أخلاق أهل البيت عليهم السلام

السيد علي الحسيني الصدر

أخلاق أهل البيت عليهم السلام

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : الأخلاق
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-654-5
الصفحات: ٢٤٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الإمام العسكري عليه‌السلام

كان صاحب معالي الأخلاق الطيّبة حتّى مع أعداءه فضلاً عن مواليه ، ففي حديث محمّد بن إسماعيل العلوي قال :

جلس أبو محمّد عليه‌السلام عند عليّ بن أوتاش وكان شديد العداوة لآل محمّد عليهم‌السلام ، غليظاً على آل أبي طالب ... فما أقام إلّا يوماً حتّى وضع خدّه له ، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً ، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرةً ، وأحسنهم قولاً فيه(١) .

وهذا يدلّ على أجلّ محاسن الأخلاق التي يكنّ العدوّ له .

ومن ذلك تلاحظ سيرته الطيّبة حتّى مع أخيه جعفر التوّاب وذلك حين حبسه المعتمد العبّاسي ، ففي الحديث أنّه حبسه مع أخيه جعفر عند سجّانه عليّ بن جرين .

قال : كان المعتمد يسأل عليّاً عن أخباره في كلّ وقت فيخبره أنّه يصوم النهار ، ويصلّي الليل .

فسأله يوماً من الأيّام عن خبره فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : امض السّاعة إليه

__________________________________

(١) بحار الأنوار / ج ٥٠ / ص ٣٠٧ .

٨١

واقرئه منّي السلام ، وقُل له : انصرف إلى منزلك مصاحباً .

قال عليّ بن جرين : فجئت إلى باب الحبس فوجدت حماراً مسرّجاً فدخلت عليه فوجدته جالساً وقد لبس خفّه وطيلسانه وشاشته ـ أي عمامته ـ فلمّا رآني نهض فأدّيت إليه الرسالة فركب .

فلمّا استوى على الحمار وقف .

فقلت له : ما وقوفك يا سيّدي ؟

فقال لي : حتّى يجيء جعفر .

فقلت : إنّما أمرني بإطلاقك دونه .

فقال لي : ترجع إليه فتقول له : خرجنا من دار واحدة جميعاً فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك فمضى وعاد ، فقال له : يقول لك : قد أطلقت جعفراً لك لأنّي حبسته بجنايته على نفسه وعليك ، وما يتكلّم به ، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره(١) .

__________________________________

(١) بحار الأنوار / ج ٥٠ / ص ٣١٤ .

٨٢

الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف

وهو صفوة الصفوة من الاُسوة الباقية من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في طيب الأخلاق ، ومحاسن الفعال ، وعظيم السجايا ، مع الأولياء وغير الأولياء .

ففي قضيّة ياقوت الدهّان نقل المحدّث النوري عن المرحوم الشيخ علي الرشتي تلميذ الميرزا الشيرازي قال : ـ

رجعت مرّة من زيارتي أبي عبد الله عليه‌السلام عازماً للنجف الأشرف من طريق الفرات ، فلمّا ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطويريج ، رأيت أهلها من أهل الحلّة ، ومن طويريج يفترق ، طريق الحلّة والنجف ، واشتغل الجماعة باللّهو واللّعب والمزاح ، رأيت واحداً منهم لا يدخل في عملهم ، عليه آثار السكينة والوقار لا يمازح ولا يضاحك ، وكانوا يعيبون على مذهبه ويقدحون فيه ، ومع ذلك كان شريكاً في أكلهم وشربهم ، فتعجّبت منه إلى أن وصلنا إلى محلّ كان الماء قليلاً فأخرَجنا صاحب السفينة منها فكنّا نمشي على شاطئ النهر .

فاتّفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق ، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه ، وذمّهم إيّاه ، وقدحهم فيه .

٨٣

فقال : هؤلاء من أقاربي من أهل السُّنّة ، وأبي منهم واُمّي من أهل الإيمان ، وكنت أيضاً منهم ، ولكنّ الله مَنَّ عَليَّ بالتشيّع ببركة الحجّة صاحب الزمان عليه‌السلام .

