كتاب الإقتراح في علم أصول النحو

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

كتاب الإقتراح في علم أصول النحو

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: الدكتور أحمد محمّد قاسم
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: نشر أدب الحوزة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٠

وتعقبه الأصبهانى بأن كون اللغة مأخوذة عمن لم يبلغ عدد التواتر ، لا يصلح أن يكون سندا لمنع عدم شهرة نقل اللغات عن موضوعاتها الأصلية إلى غيرها ، لأن عدم عصمتهم لا يستلزم وقوع النقل والتغيير ، بل يثبت به احتماله ، وذلك لا يقدح فى دعوى انتفاء اللازم. انتهى الأمر كما قال.

ثم قال الإمام : وأما الآحاد فالإشكال عليه من وجوه :

منها أن الرواة له مجروحون ليسوا سالمين عن القدح ، بيانه أن أصل الكتب المصنفة فى النحو واللغة : كتاب سيبويه ، وكتاب العين.

أما كتاب سيبويه فقدح الكوفيين فيه وفى صاحبه أظهر من الشمس ، وأيضا فالمبرد كان من أجلّ البصريين وهو أفرد كتابا فى القدح فيه.

وأمّا كتاب العين فقد أطبق الجمهور من أهل اللغة على القدح فيه.

وأيضا فإن ابن جنى أورد بابا فى كتاب الخصائص (١) فى قدح أكابر الأدباء بعضهم فى بعض ، وتكذيب بعضهم بعضا ، وأورد بابا آخر فى أن لغة أهل الوبر أصح من لغة أهل المدر (٢) ، وغرضه من ذلك القدح فى الكوفيين ، وأورد بابا آخر (٣) فى كلمات من الغريب لا يعلم أحد أتى بها إلا ابن أحمر الباهلى.

وروى عن رؤبة وأبيه : أنهما كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها (٤) ، ولا سبقا إليها ، وعلى ذلك قال المازنى : ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم ،

__________________

(١) انظر الخصائص ج ٣ ص ٢٨٢ ـ ٣٠٩ باب «فى سقطات العلماء».

(٢) انظر الجزء الثانى من الخصائص ص ٥ ـ ١٠.

(٣) انظر الخصائص ج ٢ ص ٢٤.

(٤) انظر الخصائص ج ٢ ص ٢٥.

٨١

وأيضا فالأصمعى كان منسوبا إلى الخلاعة ، ومشهورا بأنه كان يزيد فى اللغة ما لم يكن منها.

والعجب من الأصوليين : أنهم أقاموا الدلائل على خبر الواحد أنه حجة فى الشرع ، ولم يقيموا الدلالة على ذلك فى اللغة ، وكان هذا أولى ، وكان من الواجب عليهم أن يبحثوا عن أحوال اللغات ، والنحو ، وأن يتفحصوا عن أحوال جرحهم ، وتعديلهم ، كما فعلوا ذلك فى رواية الأخبار ، لكنهم تركوا ذلك بالكلية مع شدة الحاجة إليه ، فإن اللغة ، والنحو ، يجريان مجرى الأصل للاستدلال بالنصوص .. انتهى.

قال الأصبهانى : وأما قوله : وأورد ابن جنى بابا فى كلمات من الغريب لم يأت بها إلا الباهلى ، فاعلم أن هذا القدر وهو انفراد شخص بنقل شىء من اللغة العربية لا يقدح فى عدالته ، ولا يلزم من نقل الغريب أن يكون كاذبا فى نقله ، ولا قصد ابن جنى ذلك.

وأما قول المازنى : ما قيس إلى آخره ، فإنه ليس بكذب ولا تجويز للكذب ، لجواز أن يرى القياس فى اللغات ، أو يحمل كلامه هذه القاعدة وأمثالها ، وهى أن الفاعل فى كلام العرب مرفوع ، فكل ما كان فى معنى الفاعل فهو مرفوع.

وأما قوله : إن الأصوليين لم يقيموا إلى آخره ، فضعيف جدا ، وذلك أن الدليل الدال على أن خبر الواحد حجة فى الشرع ، يمكن التمسك به فى نقل اللغة آحادا ، إذا وجدت الشرائط المعتبرة فى خبر الواحد ، فلعلهم أهملوا ذلك ، اكتفاء منهم بالأدلة الدالة على أنه حجة فى الشرع.

وأما قوله : كان الواجب أن يبحثوا عن أحوال الرواة إلى آخره ، فهذا حق

٨٢

فقد كان الواجب أن يفعل ذلك ، ولا وجه لإهماله مع احتمال كذب من لم تعلم عدالته.

