تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

[فقال امرؤ القيس] : لا بغيت أحدا بعدك بالشعر.

أخبرنا أبو الحسن بن الفراء ، وأبو غالب (١) وأبو عبد الله ، ابنا الحسن (٢) ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا الزّبير بن بكار ، قال : وقال امرؤ القيس بن حجر (٣) :

ولقد رحلت العيس ثم زجرتها

وهنا وقلت عليك خير معدّ (٤)

فعليك سعد بن الضّباب فأسرعي

سيرا إلى سعد ، عليك بسعد

قوم تفرّد من إياد بيته

بين النّبيت الأكرمين وسرد

قال : وأخبرني عمي ، عن جدي عبد الله بن مصعب وعن الضحاك بن عثمان ومحمد بن الضحاك بن عثمان ، عن أبيه وعمر بن أبي بكر المؤملي (٥) ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر أنّ امرأ القيس بن حجر قال (٦) :

ألم تريا وريب الدّهر هن

بتفريق المعاشر والسوام

صبرنا على عشيرتنا فباتوا

كما صبرت خزيمة عن جذام

إلّا أن المؤمّلي قال : بتفريق العشائر يعني أن جذاما بن عمرو بن أسدة بن خزيمة بن مدركة فانتسب جذام بعد في اليمن فقالوا : جذام بن عديّ بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن مالك بن زيد بن كهلان واسم جذام عامر.

قال : وأنشدني عمّي مصعب بن عبد الله ، عن جدّي عبد الله بن مصعب بن الضحاك بن عثمان الحزامي ، وأنشدنيه محمد بن الضحاك ، عن عثمان الحزامي عن أبيه لامرئ القيس بن حجر (٧) :

أبعد الحارث الخير (٨) ابن عمرو

له ملك العراق إلى عمان

__________________

(١) بالأصل «غلاب» خطأ. والصواب ما أثبت ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٦٠٣.

(٢) بالأصل «أنبأنا الحسين» خطأ والصواب ما أثبت.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٨٩.

(٤) العيس : النياق التي يميل لونها إلى الحمرة ، والوهن : الليل.

(٥) رسمها غير واضح بالأصل ، والصواب ما أثبت.

(٦) البيتان ليسا في ديوانه ط بيروت.

(٧) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ١٧٦.

(٨) الديوان : الملك.

٢٤١

مجاورة بني سمجا (١) بن حزم

هوانا ما أتيح من الهوان

وينجيها بنو شمجا (٢) بن حزم

معيزهم (٣) حنانك ذا الحنان

قالا : قال امرؤ القيس وهو مجاور في وطي.

في نسخة ما أخبرنا به أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب ـ إجازة ـ أنا علي بن عبد العزيز ـ قراءة ـ أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن محمد ، أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن سلّام قال : واستحسن الناس من تشبيه امرئ القيس (٤) :

كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا

لدى وكرها العنّاب والحشف البالي

[وقوله](٥) :

نظرت إليها والنّجوم كأنها

قناديل (٦) رهبان تشبّ لقفّالي

[وقوله يصف فرسا :

عظيم طويل مطمئن كأنه

بأسفل ذي ماوان سرحه مرقب

له أيطلا ظبي وساقا نعامة

وصهوة عير قائم فوق مرحب

له جؤجؤ رحب كأن لجامه

يعالي به في رأس جذع مشذب](٧)

وعينان كالماويتين ومحجرا

في سند مثل الزناح المصنّب

[إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه

يقول هزيز الريح : مرت بأثأب

كأن دماء الهاديات بنحره

عصارة حناء بشيب مخضب](٨)

وذكر ابن سلام أبياتا غير هذه.

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن وأبو عمرو عبد الوهاب ، أنا محمد بن إسحاق بن مندة وأبو منصور بن شكرويه ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن

__________________

(١ و ٢) الديوان : شمجى بن جرم.

(٣) عن الديوان وبالأصل : معبرهم.

(٤) ديوانه ص ١٤٥ وبغية الطلب ٤ / ٢٠١٤.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، وزيادتها لازمة عن م والبيت في ديوانه ص ١٤١.

(٦) في الديوان : مصابيح.

(٧ و ٨) بياض بالأصل وما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب ٤ / ٢٠١٥ وانظر ديوانه ص ٦٤ و ٧٣.

والأبيات موجودة في م وفيها بياض في الصدر أو في العجز.

٢٤٢

محمد بن خرشيد قوله : أنا أبو بكر النيسابوري الربيع قال : قال الشافعي : قال امرؤ القيس (١) :

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني

كبرت وأن لا يحسن الشرّ (٢) أمثالي

كذبت لقد أصبي على المرء عرسه

وأمنع عرسي أن يزنّ بها الخالي

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، قال : وأنشد لامرئ القيس :

فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة

كفاني ولم أطلب قليل من المال

ولكنما أسعى لمجد مؤثّل

وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي (٣)

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغسّاني ، حدّثنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشّيحي ، أنا أبو بكر أحمد بن علي (٤) ، سمعت أبا القاسم عبد الرّحمن المطرف (٥) الأنباري ، يقول : سمعت أبا القاسم بن أبي حية يقول : سمعت خالد بن يزيد الكاتب (٦) يقول : بينا أنا مارّ بباب الطاق (٧) وإذا براكب خلفي على بغلة ، فلما لحقني نخسني بسوطه ، فقال : أنت القائل يا خويلد :

وليل المحب بلا آخر؟

قلت : نعم ، قال : الله أبرك (٨) ، وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات ، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات ، ووصفه بشّار بن برد في ثلاثة أبيات وبرزت ، عليهم بشطر كلمة فلله أبوك. قلت : وبم وصفه امرؤ القيس؟ فقال بقوله (٩) :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

__________________

(١) ديوانه ص ١٤٠.

(٢) الديوان : اللهو.