فسألت عن كيفيّة إيمانه .

فقال : اسمي ياقوت وأنا أبيع الدّهن عند جسر الحلّة ، فخرجت في بعض السنين لجلب الدّهن من أهل البراري خارج الحلّة ، فبُعدت عنها بمراحل ، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت اُريده منه ، وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلّة ، ونزلنا في بعض المنازل ونُمنا ، وانتبهت فما رأيت أحداً منهم وقد ذهبوا جميعاً ، وكان طريقنا في بريّة قفر ، ذات سباع كثيرة ، ليس في أطرافها معموة إلّا بعد فراسخ كثيرة .

فقمت وجعلت الحمل على الحمار ، ومشيت خلفهم فضلَّ عنّي الطريق ، وبقيت متحيّراً خائفاً من السباع والعطش في يومه ، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة ، وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى ، وتضرّعت كثيراً ، فلم يظهر منهم شيء ، فقلت في نفسي : إنّي سمعتُ من اُمّي أنّها كانت تقول : إنّ لنا إماماً حيّاً يُكنّى أبا صالح يرشد الضالّ ، ويُغيث الملهوف ، ويُعين الضعيف ، فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني ، أن أدخل في دين اُمّي .

فناديته واستغثت به ، فإذا بشخص في جنبي ، وهو يمشي معي ، وعليه عمامة خضراء ، قال رحمه الله : وأشار حينئذٍ إلى نبات حافّة النهر ، وقال : كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات .

ثمّ دلّني على الطريق وأمرني بالدخول في دين اُمّي ، وذكر كلمات نسيتها ، وقال : ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعاً من الشيعة .

قال : فقلت : يا سيّدي أنت لا تجيىء معي إلى هذه القرية ؟

فقال ما معناه : لا ، لأنّه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد اُريد أن

٨٤

أغيثهم ، ثمّ غاب عنّي .

فما مشيت إلّا قليلاً حتّى وصلت إلى القرية ، وكان في مسافة بعيدة ، ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم .

فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني طاب ثراه ، وذكرت له القصّة ، فعلّمني معالم ديني ، فسألت عنه عملاً أتوصّل به إلى لقائه عليه‌السلام مرّةً اُخرى ، فقال : زُر أبا عبد الله عليه‌السلام أربعين ليلة الجمعة .

قال : فكنت أزوره من الحلّة في ليالي الجُمع إلى أن بقي واحدة ، فذهبت من الحلّة في يوم الخميس ، فلمّا وصلت إلى باب البلد ، فإذا جماعة من أعوان الظّلَمة يطالبون الواردين التذكرة ، وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها ، فبقيت متحيّراً والناس متزاحمون على الباب فأردت مراراً أن أتخفّى وأجوز عنهم ، فما تيسّر لي ، وإذا بصاحبي صاحب الأمر عليه‌السلام في زيّ لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد ، فلمّا رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه ، وأدخلني من الباب فما رآني أحد ، فلمّا دخلت البلد افتقدته من بين الناس(١) .

هذه نُبذة يسيرة من دروسهم العمليّة في حُسن الخلق وطيب الأخلاق .

وأمّا دروسهم القوليّة في أحاديثهم السَنيّة ، فقد بيّنوا أروع الدروس ، وأبلغ المعالم في الأخلاقيّات ومكارم الصِّفات ، نذكر جملة منها في الفصل القادم .

__________________________________

(١) جنّة المأوى المطبوع في بحار الأنوار / ج ٥٣ / ص ٢٩٤ .

٨٥

٨٦

٤ / الدروس الأخلاقيّة القوليّة لأهل البيت عليهم‌السلام

تظافرت وتواترت أحاديث أهل بيت العصمة عليهم‌السلام في الحثّ والترغيب والأمر بحُسن الخلق ، وتهذيب النفوس على مكارم الأخلاق .