وقال القرافى : فى هذا الأخير إنما أهملوا ذلك لأن الدواعى متوفرة على الكذب فى الحديث ، لأسبابه المعروفة ، الحاملة للواضعين على الوضع.

وأما اللغة فالدواعى إلى الكذب عليها فى غاية الضعف ، وكذلك كتب الفقه لا تكاد تجد فروعها موضوعة على الشافعى أو مالك أو غيرهما ، ولذلك جمع الناس من السّنة موضوعات كثيرة وجدوها ، ولم يجدوا من اللغة وفروع الفقه مثل ذلك ، ولا قريبا منه ، ولما كان الكذب والخطأ فى اللغة وغيرها فى غاية الندرة : اكتفى العلماء فيها بالاعتماد على الكتب المشهورة المتداولة ، فإن شهرتها وتداولها يمنع ذلك مع ضعف الداعية له ، فهذا هو الفرق.

ثم قال الإمام : والجواب عن الإشكالات كلها أن اللغة والنحو والتصريف تنقسم إلى قسمين :

قسم منه متواتر ، والعلم الضرورى حاصل بأنه كان فى الأزمنة الماضية موضوعا لهذه المعانى ، فإنا نجد أنفسنا جازمة بأن السماء والأرض كانتا مستعملتين فى زمنه صلّى الله عليه وسلّم فى معناهما المعروف ، وكذلك الماء والهواء والنار وأمثالها ، وكذلك لم يزل الفاعل مرفوعا ، والمفعول منصوبا ، والمضاف إليه مجرورا.

وقسم منه مظنون : وهو الألفاظ الغريبة ، والطريق إلى معرفتها الآحاد.

وأكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول.

والثانى منه : قليل جدا فلا يتمسك به فى القطعيات ، ويتمسك به فى الظنيات ، انتهى.

٨٣

خاتمة

[فى النقل عن النفى]

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس فى «التعليقة» : النقل عن النفى فيه شىء لأن حاصله أننى أسمع هذا ، وهذا لا يدل على أنه لم يكن.

تنبيه

[أدلة النحو عند الأنبارى]

بعد أن حررت هذا الباب بفروعه وجدت ابن الأنبارى قال فى أصوله : أدلة النحو ثلاثة (١) : نقل : وقياس ، واستصحاب حال.

فالنقل (٢) : هو الكلام العربى الفصيح ، المنقول بالنقل الصحيح ، الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة ، وعلى هذا يخرج (٣) ما جاء من كلام العرب من المولدين وغيرهم ، وما جاء شاذا فى كلامهم ، نحو الجزم بلن (٤) ، والنصب

__________________

(١) انظر الفصل الثانى من كتاب «لمع الأدلة فى أصول النحو» للأنبارى.

(٢) انظر الفصل الثالث من كتاب «لمع الأدلة فى أصول النحو» للأنبارى.

(٣) فى الأصل : ليخرج ، وعبارة الأنبارى : «فخرج عنه إذا ما جاء فى كلام غير العرب من المولدين وما شذ من كلامهم» الخ ، وانظر الفصل الثالث من لمع الأدلة.

(٤) مثل قول الشاعر :

لن يخب الآن من رجائك من

حرك من دون بابك الحلقة

٨٤

بلم (١) ، والجر بلعل (٢) ، ونصب الجزأين بها وبليت (٣).

وهو ينقسم إلى : تواتر ، وآحاد (٤) :

فأما التواتر : فلغة القرآن ، وما تواتر من السنة ، وكلام العرب ، وهذا القسم دليل قطعى من أدلة النحو يفيد العلم.

وأما الآحاد : فما تفرد بنقله بعض أهل اللغة ، ولم يوجد فيه شرط التواتر ، وهو دليل مأخوذ به ، والأكثرون على أنه يفيد الظن.

وشرط (٥) التواتر أن يبلغ عدد ناقليه عددا لا يجوز على مثلهم الاتفاق على الكذب (٦).

__________________

(١) كقراءة بعضهم : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) بفتح الحاء.

(٢) مثل قول الشاعر :

* لعل أبى المغوار منك قريب*

(٣) مثل قول الشاعر :

* يا ليت أيام الصبا رواجعا*

(٤) انظر : الفصل الرابع من لمع الأدلة تحت عنوان «فى أقسام النقل».

(٥) انظر : الفصل الخامس من لمع الأدلة تحت عنوان «فى شرط نقل المتواتر»

(٦) قال الأنبارى فى الفصل الرابع من لمع الأدلة : «اختلف العلماء فى ذلك العلم [المتواتر] :

فذهب الأكثرون : إلى أنه ضرورى ، واستدلوا على ذلك بأن العلم الضرورى : هو الذى بينه وبين مدلوله ارتباط معقول ، كالعلم الحاصل من الحواس الخمس : السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس ، وهذا موجود فى خبر التواتر فكان ضروريا.