(٣) ديوانه ص ١٤٥ والخبر والبيتان في بغية الطلب ٤ / ٢٠١٤.

(٤) تاريخ بغداد ٨ / ٣١١ في ترجمة خالد بن يزيد الكاتب : الخبر والشعر.

(٥) تاريخ بغداد : المظفر.

(٦) عن تاريخ بغداد وبالأصل «الكلبي».

(٧) محلة كبيرة ببغداد ، بالجانب الشرقي (معجم البلدان).

(٨) تاريخ بغداد : لله أبوك.

(٩) ديوانه ص ٤٨ وتاريخ بغداد.

٢٤٣

فقلت له لما تمطّى بجوزه (١)

وأردف أعجازا وناء بكلكل

ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي

بصبح وما الإصباح فيك (٢) بأمثل

قلت : وبم وصفه النابغة؟ فقال : بقوله (٣) :

كليني لهمّ يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

وصدر أراح اللّيل عازب همّه

تضاعف فيه الهمّ من كل جانب

تقاعس حتى قلت ليس بمنقض

وليس الذي يهدي النجوم بآئب

قلت له : بم وصفه بشار؟ فقال : بقوله (٤) :

خليلي ما بال الدّجى لا تزحزح

وما بال ضوء الصّبح لا يتوضّح؟

أظنّ الدّجى طالت وما طالت الدّجى ولكن أطال اللّيل سقم مبرّح

أضلّ النهار المستنير طريقه

أم الدّهر ليل ليس [فيه] مبرح

قلت : يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق إليه؟ قال : نعم ، فقلت (٥) :

كلّما اشتد خضوعي

لجوى بين ضلوعي

ركضت في حلبتي خدّ

يّ خيل من دموعي

قال : فثنى رجله عن نعليه (٦) وقال : هاكها فاركبها ، فأنت أحق بها مني فلما مضى سألت عنه فقيل : هو أبو [تمام](٧) حبيب بن أوس الطائي.

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الجنيدي المحتاجي الخطيب ، وأبو محمد مسعود ويسمى أيضا هبة الله بن سعد بن أسعد الميهنيان ـ بها ـ قالا : أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسن بن محمد الفارسي ، أنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن

__________________

(١) تاريخ بغداد : بصلبه.

(٢) الديوان وتاريخ بغداد : منك.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٩ وتاريخ بغداد.

(٤) ديوانه ص ١٠٤ وتاريخ بغداد.

(٥) البيتان في تاريخ بغداد ٨ / ٣١٢.

(٦) تاريخ بغداد : بغلته.

(٧) سقطت من الأصل وم والزيادة عن تاريخ بغداد.

٢٤٤

الفرا ـ بالمسجد الأقصى ـ أنا أبو الحسن بن جهضم ، قال : وقال امرؤ القيس بن حجر الكندي (١) :

إذا قلت هذا صاحب قد رضيته

وقرّت به العينان بدّلت آخرا

وذلك أنّي لم أثق بصاحب (٢)

من النّاس إلّا خانني وتغيّرا

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، حدّثنا أحمد بن مروان ، حدّثنا أحمد بن صالح ، حدّثنا الزيادي ، قال : لما احتضر امرؤ القيس بأنقرة نظر إلى قبر فسأل عنه فقالوا : قبر امرأة غريبة فقال (٣) :

أجارتنا إن المزار قريب

وإنّي مقيم ما أقام عسيب

أجارتنا إنّا غريبان هاهنا

وكلّ غريب للغريب نسيب

قال : وعسيب : جبل كان القبر في سنده.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا جدّي أبو محمد ، حدّثنا أبو علي الأهوازي ، حدّثنا أبو الحسن مكي [بن](٤) محمد بن الغمري ، أنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن هارون البردعي ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن وديع القاضي ـ بطبرية ـ حدّثنا إبراهيم بن محمد الأهوازي ، حدّثنا الفضل بن جعفر ، حدّثني محمد بن بكر بن زكريا ، عن شيخ من بني هاشم يكنى أبا جعفر (٥) قال : وجد على قبر امرئ القيس مكتوبا :

أجارتنا إن الخطوب تنوب

وإنّي مقيم ما أقام عسيب

أجارتنا إنّا غريبان هاهنا

وكلّ غريب للغريب نسيب

__________________

(١) ديوانه ص ٩٧.

(٢) كذا ، وروايته في الديوان :

كذلك جدي ما أصاحب صاحبا

من الناس إلّا خانني وتغيرا

(٣) ديوانه ص ٧٩ وبغية الطلب ٤ / ٢٠٢٠.

(٤) الزيادة عن بغية الطلب ٤ / ٢٠٢١.

(٥) الخبر والبيتان في بغية الطلب ٤ / ٢٠٢١ ، وفي مختصر ابن منظور ٥ / ٤١ وجدا على قبر أبي نواس.

٢٤٥

٨٠٨ ـ امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس

ابن عمر بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع

ابن معاوية بن كندة ، وهو ثور بن عفير بن عديّ بن الحارث بن مرّة

ابن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن كهلان

ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي (١)

وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلم ورجع إلى بلاد قومه ، وثبت على إسلامه فلم يرتدّ مع من ارتدّ من كندة ، ثم خرج إلى الشام مجاهدا وشهد اليرموك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، وأبو القاسم تمام بن محمد ، وأبو نصر بن الجندي وأبو بكر محمد بن عبد الرّحمن القطّان ، وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن بن أبي العقب ، قالوا : أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، حدّثنا أبو زرعة ، حدّثني سعيد ـ يعني ابن كثير بن عفير ـ حدّثني محمد بن مسروق الكندي ، حدّثني جرير بن حازم عن عديّ بن عديّ ، عن أبيه قال جرير : وحدّثني رجاء بن حيوة ، عن عديّ بن عديّ ، عن العرس بن عميرة الكندي ، قال : اختصم امرؤ القيس بن عابس الكندي ورجل من حضر موت ، فسأل الحضرمي البيّنة فلم يكن عنده بيّنة فقضى على امرئ القيس باليمين ، فقال له الحضرمي : يا رسول الله قضيت عليه ذهبت أرضي فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حلف على يمين ليقتطع بها حق امرئ مسلم لقي الله عزوجل وهو عليه غضبان» فقال امرؤ القيس : ما لمن ترك ذلك يا رسول الله؟ قال : «الجنة» قال : فأشهد أن الأرض أرضه (٢) [٢٣٥٨].

