السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام

الشيخ علي ربّاني الخلخالي

السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:

الشيخ علي ربّاني الخلخالي


المترجم: الشيخ جاسم الأديب
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: انتشارات مكتب الحسين عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٢
ISBN: 964-91933-8-3
الصفحات: ٢٩٥

* بالإضافة إلى فضائله وسجاياه الخيرة فهو جدّ أُمّ الإمام الصادق عليه السلام إذ أنّ ابنه قاسم فقيه الحرمين كان الإمام الباقر عليه السلام قد تزوّج بابنته أُمّ فروة وولدت له عميد المذهب الشيعي الإمام الصادق عليه السلام.

أمّا أُخوته فهم : محمّد وعبدالله وعون وهم أولاد جعفر الطيّار رضوان الله عليه فضلاً عن يحيى ولد الإمام علي عليه السلام.

أمّا أُخوته فهم : محمّد وعبدالله وعون وهم أولاد جعفر الطيّار رضوان الله عليه فضلاً عن يحيى ولد الإمام علي عليه السلام.

* عيّن محمّد بن أبي بكر كوالي على مصر من قبل أمير المؤمنين عليه السلام مرتين إحداهما قبل أن يتولّى مالك الأشتر مصر والأُخرى بعدها.

* ينقل أنّ معاوية بن خديج وعمرو بن العاص بعد أن قتلا محمّد بن أبي بكر بأمر معاوية جعلا جثّته في جوف حمار وأحراقها وبعثوا رأسه إلى معاوية ، قبره الشريف اليوم في الباب الصغير معروف.

* قيل إنّ عائشة أُخته كانت تكثر البكاء لشهادة محمّد وتلعن معاوية وعمرو بن العاص ومعاوية بن خديج في قنوت صلاتها.

وقد تألّم أميرالمؤمنين عليه السلام لشهادته كثيراً وبكى لفقده وقال : محمّد ابني من ظهر أبي بكر ذكر المؤرخون (١) أنّ عمره المبارك حين شهادته كان ثماني وعشرين سنة وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه واله عن شهادته قبل ولادته ، وقبره اليوم موجود في مصر شارع الحيضان بالقرب من جامع الحيضان في أحد المساجد الواقعة خلف جامعة الأزهر ويسمّى جامع الدعاء.

* روي أنّه لمّا ضرب أميرالمؤمنين عليه السلام الضربة التي توفّي منها استأذن الناس عليه ، وكان ذلك اليوم العشرين من شهر رمضان ، فدخلوا عليه وأقبلوا يسلّموا عليه وهو يردّ ، ثمّ قال عليه السلام : أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني وخفّفوا سؤالكم لمصيبة إمامكم ، قال : فبكى الناس عند ذلك بكاءً شديداً ، وأشفقوا أن يسألوه تخفيفاً عنه ، فقام إليه حجر

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٢ ص ١٦٢.

٢٦١

ابن عدي الطائي وقال :

فيا أسفاً على المولي التقيِّ

أبو الأطهار حيدرة الزكي

فلمّا بَصُر به وسمع شعره قال له : كيف لي بك إذا دُعيت إلى البراءة منّي ، فما عساك أن تقول؟ فقال : والله يا أميرالمؤمنين لو قطّعت بالسيف إرباً إرباً ، وأُضرم لي النار وأُلقيت فيها لآثرت ذلك على البراءة منك ، فقال : وُفّقت لكلّ خير يا حجر ، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك عليه السلام (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٢ ص ٢٩٠.

٢٦٢

الفصل السابع عشر

السيّدة رقيّة في شعر الشعراء

من أبيات الصحابي الجليل سيف بن عميرة النخعي قال فيها :

وسكينة عنها السكينة فارقت

لمّا ابتديت بفرقة وتغيّر

ورقيّة رقّ الحسود لضعفها

وغدا ليعذرها الذي لم يعذر

ولأمّ كلثوم يجد جديدها

لثم عقيب دموعها لم يكرّر

لم أنسها وسكينة ورقيّة

يبكينه بتحسّر وتزفر

يدعون أُمّهم البتولة فاطماً

دعوى الحزين الواله المتحيّر

يا أُمّنا هذا الحسين مجدلاً

ملقى عفيراً مثل بدر مزهر

في تربها متعفّراً ومضخّماً

جثمانه بنجيع دم أحمر (١)

للعلّامة المرحوم شاعر أهل البيت الشيخ عبد المنعم الفرطوسي المتوفّى ١٤٠٤ ه :

أنزلوهم في خربةٍ ليس فيها

غير مهد الثرى وسقف السماء

لا تقيهم حرّ الهجير بظلٍ

وهو يصلي ولا لهيب ذكاء

والإمام السجّاد يخرج حيناً

بعد حين من شدّة البرحاء

هارباً من حرارة الشمس فيها

مستجيراً بالظلّ بعد العراء

كان يلقى سهلاً فيشكو إليه

ما يلاقي من الأذى والعناء

فتجيء الحوارء عدواً إليه

وهي تدعو بنديةٍ ورثاء

يا حمانا الزاكي إلى أين تمضي

أنت بُقايا الآباء والأبناء

__________________

(١) لبس السواد في عزاء أئمّة النور ص ٢٢٠ نقلاً عن المنتخب الطريحي.