وذهب آخرون : إلى أنه نظرى ، واستدلوا على ذلك ، بأن بينه وبين النظر ارتباطا ، لأنه يشترط فى حصوله نقل جماعة يستحيل عليهم الاتفاق على الكذب دون غيرهم ، فلما اتفقوا علم أنه صدق.

٨٥

وأما الآحاد : فأن يكون ناقله عدلا (١) ، رجلا كان أو امرأة حرّا كان أو عبدا ، كما يشترط فى نقل الحديث ، لأن باللغة معرفة تفسيره ، وتأويله ، فاشترط فى نقلها ما اشترط فى نقله ، فإن كان ناقل اللغة فاسقا لم يقبل نقله.

ويقبل نقل العدل الواحد ، وأهل الأهواء إلا أن يكونوا ممن يتديّن بالكذب (٢).

وأما المرسل : وهو الذى انقطع سنده نحو أن يروى ابن دريد عن أبى زيد (٣) ، والمجهول : وهو الذى لم يعرف ناقله ، نحو أن يقول أبو بكر بن الأنبارى (٤) : حدثنى رجل عن ابن الأعرابى ، فلا يقبلان لأن العدالة شرط

__________________

وزعمت طائفة قليلة : أنه لا يفضى إلى علم البتة ، وتمسكت بشبهة ضعيفة ، وهى أن العلم لا يحصل بنقل كل واحد منهم ، فكذلك لا يحصل بنقل جماعتهم ، وهذه شبهة ظاهرة الفساد فإنه يثبت للجماعة ما لا يثبت للواحد ، فإن الواحد لو رام حمل حمل ثقيل لم يمكنه ذلك ، ولو اجتمع على حمله جماعة لأمكن ذلك ، فكذلك هاهنا» اه.

(١) انظر الفصل السادس من لمع الأدلة تحت عنوان «فى شرط نقل الآحاد».

(٢) انظر الفصل السابع من لمع الأدلة تحت عنوان «فى قبول نقل أهل الأهواء» ولقد مثل الأنبارى لمن يتدين بالكذب فقال «كالخطابية من الرافضة» قال الأفغانى : وهم أصحاب أبى الخطاب محمد بن أبى زيد الأسدى ، زعم أن أئمة الشيعة أنبياء ، ثم غلا فزعمهم آلهة ، فلما وقف الإمام جعفر الصادق على غلوه فى حقه ، تبرأ منه ولعنه ، وأمر أصحابه بالبراءة منه ، وانظر الملل والنحل للشهرستانى ص ٣٨٠.

(٣) أبو بكر بن دريد : ولد سنة ٢٢٣ ه‍ ، وتوفى سنة ٣٢١ ه‍ ، وأبو زيد الانصارى ولد سنة ١١٩ ه‍ وتوفى سنة ٢١٥ ه‍ ، فابن دريد لم يدرك أبا زيد ، فبينهما راو أو أكثر ، وهذا هو الانقطاع فى السند ، وانظر الفصل الثامن من لمع الأدلة. وبغية الوعاة ج ١ ص ٧٦ ـ ٨١ وص ٥٨٢ ـ ٥٨٣.

(٤) أبو بكر بن الأنبارى ليس هو أبو البركات صاحب لمع الأدلة ، وإنما هو محمد بن القاسم ، ولد سنة ٢٧١ ه‍ وتوفى سنة ٣٢٨ ه‍ ، وهو كوفى المذهب بخلاف صاحب لمع الأدلة ، فإنه بغدادى المذهب ، والمراد بابن الأعرابى : محمد بن زياد ، المتوفى سنة ٤٣١.

٨٦

فى قبول النقل ، وانقطاع السند والجهل بالناقل يوجبان الجهل بالعدالة ، فإن من لم يذكر اسمه ، أو ذكر ولم يعرف ، أو لم تعرف عدالته فلا يقبل نقله ، وقيل : يقبلان ، لأن الإرسال صدر ممن لو أسند لقبل ولم يتهم فى إسناده ، فكذلك فى إرساله ، فإن التهمة لو تطرقت إلى إرساله لتطرقت إلى إسناده ، وإذا لم يتهم فى إسناده ، فكذلك فى إرساله ، وكذلك النقل عن المجهول صدر ممن لا يتهم فى نقله ، لأن التهمة لو تطرقت إلى نقله عن المجهول ، لتطرقت إلى نقله عن المعروف ، وهذا ليس بصحيح ، واختلف العلماء فى جواز الإجازة ، والصحيح جوازها (١).

هذا حاصل ما ذكره ابن الأنبارى فى ثمانية فصول من كتابه.

