تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

المدينة ، رأى عثمان ، وعبد الله بن سلام ، وأبا أيوب. سمع منه محمد بن سيرين ، وأبو بكر بن عمرو بن حزم ، وعبد الله بن الحارث أبو الوليد. وقال موسى ، عن جرير : سمعت محمدا أخبرني أفلح مولى أبي أيوب : قال لي معاذ بن عفراء في زمن عمر : بع هذه الحلة؟ كنّاه يزيد بن هارون.

أخبرنا أبو القاسم النسيب وغيره عن أبي بكر الخطيب أحمد بن علي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السّكري ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، أنا جعفر بن محمد بن الأزهر ، أنا الفضل بن غسان الغلابي ، قال : أفلح مولى أبي أيوب يكنى أبا كثير.

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا ثابت بن بندار ، أنا أبو عبد الله السّلماسي ح.

وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا أبو الحسن العتيقي ، قالا : أنا أبو الوليد بن بكر ، أنا علي بن أحمد حدثنا صالح بن أحمد ، حدثني أبي قال (١) : أفلح مولى أبي أيوب مدني تابعي ثقة من كبار التابعين.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، حدثنا الحسين بن الفهم الفقيه ، أنا محمد بن سعد (٢) : أنا يزيد بن هارون ، أنا هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين أن أبا أيوب [كاتب أفلح على أربعين ألفا ، فجعل الناس يهنئونه ويقولون : يهنئك العتق أبا كثير. فلما رجع أبو أيوب](٣) إلى أهله ندم على مكاتبته ، فأرسل إليه فقال : إني أحب أن ترد الكتاب إليّ وأن ترجع كما كنت. فقال له ولده وأهله : لم ترجع رقيقا وقد أعتقك الله؟ فقال أفلح : والله لا يسألني شيئا إلّا أعطيته إياه ، فجاء بمكاتبته فكسرها ثمّ مكث ما شاء الله ، ثم أرسل إليه أبو (٤) أيوب فقال : أنت حر وما كان لك من مال فهو لك.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، عن أحمد بن عبيد بن بيري ، نا محمد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، نا عبيد الله بن عمر ،

__________________

(١) تاريخ الثقات ص ٧١.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٨٦.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م وانظر ابن سعد.

(٤) بالأصل «أبا» خطأ والصواب عن م.

١٨١

حدّثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام عن محمد : أن أبا أيوب أعتق أفلح وقال : مالك لك (١).

قال : وقال موسى بن إسماعيل : حدّثنا سلام بن أبي مطيع ، حدثنا عبد العزيز بن قرير أن محمد بن سيرين حدّثه قال : كان لأفلح مولى أبي أيوب برذون فباعه ، فقال له أبو أيوب : يا أفلح ما جعل فلانا أحقّ بحمالة منك (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الحسين ، وعلي بن أحمد بن محمد بن حميد ، قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن السّمّاك ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء ، أنا علي بن المديني ، قال : ومات أفلح مولى أبي أيوب سنة ثلاث وستين قبل يوم الحرّة.

أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، قال : أنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم بن النّرسي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني (٣) ـ زاد ابن خيرون : وأبو الحسين الأصبهاني ، ـ قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال (٤) : قال لي إبراهيم بن موسى ، عن هشام بن يوسف ، عن معمر (٥) قال ابن سيرين : قتل كثير بن أفلح وأبوه وكانا موليين لأبي أيوب الأنصاري يوم الحرّة فلقيته في المنام فقلت : أشهداء أنتم؟ قال : لا.

أخبرنا أبو محمد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا الحسين بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمد بن الحسين ، حدثنا سعيد بن عامر ، حدّثنا هشام بن حسان ، قال : قال محمد بن سيرين (٦) بينا أنا ذات ليلة نائم إذ رأيت أفلح ـ أو قال : كثير بن أفلح شك أبو محمد يعني سعيدا ـ وكان قتل يوم الحرّة ، فعرفت أنه ميت وأني نائم ـ رؤيا رأيتها ـ فقلت : ألست قد قتلت؟ قال : بلى ، قلت : فما صنعت؟ قال : خيرا ، قال : أشهداء أنتم؟ قال : لا ، إن المسلمين إذا اقتتلوا فقتل

__________________

(١) الخبران في بغية الطلب ٤ / ١٩٤٨.

(٢) الخبران في بغية الطلب ٤ / ١٩٤٨.

(٣) إعجامها غير واضح بالأصل ، والصواب عن م قياسا إلى سند مماثل ، وبغية الطلب ٤ / ١٩٤٩ والأنساب.

(٤) التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٥٢.

(٥) بالأصل «يعمر» والمثبت عن م والبخاري.

(٦) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ في ترجمة كثير بن أفلح ، وبغية الطلب ٤ / ١٩٤٩ ـ ١٩٥٠.

١٨٢

بينهم قتلى فليسوا بشهداء. قال سعيد : قال هشام كلمة خفيت عليّ ، فقلت لبعض جلسائه : ما ذا قال؟ [قال :](١) وكنا ندباء (٢).

٧٩٤ ـ أفلح

حكى عن عمر بن عبد العزيز ووفد عليه.

حكى عنه حمّاد بن سلمة.

قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ، أنا أبو محمد بن علي اللّخمي الباجي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يونس ، أنا بقيّ بن مخلد ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، نا محمد بن كثير ، عن حمّاد بن سلمة ، عن أفلح ، قال : بعثني الأشرس إلى عمر بن عبد العزيز فقال عمر : ما اسمك؟ قلت : فزعة قال : بل أنت أفلح.