فلما ارتدّت كندة ثبت على الإسلام فلم يرتدّ.

قال محمد : وكان امرؤ القيس بن عابس نازلا بيسان (٣) من الشام ، فلما وقع طاعون عمواس أسرع في كندة فقال امرؤ القيس :

حرق مثل الهلال (٤) وبيضا

ء لعوب بالجزع من عمواس

قد لقوا الله غير باغ عليهم

فأحلّوا بغير دار أساس

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ١٠٥ على هامش الإصابة ، الإصابة ١ / ٦٣ أسد الغابة ١ / ١٣٧ الوافي بالوفيات ٩ / ٣٨١.

(٢) الحديث في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة.

(٣) بيسان مدينة بالأردن بالغور الشامي وهي بين حوران وفلسطين (معجم البلدان).

(٤) في الوافي ٩ / ٣٨١ ربّ خود مثل الهلال.

٢٤٦

وصبرنا حقّا كما وعد الله

وكنا في الصبر قوما تآسي

كذا رواه محمد بن مسروق ، وقد قلب ، إسناده ووهم فيه ، إنما رواه عديّ ، عن رجاء والعرس بن عميرة هو عديّ بن عميرة ، ومنهم من نقص عديّا من إسناده ، فأما حديث من ذكر عديّا فيه.

فأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن سعيد ، عن جرير بن حازم ، حدّثنا عديّ بن عديّ ، أخبرني رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة ، عن أبيه عديّ قال :

خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عابس رجلا من حضر موت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أرض فقضى على الحضرمي بالبيّنة ، فلم تكن له بيّنة فقضى على امرئ القيس باليمين ، فقال الحضرمي : أمكنته من اليمين يا رسول الله ، ذهبت والله ـ أو وربّ الكعبة ـ أرضي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان» قال رجاء وتلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً)(٢) فقال امرؤ القيس : ما ذا لمن تركها يا رسول الله؟ قال : «الجنة» قال : فأشهد أنّي قد تركتها له كلّها [٢٣٥٩].

وأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا محمد بن محمد الخياش [نا] مالك بن يحيى ح.

قال : وأنا ابن مندة ، أنا إسماعيل بن محمد البغدادي وأحمد بن محمد بن زياد ، قالا : حدّثنا يزيد بن هارون ، حدّثنا جرير بن حازم ، قال : سمعت عديّ بن عديّ يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة أنهما حدّثاه عن أبيه عديّ بن عميرة قال : كان بين امرئ القيس ورجل من حضرموت خصومة فارتفعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال للحضرمي : «بيّنتك وإلّا فيمينه» ، فقال : يا رسول الله إن حلف ذهب بأرضي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حلف على يمين كاذبة يقتطع (٣) بها حق أخيه لقي الله وهو عليه غضبان» فقال امرؤ

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ٤ / ١٩١ ـ ١٩٢.

(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٧٧.

(٣) بالأصل «ينقطع».

٢٤٧

القيس : يا رسول الله فما لمن تركها وهو يعلم أنه محق؟ قال : «الجنة» قال : فإني أشهدك أني قد تركتها [٢٣٦٠].

قال جرير : وكنت مع أيوب السختياني حين سمعنا هذا الحديث (١) من عديّ بن عديّ قال : فقال أيوب : في حديث العرس فنزلت في هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) الآية. قال جرير : ولم أحفظه منه.

وأخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي الوزير ، أنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدّثني هارون بن عبد الله ، حدّثنا وهب بن جرير ، حدّثنا أبي قال : سمعت عديّ بن عديّ يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة ، عن جدّي ـ قال : عديّا ـ قال : اختصم امرؤ القيس ورجل من حضر موت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أرض فذكر الحديث ، قوله عن جدّي وهم وإنما عن عديّ ـ يعني ابن عميرة والد عديّ بن عديّ ـ وأما حديث من نقّص عديّا من إسناده.

فأخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، حدّثنا شيبان ، حدّثنا جرير [بن](٢) حازم قال : سمعت عديّ بن عديّ يقول : حدّثنا رجاء بن حيوة وعرس بن عميرة أن رجلا من حضر [موت ، يسمّى](٣) امرؤ القيس بن عابس كان بينه وبين آخر خصومة في أرض له ، فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحضرمي البيّنة ، فلم يكن له بينة فقضى على امرئ القيس باليمين ، فقال الحضرمي : يا رسول الله أمكنته من اليمين ذهبت والله أرضي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها ـ يعني مال امرئ مسلم ـ لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان» قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم امرأ القيس فتلا عليه هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) إلى آخر الآية قال امرؤ القيس : ما ذا لمن تركها؟ قال : «الجنة» قال : فإني أشهدك أنّي قد تركتها [٢٣٦١].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر

__________________

(١) العبارة مضطربة بالأصل : «سمعنا هذا الحديث من فقال عدي أيوب بن عدي قال في حديث» كذا ، ولعل الصواب ما أثبتناه.

(٢) زيادة لازمة عن م.

(٣) سقطت من الأصل ، فاضطرب المعنى ، ولعل الصواب ما زدناه وفي م : «من حضر موت» بدون ويسمى.

