منها في طاعة الله عزوجل» وذكرت أني أوتيت عقلا ووفاء فإن أكن أوتيته فالله المحمود على ذلك. قال نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما خلق الله عزوجل من خلقه شيئا هو أحبّ إليه من العقل ، إن الله عزوجل لما خلقه وصوّره قال له : أقبل ، فأقبل ، وقال له : أدبر ، فأدبر» فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت من خلقي شيئا هو أحبّ إليّ منك ، بك تنال طاعتي ، وتدخل جنتي ، والوفاء لا يكون إلّا من العقل ، ومن لا يكن له عقل فلا وفاء له [٢٨٦٨].

وذكر الواقدي : أن الحارث بن عبد الأزدي من أهل فلسطين ، وإنه كان من عقلاء المسلمين وأخيارهم ، فقال يرثي سفيان بن عوف :

أعيني إن أنفذتما الدّمع فاسكبا

دما بأن سفيان بن عوف فودّعا

__________________

(١) فتوح الشام للواقدي ١ / ١٧١ ما هان.

(٢) بالأصل «وجلسه».

٤٥٤

معاوي من للرّوم جاشت وأطنت

عليك ولا سفيان للداع إن دعا

ليبك على سفيان شعث أرامل

وأرملة شعثاء في الثغر ضيعا

ويبك على سفيان كل طمرة

وكل طمر سرح قد تخلعا

أقام التّقى والجد والحزم والنهى

بحرقة (١) ما غنّى الحمام وسجّعا

قال : وكان سفيان قد اتّخذ من كل جند من أجناد الشام رجالا أهل فروسية ونجدة وعفاف وسياسة للحرب ، وكانوا عدة له قد عرفهم وعرفوا به منهم من أهل فلسطين الحارث بن عبد الأزدي وجنادة بن أبي أمية الأزدي ، انتهى.

وأشيم (٢) الموضع الذي مات فيه سفيان غازيا. فقال الحارث : حرقة لضرورة الشعر. وذكر سعيد بن كثير بن عفير : أن معاوية عزل ابن عامر عن البصرة سنة خمس وأربعين واستعمل الحارث بن عبد الله ، ويقال ابن عبد الأزدي من أزد شنوءة من أهل فلسطين فلم يلبث إلّا يسيرا حتى كتب أهل البصرة إلى معاوية يستعفونه منه ويشكون ضعفه. وكتب الحارث يستعفي فولّى معاوية زيادا.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا.

ح وقرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، نبأنا الحسين بن الفهم ، قالا : نبأنا محمّد بن سعد (٣) في الطبقة الأولى بعد أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل الشام : الحارث بن عبد ـ وقال ابن أبي الدنيا : عبد الأزدي.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، نبأنا أحمد بن إسحاق ، نبأنا أحمد بن عمران ، نبأنا موسى بن زكريا ، نبأنا خليفة بن خيّاط قال (٤) : قال أبو عبيدة وكان على رجّالة فلسطين الحارث بن عبدة الأزدي (٥).

__________________

(١) الحرقة بالضم ثم الفتح ناحية بعمان.

(٢) غير مقروءة بالأصل ولعل الصواب ما أثبت.

(٣) طبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٦.

(٤) تاريخ خليفة ص ١٩٦.

(٥) قوله : «الأزدي» عن تاريخ خليفة ومكانها بالأصل «بن الحارث».

٤٥٥

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ، أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن الصّواف ، نبأنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نبأنا هشام بن محمّد قال : قال الهيثم بن عدي : مات الحارث بن عبد في زمن معاوية ، انتهى.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل بن خيرون حينئذ ، وأخبرنا أبو العز ثابت بن منصور ، أنبأنا أبو طاهر الباقلاني ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد الأهوازي ، نبأنا خليفة بن خيّاط : في الطبقة الأولى من أهل الشامات قال : الحارث بن عبد الله الأزدي مات في خلافة معاوية.

