السيد علي الحسيني الصدر
الموضوع : الأخلاق
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-654-5
الصفحات: ٢٤٤
(١١) وطيب المخالقة
المخالقة : مفاعلة من الخُلق بضمّتين ، يعني : المعاشرة .
يُقال : خالَقَ القوم أي عاشرهم بخلق حَسَن .
فتكون المخالقة هنا بمعنى المعاشرة مع الناس .
والطيب : هو الحسن الذاتي ، ويُطلق على ما هو طيّبٌ واقعاً وذاتاً ، لذلك يطلق على العطور بأنّها طيب ، ولا يقال للشيء المعطّر بأنّها طيب ، بل يقال : إنّه مطيّب .
وفيها نحن فيه المعاشرة مع الناس قد تكون بسجيّة طيّبة ، وقد تكون بسجيّة غير طيّبة .
وفي هذا الدّعاء الشريف عبّر الإمام عليهالسلام بطيب المخالقة ، ولم يقل حسن المخالقة ، إشارة إلى طلب السجيّة الطيّبة الذاتيّة الواقعيّة ، والعلاقة الودّية الحقيقيّة ، فهي التي تكون حلية الصالحين ، وزينة المتّقين .
دون العلاقة الحسنة الظاهريّة ، التي قد تكون مراوغة وحيلة إذا لم تطابق قلب الإنسان وباطنه ..
فإنّك ترى أنّه قد يعاشر أحدٌ مع شخصٍ ،
فيُحسن في معاشرته ويضاحكه
ويمازحه ويلاطفه بلسانه ، مراوغةً مصانعةً ، لا حقيقة ، وهذه مخالقة غير طيّبة ، بل غير حسنة كما هو المنقول عن شريح القاضي الذي ضُرب به المثل في مراوغاته ومصانعاته فقيل :
( شريح أدهى من الثعلب ) .
في قضيّةٍ ينقلها الشعبي ، وجاء ذكره في كتاب الدميري(١) .
فالطيب من المخالقة هي التي تكون حقيقيّة واقعيّة ، ويستمرّ عليها حتّى تصير سجيّة ذاتيّة ، وهي المطلوبة في الدعاء الشريف .
والاُسوة والقدوة في المخالقة والمعاشرة الطيّبة مع الناس هم أهل البيت عليهمالسلام الذين طابت معاشراتهم مع الناس في جميع أدوار حياتهم ، في حكومتهم وغير حكومتهم ، مع أصحابهم وغير أصحابهم ، مع أوليائهم وأعدائهم ، حتّى مع خدّامهم .
كانت معاشراتهم معهم طيّبة حقيقيّة ، وصافية صفو الماء الزلال ، وصادقةً صدق الحقّ الأبلج ، كما تلاحظ ذلك بوضوح في سيرتهم الغرّاء ، وحياتهم المباركة .
ومن أمثلة ذلك : ـ
١ ـ أمير المؤمنين عليهالسلام ... ذهب إلى السوق ، واشترى ثوبين ، أحدهما بدرهمين ، والآخر بثلاث دراهم .
فأعطى الثوب ذا الثلاث دراهم لخادمه قنبر المعاشر معه ، ولبس هو عليهالسلام الثوب ذا الدرهمين .
٢ ـ الإمام الحسين عليهالسلام .. وهب بستانه لغلامه صافي ، حتّى أنّه استأذن منه لدخوله هو إلى البستان .
وهبه له لكونه غلاماً شكوراً ، ومُنفقاً من طعامه على كلب البُستان ، فأحسن الإمام في عشرته .
__________________________________
(١) حياة الحيوان / ج ١ / ص ١٧٣ .
٣ ـ الإمام الصادق عليهالسلام .. أبطأ عليه خادمه ونام ولم ينجز ما طلبه الإمام منه ، فسار الإمام عليهالسلام في طلبه فوجده نائماً ، فجلس عند رأس الخادم ، يروّح له بيده حتّى لا يصيبه الحرّ .
وفي برهةٍ من الزمان كان الإمام الصادق عليهالسلام مبعّداً إلى الحيرة(١) من قبل المنصور الدوانيقي الذي عادى الإمام عليهالسلام ، محاربةً لعلمه الإلهي ، ومعارضةً لحقّه الشرعي ، وإغلاقاً لباب أهل البيت عليهمالسلام الذين كانوا الأصحاب الحقيقيّين لخلافة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وحين وجود الإمام الصادق عليهالسلام في الحيرة كان معه خادمه المعلّى بن خنيس . وفي ليلة من تلك الليالي التي كانت من ليالي الصيف ، أمر الإمام عليهالسلام أن يُفرش له فراشه في الصحراء ، ليكون نومه وعبادته هناك .