٢٤٨

المخلّص ، أنا أبو بكر بن يوسف بن يحيى ، حدّثنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، قال : وكان امرؤ القيس على كردوس ـ يعني ـ يوم اليرموك (١).

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن الفهم ، حدّثنا محمد بن سعد قال (٢) في الطبقة الرابعة : امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس بن عمر بن معاوية بن الحارث الأكبر ، وفد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسلم ، وكان فيمن ثبت على الإسلام ولم يرتدّ ، وكان امرؤ القيس بن عابس شاعرا وقال للأشعث (٣) بن قيس : أنشدك الله يا أشعث (٤) ووفادتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإسلامك أن تنقضه اليوم ، والله ليقو منّ بهذا الأمر من بعده ، ثم نقل من خالفه فإيّاك إيّاك ، ابق على نفسك ، فإنك إن تقدّمت تقدّم الناس معك ، وإن تأخّرت افترقوا واختلفوا فأبى الأشعث وقال : قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد فقال امرؤ القيس : سترى وأخرى لا يدعك عامل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترجع إلى الكفر ـ يعني زياد بن لبيد ـ فيما قدم بالأشعث على أبي بكر قال له : ألست الذي تقول قد رجعت العرب إلى ما كانت تعبد ، وتكلّمت بما تكلّمت؟ فردّ عليك من هو خير منك ـ يعني امرأ القيس بن عابس ـ فقال لك : لا يدعك (٥) عامله ترجع إلى الكفر.

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه ، حدّثنا نصر بن إبراهيم المقدسي ، أنا أبو بكر الحافظ ، حدّثني العلاء بن أبي المغيرة بن حزم الأندلسي قال : قرأت في كتاب عبد السلام بن الحسين البصري ، عن أبي علي (٦) الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي قال (٧) : امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن السّمط بن امرئ القيس بن عمرو (٨) بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي جاهلي وأدرك الإسلام ، ووفد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يرتدّ في أيام أبي بكر ، وأقام على الإسلام ، وكان له غناء (٩) في الردّة وهو القائل :

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣٩٦ حوادث سنة ١٣.

(٢) ليس في القسم المطبوع من طبقات ابن سعد.

(٣ و ٤) بالأصل في الموضعين «أشعب» بالباء ، والصواب ما أثبت.

(٥) بالأصل «بعدك» والصواب ما أثبت.

(٦) كذا ، وهو أبو القاسم. راجع ترجمته في معجم الأدباء ٨ / ٧٥.

(٧) انظر المؤتلف والمختلف ص ٩ ـ ١٠ الخبر والأبيات.

(٨) عن المؤتلف للآمدي وبالأصل «عمر».

(٩) الآمدي : عناء.

٢٤٩

ألا أبلغ أبا بكر رسولا

وخصّ بها جميع المسلمينا

فلست مجاورا (١) أبدا قبيلا

بما قال الرسول مكذبينا

دعوت عشيرتي للسلم حتى

رأيتهم أغاروا مفسدينا

فلست مبدلا بالله ربّا

ولا متبدلا بالسلم دينا

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، قال امرؤ القيس بن عابس : قال أبو القاسم في كتاب محمد بن إسماعيل البخاري في تسمية [من](٢) روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم امرؤ القيس بن عابس ، سكن الكوفة وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا ، ولم يذكر الحديث.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس بن عمر بن معاوية بن الحارث الأكبر وفد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان فيمن ثبت على الإسلام ، ولم يرتدّ وكان شاعرا.

قرأت على أبي محمد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٣) : أما عابس ـ بباء معجمة بواحدة وسين مهملة ـ امرؤ القيس بن عابس بن المنذر [بن](٤) السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي ، أسلم ، وخاصم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أبو بكر بن سيف ، حدّثنا السّري بن يحيى ، حدّثنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر قال : ولما نزلت كندة بالرياض ومرض امرؤ القيس بن عابس وخاف أن يموت قبل أن يتخذ الحمى بكندة فقال امرؤ القيس في ذلك :

ألا ليت شعري هل أرى الورد مرة

مطالب سربا موكلا بعرار

أمام رعيل أم روضة منضح

يغادر سريا رعيل صبار

وهل أشربن كأسا بلذة شارب

مشعشة أو من صرع عقار

__________________

(١) عن الآمدي وبالأصل مجاوزا.

(٢) زيادة لازمة.

(٣) الاكمال لابن ماكولا ٦ / ١٦ و ١٧.

(٤) زيادة عن الاكمال.

٢٥٠

إذا ما جرت في العظم خلت دبيبها

دبيب بنات النّحل وهي سواري

وروضة منضح لبني وليعة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : وقال امرؤ القيس الكندي :

دعوت عشيرتي للسّلم لمّا

رأيتهم تولّوا مدبرينا

فقلت لهم : أنيبوا يا لقومي

إلى ما قد أناب المسلمونا

فقد ولّوا أبا بكر جميعا

أمورهم هزيلا أو سمينا

وما عدلوا به أحدا ولو لا

أبو بكر لقد أضحوا عزينا

وكونوا منهم أنّى اهتديتم

وإلّا فاقتفوا بالذلّ فينا

فإنّي آخذ عنكم شمالا

برجلي إن ضللتم أو يمينا

فلما أن عصوني لم أطعهم

ولم أطمعتهم متحزبينا

أخذت الفضل إذا جاروا وحسبي

بأخذ الفضل دينا مستبينا

فلست بعادل بالله ربّا

ولا مستبدلا بالدّين دينا

شأمتم قومكم وشأمتمونا

وغابركم سيشأم غابرينا

وكان الأشعث الكندي رأسا

فقد أضحى بها علقا مدينا

أيجمع غدرتين معا جميعا

أفي شهرين منكوبين فينا

فلا للمسلمين وفيت صبرا

وقد صبروا ولا للمشركينا

وصحت بني معاوية ولمّا

تنال بذاك حجرا والسّكونا

وكنت بها أخا إفك وكرب

ولم تك في فعالك مستبينا

أخبرنا أبو بكر بن المزرفي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا جدّي أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن بن السلمة العدل ، أنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان (١) السّيرافي ، أنشدنا المازني ، أنشدنا الأصمعي على أبي عمرو (٢) ـ يعني ابن

__________________

(١) بالأصل «المرزبان» خطأ.