٢٦٣

فيخلي عنه ويمضي إليها

مستظلاً من عطفها برداء

وتراءى الحسين يوماً لعيني

طفلةٍ عند ساعة الإغفاء

فاستفاقت وطالبت بأبيها

وتعالى الصراخ بين النساء

فأتوها برأسه فأكبّت

فوقه مستغيثة بالبكاء

شهقت شهقة فماتت عليه

حين أهوت على صعيد الفناء

حرّكوها وما بها من حراكٍ

فنعاها السجّاد للحوراء

وهي كانت في أصلها حين تنمى

خير بنت لسيّد الشهداء (١)

للعلّامة الكبير رائد المنبر الحسيني وشيخ الخطباء الدكتور الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله :

في ربى قاسيون قبر صغير

فيه غصن من البتول نظير

تربة هومت رقية فيها

حضن الطهر رملها والحفير

عندها من محمّد وعلي

والحسين الشهيد شيء كثير

والسمات الطيبات تراث

يتجلّى به البشير النذير

يحمل العبرة الصريحة إن

الحقّ يبقى ويذهب التزوير

والضريح الذي يضمّ نسجاً

علوياً بالاحترام جدير

يطل الورد عاطش الروح منه

وبيوت النبي نبع نمير

وبدرب العيون صرح تسامى

الفنّ فيه وأبدع التعمير

روضة تأشب النظارة فيها

ويجلي أبهاءها التنوير

إن أطلت شمس الصباح عليها

يتبارى بها السنا والعبير

وصخور تماوجت بالمرايا

فكأنّ الشعاع فيها غدير

ويخطّ البلّور والذهب الإبريز

ما عنه يعجز التصوير

حفلت بالشموخ مبنىً ومعنىً

فالمزايا جنباً لجنب تشير

__________________

(١) ملحمة أهل البيت ج ٣ ص ٣٨٦.