__________________

(١) انظر الفصل التاسع من لمع الادلة ، والإجازة فى فن الحديث : أن يجيز المحدث لمعين فى شىء معين مثل قولك : أجزت لك الكتاب الفلانى ، وما اشتملت عليه فهرستى هذه» .. ألخ ؛ فيروى طالب الإجازة لكتابه بسنده ، وانظر علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح ص ١٥١.

٨٧

الكتاب الثانى : فى الإجماع

والمراد به إجماع نحاة البلدين : البصرة والكوفة.

قال فى الخصائص (١) : وإنما يكون حجة : إذا لم يخالف المنصوص ولا المقيس على المنصوص ، وإلا فلا ؛ لأنه لم يرد فى قرآن ولا سنة أنهم لا يجتمعون على الخطأ ، كما جاء النص بذلك فى كل الأمة ، وإنما هو علم منتزع من استقراء هذه اللغة ، فكل من فرق له عن علة صحيحة ، وطريق نهجة (٢) كان خليل (٣) نفسه ، وأبا عمرو (٤) فكره.

إلا أننا مع ذلك لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التى طال بحثها ، وتقدم نظرها إلا بعد إمعان وإتقان ، انتهى.

وقال فى موضع آخر : يجوز الاحتجاج باجتماع الفريقين ، وذلك : كإنكار أبى العباس جواز تقديم خبر ليس عليها ، فأحد ما يحتج به عليه أن يقال هذا أجازه سيبويه ، وكافة أصحابنا ، والكوفيون أيضا ، فإذا كان ذلك مذهبا للبلدين ، وجب أن تنفر عن خلافه.

قال : ولعمرى إن هذا ليس بموضع قطع على الخصم ، لأن للإنسان أن يرتجل من المذاهب ما يدعو إليه القياس ما لم يخالف نصّا ، قال : فمما جاز خلاف

__________________

(١) انظر الخصائص ج ١ ص ١٨٩.

(٢) طريق نهجة : أى طريق بينة واضحة.

(٣) يريد كان إمام نفسه كالخليل إمام الناس.

(٤) يريد كان فكره بالنسبة لنفسه كفكر أبى عمرو بالنسبة للناس ، ومعنى ذلك أن من كانت له علة صحيحة عليه أن يقتنع بها.

٨٨

الإجماع الواقع فيه منذ بدىء هذا العلم وإلى آخر هذا الوقت قولهم فى «هذا جحر ضبّ خرب» : إنه من الشاذ الذى لا يحمل عليه ، ولا يجوز رد غيره إليه.

وأما أنا فعندى أن فى القرآن مثل ذلك نيفا على ألف موضع! وذلك أنه على حذف المضاف ، والأصل : جحر ضب خرب جحره ، فجرى خرب وصفا على ضب ، وإن كان فى الحقيقة للجحر ، كما تقول : مررت برجل قائم أبوه ، وإن كان القيام للأب لا للرجل ، ثم حذف الجحر المضاف إلى الهاء فأقيمت الهاء مقامه ، فارتفعت لأن المضاف المحذوف كان مرفوعا ، فلما ارتفعت استتر الضمير المرفوع فى نفس خرب (١) ، انتهى.

وقال غيره : إجماع النحاة على الأمور اللغوية معتبر خلافا لمن تردد فيه ، وخرقه ممنوع ، ومن ثم ردّ.

وقال ابن الخشاب فى «المرتجل» : لو قيل إن «من» فى الشرط لا موضع لها من الإعراب لكان قولا ، إجراء لها مجرى «إن» الشرطية ، وتلك لا موضع لها من الإعراب ، لكن مخالفة المتقدمين لا تجوز ، انتهى.

مسألة

[الإجماع حجة]

وإجماع العرب أيضا حجة ، ولكن أنّى لنا بالوقوف عليه ، ومن صوره أن يتكلم العربى بشىء ويبلغهم ويسكتون عليه.

__________________

(١) انظر المرجع السابق ج ١ ص ١٩٢.

٨٩

قال ابن مالك فى التسهيل : استدل على جواز توسيط (١) خبر ما الحجازية ونصبه بقول الفرزدق :

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (٢)

ورده المانعون بأن الفرزدق تميمى ، تكلم بهذا معتقدا جوازه عند الحجازيين ، فلم يصب.

ويجاب بأن الفرزدق كان له أضداد من الحجازيين والتميميين ، ومن مناهم أن يظفروا بزلة يشنّعون بها عليه ، مبادرين لتخطئته ، ولو جرى شىء من ذلك لنقل ، لتوفر الدواعى على التحدث بمثل ذلك إذا اتفق ، ففى عدم نقل ذلك ، دليل على إجماع أضداده الحجازيين والتميميين على تصويب قوله ، انتهى.