(٢) بالأصل «عمر» خطأ.

٢٥١

العلاء ـ لرجل من اليمن ، وقد سماه غيره فقال : امرؤ القيس بن عابس (١) :

يا تملك يا تملي

ذريتي وذري عذلي

ذريني وسلاحي ثم

شدّي الكفّ بالعزل

ونبلي وفقاها ك

عراقيب قطّا طحل

وثوباي جديدان

وأرخي شرك النعل

ومني نظرة خلفي (٢)

ومني نظرة قبلي

فأما متّ يا تمل

فموتي حرّة مثلي

قال أبو عمرو : وزادني فيها الجمحي :

وقد أسبى للقد

مان بالناقة والرحل

وقد اختلس الطعن

ة لا يدمى لها نصلي

كجيب الدفنس الورها

ءريعت وهي تستفلي

[قوله] أسبى : اشترى الخمر ، [وقوله] : وقد اختلس الطعنة لا يدمى لها نصلي : يقول تخرج منها الدم ما يمنع الرجل من الطريق. [وأراد باختلاسها] يعني السرعة والحذق [وقوله] : كجيب الدفنس الورهاء ريعت وهي تستفلى ، والدفنس : المرأة الحمقاء. [وأراد بجيبها] يعني سعة الطعنة (٣).

ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أحمد بن الفضل بن مطر ، حدّثني الحارث بن منيب العبدي ، أنا أبو دجانة عامر بن الصلت السّكوني عن أبيه الصلت بن مطرف قال : كان امرؤ القيس بن عابس الكندي مغرما بأيام عثمان بامرأة من جند وكانت لا تباكيه فيما يظهر له ، فلما حضرته الوفاة جاءته مسلّمة في نسائها فقال :

أريتك إن مرت (٤) عليك جنازتي

تلح بها أيدي طوال وترجع

أما تتبعين الناس حتى تسلّمي

على رمس قبري كل ميت مودع

__________________

(١) الأبيات في الشعر والشعراء بدون نسبة ص ٢٢.

(٢) الشعر والشعراء : بعدي.

(٣) العبارة بالأصل مضطربة فيها تقديم وتأخير ، من بداية الشعر : وقد اختلس الطعنة ... إلى هنا» والزيادة في الفقرة للإيضاح وهي في م أيضا كالأصل.

(٤) بالأصل : «مت» وفي م : موت.

٢٥٢

فبكت ودنت منه فقال :

دنت وظلال الموت بيني وبينها

وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل

ألا لا يضرّ المرء طالت ديونه

إذا وجبت حوباؤه الخلف والمطل

فلما حشرج بكت عليه ، وأظهرت جزعا مجاوزا فقال :

المت فحيّتنا وعاجت فسلّمت

على غصّة بين الحيازم والنّحر

خليليّ إن حانت وفاتي فاحفرا

برابية بين المحاضر والقفر

لا لما يقول العبد إيه كلما

جدّ لي اسعيت بأقبر من قبر

ومات ، فاكبّت عليه باكية شاهقة ، ثم ماتت مكانها.

٢٥٣

ذكر من اسمه أمية

٨٠٩ ـ أميّة بن أبان بن عبد العزيز

[بن] أبان بن مروان بن الحكم الأموي

ذكره أحمد بن حميد بن أبي العجائز في تسمية من كان بدمشق من بني أمية. وامرأته أم القاسم ابنة أبان بن حرب بن عبد الرّحمن بن الحكم ، وابنيه عبد الله بن أمية بن أبان ابن أربع سنين ، والحكم بن أمية رضيع ، وابنته فاختة بنت أمية بنت خمس سنين ، وذكر أنه كان يسكن القوينصة (١).

٨١٠ ـ أمية بن خالد بن أسيد بن خالد

ابن عبد الله بن خالد بن أسيد القرشي

كان يسكن محلة الراهب (٢) خارج باب الجابية ، وامرأته عثامة ابنة عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الله بن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ذكرهما أبو الحسن أحمد بن حميد بن أبي العجائز ، وذكر ابنة لهما اسمها أم كلثوم.

روى أمية هذا عن يونس بن عبيد.

روى عنه : محمد بن وهب بن عطيّة الدمشقي.

في نسخة ما أخبرنا به أبو عبد الله الخلال ـ إذنا ـ أنا أبو طاهر الرحمن بن مندة ، أنا حمد بن عبد الله إجازة ح ، قال : وأنا ابن مندة ، أنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن

__________________

(١) قرية من قرى غوطة دمشق (معجم البلدان) ونقل ياقوت عن ابن أبي العجائز أنه سكنها وله بها عقب.

(٢) محلة كانت قبلي المصلى لسعيد بن عبد الملك (غوطة دمشق ـ محمد كردعلي ص ١٧٠).

٢٥٤

محمد ، قالا : أنا أبو محمد [بن] أبي حاتم قال (١) : أمية بن خالد بن أسيد القرشي روى عن يونس [بن](٢) عبيد ، روى عنه محمد بن وهب بن عطية.

٨١١ ـ أمية بن [أبي](٣) الصّلت عبد الله بن أبي ربيعة

ابن عوف بن عقدة بن غيرة (٤) بن عوف

ابن ثقيف وهو قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوازن

أبو عثمان ، ويقال : أبو الحكم الثقفي (٥)

شاعر جاهلي قدم دمشق قبل الإسلام ، وقيل : إنه كان نبيّا وأنه كان في أوّل أمره على الإيمان ثم زاغ عنه ، وأنه هو الذي أراد الله تعالى بقوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها)(٦).

أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدّثنا الزبير بن بكار ، قال : رقية بنت عبد شمس ـ يعني ـ ابن عبد مناف ، ولدت رقية بنت عبد شمس أمية الشاعر ابن أبي الصلت ربيعة بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن ثقيف.

قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي ، عن عبد الوهاب بن علي بن عبد العزيز الطاهري ، أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن مسلم ، أنا أبو خليفة الجمحي ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن سلّام بن عبد الله الجمحي ، قال : ومن شعراء الطائف أبو الصلت بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن غبرة (٧) بن عوف بن ثقيف ، وابنه أمية بن أبي الصلت ، وهو أشعرهم.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي ، أنا أبو

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / قسم ١ / ٣٠٣.

(٢) الزيادة عن الجرح والتعديل.

(٣) الزيادة عن م. انظر مصادر ترجمته.

(٤) رسمها غير واضح بالأصل ، والصواب عن جمهرة ابن حزم ص ٢٦٧ والشعر والشعراء ص ٢٧٩ وفي م : عفرة.

(٥) الشعر والشعراء ص ٢٧٩ وانظر الأغاني ٤ / ١٢٠ و ١٧ / ٣٠١ وفحول الشعراء ١ / ٢٦٢.

(٦) سورة الأعراف ، الآية : ١٣٥.

(٧) كذا في كتاب النسب لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ٢٦٦ ، وهي غير واضحة بالأصل. وقد تقدم «غيرة» عن ابن حزم والاكمال ٦ / ٣٠١.

٢٥٥

الحسن علي بن محمد بن علي وأبو محمد عبد الرّحمن بن محمد بن أحمد بن بالوية ، قالا : حدّثنا أبو العباس الأصمّ قال : سمعت العباس بن محمد الدّوري ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : كنية أميّة بن أبي الصلت أبو الحكم.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عمر بن محمد بن سليمان ـ بمصر ـ ومحمد بن العطار عبد الله بن إبراهيم البغدادي ، قالا : حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سليمان بن الحكم ، حدّثني أبي ، حدّثنا إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان ، حدّثني أبو سفيان بن حرب قال : خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت الثقفي إلى الشام فمررنا بقرية من قرى الشام فيها نصراني فلما رأى أمية بن أبي الصلت أعظموه وأكرموه وأرادوه أن ينطلق (١) معه ، فقال لي أمية يا [أبا (٢) سفيان انطلق معي فإنك تمضي إلى رجل قد انتهى علم النصرانية إليه فقلت : لست انطلق معك ، قال : ولم؟ قلت : إني أخاف أن تحدّثني فتفسد عليّ قلبي ثم ذكره ، لم يزد عليه.

أخبرناه أتم من هذا [أبو] عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٣) ، أنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري (٤) ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي العوّام الرّياحي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ، نا أبي ، حدّثنا إسماعيل بن الطريح بن إسماعيل الثقفي ، عن أبيه ، عن جده ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان ، [قال] حدّثني أبو سفيان بن حرب قال : خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت الثقفي إلى الشام فمررنا بقرية من قرى الشام فيها نصارى. فلما رأوا أمية أعظموه وأكرموه وأرادوه أن ينطلق معهم ، فقال لي أمية : يا أبا سفيان انطلق معي ، فإنك تمضي (٥) إلى رجل قد انتهى إليه علم النصرانية. فقلت : لست انطلق معك ، قال : ولم؟ قلت : إني أخاف أن تحدّثني بشيء فيفسد عليّ قلبي. فذهب معهم ، ثم عاد فرمى

__________________

(١) بالأصل «انطلق».

(٢) زيادة لازمة.

(٣) الخبر في دلائل البيهقي ٢ / ١١٦ ـ ١١٧.

(٤) في البيهقي : «الحميري» انظر ترجمته في «الأنساب : الحيري» وسير الأعلام ١٧ / ٣٥٦.

(٥) عن البيهقي وبالأصل «تقضي».

٢٥٦

بثوبه ولبس ثوبين أسودين وانطلق ، فو الله ما جاءني حتى ذهب هدأة من الليل فجاء فانجدل على فراشه ، فما نام حتى أصبح فقال : ألا ترحل بنا؟ فقلت : وهل فيك من رحيل؟ قال : نعم ، فارتحلنا. قال : ألا تجاوز بنا الركاب؟ قلت : بلى ، فجاوزنا الركاب ، فقال لي : يا صخر. قلت : قل يا أبا عثمان. قال : أي أهل مكة أشرف؟ قلت : عتبة بن ربيعة ، قال : أي أهل مكة أكثر مالا وأكبرهم سنا؟ قلت : عتبة بن ربيعة. قال : إن الشرف والمال أزرى به؟ قلت : لا والله ، ولكن زاده شرفا ، قال : تكتم (١) عليّ ما أحدّثك به؟ [قلت : نعم](٢) قال : حدّثني هذا الرجل الذي انتهى إليه علم الكتاب أن نبيّا مبعوثا (٣) ، فظننت أني أنا هو ، فقال : ليس منكم هو من أهل مكة ، قلت : ما نسبه قال : هو وسط من قومه ، فالذي رأيت من الهمّ ما صرف عني. قال : وقال لي : آية ذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى بن مريم ثمانين رجفة ، وبقيت رجفة يدخل (٤) على الشام [منها شر ومصيبة. فلما صرنا قريبا من ثنية إذا راكب قلنا : من أين؟ قال : من الشام](٥) ، قال : هل كان من حدث؟ قال : نعم رجف رجفة دخل على [أهل](٦) الشام شرّ ومصيبة. وهذا أيضا مختصر.