٢٦٤

أيه بنت الحسين يومك يُسر

وأمام الطغاة يوم عسير

المدى فيك بالخلود طويل

والمدى عند شانئيك قصير

والرقيم الذي على صرحك الشا

مخ فيه البيان والتفسير

أن يحيق الهوان الآسر الباغي

ويسمو كما يشاء الأسير

وتروح القصور والترف الفاجر

والوشي لامعاً والحرير

والعروش التي على البغي قامت

وجنود ومنبر وأمير

أيدانيك ظالم بسريرٍ

وقد انحطّ للهوان السرير

ممّن اجترّ حقد بدر وأُحدٍ

وتمادى سُعاره الشرير

من رعيل دم الشهادة فيهم

ملأ قرقارة الشراب خمير

ولأسنان أُمّهم في لحوم

ممّن استشهدوا بأُحدٍ صرير

فذريهم إلى الهوان مصيراً

وليدم منك للخلود مصير

يا ابنة المتّقين عاقبة الأبرار

عمّا ينالهم تبرير

أُنظري خربة أقمت بها بالشام

تُرُب فراشها وحصير

إنّها عبرة على شفة التاريخ

يشتارها السميع البصير

أنت فيها رمزٌ وضرخةُ حقٍ

عند سمع الطغاة منها هدير

صاح فيها صوت الضمير وعدل

في الموازين لو أفاق الضمير

سيطال الخراب أروقة الظلم

ويجتاح صرحها التدمير

وسيبدو للتائهين بأن الله

في فعل ما يشاء قدير

أيّها الشجنة التي أذبلتها

لوعة الأسر والفلا والهجير

فهي من زحمة القيود على الصـ

ـدر أنين شهيقها والزفير

طفلة يكمن الذهول بعينيها

فيبدو بدمعها التعبير

حملت قلبها الكسير على يُتمٍ

وقلب اليتيم قلب كسير

إنّها برعم وما اشتدّ منها

عودها الغضّ والفؤاد الغرير

٢٦٥

لم يزل مثلها تهدهده هذه الدنيا

والحلم والفراش الوثير

فإذا بالزمان يُثقل كتفيها

بما قد ينوء منه ثبير

فهي جسم يدافع السوط بالكفّ

وعين بدمعها تستجير

يالوجدي وقد مررت عليها

وعلى القبر من أساها سطور

فبدى طيفها لعيني نِضواً

من سياط حدا بهنّ الغرور

قد تعاورنها ودرن عليها

وهي من وقعها الأليم تدور

وبراها السرى ففي عودها الناحل

وهن مبرح وضمور

تسأل الأُمّهات أين أبوها

كيف أغضى وهو الشفيق الغيور

كُنّ يوهمنها بأنّ أباها

غائب حان عوده والحضور

غير أنّ الغياب طال عليها

والعشي امتدّت بها والبكور

وألحّت تريده ذات يومٍ

فهو في قعر ذهنها محفور

فأتوها بالرأس أذيل خدّيه

هجير ونحره منحور

فهوت فوقه وأغفت كما

أغفى على دفء أُمّه عصفور

حضنت رأسه وأسلمت الروح

وجفت كما تجفّ الزهور

أيّها الزائرون في ودّ ذي القربى

سعيتم فسعيكم مشكور

هل لمحتم شمائل الأُمّ في البنت

فللفرع ما روته الجذور

ما هو القبر بل شعائر قدسٍ

في محاريبها يطوف الشعور

يُكتب السعي في المسير إليها

فهي آثار فضلها مأثور

الثمو تربها الطهور احتساباً

إن ترباً ضمّ الطهورَ طَهورُ

وانظروا كيف يزدهي القبر فيها

والتراتيل والشذى والنور

فلكم أوحشت قبور بأهليها

وشعت بساكنيها قبور

للمرحوم العلّامة الشاعر الدكتور السيّد مصطفى جمال الدين المتوفّى ١٤١٧ ه ق :

في الشام في مثوى أُميّة مرقد

يُنبيك كيف دم الشهادة يخلد

٢٦٦

صرح من الإيمان زهو أُميّة

وشموخ دولتها لديه يسجد

رقدت به بنت الحسين فأوشكت

حتّى حجارة ركنه تتوقّد

كانت سبية دولة تبني على

جثث الضحايا مجدها وتُشيّد

حتّى إذا دالت تساقط فوقها

بأس الحديد وقام هذا العسجد

هيّا استفيقي يا دمشق وأيقظي

ترفاً على وضر القمامة يرقد

وأريه كيف تربّعت في عرشه

تلك الدماء يضوع فيها المشهد

من راح يعدل ميل بدر أمسه

فُلت صوارمه ومال به الغد

ستظلّ هند في جحيم ذحولها

تجترُ أكباد الهدى وتعربد

ويظلّ مجدك يا رقيّة عبرةً

للظالمين على الزمان يجدّد

يذكو به عطر الأذان ويزدهي

بجلال مفرقة النبي محمّد

ويكاد من وهج التلاة صخره

يندى ومن وضح الهدى يتورّد

وعليه أسراب الملائك حوم

وهموم أفئدة الموالي حُشد

وبه يطوف فم الخلود مؤرخاً

بالشام قبر رقية يتجدّد

للسيّد داود بن إبراهيم صندوق الدمشقي وشقيقه السيّد يوسف :

لذ في رقيّة سرّ الله كعبته

شمس بها انشقّ داجي الليل مظلمه

وزر حماها فللزوّار إن دخلوا

ولا أبيها نعيم الخلد تُطعمَهُ

وهو الإمام علي خير منتخبٍ

صنو النبي وسيف الله مخذمه

قد شاد للدين ركناً لا انهدام له

حبل الإله صراط الله أقومه

هذا هو النور نور الله أظهره

بالطور قدماً لموسى إذ يكلّمه

يلوح من حضرة قد قُدّست وسمت

لها من الشرف العلوي أعظمه

مغنىً لدرّة قدسٍ من بني مضر

تبغي الدراري من الآفاق تلثمه

من معشر باهت الأرض السماء بهم

والذكر بالنصّ فيهم جاء محكمه

هم آل بيت رسول الله من بهم

تمّت علينا من الرحمن أنعمه

٢٦٧

نثرت من أدمعي درّاً بمأتمهم

في سلك حبل ولائي رُحت أنظمةُ

صلّى عليهم إله العرش ما غربت

شمس الضحى وبدت في الأُفق أنجمه

مقامهم في العلى نادى مؤرخه

العرش أرجاه والكرسي معلّمه (١)

للأُستاذ الخطيب الكبير العلّامة الشيخ جعفر الهلالي :

قف عند جلق واستقرئ بها العجبا

وانظر لعاقبة الأبرار منقلبا

واستنطق الزمن الماضي بما حفلت

أيّامه حيث ضجّت في الورى صخبا

كيف انطوت دولة كانت محصنةً

منها القلاع وقد مدّت لها طُنبا

تسعون عاماً ونيف قد مضت خبباً

للملك ما شيّدوا للملك ما جُلبا

كأنّما هي طيف مرّ منصرماً

أو كالسراب لألباب الورى خلبا

فما السبيل لنيل المجد مملكةً

أو أن تحوز بها الأموال والنشبا

وإنّما المجد بالتقوى وإن قصرت

منك الحياة وعشت الهمّ والتعبا

سل عن أُميّة في دنيا مفاتنها

بالغوطتين تريك المنزل الخربا

تُريك أنّ ديار الظلم خاوية

وأن ما حاولوا قد عاد منقلبا

وسل عن الآل من أبناء حيدرةٍ

أيّام عاشوا بدنيا دهرهم غُربا

فها هو الدهر يحني هامه عظماً

لمجدهم حين يسمو عزّةً وأبا

في كلّ بقعة أرضٍ من عبيرهم

رَوح يعطر من أرجائها التُربا

كانت هنا طفلة في دار غربتها

أسيرةً زاد فيها الوجد واضطربا

وكان ثمّة باغٍ عاد منتصراً

بزعمه راح يثني عِطفه طربا

إذا به وهو لا قبرٌ ولا أثر

بذكره وبه ناعي الفنا نعبا

__________________

(١) موسم العدد ٤ ص ١٠٧٧ وقد أرّخ بها تجديد عمارة قبرها عام (١٣٢٣ ه) وهو يرى أنّها بنت الإمام علي والصحيح هي بنت الحسين كما تقدّم.