__________________

(١) انظر التسهيل ص ٥٦ ـ ٥٧ ، وعبارته : «وقد تعمل متوسطا خبرها وموجبا بإلا ، وفاقا لسيبويه فى الأول وليونس فى الثانى».

(٢) الشاهد فيه «ما مثلهم بشر» حيث توسط خبر ما الحجازية ، فقال سيبويه : شاذ ، وقيل : غلط ، وإن الفرزدق لم يعرف شرطها عند الحجازيين ، وانظر التوضيح ص ٤٥ ، وشرح الأشمونى ج ١ ص ٢٥٩ ، والخصائص ج ١ ص ١٢٥.

٩٠

فصل

[فى تركيب المذاهب]

مما يشبه تداخل اللغات السابق : تركيب المذاهب ، وقد عقد له ابن جنى بابا فى الخصائص (١) ، ويشبهه فى أصول الفقه : إحداث قول ثالث ، والتلفيق بين المذاهب.

قال ابن جنى : وذلك أن تضم بعض المذاهب إلى بعض ، وتنتحل بين ذلك مذهبا ثالثا ، مثاله أن المازنى كان يعتقد مذهب يونس فى رد المحذوف فى التحقير ، وإن غنى المثال عنه ، فيقول فى تحقير يضع اسم رجل : يويضع.

وسيبويه إذا استوفى التحقير مثاله لا يردّ (٢) فيقول : يضيّع ، وكان المازنى يرى رأى سيبويه فى صرف نحو جوار علما ، ويونس لا يصرفه.

فقد تحصل إذن للمازنى مذهب مركب من مذهب الرجلين ، وهو الصرف على مذهب سيبويه ، والرد على مذهب يونس ، فيقول على مذهبه فى تحقير اسم رجل سميته : يرى : «رأيت يريئيا» فرد الهمزة من يرى ، إذ أصله يرأى على قول يونس ، والصرف على قول سيبويه.

ويونس : يرد ولا يصرف فيقول : «رأيت يريئ».

وسيبويه يصرف ولا يردّ ، فيقول : رأيت يريّا ، بإدغام ياء التحقير فى الباء المنقلبة عن الألف.

فقد عرف تركيب مذهب المازنى عن مذهب الرجلين.

__________________

(١) انظر : الخصائص ج ٣ ص ٧١ وما بعدها.

(٢) أى لا يرد ما كان محذوفا قبل تصغير الكلمة.

٩١

مسألة

[الإجماع السكونى وإحداث قول ثالث]

قال أبو البقاء فى «التبيين» : جاء فى الشعر : لولاى (١) ولولاك ، فقال معظم البصريين : الياء والكاف فى موضع جر ، وقال الأخفش والكوفيون : فى موضع رفع.

قال أبو البقاء : وعندى أنه يمكن أمران آخران :

أحدهما : أن لا يكون للضمير موضع ، لتعذر العامل ، وإذا لم يكن عامل لم يكن عمل ، وغير ممتنع أن يكون الضمير لا موضع له كالفصل.

وممكن أن يقال موضعه نصب لأنه من ضمائر المنصوب ، ولا يلزم من ذلك أن يكون له عامل مخصوص ، ألا ترى أن التمييز فى نحو : عشرين درهما ، لا ناصب له على التحقيق ، وإنما هو مشبه بالمفعول ، حيث كان فضلة ، وكذلك قولهم : لى ملؤه عسلا ، فهذا منصوب وليس له ناصب على التحقيق ، وإنما هو مشبه بما له عامل ، ومثل ذلك يمكن فى لولاى ، وهو أن يجعل منصوبا من حيث كان من ضمائر المنصوب.

فإن قيل : الحكم بأنه لا موضع له ، وأن موضعه نصب خلاف الإجماع ، إذ الإجماع منحصر فى قولين : إما الرفع وإما الجر ، والقول بحكم آخر خلاف الإجماع ، وخلاف الإجماع مردود.

__________________

(١) انظر : المسألة رقم ٩٧ من الإنصاف فى مسائل الخلاف.

٩٢

فالجواب عنه من وجهين :

أحدهما : أن هذا من إجماع مستفاد من «السكوت» ، وذلك أنهم لم يصرحوا بالمنع من قول ثالث ، وإنما سكتوا عنه ، والإجماع : هو الإجماع على حكم الحادثة قولا.

والثانى : أن أهل العصر الواحد إذا اختلفوا على قولين ، جاز لمن بعدهم إحداث قول ثالث ، هذا معلوم من أصول الشريعة ، وأصول اللغة محمولة على أصول الشريعة.