٧٩٥ ـ أفلح الأندلسي مولى العتقيين (٣)

سمع بدمشق ، أبا الطّيّب بن عبادل ، والقاضي أبا يحيى البلخي ، وأبا علي بن حبيب الحصائري وبالرّقّة : من أبي علي القشيري الحافظ ، وببغداد : من أبي الحسن بن العبد. ذكره القاضي أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الفرضي الأندلسي في كتاب تاريخ [علماء] الأندلس قال (٤) : أفلح مولى محمد بن هارون العتقي. رأيت له كتبا مما (٥) أسمعته بالمشرق سنة سبع وعشرين ، وثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد من المحاملي ، ومن أبي الحسن علي بن الحسن بن العبد ، وبالرّقّة : من أبي علي [محمد بن](٦) سعيد بن عبد الرّحمن الحرّاني ، وبحلب : من أبي بكر بن شمرد الفارسي ، وابن رويط العدل ، وبدمشق : من أبي الطّيّب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب ، يعرف بابن عبادل ، وأبي يحيى زكريا بن يحيى بن موسى بن [القاضي](٧) البلخي ، وأبي علي الحسن بن

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.

(٢) بدون نقط بالأصل والمثبت عن ابن سعد. وندباء جمع ندب وهو من يوجه لأمر عظيم.

وفي بغية الطلب «بدنا» جمع بدنة وهي الأضحية من الإبل والبقر.

(٣) بغية الطلب ٤ / ١٩٥٠ وتاريخ علماء الأندلس للفرضي ص ٨٣.

(٤) ترجمة ٢٦١ صفحة ٨٣.

(٥) عن الفرضي وبالأصل : من.

(٦) الزيادة عن الفرضي.

(٧) الزيادة عن الفرضي.

١٨٣

حبيب بن عبد الملك ، وبالرّملة : من أبي بكر أحمد بن عمرو بن جابر ، وبقنسرين من أبي البهي محمد بن عبد الصمد القرشي ، وببالس : من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بكر المعروف بابن حمدون. ولم أقف لأفلح هذا على خبر إلّا ما حكيته عن كتبه.

٧٩٦ ـ أفلح الزاجر

اسمه سلامة بن اليعبوب ، يأتي بعد وهو بالجيم.

٧٩٧ ـ أقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان

ابن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة

ابن مالك بن زيد مناة بن تميم ثم المجاشعي (١)

له صحبة ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، وكان سيد قومه.

روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا.

روى عنه أبو سلمة بن عبد الرّحمن.

واسم الأقرع فراس ، وإنما لقّب الأقرع لقرع كان برأسه ، وقدم دومة الجندل (٢) ـ من أطراف أعمال دمشق ـ في خلافة أبي بكر الصّدّيق.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (٣) ، حدّثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا موسى بن عقبة ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء الحجرات فقال : يا محمد إن حمدي زين ، وإن ذمي لشين.

فقال : «ذاكم الله عزوجل» [٢٣٣٣].

كما حدّث أبو سلمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : ونا عبد الله بن أحمد (٤) ، نا عبد الأعلى بن حمّاد ، نا وهيب ، عن موسى بن

__________________

(١) ترجمته في الاستيعاب رقم ٦٩ والإصابة ١ / ٥٨ ، وأسد الغابة ١ / ١٢٨ وسيرة ابن هشام في أكثر من موضع ، والوافي بالوفيات ٩ / ٣٠٧.

(٢) انظر معجم البلدان.

(٣) مسند الإمام أحمد ٦ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

(٤) مسند الإمام أحمد ٦ / ٣٩٤.

١٨٤

عقبة ، عن أبي سلمة ، عن الأقرع ، وقال مرة : إن الأقرع فذكر مثله.

أخبرناه أبو الحسن علي بن الحسن بن أحمد ، أنا أحمد بن محمد بن علي الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي ، أنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد ، نا وهيب ، نا موسى بن عقبة ، قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرّحمن يحدّث أن الأقرع بن حابس نادى من وراء الحجرات فلم يجبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : وأنا عبد الله ، نا هارون بن عبد الله ومحمد بن علي وابن هانئ قالوا : أنا عفان ، نا وهيب ، نا موسى بن عقبة ، عن أبي سلمة ، عن الأقرع أنه نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء الحجرات فقال : يا محمد فلم يجبه ، فقال : يا محمد ، والله إن حمدي لزين ، وإن ذمي لشين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سبحان الله ذاكم [الله عزوجل».

قال ابن منيع : ولا أعلم رواه الأقرع مسندا غير هذا ، وكذا أن سماه عمر بن أبي سلمة عن أبيه](١) [٢٣٣٤].

أخبرناه أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمد بن هارون الرّوياني ، حدّثنا خالد بن يوسف بن خالد السّمتي ـ أبو الربيع ـ حدّثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه قال : نادى الأقرع بن حابس التميمي : يا محمد ثلاث مرات ، فلم يجبه ، فقال في الرابعة : يعلم أن حمدي زين ، وأن ذمي شين ، فأجابه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ذلك الله عزوجل» [٢٣٣٥].

وقد روى هذه القصة أبو هريرة والبراء بن عازب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فأما رواية أبي هريرة :

فأخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور وأبو القاسم بن البسري ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن نصر بن بحير ، نا حاجب بن الوليد بن سليمان ، نا أنس ـ هو ابن عياض ـ نا يزيد ـ هو ابن عياض ـ عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ناداه رجل فلما استجاب له قال : ألم تعلم أن مدحي زين وأن ذمي شين.

وأما رواية البراء :

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك على هامشه وبجانبه كلمة صح.

١٨٥

فأخبرتنا بها أم البهاء فاطمة بنت البغدادي قالت : أنا سعيد بن أحمد العيّار ، أنا أبو الحسين الخفّاف ، أنا أبو حامد بن الشرقي ، نا أبو صالح أحمد بن منصور ح.