نتبرّك بذكر نُبذة منها ، رُويت في الكتب والمجامع المعتبرة ، وجُمعت في ينابيع الحكمة(١) منها : ـ

١ ـ عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً(٢) .

٢ ـ عن الإمام عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يوضع في ميزان امرئٍ يوم القيامة أفضل من حُسن الخُلق(٣) .

٣ ـ عن عنبسة العابد قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يَقدِمُ المؤمن على الله عزّ وجلّ بعملٍ بعد الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى من أن يسع الناسَ بخُلقه(٤) .

٤ ـ عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ صاحب الخُلق

__________________________________

(١) ينابيع الحكمة / ج ٢ / ص ٢٥١ إلى ص ٢٦٨ .

(٢) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨١ / ح ١ .

(٣) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨١ / ح ٢ .

(٤) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٢ / ح ٤ .

٨٧

الحَسَن له مثل أجر الصائم القائم(١) .

٥ ـ عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكثر ما ثلج به اُمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخُلق(٢) .

٦ ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الخُلق يُميتُ الخطيئة كما تُميت الشمسُ الجليد(٣) .

٧ ـ عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : البرّ وحُسن الخلق يعمّران الدِّيار ، ويزيدان في الأعمار(٤) .

٨ ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى ليُعطي العبد من الثواب على حسن الخُلق كما يُعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه ويروح(٥) .

٩ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ سوء الخُلق ليفسد العمل كما يفسد الخَلُّ العسل(٦) .

__________________________________

(١) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٢ / ح ٥ .

(٢) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٢ / ح ٦ .

(٣) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٢ / ح ٧ .

(٤) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٢ / ح ٨ .

(٥) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٣ / ح ١٢ .

ولا يخفى أنّ الغدوّ هو أوّل النهار ، والرواح آخره .

وهذا بيان حال المجاهد في سبيل الله ، يستمرّ له الثواب في أوّل النهار وآخره .

(٦) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٢٤٢ / ح ١ . واعلم أنّه ذكر العلّامة المجلسي قدس‌سره في المرآة ج ١٠ ص ٢٦٠ : أنّ سوء الخُلق وصف للنفس يوجب فسادها وانقباضها وتغيّرها على أهل الخلطة والمعاشرة ، وإيذائهم بسببٍ ضعيف أو بلا سبب ، ورفض حقوق المعاشرة وعدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم .

وقيل : هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضاً ، بعدم تحمّل ما لا يوافق طبعه من النوائب ، والاعتراض عليه .

ومفاسده وآفاته في الدُّنيا والدِّين كثيرة منها : أنّه يفسد العمل بحيث لا يترتّب عليه ثمرته المطلوبة منه « كما يفسد الخلّ العسل » وهو تشبيه المعقول بالمحسوس ، وإذا أفسد العمل أفسد الإيمان .

٨٨

١٠ ـ عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبىٰ الله عزّ وجلّ لصاحب الخُلق السيء بالتوبة .

قيل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟

قال : لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه(١) .

١١ ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : من ساء خُلقه عذّب نفسه(٢) .

١٢ ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ سوء الخُلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل(٣) .

١٣ ـ في مواعظ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سوء الخُلق شوم(٤) .

١٤ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً(٥) .

١٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسن الخُلق يثبت المودّة(٦) .

١٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : خياركم أحسنكم أخلاقاً ، الذين يألِفون ويُؤلَفون(٧) .

١٧ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسن الخُلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم .

فقيل له : ما أفضل ما اُعطي العبد ؟

قال : حسن الخُلق(٨) .

١٨ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خُلقاً ، وأقربكم من الناس(٩) .

١٩ ـ في مواعظ أمير المؤمنين عليه‌السلام : حسن الخُلق خيرُ قرين ، وعنوان

__________________________________

(١) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٢٤٢ / ح ٢ .

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٤٢ ح ٤ .

(٣) الكافي ج ٢ ص ٢٤٢ ح ٣ .

(٤) و (٥) تحف العقول ص ٣٧ .