أخبرنا بتمامه أبو علي الحداد في كتابه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا علي بن عبد العزيز حدّثنا عبد الله بن شبيب الرّبعي ، حدّثنا محمد بن سلمة بن هشام المخزومي ، حدّثنا إسماعيل بن الطريح بن إسماعيل الثقفي ، حدّثني أبي عن أبيه ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان ، عن أبيه ، قال : خرجت وأمية بن أبي الصلت الثقفي تجارا إلى الشام ، فكلما نزلت منزلا أخذ أميّة سفرا له يقرءوها علينا. فكنا كذلك حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فجاءوه وأهدوا له وأكرموه ، وذهب معهم إلى بيوتهم ، ثم رجع في وسط النهار فطرح ثوبيه ، وأخذ ثوبين له أسودين فلبسهما ، وقال لي : يا أبا سفيان ، هل لك في عالم من علماء النصارى إليه يتناهى علم الكتاب نسأله؟ قلت : لا أرب لي فيه ، والله لئن حدّثني بما أحب لا أثق به ، ولئن (٧) حدّثني بما أكره

__________________

(١) عن البيهقي وبالأصل «تكلم».

(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن البيهقي.

(٣) بالأصل «مبعوث».

(٤) عن البيهقي وبالأصل : فدخل.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن دلائل البيهقي ٢ / ١١٧.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن دلائل البيهقي ٢ / ١١٧.

(٧) عن مختصر ابن منظور ٥ / ٤٣ واللفظة غير واضحة بالأصل وفي م : لين.

٢٥٧

لأوجلن منه قال : فذهب وخالفه شيخ من النصارى فدخل عليّ فقال : ما يمنعك أن تذهب إلى هذا الشيخ؟ قلت : لست على دينه ، قال : وإن ، فإنك تسمع منه عجبا وتراه ، ثم قال لي : أثقفي أنت؟ قلت : لا ولكني قرشي ، قال : فما يمنعك من الشيخ فو الله إنه ليحبكم ويوصي بكم قال : فخرج من عندنا ومكث أمية حتى جاءنا بعد هدأة من الليل ، فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه ، فو الله ما نام ولا قام حتى أصبح كئيبا حزينا ساقطا غبوقه على صبوحه ، ما يكلمنا ولا نكلمه ثم قال : ألا ترحل؟ قلت : وهل بك من رحيل؟ قال : نعم قال : فرحلنا فسرنا بذلك ليلتين من هبة ، ثم قال في الليلة الثالثة : ألا تحدث يا أبا سفيان؟ قلت : وهل بك من حديث؟ قال : والله ما رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك قال أما إن ذلك لشيء لست فيه إنما ذلك شيء وجلت به من منقلبي قال : قلت وهل لك من منقلب؟ قال : أي والله لأموتن ثم لأحيين ، قال : قلت : هل أنت قابل أمانتي؟ قال : على ما ذا؟ قلت : على أنك لا تبعث ولا تحاسب؟ قال : فضحك ثم قال : بلى والله يا [أبا](١) سفيان لنبعثنّ ثم لنحاسبنّ وليدخلنّ فريق الجنة وفريق النار ، فقلت : ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك؟ قال : لا علم لصاحبي بذلك فيّ ولا في نفسه. قال : فكنا في ذلك ليلتين ، يعجب مني وأضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق فبعنا متاعنا فأقمنا بها شهرين ، فارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاءوه وأهدوا له ، وذهب معهم [إلى](٢) بيعتهم حتى جاء بعد ما انتصف النهار ، فلبس ثوبيه وذهب إليهم حتى بعد هدأة من الليل ، فطرح ثوبيه ورمى بنفسه على فراشه ، فو الله ما نام ولا قام وأصبح حزينا كئيبا لا يكلمنا ولا نكلمه ثم قال : ألا ترحل؟ قلت : بلى إن شئت ، فرحلنا كذلك من بثّه وحزنه ليالي ، ثم قال : يا أبا سفيان هل لك في المسير نتقدم أصحابنا؟ قلت : هل لك فيه؟ قال : فسر فسرنا حتى برزنا من أصحابنا ساعة ثم قال : هيا صخر! قلت : ما تشاء؟ قال : حدّثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المظالم والمحارم؟ قلت : أي والله. قال : ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت : أي والله. قال : وكريم الطرفين وسيط في العشيرة؟ قلت : نعم. قال : فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت : لا والله ما أعلمه قال : أمحوج هو؟ قلت : لا بل هو ذو مال كثير قال : وكم أتى عليه من السن؟ قلت : قد زاد على المائة قال : فالشرف والسن والمال أزرين به؟ قلت : ولم ذاك يزري به؟ لا والله بل يزيده خيرا. قال : هو ذاك. هل لك في المبيت؟ قلت : هل بي

__________________

(١) زيادة لازمة.

(٢) زيادة لازمة.