وأخبرنا أبو البقاء محمود بن ظفر بن إبراهيم بن زفر بن عبد الرّحمن المديني الدلّال ـ بأصبهان ـ أنا أبو عمرو بن مندة ، حدّثنا ابن أبي عبد الله ، حدّثنا القاسم بن القاسم السّياري (١) ـ بمرو ـ نا محمد بن موسى بن حاتم ، قالا : نا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا الحسن بن واقد ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب في قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ)(٢) قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفي [رواية] أبي البقاء : إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال : «ذاك الله عزوجل» قال ابن حامد بن الشرقي : لم يروه عن أبي إسحاق إلّا الحسين بن واقد [٢٣٣٦].

أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو العز ثابت بن منصور الكيلي ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون ـ قالا : أنا أبو الحسين محمد بن الحسن ، أنا محمد بن أحمد بن إسحاق ، أنا أبو حفص الأهوازي ، نا خليفة بن خيّاط ، قال : ومن بني تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر ثم من بني مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ : الأقرع بن حابس بن عقال (٣) بن محمد بن سفيان بن مجاشع أمه فطيمة بنت حوي بن سفيان بن مجاشع بن دارم.

قرأت على أبي غالب بن البنّا عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم [نا محمّد بن سعد قال](٤) في الطبقة الرابعة : الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وكان في وفد تميم الذين قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأعطاه

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٥٠٠ وبالأصل «السير باري» والصواب ما أثبت.

(٢) سورة الحجرات ، الآية : ٤.

(٣) بالأصل «عفان».

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، والخبر في القسم الضائع من طبقات المدنيين من كتاب طبقات ابن سعد.

١٨٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل ، وهو الذي قال فيه عباس بن مرداس يومئذ حين قصّر به في العطية (١) :

أتجعل نهبي ونهب العبيد

بين عيينة والأقرع

وما كان بدر ولا حابس

يفوقان مرداس في المجمع

وما كنت دون أمري منهما

ومن تضع اليوم لا يرفع

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي في كتابه.

وأخبرني أبو الفضل بن عبد الله بن محمد بن ناصر عنه ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا أبو علي المدائني ، حدّثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، قال : ومن بني دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم : الأقرع بن حابس بن عفان بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، جاء عنه حديث يعني الأول.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الموحد ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي الوزير ، أنا أبو القاسم البغوي ، قال : الأقرع بن حابس بن عقال من ولد زيد مناة بن تميم وكان ممن وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سكن المدينة.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي بن شجاع ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : أقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن جندلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم نسبه محمد بن إسماعيل البخاري ، وفد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة ، روى عنه جابر ، وأبو هريرة وغيرهم.

قرأت على أبي محمد السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٢) : أما الأقرع ـ بالقاف ـ فالأقرع بن حابس التميمي وغيره.

أخبرنا أبو القاسم يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، نا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عثمان بن أحمد بن هارون السّمرقندي ـ بتنّيس ـ نا أبو أمية محمد بن إبراهيم ، نا المعلّى بن عبد الرّحمن الأنصاري ، حدّثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن

__________________

(١) الأبيات في سيرة ابن هشام ٢ / ٤٩٣ وتاريخ الطبري ٣ / ٩١ ـ وديوانه ص ١١١ ـ ١١٢ وانظر تخريجها فيه.

(٢) الاكمال لابن ماكولا ١ / ١٠٤.

١٨٧

الحكم بن ثوبان ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : جاء بنو تميم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشاعرهم وخطيبهم فنادوا على الباب اخرج إلينا فإنّ مدحنا زين ، وإنّ ذمّنا شين قال : فسمعهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرج إليهم وهو يقول : «إنما ذاكم الله الذي مدحه زين ، وشتمه شين فما ذا تريدون؟» فقالوا : ناس من بني تميم جئناك بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك ونفاخرك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا» فقال الزّبرقان بن بدر لشابّ من شبابهم : يا فلان (١) قم فاذكر فضلك وفضل قومك ، فقال : إن الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وأتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء ، فنحن خير أهل الأرض : أكثرهم مالا ، وأكثرهم عدة ، وأكثر هم سلاحا ، فمن أبى علينا قولنا فليأتنا بقول هو أفضل من قولنا ، وفضل أفضل من فضلنا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس : «قم يا ثابت بن قيس فأجبهم» فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأؤمن به ، وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها ، وأعظم الناس أحلاما ، فأجابوه. الحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعزا لدينه ؛ فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلّا الله فمن قاله منع منّا ماله ونفسه ، ومن أبى قاتلناه ، وكان رغمه علينا في الله هينا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات. فقال الأقرع بن حابس لشاب من شبابهم : قم يا فلان فقل أبياتا تذكر فيها فضلك وفضل قومك فقال (٢) :

نحن الكرام فلا حيّ يعادلنا

نحن الرءوس وفينا يقسم الرّبع (٣)

ونطعم الناس عند القحط كلّهم

من السّويق إذا لم يؤنس القزع (٤)

__________________

(١) هو عطارد بن حاجب ، انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٧.

(٢) في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٨ والطبري ٣ / ١١٦ فقام الزبرقان بن بدر فقال ، وذكر الأبيات ، وفي الروض الأنف ٤ / ٢٢٢ :

وإن بعض الناس ينكر الشعر له ، وذكر أن الشعر لقيس بن عاصم.

(٣) الربع يعني ربع الغنيمة ، وكان لعملك ربع الغنيمة في الجاهلية يأخذها دون أصحابه. وعجزه في الطبري وابن هشام :

منا الملوك وفينا تنصب البيع

والبيع جمع بيعة بالكسر وهي مواضع الصلوات والعبادة.