(٦) ـ (٨) تحف العقول ص ٣٨ .

(٩) تحف العقول ص ٣٨ .

٨٩

صحيفة المؤمن حسن خُلقه(١) .

٢٠ ـ في مواعظ الإمام الصادق عليه‌السلام : حسن الخُلق من الدِّين ، وهو يزيد في الرزق(٢) .

٢١ ـ في مواعظ الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام : السخيّ الحسنُ الخُلق في كَنَفِ الله ، لا يتخلّى الله عنه حتّى يدخله الجنّة ، وما بعث الله نبيّاً إلّا سخيّاً ، وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخُلق حتّى مضىٰ(٣) .

٢٢ ـ عن الإمام الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بحسن الخُلق فإنّ حسن الخُلق في الجنّة لا محالة ، وإيّاكم سوء الخُلق فإنّ سوء الخُلق في النار لا محالة(٤) .

٢٣ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسن الخُلق نصف الدِّين (٥) .

٢٤ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اللّحمُ يُنبت اللّحم ، ومن تركه أربعين يوماً ساء خُلقه ، ومَن ساء خُلقه فأذّنوا في اُذنه(٦) .

٢٥ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخُلق ، وإنّ العبد ليدرك بحسن الخُلق درجة الصالحين(٧) .

٢٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يلقى الله عبد بمثل خصلتين : طول الصمت ، وحسن الخُلق(٨) .

__________________________________

(١) تحف العقول ص ١٤١ .

(٢) تحف العقول : ص ٢٧٥ .

(٣) تحف العقول ص ٣٠٤ .

(٤) الوسائل ج ١٢ ص ١٥٢ ب ١٠٤ من العشرة ح ١٧ .

(٥) الوسائل ج ١٢ ص ١٥٤ ح ٢٧ .

(٦) الوسائل ج ٢٤ ص ٣٩٥ ب ٨٨ من آداب المائدة .

(٧) المستدرك ج ٨ ص ٤٤٧ ب ٨٧ من كتاب العشرة ح ٢٠ .

(٨) المستدرك / ج ٨ / ص ٤٤٧ / ح ٢٢ .

٩٠

٢٧ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المرء حسن الخُلق ، ومن شقاوته سوء الخُلق(١) .

٢٨ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنّه سُئل عن أدوم الناس غمّاً ؟

قال : أسوؤهم خُلقاً(٢) .

٢٩ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( في حديث ) : وسوء الخُلق زمامٌ من عذاب الله في أنف صاحبه ، والزمام بيد الشيطان يجرّه إلى الشرّ ، والشرّ يجرّه إلى النار(٣) .

٣٠ ـ عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم(٤) .

٣١ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً .

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام لنوف : يا نوف ، صِل رحمك يزيد الله في عمرك ، وحسّن خلقك يخفّف الله حسابك (٥) .

٣٢ ـ عن الإمام جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدّكم تواضعاً ، وإنّ أبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون وهم المستكبرون .

قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أوّل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن خُلقه(٦) .

٣٣ ـ عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حدّ حسن الخُلق ؟

__________________________________

(١) المستدرك / ج ٨ / ص ٤٤٧ / ح ٢٤ .

(٢) المستدرك / ج ١٢ / ص ٧٦ / ح ١٢ .

(٣) المستدرك / ج ١٢ / ص ٧٦ / ح ١١ .

(٤) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٨٣ / ح ١٩ .

(٥) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٨٣ / ح ٢٠ .

(٦) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٨٥ / ح ٢٦ .

٩١

قال : تليّن جانبك وتطيّب كلامك ، وتلقى أخاك ببشرٍ حسن(١) .

٣٤ ـ ... قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيّئة الخُلق تُؤذي جيرانها بلسانها .

فقال : لا خير فيها ، هي من أهل النار(٢) .

٣٥ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : حسن الخُلق في ثلاث : اجتناب المحارم ، وطلب الحلال ، والتوسّع على العيال(٣) .

٣٦ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً رزقهم الرفق في المعيشة ، وحسن الخُلق(٤) .