وأمرَ أن يُؤتى بسراجٍ ومركبٍ له وللمعلّى بن خنيس .
فجيء بسراجٍ وبغلةٍ وحمار ..
فركب هو عليهالسلام الحمار ، وأمر المعلّى أن يركب البغل الذي هو أحسن من الحمار ، فذهبوا إلى الصحراء ، ثمّ ذهبوا من هناك إلى زيارة مرقد أمير المؤمنين عليهالسلام ، فتلاحظ طيب عشرته مع خادمه حيث فضّله على نفسه في المركب إيثاراً .
٤ ـ الإمام الرضا عليهالسلام .. كان يجلس على مائدة الطعام مع غلمانه وخَدَمه ، وهو سلطان الدِّين والدّنيا والآخرة .
حتّى في حال مسموميّته وتألّمه لم يترك ذلك ، بل كان يعاشرهم بأطيب المخالقة ، وأفضل معاشرة .
__________________________________
(١) الحيرة : كانت بلدة على بُعد ٥ كيلومترات من جنوب الكوفة كما في المنجد / ص ١٧٠ .
وهكذا سائر الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، الذين هم أشرف خلق الله تعالى ، ترى أنّهم كانوا يحسنون المعاشرة الطيّبة مع جميع طبقات الخلق ، ويأمرون بحسن المعاشرة ، وطلاقة الوجه مع المعاشرين .
ففي حديث الإمام الصادق عليهالسلام قال : ـ
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
يا بني عبد المطّلب ، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فألقوهم بطلاقة الوجه ، وحُسن البُشر(١) .
وفي حديثٍ آخر : ـ
صنائع المعروف ، وحُسن البُشر ، يكسبان المحبّة ، ويُدخلان الجنّة .. والبخل وعبوس الوجه يبعّدان من الله ، ويُدخلان النار(٢) .
وعن الإمام الصادق عليهالسلام أيضاً أنّه قال : ـ
عليكم بالصلاة في المساجد ، وحسن الجوار للناس ، وإقامة الشهادة ، وحضور الجنائز ، إنّه لابدّ لكم من الناس ...(٣) .
وفي حديث أبي الربيع الشامي قال : ـ
دخلتُ على أبي عبد الله عليهالسلام ، والبيت غاصّ بأهله ، فيه الخراساني ، والشامي ، ومن أهل الآفاق .
فلم أجد موضعاً أقعد فيه ، فجلس أبو عبد الله عليهالسلام وكان متّكئاً ثمّ قال : يا شيعة آل محمّد ، إنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه ، ومن لم يُحسن صحبة من صَحِبَه ، ومخالقة مَن خالقَه ، ومرافقة مَن رافقَهُ ، ومجاورة مَن جاورَهُ ، وممالحة مَن مالحهُ .
__________________________________
(١) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٤ .
(٢) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٨٥ .
(٣) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٤٦٤ .
يا شيعة آل محمّد ، اتّقوا الله ما استطعتم ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله(١) .
فطيب المخالقة ، وحسن المعاشرة مع الناس ، من الصفات الكريمة ، والخصال المباركة التي تجعلنا من شيعة آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين .
إذ هي من حلية الصالحين ، وزينة الأتقياء ..
والمتّقون الصالحون هم شيعة أهل البيت عليهمالسلام .
__________________________________
(١) اُصول الكافي / ج ٢ / ص ٤٦٥ .
(١٢) والسَّبقِ إلى الفضيلة
السَبْق بسكون الباء هو : التقدّم ...
يُقال : سَبَق إلى الشيء سبْقاً يعني : تقدّم إليه وخلَّفَ غيره .
والفضيلة : مقابل الرذيلة والنقيصة .
ومعنى الفضيلة هي الدرجة الرفيعة والمقام الرفيع .