٢٥٨

فيه؟ قال فاضطجعنا حتى مرّ الثقل. قال : فسرنا حتى نزلنا في المنزل وبتنا به ثم رحلنا منه فلما كان الليل قال لي : يا أبا سفيان قلت : ما تشاء؟ قال : هل لك في مثل البارحة؟ قلت : هل لي فيه؟ قال : فسرنا على ناقتين بختيتين حتى إذا برزنا قال : هيا صخر هيه عن عتبة بن ربيعة قلت : هيها فيه. قال يجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت : أي والله إنه ليفعل. قال : وذو مال؟ قلت : وذو مال. قال : أتعلم قرشيا أسود منه؟ قلت : لا والله ما أعلمه. قال : كم له من السن؟ قلت : قد زاد على المائة. قال : فإن السن والشرف والمال أزرين به؟ قلت : كلا والله ما أزرى به ذاك وأنت قائل شيئا فقله قال : لا تذكر حديثي حتى يأتي منه ما هو آت ثم قال : فإن الذي رأيت أصابني ، أن جئت هذا العالم فسألته عن أشياء ، ثم قلت : أخبرني عن هذا النبي الذي ينتظر قال : هو رجل من العرب ، قلت : قد علمت أنه من العرب فمن أي العرب هو؟ قال : من أهل بيت يحجه العرب ، قلت : وفينا بيت يحجه العرب ، قال : هو من إخوانكم من قريش. قال : أصابني والله شيء ما أصابني مثله قط ، وخرج من يدي فوز الدنيا والآخرة ، وكنت أرجو أن أكون إياه ، فقلت : فإذا كان ما كان فصفه لي ، قال : رجل شاب حتى دخل في الكهولة ، بدو أمره يجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم ويأمر بصلتها ، وهو محوج كريم الطرفين متوسط في العشيرة أكثر من جنده الملائكة قلت وما آية ذلك؟ قال : قد رجفت الشام منذ هلك عيسى بن مريم عليه‌السلام ثلاثين (١) رجفة كلها مصيبة وبقيت رجفة عامة فيها مصائب. قال أبو سفيان : قلت : هذا والله الباطل. لئن بعث الله رسولا لا يأخذه إلّا مسنا شريفا قال أمية : والذي حلفت به إن هذا لهكذا يا [أبا](٢) سفيان تقول إن قول النصراني حق. هل لك في المبيت؟ قلت : هل لي فيه؟ قال : فبتنا حتى جاءنا الثقل (٣) ثم خرجنا حتى إذا كنا بيننا وبين مكة ليلتان (٤) أدركنا راكب من خلفنا فسألناه فإذا هو يقول أصابت الشام بعدكم رجفة دمّر أهلها وأصابتهم فيها مصائب عظيمة. قال أبو سفيان فأقبل عليّ أمية فقال : كيف ترى قول النصراني يا أبا سفيان؟ قلت : أرى والله وأظن أن ما حدّثك صاحبك حقّ. قال : فقدمنا مكة فقضيت ما كان معي ثم انطلقت حتى جئت اليمن تاجرا فكنت بها خمسة أشهر ، ثم قدمت مكة فبينا أنا في منزلي جاءني الناس يسلمون عليّ ويسألون عن بضائعهم حتى جاءني محمد بن عبد الله ،

__________________

(١) الأصل ومختصر ابن منظور ، وفي البداية والنهاية بتحقيقي ٢ / ٢٨٢ ثمانين.

(٢) زيادة لازمة.

(٣) الثقل محركة المتاع والحشم.

(٤) البداية والنهاية : مرحلتان ليلتان.

٢٥٩

وهند عندي تلاعب صبيانها ، فسلّم عليّ ورحب بي ، وسألني عن سفري ومقامي ، ولم يسألني [عن] بضاعته ثم قام فقلت لهند : والله إن هذا يعجبني ما من أحد من قريش له معي بضاعة إلّا قد سألني عنها وما سألني هذا عن بضاعته ؛ فقالت لي هند : وما علمت شأنه؟ قلت وفزعت : ما شأنه؟ قالت يزعم أنه رسول الله ، فوقذتني وذكرت قول النصراني فرجفت ، حتى قالت هند : ما لك؟ فانتبهت (١) ، فقلت : إن هذا لهو الباطل ، لهو أعقل من أن يقول هذا ، قالت : بلى والله إنه ليقولن ذاك ويواتى (٢) عليه وإنّ له لصحابة على دينه. قلت : هذا الباطل. قال : وخرجت فبينا أنا أطوف بالبيت لقيته فقلت : إن بضاعتك قد بلغت كذا وكذا ، وكان فيها خير ، فأرسل فخذها ولست آخذ منك فيها ما آخذ من قومي فأبى عليّ وقال : إذا لا آخذها ، فأرسلت : فأرسل فخذها وأنا آخذ منك ما آخذ من قومي ، فأرسل إلى بضاعته فأخذها وأخذت منه ما كنت آخذ من غيره ، ولم أنشب أن خرجت إلى اليمن فقدمت الطائف فنزلت على أمية بن أبي الصّلت فقلت له : يا أبا عثمان قال : ما تشاء؟ هل تذكر حديث النصراني؟ قال : أذكره ، فقلت : فقد كان ، قال : ومن؟ قلت : محمد بن عبد الله ، قال : ابن عبد المطلب؟ قلت : ابن عبد المطلب ، ثم قصصت عليه خبر هند ؛ قال : فالله فالله يعلم لتصبّب عرقا ، ثم قال : والله يا أبا سفيان لعله أنّ صفته لهي ، وإن ظهر وأنا حيّ [لأتلينّ إلى](٣) الله عزوجل في نصره عذرا. قال : ومضيت إلى اليمن ، فلم أنشب أن جاءني هنالك استهلاله ، وأقبلت حتى نزلت على أميّة بن أبي الصلت بالطائف ، فقلت : أبا عثمان قد كان من أمر الرجل ما قد بلغك وسمعت. قال : قد كان لعمري ، قلت : فأين أنت منه يا أبا عثمان؟ قال : والله ما كنت لأؤمن برسول (٤) من غير ثقيف أبدا. قال أبو سفيان : وأقبلت إلى مكة فو الله ما أنا ببعيد حتى جئت مكة فوجدت أصحابه يضربون ويحقرون. قال أبو سفيان : فجعلت أقول : فأين جنده من الملائكة؟ قال : فدخلني ما يدخل الناس من النفاسة (٥).

آخر الجزء السادس بعد المائة.

__________________

(١) عن البداية والنهاية وبالأصل «فانتبهت».

(٢) البداية والنهاية : ويدعو إليه.

(٣) بياض بالأصل والزيادة المستدركة عن مختصر ابن منظور ، وفي البداية والنهاية : لأطلبن من الله ... وفي م : «لاتلين؟؟؟ الله».

(٤) عن م والبداية والنهاية وبالأصل : يا رسول الله ـ.

(٥) نقله ابن كثير عن الطبراني في البداية والنهاية ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٣.

٢٦٠