١١٤٥ ـ الحارث بن عمر ـ ويقال : ابن عمرو ،

ويقال : ابن نحام ـ الأشعري

قيل إنه ولي القضاء بدمشق في أيّام عبد الملك بن مروان ، انتهى.

ذكر علي بن أحمد بن داود ، نبأنا محمّد بن المرزبان ، نبأنا صالح بن محمّد بن دراج ، نبأنا [أبو] مسهر ، قال : كان الحارث بن عمر الأشعري قاضيا لعبد الملك على دمشق فقدم إليه رجل فحكم عليه فزعمت امرأة أنه أهدى إلى امرأة القاضي هدية فقضى له ، فكتب إليه عبد الملك :

إذا رشوة من دار قوم تقحمت

على أهل بيت والأمانة فيه

سعت هربا منه وولّت كأنها

حليم تولّى عن جواب سفيه

ولم أجد ذكر الحارث بن عمر هذا في غير هذه الحكاية فالله تعالى أعلم بصحتها.

وقد ذكر أبو الحسن بن سميع فيما أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأ أبو القاسم بن عتّاب ، أنبأنا أحمد بن عمير ـ إجازة حينئذ ـ وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنبأنا أبو عبد الله بن الحديد ، أنبأنا أبو الحسن الرّبعي ، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي ، أنبأنا أحمد بن عمير ـ قراءة ـ قال : سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرّابعة من تابعي أهل دمشق الشام : الحارث بن عمرو روى عنه شرحبيل بن مسلم. وكان في الأصل العتيق : الحارث بن عمر الحمصي وضرب على

٤٥٦

الحمصي وأظنه هذا أسقطت الواو من اسم أبيه والله تعالى أعلم. وحكى نفطويه : أن هذه القصة للحارث بن نحام الأشعري وذكر أنه كان قاضيا على دمشق.

١١٤٦ ـ الحارث بن عمرو الطائي

ولي إمرة البلقاء في خلافة عمر بن عبد العزيز ثم ولي أرمينية وأذربيجان وبعثه سليمان بن عبد الملك إلى المدينة بعزل عثمان بن حيان المرّي (١) وولاية أبي بكر بن محمّد بن عمر بن حزم.

أنبأنا عمّي ، قال : أنبأنا أبو غالب الرّبعي قال : أنبأنا أبو القاسم التنوخي ، قال : أنبأنا أبو الحسين بن المظفّر ، نبأنا أبو بكر أحمد ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى البغدادي قال في كتاب تاريخ الحمصيين قال : الحارث بن عمر (٢) الطائي ـ ـ ـ (٣).

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الحسين السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، أنبأنا أحمد بن عمران ، نبأنا موسى بن زكريا ، نبأنا خليفة بن خياط (٤) في تسمية عمال عمر بن عبد العزيز : البلقاء الحارث بن عمرو الطّائي قال خليفة : سنة سبع ومائة فيها عزل هشام بن عبد الملك الجرّاح بن عبد الله الحكمي ، عن أرمينية وأذربيجان وولاها مسلمة بن عبد الملك ، فوجه المسلمة الحارث بن عمرو (٥) الطائي.

قال خليفة : فحدّثني أبو خالد قال : قال أبو البراء : زحف مارتيك (٦) بن خاقان سنة ثمان ومائة إلى أذربيجان فحصر مدينة ورثان ورماها بالمجانيق ، فبلغ الخبر الحارث بن عمرو ، فتوجّه فقطع الرسّ من فوق ورثان وبلغ ابن خاقان فأتى الحارث ، فالتقوا فهزم الله تعالى ابن خاقان وأصحابه وقتل منهم جمعا كثيرا وقتل الحارث بن عمرو رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) بالأصل «عثمان بن عفّان» والصواب عن تاريخ خليفة ص ٣١٧.

(٢) كذا ورد «عمر» بالأصل.

(٣) بياض بالأصل مقدار عدة كلمات.

(٤) تاريخ خليفة بن خياط ص ٣٢٣ وحوادث سنة ١٠٧ ص ٣٣٧.