وكذلك ما يوجب تلك الدرجة والمقام ، كالإحسان إلى الخلق ، وإعانة الضعيف ، وكفالة اليتيم ، وإغاثة الملهوف ، والانتصار للمظلوم ، وإطعام الطعام ، ونشر العلم ، وجهاد العدوّ ، والمجاهدة مع النفس ، وإتيان اُمور الخير ، كلّ ذلك من موجبات الفضيلة .
والمطلوب في هذه الفقرة من الدعاء الشريف هو ما يكون من حلية الصالحين وزينة المتّقين ، وهو استباقهم وحيازتهم قصب السبق في درك الفضائل ، والأعمال الخيريّة التي توجب الفضيلة والدرجة الرفيعة .
والتسابق إلى مفاضل الأعمال ، وصنائع الخيرات فضلٌ محبوب ومرغوب رُغّب فيه شرعاً وعقلاً ، وكتاباً وسنّةً .
قال تعالى : ـ
( وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) (١) .
وقال عزّ اسمه : ـ
( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ )(٢) .
وفي الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ـ
( مَن فُتح له بابٌ من الخير فلينتهزه ، فإنّه لا يدري متىٰ يُغلق )(٣) .
وعن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنّه قال : ـ
( إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأوّلين والآخرين في صعيدٍ واحد ، ثمّ ينادي منادٍ أين أهل الفضل ؟
قال : فيقوم عُنقٌ من الناس ، فتتلقّاهم الملائكة ، فيقولون : ما كان فضلكم ؟ فيقولون : كنّا نصِلُ مَن قطَعَنا ، ونُعطي مَن حَرَمنا ، ونعفو عمّن ظَلَمنا .
فيُقال لهم : صدقتم ، اُدخلوا الجنّة )(٤) .
وفي حديث : الإمام الصادق عليهالسلام لعمّار : ـ
( يا عمّار ، أنت ربُّ مالٍ كثير ؟
قال : نعم ، جُعلتُ فداك .
قال عليهالسلام ـ فتؤدّي ما افترض الله عليك من الزكاة ؟
قال : ـ نعم .
__________________________________
(١) سورة المائدة : الآية ٤٨ .
(٢) سورة الواقعة : الآية ١٠ و ١١ .
(٣) ميزان الحكمة / ج ٧ / ص ٤٤٤ .
(٤) مستدرك السفينة / ج ٨ / ص ٢٣٣ .
قال عليهالسلام : ـ فتصِل قرابتك ؟
قال : ـ نعم .
قال عليهالسلام : ـ فتصِل إخوانَك ؟
قال : ـ نعم .
فقال عليهالسلام : ـ يا عمّار ، إنّ المال يَفنىٰ ، والبدن يَبلىٰ ، والعمل يبقىٰ ، والديّان حيٌّ لا يموت .
يا عمّار : إنّه ما قدّمت فلن يسبقك ، وما أخّرتَ فلن يلحقَك )(١) .
وفي حديثه الآخر : ـ
( أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفاً فقد أوصل ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله )(٢) .
والمثلُ الأعلى ، والقدوة الأسمىٰ في السّبق إلى الفضائل هم أهل البيت عليهمالسلام ، وفيهم نزل قوله تعالى : ـ ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) »(٣) .
فهم عليهمالسلام سبقوا الناس في جميع الفضائل منذ أوّل خلقهم في عالم الذرّ ، إلى آخر حياتهم في عالم الدُّنيا ...
وهم السابقون إلى الله تعالى في الدُّنيا والآخرة ..
سبقوا إلى الجواب ببلىٰ ، عند سؤاله تعالى : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) في الذرّ .
وسبقوا إلى الخيرات في الدُّنيا .
وسبقوا إلى الجنّة في الآخرة .
ومَن غير عليّ عليهالسلام كان سبّاقاً إلى الفضائل ؟!
__________________________________
(١) الكافي / ج ٤ / ص ٢٧ / ح ٧ .
(٢) الكافي / ج ٤ / ص ٢٧ / ح ٨ .
(٣) تفسير الصافي / ج ٥ / ص ١٢٠ ، وإحقاق الحقّ / ج ٣ / ص ١١٤ .
أليس كان هو السابق إلى الإسلام ، وكان إسلامه عن فطرة ، وإسلام الناس عن كفر(١) ؟
ألم يكن هو السابق إلى تفدية نفسه المباركة لرسول الله صلىاللهعليهوآله في ليلة المبيت بين أربعمائة سيف من المشركين ؟
وهل غيره سبق إلى الجهاد في سبيل الله ، والجُهد في طاعة الله ، والاجتهاد في عبادة الله ؟
ولقد أجاد كافي الكفاة الصاحب بن عبّاد في وصف أمير المؤمنين عليهالسلام في نثره وفي شعره .