٢٦٨

وذي اليتيمة والأيّام تنشرها

ذكراً حديثاً جميلاً طيّباً عذبا

قبر بزاوية مرّت به عصر

أضحى يناطح في عليائه الشهبا

ثوت رقيّة فيه فاكتسى شرفاً

غداة ضمّ الهدى والهَدي والحسبا

ومن لطه نمتها في أرومتها

أُمٌّ طهور فقد عزت بها نسبا

من قبل ألف ومثواها تقدّسه

هذي الدُنار غمّ من عادى ومن غصبا

للعائذين على أعتابها زمرٌ

من الأنام ترجي عندها الرغبا

حتّى الملائك رهن عند حضرتها

يباركون بها من زار أو ندبا

هذا هو العزّ لا ملك له حشم

هبّت به الريح حتّى صيّرته هَبا

قف بالمساعي التي تسمو النفوس بها

جوداً تريك جميل الفعل مُطّلبا

تريك أنّ ثمار الحبّ ما برحت

تُجنى وأنّ ضياء الحقّ ما غَرُبا

أنّ للخير ما زالت هنا همم

ميمونة القصد ترجو الجنّة الطلبا

سعت لترفع هذا الصرح مرخّصةً

هذي الجهود تريك الصنعة العجبا

تُريك من روعة التصميم هندسة

قد أحكمته فأضحى كالسنا لهبا

أنّى تّجهت فروح الفنّ ماثلة

يبدو بها المرمر اللمّاع منتصبا

قد جدّدوه ضريحاً عزّ مفتخراً

فيه تزاحم تلك الفضّة الذهبا

وقال الشيخ جعفر الهلالي أيضاً :

قف عند باب رقيّة تتضرّع

واقصد حماها فهو حصن أمنع

بنت الحسين سمت عُلا وجلالة

لجلالها هذى الخلائق خُشع

أبداً تأمُّ ضريحها وجلالها

وبها لواهب مجدها تستشفع

للعلّامة المفضال الأديب الجليل سماحة الشيخ محمّد جواد السهلاني :

هذا هو الصرح الممرّد مرقد

لرقيّة بنت الحسين الطاهرة

سيظلّ مرقدها مناراً للهُدى

يهدي الذوات من النفوس الحائرة

وترى الملائك خشعاً من حوله

كحجيج مكّة في حشود زائره

٢٦٩

هذي اليتيمة من سلالة حيدر

طالبت أرومتها فاضحت نادرة

ما أُمّها ذو حاجةٍ إلّا انقضت

فهي الملاذ من الأُمور الجائرة

هذا هو الشرف العظيم مخلد

بالرغم من كيد الظغاة الماكرة

الله يرفع شأن آل محمّد

ويعيش غيرهم حياة خاسرة

أهديتها هذا الشعور لآلئاً

كيما أنال به ثواب الآخرة

للأُستاذ الكبير الأديب الجليل المبدع الدكتور أسعد علي :

على نيّة نُطقي يفاوض صمته

ونخلة عذراء الهدى تتمايل

ألا ليت قومي يذكرون كرامةً

رقيّة تزجيها لمن يتراسل

رقيّة رمز لا يطوقها المدى

بآدم والعي الحنون يواصل

لتنتخب الموت الجيمل نموّه

تتّت زهرا فالطيوب رسائل

يطوِّر ما قالت رقيّة رُقيَّةً

يقام بها الموتى وتزهو الذوابل

إذا جعفر طارت بكفّيه مؤتة

ففي أُحد يحمي المزارع هاطل

وإن قيل في الدنيا نموت تجيبهم

نموت على الحسنى فموتي باطل

عباءتي الأفلاك تغتمر الدجى

رُقية روحي فالشروق جدائل

كذلك نحيا أو نموت لغايةٍ

فأطوار موسيقي الحياة مراحل

للخطيب الأديب الشاعر العلّامة السيّد محمّد مهدي السويج :

طفلة للحسين في الشام ماتت

وهي ولهى مع الأسارى شجيه

كم أرادوا لها إماتة ذكر

فعلت فوق مستوى فيه حيه

فكأنّ الزهراء فيها تجلّت

فعليها أنوارها النبويه

وهي أيضاً عن فاطمٍ لأبيها

بضعة أحمدية علويه

ولها في رسالة السبط دور

مع أطفاله لشرح القضيّه

في دُنا التضحيات من دون دين

الله جارت عليه أُميّه

وبطيف المنام لاقت أباها

وسريعاً تمّ اللقا بالمنيّه

٢٧٠

فغدا قبرها مزاراً يطوف الناس

فيه في غدوة وعشيّه

ويرى عند قبرها الشريف سناء

عبر هذي الأجيال يهدي البريّه

كلّما جدّد البناء عليه

جدّد العهد في قلوب زكيّه

لم تزل ترتقي وتُهوي عداها

فبحقٍ كانت تسمّى رقيّه

للأُستاذ الشاعر إسماعيل خليل أبو صالح :