(٥) عن تاريخ خليفة ص ٣٣٧ وبالأصل «عمر».

(٦) عن تاريخ خليفة ص ٣٣٨ وبالأصل : «فارتيد».

٤٥٧

وحكى خليفة [عن] ابن الكلبي : أن الحارث بن عمرو كان حيّا في شوال سنة اثنتي عشرة ومائة فالله أعلم (١).

١١٤٧ ـ الحارث بن عميرة (٢) الزّبيدي (٣) الحارثي (٤)

روى عن معاذ بن جبل ، وأبي عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الله بن مسعود ، وسلمان الفارسي. والصّواب يزيد بن عميرة.

أخبرنا أبو النجم الشّيحي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله السّراج ـ بنيسابور ـ نبأنا أحمد بن محمّد بن عبدوس الطرائفي ، نبأنا معاذ بن نجدة القرشي ، نبأنا خلاد بن يحيى ، نبأنا عبد الأعلى بن أبي المساور ، عن عكرمة ، عن الحارث بن عميرة عن سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» انتهى [٢٨٦٩].

رواه عبد الحميد [بن] بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحيم بن غنم ، عن الحارث موقوفا.

أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشّيحي أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا عبد العزيز [بن] محمد بن جعفر العطار ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد ، نبأنا يعقوب بن يوسف المطوعي ، نبأنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرّحمن بن غنم عن الحارث بن عميرة (٦) قال : قدمت إلى سلمان إلى المدائن فوجدته في مدبغة له يعرك إهابا بكفيه ، فلما سلّمت عليه قال : مكانك حتى أخرج إليك قال الحارث : والله ما أراك تعرفني ، أبا عبد الله؟ قال : بلى ، قد عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك ، فإن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها في الله عزوجل ائتلف ، وما كان في غير الله عزوجل اختلف ، انتهى.

__________________

(١) كذا والذي في تاريخ خليفة هنا ذكر «الطائي» فقط ولم يذكر عنه لا اسمه ولا كنيته.

(٢) بالأصل «عمير» والمثبت والضبط نصا بفتح العين عن الإصابة ١ / ٣٧٠.

(٣) ضبطت بفتح الزاي عن الإصابة.

(٤) ترجمته في الإصابة ١ / ٣٧٠ وميزان الاعتدال ١ / ٤٤٠ وتاريخ بغداد ٨ / ٢٠٥.

(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٢٠٦.

(٦) بالأصل «عمير» والمثبت عن تاريخ بغداد.

٤٥٨

قال الخطيب : هكذا رواه عبد الرحمن بن غنم ، عن الحارث بن عميرة موقوفا. ورفعه عكرمة مولى ابن عبّاس ، عن ابن عبّاس.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، نبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو بكر بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن هبة الله ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، نبأنا يعقوب ، نبأنا أبو صالح ، حدّثني عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، نبأنا عبد الرحمن بن غنم ، عن حديث الحارث بن عميرة الحارثي : أنه قدم مع معاذ بن جبل من اليمن فبات معه في داره وفي منزله فأصابهم الطاعون فطعن معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجرّاح وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك جميعا في يوم واحد ، فلما أمسى طعن عبد الرّحمن الذي كان يكنى به معاذ بكره وأحبّ الناس إليه فدفنه من الغد ، فأخذت امرأتيه جميعا فما غدا أن فرغ من دفنهما فطعن معاذ فأخذ يرسل الحارث إلى أبي عبيدة يسأله ، فلما انقضى معاذ نحبه انطلق الحارث حتى أتى أبا الدّرداء بحمص ثم قدم الكوفة ، فأخذ يحضر مجلس ابن أمّ معبد ، ثم قدم على سلمان بالمدائن انتهى.

قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، عن أبي الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا أبو الفضل بن عبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي ، وأنبأنا أبو سعد بن الطّيّوري ، أنبأنا أبو الفضل بن الكوفي وأبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي ـ إجازة ـ قالا : أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمة (١) ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن (٢) يعقوب بن شيبة ، حدّثني جدي ، عن أبي [عن] عبد الحميد ـ يعني ابن بهرام ـ الفزاري ، نبأنا شهر بن حوشب ، حدّثني عبد الرّحمن بن غنم (٣) ، عن حديث الحارث بن عميرة الحارثي : أنه قدم مع معاذ من اليمن فبت معه في داره وفي منزله فأصابهم الطاعون فطعن معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك جميعا في يوم واحد وكان عمرو بن العاص حين حسّ بالطاعون فرق فرقا شديدا فقال : يا أيّها الناس تبدّدوا في هذه الشعاب وتفرقوا ، فإنه قد نزل بكم أمر من أمر الله لا أراه إلّا رجزا أو الطوفان ،

__________________

(١) انظر ترجمته في بالأصل : «١٧ / ٨٢.

(٢) بالأصل «أحمد بن أحمد بن يعقوب» انظر ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٣١٢.

(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥.

٤٥٩

قال شرحبيل بن حسنة : قد صاحبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنت أضلّ من حمار أهلك. قال عمرو : صدقت ، قال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص : كذبت ليس ، بالطوفان ولا بالرجز ، ولكنها رحمة ربّكم ، ودعوة نبيّكم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقبض الصّالحين قبلكم ، اللهمّ ائت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة ، فما أمسى حتى طعن عبد الرحمن ابنه الذي كان يكنى به بكرة ، وأحبّ الخلق إليه ، فرجع معاذ من المسجد فوجده مكروبا فقال : يا عبد الرحمن كيف أنت؟ فاستجاب له فقال : يا أبه الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، قال معاذ : وأنا إن شاء الله ستجدني من الصّابرين ، فأمسكه ليلته ثم دفنه من الغد ، فأخذ بامرأتيه جميعا فأراد أن يقرع بينهما أيهما تجيء قبل الأخرى فقال الحارث بن عميرة : جهزهما جميعا ، أبا عبد الرحمن ويحفر لهما قبرا واحدا ، فشقّ لإحداهما وألحد للأخرى ، فما عدا أن فرغ منهما فطعن ، فأخذ معاذ يرسل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة بن الجراح ، يسأله كيف هو؟ فأراه أبو عبيدة طعنة خرجت في كفه فتكابر شأنها في نفس الحارث ، وفرق منها حين رآها وأقسم له أبو عبيدة ما يحبّ أن له مكانها حمر النعم. فرجع الحارث إلى معاذ فوجده مغشيا عليه ، فبكى الحارث واشتكى عليه ساعة ، ثم إنّ معاذا (١) أفاق فقال : يا ابن الحميرية لم تبكي علي ، أعوذ بالله منك أن تبكي عليّ. فقال الحارث : والله ما عليك أبكي. قال معاذ : فعلى ما تبكي؟ قال : أبكي على ما فاتني منك العصرين الغدو والرّواح. قال معاذ : أجلسني ، فأجلسه الحارث في حجره. قال : اسمع مني فإني أوصيك بوصية ، إن الذي تبكي عليّ زعمت من غدوك ورواحك إليّ. قال أتعلم مكانه لمن أراد بين لوحي المصحف ، فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدي عند ثلاثة : عند عويمر أبي الدّرداء ، وعند سلمان الفارسي ، وعند عبد الله بن مسعود بن أمّ عبد ، وأحذرك ذلة العالم ، وجدال المنافق ، واحذر طلبة القرآن (٢).

قال : سمعته يحدث أنّ معاذا اشتد عليه النزع نزع الموت فنزع نزعا لم ينزعه أحدا ، فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه ثم قال : اخنقي خنقك ، فوعزتك ربي إنّك لتعلم أنّ قلبي يحبّك.

__________________

(١) بالأصل «معاذ».

(٢) بالأصل «طلبة المنافق» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٦١.

٤٦٠