قال في النثر الذي وصف به عليّاً وذكر نسبته إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله : ـ
( صنوه الذي واخاه ، وأجابه حين دعاه ، وصدّقه قبل الناس ولبّاه ، وساعده وواساه ، وشيّد الدِّين وبناه ، وهَزَم الشرك وأخزاه ، وبنفسه على الفراش فداه ، ومانَع عنه وحماه ، وأرغَمَ من عانده وقلاه ، وغسله وواراه ، وأدّىٰ دَينه وقضاه ، وقام بجميع ما أوصاه ، ذاك أمير المؤمنين لا سواه )(٢) .
وقال في شعره في غديريّته المعروفة في مدح أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنشدها كمحاورةٍ سُئل فيها فأجاب في ٢٥ بيتاً : ـ
قالت : فَمَنْ صاحبُ الدِّين الحنيف أجِب ؟ |
|
فقلتُ : أحمدُ خيرُ السّادةِ الرُّسلِ |
قالت : فَمَنْ بعدَه تُصفي الولاءُ له ؟ |
|
قلت : الوصيّ الذي أربىٰ على زُحلِ |
قالت : فَمَنْ باتَ مِن فَوق الفراشِ فَدىٰ ؟ |
|
فقلت : أثيتُ خلقِ اللهِ في الوَهَلِ |
__________________________________
(١) سُئل بعض العلماء : متى أسلم عليّ عليهالسلام ؟
فأجاب : ومتىٰ كفر ؟ حتّى يكون أسلم ، إنّه جدّد الإسلام .
فهو عليهالسلام وُلد على الإيمان وفطرة الإسلام ودين رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وجدّده في البعثة .
(٢) الكنى والألقاب / ج ٢ / ص ٣٦٨ .
قالت : فَمَنْ ذا الذي آخاهُ عن مِقةٍ ؟ |
|
فقلت : من حاز ردَّ الشمس في الطفلِ |
قالت : فَمَنْ زُوَّج الزّهراء فاطمة ؟ |
|
فقلت : أفضلُ مَن حافٍ ومُنتعلِ |
قالت : فَمَنْ والدُ السبطين إذ فَرَعا ؟ |
|
فقلت : سابقُ أهلِ السَبق في مَهَلِ |
قالت : فَمَنْ فاز في بَدرٍ بمعجزها ؟ |
|
فقلت : أضربَ خلقِ الله في القُللِ |
قالت : فَمَنْ أسَدُ الأحزاب يفرسها ؟ |
|
فقلت : قاتلُ عمروِ الضيغمِ البطلِ |
قالت : فيومُ حُنين مَن فَرا وبَرا |
|
فقلت : حاصدُ أهلِ الشِّركِ في عجلِ |
قالت : فَمَنْ ذا دُعي للطّير يأكله ؟ |
|
فقلت : أقربُ مَرضيٍّ ومُنتحِلِ |
قالت : فَمَنْ تِلْوُه يومَ الكساء أجِب ؟ |
|
فقلت : أفضلُ مَكسوٍ ومُشتمِلِ |
قالت : فَمَنْ سادَ في يوم «الغدير » أَبِنْ ؟ |
|
فقلت : مَن كان للإسلام خيرُ وليّ |
قالت : فَفي مَن أتى في هل أتى شَرَفٌ ؟ |
|
فقلتُ : أبذلُ أهلِ الأرض للنُفَلِ |
قالت : فمَنْ راكعٌ زكّىٰ بخاتمه ؟ |
|
فقلت : أطعنهم مُذ كان بالاُسُلِ |
قالت : فمَنْ ذا قسيمُ النار يُسهُمها ؟ |
|
فقلت : مَن رأيُه أذكىٰ من الشُّعلِ |
قالت : فمَنْ باهَلَ الطّهرُ النبيُّ به ؟ |
|
فقلت : تاليه في حِلٍّ ومُرتحِلِ |
قالت : فمَنْ شِبْهُ هارونٍ لنعرِفُه ؟ |
|
فقلت : مَن لم يُحِلْ يوماً ولم يزلِ |
قالت : فمَنْ ذا غدا بابَ المدينة قُل ؟ |
|
فقلت : مِن سألوهُ وهو لم يَسلِ |