خبّريني يا روضة في الشآم

كيف نلت بها رفيع المقام

طفلة لم تناهز الحلم لكن

هي فرع من دوحةٍ للكرام

من أبوها من جدّها من أخوها

سائليها لها أنحنِ باحترام

سائليها تجبك أنّ أباها

بدماه سقى عرى الإسلام

وهي من جدّها تسامى عُلواً

وفخاراً على جميع الأنام

وأخوها ذاك الذي ميزته

ثفنات من فرط ذاك القيام

فلماذا رقية الطهر ذاقت

في صباها أهوال فعل اللئام؟

أكذا الأجر والمودّة في القربى

لطه يا أُمّة الأقزام؟

حكمة الله قد قضت أن يضام

الحرّ لكن الخلد للمستضام

ودليلي رقية أن تزرها

تجد التبر راسفاً بالرخام

وحوالي ضريحها تجد الناس

قياماً أو ركّعاً للسلام

ثمّ عرّج على يزيد وشاهد

كيف صار الخرابُ دار الطغام

عظة المرء بين تلك وهذا

كيف يسمو أو يهوي مثل الحُطام

للأُستاذ الشاعر الأديب إبراهيم جواد الدمشقي :

لمن البكاء وحرقة العبرات

لمن العويل ورنّة الآهات

لمن الجموع تلاطمت أمواجها

وتدافعت أفواجها سكرات

نظراتها حيرى وأكبدها لظىً

وقلوبها موقودة الجمرات

لرقيّة بنت الحسين رنينها

وأنينها المشفوع بالزفرات

٢٧١

بنت الإمام أخي الإمام ابن الإمام

أبي الأئمّة سادة السادات

لعظيمة ما جاوزت بعضاً من الأ

عوام أو بعضاً من السنوات

قد أشربت لبن الشهادة مترعاً

صافٍ من النزعات والنزغات

قد طهر الله الحكيم فؤادها

من كلّ رجسٍ من هوى الرغبات

فرنت لمرقدها الجموع تبثّه

أشجانها مشبوبة اللفحات

سكبت على القفص المذهب دمعها

وسقته من عبقاتها نفحات

وقفت بأرض الطف ترمق فيلقاً

سدّ القضاء بكلّ باغٍ عات

جاؤوا يصدّون الحسين وصحبه

ويروعون نساءه الخفرات

شهدت بعينيها مصارع أهلها

مستبسلين مشمّرين كماة

منعوا ورود الماء وهو أمامهم

قتلوا على ظمأ بشطّ فرات

حزت رؤوسهم ورضت أضلع

وتوزّعت مزقاً على الفلوات

رأت المشاهد لو رآها ضيغم

صعب العريكة بالغ الفتكات

لتفجّرت منه الدماء تفجّعاً

وقضى صريعاً خامد الحركات

لكنّها بنت الحسين وقلبها

قلب الحسين محصن الجنبات

فاقت أسود الغاب صبراً واحتوت

سيل الكروب بعزمةٍ وثبات

صبرت على البلوى وغالبت الأسى

وعلت كوالدها على النكبات

حتّى إذا رأت الحسين مسربلاً

بدم الشهادة طيّب العبقات

والرأس حُزت والجبين معفر

والشيب خضب بالدما الأرجلات

نادته يا أبتاه من ليتيمةٍ

من للنساء الرُّمل الثكلات

يا والدي لهفي عليك ممزقاً

والقلب ساج ساكن النبضات

أبَ يا أبي ما العيش بعدك سائغ

من عاش بعدك عاش كالأموات

أنا يا أبي ما خفت بعدك كربةً

أبداً ولا هبتُ الذي هو آت

عزّ الفراق عليَّ يا أبتي فما

معنى الحياة وأنت أنت حياتي

٢٧٢

خذني إليك أبي فلست قريرة

بالعيش دونك فاستجب دعواتي

خذني إليك فما الوداع يروقني

أبتاه لا أقوى على المأساة

وقد استجاب لها الإمام وضمّها

بين الحنايا حاني اللمسات

أخذت إليها الرأس وهي تشمّه

وتكحل الأنظار بالنظرات

وتخاطب الرأس الشريف مروعةً

والقلب منها دائم الحرقات

بكت الصغيرة والإمام بحضنها

وعلا النشيج فهيّج الصرخات

وغفت على الرأس المخضّب بالدما

مخنوقة الأنفاس والنبرات

فقضت شهيدة حزنها ومصابها

بنت السنين الخمس كالومضات

وقضى لها الله الخلود على المدى

بين الورى وبوارف الجنّات

تأتي الجموع لترتوي من كوثر

ثرّ العطاء مبارك الثمرات

وتعود تحمل زمزماً في فكرها

وفؤادها يزكو مع السجدات

والشام نعم الشام قد أنست بها

وتشوّقت لليُمن والبركان

وتعاهدت تُعلي المقام مكرماً

وتحوطه بالحبّ والدعوات

وتبّرأت من عصبة منبوذةٍ

خانت عهود الله والآيات

عاثت فساداً في البلاد وأظهرت

فيها الفواحش فعل شرّ طغاة

إنّ الملوك إذا استباحوا أُمّةً

جعلوا أعزّة أهلها نكرات

هذي فعال بني أُميّة في الورى

من عهد صخر عابد اللذّات

حتّى يقوم بدوره سفيانها

ابن الطليق وصاحب الغدرات

فإليك يا بنت الحسين تحيّتي

وعليك حزني دائم العبرات

للدكتور الأديب لبيب وجيه بيضون :