وقد صنع مثل ذلك من النحويين على الخصوص : أبو على ، فإن له مسائل كثيرة قد سبق إليها بحكم ، وأثبت هو فيها حكما آخر ، منها : أن لفظة «كل» لا يدخلها الألف واللام فى أقوال الأول ، وجوز هو فيها ذلك ، وقد أفردوها بمسألة (١) فى «الحلبيات» (٢) ، واستدل على ذلك بالقياس ، فغير ممتنع أن يذهب ذاهب هنا إلى مذهب ثالث ، لوجود الدليل عليه ، انتهى.

__________________

(١) كلمتا «مسألة والمسألة» الواردتان فى الأصل رسمتا كلها هكذا : مسئلة والمسئلة.

(٢) الحلبيات : كتاب لأبى على الفارسى ، ويقال : إنه نسبة إلى حلب ، وسماه فى بغية الوعاة : «المسائل الحلبية» وانظر ج ١ ص ٤٩٧.

٩٣

الكتاب الثالث : فى القياس

قال ابن الأنبارى فى جدله (١) : هو حمل غير المنقول على المنقول إذا كان فى معناه ، انتهى.

قال : وهو معظم أدلة النحو ، والمعول فى غالب مسائله عليه ، كما قيل : «إنما النحو قياس يتّبع» ، ولهذا قيل فى حده : إنه علم بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب.

وقال صاحب المستوفى : كلّ علم ، فبعضه مأخوذ بالسماع والنصوص ، وبعضه بالاستنباط والقياس ، وبعضه بالانتزاع من علم آخر.

قال : فالفقه بعضه بالنصوص الواردة فى الكتاب والسنة ، وبعضه بالاستنباط والقياس.

والطب : بعضه مستفاد من التجربة ، وبعضه من علوم أخر.

والهيئة : بعضها من علم التقدير ، وبعضها تجربة شهد بها الرصد.

والموسيقى : جلها منتزع من علم الحساب.

والنحو : بعضه مسموع مأخوذ من العرب ، وبعضه مستنبط بالفكر والروية ، وهو التعليلات ، وبعضه يؤخذ من صناعة أخرى ، كقولهم : الحرف الذى تختلس حركته فى حكم المتحرك لا الساكن ، فإنه مأخوذ من علم العروض ،

__________________

(١) انظر : الفصل السابع من جدل الاعراب تحت عنوان «فى الاستدلال» ص ٤٥ ، ولمع الأدلة : الفصل الحادى عشر.

٩٤

وكقولهم : الحركات أنواع : صاعد عال ، ومنحدر سافل ، ومتوسط بينهما ، فإنه مأخوذ من صناعة الموسيقى ، انتهى.

وقال ابن الأنبارى فى أصوله (١) : اعلم أن إنكار القياس فى النحو لا يتحقق ، لأن النحو كله قياس ، ولهذا قيل فى حده : «النحو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب» ، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو ، ولا يعلم أحد من العلماء أنكره ، لثبوته بالدلالة القاطعة ، وذلك أنا أجمعنا على أنه إذا قال العربى : كتب زيد ، فإنه يجوز أن يسند هذا الفعل إلى كل اسم مسمى يصح منه الكتابة ، نحو عمرو ، وبشر ، وأزدشير ، إلى ما لا يدخل تحت الحصر ، وإثبات ما لا يدخل تحت الحصر بطريق النقل محال.

وكذلك القول فى سائر العوامل الداخلة على الأسماء والأفعال ، الرافعة والناصبة والجارة والجازمة ، فإنه يجوز إدخال كل منها على ما لا يدخل تحت الحصر ، وذلك بالنقل متعذر ، فلو لم يجز القياس ، وقتصر على ما ورد فى النقل من الاستعمال ، لبقى كثير من المعانى لا يمكن التعبير عنها لعدم النقل ، وذلك مناف لحكمة الوضع ، فوجب أن يوضع وضعا قياسيا عقليا لا نقليا ، بخلاف اللغة ، فإنها وضعت وضعا نقليا ، لا عقليا ، فلا يجوز القياس فيها ، بل يقتصر على ما ورد به النقل ، ألا ترى أن القارورة سميت بذلك لاستقرار الشىء فيها ، ولا يسمى كل مستقر فيه قارورة ، وكذلك سميت الدار دارا لاستدارتها ، ولا يسمى كل مستدير دارا (٢) ، انتهى.

__________________

(١) انظر : الفصل الحادى عشر من لمع الادلة تحت عنوان «فى الرد على من أنكر القياس».

(٢) بعد هذه العبارة قال الانبارى : «فلو قلنا : إن النحو ثبت نقلا لا قياسا وعقلا ؛ لأدى ذلك إلى رفع الفرق بين اللغة والنحو ، والى التسوية بين المقيس والمنقول ، وذلك مخالف للمعقول» ، وانظر المرجع السابق.