قالت : فمَنْ قاتَلَ الأقوامَ إذ نكثوا ؟ |
|
فقلت : تفسيرُه في وقعةِ الجملِ |
قالت : فمَنْ حارَبَ الأرجاسَ إذ قَسَطوا ؟ |
|
فقلت : صفّين تُبدي صفحةَ العملِ |
قالت : فمَنْ قارَعَ الأنْجاسَ إذ مَرَقوا ؟ |
|
فقلت : معناه يومَ النّهروان جَلي |
قالت : فمَنْ صاحبَ الحوضِ الشريف غداً ؟ |
|
فقلت : مَن بيتُهُ في أشرف الحُللِ |
قالت : فمَن ذا لواءَ الحمدِ يحملُه ؟ |
|
فقلت : مَن لم يكن في الرّوع بالوَجِلِ |
قالت : أكلُّ الذي قد قلتَ في رجلٍ ؟ |
|
فقلت : كلُّ الذي قد قلتُ في رجلِ |
قالت : فمَنْ هو هذا الفردُ سِمْهُ لنا ؟ |
|
فقلتُ : ذاكَ أميرُ المؤمنينَ عليّ(١) |
__________________________________
(١) الغدير / ج ٤ / ص ٤٠ .
وهذه الدراسة تعطينا أنّ السبق إلى الفضيلة من مفاخر صفات الصالحين وسجايا المتّقين ، المحبوبة عند ربّ العالمين ، والشرع المبين ، ومن موجبات عظيم الأجر والثواب في يوم الدِّين ..
كلّ هذا مضافاً إلى نتائجه الحسنة في نفس هذه الحياة الدُّنيا ، فإنّ السبق إلى الفضائل من صنائع المعروف التي تدفع مصارع السوء ، وتحفظ الإنسان من البلايا العظيمة كما هو المجرّب المحسوس في قضايا المحسنين .
من ذلك ما حدّث بعض السادة الأجلّاء الثقات ما مضمونه : ـ
أنّه كان في بعض البلاد المقدّسة شخصٌ مؤمنٌ صالح ، وكان رجلاً تاجراً متمكِّناً ثريّاً ، يحبّ الخير ، ويصنع الخير لمن يعرفه ومَن لا يعرفه ، خصوصاً الزائرين .
رأى في بعض الأيّام أحد زوّار ذلك البلد المقدّس لم يحصّل على فندقٍ أو محلّ مسكنٍ يسكنه في مدّة زيارتهم هو وعائلته .
وكانت تلك الزيارة أوّل زيارتهم لذلك البلد المقدّس الذي لم يعرف فيه أحداً ولم يتعرّف على أحد .
وكانوا قد جلسوا علىٰ رصيفٍ في الطريق ينتظرون الحصول على غرفةٍ فارغة .
فصادفهم هذا التاجر المؤمن ، وسألهم : لماذا أنتم جالسون هنا ؟
قالوا : ننتظر الحصول على مكانٍ نستأجره ونسكنه .
فقال لهم : ـ لي بيتٌ واسع ، ومكانٌ مناسب ، ودارٌ مفروشة مع وجبات الطعام .
ففرحوا وأجابوا بالقبول ، بعنوان أن يسكنوا في بيته ، ثمّ يعطون له الاُجرة التي تدفع إلى الفنادق للسكن والطعام ، ظنّاً منهم أنّ بيته معدّ لإيجار الزائرين .
فذهب بهم ذلك التاجر إلى بيته ، وأكرمهم غاية الإكرام ، وبقوا عنده عشرة أيّام ، يخدمهم فيها بالإطعام والإكرام ، بغاية الحفاوة والاحترام .
وحينما أرادوا الانصراف والرجوع إلى
وطنهم حضّروا له النقود ، لدفع ثمن
الإيجار والوجبات الغذائيّة ، لكنّه لم يقبل منهم أيّ مال ، وأدنى نقود .
وبالرغم من أنّهم أصرّوا عليه كثيراً بالقبول ، لم يستجب لهم ذلك ، وأجابهم بأنّي آخذ ثمن الإيجار والخدمة من الإمام عليهالسلام بأكثر ممّا آخذه منكم ، فليطيب خاطركم بذلك .