يا آل طه المصطفى أهل الكرم

حزتم فخاراً ليس تنساه الأُمم

أنتم سراج الحقّ ما بين الورى

تاج المعالي أنتم رمز الشيم

لا سيّما بنت الحسين المجتبى

تعلو مآذنها على كلّ القمم

٢٧٣

وقبابها مشهورة في جلقٍ

تُلقي الضياء على البسيطة والشمم

في خربة وضعت تلوذ بزينب

ولقد أمض بها وأضناها السقم

لما رأت رؤيا أبيها كامداً

ضجّت لرؤياها تنوح من الألم

طلبت أباها قيل : سافر مدّة

حتّى رأته قطيع رأس كالعلم

آوته في حجر تقبل مبسماً

منه ودمع العين يذرف كالديم

سهقت عليه شهقة فيها الأسى

راحت بها لله تشكو من ظلم

سبحان ربّي يمهل الطاغي ولا

يهمله حاشا فهو عدل إن حكم

للسيّد عامر الحلو :

بدمشق قبرك يا رقيّة يُشرق

وبه عظات بالحقيقة تنطق

كنت أسيرة دولة مغرورةٍ

فعصفت فيما زوروا أو لفّقوا

وإذا بها عند النهاية عبرة

وإذا بقبرك فيه تزهو جلق

وإذا بمجدك وهو مجد محمّدٍ

زاهٍ ويخترق المدى ويحلق

تلك الحقيقة سوف يبقى نورها

أبد الزمان على العوالم يخفق

ويظلّ هدي محمّد طول المدى

رغم الصعاب وهولها يتعمّق

والكون يخضع للرسالة خاشعاً

ويدين فيها غربُه والمشرق

وهو الذي قد رامه في كربلا

نحر الحسين وفيضه المتدفّق

ويظلّ صرحك يا رقيّة شامخاً

بالطيّبات وبالمفاخر يعبقُ

ولقد ذكرتك يا رقيّة بالشجى

لما رُزئت وغاب عنك المشفق

لمّا غفت عيناك من تعب السبا

ورأيت والدك يحنّ ويُشفق

ففزعت باكية عليه بلوعةٍ

والقلب من وقع الأسى يتحرّق

وعلا النحيب على الحسين بخربةٍ

نطق البكاء بها وكلّ المنطق

وأتوا برأس السبط في غسق الدجى

فحضنته والكلّ فيه أحدقوا

ورقدت رقدتك الأخيرة جنبه

ولقد رحلت وأنت نبع مغدق

٢٧٤

نبع الطفولة والبراءة والصبا

نبع يظلّ على المدى يتدفّق

نبع التقى نبع الهداية والنهى

نبع أصيل في الأكارم معرق

ويظلّ قبرك يا رقيّة كعبةً

للزائرين به تطوف وتحدق

للعلاّمة الحجّة السيّد حسين بحر العلوم :