٣٧ ـ ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلٌ فقال : إنّ فلاناً مات فحفرنا له فامتنعت الأرض .

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه كان سيّىءَ الخُلق(٥) .

٣٨ ـ ... قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ربّ عزيزٍ أذلّه خُلقه ، وذليلٍ أعزّه خُلقه(٦) .

٣٩ ـ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خصلتان لا تجتمعان في مسلم : البُخل وسوء الخُلق(٧) .

٤٠ ـ من كلم أمير المؤمنين عليه‌السلام : ـ

في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق(٨) .

__________________________________

(١) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٨٩ / ح ٤٢ .

(٢ و ٣) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٩٤ / ح ٦٣ .

(٤) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٩٤ / ح ٦٧ .

(٥) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٩٥ / ح ٧٥ .

(٦) بحار الأنوار / ج ٧١ / ص ٣٩٦ / ح ٧٩ .

(٧) بحار الأنوار / ج ٧٣ / ص ٢٩٧ / ح ٥ .

(٨) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ٥٣ .

٩٢

٤١ ـ عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّا لنحبّ من كان عاقلاً فهماً ، حليماً ، مدارياً ، صبوراً ، صدوقاً ، وفيّاً .

إنّ الله عزّ وجلّ خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق ، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك ، ومَن لم تكن فيه فليتضرّع إلى الله عزّوجلّ وليسأله إيّاها .

قال : قلت : جُعلت فداك وما هُنّ ؟

قال : هنّ الورع ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، والحياء ، والسخاء ، والشجاعة ، والغيرة ، والبرّ ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة(١) .

٤٢ ـ عن المفضل الجعفي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : عليكم بمكارم الأخلاق ، فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّها .

وإيّاكم ومذامّ الأفعال فإنّ الله عزّ وجلّ يبغضها(٢) .

٤٣ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال لولده : ـ

إنّ الله عزّ وجلّ جعل محاسن الأخلاق وُصلةً بينه وبين عباده فنحبّ أحدكم أن يمسك بخُلُق متّصلٍ بالله تعالى(٣) .

٤٤ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

الأخلاق منائح ـ أي عطايا ـ من الله عزّ وجلّ .

فإذا أحبّ عبداً منحه خُلقاً حسناً ، وإذا أبغض عبداً منحه خلقاً سيّئاً(٤) .

٤٥ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لو كنّا لا نرجو جنّة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق ، فإنّها ممّا تدلّ على سبيل

__________________________________

(١) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٤٦ / ح ٣ .

(٢) وسائل الشيعة / ج ١٥ / ص ١٩٩ / ح ٨ .

(٣) المستدرك / ج ١١ / ص ١٩٢ / ح ١٩ .

(٤) المستدرك / ج ١١ / ص ١٩٣ / ح ٢٠ .

٩٣

النجاح ، فقال رجل : فداك أبي وأمّي يا أمير المؤمنين ، سمعتَهُ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال : نعم وما هو خيرٌ منه ، لمّا أتانا سبايا طيّ ، فإذا فيها جارية ... فقالت : ... أنا ابنة حاتم طيّ ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلّوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق(١) .

فقام أبو بردة فقال : يا رسول الله ، الله يحبّ مكارم الأخلاق ؟

فقال : يا أبا بردة ، لا يدخل الجنّة أحدٌ إلّا بحسن الخُلق(٢) .

٤٦ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث الأربعمائة الشريف .

روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة ، فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم(٣) .

٤٧ ـ في وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام لابنه الحسن عليه‌السلام :

وعوّد نفسك السماح ، وتخيّر لها من كلّ خُلق أحسنه ، فإنّ الخير عادة(٤) .

٤٨ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

وعليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة ، وإيّاكم والأخلاق الدنيّة فإنّها تضع الشريف ، وتهدم المجد(٥) .