فتشكّروا منه ، وودّعوه راجعين إلى بلدهم .
ومضت على ذلك الأيّام والسنين ، ثمّ إنّ ذلك التاجر حدثت له مشكلة سياسيّة أدّت إلى أن يُسجن ، ويحتمل عليه الإعدام ..
واُجريت عليه لقاءات مع المسؤولين ، وسؤال وجواب ، ورتّبت له ملفّات شدّدت عليه الأمر .
وفي آخر الأمر جاء عنده في السجن أحد المسؤولين الكبار الذي كانت له درجة عسكريّة رفيعة ، وبيده ملفّةٌ كبيرة تخصّني .
فنظر إليَّ مليّاً ، ثمّ سألني ألست أنت الحاجّ فلان ، من أهل مدينة كذا ، وتسكن دار كذا ، في محلّة كذا ؟
وأنا في كلّ المسائل اُجيبه بنعم ، وتخيّلت أنّه يعرف هذه الخصوصيّات من الأسئلة التي طُرحت عليَّ سابقاً ..
لكنّه قال لي : ـ أتعرفني ؟
قلتُ في دهشةٍ : لا مع الأسف .
فرفع قُبّعته العسكريّة ، وقال : هل عرفتني الآن ؟
قلت : ملامحكم مأنوسة عندي ، مَن أنتم ؟
قال : أنا ذلك الشخص الذي نزلتُ مع عائلتي عندك في سنة كذا ، وبقيتُ في بيتك عشرة أيّام ، استضفتني فيها بكلّ كرامة .
ثمّ قال : هذه ملفّة إضبارتك التي تنتهي
بإعدامك ، لكن أنا اُمزّقها ، واُسقط
حكم الإعدام قِبال ذلك العطف والإكرام ، فمزّقها أمامي وحكم بتسريحي .
فنجوت من الإعدام والسجن بفضل السبق إلى ذلك العمل الخيري الذي عملته أنا محبّةً للإمام عليهالسلام وزائريه .
(١٣) وإيثار التفضّل
الإيثار : هو التقديم والاختيار على النفس .
قال تعالى : ـ ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) أي يقدّمون عليها .
ويُقال : آثرتُ ذلك أي اخترته ، وفضّلته ، وقدّمته .
والتفضّل : هو الابتداء بالإحسان .
فإنّ صنع المعروف والفعل الحَسَن قد يكون جزاءً وهو الإحسان ..
وقد يكون تطوّلاً وابتداءً به وهو التفضّل ، ومنه المواساة .
فالتفضّل هو الابتداء بالإحسان ، وابتداء المعروف .
ومن حلية الصالحين وزينة المتّقين أنّهم يقدّمون غيرَهم على أنفسهم ويبتدئون بالفضل والإحسان .
وهو مرغوبٌ وممدوح كتاباً وسنّةً .
أمّا الكتاب فقوله تعالى : ـ
( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )(١) .
__________________________________
(١) سورة الحشر : الآية ٩ .
وقد أجمع الفريقان في أحاديثهم أنّها نزلت في الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأهل بيته سلام الله عليهم(١) .
ففي حديث شيخ الطائفة الطوسي مسنداً أنّه جاء رجلٌ إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فشكا إليه الجوع .
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى بيوت أزواجه ..
فقُلن : ما عندنا إلّا الماء .
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من لهذا الرجل الليلة ؟
فقال عليّ عليهالسلام : أنا له يا رسول الله ، وأتى فاطمة عليهاالسلام وقال لها : ـ
هل عندك يا بنتَ رسول الله صلىاللهعليهوآله شيء ؟
فقالت : ما عندنا إلّا قوت العشيّة ، لكنّا نُؤثِر ضيفنا .
فقال : يا ابنة محمّد نوّمي الصبية ، واطفئي المصباح .
فلمّا أصبح عليّ عليهالسلام غدا على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأخبره الخبر ، فلم يبرح حتّى أنزل الله تعالى : ـ ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) »(٢) .
وأمّا السنّة ، فيستفاد فضل الإيثار والمواساة في أحاديث بابه مثل : ـ
١ ـ حديث المفضّل قال : كنتُ عند أبي عبد الله عليهالسلام فسأله رجلٌ : في كم تجب الزكاة من المال ؟
فقال له : الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد ؟
فقال : اُريدهما جميعاً .