(٤) القزع : السحاب. وفي أسد الغابة : «السديف» وفي ابن هشام الطبري : «الشواء» بدل «السويق». وصدره في ابن هشام والطبري :

ونحن نطعم عند القحط مطعمنا

١٨٨

إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد

إنّا كذلك عند الفخر نرتفع

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عليّ بحسان بن ثابت» فأتاه الرسول ، فقال له : وما يريد مني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإنما كنت عنده آنفا؟ قال : جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم ، فتكلّم خطيبهم فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثابت بن قيس بن شماس فأجابه ، وتكلم شاعرهم فبعث إليك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لتجيبه فقال حسان : قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العود (١) ، فجاء حسان ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا حسان أجبه» فقال : يا رسول الله مره فليسمعني ما قال ؛ قال : «أسمعه ما قلت» ، فأسمعه ، فقال حسان بن ثابت (٢) :

نصرنا رسول الله والدين عنوة

على رغم عاب من معدّ وحاضر (٣)

بضرب كإبزاغ المخاض مشاشه

وطعن كأفواه اللّقاح الصوادر

وسل أحدا (٤) يوم استقلت شعابه

فضرب لنا مثل الليوث الحواذر

ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى

إذا طاب ورد الموت بين العساكر

ونضرب هام الدراعين وننتمي

إلى حسب في جذم غسّان قاهر

فلو لا حياء الله قلنا تكرّما

على الناس بالخيفين هل من منافر؟

فأحياؤنا من خير من وطئ الحصا

وأمواتنا من خير أهل المقابر

فقام الأقرع بن حابس فقال : يا محمد لقد جئت لأمر ما جاء به هؤلاء ، وقد قلت شيئا فاسمعه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هات» فقال :

أتيناك كي ما يعرف الناس فضلنا

إذا خالفونا عند ذكر المكارم

وإنّا رءوس الناس من كل معشر

وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

وآن لنا المرباع في كل غارة

تكون بنجد أو بأرض التهائم

__________________

(١) العود : الجمل المسن ، يعني به الرجل المدرب.

(٢) الأبيات في أسد الغابة ١ / ١٢٩ منسوبة لحسان بن ثابت ، وليست في ديوانه ، والذي فيه قصيدة ميمية مطلعها ص ٢٢٩ :

هل المجد إلا السود العود والندى

وجاء الملوك واحتمال العظائم

وباختلاف بعض الألفاظ بالأصل.

(٣) في الديوان : «من معدّ وراغم» القصيدة ميمية. وانظر ابن هشام ٤ / ٢٠٩ والطبري ٣ / ١١٧.

(٤) بالأصل : «أحد».

١٨٩

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحسان : «قم فأجبه» فقال (١) :

بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم

يعود وبالا عند ذكر المكارم

هبلتم علينا؟ تفخرون وأنتم

لنا خول من بين ظئر وخادم

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا أخا بني دارم ، لقد كنت غنيا أن يذكر منك ما كنت ظننت أن الناس قد نسوه» فكان قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشد عليهم من قول حسان إذ يقول :

هبلتم علينا؟ تفخرون وأنتم

لنا [خول] من بين ظئر وخادم

ثم رجع إلى قول حسان :

وأفضل ما نلتم من الفضل والعلى

ردافتنا من بعد ذكر الأكرم (٢)

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم

وأموالكم أن تقسموا في المقاسم

فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا

ولا تفخروا عند النبيّ بدارم (٣)

وإلّا وربّ البيت مالت أكفّنا

على رءوسكم بالمرهفات الصّوارم (٤)

فقام الأقرع بن حابس فقال لأصحابه : يا هؤلاء ، أدري ما هذا؟ قد تكلم خطيبهم فكان خطيبهم أحسن قولا وأعلى صوتا ، وتكلم شاعرهم فكان شاعرهم أحسن قولا وأعلى صوتا ، ثم دنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، إنك رسول الله ، وآمن هو وأصحابه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يضرك ما كان قبل هذا اليوم» [٢٣٣٧].

قال ابن مندة : هذا حديث غريب لا يعرف إلّا من هذا الوجه ، تفرد به المعلّى (٥).

أخبرنا أبو بكر المزرفي ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا عيسى بن علي ، حدّثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا داود بن عمرو الضّبّي ، حدّثنا عبد الجبّار بن الورد ، عن

__________________

(١) ديوانه ص ٢٢٩.

(٢) في الديوان : عند احتضار المواسم.

(٣) في الديوان وابن هشام :

ولا تلبسوا زيّا كزي الأعاجم

(٤) روايته في الديوان وابن هشام :

ونحن ضربنا الناس حتى تتابعوا

على دينه ، بالمرهفات الصوارم

(٥) هو المعلى بن عبد الرحمن بن الحكم الواسطي ، كما في أسد الغابة ١ / ١٣٠.

١٩٠

ابن أبي مليكة ، قال : لما قدم وفد بني تميم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال أبو بكر : يا رسول الله استعمل عليهم القعقاع بن زرارة فإنه سيد القوم وأفضلهم ، فقال عمر : يا رسول الله استعمل عليهم الأقرع بن حابس فإنه سيد القوم وأفضلهم ، فقال أبو بكر : والله ما أردت بهذا إلّا خلافي قال : ما أردت خلافك ولكني رأيت ذلك ، قال : فتماريا في ذلك حتى ارتفعت أصواتهما ، فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) الآية كلها (١) ، قال : فكانا لا يحدّثانه حديثا إلّا استفهمه مرارا ، كذا رواه عبد الجبار ومرسلا ، ورواه ابن جريج ونافع عن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزّبير.