٤٩ ـ في حديث المعراج الشريف ، ودخول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الجنّة ، ورؤيته ما كُتب على أبوابها قال : ـ

__________________________________

(١) وفي بحار الأنوار / ج ٢١ / ص ٣٦٦ نقل عن محمّد بن إسحاق أنّه كساها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعطاها نفقة ، فخرجت مع ركب حتّى قدمت الشام ، وأشارت على أخيها بالقدوم ، فقدم وأسلم وأكرمه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأجلسه على وسادةٍ رمىٰ بها إليه بيده .

(٢) المستدرك / ج ١١ / ص ١٩٣ / ح ٢١ .

(٣) بحار الأنوار / ج ١٠ / ص ٩٩ .

(٤) بحار الأنوار / ج ٧٧ / ص ٢١٥ .

(٥) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ٥٣ .

٩٤

وعلى الباب الثامن منها مكتوب :

لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، عليٌّ وليّ الله ، من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليتمسّك بأربع خصال :

بالصدقة ، والسخاء ـ أي الجود والكرم ـ ، وحسن الأخلاق ، وكفّ الأذىٰ عن عباد الله(١) .

٥٠ ـ من كلم أمير المؤمنين عليه‌السلام وحِكَمِهِ في فضل حسن الخلق ، وذمّ سوء الأخلاق ، قال : ـ

أطهر الناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً ...................  ( الغرر ج ١ ص ١٨٥ ف ٨ ح ٢٠٦ )

أرضى الناس من كانت أخلاقه رضيّة ...............................  ( ص ١٨٧ ح ٢٤٦ )

حسن الخُلق للنفس وحسن الخَلق للبدن .........................  ( ص ٣٧٦ ف ٢٧ ح ٦ )

حسن الخُلق أفضل الدِّين .....................................................  ( ح ٧ )

حسن الخُلق خير قرين ، والعُجب داءٌ دفين ............................  ( ص ٣٧٨ ح ٣٧ )

حسن الخُلق من أفضل القِسم وأحسن الشيم ...................................  ( ح ٣٩ )

حسن الخُلق أحد العطائين ..........................................  ( ص ٣٧٩ ح ٤٨ )

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق ............................................  ( ح ٥٢ )

حسن الأخلاق يُدِرّ الأرزاق ، ويونس الرفاق ...................................  ( ح ٥٣ )

حسن الخُلق رأس كلّ برّ ....................................................  ( ح ٥٤ )

حسن الخُلق يورث المحبّة ويؤكّد المودّة .................................  ( ص ٣٨٠ ح ٦١ )

سوء الخُلق شؤم ، والإسائة إلى المحسن لؤم .....................  ( ص ٤٣٣ ف ٣٩ ح ١٧ )

سوء الخُلق شرّ قرين .......................  ( الغرر / ج ١ / ص ٤٣٣ / ف ٣٩ ح ١٨ ) .

__________________________________

(١) مدينة المعاجز / ج ١ / ص ٣٩٧ .

٩٥

سوء الخُلق يُوحش القريب ويُنفِّر البعيد ...............................  ( ص ٤٣٥ ح ٤٤ )

سوء الخُلق نكد العيش ، وعذاب النفس ..............................  ( ص ٤٣٩ ح ٨٩ )

سوء الخُلق يوحش النفس ، ويرفع الاُنس ......................................  ( ح ٩٠ )

كلّ داء يداوى إلّا سوء الخُلق ...........................  ( ج ٢ ص ٥٤٦ ف ٦٢ ح ٥٤ )

كم من وضيع رفعه حسن خلقه .............................  ( ص ٥٥٢ ف ٦٣ ح ٥٢ )

من ساء خُلقه عذّب نفسه ................................  ( ص ٦١٧ ف ٧٧ ح ١٥٦ )

من ساء خُلقه ملّه أهله ...........................................  ( ص ٦٢٥ ح ٣٠٧ )

من ساء خُلقه ضاق رزقه .........................................  ( ص ٦٢٩ ح ٣٧٨ )

ما أعطى الله سبحانه العبد شيئاً من خير الدُّنيا والآخرة إلّا بحسن خلقه وحسن نيّته ....................................................  ( ص ٧٥٠ ف ٧٩ ح ٢١٧ )