٩٥

فصل

[فى أركان القياس]

للقياس أربعة أركان :

أصل : وهو المقيس عليه ، وفرع : وهو المقيس ، وحكم ، وعلة جامعة.

قال ابن الأنبارى (١) : وذلك مثل أن تركب قياسا فى الدلالة على رفع ما لم يسم فاعله ، فتقول : اسم أسند الفعل إليه مقدما عليه ، فوجب أن يكون مرفوعا ، قياسا على الفاعل ، فالأصل : هو الفاعل ، والفرع : هو ما لم يسم فاعله ، والحكم : هو الرفع ، والعلة الجامعة : هى الإسناد ، والأصل فى الرفع : أن يكون للأصل الذى هو الفاعل ، وإنما أجرى على الفرع الذى هو ما لم يسم فاعله ، بالعلة الجامعة التى هى الإسناد (٢) ، انتهى.

وقد عقدت لهذه الأركان أربعة فصول :

__________________

(١) انظر : لمع الأدلة ، الفصل العاشر تحت عنوان «فى القياس» ، ولقد تصرف السيوطى فى كلام الأنبارى فقدم وأخر فيه.

(٢) للموضوع بقية فى كلام الأنبارى ، ومن هذه البقية قوله : «وعلى هذا النحو تركيب كل قياس من أقيسة النحو» وبعد ذلك افترض اعتراضا وأجاب عنه ؛ وانظر : المرجع السابق.

٩٦

الفصل الأول

فى المقيس عليه ، وفيه مسائل

[المسألة] الأولى

من شرطه ألا (١) يكون شاذا خارجا عن سنن القياس ، فما كان كذلك لا يجوز القياس عليه ، كتصحيح استحوذ ، واستصوب (٢) ، واستنوق ، وكحذف نون التأكيد فى قوله :

* إضرب عنك الهموم طارقها (٣) *

أى اضربن ، ووجه ضعفه فى القياس ، أن التوكيد للتحقيق ، وإنما يليق به الإسهاب والإطناب ، لا الاختصار والحذف ، وكحذف صلة الضمير دون الضمة فى قوله :

* له زجل كأنه صوت حاد (٤) *

__________________

(١) فى الأصل : أن لا.

(٢) انظر الخصائص ج ١ ص ٩٩.

(٣) قال فى الخصائص ج ١ ص ١٢٦ : «وأما ضعف الشىء فى القياس ، وقلته فى الاستعمال فمرذول مطرح ، غير أنه قد يجىء منه الشىء إلا أنه قليل ، وذلك ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسيف قونس الفرس

قالوا : أراد «اضربن عنك» فحذف نون التوكيد.

قال ابن برى : البيت لطرفة ، ويقال : إنه مصنوع عليه ، وانظر اللسان ، فى مادة «قنس».

(٤) قال ابن جنى : «ومما ضعف فى القياس والاستعمال جميعا بيت الكتاب :

٩٧

ووجه ضعفه فى القياس أنه ليس على حد الوصل ، ولا حد الوقف ، لأن الوصل يجب أن يتمكن فيه واوه ، كما تمكنت فى قوله : «له زجل» ، والوقف يجب أن تحذف فيه الواو والضمة معا ، فحذف الصلة وإبقاء الضمة منزلة بين منزلتى الوصل والوقف لم تعهد قياسا ؛ نعم يجوز القياس على ما استعمل للضرورة فى الضرورة.

قال أبو على : كما جاز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم ، كذلك يجوز أن نقيس شعرنا على شعرهم ، فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا ، وما لا فلا.

قال ابن جنى : فإن قيل : هلا امتنع متابعتهم فى الضرورة من حيث كان القوم لا يترسلون فى عمل أشعارهم ترسل المولدين ، وإنما كان ارتجالا ، فضرورتهم إذن أقوى من ضرورتنا ، فينبغى أن يكون عذرهم فيه أوسع؟

قلنا : ليس جميع الشعر القديم مرتجلا ، بل كان لهم فيه نحو ما للمولدين من الترسل ، روى عن زهير أنه عمل سبع قصائد فى سبع سنين ، فكانت تسمى حوليات زهير ، وعن ابن أبى حفصة قال : كنت أعمل القصيدة فى أربعة أشهر وأحككها (١) فى أربعة أشهر ، وأعرضها (٢) فى أربعة أشهر ، ثم أخرج بها إلى الناس ، وحكاياتهم فى ذلك كثيرة ، وأيضا فإن من المولدين من يرتجل.