فأما حديث ابن جريج :

فأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن محمد بن النّقّور ، نا عيسى بن علي ، نا عبد الله بن محمد ، حدّثنا الحسين بن محمد بن الصّبّاح ، نا حجاج بن محمد ، أنا ابن جريج ، حدّثني ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من تميم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أمّر القعقاع بن معبد ، فقال عمر : بل أمّر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلّا خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) أخرجه البخاري عن الحسن بن محمد بن الصّبّاح.

وأمّا حديث نافع :

فأخبرناه أبو عبد الله الفراري ، أنا أبو عبد الله محمد بن علي الخبّازي ـ واللفظ له ـ وأبو سهل محمد بن أحمد قالا : أنا محمد المكي ح.

وأخبرنا أبو عبد الله أيضا ، أنا سعيد بن أحمد بن محمد ، أنا محمد بن عمر بن محمد ح.

وأخبرنا أبو الفتح المختار بن عبد الحميد وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى ، قالا : أنا أبو الحسن الداودي ، أنا عبد الله بن أحمد ح.

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآيتان : ١ و ٢.

١٩١

وأخبرنا أبو بكر خلف بن عطاء بن أبي عاصم الهروي النّجّار ، أنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم اللّخمي وأنا أبو حامد أحمد بن عبد الله بن نعيم النّعيمي ، قالوا : أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر ، حدّثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (١) ، حدّثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللّخمي ، حدّثنا نافع بن عمر (٢) ، عن ابن أبي مليكة ، قال : كاد الخيران (٣) يهلكا : أبو (٤) بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع ، وأشار الآخر برجل آخر ـ قال نافع : لا أحفظ اسمه ـ فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلّا خلافي قال : ما أردت [خلافك](٥) ، فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) الآية. قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه ، ولم يذكر ذلك عن أبيه ، يعني أبا بكر.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا أبو القاسم بن محمد بن البغوي ، حدّثنا داود بن عمرو المسيبي ، حدّثنا مبارك بن سعيد بن مسروق ـ أخو سفيان الثوري ـ نا سعيد بن مسروق عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري ، قال : بعث إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من اليمن ذهبة (٦) وفيها تربتها ، فقسمها بين أربعة : بين الأقرع بن حابس الحنظلي ثم أحد بني مجاشع ، وبين عيينة بن حصن الفزاري وبين علقمة بن علاثة وبين زيد الخيل الطائي. فقال قريش والأنصار : أيقاسم بين صناديد أهل نجد ويدعنا؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنما أتألفهم» ، إذ أقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق ، فقال : يا محمد اتق الله ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يطيع الله إذا عصيته»؟ قال : فسأله رجل من القوم قتله ـ قال : حسبته خالد بن الوليد ـ فولى الرجل فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لئن

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب التفسير ، سورة الحجرات ٦ / ١٧١.

(٢) عن البخاري وبالأصل «عمير».

(٣) كذا وفي البخاري : كاد الخيران أن يهلكا.

(٤) في البخاري «أبا» وعلى هامشه عن نسخة «أبو» كالأصل.

(٥) الزيادة عن البخاري.

(٦) في النهاية لابن الأثير : بدهيبة.

١٩٢

أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد» [٢٣٣٨].

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، نا عبد الله بن محمد بن الحارث ، حدّثنا القاسم بن عبّاد ، حدّثنا صالح بن عبد الله الترمذي ، حدّثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح عن ابن عباس ، قال : كانت المؤلفة قلوبهم خمسة عشر رجلا منهم أبو سفيان بن حرب ، والأقرع بن حابس المجاشعي ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وسهيل بن عمرو ـ من بني عمرو ـ بن (١) لؤي ؛ والحارث بن هشام المخزومي ، وحويطب بن عبد العزّى ـ من بني عامر بن لؤي ـ وسهيل بن عمرو الجهني ، وأبو السنابل بن بعكك ، وحكيم بن حزام ـ من بني أسد بن عبد العزّى ـ ومالك بن عوف النّصري ، وصفوان بن أمية ، وعبد الرّحمن بن يربوع ـ من بني مالك ، وجدّ بن قيس السّهمي ، وعمرو بن مرداس السّلمي ، والعلاء بن الحارث الثقفي. أعطى كل رجل منهم سهما مائة من الإبل وأعطى ابن يربوع وحويطب خمسين من الإبل في حديث طويل.

إنما هو عديّ بن قيس السّهمي ، وسهيل عامري لا جهني ، والعلاء بن حارثة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدّي ، أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي ، أنا محمد بن حمّاد ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير في قوله تبارك وتعالى : (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ)(٢) قال : من بني هاشم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، ومن بني أمية : أبو سفيان بن حرب ، ومن بني مخزوم : ابن هشام وعبد الرّحمن بن يربوع ، ومن بني جمح : صفوان بن أمية ، ومن بني عامر بن لؤي : سهيل بن عمرو (٣) وحويطب بن عبد العزّى ، ومن بني أسد ابن عبد العزّى : حكيم بن حزام ، ومن بني سهم : عديّ بن قيس ، ومن بني فزارة : عيينة بن حصن بن بدر ، ومن بني تميم : الأقرع ابن حابس ، ومن بني نصر : مالك بن عوف ، ومن بني سليم : العباس بن مرداس ، ومن ثقيف : العلاء بن حارثة. أعطى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كل رجل منهم مائة ناقة إلّا عبد الرّحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى ، أعطى كل واحد منهم خمسين.

__________________

(١) بالأصل : «وابن» خطأ ، حذفنا الواو.

(٢) سورة التوبة ، الآية : ٦٠.

(٣) بالأصل : «عمر».