فقال : أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة وعشرون درهماً .
__________________________________
(١) كنز الدقائق / ج ١٣ / ص ١٧٥ ، وإحقاق الحقّ / ج ٩ / ص ١٤٤ .
(٢) أمالي شيخ الطائفة / ص ١٨٨ .
وأمّا الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك(١) .
٢ ـ حديث السعداني عن أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله تعالى : ـ
( فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )(٢) .
قال عليهالسلام : ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ـ قال الله عزّ وجلّ : ـ
لقد حقّت كرامتي ـ أو مودّتي ـ لمن يراقبني ، ويتحابّ بجلالي ..
إنّ وجوههم يوم القيامة من نور ، على منابر من نور ، عليهم ثيابٌ خُضر .
قيل : مَن هم يا رسول الله ؟
قال : قومٌ ليسوا بأنبياء ، ولا شهداء ، ولكنّهم تحابّوا بجلال الله ، ويدخلون الجنّة بغير حساب ، نسأل الله أن يجعلنا منهم برحمته(٣) .
٣ ـ حديث الطبرسي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : ـ
اُتيَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأسيرين ـ يهوديّين مستحقّين للقتل ـ فأمر النبيّ بضرب عنقهما ، فضُرب عنق واحدٍ منهما ، ثمّ قُصد الآخر .
فنزَلَ جبرئيل فقال : ـ يا محمّد ، إنّ ربّك يقرؤوك السلام ، ويقول : ـ لا تقتله ، فإنّه حسن الخلق سخيُّ قومه .
فقال اليهودي تحت السيف : هذا رسول ربّك يخبرك ؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نعم .
قال : والله ما ملكتُ درهماً مع أخ لي قطّ ، ولا قطبتُ وجهي في الحرب ، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك محمّد رسول الله .
__________________________________
(١) بحار الأنوار / ج ٧٤ / ب ٢٨ / ص ٣٩٦ / ح ٢٤ .
(٢) سورة غافر : الآية ٤٠ .
(٣) بحار الأنوار / ج ٧٤ / ب ٢٨ / ص ٣٩٦ / ح ٢٥ .
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا ممّن جرّه حسنُ خلقه وسخاؤه إلى جنّات نعيم(١) .
وعليه فالإيثار والمواساة فضيلة ممدوحة ، وخليقة طيّبة ، بدليل الكتاب والسنّة .
وأهل البيت عليهمالسلام هم القدوة في إيثار التفضّل ، والابتداء بالفضل والإحسان إلى الغير .
وقد آثروا على أنفسهم ثلاثة أيّام في سبيل الله مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، لا يريدون بذلك منهم جزاءً ولا شكوراً ، إلّا رضا الله تعالى ، فخصّهم الله بسورة الدهر ، كما تلاحظه في جميع تفاسير الفريقين .
ودراسة موجزة في إنفاقاتهم تعطيك صورة واضحة عن أنّهم كانوا قمّة الخلق في الإيثار والمواساة .
من ذلك ما تقرأه في باب إنفاقات أمير المؤمنين عليهالسلام (٢) .
كإيثاره بالتصدّق بجميع أمواله ، ووقف عيون ماءه ، وتخصيص حوائطه وبساتينه للفقراء والمساكين ، ولم يدّخر لنفسه ديناراً ولا درهماً ، ولا حطاماً من حطام الدُّنيا .
قال أبو الطفيل : رأيت عليّاً عليهالسلام يدعو اليتامى فيطعمهم العسل ويلعقهم ذلك ، حتّى قال بعض أصحابه : لوددتُ أنّي كنتُ يتيماً .
في حين لم يشبع هو من خبز الشعير ، ولم يأكل خبز البُرّ ، وكان إدامُه الملح فقط ، وربما ائتدم باللبن الحامض كما في حديث سويد بن غفلة .
وكان يقول : ـ ( أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلاٰ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لاٰ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلاٰ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ )(٣) .
__________________________________
(١) مشكاة الأنوار / ص ٢٣١ .
(٢) لاحظ بحار الأنوار / ج ٤١ / ص ٢٤ / باب إنفاقات أمير المؤمنين عليهالسلام .
(٣) نهج البلاغة / الكتاب ٤٥ .