لهف نفسي لزينب وهي ثكلى

يلتظي قلبها دموعاً وآها

كم رأت في خرابة الشام أحزاناً

تسيخ الجبالُ من بَلواها

رأت الذلّ والهوان وقيد

الأسر ، فازداد حزنها وشجاها

ورأت ما يمضّ من ألم اليُتم

مصاباً يعزّ عن أن يضاهى

طفلة بنت أربع أو ثلاث

يشهق العطر من عبير شذاها

فلذة من فؤاد أحمد يجري

من علي وفاطم ريّاها

هي بنت الحسين لم تعرف اليتم

ولم تدر كيف تنعى أباها

ألفت حجره وثيراً من المهد

وكان الشغوف إذ يرعاها

لم تزل تسأل الأرامل والأيتام

عنه ، ولم تحصِّل مناها

وغفت عينها لتهجع بلواها

وتنسى مصابها وأساها

وإذا بالكرى طيوف حبالي

بالمآسي وليتها لن تراها

رأت الوالد العطوف بعينيها

فهبّت مذعورة من رؤاها

وانبرت تشتكي له الذلّ واليُتم

فتذوي القلوب من شكواها

واستفاقت من غفوة الضيم تبكي

وتنادي ولا يجاب نداها

يا أبي ، يا أبي أُريد أبي

ـ الآن ـ فقد كان لي ظلالاً وجاها

فاستجاشت عواطف الثكل بالحـ

ـزين ضجيجاً من أرضها لسماها

وتعالى البكاء واستشرت الآهات

والتاعَ في النفوس جواها

فاستفزّ الصراخ نوم يزيد

وهو في قصره فأبدى انتباها

قال : ماذا جرى لعائلة الأسر

ألم ينسها الكرى شجواها

٢٧٥

قيل : بنت الحسين في حلم النوم

رأته ، فاشتطّ منها نهاها

فأفاقت تريد شخص أبيها

فهي لم تقتنع بغير مناها

قال : ذا رأسه احملوه إليها

فعسى تستعيض عنه عساها

فأتوها به فأهوت عليه

بانعطاف أضاع منها هداها

وانحنت فوقه تقبل فاه

وهو من عطفه يقبّل فاها

وتناديه : يا أبي أيّ سيف

جذّ منك الأوداج حتّى براها

يا أبي من تراه خضّب منك

الشيب بالدم ، من ترى أشقاها

يا أبي من إلى الأرامل والأيتام

يعنى بها ، ومن يرعاها

يا أبي أين غبت عنّا ، فقد

ضاقت رحاب الصدور من لؤاها

يا أبي عزّ أن نراك ترى

الأيتام حسى ، والعزّ فضل رداها

واستجاشت بها العواطف حرّى

يفجّر الصخر من شجى نجواها

ثمّ سرعان ما اسكانت على

رأس أبيها تبثّه شكواها

فإذا بالمصاب يضرى فيبدي

جثّة بزّها الحمام رواها

حلم وانطوى وأجهش تأريخ

وظلّت مأساتها تنعاها (١)

للخطيب الشيخ صادق ابن الشيخ جعفر الهلالي :

قبس شعّ في الشآم بهيّا

يوم وارى الثرى رفاة رقيّا

هي بنت الحسين وابنة طه

فاح منها عطر الولاء نديّا

هي من جدّها علي تسامت

في مقام يزهو به علويّا

راح يهفو الفؤاد من كلّ فجٍّ

عارفاً حقّها محبّاً تقيّا

فهنيئاً لتربة الشام فخراً

علوياً طالت بذاك الثريا

تحضن الطهر تزدهي بشذاها

فتعمّ الدهور عطراً زكيّاً

__________________

(١) مقتل الحسين للسيّد محمّد تقي بحر العلوم (٢٩٨) وطبعت في ديوان الشاعر زورق الخيّال.