١٩٣

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي الوزير ، أنا أبو القاسم البغوي ، حدّثني ابن زنجويه ، حدّثنا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير قال : المؤلفة قلوبهم فعدّد رجالا قال : من بني تميم الأقرع بن حابس.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين (١) بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد بن جالينوس ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، حدّثنا يونس بن بكير ، نا محمد بن إسحاق ، قال : وكان الأقرع بن حابس وعيينة شهدا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا والفتح والطائف. قال ابن إسحاق : وحدّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره قالوا : كان من (٢) عطاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أصحاب المئين من المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس مائة من الإبل.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد بن أبي حية ، أنا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر الواقدي قال : وأعطى ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من غنائم حنين في العرب : الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، حدثنا أبو بكر بن يوسف ، حدثنا السري بن يحيى ، حدثنا شعيب بن إبراهيم ، حدثنا يوسف بن عمر ، عن الصعب ، عن عطية بن بلال ، عن أبيه ، وعن سهم بن منجاب قالا : وخرج الأقرع والزّبرقان (٣) إلى أبي بكر فقالا : اجعل لنا خراج البحرين (٤) ونضمن لك أن لا يرجع من قومنا أحد ، ففعل ، وكتب الكتاب ، وكان الذي يختلف بينهم طلحة بن عبيد الله وأشهدوا شهودا منهم عمر ، فلما أتي عمر بالكتاب نظر فيه ولم يشهد ، ثم قال : لا ولا كرامة ، ثم مزق الكتاب ومحاه ، فغضب طلحة وأتى أبا بكر ، فقال : أنت الأمير أم عمر؟ فقال عمر ، غير أن الطاعة لي ، فسكت. وشهدا مع خالد المشاهد حتى اليمامة ثم مضى الأقرع ومعه شرحبيل إلى دومة. ـ يعني شرحبيل بن حسنة.

__________________

(١) بالأصل «أبو الحسن» والمثبت عن م.

(٢) بالأصل «ابن».

(٣) بالأصل : والزبيرقان.

(٤) عن مختصر ابن منظور وبالأصل «التمرين» خطأ.

١٩٤

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب ، أنا أبو منصور محمد بن الحسن ، أنا أبو العباس ، أنا أحمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن ، حدّثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد المحاربي ، عن الحجّاج بن أبي عثمان الصّوّاف ، عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني أن عيينة (١) بن بدر والأقرع بن حابس استقطعا أبا بكر أرضا فقال عمر : إنما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتألفكما على الإسلام ، فأما الآن فاجهدا جهدكما.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا محمد بن هبة الله الطّبري ، أنا محمد بن الحسين القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا هارون بن إسحاق الهمداني (٢) ، حدّثنا المحاربي عن الحجّاج بن دينار الواسطي ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، قال : جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا : يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها نخلا ولا منفعة فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا نحرثها ونزرعها ، فلعل الله ينفع بها بعد اليوم. قال : فأقطعهم إيّاها وكتب لهما كتابا وأشهد ، وعمر ليس في القوم ، فانطلقا [إلى](٣) عمر ليشهداه فوجداه (٤) يصلح بعيرا له فقالا : إن أبا بكر قد أشهدك على ما في هذا الكتاب أفنقرأ عليك أو (٥) تقرأ قال : أنا على الحال التي ترياني ، فإن شئتما فاقرءا وإن شئتما فانتظرا حتى أفرغ فأقرأ ، قالا : بل نقرأه ، فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ، [ثم](٦) تفل فيه ، فمحاه فتذمّراه وقالا مقالة شتم (٧) ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل ، وان الله عزوجل قد أعزّ الإسلام ، فاذهبا فاجهدا جهدكما ، لا أرعى الله عليكما إن أرعيتما ، قال : فأقبلا إلى أبي

__________________

(١) كذا نسبه هنا إلى أحد أجداده وهو : عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر انظر ابن هشام ٤ / ١٣٨.

(٢) رسمها بالأصل «المهدابي» والمثبت عن م.

(٣) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه وبجانبها كلمة صح.

(٤) رسمها بالأصل : «فوجداه فانهما بغير اله» كذا والمثبت عن تهذيب ابن عساكر ، وبهامش مختصر ابن منظور ٥ / ١٨ كتب محققه بعد إشارته إلى غموض الأصل لديه وغموض العبارة في نسخ مخطوط ابن عساكر : «ولعل الصواب فوجداه قائما يهنأ بعيرا له» ونراه أقرب ، وهي عبارة يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٩٤ وفي م كالأصل.

(٥) بالأصل «اتقرأ» والمثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٦) الزيادة عن المعرفة والتاريخ.

(٧) المعرفة والتاريخ : مقالة سيئة.

١٩٥

بكر وهما يتذمران فقالا (١) : والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ فقال : بل هو لو كان شيئا. قال : فجاء عمر مغضبا حتى وقف على أبي بكر فقال : أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين الرجلين أرض لك خاصة أم هي بين المسلمين عامة؟ قال : فما حملك على أن تخص هذين بها دون جماعة المسلمين؟ قال : استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك. قال : فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك أكل المسلمين أوسعت مشورة ورضى. قال : فقال أبو بكر : قد كنت قلت لك : إنك أقوى على هذا الأمر مني ولكنك غلبتني.

قال (٢) : ونا يعقوب حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا جرير بن حازم ، عن نافع : أن أبا بكر أقطع الأقرع بن حابس والزبرقان (٣) قطيعة وكتب لهما كتابا فقال لهما عثمان : أشهدا عمر فهو (٤) حرزكما وهو الخليفة بعده ، قال : فأتيا عمر فقال لهما : من كتب لكما هذا الكتاب؟ قالا : أبو بكر ، قال : لا والله ولا كرامة ، والله ليفلقنّ (٥) وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة ثم تكون لكما هذا. قال : فتفل فيه فمحاه ، فأتيا أبا بكر فقالا : ما ندري أنت الخليفة أم عمر قال : ثم أخبراه ، فقال : فإنا لا نجيز إلّا ما أجازه عمر.