نِعْمَ الإيمان جميل الخُلق .....................................  ( ص ٧٧٤ ف ٨١ ح ٦٧ )

والله لا يعذّب الله سبحانه مؤمناً إلّا بسوء ظنّه ، وسوء خلقه .....  ( ص ٧٨٧ ف ٨٣ ح ٨١ )

لا يعيش لسيّىء الخلق ......................................  ( ص ٨٣٣ ف ٨٦ ح ٨١ )

لا قرين كحسن الخلق ............................................  ( ص ٨٣٤ ح ١١٣ )

لا سُؤدد لسيّىء الخلق ............................................  ( ص ٨٣٧ ح ١٦١ )

لا عيش أهنأ من حسن الخلق ......................................  ( ص ٨٤٦ ح ٣٢٩ )

لا وحشة أوحش من سوء الخلق ............................................  ( ح ٣٣٠ )

الخُلق المحمود من ثمار العقل ........................  ( الغرر ج ١ ص ٤٥ ف ١ ح ١٣٢٧ )

الخلق المذموم من ثمار الجهل .......................................  ( ص ٤٦ ح ١٣٢٨ )

أحسن شيء الخُلق ..........................................  ( ص ١٧٥ ف ٨ ح ١٨ )

أكبر الحسب الخُلق .........................................................  ( ح ٣٨ )

أقوى الوسائل حسن الفضائل ....................................... ( ص ١٨١ ح ١٥٣ )

٩٦

أسوء الخلائق التحلّي بالرذائل ......................................  ( ص ١٨٢ ح ١٥٤ )

أحسن السناء الخُلق السجيح ......................................  ( ص ١٩٧ ح ٣٧٩ )

أحسن الأخلاق ما حملك على المكارم ..............................  ( ص ٢٠٦ ح ٤٧٣ )

إن كنتم لا محالة متنافسين فتنافسوا في الخصال الرغيبة ، وخلال المجد .....................................................  ( ص ٢٧٧ ف ١٠ ح ٣٥ )

إذا رأيت المكارم فاجتنب المحارم ..............................  ( ص ٣١٥ ف ١٧ ح ٩٥ )

إذا كانت محاسن الرجل أكثر من مساويه فذلك الكامل ، وإذا كان متساوي المحاسن والمساوي فذلك المتماسك ، وإذا زادت مساويه على محاسنه فذلك الهالك ...................................................  ( ص ٣٢٨ ح ٢٠٢ )

تنافسوا في الأخلاق الرغيبة ، والأحلام العظيمة ، والأخطار الجليلة يعظم لكم الجزاء ................................................  ( ص ٣٥٥ ف ٢٢ ح ٩٤ )

رأس العلم التمييز بين الأخلاق ، وإظهار محمودها ، وقمع مذمومها ( ص ٤١٣ ف ٣٤ ح ٤٤ )

هي ذا محاسن أخلاق أهل البيت عليهم‌السلام في حديثهم بعد سيرتهم ..

أكبر مدرسة إلهيّة لتهذيب النفس ، وتحسين الخلق ، والترغيب إلى كرائم السجايا ، وتطهير الطوايا .

فيلزم علينا أن نستلهم من أعمالهم ، ونستضيء بأقوالهم ، للسير على خُطاهم الطيّبة ، وصفاتهم الحسنة .

ونجتنب عن سوء الأخلاق ، ونسعى لعلاج الأخلاق السيّئة بمثل :

١ / التفكّر في فضائل الأخلاق الحسنة وآثاره .

٢ / التذكّر بمساوئ سوء الخلق وأضراره .

٣ / ترويض النفس على حُسن الفعال ، وتحسين الأفعال بالأخلاق الطيّبة ،

٩٧

فإنّ أفضل الجهاد جهاد النفس .