__________________

له زجل كأنه صوت حاد

إذا طلب الوسيقة أو زمير

فقوله : «كأنه» ـ بحذف الواو ، وتبقية الضمة ـ ضعيف فى القياس قليل فى الاستعمال ، والشاعر يصف حمارا وحشيا ، والوسيقة : أنثاه ، والزمير : الغناء فى القصبة وهى الزمارة ، شبه تطريبه لصوت الحادى أو الغناء ، والبيت قائله الشماخ بن ضرار ، وانظر الخصائص ج ١ ص ١٢٧ ، وسيبويه ج ١ ص ١١.

(١) قال فى اللسان : حككت قرحة : دميتها ، أى إذا أممت غاية تقصيتها وبلغتها والمراد هنا أنه كان يراجع القصيدة حتى يصل إلى غايته فى أربعة أشهر.

(٢) عرض الشىء : أظهره.

٩٨

[المسألة] الثانية

[فى عدم القياس على الشاذ]

كما لا يقاس على الشاذ نطقا لا يقاس عليه تركا.

قال فى الخصائص (١) : إذا كان الشىء شاذا فى السماع ، مطردا فى القياس ، تحاميت (٢) ما تحامت العرب من ذلك ، وجريت فى نظيره على الواجب فى أمثاله ، ومن ذلك امتناعك من وذر ، وودع ، لأنهم لم يقولوهما ، ولا منع أن تستعمل نظيرهما ، نحو وزن ، ووعد ، وإن لم تسمعها أنت ، انتهى.

[المسألة] الثالثة

[جواز القياس على القليل]

ليس من شرط المقيس عليه الكثرة ، فقد يقاس على القليل لموافقته للقياس ، ويمتنع على الكثير لمخالفته له (٣).

مثال الأول : قولهم فى النسب إلى شنوءة : شنئىّ (٤) ، فلك أن تقول فى ركوبة : ركبىّ ، وفى حلوبة : حلبىّ ، وفى قتوبة (٥) : قتبىّ ، قياسا على شنئى ، وذلك أنهم أجروا فعولة مجرى فعلية لمشابهتها إياها من أوجه :

__________________

(١) انظر الخصائص ج ١ ص ٩٩.

(٢) تحاماه : توقاه واجتنيه.

(٣) انظر الخصائص ج ١ ص ١١٥

(٤) فى الأصل : شنأى ، وكرر كتابته هكذا فى كل ما جاء بعده ، وقال فى اللسان : الشنوءة : التقزز من الشىء ، وهو التباعد عن الأدناس.

(٥) القتوبة : ما يقتب من الإبل ، أى توضع الأقتاب ـ أى الإكاف ـ على ظهورها

٩٩

أن كلا منهما ثلاثى ، وأن ثالثه حرف لين ، وأن آخره تاء التأنيث ، وأن فعولا وفعيلا يتواردان ، نحو أثيم وأثوم ، ورحيم ورحوم ، ومشىّ ومشوّ ، ونهىّ عن الشىء ونهوّ ، فلما استمرت حال فعيله وفعولة هذا الاستمرار ، جرت واو شنوءة مجرى ياء حنيفة ، فكما قالوا : حنفى قياسا ، قالوا شنئى قياسا.

قال أبو الحسن (١). فإن قلت : إنما جاء هذا فى حرف واحد يعنى شنوءة.

فالجواب : أنه جميع ما جاء

قال فى الخصائص (٢) : ما ألطف هذا الجواب ، ومعناه : أن الذى جاء فى فعولة هو هذا الحرف ، والقياس قابله ، ولم يأت فيه شىء ينقضه ، فإذا قاس الإنسان على جميع ما جاء ، وكان أيضا صحيحا فى القياس مقبولا فلا لوم ، ولما ذكرناه من المناسبة بين فعولة وفعيلة ، لم يجز فى نحو ضرورة (٣) : ضررىّ ، ولا فى حرورة (٤) : حررىّ ، لأن باب فعيلة المضاعف نحو جليلة ، لا يقال فيه : جللى استثقالا ، بل هو جليلى.

ومثال الثانى قولهم فى ثقيف وقريش وسليم : ثقفىّ وقرشىّ وسلمىّ ، فهو وإن كان أكثر من شنئى ، فإنه عند سيبويه ضعيف فى القياس ، ولا يقال فى سعيد : سعدىّ ، ولا فى كريم : كرمىّ.

__________________

(١) المراد به : أبو الحسن الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المتوفى سنة ٣١٥ ه

(٢) انظر الخصائص ج ١ ص ١١٦.

(٣) مثل ابن جنى بنحو صرورة بالصاد ، والصرورة : الذى لا يأتى النساء.

(٤) الحرورة : الحرية.

١٠٠