بلغني أن ابن عامر (٦) [استعمل](٧) الأقرع بن حابس على جيش ، فأصيب هو والجيش بالجوزجان (٨).

٧٩٨ ـ أقيبل القيني (٩)

شاعر كان في أيام يزيد بن معاوية.

قرأت على أبي منصور بن خيرون ، عن أبي محمد الجوهري وأبي جعفر بن

__________________

(١) بالأصل «فقال» والمثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٢) المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٩٤.

(٣) عن المعرفة والتاريخ وبالأصل «والزبيرقان».

(٤) في المعرفة والتاريخ : فهو أحرز لأمركما.

(٥) المعرفة والتاريخ : ليعلقن.

(٦) بالأصل وم «ابن عمر» والصواب عن الإصابة ١ / ٥٩.

(٧) مكانها بياض بالأصل ، والزيادة عن م وانظر مختصر ابن منظور والإصابة.

(٨) الجوزجان : كورة واسعة من كور بلخ بخراسان (معجم البلدان).

(٩) ترجم له في المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٢٣ ـ ٢٤ واسمه : الأقيبل القيني بن نبهان بن خنف إسلامي كان في زمن الحجاج.

١٩٦

المسلمة ، عن أبي عبيد الله عمر بن عمران بن موسى المرزباني (١) ، قال الأقيبل القيني وكان أسود وهو شامي اتهم بقتيل فقدّم إلى يزيد بن معاوية لضرب عنقه ، فقال له يزيد : يا أقيبل أنشدني قصيدتك التي وصفت الخمر ، فأنشده إيّاها وفيها :

كنت إذا صحت وفي الكأس وردة

لها في عظام الشاربين دبيب

تريك القذى من دونها وهي دونه

لوجهك منها في الإناء قطوب

فجرت بينهما في ذلك محاورة ثم أنشده :

فما القيد أبكاني ولا القتل شفني

ولا أنّني من خشية الموت أجزع

سوى أن قوما كنت أخشى عليهم

إذا متّ أن يعطوا الذي كنت أمنع

فأطلقه ، ثم جنى جناية فحبسه الحجّاج ، فهرب من الحبس ، ولحق بعبد الملك معتاذا بقبر مروان ، وقال :

إني أعوذ بقبر لست مخفره

ولن أعوذ بقبر بعد مروان

فأمنه عبد الملك وقال له : لا بد من الرجوع إلى الحجّاج ، فانطلق إليه (٢) ، وقال :

لقد علمت لو أن العلم ينفعني (٣)

أن انطلاقي إلى الحجاج تغرير

مستخفيا صحقا تدمى طوابعها

وفي الصحائف حيات مداكير

لئن حدي بي إلى الحجاج يقتلني

ما كنت أول (٤) من تحدى به العير

__________________

(١) لم يرد له ترجمة في معجم الشعراء للمرزباني.

(٢) وقد كتب عبد الملك كتابا إلى الحجاج وطلب إليه ألّا يعرض للأقيبل ، قال الآمدي : فقال له قومه : إنك إن أتيت الحجاج قتلك ، فطرح الكتاب وهرب ، وقال الأبيات.

(٣) صدره في الآمدي ص ٢٤.

إني لأعلم والأقدار غالبة.

(٤) الآمدي : «إني لأحمق من».

١٩٧

٧٩٩ ـ أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجنّ

ابن أعنى بن الحارث بن معاوية بن حلاوة

ابن أمامة بن شكامة بن شبيب بن السّكون بن أشرس

ابن كندة بن عفير بن عديّ بن الحارث الكندي (١)

صاحب دومة الجندل (٢) ، أتي به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلم ، ويقال بقي على نصرانيته ، وكتب له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتابا ، ويقال أسلم ثم ارتدّ إلى النصرانية.

أخبرنا أبو المظفّر القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى ، حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، نا عبد الرّحمن بن مهدي ، عن عمران القطان ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وأكيدر دومة يدعوهم إلى الله عزوجل [٢٣٣٩].

أخبرتنا أمّ المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور السّلمي ، أنا أبو بكر المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا جعفر بن حميد ، حدّثنا عبيد الله بن زياد ، عن أبيه ، عن قيس بن النعمان قال : كان صار إلى ضمّ القرآن على عهد عمر بن الخطاب ، قال : خرجت خيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمع بها أكيدر دومة الجندل فانطلق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله بلغني أن خيلك انطلقت ، وإني خفت على أرضي ومالي ، فاكتب لي كتابا لا تعرض لشيء هو لي ، فإني مقرّ بالذي عليّ من الحق. فكتب إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم أن أكيدر أخرج قباء منسوجا بالذهب مما كان كسرى يكسوهم فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ارجع بقبائك فإنه ليس أحد يلبس هذا في الدنيا إلّا حرمه في الآخرة» فرجع به الرجل حتى إذا أتى منزله وجد في نفسه أن يردّ عليه هديته ، فرجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله إنّا أهل بيت يشق علينا أن تردّ هديتنا ، فاقبل مني هديتي ، فقال له : «انطلق فادفعه إلى عمر» وقد كان عمر سمع ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه ، فبكى ودمعت عيناه وظن أنه قد لحقه شقاء ، فانطلق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أحدث فيّ أمر؟ قلت في هذا القباء ما سمعت ثم بعثت به إليّ ،

__________________

(١) الإصابة ١ / ١٢٥ أسد الغابة ١ / ١٣٥ الوافي بالوفيات ٩ / ٣٤٩ وجمهرة ابن حزم ص ٤٢٩ وقارن نسبه فيها مع الأصل.