وها نحن نستنير بأشعّة من أنوار هداهم ، ولمعة من هدى أخلاقهم ، في مدرستهم الأخلاقيّة ، على ضوء الصحيفة المباركة السجّاديّة في دعائها الأخلاقي الذي يمثِّل أخلاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاحب الخُلق العظيم ، والاُسوة والقدوة لجميع المسلمين .

٩٨

٥ / مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام الأخلاقيّة

هي المدرسة التربويّة الكبرى ، والجامعة الأخلاقيّة العظمى للخلق الكريم ، وكريم الأخلاق ، لكلّ من أراد الاتّصاف بالصفات الحسنة ، والسجايا الطيّبة التي يحبّها الله تعالى ، ويندب إليها الإسلام ، ويحكم بحسنها العقل . ممّا تؤدي إلى طيب الحياة ، والفوز بالنجاة ، وتثمر شرف النفس ، والضمير النفيس ، وتوفّر خير الدُّنيا وسعادة الآخرة .

ونحن نتشرّف في هذه المدرسة الربّانيّة ، بدراسات نموذجيّة ، من أخلاق أهل البيت عليهم‌السلام ، التي بيّنها لسان العصمة بصيغة الدّعاء ، من خلال حديث واحد من أحاديثهم الشريفة .

وهو حديث دعاء مكارم الأخلاق ، الذي هو الدعاء العشرون من أدعية الصحيفة الكاملة المباركة السجّاديّة ، الملقّبة بإنجيل أهل البيت ، وزبور آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

لسيّد الساجدين ، وزين العابدين ، وفخر المتهجّدين ، الإمام علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام .

ولولاها ولولا أدعية أهل البيت عليهم‌السلام لم نعرف كيف نخاطب ربّنا ، وكيف نناجي خالقنا ، وكيف نطلب منه حوائجنا ، وهو ملك الملوك ، وربّ السلاطين .

٩٩

نعم ، إنّها كتابٌ رائع ومنشورٌ بارع ، لمعرفة التوحيد والنبوّة والإمامة وسائر المعارف الهامّة .

والصحيفة المباركة السجّاديّة من الكتب الشريفة المعتبرة المشتملة على ٥٤ دعاءً من أدعية الإمام السجّاد عليه‌السلام ، بسندٍ شريف ينتهي إلى الإمام الباقر عليه‌السلام ، وزيد الشهيد رضوان الله عليه .

وشهد بصحّتها الإمام الصادق عليه‌السلام كما تلاحظه في مقدّمتها .

وهي من المتواترات عند الأصحاب كما أفاده المحقّق الطهراني قدس‌سره (١) .

وأضاف الدكتور محفوظ أنّه قد حظى ـ السند ـ بالتواتر حتّى زاد على ستّة وخمسين ألفاً ، وما زال العلماء يتلقّونها موصولة الأسناد بالاسناد(٢) .

وأفاد السيّد الأمين أنّه قد تعدّد أسانيدها المتّصلة إلى منشئها صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين ، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعدّدة المتّصلة إلى الإمام زين العابدين عليه‌السلام (٣) .

فالسند قطعي علمي لا يقبل الشكّ والترديد .

هذا ، مضافاً إلى أنّ علوّ متنها ، وفصاحة ألفاظها ، وسموّ مضامينها دالّة على صدورها من بحر العصمة ومعدن الإمامة وأهل بيت النبوّة سلام الله عليهم أجمعين .

لذلك علّق الدكتور محفوظ عليها بقوله : ـ

( نثرٌ رائع ، واُسلوبٌ ناصع من أجناس المنثور ، ونمطٌ بديع من أفانين التعبير ، وطرف بارعة من أنواع البيان ، ومسلك مُعجب من بلاغات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت عليهم‌السلام التي لم يَرْقَ إليها غير طيرهم ، ولم تَسْمُ إليها سوى أقلامهم .

__________________________________

(١) الذريعة / ج ١٥ / ص ١٨ .

(٢) مجلّة البلاغ / العدد ٧ من السنة الاُولى / ص ٥٤ .

(٣) حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام / ج ٢ / ص ١١٧ .

١٠٠