وحقّاً أنّه ليس ولم يكن في تاريخ العالم حاكمٌ مثل أمير المؤمنين عليهالسلام . وكذا جميع أهل البيت عليهمالسلام كانوا متفضّلين ، ومؤثّرين على أنفسهم بالتفضّل لجميع الناس ، و « بيُمنهم رُزق الورىٰ » .
وعظماء الشيعة وأخيارهم وعلماؤهم جَرَوا على هذه الخصلة الفاضلة ، وتعلّموا من أئمّتهم وسادتهم ، إيثار الفقراء والمحتاجين على أنفسهم ، والتفضّل إليهم ، فنالوا بذلك أعظم الأجر ، وأرقىٰ درجات الفخر .
خُذ نموذجاً منهم : محمّد بن أبي عمير الأزدي رضوان الله تعالى عليه .
كان له على رجلٍ عشرة آلاف درهم ، فذهب ماله ـ أي مال ذلك الرجل ـ وافتقر .
فجاء الرجل وباع داره بعشرة آلاف درهم ، وحملها إليه ، فدقَّ عليه الباب ، فخرج إليه محمّد بن أبي عمير رحمه الله تعالى ..
فقال له الرجل : هذا مالُك الذي لك عليَّ فخذه .
فقال ابن أبي عمير : فمن أين لك هذا المال ، ورثتَه ؟
قال : لا .
قال : ـ وُهبَ لك ؟
قال : ـ لا ، ولكنّي بعتُ داري الفلاني لأقضي دَيني .
فقال ابن أبي عمير : حدّثني ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : ـ لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدِّين .
إرفعها ، فلا حاجة لي فيها ، والله إنّي محتاج في وقتي هذا إلى درهم ، وما يدخل ملكي منها درهم »(١) .
وهذا غاية الإيثار والمواساة في سبيل الله وإطاعة لحكم الإمام الصادق عليهالسلام
__________________________________
(١) الكُنى والألقاب / ج ١ / ص ١٩١ .
الذي هو حكم الله تعالى ، من هذا الرجل الجليل والورع التقيّ الذي كان من أثرياء الشيعة في بغداد لكن اُخذ وحبس لتشيّعه ، فأصابه الجهد والضيق العظيم من ذلك ، واُخذ كلّ شيء كان له بأمر المأمون العبّاسي ، وضُرب مائة خشبة .
وبالرغم من حاجته الماسّة هذه تراه يؤثِر المؤمنين على نفسه ، ويقدّم حاجة أخيه على حاجته .
والنموذج الآخر من الإيثار ، إيثار الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره :
آثر تلك المرأة المؤمنة الأرملة على نفسه ، وهو في غاية الاحتياج إلى المال في حياته ، في قضيّته المعروفة التي حدّث بها بعض الأعاظم : ـ
فإنّه في أوّل شبابه ، ولعلّه في سنّ العشرين أو قبل العشرين من عمره ، جاء إلى كربلاء المقدّسة لحضور درس شريف العلماء أعلى الله مقامه الذي كان يحضره ألف تلميذ ، وفيهم المجتهدون .
وكان الشيخ الأنصاري في تلك الأيّام يعيش في فقر مالي ، وأزمةٍ اقتصاديّة شديدة ، مع أنّ غداءه وعشاءه لم يكن أزيد من خبزٍ ولبن ، أو خبز وتمر ، أو خبز وملح ، وبالرغم من ذلك لم يكن له من المال ما يتكفّل بهذا الطعام ، وهذا المقدار من الغذاء .
ففكّر أن يشتغل ويكتسب في بعض ساعات نهاره بشكلٍ لا يزاحم دروسه ، علماً بأنّ التكسّب والعمل للعيش مفخرةً للمؤمن ، ولا عيب فيه للمرء ، بل هو عزّةً له ، لذلك عبّر الإمام الصادق عليهالسلام لمن تأخّر عن محلّ عمله وقال له : ـ ( اُغذُ إلى عزّك ) .
ولذلك جمع الشيخ الأنصاري مقداراً من الأقفال التي لا مفتاح لها ، ومقداراً من المفاتيح التي لا قفل لها بثمنٍ زهيد ، لأنّها سلعة ناقصة .
وكانت تلك الأقفال والمفاتيح آنذاك
تُصنع باليد ، وقد يضيع من أحدٍ مفتاحه فيحتاج إلى مفتاح يرهم لقفله ، أو يضيع قفله فيحتاج إلى شراء قفلٍ يناسب