(٢) انظر معجم البلدان.

١٩٨

فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى وضع يده على فيه ، ثم قال : «ما بعثت به إليك لتلبسه ولكن تبيعه فتستعين بثمنه» (١) [٢٣٤٠].

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو السّمرقندي ، قال : حدّثني محمد بن حامد بن حميد ، نا علي بن إسحاق ، حدّثنا رزق بن رزق (٢) بن صدقة بن المهدي بن حريث (٣) بن أكيدر بن عبد الملك ، حدّثنا أشياخنا [يعني آباءهم أن](٤) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج بالناس غازيا إلى تبوك ثم ذكره بطوله.

قال ابن مندة : قال أحمد : [أكيدر هذا هو أكيدر](٥) دومة ، ورواه غيره فقال : عن آبائه عن أجداده إلى أكيدر قال : وأنا ابن مندة ، أنا الحسن بن مروان ـ بقيسارية ـ نا إبراهيم بن أبي سفيان ، حدّثنا الفريابي ، نا يوسف بن صهيب. حدثنا موسى بن المختار ، عن بلال بن يحيى ، عن حذيفة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث بعثا إلى دومة الجندل فقال : «إنكم ستجدون أكيدر دومة خارجا» [٢٣٤١] ثم ذكر حديث إسلامه.

وقد روى سعد (٦) بن أوس عن بلال بن يحيى شيئا من ذكر أكيدر.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٧) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس الأصمّ ، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ، عن سعد (٨) بن أوس العبسي ، عن بلال بن يحيى ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر رضي‌الله‌عنه ـ على المهاجرين إلى دومة الجندل ، وبعث خالد بن الوليد على الأعراب معه ، وقال : «انطلقوا فإنكم ستجدون أكيدر دومة يقتنص الوحش فخذوه أخذا ، فابعثوا به إليّ ، ولا تقتلوه وحاصروا أهلها» قال : فانطلقوا فوجدوا أكيدر دومة كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذوه ، فبعثوا به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحاصروهم ، فقال لهم أبو بكر : تجدون ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) الإصابة ١ / ١٢٦.

(٢) الإصابة : بن أبي رزق.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن الإصابة.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة استدرك عن الإصابة ١ / ١٢٦ مكانها بياض بالأصل وم.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدرك عن الإصابة ١ / ١٢٦ مكانها بياض بالأصل وم.

(٦) بالأصل وم «سعيد» خطأ ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٢٧٤.

(٧) دلائل البيهقي ٥ / ٢٥٣.

(٨) بالأصل «سعيد» والصواب عن البيهقي ، وانظر ما تقدم بشأنه.

١٩٩

في الإنجيل؟ قالوا : ما نجد له ذكرا ، قال : بلى والذي نفسي بيده إنه لفي الإنجيل مكتوب كهيئة قرست (١) ولست بقرست ، فانظروا. فنظروا ، فقالوا : نجد الشيطان حظر حظرة بقلم لا ندري ما هي ، فقال له رجل من الأنصار أو المهاجرين : أكفر هؤلاء يا أبا بكر؟ فقال : نعم ، وأنتم ستكفرون ، فلمّا كان يوم مسيلمة قال ذلك الرجل لأبي بكر : هذا الذي قلت لنا يوم دومة الجندل إنّا سنكفر ، فقال : لا ، ولكن أخرياتكم (٢).

قال (٣) : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر البغدادي ، حدّثنا أبو علاثة ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو الأسود عن عروة قال : ولمّا توجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قافلا إلى المدينة بعث خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر دومة الجندل فلما عهد إليه عهده قال خالد : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كيف بدومة الجندل وفيها أكيدر وإنا نأتيها في عصابة من المسلمين؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعل الله يكفيك (٤) أكيدر ، ـ أحسب [قال] ـ يقتنص ، فيقبض (٥) المفتاح فتأخذه ، فيفتح الله لك دومة».

فسار خالد بن الوليد حتى إذا دنا منها نزل في أدبارها ، لذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعلك تلقاه يصطاد» قال : فبينما خالد وأصحابه في منزلهم ليلا ، إذ أقبلت البقر حتى جعلت تحتك (٦) بباب الحصن وأكيدر يشرب ويتغنى في حصنه بين امرأتيه ، فاطّلعت إحدى امرأتيه فرأت البقر تحتك بالباب وبالحائط ، فقالت امرأته لم أر كالليلة في اللحم قال : وما ذاك؟ قالت : هذه البقر تحتك بالباب وبالحائط ، فلما رأى ذلك أكيدر ثار فركب على فرس معدّة له وركب غلمانه وأهله فطلبها حتى مرّ بخالد وأصحابه فأخذوه ومن كان معه فأوثقهم ، وذكر خالد قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال خالد لأكيدر : أرأيتك أن أجرتك تفتح لي باب دومة؟ قال : نعم.

فانطلق حتى دنا منها ، فعاد أهلها وأرادوا أن يفتحوا له فأبى عليهم أخوه ، فلما رأى ذلك قال لخالد : أيها الرجل خلني ، فلك الله أن أفتحها لك ، إن أخي لا يفتحها ما علم أني

__________________

(١) في دلائل البيهقي : قرشت وليست بقرشت.

(٢) مهملة بالأصل ، والمثبت عن دلائل البيهقي.

(٣) دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٢٥١.

(٤) دلائل البيهقي : يلقيك.

(٥) دلائل البيهقي : فتقتنص.

(٦) عن البيهقي وبالأصل «تحت».

٢٠٠