٢٧٦

شتموا جدّها الوصي لدهر

فغدا الفعل منهم مخزيا

أين منهم (يزيد) أين أبوه

أين تلك القصور لم تك شيّا

قد أطاحت تلك الفعال بذكراه

وأفنت عهداً مضى مطويا

وإذا الآل رحمة الله في الأرض

وباب يهدي الصراط السويّا

يا إبنة الطاهرين فيك استضاءت

هذه الأرض بالسناء زهيّا

وضعوك بخربة كالأسارى

واستضاموا مقامك المرضيّا

وعلي السجاد في لوعة الحزن

ومن حوله النساء بكيّا

لم يراعوا كرامةً لرسول الله

فيه ولم يراعوا الوصيّا

هو يوم بيوم بدرٍ أفاضوا

فيه حقداً لدى النفوس غويّا

ورثوه حقداً قديماً على الإسلام

واستهدفوا هناك الوصيّا

فبسيف الإسلام أوترهم كفراً

بأمر من الاثله جليّا

فاشترواها دنيا بآخرة الله

وضنّوا بها البقاء الهنيّا

ثمّ ضاعت دنياهم في سراب

ثمّ ضاعوا فما نرى حربيّا

وإذا بابنة الحسين تحدّث

يوم وافت بصرحها مبنيّا

يا ابنة الأكرمين يا صرخة الحقّ

تعالت على الزمان دويّا

مهجة المرتضى ونفس حسين

مَن هوى في الطفوف المفاوز طيّا

فرأت في المنام وهي تناجي

لأبيها الحسين قلباً حفيّا

فأفاقت مذعورة القلب تدعو

عمّتي شمت والدي المرضيّا

وتعالى البكاء من شدّة الحزن

وراح الصدى يهزّ الدعيّا

قال يا قوم ذاك رأس أبيها

قدّموه لها لتسلو مليّا

عانقته ولا تزال تناغيه

وترجو حنانه الأبويّا

من لنا بعدك الحما ياحمانا

ورجانا وقد فقدنا الحميّا

٢٧٧

ثمّ فاضت وفارقت روحها الدنيا

وعاد المصاب خطباً جليّا

إيه يا طفلة الحسين ونوراً

شعّ في هذه الربوع مضيّا

في مقام أعزّه الله فيها

يبعث اللطف بكرة وعشيّا

وضريح لمرقد الطهر يعلو

شرفاً قبرها بدا ذهبيا

فغدى صرخة يضجّ بياناً

تعلن الحقّ كالنساء جليّا

هذه مهجةّ لآل علي

ينشر الدهر فضلها النبويّا

فانحنت دونها عروش بغاة

وغدا الذكر منهم منسيّا

فإذا بالأسير يكتسح الظليم

يجلي ستارة المغشيّا

هكذا آل أحمد وعلي

زاحموا الدهر واستضافوا الثريّا

لا صلاة دون الصلاة عليهم

وكفاهم بذاك فخراً عليّا

تلك دينا فيها أعزّهم الله

ولقّاهم الرضا أُخرويا

آل مروان كم بنيتم عروشاً

وملكتم دنيا وحكماً شهيّا

وحلمتم إنّ الأُمور إذا ما

حزتموها قد فزتموا دنيويّا

قد بنيتم عهداً بظلم أُولى الأمر

ولكنّه اغتدى مفنيّا

نهجكم كلّه على الحقّ بغي

وانحراف جاز الصراط السويّا

ونسيتم يوم المعاد الذي فيه

عذاب للظالمين صليّا

تدّعوها خلافة ولأنتم

طلقاء لم تحظ من ذاك شيّا

ما دهاء فيكم ولكنّه الغدر

ولولاه ما استقمتم مليّا

قد كسبتم دنيا وعشتم هواها

حيث أغضبتم الإله العليّا

قد أتتكم عواقب السوء فيها

قد جنيتم منها ضلالاً وغيّا

فانظروها بجنبكم ترقد الأبرار

تسمو بعزّها أبديّا

للكاتب القدير والشاعر البارع الأخ سلما آل طعمة :

ضريحك إكليل من الزهر مورق

به العشق من كلّ الجوانب محدّق

٢٧٨

ملائكة الرحمن تهبط حوله

تسبّح في أرجائه وتحلّق

شممت به عطر الربى متضوّعاً

كأنّ الصبا من روضه الخلد يعبق

إليه غدا الملهوف مختلج الرؤى

وعيناه بالدمع الهتون ترقرق

كريمة سبط المصطفى ما أجلّها

لها ينحني المجد الأثيل ويخفق

أرومتها طابت كحسن خصالها

لديها غدا العاني يحبّ ويومق

إلى ذروة العزّ انتمت وتسابقت

ومن راحتيها بأنّ فضل مطوّق

وأيّدها الباري بكلّ فضيلة

وخير محلّا بالعلى وهو يغدق

كأنّ الدجى ينشقّ عن سحر وجهها

كما يطلع البدر المنير ويشرق

أطلّي على الدنيا كشمس منيرة

لها بقلوب المخلصين تعلّق

أطلّي فهذا الكون يشدو صبابة

لمجدك مهتاجاً ويهفو ويرمق

وبوحي بآيات الجلال فإنّنا

عطاشى إلى بحر المنى يتدفّق

فياجذوة في النفس يحلو أوارها

وكلّ محبّ نحوها يتشوّق

ويا قبساً من نور أحمد يزدهي

بطيب فعّال عبر طيف يطرق

نشأت على حبّ الحسين وفضله

وحزت من الجاه الذي لا يصدّق

وإنّك أهل للخلود وشأوه

فذاك هو المجد العظيم الموفّق

وحبّك هذا ساكن القلب والحشا

سيبقى مناراً للهدى يتألّق

شعائر قدس تملأ الأرض رحمة

مدى العمر تزهر للبرايا وتبرق

وأيّ مزار صار للناس ملجأً

إليه التجى الراجي وفاض التصدّق

يتيمة أرض الشام ألف تحيّة

إليك وقلبي بالمودّة ينطق

٢٧٩

ترجمة المؤلّف

قال في كتاب : «مشاهير الخلخال» في ترجمة المؤلّف (دام توفيقه) :

هو حجّة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ علي ربّاني الخلخالي نزيل قم المقدّسة ، نجل الحاج علي رحمه الله.

ولد في أُسرة متديّنة وملتزمة عام ألف وثلاثمائة وستّ وستّين هجري قمري ، وذلك في قرية : «كرين» إحدى قرى الخلخال.

تعلّم القرآن الكريم وختمه في ثلاثة أشهر وهو ابن ست سنين ، ثمّ انتمى إلى المدرسة الابتدائية وهو ابن سبع سنين وبقي يرتقي فيها من الصفّ إلى آخر بنجاح حتّى أكمل الابتدائية مظفّراً فائزاً.

ثمّ أنّه على أثر ترغيب والديه وحثّهما له على الدراسة الدينية ، فضلاً عن حبّه وعلاقته بالدروس الحوزوية هاجر إلى قم المقدّسة ، وبقي فيها عاماً واحداً ثمّ عاد بعدها إلى خلخال واشتغل بالمقدّسات في المدرسة العلمية الجعفرية وتتلمذ عند آية الله «يكتائي».

وبعد مضي عامين على ذلك أكمل درس المقدّمات ، وقفل بعدها راجعاً إلى قم المقدّسة ، واشتغل بمواصلة الدروس الحوزوية فيها ، ودرس الرسائل عند آية الله «الشيخ مصطفى الاعتمادي» وكذلك قسماً من كتاب المكاسب عند آية الله «الشيخ شهاب الدين الاشراقي» وأكمل بحث السطوح عند أساتذة آخرين من مثل آية الله «الشيخ أبو طالب تجليل التبريزي» وآية الله «السيّد مهدي اللاجوردي القمّي» وآية الله «الشيخ جعفر السبحاني» وغيرهم من العلماء الأعلام ثمّ اشترك في دروس بحث

٢٨٠